نوع المستند : مقالات علمیة محکمة
المؤلف
مدرس بکلية التربية النوعية جامعة کفرالشيخ
المستخلص
الموضوعات الرئيسية
المقدمــة:
لجَأ الکاتبُ المسرحي السيد حافظ إلي التراث، واستثمره کمادة أساسية في بناء العديد من مسرحياته شأنه في ذلک شأن العديد من الکتاب، إلا أنه يختلف عن الکثيرين منهم؛ في أن لجوءة إلى التراث کان فيه الکثير من الحکمة والحنکة, حيث أنه لا يعمد إلي الاغتراف من التراث بطريقة جامدة کما هو معهود لدى العديد من الکتاب, ولکنه کان يستثمره ويعطيه من روح عصره بشکل عقلاني ومنطقي يخدم أفکاره التي يود أن ينقلها إلي المتلقي([i]). فالتراث بالنسبة له يعتبر منظومة مرجعية استلهم منها الکثير؛ وذلک بقصد تجديد الخطاب المسرحي، ومن ثم تأصيل المسرح العربي، وخلق صيغة جمالية إبداعية وجديدة تنظر لقالب مسرحي مستقبلي، وذلک عن طريق تطويع التراث ، وکذا تربية الذوق الفني لدي المتلقي.
فالسيد حافظ اعتاد في العديد من مسرحياته المخصصة لعالم الأطفال أن يتعرض للتراث الشعبي مبلوراً إياه في قضايا معاصرة، تهم الطفل وتؤثر في آرائه واتجاهاته، وتنوع إنتاجه ما بين المسرح والرواية، ففي مجال المسرح کتب عشرات المسرحيات للأطفال والکبار على حد سواء، وقد لاحظت الباحثة أن معظم إنتاجه المسرحي يعتمد على التراث بشقيه السيرة الشعبية، والحکاية الشعبية ؛الأمر الذي جعل الباحثة تقف عند هذه النقطة لدي هذا الکاتب، فقامت بقراءة الإنتاج المسرحي له، ولاحظت أنه يهتم بدور الجماعة الشعبية (المجتمع) في کثير من نصوصه المسرحية فشرعت في بحثها ورصدها لصورة المجتمع في نصوص مسرح الطفل عنده ؛ فقامت باختيار نص من السيرة الشعبية المتمثل في أبي زيد الهلالي ، والنص الأخر من الحکاية الشعبية المتمثل في أولاد جحا ؛ وذلک للتعرف على صورة المجتمع في السيرة الشعبية ، وفي الحکاية الشعبية ومدي الاختلاف بينهم، ومعرفة أهم القيم التي طرحها في هذين النصين.
وقد تحمست الباحثة أکثر للموضوع ؛ وذلک بعد إطلاعها وقراءتها في موضوع المسرح ،وکيفية استلهامه للتراث بوجه عام، ومسرح الطفل بوجه خاص فوجدت أن معظم الباحثين يرکزون على صورة البطل دون النظر إلي صورة المجتمع (الجماعة الشعبية). مثل: دراسة "کمال الدين حسين بعنوان "التراث الشعبي في المسرح المصري الحديث"([ii]). والتي ترکز على نماذج من الموروث الشعبي المصري مثل : أسطورة إيزيس وأوزيريس، وسيرة عنترة بن شداد. ودراسة طارق الحصري بعنوان "استلهام التراث في مسرح الطفل"([iii]). والتي ترکز على صورة البطل أبي زيد الهلالي، وعنترة بن شداد في السيرة الشعبية. من هنا وجدت الباحثة الفرصة سانحة أمامها للقيام بهذه الدراسة.
المشکلـة:
التراث هو القيمة الثابتة عند کل الأمم التي تبني منه حاضرها ومستقبلها؛ لذلک ينهل المبدعون من تجاربه الفياضة بالقيم المبثوثة في نفوس الناس؛ ليعبروا من خلالها عن وجودهم ووجود حاضرهم؛ وليقيموا الصلة بين الماضي والحاضر ([iv]). ولأن التراث خصب بمعطياته وإمکاناته التي حملها لنا عبر العصور؛ فقد شکل مجالاً واسعاً للاستلهام أمام المبدع المسرحي الذي وجد فيه مقومات فکرية وإبداعية تمکنه من التعبير عن الهموم والقضايا التي تشغله، فالعودة إلي التراث ينبغي أن تکون طريقاً لتنميتة والامتداد به نحو المستقبل بقيم متطورة بعيدة عن السطحية والابتذال، والتراث الشعبي يفرض نفسه على خيال الکاتب الذي يجد فيه ضالته، ليشکل بذلک رافداً حيوياً للفنون المختلفة من شأنه بلورة رؤية الکاتب بما يتوافق مع روح العصر، والغالبية العظمي من کتاب المسرح بصفة عامة وکتاب مسرح الطفل بصفة خاصة تأثروا به واستفادوا منه. ولکن التأثير يختلف من کاتب إلي آخر، ومن کتاب مسرح الطفل الذين تأثروا بالتراث: الکاتب المسرحي "السيد حافظ". فقد وظف التراث في مسرح الطفل، واستمد الکثير من جوانبه المشرقة ليضيء عصرنا.
وعليه فقد تبلورت مشکلة هذا البحث في التساؤل الرئيس التالي:- ما هى صورة المجتمع في نصوص مسرح الطفل المستلهمة من التراث عند السيد حافظ؟
تساؤلات البحث:
1- هل اختلفت صورة المجتمع في السيرة الشعبية عنها في الحکاية الشعبية؟
2- هل تعددت صورة المجتمع في السيرة الشعبية أم کانت صورة واحدة؟
3- هل تعددت صورة المجتمع في الحکاية الشعبية أم کانت صورة واحدة؟
4- ما أهم القيم التي طرحها السيد حافظ في النصين المسرحيين عينة الدراسة؟
أهميه البحث:
1. الإيمان العميق بالدور الأساسي للتراث بشقية :السيرة الشعبية ، والحکاية الشعبية في وعي الطفل بالقيم الاجتماعية، والسياسية ، والثقافية ، والعقائدية ، وتنشئته اجتماعياً ، وثقافياً ، وسياسياً.
2. أهمية موضوع الدراسة حيث تسعى جاهدة لرصد صورة المجتمع من منظور تراثي بشقيه: السيرة الشعبية ، والحکاية الشعبية ، وتقديمهما إلى عالم الطفل.
3. إثبات أن التراث هو منبع لا ينضب من الإبداع لکل کتَاب مسرح الطفل.
4. 4- إثراء المکتبة العربية بهذا النوع من الدراسات التي تعد إضافة للبحث؛ بغية الاستفادة منها في مجال البحث العلمي.
أهداف البحث:
1- التعرف على صورة المجتمع في نصوص مسرح الطفل المستلهمة من التراث عند السيد حافظ.
2- معرفة أهم القيم التي طرحها السيد حافظ في النصين المسرحيين عينة الدراسة.
3- الوصول إلي الأسباب الرئيسة التي أدت إلي تأثر السيد حافظ بالتراث في مسرحة.
حدود البحث:
أ- الحدود الموضوعية:- يتحدد البعد الموضوعي للدراسة في دراسة صورة المجتمع في نصوص مسرح الطفل المستلهمة من التراث عند السيد حافظ.
ب- الحدود الزمنية:- تتمثل في دراسة وتحليل نصين مسرحيين للسيد حافظ في الفترة من (1994م- 1996م).
الدراسات السابقة:
1- دراسة: طارق الحصري عام (2007م) ([v]).
بعنوان. "استلهام التراث في مسرح الطفل".
تناول الباحثُ في هذه الدراسة السيرة الشعبية ، وضرورة تقديمها للطفل ، ثم تعرض لأعمال السيد حافظ والتي تتمثل في مسرحية "عنترة بن شداد"، ومسرحية "أبي زيد الهلالي" وتعرض للحکاية الشعبية والدور الذي تلعبه في حياة الطفل، ثم تناول بالتحليل مجموعة من النصوص المسرحية التي تندرج تحت کل نوع من هذه الأنواع لعبد التواب يوسف، ومحمد عبد العزيز، وصلاح عبد السيد، کما اهتم بدراسة أعمال نبيل خلف والتي تميزت بمحاولات التحديث في الشکل والمضمون ،ومحاولة رصد التأثيرات التراثية المختلفة ، وتعرض لفنون الفرجة الشعبية مع تناول بعض الأعمال المسرحية متمثلة في کتابات "سمير عبد الباقي، والتي وظف خلالها عناصر الفرجة الشعبية مع بيان ما تترکه من تأثير في الطفل . وقد خرج الباحث بعدة نتائج من أهمها :أن بعض الکتاب قد اعتمدوا علي تحرير المادة التراثية مثل: السيرة الشعبية والحکاية الشعبية بأنواعها المختلفة من أطرها الماضية؛ وذلک بطرحها في إطار جديد يحمل بعض السمات الواقعية، والرمزية مع احتفاظ الشخصيات ببعض الصفات والخصائص القديمة.
2- بحث : يحي سليم عيسى، وعدنان على المشاقبة عام (2013م) ([vi]).
بعنوان."آليات توظيف التراث في النص المسرحي الإماراتي وکيفياته".
تناول هذا البحث آليات توظيف التراث في النص المسرحي الإماراتي من خلال دراسة نماذج مختارة لاثنين من الأدباء هما: سلطان بن محمد القاسمي، وإسماعيل عبد الله، وهذا ما تتأسس عليه أهمية هذه الدراسة وهي رصد مدي التقاء تجربة هذين الأديبين مع تجارب المسرح العربي، ورصد طبيعة وأشکال المصادر التراثية التي أفادوا منها في کتابة نصوصهم المسرحية، وتم اختيار ثلاث نصوص ظهرت في إمارة الشارقة ما بين عامي (1998- 2001م) وهذه النصوص هي: مسرحية عودة هولاکو عام ( 1998 م) ومسرحية حرب النعل عام (2000م) لإسماعيل عبد الله ومسرحية صورة طبق الأصل عام( 2001م ) لسلطان بن محمد القاسمي. ومن أهم ما توصل إليه الباحثان من نتائج أن الأديب الإماراتي برزت لديه ثنائية الأصالة والمعاصرة التي فرضت عليه التعامل مع التراث کمواقف ، وحرکة مستمرة من شأنها أن ترسخ القيم الإنسانية المثلي.
3- بحث: أسماء شاکر نعمة، وآمنة حبيب حمود عام(2014م) ([vii]).
بعنوان. "الحکاية الشعبية في نصوص مسرح الطفل".
استعرضت الباحثتان الحکاية الشعبية في نصوص مسرح الطفل ، ومدي نجاح کتاب دراما الطفل في بغداد في استثمار الحکاية الشعبية بکل ما تشمله من ألغاز ، وسير ، وملاحم ، وقيم تربوية جمالية تحفل بها لتشکيل اتجاه الطفل الفکري ، واعتمدت الباحثتان على تحليل نصين مسرحيين هما: مسرحية الطائر الناري ، والثعلبة الشقراء لفتحي زين العابدين، ومسرحية کنز من الملح لعواطف نعيم. وقد توصلت الباحثتان إلي أن الحکاية الشعبية لها قدرة على النمو الإدراکي، والاجتماعي ،واللغوي للطفل، وتناولت الحکاية الأهداف التربوية المستوحاة من النصين، وأفکاراً وقيماً متنوعة قائمة على معايير تربوية ؛ لتساعد الطفل على کسب المعارف ، والمهارات، والقيم النبيلة : کالصداقة والبطولة والشجاعة والإخلاص.
4- بحث: عثمان جمال الدين عام(2017م) ([viii]).
بعنوان: "توظيف القصص والحکايات الشعبية في مسرح الطفل بالسودان"
هدفت هذه الدراسة إلي التعرف على مکونات الحکاية الشعبية ، وإمکانية توظيفها في مسرح الطفل؛ بغرض تأکيد وتعزيز أهمية تلک المکونات في تشکيل وجدان أجيال المستقبل (الأطفال)، وتوصلت هذه الدراسة إلي أن غالبية الحکايات الشعبية السودانية تحمل في مضامينها الکثير من القيم التربوية والروحية والجمالية، هذا بالإضافة إلي أن الطفل تتشکل هويته المستقبلية من خلال تلقي وممارسة تلک القيم.
التعليق على الدراسات السابقة:
استفادت الباحثة من البحوث السابقة في تحديد الإطار النظري للبحث، والتعرف على کيفية توظيف الحکاية الشعبية في نصوص مسرح الطفل کما في دراسة عثمان جمال الدين، حيث أنه تعمق في دراسة الحکاية الشعبية بشکل مستفيض، وهذا يحسب له، ودراسة طارق الحصري وکيفية تناوله للسيرة الشعبية، وکذلک الحکاية الشعبية في مسرح الطفل حيث أنة تناولهما بشکل مستفيض، ودراسة أسماء شاکر وآمنة حبيب تعرضتا للحکاية الشعبية بشکل مستفيض أيضاً، وأوضحت ما بها من قيم وأفکار ومهارات ومعارف، کما استفادت الباحثة من طريقة صياغة أسئلة الباحثين السابقين، وکيفية بلورة مشکلة البحث، والتعرف على أهم المراجع التي يمکن الرجوع إليها، وکذلک التعرف على کيفية تحليل النصوص المسرحية.
نوع البحث ومنهجه:
هذا البحث من البحوث الوصفية في تحليل المضمون، "وتحليل المضمون يستهدف الوصف الدقيق والموضوعي لما يقال عن موضوع معين في وقت معين"([ix]). ويعد هذا البحث أيضاً من البحوث الاستدلالية في تحليل المضمون، حيث تجاوز وصف المحتوي الظاهر إلي "الکشف عن المعاني الکامنة وقراءة ما بين السطور. ([x]).
- تحليل المضمون: هو "أسلوب للبحث العلمي يسعى إلي وصف المحتوى"([xi])، لذلک فإن تحليل المضمون هو الأداة الأساسية التي ستعتمد عليها الباحثة في رصد صورة المجتمع في نصوص مسرح الطفل المستلهمة من التراث عند السيد حافظ، وذلک من خلال تحليل محتوي النصين المسرحيين عينة الدراسة.
- عينة البحث: اقتصرت عينة البحث على النصين المسرحيين "أبو زيد الهلالي" و"أولاد جحا" للکاتب المسرحي السيد حافظ.
- طريقة اختيار العينة: تم اختيار العينة بطريقة عمدية متمثلة في النص المسرحي "أبو زيد الهلالي" کنموذج للسيرة الشعبية ، وکذلک النص المسرحي "أولاد جحا" کنموذج للحکاية الشعبية، وذلک لرصد صورة المجتمع (الجماعة الشعبية) في هذين النصين ، والتعرف على أوجه الاختلاف بين صورة المجتمع في السيرة الشعبية عنها في الحکاية الشعبية ، والتعرف على بعض القيم الموجودة في هذين النصين (عينة الدراسة).
مصطلحات البحث:
1- المجتمع (الجماعة الشعبية):
هي بنية اجتماعية عضوية تنمو نمواً طبيعياً ، ولا يجمعها غرض سياسي أو نفعي محدد، بل يربط بين أفرادها في شکل رباط وثيق - اللغة والتقاليد والعادات ووحدة القيم الاجتماعية - التي يتبنونها، وتستمد الجماعة قوتها من التراث الذي تستقبله عن غير وعي وتحرص على المحافظة عليه، وحيث أن هذا التراث يتصف بالدوام والاستمرار؛ فإن هذا يعني ضرورة الاهتمام بالجانب الذي يسهم في توضيح الظروف الاجتماعية التي تعيش فيها الجماعة الشعبية([xii]). وتقصد الباحثة بالمجتمع في هذه الدراسة (المجتمع الهلالي – المجتمع التونسي) في السيرة الشعبية، والمجتمع العربي بوجه عام في الحکاية الشعبية، وکيفية تناول المؤلف لهذه النماذج من المجتمعات العربية.
2- التراث:
لغوياً الکلمة مشتقة من الفعل ورث، ومرتبطة دلالياً بالإرث والميراث والترکة والحسب، وما يترکه الرجل الميت ويخلفه لأولاده، وفي هذا الإطار يقول (ابن منظور) في (لسان العرب): "ورث الوارث صفة من صفات الله ـ عز وجل ـ ، وهو الباقي الدائم الذي يرث الخلائق، ويبقى بعد فنائهم، والله - عز وجل - يرث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، أي يبقى بعد فناء الکل، ويفنى من سواه فيرجع ما کان ملک العباد إليه وحدة لا شريک له. ورثت ماله ومجده، وورثت عنه ورثا وورثة ووراثة وإراثا، ورث فلان أباه يرثه وراثة وميراثاً . وأورث الرجل ولده مالاً إيراثاً حسناً. ويقال: ورثت فلاناً مالا أرثه ورثاً وورثاً إذا مات مورثک، فصار ميراثه لک. وقال الله تعالي إخباراً عن زکرياً ودعائه إياه: (وإني خفت الموالي من ورائي وکانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنک ولياً (5) يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ) من سورة مريم الآيتان (5،6 ) أي يبقي بعدي فيصير له ميراثي. والورث والميراث في المال؛ والإرث في الحسب. وورَث في ماله: أدخل فيه من ليس من أهل الوراثة. وتوارثناه (ورثة بعضنا بعضاً قدماً)، ويقال: ورَثت فلاناً من فلان أي جعلت ميراثه له، وأورث الميت وأرثه ماله أي ترکة له، التراث (ما يخلفه الرجل لورثته)"([xiii]).
اصطلاحاً "هو ذلک المخزون الثقافي المتنوع والمتوارث من قبل الآباء والأجداد والمشتمل على القيم الدينية والتاريخية والحضارية والشعبية، بما فيها من عادات وتقاليد، سواء کانت هذه القيم مدونه في کتب التراث، أو مبثوثة بين سطورها، أو متوارثة أو مکتسبة بمرور الزمن، وبعبارة أکثر وضوحاً: إن التراث هو روح الماضي وروح الحاضر وروح المستقبل بالنسبة للإنسان الذي يحيا به، وتموت شخصيته وهويته إذا ابتعد عنه أو فقده"([xiv]).
التراث. "هو تجارب السلف المنعکسة في الآثار التي ترکوها في المتاحف أو المقابر، أو المنشآت أو المخطوطات، ومازال لها تأثير حتى عصرنا الحاضر"([xv]).
السيد حافظ:
ولد عام 1948م ، و تخرج في جامعة الإسکندرية - قسم فلسفة واجتماع عام 1973م-کلية التربية، وحصل على دبلوم في علم النفس والتربية عام1975م ، وقد عمل مديراً لقطاع الدراما بالثقافة الجماهيرية بالإسکندرية من عام 1974م إلى 1976م ، وحصل على الجائزة الأولي في التأليف المسرحي بمصر عام 1970م ، و حصل على جائزة أحسن مؤلف لعمل مسرحي موجه للأطفال في الکويت عن مسرحية سندريلاً عام 1973م ، وتولي رئاسة مجلة رؤيا والتي صدرت في مصر، ثم مديراً لمرکز الوطن العربي للنشر والإعلام (رؤيا) لمدة خمس سنوات، کما عمل بجريدة السياسة الکويتية
لمدة 7 سنوات.
صدر للمؤلف مطبوعات مسرحية للأطفال منها: سندس، وعلى بابا، وعنترة بن شداد، وأبو زيد الهلالي، وسندريلا، وأولاد جحا، وقطر الندى ، وحب الرمان ، والوحش العجيب ، ونفوسة والعم کمال، حمدان ومشمشة([xvi]).
أسباب توظيف التراث في المسرح العربي:
يحدد سيد على إسماعيل أربعة أسباب تجعل الکاتب المسرحي يهتم بالتراث ، ويوظفه في إبداعه وهي:-
1- الفخر بمآثر العرب: وهذا السبب غالباً ما يأتي عندما يشعر الکاتب بعدم تقدم الأمة العربية أمام تقدم العالم من حوله ؛ فيجد الخلاص من ذلک في تمجيده لفترات الازدهار في التاريخ العربي والإسلامي.
2- الوقوف أمام المستعمر: لقد حاول الاستعمار الأجنبي أن يطمس هوية الشخصية العربية بصفة عامة ، والشخصية المصرية بصفة خاصة ، وما کان أمام الکاتب المسرحي سوى أن يتمسک بشخصيته العربية أمام المستعمر.
3- التمسک بالهوية القومية العربية: وهذا السبب يعد من أهم الأسباب التي شغلت فکر الکاتب المسرحي العربي، وخاصة أثناء الهزات الکبرى التي تتعرض لها الأمة العربية، والتي من شأنها أن تضعف الکيان العربي، ويخيم عليه الإحساس بالإحباط والضياع، لذلک نجد الکاتب المسرحي يلجأ إلي التراث، کي يستمد منه الشعور المعاکس لما يشعر به من إحباط وضياع عن طريق فترات الازدهار والانتصار العربي في تراثه.
4- محاولة التأصيل للمسرح العربي: لقد أراد الکاتب المسرحي العربي أن يحطم قيود المسرح الغربي، سواء من حيث الشکل أو المضمون تلک القيود التي تجذبه وتقيده، حتى يقنع نفسه بأن التراث العربي يحمل في جوانبه ذلک الشکل أو المضمون للمسرح العربي ؛ لذلک أخذ يبحث وينقب ويجهد نفسه في استخراج هذه القواعد العربية الأصيلة للمسرح العربي([xvii]).
وقد قسمت الباحثة في هذا البحث التراث إلي: (سيرة شعبية، وحکاية شعبية)، وسيتم تناولهم على النحو التالي:
أولاً: السيرة الشعبية:
هي أحد فنون التراث الشعبي الذي هو في واقع أمره الحصيلة الکاملة لثقافة الشعب على اختلاف أجياله وبيئاته([xviii]).
والسيرة لغةهي الطريقة والهيئة "يقال سار الوالي في (رعيته سيرة) الطريقة؛ ويقال سار الشيء وسرته، والسيرة: الهيئة وبه فسر قوله تعالي: ( قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولي) من سورة طه الآية ( 21 )، والسيرة النبوية وکتب السير مأخوذة من السير بمعني الطريقة، وأدخل فيها الغزوات وغيرها"([xix]). أما السيرة الشعبية في الاصطلاح فهي صنف متميز من المأثور تحوي تصورات الجماعة الشعبية لأحداثها المتواترة ، ومعتقداتها وحکايات عن مآثر أبطالها القدامى ، وقصصها المضافة القائمة على أساس من أخبار عصورها السالفة التي تناقلتها عبر الأجيال([xx]).
وبهذا المعني تعد السيرة الشعبية إعادة ترتيب لتاريخ أصحابها. وتعتبر السيرة الشعبية من أهم أشکال التعبير الشعبي الأدبي التي تعبر عما يجيش بالوجدان الشعبي من آمال، وأحلام، وبما تصوره من أبعاد للحياة الاجتماعية، والعلاقات السياسية والاقتصادية للجماعة وما حولها من جماعات، وبما تحمله من دلالات ورموز اجتماعية ونفسية يمکن من خلالها التعرف على خصائص الشعوب وبنائها الاجتماعي، وعاداتها وتقاليدها، وتکوينها النفسي، وتاريخها، کما تتصوره وتنشده([xxi]).
ولقد سعت العقلية الشعبية الجماعية إلي انتخاب مجموعة من الأبطال الذين ذاعت شهرتهم في التاريخ العربي والإسلامي، ثم صاغت سيرة حياتهم في شکل روائي يقترب من شکل الملحمة، فالبطل في السيرة يعد بمثابة الرمز الذي يمثل قيم الجماعة ويحارب من أجلها ومن أجل إرساء القيم والأعراف التي تتمسک بها الجماعة، کما يحقق حلمها. والذي - دوماً - يسعي نحو النصر، النصر للجماعة على أعدائها والسيادة والتفوق على جيرانها([xxii]).
ومع تنوع السير الشعبية وتعددها، إلا أن ما بين أيدي الدارسين والشعب العربي منها حتى الآن، ليس هو کل التراث الشعبي العربي من السير، وما وصل من هذه السير هو "عنترة بن شداد، وذات الهمة، وفتوح اليمن، والسيرة الهلالية، والظاهر بيبرس، وسيف بن ذي يزن، وحمزة البهلوان، وفيروز شاه، وعلى الزيبق، وهناک العديد من السير مما أشار إليه الدارسون لم يعثر على مخطوطات لها([xxiii]).
والأصل في تداول السيرة کان ولا يزال شفهياً، فقد روتها جموع الشعب العربي وظلت تتغني بها سنوات طوال معبرة مرة عن آلامها وآمالها وطامحة مرة ثانية إلي تخليد بطولاتها، وربما في النهاية مستمتعة بحکاياتها المسرودة عبر الراوي المبدع([xxiv]).
ويؤکد عبد التواب يوسف أن السير تربط الطفل بتاريخ أمته وأبطالها الذين يتمني الصغير أن يتشبه بهم، وهو بذلک يرتقي بفکرته عن نفسه، ويستطيع أن يتأمل ذاته في ضوء هذه الصفات التي يتحلي بها أبطال السير فينبذ مالا يليق به ويتجنبه، ويحاول أن يغرس في نفسه ما يجعله في مصاف هؤلاء الذين أعجب بهم وأن يکون في مستواهم([xxv]).
خصائص السيرة الشعبية:
1- أن السيرة لا تکتب للحکاية والتسلية، وإنما تکتب للتعبير عن أهداف معينة يقصد الکاتب إليها قصداً، ويختار لها قالب روائي لتکون أکثر صلة بضمائر الناس، وليسهل عليه إيصال ما يريد إلي قلوبهم.
2- أن هناک قواعد فنية مدروسة لکتابة السيرة، تتمثل في ربط البطل بالناس إما للقضية التي يمثلها، وإما لإيضاح الرمز الذي يعنيه، وتتمثل في دقة رسم الشخصيات الجانبية، ثم تتمثل في الحرکة الدائمة وإطار المغامرات التي تعتمد على السمات الخلقية والجسدية([xxvi]).
3- قيام السيرة الشعبية على أساس خلقي، بمعني أنها تعکس صورة مشرفة للخلق العربي الإسلامي والمثل العليا العربية الإسلامية، إما في تصرفات الأبطال، وإما في طريقة سير الأحداث.
4- مواکبة السير الشعبية للمفاهيم الإسلامية الدينية، فالبطل دائماً عربي مسلم ينصر دين الإسلام على عبادة الأوثان وعلى غيرها من الأديان، وتؤازره في هذا کل القوى المسلمة سواء في الواقع أم في عالم الخيال([xxvii]).
5- من حيث الشکل هي قصة متکاملة لها بداية ووسط ونهاية وشخصيات وحبکة وعقدة وما إلي ذلک، وإن کان يغلب عليها الطول، وهي تصاغ في قالب نثري جميل.
6- تولد السيرة الشعبية من رحم الواقع الشعبي، التاريخي والاجتماعي والفکري، والثقافي والحضاري، وهي تجسده وتعبر عنه، عن طريق تحويل الواقع التاريخي إلي واقع أدبي شعبي، والحقيقة المعيشة إلي حقيقة أدبية مشبعة بالخيال([xxviii]).
مراحل السيرة الشعبية:
لقد مرت السيرة الشعبية بمرحلتين:
1- مرحلة التجميع: التي عکف فيها مؤلفون متخصصون ورواة معروفون على تجميع ما لديهم، من حکايات وأخبار قبل أن تضيع في زحمة الثقافة الإسلامية ، واستترت وراء محاولة تدوين ما بقي عند العرب من أساطير وحکايات، تساعد في فهم ما ورد في القرآن الکريم من إشارات تمس تاريخ العرب وشعوب الجزيرة العربية.
2- مرحلة التأليف: وفيها تقدم مجموعة من الرواد تحت ضغط ظروفهم المجتمعية، وحاجة المتلقين في عصرهم إلي هذه الأعمال المجمعة، في محاولة لتقديمها تقديماً يتلاءم ومفهوم العصر، ويساير الحاجات الفنية للحياة من حولهم([xxix]).
ثانياً: الحکاية الشعبية:
تعرف بأنها نوع قصصي ليس له مؤلف معروف، بل هي حاصل ضرب عدد کبير من ألوان السرد القصصي الشفهي الذي يضفي عليه الرواة أو يحورون منه أو يقتطعون منه وفقاً لما يستهدفون منه، وهو يعبر عن جوانب من شخصية الجماعة، لذا يعد نسبه إلي مؤلف معين نوعاً من الانتحال ولکن يظل في طبيعته شعبياً([xxx]).
وتعرفها نبيلة إبراهيم بأنها: "الخبر الذي يتصل بحدث قديم ينتقل عن طريق الرواية الشفوية من جيل لآخر، أو هي خلق حر للخيال الشعبي ينسجه حول حوادث مهمة وشخوص ومواقع تاريخية"([xxxi]).
ويري کمال الدين حسن "أن الحکاية الشعبية تعد من أهم المصادر التي تعتمد عليها الأسرة والمجتمع في نقل ثقافتها ومعارفها للطفل، وهي باختصار فن الحکي مجهول التراث، والتي تتبعه الجماعة الشعبية من أجل الترفيه والتسلية لأبنائها من جهة ونقل ثقافتهم وحکمتهم إليها من جهة أخرى([xxxii]).
فالحکاية الشعبية تعتمد على أنسنة الحيوانات، والنباتات، والجمادات، کما أنها مفعمة بالخيال والإثارة، والتشويق، نظراً لما تقدمه من أحداث وشخصيات خيالية، ومغامرات، ونوادر، وفکاهة، وغيرها من المفردات التي تجعل الحکاية مادة خصبة يمکن الاستفادة منها وتوظيفها من أجل تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية والترفيهية المستهدفة([xxxiii])، وتعتبر الحکاية الشعبية أهم وسيط استخدمه الإنسان ليعبر من خلاله عن خبراته الحياتية، بما تتضمنه من أحداث وأفعال، وقيم، ونقل هذه الخبرات إلي الآخرين بشکل غير مباشر في مواقف ومن خلال شخوص ترمز لهذه الخبرات وتحمل خلاصة التجربة الإنسانية([xxxiv]).
ويؤکد صفوت کمال أن الحکاية الشعبية المصدر الأساسي لکل المرويات الشفهية وأکثرها انتشاراً، کما أنها تحمل من ملامح التراث الشعبي أکثر مما تحمله غيرها من المرويات الشفهية، وتبرز الحکايات الشعبية في التراث الشعبي الإنساني کمعْلم أساسي من معالم العلاقة الوثيقة بين التراث الشعبي وأدب الأطفال، باعتبار أن الحکاية الشعبية بطبيعتها الفنية والتاريخية هي العنصر الأساسي في بنية ثقافة أية أمة([xxxv]).
وأن الحکاية الشعبية بالنسبة للأطفال لها أهمية کبيرة لأنها تعينهم على مواجهة مشاکل نموهم العاطفي، بل وحل هذه المشاکل تمهيداً لاستقلاليتهم، واعتمادهم على أنفسهم، فالحکايات الشعبية تمنحهم الإحساس بالأمان لأنها تبعدهم عن المشاکل بمسافات طويلة ولا تجعلهم غارقين فيها، فالمشاکل دائماً ما تکون في ذلک العالم الخيالي، وهي تنتهي دائماً نهاية سعيدة وذلک ما يمنحهم الأمل في المستقبل والحياة([xxxvi]).
حيث أنها عبرت عن تطلعات الإنسان وتراث الشعوب ووجدت طريقها إلي قصص الأطفال فاستهوتهم واستقرت في وجدانهم فتفاعلوا معها واستمتعوا بأجوائها الخيالية الرائعة البديعة، ومن هذا المنطلق تعد من العوامل الأساسية في تربية الطفل وتنمية قدراته وبناء شخصيته([xxxvii]).
تصنيف الحکاية الشعبية:
يصنف الدارسون للآدب الشعبي الحکايات الشعبية إلي أصناف وأنواع حسب الطراز أو النماذج التي تجمع العناصر المکونة لنسيج الحکاية الشعبية وهي کالآتي:-
1- حکايات الحيوان:
وهي تعد من أقدم أشکال الحکايات الشعبية حيث يقوم فيها الحيوان بالدور الرئيس، فقد يکون شخصاً من شخصيات الحکاية يتحرک ويتصرف ويتکلم کالآدميين مع احتفاظها بخصائصها الحيوانية، وهي تدور في عالم کله من الحيوانات.
2- حکايات الخوارق:
هي الحکايات التي تدور حول شخصيات من الجان وأصحاب الخوارق والسحرة، الذين يقفون ضد أو مع الإنسان کأحد شخصيات هذه الحکايات، وتدور أحداثها ـ دائماً ـ في بلاد بعيدة جداً يخرجها هذا البعد السحيق في تصور الناس عن عالم الواقع ، وتقع فيها أحداث خارقة لا يحدها شيء.
3- حکايات البشر:
تسعي هذه الحکايات إلي الجمع بين التسلية والنقد الاجتماعي مع ترسيب أو تأصيل قيمة إنسانية أو تأکيد مثل اجتماعي أو أخلاقي وتدور حول أنماط من البشر في حياتهم العادية وتستغل فن التشخيص، أي رسم النماذج البشرية الدالة على طبقة أو حرفة معينة أو ضرب من السلوک ([xxxviii]).
ومن أشهر نماذج هذه الحکايات "حکايات الشطار" وتدور حول اختبار قدرة البطل على القيام بعمل ما أو التغلب على عدو أو التخلص من مأزق ، ويندرج تحت هذا النوع من الحکايات (النوادر والحکايات المرحة) ، وهي حکايات تعمد إلي التسلية والمتعة وإثارة روح المرح، وهي تدور حول أنماط ونماذج من البشر ذوي الطباع الخاصة، کالبخلاء والأغبياء وخفاف الظل، وهي شخصيات دارجة تواجه مشکلات عادية ملموسة وتنتهي عادة إلي موقف أو نکتة مرحة، والقصد منها النقد الاجتماعي لضرب من السلوک المرفوض اجتماعياً ([xxxix]).
خصائص الحکاية الشعبية:
إن الحکايات الشعبية على اختلاف أنماطها وتعدد أشکالها وانتشارها في البيئات المحلية والعالمية إلا أن لها خصائص تميزها وهي:
أولاً: العالمية فکل الشعوب لها حکاياتها الشعبية، ويعد الشکل الأصلي لهذه الحکايات عالمياً، على الرغم من وجود اختلاف في حجم الحکاية وشکلها في بعض المجتمعات.
ثانياً: إنها مأثورة تنتقل من شخص إلي آخر، کما أنها تقليدية من ناحية شکلها، وليست هناک أية أهمية خاصة ترتبط بأصالتها، ذلک أنها تحکي وتکرر حکايتها کما يتذکرها حاکيها، والذي قد يضيف أو لا يضيف إليها بعض التغيرات ([xl]).
والآن سوف نتعرف علي صورة المجتمع في السيرة الشعبية، وفي الحکاية الشعبية.
أولاً: صورة المجتمع في السيرة الشعبية النص المسرحي (أبو زيد الهلالي) نموذجاً:
يستند السيد حافظ في هذه المسرحية إلي السيرة الهلالية، ويستوحي فکرته المحورية منها، ويعنونها باسم أحد أبطالها البارزين وهو أبو زيد الهلالي، والسيرة الهلالية هي واحدة من السير الشعبية العربية التي ارتبطت بشبه الجزيرة العربية ([xli]).
يقدم المؤلف في هذه المسرحية لعالم الطفل نموذجين من نماذج المجتمع التي يزحز بها الأدب الشعبي، ويتمثل هذا في المجتمع الهلالي والمجتمع التونسي، وسوف تقوم الباحثة برصد صورة هذين المجتمعين ومدي مساندتهما للبطل أو الحاکم، وأهم القيم التي طرحها المؤلف في هذه المسرحية ، ومن خلال تحليلنا لهذا العمل؛ نجد أن المؤلف قد قدم لنا أکثر من صورة للمجتمع الواحد، ويتضح ذلک من خلال الآتي:
1- صورة المجتمع المتماسک (المتعاون):
يستهل المؤلف مسرحيته بمنظر للجماعة الشعبية في لوحة استعراضية غنائية راقصة، فنرى مجموعة من الناس وقد جلست على خشبة المسرح تغني أغنية جماعية بما معناه:
"نحن سکان الجزيرة العربية غاب المطر عنا ... هلک الزرع ... ماتت الحيوانات لأنها لا تأکل ولا تشرب أين الماء ؟ ... ارحمينا يا سماء، ويدخل معهم الحصان في حوار الأغنية "اصبروا وانتظروا ... وتماسکوا يا بني هلال" فترد المجموعة "کانت أرضنا أجمل الأراضي" کانت حياتنا جميلة ... جف المطر جف المطر .. وخاف الناس ... وجاع الناس ... ([xlii]).
بدأ المؤلف بتصوير الحياة في شبه الجزيرة العربية ، وما تعانيه من جوع وفقر وحرمان في تلک الفترة، وقد جاء ذلک على لسان مجتمع شبه الجزيرة العربية.
ودخول الحصان معهم في حوار ليوضح الصلة القوية بين الإنسان العربي والخيل، حيث أن الحصان ينصحهم بالصبر والتماسک والتعاون والتصدي لإيجاد حلول لهذه المشکلة ، فالخيل هي أکثر ما اعتز به العرب وما أکثر ما نسجوا حولها من أساطير وحکايات، وساوي العرب في هذا کل الشعوب التي عرفت الفروسية، فامتلأ أدبها الشعبي وامتلأت أساطيرها بصور الخيل وحکايات حول الخيل وأنواعها وفضائلها ([xliii]).
وأراد الکاتب أن يوضح للطفل حالة العرب أنذاک، ويجعله يقارن بين النعم التي أنعم الله بها عليه في حياته الحاضرة من رفاهية وتقدم حضاري وتکنولوجي ، وبين الحياة في شبه الجزيرة العربية من قحط وفقر وحرمان؛ ليتذکر نعم الله عليه وليعزز فيه بعض الصفات الحميدة کالشکر علي نعم الله والاعتراف بها .
ويتبين لنا من خلال قراءتنا للنص المسرحي أن الکاتب يريد أن يوضح للأطفال أمراء شبه الجزيرة العربية ، حيث نجده قد أمد هؤلاء الأطفال ببعض أسماء هؤلاء الأمراء ، فالمعلومة في حد ذاتها عن اسم أمير من الأمراء تعطي للطفل مخزونا معرفيا ؛ لأن الطفل في هذه المرحلة لا يعرف من هم أمراء شبة الجزيرة العربية ، وذلک کما ورد على لسان (مجتمع شبه الجزيرة العربية).
المجموعة: أين أنت يا مولاي حسن بن حسان؟
: أين أنت يا أبا زيد الهلالي؟
: أين أنتم يا أمراء الجزيرة؟
حسن: (يدخل في دائرة الضوء) أنا الملک حسن أحکم قبائل بني هلال بالرأي والحکمة والفهم.
المجموعة: مولانا الملک حسن ... عاش ... عاش ... نحن جوعي ([xliv]).
رسم الکاتب لوحة رائعة من خلال الحوار الذي دار بين مجتمع شبه الجزيرة العربية والملک حسن؛ ليوضح لنا أن الملک حسن هو الذي يحکم قبائل بني هلال بالرأي والمشورة والحکمة وليس بالظلم والقهر ؛ لينمي في الطفل منذ الصغر هذه الفضائل، حيث أنه يأخذ رأي شعبة في قراراته ويحتکم إليهم فهو أحب شعبة فأحبه شعبه ، ومن الملاحظ أننا لو قمنا بترسيخ هذه القيم والفضائل المطروحة أمامنا في هذا الحوار سوف نربي الطفل على حسن التصرف واحترام آراء الآخرين، ونجد أن الشعب يحب حاکمه ويمدحه ويحترمه ويقدره ، ويعرض مشکلته أمام حاکمه وهي مشکلة الجوع.
حسن: کفوا عن الکلام الآن .... سنعقد اجتماعاً الآن.
المجموعة: عاش الملک حسن بن حسان.
حسن: أين الأمير دياب بن غانم ... احضروه الآن.
دياب: (يدخل) أنا الأمير دياب بن غانم ... (يرتدي ثياب الفروسية ويحمل سيفه بين يديه) يا ملک البلاد.
المجموعة: هذا الأمير دياب بن غانم.
حسن: أين أبو زيد؟
دياب: أين أبو زيد؟
المجموعة: أين أبو زيد؟
(يدخل أبو زيد على المسرح وقد رکب الحصان..) ([xlv]).
وتري الباحثة أن المؤلف جعل جميع شخصيات المسرحية تبحث عن الأمير أبو زيد ؛ ليعرف الطفل المشاهد أهمية أبي زيد في المسرحية، وکيف أن الشعب لجأ إليه ليستمد منه العون والمساعدة والمساندة ؛ لأن البطل هو المنقذ الوحيد لأية مشاکل تتعرض لها قبيلته ، وتتفق الباحثة مع رأي طارق الحصرى في أن البطل في السيرة الشعبية وإن کانت تشغله قضيته الذاتية إلا أن السيرة تعده لتحمل رسالته في الدفاع عن قضية عامة تهم المجتمع ککل ؛ لذلک نجده ـ دائماً ـ يعکس آمال الجماعة وأحلامها ، ويعبر عن آمالها ، ويمثل قدرة المجموعة على مواجهة القوي المعادية وتحقيق کيانها والشعور بذاتها([xlvi]).
وتري الباحثة أن المجتمع الهلالي يؤمن بأن أبي زيد هو الذي يخلصهم من هذه المشکلة (مشکلة الجوع) ؛ لأنه بالنسبة لهم مصدر أمان وخلاص ، وکأن لسان حالهم يقول : لن يستطيع أحد أن يحل لنا مشاکلنا غيرک يا أبا زيد ؛ فأنت السند والعون وفي يديک جميع الحلول لجميع مشاکلنا.
فالبطل يستجيب لأزمة قبيلته، وهو أکثر وعياً بالأزمة من غيره، کما أن صفاته الشخصية تؤهله ليکون بطلاً ثورياً يجسد أحلام القبيلة ، ويدافع عنها ويجد لها مخرجاً من الأزمة.
ويطالعنا موقف آخر للمجتمع الهلالي ، فقد التف حول الملک حسن بن حسان لمعرفة أهم الحلول التي توصلوا إليها من خلال اجتماعهم للخروج من الأزمة التي يعانون منها، فقد ذهب أبو زيد ودياب لدراسة أحوال البلاد وقد لبسا ملابس تنکرية لمعرفة رأي العرب هل يرحلون إلي تونس الخضراء؟ أم يظلون في بلادهم ؟ فأبو زيد يجيد فنون التنکر والخداع فهو يمتلک جراب الحيل، وهو جراب ملئ بأدوات کثيرة منها الأصباغ والأدهنة والشعر المستعار والأزياء وکان يستطيع أن يصبغ جسده سبع صبغات ؛ ولولا هذا الجراب ما استطاع أن يرتاد لقومه أرض المهاجر ([xlvii]).
حسن: نعم أيها الناس لقد ذهب الأمير أبو زيد لدراسة أحوال البلاد والعباد.
المجموعة: يا ملک العربان.
حسن: إني أحاول أن نسافر ، ولکن قبل أن نسافر لابد أن نکون جميعاً لنا رأي واحد وقلب واحد ويد واحدة ، إني في انتظار قدوم أبي زيد ودياب حتى يخبرانا برأي کل الأمراء ([xlviii]).
فالکاتب أراد أن يوضح للطفل من خلال هذا الحوار أن أسلوب حل المشکلات لابد أن يکون بالطريقة الجماعية وليس بالطريقة الفردية، وينمي فيه صفة التعاون وأن يد الله مع الجماعة لأن العقل الجماعي ينتج کثيرًا من الأفکار بعکس التعرض لهذه المشکلة بشکل فردي.
طرح لنا السيد حافظ المجتمع المتعاون المتحاب المترابط فيما بينه ، الذي إذا ألمت به مشکلة لابد أن يعرضها على البطل لإيجاد حل لها، وهذا التوحد والتعاون يکسب المجتمع الهلالي لوناً من التماسک ، ويمنحه القدرة على الاستمرار.
2- صورة المجتمع المساند للبطل:
کان الأمراء متخوفين من عدم استجابة المجتمع الهلالي إلي الرحيل إلي تونس ، ولکن هذا المجتمع ضرب أروع الأمثلة في مساندته للبطل، وفي طاعته له من أجل المصلحة العامة ، وهي الخروج من هذا القحط والفقر والدمار والخراب الذي لحق بهم إلي أرض الماء والخير والزرع الوفير والجمال التي تبعث الحياة في الإنسان العربي من جديد (أرض تونس).
أبو زيد: لقد جئنا لنسألک ولنعرف رأيک يا أمير مفرج هل نرحل وتکون معنا؟
الثريا: نکون معکم؟
مفرج: دعيني أتحدث يا بنتي.
الثريا: آسفة يا أبي تحدث.
بهي: تحدث يا مفرج.
مفرج: سأذهب معکم.
: (المجموعة في أغنية ... هيا يا أبا زيد نرحل إلي تونس ... هيا يا أبا زيد نرحل إلي تونس ومعک دياب ومعک الملک حسن ومعک القاضي فايد ومعک الجميع) ([xlix]).
ولکن أبا زيد قرر الذهاب لدراسة أحوال تونس مع الأمير دياب، والذهاب إلي بلاد أخرى لتأوي قبيلته، بلاد لا تعرف القحط، ينمو فيها الأطفال أصحاء، أرض خضراء، فأصبح أبو زيد بطل تلتف حوله الجماهير، مجسداً حلم قبيلته في الاستقرار بأرض لا ينضب ماؤها ، ولا يفنى زرعها أبداً.
ويرحل أبو زيد إلي أرض تونس ؛ لکي يدخل في مغامرات جديدة مع الملک مغامس ابن الملک عامر، ويترک قبيلته دون تحديد مصيرهم.
وينتقل بنا المؤلف إلي بلاد الأمير مغامس ابن الملک عامر (أرض تونس) البلاد السعيدة... البلاد الجميلة بلاد الرخاء والنماء والحب والصفاء، کالمجتمع التونسي کان يعيش في أمان وود بسبب ثرواته وخيراته الوفيرة، وکان يحکم هذا المجتمع الملک عامر ومن بعده الأمير مغامس، وذات يوم يستعد الأمير مغامس للذهاب إلي الصيد ولکن والده يخبره بأن ابنه عمه شاة الريم قادمة هي وأبيها، ولأبد أن يکون في انتظارهما الأمير مغامس، ويطلب الملک عامر من سعيد (أحد حراس الملک عامر) أن يذهب للصيد بدلاً من مغامس، وتتصعد أحداث المسرحية ليقدم لنا الکاتب صوراً متعددة للمجتمع التونسي تتغير هذه الصور من خلال تغير واختلاف الأحداث ويتم طرح هذه الصور على النحو التالي:
3- صورة المجتمع المحب لحاکمة:
فالأمير مغامس يتأهب للزواج من ابنه عمه "شاة الريم"، ونجد أن مجتمعه يشاطره ويشارکه فرحته بهذه الزيجة السعيدة، وقد کشف الکاتب للطفل من خلال هذا الحوار عن مدي الصلة والترابط والحب الذي جمع بين الشعب التونسي والملک عامر وابنه الأمير مغامس، هذا الحب جعل الشعب قريبا من حاکمه. لأن الحاکم هو الذي غرس فيه هذه الفضائل (الحب – الاحترام- التقدير) منذ زمن بعيد ، وفي ظل هذه الفرحة الغامرة نجد أن الحارس سعيد يوزع الهدايا على الشعب بمناسبة زواج الأمير مغامس من الأميرة شاة الريم لأنهم يمثلون مستقبل البلاد.
عامر: أتري أن نحدد ميعاد الزواج ما رأيکم؟ ما رأي العروس؟
شاة الريم: الرأي رأي الکبار.
عامر: مبارک.
المجموعة: (تغني) مبروک زواج شاة الريم من مغامس الشاب الرائع ... الجميل ... وشاة الريم ... الحلوة ... مثل الغنوه ... مثل الصباح).
شاة الريم: هذا أسعد أيام المدينة ... الناس فرحة ... الناس في بهجة.
مغامس: هکذا أهلنا يفرحون بسرعة ويبکون بسرعة ([l]).
ولکن جو الحب والمودة لم يدم کثيراً بين هذا المجتمع ، فقد حدث ما يعوق إتمام هذا الزواج ، حيث حضر الأمير بنهان عدوهم الذي يقوم بمساومة الملک أبو الوجود والد الأميرة شاة الريم على الزواج منها ، ولکن الملک يرفض فتقوم بينهما حرب يصاب فيها الملک عامر ويموت الملک أبو الوجود، ويتطوع سعيد في المعرکة وينتصر على بنهان ويطلب الملک عامر من سعيد أن يدير شئون البلاد حتى يبلغ الملک مغامس السن القانونيه، وبعد موت الملک عامر تظهر شخصية سعيد الحقيقية؛ فبطمعه وجشعه استولي على البلاد وبدأ في ممارسة جبروته وسطوته ؛ لأنه لم يجد من يواجهه بحزم وقوة فأمر بنفي الملک مغامس وأمه إلي قصر بعيد.
سعيد: اجمع لي الأبطال والأمراء ... والفرسان ... عندي لهم کلام.
الحارس: (يصفق)
: (تدخل المجاميع التي تمثل هذه المجموعات).
سعيد: أيها العبيد ... أيها الفرسان... أيها الحراس.
أيها الأبطال ... أيها الأبطال التجار ... من اليوم أنا حاکم البلاد.
المجموعة: (بمرارة) نعم.
سعيد: واعلموا أنني رأيت أن يذهب الأمير مغامس سيدکم السابق إلي قصر الحمام مع أمه... لا تعاملوه بالاحترام ولا بالانحناء ... ولا بأي شيء.
المجموعة: (متذمرة).
سعيد: أعلم أنه في أبعد مکان ... ومن الآن فصاعداً لا تعاملوه بالاحترام ولا بأي شيء... وکل من يخالفني يا ويله مني ... سأقطع رأسه ... سأخمد أنفاسه ([li]).
فازداد الشعب کرهاً لسعيد الذي استولي على العرش وعامل الشعب معاملة قاسية وسيئة ؛ لأن هذه المعاملة تولد الکراهية والبغضاء، وأخذ يحرض الشعب على الأمير مغامس، وهذا ليس بغريب على شخص مثله جاحد وناکر للجميل، ولکن النتيجة کانت عکسية فتمسک الشعب أکثر وأکثر بحاکمة.
فلابد من مواجهة هذا الخطر الداهم .. مواجهة الشر مواجهة سعيد .. فلا بد من التکاتف والتعاون من قبلِ الشعب .. لابد من تعاون الشعب مع حاکمة للقضاء على هذا الملعون لکي يعيشوا في سعادة وسلام.
4- صورة المجتمع المساند لحاکمة:
ضرب لنا الشعب التونسي أروع الأمثلة في مساندته وحبه لحاکمة حيث طلب منهم حاکمهم (الملک مغامس) أن يجهزوا مائة صندوق کبير، بالإضافة إلي تجهيز الفرسان الشجعان بالسيوف والدروع للتخلص من سعيد، وقامت الملکة بمساندة ابنها مغامس بالمال لتجهيز المطلوب، ولکن مغامس کان متخوفا من شعبة ظناً منه أنهم يرفضون التعاون معه لإنقاذ البلاد من هذا الظلم
المتفشي فيها.
أم مغامس: جهز ما طلب منک فوراً ... فعليک أن تستعد وتجهز الفرسان.
مغامس: ماذا لو رفضوا وقالوا: إنهم ليسوا على استعداد.
أم مغامس: لن يرفضوا طلب ملکهم ... إنهم فرسان شجعان وقفوا إلي جانبنا ... أنا أساعدهم بالمال والسلاح في السر . وهم يکرهون سعيداً ويريدونک ملکاً عليهم وکفي ما حدث لهم من سعيد، يکفي ما جرى لهم ([lii]).
وبالفعل تکاتف المجتمع التونسي، وضرب أروع الأمثلة في التفاني والإخلاص وتطهير البلاد والعباد من الظلم والظالمين، نجد أن هذا الشعب لم يتخل عن حاکمة أبداً (مغامس) بالرغم من أن سعيدا حکم البلاد لمدة عام . لم يتغير ولم يتبدل ؛ فهو شعب غير منساق (غير منساق وراء الحاکم سعيد) مثلما نري في کثير من الشعوب ، فنحن نري أن معظم الشعوب تنساق وراء أي حاکم لتنال رضاه، ولکن المجتمع التونسي ظل صامداً ورابطاً ومحباً لحاکمة (مغامس) مهما کانت الظروف ومهما تبدلت الأحوال ؛ لأنه شعب عربي أصيل.
أم مغامس: ماذا قالوا لک؟
مغامس: قالوا لي أنت ملکنا ومولانا، مرنا نفدک بالروح والدم.
أم مغامس: عاشت الأمة التي تحب قائدها.
مغامس: يا أمي – لا أدري – هل حقاً سننتصر.
أم مغامس: کله بعون الله.
مغامس: بعون الله.
أم مغامس: بارک الله فيک ([liii]).
وبعد أن قام النجارون والحدادون بتجهيز الصناديق وشراء الملابس والسلاح أصبحوا على أتم استعداد لمواجهة الظالم سعيد ، ويقودهم في هذه المسيرة الأمير أبو زيد الهلالي، وبالفعل دخلوا مع سعيد في معرکة ضارية ، ولقنوه درساً لن ينساه أبداً ؛ ليکون عبرة لغيرة وحاصروا القصر وقضوا على سعيد للأبد.
أم مغامس: يا فرسان الملک عامر.
الفرسان: نعم يا ملکة البلاد.
أم مغامس: يا فرسان الملک مغامس.
الفرسان: نعم يا أم الفرسان.
أم مغامس: اليوم يومکم ... اسمعوا ما قال أميرکم... وإني أدعوا لکم من قلبي ... الله ينصرکم الله ينصرکم فتوحدوا وتماسکوا ([liv]).
فالمؤلف هنا وضعنا أمام مقارنة بين هذين المجتمعين (المجتمع الهلالي – المجتمع التونسي) من حيث أن الإنسان العربي أصيل بطبعة أينما حل أو ارتحل، أصيل في الوقوف بجانب حاکمة في التفاني في معونته والإخلاص في محبته.
فالمجتمع الهلالي قد ساند الأمير -أبي زيد - في الرحيل إلي أرض تونس الخضراء، والمجتمع التونسي قد ساند الأمير مغامس في التخلص من سعيد والقضاء عليه.
وقد رکز الکاتب على الربط بين الصورتين للمجتمعين ؛ لکي ينمي في الطفل صفة التعاون والتماسک والإخاء ؛ ولتصبح لديه خلفية عن حياة المجتمعات العربية وأصالتها وحبها لحاکمها، فيحرص على الاقتداء بهذا النموذج الطيب.
أهم القيم المرغوبة في النص المسرحي أبو زيد الهلالي:
لقد حمل هذا النص العديد من القيم الإيجابية التي يجب تنميتها في نفوس الأطفال منذ الصغر، فالسير الشعبية تحتوي على العديد من القيم التي تبنتها تعاليم الإسلام وجعلت منها مبادئ سلوکية کأساس لبناء المجتمع، ومن هذه القيم ما يلي :-
1- قيمة الکرم:
تشير فاطمة المصري إلي أن السيرة ترسم صورة لما ينبغي أن يکون عليه الخلق العربي في المعاملات والعلاقات بل في العادات والتقاليد أيضاً ، وهذه المثل ترسمها وتربطها في امتداد زمني بالإسلام وظهوره ([lv]).
ويتضح هذا السلوک في شخصية الأمير مفرح بن نصير عندما أتي إليه ضيفان غريبان ولا يوجد عنده طعام يطعم به هذين الضيفين؛ فقرر أن يبيع ابنته الثريا مقابل عشاء لهذين الضيفين، فإذا کانت هذه القيمة تعبر عن الکرم العربي الحاتمي، إلا أنها تکشف في ذات الوقت عن واقع القحط الذي کان يعانيه المجتمع الهلالي، وبالرغم من هذا کله نجد أن الإنسان العربي يظهر في أحسن صورة أمام الغرباء.
بهي: ماذا ستفعل ... ؟
مفرج: هل لديک أي شيء نبيعه؟
بهي: لا يوجد أي شيء يباع إلا أنا وأنت والثريا.
مفرج: الثريا (وکأن فکرة جاءت إليه).
بهي: الثريا (تؤکد الفکرة) اسمع يا مفرج ... بع ابنتک الثريا ... وبثمنها يأکل الضيوف.
مفرج: (يحدث نفسه) الثريا ابنتي الوحيدة ... ابنتي العزيزة ... کيف أبيعها؟! وهذان الضيفان إذا خرجا من بيتي دون طعام ستکون فضيحة أمام العربان ... الأمير مفرج بن نصير يأتيه الضيوف جوعى ويخرجون جوعي ... يا فضيحتي يا إلهي ماذا أفعل؟ أأبيع ابنتي؟
: (يحلم مع إضاءة خضراء تغطي المسرح وقد شاهد ما قد يحدث) ([lvi]).
بهي: ماذا قلت ... ؟
مفرج: هذا رأي صواب ... نعم الرأي ... قومي وأصلحي شأنها وألبسيها أفضل الثياب حتى أبحث في البيوت في کل قبيلة ... أبحث عن مشتر لها.
2- قيمة طاعة الوالدين:
عندما أراد الأمير مفرج بن نصير أن يبيع ابنته الثريا مقابل عشاء لضيفين ، فإن هذه الفتاة قدمت النموذج المثالي للفتاة العربية الأصيلة ، ووافقت أباها على بيعها حتى يطعم الضيفين بثمن بيعها، لأن إکرام الضيف واجب.
حسن: هل يعقل أن تبيع ابنتک؟ هل هذا معقول؟
مفرج: هذا کلام رجال العرب ...
حسن: اقسم بالله إنني في حيرة ... إنني لا أصدق ... وأنت ياثريا يا أميرة کيف توافقين
أباک ...؟
الثريا: إنه أبي وطاعة الأب والأم واجبة .... ([lvii]).
3- الاعتماد على الله وحدة وعدم الاعتماد على السحرة:
يؤکد طارق الحصري أن العرب قد عرفوا الکهانة من قديم، ولا تکاد تخلو حکاية شعبية قديمة أو سيرة شعبية أکثر حداثة من دور للکهنة والکهانة ويضيف أن الأصل في کلمة الکهانة التکهن بالشيء والتنبؤ به ([lviii]). وعندما دخل الإسلام حرمت الکهانة، فأم مغامس تحذره من الاعتماد على السحرة وأن يعتمد على الله وحدة، وعلى شعبه وعلى أهله وهم العرب الشرفاء، فالمؤلف يؤکد للطفل عدم الاعتماد على الخرافات وأن يعتمد على نفسه فثقته بالله أکبر من أي شئ.
مغامس: (يدخل) أمي ... أمي...
الأم: مغامس ... ماذا حدث.
مغامس: جاء الفرج.
الأم: من أين يجيء والأميرة شاة الريم ستتزوج من سعيد؟
مغامس: ظهر أبو زيد الهلالي.
الأم: أبو زيد الهلالي ....؟!
مغامس: من حدثني الساحر عنه .... جاء.
الأم: وماذا سيفعل.
مغامس: سيحررنا من الملعون سعيد.
الأم: وأنت تنتظر من يحررک يا أمير يا ابن الأمير ... أين شجاعتک أين ....؟
مغامس: يا أمي ... کيف تقولين يا أمي إني جبان.
الأم: أنت قلت هذا بأنک تنتظر أبا زيد.
مغامس: أبو زيد سيکون عوناً لي ... والنبوءة قالها الساحر.
الأم: لا تصدق کلام الساحر واعتمد على الله ثم على نفسک.
مغامس: ليس معي رجال ولا أعوان.
الأم: معک الله ... معک الحق ... معک عزيمتک وشبابک معک شعبک .... معک أهلک معک العرب الشرفاء ([lix]).
4 - قيمة الشجاعة:
تتجلي هذه القيمة في شخصية أبي زيد الهلالي، شجاعة البطل على مواجهة الصعاب، والسعي لتقديم المساعدة للآخرين، ومواجهة الأخطار، والتضحية بالنفس من أجل الآخرين، فهو بطل مغامر يواجه الأخطار التي تهدد أمن جماعته ورفقائه، فقد ترک أبو زيد قبيلته وذهب إلي تونس لتخليص الأمير مغامس من ظلم سعيد الشرير.
مغامس: کل هذا المال ... ؟
أم مغامس: الحرب تحتاج إلي رجال ومال ...
مغامس: شکراً يا أمي.
أم مغامس: هيا يا ولدي اذهب وجهز ما طلبه منک أبو زيد .. ما دام سيقف بجانبک.
مغامس: ألم أقل لک إنه شجاع ([lx]).
وتنتهي أحداث المسرحية ولم يضع لها المؤلف نهاية بشأن المجتمع الهلالي، وذلک لکي يعطي فرصه للطفل لکي يتساءل الطفل لماذا کان الرحيل؟ هل هو من أجل الوصول إلي حلول للمشکلة التي يمرون بها، أم من أجل تخليص المجتمع التونسي مما کان يعانيه، وأيضاً لکي يتيح المؤلف للطفل طرح مجموعة من الحلول المقنعة بشأن المشکلة التي ألمت بمجتمع شبه الجزيرة العربية وهي مشکلة (الجوع).
ثانياً: صورة المجتمع في الحکاية الشعبية مسرحية (أولاد جحا) نموذجاً.
لجَأ الکاتبُ إلي استلهام واقعة تاريخية قديمة من التراث الشعبي ، والتي تنتمي إلي حکايات ألف ليلة وليلة ، وهي حکاية تيمورلنک والفيل الذي أرسله إلي قرية جحا ليأکل في مراعيها فأکل الأخضر واليابس، لذلک ثار جميع أهل القرية فانتدبوا جحا کي يکون المتحدث الرسمي باسمهم، لأنهم کانوا خائفين من بطش الملک، فالمؤلف وجد في هذه الحکاية مادة خصبة من خلال توظيفه لرموزها توظيفاً سياسياً ، فالقضية التي شغلت المؤلف هي قضية الدفاع عن الوطن، وتحقيق العدل والحرية الذي ضاع وضاعت آماله تحت ظلم وجبروت السلطة الغاشمة.
والآن سوف نتعرف على صورة هذا المجتمع وکيف استنجد بجحا؟ هل لبى نداءه وحقق مطالبه أم باعه وباع نفسه أيضاً؟
ونجد أن صورة المجتمع في الحکاية الشعبية قد تعددت على النحو التالي:-
1- صورة المجتمع مسلوب الإرادة (مجتمع سلبي):
في الفصل الأول يطالعنا المؤلف بساحة المدينة والناس تغني فرحة ، وتدعوا لجحا الذي ذهب کي يتحدث مع تيمورلنک ليخلصهم من الأفيال ، ويقضي على مشکلة الدمار اليومي الذي يحدث في البلاد ، فالناس يتبادلون الحوار حول هذا الموضوع.
إسماعيل العترة: والله العظيم تلاتة .... أنا قلت ما يجبهاش إلا جحا.
فتحي العطار: جحا راجل جدع .. راجل فاهم .. وعاقل.
سالم الفلاح: يا سلام يا جماعة ... على عم جحا لما وقف وسط الناس وقال .. أنا اللي أقابل تيمورلنک وأکلمه وأفهمه.
إبراهيم الترزي: إيه يا جماعة الخير ده.. أنا مصدقتش نفسي إن جحا هيروح بصحيح والله([lxi]).
وتري الباحثة أن المجتمع قد جعل من شخصية جحا المتحدث الرسمي باسمه ؛ ليعرض على الحاکم مطالبه ومشاکله ، ومن أهم المشاکل التي عرضها جحا علي الحاکم هي مشکلة الأفيال التي أشاعت الفساد في البلاد ، وأثارت الاضطراب والفزع في نفوس الشعب ، فالمجتمع خلق هذه الشخصية ورفعها إلي مستوى النموذج ، ويعتبر هذا حيلة دفاعية لجأت إليها الجماعة الشعبية ؛ لتعلن رأيها وواقعها ورغباتها من خلال جحا . فالمؤلف بهذا يدين موقف المجتمع السلبي المتمثل في خضوعهم لمظاهر الظلم والاضطهاد ، وعجزهم حتى عن الشکوى وخوفهم من الحاکم لذلک لجأوا إلي جحا لکي يعبر عن مطالبهم أمامه .
وبالفعل ذهب جحا إلي تيمورلنک لکي يعرض عليه مشاکل مجتمعه ، ولکنه رأي نفسه وحيداً أمام الملک فتخاذل ، وبدلاً من أن يطلب منه جلاء الفيل عن قريته قال له : إن الفيل وحيد ونريد فيلة لنزوجها به ؛ فطلب منه الملک أن يذهب إلي الهند لشراء مائة فيل ويجلبهم إلي القرية.
المنادي: (يدخل المنادي يرکب على حمار يدق الطبل)
يا أهالي البلاد ... يا أهالي البلاد ... اسمعوا ... واعوا ... اليوم قابل جحا مولانا الخاقان العظيم تيمورلنک وأرسله في مهمة رسمية ... لشراء ألف فيل جديد.
الجميع: ألف فيل جديد !!
المنادي: أيوه ألف فيل جديد.
الجميع: مين يشتريهم؟
المنادي: يادي وجع الدماغ ... قلنا ميت مرة ونقول کمان.
يا أهالي المدينة ... مولانا الخاقان تيمورلنک قابل جحا وأرسله إلي بلاد الهند لشراء ألف فيل جديد تکون حارسة عليکم ... وفي بلادکم ترعي ... وفي بلادکم تنشأ وفي بلادکم تکون ... فحافظوا على الأفيال ... جزاکم الله خيراً.
إبراهيم: جحا عملها ... جحا عملها ...
إسماعيل: جحا بعنا لتيمورلنک... جحا بعنا.
فتحي: يادي الکسوف ... يادي الکسوف ([lxii]).
فقد تحالف جحا مع الحاکم تيمورلنک ضد مصلحة مجتمعة ووطنه ، وباع نفسه بشيء لا يؤمن به وخان وجوده، وخان حريته وانتماءه لوطنه، فهذا الموقف جعل المجتمع ينقسم إلي قسمين تجاه جحا: فمنهم من يزال يحمل التقدير والعذر لجحا ، ومنهم من يريد الانتقام منه فما کان أمامهم إلا أن يذهبوا إلي بيته ليهدموه ويقومون بإيذاء أولاده وزوجته.
رجل 1: لازم نهد بيت جحا.
رجل 2: لازم نهد بيت جحا.
رجل 3: يسقط جحا الخائن.
ابن جحا: يا ناس حرام عليکم.
بنت جحا: يا ناس ارحمونا.
زوجة جحا: الحقونا.
ابن جحا: (من الداخل) أديني الطشت بتاع الغسيل أغطي بيه رأسي واطلع لهم.
زوجة جحا: يا لهوي ... يعوروک يا ضنايا ... تموت يا حبيبي.
ابن جحا: (يخرج على المسرح وقد وضع على رأسه طشت الغسيل لحماية نفسه) يا ناس افهموني ... يا ناس اسمعوني) ([lxiii]).
ومن خلال الحوار السابق بالرغم من أن الشعب يريد الانتقام من أبناء جحا على ما فعله أبوهم مع تيمورلنک، إلا أن الحکاية الشعبية لا تخلو من الطرفة والفکاهة والجاذبية والشاعرية ، والفکاهة هي "تلک الصفة في العمل أو في الکلام أو في الموقف أو في الکتابة التي تثير الضحک لدي النظارة أو القراء". وتستهدف تنمية ذوق الطفل وإذکاء إحساساته وتأصيل قيم ومفاهيم جديدة لديه ؛ حيث "تولد الفهم الکامل والصحيح للموقف الساخر ، وأسباب وقوعه لکي يتجنبها مستقبلاً[lxiv]).
وقد اعتمد الکاتب في هذا الموقف على الفکاهة والإضحاک ؛ ليحرر الأطفال من عقدة الخوف المتربصة في نفوسهم تجاه خطر الأفيال وقوة الإرهاب التي تحدق بالبلاد وتستعمرها.
ففي هذا الموقف نري أن المجتمع يريد أن ينتقم من أولاد جحا ؛ لأن أباهم هو السبب في کل ما يحدث لهم من وراء جلب هذه الأفيال إلي المدينة، فالمدينة يوجد فيها فيل واحد فقط ويعانون أشد العناء من وجوده ، فما بالنا إذا أتي إليهم مائه فيل ؟! سوف تکون حياتهم أشد مراراً.
فأصبح جحا في نظر المجتمع خائن بعد أن کان المتحدث باسمهم أمام الحاکم، وفي ظل هذه الثورة من أبناء القرية نجد أن أبناء جحا يختلفون تماماً عن والدهم ، ويحاولون تهدئه الوضع في القرية ، ولم شمل المجتمع لمواجهة تيمورلنک. فأولاد جحا أرادوا أن يهدئوا من ثورة الجماعة الشعبية (الثائرة على جحا) من خلال الحيلة والذکاء.
إسماعيل: أبوک راح قصر تيمور وقعد.
فتحي العطار: ويقوله على أسرارنا وحکايتنا.
زوجة جحا: عارفين إيه اللي جري لجحا.
ابن جحا: عارفين إيه اللي جري لجحا.
ابن جحا: جحا ... اللي هو أبويا ... وقاله لما سأله تيمورلنک أنا ظالم ولا عادل.
المجموعة: قال... إيه ...؟
بنت جحا: قال له أنت ملک لا عادل ولا ظالم...
ابن جحا: فالظالمون إحنا ... وأنت سيف العدل ... اللي راح ربنا بعته علشان يحقق العدل.
بنت جحا: فأعجب به تيمورلنک .. وأجلسه في قصره ([lxv]).
فهذا الموقف يدل على شدة الذکاء والدهاء من قِبل أولاد جحا لکي يهدئوا من ثورة الشعب الغاضب، فمازال هذا المجتمع مسلوب الإرادة لا يأخذ حقه بيده ، خائفا من بطش السلطان وجبروته، ولا يستطيع مواجهة القوى الحاکمة ؛ فليس له الحق في إبداء رأيه في أي شيء في حياته السياسية. مازال الثائرون عند أولاد جحا يرجونهم کي يحدثوا أباهم ليتوسط لهم عند السلطان ويتضح هذا من خلال الحوار التالي:
إسماعيل العترة: يا ابن جحا ... يا مرات جحا ...
ابن جحا: نعم...
إسماعيل العترة: يا بني ... قول لأبوک يکلم تيمورلنک.
ابن جحا: رجعنا للحکاية دي تانى.
إسماعيل العترة: آه .. الناس خايفة من تيمورلنک ... خايفة من نفسها ... من الفيل([lxvi]).
ويطالعنا المؤلف بصورة أخرى لهذا المجتمع (المجتمع المذبذب) الذي لا يستطيع اتخاذ أي قرارات مصيرية في حياته، حتى وإن فکر في هذا فإنه يتراجع من شدة الخوف ، فبعد أن اتفق أولاد جحا مع الجماعة الشعبية على الذهاب إلي تيمورلنک ؛ لکي يعرضوا عليه مشکلة الفيل وما سبب لهم من دمار وخراب ، نجدهم عندما ذهبوا إلي القصر يتراجعون عن موقفهم وحماسهم ؛ فيدعي أحدهم أنه أصيب بالصمم ، والأخير تلعثم لسانه ، والثالث مريض وذلک کما يتضح من الحوار التالي:
ابن جحا: يا مولاي ... إحنا أهالي البلد دي وإحنا جايين لک علشان (ينظر إلي أبو إسماعيل العترة).
ابن جحا: (يهمس في أذن إسماعيل العترة) الفيل.
إسماعيل العترة: (يدعي أنه قد أصابه الصمم) بتقول إيه يا بني ... مش سامع.
ابن جحا: (يأخذه جانباً) الدور عليک قوله الفيل الفيل...
إسماعيل العترة: سمعي تقيل ومش سامع يا بني...
ابن جحا: أبو إسماعيل بيقول الفيل.
مسرور: الفيل ! ماله الفيل؟
ابن جحا: (يشير لفتحي العطار الذي راح يدعي أن صوته قد ضاع منه) متتکلم ... خليک جدع وشجاع.
فتحي العطار: فيلکم يا مولاي ... أهه ... أنا قلت أهه... وشجاع أنا مش جبان يا بن جحا...
تيمورلنک: متتکلم (لإبراهيم الترزي)
إبراهيم الترزي: بـ... بـ... (وهو يرتعش)
مسرور: الراجل ده عنده رعشة.
إبراهيم الترزي: (يغمي عليه) أنا عندي عيال...
تيمورلنک: شيلوه ... وارموه.
ابن جحا: لا ... لا ... دا عم إبراهيم الترزي... شيلوه وخلوه على الطريق.
مسرور: وأنت (يشير لزيدان الحطاب) أنت يا حلو ... ناقصک شيء عايز شيء؟
زيدان: (يمسک بطنه) عندي إسهال يا مولاي أعفيني من الکلام طلعني الآن (يخرج)
ابن جحا: وأنت يا دنوش يا نجار.
دنوش النجار: يا أبو قلب طيب... يا کبير .. إنسان ... أنا دماغي سخن.
ابن جحا: (يکشف على رأسه ابن جحا) سخن فعلاً عنده حمي.
دنوش النجار: استأذن أنا ...(يخرج) ([lxvii]).
وبالفعل انصرف کل شخص تلو الأخر ، ولم يتوصلوا إلي حل مع تيمورلنک ؛ لأنهم مذعورون منه لا يستطيعون المواجهة ، وهذا الموقف يوضح لنا مدي ظلم وجبروت الحاکم ، ومدي خوف الرعية منه وأن السکوت على الظلم يتسبب في ازدياده، فنجد أن الظلم قد تفشي في البلاد بدرجة کبيرة لأنه لم يجد من يصده أو يعمل على إيقافه، وهذا الموقف أيضاً أعطي لأولاد جحا وهم يمثلون المجتمع ذا الإرادة القوية الإصرار على مواجهة الظلم والظالمين.
ويطالعنا موقف أخر للجماعة الشعبية ورأيها في السلطان فنجد أنها تکرهه لظلمة وجبروته، فهو يعيش في برج عاجي ولا يهتم بشعبة ولا يبحث عن سبل الراحة لهذا الشعب، فابن جحا وبنت جحا يمثلون المجتمع الإيجابي، فهم لسان أهل القرية في کل أفعالهم وتصرفاتهم.
بنت جحا: أنت مقامک في الآخرة مع الظالمين فتذکر الموت بأنه يأتي من غير ميعاد.
تيمورلنک: بتقولي إيه يابنت؟
ابن جحا: تقصد إن مقامک في الدنيا والآخرة.
تيمورلنک: عظيم جداً في الآخرة حيکون مع مين؟
ابن جحا: مع ... مين إزاي...؟
تيمورلنک: ح أکون مع مين من العظماء؟
مسرور: قول ...
ابن جحا: مع فرعون.
تيمورلنک: فرعون ...!! ([lxviii]).
وتري الباحثة أن تيمورلنک سُر بهذه المکانة ؛ لأنه سوف يکون مع العظماء من أمثالة، على حين أن المقصود من قولهم أن مثواه جهنم ، وهذا يعبر عن رأي الجماعة الشعبية في السلطان ، وهذا الموقف يختلف تماماً مع موقف المجتمع الهلالي من حيث رأيهم في الحاکم (السلطان حسن)؛ حيث کان مصدر أمن وأمان لشعبة ، وکان يأخذ رأيهم ومشورتهم في کل شيء ؛ لذلک لجأوا إليه لإيجاد حلول لمشکلة القحط التي کانوا يمرون بها، أما هذا السلطان (تيمورلنک) ظالم وطاغية والشعب يکرهه، وتم عرض هذه الرؤية من الجماعة الشعبية ورأيها في السلطان ؛ لکي يحذر الکاتب الطفل من الظلم والظالمين ، ولکي يبرز عاقبة الظلم للطفل لکي يکون الطفل على وعي تام بهذه الأمور.
2-صورة المجتمع ذى الإرادة القوية:
من خلال تصاعد أحداث النص المسرحي نجد أن المجتمع تحول من الحالة السلبية التي کانت تسيطر علية إلي حالة إيجابية ؛ لأنه لم يجد أي فائدة من جحا لأنه لم يحقق لهم أحلامهم ، وقد خدعهم فلا سبيل أمامهم غير المواجهة من أجل استرداد الحق.. المواجهة من أجل القضاء على الظلم والخيانة، فنجد أن جميع فئات المجتمع من أطفال وکبار وشيوخ قد توحدوا لمواجهة السلطان ، فحدث ما يسمي بالترابط والتأزر والتعاون بين هذا أفراد هذا المجتمع ، والفضل يرجع في هذا إلي أولاد جحا والشيخ شافعي.
الشيخ شافعي: إحنا کلنا لازم نحل المشکلة إحنا.
الجميع: إحنا.
الشيخ شافعي: آه .. المشکلة تخصکم کلکم وکلکم لازم تحلوها من الصغير للکبير.
ابن جحا: زي ما قال الشيخ شافعي کلنا لازم نکلم تيمورلنک.
بنت جحا: کلنا من صغيرنا لکبيرنا والصغير قبل الکبير ستات ورجالة ([lxix]).
فالمواجهة تؤکد فکرة الترابط والاتحاد من أجل القوة ، وأول مظاهر الاتحاد هي تحقيق النصر على العدو ، فالنصر لا يأتي إلا باتحاد کل من طفل الغد والمستقبل والشاب والعجوز والمرأة ، فقد کان الکاتب حريصا على التأکيد على ذلک الموقف بإظهاره لشجاعة واستبسال أولاد جحا والشيخ شافعي وأهل القرية ، فکل فرد له دور في توحيد صفوف الشعب لمواجهة الظلم والطغيان وقهر الحاکم الظالم تيمورلنک ([lxx]).
ومن خلال مکر ودهاء أولاد جحا استطاعوا کسب ود السلطان ؛ فتم تعيين ابن جحا وزيراً للأفيال يأخذ من السلطان ما شاء من المال لکي ينفقه على الأفيال ، ولکن في حقيقة الأمر يأخذ الأموال لينفقها على الشعب ؛ لأن هذه الأموال هي أموال الشعب، والشعب له حق التصرف فيها، أخذها السلطان بدون وجه حق ، ولولا وقوف أولاد جحا بجانب الشعب ما استطاع أن يحصل على حقه.
بنت جحا: أخويا هو الوزير اللي في عهده صارت المدينة ثرية وجميلة وغنية.
ابن جحا: (يدخل على المسرح) (ابن جحا في ملابس جميلة).
رجل 1: عاش مولانا الوزير (ترد المجموعة) خلفه ... عاش ... عاش.
ابن جحا: أشکرکم أشکرکم .... کيف الحال في السوق وکيف حال البلاد؟
الجميع: بخير بخير.
ابن جحا: عايزين فلوس قولوا (يخرج النقود ويلقي بيها يميناً ويساراً).
بنت جحا: (تجذب أخاها بعيداً) بتعمل إيه؟
ابن جحا: بوزع فلوس زي ما أنت شايفة.
بنت جحا: کل يوم تاخد ألف دينار.. وتوزعهم؟!
ابن جحا: دي فلوسنا اللي أخذها مننا تيمورلنک وسرقها من العيال ولازم ترجع ([lxxi]).
وتري الباحثة أن المؤلف أراد أن يوضح للطفل أن الذي يشعر بالشعب ويعاني معاناته هو واحد من أبنائه، ابن جحا شعر بشعبة فأخذ يمده بالمال ؛ حتى يعم الرخاء والازدهار ، والشخص الغريب الذي يحکم البلاد غارق في ملذاته وشهواته، لذا يلفت المؤلف نظرنا إلي أن الذي يتولي السلطة لابد أن يکون واحدا من أبناء الشعب حتى يحقق ما يصبوا إليه الشعب.
فابن جحا يسعي لتطهير البلاد من العناصر الانتهازية، کما أنه يعکس طموح الإنسان البسيط الثائر على الأوضاع الاجتماعية والسياسية، والمتطلع إلي مستقبل أفضل للوطن، وأن يسود العدل والحب والمساواة داخل هذا الوطن.
ومن خلال تصاعد أحداث المسرحية نجد أن حال المجتمع تبدل من السلبية إلي الإيجابية ، وذلک من خلال وقوف أولاد جحا إلى جانب الشعب، حيث أستطاعوا أن يأتوا بهم إلي القصر لمساعدتهم في توفير احتياجات الأفيال، کل حسب اختصاصاته کما وزعها عليهم ابن جحا، فالشعب أصبح لديه إرادة قوية في التغيير، أصبح لا يتحمل کل هذا الذل والهوان، وضع يده في يد أولاد جحا ؛ وذلک لعمل خطة وشراء أسلحة وتجهيزات لمواجهة السلطان الظالم ، والوقوف بقوة وجرأه لأول مرة في وجه هذا السلطان وتطهير البلاد من العناصر الانتهازية.
إبراهيم الترزي: اشترينا أفضل الأکل وأفضل السلاح ودربنا الناس.
سالم الفلاح: إحنا مرتبين کل شيء والرجالة على استعداد.
بنت جحا: وطي حسک... الناس لازم تتعلم على السلاح.
ابن جحا: يا بنت جحا کفانا خوف... لازم تيمورلنک يعرف إننا قده وقدود.
بنت جحا: علشان لما تيجي ساعة الجد کل الناس ستکون جاهزة للقتال..
سالم الفلاح: الناس جاهزة ومستنية الإشارة علشان تمنع تيمورلنک وفيله وکل الأفيال وکل الأغراب عن أرضنا ([lxxii]).
وهذا المجتمع يذکرنا بالمجتمع التونسي (في السيرة الشعبية) عندما وقف بجانب حاکمة لمواجهة الظلم والقهر أثناء حکم سعيد الطاغية، ومجتمع جحا وقف مع أولاد جحا ضد الحاکم، وهم هنا في المسرحية بمثابة أبيهم ؛ لأن المؤلف لم يفصح عن شخصية جحا، فالفرق بين المجتمعين أن المجتمع التونسي کان يحب حاکمة ووقف بجانبه للتخلص من سعيد وظلمة (الحاکم المؤقت) ، لکن المجتمع في الحکاية الشعبية قد تحالف مع أولاد جحا للقضاء على الحاکم الظالم( تيمورلنک).
وبالفعل استعد الشعب لمواجهة تيمورلنک والأفيال.
الشيخ شافعي: آن الأوان تتجمع الأيادي والعباد.
فتحي العطار: إحنا دربنا الرجال على القتال.
بنت جحا: والستات عرفت حتعمل إيه...
الشيخ شافعي: الکل عرف حيعمل إيه حتى الأطفال عرفت حتعمل إيه؟
إبراهيم الترزي: وساعة الجد...
فتحي العطار: ساعة الجد إمتي...؟
الشيخ شافعي: أول ما يوصل جحا ومعاه الأفيال حيکون الصيادين على الشط يغرقوا المراکب بالأفيال.
بنت جحا: وأبويا.
الشيخ شافعي: متخفيش بعد ما ينزل کل الرجال حتغرق المراکب بالأفيال.
فتحي العطار: وحضرنا السلاح.
سالم الفلاح: والرجالة اتعلموا على السلاح لا يمکن حنخلي حد من المغول يحتل أرضنا([lxxiii])
فالشعب منذ هذه اللحظة بدأ يدافع عن وطنه ، ولا يسمح بدخول أي محتل إلي بلده ، والذي يفکر أن يأتي إلي ديارهم سيکون عقابه الموت ؛ لأنه أصبح عنده وعي سياسي عرف ما له وما عليه من حقوق وواجبات فأصبح عنده تنوير سياسي، وقد خلع رداء الخوف ولبس رداء القوة والصمود والعزيمة والشجاعة.
فالکاتب يهدف الى تکوين جيل متمرد ثائر وقادر على استئصال الظلم وتطهير البلاد من الفساد، فهو بذلک يفجر في کيان الطفل روح الفعل والثورة على الأوضاع الفاسدة ويحذرهم من الضعف والاستکانة.
وبالفعل تم تنفيذ الخطة التي وضعها ابن جحا مع الشعب لإغراق المراکب بالأفيال ؛ حتى لا تأتي إلي البلاد وتقضي على الأخضر واليابس ، ويستفحل خطرها ولا يستطيع أحد أن يقضي عليها.
حارس: (يدخل مسرعاً جحا وصل يا مولاي على الشط).
تيمورلنک: والأفيال معاه... ألف ألف فيل؟
الحارس: لا يا مولاي ... المراکب غرقت بالأفيال قبل ما تدخل الميناء.
تيمورلنک: مش معقول ألف ... ألف فيل يغرقوا مين اللي عمل کده؟
سالم الفلاح: (المجموعة والشيخ شافعي) کلنا ... کل الناس ([lxxiv]).
فالکاتب هنا يدعوا الطفل إلي کيفية مواجهة أي مشکلة في حياته، فعندما يشعر الطفل بأن مشکلة ما تعترض حياته ، فعليه أن يقوم بوضع حلول لهذه المشکلة من خلال التعاون مع زملائه أو أخذ رأي أبويه في هذه المشکلة ووضع حلول لها، ليقضي عليها في أقرب وقت ولا يترکها تستفحل؛ لأنها إذا استفحلت سوف تکون هناک صعوبة في حلها.
وفي النهاية تم القضاء على الأفيال وعلى الحاکم الظالم من خلال وقوف الشعب يداً واحدةً... وما تجلى من قوة وإرادة الشعب وحبه للتغيير، وعاشت القرية في هناء وسعادة نتيجة القضاء على الظلم والظالمين.
الشيخ شافعي: في زمن من غير رجال تکثر الأفيال .. خلِي بالکم يا ولاد لو خفنا من الأفيال راح تکثر الأفيال ... والإنسان ربنا عطاه الحکمة والعقل علشان يقاوم الظلم ([lxxv]).
أهم القيم التي طرحها السيد حافظ في مسرحية (أولاد جحا)
1- قيمة التعاون:
الکاتب يثير وعي الطفل الوطني من أجل القضاء على الظلم وتحقيق الوحدة ، وذلک من خلال نصيحة الشيخ شافعي للأطفال، حيث يدعوهم إلي التأزر من أجل تحرير وطنهم، فلو لم يتعاون المجتمع لما استطاع أن يتصدى لقوة تيمورلنک وأفياله.
الشيخ شافعي: الظلم صفة الإنسان ولازم نتصدى له ونقاومة ... بأيدينا ... بقلبنا ... بعقلنا ... والناس تمد إيدها([lxxvi]).
2- قيمة الاعتزاز بالنفس:
تعتبر هذه القيمة من القيم الإيجابية في المجتمع، فعندما ذهب تيمورلنک إلي بيت جحا نري أن مسرور مساعدة يأمر ابن جحا أن يقبل يد السلطان ، ولکن ابن جحا عنده عزة نفس وکرامة ، ولن يطأطىء رأسه لأي مخلوق على وجه الأرض مهما کان حتى لو کان السلطان نفسه.
مسرور: انحن ... انحن يا ولد ... وقرب وبوس إيد مولانا تيمورلنک.
ابن جحا:لا.
تيمورلنک: لأ ليه ( يغضب) الولد دا يقتل في الحال.
بنت جحا: لا يا مولاي ... مش معقول ؛ أخويا خاف على إيدک اللي لا تقدر بالمال ([lxxvii]).
3- قيمة الحکمة والتصرف بعقلانية:
فابنة جحا کانت شخصية عاقلة حکيمة في تصرفاتها تُعمل عقلها لإيجاد حلول لأي مشکلة تقابلها، فعندما خرب الفيل المدينة قالت لابد من وجود حل لهذه المشکلة بالعقل والحکمة.
بنت جحا: الظالم يحتاج إلي قوة السلاح وإن لم يوجد السلاح يوجد العقل ([lxxviii]).
4- قيمة الجيرة:
يحتل الجوار مکانة بارزة بين العناصر المکونة لکيان أي مجتمع إنساني، ومن ثم فقد اهتم الإسلام بالجوار اهتماما کبيرا ؛ بهدف تقوية الجانب الإيماني لدى المسلم وإکسابه القدرة على مقاومة الرذائل في المجتمع ([lxxix]). وتعتبر هذه القيمة من أهم القيم التي حض عليها الإسلام وتتمثل في شخصية سالم الفلاح هذه الشخصية التي تعرف جيداً کيف تراعي حقوق الجيرة.
بنت جحا: الفلاح دا يا مولاي طول عمرة جارنا ويراعي حقوق الجيرة والأخوة ([lxxx]).
5- قيمة الکرامة:
هذه القيمة تتمثل في شخصية بنت جحا حيث أنها ترفض الزواج من الحاکم تيمورلنک رغم ما يمتلکه من أموال طائلة، فلها إرادة قوية، تمتلک الحق في اختيار شريک حياتها ، وتؤمن بأن الغني ليس هو السبيل للسعادة، وإنما هي الحرية التي تتمتع بها في اختيار شريک حياتها.
بنت جحا: أنا لا يمکن اتجوز راجل زي دا!
زوجة جحا: دا مکتوب علينا.
بنت جحا: دا ظالم وقاتل...
ابن جحا: قتل العباد ونشر الفساد ([lxxxi]).
6- قيمة الانتماء وحب الوطن:
نجد أن الکاتب دائماً حريص على توجيه إشارة للأطفال إلي ضرورة الدفاع عن الوطن وحمايته من الأخطار التي تحيط به ، فالوطن حق للجميع الصغير قبل الکبير ، فيجب أن ننشىء الصغار على قيمة حب الوطن
الشيخ شافعي: الدفاع عن الوطن شرف ولازم ندافع عن شرفنا([lxxxii]).
النتائـــج:
1-استعان السيد حافظ بالتراث لأنه وجد فيه مادة خصبة تتميز بالمرونة والثراء والرموز والمواقف التي تمتد بدلالاتها إلي الحاضر، حيث أنة تمکن من تقديم مسرح هادف ، وذلک من خلال خطابة المسرحي الذي حمل رسالة تربوية محاولا تکوين الطفل تکوينا متوازنا مبنيا على أسس وقواعد تجعل منة إنسانا قويا، مما يسهم في بناء طفل واع لکل ما حوله، مستوعب لواقعة.
2- قدم لنا المؤلف صوراً متعددةً للمجتمع الواحد ، فنجد أنه في مجال السيرة الشعبية المتمتلة في مسرحية أبوزيد الهلالي قدم صوراً متعددةً للمجتمع الهلالي، وهى صورة المجتمع (المتعاون- المتحاب – المساند للبطل)، وصوراً أخرى للمجتمع التونسي، وهى صورة المجتمع(المحب لحاکمة _المساند لحاکمة) ، وفي مجال الحکاية الشعبية المتمثلة في مسرحية أولاد جحا قدم لنا (المجتمع السلبي- المجتمع قوي الإرادة).
3- وضع المؤلف مقارنة بين المجتمعات العربية المطروحة في النصين المسرحيين ليدلل على أصالة الإنسان العربي ، ولکي يحتذي الطفل بهذه النماذج الأصيلة في حياته المستقبلية.
4- في مسرحية أبو زيد الهلالي طرح لنا المؤلف نموذجاً للبطل الذي تلتف حوله الجماعة الشعبية، وهو أبو زيد الهلالي ولکنه ترکهم دون تحديد مصيرهم، وذهب إلي أرض تونس الخضراء؛ وذلک لإعمال عقل الطفل لکي يبحث عن مجموعة من الحلول المتعلقة بالمشکلة التي ألمت بشبه الجزيرة العربية، وفي مسرحية أولاد جحا انتخبت الجماعة الشعبية جحا ؛ ليکون المتحدث الرسمي باسمها أمام الحاکم ولکنه خزلهم ولم يحقق لهم ما يصبون إليه ، وبالتالي يقارن الطفل بين هذين الموقفين لکي يتجنب الوقوع في أي أخطاء في حياته.
5- تضمن النصان المسرحيان - عينة الدراسة - مجموعة من القيم المعاصرة التي لا تخرج في إطارها عن السلوکيات التربوية وذلک بهدف تقديمها إلى عالم الطفل.
6- لم تغفل الحکاية الشعبية جانب الفکاهة والإضحاک لأنه من أهم العناصر التي تجذب الطفل الى العمل وتحفزه على تلقيه بصورة جيدة
توصيات البحث:
1-ضرورة عمل دراسات مستفيضة حول أعمال هذا الکاتب بصفة خاصة لتوضيح ما بها من قيم وأفکار، وعمل دراسات نقدية وتجريبية کثيرة عن مسرح الطفل وصورة المجتمع بصفة عامة.
2- ضرورة تشجيع کتاب المسرح لکتابة مسرحيات للأطفال تلقي الضوء على تراثنا وحضارتنا العريقة لکي يستطيع الطفل معرفة تراثه معرفة جيدة.
([i]) https://drige.google.com.
([ii]) کمال الدين حسين. "التراث الشعبي في المسرح المصري الحديث". (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، ط1، 1993).
([iii]) طارق الحصري. "استلهام التراث في مسرح الطفل" (الإسکندرية: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، ط1، 2007).
([vi]) يحيي سليم عيسى، عدنان على المشاقبة. "آليات توظيف التراث في النص المسرحي الإماراتي وکيفياته: نماذج مختارة". (الإمارات: شئون اجتماعية: المجلد 30 العدد 120: 2013).
([vii]) أسماء شاکر نعمة، آمنة حبيب حمود. "الحکاية الشعبية في نصوص مسرح الطفل". (مجلة جامعة بابل: العلوم الإنسانية: 2014).
([viii]) الصديق أحمد نور الدائم، وعثمان جمال الدين. "توظيف القصص والحکايات الشعبية في مسرح الطفل بالسودان". (جامعة السودان للعلوم والتکنولوجيا: کلية الموسيقي والدراما، مجلد 18: العدد 3، 2017).
([x]) محمد عويس. "البحث العلمي وممارسة الخدمة الاجتماعية". (القاهرة: دار النهضة العربية، 1999)، ص157.
([xi]) سمير حسين. "بحوث الإعلام: دراسات في مناهج البحث الإعلامي". (القاهرة: عالم الکتب، ط3: 1999، ص233.
([xii]) نبيلة إبراهيم. "الدراسات الشعبية بين النظرية والتطبيق". (القاهرة: المکتبة الأکاديمية: ط1، 1994)، ص59.
([xiii]) نقلاً عن: يحيي سليم عيسى. "توظيف التراث في النص المسرحي الفلسطيني". (فلسطين: مجلة جامعة النجاح: مجلد 27، العدد 3، 2013)، ص5.
([xix]) أحمد بهي الدين أحمد. "السيرة الهلالية في محافظة کفرالشيخ". (الهيئة المصرية العامة للکتاب، 2009)، ص2.
([xx]) محمد حافظ دياب. "إبداعية الأداء في السيرة الشعبية". (الهيئة العامة لقصور الثقافة، الجزء الأول، 1995)، ص23.
([xxv]) عبد التواب يوسف. "الطفل العربي والأدب الشعبي". (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 1992)، ص42.
([xxvi]) نور الهدى برکان، نور الهدى سعيداني. "السيرة الشعبية: دراسة نفسية الجازية الهلالية لمحمد المرزوقي". (رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة العربي بن مهيدي- کلية الآداب واللغات، 2017)، ص24.
([xxvii]) فاروق خورشيد، محمد ذهني. "فن کتابة السيرة الشعبية: دراسة نقدية فنية للسيرة الشعبية عنترة بن شداد". (منشورات اقرأ، ط2، 1980)، ص225.
([xxviii]) نور الهدي برکان، نور الهدي سعيداني. "السيرة الشعبية: دراسة نفسية الجازية الهلالية لمحمد المرزوقي". مرجع سابق، ص27.
([xxxiii]) عزة الملط."المستلهم التراثي والمتغير الحداثي في مسرح الطفل". (مجلة کلية دار العلوم: جامعة القاهرة، 2015)، ص2.
([xxxiv]) کمال الدين حسين. "دراسات في تجليات التراث الشعبي المصري، الهيئة العامة لقصور الثقافة، سلسلة الدراسات الشعبية، العدد 150، دار الأمل للطباعة، 2013)، ص286.
([xxxv]) صفوت کمال. "الحکاية الشعبية في مجال أدب الأطفال، مجلة الفنون الشعبية العدد 25، (وزارة الثقافة: الهيئة العامة للکتاب، 1998)، ص80.
([xxxviii]) محمد رجب النجار. "حکايات الشطار والعياريين". (القاهر: الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2003)، ص7.
([lv]) فاطمة المصري. "الشخصية المصرية من خلال دراسة بعض مظاهر الفولکلور العربي". (القاهرة: الهيئة المصرية العامة، 1984)، ص91.
([lxx]) آية محمد عواد. "الصراع العربي الإسرائيلي في نصوص مسرح الطفل"، (رسالة دکتوراة غير منشورة: جامعة الإسکندرية: کلية الآداب، 2014)، ص 26-27
([lxxix]) Https://archive.islamonline.net.
([lxxxii]) المرجع السابق، ص54.
The Image of Community in the Texts of Children's Theatre As Illustrated
by the Writings of Sayyed Hafez
Abstract
§ Sayyed Hafez utilized heritage as a fertile area characterized by flexibility, richness, and situations that extend to indicate the present.
§ The author introduced multiple images for the same community. That is, in the field of folktales, the image of the (cooperative, hero-supporting, and ruler-loving) community is presented, while the image of the (negative, strong-willed) community is presented in the field of popular story – telling. This proves that the image of the community presented in the popular folktales is obviously different from that presented in the popular story-telling.
§ The two theatrical samples of this study include a set of contemporary values that fall within the domain of educational behaviors to be introduced to the world of children.