مقياس توکيد الذات لدى طلاب المرحلة الثانوية

مقدمة:

إن قدرة الشخص على أن يتبنى أنواعاً من الإدراک والتفکير هو مقياساً لنجاحه يساعده على تحقيق ما تتطلبه الحياة الفعالة من سعادة شخصية وکفاءة عملية. أي يتبنى لنفسه فلسفة عامة في الحياة تسمح له بأن يتصرف بکفاءة ونجاح يتناسبان مع إمکاناته، وأن يوظف تفکيره لتحقيق التوافق النفسي والفاعلية الاجتماعية النفسية الذاتية.

ويؤکد اليس  Ellisعلى أن العصاب ينشأ نتيجة التفکير اللاعقلاني والتوقعات اللامعقولة التي يتبنها الفرد لنفسه ويقيم أداءه وفقا لها وهذا ما تؤکده هورني حيث تؤکد أن العصاب ينشأ من التعارض بين إمکانيات الفرد وما يريد تحقيقه (عبد اللطيف، 1997: 55).

والعلاقة وثيقة بين المعرفة من (أفکار وآراء) وبين الصحة النفسية والمرض النفسي، فالصحة النفسية تتحقق بقدر دقة وصحة أفکار الفرد عن نفسه وعن الآخرين، فالفرد يتمتع بالصحة النفسية عندما تکون أفکاره دقيقة ومنطقية، وعلى عکس ذلک يکون المرض النفسي (سيدني، 1973: 17-18).

ولا شک أن هذه المعطيات لسلوک المراهق تعتبر بمثابة ارهاصات لما ينتظره من سلوکيات في المستقبل، ولعل ما يؤکد ذلک أن ولب (Wolpe,1978) يفسر التوکيدية من خلال تعريفه للشخص التوکيدي الذي يصفه بأنه "الشخص الإيجابي في العلاقات الاجتماعية القادر على المبادأة. الواثق بنفسه في علاقته مع الآخرين، الذي يناقش ويبدي الرأي ويدافع عن وجهة نظره ويعترک الحياة، مع القدرة على القيام بأي نشاط اجتماعي يحظى بتقدير الجماعة والمجتمع الذي يعيش فيه.  

ويستخدم مفهوم التوکيدية -عادة - للإشارة إلى السلوک الذي يحفظ حقوق واهتمامات فرد ما دون إنکار حقوق الآخرين أو الاعتداء على هذه الحقوق أو انتهاک حرمتها (Bishop, 2007).

ومتغير توکيد الذات  Self-assertionأحد دعائم الصحة النفسية والسلوک السوي، وهو مهم في مرحلة المراهقة بصفة خاصة،  حيثتتزايد حاجة المراهقين إلى الشعور بالاستقلال، وإقامة علاقات اجتماعية، وإثبات الذات أثناء التواصل والتفاعل مع الآخرين، والذي يمنحهم الطمأنينة والأمن والاستقرار النفسي في تفاعلهم مع أنفسهم وأسرهم والمجتمع، ويؤدي - بدوره - إلى الاتزان الشخصي والانفعالي والتمتع بالصحة النفسية والشخصية السوية". (الأشول، 2010؛ صبحي، 2000 ؛ المطيري، 2015).

ويؤکد موريس وآخرون (Morris, et al., 2005) "أن الشخص المؤکد لذاته يتحمل مسؤولية سلوکياته واختياراته الخاصة، کما أنه يمتلک ما يکفي من الثقة بالنفس والأفکار والمواقف الإيجابية تجاه نفسه وتجاه الآخرين، کما أنه صريح وصادق مع نفسه ومع الآخرين". وهذا المفهوم يختلف مع ما يصدر من المراهقين غير المؤکدين لذواتهم تجاه أنفسهم والآخرين.

ويرى عبد ربه (1997) أن السلوک التوکيدى أحد دعائم الصحة النفسية، ومن متطلبات السلوک السوي؛ بل منهج وفلسفة تهدف لعدم إهدار کرامة الإنسان وتتجه به نحو احترام الذات، وهو هام فى جميع المراحل العمرية للتفاعل المثمر فى المواقف الاجتماعية، وأشد ما يکون الفرد احتياجاً للسلوک التوکيدى هى فترة المراهقة؛ کتلبية للتغيرات التى تحدث فى جميع النواحى الذهنية والنفسية والاجتماعية.

ويرى إلهامي، وهدية (2000) أن توکيد الذات هو القدرة على التعبير الملائم عن أي انفعال فيما عدا القلق نحو المواقف المختلفة في إطار الالتزام بالمعايير والقيم الاجتماعية".

الهدف من المقياس:

يهدف هذا المقياس إلى تقدير درجة تأکيد الذات لدى المراهقين من طلاب المرحلة الثانوية، أي: قدرته على حرية التعبير، وحرية الفعل، مع احترام الآخرين، وتحمل المسؤولية الاجتماعية لسلوکه.

وصف المقياس:

تکون المقياس في صورته الأولية من (30) عبارة تمثل عبارات مقياس توکيد الذات. يجيب الفرد عن کل عبارة على أساس ميزان ثلاثي يتراوح بين لا تنطبق مطلقاً (1)، تنطبق علي تماماً (3)، ولذا تتراوح الدرجة الکلية على المقياس بين (30–90)، وتشير الدرجة العليا إلى ارتفاع توکيد الذات لدى الفرد، ويناسب هذا المقياس المراهقين والراشدين.

صدق وثبات مقياس توکيد الذات:

الصدق الظاهري (المحکمين): قام معد المقياس (نصر، 2017) بعرض المقياس في صورته الأولية على مجموعة من المتخصصين في الإرشاد النفسي والصحة النفسية للإدلاء بآرائهم، واتفق المحکمون على صلاحية جميع بنود المقياس، ما عدا خمس عبارات قام الباحث بحذفها ليصل عدد عبارات المقياس إلى (25) عبارة.

کما قام بحساب صدق الاتساق الداخلي لبنود المقياس على عينة قوامها (105) طالب بالمرحلة الثانوية، وکانت جميع قيم معاملات الارتباط دالة عند مستوى (0.01) وتراوحت قيمته بين (0.369- 0.652)، ما عدا العبارتين رقم (9، 18) تم حذفهما لضعف الارتباط الخاص بهما، ليصل المقياس في صورته النهائية إلى (23) عبارة.

أيضاً تم حساب ثبات الاختبار باستخدام طريقتي ألفا "کرونباخ"، وإعادة تطبيق المقياس على عينة مکونة من (30) طالباً، ثم إعادة تطبيق المقياس مرة أخرى بفاصل زمني قدره أسبوعان من التطبيق الأول، وتراوحت معاملات ثبات ألفا"کرونباخ"، وإعادة التطبيق بين (0.859، 0.913).

إعادة تقنين المقياس والتحقق من خصائصه السيکومترية:

أ- صدق المقياس:

1-            الصدق الظاهري (المحکمين):

قام الباحث الحالي بعرض المقياس في صورته النهائية (23) عبارة على مجموعة من المتخصصين في علم النفس، والإرشاد النفسي للتحقق من الصدق الظاهري للمقياس، وکانت نسبة الاتفاق على صلاحية جميع بنود المقياس (100%)، وبذلک تحقق الصدق الظاهري للمقياس.

2-            صدق الاتساق الداخلي Internal Consistency Validity

قام الباحث الحالي بحساب صدق الاتساق الداخلي للمقياس على عينة تألف من (81) طالب بالمرحلة الثانوية بمحافظ جدة، وذلک بقصد "التأکد من مدى ارتباط مفردات المقياس مع الدرجة الکلية للمقياس ککل، فکانت النتائج کما توضحها مصفوفة الارتباط بالجدول رقم (1):

جدول (1)

حساب معامل الارتباط بين العبارات والدرجة الکلية للمقياس (ن=81)

(*) دالة عند مستوى 0.05 = (0.196)       (**) دالة عند مستوى 0.01 = (0.256)

يتضح من بيانات الجدول السابق أن معاملات الارتباط بين کل عبارة والدرجة الکلية للمقياس دالة عند مستوى (0.01)، ما عدا العبارة رقم (2) دالة عند مستوى (0.05) وهي ارتباطات مرتفعة، ويعني ذلک ترابط هذه العبارات، مع المجموع الکلي، ويدل ذلک على الاتساق الداخلي للمقياس وصلاحيته للتطبيق.

3-            صدق المقارنة الطرفية:

تقوم هذه الطريقة على مقارنة متوسط درجات الأقوياء فى الميزان بمتوسط درجات الضعاف فى نفس ذلک الميزان بالنسبةلتوزيع درجات الاختبار ولذا سميت بالمقارنة الطرفية لاعتمادها على الطرف القوى الذى نسميه بأصحاب الميزان القوى والطرف الضعيف الذى نسميه أصحاب الميزان الضعيف .

ولحساب الدلالة الإحصائية للفرق بين أصاحب المستوى القوى والضعيف استعان الباحث ببرنامج spss ويوضح جدول (2) ذلک:

جدول (2)

المتوسط الحسابي والانحراف المعياري

والفرق بين المتوسطين للربيعيين وقيمة (ت) ومعامل الصدق التکويني مقياس توکيد الذات

*  دال عند مستوي معنوية 0.05           ** دال عند مستوي معنوية 0.01     

يتضح من الجدول السابق وجود فروق معنوية بين درجات (الربيع الأعلى) ودرجات (الإرباعي الأدنى) وکانت الفروق بين المجموعتين ذات دلالة إحصائية عند مستوي 0.01 مما يعد مؤشراً علي صدق مقياس توکيد الذات.

ب – ثبات المقياس:

1- الثبات عن طريق معامل ألفا – کرونباخ:

وقد تم حساب معامل الثبات باستخدام اختبار ألفا کرونباخ Alpha Cronpach، حيث إنه أنسب الطرق لحساب ثبات الأوزان المستخدمة في البحوث المسحية کالمقياس، حيث يوجد مدى من الدرجات المحتملة لکل فقرة، وذلک وفقا للمعادلة التالية:

معامل ثبات ألفا =    

حيث ن= عدد فقرات المقياس        ع² = تباين الفقرة الواحدة.

       ع² ک=  تباين المقياس.

وکانت النتائج وفقا للجدول رقم (3) کما يلي:

جدول (3)

قيمة معامل الثبات بطريقة ألفا – کرونباخ  (ن = 81)

ويتضح من نتائج إعادة تقنين المقياس حصوله على مؤشرات مرتفعة من الصدق والثبات مما يجعلنا نثق في خصائصه السيکومترية.