التعبير عن رموز الثورات في مصر ودورها في إثراء التصوير المعاصر

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 باحثة ماجستير بقسم التربية الفنية

2 استاذ التصوير بکلية التربية الفنية جامعة حلوان

3 مدرس الرسم والتصوير بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية جامعة المنصورة

المستخلص

الملخص
العمل الفنى لکى يکون ناجحا ..لابد وان يحمل شيئا من الانفعال والمشاعر التى استثارت الفنان فى العالم المحيط به وبدون هذه المشاعر التى تحملها الاشکال والعناصر لايحقق الفنان فنا. لذلک الفن التشکيلى وخاصة فن التصوير يشترک مع غيره من الفنون الاخرى فى ابراز تصور ما او استثارة عاطفة او تاکيد تجربة . و الفن التشکيلى رصد وعبر عن کل الحرکات السياسية فى الفترة الاخيرة وخاصة ثورتى 25 يناير و30 يونيو وتمثل ذلک فى اعمال کثير من الفنانين امثال الفنان طه قرنى حيث رصد لقطات مختلفة من اجواء الثورة وعبر عنها بجداريات تحمل روح الثورة. تطلق الثورات الشعبية الکثير من الطاقات الإبداعية للشعوب، وإذا کان يقاس نجاح أو فشل الثورات بتحقيق أهدافها السياسية والاجتماعية ؛ فإن العامل الثقافي وتغيير ثقافات الشعوب، أو کما نقول «تحرير العقول»، يعتبر من الإنجازات الهامة التي تقاس بها حيوية الثورات من عدمها.
تعتبر الأعمال التشکيلية عامة وفن التصوير خاصة تعبيرا ومصدرا هاما لتشريح الرؤية الفلسفية والعقائدية والفکرية للمجتمع. وعبرت أعمال التصوير التى واکبت فترات الثورات فى مصر عن شتى مجالات الحياه الاجتماية داخل المجتمع المصرى ، فمن خلال تحليل هذه الأعمال هل يمکن التوصل الى صياغات تشکيلية ومعالجات تصويرية مختلفة يمکن ان تثرى الحرکة التشکيلية المعاصرة ؟ وهل تبادل الجوانب الاجتماعية فى فترة الثورات تعتبر معين خصب للاستلهام لدى الفنان؟ ان هذه الجوانب لم يتم التوجه لها من قبل بحثيا رغم أهميتها من حيث التشکيل والفکر الابداعى.

الموضوعات الرئيسية


مقدمة:

 " اقامت السياسة علاقة فريدة مع الفن منذ منتصف القرن التاسع عشر , ومرورا بالحرب العالمية الاولى والثانية وحتى الأن , ورغم ان هذه العلاقة لم تکن مستحدثة فى کل جوانبها , فدائما کان للأحداث السياسية تأثير بالسالب او الايجاب على الفنان , فالفن يرتبط دائما بالظروف الاجتماعية ويتطور وفقا لقوانينه , لذلک لا يمکن دراسة الفن بصفتة ظاهرة مستقلة او منفردة بل يجب ان نربط بين الفن وبين الخلفية الاجتماعية للانسان الذى انتج هذا الفن بما يحويه من عوامل اقتصادية وثقافية وسياسية وتاريخية " .[1]

 فالفنان تعهد بالتعبير عن قضايا الانسان المختلفة واماله واحتياجاته ومشکلاته . ويؤکد التاريخ الاجتماعى للفن ان الاشکال الفنية لا تنشا عن وعى فردى فقط , وانما هى ايضا تعبير عن نظرة يحددها المجتمع تجاه العالم [2], والفنان فرد من افراد المجتمع يتاثر بما يحيطه من مشکلات يحب ويکره يقبل ويرفض.

 والعمل الفنى لکى يکون ناجحا ..لابد وان يحمل شيئا من الانفعال والمشاعر التى استثارت الفنان فى العالم المحيط به وبدون هذه المشاعر التى تحملها الاشکال والعناصر لايحقق الفنان فنا..

لذلک الفن التشکيلى وخاصة فن التصوير يشترک مع غيره من الفنون الاخرى فى ابراز تصور ما او استثارة عاطفة او تاکيد تجربة . و الفن التشکيلى رصد وعبر عن کل الحرکات السياسية فى الفترة الاخيرة وخاصة ثورتى 25 يناير و30 يونيو وتمثل ذلک فى اعمال کثير من الفنانين امثال الفنان طه قرنى حيث رصد لقطات مختلفة من اجواء الثورة وعبر عنها بجداريات تحمل روح الثورة.

تطلق الثورات الشعبية الکثير من الطاقات الإبداعية للشعوب، وإذا کان يقاس نجاح أو فشل الثورات بتحقيق أهدافها السياسية والاجتماعية ؛ فإن العامل الثقافي وتغيير ثقافات الشعوب، أو کما نقول «تحرير العقول»، يعتبر من الإنجازات الهامة التي تقاس بها حيوية الثورات من عدمها.

 وقد قدمت – على سبيل المثال - ثورة مصر في عام 1919م العديد من الأمثلة على صحة هذه المقولة. فبصرف النظر عن الإنجازات السياسية؛ من إعلان المملکة المصرية، فضلاً عن صدور دستور 1923، وصولاً إلى مجلس نيابي منتخب ووزارة الشعب بقيادة زغلول، إلا أن التحولات الثقافية للثورة لم تکن تقل في الأهمية عن مثيلاتها السياسية؛ حيث ساعدت الثورة على سطوع نجم فنان الشعب « سيد درويش»، الذي تعتبر أغانيه -حتى الآن وبحق- أغاني الثورة المصرية.[3]

وأعاد المثَّال «محمود مختار» إلى الحاضر من جديد سُنة الأجداد (فن النحت)، هدية مصر القديمة إلى الإنسانية. وکان تجلي إبداع مختار في تمثال «نهضة مصر»، الذي جمع فيه الماضي والحاضر معًا، من استلهام لحضارة مصر القديمة واستشراف لمصر الحديثة؛ إذ جمع بين مصر الفلاحة التي تستند إلى تراثها الفرعوني المجيد. 

 ولقد شهد القرن العشرين احداث غاية في الاهمية, فقد اندلعت ثورة 1919بقيادة سعد زغلول زعيم الحرکة المصرية الوطنية .. وقد کان مصطفى کامل ومحمد فريد بمثابة الشعلة التى انارت هذه الثورة بقيادة زعيم الامة سعد زغلول وکان من ابرز نتائجها حصول مصر على وعد بالاستقلال بعد ثلاث سنوات , مقابل ابقاء قوات بريطانية فى مصر.

و نرى من أعمال الفنانين المصريين فى لوحة " الجوع " ( شکل 1 ) لعبد الهادى الجزار والتى تضم مجموعة من الرجال والنساء والاطفال يقفون صفا واحدا ويرتدون ملابس بالية , وقرب الجدار تقف صبية بلون الياسمين تقاوم انکسارها بنظرة محلقة فى الافق وانحنائة فى ساقها وتبدو واقفة بثبات ملفت للانتباه فهى الوحيد بينهن التى تعلق حلية فى ساقها , هى المتمردة الوحيدة المتعالية على الأمها المتجردة کالحقيقة تصدم العين وتخدش الضمير بشموخها وعريها وغضبها المتوارى بين قسمات وجهها, وأخرى منتقبة والثالثة شعرها اشعث والرجال يرتدون ملابس نسائية دليل على هوانهم وامامهم اطباق فارغة فى مشهد اجمالى يعکس واقع اغلب المصرين أنذاک .[4]

مشکلة البحث :

تعتبر الأعمال التشکيلية عامة وفن التصوير خاصة تعبيرا ومصدرا هاما لتشريح الرؤية الفلسفية والعقائدية والفکرية للمجتمع. وعبرت أعمال التصوير التى واکبت فترات الثورات فى مصر عن شتى مجالات الحياه الاجتماية داخل المجتمع المصرى ، فمن خلال تحليل هذه الأعمال هل يمکن التوصل الى صياغات تشکيلية ومعالجات تصويرية مختلفة يمکن ان تثرى الحرکة التشکيلية المعاصرة ؟ وهل تبادل الجوانب الاجتماعية فى فترة الثورات تعتبر معين خصب للاستلهام لدى الفنان؟ ان هذه الجوانب لم يتم التوجه لها من قبل بحثيا رغم أهميتها من حيث التشکيل والفکر الابداعى.

لذلک يمکن عرض مشکلة البحث فى التساؤل التالى:

  • ما امکانية اسهام فن التصوير فى التعبير عن نبض المجتمع المصرى أثناء الثورات فى مصر؟

أهمية البحث :

  • تتمثل اهمية البحث فى توضيح دور فن التصوير وتأثيره على المجتمع .
  • تاکيد الدور النفعى العائد على المجتمع من خلال استخدام فن التصوير فى التعبير عن الثورة
  • طرح رؤى جديدة للوحات التصويرية التى تمت اثناء الثورات فى مصر .

أهداف البحث :

  • التعرف على بعض الأعمال التصويرية لشتى افراد المجتمع المصرى للتعبير عن الثورة سلبيا او ايجابيا .
  • الکشف عن اساليب التعبير عن الثورات فى فن التصوير .
  • البحث عن الابداعات التشکيلية والجوانب الفکرية فى فن التصوير فى ثورتى 25 يناير و30يونيو .

فروض البحث :

  • هناک علاقة بين فن التصوير و التعبير عن الثورات فى مصر .

حدود البحث:

  •  الثورات المصرية فى العصر الحديث (من ثورة 1919 وحتى ثورة 2013)

منهج البحث :

المنهج الوصفى

يقوم على دراسة وتحليل مدى تاثير فن التصوير على سلوک الأفراد فى المجتمع سلبيا او إيجابيا .

الإطار النظرى .

  • دراسة القيم التعبيرية لبعض الأعمال التصويرية المرتبطة بالثورات المصرية .
  • دراسة بعض أعمال الفنانين المصريين والأجانب التى کان لها دور فى التعبير عن سلوک الأفراد داخل المجتمع أثناء الثورات .

الإطار التطبيقى .

  • تجربة ذاتية تقوم بها الباحثة للتأکيد على صدق وسلامة الفروض و تحقيق أهداف البحث

مصطلحات البحث .

-     التعبير(Expression):

 "هو الحالة المادية أو المعنوية التى يؤديها الفرد نتيجة تعرضه لمثير من المثيرات فتحرک وجدانه بالإيجاب أو السلب فتترک فى ذاته دافع يدفعه لأداء عمل أو رد فعل معين ويختلف هذا الأداء ( التعبير ) بإختلاف الموقف ( المثير ).والتعبير عن طريق الفن سلوک يسلکه الانسان وهو شىء فطرى يدعمه إستعداد الفرد وموهبته , وقد تجد حاجات الإنسان اللا شعورية مشقة فى نقل مطالبها الى مجال الشعور لإدراکها , وکثير ما تصطدم بالعقبات عند الرغبة فى تحقيقها فيحبط أصحابها , ويحتاج الأمر وقتها الى يجاد الحلول المناسبة لإعادة الإتزان النفسى إليهم وحيث لا مجال لغير التعبير الفنى کوسيلة لتنفيس المکونات الداخلية , نجد ما تتميز به التربية الفنية کموجه للسلوک الذى يجمع فى أدائه بين الشعور واللاشعور." [5]

 

-     الثورةRevolution)):

مجموعة من التوترات الاجتماعية والسياسية بسبب التدهور التدريجى لقيم المجتمع, وهى عملية قلب للسلطة , مما يؤدى الى تولى المتطرفين السلطة ثم تهدأ الأمور. وقد شبهت الثورة بحمى ترتفع بسبب شکاوى شعب ما. ومن اعراض هذه الحمى انهيار هيکل السلطة ,ثم يصبح واضح ان الشعب لايتحمل هذه الحمى وتحل سلطة افضل محل هذا الاهتياج ويصبح الشعب اسعد. وفکرة برينتن عن الثورة هى انها فى الحقيقة جدول معين للاحداث التى يفترض انها تحدث وانها تظهر التغير.[6]

-     التصوير المعاصر(contemporary art ):

تعريف الفن المعاصر(فن ما بعد الحداثه) هو الذى يضم الاتجاهات والمذاهب والتيارات الفنية التى ظهرت فى الغرب منذ ما بعد الستينات فى القرن العشرين وحتى نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادى والعشرين, والتى مازال مبدعوها ينشطون ويعمبون حتى الوقت الحالى , وهو الفن الذى يعاصرنا ونستطيع ان ندرکه ونتفاعل معه بشکل مباشر, ومصطلح ما بعد الحداثة يشمل کل المدارس والتيارات التالية لما هو حديث, وهو فن استحالة التحديد, وفن التجميع والمعارضة (محاکاة الاشکال السالفة ومزجها), وفن المجاز والرمز, ولقد ظهرت اتجاهات فنية وتشکيلية مختلفة فى فترة ما بعد الستينات فى الفن المعاصر منها:

فن المفاهيم المطلقة, فن ما بعد المفاهيم المطلقة, فن الاختصارية, فن الدادائية المحدثة, فن الاداء, فن المحيط او البيئة ,فن الاعمال المرکبة , فن الجسد, الفن الجماهيرى وفن الفيديو.[7]

الاطار النظرى:

اولا: التعبير والوصف:

اکدت العديد من الدراسات النقدية على وجود فارق بين التعبير عن الانفعال ووصف الانفعال ذاته، فعندما يقول شخص ما انه غاضب فهو فى هذه الحالة يقوم بوصف انفعاله بالغضب. اما عندما يقوم بالتعبير عن الغضب فالامر هنا يختلف، فلا يکون عن طريق ذکره لکلمة الغضب فى حديثه فقط، بل يتحل فى هذه الحالة الى الکشف عن جوانب الغضب المتعددة والمختلفة وعلاقاته بالمثير الذى احدث هذه الحالة مستعينا بالوسائط التى يملکها-وهى فى ذات الوقت لا تتوفر للشخص العادى-الذى لا يملک الا الوصف، اما عن الفنان فالامر يختلف کلية، فيتحول الغضب الى هيئة عمل فنى، کما يجب الاشارة الى اختلاف درجة التعبير عن الغضب من فنان لاخر، کل حسب قدراته وامکاناته فى کيفية الانفعال بالغضب اولا وتحويل هذا الانفعال للمشاهدين. کما ان نفس الحاله قد نراها عند قرائتنا بعض الاعمال الشعرية فهناک امال لشعراء قد نقبل على قراءتها دون غيرهان ويرجع ذلک لما تتضمنه فى کم الاحاسيس التعبيرية التى استطاع الشاعر بمهاراته ان ينقلها الينا کقراء، فالفنا التشکيلى او الشاعر لا يقوم بتقديم انفعالاته بطريقه وصفيه نمطية بل يقوم کل منهما بعملية دمج بين الموضوع المراد التعبير عنه والذات المبدعة- بطريقه ما من خلال توظيف مهاراته فى نقل هذا الاحساس.[8]

ثانيا: أثر المضمون الاجتماعى على السمات التعبيرية:

يعکس اى نظام اجتماعى من خلال اعماله الفنية رؤاه ومواقفه وعلاقاته ، ويؤکد هاوزر على ذلک بقوله ان "التاريخ الاجتماعى للفن يؤکد ان الاشکال الفنية ليست مجرد اشکال نابعه من الوعى الفردى وانما هى ايضا تعبير عن نظرة الى العالم يحددها المجتمع"[9] وهنا يکون تعبير العمل الفنى عن موقفه تجاه هذا الوجود، والذى يحدد الموقف ويفسره هو الواقع الطبقى فى هذا النظام لما له من قدرة على توجيهها.

وحينما حاول فن البورتريه المصرى المنحوت عرض الموضوع فى اوضح صورة، فانه کان فى هذا يعکس صورة الواقع فى شکله المرئى ومضمونه الاجتماعى ، وکان دوره يتمثل فى تجسيد التکوين الايديولوجى للمجتمع ،وذلک من خلال تمثيل الملوک والافراد(عامة الشعب)، لقد ظهر نتيجة التقسيم الطبقى فى المجتمع المصرى القديم اسلوبان فى تنفيذ وجوه التماثيل هما (الواقعية المثالية) والتى تمثل طبقة الحکام الارستقراطية وعلى راسهم الملک وهو ما يعرف بالفن الرسمى ،حيث لا مکان فيه لجموح الخيال ، ولذلک کان الانطلاق من الواقع ليصوره فى احسن صورة، اما الاسلوب الاخر والذى يتصل بالطبقات الدنيا من لشعب يعرف بالفن غير الرسمى او الشعبى فکان يوفر قدر اکبر من الحرية للفنان فى التعبير عن الواقع کما هو بکل عيوبه ومميزاته[10] .

ثالثا: البعد الاجتماعى للرمز فى فنون الحداثة:

يرتبط الفن دائما بالظروف الاجتماعية، فهو شکل من أشکال النشاط الاجتماعى ونتيجة للتطور الانسانى فهو يمثل ثقافة الانسان ککائن اجتماعى يعمل على تغير الطبيعة ويتطور وفقا لمتطلبت المجتمع أحداثه ، فکل فن وليد عصره يمثل الانسانية بقدر مايتلائم مع الأفکار السائدة.\ويؤکد التاريخ الاجتماعى للفن أن الاشکال الفنية ما هى الا نظرة يحددها المجتمع تجاه العالم ککل وبذلک يخضع الفن "لايديولوجيات" خاصة تقوم على أسس اجتماعية، ويتضح دور العمل الفنى فى امکانية تجسيد الفن لأفکار محددة فلسفية مرتبطة بالحياه الواقعية وبالحاجات العملية فى صورة فنية من شأنها التأثير على المشاهد، فيتضمن العمل مضمون "ايديولوجى" يعبر عن مواقف معينه ويصبح مراه للثقافة وأحد دعاماتها. فالفن لغة نوعية تعبر عن حاجة الانسان الى الابداع والابتکار، فهو بحجاه لجمالية تتوائم معه وتنتسق مع متطلباته وبالتالى تختلف الحاجه الى الجمالية والاحساس الجمالى عبر العصور، غير ان الفن بمعنى أبعد من هذا المدى "اذ يجعل من اللحظة التاريخية المحددة لحظة من اللحظات الانسانية لحظة تفتح الامل نحو تطور متصل"[11]

وقد وعى الفنان الحديث بذاته وبدوره التاريخى ، مؤکدا على القيم الجمالية ووصولا الى فکرة أساسية قد تکون تلک الفکرة من استلهام الفنان لرموزه من بعض الفنون کالاسلامى او الفرعونى ، ولکن برؤية ذاتية بحيث يغي من مظهرها الواقعى لينفذ لى جوهرها من خلال التعبير بالرمز عن مضمون ودلالات محددة ،او التعبير عن مضمون من الواقع الاجتماعى للمجتمع الذى يؤثر تأثرا قويا على ذاتيته فيؤکد "دور کايم" فى النظرية الاجتماعية بان الفن ظاهرة اجتماعية وانه انتاج يخضع لظروف المکان والزمان فيختلف تبعا لطبيعة العصر والمجتمع ، فهو عمل يحتاج الى أصول خاصة به وله مدارسه ولا يبنى على العبقرية الفردية فقط کما أنه اجتماعى يتطلب جمهور يعجب به ويفضله.[12]

رابعا: موقف الشباب من الحرکات الفنية العالمية :

لقد اثبت تقدم العدد الهائل من شباب الفنانين للتسابق والتنافس فى صالون الشباب على مدى دوراته المتتالية .. الى مدى التشوق للنشاط الفنى والوجدانى الذى يعمل على تاکيد الذات وصقل النفس وارتقاء الذوق .

فى صالون الشباب يتم لمس قدر کبير من الحرية فى التعبير والاداء والتفکير فى شتى فروع الفن التشکيلى ، کما يلمس ثورة الشباب على کل ما هو مالوف ومقنن ، وفى نفس الوقت ترتبط بواقع المجتمع وتقاليده الفنية.

ان الاعمال الفنية المتسابقة التى تعرض فى صالون الشباب هى انعکاس مباشر لحرکة المجتمع وما يعتمل فى اعماقه من اراصات تنبىء بحالة رفض للاساليب التقليدية فى المعالجة التقنية ، والتى سيتحدد معها ملامح الاجيال القادمة[13].

خامسا: تتبع الاتجاهات الفنية البارزة فى ابداعات الشباب:

ان الاتجاهات والمدارس الفنية تعد بمثابة معين لا ينضب لدارسى الفن وتطبيقاته المختلفة،وخاصة الفنان التشکيلى الذى يحتاج الى الجدة والاصالة معا ، حتى يبتکر افکارا تشکيلية تتواکب مع متغيرات العصر المتلاحقة. هذه الافکار تتسم بالحداثة والقدرة على جذب انتباه المتلقى والاستحواذ عليه اکبر فترة ممکنة واشباع رغبته فى الفضول والاستطلاع والمعرفه بتوظيف العناصر والأشکال بأسلوب غير مألوف يتسم بالغرابة والغموض، داخل اطار الاتصال البصرى وتحقيق اهدافه بالاضاففة الى استنادها الى جذور فنية يبنى عليها الفنان المبدع مستحدثاته الفکرية فيجمع بذلک بين الأصالة والمعاصرة[14].

ولأن موضوع البحث يهتم بأن يکون العمل الفنى متلائما مع الطاقة الذهنية للمتلقى المعاصر ،ومستوى ادراکه، ووعيه ، وذکائه عن طريق تقديم أعمال فنية تعتمد على قيم الخيال والحرکة والخداع البصرى وبعض القيم الرمزية.. لزم التعرض للمضمون الفکرى، الاسس البنائية الفلسفية لبعض المدارس الفنية التى رؤى انها تخدم الأساس الفلسفى للبحث ،والذى سيبنى عليه الجانب التطبيقى.

ووجد ان هناک ثلاث مدارس فنية ذات صلة وطيدة بمکونات الفکرة الأساسية لموضوع البحث هى السيريالية،الرمزيه،التجريدية، وماتحمله هذه المدارس من رؤى خيالية ،واساليب تصميمية ، وقيما فنية اعتمدت على الخيال والتجريب بالاضافة الى الدلالات الرمزية ،والاستفادة من تجارب هذه المدارس مما يساعد فى بناء استراتيجية بصرية جديدة.[15]

سادسا: البعد السياسى للرمز فى فنون الحداثة:

اتخذ الفنان الحديث من عمله الفنى أداة لتوصيل الانفعال والمعنى الى المتلقى وقد حدد ذلک أفلاطون" حيث وصف الفن بأنه يروى الانفعالات الصارمة ، أما التشخيص والرمز هما الطريق الأمثل لنقل المعانى والأفکار الى المتلقى مع الامتاع الروحى"[16]

وارتباط الفن بالحياه ظهر منذ القدم، اتخذه الفنان للتعبير عن أحداث عصره ليرفع رؤية المشاهد الى أفاق ارحب من المستوى الضيق الواقعى، فالحياه الانسانية هى مصدر الالهام للفنان،وبالرمز يتاکد مضمون العمل عندما يتفاعل معه المتذوق ايجابيا ويتذوقه بحالة تجمع بين الشعور واللاشعور فى أن واحد وکلما کان المضمون مرتبط بالرمز ازدادت أصالة العمل الفنى وارتفعت القيمة التشکيلية المدرکة وازدادت الشحنة الانفعالية المنبعثة من العمل الفنى فى أصالة معبرة عن شخصية الفنان فى ايصال مضمونه للمتلقى فى ادراک واحساس وانصهار مع تجربته الفنية فى العمل الفنى.

وبذلک اصبح للعمل الفنى تأثير قوى ومحرک لمجريات الحياه والمجتمع، فبالرمز کانت وسيلة الانسان للتعبير عما حوله أو السيطرة عليها لذلک کان محط انتباه الکثير من المفکرين والفنانين وتعددت تفسيراته، فمنذ بدء الخليقة والصراعات الانسانية تتخذ أشکالا متعددة وذلک تبعا لاختلاف الازمنه، فعبر عنها الفنان البدائى داخل الکهوف وصراعه من اجل البقاء ضد الحيوان والانسان.

وتطورت الاحداث السياسية وتحولت الى حروب مما انعکس اثره على حياة الشعوب وتداعت القيم الانسانية وتأثر الفنان بها مما جعله يسجلها فى اعماله الفنية، فقد اصبحت مصدر الالهام له يعبر عنها باساليب متعددة منها ما يقترب من الواقع ومنها" ما يتحول الى مجرد علامات فتکتسب عمقا لا يجعلها تشير الى شيئ اخر سوى العمل وکذا نجد ان الموضوعات المصورة حينما توضع فى خدمة التعبير الکلى فانها سرعان ما تتلاشى فى صميم ذلک المعنى الذى يتجاوزها ويعلو عليها جميعا"[17]

وقد انبثقت فى الفن الحديث اشکال رمزية جديدة تعبر عن الاحداث السياسية ،فأصبحت مهمة الفنان هى التعبير عن الواقع الداخلى وعن الخبرات الوجدانية فظهرت تعبيرات الفنانين مبتعدة عن الواقع الخارجى محملة بالرموز، وقد کان تأثير الثورة الصناعية کبير، حيث استحوذت التقنيات الحديثة والطابع العقلانى الرياضى والواقعية المادية على الفنان مما ادى الى تحدى فنانى الحداثة قيم الطبقة المتوسطه بتصوير موضوعات جديده فى اساليب جديدة تبدو متغيرة مما شجع الفنان على التجريد فظهرت المدارس الفنية المختلفة.

سابعا: الرمزية الاجتماعية للفن والثقافة الشعبية:

عبر فنانى ما بعد الحداثة عن الثقافة الشعبية من خلال استخدامهم لللوسائل الاکثر تداولا والاقل جمالية کالصور الفوتوغرافية وعلب حفظ المواد الغذائية دون اى افکار مضافة کرمز لتقبل الواقع الاجتماعى المعاصر کما اتضح فى فن البوب POP Art.

"فى فرنسا سمى فناون البوب بالواقعين الجدد للبحث عن الاشياء الواقعية الحقيقية أو تکون مطابقة لوجودها المادى فى اعمالهم باعتبار الشىء نفسه عملا فنيا ، وببعدها عن محيطها يفقدها دلالتها الوظيفية وتصبح ذات دلالة تعبيرية ورمزية فى العمل الفنى"

[18]

شکل رقم (1) لوحة "الجوع "  الفنان المصرى عبد الهادى الجزار

ألوان زيتية على توال 1948م واعيد رسمها 1951(مصر)

 

شکل رقم (2) لوحة "ثورة 25 يناير"

للفنان طه قرنى

الاطار العملى:

 

الخامه: الوان زتية على قماش ابعاد اللوحة 120×80

الاسلوب المستخدم: التعبيرى

 

الخامة: الوان زيتية على قماش ابعاد اللوحة 120×80

الاسلوب المستخدم : التعبيرى

 

الخامة: الوان زيتية على توال ابعاد اللوحة 120×80

الاسلوب المستخدم: الاسلوب التعبيرى

 

الخامة:الوان زيتية على توال ابعاد اللوحة 120×80

الاسلوب المستخدم:الاسلوب التعبيرى

النتائج والتوصيات:

اولا النتائج

1- ان الثورات تفرز فنا وفنانين دائما ما تشعل وجدانهم وتثير حماسهم للابداع ,تعد الثورات مفصليات في تاريخ الثورات المصرية. وکان فن الجرافيک سلاحا هاما في المعارک الثورية.

اتضح من خلال البحث ان التغيرات التى حدثت في حياة الشعب المصرى بعد قيام ثورة 25 يناير و30 يونيو مما ادى الى تنمية الوعى القومى بين العمال والمثقفين فکانت هناک محاولة لخلق فن حقيقى يعکس الشخصية والثقافة القومية وميلاد هذا الفن کان على يد فنون الطباعه وفنون التصوير الجدارى.

2- سعى هذا البحث الى تحقيق تاصل فى التصوير الهزلى والکشف عن جذور فى الفنون القديمة , ودراسة الابعاد التعبيرية والدلالات الرمزية والقيم الفنية للرسوم الهزلية فى الفنون القديمة والحديثة, وکذلک دراسة فن التصوير الهزلى کاتجاه فنى لتناول القضايا المجتمعية.

ثانيا التوصيات

1- التأکيد على القيم الجمالية للرسوم الجرافيتية والاستفادة منها کمدخل للتعبير فى فن التصوير لدى طلاب التربية الفنية . والکشف عن قدرات الطلاب فى التصوير من خلال الاستفادة من الرسوم الجرافيتية , و الکشف عن القيم التعبيرية للرسوم الجرافيتية.

2- التأکد من امکانية تصميم مدخل لتنمية مهارات التصوير لدى طلاب التربية الفنية مما يؤکد ان هناک مداخل متتعددة لتنمية مهارات التصوير والتعبير فى التصوير لدى المتعلمين وکل مدخل يرکز على بعد مختلف وينمى مهارات التصوير فى مجالات التصوير المختلفة , الاهتمام باکساب الطلاب مهارات وتقنيات متجددة ومعاصرة فى فن التصوير. و اعادة النظر فى برامج ومناهج التربية الفنية بهدف تنمية مهارات التصوير.



https://www.rwaq.org/courses/modernism-in-the-visual-arts1

[2]محسن عطية: الفن والحياه الاجتماعية – دار المعارف المصرية , القاهرة , 1997 م , ص15

[3]http://www.albawabhnews.com/8142

[4]صبحى الشارونى : عبد الهادى الجزار فنان الاساطير الشعبية وعالم الفضاء , الدار القومية للنشر ,القاهرة,1966

[5]محمود لطفى بکر: التعبيرية فى صور الطيور والحيوانات فى الفن المصرىالقديم کمدخل لتدريس التصوير لطلاب التربية الفنية , رسالة دکتوراه غير منشورة ، کلية التربية النوعية- جامعة المنصورة, 2006 .

[6]کرين برينتن : تشريح الثورة, ترجمة سيمر الجبلي , دار الفاربى, الطبعة الاولى 2009,ص7

[7]حسن محمد حسن:الاسس التاريخية للفن التشکيلى المعاصر,ج1,دار الفکر العربى ,1982 ,ص132 .

[8]روبين کولنجوود،مبادىء الفن،ترجمة احمد حمدى، مراجعه على ابراهيم، الدار المصرية للتاليف والترجمة ،1966،ص146.

[9]أرنست شيفر – ضرورة الفن- ت.اسعد حليم ،القاهرة ، الهيئة المصرية العامه للتاليف والنشر -1971 –ص156.

[10]هالة احمد عبد السميع عمارة :السمات الفنية والتعبيرية للوجوه الشخصية فى التماثيل المصرية القديمة وتاثيرها فى فن النحت المصرى المعاصر: رسالة ماجستير ،کلية التربية الفنية ،جامعة حلوان ،ص 88 ،89

[11]ارنست فيشر 1986"ضرورة الفن"، ترجمة أسعد حليم بالهيئة المصرية العامة للکتاب،القاهرة ص14.

[12]نبيل عبد السلام محمد 1994"مختارات من الفن المصرى المعاصر التى عبرت عن الاحداث القومية کمدخل للتذوق الفنى" رسالة ماجستير ،کلية التربية الفنية،جامعة حلوان،ص17

[13]علا مصطفى حسين کمال :تأثير البيئة وثقافة العصر فى اعمال الفنانين الشبان من خلال معارض صالون الشباب،رسالة ماجستير،کلية التربية الفنية،جامعة حلوان ،2003،ص19،20

[14]علا مصطفى حسين کمال: مرجع سابق ،رسالة ماجستير، کلية التربية الفنية، جامعة حلوان،2003،ص68

[15]علا مصطفى حسين کمال:تأثير البييئة وثقافة العصر فى أعمال الفنانين الشبان من خلال معارض صالون الشباب، رسالة ماجستير،کلية التربية الفنية ،جامعة حلوان،2003ص70

[16]مختار العطار"أفاق الفن التشکيلى على مشارف القرن الحادى والعشرين"،دار الشروق،الطبعة الأولى،2000،ص39.

[17]زکريا ابراهيم،مشکلة الفن،دار مصر للطباعة،1997،ص37.

[18]http://www.ahram.org.eg

المراجع:
اولا (الکتب)
1.  حسن محمد حسن: الاسس التاريخية للفن التشکيلي المعاصر,ج1,دار الفکر العربى ,1982.
2.  کرين برينتن : تشريح الثورة, ترجمة سيمر الجبلى , دار الفاربى , الطبعة الاولى 2009
3.  محسن عطية: الفن والحياه الاجتماعية – دار المعارف المصرية , القاهرة , 1997 م .
4.  صبحى الشارونى : عبد الهادى الجزار فنان الاساطير الشعبية وعالم الفضاء , الدار القومية للنشر ,القاهرة,1966
ثانيا (الرسائل العلمية)
1.  احمد محمد السيد امام :الخيالالاسطورى کمصدر للاستلهام فى التصوير العربى المعاصر وابعاده التعبيرية والفلسفية, رسالة دکتوراه غير منشورة , کلية التربيه الفنيه , جامعة حلوان,2008
2.  داليا محمد يحيى عبد الحفيظ: دور فن الجرافيک فى ثورات العصر الحديث , کلية الفنون الجميلة, جامعة حلوان 2014.
3.  داليا عبد الحکيم عزب :الرسوم الجرافيتية بفلسطين کمدخل لاثراء تدريس التصوير لطلاب التربية الفنية, کلية التربية الفنية , جامعة حلوان 2013 .
4.  محمود لطفى: التعبيرية فى صور الطيور والحيوانات فى الفن المصرى القديم کمدخل لتدريس التصوير لطلاب التربية الفنية , رسالة دکتوراه غير من مشورة ، کلية التربية النوعية- جامعة المنصورة, 2006 .
5.  نهير رمضان عبد الحميد الشوشانى :التصوير الهزلى والمعاصرة فى الفنون القديمة کأسلوب لتناول بعض القضايا المجتمعية, کلية التربية الفنية ,جامعة عين شمس 2011.
6.  رحاب محمد عبد المنعم: التصوير الجدارى فى المجتمعات البدائية المعاصرة فى استراليا وعلاقته برسوم الکهوف, کلية الفنون الجميلة , جامعة المنيا,2011 .
ثالثا (مواقع الانترنت)
2.  http://www.albawabh news.com/8142
3.  https://www.google.com.sa/search
4.  https://www.google.com.sa/search