قضايا التغير الاجتماعي في بعض مسرحيات مسرح الطفل في فترة الثمانينات

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 المدرس المساعد بقسم الإعلام التربوي کلية التربية النوعية جامعة المنصورة

2 أستاذ الديکور والفنون التعبيرية المتفرع بکلية الفنون الجميلة -جامعة حلوان والرئيس الأسبق لقسم علوم المسرح کلية الأداب - جامعة حلوان

3 أستاذ الإعلام والمسرح التربوي المساعد ورئيس قسم الإعلام التربوي سابقا کلية التربية النوعية -جامعة المنصورة

المستخلص

الملخص
هدفت الدراسة إلى التعرف على قضايا التغير الاجتماعي فى النصين المسرحيين "الطيب والشرير 1981 " و" التعلب فات 1990 , والکشف على طرق المعالجة الدرامية لقضايا التغير الاجتماعى فيهما ، واستخدمت الدراسة المنهج التحليلى النقدى الموضوعى، وأداة تحليل المضمون لتحليل عينه عمدية قوامها نصين مسرحيين تم عرضهما على المسرح القومى للطفل فى فترة الثمانينات
وتوصلت إلى:
ساهمت مستجدات التغير الاجتماعى فى اختيار القضايا للنصين المسرحيين وتبلورت القضية الرئيسية فى نص "الطيب الشرير 1981" حول السلام المصرى الإسرائيلى، بينما فى نص "التعلب فات 1990" حول: إنهاء الصراع العربى مع الکيان الصهيو أمريکى بالوحدة والتکامل والنضال.

الموضوعات الرئيسية


مقدمة:

اکتسب المسرح مصداقية عالية عبر الزمان، من خلال تفاعله مع التغيرات التي تطرأ على المجتمع وطرحه للقضايا الراهنة فيه، وقد استغله المثقفون أحيانا فى انتقاد الأوضاع السائد فى المجتمع، کما استخدمه السياسيون والمصلحون الاجتماعيون – لإحداث تغيير للأنماط المجتمعية المتعارف عليها .

ومن المسلم به أن مسرح الطفل هو فن من فنون المجتمع التي تعکس واقعه وتطرح طموحاته، وهو کظاهرة اجتماعية يخضع بدوره لکل ما يصيب المجتمع من تغيرات، بل يساهم بشکل کبير فى تنشئة الأطفال بصورة اجتماعية ونفسية سليمة - إذا أحسن توظيفه.

وقد ارتبط مسرح الطفل فى مصر منذ ظهوره في المدارس بالمجتمع، وما يدور فيه من أحداث وتغيرات؛ فکان يهدف إلى تمرين الطلاب على أساليب الخطابة والجدل وبث الروح الوطنية فى نفوسهم أثناء الاحتلال الانجليزي لمصر .

 وإذا کان هذا المسرح قد جسد تغيرات المجتمع، وقضايا العصر التي لحقت به منذ بداية نشأته، فالأولى به الآن أن يساهم في تشکيل وعى الأطفال، ويمدهم بما يدور في مجتمعهم ووطنهم من قضايا وتغيرات في کافة جوانبه باعتباره فنا جامعا لکل الفنون .

مشکلة :

شهد عقد الثمانينات کثيرا من التغيرات الکبرى نجم عنها تحولات جديدة على جميع المستويات المحلية, والعربية, والإقليمية, والدولية، وخاصة أنه مرحلة انتقالية بين حرب أکتوبر عام 1973، وسياسات الانفتاح الاقتصادي على الدول الغربية واتفاقية السلام المصري الإسرائيلي عام 1979، وبين انهيار وتفکک الاتحاد السوفيتي عام 1991وتحول العالم من ثنائية القطبين إلى القطب الأحادى وظهور الهيمنة الأمريکية بشکل متفرد.

کل هذه التغيرات ساهمت فى ظهور العديد من القضايا التى فرضت نفسها على الواقع الاجتماعي المصرى بکل متغيراته الاجتماعية, والتربوية, والاقتصادية, والسياسية, والأدبية, والفنية, والثقافية... وغيرها کما أثرت بطريقة أو بأخرى على واقع مسرح الطفل وخطاباته المسرحية فى تلک الفترة سواء بشکل مباشر أو غير مباشر. وباعتبار أنه وسيلة مهمة من وسائل التنشئة الاجتماعية، ووسيلة فعالة لمواجهة التغيرات والتحولات عبر التاريخ. وجب عليه إمداد هؤلاء الأطفال بکل ما يمکنهم من مواکبة هذا الواقع المتغير؛ ولکن بما يخدم مصلحة الوطن والأمة العربية لذا تحاول هذه الدراسة التعرف على قضايا التغير الاجتماعي فى مسرح الطفل فى مصر خلال فترة الثمانينات .

 من هذا المنطلق تتبلور مشکلة الدراسة فى التساؤل الرئيسي التالي :

ما مدى انعکاس قضايا التغير الاجتماعي على بعض مسرحيات الطفل فى مصر فى فترة الثمانينات ؟

ويتفرع من هذا التساؤل عدة تساؤلات فرعية تتمثل في :

- ما أهم قضايا التغير الاجتماعي التى عالجها کتاب المسرح فى نصى الطيب والشرير 1981 والتعلب فات 1990اللذين تم عرضهما على مسرح الطفل فى فترة الثمانينات ؟

- ما طرق المعالجة الدرامية لقضايا التغير الاجتماعى فى نصى الطيب والشرير 1981 والتعلب فات 1990 اللذين تم عرضهما على مسرح الطفل فى فترة الثمانينات ؟

أهداف الدراسة :

-   التعرف على قضايا التغير الاجتماعي فى النصين المسرحيين موضوع الدراسة.

-   دراسة طرق المعالجة الدرامية لقضايا التغير الاجتماعى فى النصين المسرحيين موضوع الدراسة .

أهمية الدراسة :

- تأتى أهمية الدراسة من أهمية الموضوع الذى تتناوله الدراسة, وهو قضايا التغير الاجتماعي فى النصين المسرحيين موضوع الدراسة اللذين تم عرضهما على مسرح الطفل فى مصر فى فترة الثمانينات .

-   وجود ندرة تامة فى الدراسات التى تناولت هذا الموضوع .

- قد تؤدى نتائج الدراسة إلى إعادة توجيه نظر کتاب مسرح الطفل نحو الاهتمام بقضايا التغير الاجتماعي؛ من أجل ربط الطفل بقضايا ومشکلات مجتمعه .

-    قد تفيد هذه الدراسة الباحثين فى المجال والمسئولين عن الواقع الفعلي لمسرح الطفل فى مصر.

حدود الدراسة:

تتمثل حدود الدراسة في :

-   الحدود الموضوعية: دراسة قضايا التغير الاجتماعي فى مسرحيات الأطفال فى فترة الثمانيات .

-   الحدود الزمانية : النصوص المسرحية المعروضة للأطفال فى فترة الثمانينات .

- الحدود المکانية: النصوص المسرحية التى قدمت کعروض على المسرح القومي للأطفال فى جمهورية مصر العربية فى هذه الفترة, حيث بدأت عروضه فى عام 1981.

مصطلحات الدراسة:

تتحدد مصطلحات الدراسة في التالي:

-  التغير الاجتماعي: تعرفه الباحثة إجرائيا بأنه: التغير الذي يحدث داخل المجتمع أو التحول الذي يطرأ على أي من جوانب المجتمع في مدة معينة من الزمن، وفق سياسات وخطط عامة تضعها الدولة, وقد تکون عملية التغير الاجتماعي مخططة أو غير مخططة، وکذلک يکون مصدرها إما داخلي أو خارجي.

-  القضايا: تعرفها الباحثة إجرائيا بأنها: توجهات عامة وتطلعات مهيمنة, وأهداف مستقبلية يسعى إلى تحقيقها کتاب مسرح الطفل في مصر من خلال کتاباتهم، وذلک بجعلها رؤية عامة لعدد کبير من الأطفال، وجذور هذه التوجهات, من هم يمتلکون تلک التطلعات والتوجهات سواء من الداخل او الخارج، وتتمثل في التالي :

  أ‌-  القضايا الدولية: يقصد بها الإلتجاء للنموذج الغربي من خلال استجابة الکاتب لبنود الاتفاقيات والمؤتمرات والوثائق الدولية, التي تضعها منظمات دولية عالمية مثل: منظمة اليونسکو، والجمعية العامة للأمم المتحدة ، الصندوق الدولي ..إلى غير ذلک ويحاول الکاتب تحقيق رؤيتها وأهدافها في نفوس الأطفال من خلال الخطاب المسرحي المقدم لهم.

 ب‌- القضايا المحلية: يقصد بها الإلتجاء لاستراتيجية الدولة من خلال الاستجابة لتلک القضايا المطروحة على الساحة المحلية أو أيديولوجية النظام السياسي أو لبنود وتوصيات السياسة التعليمية في تلک الفترة:

 ت‌- القضايا القومية : يقصد بها استجابة الکاتب للقضايا المطروحة على الساحة العربية فى تلک الفترة ويسعى الکاتب إلى جعلها رؤية عامة فى نفوس الأطفال.

 وبجانب هذا " التوجهات/ القضايا المهيمنة " توجد قضايا أخرى فرعية عديدة يمکن أن يشتمل عليها الخطاب المسرحي الموجه للطفل مثل قضايا /توجهات: سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية ، أخلاقية ، دينية ، تعليمية، ....وغيرها

-مسرحيات الأطفال:

 تعرفها الباحثة إجرائيا بأنها: النصوص المسرحية التي عرضت على مسرح الطفل خلال فترة الثمانينات .

 وتعرف الباحثة النص المسرحي إجرائيا بأنه: فن أدبي يقوم على الحوار يعالج قضية معينة من خلال جملة من الأحداث المترابطة والمتصلة بشخصيات إنسانية وتجري في إطار بيئة زمنية ومکانية معينة .

الدراسات السابقة :

 من خلال محاولة الاطلاع على الأبحاث والدراسات العربية والأجنبية التي سبقت الدراسة الحالية في هذا المجال، والتي زودتها بمزيد من المعارف والنتائج، سيتم عرض هذه الدراسات والأبحاث على النحو التالي :

1.   دراسة : أحمد سمير بيبرس (1973) :

 هدفت إلى إبراز العوامل الأساسية التي أصلت ظاهرة المسرح في القرن التاسع عشر، إلى جانب إبراز السمات العامة للمسرحيات في هذا القرن، وقد اعتمدت على المنهج التحليل السوسيولوجي من خلال تطبيقية على بعض الأعمال المسرحية التي ظهرت خلال هذه الفترة مثل: مسرحية (هارون الرشيد مع الأمير غانم بن أيوب وقوت القلوب) لأحمد أبو خليل القباني، ومسرحية (الضرتين) ليعقوب صنوع، ومسرحية (غرائب الصدف) لسليم النقاش، ومسرحية (الخدامين والمخدمين) لمحمد عثمان جلال, وکشفت نتائجها عن:

-   اختار الرواد الأوائل الکتابة بالعامية واللهجات المحلية.

-   سيطر السحر والحسد على سلوک الشخصيات في المسرحيات، وأدى ذلک إلى استسلامها.

-   شاعت الألفاظ الأجنبية نظرا للمکانة العظيمة التي تمتعت بها الجاليات الأجنبية.

-   شاع النفاق والتقرب من السلطات في المسرحيات.

-   کانت الطبقية واضحة بأبهى مظاهرها في علاقات الشخصيات وتعاملها وعواطفها.

-   السمة الغالبة على علاقة الرجل والمرأة عاطفة الهوى العذري.

-   شغلت العلاقة بين الآباء والأبناء قدرا کبيرا من مسرحيات ذلک القرن، وکانت أهم قضية عرضتها هذه المسرحيات زواج الابن والابنة.

-   سادت الشخصيات النمطية المسطحة على شخصيات.

-   شاعت کثير من الخلافات بين الزوجين دارت في معظمها:حول اختيار زوج الابنة، أو حول السيادة على الخدم.( (أحمد سمير بيبرس ،1973).

2.   دراسة : أحمد جودة السعدني (1976):

 هدفت إلى إبراز قضايا المجتمع المصري أبان الفترة الواقعة بين الحرب العالمية الأولى وعام (1952), والتعرف عما إذا کانت الدراما المصرية قد عبرت في هذه الفترة من تاريخ مصر عن الحياة المصرية بمفهومها ومشاکلها وقضاياها, واعتمدت على المنهج التاريخي والمنهج التحليلي في تحليل عينه عمدية من النصوص المسرحية في الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى وحتى عام (1952)، وقد تناولت الأعمال الجدية من الناحية الفنية فقط ، کما استبعدت نصوص المسرح الشعري والمسرح الميلودرامي والأعمال المقتبسة من أصل أجنبي, وقد خرجت الدراسة بمجموعة من النتائج کالتالي:

-   وجدت الدراما في فترة ما بعد ثورة (1919) حقلا خصبا يعبر تعبيرا صادقا عن الأماني القومية.

-   ظهرت قضية تذويب الفوارق بين الطبقات، وکان هذا واضحا فى بداية القرن العشرين وخاصة في مسرحية (العصفور في القفص) لمحمد تيمور.

-   لم تهمل الدراما المسرح السياسي فجاءت مسرحية (براسکا) لتوفيق الحکيم لتقدم رؤية الکاتب في نظام الحکم بوجوب وؤوله للشعب.

-   الوعاء الذي اختاره کتاب الدراما في مصر لعرض قضايا المجتمع هو الکوميديا.

- قضية الجلاء کانت الأکثر إلحاحا في ضمير المجتمع المصري منذ بداية القرن، أما في منتصف القرن فکانت قضية فلسطين, وکان لزاما على الدراما أن تتناول هاتين القضيتين، وقد انفرد الکاتب أحمد باکثير فقط بتناول هاتين القضيتين فى مسرحيتي: (مسمار جحا، وشيلوک الجديد)، .(أحمد جودة السعدني، 1976).

3.   دراسة : يوسف عبد العزيز إبراهيم (1976):

 هدفت إلى توضيح جهود المسرح المصري في تناوله لقضية الحرية بکافة أشکالها وصورها، وکذلک إبراز دوره في تناول مفهوم القومية العربية ومقوماتها، إلى جانب معرفة جهوده في معالجة الأمراض والظواهر الاجتماعية التي وفدت إلى بلادنا مع وفود المستعمر، واعتمدت على المنهج التاريخي في تتبع تاريخ المسرح المصري في الفترة ما بين (1890 وحتى 1970) بالاعتماد على عدة مصادر مثل: الکتب التي عالجت الفن المسرحي وکتب التاريخ, وأظهرت الدراسة مجموعة من النتائج کالتالي:

-   المسرح المصري تعلق بمفهوم الحرية, وخاصة الحرية السياسية والتي أجمع الکتاب على انعدامها في عالمنا العربي.

-   اهتم المسرح بطرح قضية نکسة 1967, وتنوعت استجابة رجال المسرح لها .

-    تعاظم الجهد لخلق المسرحية العربية التي تعالج المشکلة الاجتماعية, ولکن مع ربطها بالمشکلات الوطنية في عالمنا العربي.

- استلهم المسرح المصري التراث العربي لبناء الذات العربية المکافحة، وکان من نتيجة ذلک أن تضاءلت مساحة اليأس أمام القضايا العربية مثل: القضية الفلسطينية, والقضية الجزائرية.

-   لم يحفل المسرح المصري بالعيوب الاجتماعية الفردية مثل: مشکلة الانحراف السلوکي عند الأفراد

-   انصب اهتمام المسرح على استهجان بعض الظواهر الاجتماعية مثل: الفقر والجهل والإقطاع والتقليد الأعمى.

-   دخل المسرح معارک مباشرة مع المستعمر وأعوانه من الحکام. (يوسف عبد العزيز إبراهيم ، 1976).

4.   دراسة: کمال الدين حسين (1985):

 هدفت إلى التعرف على العلاقة بين المسرح والمجتمع في الفترة من (1952) إلى (1970) من خلال التطبيق على أعمال نعمان عاشور ونجيب سرور، و اعتمدت على منهج التحليل السوسيولوجي للأعمال المسرحية للکاتبين نعمان عاشور ونجيب سرور, وقد أظهرت الدراسة مجموعة من النتائج من أهمها :

- اقترب المسرح من قضايا المجتمع سلبياتها وإيجابياتها، وبدأ المسرح يکتسب جمهورا خاصة مع انتشار فرق الثقافة الجماهيرية المسرحية ومع استفادة المسرح من التراث شکلا ومضمونا.

-   ظهرت آثار الانفتاح على الغرب والشرق في تعدد المدارس المسرحية، التي ظهرت أعمالها سواء مترجمة, أو معربة, أو ممصرة, أو مؤلفة.

-   انقسم الکتاب المسرحييون في تفاعلهم مع أحداث التغير إلى قسمين :

 الأول: ويمثله نعمان عاشور، وهو الکاتب الذي يعايش اللحظة التاريخية ويتفاعل معها ثم يکتب مسجلا رد فعل الأفراد والطبقات إزائها، وتجئ أحکامه محملة بالانفعال اللحظي، الذي قد تکشف الأيام خطأه, فبعد أن کتب هذا الکاتب أعماله حتى النکسة، جاءت النکسة صدمة له, جعلته يعيد حساباته وأحکامه مع شخصياته التي حملها بالآمال والأحلام والأفکار العظام.

 أما الاتجاه الثاني فيمثله: نجيب سرور، وهو الکاتب الذي يکتب في لحظة لاحقة مسجلا أحداث لحظة تاريخية ماضية، والذي استطاع بتعقل, أن يسجل أهم القضايا التي تهم المجتمع، محللا من وجهة نظره للبنية الفکرية الاجتماعية وأهم الأحداث، محددا أطراف الصراع, وأسبابه بعيدا عن الانفعال الشعوري، ومناديا بالتغير؛ من خلال التعرف على أسباب الفساد والمعوقات في محاولة منه لنشر الوعي بين الجمهور. (کمال الدين حسين ، 1985)

5.   دراسة: بن دهيبة بن نکاع (1990):

 هدفت إلى دراسة المسرح المعاصر وتفاعله مع عوامل التغير الاجتماعي في مصر في الفترة ما بين(1952/ 1970)، وکذلک إبراز أهم مقومات المسرح الفنية التي اکتسبها من خلال تفاعله مع مظاهر التغير المستجدة في الواقع، اعتمدت على منهج التحليل السوسيولوجي من خلال دراسة تطبيقية على أعمال معظم الکتاب المسرحيين التي ظهرت خلال هذه الفترة مثل: نعمان عاشور، توفيق الحکيم، يوسف إدريس، نجيب سرور، صلاح عبد الصبور, وقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية :

-   بدأت الواقعية الاشتراکية والنقدية تجد مريدين، وبدأ الکاتب يتفاعل مع الأحداث والتغيرات الکبرى التي بدأت تغير وتطور المجتمع.

- استفاد المسرح کثيرا من الانفتاح الثقافي, الذي صنعته الثورة خاصة على بلدان أوربا الاشتراکية, وبهذا الانفتاح تغذت الحياة المسرحية بروافد جديدة أفادت المسرحية, وانعکس هذا المسرح کتابة وعرضا.

- التزمت معظم الأعمال المسرحية بالخط الثوري الجديد بإيجابياته وسلبياته، وتجسد ذلک فى آراء وأفکار مؤلفيها, الذين آمنوا بالمبادئ الستة الشهيرة التي جاءت بها الثورة، منددين بقيم وقوانين المجتمع البائد والاستعمار، کذلک التنديد ببعض السلبيات التي تفشت في المجتمع الجديد، داعيين إلى ضرورة الاهتمام بمختلف فئات الشعب من أجل النهوض بالمجتمع وتطويره, والوقوف إلى جانب قضية الفلسطينيين من أجل تقرير مصيرهم. (بن دهيبة بن نکاع 1990).

6.   دراسة:1991), Morrison , Joy, Florence).

 هدفت إلى تقييم مسرح المنتدى کوسيلة هامة للاتصال مع الناس الريفيين في بورکينا فاسو، وکذلک استقصاء مسرح المنتدى کشکل ثقافي مناسب لنقل المعلومات الصحية والقضايا الاجتماعية, بالإضافة إلى شرح الاستخدام الواسع لهذا الشکل من الاتصال لتدعيم التغير الاجتماعي ومشروعاته، وقد اعتمدت على المقابلات الشخصية للجمهور وملاحظات المشارکين في العروض المسرحية المقدمة في عام 1989, والتي قد تناولت قضايا تنويرية عن تنظيم الأسرة, وتوصلت الدراسة إلى العديد من النتائج أهمها :

- يعتبر مسرح المنتدى من أبرز الوسائل التفاعلية التي تساهم في تشجيع المشارکة الکاملة للجمهور, وتستخدمه الحکومة کأداة اتصال تطويرية لخلق الوعي المتزايد بالقضايا الاجتماعية في کل مکان بالدولة.

-   ظهر هذا الشکل المسرحي کوسيلة شعبية للتعليم الاجتماعي، وهو بمثابة أداة تعليمية مهمة ووسيلة للتعبير الثقافي الجيد.

- يقترب هذا المسرح من الطريقة المفضلة لتبادل الأفکار من خلال الاتصال المباشر عادة في مجموعات, ويتميز بمجموعة من الخصائص تميزه عن وسائل الاتصال الأخرى منها: توضيح الشکوک بين الدولة والناس ، وتشجيع مشارکة الجميع.

- الاستخدام الواسع لهذا الشکل من الاتصال بمثابة أداة بارزة لتعديم التطور الاجتماعي ومشروعاته, ولزيادة مستويات الناس الريفيين في البرامج الاجتماعية، بالإضافة إلى أنه شکل مقبول ثقافيا ومکمل لحملات وسائل الإعلام.

1991), Morrison , Joy, Florence) )

7.   دراسة : : (1992), Paavolainen , Pantti Jalmari

 هدفت إلى تقديم وصف لمسرح الطفل سيرى موتو الفيلندى من(1959/1971)، وقد اعتمدت على منهج التحليل السوسيولوجي في تحليل معظم المسرحيات الشعبية في تلک الفترة, وقد أکدت الدراسة على عدة نتائج منها :

-   وصفت المسرحيات الشعبية صراع الجيل, وعملت على حله بشکل متجانس.

- فى بداية حقبة الستينات تنوع عدد کبير من المسرحيات الشعبية الشعرية التى تتعامل مع تربية الأطفال وتوفر تعليم أفضل لهم، ومع ذلک کانت مسرحية (ثرثار فوق السطح) هي أشهر مسرحية فى هذا العقد؛ لأنها جسدت بناء اجتماعي متشابه مع البناء الاجتماعي في فيلندا في هذا الوقت؛ وأبرزت أيضا أن الأطفال مجبرون على مغادرة منازلهم الريفية ويهاجرون هجرة إکراهية مفاجئة بدون أى شئ يأخذونه معهم فيما عدا تقاليدهم .

- عالجت المسرحيات قضايا التاريخ الفيلندى السياسية مثل: الحرب الأهلية / حرکة العمال فيما بين (1961/ 1971) غالبا بطريقة استرضائيه مع التأکيد على فکرة مستقبل الأمة المزدهر. (: (1992, Paavolainen Pantti Jalmari

8.   دراسة : (1992), Rundnicka- Kassem ,Dorota:

 هدفت إلى إبراز أعمال الکاتب يوسف إدريس في الفترة من (1972/ 1991)، واعتمدت على تحليل ثمان مسرحيات کتبت للکاتب في ضوء الحقائق الاجتماعية والسياسية والثقافية العربية, وتوصلت الدراسة الى النتائج التالية :

-   ساهم يوسف إدريس إسهاما کبيرا في تعميق جذور الهوية العربية والبحث عنها.

-   جسد أفکاره وقضاياه من خلال المشارکة الجماعية بين المؤدى والمتلقي والعودة إلى أشکال الفرجة الشعبية الجماعية.

-   عکست مسرحياته ووثقت عصر ما بعد الثورة المصرية (1952)، ودعت للتغيير والإصلاح.

-   تعتبر أعماله وجه جديد للدراما المصرية.

-   کشفت مسرحياته عن إيمان المؤلف بالمزايا الإنسانية الحقيقية للرجل المصري العربي. (1992, Rundnicka- Kassem ,Dorota)

9.   دراسة: عثمان عبد المعطى عثمان (1999).

 هدفت إلى إبراز أهم خصائص التقنية المسرحية وتطوراتها في الفترة مابين (1960– 1975)، وکذلک التعرف على الموقف الاجتماعي للمجتمع المصري في الفترة مابين (1960– 1975)، واعتمدت على المنهج التاريخي والمنهج التحليلي في تحليل العروض المسرحية في الفترة مابين (1960- 1975), وقد أظهرت الدراسة مجموعة من النتائج من أهمها:

-   الفترة الأولى من (1960: 1967) ظهر التغيير على مهمات المناظر والديکور والموسيقى وتم إزالة الحوائط والبنوهات.

- المسرحيات العالمية ساعدت على تحرر عقل الکاتب الدرامي، وتشجيعه على إدارة أحداث المسرحية في أي مکان بدلا من التقيد من جريانها داخل المنازل والحوائط والسقوف.

-   حدث تغيرا في المعمار المسرحي؛ حتى يناسب أفکار الديکور الجريئة التي صممها المصممون التشکيليون .

- الفترة الثانية من (1967 :1975) حدث قصور في حرکة الثقافة أدى إلى انحلالها والقضاء عليها؛ بفعل الصراع الذي قام بين هيئة المسرح ومسارح التليفزيون.

- ظهر نمط من أنماط التمثيل يعرف بتمثيل الفجوة وهو التمثيل (المسلوق غير المحفوظ) المرتکن على الملقن ؛نتيجة السرعة التي تخرج بها المسرحيات وعدم کفاية تمارين المراجعة حيث قدم مسرح التليفزيون مسرحية جديدة کل أسبوع.

-   حدث ضعف في أهم وظائف المسرح الفکرية والفنية ومثال ذلک: يعهد لمخرجين مبتدئين بإخراج روائع المسرح العالمي.

-    ظهر تهاون بالمهنة المسرحية ذاتها, فقد وصل أن مثل على المسرح کل من ليس له علاقة بالفن أو الثقافة على وجه الإطلاق.

- عانت التقنيات المسرحية من الرکود والفراغ نتيجة انهيار الثقافة المسرحية التي ظلت تضمحل موسما بعد موسم وبخاصة في المسارح الرسمية. (عثمان عبد المعطى عثمان ، 1999).

10.               دراسة:(2001), Eva Cristina, Vasquez:

 هدفت إلى إبراز نشأة ودور مسرح بريجونيس في الولايات المتحدة وأعماله في الفترة من (1979: 1993)، واعتمدت على تحليل عرشين منتج مسرحي للمسرح مثل: مسرحية التجمع، ومسرحية في عز الظهر، ومسرحية القافلة، ومسرحية العناق، ومسرحية صلاة ميديا الأخيرة، ومسرحية المهاجرون، ومسرحية أصوات الفولاذ، ومسرحية کفاحهم المستمر الناجح من أجل البقاء؛ وتوصلت الدراسة إلى العديد من النتائج أهمها :

- ظهر المسرح الأمريکي اللاتيني (البويرتوريکي) على الساحة کواحد من أکثر المسارح نشاطا والتزاما سياسيا في عصورنا الحديثة خلال الأعوام الثلاثين الماضية، ولهذا أظهر باحثو المسرح اهتمامهم باکتشاف ثروة الإنتاج المسرحي والدرامي في أمريکا اللاتينية، ونتيجة للهجرة الضخمة من أمريکا اللاتينية إلى الولايات المتحدة؛ انتقلت الممارسات المسرحية لتفي بالاحتياجات الثقافية للجماعات المهاجرة خلال النصف الثاني من القرن العشرين.

- ومن بين المجموعات الکثيرة التي أنتجت المسرح البويرتوريکي فى البلد الرئيس: مسرح بويرتوريکان المتجول, والمسرح الجديد بوبر بأميرکا, المسرح الأمريکي الشعبي الجديد, ومسرح أوريلا مسرح الشاطئ, ومسرح جورتونجو, ومسرح کوارتو ومبدئيا اهتمت کل من هذه المجموعات في المقام الأول بالبحث عن الهوية والمحافظة على الثقافية البويرتوريکية کما رکزت عملها على تحقيق هذه الأهداف نفسها من منظور اجتماعي وسياسي . 2001 Eva Cristina, Vasquez))

11.               دراسة:( 2002), Sukhwant Hundal. B.A. :

 هدفت إلى إبراز دور المسرح فى عملية التغير الاجتماعي في ولاية البنجاب الهندية وکذلک إبراز أهميته في عملية التغيير الاجتماعي، وقد انطلقت الدراسة في إطار التحليل المستخدم في البحث الحالي بالإجابة على عدة نقاط هي : تتبع مشکلات المجتمع في ضوء الظروف الاجتماعية, والثقافية, والسياسية, والاقتصادية للبنجاب والهند, تقديم تحليل تفصيلي عن الموضوعات المقدمة وممارسات المسرح المتبعة في البنجاب, التعرف على الطرق والوسائل التي اتبعها المسرح من أجل التغيير الاجتماعي.

وتوصلت إلى عدة نتائج کالتالي:

- تمثل دور المسرح فى عملية التغيير الاجتماعي في البنجاب؛ من خلال توعية الناس بواقعهم الظالم، والکشف عن الطرق والوسائل العديدة لتغيير هذا الواقع.

-   تعامل المسرح في البنجاب مع الصعوبات والمشاکل التي يواجهها الناس المقهورون وحاول أن يکشف عن أسباب هذه المشاکل للمسؤليين.

- تأقلم المسرح في البنجاب ومارس أعماله؛ وفقا للظروف المادية السائدة في البنجاب وأشبع احتياجاته من خلال الموارد المتوفرة في المجتمع ،إلى جانب صلاته الوثيقة مع الناس ومنظماتهم.

-   المسرح أداة تعبئة مهمة وفعالة في عملية التغيير الاجتماعي في البنجاب؛ لأنها مکّنت أفراد الجمهور وممارسي المسرح من مواجهة القهر والظلم.

-    المسرح مکن جمهوره إلى أن يصل إلى ما يبغى وأن يعيش على المدى الطويل سعيد.( 2002, Sukhwant Hundal. B.A.) .

12.               دراسة: محمد عبد الحليم سرور، (2013):

 هدفت إلى التعرف على قدرة المسرح التعليمي فى مواکبة ما طرأ على المجتمع المصري من تغيرات اجتماعية خلال ثورة 25 يناير، والتعرف علي أساليب إخراج عروض المسرح التعليمي، واعتمدت الدراسة على المنهج الاجتماعي التحليلي فى تحليل عينه عمدية من الأنشطة المسرحية المقدمة داخل إدارة التربية والتعليم بالقاهرة للثلاث سنوات السابقة للثورة واللاحقة لها وجاءت النتائج على النحو التالى :

- أفرزت الثورة مضامين جديدة فرضت علي أخصائيي المسرح من خلال لجوء البعض إلى کتابة نصوصا تستلهم شعارات الثورة وأحداثها, وتنتقد سلبيات ما قبل الثورة، فى حين لجأ البعض إلي إعداد نصوص کتبت لمسرح الکبار وقاموا بمعالجتها وتضمينها روح الثورة وشعاراتها؛ لتواکب التغيرات الاجتماعية والسياسية الطارئة علي مجتمعنا بعد الثورة.

- اعتمد أسلوب التمثيل فيعروض ما قبل الثورة (عروض المسرح التعليمي علي الأسلوب الواقعي القائم علي التقمص الذي يخاطب العاطفة لا العقل، فى حين فغلب الأسلوب اللاواقعي على الأداء التمثيلي بعد ثورة يناير، والذي اعتمد علي تقنيات التغريب، وکسر الإيهام، من خلال التمثيل داخل التمثيل؛ لکسر الإيهام ولمخاطبة العقل لا العاطفة وهو
أمر فرضته الأوضاع الاجتماعية، والسياسية عقب ثورة 25 يناير.
(محمد عبد الحليم
سرور, 2013).

تعقيب على الدراسات السابقة:

 من خلال المحاولة فى عرض مجموعة الدراسات السابقة, والتى تمثلت فى سبعة دراسات عربي وخمسة دراسات أجنبيه، استطاعت الدراسة أن تخرج بعدة نتائج عامة أفادتها في دراستها ويتضح هذا من خلال التعليق على هذه الدراسات, والذي يتمثل في عدة محاور أساسية, وتمثل أوجه الاستفادة منها کالآتي:

أولا: من حيث الموضوع:

 انصب اهتمام القائمين بالدراسات العربية في تناول موضوعات مثل: استخلاص أهم قضايا المجتمع المصري في المسرح المصري منذ الحرب العالمية الأولى حتى عام (1952)، إبراز العوامل الأساسية التي أصلت ظاهرة المسرح في القرن التاسع عشر، إلى جانب إبراز السمات العامة للمسرحيات في هذا القرن, وإبراز أهم قضايا العالم العربي من خلال النص المسرحي المصري في الفترة من (1890 وحتى 1970), وإلقاء الضوء على مفهوم ورسالة المسرح المصري في القرن التاسع عشر، ودراسة المسرح المصري وتفاعله مع عوامل التغير الاجتماعي في الفترة من( 1952 / 1970)، وکذلک التعرف على العلاقة بين المسرح والمجتمع في الفترة من( 1952/ 1970)، أيضا استيضاح العلاقة بين التقنيات المسرحية وتغيرات المجتمع المصري في الفترة من (1960/ 1975), إبراز أهم الموضوعات التي يقدمها المسرح التعليمي من خلال عروضه, وکذلک التعرف علي أساليب إخراجها داخل المدارس خلال ثورة25 يناير.

 في حين تنوع اهتمام القائمين بالدراسات الأجنبية في تناول موضوعات مثل: تقييم مسرح الندوات کوسيلة هامة للاتصال مع الناس الريفيين في بورکينا فاسو، وکذلک استقصاء مسرح المنتدى کشکل ثقافي مناسب؛ لنقل المعلومات الصحية والقضايا الاجتماعية، إلى جانب تقديم وصف لمسرح الطفل سيرى موتو الفيلندى في الفترة من (1959/ 1971)، وإبراز أعمال يوسف إدريس وعلاقتها بعوامل التغير الاجتماعي في الفترة من (1972 /1991)، بالإضافة إلى تتبع نشأة وتاريخ مسرح الطفل بريجونيس في الولايات المتحدة, وإبراز دوره في عملية التغيير الاجتماعي في فترة (1979 /1993)، أيضا إبراز دور المسرح فى عملية التغير الاجتماعي في ولاية البنجاب الهندية, وکذلک إبراز أهميته فى عملية التغيير الاجتماعي).

ثانيا : من حيث النتائج :

من خلال محاولة الباحثة لعرض مجموعة من الدراسات السابقة يتضح ما يلي :

- رکزت الدراسات العربية السابقة على دراسة المسرح المصري بشکل عام وعلاقته بعوامل التغير الاجتماعي في مصر في حين لم تتعرض دراسة واحدة لاستيضاح العلاقة بين مسرح الطفل وقضايا التغير الاجتماعي سوى دراسة واحدة هي أول دراسة ربطت المسرح التعليمي بالمدارس بالتغيرات الاجتماعية التي ظهرت مع ثورة 25 يناير ولکنها لا تمت للدراسة بصلة؛ والتي ربطت بين مسرح الطفل (أو المسرح المحترف والذي کان يعرض من خلال التليفزيون ويشاهده جميع فئات الشعب خلال عقد الثمانينات ) بقضايا التغير الاجتماعي التي ظهرت آنذاک .

- رکزت معظم الدراسات العربية على دراسة المسرح المصري وعلاقته بعوامل التغير الاجتماعي في فترة ما بعد الثورة (1952/1975), أو ثورة 25 يناير 2011, ولم تتعرض دراسة واحدة لإبراز قضايا التغير الاجتماعي فى فترة عقد الثمانينات والتي تعتبر مرحلة مهمة وانتقالية بين حرب أکتوبر والتوازن بين المعسکر الشرقي والغربي, وبين الانفراد الأمريکي على العالم .

- في ضوء ما سبق نلاحظ عدم وجود دراسة عربية واحدة؛ طبقا لما أتيح للباحثة من بحوث ودراسات تم الإطلاع عليها خاضت مجال بحثها سابقا، لذا فإن الدراسة تعد أول دراسة فى حدود علم الباحثة, تناولت قضايا التغير الاجتماعي فى نصوص مسرح الطفل فى مصر في فترة الثمانينات، کذلک ندرة الدراسات الأجنبية المتطرقة لهذا الموضوع أيضا، ومن هذا المنطلق فقد رأت الباحثة ضرورة التطرق لموضوع البحث الحالي کمحاولة منها في إمکانية سد النقص الواضح في عدد الدراسات التى تناولت هذا الموضوع

موقع الدراسة الحالية من الدراسات والبحوث السابقة:

 لم تکتف الدراسة بإبراز أهم قضايا التغير الاجتماعي في المجتمع المصري في الفترة من الثمانينات، بل اهتمت باستيضاح العلاقة بين هذه القضايا وانعکاسها على مسرحيات الطفل في تلک الفترة وذلک من خلال الکشف عن معالجة النصوص المسرحية لهذه القضايا وانعکاسها على مضمون وبنية المسرحية.

أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة:

-   تحديد مشکلة الدراسة .

-   تحديد مجال الدراسة من خلال الترکيز على قضايا التغير الاجتماعي وانعکاسها على نصوص مسرح الطفل فى فترة الثمانينات

-   بلورة مشکلة البحث ووضع التساؤلات الحالية

-   الاهتداء إلى المراجع البحثية والاستعانة بها فى کتابة الجزء النظري, والذي سنتطرق له في الجزء التالي .

الإطار النظري للدراسة:

مقدمة :

 العمل الفني کتعبير إنساني مشروط بعدد من الحرفيات والتقنيات المتعارف عليها, ولا يمکن أن يصل إلى الجمهور؛ إلا إذا کان الفنان واعياً بأدوات التوصيل وقادراً على استخدامها الاستخدام الأمثل.

 والمسرحية کفن أدبي له مقوماته الخاصة التى تميزه عن سائر الفنون الأخرى، وتعتمد على عدة عناصر مثل: الفکرة، والحدث، والحبکة، والشخصيات، والصراع، والحوار .... إلى غير ذلک, وهذه العناصر ليست عناصر مادية بل هي عناصرعضوية تتفاعل مع بعضها لکي تشکل النص المسرحي, ونظراً لأهمية هذه العناصر سنتطرق لأهمها فيما يلي:ـ

عناصر (البناء الدرامي):

 تختلف وتتنوع عناصر التأليف المسرحي في طبيعتها ودرجتها مع کل نص على حدة وتتمثل هذه العناصر في :

أولا: الأجزاء الکمية :

 إذا ما نظرنا للمسرحية على أساس کمي نجد أنها تتکون من فصل أوعدة فصول، کما تتکون الفصول بدورها من عدد من المشاهد, وتتکون المشاهد من عدد من المناظر.

ثانيا :الأجزاء الکيفية : لعل أبرزها يتحدد في التالى :

1.   الفکرة:

- تعتبر الفکرة هي المغزى أو الهدف من العمل الدرامي، ويقصد بالفکرة على العموم " الحقيقة أو مجموعة الحقائق, والتي يحاول الکاتب تأکيدها وتجسيدها من خلال الشخصيات، والحادثة، والحوار والزمان والمکان...وغيرها، حيث يقوم بطرح رؤيته فى قضية ما يريد تأکيدها، ثم يضع حل لتلک القضية من وجهة نظره ". (هدى قناوي. 1990, ص 255).

- وقد تظهر الفکرة في النص بشکل مباشر من خلال صياغتها بمقولة معينة, أو قد يوحى بها أحيانا، ولکي يضمن المؤلف لمسرحيته قبولا حسنا ،لابد له من اختيار فکرة حيوية تهم– بشکل مباشر– المجتمع الذي تتوجه إليه. (محمد حميد الجبوري، 2013, ص93).

- ومصادر الفکرة متعددة, فقد يلجأ الکاتب إلى خبراته الشخصية وتجاربه، أو يستوحي فکرته من قراءة التاريخ أو التراث أو سير الشخصيات أو يستوحيها من الواقع, وينصح الکثير من الخبراء على أهمية التنويع فى الموضوعات التى تقدم للطفل، والتأکيد على إبراز کثير من القضايا المعاصرة؛ لتوجيه الأطفال نحو اکتساب خبرات متعددة تساعدهم على مواجهة الحياة فيما بعد. (حسن مرعي، 1993, ص93) .

2.   الحدث :

 يعد الحدث أساس الفعل المسرحي ومحور العملية الفنية، وهو أية واقعة تحدثها الشخصيات فى حيزي الزمان والمکان، وتسهم فى تشکيل الحرکة الدرامية والفعل المسرحي. (إبراهيم حماده, 1971, ص99).

 وتشتمل المسرحية عادة على حدث رئيسي تنبع منه مواقفها, وشخصياتها، ويعرض المؤلف من خلاله ما يريد أن ينقله إلى المشاهدين من مشاعر وأفکار؛ ولکن الاکتفاء بهذا الحدث الرئيسى قد يجعل مجال الإبداع والعرض ضيقا أمام المؤلف فى بعض الأحيان؛ لذلک قد يرى الکاتب المسرحي أنه من الأفضل أن يکون هناک حدث ثانوي أو أکثر إلى جانب الحدث الرئيسي؛ لکي يقرب المسرحية من الحياة . (عبد القادر القط, 1988، ص14).

3.   الحبکة :

 هي الترتيب العام لأجزاء المسرحية ککل ترتيبا يکسبها الشکل العام, أي تسلسل وترتيب وتتابع الأحداث والأشياء التى تقع فى المسرحية دون انفعال أو تطويل. (کمال الدين حسين, د/ت, ص131).

وتنقسم إلى :

  ‌أ-    حبکة بسيطة :

 تنهض على تطور مباشر للأحداث من نقطة بداية محددة إلى خاتمة يسهل التنبؤ بها، وتنحصر في عدد محدود من المشاهد، وتستمد موضوعاتها من الحياة العادية ، وتعتمد على التطور المنطقى المحکم لأحداثها .

‌ب-  الحبکة المعقدة:

 تخالف خاتمتها کل التوقعات التي أثارتها سياق الأحداث فيها؛ ذلک لأن هذا السياق دخل فى تعقيدات غيرت من اتجاهه تغييرا غير متوقع، ومن الواضح أن الحبکة المعقدة تصبح أکثر إقناعا وإشباعا عندما لا تقتصر على المفاجآت غير متوقعة فقط ، بل تعتمد أيضا على الحتمية المنطقية التى کانت خافية عن أبصارنا, ولعل أقرب مثال على الحبکة المعقدة مسرحية "أوديب ملکا" والذي فيها تغير خط البطل عن طريق التحول والتعرف الناتجين عن حتمية درامية محتملة لما وقع من أحداث سابقة .

‌ج-   الحبکة المرکبة :

 تتکون من حبکتين بسيطتين أو معقدتين أو حبکتين إحداهما بسيطة والأخرى معقدة کما تحتوى على عدة أماکن وعدة شخصيات. (نبيل راغب , 1996 ، ص34/38).

 

4.   الصراع :

 يعتبر العنصر الجوهري فى الدراما، وهو مناضلة بين قوتين متعارضتين وفى النهاية ينتهى الصراع لصالح القوة الأکثر کفاءة, وقدرة على الصمود حتى النهاية. (جلال الشرقاوي, 2012, ص80).

 وتنشأ أنواع الصراع إما نتيجة التصادم بين الشخصيات أو النزعات التى تؤدى بالحدث الدرامي فى المسرحية إلى التصعيد، وقد يکون هذا التصادم داخليا فى نفس إحدى الشخصيات، أو خارجيا بين الشخصيات وقوى خارجية کالقدر أو المؤثرات الإجتماعية أو البيئية أو بين شخصيتين تحاول کل منهما أن تفرض إرادتها على الأخرى. (عليه عزت عياد, 1994، ص84).

 وغالباً ما يصدر الصراع الدرامي عند وقوع الشخصية بين شقي الرحى (الغريزة والإرادة, الانفعال والعقل, العاطفة والواجب.... وغيرها), وکلما کانت ثقافة الشخصية ووعيها بالحياة أکثر کانت دوافعها الأخلاقية أقوى من دوافعها الغريزية, ومع ذلک تبدو الدوافع الغريزة أکثر تأثيرا في الجمهور؛ لسهولة فهمها واستيعابها. (نبيل راغب. 1996، ص34/38).

5.   الشخصيات :

 تعتبر الشخصية هي وسيلة المؤلف الأولى؛ لترجمة القصة إلى حرکة، وتٌعد بمثابة الوسيط الذى يٌحمل المضمون الفکري الذي يعبر عن رؤية وفلسفة المؤلف في القضية التي يتناولها, من خلال النص المسرحي الذي يکتبه، والتعريف الکامل لمعنى کلمة - شخصية – في الکتابة المسرحية هي: الشخصية المسرحية المتکاملة, والتي ينبغي أن تقدم لنا إنسان متعدد الأبعاد، له حياته الخارجية الظاهرة التى نراها تضطرب أمامنا على المسرح، وله حياته الباطنه التي نرى انعکاسها على الواقع فيما تقوله أو ما تلبسه، وينبغي على هذه الشخصية المتکاملة أن تساهم مساهمة فعالة فيما يدور حولها من أحداث, وينبغي أن تشارک مشارکة إيجابية في الصراع الدائر خارجها، سواء بينها وبين غيرها من الشخصيات, أو بينها وبين المجتمع الخارجي، فعلى قدر هذه المساهمة فى الصراع, تتوقف حيوية الشخصية، وتکمن قدرتها على التطور وهذا العنصر الأخير – أى التطور- هو إکسير الحياة بالنسبة للشخصية المسرحية الناجحة. (صلاح السقا/ فؤاد رضا رشدي, د/ت, ص108).

 وهناک عددا من الملامح لابد للشخصية المسرحية أن تمتلکها؛ حتى يتعرف عليها الجمهور ولا يفقد اهتمامه بها, ومن هذه الملامح:

1.      المصداقية حتى لو کانت تمثل الزيف بعينه .

2.      القدرة على إثارة الاهتمام على الرغم من محدودية زمن العرض .

3.      تمثل قطاعاً معيناً من البشر.

4.      تمتلک خصائص فردية تميزها عن غيرها من البشر.

5.      تکون متسقة في کلماتها وأفکارها وحرکاتها بناءا على تسلسل الأسباب والنتيجة .

6.      يلم الجمهور بالدوافع المحرکة لها حتى تبدو حرکاتها وتصرفاتها مبررة.

7.      أن تکون متطورة تبعاً لاحتکاکها بالحياة.

8.      أن تمتلک خاصية واحدة تميزها عن غيرها.

9.      أن تکون مزيج من الصفات قد تکون متسقة أو متضاربة، لکنها تمنحها حيوية متدفقة فى ثنايا النص کله .

10.   تکشف الشخصية من خلال السياق, والذي لابد أن يأتي بالتدريج مع تطور الحبکة والأحداث.

11. يلعب التناقض بين الشخصيات دوراً درامياً مهماً في مضاعفة حيوية المسرحية, فکلما کان التناقض حاد زاد من ثراء المسرحية وإثارتها, فليس من الضروري أن تقف الشخصيات على طرفى النقيض؛ بل المفضل أن تکون بينها بعض الخصائص والمساحات المشترکة التى لاتمنع من وجود تناقضات على مستويات أخرى. (نبيل راغب, 1996، ص57).

6.   لغة الحوار :

 يعتبر الحوار من العناصر الأساسية فى بناء المسرحية, إذ ترتکز عليه کل العناصر الأخرى.. فهو الذى يصور فکرتها، وقصتها، وأحداثها، وأشخاصها ...إلخ وبالتالي يتولى نقل المسرحية أمام الجمهور من بدايتها إلى نهايتها، ومن المعلوم أن الحوار المسرحي لا يتجلى بکامل صورته عند قراءته، وإنما حين يشاهد على خشبة المسرح حيا نابضا بالحرکة وعلى ألسنة الممثلين.

 يمکننا القول بأن الحوار فى مسرحيات الأطفال يجب أن يتميز بمجموعة من الخصائص منها:

-   يعتمد على الإيحاء والترکيز, فلا نکتب إلا العبارات الضرورية, ونستبعد العبارات التي لا قيمة لها مالم يکن هناک ضرورة لوجودها.

-   يصور طبائع البشر بصدق، وأن تکون الشخصيات أقرب إلى الواقع، فالشخص الثرثار على سبيل المثال ينبغي أن يظهر على حقيقته.

-   يفضل أن يکون ذا مسحة أدبية أو شاعرية؛ بشرط أن تکون صادرة عن الشخصيات من غير افتعال.

-   يساعد على تطوير الأحداث نحو العقدة .

-   يستخدم عبارات قصيرة، فالحوار القصير يحقق ويلائم طبيعة الأطفال؛ حتى لا يصيبهم بالملل ويسهل فهمه واستيعابه .

-   يجب أن يکون باللغة الفصحى البسيطة القريبة من استعمال الطفل اليومي، کلما أمکن ذلک. (حنان عبد الحميد العناني,1997 ، ص47).

7.   الخاتمة :

 تعد الخاتمة أو النهاية بمثابة اکتمال العمل الفني، وغالباً ما يکثف المؤلف المسرحي في خاتمة مسرحيته - سواء على لسان الراوي, أو الشخصيات, أو الکورس المغزى الفکري من الأحداث والشخصيات التي ظهرت أمام الجمهور. (نبيل راغب, 1996، ص77).

 وقد اختلف الدارسون على تحديد نهايات المسرحيات المقدمة للأطفال وانقسموا إلى فريقين: منهم من رأى أن عالم الطفل يتصف بالنقاء، وينبغي أن يشيع فيه السرور والمرح والبهجة، ومنهم من رأى أنه يمکن تقديم نهايات مأساوية أحيانا إلى الأطفال بشرط أن تکون النهاية عادلة؛ لأن الأطفال لديهم أحساس قوى بالعدالة، فليست العبرة في أن تکون النهاية سعيدة أو مأساوية، ولکن العبرة في أن تکون النهاية عادلة, خصوصا وأن الحياة نفسها تشتمل على نهايات سعيدة ، وأخرى غير سعيدة.(حسن مرعي, 1993, ص3)

الخلاصة:

 من خلال ما تم استعراضه تري الباحثة أهمية وقوة العلاقة بين عناصر المسرحية, وکذلک ضرورة الوحدة العضوية بين عناصر المسرحية, والتي من خلالها لا يمکن الفصل بين المضمون الفکري والشکل الفني للمسرحية, ومع ذلک فإن العلاقة تختلف باختلاف بصمات الأصابع بين مسرحية وأخري ومؤلف وآخر, وهذا ما سيتضح من خلال باقي أجزاء الدراسة التي تتبلور في التالي.

الإجراءات المنهجية للدراسة :

نوع الدراسة :

 تنتمى هذه الدراسة إلى الدراسات الوصفية ، التى تهدف إلى تقرير خصائص ظاهرة معينة أو موقف ما تغلب عليه صفة التحديد ، ومن خلال تحليل النصوص المسرحية المقدمة على المسرح القومى للطفل فى عقد الثمانينات،فإن الدراسة تسعى لمعرفة الکثير من البيانات والمعلومات ذات الصبغة الوصفية، ومعرفة ما تحتويه النصوص من قضايا التغير الاجتماعى المنعکسة عليها فى تلک الفترة، وکذلک الوقوف على خصائص البنية الدرامية الداخلية لهذه النصوص؛ لتحقيق الأهداف المرجوة من الدراسة .

منهج الدراسة:

 تعتمد الدراسة على المنهج التحليلى النقدى الموضوعى فى تحليل النصوص المسرحية؛ باعتباره أنسب المناهج لهذه الدراسة .

عينة الدراسة:

أولا : عينة المسرحيات:

تعتمد الدراسة على عينة عمدية من المسرحيات المقدمة للأطفال من المسرح القومي فى الثمانينات وهى: (الطيب والشرير1981*، التعلب فات1990**)، وقد اختارت الباحثة هذه المسرحيات؛ لتمثيلها فترات زمنية مختلفة وفاصلة فى تاريخ عقد الثمانينات؛ فالأولى تمثل بداية العقد والأخرى تمثل نهايته، کذلک لما تحمله هذه المسرحيات من قضايا ومضامين ودلالات تساهم فى توضيح تداعيات قضايا التغير الاجتماعى على المسرحيات ، إلى جانب اشتراکهم فى الأسلوب الشعرى الغنائى .

أدوات جمع البيانات :

سيتم الاعتماد على أداة تحليل مضمون قضايا التغير الاجتماعى ، فى النصوص المعروضة على المسرح القومى للطفل فى فترة الثمانينات

تصميم استمارة تحليل المحتوى :

 قامت الباحثة بالإطلاع على عدد من استمارات تحليل المضمون التى صممها بعض الباحثين فى دراستهم السابقة مثل: استمارة تحليل مضمون لسيد عزت ،(2002)[1]لتحليل مضمون نصوص المسرح القومى للطفل، واستمارة تحليل مضمون لهشام زغلول (2004) [2] لتحليل مضمون نصوص المسرح المدرسي ، واستمارة تحليل مضمون لإيمان خضر (2005 )[3] لتحليل مضمون نصوص المسرح المدرسي ،واستمارة تحليل مضمون لرانيا الکاشف (2006)[4]لتحليل مضمون نصوص المسرح القومى للطفل ، مما أضاف للباحثة وأثرى المجال أمامها لعمل الاستمارة فى صورتها الأولية

تصميم استمارة تحليل المحتوى :

 قامت الباحثة بإعداد وحدات وتقسيمات رئيسية وفرعية لعناصر النص المسرحى وقضايا التغير الاجتماعى، ثم قامت ببناء کل وحدة بما يحقق الهدف الرئيسى للدراسة، ثم قامت بعرضها على السادة المشرفين على الدراسة ، وقاموا بعمل التعديلات اللازمة على الاستمارة، ثم أخذت الباحثة بإجراء التعديلات اللازمة التى اقترحها السادة المحکمون، ثم تم عرض الاستمارة مرة أخرى على السادة المشرفين بعد تحکيمها وتعديلها حتى أصبحت فى صورتها النهائية .

 

تحديد فئات تحليل المضمون :

أولا: فئات الشکل (کيف قيل ؟) :

وهى فئات تختص بالتوصيف العام للشکل الذي طبعت به المسرحيات ، وتنقسم هذه الفئات الرئيسية إلى :

1.  شکل المسرحية.

-       مؤلف        - مترجم       - شکل آخر ...

2.  البعد الثاني : عدد صفحات المسرحية .

-       أقل من خمسين صفحة           - أکثر من خمسين صفحة .

3.  البعد الثالث : عدد مشاهد المسرحية .

-       مشهد.       - مشهدين.     - عدد آخر ...

4.  البعد الرابع :عدد المناظر المسرحية

-       منظر       - منظرين     - عدد أخر...

5.  البعد الخامس : الإطار الزمني للأحداث.

-       قديم        - معاصر      - مزيج بين القديم والمعاصر

-       إطار آخر ...

6.  البعد السادس : الوظيفة الدرامية للإطار الزمنى للأحداث

-       لنقل الواقع المعاش    - لتأکيد القضية    - وظيفة أخرى ....

7.  البعد السابع : الإطار المکاني للأحداث.

-       مدينة        - قرية      - مکان آخر ...

8.  البعد الثامن: الوظيفة الدرامية للإطار المکانى للأحداث

-       لنقل الواقع المعاش    - لتأکيد القضية    - وظيفة أخرى

ثانياً: فئات تحليل (المضمون) ماذا قيل ؟

وهى فئات ترتبط بمضمون ومحتوى المسرحيات.

وتنقسم هذه الفئات الرئيسية الى :

9.  البعد التاسع: مصدر الفکرة.

-       حکايات شعبية تراثية      - الواقع       - مصدر آخر

10. البعد العاشر : نوع قضايا التغير الاجتماعى المنعکسة على اختيار الفکرة .

-       قضايا محلية      - قضايا دولية     - قضايا قومية

11. البعد الحادي عشر : نوع القضية المثارة بالنص

-       قضية سياسية     - قضية اجتماعية .  - قضية أخرى ...

12. البعد الثاني عشر: نوع قضايا التغير الاجتماعى المنعکسة على اختيار القضية

-       قضايا محلية      - قضايا دولية     - قضايا قومية

-       قضية أخرى ...

13. البعد الثالث عشر : نوع الحبکة .

-       بسيطة       - مرکبة.

14. البعد الرابع عشر: منطقية الحبکة .

-       حبکة منطقية .    - حبکة غير منطقية   - حبکة أخرى ...

15. البعد الخامس عشر: الأسلوب المستخدم فى بناء حبکة المسرحية

-       أسلوب التقليدي     - أسلوب حديث

16. البعد السادس عشر : نوع الشخصيات التى ظهرت فى المضمون :

-       بشرية       - عرائسية      - شخصيات أخرى ...

17. البعد السابع عشر : نوع المهن التى ظهرت فى المضمون:

-       عامل        - طالب       - مهنة أخرى ...

18. البعد الثامن عشر : الطبقة التي تنتمي إليها الشخصيات:

-       فقيرة.       - أرستقراطية    - طبقة أخرى ...

19. البعد التاسع عشر : شکل المعالجة الدرامية على الشحصيات.

-       نقل الشخصية الأصلية دون تعديل  - عدل الشخصية الأصلية لتناسب الواقع المعاش

-       عدل الشخصية لتناسب القضية المثارة.   - معالجة أخرى ...

20. البعد العشرون: نوع قضايا التغير الاجتماعى المنعکسة على الشخصيات .

-       دولية     - محلية    - قومية    - قضايا أخرى ..

21. البعد الحادي والعشرون : نوع الصراع.

-       صراع داخلى       - صراع خارجى    - صراع آخر....

22. البعد الثاني والعشرون: الوظيفة الدرامية للصراع.

-       إبراز القضية      - تطوير الأحداث      - الکشف عن الشخصيات

-       وظيفة أخرى ....

23. البعد الثالث والعشرون : اللغة المستخدمة فى تقديم المضمون :

-       لغة عربية فصحى مبسطة.    - لغة عامية .   

-       مزيج بين الفصحى والعامية .

24. البعد الرابع والعشرون: الأسلوب المستخدم فى المضمون:

-       نثرى.    - شعري.      - مزيج بين النثرى والشعرى.

25. البعد الخامس والعشرون : الفکاهة والمرح التى يثيرها الحوار :

-       متوفرة    - غير متوفرة   - متوفرة فى بعض المواقف

26. البعد السادس والعشرون: نوع قضايا التغير الاجتماعى المنعکسة على الحوار :

-       دولية    - محلية       - قومية

27.  البعد السابع والعشرون: الوظيفة الدرامية للحوار :

-       تطوير الأحداث- الکشف عن الشخصيات - إبراز القضية

-       وظيفة أخرى

28.  البعد الثامن والعشرون : أساليب الثواب والعقاب في المسرحية.

-       متوفرة     - غير متوفرة     - متوفرة فى بعض المواقف.

29. البعد التاسع والعشرون: نوع النهاية.

-       نهاية عادلة     - نهاية غير عادلة

30. البعد الثلاثون : شکل المعالجة الدرامية على النهاية.

-       نقل النهاية دون تعديل .        - عدلها لتناسب الواقع المعاش .

-       عدلها لتناسب القضية المثارة.         - معالجة أخرى ...

إجراءات الصدق والثبات لاستمارة تحليل المضمون :

بعد تصميم استمارة تحليل المضمون ، قامت الباحثة بإجراء اختباري الصدق والثبات للتأکد من صلاحية الاستمارة للتطبيق وذلک على النحو التالي :


1.  صدق الأداة:

 يقصد بالصدق صلاحية الأداة لقياس ما هو مطلوب قياسه ومدى قدرتها على توفير المعلومات المطلوبة للدراسة، وتم عرض استمارة تحليل المضمون على 13 محکما في مجالات الإعلام، وثقافة الطفل، والتربية، والفنون المسر حية* ، ومن خلال آراء وتعديلات المحکمون تم صياغة الاستمارة فى صورتها النهائية بعدما أضاف المحکمون فئات وحذفوا فئات، ثم قامت الباحثة بإجراء التعديلات اللازمة لتکون الاستمارة فى صورتها النهائية لتحليل مضمون النصوص المسرحية عينة الدراسة المقدمة على المسرح القومى للطفل .

2.  ثبات الأداة:

- ولحساب معامل الثبات بين المحللين قام اثنين من المحللين بمعاونة الباحثة فى إجراءات ثبات التحلي**، ويمکن اختبار الموضوعية من حساب درجة الاتفاق بين المحللين (80%) فأکثر

- وقامت الباحثة بإجراء ثبات الباحثة مع نفسها أولا على عينة من النصوص المسرحية المقدمة على المسرح القومي وعددها نصين مسرحيين ، وتم حساب معامل الثبات بين الاختبارين کالتالي

          2 (عدد الفئات المتفق عليها فى الاختبارين )   2(85)    170

ـــــــــــــــــــــ = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ــــــــــــــــــــــــ = ـــــــــــــــــ = 0.607

 ن1+ ن2               مجموع عدد الفئات    90+ 90   280

  وهى نسبة تدل على ثبات التحليل والوثوق بنتائجه، أما عن ثبات تحليل الباحثة مع المحللين الآخرين ،فقد أجريت اختبار الثبات مع المحللين بالإضافة إلى الباحثة بعد الاتفاق على أسسه وإجراءاته، وبعدما قامت الباحثة بشرح إجراءات التحليل لفئات التحليل ووحداته، تم إجراء التحليل على عينه من النصوص المسرحية المقدمة على المسرح القومى وقوامها نصين مسرحين

 ويرمز للمحللين بالرموز : (أ) الباحثة نفسها ، (ب) المحلل الأول ، (ج ) المحلل الثانى . وبذلک تکون معاملات الثبات کالتالى :

      2(85)         170

 أ ، ب = ــــــــــــــــــــــــــــ = ـــــــــــــــــــــ = 0.944

      90+90        180

      2(87)          174

 أ ، ج = ـــــــــــــــــــــــــــ = ـــــــــــــــــــــــــ = 0.966

    90+ 90          180

        2(88)          176

 ب ، ج = ــــــــــــــــــــــــــــ = ــــــــــــــــــــــــ = 0.977

      90+ 90          180

ولحساب معامل الثبات بين المحللين سيتم بالمعادلة الآتية :

       ن (متوسط الاتفاق بين المحللين)

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1+ (ن +1) (متوسط الاتفاق بين المحللين)

 حيث ( ن ) عدد المحللين ، ومتوسط الاتفاق = مجموعهم على عددهم

      0.944+0.966+0.977       2.887

 = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ـــــــــــــــــــــــــــــ = 0.962

                 3     3

                                3 × 0.962

 إذا معامل الثبات = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = 0.987

                             1+(2×0.962)

 ويتضح من هذه النتائج أن عمليات التحليل التى اعتمدت على استمارة تحليل المضمون وفئاتها يمکن الثقة فيها بدرجة کافية، ويمکن استخدامها فى هذه الدراسة، وهذه النسب عالية بدرجة يمکن الاعتماد عليها والوثوق بنتائجها

 

إجراءات تطبيق استمارة تحليل المضمون على المسرحيات عينة الدراسة .

 بعد الانتهاء من إعداد استمارة تحليل المضمون فى صورتها النهائية توجهت الباحثة بالاستعانة بمن يملکون الخبرة فى هذا المجال لمساعدتها فى تطبيق الاستمارة*, وتم الاستعانة بهما فى تطبيق استمارة تحليل المضمون، وتم شرح استمارة تحليل المضمون جيدا لهما والهدف من الدراسة، وما تحاول أن تتعرف عليه الدراسة من عناصر البناء الدرامي للنصوص وقضايا التغير الاجتماعى المنعکسة عليها، کذلک تم شرح وحدات الاستمارة والتعريفات الإجرائية للدراسة.

نتائج الدراسة:

1.    مسرحية الطيب والشرير(1981):*

 تبين من خلال ملاحظة الباحثه واطلاعها على إعلانات المسرحية فى هذه الفترة فى مجلة المسرح أن المسرحية کانت تعرض فى فترة حکم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وبعد استشهاده تم إيقاف العرض، وبدأ المسرح فى عرض مسرحى جديد.

أولا: نتائج الدراسة المتعلقة بالشکل :

 المسرحية عبارة عن أوبريت غنائي يتناول موضوعا جادا ، مکونه من فصل واحد, وقد اشتمل هذا الفصل على خمسة مناظر نوه إليها الکاتب وکأنها إرشادات مسرحية وهذا يتضح من خلال التالى :

  • · الأول: منظر القهوة (الطيب يستمر فى المشى تحت ظلال الضوء الخافت جدا ..إلى أن ترى قهوة والشرير نائم فيها .. يقترب الطيب من الرجل النائم على القهوة مع مؤثر موسيقى). (کامل أيوب ، 1981،ص4)
  • · الثانى: منظر الصحراء ( إضاءة خافته على بقايا مدينة عتيقة مهجورة فى قلب الصحراء, ثم تتدرج الإضاءة فى الازدياد والترکيز ثم موسيقى عند ظهور المدينة .. الشرير يصحب الطيب إلى الساقية ويحدفه فيها ) . (کامل أيوب، 1981،ص8)
  • · الثالث : منظرالشارع (نرى شارع فى مدينة أثناء حرکة فى النهار ..منادى آخذا هيئة المشى وفى نفس مکانه ودائر فى کافة الاتجاهات ويلتف حوله أهل المدينة فى حرکة إيقاعية). (کامل أيوب، 1981،ص12)
  • · الرابع: القصر (السلطان سيف الدين وهو يزف شفاء إبنته الأميرة إلى أعوانه وأفراد حاشيته.. الذين يرفعون أيديهم فى هيئة شکر للسماء ثمي هرع بعضهم إلى خارج المکان لإعلان الخبر .. بينما يظهر فى الخلفية عن بعد... الطيب فى هيئة رائعة مع عروسه الأميرة يتبادلان من مکانهما مع الموجودين.. إيماءات بالتهنئة والرأس).(کامل أيوب، 1981، ص13).
  • · الخامس : ثکنة عسکرية (قاعة ثکنه عسکرية يتصدر رئيس العسکر، وقريبا منه کاتبه ، يتقدم جندى وبصحبته الشرير .. الجندى يؤدى التحية لرئيس العسکر، ويتجه إلى الکاتب ومعه الشرير الذى يهمس له وهو يقدم رسالة السلطان إليه). (کامل أيوب، 1981،ص17)

 وقد امتد عدد صفحات المسرحية من (20:1) صفحة، ودارت أحداثها فى مدينة قديمة لم يحدد اسمها؛ ليعمم بها التجربة على الوطن العربى، أما عن زمن الحدث الدرامي فقد حاول الکاتب المزج بين الزمن القديم و الزمن المعاصر؛ حتى يجسد للأطفال ماضيهم وتراثهم الشعبى القديم ويربطه بواقعهم المعاش، وقد استلهم الکاتب الزمن المعاصر من خلال تقديم الشخصيات لأنفسهم على المسرح من خلال المقدمة المسرحية ، وهذا يتضح من خلال :

الأميرة : اسمى هيکون من الليلة فوق المسرح نور

دا کل اللى قالهولى المؤلف م السرور

قال لجل أکون بطبيعتى هنا قدام الجمهور

أنا أنا أنا .................بنت السلطان

 أنا م الأحلام مولوده فى الحکايات الشعبية

 تيجى السنين وتروح و أنا زى ما نا صبية

 وحلوة وسنيورة والشاطر هو اللى بيفوز بيه

 (کامل أيوب، 1981،ص2)

 أما الزمن القديم فقد استلهمه الکاتب من خلال أحداث المسرحية ، والتى حدثت فى زمن الخلافة الإسلامية، وکذلک الاستعانة بشخصيات من زمن الخلافة الإسلامية مثل: السلطان والأميرة نور، والمنادى، ورئيس العسکر ...وغيرها من الشخصيات.

ثانيا: النتائج المتعلقة بالمضمون :

الفکرة الرئيسية للمسرحية:

 الفکره الرئيسية التى يدور حولها النص هى : "التعايش السلمى مع الآخر " ، ويتفرع منها عدة أفکار فرعيةهى: التعايش السلمى بين المعتدى والمعتدى عليه ، السلام هوالطريق الحضاري لتسوية الخلاف والصراع بدلا من الحروب والدمار، السلام حقق لمصر البناء والرخاء وسيحقق للأمة والعالم الازدهار، الدعوة لمجاوزة الخلافات وعودة الشمل العربى ورجوع مصر لحضن الأمة العربية , الأيام تثبت صدق نوايا الرئيس السادات ورؤيته الحکيمة فى فلسفة السلام السابقة لعصرها .


مصدر الفکرة :

ترى الباحثة أن المسرحية استمدت رؤيتها الفکرية من الموروث الشعبى العربى القديم عن حکاية: "أبو نية وأبو نيتين" *؛ لتعريف الأطفال بتراثهم عن طريق الحکايات المستلهمة من هذا التراث؛ مما يدعم التمسک بالهوية التراثية الشعبية والذاتية الثقافية, وهذا ما جاء استجابة للتوصيات التالية:

- توصيات اليونسکو في دورته العشرون من خلال الهدف (6/7), والذى أکد على صون تراث الإنسانية الثقافى والطبيعى، وإحياؤه من خلال دعم المشروعات التى تشجع السکان على التمسک بتراثهم الثقافى وصونه.(منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة: الدورة العشرون، 1978، ص87 )

- قرارات الاستراتيجية الإنمائية الدولية لعقد الأمم المتحدة الإنمائي الثالث فى الثمانينات، من خلال الهدف (164), والذى يؤکد على أهمية تکريس الاهتمام بمسالة نقل التراث الثقافى والقيم العامة للجنس البشرى عن طريق التعليم . (الجمعية العامة للأمم المتحدة . الدورة الخامسة والثلاثون، 1980 ، ص 163), وهذا ما يوضحه المقطع التالى :

الراوي:يا شجرة الحواديت يا طارحة شوق وخيال هزي الفروع ياللا وسمعينا أمال .. ياما قالت جدتنا وياما جدو قال ...کان في أيام زمان 000 (کامل أيوب، 1981،ص1).

المعالجة الدرامية للمسرحية:

تدور أحداث المسرحية حول الطيب الذى قرر ترک دياره ووطنه للبحث عن الشرير؛ حتى يعلمه طريق الخير والحب والسلام على الرغم من رفض أمه وتحذيرها له، وما أن يعلم الشرير هذا، يسخر ويستهزئ من الطيب ويؤکد أنه هو الذى سيلقنه درسا لن ينساه أبدا؛ لأنه أبو ناب الغلاب سيد الکل ، بينما الطيب أهبل غفلان ودهل، وبالفعل يتقابل الاثنين ويترافقا في طريق سفرهم؛ ويشارک الشرير ملابس الطيب وطعامه وشرابه، وبعد سفر طويل وإجهاد، يصلا إلى صحراء جرداء يطلب الطيب بعض الطعام والشراب، يرفض الشرير الطلب ويؤکد له أن الطعام أصبح ملکا له لأنه يحمله منذ يومين، ثم يخيره ما بين فقع عينه واختيار الطعام والشراب أو الموت جوعا، فيستغرب الطيب من ردة فعل الشرير ويستنکر الأمر، وهنا يتراجع الشريرعن شره بعض اللحظات، ويعتذر للطيب، ويطلب منه بخبث أن يعصب له عينينه؛ ليکون دليله فى الطريق حتى يتأکد من قبول اعتذاره، فيوافق الطيب، وبعد لحظات يخلع الطيب العصابه من على عينيه فيجد نفسه أمام ساقيه مهجورة فيصرخ فيه مستغربا من فعلته، فيخبره الشرير بأنه سيخزق عينيه ويحدفه فى الساقيه، وبالفعل ينفذ الشرير تهديده ، ثم يترکه ويمضى في طريقه، بعد فترة يخرج الطيب من الساقية متهالکا، ثم يتحسس المکان بصعوبة إلى أن يصل إلى جدار مهدوم، فيجلس بجانبه ويأخذ فى البکاء، وبعد قليل تحضر قافلة ؛ لتستريح بعض الوقت، ويسمع الطيب حديث رجلان من هذه القافلة جلسا يستريحا عند الساقية، فيقول أحدهما للآخر: أن الساقية کان عليها نخلتين وفى وسطهم شجرة عجيبة، وأن أورقها دواء لکل داء، لکن بعد أن علم الناس السر اختفت الأشجار ولم يعد لهم أثر، وهنا ينهض الطيب نشيطا ويفرح فرحا شديد؛ لأنه اکتشف سر الأشجار, ثم ينزل إلى الساقية المهجورة المليئة بالتمر وأوراق الشجر، ليجرب ورقه أو ورقتين ليعالج بهما عينيه، بالفعل يمن الله عليه بالشفاء، فيقرر أن يطوف البلاد ليعالج کل مريض محتاج للشفاء، وبعد فترة من الزمن يصل الطيب إلى مدينة، ويعرف بالصدفة أن الأميرة ابنة السلطان مريضة وعجز الأطباء عن شفائها، وبالفعل ينجح الطيب فى علاجها ويتزوجها، ويصبح صهر ووزير السلطان، وفى يوم من الأيام يدخل الشرير مع وفد من الأهالي، على الطيب فى مجلس الملک يشکون إليه بعض الحاجات، يعرفه الطيب ويغفر له ما فعله به، يحاول الشرير التودد من الطيب مرة أخرى، ويطلب منه أن يخبره بما حدث له وکيف أن الله من عليه بالشفاء وکيف أصبح غنياً، فيخبره الطيب بکل شئ، ويعينه في القصره، لم يستفد الشرير من الفرصة، ويأکل قلبه الحسد، فيقررأن يدبر للطيب مکيدة أخرى للتخلص منه، ويحاول إلحاق الوقيعة بينه وبين السلطان سيف الدين ؛ليتخلص منه ويأخذ مکانه، بالفعل يصدق السلطان الوشاية ويقرر إعدام الطيب، فيأمره بالذهاب فى مأمورية عسکرية خارج البلاد، ويرسل معه خطاب لرئيس الجنود هناک، يأمره فيه بقتل من يحمل الخطاب، ولکن عناية الله تعمى بصيرة الشرير فيقررتدبير مکيدة أخرى للطيب، بسرقة الخطاب والسفر بدلا منه؛ ليتهمه بالإهمال والتقصير فى تنفيذ أوامر السلطان، وهنا تأتي النهاية بإعدام الشرير وانتصار الخير والطيبة، ويدرک السلطان حيل الشرير وتدبير الله له، فيسامح الطيب ويطلب منه السماح ويعيش الجميع فى سعادة.

القضية المثارة بالمسرحية:

 ترى الباحثة أن المسرحية عالجت قضية أساسية هى: "السلام المصرى الإسرائيلى " وهى قضية سياسية باطنة، وقد غلفها الکاتب بقضية ظاهرة فرعية، تعالج مشکلة اجتماعية هى : "السلام الاجتماعى فى نفوس البشر "حتى لا يتعرض للمساءلة القانونية؛ طبقا للالتزام ببنود اتفاقية کامب ديفيد, والتى تنص فى الملحق (الثالث ) فى البروتوکول الخاص "بشأن علاقات الطرفين" ، وفى المادة (الخامسة) منه، والتى تختص بمسألة : "التعاون في سبيل التنمية وعلاقات حسن الجوار", وفى البند (3) منها، والذى أکد على أن " يعمل الطرفان على تشجيع التفاهم المتبادل والتسامح، ويمتنع کل طرف عن الدعاية المعادية تجاه الطرف الآخر". (مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1979" ،ص20)

 وترى الباحثة أن الکاتب المسرحى استلهم رؤيته الفکرية ؛ نتيجة استجابته لعدة متغيرات وتوجهات کانت موجودة على الساحة فى تلک الفترة وهى کالتالى :

أولا: التوجهات / القضايا المحلية التالية :

 نجد أن الکاتب تفاعل مع الأحداث والتغيرات المحلية من خلال الاتساق مع سياسة وأيديولوجية الدولة والتى ظهرت من خلال عدة أمور ظهرت کالتالى:

- توقيع معاهدة السلام المصرية (1979) مع إسرائيل: قام الرئيس السادات برحلته إلى الولايات المتحدة الأمريکية، فى عام 1978من أجل التفاوض لاسترداد الأرض، وتحقيق السلام کمطلب شرعي لکل إنسان، وقد وقع معاهدة کامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وهي عبارة عن إطار للتفاوض، يتکون من اتفاقيتين الأولى: إطار لاتفاقية سلام منفردة بين مصر وإسرائيل - والثانية :خاصة بمبادئ للسلام العربي الشامل، في الضفة الغربية، وقطاع غزة والجولان,وقد انتهت الاتفاقية الأولى بتوقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية عام1979والتي عملت إسرائيل على إثرها إرجاع الأراضي المصرية المحتلة إلى مصر، بحضور الرئيس الأمريکى جيمي کارتر، ونظرا لجهوده في الحرب والسلام وإرساء الدولة العصرية؛ نال الرئيس السادات جائزة نوبل للسلام مناصفة مع مناحين بيغن. (مجلة أفريقيا قارتنا، 2013 ، ص 5) .

-  کما وافقت الولايات المتحدة على تقديم 1,5 مليار دولار کقروض عسکرية لمصر، ولم يأت عام 1979 حتى کان واضحاً، أن الولايات المتحدة قد أخذت قراراً بأن تصبح المصدر الأساسي لتوريد السلاح إلى مصر، وفى عام 1981 أعلنت الولايات المتحدة خطة تنفق بمقتضاها 6,4 ملايين دولار؛ لتطوير البنية الأساسية العسکرية المصرية، أما على الصعيد الاقتصادي فلم يغير السادات من التوجه السياسي والعسکري لمصر وحسب، بل عمد أيضاً تغيير توجيه اقتصادها نحو الاقتصاد الليبرالي، على أساس أنه الکفيل برفع الاقتصاد المصري بعد أن عجز الاقتصاد الاشتراکي من تحقيق النمو الاقتصادي المطلوب .( بيداء محمود أحمد، فردوس عبد الرحمن، 2011، ص97).

- انتهاء المرحلة الثانية لانسحاب إسرائيل من سيناء في يناير (1980): وانطلاق القيادة المصرية نحو تعمير الجزء الذي تم تحريره في سيناء ، والذى بلغ أکثر من (65%) من مساحة سيناء، وبدأ العمل بمشروعات ربط سيناء بوادي النيل ، والعمل على تحويل سيناء إلى منطقة استراتيجية متکاملة تمثل درع مصر الشرقي. (الهيئة العامة للاستعلامات ، د/ن، http://www.sis.gov.eg/section/5243/6779?lang=ar)

- جاءت متسقة مع ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ فى هذه الفترة والتى ﻫﻲ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺴﻴﺎﺴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎمة، حيث أکدت ورقة عمل حول تطوير وتحديث التعليم في مصر سنة 1980: على أهمية تغيير الواقع التعليمي المجهد نتيجة للحروب، واسترداد الأرض من أجل استکمال البنية الأساسية وحشد الموارد من أجل البناء والتعمير، وکذلک الاهتمام بالمبادئ الأساسية الموجهة لحرکة التعليم في مصر وهي: التعليم من أجل التعليم من أجل التنمية الشاملة, التعليم في إطار الذاتية الثقافية للمجتمع .( عوض توفيق عوض، 2002، ص376) .

ثانيا : التوجهات /القضايا الدولية الآتية :

نجد أن الکاتب التجأ للنموذج الغربى والمعونات الدولية المشروطة من خلال الآتى:

- الامتثال للاحتفال باليوم الدولي للسلام في عام (1981): أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يوم افتتاح دوراتها العادية في أيلول/ سبتمبر" سيتم إعلانه رسميا للاحتفال باليوم الدولي للسلام، وسيکرس للاحتفال بالمثل العليا للسلم لدى جميع الأمم والشعوب (القرار 36/67). (الجمعية العامة للأمم المتحدة . قرارات الدورة 36، 1981ص25).

- انعکاس لتوصيات وقرارات اليونسکو في دورته العشرون لسنة (1978): والتي أکدت تطوير البرامج التعليمية بالمدرسة وخارجها وتنمية الإعلام ؛ بهدف تعزيز السلام والتفاهم الدولي, وکذلک إسهام وسائل الإعلام بدور أساسي في تربية الشباب بروح السلام ، والعدالة ،والحرية ، والاحترام المتبادل ؛ بغية المساواة والحقوق بين جميع البشر والتقدم الاقتصادي والاجتماعي ( منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، 1978 ، ص 29/ 66).

- الامتثال للمعونات الدولية المشروطة : تبنت لجنة مساعدات التنمية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادى للتنمية عام 1979مبادئ جديدة فى مجال تمويل النفقات المحلية والدولية، وقد اعترفت أن مشروعات التنمية هى الأکثر ملاءمة لهذا النوع من التمويل. البنک الدولى للتنمية والتعمير، 1980 ، ص 98).

ثالثا : التوجهات / القضايا القومية التالية :

 ترى الباحثة أن الکاتب تفاعل مع أحداث الأمة العربية فى هذه الفترة من خلال التالى:

ترکز جوهر السياسة العامة للدولة فى هذه الفترة (مرحلة صنع السلام) على أن " مصر هي جزء من الحضارة الأوروبية خاصة والغربية عموما ، وأن إدراک ﺍﻟـﺴﻼﻡ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺭ للسياسة ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ - ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘـﺎﺀ ﺒـﻴﻥ ﺤـﻀﺎﺭﺘﻴﻥ- ﻭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﺇﻻ ﺍلاﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺩ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ، ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ بصفة خاصة، والتمسک باتفاقية کامب ديفيد، ﻜﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐـﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﺭ ﺃﻥ ﺘﺭﻜﺯ اﻫﺘﻤﺎﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍلاﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍلاﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﺜل ﻤﺎ ﺘﻔﻌل ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺭﺓ، وبالرغم أن الشعور العام کان ما زال نحو عدم تورط مصر في الواقع العربي المعقد، إلا أن شعور شعبيا مماثلا بأن خصومة مصر في محيطها العربي هو أمر مناف لطبيعتنا العربية، وخاصة عندما بدأت تظهر اعتداءات إسرائيل على المحيط العربى مثل ضرب المفاعل النووى العراقى 1981". (حسين السيد حسين، 2012، ص 457).

 وهذا ما جاء منعکسا على المسرحية حيث جاءت فى ظل أجواء تعصب وغضب عربى ورفض کامل للتطبيع مع إسرائيل، وقد عبر العرب عن قلقهم تجاه إعادة علاقات مصر مع العدو الصهيوني، وتوقيعها على اتفاقية السلام ؛باتهام مصر بالتواطؤ مع إسرائيل والولايات المتحدة على حساب المصالح العربية العليا، وخروجها على الإجماع العربى؛ وبالتالى تم مقاطعتها ومحاصرتها اقتصاديا وتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية من عام 1979 إلى عام 1989(موسوعة مقاتل، د/ن،

http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Monzmat3/GamaArabi/sec07.doc_cvt.htm

 استنادا لکل ماسبق من قضايا / توجهات سواء محلية، أو قومية ، أو عالمية ظهرت على الواقع الحياتى المعاش فى تلک الفترة ، ترى الباحثة أن المسرحية حاولت أن تعکس سياسية الدولة القائمة على الالتزام بسياسة بالحياد من خلال تبرير موقف القيادة المصرية من الصلح مع إسرائيل، إلى جانب محاولة التقريب بين وجهات النظر المصرية والعربية والدولية؛ عن طريق التوصل إلى صيغة تجمع ما بين استمرار علاقة مصر بالعروبة، وبين التزامها بسلامها التعاقدي مع إسرائيل، مع الترکيز على التنمية والبناء والعمران مثلما تفعل الشعوب المتحضرة, وهذا يتضح من خلال الإسقاط التاريخى التالى والذى ورد فى مضمون المسرحية :

- استخدم الکاتب لفظي الطيب والشرير فى العنوان کناية عن کل الطيبين وکل الشريرين هو إسقاط سياسي على (قائد مصر، قائد إسرائيل).

- حاول الکاتب الالتزام بسياسة التحضر؛ من خلال التأکيد على أن السادات هو الذى يسعى دائما لعملية السلام، ويمد يده بالسلام لقيادة إسرائيل المعتدية وهذا ما "حاولت السياسة الأمريکية ترويجه من خلال خلق خرافة التعايش السلمى بين المعتدى والمعتدى عليه تحت حجة الموقف المصرى المتحضر". (اسماعيل عبد الکافى، د/ن, ص242)

الطيب:أنا شايل زادي وزوادي ورايح أدور على راجل شرير

عايش في الناحية التانية من الدنيا00 00 أنا ها فضل

ماشي کده من أرض للتانية00 حتى الآقيه

واسايره شوية شوية00 يمکن أقدر أطفي نار الشر في

قلبه وأدله على الخير. (کامل ايوب، 1981، ص3)

- عبر الکاتب عن موقف الدول العربية من قضية السلام ؛ من خلال التقريب بين وجهتى النظر المصرية والعربية ، فالمصرية هى الاصرار والسعى دائما للسلام، ومواجهة الواقع بکل سلبياته والعمل على تغييره بما يخدم قضية السلام، أما العربية فهى النصح بعدم المخاطرة والانضمام للصف العربي، وأن والحرب والنضال هى الحل الأمنى الوحيد لسلامة أراضيها؛ وهذا يتضح من خلال ظهور صوت الأم بين الحين والآخر، والذى ينصح دائما الطيب بعدم المخاطرة والرجوع لحضن الأم؛ وهذا فيه إسقاط سياسي يعبر به الکاتب عن هوية الأم عند الطيب أو الأمة العربية عند السادات، وهذا يتضح من خلال:

الأم:ناوي برضه ياضنايا ..تروح يمة الشرير برجلک.. ياما نفسي تهتدى بالله ..وتبقى جنب أمک ..وسط ناسک وأهلک

الطيب:انتي يا امه جوه قلبي.. فين أروح طيفک سابقني

الأم:بس إيه الفايدة ..وانت أهو مفارقني

الطيب:سکة يا امه لازم أمشيها وافک لغزها00 وأقرا سرها إيه يکون الخير مع الخوف والعواقب والمخاطر ..إيه يکون لو التحم في صراع مع الشر اللي داير أنا يا امه عايز أعرف نفسي أکتر00 (کامل ايوب، 1981،ص7)

- تعرض الکاتب للتفسير التاريخى لهزيمة يونيو 1967، والذى أکد به أن إسرائيل عملت على إضعاف وتمويه القيادة المصرية بکل السبل ، ثم مفاجئتها بالحرب دون إنذار، وهذا ظهر من خلال التشبيه الدرامى والذى يجسد المعاناة الجسدية والنفسية للطيب؛ بسبب السير فى الصحراء مدة طويلة بدون ماء وطعام ، ثم تمويه وخداع الشرير له بالکلام الکاذب المعثول، حتى حانت له فرصة إلقائة فجأة فى الساقية بعد أن خزق له عينيه ، دون أن يستعد الطيب لذلک وهذا يتضح من خلال التالى:

الطيب :    هفتان يا صاحبى ومش قادر ( الطيب ناهضا بصعوبة على قدمه )

    هفتان جوع وعطش ..والزاد اللى معاک زادى ..

الشرير :    خلاص الزاد دا مبقاش زادک..أنا اللى شايله على کتفى ..ليه أکثر من يومين شوف ..إحنا دلوقتى فى الصحرا تايهين ...وإن حبيت اللقمة بعين .. وبق المية بعين

الطيب :وامشى ازاى معاک.. وتمشى ازاى معايا ؟ ...

الشرير :    ابقى لک عکاز ودليل ...لو تکدبنى ..أنا هعصب لک ..عينک بالمنديل.. لاجل تتأکد إنى عمرى ..مانا مفرط فيک ياللا ..هه تعالى ..هه ..تعالى يمين شوية ..

الطيب :    (يوقف فجأة ويفتح عينيه يلاقى الساقية قدامه يصرخ)..ناوى تعمل فيه إيه؟

الراوى :    أبو ناب يظهر نابه , ويجاوب عليه ناوى اخزق لک عيونک .. واحدفک يا دهل فيه ..لحظة والتانية.. والساقية هتاويک..

 (الشرير يصحب الطيب إلى الساقية ويحدفه فيها مع مؤثر موسيقى بينما الطيب متهالکا من الضعف وهو يکاد لا يري من الاعياء بعد لحظة يتقدم الشرير من الساقية ، وأخذ يتسمع الساقية ثم يغنى )

الشرير:    هى هى ..لا أنين ولا أى حس زمانه مات ..وإن کان مازال فيه الرمق أهو انحبس ..وبالکتير ساعة ..ويقطع النفس . (کامل ايوب، 1981، ص8)

- تعرض الکاتب أيضا للاختلافات فى وجهات النظر بين قيادة مصر التى قبلت الحل السلمى بقبول عدة مبادرات سلمية بعد هزيمة يونيو؛ والانعکاسات المختلفة على الجانب العربي ما بين مؤيد ومعارض ومتهم للقيادة المصرية بالخيانة. ( صلاح سالم، 2000، ص110)

- وهذا يتضح من خلال التشبيه الدرامى والذى يجسد رفض الطيب للهزيمة، وإصراره على عدم الاستسلام والخروج من الساقية المهجورة بعناء وصعوبة بعد أن فقد بصره، وهذا يدل علي أن النظام لم يستسلم لمرارة الأزمة بل أصر على الخروج منها, وهذا عکس المأثور الشعبي والذي أکد على أن أبو نية خرج من البئر بمساعدة أحد المارة ثم يستطرد الکاتب في التسجيل التاريخي, ويؤکد أن الطيب بعد أن يسمع صوت أمه الشجي المملوء بالصراخ والعويل والنحيب، يشعر بالأمان وتتدفق الفرحه من عينيه کالأطفال، وتحاول أمه أن تقنعه بأن يأخذ ثأره، ولکن الطيب يصر على الرفض، ويحاول اقناعها بأن السلام هو الحل الأمثل للقضاء على الشرور، وأفضل سلاح للدفاع عن النفس، فتغضب منه أمه وتترکه وحيدا، وهذا ما يؤثر عليه ويجعله ينهار نفسيا ونرى هذا من خلال الآتي:

 (إضاءه ثم موسيقى راقصة ...والأطفال يؤدون آهات ذات طابع دينى حول الساقية .. يخرج الطيب بصعوبة من الساقية ...يخرج الأطفال من المسرح ..ويبقى فى حالة اعياء..يتحسس الأشياء بعد أن فقد بصره... مادا يديه إلى الأمام ..وبعد لحظة يتوقف عند بقايا جدار مهدوم ..يتضح أنه غارق فى أحزانه الداخلية قبل أن تدب فيه الحيوية فى مواجهة خيالاته ..تظهر الأم فى مکان ما على المسرح ...فى حالة حداد واستغاثه وولوله ...الطيب يغير مکانه فى بشاشة طفليه )

الأم:ابني 00ابني يا أهل البلد مات00مات الطيب 00ابني مات يااهل البلد00والشر غالب

الطيب:مين00لألأ يا امه00 أنا عايش ممتش أنا أهو في الدنيا حي

الأم:على حرف الساقية شفته بيحدفک00 وصرختک کاوياني کأن في مقدورک يا ولدي تحدفه أنت وتنجي

الطيب:دا ما کانش ياامه ممکن...أنا شايل الحب ياامه وهو شايل الغدر

الأم:يعني يا ابني تروح قتيل

الطيب:يعني ياامه أحيا قاتل 00يبقى إيه الفرق بينا هو هادم وأنا باني

الأم:طيب يا ولدي إزاي شايفني بعد ما انصابت عنيک

الطيب:متخافيش على يا امه لأني أعمي00 جوايا قمر ونجوم ونور وقت ما غمضت عيني فتحت روحي على المعني الکبير دي العيون يا أمي مبتنورش کتير 00(يختفي الصوت)00 على فين سايباني ياامه 00يااامه 00يااامه 00(ينفجر الطيب في البکاء متکئا على حافة الجدار) 00 ( کامل ايوب، 1981، ص10 )

 ثم يستطرد الکاتب فى التسجيل التاريخى لهذا الصراع، وکذلک تبرير سياسة القائد المثالية من وجهة نظره، ويؤکد على أنه رغم المکائد التي يدبرها الشرير للطيب والتي تتسبب له في فقدان نظره - إلا أن الله يکافئه على طيبته - ويدله على شجرة تکون سببا فى شفاء عينيه، وسببا في شفاء الأميرة المريضة ، ولهذا يکافئه السلطان بتعينه وزيرا ويزوجه الأميرة نور، وهذا فيه إسقاط سياسي وتاريخى؛ يدل على شدة الآلآم والمعاناه التى سببتها النکسه للقيادة المصرية، ولکن الله يوفق القائد لطيبته ولمثاليته؛ ويکافئه بالمعجزة – نصر أکتوبر المجيدة- والتى کانت سببا فى خروج مصر من أزمتها وآلامها، ومنحها فرصة کبيرة فى إعادة بناء قواها، واستعادة وزنها الإقليمى والدولى، وکذلک تأهيل أمريکا للرئيس السادات لقيادة العالم، نظرا لحکمته المعهودة فى السلام، والتى استطاعت أن تسبق عصرها بمراحل، وهذا يتضح من خلال التالى :

 (السلطان سيف الدين وهو يزف شفاء ابنته الأميرة إلى أعوانه وأفراد حاشيته.. الذين يرفعون أيديهم فى هيئة شکر للسماء ثم يهرع بعضهم إلى خارج المکان لإعلان الخبر ..بينما يظهر فى الخلفية عن بعد... الطيب فى هيئة رائعة مع عروسه الأميرة يتبادلان من مکانهما مع الموجودين.. إيماءات بالتهنئة والرأس )

السلطان : يا خدم .. ياحشم .. ياحجاب زفوا البشرى لکل رعيتنا إللى جميعهم أهل وأحباب إن أميرتهم بنت السلطان سيف الدين .. بعد قلقها وقلقهم وياها سنين .. جاها فضل الله على إيد راجل اسمه الطيب .. رح يبقى حسب الوعد عريسها . والحفلة هيعلن عنها فى وقت قريب ....( الطيب والأميره فى حرکة راقصة على مقدمة أغنية باحلم يا نور)

السلطان : زيدو العطايا والهبات .. ومنادى ينادى ويعلن على کل الأبواب .. إن الطيب من .. بکره هيقابل أصحاب الحاجات کل صباح ..لاجل يسمع مشاکلهم مهما تکون ..واللى هيشوفه ويقوله مجاب . ( کامل ايوب، 1981،ص13)

 ثم يمضى الکاتب فى انحيازه وتبريره لسياسة الرئيس الراحل السادت، ولا يکتفى بهذا بل ينظر لفلسفته فى تلک الفترة والتى تتمثل فى کرمه، وإنسانيته فى التعامل مع المواطنين، والترفع عن توافه الأمور مع الأعداء ، والإصرار على أن السلام مع المعتدى هو الطريق الحضاري؛ لتسوية الخلاف وللحفاظ على الوطن ، وللإستفادة من فترة زمنية طويلة من الهدوء والاستقراروالرخاء ؛حتى يتفرغ الجميع للبناء والازدهار والبناء، بدلا من التدمير والخراب وبشاعة الحروب ، وهذا ما يصوره لنا الحوار التالى :

الراوي : مرت الأيام ورا الأيام والسنين ورا السنين والطيب صهر ووزير السلطان سيف الدين ما يبخل على صاحب سؤال قال الکل عنه إنسان نادر ماله مثال.. حتى لقى قدامه في ذات يوم غريب من طلاب الحاجات جايله على الصيت ..شبه عليه لحظة ..وافتکره بعدها في الحال... سأله بذوق وهدوء00 مش برضه انت باطل أبو ناب ... التاني بحلق فيه00 عرفه 00 صرخ باستغراب ياه00 قاله الشرير سامحني يا خويا ...يا ما ضليت ..ويا ما غلطت ..ويا ما أنت عفيت..إيدک أبوسها ..رجلک أبوسها لازم والله أمال 00 شوف الدنيا عملت إيه في أخوک البطال؟... لا صحة ولا راحة شوف .. إزاي إتضحضت... وحالي صبح حال00 تبت الى الله وندمان على کل اللي فات 00 الطيب قال له خلاص اللي فات مات 00انساه ونبدأ من اليوم صفحة جديدة ..ومادام تبت الى الله،هيکون شغلک هنا ويايا في القصر00(کامل ايوب، 1981،ص13).

 يروج الکاتب على أن المرحلة الحالية، هى مرحلة السلام، مرحلة تحقيق الأحلام المرتقبة، والتغيير نحو الأفضل، وهذا ما يتناسب مع "إعلان السادات " بأن عام 1980هوعام الرخاء للشعب المصري؛ حيث سيترکز التعاون الاقتصادي المصرى والأمريکى في جانبين أساسيين من بين جوانب متعددة؛ هما جانب المعونة الاقتصادية الأمريکية لمصر، وجانب الاستثمارات الأمريکية والتبادل التجاري بين البلدين".( بيداء محمود احمد، فردوس عبد الرحمن، 2011 ، ص 100).

وهذا ما تجسده أغنية الطيب مع زوجته الأميره نور, وهذا يتضح من التالى:

الطيب: باحلم يا نور00 باحلم بخير00 ملو الغيطان باحلم بدنيا کلها عدل وأمان باحلم بعالم حر.. مولود من جديد وقلوب منديها وساقيها الحنان بورده باحلم يا نور باحلم بخير ملو الغيطان .

نور : باحلم ياطيب بالخمايل فى الرمال ونجوم کتيره منوره فوق التلال باحلم بورده فى کل خد وکل إيد وبسمة دايمة فى عيون کل العيال.

الطيب :    باحلم بناس مفيش بينهم حزين ولا محتاجين ولا مقهورين ولا مطرودين وکل صبح يبقى عند الکل عيد. (کامل ايوب، 1981، ص14).

- يستمر الکاتب فى إبراز الإسقاط والتفسير التاريخى، ويحاول أن يسلط الضوء على المقاطعة العربية لمصر، من خلال توجيه رجاء واستغاثه للأمة العربية فى إنهاء الخصومة والمقاطعة، ورجوع مصر مرة أخري للحضن العربي ويظهر ذلک من خلال

السلطان:   هيه سرحان في ايه

الطيب: افتکرت أمي يا مولاي السلطان وحشاااني000 وحشاااني000 وحشاااني .(کامل ايوب، 1981، ص14).

 ثم يمضى الکاتب فى انحيازه المستمر لأيديولوجية النظام السياسي, ويؤکد بأن رؤية القيادة المصرية للسلام والتمسک به - هى رؤية مستقبلية صائبة - والأجواء العربية تثبت ذلک، کما يبشر الکاتب بمزيد من اتفاقيات السلام فى المنطقة وهذا يتضح من خلال ؛ مبادرة الملک فهد بن عبد العزبز للسلام أو ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ، وقت أن کان وليا للعهد عام (1981/ 1401) والتى قد تحولت فى قمة فاس الثانية فى سبتمبر 1982بعد أن تولى مقاليد الحکم ، إلى إقرار مشروع عربى يمثل أول خطة سلام عربية لحل الصراع العربى الإسرائيلى، وهذه المبادرة هى بادرة أمل جديدة فى عودة الشمل العربى؛ لأنها ساعدت على إدراک الأمة لأهمية السلام ، وضرورة إنهاء الصراع العربى الإسرائيلى ، ومهدت لعودة مصر إلى بنية النظام العربي، بعد غيابهاعن دائرة العمل العربي المشترک ، من خلال تأييدها لمسيرة السلام، وفقاً لمشروع کامب ديفيد الذي أصبح حقيقى على أرض الواقع. (فهمى مقبل،2007، ص54)

 ويصوغ المقطع التالى التأکيد على هذا, والذى يؤکد أن الأمة أدرکت صدق نوايا السادات وفلسفته الحکيمة الصائبة السابقة لعصرها:

صوت الأم:(بحنان) يا طيب خلاص صبح الشر في موته يعني خلاص يا ابني وانتهت الحدوته 00(کامل ايوب، 1981، ص20).

الحبکة الدرامية :

 عبارة عن حبکة تقليدية بسيطة، محکمة البناء، کما أن جميع أحداثها تخضع لقانون الضرورة والحتمية الدرامية حيث نتعرف فى البداية على أبطال العمل المسرحي من خلال تقديمهم لأنفسهم للجمهور، ثم نتعرف على الزمان والمکان، ثم نتعرف على الحدث الرئيسي فى المسرحية وهو محاولة الطيب لجذب الشرير لطريق الخير؛ لأنه يحلم بعالم ملئ بالسلام خالي من الشر والأشرار ويؤکد هذا بقوله.

الطيب :   أنا هفضل ماشى کده من أرض للتانية .. حتى الأقيه واسايره شوية بشوية ..يمکن أقدر أطفي نار الشر اللى في قلبه وأدله علي الخير (کامل أيوب، 1981، ص3).

 ثم تتابع وتتصاعد الأحداث من خلال الوسط؛ لتظهر لنا الصراع الواضح بين الطيب والشرير، ونرى الطيب لايبخل على الشرير بالماء والطعام والملبس، ولکن الشرير يوقع به الأذى فيمنعه من الطعام والشراب، ثم يستدرجه بخبث إلى الساقية المهجورة، ثم يلقيه حدفا فيها بعد أن يفقأ عينيه .

الطيب :    (على حرف الساقية وهو يصرخ) ناوى تعمل فيه إيه؟

ابوناب :ناوى اخزق لک عيونک..واحدفک يا دهل فى الساقية. (کامل أيوب ، 1981 ، ص3).

 ولکن عناية الله وعدله وتوفيقه ترشده على الشجرة المسحورة داخل الساقية ؛ لتکون سببا فى علاج بصره وعلاج کل مريض، ثم تتصاعد الأحداث ويعرف الطيب أن الأميرة نور ابنة السلطان فقدت بصرها, وأن من سيعالجها سيتم مکافئته بالزواج منها، بالفعل يتم الزواج ويصبح وزيرا للسلطان، ثم تتصاعد الأحداث و يعرف الشريرأن الوزير هو نده الطيب، فيطلب منه السماح والصفح عما صدر منه، وسيتأذنه فى فتح صفحة جديده، وبالفعل يسامحه الطيب ويعينه فى القصر، ولکن الحسد والغل يملئ قلب أبوناب فيحاول تدبير مکيدة أخرى للطيب، بدعوته على طعام العدس والبصل الأخضر، فيرفض الطيب حتى لايؤذى السلطان برائحة فمه، ولکن الشرير يلح عليه ويستعطفه ويقنعه بأن يضع منديل على فمه حتى لايشم السلطان رائحة البصل، ومن ناحية أخرى يذهب إلى السلطان ويوشى بالطيب غدرا عند السلطان ويخبره بأن الطيب يضع منديل على فمة لأنه يتأفف من رائحة فم السلطان .

الراوى:کتم فى غيظه جلالته وقال له روح...أنا هلاحظ ما قلته ..يا تکون نهايتک فى کدبک..والطيب يا تکون فى صدقک نهايته00 (کامل أيوب ، 1981 ، ص15).

 وفى النهاية نجد عناية الله تکون سببا فى نجاة الطيب وسعادته وأيضا سببا في قتل الشرير، فبعد أن يأمر السلطان الطيب بتوصيل رساله سريه مکتوب فيها: يقتل من يحمل الرسالة، ولکن الشرير يتودد إليه بأن يعطيه الرسالة ليوصلها هو ؛ حتى يوغر صدر السلطان على الطيب ، ولکن الطيب يرفض لأنها رسالة سريه ، فيقوم الشرير بسرقتها وتوصيلها ولهذا يکون جزاؤه القتل، وبعد أن يعلم السلطان أن الطيب موجود فى القصر وأن الشرير هو من قتل، يستدعى الأميرة نور ويستفسر منها عن حقيقة الأمر، فتشرح له نور الدسائس التى فعلها الشرير بزوجها، کما تشرح له حقيقة مکيدة المنديل، وحکاية خطف الخطاب، وهنا يدرک السلطان حيل الشرير وتدبير الله له، فيسامح الطيب ويطلب منه السماح ويعيش الجميع فى سعادة.

الراوى :    السلطان جاله خبر إن الطيب موجود فى القصر ومارحش برسالته .. هام غضبه وزاد فيه الشر ..لکن نور فى الوقت المناسب.. شرحت له کل اللى کان من أحداث بين الطيب والشرير ، وبأن أصل الحکاية المنديل اللى کمان منها زعلان ...قال سبحان الله يانور.. وسماح ياطيب .. واضح إن أبوناب لما خطف الجواب منک.. وراح يوديه ... کان ناوي يتهمک قدامي بالاهمال لکن البير اللى کان فاحته لک بالکيد والتمويه وقع هو فيه...(کامل أيوب ، 1981 ، ص15).

الشخصيات :

 اعتمد الکاتب فى اختيار شخصياته على نماذج بشرية مأخوذة من الواقع؛ وقد وفق فى توظيفها لخدمة النص وأحداثه، وتکونت المسرحية من (أکثر من عشر شخصيات)، وانقسمت إلى شخصيتان أساسيتان وهى: (والطيب، والشرير)، وخمسة شخصيات ثانوية وهى: (الراوى، الأم، والأميرة نور، السلطان نور الدين، الرجلان البدويان: الشيخ همام، الخادم سالم)، ثم الشخصيات الهامشية مثل: (المنادى، رئيس العسکر، الحراس، أهل المدينة، والأطفال والصبيان الذين قاموا بأداء الاستعراضات والغناء).

 وترى الباحثة أن الکاتب نجح فى رسم شخصياته، وتحديد أبعادها االشخصية ببراعة وإتقان؛ لکى يفهمها المتلقى من خلال تطورها الدرامى عبر الأحداث، وبشکلها المتکامل (داخليا وخارجيا) فضلا عن دورها فى تعميق الحدث الدرامى المتأزم وصولا إلى الحل النهائى للموضوع، کما حاول أن يعمق إنسانيتها؛ لتبدو مقنعة وممتعة أمام الأطفال، ووفق أيضا فى إضافة الخواص التى تعطيها مظهرا مناسبا للواقع من خلال: تمتعها بکثير من المصداقية، وإثارة اهتمام المشاهد، ومحاولة إلصاقها خصائص فردية تميزها عن غيرها من الشخصيات، وأيضا اتساقها فى کلماتها وأفکارها وحرکاتها, وستکتفى الباحثه بتحليل الشخصيات الأساسية وبعض الشخصيات الثانوية لتوضيح التغيرات التى ظهرت عليها مقارنة بالنص الأصلى؛ لتأکيد وإبراز القضية وهذا يتضح من خلال:

1.  الشخصيات الأساسية

- شخصية الطيب

 اختار الکاتب شخصية الطيب؛ لترمز إلى النظام المصرى أو بالأخص الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وقد وفق الکاتب في اختيار اسم الشخصية، کما نجح فى إلصاق صفات الاسم عليها - ومعنى الاسم: من تخلَّى عن الرذائل وتحلَّى بالفضائل - وهو اسم من أسماء الله الحسنى، وقد ذکر فى الحديث النبوى عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبَاً صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى الحديث: لأن الله سبحانه وتعالى ذاتٌ کاملة؛ فإنه لا يتجلى على مخلوقأ أو على إنسان إلا إذا کان طيباً، ولا يلقي في قلبه نور الحکمة والبصيرة، ولا يمنحه القرب، ولا يجعله مسددا موفقا، ولا يقبله إلا إذا کنت طيباً ورعا طاهر السريرة مستقيما. (محمد النابلسى،2007).

 وترى الباحثة أن الکاتب عمد إلى إضافة الکثير من التغيرات الواضحة على هذه الشخصية بخلاف المأثور الشعبى؛ لتناسب القضية المطروحة، ولتنسجم مع طبيعة الرئيس السادات، وقد استند الکاتب فى رسم الشخصية على صفات جعلتها تبدو متماسکة، قوية، صاحبة عزيمة وإرادة، تتحمل مسئولية جسيمة فى الدفاع عن مبادئها التى تؤمن بها ولا تفکر فى التراجع، مؤمنه بالحياة وراغبة فيها، لا تستلم للهزيمة والانکسار، محبة للخير والسلام، وتترفع عن توافه الأمور، وتضع على عاتقها مهمة الانتصار للحق والسلام والخير، ومؤمنه بضرورة مواجهة الواقع المعاش بکل سلبياته ومحاولة تغييره بما يخدم تطلعاتها نحو الأفضل، وتتبنى فکرة الحفاظ على السلام الذى سيساهم فى القضاء على الحروب التى تسببت فى تدمير المجتمعات وإبادة البشر وتشريدهم.

 ولهذا نرى الطيب فى المسرحية هو الذى يصر على البحث عن الشرير؛ ليعلمه طريق الخير والسلام؛ على الرغم ما يواجهه من صعاب وآلام جسام؛ لأنه مؤمن بقضيته الأساسية السلام ويتمنى أن يسود العالم کله السلام، ويرغب فى تغيير الواقع بما يخدم هذه القضية، عکس المأثور الشعبى, والذى يؤکد أن أبونية وأبو نيتين تقابلا صدفه، وهذا فيه إسقاط سياسي للسادات على أنه رجل سلام ومبدأ سياسته صنع السلام بين مصروالعالم العربى مع إسرائيل والمحافظة عليه, وهذا يتضح من خلال التالى :

الراوى :وتقول الحدوته يوم ورا يوم ..أسبوع ورا أسبوع ..شهر ورا شهر والسنة تبقى سنين .. والطيب ما خلاش ناس ولا حى ولا زقاف.. سکة تجيبه وسکة تواديه ... وحکايته يحکيها للاصحاب ..يمکن کلمه أو فکرة ..على دربه تهديه ..ياما قال الأوصاف والأمارات ..اللى حداه ...ياما نصحوه وحطوا قدامه الخوف .. لکن شئ فى ضميره کان بيقول لا .. لا لازم فى يوم ألقاه واثبت للدنيا أن الخير هو الأصل فى الإنسان (کامل أيوب، 1981، ص2).

 کذلک نرى إصرار الطيب على الخروج من الساقية المهجورة على الرغم من المعاناة الشديدة التى کان فيها عکس المأثور الشعبى, والذى يؤکد أن أحد المارة أخرج أبونية من البئر، وهنا يحاول الکاتب التدليل على قوة وعزيمة السادات وعدم استسلامة للهزيمة والنکسة, وهذا يتضح من خلال التالى :

(إضاءه ثم موسيقى راقصة ...والأطفال يؤدون آهات ذات طابع دينى حول الساقية .. يخرج الطيب بصعوبة من الساقية ...يخرج الأطفال من المسرح ..ويبقى فى حالة إعياء..يتحسس الأشياء بعد أن فقد بصره... مادا يديه إلى الأمام ..وبعد لحظة يتوقف عند بقايا جدار مهدوم ..يتضح أنه غارق فى أحزانه الداخلية قبل أن تدب فيه الحيوية فى مواجهة خيالاته ..تظهر الأم فى مکان ما على المسرح ...فى حالة حداد واستغاثه وولوله ...الطيب يغير مکانه فى بشاشة طفليه)00 00(کامل أيوب، 1981 ،ص10).

 أيضا نرى أن الکاتب استبدل الکنز المدفون تحت الشجرة فى المأثور الشعبى وسرقة أبو نية له، بتمر وأوراق شجر فقط ، وأکد أن الطيب قرر أخذ أوراق الشجر فقط ؛ ليعالج عينيه ويکون سببا فى مساعدة المرضى وعلاجهم، ولهذا کافئه السلطان وجعله وزيره وصهره عندما عالج إبنته؛ حتى يؤکد أن الرئيس السادات عزيز النفس لا يطمع فى المعونة الأمريکية على حساب مبادئه وقضاياه، وأن معونة کامب ديفيد جاءت مکافئة له عن مجهوداته فى طريق السلام، وأيضا لکى لا يحبب الأطفال فى السرقة وهذا يتضح من خلال :

الطيب :    دلوقتى فهمت منين التمر لقيته فى جوف الساقية ومنين ورق    الشجر اللى لقيته هناک أکوام ... يا ترى دا اللى سمعته حقيقة ولا أحلام آدى الساقية اللى شايلة فى جواها السر ..ما صدقت إنى طلعت منها .لکن لازم أنزل تانى إزاى ...وأنزل ليه ؟ أيوة أفرک ورقة ولا اتنين من ورق الشجرة ..وأکحل عينى منها حسب وصفة الشيخ اللى رواها ...يمکن ألاقى نفسى مفتح عينى ..بکرة الصبح ..طيب والله دنا کنت ..املا توبى أوراق .. واطوف فى البلدان لاجل اعالج کل جريح واداوى کل عيان00(کامل أيوب، 1981 ، ص11).


- شخصية الشرير:

 وهو الشخصية المضادة للبطل؛ وترى الباحثة أن الکاتب اختار هذه شخصية؛ لترمز إلى النظام الإسرائيلى والذى تسبب فى کثير من الحروب التى دمرت، وأبادت وشردت کثير من البشر في ومصر الوطن العربى بل العالم أجمع، وقد نجح الکاتب فى اختيار اسم شخصية الشرير، فدلالة الاسم: استهجان وذم أثِيم, ومعناه کثير الشرّ، المُولَع به، واسم الشِّرِّير من أسماء:إبليس، الشَّيطان. (قاموس المعانى ،http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar)

ويتضح بعض الصفات لهذه الشخصية فى المقطع التالى :

الشرير :    أنا فى الغش خبير غاوى اعمل مسامير

 أستاذ فى التدبير لى تلامذه کتير

وتـــسمونــــــــــى الشــــــريـــــر( کامل أيوب، 1981 ، ص 3)

 وتجد الباحثة أن الکاتب أضاف العديد من التغيرات الواضحة علي مستوى هذه الشخصية بخلاف المأثور الشعبى ؛ لتناسب القضية المطروحة ولتقترب مع طبيعة النظام الإسرائيلى ، وقد استند الکاتب فى رسم الشخصية على صفات جعلتها تبدو شريرة ، ظالمة ، ضعيفة الإيمان، خبيثة النفس، منافقة، مفسدة، مؤذية، عابدة للمال، قبيحة الأخلاق، حاسدة، تنقض العهد، عنيفة ، متسلطة ، تدعى القوة والجبروت ،لا تتناهى عن الفحشاء والمنکر، وتتباهى بالقتل والتعذيب، تأکل أموال الناس بالباطل، تؤمن بفلسفة: التعالى والتکبر فى التعامل مع الآخر، والعيش على الفهلوة والبلطجة والسرقة ، وکذلک التربص والوعيد لکل من يقف أمام تحقيق مطامعها.

 ولهذا نرى أن الشرير فى المسرحية، يتربص بالطيب ويتوعد له عندما علم أنه يحب مساعدة الناس، وإراشادهم لطريق الخير، والسلام ،والبناء الحضارى، وهذا ما يمثل عقبة أمام الشرير الذى يکره السلام ويؤمن بأنه عيب وخطئ فادح ، عکس المأثور الشعبى والذى يؤکد أن أبونية وأبونيتين تقابلا صدفه, ولم يبحث أحدهما عن الآخر، وهذا فيه إسقاط سياسي عن مدى رفض إسرائيل فى تلک الفترة لسياسة السادات الداعية للسلام وحماية الأمن القومى العربى, وأنها تحاول بکل السبل وأد تلک السياسية من جذورها؛ للحفاظ على مطامعها فى الوطن العربى, وأسطورة إسرائيل التى لا تقهر وهذا يتضح من خلال التالى .

الشرير: بيقولوا فى اليمة دى على مدد الشوف ..راجل أهبل فاتح قلبه جنينة عامة للناس ...زرعها ورد وفل ....خيبه والله وعيبه...فيه بنى آدم کده غفلان ودهل ...أنا ناوى اسأل عليه فى سلقط وملقط وفى کل مکان ..وأديه درس يصلح عقله ..إن
کان رح يستنى له عقل ..دانا بطل أبو ناب الغلاب...سيد الکل0
0(کامل أيوب،1981، ص3).

 کما تنبأ أيضا الکاتب بنهاية إسرائيل على يد الآله العسکرية الأمريکية أو الاستخبارات الأمريکية ، بعکس المأثور الشعبى والذى جعل نهاية أبو نيتين على يد العفريتان، حتى يؤکد أن الطريقة الاستعلائية الإرهابية لإسرائيل وتعنتها تجاه قضية السلام، ستولد مزيدا من الغضب المتزايد لکثير من الشعوب نحوها وخاصة الشعب الأمريکى؛ ولهذا سيکون نهاياتها على يد الآله العسکرية أو الاستخبارات الأمريکية.

رئيس العسکر:(للجنود) شوفوا .....الراجل دا اللى جاب مکتوب مولانا السلطان العادل تشيلوه هيلا بيلا (يشير بيده علامة الإعدام) دا مضمون الأمر السلطانى العاجل .

الجنود :حالا ...حالا .. أمر جلالته هيتنفذ بالکامل (موسيقى وإضاءة وإظلام توحى بما يحدث للشرير بعد أن تسمع صوت سحب غطاء حديدى يتلوه بعد لحظة صوت إستغاثة الشرير)

الشرير :مظلوم والله ...مظلوم ومش أنا المقصود ... مظلوم وبرئ ياسيادى ..ومعملتش أيها حاجة طول عمرى .. بس اسمعوا منى .. لحظة واحدة احکى عن أمرى .. کان المفروض واحد تانى ...آه آه ...آه ..آهآه.. کان المفروض ... آه ..آه .. آآآآآآه00(کامل أيوب، 1981،ص18).

2.  الشخصيات الثانوية :

- شخصية الأم :

 وفق الکاتب فى إضافة شخصية الأم على المعالجة المسرحية- بخلاف المأثور الشعبى - الذى لم يرد فيه هذه الشخصية؛ لتناسب القضية وتقترب من واقع الأمة العربية وقتذاک، وتعبرعن تمسک السادات بالهوية العربية، وقد استلهم هذه الشخصية ليرمز بها للأمة العربية، التى تتجلى فى کونها حبيبة ورحيمة وتعطف على الطيب وتخاف عليه، وتتمنى له النجاح، کما أنها مصدر إلهامه، علاوة على أنه شديد التعلق بها، لأنه مرتبط به ارتباط الروح بالجسد، إلا أنها لا تقبل بالتغيير الذى يؤمن به الطيب، ويتملکها الخوف من سياسة السلام، کما أنها لا تدين الحروب التى تسبب فى إبادة البشر، وغيرقادرة على مواجهة الواقع الأليم ، إلا من خلال فلسفة الأخذ بالثأر وهذا يتضح من خلال التالى :

الأم:  ناوي برضه يا ضناياتروح يمة الشرير برجلک.. ياما نفسي تهتدى بالله.. وتبقى جنب أمک.. وسط ناسک ..واهلک

الطيب:إنتي يا امه جوه قلبي.. فين أروح.. طيفک سابقني

الأم:  بس إيه الفايدة ..وأنت أهو ..مفارقني

الطيب:سکة يا امه لازم أمشيها..أفک لغزها00 واقرا سرها ..إيه يکون الخير مع الخوف والعواقب والمخاطر..إيه يکون لو التحم في صراع مع الشر.. اللي داير..أنا يا امه عايز أعرف نفسي أکتر00(کاملأيوب، 1981 ،ص7).


وفى مقطع آخر :

الأم:  على حرف الساقية شفته بيحدفک00 وصرختک کاوياني کان في مقدورک يا ولدي تحدفه انت وتنجي

الطيب: دا ما کانش ياامه ممکن أنا شايل الحب ياامه وهو شايل الغدر

الأم:  يعني يا ابني تروح قتيل

الطيب:يعني ياامه أحيا قاتل00يبقى إيه الفرق بينا هو هادم وانا باني

الأم:  طيب يا ولدي إزاي شايفني بعد ما انصابت عنيک

الطيب:متخافيش على يا امه لأني أعمي00 جوايا قمر ونجوم ونور وقت ما غمضت عيني فتحت روحي على المعني الکبير دي العيون يا أمي مبتنورش کتير 00(يختفي الصوت)00 على فين سايباني يا امه 00يا امه 00(ينفجر الطيب في البکاء متکئا على حافة الجدار)00(کامل أيوب، 1981 ،ص10)

 ولکن على الرغم من هذا الجفاء والبعد، يتمنى الطيب إرضائها والعودة لحضنها مرة أخرى، وبالفعل يتحقق کل ما يتمناه ويرجع لحضنها فى نهاية أحداث المسرحية .

- الأميرة نور:

 أجاد الکاتب فى رسم شخصية الأميرة نور، وقد حاول الکاتب إضافة بعض التغييرات على أبعاد الشخصية بخلاف المأثور الشعبى؛ ليرمز بها إلى مصر, والتى شبهها بالأميرة الجميلة الثرية المنحدرة من أصول ملکية عريقة، ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﻄﻴﺐ، والأخلاق کريمة، وعلى الرغم من مرضها إلاأنها متفائلة دائما، تمتلک سلام نفسي واجتماعى، يجعلها دائما تتحمل آلامها وتصبر عليها، ولا تستلم لها، عندها أمل فى الشفاء وظهورفارس الأحلام الذى سينقذها من محنتها, ويعيد إليها بصرها مرة ثانية، ويحقق معها السلام الذى سيغير العالم من حولها، وهذا يتضح من خلال التالى :

الأميرة نور: نسمة رايحة ونسمة جايه أنا شمعة يا شمعايه ياللى

سهــــرانه مـــعايــــــا    إبعتى لى خيط طويل من

شــعــــاعــــــک الجميـــــل    لاجل أطرز توب هنايا

نسمة رايحة ونسمة جاية أيـــــا مـــية القنـــايــــــة

إعملى نفسک مراية    أبـــقى اسرح فيها شعرى

ولزومى فى ضفايرى    يوم مــا يتحقق منـــايــــا (کامل أيوب، 1981 ،ص12)

 وبالفعل يحقق الله آمالها، ويأتى إليها الفارس الطيب المنقذ، ويدخل على قلبها الفرحة، ويعيد إليها بصرها ثم يتزوجها، کما يجتهد فى تحقيق أحلامها التى تتطابق مع أحلامه، وهذا ما يدل على إسقاط سياسي يؤکد به الکاتب أن القائد تزوج من مصر رمز السلام وهو رجل السلام ورجل المرحلة، الذى يتمني أن يحقق لبلده ما تتمناه، ويحقق لشعبه ولشعوب المنطقة بل شعوب العالم أجمع، عصر جديد يعمه الرخاء، والازدهار، والتنمية، والتغيير للأفضل، وخالى من الحروب والدمار, وهذا يتضح فى التالى :

الطيب:    باحلم يا نور ..باحلم بخير ..ملو الغيطان ..باحلم بدنيا کلها عدل وأمان ..باحلم بعالم حر مولود من جديد ..وقلوب منديه أو ساقيها الحنان ..

نور : باحلم ياطيب بالخمايل فى الرمال ..ونجوم کتيره منورة فوق التلال ..باحلم بوردة فى کل خد ..وکل إيد ..وبسمة دايمة فى عيون کل العيال .. باحلم ببستان يلعبوا فيه البنات جنب الولاد...ويقعدوا يحکوا حکايات ..ويکبروا يبنوا سوا بکره السعيد .............ويـــدوم حـيــاتهم فى النبات وفى التبــات

الطيب : باحلم يانور بجنينة مالها باب ولا ليها سور

نور :باحلم معاک ..باحلم معاک ...ياله بينا نزرع الأمل ..هنا وهناک. (کامل أيوب، 1981 ،ص12)

- شخصية السلطان :

 عمد الکاتب على إضافة بعض التغييرات على شخصية السلطان بخلاف المأثور الشعبى؛ وجعله صاحب نفوذ وثراء، ليؤکد به أن أمريکا دولة عظمى تتحکم في کثير من الأمور في العالم ومصائر الشعوب؛ ولکنه فى بعض الأوقات متسرع فى الحکم ، ليؤکد بأن أمريکا کانت مغيبه عن الحقيقة ؛ بسبب تطرفها الدائم فى تأييد إسرائيل ، وتصديق وشائها دون أن تتحقق، أما بعد کامب ديفيد فإن الحال تغير وأصبحت دولة صديقة للنظام المصرى؛ لأنها أدرکت مکانته ودوره الإيجابى والمهم فى استقرار المنطقة ، ورؤيته الحکيمة والسابقة لعصرها وهذا يتضح من خلال التالى :

السلطان:   أنا بقى سلطان العصر والأوان

   المفروض إنى احکم واعدل فى الميزان

    لکن عقلى مش دفتر .. بيغيب ساعات وبيحضر

   عشان کده ضرورى سوا سوا تفکر

   إنت وهو وهي ..أصحاب أى قضية

   شوفو هيجرى إيه... فى فصول المسرحية .

   (کامل أيوب، 1981 ،ص2).

- الرجلان البدويان:

 عمد الکاتب إلى استبدلال العفريتان الذين ظهرا في المأثور الشعبى بشخوص من الناس العاديين – الرجلان من البدو الرحل: الشيخ همام، الخادم سالم؛ لتکون أکثر واقعية ومناسبة للواقع المعاش، وأکثر قربا من الأطفال وقابلة للتصديق


- الراوى :

 عمد الکاتب على جعل الراوى جزءا محايدا فى النص المسرحى يکتفى بسرد الأحداث ، لا أن يکون جزءا أساسيا فيه ليحافظ على الشکل التقليدى للحبکة .

وترى الباحثة أن الکاتب استدعى الشخصيات لتعبر عن الواقع المعاش وتقترب النسيج المجتمعى للشعب المصري؛ ولهذا اختارها مزيجا من أبناء الطبقة الفقيرة العاملة المحکومة ، والطبقة الأرستقراطية الحاکمة، وقسم الطبقة الفقيرة المحکومة إلى نموذجين:النموذج الأول متمثل فى شخصية الطيب فى أول الأمر؛ وصورها على أنها طبقة طيبة مؤمنه بضرورة التغييرمن خلال إيمانها بالتنمية الاجتماعية والسياسية المتمثلة فى قضية السلام، وکذلک صور أن الأمل والنجاح ينبع من بين صفوف المجتهدين من أبناء هذه الطبقة وإيمانهم بأهمية العمل فى الحياة، ولهذا جعل الکاتب الطيب فى المسرحية يمتهن العديد من الأعمال البسيطة مثل (جانينى، مراکبى، خباز، حطاب) وهذا يتضح من خلال:

الرواى : الطيب سکة تجيبة وسکة تودية .... يصبح فى بلد ويبات فى بلد مرة جانينى ..مرة مراکبى ..مرة خباز .. مرة حطاب (کامل أيوب، 1981 ،ص4).

 أما النموذج الثانى للطبقة الفقيرة: فهوالکسول والمتخاذل وقبيح النفس والذى يعتمد على اللصوصية والفهلوة والبلطجة والنصب والسرقة، ويمثله شخصية الشرير، والذى ليس له مکان فى سلم النجاح ، بل مصيره للتشرد والقتل وهذا يتضح من خلال:

الراوى :أبو ناب الشرير بينط فى کل مکان ..ويدير قوته بالحيلة والمکر وخفة الإيد، وکل ما يلقى نفسه وحيد ... يفتکر الطيب اللى سمعإنه برضو بيسعى وراه . (کامل أيوب، 1981 ، ص4).

أما الطبقة الإرستقراطية الحاکمة: فقد صورتها المسرحية على أنها طبقة مثالية، وقادرة على تولى مناصب قيادة البلاد، وتظهر تفانيها المضني فى خدمة الوطن والشعب، وهذا ما جاء متوافقا مع المسرحية والتى جاءت مؤيدة للسلطة الحاکمة ومبرره لسياستها، وهذا يتضح من خلال شخصية الطيب بعد أن أصبح وزيرا للسلطان، وکذلک شخصية الأميره نور، وشخصية السلطان .

 وترى الباحثة أن الکاتب حاول أن يحبب الثقافة التنموية للطفل؛ من خلال الترکيز على البطل (العامل) الإيجابى الذى يساهم فى بناء مجتمعه سواء فى المصنع أو الحقل أو أى ميدان من ميادين النضال، وإبراز دوره فى نجاح حياته ومجتمعه، وقد جاء هذا متوافقا مع الهدف (8) للاستراتيجية الإنمائية الدولية لعقد الأمم المتحدة الإنمائي الثالث فى الثمانينات، والذى يؤکد على: أن العمالة المنتجة هى عنصر أساسى من عناصر التنمية. (الجمعية العامة للأمم المتحدة , الدورة (35) 1980، ص146)

 

اللغة :

 حرص الکاتب على استخدام الحوار الجيد السهل المعبر، والذى ساهم فى تطوير الأحداث وتسلسلها، کما کشف عن الشخصيات وأبعادها الداخلية والخارجية بشکل متکامل، فضلا عن دوره فى تعميق الصراع والتأزم الدرامى وصولا إلى الحل النهائى للمسرحية، وقد جاء الحوار معبرا عن موضوع المسرحية والقضية الأساسية بشکل کبير، وقد وظف الکاتب في نقل الحوار اللغة العامية أو اللهجة الدراجة المتداولة فى الحياة اليومية آنذاک، وخاصة أنها تنقل المتلقي إلى أجوائها الشعبية، کما أنها ليست بعيده عن الاستعمال اليومي وقادرة على التعبير المسرحى والذى يستلزم أحيانا من سرعة وإيجاز، لاسيما إذا کان موضوع العمل المسرحى شعبيا أوله علاقة مباشرة بالتفاعلات والقضايا التي تحتدم في المجتمع.

 انتقى الکاتب أيضا الأسلوب الشعري البسيط الخالى من التعقيد فى الحوار؛ لأنه أدرک أن الأسلوب الشعرى يمتاز بجاذبيه کبيرة ، ويعطى العمل الفني روح جميلة تخفف من وطأة المشاھد التمثيلية، فالمسرحية أشبه بالأوبريت الغنائي , والذى يشتمل على الأغانى والاستعراضات والنظم المسجوع والإيقاعات ؛ وھذا ما يعطي تلاحم للأطفال مع المسرحية إلى جانب خاصيتى الجذب والامتاع.

 وقد وفق الکاتب فى اختيار رصيد کبير من الأساليب ، والجمل القصيرة، والمفردات السهلة ، والکلمات البسيطة ، والتعبيرات والأقوال المأثورة ، والألفاظ المعبرة عن القضية وموضوع المسرحية فى إطار الفلکلور الشعبى المتوارث ،أوالمأثورات الشعبية المصرية المتداولة؛ لنقل رسالته إلى المتلقي بأسلوب معبر، ومؤثر في النفس، متخطيا الحاجز النفسى بين فئات المجتمع وخاصة أن المسرحيات فى هذا العقد کان يتم نقلها عن طريق التليفزيون، إلى جانب کونها أقدر على معالجة القضايا والموضوعات المراد طرحها على المجتمع المصرى مثل:

 بيقولوا فى اليمادى، مدد الشوف، راجل أهبل ودهل، سلقط وملقط ، أبوناب الغلاب ، سيد الکل، متخليک فى حالک، ياراجل ياطيب باب الدار قريب، عقلى مش دفتر، بس يافالح بس، هاشوطک ورا الشمس، غاوى اعمل مسامير....وغيرها.

 وهذا ما جاء استجابة لتوصيات اليونسکو في دورته العشرون من خلال الهدف (2/1) والذى أکد على أهمية :

-  تأکيد الذاتية الثقافية بوصفها عاملا أساسيا يجب أن يؤخذ في الاعتبار في الجهود المبذولة لإقامة نظام اقتصادي دولى جديد، وعند وضع وتنفيذ أى مشروع شامل ومتکامل للتنمية .

- إبراز دور الذاتية الثقافية التي تتخذ من الإنسان محورا لها، وإبراز أهمية البعد الثقافي للتنمية في إطار إقامة نظام اقتصادي دولي جديد ودعم السلام والتفاهم الدولي. (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، 1978 ، الدورة العشرون، ص87)

 

الصراع :

 نجد أن صراع المسرحية لعب دور کبير فى تطوير الأحداث والکشف عن مکنونات الشخصيات فى المسرحية, وقد تمثل صراع المسرحية حول الصراع الأزلى بين الخير والشر والحق والباطل، وقد جاءالصراع الرئيسى فى المسرحية متمرکز حول الصراع الخارجى ، فنجد أن الشرير يتقفى أثر الطيب ويحاول إلحاق الأذى والضرر الجسيم به؛ عندما علم أن الطيب يبحث عنه ؛ ليعلمه طريق الخير والحب والسلام، ولهذا يحمل على عاتقه إيذاء الطيب ؛ فيقوم بسرقة الطعام والماء منه ، وعندما يدرک أن الطيب أصبح متعبا متهالکا ولن يستطيع المقاومة، يقوم بحزق عينيه ثم يرميه فى الساقية المهجورة حتى يموت أصعب ميته، وعلى الرغم من هذا يصر الطيب على أن يتغاضى عن شروره ويعامله بالحسنى، محاولة منه فى تعليمه قيم السلام, وبعد أن يعلم الشرير بوصول الطيب إلى مکانة هامة فى قصر السلطان يذهب إليه ليکمل صراعه المعهود، ويحاول إلحاق الوقيعة بينه وبين السلطان، الذى ينخدع بمکر الشرير ويأمر بقتل الطيب، إلا أن العناية الإلهية تتدخل لتقلب السحر على الساحر ويعدم الشرير بدلا من الطيب

 الشرير :   ولا نافعة معاک يا طيب أى دسايس.. ولسه مهم عند السلطان ..وهتسافر برسالة فى استعجال...هه...أعمل فيه إيه بس ...هحاول أبقى المرسال ..أهو أبقى برضو فى الصورة .. وتبقى أنت متهوم بالاهمال ..فى تنفيذ الأمر السلطانى ..فکرة عال العال .(کامل أيوب، 1981 ،ص17)

 وبعد أن يسرق الخطاب من الطيب ويسافر ليعطيه لرئيس العسکر ، تأتى نهايته المحتومة اقترافا لما ارتکبه من الجرائم :

رئيس العسکر: (للجنود) شوفوا .....الراجل دا اللى جاب مکتوب مولانا السلطان العادل تشيلوه هيلا بيلا (يشير بيده علامة الإعدام) دا مضمون الأمر السلطانى العاجل.

الجنود :حالا ...حالا .. أمر جلالته هيتنفذ بالکامل(موسيقى وإضاءة وإظلام توحى بما يحدث للشرير بعد أن تسمع صوت سحب غطاء حديدى يتلوه بعد لحظة صوت إستغاثة الشرير)

الشرير :   مظلوم والله ...مظلوم ومش أنا المقصود ... مظلوم وبرئ ياسيادى ..ومعملتش أيها حاجة طول عمرى .. بس اسمعوا منى .. لحظة واحدة احکى عن أمرى .. کان المفروض واحد تانى ...آه آه ...آه ..آهآه .. کان المفروض ... آه ..آه .. آآآآآآه0 (کامل أيوب، 1981 ،ص18)

 واذا کان هذا الصراع الرئيسى فى المسرحية، فهذا لايمنع من وجود صراع داخلى أيضا فى المسرحية له دور کبير فى إبراز الشخصيات وعلاقتها بالأحداث، وهذا الصراع متمثل فى صوت الأم الذى يظهر للطيب بين کل حين وحين؛ لتحذره من الشرير وتأمره بأن يقتله قبل أن يلحق الأذى به ، وهذا الصراع يکمن فى نفسية الطيب حول أيهما أهم أن يسمع نصيحة أمه ويرضيها بقتل الشرير وإنهاء الصراع، أم يسمع صوت إرادته الداخلية، وضميره الحر بالاستمرار فى تعليم الشرير الحب والخير والسلام .

صوت الأم:ناوي برضه يا ضنايا تروح يمة..الشرير برجلک.. ياما نفسي تهتدى بالله ..وتبقى جنب امک.. وسط ناسک وأهلک

الطيب:إنتي يا امه.. جوه قلبي.. فين أروح طيفک سابقني

الأم:  بس إيه الفايدة.. وأنت أهو.. مفارقني

الطيب:سکة يا امه لازم أمشيها..أفک لغزها00 وأقرا سرها ..إيه يکون الخير مع الخوف والعواقب والمخاطر ..إيه يکون.. لو التحم في صراع مع الشر اللي داير.. أنا يا امه عايز أعرف نفسي أکتر0000 (کامل أيوب، 1981 ،ص7)

ويستمر هذا الصراع طوال المسرحية إلى أن تنتهى بموت الشرير، واقتناع الأم بأن الطيب کان على حق فى اختياره ، وأن طريق السلام هو الطريق الصحيح

صوت الأم:  (بحنان) يا طيب خلاص صبح الشر في موته يعني خلاص يا ابني وانتهت الحدوته (کامل أيوب، 1981، ص20)

النهاية :

 عند مقارنة المعالجة التى قدمها الکاتب بالنص الأصلى ، نجد أن المسرحية تختم بنهاية سعيدة عادلة وهى: إعدام الشرير ونجاة الطيب من الموت ، ثم تيقن السلطان من طيبة الطيب وحسن نواياه ، وسوء نية الشرير، وهذا ما جاء متوافقا مع نهايات بعض روايات النص الأصلى، إلا أن الکاتب عمد على إضافة نهاية أخرى وهى: توجيه نداء استغاثه للأمة العربية فى إنهاء الخصومة والمقاطعة ورجوعه مرة أخري للحضن العربي؛ تأکيدا للقضية الأساسية ، ثم يعمد إلى إضافة أخرى؛ لتأکيد الرجاء وتحقيق الحلم بلم الشمل العربى مرة أخرى وإنهاء الخصومة وهى : تيقن الأم واقتناعها بأن طريق السلام هو الطريق الوحيد الذى سيقضى على الشر المتسبب فى الحروب وإبادة المجتمعات والشعوب وهذا يتضح من خلال:

السلطان:   هيه سرحان في إيه

الطيب:افتکرت أمي يا مولاي السلطان وحشاااني000 وحشاااني000وحشاااني. (کامل أيوب، 1981 ، ص14)

ثم تأکيد الرجاء والحلم مرة ثانية من خلال:

صوت الأم: (بحنان) يا طيب.. خلاص صبح الشر في موته يعني خلاص يا ابني.. وانتهت الحدوته 00 (کامل أيوب،1981 ، ص20)

 ولکن اقتضت الضرورة من الکاتب کامل أيوب إضافة أغنية استعراضية تربوية للأطفال تلى خاتمة المسرحية ؛ ليهرب بها من المساءلة القانونية ، وليعبر بها عن رأيه الشخصى فى القضية، ويبعث من خلالها برسالة رمزية تحذيرية إلى الجميع بأن الحدوته لم تنتهى، ولم تحسم بعد، وأن الحرب مازالت مستمرة بيننا وبين إسرائيل ، وأن اتفاقية السلام مجرد کذبه کبيرة ، ووهم أکبر يجب أن نتنبه إليه ، کما يجب أن نأخذ الحيطة والحذر من هذا العدو المتربص بنا دائما، وأن نتحد ونتعاون لرفض هذه الاتفاقية .وهذا يتضح من خلال التالى :

الأطفال :   لا ما انتهتش الحدوته   لا ما انتهتش الحدوته

      والحرب مستمرة    بين الباطل والحق

      لأ لأ لأ لأ لأ لأ       لأ لأ لأ لأ

      ان کان مات الشرير    فيه زيه لسه کتير

      بيطمنوا فى الخير    ويلبدوا فى الشق

      لأ لأ لأ لأ لأ لأ       لأ لأ لأ لأ

      لا ما انتهتش الحدوته   لا ما انتهتش الحدوته

      يالا نشبک ايدينا    يالا نفتح عنينا

       وان جا يضحک علينا   نقول له سوا لا

      لأ لأ لأ لأ لأ لأ      لأ لأ لأ لأ

 (کامل أيوب، 1981، ص20 ).

2.    مسرحية التعلب فات (1990):*

أولا نتائج الدراسة المتعلقة بالشکل :

 إذا نظرنا لمسرحية "التعلب فات" نجد أنها عبارة عن أوبريت غنائى، يتناول موضوعا فکاھيا هادفا، وعدد صفحاتها امتد من (30:1) صفحة، وقد اشتملت على مشهدين امتد الأول من (15:1) صفحة، أما الثاني امتد من (16: 30) صفحة, واحتوت على منظر واحد فقط ، قسم المسرح فيه ثلاثة أقسام هى :" اليمين : يصور جزء من حديقة البيت الهادئ حيث نرى جزء من شجرة وفروعها، ويوجد أيضا جزء من جذع ملقى إلى جانب السور يستخدم للجلوس، کذلک يوجد حجر ضخم إلى جانبه، يستخدم کمنضدة - أما الخلفية: تصور جزء من خرابة – أما اليسار: يصور المنزل من الداخل "، وتدور أحداث المسرحية فى ثلاثة أماکن ظهرت تباعا الأول: داخل منزل صاحب المزرعة، وترى الباحثة أن المقصود به مکان النظام الرأسمالى العالمى ورمز له بالمنزل؛ ليدلل أنه يمتلک أفخم وأفضل أماکن فى العالم، والثانى فهو: حديقة منزل صاحب المزرعة، وترى الباحثة أن المقصود به الوطن العربى ورمز له بحديقة؛ ليدلل بها على أنه أجمل مکان طبيعى فى العالم، أما الثالث فهو: الخرابة وترى الباحثة أن المقصود بها أماکن الصهيونية العالمية؛ ليدلل بها على أنهم إذا سکنوا فى أى مکان خربوه ودمروه وحولوه إلى خرابة، أما عن الزمن الدرامي فهو زمن معاصر ليعبر عن الواقع المعاش .

ثانيا : نتائج الدراسة المتعلقة بالمضمون :

الفکرة الرئيسية التى يدور حولها للنص:

 الفکره الرئيسية التى يدور حولها النص هى:" لن تستطيع الدول العربية تحقيق النصر على العدو الصهيو أمريکى إلا من خلال الوحدة والتکامل العربى "، ويتفرع من هذه القضية عدة أفکار فرعية هى: وقوف الدول العربية بجانب النظام المصرى فى وقت الأزمات، تبرير أيديولوجية النظام المصرى فى عقد اتفاقية السلام مع الکيان الصهيو أمريکى، رفض النظام المصرى خيانة الأمة العربية على الرغم من الصعاب التى واجهته، رفض النظام المصرى الاستکانه والاستسلام لتهديات الکيان الصهيو أمريکى، عمل النظام المصرى على استرداد روح التحالف والنضال العربى للقضاء على المتربصين بالأمة، الجهود الوحدوية العربية المشترکة هى السبيل الوحيد فى التخلص من تبعية الاعتماد على النقد الرأسمالى الغربي.

مصدر الفکرة :

 استمدت المسرحية رؤيتها الفکرية من الموروث العالمى – تراث شعبى ألمانى - عن حکاية: "سلطون العجوز"**؛ لتشجيع المعرفة بمختلف الثقافات الأخرى وبخصائصها المحددة، وللتأکيد على الطابع العالمى والقيم المشترکة بين الثقافات, وهذا ما جاء استجابة لتوصيات الوثائق التالية:

- قرارات اليونسکو في دورته الثالثة والعشرون لسنة (1985) وفى إطار البرنامج 4.2 علوم التربية وتطبيقاتها فى تجديد العملية التربوية، والذى يؤکد على: توجيه التربية صوب مضاعفة الاستفادة من معين التقاليد والقيم الواعدة بالمستقبل، وصوب الانتفاع إلى حد کبير بالتراث الثقافى الوطنى والعالمى، ومراعاة أوجه الواقع والغايات الثقافية بقدر أکبر، وأن يشجع لهذا الغرض استخدام اللغات الأصلية والوطنية فى مختلف مراحل التعليم وأنواعه. (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة, 1985، ص33) .

- قرارات الاستراتيجية الإنمائية الدولية لعقد الأمم المتحدة الإنمائي الثالث فى الثمانينات، من خلال الهدف (164) والذى يؤکد على أهمية تکريس الاهتمام بمسألة نقل التراث الثقافى والقيم العامة للجنس البشرى عن طريق التعليم. (الجمعية العامة للأمم المتحدة ، 1980 ، الدورة (35)، ص163 ).

المعالجة الدرامية للنص المسرحى :

 تدور أحداث المسرحية فى مزرعة صغيرة تعيش فيها مجموعة الحيوانات الطيبة فى سلام تحت حراسة الکلب الوفى کشکش صديقهم المسن، وفجأة تجتمع الحيوانات الطيبة لمناقشة قضية الکلب کشکش، والذى يحاول صاحب المزرعة التخلص منه بقتله ؛ لضعفه وکبر سنه، وکالعادة تذهب البومة الشريرة بم بم للتجسس على الحيوانات فى المزرعة, وما إن تسمع الحکاية، تطيرمسرعة لنقل الأخبار لمجموعة الشر، والمتمثلة فى الذئب الجنرال وحشو، والثعلب أبو الأفکار والغراب، وتحاول مجموعة الحيوانات الشريرة استغلال هذه النقطة للاستيلاء على خيرات المزرعة، ويفوضون الثعلب والذئب للاحتيال على الکلب کشکش وتحريضة على صاحب المزرعة، وبالفعل يحتالان ويعرضون عليه عقد اتفاقية معهم مقابل مساعدته فى الرجوع لعمله، فيوافق الکلب المغتر به على عقد الاتفاقيه معهم دون معرفة بنودها، وفى اليوم التالى يذهب الذئب والثعلب إلى المزرعة لسرقة بعض الحيوانات ويقوم الکلب بمطاردتهم حسب الاتفاق، وهنا يفرح صاحب المزرعة ويقرر الإبقاء على حياة کشکش وإعادته لعمله، وبعد رجوعه کشکش لعمله يأتى إليه الذئب والتعلب لرد الجميل، فيرحب بهم الکلب ويأتى إليهم بالطعام، ولکن الذئب والثعلب يطلبا منه المساعدة فى الحصول على حيوان من المزرعة کل يوم، لکن الکلب الوفى يرفض الغدر والخيانة ويطردهم، فيذکراه بالاتفاقية التى وافق عليها، وهنا يصدم الکلب بهذا الکلام الغريب والذى يسمعه لأول مرة، يخيراه الأشرار الغرباء بتنفيذ بنود الاتفاقية أو إعلان الحرب عليه وعلى حيوانات المزرعة، ولکنه لم يأبه لهذا التهديد و يلجأ کشکش لأصدقائه للوقوف بجانبة ولإنقاذ موطنهم وکرامتهم، بالفعل تتحد الحيوانات وتتحالف، وتقرر الدفاع عن أنفسهم وموطنهم وعدم الاستسلام للعدو، وبالفعل ينجح الأصدقاء المتحدون فى التصدى لمجموعة الشر من خلال الحيلة والخطة المحکمة، التى تبدأ بالانسحاب وإظهارعدم الاستعداد؛ لبث الغرور فى قلب العدو الذى يطمئن ويستهين بالأمر, وهنا يبدأ الهجوم المفاجئ الذى يشل العدو ويلحق به الهزيمة النکراء، وتأتى النهاية بحبس الأشرار، وانتصار الطيبين، وإدراک صاحب المزرعة أهميتهم جميعا فى إنقاذ مزرعته .

القضية المثارة بالمسرحية :

 ترى الباحثة أن النص المسرحى عالج قضية أساسيةهى: "إنهاء الصراع العربى مع الکيان الصهيو أمريکى بالوحدة والتکامل والنضال "وهى قضية سياسية، وقد غلفها الکاتب بقضية ظاهرة فرعية، تعالج مشکلة اجتماعية، وهى: "الظلم الاجتماعى لکبار السن" حتى لا يتعرض للمساءلة القانونية؛ طبقا للالتزام ببنود اتفاقية کامب ديفيد, والتى تنص فى الملحق (الثالث) فى البروتوکول الخاص "بشأن علاقات الطرفين"، وفى المادة (الخامسة) منه، والتى تختص بمسألة: "التعاون في سبيل التنمية وعلاقات حسن الجوار", وفى البند (3) منها، والذى أکد على أن " يعمل الطرفان على تشجيع التفاهم المتبادل، والتسامح، ويمتنع کل طرف عن الدعاية المعادية تجاه الطرف الآخر". (مؤسسة الدراسات الفلسطينية, 1979، ص20)

 وترى الباحثة أن الکاتب المسرحى استلهم رؤيته الفکرية نتيجة استجابته لعدة متغيرات وتوجهات کانت أکثر إلحاحا على هذه الفترة وهى کالتالى :

أولا: التوجهات / القضايا المحلية التالية :

 أ‌- اشتراک مصر فى مجلس التعاون العربى، والذى إقيم فى عام 1989 بين مصر – والعراق واليمن والأردن؛ لتحقيق التکامل الإقتصادى والسياسي، وإقامة سوق عربية مشترکة، والتعاون فى کل المجالات. (قحطان أحمد سليمان الحمدانى, 2004، ص406 ).

 ب‌- توصيات إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام1990, والذى نصت المادة (11) فيه على أن : الإنسان يولد حرا وليس لأحد أن يستعبده أو يذله أو يقهره أو يستغله ولاعبودية لغير الله تعالى, الاستعمار بشتى أنواعه وباعتباره من أسوأ أنواع الاستعباد محرم تحريما مؤکدا، وللشعوب التي تعانيه الحق الکامل للتحرر منه وفي تقرير المصير، وعلي جميع الدول والشعوب واجب النصرة لها في کفاحها؛ لتصفية کل أشکال الاستعمار أو الاحتلال، ولجميع الشعوب الحق في الاحتفاظ بشخصيتها المستقلة والسيطرة علي ثرواتها ومواردها الطبيعية. (أحمد الرشيدي,2011، ص 500).

 ت‌- جاءت متسقة مع ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ فى هذه الفترة والتى ﻫﻲ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺴﻴﺎﺴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎمة، حيث أکد (القرار الوزاري رقم 94 بتاريخ 24/5/1987) على أهمية إدراک موقع مصر وتأثيرها في المجتمعين العربي والدولي, کما أکدت وثيقة تطوير التعليم في مصر عام 1989على التأکيد على: قومية التطوير.(عوض توفيق عوض, 2002 ، ص 393).

ثانيا : التوجهات/ القضايا الدولية التالية:

- انعکاساً لليوم الدولى لکبار السن (1990), وقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار (106/45) فى 14 ديسمبر (1990)، الأول من أکتوبر يوما دوليا للمسنين، وقد سبق ذلک مبادرات مثل: خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة التى اعتمدتها الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة فى عام (1982)، وأيدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ذلک. (ويکيبيديا العربية، اليوم العالمى للمسنين ، 28 / 10/ 2016، https://ar.wikipedia.org/wiki)

- إنعکاسا للعقد الدولى للقضاء على الاستعمار(1990/2000), والذى يؤکد على أن " الأمم المتحدة تهيب بالدول القائمة بالإدارة أن تنفذ جميع القرارات المتعلقة بإنهاء الاستعمار، وجميع الخطوات اللازمة لتمکين شعوب الأقاليم غير المتمتعة بالحکم الذاتي؛ فى ممارسة حقها في تقرير المصير، بما فيه الاستقلال، في أقرب وقت ممکن . (الجمعية العامة للأمم المتحده ، الدورة 43، 1988، ص67)

ثالثا : التوجهات/ القضايا القومية التالية:

 يبدو أن التحولات والتغيرات التي أخذت تظهر على ساحة العلاقات العربية اتجهت نحو الوفاق والتضامن والوحدة العربية، وهذا ما کان له أثرا کبيرا على المسرحية، ولاسيما بعد نجاح انتفاضة الحجارة الأولى وإعلان قيام الدولة الفلسطينية في 1988، وقيام العديد من التجمعات الوحدوية مثل :اتحاد المغرب العربي - ومجلس التعاون لدول الخليج العربى ـ ومجلس التعاون العربي والذى تم تأسيسه في بغداد في 16 فبراير 1989 بعد انتهاء حرب الخليج الأولى؛ ليجمع کلاً من العراق والأردن واليمن الشمالي ومصر العائدة حديثًا إلى الحضن العربي في وقته - بعد تجميد عضويتها بالجامعة العربية عام 1978إثر إبرام السادات معاهدة السلام مع إسرائيل).(عادل حسين،1991,ص41)

 ويعتبر هذا الحلف کيانا اقتصاديا، يدفع باتجاه دعم الجهود الوحدوية الاقتصادية العربية نحو تحقيق الحلم العربي - السوق العربية المشترکة، کما يهدف إلى تحقيق التکامل الاقتصادي التدريجي بين الدول الأعضاء، وخاصة في جميع الميادين، سعيا نحو إقامة سوق مشترکة بين الدول الأعضاء، وصولا إلى السوق العربية المشترکة ، والوحدة الاقتصادية العربية.

وقد أشارت صحيفة الجمهورية العراقية الصادرة بتاريخ 5/11/1989 إلى أن التعاون الاقتصادي يهدف إلى تغيير الهياکل الاقتصادية والاجتماعية لاقتصاديات الدول الأربع، ويعمل على تخفيض الاعتماد الکامل على الاقتصاديات الغربية. (ذياب مخادمة ، د/ن)

 وکان مخططًا لمجلس التعاون العربي أن يقوم بدور ريادي في المنطقة لولا حرب الخليج الثانية التي أتت عليه. (قحطان أحمد سليمان الحمدانى,2004, ص406) .

 على أية حال بحلول 1989 حدثت نقلة جذرية فى ازدهار القومية العربية، وهذا ما أکدته قرارات مؤتمر القمة العربية الطارئوالذى عقد فى المغرب " في 32 مايو/أيار (1989), وقد رحب المؤتمر فى بيانه الختامى بالرئيس المصرى الذى ترأس وفد بلاده فى هذه القمة، والتى وافقت على استئناف مصر لعضويتها الکاملة فى الجامعة العربية، وفى جميع المؤسسات والمنظمات والمجالس التابعة لها بعد انقطاع دام لمدة عشر- سنوات نتيجة؛ لتوقيع مصر على معاهدة الصلح المصرية الإسرائيلية، وعبر المجلس عن اقتناعه بأن وجود مصر فى مکانها الطبيعى بين شقيقاتها العربية الذى سيساهم فى تعزيز العمل العربى المشترک ويدعم مسيرة التضامن ووحدة الصف العربى، وقد بحث المؤتمر التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي العربي، واتخاذ التدابير اللازمة حيالها، ورحب المؤتمر بقيام مجلس التعاون العربى، ومجلس اتحاد المغرب العربى، ومجلس التعاون لدول الخليج العربى ، ورأى مؤتمر القمة أن هذه التجمعات جاءت؛ لتحقيق أحلام الأجيال الماضية ، ولتأخذ بيد الأجيال القادمة فى معرکة النمو والازدهار، وقد صدر عن المؤتمر مجموعة من القرارات أهمها: إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وتأييد استمرار الانتفاضة الفلسطينية، والتأکيد على دعمها ماديا ومعنويا - وإدانة تهجير اليهود وعدم شرعية المستوطنات - وإدانة قرار الکونغرس الأميرکي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل- وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني - ومعارضة المحاولات الأميرکية بإلغاء قرار اعتبار إسرائيل شکلا من أشکال الصهيونية - وإدانة التهديدات الأميرکية لليبيا- والتضامن مع ليبيا ضد الحصار الإقتصادي. ( الطاهر المهدى بن عريفه ، 2011، ص 104 )

 ومن هنا تجد الباحثة أن توجهات / قضايا التغير الاجتماعى السابقة فى تلک الفترة کان لها صدى کبير فى اختيار القضية الرئيسية للمسرحية، وهذا ما ستدلل عليه الدراسة فى إطار الآتى :

- من خلال حوار المسرحية التالى ندرک أن الکاتب حاول تغليف قضيته الأساسية بهذه القضية الظاهرة الفرعية هروبا من المساءلة القانونية کما ذکرنا مسبقا، وتدورهذه القضية حول: الظلم الاجتماعى الذى يتعرض له کبار السن من المجتمع، وهذه القضية جاءت استجابة للقضايا الدولية والتى تنادى بالاهتمام بکبار السن وهذا يتضح من خلال التالى :

الأرنب :وافرضوا کان مقدرشى يحافظ

کوکي:    لا دا کان قتله

الأرنب: (مستنکرا) علشان عجز000

الفرخه:    فيها حاجه دي؟؟

الأرنب: فيها قضية00 افهم من کدا اللي يعجز واللا حا يعجز

الحمامة: نقتله في ساعتها بقي ونخلص0

المعزة: يا حرام يا حرام 00 إزاي000 إزاي0

الجميع:    أيوه إزاي000 دا اللي بيکبر00 يحتاج حبنا مش عداوتنا

بسبس : إزاي الحال 000 راح نعمل إيه مع صاحب المال

جديو: صاحب المال000لو نفذ حکمه على کشکش

   يبقي المره دي قتل کشکش00والمره الجاية ... يأخد بسبس

بسبس: (مشيره لنفسها) يعني احنا نديله عفيتنا وهو يأخد أعمارناوفايدتنا

الفرخة:    والآخر

کوکي:    (تلاحقها في رنة بکاء) يقطع رقبتنا

جديو: (مستنکرا) بقى دا اسمه کلام

الجميع:    (يتصايحون في توزيع درامي) الظلم حرام00 الظلم حرام00 الظلم حرام. (السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص 16).

-       أما القضية الأساسية الباطنة التى يعالجها النص هى : إنهاء الصراع العربى مع العدو الصهيو أمريکى بالوحدة والتکامل والنضال.

 وترى الباحثة أن المسرحية قد اعتمدت على التفسير التاريخى ؛ للتنظير لسياسة النظام المصرى من خلال إيجاد صيغة تبرر أسباب لجوء النظام المصرى لتوقيع اتفاقية السلام مع الکيان الصهيو أمريکى خلال حقبتى السبعينات والثمانينات وهذا ما نلمسه من خلال النقاط التالية:

برر الکاتب السبب الرئيسى للجوء النظام المصرى لتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيونى أمريکى وقبول اتفاقية السلام إلى ظروف البلاد الصعبة، وانهيار الوضع الاقتصادى فى مصر؛ بسبب ارتباطه بالنظام الاقتصادى الرأسمالى العالمى، وسياسات الانفتاح الاقتصادى على الغرب فى فترة السبعينات، والتى ساهمت بشکل رئيسى فى تعميم الإفقار فى المجتمع المصرى وتصاعد الهوة بين طبقات المجتمع، وتصاعد المعارضة والانتفاضة الشعبية ضد النظام السياسي والحکومة المصرية.

 وفى هذا الصدد يؤکد تقرير التقييم الشامل الذي أعدّ عن مصر لعام 1977، من قبل محللو وکالة الاستخبارات المرکزية سي آي إي : بأن السبب وراء اضطرار الرئيس المصري السابق أنور السادات إلى سلوک طريق التسوية واستعجال عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل؛ هو المأزق الاقتصادي الّذي کان يعاني منه السادات في مصر, وهذا الفشل الاقتصادي، کان ناتجاً من تداعيات سياسات الانفتاح الّتي أوقعت مصر في عجزٍ ماليّ متعاظم وضعها ــ بشکلٍ کامل ــ تحت رحمة الدول العربية المانحة. (جريدة الأخبار, الإثنين کانون الأول 2013 ، ع 2165)

 کما يکشف سلامة کيلة عن هذا أيضا بقوله: "لقد أدى التحوّل عن دور الدولة الاقتصادي والرعائي منذ السبعينات إلى انهيار الوضع المعيشي لمختلف الطبقات الشعبية، حيث استمرت الأجور کما کانت، بينما أفضى الانفتاح الاقتصادى إلى ارتفاع مضطرد في أسعار السلع الأساسية، وهو الأمر الذي أفضى إلى تعميم الإفقار وتصاعد الهوة بين طبقات المجتمع، وتصاعد المعارضة والانتفاضة الشعبية لسياسة السادات، وبدأ النظام المصري يفکر ويسعى فى طرح جديد - يعتمد على أن الصلح مع الکيان الصهيوني - وتوطيد العلاقة مع الإمبريالية الأمريکية، سوف يجلب الرخاء لمصر واستقراراً في المنطقة، کما سيسهم في اجتياز مرحلة التخلف، والفقر، التى جلبتها الحروب فى المنطقة، لتوافر متسع من إمکانيات وفرص الاستثمار، وهذا الطرح وجد صدى معقولاً لدى الفئات البرجوازية في مصر، فکانت معه، وأيدته رعاية لمصالحها". (سلامة کيلة,7/1/ 2011، http://www.ahewar.org/debat/s.asp?aid=240864&t=4)

 وهذا ما يتضح من خلال تجسيد الکاتب فى المسرحية للنظام الاقتصادى الرأسمالى العالمى، بشخصية صاحب رأس المال، الرجل ضخم البنية، النهم، المتعافى، متقلب المزاج، الانتهازى، والذى لا يفضل غير جمع المال والتطلعات الرأسمالية، والذى ساهم بشکل رئيسى فى تفاقم الأزمة الاقتصادية بصورة بعثت على قهر وإذلال وتجويع النظام المصرى الضعيف الهش، والذى رمز الکاتب له بشخصية الکلب کشکش العجوز الطيب الهادئ الفقير والذى يرضى بأقل القليل کناية عن ضعف النظام وعوزه للمال، وافتقاره وانهياره فى تلک الفترة, وهذا يتضح من خلال المثال التالى :

(حجرة بها ترابيزة يجلس صاحب المال يأکل بشراهه کشکش يجلس على الأرض يمسح نظارته ثم يرتديها، يخرج طاقم الأسنان يمسحه ويضعه فى فمة)

صاحب المال:  (يتابع کشکش00يضحک00 ويلوک فمه وفى يده فخدة دجاجة يقضمها ويهم بإلقاء العظمة لکشکش صائحا)00خد

کشکش: (يقف على ساقيه ويهم بالتقاط العظمة باسما ويهز ذيله قائلا) شکرا

صاحب المال :(يغضب فجأة ... يدفع کشکش بقدمه بعنف فيسقط على الارض .. تسقط نظارته وطاقم أسنانه – يدور باحثا عنها يتألم بصوت مکبوت)

صاحب المال:(أثناء ذلک يضحک شامتا ..ويضع العظمة فالطبق أمامه )

لا دا أنت خسارة فيک العظمة ولاعاد لک هيبه ولا کلمة

نظارة طبية وطقم أسنان دا ما عدش يجوز فيک الإنسان

 أنا أحسن حاجة ارتاح منک فيه إيه حاکسبه تانى منک

 لو شفت الحرامية حاتهرب آخدک وأخلص منک بدري

إمشى إمشى ما بنوکلشى عندى سلاحى حاديک بالنار

إمشى إمشى ما بنوکلشى إمشى إمشى ما بنوکلشى

کشش: (ينسحب کشکش خارجا ليختفي ). (السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص 23)

 بعد القهر الکبير الذى لحق بالنظام المصرى؛ من خلال دمج الاقتصاد المصري في النظام الرأسمالي العالمي, والذى يتسم بالأزمات والتقلبات العنيفة، تدهورت أوضاع البلاد بشکل خطير، واستغل الکيان الصهيونى والإمبريالية الأمريکية الوضع السيئ للبلاد وظروفها القاسية، وما لحق بالنظام المصري من أزمات وضغوط وأعباء وعجز، لتنفيذ مخططاتهم الاستعمارية بنشر خرافة التعاون الأمريکى الإسرائيلى الذى سيجلب لمصر الرخاء الاقتصادى والازدهار والتقدم فى جميع مجالات الحياة، وسيقضى على جميع مشاکل البلاد والمنطقة العربية، وقد ألمحت الدراسة لهذا مسبقا من خلال تحليل مسرحية: الطيب والشرير1981, وفى هذا الصدد يشير: ترکى الحمد بأن:

 "خطة الاستعمار والإمبريالية التقت مع الخطة الصهيونية وأهداف الحرکة الصهيونية منذ بدايتها، وولد منذ ذلک الحين حلف مشترک يحمل هدفاً مشترکاً أساسياً هو السعي الدائب لتفتيت الوجود العربي بشتى الأساليب، عن طريق استغلال الانقسامات الطائفية والعِرقية، وعن طريق إذکاء المصالح القُطرية الضيقة، سواء کانت سياسية أو اقتصادية، تحقيقاً لاستقرار الدولة اليهودية وضماناً لأمنها".

(ترکي الحمد، د/ن ،https://arabcenter.wordpress.com/)

 ويلوح الکاتب لهذا الخطر الصهيو أمريکى من خلال شخصيتى الجنرال وحشو، والثعلب أبو الأفکار، ومواقفهم وحوارتهم وخصهم بکلمة أولاد العم : نسبة للعم سام هو رمز ولقب شعبي - يطلق على الولايات المتحدة الأميرکية کما يطلق أيضا على - إسرائيل؛ لأن بنى إسرائيل والعرب أبناء عمومة واحدة، وقد نجح الکاتب فى اختيار هذا اللقب ؛ ليصوراحتيال أمريکا وإسرائيل لمصر ومدى توددهم لها فى تلک الفترة وهذا يتضح من خلال التالى :

کشکش :   (يفزع صائحا ) ...إيه ده .. ؟ مين ده ؟

جنرال وحشو: (باکيا) أولاد عمک

أبو الأفکار :   (باکيا ) جايين عشان نحمل همک .

کشکش :   إيه ده سيبونى فى حالى

الإثنين :    (يعودان للبکاء) إهئ .. إهئ ..إهئ ..

کشکش :   (فى حذر) إمشو فى حالکم سيبونى فى حالى

وحشو :    (مستنکرا) ده أنت قريبنا واخوانا الغالى

أبو الأفکار :  قلبى عليک .. زعلان متأثر

کشکش :   أنا متشکر قوى متشکر

أبوالأفکار :  على إيه دا احنا أخوات فى الضيق

وحشو :   دانا لما سمعت إن أم قويق بتنعى

الإثنين :   قمنا شتمناها

کشکش :   بالذمة

الإثنين :    أى والله أمانه ..

أبو الأفکار :   إنما تسکت له إزاى.. قول لى

کشکش:   وراح أعمل إيه طيب قولى

أبو الأفکار :   أقول لک (يتلفت حوله ففى حذر) حارسم لک خطة فنية

وحشو :    فنية ؟؟

أبو الأفکار :  (هامسا) أيوه ...متخرش الميه

وحشو :   (مستنکرا) فنية إيه يا بو الأفکار

أبو الأفکار :  مانتش شايفه .. إزاى محتار

وحشو :   دا يا عينى لا عافية ولاقوة

أبو الأفکار :  ماهى هيه المشکله فى القوة

لو صاحب البيت شافه فتوة

راح يرجع عن قتله ضرورى .

(السعيد أبو الحسن، 1990، ص10).

 يصر الکاتب مرة أخري على أن أمريکا وإسرائيل کبلوا النظام المصري بسبب محنته وعوزه، وورطوه فى عقد اتفاقية کامب ديفيد 1978وإتفاقية السلام 1979، کما أنهم خدعوه بوعود کاذبة وأوهام غير حقيقية؛ لتحقيق مصالحهم الاستعمارية فى المنطقة العربية, وبالفعل هذا ما أکده تقرير التقييم الشامل الذي أعدّ عن مصر لعام 1977، من قبل وکالة الإستخبارات المرکزية سي آي إي والذى يؤکد على : .

 "ليس أمام السّادات خيارات کثيرة إن أراد البقاء في السلطة, وأنّ إمکانية إقصاء السادات عن الحکم ستتزايد إذا لم يحصل تقدّم ملموس في الظروف الاقتصادية أو تحريک لمفاوضات السلام".(جريدة الأخبار، الاثنين کانون الأول 2013 ، ع 2165، www.al-akhbar.com) ويجسد الکاتب لهذا من خلال المثال التالى :

کشکش :(کان يراقبهما فى حذر) وتمنها إيه الفکره دى ؟؟

الإثنين : (وکأنما قد کشف أمرهما فيهمهمان فى استنکار مصطنع) إيه؟

أبو الأفکار:   کشکش عيب تجرح إحساسنا

کشکش :يعن خدماتکم بلوشى؟؟

أبو الأفکار:   أخونا زيک ما نطلبوشى 00فتح ودنک للى حقوله

وحشو : اسمع وافهم

کشکش :طيب قولوا

وحشو :اسمع وافهم لاتفاقية

کشکش: اتفاقية ؟

أبو الأفکار :   أيوه اتفاقية جنتيل أنمل ما تتخضش دا کلام حايفيدک مايضرش

    (يخرج من جيبه قطعة عظم قديمة يقرأ منها )

    إنه فى تاريخنا المتأکد اجتمع أنا والوحش وکشکش

    کلنا فرقة ولا عم ليمتد ووافقنا على ما هو آتى

وحشو :واحد

أبو الأفکار :  إنقاذ کشکش فورا واعادته لمکانته الأولى

وحشو :اثنين

أبو الأفکار :   (مکملا) بعد ما نتاکد ..ونأکد عودته لمکانته من تانى

وحشو : ثلاثة

أبو الأفکار :   يبقى لينا کلام تانى

کشکش:لينا کلام تانى

أبو الأفکار :   امضى يا کشکش..(السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص 12)

 من جهه أخرى لا ينکر الکاتب بأن النظام المصرى تعافى بعض الشيئ بسبب تعافى الاقتصاد المصرى ورجوعه لدوره وقوته فى إطار النظام الرأسمالى العالمى، بعد اتفاقيتى کامب ديفيد والسلام المبرمتين مع الإمبريالية الأمريکية والکيان الاسرائيلى، من جراء المعونة الأمريکية، والتى بدأت الولايات المتحدة الأمريکية في منحها لمصر وإسرائيل منذ عام 1982 فى شکل مساعدات مالية عسکرية واقتصادية بشکل سنوي، بعد أن کانت قبل ذلک بشکل متقطع وذلک في إطار دعم مباردة السلام التي توصلتا إليها الدولتان في عام1979, وبموجب الاتفاق: تحصل مصر علي1 مليار دولار کمساعدات عسکرية، بالإضافة إلي نحو 810 ملايين دولار کمساعدات کمساعدات اقتصادية، بينما تحصل إسرائيل علي نحو3 مليارات دولار سنويًا ثم تقلصت المساعدات الاقتصادية الأمريکية لمصر من 810 ملايين دولار، إلي250 مليون دولار.

(فاطمة منصور ، 2012،  http://gate.ahram.org.eg/News/173574.aspx)

 وقد جسد الکاتب لهذا من خلال الحفلة التى أقامها صاحب المال (النظام الرأسمالى العالمى) لکشکش الذى أثبت جدارته وتعافيه وقوته، بسبب الاتفاق الثلاثى بين کشکش وجنرال وحشو وأبو الأفکار، والذى أعاد کشکش للعمل مرة أخرى, وإلى قلبه فرحة الانتصار، والثقة والقوة والعزيمة، فنهض مرة أخرى ليؤمن الحدود الخارجية للمزرعه بالسهر على حراستها من الأعداء الغرباء، ويقوى جبهتها الداخلية بزرع الفرحة الثقة والأمان فى نفوس أصدقائه وإخوانه مواطنى المزرعة, وهذا ما يتضح من خلال التالى :

المعزة :   حفلة کشکش

کوکى :  اللى حارسنا من الوحشين

الأرنب :   (مندهشا) واللى عاملها صاحب المال وأنا باستعجب أنا باستغرب

الحمامة :  (ساخرة) علشان حافظ على أمواله

الفرخة :  على رسماله ...يعنى علينا

صاحب المال: (يطلق ضحکة من بعيد .. قادما )

الأرنب :   هس هس .... دا صاحب المال

کشکش :  (يدخل خلف صاحب المال فى ملابس جديدة )

صاحب المال: (يدخل ضاحکا ) يا مساء الخير على أموالى وعلى رسمالى

الجميع :  (يقفون احتراما ) مساء النور يا صاحبنا ...يا صاحب البيت

صاحب المال: کله يقعد ... کله يقعد

      (يقف خاطبا) حيواناتى الطيبة ...اللى يقدم خير يلقاه واللى يراعى مصلحتى أحبه وعشان کده أنا کنت إمبارح....ناوى انتهى من کشکش واخلص

کشکش :  کنت زمانى من الأموات ..أنا لما التعلب فات

صاحب المال: اتغيرت الحالة تمام . (السعيد أبو الحسن،1990، ص 18).

 ثم يبرر الکاتب مرة أخرى لسياسة النظام المصرى؛ بتأکيده أن الکيان الصهيو أمريکى حاول استغلال بنود اتفاقية السلام لاحتلال المنطقة العربية، واستغلال ثرواتها، من خلال الاحتيال على النظام المصرى، لتنفيذ مخططاته الاستعمارية فى المنطقة العربية, وهذا يتضح من خلال

أبو الأفکار :  (باسما) وحما بيتى .. بط ..وعز

وحشو :   (بنهم) وفراخ وديوک ..عشة ملانه

      قوم هات لنا حاجة قوم فز

کشکش :   (يضحک سافرا ) يبقى حاميها بقى حراميها

وحشو :   (يصيحبه) إيه اللى حاميها وإيه حراميها

      إياک ناوي تطلع فيها ؟؟

أبو الأفکار :  مبلاش لاستعباط ده علينا

      لا أنت حاميها ولا حراميها

کشکش:   لا دنا حميها ولازم أحميها

      دى أمانة لازم أصونها.....دى أمانة وعمرى ما اخونها

أبو الأفکار :  کش يا کشکش بص لنفسک

وحشو :   (يصيح غاضبا) دا احنا عملناک تانى ياکشکش

أبو الأفکار :  بعد ما جلد خدودک کرمش .......واحنا يا صاحبى متفقين

کشکش :   متفقين على إيه قولى

أبو الأفکار :   عيب تخدعنا وإنت فى سنک

کشکش:   اااانا باخدعکم ؟؟

الإثنين :   أيوه أمال دى إتفاقية جنتل أنمل

کشکش :  (متلعثما ) ااا..ذذ .. اتفاقية إيه ياااا. أخ..خ. أخواننا

وحشو :   لتفاقية اللى عملناها ..برضه قوامک راح تنساها ..فکروا بيها يا بو الأفکار

أبوالأفکار :  إنه بالأمس المتأکد .. إجتمع أنا والوحش وکشکش .. کلنا فرقة ولا عم ليمتد ووافقنا على ما هو آتى

وحشو :    واحد

أبو الأفکار :  إنقاذ کشکش فورا وإعادته لمکانته الأولى

وحشو :   إتنين

أبوالأفکار :   بعد ما نتاکد ونأکد عودته لمکانته من تانى

وحشو :   ثلاثة

أبوالأفکار :   يبقى ساعتها لينا کلام تانى

کشکش :   أيوه صحيح دا البند التالت

أبو الأفکار : وعشانا عليک بقى ياسى کشکش

وحشو :    وعشانا کل ليلة وليلة

ابو الافکار :   وعشانا ألف ليلة وليلة.(السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص 20)

 واستکمالا لسياسة التنظير والتبرير، يؤکد الکاتب أن النظام المصرى رفض خيانة الأمة وفضل الموت فى سبيل الدفاع عن العروبة, ويظهر هذا بوضوح فى المثال التالى :

کشکش :  انتو تقولوا عشانا يارب (يتحرش بالذئب) بقى حاتکروتنى يا متوحش ..أما أنا قلبى الطيب اهبل ...(يهاجم وحشو) اللى بآمن کده بسهوله .. خيرا تعمل شرا تلقى

أبو الأفکار : (يحول بينهما ) طب إعقل

کشکش :   (يزجرهما) امشى انت وهو على بره

وحشو :   بره دا ايه ... سبنى عليه.. وانا أفتح کرشه

کشکش :   کده طب ..هوهو هو

الذئب والثعلب: (يرتبکان) إلحق ..هب هب ..اجرى اهرب (يهربان للخارج فى سرعة وارتباک), (السعيد أبو الحسن ،1990، ص 21)

 مرة أخرى نجد الکاتب السعيد أبو الحسن يسعى إلى فضح السياسة الصهيو امريکية باستعراضة لفترات تاريخية صعبة مرت بها الأمة العربية، ويرکز على التهديدات والاعتداءت الصهيو أمريکية على الوطن العربى بأکمله فى تلک الفترة, کما ألمحت الدارسة من قبل، ويحاول توظيفها فى نسيج المسرحية، وهذا يتضح من خلال إعلان حيوانات الشر الحرب على کشکش (النظام المصرى) وباقى الحيوانات (باقى الأنظمة العربية) وهذا ما نلمحه فى المثال التالى :

بم بم :   اسمع إنت وهو وهي ... اسمع إنت ..أيوه إنت يا سبع أونطه (مشيرة لکشکش).

إنذار إنذار ..إنذار حيوانات الشر ... الحرب العدوانى على بيتکم الحرب العدوان على بيتکم...الحرب العدوانى على بيتکم. (السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص 11)

 ولا يقف الکاتب عند هذا الحد بل يمضى إلى غايته ويوجه دعوة إلى التغيير الاجتماعى من خلال الحث على الوحدة والتکامل بين الأخوة العرب، ويتسعين بالواقع ليعکس ملامح أواخر فترة الثمانينات للمتلقى آنذاک، والتى اتسمت بمحاولات الوحدة والتکامل والتکاتف بين الأنظمة العربية، باعتبارها الصيغة الملائمة الجديدة ؛ لتحقيق القومية العربية ومواجهة المستعمر الغربى, وهذا ما أوضحته الدراسة فى السابق وأشارت إليه، وهذا ما يجسده المثال التالى :

الجميع:   (همهمات – همس ومشاورات)

کشکش:   يا جماعه قاعدين من ساعه

      اهدوا عشان نعرف نتکلم

الجدي:   الموقف يا جماعه خطير

کشکش:   علشان کده عايزين تفکير

المعزة:   والتفکير آخره التدبير

الجدي:   والتدبير ما يجيش بخناقه

کشکش:   عايزين عقل 00 وعقل کبير

بسبس:   التفکير الصح000 ندافع00 عن عشتنا وعن کرمتنا

     عن کل رملاية في بيتنا

الأرنب:   أنا عايز اسال000 مين حا يدافع

بسبس:   (ناهره غاضبة) کلنا إيد واحده .. وحا ندافع.

 (السعيد أبو الحسن، 1990 ، ص 23).

 وفى النهاية يضع الکاتب نهاية سعيدة للمسرحية ويأمل فى أن الوحدة والتکامل بين الأنظمة العربية ستساهم بشکل کبير فى القضاء الاستعمار الصهيو أمريکى، علاوة على عدم الاعتماد على التمويل الغربى الرأسمالى، الذى يشکل خطر على الأمة العربية ويستنزف مواردها ويکبلها بالديون والعجز, وهذا ما يتضح من خلال اعتماد حيوانات المزرعة على أنفسهم فى التخطيط للحرب وخداع العدو، بل وتنفذيها وحدهم دون الاعتماد على صاحب المزرعة وأسلحته وهذا ما يتضح فى المثال التالى :

(تدخل کل من کوکى والأرنب ومعهما صندوق وقد غطى بقطعة من القماش يفتح بابه ويدخل الثعلب وتزاح قطعة القماش فيبدو أنه قفص)

الجميع :   (يدورون حول الذئب والثعلب ينشدون)

     هيه ...هيه ..وآدى أبوالأفکار وضحکنا عليه .

     وأنت کمان ياسى وحشو هيه هيه هيه هيه

     وآدى الشر ضحکنا عليه .. .. .. هيه هيه..

صاحب المال:(دخل ومعه البندقية) إيه الهيصة دى ما تستهدوا

     (يلتفت ويجد الثعلب والذئب) الله دا التعلب والديب فى بيتى (يحاول التنشين عليهما)

کشکش :   (لصاحب المال) التعلب والديب اتهدوا

      والشر أهو استلقى وعدوا

صاحب المال: والبرکة فى کشکش

کشکش :  (مکملا) وأصحابى

صاحب المال : تعالى لى يا کشکش يا حبيبي يا حامينى يا منور بيتى

الجميع :    التعلب أهو فات فات وفى ديله سبع لفات

أبو الأفکار :   آه يانى ياللى حبستونى ... ما نفعشى معاکم حرکات

الجميع :    التعلب أهو..فات فات

أبو الأفکار :   الله لا يسيئکم تسيبونى

الجميع :    ياخى .. ده ..بعدک راح نسلخ جلدک 000جلدک بيساوى ألوفات

      قولو... فات فات وفى ديله سبع لفات

      والتعلب أهو فات فات ...(السعيد أبو الحسن، 1990، ص29) .

الحبکة الدرامية :

 تمتعت المسرحية بحبکه قويه متماسکة البناء، تمثل ذلک من خلال التسلسل المنطقي للأحداث الدرامية للمسرحية فکل الأحداث تخضع لمنطق الاحتمال والحتمية الدرامية وإمکانية الحدوث، کما أن الصدفة التي جاءت مبرره؛ وھذا ما جعل البناء لعضوي للمسرحية متکامل البناء بحيث يصعب الحذف أو الإضافة, ومن الملاحظ أن الکاتب اختار حبکة تقليدية تعتمد على العرض المتسلسل المنطقى البسيط فکل حدث يفضى إلى الآخر، حيث نتعرف في البداية على الزمان والمکان، ثم نبدأ نتعرف على الحدث الرئيسى وهو محاولة تخلص صاحب المزرعة من الکلب کشکش بقتله لکبر سنه، ومن خلال مناقشة أبطال العمل المسرحي الحيوانات الطيبة المتمثلة فى: الکلب کشکش، والقطة بسبس، والأوزة کوکي، الجدي جديو، الأرنب ، الحمامة ، الفرخة لهذه المشکلة ومحاولة البحث عن حل لها، والوقوف مع صديقهم کشکش فى مواجهه مشکلته ، ثم تتابع وتتصاعد الأحداث من خلال الوسط؛ لتظهر لنا الصراع بظهور مجموعة الحيوانات الشريرة تباعا والمتمثلة فى : البومة بم بم، الذئب وحشو، التعلب أبو الأفکار، الغراب، فنرى بم بم الشريرة تطير کعادتها للتجسس على الحيوانات فى المزرعة, وما أن تسمع حکاية کشکش تطيرمسرعة؛ لتنقل الأخبار لأصدقائها مجموعة الشر، ثم تتصاعد الأحداث ويقرر الغرباء الأشرار الجنرال وحشو، وأبو الأفکار تنفيذ خطة جهنمية للاحتيال على کشکش بحجة عقد اتفاقية معه لمساعدته فى الإبقاء على حياته والرجوع لعملة مرة أخرى، بالفعل يوافق الکلب الطيب المغلوب على أمره، وفى اليوم التالى يقوم کشکش بمهاجمة وحشو وأبو الأفکار وطردهم من المزرعة بالنباح حسب الاتفاق؛ فيستيقظ الجميع ويدرک صاحب رأس المال أن کشکش مازال قادرا على العمل، فيکافئه برجوعة للعمل مرة أخرى وأقامة حفله جميله له، ثم تتصاعد الأحداث و يرجع الأشرار لکشکش مطالبينه برد الجميل ، فيقدم لهم کشکش بعض الأطعمة من الحفلة، ولکنهم يوبخاه ويطلبا منه أن يقدم لهم کل يوم حيوان من المزرعة، انتقاما من صاحب المزرعة الذى أهانه، واستکمالا لتنفيذ الاتفاقية، وتتصاعد الأحداث ونرى الکلب الوفى يرفض خيانة أصدقائه الأوفياء، وتغلب عليه النزعة الوطنية ويقرر طرد ومهاجمة الأشرار بالنباح ليوقظ المزرعة وصاحبها، وهنا تعلن القوى الشريرة المستعمرة الحرب على کشکش وعلى جميع حيوانات المزرعة، ثم يلجأ کشکش لأصدقائه ويطلب المعونه منهم ، ويتحد ويتحالف الجميع لمواجهة العدو، ثم تأتى النهاية معلنة عن فرحة الانتصار وبث روح القوة والأمل فى نفوس الأطفال من خلال القبض على الأشرار، وانتصار الحيوانات الطيبة المتحالفة دون الاعتماد على صاحب رأس المال, الذى يدرک أهمية کشکش فى الدفاع عن المزرعة مع أصدقائه الطيبين .

 

الشخصيات :

 اعتمد المؤلف فى اختيار شخصياته على نماذج مکونة من خليط من الشخصيات العرائسية والبشرية المأخوذة من الواقع؛ لتوظيفها فى خدمة النص وأحداثه، ولتساعده فى تجسيده للواقع العربى فى صراعه مع العدو الصهيوأمريکى، وقد تکونت المسرحية من أکثر من عشر شخصيات، وانقسمت إلى أربعة شخصيات أساسية وهى: (الکلب کشکش، وصاحب المال، والذئب الجنرال وحشو، والتعلب أبو الأفکار)، وخمسة شخصيات ثانوية وهى: (القطة بسبس، والأوزة کوکى، والجدى جديو، البومة بم بم ، الغراب) ، ثم الشخصيات الهامشية المتمثلة باقى الحيوانات الطيبة فى المزرعة مثل: الأرنب، الحمامة ، الفرخة ....وغيرها

 وترى الباحثة أن الکاتب نجح فى رسم شخصياته، وتحديد أبعادها الشخصية ببراعة واتقان؛ لکى يفهمها المتلقى من خلال تطورها الدرامى عبر الأحداث، وبشکلها المتکامل (داخليا وخارجيا) فضلا عن دورها فى تعميق الحدث الدرامى المتأزم وصولا إلى الحل النهائى للموضوع، کما حاول أن يعمق إنسانيتها لتبدو مقنعة وممتعة أمام الأطفال، ووفق أيضا فى إضافة الخواص التى تعطيها مظهرا مناسبا للواقع من خلال: تمتعها بکثير من المصداقية, وإثارة اهتمام المشاهد، ومحاولة إلصاقها خصائص فردية تميزها عن غيرها من الشخصيات، وأيضا اتساقها فى کلماتها وأفکارها وحرکاتها, وستکتفى الباحثه بتحليل الشخصيات الأساسية وبعض الشخصيات الثانوية لتوضيح التغيرات التى ظهرت عليها مقارنة بالنص الأصلى لتأکيد وإبراز القضية وهذا يتضح من خلال التالى :

1-الشخصيات الأساسية :

-               الکلب کشکش :

 ألبس الکاتب هذه الشخصية دور البطولة، وترى الباحثة أن الکاتب اختار هذه شخصية؛ ليرمز بها إلى النظام المصرى، وقد وفق الکاتب فى اختيار اسم الشخصية، کما نجح فى إلصاقسمات الاسم عليها، ومعنى الاسم : کَشَّ کَشَّ: بمعنى تقبَّض, ويقال کشّ الشّخص من الأمر:هابَه وانقَبَض منه .(قاموس المعانى، د/ن، http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar)

 وکش ملک تُختصر غالبًا فى لعبة الشطرنج إلى کش، وتعني أنَّ الملک مهدد من قِبَل الطَرف الآخر، ويجِبُ حمايته أو تغيير موقِعهُ

(ويکيبيديا، 21/9/2016، https://ar. wikipedia.org/wiki)

 ومن هنا ترى الباحثة أن دلالة الاسم توحى بترويع وتحجيم الأعداء وإخافتهم وتهديدهم وإنذارهم بالسوء، وهذا ما ينسجم مع طبيعة النظام المصرى، والذى مثل تهديدا کبيرا للأعداء فى تلک الفترة مع بقية الأنظمة العربية الأخرى

 ونجد أنه أضاف الکثير من التغيرات على هذه الشخصية؛ لتناسب القضية المطروحة ولتقترب مع طبيعة النظام المصرى العاجز والمکبل بالديون والضغوط الداخلية والخارجية آنذاک؛ ولهذا جسده الکاتب بشخصية الکلب المسن، الضعيف، العجوز، الطيب، الهادئ، الفقير والذى يرضى بأقل القليل، ولکنه صاحب حضارة وعراقة ومخلص لأصدقائه ومحب لهم, کما أنه کريم وشجاع، بخلاف المأثور الشعبى والذى لم يظهر هذه الصفات على الإطلاق.

 تعمد الکاتب أيضا فى معالجة النص المسرحي بأن جعل الأشرار هم من تلصصوا على الکلب کشکش مع أصدقائه الطيبين حتى يوضح حسن نيه النظام المصرى، وأنه لم يلجأ لهم مطلقا للخروج من أزمته، ولکن هم الذين عرضوا عليه المساعدة, بعکس المأثور الشعبى والذى أکد بأن الکلب سلطون هو من ترک المنزل وذهب للذئب بنفسه يشکى له حاله ويأخذ منه النصيحة تعمد الکاتب کذلک فى المعالجة بأن جعل الجنرال وحشو وأبو الأفکار هم من ورطوا کشکش فى عقد الاتفاقية بسبب محنته وعوزه، ليؤکد أن أمريکا وإسرائيل ورطوا النظام المصري بسبب محنته وعوزهفى عقد الاتفاقية، کما أنهم خدعوه بوعود کاذبة وأوهام غير حقيقية؛ لتحقيق مصالحهم الاستعمارية فى المنطقة العربية عکس المأثور الشعبى والذى أکد أن سلطون وافق على الاتفاقية وکان عنده علم بها حسب الاتفاق المبرم مع الذئب, وهذا يتضح من خلال التالى :

کشکش : (کان يراقبهما فى حذر ) وتمنها إيه الفکره دى ؟؟

الإثنين : (وکأنما قد کشف أمرهما فيهمهمان فى استنکار مصطنع ) إيه؟

أبو الافکار:   کشکش عيب تجرح إحساسنا

کشکش : يعن خدماتکم بلوشى؟؟

أبو الأفکار:   أخونا زيک ما نطلبوشى 00 فتح ودنک للى حقوله

وحشو : اسمع وافهم

کشکش : طيب قولوا

وحشو :اسمع وافهم لتفاقية

کشکش: إتفاقية ؟

أبو الأفکار :   أيوه اتفاقية جنتيل أنمل ما تتخضش دا کلام حايفيدک مايضرش

     (يخرج من جيبه قطعة عظم قديمة يقرأ منها )

     إنه فى تاريخنا المتأکد اجتمع أنا والوحش ..وکشکش

     کلنا فرقة ولا عم ليمتد ووافقنا على ما هو آتى

وحشو : واحد

أبو الأفکار :  إنقاذ کشکش فورا وإعادته لمکانته الأولى

وحشو : اثنين

أبو الأفکار :   (مکملا ) بعد ما نتاکد ونأکد عودته لمکانته من تانى

وحشو : ثلاثة

أبو الأفکار :   يبقى لينا کلام تانى

کشکش:   لينا کلام تانى

أبو الأفکار :   امضى يا کشکش..امضى يا کشکش

وحشو:   امضى يا کشکش... امضى يا کشکش. (السعيد أبو الحسن . التعلب فات ، 1990 ، ص 12)

-               صاحب رأس المال:

 وهو شخصية مضادة للبطل، وترى الباحثة أن الکاتبوفق فى اختيار اسم الشخصية : صاحب رأس المال، ليدلل بها على النظام الرأسمالى العالمى، الذى يشکل خطرعلى الأمة العربية ويستنزف مواردها ويکبلها بالديون والعجز، کما نجح فى إلصاق سمات الاسم عليها وتجد الباحثة أن الکاتب أضاف العديد من التغيرات على هذه الشخصية بخلاف المأثور الشعبى؛ لتناسب القضية المطروحة ولتقترب مع طبيعة النظام الرأسمالى العالمى، والذى جسده الکاتب بالرجل الضخم، متعافى البنية، النهم، متقلب المزاج، الانتهازى، قاسي القلب،والذي لايعترف بالأخلاق، العنيف المتسلط الذي لايفضل غير جمع المال وما يحقق له المنفعة .

-               الجنرال وحشو :

 وهو شخصية مضادة للبطل، وترى الباحثة أن الکاتب اختارهذه شخصية ؛ ليرمزبها إلى النظام الأمريکى والذى يمثل تهديدات کثيرة للدول العربية،إلى جانب تطرفه الدائم فى تأييد إسرائيل، وقد وفق الکاتب فى اختيار اسم الشخصية : الجنرال وحشو؛ ليدلل به على مدى توحش القوة العسکرية التى تمتلکها أمريکا لفرض هيمنتها وسيطرتهاعلى دول العالم، وقد نجح الکاتب فى إلصاق سمات الاسم على الشخصية، کما نجح فى إضافة العديد من التغيرات عليها بخلاف المأثور الشعبى؛ لتناسب القضية المطروحة ولتقترب مع طبيعة النظام الأمريکى فى تلک الفترة، ولهذا جسده الکاتب بالذئب المتوحش، العاشق للدماء، الجنرال القائد المغتصب لممتلکات الآخرواستنزاف وتهديد خيراته، خبيث النفس، قبيح الأخلاق العنيف المتسلط، والذى يؤمن بفلسفة: التعالى والتکبر فى التعامل مع الآخر، والعيش على الفهلوة والبلطجة والسرقة، وکذلک التربص والوعيد لکل من يقف أمام تحقيق أطماعه.کما أنه أحد أفراد محور الشر.

-               أبو الأفکار

 وهو شخصية مضادة للبطل، وترى الباحثة أن الکاتب أضاف هذه شخصية بخلاف المأثور الشعبى؛ ليرمز بها إلى النظام الإسرائيلى والذى يشکل خطرعلى الأمة العربية ويستنزف مواردها، وقد وفق الکاتب فى اختيار اسم الشخصية : أبو الأفکار؛ ليدلل به على مدى الاستهداف، والتربص، وتدبير المکائد والحيل، واختلاق الأکاذيب، وحياکة المصائب والمؤامرات للأنظمة العربية ، وتجد الباحثة أن الکاتب أضاف هذه الشخصية على المعالجة المسرحية بخلاف المأثور الشعبى, لتناسب القضية المطروحة ولتقترب مع طبيعة النظام الإسرائيلى، والذى جسده بالثعلب الماکر والعقل المدبر للجنرال وحشو، والذى يخطط له جميع الحيل والمکائد للاحتيال على الآخر واستنزاف خيراته وممتلکاته ، وأحد أفراد محور الشر، کما أنه يتصف بالشر والمکر والدهاء والخبث، قبح الأخلاق ، النفاق, الحسد، ونقض العهد، وعبادة المال، کما أنه يؤمن بفلسفة : والعيش على الفهلوة والبلطجة والسرقة.

 2- الشخصيات الثانوية

-                الحيوانات الطيبة : القطة بسبس ، والأوزة کوکى، والجدى جديو :

 وقد اختارها الکاتب لتکون ثانوية أو مشارکة فى الحدث الدرامى، وترى الباحثة أن الکاتب أضاف هذه الشخصيات بخلاف المأثور الشعبى؛ لتمثل باقى دول مجلس التعاون العربى المشارکة مع مصرفى تحالفها الجديد وهى: اليمن ،والأردن ،والعراق، وقد تعمد الکاتب على اختيار جميع هذه الشخصيات من الحيوانات الطيبة المستأنسه التى يألفها الجميع؛ لتعبر عن الأنظمة العربية التى تألف الحب، والسلام، والاستقرار، والعمل، وترفض القبح والشروالعداء, وهذا جاء مختلفا عن القصة الحقيقة والتى کان فيها سلطون يمثل البطولة الفردية ولم يشارکه أحد فى الحدث ، وقد صور الکاتب هذه الشخصيات على أنهم الأصدقاء المقربين لکشکش فى المزرعة، وأنهم طيبين ، متحابيين ، وواقفين بجانبه فى وقت الأزمات، ومتصفين بالشجاعة والبسالة ومقاومة العدو، ومؤمنين بفلسفة الوحدة والإتحاد والتکامل والتى هى أقوى سلاح فى مواجهة أى عدو متربص.

-               الحيوانات الشريرة : البومة بم بم ، و الغراب:

 وهى شخصيات ثانوية مشارکة فى الحدث اختارها الکاتب؛ لتمثل باقى شخصيات محور الشر، وقد تعمد الکاتب على إضافة هذه الشخصيات بخلاف المأثور الشعبى؛ ليجسد بها الدول الغربية والتى تساعد العدو الأجنبى الصهيوأمريکى فى عدوانه على الدول العربية، وهذا ما جاء مختلفا عن القصة الأصلية والتى جاء فيها الذئب البطل الخصم الوحيد للکلب سلطون، وقد صور الکاتب هذه الشخصيات بالشر والمکر والدهاء والخبث کما أنها نذير الشؤم والخرابوالقبح، تعيش على السرقة واستنزاف خيرات الآخر

 3- الشخصيات الهامشية

 الأرنب ، الحمامة ، الفرخة وهى حيوانات طيبة مسالمة تعيش فى المزرعة مع کشکش وترى الباحثة أن الکاتب أضاف هذه الشخصيات على المعالجة الدرامية بخلاف هذه المأثور الشعبى ؛ لتمثل باقى الأنظمة العربية.

 نجد أيضا أن الکاتب استدعى الشخصيات لتعبر عن الواقع المعاش وتقترب النسيج المجتمعى للشعب المصري آنذاک؛ ولهذا اختارها مزيجا من أبناء الطبقة الفقيرة العاملة المحکومة وأبناء الطبقة البرجوازية أو الرأسمالية المالکة للثروة والنفوذ، وقسم أبناء الطبقة الفقيرة إلى نموذجين الأول العامل: المتمثل فى الحيوانات الطيبة وصوها على أنها طبقة طيبة کادحه تحب العمل، وتعيش إشکالات الوطن ومشاکله أکثر من غيرها من الطبقات ولاترضى بالاستکانه وترفض الخيانة مهما واجهت من آلام نفسية وصعاب وقهر وعوز وحاجة وتسلط من النظام الرأسمالى، وجعلها تؤمن بضرورة التغييرمن خلال إيمانها بالتنمية الاجتماعية والمتمثلة فى الوقوف بجانب المحتاج من الأصدقاء ،وکذلک التنمية السياسية المتمثله فى الوحدة والتحالف والنضال والدفاع عن الوطن، وکذلک صورها على أنها الطبقة الوحيدة التى تستطيع مواجهه الأعداء وعدم الرضوخ لعدوانهم ، وأن الأمل والوحدة والتکاتف والازدهار والتفاؤل والتغيير ينبع من بين صفوف المجتهدين المخلصين لوطنهم من أبناء هذه الطبقات .

 أما النموذج الثانى من الطبقة الفقيرة : فهو الشرير الکسول المتخاذل الشرير قبيح النفس والذى يعتمد على الاحتيال واللصوصية والفهلوة والنصب، والربح السريع، والسرقة والاعتماد على الحرب والقتل والتهديد واغتصاب الأرض ومثلهم الکاتب بالحيوانات الأجنية الشريرة، والتى لا مکان لهم فى سلم النجاح الاجتماعى، بل مکانهم فى سکنى الأماکن الخربة والجحور والشقوق،
وفى النهاية مصيرهم
هو: الهزيمة والانکسار أو القهر خلف القضبان الحديدية أوالموت المحتوم
الغير شريف.

 أما الطبقة المالکة للثروة والنفوذ: البرجوازية أو الرأسماليةالمتمثلة فى صاحب المزرعة أوصاحب رأس المال ، فقد صورها على أنها طبقة أنانية لا تفضل إلا مصلحتها، لاترحم الضعيف ولا المسن ولا الصغير، وتعتمد على أساليب القهر والإذلال للآخر؛ للحفاظ على ثرواتها،وقد اختار الکاتب هذه الطبقة ليصورالنزاع الطبقي على المستوى العالمى والعربى والمحلى، بسب توزيع المصادر الاقتصادية بشکل غير عادل وغيرمنطقى، والذي انقسمت فيه المجتمعات علي أثر هذا التوزيع الي عدة طبقات تتصارع فيه طبقتين رئيسيتين هما : الطبقة المستغلة أي الطبقة المالکة للثروة والتى تعلى من مصلحتها فوق أى مصلحة، والطبقة المستغلة أي الطبقة المحکومة فاقدة الثروة الکادحة المقهورة والمغلوبة على أمرها ولکنها الطبقة الوحيدة التى تحمل هموم الوطن وتستطيع وحدها حماية الوطن والدفاع عنه .

 وترى الباحثة أن الکاتب حاول أن يحبب الثقافة التنموية للطفل من خلال الترکيز على البطل العامل الإيجابى الذى يساهم فى بناء مجتمعه ووطنه،سواء فى المصنع أو الحقل أوأى ميدان من ميادين النضال؛ وإبراز دوره فى نجاح حياته ومجتمعه ، وهذا ما جاء استجابة مع الهدف (8) للاستراتيجية الإنمائية الدولية لعقد الأمم المتحدة الإنمائي الثالث فى الثمانينات والذى يؤکد على: أن العمالة المنتجة هى عنصر أساسى من عناصر التنمية. (الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة (35) 1980 ،ص146)

اللغة :

 يتضح من المسرحية أن الحوار جاء مبسطا وھادفا ومنسجما مع أحداث وشخصيات المسرحية، بالإضافة أنه ساهم فى تطوير الأحداث وتسلسلها، کما کشف عن الشخصيات وأبعادها الداخلية والخارجية بشکل متکامل، فضلا عن دوره فى تعميق الصراع والتأزم الدرامى وصولا إلى الحل النهائى للمسرحية .

 وکتبه المؤلف بلغه رقيقه بسيطة وواضحة في مستوي استيعاب المتلقي، تقوم علي الطرافة والبساطة والإيجاز، وقد وظف فى نقله اللغة العامية أو اللهجة الدراجة المسجوعة، المتداولة فى الحياة اليومية لإبراز قضيته الأساسية من خلال استحداث معالجة جديدة تتوافق مع مجريات الأمور والوضع القائم آنذاک, کما عمد على إضافة کلمات حديثة فى الحوار, وکذلک کلمات أجنبية؛ لتجد لها ارتباطا مع الواقع المعاش وتجسيد الوضع العربى فى صراعه مع الکيان الصهيوأمريکى فى تلک الفترة, وهذا ما فصلته الدراسة فى السابق.

 وقد حرص الکاتب على تقديم المسرحية من خلال الأسلوب الشعرى البسيط ، وفى قالب استعراضى کوميدى ترفيھي مبھر، فالمسرحية عبارة عن أوبريت غنائي کوميدى اشتمل على: الأغانى والاستعراضات والنظم المسجوع والإيقاعات إلى جانب خاصيتى الجذب والامتاع؛ وھذا ما يعطي تلاحم مع عالم المتلقي سواء الصغير أو الکبير فى هذا العقد، خاصة وأن من يقوم على تقديم هذا الإبداع الفني، مجموعة کبيرة من کبار النجوم المصرين، إلى جانب الانتشار الواسع لها داخل البيوت عن طريق التليفزيون أو الفيديو.

 وقد اعتمد الکاتب على رصيد کبير من المفردات السهلة التراثية، والتعبيرات والأقوال المأثورة، بالإضافة إلى الأمثال والأغانى والألعاب والرقصات الشعبية الفلکلورية فى إطار التراث الشعبى المصرى المتوارث وهذا يتضح من خلال التالى :

- استلهام اسم المسرحية التعلب فات: وهذا الاسم يعبر عن أغنية أو لعبة تراثية تقدم للأطفال فى إطار الموروث المصرى الشعبى القديم، کما أن الباحثة ترى فيه مغزى دلالى يعبر عن أن العدو الصهيونى ولت أيامه وانقضت؛ لأن الکاتب شبه إسرائيل فى المسرحية بالتعلب أبو الأفکار کما فصلت الدراسة ذلک مسبقا وهذا يتضح من خلال التالى:

لکن ربک هد الظالم والمظلوم ربک وياه

والتعلب أهو راح فى أبو نکلــــــــــه

خدوا ديله لزقوه فى قفــــــــــــــــاه

والتعلب آهــــــو فات ..... فات

وفى ديــــــــــله سبع لفــــــــــات

( السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص 2

- استدعاء کلمات تراثية مثل: امشى انجر، أونطه، الله لا يسيئکم، مبلاش استعباط، اتهز ياوز، أما عبيط وصحيح برياله، حلاوة عليک يا ابو رقص بلدى، آه يا ليل ياعين، ياغراب البين، اشهل دبرغيتنا، دى مصيبة وحطت على روسنا ، التعلب اهو راح في أبو نکله، هاتسوق الهبتله علينا, إياک ناوى تطلع فيها، اهبل، راح نديهم حتة علقة، بالهنا والشفا قول انشا الله، سيبنى عليه أفتح کرشه ...وغيرها.

- اقتباس الأغانى والألعاب التراثية مثل: أغنية ولعبة التعلب فات وفى ديله سبع لفات والتى جاءت فى بداية ونهاية المسرحية .

حيوانات الخير: التعلب آهو فات فـات وفى ديله سبع لفات

 والديب السحلاوى معاه اتفق التعلــب ويــاه

 کونوا فرقة شر کبيرة يامم الديب والتعلب ياه

 قولو فات قولو فات التعلب آهو فات فات

 ( السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص3).

- استلهام الأغانى والرقصات الشعبية مثل: أغنية اتهز ياوز والتى کانت تقدم فى کثير من الأفراح والحفلات الشعبية آنذاک والتى تتضح من خلال التالى :

(يقدم کل واحد من الحيوانات بما استعد له .. الأرنب على الفلوت ..والمعزة على الطلبة .. والحمامات على الصاجات )

کوکى :   ترترى الحزام بالترتر ( تستعد للرقص مع الاغنية)

الحمامة :   اتهز يا وز وفرجنا ....ارقص بالبلدى وفرحنا

      الحفلة جميلة وليلتک ليلة .... الحفلة جميلة وليلتک ليلة

      حلاوة عليک ياأبورقص بلدى اتهز يا وز....اتهز يا وز

الجميع :   حانغنى ياليل ونقول مواويل ..للى بيحرس لينا أرواحنا

 ارقص بالبلدى وفرحنا ..اتهز ياوز اتهز يا وز. ( السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص17).

- استدعاء الأمثال الشعبية المصرية مثل: والله الجوده من الموجوده، يبقى حاميها بقى حراميها، عشانا يارب عليک، بره يا شر وامشى انجر، التفکير آخره التدبير، التدبير ميجيش بخناقه، جماعة کشکش حاجة هلمة ، الکترة يا صديقى مهمة، أنا رهن إشارة معاليک ربنا موجود والصبر جميل، معلش ربک يفرجها، ربنا هيساعد ويدبر..وغيرها

 وترى الباحثة أن الکاتب عمل على إمداد المتلقى بهذا الرصيد الکبير من الموروث الشعبى استجابة مع توصيات التالية :

- توصيات اليونسکو في دورته العشرون من خلال الهدف (2/1), والذى أکد على أهمية: تأکيد الذاتية الثقافية بوصفها عاملا أساسيا يجب أن يؤخذ في الاعتبار في الجهود المبذولة لإقامة نظام اقتصادي دولى جديد عند وضع وتنفيذ أى مشروع شامل ومتکامل للتنمية. (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة, 1978، ص87).

الصراع :

 نجد ان صراع المسرحية لعب دور کبير فى تطوير الأحداث والکشف عن مکنونات الشخصيات فى المسرحية، وقد اتخذ الصراع فى المسرحية عدة مستويات، وأبرز أشکال الصراع فى المسرحية تمثل فى الصراع الخارجى بين کشکش وصاحب المزرعة الذى يعامله معاملة سيئة ويحاول التخلص منه بالقتل ؛ لکبر سنه وضعفه، وهذا ما يحاول الکاتب التأکيد عليه من خلال الإدانه الصريحة للنظام الرأسمالى العالمى، والذى کان سببا رئيسيا فى تعميم الإفقار والإضعاف للنظام المصرى، ولجوئه لعقد اتفاقية کامب ديفيد لتفادى هذه الضغوط وهذا يتضح فى المثال التالى :

صاحب المال:(يغضب فجأة ... يدفع کشکش بقدمه بعنف فيسقط على الأرض .. تسقط نظارته وطاقم أسنانه – يدور باحثا عنها يتألم بصوت مکبوت)

صاحب المال: (أثناء ذلک يضحک شامتا ..ويضع العظمة فالطبق أمامه )

لا دا أنت خسارة فيک العظمة ولاعاد لک هيبه ولا کلمة

نظارة طبية وطقم اسنان  دا ما عدش يجوز فيک الإنسان

أنا أحسن حاجة ارتاح منک فيه إيه حاکسبه تانى منک

لو شفت الحرامية حاتهرب أخدک واخلص منک بدري

امشى امشى ما بنوکلشى عندى سلاحى حاديک بالنار

امشى امشى ما بنوکلشى امشى امشى ما بنوکلشى

کشش: (ينسحب کشکش خارجا ليختفي).

 ( السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص23).

 وکذلک الصراع الخارجى بين کشکش ومجموعة الغرباء الأشرار التى تحاول استغلال نقطة الخلاف بين کشکش وصاحب المال؛ للاستيلاء على خيرات المزرعة، ولکن کشکش يرفض خيانة أصدقائه، ويقرر النضال والدفاع عن الوطن والأصدقاء ومحاربة الأشرار بمعاونة أصدقائه الطيبين، والقبض عليهم وتسليمهم لصاحب المزرعة وهذا ما يتضح من خلال :   

بمبم : (هامسة) ولا حد هنا

الغراب :    ولا حد هناک

بمبم : راح نديهم حتة علقه .. بالهنا والشفا قولى انشا الله (يدخلان فى خطوات حذره فى اتجاه العشة ..تظهر فجأة من الخلف بسبس والمعزة وفى يد کل منهما مطرقة کبيرة ..تضربان کل الغراب والبومة ..تنظر البوم والغراب ..ويعتقد کل منهما أن الآخر هو المعتدى ...يضرب کل منما الآخر لکمة قوية ..يقعان على الأرض ...تتقدم بعض الحيوانات فى سحب الأشرار من المسرح ، وتعود الحيوانات الطيبة للاختفاء)

الفرخة :    برافو يا بسبس .. الغراب مات ..وبم بم حصلته

بسبس : بطلى غلبه .. دا لسه کتير

کشکش : أنا شامم ريحة شياطين

جديو : لازم وحشو وأبو الأفکار .

 (السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص 27).

 إن کان هذا الصراع الخارجى الرئيسى فى المسرحية، نجد أيضا عدة صراعات داخلية أخرى فى المسرحية لها أدوار فى إبراز الشخصيات وعلاقتها بالأحداث، نلاحظ أولا: الصراع الداخلى للکلب کشکش مع نفسه والذى يتمثل فى الانتقام من صاحب المزرعة أم الوفاء لأصدقائه وعدم خيانتهم ويستمر هذا الصراع إلى أن تنتهى الأحداث بوفاء الکلب لأصدقائه ومحاربة الأشرار والانتصار عليهم .

أبو الافکار :  احنا آهه شايفين بعنينا

کشکش :  شايفين إيه ؟

وحشو :   شايفين وز .. وأکل يلذ

أبو الأفکار :  حمام بيتى وبط وعز

وحشو :   قوم هات لنا حاجة قوم فز

کشکش:   يبقى حاميها بقى حراميها

وحشو :   إيه اللى حاميها وإيه حراميها

      اياک ناوي تطلع تطلع فيها ؟؟

أبو الأفکار :  مبلاش لاستعباط ده علينا

کشکش:   لا دنا حميها ولازم أحميها

أبو الأفکار :  عيب تخدعنا وأنت فى سنک

کشکش:   أاأاأانا باخدعکم ؟؟

الإثنين :   أيوه أمال دى اتفاقية جنتل أنمل

کشکش :  (متلعثما ) إإإ..ذذ ..اتفاقية إيه يا اخواننا.

 (السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص19 ).

 ثم نلاحظ صراع حيوانات المزرعة الداخلى مع أنفسهم، والذى تمثل فى قلقهم علي مستقبلهم ومصيرهم بعد کبر سنهم ومرور الزمن بهم، وهل سيعاملون مثل معاملة کشکش أم لا ؟ ويستمرهذا الصراع حتى تسطيع أحداث المسرحية الإجابة عن ذلک.

کوکى :   ايه رأيک يا کبير جماعتنا

بسبس :    اشهل ..فکر

الحمامة :   دبر غيتنا

بسبس :    ازاي الحال 000 راح نعمل إيه مع صاحب المال

جديو:    دلوقتي صاحب المال ..لو نفذ حکمه على کشکش

      يبقي المره دي قتل کشکش والمره الجاية

بسبس: يأخد بسبس (مشيره لنفسها) يعني احنا نديله عفيتنا... ويأخد هوأعمارنا وفايدتنا

الفرخة:    والآخر

کوکي:   (تلاحقها في رنة بکاء) يقطع رقبتنا

جديو: (مستنکرا) بقى دا اسمه کلام

الجميع:    (يتصايحون في توزيع درامي) الظلم حرام00 الظلم حرام00 الظلم حرام. (السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص6 ) .

 کذلک نجد الصراع الداخلى للحيوانات الطيبة فى قلقهم وخوفهم على أنفسهم من محاربة حيوانات الشر ويستمرهذا الصراع إلى أن تنتهى أحداث المسرحية بانتصار الحيوانات الطيبة على مجموعة الأشرار.

بسبس :    التفکير الصح ..ندافع ..عن عشتنا وعن کرمتنا ..وعن کل رملاية فى بيتنا

الأرنب :    أنا عايز اسال ..مين هيدافع

بسبس :(ناهرة غاضبة ) کلنا إيد واحده وحاندافع

الأرنب :بس قوليلى ذنبى أنا إيه ؟

الفرخة :    آه .. وأنا.. ذنبي إيه ؟

کشکش: أنا يا اخواننا ..ما عنديش مانع

   مهما أکون أنا سبع الليل

   دى قضيتى سييبونى أدافع

المعزة :لا ياسى کشکش دى قضيتنا

    دا الشر هيهجم على بيتنا.

 (السعيد أبو الحسن ، 1990 ، ص28 ) .

النهاية :

 تختم المسرحية بنهاية سعيدة عادلة يليها أغنية استعراضية، تلعب دورا دراميا وتنويريا يؤکد القضية والمعني من جهه، وتبشر بنهاية الصهيونيه الأمريکية وبداية تحالف وتکامل عربى قوى من جهه أخرى.

کشکش : (لصاحب المال) التعلب والديب اتهدوا ..والشر أهو استلقى وعدوا

بسبس: اصحى ياحلو بلاش حرکات 000 والتعلب

الجميع:    فات فات

بسبس: وفي ديله

الجميع:    سبع لفات .. سبع لفات...

أبوالأفکار: آه ياللى فى بالى حبستوني...ما نفعشي معاکم حرکات

الجميع:    التعلب آهو فات فات

أبوالافکار: الله لا يسيئکم تسيبوني

الجميع:    ياأخي ده بعدک ..راح نسلخ جلدک

 جلدک بيساوي ألووفااات

 قولو فات فات وفي ديله سبع لفات

 والتعلب آهو فات فات

(السعيد أبو الحسن، 1990، ص30)

 وتؤکد الخاتمة أن النصر جاء مرتبا ومدروسا؛ نتيجة الاتحاد والخطة المدروسة وليس عفوى أو اعتباطى عکس القصة التراثية الأصلية، أيضا جاءت النهاية مؤکدة على القضاء على بعض أفراد مجموعة الشر مثل: البومة والغراب، والقبض على البعض الآخر مثل: الثعلب والذئب وتقديمهم لصاحب رأس المال؛ لتؤکد أن الاتحاد بين العرب والتخطيط المدروس للمواجهه هو السبيل الوحيد للقضاء على المتربصين بالأمة العربية، وهى السبيل الوحيد لحل کل مشاکلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ...وغيرها

 وهذا ما جاء مخالف للقصة الأصلية والتى تم فيها التصالح بين الکلب سلطون والذئب، واعتذار الذئب لسلطون أمام الجميع وإقراره بعدم سرقة خراف المزارع مرة ثانية وأنه سيصبح صديق وفى له.

مناقشة النتائج:

أولا : النتائج المتعلقة بالشکل :

-    النصين المسرحيين موضوع الدراسة هما نصين مؤلفين .

- جاءت مسرحية "الطيب الشرير 1981"فى فصل واحد، واشتملت على خمسة مناظر، وامتد عدد صفحاتها من (20:1) صفحة، فى حين جاءت مسرحية" التعلب فات 1990 "فى فصلين واحتوت على منظر واحد فقط - قسم المسرح فيه ثلاثة أقسام ، وامتد عدد صفحاتها من (30:1) صفحة.

-    النصيين المسرحيين جاءا فى شکل أوبريتان غنائيان.

-    النصين المسرحيين استدعيا الإطار الزماني المناسب للقضيتين الرئيسيتين والمعبرعن الواقعين المعاشين.

-    النصين المسرحيين استدعيا الإطار المکاني المناسب للقضيتين الرئيسيتين والمعبر عن الواقعيين المعاشين.

ثانيا : النتائج المتعلقة بالمضمون :

- النصين المسرحيين استلمهما التراث الشعبى سواء العربى أو العالمى؛ استجابة لتوصيات الاتفاقيات الدولية والتى تؤکد على أهمية الحفاظ على الموروث الثقافى للشعوب.

- التزم الکاتبان فى النصين المسرحين ببنية الحکاية الشعبية الواردة فى المأثور الشعبى ولکن مع التعديل البسيط فى المعالجة الدرامية؛ لتتوافق مع القضية المثارة، والواقع المعاش، وتوصيات السياسات الثقافية الدولية وکذلک المرحلة العمرية للطفل.

- دارت الفکره الرئيسية لمسرحية "الطيب الشرير 1981" حول : التعايش السلمى مع الآخر، فى حين دارت فکرة مسرحية " التعلب فات1990" حول: لن تستطيع الدول العربية تحقيق النصر على العدو الصهيو أمريکى إلا من خلال الوحدة والتکامل العربى.

- غلف الکاتبان فى النصين المسرحيين قضاياهم الرئيسية السياسية بقضايا ظاهرة فرعية اجتماعية؛ حرصا على عدم المساءلة القانونية, وللالتزام ببنود اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل .

-  ساهم النصين المسرحيين فى تغيير أنماط التنشئة لکى تتناسب مع مستجدات التغير الاجتماعى المحلى والعربى والعالمى .

- ساهمت مستجدات التغير الاجتماعى فى اختيار القضايا الرئيسية للنصين المسرحيين؛ ولهذا تبلورت القضية الرئيسية فى مسرحية "الطيب الشرير1981" حول: السلام المصرى الإسرائيلى، بينما تبلورت القضية الرئيسية فى مسرحية " التعلب فات 1990 " حول: إنهاء الصراع العربى مع الکيان الصهيو أمريکى بالوحدة والتکامل والنضال

- جاءت مسرحية "الطيب والشرير 1981" فى ظل أجواء تعصب وغضب عربى وشعبى کبير، ورفض کامل للتطبيع مع إسرائيل، وقد عبر العرب عن قلقهم تجاه علاقة مصر مع إسرائيل؛ من خلال مقاطعة مصر ومحاصرتها اقتصاديا وتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية من عام (1979) إلى عام (1989)، فى حين ترکز جوهر السياسة العامة للدولة فى هذه الفترة (مرحلة صنع السلام) على أن: ﻤﺼﺭ ﻫﻲ ﺠﺯﺀ ﻤـﻥ ﺍﻟﺤـﻀﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴـﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻭﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻋﻤﻭﻤﺎ، وأن إدراک ﺍﻟـﺴﻼﻡ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺭ للسياسة ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ وعدم تورط مصر في الواقع العربي المعقد، وأن السلام المصري الإسرائيلي نقلة عظيمة لمصر وصفحة مضيئة في المنطقة، من جانب آخر ترکزت السياسة الدولية حول التأکيد على: مفاهيم السلام وتعزيزها، ونشر ما تروجه السياسة الأمريکية من خلال خلق خرافة التعايش السلمى بين المعتدى والمعتدى عليه تحت حجة الموقف المصرى المتحضر, وطبقا لهذه المستجدات والتغيرات ترى الباحثة أن المسرحية جاءت ترجمة لها، وذلک من خلال الاستناد على التفسير التاريخى للتنظير لسياسة النظام المصرى من خلال إيجاد صيغة تبرر أسباب لجوء النظام المصرى لعقد اتفاقية السلام مع إسرائيل فى فترة ما بعد النکسة 1967 إلى وقت عرض المسرحية عام 1981، فى محاولة منها للتقريب بين وجهات النظر المصرية والعربية والدولية؛ عن طريق التوصل إلى صيغة تجمع ما بين استمرار علاقة مصر بالعروبة، وبين التزامها بسلامها التعاقدي مع إسرائيل، إلى جانب الالتزام بتوصيات المنظمات والمؤتمرات الدولية والتى تنادى بأهمية نشر والاحتفال بالسلام العالمى؛ لکسب المعونة الدولية، والظهور بالواجهة الحضارية .

- أما مسرحية " التعلب فات 1990 " فقد جاءت فى ظل تحولات وتغيرات اتجهت نحو الوفاق والتضامن والوحدة العربية، ولاسيما بعد رجوع مصر للحضن العربى، وانضمامها لحلف مجلس التعاون العربى 1989 مع العراق والأدن واليمن، والذى يدعو إلى دعم الجهود الوحدوية الاقتصادية والسياسية العربية نحو تحقيق الحلم العربي فى الوحدة والتکامل، من جانب آخر ترکزت السياسة الدولية على التأکيد على أن الاستعمار أسوأ أنواع الاستعباد، والمناداة بحقوق الشعوب فى تأکيد مصيرها, والاهتمام بالعقد الدولى للقضاء على الاستعمار (1990 /2000), وتمکين ونصرة الشعوب فى ممارسة حقها فى الاستقلال والسيطرة على مواردها الطبيعية, وهذا ما کان له أثرا کبيرا على المسرحية، والتى استجابت للمستجدات الجديدة فى تلک الفترة, واستندت على التفسير التاريخى للتنظير لسياسة النظام المصرى؛ من خلال إيجاد صيغة تبرر أسباب لجوء النظام المصرى لسياسة التطبيع مع الکيان الصهيونى خلال حقبتى السبعينات والثمانينات فى محاولة منها للتقريب بين وجهات النظر المصرية والقومية وتوصيات السياسات الدولية، عن طريق التوصل إلى صيغة تجمع ما بين استمرار علاقة مصر بالعروبة، وبين التزامها بسلامها التعاقدي مع إسرائيل؛ إلى جانب الالتزام بالتوصيات والاتفاقيات الدولية والتى تنادى بإنهاء الاستعمار وتمکين الشعوب من الإستقلال

-  ألمحا النصان المسرحيان من خلال الأسلوب الرمزى تعرض العلاقات المصرية – الأمريکية لموجات من المد والجزر، على ضوء المستجدات والمتغيرات التى ظهرت على الساحة ؛ فنرى أن مسرحية " الطيب والشرير 1981 " أظهرت أمريکا : بالدولة العظمى الصديقة التى تتحکم في الکثير من الأمور في العالم، وأنها کانت غائبة عن الحقيقة لبعض الوقت بسبب وشاء إسرائيل الکاذب لها فى حق النظام المصرى، ثم أدرکت بعد اتفاقية السلام، الدور الريادي للنظام المصرى في دعم الإستقرار والسلام في المنطقة، کما تنبأت المسرحية بنهاية إسرائيل على يد الآلة العسکرية الأمريکية، وأن النظام المصرى سيکون مؤهل لقيادة العالم بعد أمريکا، وهذا جاء على ضوء علاقات السياسة المصرية مع الأمريکية فى تلک الفترة ، والتى کانت أمريکا آنذاک راعية للسلام المصرى والإسرائيلى، کما أمدت مصر بالمعونة الأمريکية کل عام، ومنحت الرئيس السادات جائزة نوبل لجهوده الکبيرة فى نشر ثقافة السلام فى المنطقة، فى حين أظهرت "مسرحية التعلب فات 1990" أمريکا بأنها: جنرال متوحش، ومصدر تهديد واستعمار للأمة العربية مع وإسرائيل، وأن نهايتها مع إسرائيل ستکون على يد التحالف والوحدة والنضال العربى وهذا ما جاء على ضوء علاقات السياسة الأمريکة الإسرائيلية بالمنطقة العربية فى تلک الفترة, والتى ارتکزت حول تحقيق مصالح إسرائيل فى المنطقة، وتدعيم الإرهاب الإسرائيلى ماديا ومعنويا، وتوفير الحماية الکاملة له؛ لتأکيد شرعيته فى الأراضى المحتلة، إلى جانب تهديد مناطق أخرى فى الوطن العربى مثل : ليبيا التى قصفتها جويا وفرضت عليها حصارا اقتصاديا.

- أظهرا النصان المسرحيان من خلال الأسلوب الرمزى أن فترة نهاية الثمانينات شهدت تحولا کبيرا في ارتباطات مصر باتفاقية السلام عن الشکل الذي اتخذته منذ بدايتها، فنجد فى بداية الثمانينات فى مسرحية "الطيب والشرير1981 " أن أيديولوجية النظام المصرى تبلورت فى: إرساء وتدعيم اتفافية السلام، وأکدت أنها من أهم أولويات النظام المصرى فى المنطقة بل والعالم أجمع؛ لأنها الطريق الحضاري الوحيد لتسوية الخلاف مع أى عدو خارجى، فى حين تغيرت تلک النظرة فى نهاية الثمانينات فى مسرحية "التعلب فات1990 " واستبدلت بأيديولوجية مختلفة تماما تؤکد على أن: الصهيونية الأمريکية احتالت على النظام المصرى وغررت به ؛ لقبول اتفاقية السلام، لتحقيق أطماعها الاستعمارية فى الوطن العربى ، ولکنه رفض خيانة الوطن العربى، وفضل عليها الوحدة والتحالف والنضال العربى؛ لتحقيق الأهداف والأحلام والمصالح العربية المشترکة.

- لعبا النصان المسرحيان دورا تنمويا فى إکساب التربية المستديمة؛ استجابة للنظرة العالمية أو (الإلتجاء للنموذج الغربى) من خلال الامتثال للاتفاقيات والمؤتمرات الدوليه، والسياسات الثقافية العالمية؛ وقد انعکس هذا على اختيار القضايا الرئيسية للمسرحيات وکذلک البنية الدرامية للمسرحيات.

- ابتعدا النصان المسرحيان عن مناقشة قضايا المجتمع المحلى مثل: الفقر والبطالة، والهجرة .. وغيرها، وکذلک قضايا الطفولة مثل: التسرب المدرسى، والأمية، وأطفال الشوارع ....وغيرها ولکنها عبرت عن استراتيجية الدولة والسياسات التعليمية المصرية آنذاک

- استخداما النصان المسرحيان الحبکة البسيطة التقليدية، والتى تخضع للتسلسل المنطقى، والحتمية الدرامية للأحداث، وقد عمد مؤلفى النصين على تغيير المعالجة الدرامية للقصة الأصلية ؛ لتناسب الواقع والقضية المطروحة ومرحلة الطفولة .

-  استخدما النصان المسرحيان أکثر من صراع؛ لتأکيد القضية المطروحة وتطوير الأحداث والکشف عن مکنونات الشخصيات.

- اعتمد النص المسرحى"الطيب والشرير1981" على شخصيات من نماذج بشرية مأخوذة من الواقع؛ لإبراز القضية وتأکيد أحداث المسرحية ولتجسيد الواقع المعاش بطريقة رمزية، فى حين اعتمد النص المسرحى " التعلب فات 1990 " على خليط من الشخصيات العرائسية والبشرية المأخوذة من الواقع؛ لتوظيفها فى خدمة النص وأحداثه ، وتجسيد القضية والواقع المعاش بطريقة رمزية.

- السمة الغالبة على النصين المسرحيين إضافة العديد من التغيرات الواضحة علي شخصياتها المسرحية بخلاف المأثور الشعبى؛ لتناسب القضيتين المطروحتين ولتقترب مع طبيعة الشخصيات الموجودة فى الواقع

- غلب على مهن الشخصيات فى النصين المسرحين مهنة العامل؛ امتثالا لبنود الاتفاقيات الدولية, والتى تؤکد على أن العمالة المنتجة هى عنصر أساسى من عناصر التنمية.

- غلب على النصين المسرحيين استدعاء شخصيات من الطبقة الفقيرة؛ لتتماثل مع طبيعة واقع المجتمع المصري العامل البسيط ، وکذلک مع الاتفاقيات الدولية, والتى تؤکد على أن : العمالة المنتجة هى عنصر اساسى من عناصر التنمية، إلى جانب التلويح بأن الطبقة الفقيرة هى القادرة على التغيير وأنها عنصر أساسى فى التنمية .

- اللغة العامية هى المستخدمة فى تقديم مضمون النصين المسرحيين؛ استجابة لقرارات الاتفاقيات الدولية والتى تنادى بأهمية الحفاظ على الهوية الذاتية للشعوب .

- اعتمدا النصين المسرحيين على رصيد کبير من المفردات السهلة التراثية، والتعبيرات والأقوال المأثورة الفلکلورية فى إطار التراث الشعبى المصرى المتوارث ؛ لتعطي تلاحم مع عالم المتلقي سواء الصغير أو الکبير فى هذا العقد، خاصة وأن المسرحيات هذا العقد کانت تنقل داخل البيوت عن طريق التليفزيون أو الفيديو.

- الأسلوب المستخدم فى مضمون المسرحيتين هو الأسلوب الشعرى الغنائى؛ ليتناسب مع الأطفال الذين تستهويهم الأغانى ويتناسب مع ثقافة الشعب المصرى المحب للأغانى والفلکلور الشعبى .

- وفق الکاتب السعيد أبو الحسن فى توظيف الفاکهة والمرح فى حوار مسرحية "التعلب فات 1990 "، فى حين لم توظف فى مسرحية "الطيب والشرير1981" إلا فى بعض المواقف البسيطة

- السمة العامة للنصين المسرحيين النهايات السعيدة العادلة، يليها أغنية استعراضية، تلعب دورا دراميا وتنويريا يؤکد القضية والمعني من جهه ويؤکد رأى الکاتب فى القضية من جهة أخرى

توصيات الدراسة:

 فى ضوء النتائج الدراسة تقترح الدراسة مجموعة من التوصيات من خلال التالى:

-  الاهتمام بنصوص مسرح الطفل وقضايا التغير الاجتماعى .

-  إعادة عرض هذه النصوص المسرحية التراثية مرة أخرى على مسرح الدولة أو من خلال العرض الحى فى التليفزيون

-  الاهتمام بإحياء التراث الإسلامى فى مضمون المسرحيات؛ لنعکس لأطفالنا قيمة حضارتنا الاسلامية وفضلها على العالم .

- الترکيز على تقديم قضايا المجتمع المصري المحليه المعاصرة للأطفال، وتقديم حلول لها والتي من شأنها تأهيل الطفل لمواجهة تحديات المجتمع والمستقبل.

-  الترکيز على قضايا الطفولة ومناقشتها وتقديم حلول لها؛ لأن مستقبل الأمة مرهون بمستقبل أطفالها .

-    النهوض بقضايا القومية العربية وتقديمها فى مضمون المسرحيات؛ لأنها الضمان لتحصين الأجيال ضد ما يدعو له الغرب.

-    الحرص على الاهتمام بتقديم اللغة العربية فى مضمون المسرحيات؛ لحماية أصولنا الثقافية .

البحوث المستقبلية المقترحة للدراسة :

 استکمالا للدور الذي يقوم به البحث تقترح الدراسة إجراء البحوث الآتية في المستقبل والتى قد تثرى مجال المسرحيات المنشورة للأطفال :

1.                  دراسة تحليلية مقارنةلقضايا التغير الاجتماعى بين المسرح القومى ومسرح العرائس .

2.                   دراسة تحليلية لقضايا التغير الاجتماعى وانعکاسها على المسرح القومى لفترات زمنية مختلفة.

3.                  دراسة تحليلية مقارنة لقضايا التغير الاجتماعى بين مسرح الطفل فى مصر ومسرح الطفل فى أى دولة عربية اخرى .

4.                  دراسة تحليلية مقارنة لقضايا التغير الاجتماعى بين مسرح الطفل فى مصر ومسرح الطفل فى أى دولة أجنبية أخرى.



* مسرحية الطيب والشرير تأليف: کامل أيوب، استعراضات: عادل عمر عفيفي، موسيقى: جمال عبد الرحيم، ديکور: محمد عبد المنعم/ آمال عزيز، مخرج منفذ: هناء سعد الدين، تمثيل: هاله نور مع الاشتراک مع طلبة معهد البالية، إخراج: جلال عبد القادر،المشرف الفني: على نصر، تم تقديم العرض على مسرح متربول (1981)، وتم عرضها على شاشة التليفزيون المصرى

** مسرحية التعلب فات : تأليف: السعيد أبو الحسن، إخراج: سامى عبد النبى، موسيقى: هانى شنودة، عرائس: نبيل الحلوجى /هناء إمام، ديکور: جمال الموجى، تمثيل: عبد العزيز عيسى، سلوى محمد، لاعب عرائس: وليد بدر/ طارق سليم/ حسام حسنين ...وغيرهم، رقص: آيات أحمد/ إيفان عباس/ نجلاء محمد على ...وغيرهم، إشراف: شوقي خميس، وتم تقديم العرض على مسرح ميامى (1990)، وتم عرضها على شاشة التليفزيون المصري.

[1] سيد محمد عزت. " اتجاهات المسرح القومي للطفل في الفترة ما بين (1990 / 2000)”، رسالة ماجستير غير منشورة، (أکاديمية الفنون : معهد النقد الفني ، 2002).

[2] هشام سعد زغلول. " القيم التربوية المتضمنة في النصوص المسرحية المقدمة للمسرح المدرسى " ، (دراسة تحليلية )، رسالة ماجستير غير منشورة ، (جامعة عين شمس : معهد الدراسات العليا ، 2004).

[3] إيمان أحمد خضر." القيم في المسرح المدرسي بين الواقع والمأمول، دراسة تحليلية"، مجلة بحوث التربية النوعية ع (5) ، (جامعة المنصورة: کلية التربية النوعية ، يناير 2005)

[4] رانيا مصطفى محمد السعيد الکاشف. " الحاجات النفسية والاجتماعية في النصوص المسرحية التي قدمت على المسرح القومي للطفل في الفترة ما بين 1990 –2000،(دراسة تحليلية ) ، رسالة ماجستير غير منشورة ، (جامعة عين شمس : معهد الدراسات العليا للطفولة، 2006).

*أسماء السادة المحکمين مرتبة ترتيبا أبجديا

1-      أ0د / أحمد البهي السيد : أستاذ علم النفس التربوى المتفرغ وعميد کلية التربية النوعية سابقا – جامعة المنصورة

2-      أ0د / أحمد جمعة : أستاذ الدراما والباليه المتفرغ و عميد معهد الباليه سابقا – أکاديمية الفنون .رحمه الله

3-      ا0 د/ اعتماد خلف معبد : أستاذ الإعلام المتفرغ بقسم الإعلام وثقافة الطفل بمعهد الدراسات العليا للطفولة - جامعة عين شمس.

4-      أ0م0د / أمين السعيد: أستاذ الإعلام المساعد ورئيس قسم الإعلام سابقا بکلية التربية النوعية- جامعة المنصورة.

5-      أ0د/ سمية عبد الحميد: أستاذ المناهج وطرق التدريس بقسم رياض الأطفال وعميد الکلية التربية سابقا - جامعة المنصورة.

6-      أ 0م0د / سيد محمد عزت: أستاذ مساعد بقسم الإعلام التربوي بکلية التربية النوعية جامعة المنصورة.

7-      أ0د / عصام عبد العزيز: أستاذ بقسم الدراما والنقد المتفرغ ووکيل المعهد العالي للفنون المسرحية سابقا - أکاديمية الفنون.

8-      أ0د/ فؤاده محمد هدية: أستاذ الدراسات النفسية والاجتماعية ورئيس القسم سابقا بمعهد الدراسات العليا للطفولة- جامعة عين شمس

9-      أ0د / محمد السيد غالب عوضين: أستاذ الدراما والنقد المتفرغ بالمعهد العالي للفنون المسرحية - أکاديمية الفنون.

10-   أ0د/ محمد معوض: أستاذ الإعلام المتفرغ ووکيل معهد الدراسات العليا للطفولة سابقا - جامعة عين شمس.

11-   أ0د/ محمود حسن إسماعيل: أستاذ الإعلام ورئيس قسم الإعلام وثقافة الطفل بمعهد الدراسات العليا للطفولة- جامعة عين شمس

12-   أ0د مصطفى حشيش : أستاذ الدراما ورئيس قسم الفنون المسرحية بکلية التربية النوعية – جامعة المنوفية

13-   أ 0م0د/ منى مصطفى عمران: أستاذ الإعلام المساعد بقسم الإعلام وثقافة الطفل بمعهد الدراسات العليا للطفولة - جامعة عين شمس

**المحللين (أ) الباحثة مع نفسها ، (ب) د/ هالة غزالى : مدرس بقسم الإعلام التربوى – کلية التربية النوعية جامعة المنصورة ، (ج) د/ مريم فاروق : مدرس بقسم الإعلام التربوى –کلية التربية النوعية جامعة المنصورة

* د/ هالة غزالى : المدرس بقسم الإعلام التربوى – کلية التربية النوعية جامعة المنصورة

   د/ مريم فاروق : مدرس بقسم الإعلام التربوى – کلية التربية النوعية جامعة المنصورة

*مسرحية الطيب والشرير تأليف: کامل أيوب، استعراضات: عادل عمر عفيفي، موسيقى: جمال عبد الرحيم، ديکور: محمد عبد المنعم/ آمال عزيز، مخرج منفذ: هناء سعد الدين، تمثيل: هاله نور مع الاشتراک مع طلبة معهد البالية، إخراج: جلال عبد القادر، المشرف الفني: على نصر، تم تقديم العرض على مسرح متر بول 1981، وتم عرضها على شاشة التليفزيون المصرى. .

*اطلعت الباحثة على بعض روايات القصة الأصلية - أبو نية وأبونيتين - فوجدتها روايات متنوعة؛ لأن الرواية الشعبية رواية شفاهية تتناقلها الألسن، ولذلک يحدث بها بعض التعديلات والتغيرات حسب تنوع البيئات، وقد اختارت الباحثه هذه القصة لأنها أکثر قربا من النص المسرحى.

 والتى تحکى عن رجل يسمى أبونية ؛ لأنه طيب على سجيته ، قرر أن يهجر مدينته ويذهب إلى مدينة أخرى؛ کي يجرب حظه فيها عسى أن يحصل على عمل يعيش منه, وهو فى طريقه صادفه رجل يسمى أبونيتين ؛ يبحث عن عمل هو الآخر کما طلب مرافقته، وافق أبو نية ورحب بشدة ، وأثناء المسير اتفقا الاثنين أن يأکلا من طعام وشراب أبونية ثم بعد ذلک يأکلا من طعام أبونيتين، وبقيا على هذه الحال إلى أن نفد طعام أبو نية، وهما يسيران في طريق جاع أبو نية، وحسب الاتفاق طلب من رفيقه طعاما وماء؛ ولکن أبونيتين رفض إعطائه ما طلب إلا بشرط - هذا الشرط هو أن يفقأ عينيه - ظل أبونية في حيرة لکنه إزاء الجوع والتعب والعطش وافق، فقأ أبونيتين عيني صاحبه وأعطاه قليلا من الطعام الماء, ثم رماه فى بير مهجور وترکه وغادر المکان مواصلا رحلته، ظل أبونية وحيدا فى البئر يصرخ ويبکى، حتى سمع عفريتان على حافة البئر، يقول أحدهما للآخر بأن أوراق الشجرة التي بقرب البئر تشفي من العمى والخرس وأى مرض, رد عليه العفريت الآخربأن هذه الشجرة مدفون تحتها کنز من الذهب لايعرف أحد عنه شيئا، فرح أبو نية من الکلام الذي سمعه، وأحس أن الله معه وأرسل له هاتين العفريتين، انتظر الرجل حتى غادرا العفريتان المکان، وبينما هو ينتظر أحس بدلو يسقط في البئر، فطلب من صاحبه المساعدة، فسحبه الرجل وأخرجه من البئر، وأطعمه وسقاه ثم ترکه ليکمل مسيرته، وصل أبو نيه إلى الشجرة المسحورة ووضع بعض أوراقها على عينه فرجع بصره فى الحال، فرح فرحاً شديداً وحمد الله على ذلک، ثم أخذ بعض أغصان الشجرة وأوراقها وحملها في کيس وواصل مسيرته ،إلى أن وصل إلى مدينة دخلها، فوجد الناس مجتمعين أمام قصر السلطان؛ وعرف منهم بأن الأميرة ابنة السلطان أصيبت بالعمي، وأي شخص سيعالجها سيصبح زوجا لها, عالج أبونية الأميرة من مرضها، فرح الجميع وأمر السلطان بزواجها منه، لکن أبو نية طلب تأجيل الزواج لبعض من الوقت، ثم ذهب إلى الشجرة المسحورة وأخرج الکنز من تحتها، ثم رجع إلى مدينة السلطان وبنى له قصرا فيها وتزوج فيه من الأميرة، وأخذ يساعد المحتاجين والفقراء وأحبه الناس جميعا، مرت الأيام توفى السلطان وورثه أبونية وقام مقامه، وفي يوم من الأيام جاء (أبونيتين) إلى المدينة، وقرر زيارة السلطان بعد أن سمع بکرمه ومساعدته للفقراء والمحتاجين، وبعد اللقاء عرفه أبونيه وغفر له ما فعله به، وأخبره بما حدث له وکيف من الله عليه بالشفاء وکيف أصبح غنياً، کما عينه في قصره بعد أن بين للناس بأنه أخوه، لم يستفد أبو نيتين من هذه الفرصة، وأکل قلبه الحسد والغيرة، فقرر أن يذهب إلى ذلک البئر، وفعلاً اتجه إلى البئر وأخفى راحلته ونزل إلى البئر واختبأ في إحدى مغاراته، وانتظر حتى سمع صوت عظيم يهز البئر فخاف الرجل کثيراً والتصق بالجدار، وقفا العفريتان على البئر وتتجاذبا الحديث فقال أحداهما: أن السر انکشف وأن أحدهم قد عرف القوة التي في الشجرة واستغلها لصالحه، وقال الآخر: کما أنه سرق الکنز أيضا، خاف أبونيتين وتحدث خائفا مندفعاً، بأنه ليس هو من کشف السر وإنما رجل آخر، فالتفتا عليه العفريتان وأمسکا به وقتلاه .

*تأليف: السعيد أبو الحسن، إخراج: سامى عبد النبى، موسيقى: هانى شنودة، عرائس: نبيل الحلوجى /هناء إمام، ديکور: جمال الموجى، تمثيل: عبد العزيز عيسى، سلوى محمد، لاعب عرائس: وليد بدر/ طارق سليم/ حسام حسنين ...وغيرهم، رقص: آيات أحمد/ إيفان عباس/ نجلاء محمد على ...وغيرهم، إشراف: شوقى خميس، وتم تقديم العرض على مسرح ميامى (1990).

** استعانت الباحثة بقصة سلطون العجوز من کتاب الأخوان غريم، ترجمة مروة عبد الفتاح شحاته. رابونزل وقصص أخرى، (القاهرة : مؤسسة هنداوى للتعليم والنشر ، 2012 ) ص 29

تحکى عن مزارع وزوجته کانا يعملان بجد، ويعيشان سعيدان مع کلبهم العجوز الوفى سلطون فى مزرعتهم، تقدم سلطون فى العمر وفقد أسنانه، فقرر الراعى التخلص منه بالقتل؛ لأنه لن يستطيع حماية الأغنام ،کما أصبح عبء ثقيل عليه، فنصحته زوجته بترکه حتى يحين أجله، ولکن الزوج لم يسمع النصيحة وصمم على موقفه، وبالصدفة سمع الکلب الحوار فحزن کثيرا، وقررالذهاب لصديقه المقرب الذئب؛ ليحکى له عن محنته، هون عليه الذئب وأکد له أنه سيساعده؛ ويجب عليه أن يوافق على کل ما يأمره به، وفى الصباح ذهب الاثنان لتنفيذ الخطة، وقف الثعلب متربصا عن قرب مثلما اتقفا تماما، ثم قام بخطف ابن المزارع وهرب بأقصي سرعه، ثم لحق به الکلب العجوز وأنقذ الطفل حسب الاتفاق، وهنا فرح المزارع وزوجته بالکلب وشکروه، ونجحت الخطة نجاحا کبيرا، وقرر المزارع إبقاءه فى المزرعة ،وذات يوم جاء الذئب للکلب سلطون يطلب منه رد الجميل؛ بأن يساعده فى سرقة الخراف کما سبق وأن ساعده، ولکن الکلب الوفى رفض أن يخون صاحب المزرعة، وقررأن يحمى الخراف، کما قررأن يذهب للراعى ويطلعه على ماينوي الذئب فعله ، وفى اليوم التالى جاء الذئب بعد غروب الشمس حسب الاتفاق، ولکن فوجئ بضربة قوية من المزارع على رأسه کانت ستودى بحياته، وهنا اشتد غضب الذئب وتوعد سلطون بالانتقام، ثم أرسل له رساله مع خنزيرا بريا يأمره فيها بالمبارزة، وأن يحضر معه شاهد؛ ليري المبارزة ويحکم عليها، رحب سلطون بالمبارزة ، وفى يوم المبارزة لم يجد الکلب شاهدا غير قطه ضعيفة بثلاثة أرجل، کانت تعرج وتمشي بصعوبة، کما أن ذيلها منتصبا فى الهواء، وﻛﺎن اﻟﺬﺋﺐ واﻟﺨﻨﺰﻳﺮالبري أول ﻣﻦ حضرا إلى أرض المعرکة، وﻋﻨﺪ ﻣﺎ لمحا اﻷﻋﺪاء قادمين، ورأﻳﺎ ذﻳﻞ اﻟﻘﻄﺔ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻳﻘﻒ فى اﻟﻬﻮاء، ظنا أنها تحمل سيفا ليحارب به مع سلطون ،وفى ﻛﻞ ﻣﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮج ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺎن ﻳﻈﻨﺎن أﻧﻬﺎ ﺗﻠﺘﻘﻂ أﺣﺠارا ﻟﺘﻘﺬﻓﻬﺎﻋﻠﻴﻬﻤﺎ، لذا خافا ورقد الخنزير خلف الشجر وقفز الذئب فوق الشجرة، ﺟﺎء سلطون واﻟﻘﻄﺔ، وﻧﻈﺮا ﺣﻮﻟﻬﻤﺎ، واﻧﺪﻫﺸﺎ أﻧﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺜﺮاعلى أﺣﺪ، ﻟﻜﻦ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ ﻟﻢ يکن يختبأ جيدا، ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮت أذﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﺸﺠيرة، وعندما هز أذنيه قليلا رأت القطة شيئا يتحرک فظنت أنه فأر فانقضت عليه وعضته وخدشته، ﻓﻘﻔﺰ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ وﻧﻌﺮ وﻫﺮب بعيدا وﻫﻮﻳﺼﻴﺢ: اﻧﻈﺮا إلى أعلى اﻟﺸﺠﺮة، ﻓﺎﻟﺠﺎﻧﻲ ﻳﺠﻠﺲﻫﻨﺎک، نظرا الى أعلى الشجرة فوجدا الذئب يجلس ﺑين اﻷﻏﺼﺎن، ﻓﻨﻌﺘﺎه ﺑﺎﻟﻨﺬل اﻟﺠﺒﺎن، وﻟﻢ ﻳﺴﻤﺤﺎ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﺰول إلى اﻷرض ﺣﺘﻰ ﺷﻌﺮﺑﺎﻟﺨﺠﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ، وهنا قرر الذئب الاعتذار لسلطون وقرر أن لا يسرق خراف المزارع مرة ثانية ويکون صديقا وفيا لسلطون.