رؤى فنية لمختارات من الکائنات البحرية والإفادة منها في بناء التکوين النحتي المعاصر

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 باحث ماجستير

2 أستاذ النحت بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية – جامعة المنصورة

3 أستاذ النحت بقسم التربية الفنية ورئيس قسم التربية الفنية کلية التربية النوعية جامعة المنصورة

المستخلص

الملخص
الطبيعة خلقها الله ليستفيد منها الانسان ف جميع المجالات ، ومنها مجال الفن التشکيلي حيث ينظر الفنان إلي الطبيعة نظرة خاصة متعمقة حيث يستفيد من الأشکال الطبيعية بعد دمجها بفکره وفلسفته واتجاهاته الفنية وهذا ما يطلق عليه الرؤية الفنية التي تساعد الفنان علي  حلول لمشکلاته الفنية ،  ولذلک نقول أنه لا يختلف إثنان علي أثر الطبيعة علي الفنان لکونها مصدراً للخامة المستخدمة ومصدر للإلهام .
وللطبيعة مکانتها في مجال الفنون بعامه ، وفي تاريخ التعبير التشکيلي بخاصة ، فقد کانت ومازالت مصدراً للإلهام ومنبعاً للإبداع الإنساني علي مر الحضارات والثقافات المختلفة ([1])  لذا نجد أن الفنان المعاصر أدرک أن هذه الطبيعة تحتاج إلي أعين تدرکها وتنمي معناها لتستفيد منها وتکون صورتها المعکوسة في صورة عمل فني .



[1]Sanatayana.Georege: "The Sence of Beaty" , Dover Publication,inc,New York, 1995

الموضوعات الرئيسية


المقدمة :

ان تطور الرؤي الفنية يتصل بسلوک ادراک الفرد للعالم ، فمن المحتمل ألا تکون عملية الرؤية باقية کما هي عليها الأن ، ولکن الذي تغير هو المفاهيم العامة التي توجه طرق الادراک ([1])

وقد کان لتناول الفنان المعاصر للطبيعه بالتحوير والتبديل والتغيير ليس بعدا عن الطبيعه ، ولکن سعيا وراء ما يوحي بحقيقه تلک الأشکال ، وبالتالي فالتشکيل الفني الحديث لا يعد هروبا من واقع البيئه الطبيعيه ، وانما يسعي الفن المعاصر باختلاف مدارسه وأساليبه الفنيه لربط الفن بالحياه وبالبيئه لا بأشکالها الطبيعيه المباشره ، ولکن بصورتها الجوهريه وبالتالي لم ينفصل الفن أبدا عن الطبيعه .

فنجد أنه في العصر الحديث کشفت الامکانيات العلميه الحديثه للتصوير الفوتوغرافي ، والسينمائي أشکالا ورؤي جديده للطبيعه وخاصه قاع البحر ، فکثيرا ما نشاهد في التليفاز بعض البرامج التي تشد انتباهنا ، وتجذب الفنانين وتستهويهم الي أبعد الحدود بجمالها وتکوينها وحرکتها وألوانها وملامس سطوحها ، والاستلهام من تلک الجماليات لانتاج أعمال نحتيه وذلک من خلال :-

1.  امکانيات الکائنات البحريه الجماليه المختلفه في ألوانها وتراکيبها .

2.  أشکالها الغير مألوفه وعلاقتها بفن النحت .

3.  ملامسها وأشکال سطوحها التي تبهر الرائي من حيث الثراء والتنوع الذي يخدم الموضوع .

فهذه الامکانيات العلميه الحديثه قد ساعدت علي ادراک وتفهم آثار الطبيعه في قاع البحر !وما تحمله من عجائب وقيم وبذلک أصبحت تلک الطبيعه مسرحا ثريا أمام ابداعات الفنان حيث استطاع أن يعيش في تلک البيئه الساحره بمناظرها الخلابه والکائنات الحيه متعدده الأشکال والأحجام والأنواع والألوان .

مشکلة البحث :

من خلال الاستعراض لفن النحت المصري المعاصر ، يتضح أن الفنان المصري تناول الطبيعة في معظم أعماله الفنية ، ناقلا لها أو مستلهما منها ، وعبر عنها بصور مختلفة ، نتجت من تأثره بعوامل کثيرة ، أدت إلي التنوع في أشکال المنحوتات المصرية وتشعبت أساليبها ، وتنوعت خاماتها ، وقد اتجهت هذه البحوث إلي الطبيعة بوجه عام ، الا أن الباحثه لاحظت ندرة وقلة الأبحاث التي تتعرض للبيئة في قاع البحر ، وذلک لکونها في الماضي کانت بيئة غامضة علي الفنان ، حيث أنه لم يشاهد تلک الکائنات علي طبيعتها في بيئتها الطبيعية وکان شکلها العام قليلا ما يثير الفنان .

أما الآن فيستطيع الفنان مشاهدة الطبيعة البحرية بشکل طبيعي کأنه يعيش فيها من خلال التلفاز أو الغوص والاستمتاع بجمال الأشکال والألوان وبهاء الصور ، والعمل علي دراستها وتطويعها بوعي واقتباس نوعي بهيئتها والاستفاده من ذلک في إنتاج شکل نحتي معاصر .

فهل يستطيع الفنان بعد کل هذه الاکتشافات التي ساعدته علي معايشة الکائنات البحريه والاستفاده من شکلها العام وزخارفها وملمس سطحها لانتاج أعمال نحتيه معاصرة ؟

وتتلخص مشکله البحث في السؤال التالي : کيفيه الاستفاده من الرؤي الفنية لمختارات من الکائنات البحريه في بناء التکوين النحتي المعاصر.

فروض البحث :

تفترض الباحثة ما يلي  :-

1. أن الرؤيه الفنية للکائنات البحرية وتحليلها من حيث الشکل العام , اللون ,وملمس السطح يأتي بحلول تشکيلية جديدة.

2. أن الرؤية الفنية لاعمال الفنانين المستوحاه من الکائنات البحرية تمدنا بمداخل جديدة للنحت المعاصر .

3. هناک علاقة بين تغير الرؤية الفنية للطبيعة في النحت الحديث عالمياَ وبين الرؤية الفنية في أعمال النحت المصري المعاصر

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى :-

1.   الاستفادة من الدراسة التحليلية لبعض الکائنات البحرية لإيجاد حلول تشکيلية مبتکرة للشکل النحتي المعاصر.

2.   إيجاد مثيرات  بصرية لکائنات طبيعية جديدة لطلاب التربية الفنية .

3.   إستخلاص مداخل تشکيلية وتعبيرية لرؤية الطبيعة البحرية .

أهمية البحث:

     ترجع أهمية هذا الي ما يلي :-

1.  ندره وقله المثيرات التي تؤدي إلى تشکيلات نحتية معاصرة ناجحة خاصة تلک التي توجد في بيئات يصعب الوصول إليها مثل البيئة البحرية ومکنوناتها بالتحديد .

2.  البيئة البحرية تحتوي على قاموس کبير من صنع الخالق سبحانه وتعالى أوجد فيه کل الحلول التشکيلية والفنية الرائعة والتي يمکن أن تواجه جميع المشکلات التي يقف فيها الانسان عاجزا عن التفکير أو الإتيان بها .

3.  إذا إعتبرنا أن الکائنات البحرية يمکن أن تکون مصدر للإستلهام فإن هذا البحث يمکن أن  يقدم الطريق إلى أنسب الاساليب التي يمکن أن تساعد دارس الفن في أن ينهل إستلهاماته من قاموس الکائنات البحرية التي تفيد في نواحي متعددة کالشکل والملمس والحرکة واللون والتجمعات بهذه الکائنات , وغير ذلک مما يمکن أن يخضع للدراسة فيما بعد.

حدود البحث :

1.  تقتصر الدراسة على أهمية التکامل والوحدة في الشکل الطبيعي بأشکال مختارة من الکائنات البحرية وهي ( الاسماک , القواقع , الاصداف ) .

2.  دراسة أعمال بعض الفنانين المعاصرين المصريين والأجانب ما بين عام 1960 ووقت إخراج البحث وتحديد الفترة بهذا الشکل حتى يکون إختيار البحث دقيق وتحديد الاطار الذي تسلکه الباحثه بنفسها  يساعد على عدم التشتت .

منهجية البحث :

تتبع الباحثة کلاًمن المنهجين الوصفي والتجريبي .


أولاَ المنهج الوصفي "الاطار النظري ":

تتبع الباحثة المنهج الوصفي المبني علي التحليل في دراسة وتحليل مختارات من الکائنات البحرية للتعرف علي مکنوناتها ، کذلک دراسة وتحليل بعض أعمال الفنانين المصريين والأجانب .

ثانياً المنهج التجريبي " الإطار العملي ":

1.  سوف تقوم الباحثة بإجراء تجربة ذاتية مستلهمة من الکائنات البحرية فيها عنصر السمکة والقوقع وما سوف تتوصل اليه من قيم فنية وتشکيلية من خلال الاطار النظري .

2.  انتاج عدد من الأعمال الفنية .

3.  استخدام أدوات وخامات النحت المختلفة .

مصطلحات البحث: 

الرؤية الفنية  "Artistic Vision":

تعرف "عفاف عبدالدايم " ([2]) مفهوم الرؤية الفنية بأنها :-

" عبارة عن محصلة عناصر کثيرة أو نتاج لأشياء کثيرة , أو بالاحرى هي خلاصة التفاعل الناتج من إندماج خبرات الفنان الماضية والحسية الحاضرة بالمؤثرات الخارجية من علوم وأداب وفلسفة , فلا تنشأ رؤية فنية منفصلة عن الحياة تمام الانفصال , ولکنها تتفاعل وتتطور وتتغير مع استمرار هذه الحياه ".

ويعرف "محمود البسيوني " ([3]) الرؤيه الفنيه بأنها :-

"استجابه انفعاليه لموقف خارجي يتأثر فيه الرائي بالعلاقات الجماليه ، وبالقيم والمعاني التي يتضمنها ، وهذا التأثر معناه أنه ينفعل بهذه القيم ، ويندمج فيها ، وتصبح جزءاً من کيانه ".

إن نظره الفنان للعالم من حوله ورؤيته الخاصه لما يدرکه فيه ، يعتمد علي مجموعه من العوامل أهمها ([4]) :-

  • ·  مستوى العلم : وهو کم ونوع المعلومات المعرفية حول الاشياء والظواهر الطبيعية .
  • ·  طريقة التفکير: وهي طريقة إدراک تلک المعرفة حسب عادات المجتمع وثقافته العامة
  • ·  تنظيم المفاهيم والتصورات في منتجات شکلية : وهي القدرة على تنظيم وتوظيف ذلک المزيج من المعرفة وطريقة التفکير في الکشف عن الغامض والمجهول , وصول النظام الثابت والمعبر عن جوهر الطبيعة أو الحياة بشکل عام .

وتقصد الباحث بالرؤية الفنية في هذا البحث بأنها : إدراک الفنان لما يراه بخبراته وإحساسه الفني , فلا يعتمد على رؤيته البصرية فقط , ولکن رؤيته تتم من خلال تجاربه وخبراته وحصيلته الثقافيه ومشاعره الخاصة , فيتأثر بالمثيرات الفنية والعلاقات الجمالية التي يراها , فتتحول هذه المؤثرات إلى إنفعال داخلي يدفعه للتغير في شکل أعمال فنية .

النحت المعاصر "Contemporary Sculpture"

النحت "Sculpture": هو فن تجسيدي يرتکز علي إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد لإنسان ، حيوان ، أو أشکال تجريدية .ويمکن استخدام الجص ،أو الشمع ، أو نقش الصخور أو الأخشاب . وفن النحت هو أحد جوانب الإبداع الفني وينتج مجسمات ثلاثية الأبعاد .

يعرف "ميشيل جورجي بشاره "([5]) النحت المعاصر بأنه : النحت الذي تخطي حدود المفاهيم التقليدية لفن النحت في القرن العشرين من مفهوم الکتلة الصلبة المعتمة التي يحيطها الفراغ ، الي النحت المباشر في الفراغ ، باستخدام خامات وتقنيات مستحدثة تمکنه من هذا التفاعل الإبداعي بتلک المفاهيم بذلک لم يعد النحت بالضرورة ثابتاً أو صلباً او مصمتاً، بل أصبحت العديد من الأعمال النحتية الحديثة متحرکة وتصدر الأضواء وتعکسها وتبعث منها الأصوات کما أصبح من الممکن رؤية العمل من الداخل والخارج إلي جانب التداخل بين الفنون الأخري من العناصر والعمليات التقنية .

الکائنات البحرية :

تعرف هبه الطباع الکائنات البحرية بأنها ([6]):

   نوع من أنواع الکائنات الحية ولکنها تعيش بالمياه ، کما أنها تتنوع من حيث النوع ولا يمکن حصرها أو تصنيفها جميعها ، کما أن الکائنات البحريه تمتلک خصائص منوعه خاصة بها بالاضافة الي أن أساليب حياتها متنوعة ، بالاضافة الي أن الکائنات البحرية تختلف في طرق تزاوجها وتکاثرها ، کما أن بعض الکائنات البحريه تکتسب الأکسجين من خلال الخياشيم  وبعض الکائنات البحرية يتنفس من خلال الرئة ويقوم بالصعود الي سطح المياه وذلک لتنفس الاکسجين ثم يعود الي داخل المياه ، کما أن نوع الکائنات البحرية والتي تتنفس من خلال الرئتين لا يمکنها الصمود والغطس طويلا تحت الماء بالمقارنه مع الأنواع الأخري من الأسماک والتي تستخلص الأکسجين بواسطه الخياشيم ومن الأمثله علي الکائنات البحرية والتي تتنفس من خلال الرئة " الدلفين "ومن الأمثلة علي کائنات بحرية مميزة : السمکة الدمويه ، السمکة ذات القلوب المتعدده ،....الخ

الموضوع : عالم البحار من الرموز الطبيعيه التي لفتت أنظار الفنانين لما امتاز به من غموض وعمق فاستخدموا الکائنات البحريه مثل القواقع والأسماک لتعبر عن الغوص داخل النفس البشريه ، فقد قام الفنان Miguel Coverrbias  بالتعبير في احدي لوحاته عن ملابس السباحه ذات القدره علي الطفو فوق سطح الماء وتجاوز أعماق البحار .([7])

وأشارت السمان (1997م) إلى أن البحر والحياة تحت سطح البحر بما تحتويه من مخلوقات وکائنات تعتبر مصدراَ غنياَ من مصادر التصميم الطبيعية , فتدرج ألوان البحر من الأزرق إلى الأرق الداکن إلى الکوبلت (الترکواز) إلى بياض الأمواج , توحي بمجموعة أزياء تصلح للشاطيء وأصبح نقطة اهتمام المصممين , واللؤلؤ والمرجان من المواد التي تستخدم في عمل الحلي والإکسسوار قال تعالى : (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) (سورة الرحمن : 22) , فقد استخرج اللؤلؤ لأغراض الزينة في الخليج العربي منذ أکثر من ألفي سنة بجانب الأصداف والقواقع التي استعملت في کثير من الأغراض المختلفة

مصادر الثروة المائية في مصر :

1- الأنهار                2-البحار (البحر الأحمر ، البحر المتوسط)

3- البحيرات ( البحيرات العذبة ، البحيرات المالحة )

4-الاستزراع السمکي         5-المصايد البحرية والنهرية

بعض الکائنات البحرية المتوفرة بالبيئات الساحلية [8]:

أولاً الأسماک : تعد الأسماک أهم عنصر من عناصر ثروتنا المائية لسبب أساسي وهو أنها تمدنا بالبروتينات الضرورية لتکامل نمو الجسم فضلا عن الأملاح والفيتامينات ، وعلي الرغم من وجود أکثر من 800 نوع من الأسماک المختلفة في المياة المصرية في البحرين الأبيض المتوسط والأحمر وفي مياه البحيرات ونهر النيل وفروعه الا أن الأنواع الأقتصادية منها التي تشکل المحصول الرئيسي للمصايد المصرية ، لا تتعدي أنواع قليلة منها البلطي والسردين والبوري والطوبار والمياس والبربون والمرجان واللوت والوقار وثعلبين الماء التي تقطن البحيرات وتخرج لتتوالد في مناطق نائية في المحيط الأطلسي وکذلک بعض الأسماک الغضروفية کالقروش وبعض أسماک القاع کسمک موسي والقشريات کالجمبري والکابوريا "([9]).ومع اختلاف البيئة يختلف ترکيب الأسماک ، فالبحار والمحيطات بيئات شتي وأعماق متفاوتة وحرارات متباعدة تنتج أشکالا وأنواعا من السمک لا حصر لها تصل الي 12,000 نوع هذه هي أغلب الأنواع التي تسکن البحار والمحيطات والأنهار کما في الشکل الموضح

 

رسم تشريحي لجسم السمکه ([10])

ﻭﺘﺘﻔﺎﻭﺕ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻷﺴﻤﺎﻙ ﺘﻔﺎﻭﺘﺎ کبيرﺍ ﻓﻲ ﺸﻜﻠﻬﺎ ﻭلوﻨﻬﺎ ﻭﺤﺠﻤﻬﺎ ﻭکذﺍ ﻤﻥ ﺍلعسيرﺍلجزم ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﻨﺘﻤﻲ للمجموﻋﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻝﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﻓﻤﺜﻼ ﺘﺸﺒﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺴﻤﺎﻙ کتلة ﺼﺨﺭﺓ ﻭﻴﺸﺒﻪ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻵﺨﺭ الديدان الملتوية ﻭﺒﻌﻀﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﺃﺠﺴﺎﻡ ﻤﻔﻠﻁﺤﺔ ﻤﺜل ﺍلفطائر ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻷﺴﻤﺎﻙ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺘﻨﺘﻔﺦ أجسامها کالبلونات ، والأسماک مثل ألوان الطيف ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ وللکثير ﻤﻨﻬﺎ ألوان ﺒﺩﻴﻌﺔ کألوان  الطيور الزاهية

وتشکل ألوانها الحمراء والصفراء والزرقاء الأرجوانية الفنية مئات الأنماط الجميلة کما يتضح في الأسماک کعنصر جمالي ورمزي في الفن الفرعوني : لاجدال في أن الفن المصري القديم هو أنبل معطيات هذه الحضارة العريقة التي انبثقت من وادي النيل المصري منذ ألاف السنين وأصبحت القواعد والمفاهيم الفنية التي أرساها المصريون القدماء أهم اللبنات الرئيسية في تاريخ الفن الأنساني بشکل عام وقد تأثر الفنان المصري القديم بالطبيعة " وانعکس ذلک علي ما خلفه لنا من انتاج فني في شتي المجالات وما حققه من تکامل في تسجيله للأحداث وارتبط الفنان المصري القديم بالطبيعة وتفاعل معها واندمج في أغوارها عي الرغم من قوتها ([11]).

فنجد أن الفنان المصري القديم قد سجل بمهارة فائقة مناظر حلبات الصيد وخاصة صيد الأسماک اذ أنهم کانوا يعبدون ويقدسون الهة السمک ، بل ولجؤؤن أليها أيضاً ، کل ذلک کان من أجل حصولهم علي موسم وفير وعاما ً وفيرا ً من صيد السمک ، بالإضافة إلي اعتماد الفراعنة والقدماء في غذائهم علي بعض أنواع السمک العديدة ، ومنها " سمک الفراخ " وسمک "سمک السلور " والأسماک الأخري ، حيث ظهر صيد ألأاسماک بشکل واضح جدا ً في عدد من الرسومات والمنحوتات الموجودة في المعابد الفرعونية الأثرية.

  

        شکل رقم (2)                  شکل رقم (3)

  صيد السمک في الحضارة الفرعونية    وکانت السمکة في الديانة المصرية القديمة رمزاً للبعث واعادة الحياة

سمکة قشر البياض عند الفراعنة

هي من أنواع الأسماک النيلية المعروفة في مصر منذ قديم الزمان وحتي الان .   وقد وجد العيد من هذه الأسماک محنطة في معبد إسنا حيث قدست هناک وسميث إثنا باليونانية لأتوبوليس أي مدينة السمکة .   

                 

شکل (4)

سمکة قشر البياض بالمتحف المصري

الفن القبطي :

عبر الفن القبطي عن الاحساس بالجمال والبساطة وتجنب النواحي المادية حيث جسدت الطقوس العقائدية التأمل الذي يثري بدوره الأبداع الفني في محاولة للوصول الي الجوهر الکامن بالشکل الطبيعي الظاهري ، وترجمته في صياغات تشکيلية مستمدة من النظم والقواعد والقوانين للطبيعة .

 

شکل (5)

تميزت رسوم الفن القبطي ببعض الرموز التي تعبر عن الجمال والروعة فقد استخدم الفنان القبطي من الحيوانات والطيور والحشرات والزهور والنباتات وأجزاء من جسم الإنسان رمزاً له ، فکانت الفراشة رمزا لبعث المسيح ، والقطة للکسل والجشع ، والنحله للمثابره والنشاط ، والحمامة للنقاء والسلام وأرواح الشهداء ، والسمکة رمز للمسيح ، والسمک في الماء تعبيراً عن المؤمنين المعمدين  کما في شکل5 

 

شکل (6)

واستخدمت سمکة المسيح کشعار للديانة المسيحية والشعار عبارة عن قوسين متقاطعين يمتد الطرفان الأيمنان بعد نقطة التقاطع ليشبه شکل سمکة استخدمه المسيحيون الأوائل کشعار سري ليتعرفو علي بعضهم دون التعرض للمضايقات من الوثنين قبل اعتماد المسيحية ديانة للأمبراطوريه اليونانية .

ومن هذا المنطلق نجد أن الطبيعة کان لها تأثيرها الواضح ومدلولها علي الفنان القبطي ومدي تأثره بها وعناصرها المتنوعة وانعکاسها علي حياته وأفکاره نتيجة للنظرة المتأملة والفاحصة للطبيعة . 

الفن الإسلامي :

إن الفن الإسلامي بما يحتويه من نظم يدفعنا الي تحليله والتعمق في أسراره للتعرف علي فلسفته ، فقد استعار الفنان الإسلامي عناصره من الأشکال النباتية ونظمها بعقلانية ودقة بالإضافة إلي العفوية والإنسياب " فقد استهوي الفنان المسلم التأمل والإستغراق في الطبيعة وتتأکد قيمة العمل الفني من ذاتية تحقق فکر ومشاعر وفلسفة للفنان ([12]) فتأثر الفنان المسلم بالطبيعة من طيور ونباتات وزهور وأشجار وأسماک فلقد اهتم برسوم الأسماک بکثرة علي الخزف المملوکي وربما کانت من الموضوعات المحببة لدي الفنان في العصر المملوکي ونجد تنوع في طريقة تصويرها فانها کانت ترسم منفردة في وسط الإناء أو ترسم في أزواج أو ترسم في منظر دائري ملتفة حول بعضها أشبه بسرب صغير أو ترسم وقد انقض عليها طائر جارح وقد وصلنا بعض النماذج من رسوم الأسماک علي الخزف المملوکي مثل رسم سمکتين في تصميم دائري بوسط طبق من خزف السيلادون المملوکي والرسم به دقه وقوة في التعبير مثل رسم سمکتين في تصميم دائري بوسط طبق من خزف السيلادون المملوکي والرسم به دقه وقوة في التعبيرشکل رقم (7)  کما رسم أربعة أسماک في تصميم دائري من خزف السيلادون لوحة رقم (8)  وأيضا رسم مجموعة من الأسماک لوحة (9) في تصميم دائري والرسم به تحوير للطبيعة ([13])

        
شکل (7)         شکل (8)         شکل (9)

فالفن الإسلامي يغوص في مفهوم الطبيعة ويحولها الي مکونات جديدة تعتمد علي الفکر في صياغات مبتکرة واختراق حواجز الرؤية للنفاذ الي جوهر الشکل ولقد أسقط الفنان المسلم أفکاره علي کائنات الطبيعة والخروج منها الي فکر جديد يهدف اظهار الکوامن الجمالية لعناصر الطبيعة وترجمة هذه الکوامن حسب فطرته وشفافيته .

الأصداف والقواقع : هي الجسم الصلب للحيوانات البحرية وغير البحرية وهي هياکل خارجية لحيوانات من الرخويات کالزلفيات والبطلينوس والمحار البرجية وحارة موسي وبلح البحر ، فهذه الحيوانات لها عظام وهي من اللافقاريات والمحارات هي درعها الواقي والهيکل الذي يتدعم به الجسم ، وتحوي المحارة في الکائن الحي جزء کبير من جسم الحيوان الرخوي ضمن لفاتها لکن الرأس والقدم البطنية يبرزان عندما يريد الحيوان أن يتحرک ." ([14])والأصداف shells وهي الهياکل الخارجية للکائنات الصدفية البحرية ، أما القواقع snails  وهي الهياکل الخارجية للکائنات الصدفية التي تعيش في المياه العذبة .کما في أشکال

              

 شکل  (10) قواقع وأصداف بحرية               شکل( 11)الأصداف البرجية

  

شکل ( 12)

قواقع المياة العذبه

العناصر الجمالية للکائنات الصدفية : تتميز الکائنات الصدفية " بثراء ما تحتويه من عناصر جمالية تلعب دوراً أساسياً في إکسابها مظهرها البنائي تحتوي علي أنظمة جمالية وأسس إنشائية تتفق مع البيئة التي نشأت فيها ومع قوانينها ،إن دراسة العناصر الجمالية في الکائنات الصدفية ممکن أن تتيح للأنظمة البنائية کمعطيات جمالية للأشکال المتنوعة للخدمات الصدفية ،مما يسهم في رؤية في رؤية جديدة کمدخل لعدد من الحلول الإبتکارية ."([15])

و" توجد علاقة علاقة ترابط قوية بين الأبعاد المختلفة للصدفة ، وتصبح الصدفة أعلي وأعرض لزيادة طولها ، کما تصبح الصدفة أعرض کلما زاد ارتفاعها. "([16]) وهذا التنوع يثري المجال الفني

ونتيجة لاختلاف البيئات بين أنواع الرخويات المختلفة اختلفت أشکالها وألوانها ، "فبعضها يعيش في الماء العذب والبعض الاخر يعيش في الماء المالح مما يؤدي الي وجود اختلافات ظاهرة في التکوين البيولوجي الداخلي لمحار الماء العذب ( النيلي ) ومحار البحار ، حيث يرجع الاختلاف بينهم الي صفة ومکونات المکان الذي تتواجد فية المحار ، حيث نجد أن المحار النيلي ألوان الطيف قليلة علي السطح الخارجي للمحار ، وهذا راجع الي رکود المياه في بعض المناطق ووجود الرواسب الطينية التي تتکون في أعماق مياه النيل نتج عن ذلک وجود ثقبين أو فتحتي شهيق وزفير لدخول وخروج تيارات الماء المحمله بالغذاء ، أما محار الماء المالح فيأخذ صفة الألوان الثابتة القوية سواء محار أو قواقع ، وهذا يرجع لکون البحار تتميز بنقاء بيئتها فمياه البحار متغيرة السرعات والتيارات وبذلک تنتشر في بحار مصر أنواع متعدده لطائفة المحارات ."([17])

استلهام الفنان النحات لبعض مختارات من الکائنات البحرية :

الفنان النحات هنري مور : اهتم النحات هنري مور بعناصر الطبيعة التي جعلها مبدأ أساسي في أعماله من خلال التجاوب الصادق مع العنصر الطبيعي ، والذي مکنه من تحقيق أعظم نجاح وهو النجاح الذي ميزه عن معظم معاصريه في فهمه للطبيعه من حوله .

فلقد کان هنري مور يذهب الي شاطئ البحر کثيرا وفي کل مرة کان شکل جديد من الزلط يلفت نظرهوبالرغم من أن هذا الشکل کان متوافر هناک بالمرة السابقة إلا أنه لم يلتفت نظره علي الإطلاق ومن بين ملايين الزلط التي تمر أمامه وهو يسير في محاذاة الشاطئ ، فإنه کان يتخير وهو وهو منفعل بالبعض منها بما يتلائم مع الأشکال التي ينحتها ويکون منشغلا بها في وقتها

وقد بدأ مور عام 1928_ 1929 هوايته في جمع الحصاء والعظام والأصداف ، حيث تضمنت رسومه التحضيرية العديد من دراسات هذه العناصر  (1)

1.   فالقواقع والأصداف کعنصر من عناصر  الطبيعة الصلبة المفرغة من الداخل لها أروع تکامل لشکل مفرد في حد ذاته ، ولقد تأثر هنري مور بأشکالها الي حد کبير في صياغة الاعمال التي احتوت علي اشکال خارجية وداخلية .

2.   أما الحصي والصخور ، فتبين أسلوب الطبيعة في تشکيل الحجارة حيث يتضح من تأمل الحصي أثر عوامل التأکل في مادتها .

3.   لقد استفاد هنري مور من الأشکال الزلطية في أعماله الفنية في أکثر من خاصية من خصائصه في الطبيعة فهناک اعمال اخذت الشکل المصقول عن الاعمال الزلطيه وهناک اعمال اخري تأثرت بالعناصر الزلطيه المضجعه کما يوضحه شکل ( 13) و(14)

   

     شکل رقم (13)                 شکل رقم (14)

النحات صلاح عبد الکريم :  نحات مصري

اهتم بتجميع خرده الحديد مثل الصواميل والبلي والمواسير وخلق منها اما اشکل حيوانيه أو ادمية أو تجريدية ونجد في أعمال النحات صلاح عبد الکريم أنه تأثر بالطبيعة البحرية کما يتضح في شکل  (15) و (16)

 

  تمثال السمکة المتوحشه للفنان صلاح عبد الکريم       تمساح

     شکل رقم (15)                  شکل رقم (16)



[1]Gyorgy Kepes: " Education Of Fation",Georg – Baraziller, New York, 1965

[2]عفاف مصطفى عبدالدايم : "الرؤية الفنية وأثرها على نمو التعبير الفني في مجال النحت" , رسالة دکتوراه , کلية التربية الفنية ,جامعة حلوان , القاهرة ,1977 , ص 21.

[3]محمود البسيوني : " أراء في الفن الحديث " , دار المعارف , القاهرة , 1961 , ص18,17 .

[4]Dolf Rieser: "Art and Science", Studio Vista, London, 1972, P.51.

[5]ميشيل جورجي بشارة : "التقنيات المعاصرة وأساليب التعبير للخامات المعالجة حرارياً ودورها في تدريس النحت " ، دکتوراه ، کلية التربية النوعية –التربية الفنية ، جامعة القاهرة ، 2008.

[6]هبه الطباع : " کائنات بحريه مميزة " ، مقال منشور ، 2014.

[7]نوره بنت صديق بن ابراهيم مکرش:"ابتکار تصميمات لأزياء النساء مستوحاه من الطببيعه البحريه بالمملکه العربيه السعوديه "،رساله ماجستير ، کليه الفنون والتصميم الداخلي للبنات ، جامعه أم القري

[8] الادارة الاقتصادية الغرفة التجارية بالشرقية : " منظومة الأسماک وامکانيات تحقيق الأمن الغذائي في مصر " ،يوليو 2013،ص 7.

[9]أنور عبد العليم : "ثروتنا المائية ، المکتبة الثقافية ، دار القلم ، 1965،ص 64.

[10]wwwhttp://elhapony.blogspot.com.eg

[11]جورج بوزنر واخرون : " معجم الحضارة المصرية القديمة ، ترجمة : أمين سلامة ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة ، 1992، ص 280.

https://fishingblog0.blogspot.com.eg

[12]ابو الحمد محمد فرغلي : " التصوير الأسلامي ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة ، 1991، ص 97.

[13]أمل عاطف : دراسة التحليلية في ضوء الزخارف الحيوانية ، مقال منشور ، 2012.

1-أحمد شفيق الخطيب : "موسوعة الطبيعة الميسرة " مکتبة لبنان ، بيروت ، ط1 ، 1985، ص 97.

1-جيلان عبد الوهاب محمد :"صياغات تشکيلية مبتکرة بالخامات الصدفية کمدخل لمکملات الزينة "، رسالة ماجستير ،کلية التربية الفنية ،جامعة حلوان ،2002،ص 54.

2-روبرت بيرتون وأخرون : الموسوعة المصورة للشباب ، ترجمة محمد أمين سليمان وأخرون ، الأهرام للطبع والنشر ، ط 1، 1986،ص81.

3-جيلان عبد الوهاب محمد : مرجع سبق ذکره ، ص26

المصادر العلمية حسب ورودها في البحث :
1-Sanatayana.Georege: "The Sence of Beaty" , Dover Publication,inc,New York, 1995
2-Gyorgy Kepes: " Education Of Fation",Georg – Baraziller, New York, 1965
3-عفاف مصطفى عبدالدايم : "الرؤية الفنية وأثرها على نمو التعبير الفني في مجال النحت" , رسالة دکتوراه , کلية التربية الفنية ,جامعة حلوان , القاهرة ,1977 , ص 21.
4-محمود البسيوني : " أراء في الفن الحديث " , دار المعارف , القاهرة , 1961 , ص18,17
 5- Dolf Rieser: "Art and Science", Studio Vista, London, 1972, P.51    
6-ميشيل جورجي بشارة : "التقنيات المعاصرة وأساليب التعبير للخامات المعالجة حرارياً ودورها في تدريس النحت " ، دکتوراه ، کلية التربية النوعية –التربية الفنية ، جامعة القاهرة ، 2008.
 7-هبه الطباع : " کائنات بحريه مميزة " ، مقال منشور ، 2014.
8_نوره بنت صديق بن ابراهيم مکرش:"ابتکار تصميمات لأزياء النساء مستوحاه من الطببيعه البحريه بالمملکه العربيه السعوديه "،رساله ماجستير ، کليه الفنون والتصميم الداخلي للبنات ، جامعه أم القري
9-الادارة الاقتصادية الغرفة التجارية بالشرقية : " منظومة الأسماک وامکانيات تحقيق الأمن الغذائي في مصر " ،يوليو 2013،ص 7.
10-أنور عبد العليم : "ثروتنا المائية ، المکتبة الثقافية ، دار القلم ، 1965،ص 64.
11- wwwhttp://elhapony.blogspot.com
12- جورج بوزنر واخرون : " معجم الحضارة المصرية القديمة ، ترجمة : أمين سلامة ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة ، 1992، ص 280.
13-https://www.google.com.eg
14-ابو الحمد محمد فرغلي : " التصوير الأسلامي ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة ، 1991، ص 97.
15-أمل عاطف : دراسة التحليلية في ضوء الزخارف الحيوانية ، مقال منشور ، 2012.
16-أحمد شفيق الخطيب : "موسوعة الطبيعة الميسرة " مکتبة لبنان ، بيروت ، ط1 ، 1985، ص 97.
17-جيلان عبد الوهاب محمد :"صياغات تشکيلية مبتکرة بالخامات الصدفية کمدخل لمکملات الزينة "، رسالة ماجستير ،کلية التربية الفنية ،جامعة حلوان ،2002،ص 54.
18-روبرت بيرتون وأخرون : الموسوعة المصورة للشباب ، ترجمة محمد أمين سليمان وأخرون ، الأهرام للطبع والنشر ، ط 1، 1986،ص81.
19-جيلان عبد الوهاب محمد : مرجع سبق ذکره ، ص26