الإستفادة من بعض وحدات الفن الشعبي في إثراء اللوحة التصويرية من خلال تقنية الکولاج

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 باحث ماجستير

2 أستاذ دکتور ورئيس قسم الرسم والتصوير ، بکلية التربية الفنية ، جامعة حلوان عضو المجلس الأعلى للثقافة بوزارة الثقافة

3 مدرس التصوير بقسم التربية الفنية بکلية التربية النوعية جامعة المنصورة

المستخلص

الملخص
إن الفن الشعبي شجع الکثير من الفنانين المصريين المعاصرين علي أن يستلهموا من هذا التراث ويستوحوا من خصائصة الجمالية والفنية أعمال ليست بعيدة عن أصالة الماضي ، لقد کانت مظاهر الحياة الشعبية والفنون والتقاليد المحلية من معالم الأصالة في الفن .
 فقد إهتمت أکثر الفنون العربية بالمواضيع والأساليب الشعبية کشکل من أشکال التأصيل والإستفادة من مفردات الفن الشعبي في تنمية الحس الفني وإثراء الحرکة الفنية المعاصرة وتحقيق الترابط بين التراث الشعبي والبيئة المحيطة .
وهذا ما سوف تتناوله هذه الدراسة ، حيث إستخدام تقنية الکولاج لمفردات الفن الشعبي يمکن ان تساعد في إثراء القيمة الجمالية والتشکيلية في اللوحة التصويرية وتحقيق هذا الترابط عن طريق تقنية الکولاج ، وإستخدام بعض الوحدات الزخرفية الشعبية وعناصرها بتقنية الکولاج في تکوينات تشکيلية لإبتکار أعمال تصويرية معاصرة .
وبذلک سوف أقوم بإحياء التراث الشعبي عن طريق دراسة الوحدات والرموز الشعبية البسيطة وتوظيفها في أعمال تصويرية معاصرة بتقنية الکولاج ، حيث أظهر فيها جماليات الفن الشعبي وما يتميز به أيضاً من بساطة في العمل الفني والألوان الفطرية الشعبية البسيطة ، فاللون في الفن الشعبي رمز للبيئة ورمز للفنان وطبيعته البسيطة وأسلوبه المباشر في معالجة الأشياء ، ولهذا فالفنون الشعبية تتخاطب جميعها بلغة لونية واحدة وبأسلوب فني واحد .
وأيضاً تتسم تقنية الکولاج بالإبداع القائم علي إعادة صياغة الخامات المستخدمة وتوظيفها في العمل الفني حيث إنها تساعد علي إضفاء قيمة جمالية لإثراء اللوحة التصويرية ، وبذلک سوف أحقق هدف الدراسة في توليف وتوظيف عناصر ومفردات الفن الشعبي للمجتمع المصري في إثراء العمل الفني بتقنية الکولاج . وذلک من خلال التکوين الجيد لعناصر العمل الفني والإندماج اللوني وبساطة الرمز الشعبي المصري بتقنية الکولاج .

الموضوعات الرئيسية


مقدمة :

" يعتبرالتصوير هو التعبيرالإنفعالي عن ذواتنا بأدوات الفن وبالقيم التشکيلية ؛ ويکتسب التصوير من التکوين والتنظيم والتحريف الفني"[1]

" أيضا التصوير من ناحية الأداء هو فن توزيع أصباغ او ألوان سائلة علي سطح مستوي من أجل الاحساس بالمسافة وبالحرکة وبالملمس أو الشکل ، کذلک الأحساس بالإمتدادات الناتجة عن تکوينات هذة العناصر، کذلک يصعب التفرقة بين الرسم والتصوير لأن کلا الفنيين يستعمل مواد ملونة علي سطح من لون مختلف . إلا أن التصوير عادة يشمل إستعمال الفرشاة واللون السائل"[2]

ويخطئ من يتصور أن الفنون الشعبية تستهدف التسلية والترويح عن النفوس، إن التسلية والترويح وظيفة ثانوية اما الوظيفة المحورية فهي قائمة علي الدوام تطلب المحافظة علي ذات الفرد في أمته کما يطلب المحافظة علي الجماعة کلها في أن واحد ، " حيث ان الفن الشعبي هو فن فطري يخضع لتقاليد متوارثة عبر الاجيال ويقوم به اناس من عامة الشعب يتمتعون بثقافة عادية ، وهو مجموعة من الخطوط والالوان والاشکال مرسومة بمواد سهلة وميسرة ، غنية بالرموز والدلالات تختصر تاريخ المجتمع بکل ما يحمل من عادات وتقاليد، وهو في نفس الوقت يعبر عن روح الجماعة ويتماشي مع ذوقها، وهو فن افرزته ثقافة المجتمع مع مرور الأيام وتعاقب السنوات،والفن الشعبي يمارسه الناس إبداعاً وتذوقاً فهو فن وظيفي غايته اما جمالية بقصد التزيين ، واما علاجية بقصد الأستشفاء من الأمراض ، واما سحرية بقصد طرد الأرواح الشريرة التي تسکن الجسد والمکان وتجنب إصابة العين، واما دينية بقصد العبادة والتقوي. فموضوعات الفن دائماً تدور حول السير الشعبية والدين والتاريخ والزخرفة"[3]

إن العمل الفني الشعبي في جميع صوره واشکاله هو إنتاج فني فيه أصالة وابتکارية وهو متعدد الجوانب في الخامات والأساليب وطرق التنفيذ، فالشکل في العمل الفني مرتبط بالجانب التطبيقي للخامة وللوظيفة وللبيئة والمعتقدات الموروثة وهو يتسم بالاسلوب الزخرفي والبساطة والمساحات الصريحة .

وقد استخدم الفنان الشعبي اساليب متعددة في وضع الالوان من حيث طبيعة السطح ومدي ارتباطه بخامات التنفيذ، ورغم اختلاف تلک الاساليب الا ان الطابع الشعبي في کل منها لم يتغير.

 ومن هنا يعتبر الفن الشعبي أسلوب للتعبيرعن طريق لغة الاشکال والقصص والمعتقدات الدينية والشعبية ، کما ان الوانه رمزية تعبر عن سذاجة رسوم الفنان الشعبي وتلقائيته وبيئته البسيطه، فهو يستخدم الألوان الأساسية ويتجنب الألوان المخلوطه (المرکبة).

 ويعتبر فن الکولاج من الوسائط التعبيرية الفنية الحديثة وهو طريقة أساسها التوليف بين بعض المواد وذلک بوضعها في ترتيب أو سياق معين للحصول في النهاية علي ايقاع فني عن طريق التوافق والتناسق بين مختلف الأجزاء ، وتستخدم کلمة توليف في الفنون الحديثة بمعني التوليف بين أکثر من خامة في العمل الفني الواحد، بحيث تثري العمل الفني ذاته ،وهي تعني الملصقة، کما تعني الرسم من قصاصات الصحف أوالأعلانات، أو الفن الذي صنع من مجموعة قطع مختلفة.

 ولفظ کولاج من الکلمة الفرنسية ((Collage وتعني الأشياء الملصوقة ويعد من الأساليب الفنية التي استخدمت عام 1920، وهو يتعلق بالتنظيمات الوليدة من قطاعات الصور الفوتوغرافية التي تؤلف بعضها مع بعض، والتنسيق في الکولاج هو سبب القيم الفنية في أعمال الکولاج "[4]

 " ان عمل الکولاج فن يساعد علي تنمية القدرة الأبتکارية من حيث التکوين الجيد لعناصر العمل الفني وتنمية مهارات الرسم وإکتساب الثقة بالنفس وتتم هذة العملية عن طريق جمع الصور الفوتوغرافية وصور المجلات والجرائد في خلق عمل فني برؤية فنية عن طريق الکولاج"[5]

مشکلة البحث :

 تتلخص مشکلة البحث في ندرة الدراسات التي تناولت وحدات الفن الشعبي من خلال فن الکولاج في التصوير . بما ينطوي عليه من قيم تشکيلية ومعايير جمالية يمکن الأفادة منها في مجال التصوير.

 ويأتي دور الباحثة في کيفية توظيف بعض مفردات التراث الشعبي للمجتمع المصري في إبداع لوحات تصويرية شعبية بأستخدام تقنية الکولاج وتأثيرات اللون لتنمية الحس الفني في مجال التصوير.

وتتحدد مشکلة البحث في الأجابة علي التساؤل التالي:

  • الي أي مدي تؤثر توليفات بعض عناصر و مفردات الفن الشعبي واستخدامها بتقنية الکولاج في إثراء اللوحة التصويرية المعاصرة.

فروض البحث :

 يفترض البحث أن :

1.  إستخدام تقنية الکولاج لمفردات الفن الشعبي يمکن أن تساعد في اثراء القيم الجمالية والتشکيلية في اللوحة التصويرية.

2.  وجود علاقة بين مفردات الفن الشعبي وفن الکولاج يمکن الأستفادة منها في العمل التصويري.

أهداف البحث :

1.  الإستفاده من مفردات الفن الشعبى فى تنمية الحس الفنى و إثراء الحرکة الفنية المعاصره.

2.  التعرف على تقنية الکولاج و الإستفاده منها فى تقديم فکرة جديدة لإثراء الأعمال التصويرية.

3.  تحقيق الترابط بين التراث الشعبي والبيئة المحيطة عن طريق تقنية الکولاج.

أهميه البحث :

ترجع أهمية البحث الي:

1. التعرف على بعض المفردات و القيم الجماليه فى الفن الشعبى برؤية تصويرية معاصرة تصلح للتنفيذ علي لوحة تصويرية لها قيمة جمالية ووظيفية.

2.   استخدام بعض الوحدات الزخرفيه الشعبيه و عناصرها بتقنيه الکولاج فى تکوينات تشکيليه لأبتکار أعمال تصويريه معاصره.

3.   احياء التراث الشعبي عن طريق التعامل مع مفردات الفن الشعبي من خلال أعمال فنية تحافظ علي هذا التراث من الأنهيار وتنمي الحس الفني.

حدود البحث :

تقتصر حدود البحث في:

1.   بعض المفردات و الرموز الفنيه من الفن الشعبى للإستفادة منها في إثراء اللوحة التصويرية.

2.   إستخدام تقنية الکولاج فى إبتکار أعمال تصويريه معاصره.

3.   دراسة تحليلية لبعض من الأعمال الفنية لفناني الفن الشعبي والکولاج .

4.   إجراء تجربة ذاتية خاصة بالدراسة من خلال الإستفادة بمعطيات الدراسة .

منهج البحث :

يتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي والمنهج التجريبي وذلک في إطارين :

  • · حيث يقوم علي تحليل ودراسة مفردات الفن الشعبي وکيفية الإستفادة منها في الأعمال التصويرية المعاصره وأيضاً تحليل ما تتضمنه مجموعة من الأعمال التصويرية لفنانين معاصرين والتي إستفادت من مفردات الفن الشعبي وفن الکولاج في التصوير.

الأطار النظري

  • · يقوم البحث علي دراسة الوحدات والرموز الشعبية البسيطة وکيفية توظيفها في أعمال تصويريه معاصره بتقنية الکولاج ويتضمن شرح لفن الکولاج وإستخدامها کتقنية لإبداع لوحات تصويرية.
  • دراسة تحليلية لبعض الأعمال الفنية للفن الشعبي وفناني الکولاج .

الأطار التطبيقي

تقوم الباحثة بعمل تجربة ذاتية مستوحاه من الفن الشعبي بتقنية الکولاج لتحقيق أهداف البحث والتأکيد فيها من صدق وسلامة الفروض.

مصطلحات البحث:

1- الفن الشعبى Popular Art

 " هو ذلک الأنتاج المتعدد الجوانب المتنوع فى خاماته و أساليبه و مظاهره شعرا کان أو ادبا أو غناء أو رقصا أو تصويرا , أو کان فنا تطبيقيا يرتبط بالحياه و حاجاتها و الى غير ذلک"[6]

و هو فن لم ينشأ من فراغ أو من لهو انما هو فى الوقت نفسه عصاره خبرات الأنسان و حياته على مر الزمان

و التى انتقلت من جيل الى جيل محمله بتراثه الکبير ويرى أرنست فيشر " أن عدم نسب هذا الفن الى مؤلف محدد دليل على مقدره الجماعه على الأبداع التلقائى ، ونحن هنا نتحدث عن جماعه غامضه بلا فرديه فالفن الشعبى يعبر عن شئ مشترک بين عدد من الناس و لهذا فهو يصور افکار الجماعه "[7]

2-             الکولاج Collag

 "يعتبر فن الکولاج کمصطلح يستخدم للدلاله علي عملية قص ولصق المواد علي السطح والتي تنامي ظهورها تدريجيا في الفن التشکيلي لتوضح التعددية الأسلوبيه الناتجه من الأستعانه بالمواد،والتي أصبح معها فن الکولاج أکثر المجالات تعقيدا وتناقضا في عناصره الأوليه والتي تکون بسيطه نسبيا ولکنها في واقع الأمر تتضمن العديد من المعاني والدلالات والمضامين التي تعبر عن الأحداث والعالم الخارجي وفق اطار الفن المعاصر"[8]

3- اللوحة التصويرية Figurative Painting

 تعتبر اللوحه التصويرية هي کل ما يقوم الفنان من توزيع ألوان (اکريلک وزيت) علي الأسطح سواء کان السطح ورق غليظ ، لوحه من القماش المشدود علي الخشب أو الجدران (جداريات) وذلک من أجل التعبير عن الفن الشعبي من خلال التکوينات الناتجه من توزيع الوحدات الفنية الشعبية.


4- وحدات الفن الشعبي Folk art units

 " لقد إستخدم الفنان الشعبي في أعماله الفنية وحدات زخرفيه رمزيه تعبر عن معتقداته المتوراثه عبر الأجيال ، کما أضاف لها تعاويز وتعازيم للحماية من الحسد ومن هذة الوحدات العين والکف والسمکة والجمل والعروسة والحصان والنخله والخرزه الزرقاء والحدوه وغيرها العديد".[9]

الدراسات المرتبطة :

-  دراسة : " سحر السعيد الديب " بعنوان " الأمکانات التشکيلية لبقايا الأقمشة کمدخل تعبيري في التصوير بالکولاج "،1998.[10]

 تناولت هذه الدراسة التجريب بالخامات الغير تقليدية في مجال التصوير والکولاج والترکيز علي کشف طرق ومعالجات جديدة للخامة الواحدة من بقايا الأقمشة وتکشف المزيد من امکاناتها التشکيلية والشکلية ومعرفة مسمياتها وخصائصها.کذلک تناولت الدراسة تحليل لأساليب مختلفة أتبعها الفنانون في تناولهم لخامة بقايا الأقمشة وتوظيفها في أعمالهم في مجال التصوير بإستخدام أسلوب الکولاج.

-  دراسة : "محمد أحمد حافظ سلامة" بعنوان " دراسة تصميمات من الفن الشعبي من خلال معلقات نسيجية ودورها في تنمية الحس الفني لمعلم التبية الفنية" ،2002.[11]

 تناولت الدراسة کيفية توظيف التراث الشعبي للمجتمع المصري في ابداع تصميمات و إنتاج معلقات نسيجية شعبية تنمي الحس الفني لدي معلم التربية الفنية ، کما تناولت الدراسة بعض القيم التشکيلية والمعالجات الفنية المتنوعة للرموز و العناصر الشعبية التي تدل علي استجابة طلاب الفرقة الأولي بکلية التربية النوعية ، لهذا النوع من التعبير .

-  دراسة : " نشوي محمد حسن " بعنوان " القيم العصرية و المضامين الفکرية لفن الکولاج کمدخل للمتغيرات التشکيلية في التصميم "،2012.[12]

تناولت هذة الدراسة القيمة العصرية ومضمون فکرة فن الکولاج وهو الاستفادة من النفايات في انتاج اعمال تصويرية وتصميمية مستحدثة وذو فکر جديد واعمال تشکيلية تثري العمل الفني.


-علا أحمد علي يوسف : التفتيت والترديف کمدخل للتجريب في مجال التصوير ، مجلة علمية ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ،2003م.

تناولت هذه الدراسة مداخل تجريبية للوصول لحلول تشکيلية مبتکرة ومبدعة ، حيث إعتمدت في أعمالها علي تقنية التفتيت والترديف والتي تقوم علي أساسها علي تحليل الأشکال الجاهزة لبعض أوراق الصحف والمجلات وتفتيتها إلي جزاء وصياغتها وتجميعا ولصقها في معالجات تشکيلية جديدة ، تتيح فرصة التجريب والترکيب والخروج بالعمل التصويري عن الحدود التقليدية المألوفة في التعبير الفني ، بما يثري أسلوب التدريس في مجال التصوير بالکلية .

أولا :الإطار النظرى :

 الفن الشعبي :

الفن الشعبي إرتبط إرتباطاً وثيقاً بالأقوال المتداولة بين الناس والأحداث المختلفة التي تمر علي مختلف الشعوب وتعبر عن المشاعر والاحاسيس التي يمر بها الناس ، ولابد ان نقول أن الفن الشعبي وصل إلينا نتيجة تراکم الحقب الزمنية وإختلاف الأجيال ومرور السنين بالأضافة الي اختلاف العادات والتقاليد . ولذلک مفهوم الفن الشعبي ليس مقصوراً علي الريف فحسب وليس صادراً عن الفلاحين فقط ولکنه يرتبط بحياة الناس في أي اتجاه ثقافي يوضح سلوکهم وعلاقتهم ، ويتمثل بشکل عام في الأسطورة والحکاية الخرافية والحکاية الشعية وهناک أيضاً ألوان أخري من الفن الشعبي کفن الغناء والرقص والنکته. [13]

 ويشير حسين مؤنس الي أن : صور الابداع الفني الشعبي يبرز مکانة ما تقدمه وسائل الأعلام من فنون قد تحمل مؤثرات غير أصلية أو غريبة علي ذوق وذهن الانسان العادي خوفاً علي مأثورات الشعب من الزوال والانطواء .[14]

 ويقول أيضاً أحمد شحاته و عبد العزيز جوده : " أن الفن الشعبي ليس تقليداً أو انعکاساً لفن الطبقات الأکثر ثقافة وهو لا يدين بشئ للمؤثرات الرسمية الهابطة في أحدي مراتب المجتمع العليا ، وأخيراً فالفن الشعبي انتاج فني متعدد في جوانبه ، متنوع في خاماته وأسلوبه ومظاهره شعراً وادباً غناء ورقصاً وتصويراً مرتبطاً نفعياً بالحياة وحاجاتها" .[15]

 و التصوير الشعبي العربي فن فطري يخضع لتقاليد متوارثة عبر الاجيال ، يقوم به اناس من عامة الشعب يتمتعون بثقافة عادية. حيث إنه مجموعة من الخطوط والألوان والأشکال مرسومة بمواد سهلة وميسرة غنية بالرموز والدلالات وتختصر تاريخ أمة من تقاليد وعادات. إنه يعبر عن روح الجماعة ويتماشي مع ذوقها ، فن أفرزته الثقافة مع الايام ، يمارسه الناس ابداعا وتذوقا ، يکون مجهول الهوية والتاريخ أحياناً لإنه ملک الجماعة ، فن وظيفي غايته اما جماليه بقصد تزيين ( البيوت ، والحوانيت ، والاواني والجسد.....) واما علاجية بقصد الإستشفاء من بعض الأمراض ، واما سحرية بقصد (طرد الأرواح الشريرة وتجنب اصابة العين...) واما دينية بقصد العبادة والتقوي ، مواضيعه دائما تدور حول السير الشعبية والدين والتاريخ، والزخرفة " .[16]

الفنالشعبيلهتعريفاتتتفقجميعاًفيعدة :

  • الفن الشعبي هو نتاج الجماعة المتآلفة .
  • · الفن الشعبي هو ذلک الانتاج الفني _ شکلاً وموضوعاً _ المعبر عن شخصيته الجماعة لا الفرد صادراً عن وجدانها ونابعاً من ذاتها مرتبطاً بتراثها ورصيدها من الثقافات , أي انه نتاج البيئة بمفهومها الواسع ، ومن أثر ذوبان الفرد ( الفنان) نفسه في الجماعة .
  • الفن الشعبي يستمد آصالته من البيئة وتراثها الفکري .

فن الکولاج :

يعتبر فن الکولاج من الوسائط التعبيرية الفنية الحديثة وهو طريقة أساسها التوليف بين بعض المواد وذلک بوضعها في ترتيب أو سياق معين للحصول في النهاية علي إيقاع فني عن طريق التوافق والتناسق بين مختلف هذة الأجزاء ، وتستخدم کلمة توليف في الفنون الحديثة بمعني التوفيق بين أکثر من خامة في العمل الفني الواحد بحيث تثري العمل الفني ذاته ، ويشير معجم المورد إلي أن کلمة التوليف تعني الملصقة ، کما تعني الرسم التجريدي المؤلف من قصاصات الصحف أو الأعلانات وغيرها ، کما يشير إليها أيضاً بأسم الفن التلصيقي أي الفن الذي صنع من مجموعة قطع مختلفة .

 فإسلوب الکولاج ليس قاصراً علي فن التصوير فحسب بل تعدي إلي فنون التصميم والإعلان والديکور والزخرفة کما أنتقل إلي فن النحت والتشکيل في الفراغ " Instilation " ، " فمع بداية فن التصوير الحديث قد عبر الفنانين عنه بأسلوب جديد يتحدي التقاليد الفنية فکان الفنان بدلاً من أن يرسم الحروف مثلاً کان يفصل هذه الحروف من الصحف المحلية ويلصقها علي سطح اللوحة ويلصق معها أجزاء أخري من بقايا الخامات وقد أطلق علي هذه الطريقة ( الکولاج ) Collage ".[17]

 " فالکولاج هو نوع من أنواع الفنون يحتاج إلي موضوع يعبر عنه بالألوان والخامات المختلفة التي يقوم الفنان بلصقها علي نوع من الورق أو الخشب وقد ذکر مجموعة من الخامات المختلفة مثل أنواع مختلفة من الورق والقماش والأخشاب والمعادن وغيرها وقيل أن المنزل يعد من أفضل المصادر في جمع الخامات المستخدمة في فن الکولاج " ، " وقد استمرت هذه الطريقة في أعمال کلا من ( جورج براک وجيري ) حيث قاما بتحقيق هذه الموازنة بين الواقع والخيال بإضافة کلمات من عناوين الجرائد مثلاً وکذلک تقليد ملمس الخشب والقماش ولصق خامات أخري من الورق مثل الجرائد و ورق الحائط إلي أجزاء الصورة التي يقومون برسمها وقد أشار " جون جولدنج " أن الفنان بيکاسو 1879 – 1953 صاحب المذهب التکعيبي هو مکتشف فن التلصيق " Collage " ففي عام 1912 نجده قد أضاف خامات جديدة لتعبر کل منها عن مضمون جديد قد يکون بغرض أبراز الملمس مثلاً وإحداث تأثيرات غير تقليدية ". ، "وبذلک يکون قد أضاف بيکاسو خامات جديدة غير التي أنتجها جورج براک وهو الکولاج بالورق " Paper Collage " ويذکر بيکاسو أن إدخال هذه الخامات المختلفة في الکولاج هو محاولة منه للتعبير عن الواقع وبذلک تصبح اللوحة حقيقية و واقعية وتمثل الصور الحقيقية في الواقع کما نري في أحد أعماله ويمثل " طبيعة صامته مع کرسي خيرزان " حيث قام بلصق قطعة من القماش علي سطح لوحته لتوحي بالنسيج المتخلل لأعواد القش في الکرسي ، وأضاف إلي ذلک إطاراً مصنوعاً بحبل بحيث أصبح من الصعب الفصل بين الرسم والشئ ". [18]

 هناک الکثير من الأعمال الفنية التي استخدمت فيها تقنية الکولاج في الفن المصري المعاصر ، فقد استخدم بعض فناني مصر المعاصرين تقنية الکولاج في أعمالهم ومن هؤلاء الفنانين ، الفنان " منير کنعان " ، والفنانة " علا أحمد يوسف " ، والفنانة " سحر السعيد " .

• رائد الکولاج منير کنعان :

 يعتبر الفنان الراحل " منير کنعان "919 – 1999 ، من أهم من عملوا بالکولاج في مصر ، من خلال تجربته الخاصة والتي بدأها في الخمسينات . استخدم " منير کنعان " أسلوباً تجريدياً في تنفيذ أعماله والتي بدأت خلال عامي 1959 – 1960 ، فتميزت لوحاته التجريديه في الکولاج بالدقه والإتقان والدراية بالقيم الجمالية التقليدية ، بالإضافة إلي طرح معايير شکلية جديدة غير مسبوقة ، من خلال إعادة صياغته للصور والأشکال التي إستوحاها من الطبيعة ، وإظهار المعني الکامن ورائها ، " فهو لا يصور الشجر بل يصور النماء والإزدهار " .[19]

 وظف " منير کنعان " خامات بعيدة عن المألوف في أعماله الفنية من خلال الکولاج ، فجمع بين الرسم والتلوين بالألوان المختلفة مثل ألوان الفحم والباستيل والألوان المائية وألوان الزيت التي کان ينفذها علي مساحات مختلفة ، کبيرة وصغيرة [20] ، کما استخدم خامات مثل الخيش ، والورق المقوي والخشب ، مع الورق الملصق ، ووظف نفايات الورق ، والأسلاک ، وأخشاب الصناديق المحترقة ، وقطع الزجاج ، ورؤؤس المسامير ، والقفف القديمة ، والسلک ، وبعض النفايات في إعادة صياغته للمرئيات ، لإيجاد علاقة بين الألوان والأشکال والخطوط والملامس ، للتعبير عن الذات باستخدام الخامات المختلفة . [21]

 انفردت أعمال " منير کنعان " بتعدد ظهور هذه الخامات المختلفة في أعماله ، مثال علي ذلک لوحة قام بتنفيذها باستخدام الخشب وأوراق المجلات ، والورق الملون المقطع بطريقة عفوية مع الورق المقوي ، الذي أعطي عمقاً وظلاً في اللوحة . کما في الشکل.

 

" منير کنعان " ، کولاج ، ألوان زيتية مع ورق مقوي ، وشرائح من الخشب ( 1978 )

*متحف الفن الحديث – جامعة المنيا 2002م.

الفنان عادل عبد الرحمن

 الفنان عادل عبد الرحمن من الفنانين التشکيليين المصريين الذين تواجدوا بقوة على الساحة المحلية والعربية والدولية ، يمارس الفن منذ أکثر من أربعة عقود ، وهو من فنانى فکر مابعد الحداثة کما أنه أکاديمى وأستاذ الفنون فى الأکاديميات والکليات الفنية ؛ وهو من الذين قدموا فکر جديد من خلال دراساته بين عامى 1991 – 1997 فى ألمانيا فى مجال التجريب وتطبيق نظريات اللون وفنون الميديا المستحدثة وفن الإسقاط الضوئى ، بجانب عشقه وارتباطه الشديد بفنون التراث المصرى وقيمه التشکيلية والجمالية ، المصرى القديم والقبطى والإسلامى ؛ والشعبى بشکل خاص ، ومن أشهر معارض التى أقيمت فى ألمانيا بمتحف " أوفنج " معرض بعنوان " تکوينات شعبية " تأثر فيه الفنان بالتراث الشعبى ، مستخدماً ألوان الأکريليک على توال ، ويوضح هذا الشکل أحد أعمال الفنان المستوحاة من التراث المصرى الشعبى وعناصره المميزة ، منفذ بألوان الأکريليک على توال ، محفوظ حالياً کمقتنيات بمتحف " أوفنج بألمانيا .

 

 

 

عادل عبد الرحمن ، تکوين شعبى 1 ، 200 سم × 200 سم

ثانياً :الإطار التطبيقى :

           

  عمل رقم (1 )                      عمل رقم (2)

           

عمل رقم (3 )           عمل رقم (4)



[1]- محمود البسيوني : قضايا في التربية الفنية،عالم الکتب،القاهرة،1985،ص110.

[2]- برنارد مايزر : الفنون التشکيلية و کيف نتذوقها،مکتبة النهضة المصرية،القاهرة،1966،ص149.

[3]- محمد أحمد حافظ سلامة : دراسة تصميمات من الفن الشعبي من خلال معلقات نسجية ودورها في تنمية الحس الفني أيضا لمعلم التربية الفنية،رسالة ماجستير "تخصص تصميم"،کلية التربية النوعية،جامعة المنصورة،2002،ص25.

[4]- جون ديوي : الفن خبرة ، ترجمة زکريا ابراهيم، مراجعة ذکي نجيب محمود ، ص181.

[5] -Mhchale,terry : collage and paintin school arts , number one seot,1984,PP24,25.

[6]- فوزي العتيل : بين الفلکلور و الثقافة الشعبية،الهيئة المصرية العامة للکتاب،القاهرة،1978،ص38.

[7]- ارنست فيشر : الاشتراکية و الفن، دار الهلال للطبع والنشر،القاهرة،1966،ص96.

[8]-نشوي محمد حسن : القيم البصرية والمضامين الفکرية لفن الکولاج کمدخل للمتغيرات التشکيلية في التصميم، رسالة دکتوراه تخصص تصميم،کلية التربية الفنية،جامعة حلوان،2012.

[9]-داليا السيد الطوخي : الأحتفالية الشعبية ومدي الأستفادة منها في إبتکار بعض اللوحات التصويرية المعاصرة ، رسالة ماجستير ، تخصص رسم وتصوير ، کلية التربية النوعية ، جامعة المنصورة ، 2012م .

[10]- سحر السعيد : الامکانات التشکيلية لبقايا الاقمشة کمدخل تعبيري في التصوير بالکولاج،رسالة ماجستير تخصص رسم وتصوير،کلية التربية الفنية،جامعة حلوان،1998.

[11]- محمد أحمد حافظ سلامة : دراسة تصميمات من الفن الشعبي من خلال معلقات نسيجية ودورها في تنمية الحس الفني لمعلم التربية الفنية،رسالة ماجستير تخصص تصميم،کلية التربية النوعية،جامعة المنصورة،2002.

[12]- نشوي محمد حسن : القيم العصرية والمضامين الفکرية لفن الکولاج کمدخل للمتغيرات التشکيلية في التصميم، رسالة ماجستير تخصص تصميم،کلية التربية الفنية،جامعة حلوان،2012.

[13]مصطفي احمد عيد : التراث الشعبي ، بحث منشور بالهيئة العامة للأستعلامات ، وزارة الاعلام ، القاهرة ،1983 ، ص11.

[14]حسين مؤنس : الفولکلور وتاريخه ومدارسه ، مذکرة صادرة عن المجلس الأعلي لرعية الفنون والأداب والعلوم الأجتماعية،القاهرة،1958،ص30.

[15]أحمد شحاته ، عبد العزيز جوده : قراءات في التذوق وتاريخ الفن ، کلية الفنون التطبيقية ، جامعة حلوان ، القاهرة ، 1993، ص100.

[16] أکرم قانصو : التصوير الشعبي العربي ، سلسلة دار المعارف ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب ، الکويت ، العدد 203 ، ص21.

[17]سحر السعيد إبراهيم : الأمکانات التشکيلية لبقايا الأقمشة کمدخل تعبيري في التصوير بالکولاج ، رسالة ماجستير ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 1998م ، ص15.

[18]Collage Materials an introduction To Mixed Media , D.k Dorling Kinde Rsley Art school London 1995 P.42.: Michael Wright

[19]مختار العطار : رواد الفن وطليعة التنوير في مصر ، الجزء الأول ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1996م ، ص80 .

[20]أشرف أبو اليزيد : تجارب تشکيلية معاصرة ،الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة ،2002م ، ص39 .

[21]رضا محمود محمد : التجريدية التعبيرية في مصر کمدخل تجريبي لإثراء التصوير المعاصر ، رسالة دکتوراه ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 1999م ، ص161.

المراجع:
أولاً : الرسائل العلمية
1.داليا السيد الطوخي : الأحتفالية الشعبية ومدي الأستفادة منها في إبتکار بعض اللوحات التصويرية المعاصرة ، رسالة ماجستير ، تخصص رسم وتصوير ، کلية التربية النوعية ، جامعة المنصورة ، 2012م .
2.رضا محمود محمد : التجريدية التعبيرية في مصر کمدخل تجريبي لإثراء التصوير المعاصر ، رسالة دکتوراه ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 1999م ، ص161.
3.سحر السعيد : الامکانات التشکيلية لبقايا الاقمشة کمدخل تعبيري في التصوير بالکولاج،رسالة ماجستير تخصص رسم وتصوير،کلية التربية الفنية،جامعة حلوان،1998.
4.نشوي محمد حسن : القيم البصرية والمضامين الفکرية لفن الکولاج کمدخل للمتغيرات التشکيلية في التصميم، رسالة دکتوراه تخصص تصميم،کلية التربية الفنية،جامعة حلوان،2012.
5.محمد أحمد حافظ سلامة : دراسة تصميمات من الفن الشعبي من خلال معلقات نسجية ودورها في تنمية الحس الفني أيضا لمعلم التربية الفنية،رسالة ماجستير "تخصص تصميم"،کلية التربية النوعية،جامعة المنصورة،2002،ص25.
6.   مصطفي احمد عيد : التراث الشعبي ، بحث منشور بالهيئة العامة للأستعلامات ، وزارة الاعلام ، القاهرة ،1983 ، ص11.
ثانياً :الکتب
7.   أحمد شحاته ، عبد العزيز جوده : قراءات في التذوق وتاريخ الفن ، کلية الفنون التطبيقية ، جامعة حلوان ، القاهرة ، 1993، ص100.
8.   ارنست فيشر : الاشتراکية و الفن، دار الهلال للطبع والنشر،القاهرة،1966،ص96.
9.   أشرف أبو اليزيد : تجارب تشکيلية معاصرة ،الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة ،2002م ، ص39.
10.  أکرم قانصو : التصوير الشعبي العربي ، سلسلة دار المعارف ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب ، الکويت ، العدد 203 ، ص21.
11.  برنارد مايزر : الفنون التشکيلية و کيف نتذوقها،مکتبة النهضة المصرية،القاهرة،1966،ص149.
12.  حسين مؤنس : الفولکلور وتاريخه ومدارسه ، مذکرة صادرة عن المجلس الأعلي لرعية الفنون والأداب والعلوم الأجتماعية،القاهرة،1958،ص30.
13.  فوزي العتيل : بين الفلکلور و الثقافة الشعبية،الهيئة المصرية العامة للکتاب،القاهرة،1978،ص38.
14.  محمود البسيوني : قضايا في التربية الفنية،عالم الکتب،القاهرة،1985،ص110.
15.  مختار العطار : رواد الفن وطليعة التنوير في مصر ، الجزء الأول ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1996م ، ص80 .
ثالثاً :المراجع الأجنبية :
16-Mhchale,terry : collage and paintin school arts , number oneseot,1984,PP24,25.
17-Collage Materials an introduction To Mixed Media , D.k Dorling: Michael Wright, Kinde Rsley Art school London 1995 P.42.