الإفادة من الکرلمة في إثراء اللوحة الزخرفية

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

مدرس التصميم الزُخرفي -قسم التربية الفنية بکلية التربية النوعية جامعة طنطا

الموضوعات الرئيسية


خلفية البحث :

منذ بدايات الإنسان الأولى، سعى للبحث عن وسيلة للتعبير عن متطلباته الحياتية للتواصل مع بنى جنسه وبيئته وإن اختلفت هذه الوسائل من بيئة إلى أخرى أو من زمان إلى آخر،وکانت النتيجة التي تمخضت عن ذلک هو الوصول إلى لغة کانت تارة مکتوبة أو مقروءة أو إشارية أو حرکية أو أيقونية. ووصول الإنسان إلى اللغة إنما فتح الباب أمامه للتعبير عن کل ما يجول بخاطره من مشاعر وانفعالات، ويحدد علاقته وموقفه بالآخرين والبيئة .ولعل أولى تلک الوسائل التى اعتمدها الإنسان فى التعبير، هى تلک الرسوم على جدران الکهوف، والتى کان يرسمها لأهداف عديدة قد تکون اجتماعية أو دينية أو اقتصادية، أو تحمل طقوساً معينة کان يشعر بحاجتها وضرورتها (10).

والکتابة هي عملية إعمال القلم باليد وتصوير الحروف ونقشها لإنتاج خط معين، أما الخط فهو تصوير اللفظ برسم حروف هجاؤه(8). ويُعد الخط العربي من أوائل وسائل التقدم والعمران، وشرف منزلته بين جميع الأمم لا يحتاج إلى برهان(8). والخط العربى هو الفن الإبداعى الذى توج الحضارة العربية والحضارات الأخرى ، وهو يمتاز عن الخطوط الأخرى فى تجاوزه لمهمته الأولى وهى نقل المعنى، إلى مهمة جمالية أصبحت غاية بذاتها. وقد أجمع الکتاب والفنانون فى الشرق والغرب على أن الخط لم ينل عند أمة من الأمم أوحضارة من الحضارات ماناله عند العرب من العناية به والتفنن فيه، فاتخذوه أولاَ وسيلة للمعرفة ونقل الأفکار، ثم ألبسوه لباساَ قدسياَ لارتباطه بالقرآن(8). ومن الطبيعي أن تتطور اللغة بتطور الإنسان وإرتقاء فکره ونشاطه وإکتشافه لقوانين الحياة حتى إنعکس ذلک على لُغته، وقد تسارعت خُطى التطور بعد الإسلام حيث تناولها الخطاطون بالتحسين والتزويق وأضفوا عليها من إبداعهم جماليات، وقواعد ثابته، وأصول لم تخطر على بال فنان من قبل(1)، حتى وصلت لأعلى مراحل التجريد في الشکل، وقد استطاع الفنان المُصمم بحسه الفني المُرهف أن يُدرک الأهداف الباطنة والروحانية لتلک الحروف. فإلى جانب البناء الهندسي الرصين للحروف العربية وقدرتها على التکيف في أي شکل مُعطى، فإن لها أهداف باطنة روحانية ذات طابع خاص، ترمز إلى التهجد والعبادة والتقرب إلى الله.

ربما أوحت تلک الروحانيات للخطاطين الأوائل ببعض من إبداعاتهم في صياغة الحروف؛ فقد إستخدم الخطاطون ميزان خاص لوزن الحروف عند کتابتها، والتحکم في استطالتها من عدمُه في مواضع مُعينه مدروسه بدقه متناهيه بحيث تخدم الحرف شکلاً ومضموناً، عُرف هذا الميزان " بالکرلمة "، ولم يکن هناک مجال في التهاون في هذا الميزان خاصة في خط الثُلث الذي کان من أهم الخطوط العربيه، حتى أنهم إعتبروه مقياس لإبداع الخطاط، ولا يعتبر الخطاط فنانا مالم يتقن خط الثُلث مهما أجاد (1). هذا الميزان هو المسؤل الأول عن مظهر الحرف النهائي وهو من أکسبة تلک الرشاقة والجمال اللافت للنظر. ويعتبر الخط العربى أحد أبرز مظاهر العبقرية الفنية عند العرب، وقد أبدعوا فيه، حتى أصبح فناً له ما يقرب من ثمانين أسلوباً وطريقة، ومن أشهرها الکوفى والثلث والرقعة والفارسى والديوانى وفروع هذه الخطوط(5).

وقد إعتمد العديد من فنانوا العصر الحديث على تلک السمات سواء الشکلية أو الروحانية والتي مکنتهم من السمو على الهدف اللغوي والوصول إلى التعبير عن حاله لا مرئية لها دلالات فنية جمالية تثري اللوحة الزخرفية. نذکر على سبيل المثال أحد أعظم فناني العصر ( بابلو بيکاسو – Pablo Picasso(، الذي دفعه التجريد الرفيع في الخط العربي إلى أن يقول : " إن أقصى نقطة وصلت إليها في فن التصوير، سبقني الخط الإسلامي إاليها منذ وقت طويل ". فصياغات الحروف العربية صارت عند الفنان المسلم إشارات شاعر هائم أخذ به الحال فتجلى الشوق ذوقاً نتج عنه صور فنية ترقى لمستوى العمل الفني المتکامل حيث أن لها منطق خاص يتألق ظاهراً وباطناً (15)

ويعد الخط العربى أحد الروافد الثقافية التى تمثل مرتکزاَ هاماَ للحفاظ على ثقافة الأمة وهويتها وموروثها العظيم. من هذا المنطلق کان التفکير انطلق التفکير نحو الاستفادة من القيم الجمالية والتشکيلية للخط العربى من خلال الکرلمة، کمدخل لصياغات تصميمية تحقق الأصالة والمعاصرة وتساهم فى الحفاظ على هويتنا الثقافية.

مشکلة البحث :

تناولت أغلبية الأبحاث في مجال الخط العربي الحروف کمفردة تشکيلية لما تنطوي على قيم جمالية أثرت بالفعل في مجال التصميم الزخرفي، کما تعرض القليل منها إلى القيمة الجمالية للشکل والعجم ؛ ويقصد بالشکل علامات التشکيل، أما العجم فهو النقط لتمييزالحروف المتشابهه، وکلاهما وحدات زخرفية مُکملة للحروف العربية. لکن لم تستغل حتى الآن الکرلمة بالقدر الکافى کمصدر للتصميمات لإثراء اللوحة الزخرفية.

من هنا يأتي سؤال البحث ..

لأى مدى يمکن الإفادة من کرلمة الحروف العربية في ابتکار تصميمات معاصرة تساهم فى إثراء اللوحة الزخرفية ؟

فرض البحث :

تفترض الباحثة أنه:

  • ·   يمکن الإستفاده من کرلمة الحروف العربية في ابتکار تصميمات معاصرة تساهم فى إثراء اللوحة الزخرفية.

هدف البحث :

  • ·   الإفادة من القيم التشکيلية والجمالية لکرلمة الخط العربي في ابتکار تصميمات مُعاصرة تثري اللوحة الزخرفية.

أهمية البحث :

  • · إلقاء الضوء على أهمية تتبع النظم البنائية عامة، والنظم البنائية للخط العربى خاصة ، والتوسع فى الدراسات التحليلية الخاصة به، لإثراء اللوحة الزخرفية.
  • ·   المساهمة فى الحفاظ على هويتنا ،وتراثنا الثقافى والحضارى.

منهجية البحث :

اتبعت الباحثة المناهج التالية:

  • ·   المنهج التــاريخى : فى التعرف على تاريخ نشأة الخط العربى .
  • ·   المنهج الوصفى التحليلى : فى وصف وتحليل التصميمات التى تم ابتکارها.
  • ·    المنهج التجريـبى : فى عمل مجموعة من التجارب التصميمية التى تحقق قيماَ جمالية ووظيفية.

أولاً: الإطار النظري

مصطلحات البحث:

الکرلمة:

أُطلق هذا المصطلح على النظام المُتبع في تقنين کتابة الحروف العربية ، وهو أسلوب تقني متعارف عليه بين الخطاطين للتدريب على کتابة الحروف العربية وفقا لنسب ثابتة يعتبرها الخطاطين مقياس لمهارة مستخدمي الخط العربي (1).

وموازين الحروف ذات علاقة وثيقة بمخارجها، قال الإمام السخاوي رحمه الله : " للحرف ميزان فلا تکُ طاغياً فيه، ولا تکُ مُخسر الميزان ". وللحرف لحن جلي ولحن خفي؛ الجلي هو الواضح المعروف للعامة من تغيير حروف أو حرکة، والخفي هو الدال على المهاره والإتقان ولا يُدرکه إلا المتخصص. هکذا المدات في الحرف المکتوب؛ فالمدَّات الطويلة للحرف تُشبه تطويل الصوت في التجويد القرآني کما تُشبه المدَّات الصوتية المتماوجة في الغناء العربي والشرقي. هکذا يتناول الفنان الحروف العربية وما تحمله من إيحاءات جمالية إستطاع من خلالها أن يُشبع حاجاته الإبداعية في إنتاج لوحات فنية رائعة. ويوضح شکل رقم (1) نموذج کرملة يوضح اختلاف موازين الحروف العربية.

 

شکل (1) نموذج کرلمة

نبذة تاريخية عن تطور الخط العربى:

قضى الناس قروناً عديدة لا يعرفون فيها الکتابة لسببين؛ أولهما لما کان من بساطة العيش وقلة إحتياجهم لتدوين الأحداث، وثانيها عدم توفر الأدوات المناسبة وصعوبة التعامل مع الصخور والأحجار والجلود کأسطح للکتابة. وما کان من الإنسان إلا أن شعر بإحتياجه للکتابة کلما خطا خطوة نحو التقدم والمدنية. تعددت صور الکتابة في بداياتها وإختلفت بإختلاف الشعوب، ولکنها تمايزت لأطوار محدده، أولها طور إستُخدم فيه أسلوب الرسم الحقيقي فعبر عن اي عنصر برسم صورة مُبسطة له وعُرفت تلک الکتابة بالکتابة الصورية وکانت الأبسط والأکثر إنتشاراً قديما وتنتمي لها الکتابة الهيروغليفية في مصر، والحثية في بلاد الشام، والصينية القديمة في بلاد الصين، والآشورية التي تحولت للقلم المسماري والإسفيني، وغيرها ممن لا يزال يستخدم الکتابة الصورية في بعض أنحاء متفرقه من العالم.

 أما الطور الثاني فکانت کتابتة إصطلاحية مُشتقة من الصورية سُميت بـ ( الکتابة الرمزية ) عن طريق إستخدام بعض الأدوات للدلالة على شيء مُرتبط بها (8). ثم إنتقلت الکتابة إلى الطور الثالث وهو الطور المقطعي، ويُعد هذا الطور البداية الحقيقية في تهجئة الکلمات. فقد أصبحت الصورة في هذا الطور تعني مقطعاً صوتياً، فإذا أراد الشخص التعبير عن کلمة يدفع فإنه کان يرسم صورة کف لتعني الصوت وليس الصورة(14)، ومازال التطور حتى دخلت الکتابة طورها الرابع وهو طور تحرير الکلمات صوتياَ، والذي استخدم فيه الکاتب صورالأشياء التي يتکوَّن منها الصوت الأول ثم الثاني... إلخ. وتمثلت في الکتابة الهيرانية والديموطيقية التي کانت خطوة کبيرة نحو الهجائية (8). ثم جاء الطور الأخير وهو الطَّور الهجائي، وظهر ذلک عندما اشتدت الحاجة إلى التقدم لتعلم الکتابة، فابتدع البشر علامات تشبه المسامير العمودية والمائلة والأفقية بلغت (600(علامة، ثم اختصرت إلى ما بين (100-150) علامة، ثم واصلت تطورها إلى أن وصلت إلى ما هى عليه الآن(19).

تثبت کتب التاريخ أن الکتابة بدأت صورية (الهيروغليفية القديمة) فى مصر، ثم تحولت إلى رمزية کالکتابة المسمارية، والهيروغليفية المتأخرة (الديموطيقية)، وکانت المسمارية منتشرة فى بلاد الرافدين وبلاد الشام، وعنها تفرعت نماذج الکتابة المتطورة، التى سارت باتجاه الحروف والأبجديات، حتى اکتملت على يد العرب السوريين، فى فترة الدولة الکنعانية الشمالية المسماة (الفينقية) والتى اکتشفت أبجديتها فى أوغاريت (رأس شمرا) فى شمال الساحل السورى. وقد اختزلت الحروف إلى 30 حرفاً مستفيدين من أبجدية سيناء التى کانت منتشرة فى شمال مصر (20). وانتقلت الأبجدية الأوغاريتية (الفينقية أو الکنعانية) مع سفن وقوافل التجارة لتغزو العالم القديم، وتنتشر بشکل واسع، ولتتأقلم أو تتلاءم هذه الأبجدية مع کل لغة أو لهجة لدى مختلف الشعوب. فتنوعت رسومها وأشکالها الأولى التى وضعها العرب السوريون القدماء (4). وقد کان العرب يکتبون قبل الإسلام بالخط الحيرى، نسبة إلى الحيرة، ثم سمى هذا الخط بعد الإسلام بالخط الکوفى، وهذا الخط يقال أنه فرع من الخط السريانى (6). ويرجح بعض الخطاطين أن أصل الخط العربى هو الخط النبطى (2) . وقد سميت الخطوط العربية بأسماء المدن والمراکز الإسلامية - بعد الإسلام - التى نشأت فيها؛ مثل مکة والمدينة والکوفة والبصرة. و ترجع الکتابات العربية إلى أصلين اثنين: هما التربيع والتدوير، وهما من أصول الکتابة العربية فى جاهليتها وإسلامها. وبعد أن وصلت الکتابة إلى المرحلة الأبجدية، فى أنحاء متعددة من الوطن العربى، وبخاصة فى بلاد الشام، وشمال وادى النيل، وبلاد الرافدين، بدأت تتمايز تشکيلات الخطوط والأبجديات (19).

وتنقسم الخطوط العربية إلى خطوط تراثية مثل: الکوفي، والنسخ، والثلث، والفارسي، والرقعة، والديواني، و خطوط حُره مستحدثه مثل: الخط الحر الهندسى، الخط الحر اللين، الخط الحر الذى يجمع بين الهندسى واللين. وقد جاء ترتيب حروف العربية ترتيبًا ألفبائيًا، کما هو معروف الآن، على يد نصر بن عاصم الليثي. أما قبل ذلک، فقد کان ترتيبها أبجديًا، أي: ( أبجد هوَّز حطِّي کلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ ) ( 14) .

والخطوط المتداولة حالياً تنقسم إلى :

1.  قسم شرقي .. لغات شرقية حديثة تضمنت الخط العربي والسيرياني والعبراني والحبشي والهندي والصيني، والقديم منها تضمن الخط الإسفيني والمسماري والحثي والحميري والنبطي والکوفي والسامري.

2.  قسم غربي .. لغات الشعب الأوربي واليوناني والروماني والسلافي والقوطي (الألماني)، وکلها تنحدر من الخط اليوناني القديم.

أما حروف الخط العربى فقد تم تقسيمها لقسمين :

  • ·  الأول : المعجمية وهى المنقوطة، وغير المعجمية وهى غير المنقوطة وتسمى أيضاَ بالمهملة.
  • · الثانى : نورانى وظلمانى . الحروف النورانية هى حروف فواتح الصور وتجميعها " صراط على حق نمسکه" ، أو "طرق سمعک النصيحة" والباقية ظلمانية (9).

مقدمة ..

يقول الشيخ محمد عبده : " إذا کان الرسم ضرباً من الشعر يُرى ولا يُسمع، والشعر ضرب من ضروب الرسم الذي يُسمع ولا يُرى، فالخط هو اليد الشاعره التي تُسمع وتُرى ".إنطلاقاً من هذه المقولةالبليغة للشيخ الجليل سوف يکون موضوع البحث الحالي، الذي يتناول الخط من حيث الشکل والمضمون. ذلک من خلال الدراسة التحليلية للقيم الجمالية والتشکيلية لأسلوب " الکرلمة "، وفهم الفلسفة القائم عليها هذا الأسلوب الذي يعتبر من أهم الأسباب الأساسية لإخراج الخط العربي بهذة الصورة التي أبهرت العالم، وسوف يتناول البحث أيضا کيفية الأفادة من هذا الأسلوب سواء بالشکل الظاهر فعليا او حتى من النتائج المترتبة على تطبيقة .

المنطق الجمالي للخط العربي ..

يثير الخط العربي تساؤلات عديدة کما لم يثره أي فن من الفنون، وذلک لشموله جوانب عديدة من حياة الإنسان، وميادينه مختلفة ذات تماس مباشر باحتياجاته الجمالية والوظيفية. فهو بالتالي لا يخص ذوي الشأن من الخطاطين بل تعدى ذلک إلى کونه احد أهم الفنون التي تعکس تطور الفکر الإنساني في الدراسات الانثربولوجية الحديثة(13).قال الفيلسوف الرياضي إقليدس : " الخط هندسة روحانية وإن ظهرت بآلة جسمانية ". کما نُسب إلى إبن المقفع قوله: " الخط للأمير جمال، وللغني کمال، وللفقير مال ". ويرجع السبب في الإهتمام بالخط العربي مُنذ أوائل عهده إلى کونه الفن المرئي الأول في المدينه الإسلامية بغياب التمثال والصورة. وقد إستخدم الخط العربي حروف وکلمات وجمل کعناصر تشکيلية ساهمت بالفعل ولاتزال إما في بناء اللوحة الزخرفية او لشغل الفراغ فيها.

وقد استخدم الفنانين التشکيليين الغربيين الخط العربي دون درايه بقواعده وأصوله، وکان استخدامه عندهم ذو دلالة شکلية أو رمزية تعبر عن الحرکة، أو دلالات فکرية مجردة، أو کأداء يعبر بها عن صوت ذلک الحرف، أو بتأويلات أخرى متعددة لازمة لأسلوب الفنان ونزعته الذاتية. إلا أن هذا الاستخدام بالنسبة للفن العربي کان يعني انهيار المنطق الجمالي للخط العربي، والتعامل معه کأحد عناصر اللوحة الغربية، بتقاليدها الفنية.فما هو المنطق الجمالي للخط العربي؟

مفهوم الأصالة:

يتضح مفهوم الأصالة في الفکر العربي من خلال المحافظة على تلک التقاليد المتجذرة في عمق السلوک والفکر والقيم مما يجعلها عاملاً موروثاً ومورثاً في آن واحد أي أنه ممتداً من الماضي إلى المستقبل ومروراً بالحاضر، وهذا ما يؤکده حفاظ الخط العربي على تقاليده الفنية في قواعده وأصوله وجمالياته، وکذلک حرص الخطاطين على المحافظة عليه من خلال إتقانه وتعليم قواعده إلى النشىء الجديد.

إشکالية الإبداع والإتقان:

إن صفة الإتقان أو الإخلاص أو الإجادة ذات أهمية في الفکر الإسلامي سواء في علاقته مع الخالق أو مع مجتمعه، کما أن هذه الصفة انعکست على کل ما أنتجه الفنان المسلم، وکان دليله قول المصطفى عليه السلام: (إن الله يحب أحدکم إذا عمل عملاً أن يتقنه).والإتقان غاية کبرى للفنان المسلم ومرحلة يسعى من خلالها للوصول إلى الکمال في انجازه الفني وقول الإمام الغزالي يجسد هذه الفکرة في قوله: (جمال الشيء في کماله). يسعى الخطاط طيلة حياته إلى تحقيق هذا الهدف، ولا يهدف إلى ابتداع أو إضافة شيء جديد للخط العربي. وهذا ما يجعلنا نؤکد أنه ليس بمقدور خطاط إضافة نوع جديد من الخط العربي، کما أنه ليس بإمکان خطاط حذف أحد الخطوط العربية، وکأن الخطاط يريد من خلال إتقانه التوافق التام وإرضاء الذوق الجمعي العام وليس ذوقه الفردي الخاص.

المقومات التشکيلية للخط العربي:

يتميز الخط العربِي ببنية ذات مرونة عالية، وطواعية، جعلت له مقومات تشکيلية مميزة، وهذه المقومات تشمل:

-    المد (الامتداد الرأسي)       - الحرکة

- البسط (الامتداد الأفقي)       - الشکل

- التدوير           - القابلية للتحوير

- المطاطية           - البياض

- قابلية للضغط         - شغل الفراغ

- التشابک والتداخل        - العجم

-    تعدد شکل الحرف الواحد     - التزويه(3)

وکلها سمات جعلته يرتقي ليصبح فن جميل يتميز بقدرته على مسايرة التطورات والخامات. فتشکلت علاقة وثيقة بين کل نوع من أنواعه والمواد التي يکتب بها أو عليها، فرأيناه لينًا ينساب برشاقة وغنائية، ورأيناه صلبًا متزنًا يشغل حيزه بجلال يمتد إلى ما حوله، ورأينا الصلابة واللين يتبادلان ويتناغمان فيه. وهو في کل أحواله يشدّ الناظر ويمتعه بجمالياته الخاصة ، وتجريديته المتميزة ، التي عرفها بشکل مبکر وراقٍ، مما جعل له مکانة خاصة بين الفنون التشکيلية. کما أن إمکانية کتابة الحروف العربية بشکل متصل أکثر الأحيان، أعطتها إمکانية تشکيلية مميزة، من دون أن تخرج على الهيکل الأساس لها، ولذلک کانت عملية الوصل بين الحروف المتجاورة ذات قيمة مهمة في إعطاء الکتابة العربية جمالية من نوع خاص من حيث تراصف الحروف وتراکبها وتلاصقها، کما أن المدات بين الحروف والتي يمکن التکيف بها في بعض الحروف تأخذ دوراً في إعطاء الکتابة العربية تناسقاً ورشاقة عندما تکون هذه المدات متقنة وفي مواضعها الصحيحة(15).

فلسفة الخط العربى:

إن تعلق قلب المسلم بالمطلق کان وراء حب الفنان المسلم للتجريد، حيث يجد العربى حلا للمعادلة الصعبة بين حضن العقيدة على القسط والقوام وبين الإسراف والتقييد وبين حب الفخامة والعظمة، وبها سبقت الحضارة الإسلامية الاتجاهات الفنية المعاصرة فى صرف الناس عن الملموسات. وهذا التجريد اللاتشخيصى ينسجم ومعنى التوحيد فى الفکر الإنسانى(7). ويتبع الخط العربي عموماً مبدأ اللا محاکاة، أي عدم تکرار صور الطبيعة وتقليدها، والقيم الجمالية في الخط العربي لا ترتبط بصور مادية في الحياة قابله للزوال لأنها صور مؤقتة وهي ليست مرتبطة کذلک بظروف حياتية تبدأ وتنتهي، لکنها جماليات مطلقة ممتدة في الزمان (حيث الکتابة أعلى مراحل التعبير الإنساني في الفکر المجرد). ولهذا السبب فإن الخط العربي لا يتأثر بالمتغيرات المادية وزوالها لأنه لا يستمد معاييره منها وليس تقليدا لها.کما أن المتلقي للخط العربي يستشعر أن جماله ناتج عن الإحساس بالنظام في عناصره أي الحروف وأسسها، و وحدتها وتوافقها رغم تنوعها.وقد اکتسب الفنان المسلم هذا النظام في کل عباداته وحقوقه وواجباته، وأيقن بأنه جزء من هذا النظام المتوازن القائم مع الله عز وجل ومع المجتمع، وأنه التسلسل المنطقي الذي يعتمد الفکر أساساً للجمال وتناسقه. وهذا الانتظام يجعل المتلقي يتوقع باطمئنان تسلسل العناصر والمفردات والمعاني والدلالات في الخط العربي.

ويؤکد الفيلسوف الرياضي إقليدس أن : " الخط هندسة روحانية وإن ظهرت بآلة جُسمانية "(8). فلا غرابة أن يدخل الخط العربي بعلاماته وطاقاته التعبيرية، وما تحتويه حروفه من دينامية إبداعية، وقدرة على التطور بحسب العصر والبشر والتقدم الاجتماعي والتقني. فقد استُخدمت الکتابة في قوالبها الزخرفية محل الصورة، وعکست نوعاً من القيم جمالية، ترتبط بقيم عقائدية وخلقية، کما عکست حباً واحتراماً للنظام وإيماناً بالسمو بخطوطه المتصلة التي تغلب عليها القياس والدقة، وکما استخدم الفنانون المحدثون من العرب وغيرهم الخط في لوحاتهم الفنية، حتى أصبح الحرف وحدة زخرفية بذاته يتکون من تکرارها بالإيقاع التشکيل ليخرج عملاً فنياً متزناً.

غير أن بعض الأبحاث المتخصصة في المجال أضافت لما سبق إثباتاً جديداً أنه للزخرفة والعجم دور کبير في جماليات الخط العربي، حيث تضيف إليه نوعاً من الأبهة والفخامة والقيمة الجمالية، کذلک تدريبات الکرلمة وما لها من منطق جمالي خاص أيضا تحاول الباحثة إثباته من خلال هذا البحث وتجربتة التطبيقية، يقول أبو حيان التوحيدي في رسالته في” علم الکتابة ” وهي من أقدم ما ألف بالعربية في هذا الفن: " والکاتب يحتاج إلى سبعة معان: الخط المجرد بالتحقيق، والمحلى بالتحديق، والمجمل بالتحويق، والمزين بالتخريق، والمحسن بالتشقيق، والمجاد بالتدقيق، والمميز بالتفريق ". وبعد أن يشرح کل هذه المفاهيم التشکيلية والجمالية معاً شرحاً مستفيضاً، يختم شروط الخط الجميل بشرط أساسي جامع، فيقول: " فهذه جملة کافية متى کان طبع الکاتب مؤاتياً، وفعله مواطئاً، وقريحته عذبة وطينته وطئة ")15) .

القيمة التشکيلية لعنصر النقطة في أسلوب الکرلمة:

تُعرف النقطة على أنها أصغر کم من الطاقة يمکن إدراکه منفرداً کعنصر شکلي(10). وهي وحدة فنية مستقلة بذاتها، حيث يمکن باستخدامها لإخراج عمل فني متکامل دونما الحاجة إلى استخدام أياً من العناصر الفنية الأخرى. وترجع أهمية النقطة في التصميم البصري إلى کيفية تعامل العقل البشري معها من الناحية الإدراکية، حيث أن البنية المنطقية للعقل تحتم علية التعامل مع النقطة کجزء من کل، وذلک لا ينفي الاعتراف بها کوحدة مستقلة بذاتها، بمعنى أن العقل عند استقباله لصورة نقطة واحدة على سطح محدد فإنه وبطريقة فطرية يحاول إيجاد معنى لها وذلک بربطها بصرياً بشيء آخر ليحصل على جملة بصرية مفيدة – إن جاز التعبير، فتراه يربط النقطة بحدود السطح المرسومة عليه ويعاملها کنقطة مرجعية توجيهيةPoint of Orientation  ، وإذا تکاثرت النقاط متجمعة کانت أو متناثرة، فإنها بحکم طاقتها الکامنة کفيلة بإثارة أحاسيس حرکية تأثيرها ممتد إلى ما يجاورها، حتى إنها تؤثر على الأرضية کلما تغير وضعها عليها..

  • ·   فتبدو الأرضية معلقة عندما تقيدها النقطة الموضوعة في الجزء العلوي من الأرضية.
  • ·   وتبدوا الأرضية متأرجحة غير متزنة عندما تکون النقطة في الوسط أسفل المساحة.
  • ·   وتبدو مندفعة أو منجذبة إلى جانب من جوانب المساحة عندما تترکز فيه النقطة .

 وللنقطة في الخط العربي أهمية لغوية في بداية ظهورها؛ حيث لم تکن النقط والشکل " أي الاعجام والحرکات " معروفة قبل الاسلام فکانوا يقرؤون على الوجه الصحيح حسب الفطرة والغريزة، فلما انتشر الاسلام واختلط العرب بالعجم طرأ عليهم الخطأ، أدرک المسلمون الأوائل وقتها أهمية قراءة وکتابة القرأن بشکل واضح ودقيق، لذا في بداية القرن الهجري الأول - السابع ميلادي- کان هناک الحاجة لحل لاختلاف قراءات القرآن بسبب تشابه الأحرف، وقد کانت للأبجديات النبطية والسريانية أمثلة متعددة بوجود التنقيط للتمييز بين الأحرف المتطابقة، فاحتاجوا إلى وضع علامات تقيهم من تلک الاخطاء فاخترعوا النقط والشکل، على أساس إعراب کلمات القرآن الکريم. ووضعت النقط في بادئ الأمر بمداد يخالف لون کتابة الحروف، وأول من وضع النقط في المصحف هو التابعي الجليل أبو الأسود الدؤلي من أصحاب علي رضي الله عنه، إلى أن جاء الخليل إبن أحمد الفراهيدي فوضع ضبطاً أدق من ضبط أبي الأسود فجعل النقط لإعجام الحروف، وجعل ألفاً مبطوحة فوق الحرف علامة على الفتح، وتحته علامة على الکسر، وجعل رأس واو صغيرة علامة على الضمة لإظهار الفرق بين الحروف المتشابهه شکلياً(17).

فکان لمجموع حرکة الخط العربي منطق جمالي خاص لما يتولد عنها من إشعاع موسيقي مطابق لشاعرية مرئية ساعية نحو اللا مرئي، بحسب أسلوب تناول الحروف، يضاف إلى ذلک الغنى الذي يمکن أن يضيفه العجم والتشکيل والزخرفة الملحقان بالحروف، فعلامات الفتح والکسر والضم والسکون والتنوين والمد والإدغام والشد کلها عناصر تزينية زخرفية لا غنى عنها لإتمام التناسق، وملء الفراغات، خاصةً في خطوط النسخي والثلث والديواني والجلي. وکل الدلالات التي اشرنا إليها من مظهر جذاب وتوازن وإتقان وقيم تجريدية وجمالية تزداد عُمقا وجمالا بظهور نقط ميزان الکرلمة کإضافة تشکيلية تجعل الفنان الذي أتقن سر الجمال والحرفة أن يعيد ترتيب عناصره وقيمه الفنية ليمنح لوحات الخط العربي بعداَ يضيف آفاقاً جديدة تستقرئ الجمال وتتمعن فيه.

ثانياً: الإطار التطبيقي

تم ابتکار إثنا عشر تصميما للوحات زخرفية ، وتم اعداد استبانة من قبل الباحثة تحتوى على بنود تقييم لتلک التصميمات للحکم على مدى صلاحيتها. وتم استطلاع رأى عدد من الخبراء فى مجال التصميم للحکم على مدى صلاحية بنود التحکيم المقترحة لتقييم التصميمات. وقد أجمع المحکمون على أن تلک البنود کافية للحکم على صلاحية التصميمات جمالياَ ووظيفياَ، وبذلک يکون الاستبيان قد خضع لصدق المحتوى .وتضمنت بنود استطلاع الرأى الآتى:

اولا المحور الجمالى:

1.   مدى تحقق الاتزان

2.   مدى تحقق الايقاع.

3.   مدى تحقق الوحدة ( التناسق)

ثانياَ المحور الوظيفى:

1.  مدى ملاءمة الألوان للوظيفة المقترحة

2.  مدى ملاءمة الوحدات للوظيفة المقرحة

3.  مدى ملاءمة التصميم للوحة الزخرفية

وتلى ذلک تحکيم التصميمات وفق البنود السابقة من خلال درجات بحيث تمثل الدرجة (1) أدنى درجة و (10) أقصى درجة

الجانب الإحصائى:

أولاَ المحور الجمالى :

الفرض (1) : تحقق التصميمات المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى درجة قبول ونجاح في ضوء تقييم المتخصصين للمحور الأول من محاور التقييم (المحور الجمالى).

قامت الباحثة بتقييم التصميمات المقترحة لإثراء اللوحات الزخرفية فى ضوء بنود التقييم وفقا لآراء المتخصصين، و يوضح الجدول التالى مجموع تقييمات المتخصصين للمحور الأول من محاور التقييم (المحور الجمالي) للمعالجات التصميمية للوحات الزخرفية المستلهمة من الکرلمة .

 

جدول (1) مجموع تقييمات المتخصصين للمحور الأول من محاور التقييم (المحور الجمالي) للمعالجات التصميمية للوحات الزخرفية المستلهمة من الکرلمة

التصميم

(1)

(2)

(3)

(4)

(5)

(6)

(7)

(8)

(9)

(10)

(11)

(12)

مدى تحقق الاتزان

30

30

27

27

28

30

29

30

28

30

30

30

مدى تحقق الايقاع

30

30

27

26

29

30

30

30

30

30

30

30

مدى تحقق الوحدة (التناسق)

30

29

28

26

29

30

30

29

30

30

30

30

مجموع تقييمات المحکمين (ککل)

90

89

82

79

86

90

89

89

88

89

90

90

تقييم الجودة

100

98.89

91.11

87.77

95.55

100

98.89

98.89

97.78

98.89

100

100

  • ·  ويوضح الجدول رقم (1)مجموع تقييمات المتخصصين للمحور الأول من محاور التقييم (المحور الجمالي) للمعالجات التصميمية للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى، وتشير النتائج إلي أن تصميمات اللوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى تحقق درجة قبول ونجاح في ضوء متوسطات تقييم المتخصصين للمحور الأول من محاور التقييم (المحور الجمالي)، حيث تراوح تقييم الجودة ما بين (100% وذلک بالنسبة للتصميمات (1، 6، 11،12) ، 87.77% وذلک بالنسبة للتصميم (4) مما يؤکد علي أن جميع التصميمات المنفذة قد روعي فيها أثناء عملية التنفيذ الاتزان، و الايقاع، و الوحدة (التناسق) . وبالتالي يمکن للباحثة قبول الفرض الأول من فروض البحث والذي ينص علي " تحقق التصميمات المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى درجة قبول ونجاح في ضوء متوسطات تقييم المتخصصين للمحور الأول من محاور التقييم (المحور الجمالي).

ثانياً: المحور الوظيفي.

الفرض (2): تحقق التصميمات المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى درجة قبول ونجاح في ضوء تقييم المتخصصين للمحور الثاني من محاور التقييم (المحور الوظيفي). ويوضح الجدول رقم (2) مجموع تقييمات المتخصصين للمحور الثاني من محاور التقييم (المحور الوظيفيى) للمعالجات التصميمية المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى.

جدول (2) مجموع تقييمات المتخصصين للمحور الثاني من محاور التقييم (المحور الوظيفيى ) للمعالجات التصميمية المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى

التصميم

(1)

(2)

(3)

(4)

(5)

(6)

(7)

(8)

(9)

(10)

(11)

(12)

مدى ملاءمة الالوان للوظيفة المقترحة

29

29

27

26

28

30

30

29

29

29

30

30

مدى ملاءمة الوحدات المستخدمة

30

30

27

26

20

30

30

30

29

30

30

30

مدى ملاءمة التصميم لللوحة الزخرفية

30

30

27

26

30

30

30

30

30

30

30

30

مجموع تقييمات المحکمين (ککل)

89

89

81

78

78

90

90

89

88

89

90

90

تقييم الجودة

98.89

98.89

90.0

86.66

86.89

100

100

98.89

97.77

98.89

100

100

  • يوضح الجدول رقم (2) مجموع تقييمات المتخصصين للمحور الثاني من محاور التقييم (المحور الوظيفيى) للمعالجات التصميمية المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى ،وتشير نتائج الجدول إلي أن التصميمات المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى تحقق درجة قبول ونجاح في ضوء متوسطات تقييم المتخصصين للمحور الثاني من محاور التقييم (المحور الوظيفي)، حيث تراوح تقييم الجودة ما بين (100% وذلک بالنسبة للتصميمات (6، 7، 11،12)، 86.66% وذلک بالنسبة للتصميم (3،5) مما يؤکد علي أن جميع التصميمات المنفذة قد روعي فيها أثناء عملية التنفيذ : ملاءمة الألوان ، و الوحدات المستخدمة للوظيفة المقترحة ، وکذلک ملاءمة التصميم للوحة الزخرفية. وبالتالي يمکن للباحثة قبول الفرض الثاني من فروض البحث والذي ينص علي " تحقق التصميمات المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى، درجة قبول ونجاح في ضوء متوسطات تقييم المتخصصين للمحور الثاني من محاور التقييم (المحور الوظيفي).

ثالثاَ: محاور التقييم (ککل)

 الفرض (3): تحقق التصميمات المبتکرة لللوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى درجة قبول ونجاح في ضوء تقييم المتخصصين لمحاور التقييم (ککل)، ويوضح الجدول رقم (3) مجموع تقييمات المتخصصين محاور التقييم (ککل) للمعالجات التصميمية المبتکرة لللوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى.

جدول (3) مجموع تقييمات المتخصصين محاور التقييم (ککل) للمعالجات التصميمية المبتکرة لللوحات الزخرفية المستلهمة من الکرلمة

التصميمات

المحور الجمالي

المحور الوظيفي

(ککل)

الترتيب

المجموع

تقييم الجودة

المجموع

تقييم الجودة

مجموع التقييمات

تقييم الجودة

1

90

100

89

98.89

179

99.44

2

2

89

98.89

89

98.89

178

98.89

3

3

82

91.11

81

90.0

163

90.56

6

4

79

87.77

78

86.66

157

87.22

7

5

86

95.55

78

86.66

164

91.11

5

6

90

100.00

90

100.00

180

100.00

1

7

89

98.89

90

100.0

179

99.44

2

8

89

98.89

89

98.89

178

98.89

3

9

88

97.78

88

97.77

176

97.78

4

10

89

98.89

89

98.89

178

98.89

3

11

90

100.00

90

100

177

100

1

12

90

100.00

90

100

177

100

1

  • وتشير نتائج الجدول رقم (3)إلي أن التصميمات المبتکرة لللوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى تحقق درجة قبول ونجاح في ضوء متوسطات تقييم المتخصصين
    لمحاور التقييم (ککل)، حيث تراوح تقييم الجودة ما بين (100% ) وذلک بالنسبة للتصميمات
    (6 ، 11، 12) ، ( 87.22% ) وذلک بالنسبة للتصميم (4) مما يؤکد علي أن جميع التصميمات المنفذة قد روعي فيها أثناء عملية التصميم بنود المحورين الجمالي، و الوظيفي . وبالتالي يمکن للباحثة قبول الفرض الثالث من فروض البحث والذي ينص علي " تحقق التصميمات المبتکرة لللوحات الزخرفية المستلهمة من کرلمة الخط العربى درجة قبول ونجاح في ضوء تقييم المتخصصين لمحاور التقييم (ککل). ويوضح شکل رقم (1) رسم بيانى لمتوسطات تقييمات المتخصصين للتصميمات المبتکرة للوحات الزخرفية المستلهمة من الکرلمة.

 

شکل رقم (1) رسم بيانى لمتوسطات تقييمات المتخصصين  للتصميمات المبتکرة

للوحات الزخرفية المستلهمة من الکرلمة

 

التصميم الأول

 الأبعاد 50×50 سم

 

التصميم الثانى

الأبعاد 50×50 سم

 

التصميم الثالث

الأبعاد 50×50 سم

 

 

التصميم الرابع

الأبعاد 50×50 سم

 

التصميم الخامس

الأبعاد 50×50 سم

 

 

التصميم السادس

الأبعاد 50×50 سم

 

التصميم السابع

الأبعاد 50×50 سم

 

 

التصميم الثامن

الأبعاد 50×50 سم

 

التصميم التاسع

الأبعاد 50×50 سم

 

 

التصميم العاشر

الأبعاد 50×50 سم

 

التصميم الحادى عشر

الأبعاد 50×50 سم

 

 

التصميم الثانى عشر

الأبعاد 50×50 سم

التحليل الفنى:

  • ·   التصميم الأول :

اعتمد بناء التصميم على استخدام الکرملة لبعض الحروف العربية، بمقاسات وتدريجات لونية متعددة، مع استخدام حرف الحاء فى الجانب الأيسر من اللوحة بمقاسات متدرجة ومتداخلة . وقد تم استخدام ألوان متباينة ساخنة وباردة بتدريجات لونية متعددة، مما حقق تناغماَ وانسجاماَ، مع الاتزان الناتج عن تعادل القوى المتضادة.

الألوان : تم استخدام (5) ألوان بتدريجات متعددة هى : الأصفر ، والأحمر، والأخضر والأزرق ، والبنفسجى.

  • ·   التصميم الثانى :

اعتمد بناء التصميم على استخدام الکرملة لبعض حروف وکلمات ، بمقاسات وتدريجات لونية داکنة متعددة ،حققت أيقاعاَ متميزاَ، وتم تقاطعها مع حرف الکاف فى أعلى التصميم مع حرف الام ألف فى أسفل التصميم بلون فاتح، مما حقق تناغماَ ، ووحدة التصميم، وأدى تعادل القوى المتضادة إلى تحقيق الإتزان .

الألوان :تم استخدام (3) ألوان بتدريجات متعددة هى: الأصفر، والبنى، والرمادى.

  • ·   التصميم الثالث :

اعتمد بناء التصميم على استخدام الکرملة مع مجموعة من الحروف المتشابکة والکلمات التى ترکزت فى أسفل التصميم ، ثم بدأت تقل کثافتها بالتدريج من منتصف التصميم إلى الجزء العلوى حيث اتصلت فى أعلى التصميم بمجموعة من الأحرف بحجم أکبر،مما حقق اتزان التصميم ، وأدى استخدام اللوان الباردة والساخنة إلى تحقيق ايقاعاَ متناغماَ.

الألوان : تم استخدام (3) ألوان بتدريجات متعددة هى : الأصفر ، والأحمر ، والأزرق.

  • ·   التصميم الرابع :

تم بناء التصميم على توزيع الکرملة لبعض الحروف العربية ( الواو، والهاء، والحاء، والعين، واللف، والنون) بنسب ومعدلات وتدريجات لونية متعددة، مما حقق تناغماَ ووحدة التصميم. وتم توزيع الکتل اللونية بتعادل مما حقق الاتزان.

الألوان : تم استخدام (3) ألوان بتدريجات متعددة هى: الأصفر، والأخضر، والبنفسجى.

  • ·   التصميم الخامس :

بنى التصميم على اســـتخدام الکرملة بألوان فاتحة فى الخلفية ، وتقاطعها مع الآيــــة الکريمة "ولقد کرمنا بنى آدم وفضلناهم على کثير ممن خلقنا ". وقد کتبت کلماتها بمقاسات مختلفة، مما حقق تناغماَ. کما تم استخدام أرضية فاتحة مع الحروف والکلمات بالألوان الداکنة فظهرت الآية الکريمة وکأنها تتقدم للأمام. وقد أدى ترابط الأشکال وتناسبها مع بعضها البعض إلى وحدة الشکل والاتزان.

الألوان : تم استخدام (3) ألوان بتدريجات متعددة هى: الأصفر، والبنفسجى، والأسود.

  • ·   التصميم السادس :

اعتمد بناء التصميم على استخدام الکرملة فى الخلفية وقد تم توزيع کلماتها بشکل دائرى حول بؤرة التصميم ، مما يوجه البصر نحو مرکز التصميم. وتم تقاطعها مع الآيــــة الکريمة "ولقد کرمنا بنى آدم وفضلناهم على کثير ممن خلقنا " والتى کتبت کلماتها بمقاسات مختلفة، مما حقق تناغماَ، ووحدة التصميم. وأدى تعادل الکتل إلى الإتزان.

الألوان : تم استخدام (3) ألوان بتدريجات متعددة هى: الأصفر، والأحمر، والأسود.

  • ·   التصميم السابع:

اعتمد بناء التصميم على استخدام الکرملة بنسب ومعدلات وألوان بتدريجات متعددة، مع أقواس ( تتجمع فى منتصف التصميم) ، مما حقق تناغماَ. وقد أدى التنوع فى اشکال المساحات وتوزيع الحروف بالألوان الساخنة والباردة إلى تحقيق الإيقاع ووحدة عناصر التصميم، مع تحقيق الإتزان المطلوب.

الألوان: تم استخدام (3) ألوان بتدريجات متعددة هى: الأصفر، والأخضر، والبنفسجى.

  • ·   التصميم الثامن :

بنى التصميم على اســـتخدام الکرملة لمجموعة من الکلمات العربية والحروف فى اتجاهات مختلفة، مع عمل تکرارات متعددة لها، مما تقاطعها مع أقواس تم تلوينها بحيث تحقق تجسيماَ ايهامياَ، وتتجمع عند مرکز التصميم، مما يوجه البصر نحو بؤرة التصميم. مما حقق ايقاعاَ متناغما ووحدة التصميم، مع الإتزان.

الألوان : تم استخدام (2) لون بتدريجات متعددة هى: والبنفسجى، والأسود.

  • ·   التصميم التاسع :

اعتمد بناء التصميم على استخدام الکرملة لبعض الحروف والکلمات بنسب ومعدلات وتدريجات لونية متعددة، وذلک فى شکل دائرى مع عمل ملامس فى الخلفية من النقاط المستخدمة فى الکرملة، بمعدلات متفاوتة تزداد کثافتها من أسفل إلى أعلى، مما حقق تناغماَ واتزاناَ مع وحدة التصميم.

الألوان : تم استخدام (2) لون بتدريجات متعددة هى: الأحمر، والبنى.

  • ·   التصميم العاشر :

بنى التصميم على اســـتخدام الکرملة لبعض الحروف العربية ( ص ، ن ، ط ،ع ، د ، م ،ح ،هــ ) فى اتجاهات مختلفة، وبنسب ومعدلات وتدريجات لونية متعددة ، مع عمل تکرارات متعددة لها، مما نتج عه مساحات لونية ذات ملامس مميزة، ووحدة التصميم. وأدى تعادل الکتل إلى تحقيق الإتزان، کما أظهرت الخلفية الداکنة عناصر التصميم وحققت تبايناَ وتناغماَ.

الألوان : تم استخدام (5) ألوان بتدريجات متعددة هى: الأصفر، والأحمر، والأزرق، والبنفسجى، والبنى.

  • ·   التصميم الحادى عشر :

اعتمد بناء التصميم على استخدام الکرملة لبعض الحروف فى بؤرة التصميم، مع عمل تکرارات وتقاطعات لها مع خلفية بنفس الأحرف بمقاسات کبيرة، مما نتج عنه مساحات لونية بتريجات متعددة، مما حقق تناغم العناصر ووحدة التصميم مع تحقيق الاتزان.

الألوان : تم استخدام (5) ألوان بتدريجات متعددة هى: الأصفر، والأحمر، والأخضر، والبنى والأسود.

  • ·   التصميم الثانى عشر:

بُنى التصميم على استخدام کرملة لبعض الحروف العربية بنسب ومعدلات وتدريجات لونية متعددة فى اتجاه أفقى ومتجاورة، مع نقاطعها مع مساحات هندسية من المربعات والمستطيلات التى تحوى بداخلها دوائر ومربعات صغيرة بتدرجات لونية متعددة، مما حقق إيقاعاَ متناغماَ ووحدة التصميم. کما أدى استخدام الألوان الباردة والساخنة إلى تحقيق التناسق والاتزان المطلوب.

الألوان : تم استخدام (5) ألوان بتدريجات متعددة هى: الأصفر، والأحمر، والأخضر والأزرق، والأسود.

 

النتائج

1. من خلال الاحصاء تم التأکد من فرض البحث حيث ثبت أن الکرلمة تتميز بقيم تشکيلية وجمالية فريدة، يمکن الاستفادة منها فى ابتکار تصميمات معاصرة تسهم فى إثراء اللوحة الزخرفية.

2.  تم ابتکار (12) تصميما زخرفيا بالاستفادة من الامکانات التشکيلية والجمالية الهائلة للکرلمة.

3.  الخط العربى عامة يمثل کنزا فنيا ورابطا ثقافيا قويا بين بلدان العالم .

4.  يسهم الحاسب الآلى بشکل کبير فى اثراء العملية الابتکارية.

التوصيات:

1.  ضرورة الاهتمام باستحداث رؤى فنية معاصرة للخط العربى عامة والکرلمة خاصة ، لتأکيد الهوية ونشر ثقافة الخط العربى.

2.  ضرورة تدريس الخط العربى فى کليات التربية عامة وکليات التربية الفنية خاصة .

3.  الاهتمام بإقامة مسابقات ومعارض محلية ودولية بصورة دورية للخط العربى فى جميع مجالات الفنون التشکيلية عامة وفى مجال طباعة المنسوجات خاصة.

المراجع ..
1.    أحمد شوحـــان (2001م) : " رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث "،اتحاد الکتّاب العرب، دمشق، ص49، 54.
2.    جمعة ، إبراهيم (1986م) : "دراسة فى تطور الکتابات الکوفية"، دار الفکر العربى ، القاهرة، ص122.
3.حسـن حسـن حسـن طه (2002م) : " قابلية التحوير کخاصية فنية للخط العربي کمدخل لإثراء التصميمات الزخرفية " ، رسالة ماجستير، کلية التربية الفنية، جامعة حلوان. 
4.    سمارة ، يوسف (1986م) : " قصة الأبجدية "، مجلة سورية السياحية، العدد 5 ، سوريا، ص16.
5.    صلاح الدين المنجد (1979م): " دراسات في تاريخ الخط العربي "، دار الکتاب الجديد، بيروت، ط2، ص12.
6.    عبدالظاهر،حسين (1983م) : " المصحف الشريف من الکتابة على جريد النخل إلى فن التذهيب "، مجلة الدوحة، العدد 85 قطر، ص4.
7.    محمد، مصطفى عبد الرحيم (1997م) : " ظاهرة التکرار فى الفنون الاسلامية " ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة.
8.    محمد طاهر عبد القادر الکردي المکي(1939م): " تاريخ الخط العربي وآدابهط1، المطبعة التجارية الحديثة بالسکاکيني، ص3،7،8،20،22.
9.    محمد، مصطفى عبد الرحيم (1999م) : " فنانون خطاطون "، الهيئة المصرية العامة للکتاب، القاهرة، ص52.
10.يــاسر ســهيل (2012م) : " التصميم في مجالات الفنون التطبيقية والعمارة "، دار الکتاب الحديث،ط2، ص127.
 
المواقع الإلکترونية ..
11.إياد الحسيني : " الحروفية.. قراءة جديدة في الخط العربي " ، المصدر :
12.Ancient Egyptian scripts المصدر:
13.Paul D. Younan "History of Aramaic ", 06/01/2000  المصدر:
14.إياد الحسيني : " إختلاف المنطق الجمالي بين الخط العربي واللوحة الغربية ", 28 / 8 / 2013م، المصدر :
15.جبران جمول : " لمحة عن الأبجديات "، 30 / 1 / 2010م، المصدر :
16.              برکات محمد مراد : " عبقرية الخط الحروف العربية بين الرمز اللغوي والتشکيل الجمالي "، 20 / 11 / 2014م، المصدر :
17.Birmingham Quran manuscript.jpg  المصدر :
18.محمد طاهر الکردي : النقط والشکل ضفة النحو والصرف، " تاريخ القرآن الکريم ", المصدر :
http://www.dhifaaf.com/vb/showthread.php?t=10253
19.إياد الحسينى (2013م) : " الحروفية قراءة جديدة في الخط العربى " ، المصدر
20.سليمان بن محمد الجريش (2014م) : " رحلة الخط العربى " ، المصدر
21.حسان أبو عفش (2014م) : " عبقرية الخط الحروف العربية بين الرمز اللغوى والتشکيل الجمالى "، المصدر: