التجريد في الفن المصرى القديم والاستفادة منه في المعالجات الجدارية والداخلية

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 المعيدة بقسم الزخرفه بکلية الفنون التطبيقية جامعة دمياط

2 استاذ التصميم بکلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان

3 مدرس دکتور بکلية الفنون التطبيقية جامعة دمياط

المستخلص

الملخص :
نجح الفنان المصري القديم من خلال  استخدامه للأبجدية الفنية من خط ولون ومساحة وأشکال هندسية وأخري عضوية في جعل رموزه تحمل اکبر المعاني من خلال تشکيل تصميمي مجرد ، فالرمز في الفن المصري ليس غاية في حد ذاته وانما هو مستمد من اختيار الأشکال المختلفة  التي لا تمثل ذاتها وانما لتکون اشارات وايماءات الي مدلولات  اعمق و أوسع وهو ما تکشف عنه الآثار والنقوش الجدارية التي ترکها القدماء المصريون علي جدران معابدهم وقبورهم . و للفن المصري القديم أهمية في الحفاظ علي الهوية عند استخدامه من قبل المصممين لما لرموز الفن المصري القديم من وحدات زخرفيه او خطوط او تراکيب شکليه تساعد على امداد المصمم بعناصر کثيرة يمکن استنباطها في التصميم المعاصر وتحقيق التکامل الحضاري والتواصل الفکري ما بين الماضي والحاضر لتحقيق الاصالة والمعاصرة القائمة على دراسة بنائية  الفن المصري القديم لاستنباط اشکال وحدات وعناصر معاصرة تصلح لاستخدامها  في التصميم الداخلي  للمکان .
ففي هذه الورقة البحثية ستلقي الباحثة الضوء علي مفهوم التجريد وفلسفته في الفن المصري القديم واستخدامه وتناوله في بنائية بعض الزخارف المصرية القديمة .
 ومن هنا تأتى اهمية البحث في دراسة المعايير التي ترتبط بالعناصر والقوانين والأسس البنائية لبعض الأشکال والزخارف القائم عليها هذا الفن کونها نبعا لمن اراد أن ينهل منه وکفيلة بإلهام الکثير من الفنانين في عصرنا الحاضر ومحرک لملکات الخيال والإبداع الکامنة لدي الباحثة مستفيدة من تجريد بعض مفردات وعناصر الفن المصري القديم في إضفاء سمه تراثية علي المعالجات الجدارية والداخلية التي تصلح داخل المنشآت السياحية .  
يهدف البحث الي القاء الضوء علي فلسفة التجريد في الفن المصري القديم والاستفادة منه في اضفاء سمه جمالية في مجال التنسيق البيئي کمحاولة لاستخلاص منطق تطوري للتراث المصري القديم .
وتتمثل اشکاليه هذا البحث في محاولة الوصول الى التجريد الذى ينبع من مضمونا جوهريا وليس تجريد ظاهري يعبر عنه بالشکل الخارجي يحمل سمات الاصالة والمعاصرة مع الدراسة والتطبيق في مجال التنسيق البيئي . ويختتم البحث ببعض تصميمات الباحث مستفيدا من تجريد بعض مفردات وعناصر الفن المصري القديم في إضفاء سمه تراثية علي المعالجات الجدارية والداخلية التي تصلح داخل المنشآت السياحية.

الموضوعات الرئيسية


مفهوم التجريد [1]:

يقصد بالتجريد في الفن والتصميم ابتعاد الفنان عن تمثيل الطبيعة في أشکاله واتجاهاته ؛ واستخلاص الجوهر من الشکل الطبيعي ؛ وعرضه فى شکل جديد بهدف الحصول على نتائج فنية عن طريق الشکل والخط واللون ، فتحل بذلک الفکرة المعنوية او المضمون محل الصورة العضوية او الشکل الطبيعي حتى وإن بدت غامضة حيث التحول من الخصائص الجزئية إلى الصفات الکلية ومن الفردية إلى التعميم المطلق  .وسواء أکان التجريد هندسيا شاملا أو جزئيا بتبسيط الأقواس والمنحنيات أي تجريدا کاملا أو نصف تجريدي فإنه يعطى الإيحاء بمضمون الفکرة التي يقوم عليها العمل الفني ؛ و التي تعبر عن الهدف الذى يسعى إليه الفنان والمصمم من التجريد والذى يختلف تبعا لاختلاف مجالات استخدامه ، فالتجريد متوفر في کثير من الأعمال الفنية کما يتوفر في الجوانب العلمية والعملية والفارق بين التجريد في الفن والتجريد في العلم إنما ينحصر في نوع الاهتمام وطبيعة الهدف الذى يرمى إليه کل منهما ."التجريد في مفهومه العام هو رفض  للتمثيل الصوري والتقيد بالواقع المرئي الذي أصبح من الضروري الابتعاد عنه او السيطرة عليه بواسطه اشارات تدل علي الشيء ولا تشبهه , ليعبر الفنان بمفهوم جديد عن الإنسان وعلاقته بالعالم مما يجعله يتخلى عن الأبعاد الخطية التي تحدد للمشاهد نقطة رؤية ثابتة ,فقد اعتمدت الأعمال الفنية التجريدية علي العلاقات الفنية بين الألوان المتناسبة والفراغات الناشئة من استعمال الخطوط والألوان والمساحات في تنظيم يوحي بالدلالة الرمزية "[2].

فلسفة التجريد في الفن المصري القديم :

يعد التجريد من اهم الملامح والأنماط المميزة الموجودة في الفن المصري القديم حيث اتباعه طريقة فنية مغايرة لما هو سائر في الحضارات السابقة حيث التفاعل مع الأشکال المستوحاة من الطبيعة بنمط زخرفي مرتب ومنمق فأستطاع من خلال التجريد ابتکار رموزه الخاصة بضوابط هندسية مرئية .

فاتجه الفنان المصري القديم في النمط التجريدي الي اللعب بالمساحات مع الاحتفاظ بالجوهر بشل تستريح العين للأشکال الإيقاعية المتنوعة المنتجة لهذا النمط فکثيرا ما يبدأ الفنان بموضوع الطبيعة اثناء عملية الإبداع وتنتهي إلي أشکال لا يسهل التعرف عليها ومن أوضح الأمثلة علي ذلک سلسلة ظهر اوزوريس وانشوطة ايزيس وتميمة توت عنخ آمون .

 

هذا النوع من الرموز ذو رمزية تجريدية لا تتقيد بالواقع وما يحيط به من ظروف طبيعية وصفية ولکن ما يحدث أنه يبسط الشکل بحيث لا يفقد ارتباطه بالشکل الأصلي فهذا النمط لا يهمل المظاهر الطبيعية وفي نفس الوقت لا يتجه اتجاه تجريدي خالص ويعتبر النمط التجريدي الأکثر شيوعا في التمائم المصرية ومن أکثر الأمثلة توضيحا لهذا النمط تميمة العين المصرية القديمة فعملية تجريد العين من الجسم وتحميلها معان جديدة وکيان جديد هو في حد ذاته رمزية وهناک العديد من الرموز المعبرة عن العين المصرية القديمة تختلف کل منها عن الأخرى في التشکيل ولکنها مرتبطة بالشکل الأصلي للعين مع بعض التجريد الرمزي فتلاحظ الاختلاف في الفکر التجريدي عند الفنان الغربي حيث يدور التجريد حول ذاته وفلسفته التي قوامها أن الإنسان هو مرکز کل شيء فجاء تجريده نسبيا لا يتضمن قوانين عامة بل يختلف حسب رؤية کل فنان ويعد ذلک مخالف لفلسفة التجريد في الفن المصري القديم المستمد من واقعية أساسها البصيرة .

" حيث اتجه الفنان الي التجريد هروبا من قسوة الطبيعة وما يعانيه من ضراوة البيئة المتسلطة .فکانت الرسوم علي جدران البيوت والقصور والمقابر ,تجذب بحيويتها اقصي اهتمام نحوها بمشاهدها التي تصور  الحياة اليومية ساطعة ألوانها تقطعها حشوات وحواف  تجمع انسجام بين النزعتين الواقعية والزخرفية بما يتلاءم تماما مع التصوير الحائطي الذي يتحول فيه التمثيلي لي رمز تجريدي [3]. فقد تمثلت الأساليب التجريدية التي عني بها التراث المصري القديم في العديد من المداخل:

الجمع بين زاويتين في تحليل الوجه والجسد وتغير الأشکال لتصبح أکثر تمثيلا .

 

 

 

 

استخدم الزخارف الهندسية في زخرفة المقابر المصرية القديمة , سواء علي هيئة زخارف هندسية محورة من اشکال نباتية او علي هيئة مفروکه هندسية .

کان الفنان المصري يرسم عناصر صوره ورسومه تعبيرا عن انطباعاته عن هذه الأشکال وليس تقليدا حرفيا لأشکالها الطبيعية أي أنه يرسم عناصر صوره و رسومه کما يعرفها العقل وليس کما تراها العين فقد کان يرسم الطيور في وضع جانبي والجناحان کما لو کان الطائر بالمواجهة .لم يتقيد بقواعد المنظور بل رسم الشخصيات الهامة والرئيسية کشخصية أکبر من غيرها حيث تحتل مرکز السيادة في العمل لتأکد أهميتها وهذا يؤکد قدرة الفنان المصري علي التحکم في نظام تصميماته بحيث تتفق والموضوع الذي يعبر عنه .

 

 

 

 

 

 

 

تميز اسلوبه بتقسيم اللوحات الجدارية الي مساحات افقية متوازية تفصلها اشرطة ضيقة , تعمل علي تقسيم اللوحة الي عدة لوحات او مساحات حيث تسجل عليها المشاهد والمناظر المراد تسجيلها ويتضح ذلک في طريقة الکتابة المصرية القديمة التي تقوم علي تقسيم المساحات ايضا والتي بدت کتبسيط لأشکال معروفة وسرعان ما تطورت حتي استقلت  عن الأشکال الطبيعية المستوحاة منها.

فقد اثرت الحضارة المصرية القديمة  بما لها من سحر أخاذ علي فناني المدرسة التجريدية  الحديثة والذين اتاحت لهم کتابات علماء الحملة الفرنسية عن هذه الحضارات والرحلات العلمية الأثرية  التي قام بها علماء الآثار والفنانون لمصر في العصر الحديث  التعرف علي القيم التجريدية في الحضارة المصرية القديمة .

رمزية الزخارف المصرية القديمة :-

  • النقطة :

تشکل النقطة ابسط صورة للوحدة الزخرفية ويمکن تشکيلها هندسيا لتعطي تعبير رائع کدوائر أو مربعات  او مضلعات صغيرة وکلما تنوعت النقطة من حيث الشکل  أو اللون تعطب تأثيرا أفضل وتستخدم النقطة في أغراض زخرفية مختلفة مثل زخرفة المساحات والإطارات والمنسوجات وغيرها.

 

  • الخط

تتضح سمات التشکيلات الخطية في المظاهر الآتية :

- محددات وسطية : تستخدم في تشکيل وتقسيم المسطح الرأسي لمجموعة من المساحات الشريطية توجد علي امتداد ارتفاعات جلسات النوافذ  والأبواب .

- محددات سفلية : توجد اسفل الحوائط وتصنع من الطين المخلوط بالرمل  فالفنان المصري القديم اختص بالعديد من الحلول التشکيلية سواء في معالجة اشکال والوان العناصر علي اختلافها وتوزيعها علي الجدران  في تصميم الحيز المعماري  فتوضح مدي الارتباط بين مدلول العناصر التشکيلية  والقيم الجمالية التي تبناها الفن المصري القديم .

-الخط المنحني : يجمع بين القوة والجمال يوجد في الأشکال الانسيابية کجسم إنسان بينما الخط المنحني المنعکس  يسمي خط هوجارت او خط الجمال ويستخدم بکثرة في التکوين الزخرفي  .فالخطوط هي الدليل الذي يقود العين الي مرکز الانتباه في الصورة فهي الهيکل البنائي الذي يحمل فکرة العمل الفني ربما لا يکون ذلک واضحا في الطبيعة  بنفس الشکل في التصميمات ذات الحدود الخارجية .

 

  • المسار الرأسي :

يصنع الاعمدة ونقاط الارتکاز والعديد من الفتحات ذات الأغراض الوظيفية  فالتکوينات القائمة علي خط رأسي مستقيم قوية جدا في حسها الحرکي  حيث يمکن بسهوله توجه عين المتابع خارج الصورة وتقابل الأفي مع الرأسي يوحي باتزان القوي الديناميکية  التي تجري في الاتجاهين ويرتبط ذلک بالخبرة الإنسانية عن طبيعة العلاقة بين الکائنات والنباتات علي سطح الأرض .

  • المسار الأفقي :

تتضح مفردات وعناصر التصميم داخل الفراغ في تشکيل مواز لخط الأرض واستخدام الحرکة الأفقية من شأنه إظهار الهدوء والسکينة والراحة .

  • الاتجاه الدائري :

قائمة بذاتها والاتجاه الدائري تشکيليا يمتاز بالاستقلال وتواليها يحدث احساس بالدينامية والحيوية

 

 

ويعد التجريد في الفن المصري القديم " فن وابداع وجمال " فيعد فنا لأنه کاشف عن حقائق التاريخ ويعد ابداع لأنه نتاج عقل ابداعي متطور من خلال عقل ابداعي يسير مع الزمان ويعد جمالا حيث يعمل علي تجميل الأسطح والفراغات الداخلية والخارجية .

بتحليل الزخارف الموجودة في الفن المصري القديم  ندرک بأنها لم تکن عشوائية وناتجه من خيال الفنان وانفعالاته الفردية  بل هي زخارف ظاهرها جماي وباطنها تعبدي تحمل معاني رمزية تؤدي وظيفتها في المکان الذي توجد فيه .

عناصر الزخرفة المصرية القديمة :-

 يمکن تصنيفها إلي قسمين :

1-الوحدات الزخرفية الهندسية    2- الوحدات الزخرفية الطبيعية

اولا الوحدات الزخرفية الهندسية :

يعد الفنان المصري القديم من أبرع الفنانين في ابتکار وحداته الهندسية التي استطاع أن يشکل منها ثراء الحلول والتنظيمات المتجددة والتي لم تستخدم لغرض الزخرفة فقط بل هي تحمل دلالات رمزية منبثقة إما عن ترجمة الفنان الحسية للطبيعة او تجسيد لمتطلبات الحياة الدينية فبناء العمل الفني بمعطيات الأشکال الهندسية المسطحة والمجسمة مثل المربع والمثلث والدائرة أو المکعب والکرة والهرم  خلال هيئات ونظم هندسية ادي الي تنوع غير محدود للإبداع يستخدم في تزيين الأشرطة والإطارات والأواني والمشغولات المتعددة کما أن هناک علاقة مباشرة بين البيئة واتجاه الفنان الهندسي اذ ان من اليسير التحقق من هذا الاتجاه في الأشکال التي أصبحت أشبه بالمخططات الهندسية وکذلک من تزايد المتوازيات الرأسية والأفقية ومن ميل الفنان الي التکرار الحرفي للأشکال نفسها .

  • ·  الأشکال الهندسية المنحنية :

يتميز هذا النوع من الأشکال بحدوده المحدبة مما يزيد من حرکاتها ويجعلها دائما في حالة حرکة وعدم ثبات ويظهر ذلک في فلسفة العمارة نلمحه في مجموعة الملک ساحو رع ثاني ملوک الأسرة الخامسة من الدولة القديمة ويبدو ذلک في إقامة الأعمدة علي هيئة سيقان الأزهار اخف بدنا من الأعمدة المربعة وادي ذلک إلي احداث تعديل في المساحات الداخلية للقاعات والأفنية فأسبغ هذا شيء من الرقة علي تأثير الشکل الخارجي للمباني کما استبدلت الفتحات الضيقة المستطيلة التي نجدها في معبد خفرع فتحات عريضة تفضي إلي الخارج .

 

فالخطوط المنحنية تؤلف جزءا من کل تصميم  وابسطها الخط ذو الانحناء الثابت مثل انحناء قوس الدائرة والمنحني المتغير بانتظام مثل القطع المکافئ فهو يجمع بين القوة والجمال .

  • ·  الزخارف الکتابية (الکتابة المصرية) :

ظهرت الکتابة الهيروغليفية في عصر الأسرات المبکرة (الأسرتان الأولي والثانية ) حيث توجت هذه الفترة بإبداع حضاري عظيم حيث کانت کتابة صورية تعتمد علي کتابة المفردة بتمثيلها صوريا وغالبا ما کانت الرسوم في عصر الأسرات المبکرة مصحوبة بشکل من أشکال الکتابة وهکذا أصبح الفن المصري القديم والکتابة الهيروغليفية متلازمين يکمل کل منهما الآخر وکل منهما يعتمد علي الأخر في زيادة الإيضاح للتعبير عن الموضوع وان أيا منهما وحدده لا يوفر التعبير .

تبلورت الکتابة الهيروغليفية واصبحت ذات دور جوهري في تصميم أعمال التصوير الجداري فکانت تعتمد بشکل أساسي علي الصورة أو الشکل المرسوم فکانت الکتابة الهيروغليفية نقوشا مصغرة وکانت تحتوي علي ما يعرف بالتجسيد تجسيد شکلي :يتضمن أشکال بشرية تجسد عناصر وأفکار معينة من خلال وضع العناصر علي شکل تاج فوق الرأس . تجسيد رمزي: هو يرتبط بأشکال غير بشرية تضيف إلي معني أو جزء في الجسم البشري 

 

       
       
 

 

 

 

 

 

 

 

  • ·  العمليات التصميمية المستخدمة في تجريد الزخارف في الفن المصري القديم

بتحليل التصميمات والوحدات الزخرفية المجردة للتوصل إلي ماهيتها الفلسفية وخصائصها نلاحظ أن الفنان المصري قام بالعديد من العمليات التصميمية التي وظفت بکفاءة مثل التکرار والتراکب الجزئي والترصيص والتوالد إلخ والتي أخرجت نتاجا زخرفيا متميزا وقدمت لنا نموذج يحتذي به عند القيام بعمل تصميمات تجريدية تحمل الهوية المصرية القديمة بشکل معاصر  "فالفنان المصري القديم رتب عناصر تکويناته وفقا لخطه کان يضعها بحيث تتجه محاور العناصر نحو اتجاهات معينة او تتقاطع مکونة علاقات متداخلة او تصنع ايقاعات ناتجة عن تکرار الشکل عدة مرات "[4]ومن أهم تلک العمليات ما يلي :

التکرار :

يعد خاصية تکرار الشکل عدة مرات في التکوين من أهم خصائص الفن المصري القديم فقد استخدم الفنان تکرار الأشکال والوحدات التمثيلية سواء کان تصور الإنسان او الحيوان او الطيور أو النباتات في تجسيد بارع وحساسية مرهفة لارتباط هذه العناصر والوحدات بالمفهوم العقائدي من تعدد وفير للآلهة واساطير الخلق والحياة والموت الي فکرة البعث والخلود واستخدمت

الوحدات التمثيلية المتکررة کدلالات علب الاستقرار أو الوفرة ويعد التکرار صاحب الدور الرئيسي في احداث حرکة بصرية داخل البناء التشکيلي .

 

تصوير جداري يمثل صيد أفراس النهر يعتمد التکوين علي علاقة التکرار لشخوص في اتجاه واحد مع التنوع في حرکة اجسامهم وهو يمثل مجموعة من البحارة يشترکون في عمل واحد وهو صيد أفراس النهر وفي مقدمة القارب يقف اثنان من الصيادين في حرکة متکررة ماعدا بعض التفاصيل الصغيرة مثل زوايا انثناء الرکبة اليسري وقد اعتمد الفنان علي التکرار في تحقيق الاحساس بتوالي حرکات الأشخاص في طعن فرس النهر , ويبدو التکوين ککل مفعم بالحرکة حيث تؤکد الخطوط الرأسية الموجوده في الخلفية في تباين حرکة الأشخاص أمامها , کذلک الحرکة المائلة الناتجه عن تکرار الرماح والحبال المصوبة تجاه افراس النهر في هذا الاتجاه ,بالإضافة إلي الحرکة الزجزاجية نحو اليمين والمتمثلة في المياه التي تسبح فيها الأفراس والتي يتأثر اتجاهها بالاتجاه العام لحرکة الشخوص في اللوحة نحو اليمين .

التراکب :

يشترک التکرار مع علاقات أخري کالتراکب أو التدخل في تحقيق الإحساس بالحرکة في العناصر المتکررة ويقصد بالتراکب انن يشترک عنصرين او يتقاطعا في مساحة واحدة بحيث يخفي العنصر الأمامي جزء من العنصر الخلفي وهو الطريقة التي توضح وقوف النماذج واحد خلف الآخر ويطلق عليه التراص الطبقي المتجانب بحيث تقف العناصر علي نفس الخط القاعدة وتترتب فوق بعضها من احدي الجوانب کأنها تنجذب لبعضها بالمغناطيس وذلک اعتمادا علي مبدأ التتابع السياقي في التصوير المصري احادي الأبعاد .استخدمت هذه الخاصية للتعبير عن دلائل الثراء في اعداد المواشي وکثرة الحاشية وزيادة اعداد الجنود وبخاصة في مصاطب الولة القديمة واستخدمها في تحقيق البعد الثالث دون الإستعانة بقواعد المنظور الفوتوغرافي .

 

توضح الأشکال استخدام الفنان المصري القديم لعلاقة التکرار المتراکب للتعبير عن الوفرة العديدة وتوضح النماذج ما تمتاز به هذه التکوينات من نظام دقيق تکون فيه العناصر المتکررة ذات ارتفاع واحدة وذات حرکة واحدة

الترصيص :

لقد عرف الفن المصري القديم الترصيص وارتبطت تلک الظاهرة بالقوانين الفنية التي استخدمها الفنان المصري القديم فتداخل مع اسلوب تسطيح الأشکال واظهارها کاملة دون تداخل بين بعضها البعض حيث يکون لکل شکل استقلاله المکاني الذي لايتقاطع فيه مع غيره من الأشکال فلا يختفي شکل خلف آخر فتبدو الأشکال في بعض الأحيان متباعدة عن بعضها وتبدو أکثر تقاربا في احيان اخري ويلعب خط الأرض دورا کبيرا فيي ربط الأشکال المتراصة مع بعضها البعض .ويخضع الترصيص لعاملين الأول هو مقدار الفراغ المتوفر حيث تتوافق النماذج المتراصة في تباعدها وتقاربها مع الأماکن النسبية المرسومة فيها والثاني هو تذوق الفنان وحسه الشخصي

 

الاتجاه لطراز حديث على أساس طراز قديم:

ويکون ذلک بالبحث عن الإقليمية في إطارها العالم يحاول البعض استرجاع التراثية في إطارها القديم ويحاول

البعض استنباط أنماط تراثية فيصورها المعاصرة وهکذا تتناقض المذاهب وتختلف النظريات وإن کانت جميعها تسعي الي بناء الشخصية المحلية وصياغتها في أبعادها الزمنية والمکانية کل بأسلوبه ومنهجه الخاص. وهذا الاتجاه هو محاولة لإحياء الطرز التاريخية واستخدام اما تتابعه للزمن القديم مثلا الأخشاب والأحجار والزجاج والخزف والأعمدة والأقواس معا لتغيير فيطرق الاستخدام وتغيير في اللون والتکوين والتصميمات الخارجية للمباني ولکن في النهاية تعطي صورة کاملة للتراث ومعظم الأعمال تکون لإعادة إحياء الطرز وامتدادًا لها.وهناک العديد من الأمثلة بناء علي ذلک .

بناء نادي القاهرة للعشاء يقع في منطقة تجمع اب تاون (uptown ) بشيکاغو تم تصميم بناء نادي القاهرة بشکل غير عادي اتباعا لأسلوب احياء العمارة المصرية الذي ندر استخدامه في شيکاغو هذا البناء التجاري المغطى بتقنيه (terra cotta ) متعددة الألوان باستخدام تنوع من زخارف الفن المصري القديم متضمنة اعمدة اللوتس المزخرفة وکورنيش مقعر علي هيئة جعران مجنح وعدد من الزخارف متعددة الألوان جعلت هناک نمطا بصريا مميزا وجعل منه علامة بصرية مميزة في مدينة (uptown ).

استخدام تلک العمارة الغير تقليدية يعکس مدي الاهتمام بالثقافة المصرية القديمة الموجودة في شيکاغو في الفترة من أواخر 1910 وحتي فترة مبکرة من 1920 وذلک  حدث کأثر لما تم في جامعة شيکاغو بواسطه الأستاذ الجامعي واستاذ المصريات العالمي "جيمس هنري برستيد " فأصبح هناک مرکز هام دولي لدراسة التاريخ المصري القديم ذلک بافتتاح معهد الدراسات الشرقية في عام 1919 قبل بناء نادي القاهرة السابق ذکره بعام والي ذلک قاموا ببناء العديد من المباني المتناهية الصغر بطريقة احيائية للطراز المصري القديم لتکون علامه مميزه بشيکاغو .

 

 

شکل (1) تفصيلات من مبني (cairo-supper-club)

 

 

 

 

 

             شکل (2)                                                 شکل (3)

 

 

 

 

شکل(4)

الطراز المعماري الطراز المصري هو النمط المعماري النادر استخدامه للمباني الأمريکية. هذا ويستند على طراز المعبد القديم والهندسة المعمارية التي وجدت في مصر مثل بوابة رمسيس الثاني ,وهي جزء من معبد آمون في المدينة المصرية القديمة لمدينة الأقصر(شکل2).

 

 

 

 

 

شکل (3) شارع البستان مقبرة باب في نيوهيفن، کونيتيکت، التي بنيت بين عامي 1845 و 1848 .

 

 

                                                                                            

 

 

 

 

                  شکل(5)             شکل (7)

في أمريکا، وأقرب الأمثلة على أسلوب إحياء المصري، في الثلاثينات والأربعينات، کان عادة السجون والهياکل المقبرة. نيويورک قاعات العدل والبيت من أشکال الاحتجاز(المعروف باسم "مقابر" بني في 1838. شکل (4)

غيرها من القرن التاسع عشر المصرية المباني المقامة على الطراز إحياء وتشمل الهياکل في أمريکا) مبنى المصري کلية الطب في ولاية فرجينيا، ريتشموند، فرجينيا، التي بنيت في 1845 شکل(5)                                                                                                                

شکل (6) الکنيسة المشيخية في شکل(6) ناشفيل، تينيسي، شيدت بين 1848 و1851

يمکن القول أن اکثر المتعارف عليها علي الطراز المصري نصب واشنطن، الذي بني بين 1848 و 1885 في شکل المسلة المصرية . شکل (7)                                   

احدي المباني التي تتبع اسلوب إحياء المصري في العشرينات کان دور السينما. في (الأوسط) غرومان مسرح المصري في هوليوود، التي بنيت في عام 1922,شکل(8)

،

شکل (8)

ربما کان الأبرز.کان مثالا إلينوي في مسرح المصري في ديکالب، الذي بني في عام 1929 معبد البيثية في نيويورک، الذي بني في عام 1927، يجسد مزيج من سمات مدرسة ارت ديکو والفن المصري جسدت في العشرينات شکل (9)

            

شکل (9)

 

شکل (10) مبني الشرکة المصرية لصناعة الطلاء بشيکاغو 1926

  

شکل(11)مدخل حظيرة الفيلة بحديقة حيوان           صورة (12)هرم اللوفر صممه الياباني ليومنج بي 1984

مدينة انفرس بلجيکا 1855

 

صورة رقم (13) داخل کنيسة بمدينة شانفيل الولايات المتحدة 1849

في هذا الجزء يقوم الباحث بعمل تحليلات تجريدية لبعض العناصر الزخرفية للفن المصري القديم لمحاولة الوصول لبعض النماذج المبسطة والمبتکرة التي يمکن استخدامها في بعض المعالجات التصميمية في مجال التصميم الداخلي (تنفيذ وحدات اضاءة) .

 

 

         

 

 

تصميم مستوحي من تجريد لزهرة اللوتس

 

 

استخدام الزهيرات کإحدى الوحدات الفرعونية في تنفيذ وحدة اضاءة

 

 

 

 

 

 

تصميم مستوحي من تحليل احدي الشبکات الهندسية للفن المصري القديم

 

 

تجريد مستوحي من زهرة اللوتس استخدام تقنيات مختلفة للحصول علي وحدات اضاءة مختلفة

 

 

تجريد  مستوحي من زهرة اللوتس استخدم في تنفيذ وحدات الإضاءة

 

 

 

 تجريد  مستوحي من زهرة اللوتس استخدم في تنفيذ وحدات الإضاءة

                     

النتائج والتوصيات :

أولا النتائج:

من النتائج التي توصل اليها البحث ما يلي :

  • · يعد الفن المصري القديم مصدر بالغ الثراء بالطرز الفنية ويمکن الاستلهام منها عن طريق التحوير والتجريد ومحاولة الوصول لشکل نهائي يجمع بين الأصالة والمعاصرة .
  • إمکانية الإعتماد علي الشبکيات الموجودة في الفن المصري القديم في ابتکار تصميمات تجمع بين فخامة التراث وبساطة التجريد .
  • · امکانية الاستفادة من زخارف الفن المصري القديم وتطويرها بشکل زخرفي معاصر لتحقيق المغزي المطلوب وهو تنمية التراث وتطويره بما يتناسب مع العصر الحالي .

التوصيات :

  • الاهتمام بدراسة الجوانب التصميمية المختلفة التي يحتويها الفن المصري القديم
  • الاهتمام بالفن المصري القديم کأحد منابع الرؤية في الفن مع امکانية تطويعه ليناسب الاتجاهات الفنية المختلفة .
  • محاولة الابتعاد عن المحاکاة والنقل عند التعامل مع التراث .
  • ضرورة دراسة انماط الاستلهام المختلفة حتي يتثنى لنا اختيار الاتجاه المناسب عند التعامل مع العناصر التراثية .
  • ضرورة مراعاة اسس التصميم المختلفة ودراسة بنائية کل عنصر قبل التعامل معه بالحذف أو الاضافة او التطوير وغيرها.


[1]د.رمضان بسطاويصي ,جماليات الفنون وفلسفة تاريخ الفن عند هيجل, ص62 .

[2]د.أمل مصطفي ابراهيم ,اتجاهات الفن الحديث , الأمل للطباعة والنشر 1999م

[3]دکتور محسن محمد عطية ,الجمال الخالد في الفن المصري القديم

 [4]نسرين عبد السلام هرمس ,معالجة تشکيلية للحرکة التقديرية في التصميمات الزخرفية  ,رسالة ماجيستير, 2001

  • المراجع :

    • · سوزان محمد ابراهيم حرارة , تتابع الأشکال في مختارات من الفن المصري القديم والمعاصر کمدخل لإثراء أسس التصميم , رسالة ماجيستير ,کلية التربية الفنية ,جامعة حلوان 
    • دکتور محسن محمد عطية , الجمال الخالد في الفن المصري القديم
    • نسرين عبد السلام هرمس ,معالجة تشکيلية للحرکة التقديرية في التصميمات الزخرفية  ,رسالة ماجيستير, 2001
    • د.رمضان بسطاويصي ,جماليات الفنون وفلسفة تاريخ الفن عند هيجل, ص62 .
    • د.أمل مصطفي ابراهيم ,اتجاهات الفن الحديث , الأمل للطباعة والنشر 1999م

    المراجع الأجنبية :

    Andrew j.mooney,commissioner,department of planning and development,Cairo supper club building,Final Landmark Recommendation adopted by the Commission on Chicago, Landmarks, August 7, 2014, CITY OF CHICAGO.