التربية الفنية في ظل النظام التعليمي الموحد للمرحلة الثانوية في الکويت

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

أستاذ مشارک کلية التربية الأساسية - الکويت

الموضوعات الرئيسية


المقدمة :

أن وضع مادة التربية الفنية وبالتحديد الزمن الممنوح لمادة التربية الفنية في المرحلة الثانوية في دولة الکويت ، ومرت بعدة متغيرات جعلتها تنتقل من حالة الرخاء التعليمي إلى العسر الأدائي . فنظام التعليم العام عموماً لم يقدم ما هو جديد وحديث لماهية التربية الفنية کما يجب ، حيث أن تقلباتها الغير مدروسة على مدى الأربعين سنة الماضية لم تقدم لها المساحة الکافية لإبراز مدى أهميتها للإنسان الکويتي. فهي لم تخدم بشکل واضح من خلال عمليات التطوير أو الأهمال المستمر من القائمين عليها ، أو التطبيقات الخاطئة في حقل الممارسة الفعلية إلى أخره من هذه الأمور التى أثرت وأستمر تأثيرها الغير مجدي إلى وقتنا الحاضر.

أن تعليم الفنون أمر ضروري لتربية النشء والبالغين، ومعظم دول العالم الذين سبقونا بالعلم والتربية لديهم تعليم الفن بأنواعه وأساليبه المختلفة أمر لا بد منه وقد سنت له القوانين المنظمة لتطبيقاته من دور الحضانة ورياض الأطفال، ومن ثم التعليم الأساسي والمتوسط والثانوي، وحتى التعليم الجامعي، واشترطت التطوير المستمر والتحديث لما يواکب روح العصر ومدخلاته ومخرجاته.

ان بناء الإنسان هو الهدف الأسمى لدى الشعوب التى تعمل على تنميته ويعتبر غاية ينظر إليها المجتمعات التى ترنو إلى العلا والسمو ، فالإنسان لکي يحيا ويحيي من حوله يجب أن يربي حواسه ومشاعره وأحاسيسه . فمن غيرهم لا يصبح إنسان ، ولکن يتحول إلى آلة. وهذا ما لا يريده القائمين على المجتمع الکويتي وعلى نهضته، فالعلم واکتساب المعرفة لا تتأتى عن طريق الجمود وحشو المعلومات ، ولکن عن طريق ترطيب المشاعر والأحاسيس ، فعلاقات الإنسان الاجتماعية هي ما تبقي المجتمع مترابط والمشاعر الروحية لا تقوى إلا بتربية المشاعر لکي تؤکد أواصر العلاقة بين الخالق والمخلوق.

مشکلة البحث :

ظل الاعتقاد السائد بأن تعليم الفن أو الفنون عموماً ليست بالشىء الضروري الذي تسعى إليه الدول والمجتمعات على الأقل في منطقتنا المحدودة، والتى ترى بأن العلم ما هو إلا معلومات ومعرفة يسعى إليها القائمون على التعليم في تلک الدول ، بحيث يقوم المتعلم بحفظ تلک المعلومات ويتلقاها من معلميه ، ثم يقوم بسردها بغرض الاختبار دون أدني استفادة في حياة المتعلم العامة وسلوکه في مجتمعه .

ينعم الإنسان مهما کان صغيراً أو کبيراً ، بحس فني ومواهب فنية تبدو للأخرين أما مقبولة أو مرفوضة بالغريزة أو بالفطرة وترتقي بالتدريب والمعرفة والتعلم . أن اختبار الحس الفني والمواهب الفنية أساسي في إدراک المرؤ ذاته ومحيطه، ويتم هذا الاختبار بالتعبير الجمالي عن المدرکات والعواطف ونقل المعاني والمشاعر والأحاسيس إلى الأخرين بواسطة الأشکال أو الحرکات أو الأصوات أو الألفاظ وعن طريق العمل الذي يتميز بالحرفية والمهارة، ويعبر الفن عن ذات الفرد وبيئته ويمثل ، أحد أوجه التسجيل الوثائقي لثقافة مجتمع ما وتميزه.

أن تجريب و ممارسة القدرات الفنية يولد عند الإنسان نوع من المتعة والانسجام الروحي والحسي وعاطفة وإثارة نفسية تدعم فاعلية الفنون في التربية، وإن الممارسة المبنية على منهج محدد لتنمية القدرات الفنية تسير بالمتعلم إلى نمو متماسک لمختلف جوانب الشخصية وإلى اندماج المعارف المکتسبة بالامکانيات الذاتية.

تکتسب الفنون دوراً مهماً في خطة نهوض تربوي تهتم بتنمية المتعلم کفرد و کعضو ايجابي في المجتمع، والمقصود بتعليم الفنون هو التوسع في ثقافة المتعلم وتنمية قدراته على التعبير والمساهمة في تحقيق تکامل تکوينه العقلي والنفسي والسلوکي والاجتماعي بغية الوصول إلى تناغم بين المعرفة المجردة والتجربة الحياتية، ومن جهة أخرى بين إدراک الذات والوعي الاجتماعي من جهة أخرى. وکل هذا يعتمد على توجهات عامة لتعلم الفنون في أي برامج أو أنظمة تعلم وهي کالأتي:

1)    الممارسة التي توفر للمتعلم فرصاً کافية للابتکار الفني والإنتاج.

2)    دينامکية العمل الجماعي الذي يمنح المتعلم التأثير والتأثر في إطار نشاط فني جماعي.

3)    الاهتمام بالتراث الذي يتيح للمتعلم إمکانية تجديد الروابط وتطويرها فنياً بينه وبين معرفتة بالمعلومات وضرورة الثقافة.

لهذا نلاحظ بأن النظام الدراسي الموحد لا يمنح المتعلم الفرصة کاملة لتعلم الفنون ومن ثم تؤثر على أحاسيس وانفعالات وسلوک المتعلم کونه لم يستکمل ما بدءه في دراسته وتعلمه من مرحلة التعليم الأساسي، لهذا ترکز الدراسة على البحث في أهمية استمرار دراسة وتعلم الفنون التشکيلية بخبرات تصاعدية تکميلية لتنمية الذاتية لدى المتعلم وتساعده على تفهم طبيعة حياته المعاصرة بما يتواکب ومستحدثات وثقافة العصر، ويمکن صياغة مشکلة الدراسة الحالية في التساؤلات التالية:

1)    هل النظام التعليمي الموحد في المرحلة الثانوية ، يحقق اکتشاف قدرات المتعلم وتنميتها واختبارها من خلال التعبير الفني في نشاط يجمع بين العمل والتعلم والمتعة.

2)    هل النظام التعليمي الموحد في المرحلة الثانوية ، يؤکد على مبدأ الإسهام في تکامل شخصية المتعلم على الصعيد الذهني والنفسي والسلوکي والاجتماعي ، يعمل على ربط التصور بالابتکار والإدراک فعلياً.

3)    هل النظام التعليمي الموحد في المرحلة الثانوية ، يؤکد على ممارسة الفن کحاجة فردية واجتماعية.

4)    هل النظام التعليمي الموحد في المرحلة التعليمية الثانوية، يحقق عملية التواصل بين الذات والمعرفة والتجربة الحياتية في ممارسة جمالية معبرة عن رغبات المجتمع في التطور و الارتقاء.

هدف الدراسة :

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على البناء المنهجي الحالي للتعليم وتوزيع المساحة بعدالة بين المواد الدراسية ذات الطابع التعبيري والمؤثرة على سلوکيات الأنسان وعلى ما يکتسبه من علوم تساعده على تحسين سبل معيشته بما يضمن تکامل متوازن في شخصيته وعلي اکتشاف أقصى قدرات المتعلم وتنميتها بما هو ملائم ، وعلى التأکيد على حاجة المتعلم إلى الفن کضرورة حياتية وشخصية تساعده على ممارسة حياته الأجتماعية.

أهمية البحث:

تأتي أهمية البحث من حيث کون الأنظمة التعليمية المعاصرة تسعى إلى الاهتمام بشخصية المتعلم وبنائها على نحو متکامل ومتوازن وسليم، بحيث يؤدي إلى جعل المتعلم يطور شخصيته المستقلة ، وعلى ضوء الإجابة على تساؤلات  الدراسة يمکن معرفة مدى مناسبة النظام التعليمي الموحد في المرحلة الثانوية، من خلال مخرجاته وبالتحديد ما يخص التربية الفنية وموقعها في النظام التعليمي في المرحلة الثانوية.

أن محاولة فهم العلاقة بين تنمية شخصية متکاملة للمتعلم في ظل النظام التعليمي الموحد يمکن أن تساعدنا في الکشف عن جوانب القصور في بناء النظام التعليمي ومن ثم وضع مقترحات وتوصيات مناسبة لها.

فروض الدراسة :

تسعى الدراسة إلى التحقق من صحة الفرضيات التالية:

  1. نظام التعليم الموحد يساعد المتعلم على تحقيق اکتشاف قدراته وتنميتها واختبارها.
  2. نظام التعليم الموحد يسهم في تکامل شخصية المتعلم في الجوانب ( الذهنية ، والنفسية ، والسلوکية ، والاجتماعية).
  3. يعمل النظام التعليمي الموحد على ربط تصور المتعلم بالإبتکار والإدراک فعلياً.

تعريف المصطلحات :

1-      نظام التعليم الموحد:

هو نظام يجمع ما بين نظامين ( نظام المقررات ونظام الفصلين ) وهو محاولة لتطوير التعليم في الکويت . فقد قام القائمون على التعليم بتقسيم المراحل التعليمية إلى خمس مستويات في الابتدائية وأربع مستويات في المتوسطة وثلاث مستويات في التعليم الثانوي ، وبناءاً على نتائج اجتماعاتهم تم جمع ايجابيات النظامين وابتداع نظام جديد يساعد الطالب في دراسته، وبناءاً على النتائج التي توصلوا إليها بأن هذا النظام سيکسب المتعلم مميزات أعمق تمکنه وتساعده على النجاح في الحياة العملية بشکل أکبر ومن ناحية أخرى يضفي مسحة حضارية مهمة على الکويت بأنها مميزة في عملية التطوير للعملية التعليمية ، مما يرفع من شأن الدولة والمجتمع في مجال التطور والتحديث، وهذا ما جعل أولياء الأمور يعترضون على النظام لأنه من وجهة نظرهم نظام متعب جداً و لا يساعد الطالب على التطور بل يرميه بين صعوبات المواد الدراسية وجمودها وکثرتها.

2-      نظام المقررات:

هو أسلوب متکامل في تنظيم الدراسة على أساس ترجمة المنهج إلى مقررات دراسية، وتقسيم العام الدراسي إلى عدد من الفصول الدراسية، ويستخدم أسلوب تقييمي يتصف بالتنوع والشمول والاستمرار وذلک مقابل التنظيم التقليدي للدراسة على أساس العام الدراسي الکامل والمواد والسنوات والصفوف الدراسية، ونظام التقييم الذي عادة ما يرکز على التقييم الختامي في أخر العام الدراسي. وکذلک يطلق عليه نظام الساعات المعتمدة ، وهو أسلوب في تنظيم الخطط الدراسية بالتعليم الثانوي يقوم على مبدأ حرية الاختيار، ومتطلبات التخرج ومنح قيمة لکل مقرر دراسي من مقررات الخطة الدراسية ( يوسف عبدالمعطي ،1988).

3-      نظام الفصلين الدراسيين:

هو عبارة عن تقسيم العام الدراسي إلى فصلين دراسيين متساويين ، مع توزيع النهاية الکبرى بحسب اللوائح لکل مجال دراسي بالتساوي: خمسون بالمائة من الدرجة للفصل الدراسي الأول ، وخمسون بالمائة من الدرجة للفصل الدراسي الثاني، والنهاية الکبرى للمادة الدراسية مائة درجة والصغرى خمسون درجة، وتتکون درجة المجال العلمي في الدراسي من الأعمال اليومية الفصلية، خمسون بالمائة بالإضافة إلى امتحان نهاية الفصل الدراسي خمسون بالمائة، ودرجة نهاية العام الدراسي هي مجموع درجتي الفصلين الدراسيين.      ( وزارة التربية 1997)

محدودية الدراسة:

تتحدد هذه الدراسة من حيث أنها اجريت على النظام التعليمي العام وخصوصاً في المرحلة الثانوية بدولة الکويت والمدارس التي يطبق عليها النظام التعليمي الموحد ، وما يتوصل إليه من نتائج في حالة القبول أو الرفض موضحاً الأسباب التي أدت إلى ذلک.

الإطار النظري للدراسة :

يستقطب التعليم الثانوي الکثير من الآمال والطموحات ، وفي نفس الوقت الانتقادات التي تستثيرها مختلف أنواع التعليم النظامي. فهو من جهة يرى فيه الکثير من أولياء الأمور والطلاب أنه المدخل إلى التطور الاجتماعي والاقتصادي، والبعض الأخر يتهمه بعدم المساواة والعدالة ويفتقر إلى أبسط جوانب الانفتاحعلى العالم المعاصر أو الفشل في إعداد الشباب للتعليم العالي أو التجهيز
لسوق العمل.

علاوة على ذلک فالمواد التي تدرس في التعليم الثانوي غير ملائمة وانه لا يمنح الفرصة لاکتساب المواقف والقيم.

وإذا أردنا أن يکون التعليم مستمر مدى الحياة يجب علينا إعادة النظر في التعليم الثانوي من حيث المضمون والتنظيم معاً.  ( تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن21 – 1999)

ذکر تقرر اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن الحادي والعشرين التابعة لليونسکو ،" إننا نجتاز اليوم مرحلة من التاريخ يشهد فيها العالم بأکمله تجديدات علمية وتکنولوجية رئيسية وتغيرات في المجالات الاقتصادية والسياسية، وتحولات في البنى الديمجرافية والاجتماعية. و هذه التقلبات التي ستتسارع في المستقبل بلاشک سوف تؤدي إلى توترات حادة لا سيما في أوساط التعليم التي ستعين عليها تلبية الاحتياجات المتزايدة، ومواجهة التحديات الجديدة في عالم يشهد تحويلاً سريعاً. ولکي يتسنى لنا الوفاء بمتطلبات عصرنا سيتعين علينا أن نبدي ملکتنا الإبداعية وشجاعتنا، وتصميمنا على اجراء تغييرات حقيقية، وعزمنا على اثبات قدرتنا على الاضطلاع بالمهام التي تنتظرنا.

ومن أجل مواجهة هذا الوضع، يجب أن تهدف الخطط الوطنية والدولية الخاصة باصلاح التعليم إلى ما هو أبعد من التخطيط الجيد، والتخصيص الرشيد للموارد المالية ، فالسياسات الاصلاحية يجب أن تستهدف تحقيق الامتياز في مجال التعليم".

( ص169 -تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن21 – 1999)

يجب الحرص على إعداد برنامج تعليمي يکون أکثر ثراء، وويتناسب مع مواهب جميع التلاميذ واحتياجاتهم المتنوعة. ويتعين أن يتاح لکل تلميذ تحقيق قدراته الذاتية، وتنمية مواهبه الشخصية، ورعايتها کما أن من المهم أن يتلقى المعلمون مزيداً من التدريب. . 

وذکرت وثيقة التعليم الثانوي في دولة الکويت بأن "  المدرسة الثانوية مطالبة بتوفير المناخ المرن الملائم لنمو المتعلم نمواً سليماً باعتبارها المؤسسة التربوية التي أوکل إليها المجتمع مهمة إعداد أجياله للمشارکة في مسيرة تنميته بالطريقة التي يراها ويرتضيها ويقرها. ولهذا، فمهمة المدرسة الثانوية هي التأثير المنظم على سلوک طلابها، وإعدادهم اجتماعياً ونفسياً، للمشارکة الإيجابية الفاعلة في تقدم المجتمع... ومن هنا، کانت خطورة هذه المرحلة التعليمية، لأنها مرحلة تدرج و انتقال بين مرحلة التعليم الأساسي، والمراحل الأخرى متعددة المساقات في الاختيار، سواء أکانت تعليماً جامعياً، أم عالياً، أم خوض غمار الحياة ذاتها".(وزارة التربية – مکتب وکيل الوزارة )

وکذلک ذکر بمفهوم فلسفة التعليم الجديدة في هذه المرحلة بأن،" ترتکز الفلسفة التربوية للتعليم الثانوي الجديد على قاعدة من الفکر والتجارب التي تقود الواقع الميداني وممارساته، وبالتالي تستقي منه المعايير التي يتم من خلالها الاختيار والتفضيل بين البدائل المطروحة لتطوير هذا النظام نحو المستقبل التي تستشرفه الکويت لأجيالها، والذي ينبغي أن يأخذ بالحسبان الظروف المحلية والتجارب العالمية التي تتناغم مع المجتمع الکويتي، وتستشعر ذاتيته الثقافية ، مع الاستجابة الداعية لتطور علوم التربية، وتستجيب للمهارات التي تتطلبها سوق العمل ، وتتواءم مع احتياجات أجيال متلاحقة تتدفق في نمو سکاني تلتزم الدولة بتعليم أفراده، وينص عليه ميثاقها الدستوري. وعلى ذلک، فأنه يمکن إيجاز المنطلقات الأساسية لمرتکزات الفلسفة التربوية التي تشتق منها الأهداف التربوية بعامة، وأهداف التعليم الثانوي بخاصة فيما يلي: -العقيدة الإسلامية بمنهجها الشامل للإنسان والکون والحياة. -العروبة بتراثها وقضاياها المعاصرة وآمالها واتجاهاتها نحو المستقبل. - تکامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية ومطالب التنمية . -اتجاهات العصر ومقتضياته حاضراً ومستقبلاً فيما يتفق وأصول الثقافة العربية والإسلامية، والحفاظ على الهوية. -حاجات الفرد وخصائص نموه.

ذکر في قائمة الأهداف للمرحلة الثانوية في الکويت ،" ( الهدف 8) تنمية المهارات والميول والقدرات الخاصة مع إکساب الطالب حس التذوق الفني". فکيف يکون تحقيق ذلک في ظل النظام التعليمي الموحد ؟ أن تحقيق هذا الهدف يحتاج من العمل الکثير کما جاء في الکثير من الدراسات التي تمت بهذا الموضوع .

للإجابة على الفرضية الأولى : نظام التعليم الموحد يساعد المتعلم على تحقيق اکتشاف قدراته وتنميتها واختبارها

سوف نرصد ما کتب حول النظام التعليمي الموحد من خلال أراء مختلفة کتبت حول النظام . أن المجتمع الکويتي تعود عند طرح أو تطبيق أي نظام تعليمي يعي تماماً أن هناک سلبيات وايجابيات ومعرفة هذه السلبيات يستلزم تطبيق النظام والأخذ به حتى تظهر لنا بشکل لا يقبل للشک ، ويتم معالجتها مباشرة . . . وأجمعت الآراء الشعبية في المجتمع الکويتي على أن أحد أکبر سلبيات النظام الموحد هو الأخذ بالنظام التراکمي وهو الذي يحتوي على القسيمة التالية:

  • السنة الأولى يؤخذ 5% من الدرجات.
  • السنة الثانية يؤخذ 50% من الدرجات.
  • والسنة الأخيرة يؤخذ 45% من الدرجات.

ومن وجهة نظر الطلاب قد يتم تغيير المنهج الدراسي إلى الأصعب  وليس المساير لمتطلبات العصر ، وإلغاء فترة الدراسة الصيفية واقتراح دور ثاني عوضاً عن ذلک، وهو ما يراه البعض مشکلة کان يعاني منها نظام المقررات وما کان يراه الطالب بأنه حبل نجاة يمکنه من اجتياز السنوات الدراسية بسهولة ويسر. وأبدى وزير التربية في الأعوام السابقة لإقرار هذا النظام بأن الوزارة على استعداد لمعالجة أي مشکلة تطرأ على أثر تطبيق النظام الموحد الجديد . . . وهو أکد على وجود کذلک ثغرات في النظام وهذا شيء طبيعي يحدث في أغلب دول العالم مهما اختلف نوعه ( تعليمي – سياسي – اقتصادي - . . . . الخ) . أما عن الايجابيات فحسب آراء رجال التعليم کثيرة إذ أن أساس هذا النظام هو الجمع بين ايجابيات النظامين وتشکيل نظام ثالث أمثر سهولة ويسر من وجهة نظرهم وأکثر تعقيداً من وجهة نظر الطلاب . . . وهذا ما استنتج من خلال آراء الطلاب وأولياء أمورهم ، الذين أجمعوا على رأي شخصي بفشل هذا النظام وهذا يعتبر مشکلة شخصية .

ولکن من وجهة نظر الباحث العلمية ، أن تغيير المناهج والنظم الدراسية خطوة بناءة وتسير في صالح الطالب والمجتمع ککل ، فليس من المعقول أن تبقى المناهج والأنظمة التعليمية کما هي ويدرس جميع أجيال الدولة نفس المناهج منذ فترة ليست بالقصيرة ، فالدولة تتطور والزمن يتطور والأجدى أن يتطور التعليم معه. کما إضافة بعض المواد الدراسية الجديدة هي خطوة نحو ربط الطالب بالعالم الخارجي.

فوزارة التربية في تعريفها للنظام التعليمي الجديد للمرحلة الثانوية في الکويــــت (موقع وزارة التربية الکويتية،2003) وضحت وجهة نظرها حول النظام، حيث " أن تحديدات العصر العلمية والتقنية وأهمية تشخيص مشکلات الواقع وتحليلها واستشراف انعکاساتها المستقبلية في عالمنا المتغير المتسارع الخطوات فرضت جدية النظر في نظامنا التربوي الحالي، وضرورة تبني نظام تربوي مطور يواکب تقدم الرکب الإنساني في حاضره، ويکون قادراً على مواجهة التحديات المستقبلية معتمداً على أفراد أسوياء يتمتعون بتکامل جسماني، وعقلي، ونفسي ، وخلقي کما جاء بالهدف الشامل للتربية بدولة الکويت " . ( موقع وزارة التربية الکتروني 2003)

ولکن مراجعة الهدف الشامل للتربية في دولة الکويت " أصبحت التربية في الکويت وستظل جزءاً من کينونة الإنسان الکويتي الذي يسعى إلى تحقيق ذاته کإنسان، ومن حقه أن تهيأ له الفرصة لذلک، مع ارتباط أهداف هذه التربية ونتائجها بمطالب المجتمع، بما يضمن فاعليتها في تحقيق تقدمه ورفاهيته، بما يتوافق مع طبيعته، وطبيعة العصر، ومطالب نمو المتعلمين وخلصائهم، والاتجاهات التربوية المعاصرة، وما تسفر عنه الدراسات العلمية، والتربية المستدامة، في إطار من الالتزام بالأصالة، والأخذ بالتقنية، والتنوع في المسارات، وترتيب الأولويات للوصول إلى النسق الأفضل. ومن هنا يأتي الهدف الشامل کالأتي: (( تهيئة الفرص المناسبة لمساعدة الأفراد على النمو الشامل المتکامل روحياً، وخلقياً، وفکرياً، واجتماعياً، وجسمانياً إلى أقصى ما تسمح به استعداداتهم وإمکانياتهم، في ضوء طبيعة المجتمع الکويتي وفلسفته وآماله، و في ضوء مبادئ الإسلام والتراث العربي والثقافة المعاصرة بما يکفل التوازن بين تحقيق الأفراد لذواتهم وإعدادهم للمشارکة البناء في تقدم المجتمع الکويتي بخاصة والمجتمع العربي والعالمي بعامة)).

فلو دقيقنا في صياغة الهدف الشامل بأسلوب علمي للاحظنا التوازن في الجوانب التي رکز عليها الهدف في عملية التربية والتعليم وهي ( النمو الشامل: روحياً ، وخلقياً، وفکرياً، واجتماعياً، وجسمانياً، إلى أقصى ما تسمح به استعدادات المتعلم وإمکانياته).فالهدف الشامل رکز على خمسة جوانب ينمو فيها المتعلم، ولکن في تعريف وزارة التربية لمفهوم النظام الموحد رکز على أربع جوانب هي " جسمانية ، عقلية ، نفسية، وخلقية" .

الجوانب الجسمانية هي:

هدف اجتماعي تربوي مناسب بمعنى أن المدرسة أو النظام التعليمي يجب أن يلعب دوراً بالاشتراک مع الجوانب الأخرى ذات العلاقة بالمتعلمين من أجل تحقيق الهدف. ومکن أجل بناء الصحة الجيدة والعادات التي تضمن السلامة في الفرد والمجتمع، وينبغي معرفة تطور النمو خلال فترة الدراسة ( المرحلة الثانوية) من أجل وضع العادات والمهارات الحرکية الملائمة الواجب بناؤها في کل مرحلة من مراحل النمو المختلفة.

الجانب العقلي والذهنية هو:

موضع اهتمام دائم من کبراء المخططين لبناء النظم التعليمية والمناهج، فأن الغرض الأساسي للتعليم الرسمي أعتبر في أوقات کثيرة هو تدريب العقول، ومن المؤکد لا يختلف أحد على أن النظام التعليمي يجب أن يهتم بما فيها الترکيبيات العقلية للإدراک الحسي من عمليات لأن معرفة علاقات الإدراک الحسي، کيف يدرک المتعلم ويفهم بيئته؟ وکيف يکُون الأفکار ؟ وکيف تبني نماذج التصنيفات المعنوية؟ وکيف يتم ربطها بما هو قائم في المجتمع ؟ بالإضافة إلى معرفة بعض الأنواع الأخرى من السلوکيات کاهتمام المتعلم وانتباهه وتطلعاته في بعدي المکان والزمان وبشکل خاص بالنسبة لتکوين الأفکار والمفاهيم . أن تنمية التفکير المنطقي وتحکيم العقل يمثل مجالاً مهماً، إذ من الأهمية أن يتعلم المتعلم عملية الربط بين الأثر والسبب، وکيفية الاتصال بالآخرين وکيف يحل مشکلاته وکيف يصدر أحکامه وکيف تتکون لديه القدرة على التفکير النقدي، کما أن هناک أنواعاً خاصة للعمل الذهني مرتبطة بصيغ التفکير اللغوي والعملية الجمالية والتقنية مما يستوجب فهمها . ( إبراهيم مهدي ،ص72- 2000).

الجوانب النفسية:

من المطالب الأساسية للفرد في مرحلة المراهقة أن يحقق هويته بجوانبها العلمية والنفسية والاجتماعية عن طريق الأدوار الملائمة له.

وأهم هذه المطالب هي درجة تقبل المجتمع حيث يساعد هذا التقبل في التکوين الصحيح للشخصية وتظل المدرسة ونظامها التعليمي بذلک البوابة الرئيسية وأهم أثر في حياة الطالب، ولا يتحقق النمو والتکيف الاجتماعي للطلبة دون الدخول إلى معترک الحياة وتفاعله مع أقرانه . وهذا عن طريق تلبية حاجات ضرورية مثل : الحاجة إلى التقبل من الأخرين وهي من أهم الحاجات النفسية وکذلک الاجتماعية التي يسعى الطالب إلى تحقيقها ، والحاجة إلى الأمان ، والحاجة إلى التقدير الاجتماعي ، وکذلک الحاجة إلى التفوق والنجاح وهي حاجة تجعله يثق في نفسه وفي قدراته. وکذلک الحاجة على تأکيد الذات وأنه قادر وکفء على ذلک والتعبير عن نفسه في حدود قدراته وإمکانياته، والحاجة إلى الحرية والاستقلالية بما يجعله متحملاً للمسئولية کامةً. وهو کذلک في حاجة إلى البحث والاستطلاع .

أن نتيجة التعليم الحتمية هي العمليات الفکرية الناتجة عن دراسة أي فرع من فروع المعرفة ، وليست المعلومات المتراکمة نتيجة لدراسة ذلک الفرع ( المادة أو المقرر) . لأن مثل هذه المفاهيم تحمل مدلولات مستقبلية في غاية الأهمية إننا نحتاج التفکير في البحث عن مصادر المعلومات، کما نحتاجه في المعلومات اللازمة للمواقف، واستخدام هذه المعلومات في معالجة المشکلات على أفضل وجه ممکن.

أن إعداد طالب للعيش في مجتمع سريع التغير، يتطلب من المهتمين بالتربية أن يساعدوه على التکيف مع هذا المجتمع من خلال إتاحة الفرص أمامه وتدريبه على حل المشاکل التي تواجهه بنفسه، ويمکن تحقيق ذلک إذا احترمنا طريقة تفکيره وکشفنا عن طاقاته الکامنة، من خلال توجيهها إلى الطريق التي تجعل هذا الطالب يصبح قادراً على حل المشاکل التي يواجهها أو يفکر في أساليب حلها.

للإجابة على الفرضية الثانية : نظام التعليم الموحد يسهم في تکامل شخصية المتعلم في الجوانب ( الذهنية ، والنفسية ، والسلوکية ، والاجتماعية).

نظام التعليم الموحد جاء بوثيقته الأهداف التالية:

  1. التأکيد على الهوية الثقافية الوطنية والعربية والإسلامية دون تعصب يرفض تطور الفکر العالمي.
  2. إعداد المتعلم القادر على الابتکار والتجديد.
  3. ترسيخ القيم الدينية والسلوکية في نفوس المتعلم
  4. إعداد المتعلم لمواصلة تعليمه العالي والجامعي
  5. ربط حاجات المجتمع بمخرجات التعليم.
  6. يدرک المتعلم ما له من حقوق وما عليه من واجبات.
  7. الاهتمام برعاية الطلبة الفائقين مع ثقل مواهبهم.
  8. إکساب الطلبة المفاهيم العملية الإنسانية في حياة هذا العصر لتسخيرها لخدمة المجتمع.

وکذلک يحث هذا النظام على تنمية وإکساب القدرات التالية :

  1. التأکيد على الهوية الثقافية الوطنية والعربية والإسلامية دون تعصب يرفض تطور الفکر العالمي.
  2. إعداد المتعلم القادر على الابتکار والتجديد.
  3. ترسيخ القيم الدينية والسلوکية في نفوس المتعلم.
  4. إعداد المتعلم لمواصلة تعليمه العالي والجامعي.
  5. ربط حاجات المجتمع بمخرجات التعليم.
  6. يدرک المتعلم ما له من حقوق وما عليه من واجبات.
  7. الاهتمام برعاية الطلبة الفائقين مع ثقل مواهبهم.
  8. إکساب الطلبة المفاهيم العملية الإنسانية في حياة هذا العصر لتسخيرها لخدمة المجتمع.

أن مراجعة الأهداف والقدرات التي يکسبها النظام لطالب النظام الموحد ليس بها ملامح محددة لتنمية الجوانب الذهنية ، والنفسية ، والسلوکية ، والاجتماعية ، ولکنها توحي إلى أشياء عامة وليست دقيقة في هذا الجانب.

أن متعلم المرحلة الثانوية له خصوصية في مجال التعليم والتربية فطالب هذه المرحلة يتراح عمره الزمني من الخامسة عشر وحتى الثامنة عشر وهي تعتبر مرحلة مراهقة متوسطة ، ولها بعض السمات والخصائص التي تظهر في هذه المرحلة وتتصل بالقدرات الجسمية والقدرات الذهنية والقدرات العاطفية . . . فإذا لم يعمل لها حسابات تنميها وتعدل من سلوک المراهق وإلا سوف يحيد عن الطريق الصواب ، وهذه الجوانب يدخل في حياکتها ونسيجها المواد ذات الطابع الشعوري والحسي واخاص بتهذيب الإنفعالات مضافاً إليها صقل البنية الجسمانية بصوانب صحية خاصة وجوانب سلوکية مقننة يتربى عليها المراهق .

دور النظام التعليمي تجاه تربية طالب المرحلة الثانوية لا يختلف عن المرحلة المتوسطة ولکنه امتداداً  لها . . . ففي مجال النمو الجسماني:

  1. أعداد برامج تربوية مخصصة لإعداد الطلاب لمرحلة النضج الجسمي والتغيرات الجسمية توضح معناها والفروق الفردية منها وتعقلها والتوافق معها.

2. استثمار طاقة الطالب في أوجه النشاطات الرياضية والثقافية والعلمية والاجتماعية
داخل المدرسة.

أما من ناحية الجانب الإنفعالي فهو:

  1. مساعدة الطالب على التخلص من الاستغراق الزائد في أحلام ليقظة.
  2. تنمية الثقة بالنفس لتهذيب الانفعالات وتحقيق مستوي جيد من التوافق الانفعالي السوي.

3. مساعدة الطالب في تحديد فلسفة ناجحة في الحياة وهنا يلعب الدين دوراً هاماً حيث يوفر للفرد حلولاً جذرية لا يشوبها الشک لکل ما يواجه الفرد من تساؤلات، وهذا يوفر الوقت والجهد على الطالب وبجنبه الأخطاء أثناء عملية البحث من أجل الانتماء واختيار الأفضل من الأفکار.

أما من الجانب التربوي فهو:

  1. تشجيع صفة القيادة واستغلال ميول الطالب في تنمية شخصيته.
  2. تشجيع الحوار بين المعلم والطالب ومناقشة المشکلات والموضوعات التي تسهم الطالب.

3. ترسيخ القيم الروحية والخلفية والمعايير السلوکية التي تساعد الطالب على الانسجام مع المجتمع متمثلاً في فتح أبواب الثقافة والنشاطات المکتبية والترکيز على نماذج من الشخصيات الإسلامية التي تفرز هذا الجانب.

  1. إشراک الطالب في النشاطات الاجتماعية والرياضية.

5. احترام وجهات نظر الطالب وتقبلها ومناقشتها معه لتعديل مفاهيمه الخاطئة وتدعيم
السليم منها.

  1. العمل على استثارة قدرات المراهق العقلية وتدريبهم على استخدام الأسلوب العلمي في التفکير ما ينمي ذلک لديهم القدرة على التجديد والابتکار.

إذن بمقارنة بسيطة نرى بأن ما جاء في أهداف النظام لا يرقي لما هو مطلوب منا تجاه طالب المرحلة الثانوية ، فقد ذکر في الجانب الأول تشجيع القيادة وميول الطالب في تنمية شخصيته ، والنظام لا يمنح الطالب فرصة للتعبير عن ذاته حيث أنه مطالب بعدة أساسيات يجب أن ينتهي منها لذلک ليس هناک فسحة لمشاعرة وميوله وأحاسيسه فالنظام يرده طالب علم ( علوم أکاديمية ) فقط ، ولکن الجانب التعبيري فهو ليس مرخص له إلا بنسبة بسيطة وحيث أن الوقت لا يسمح له باختيار ما هو ميال له على سبيل المثال ممارسة الفنون التشکيلية أو أي فن أخر أو مواد نوعية فهو يفضل أن يختار ما يتناسب مع إنجاز ما هو مکلف به من مواد علمية شاقة تحتاج في الجدول الدراسي إلى مساحة من الزمن .

للإجابة على الفرضية الثالثة : يعمل النظام التعليمي الموحد على ربط تصور المتعلم بالابتکار والإدراک فعلياً.

أصبحت دراسة التفرد لدى الأفراد في وقتنا الراهن أمرا ضروريا ولا يأتي ذلک من قبيل حب الاستطلاع فقط بل أصبح ضروريا ما يميز الفرد عن الآخرين ومقدار هذا التميز ونوعه . إن اختلاف الأفراد فيما بينهم ربما يعود لأسباب تتعلق بنوعية الخصائص التي يرثها الفرد وتميزه عن غيره. وربما يعود لأسباب تتعلق باکتسابه لخبرات معينة سواء في نطاق الأسرة أو المجتمع أو المدرسة أو بطريقته الخاصة. وبناء على ذلک يمکن القول إن الفرد يکتسب مجموعة من العادات والاتجاهات وأساليب الفهم والإدراک تخصه دون غيره وتميزه عن الآخرين .

ولا شک أن الابتکار سواء کان في العلم أو الفن أو الشعر أو أي مجال آخر يمثل بوضوح التفرد والتميز والابتکار له دور کبير في عالمنا المعاصر فإليه يعود الفضل في الکثير من الحلول الجديدة والنافعة للمشکلات التي يعاني منها الفرد والمجتمع. ومن المعروف أن الحضارة الإنسانية بشکلها الراقي وما حدت إليه من مستوى وما حققته من انتصارات واکتشافات وأنظمة اجتماعية واقتصادية وسياسية راقية وآداب رفيعة هي وليدة عملية الابتکار. إن هذه العملية تعبر عن الوجه المشترق للجانب الإنساني وإبرازه وتنميته ، فالموسيقى والشعر والأدب وغيرها من الفنون تعمل على تنمية ذوق الإنسان وإرهاف إحساسه. کما أن الاختراعات في مجال العلم والتکنولوجيا کانت سببا رئيسيا في راحة الإنسان وتطوير نمط حياته. فقد اختصرت المسافات بين أجزاء العالم وجعلته في متناول يده کأنه قرية صغيرة ، کما حمته من أخطار بعض الأوبئة والمجاعات وطورت أساليب حياته ، وحسنت تقنيات الإنتاج وغيرها من مظاهر الثورة التکنولوجية والمعرفية التي يعيشها الآن. وهکذا تمکن الإنسان بفضل الابتکار تطويع الطبيعة لصالحه وحل مشکلاته .

ويهيء الابتکار الإنسان لمواجهة حوادث ومشکلات المستقبل المتوقعة. والإعداد لها قبل وقوعها من خلال عمليات التخيل والتصور. ومهما بلغ الإنسان من نجاح أو تقدم في العمل أو الحياة، فإنه يظل يتساءل عما إذا کان سيبلغ النجاح في نهاية المطاف، لذلک فإن الکثير من الأفراد أو المؤسسات الناجحة تظل على الرغم من نجاحها تنظر إلى المستقبل بنوع من القلق وتهيأ نفسها لمواجهة المصاعب التي يحتمل أن تقف في طريق نموها وتقدمها ، إننا بدلا من أن ننتظر حتى تحدث المشکلات وننشغل في إيجاد حلول لها ، نحاول توقع هذه المشکلات ومن ثم نأخذ في الإعداد لمواجهتها بحيث تکون هناک خطة جاهزة تستخدم وقت الحاجة وهذا ما يميز التفکير الإبتکاري کتفکير مبادر يسبق الحدث قبل وقوعه، لذا فإنه يمثل قمة النشاط العقلي والإنساني .

أن التفکير المتخيل يختلف عن التفکير المنطقي المنتظم في بعض الجوانب. ففي التفکير المنطقي المنتظم يکون الهدف والمشکلة ، والطريقة معرفة بوضوح کما تکون العملية مدروسة بشکل جيد. ويستخدم هذا التفکير عادة في المواقف التي يمکن فيها وضع الخطط وحيث يکون عدد المتغيرات والفرضيات محدودا .

أما التفکير المتخيل فيحدث في مواقف حل المشکلات المحيرة ذات الطابع الغامض، ويبزغ التبصر في هذا النوع من التفکير بصورة غير متوقعــة. أن هذين النموذجين صالحان لأن يکونا نهايتي مقياس للتفکير ، وتسمى هاتين النهايتين بالتفکير ضمن أنظمة مغلقة مقابل التفکير المغامر لأن المغامرة في حد ذاتها تحتوي على عنصر التخيل والتصور بدرجة کبيرة من جهة ومن جهة أخرى تنشأ المغامرة في ظروف تتسم بالغموض ونتائجها غيــر مؤکــدة، بينما يفتقد التفکير المنطقي أو التفکير وفق أنظمــة مغلقة هــذه المسحة التخيلية .

يمثل الإبداع والإبتکار أحد الضرورات والعناصر المهمة في إدارة المدرسة العصرية وأحد السمات الأساسية التي ينبغي توفرها في المدرسة العصرية، نتيجة لتزايد الطموحات وتعدد الحاجات وتنوعها، وتشکل ظاهرة العولمة وما تفرضه من تحديات في جميع نواحي ومجالات الحياة نقطة جوهرية في ضرورة الأخذ بالإبداع والإبتکار في العملية التعليمية وقيادة مدرسة العصر. والتي بلا شک أحوج ما تکون إلى أسلوب يحمل بين طياته الإبداع والإبتکار والتجديد والديناميکية في کل مناحي العمل والمنهاج.

تشير الدراسات التقويمية لمناهجنا إلى أنها لم تُصمم على أساس تنمية الإبداع. والأدب التربوي في مجال الإبداع يؤکد على الحاجة إلى مناهج تدريسية وبرامج تعليمية هادفة ومصممة لتنمية التفکير الإبداعي لدى الطلاب.

 لذا ينبغي تطوير مناهجنا بحيث تسمح بإعطاء فرص التجريب العلمي والرياضي والأدبي و ( الفني ) ..، وتتضمن نشاطات مخبرية مفتوحة النهايات، وتشجع أسئلة الطلاب وتقدم لهم الفرص لکي يصوغوا الفرضيات ويختبروها بأنفسهم. ويرى الباحث للنجاح في تحقيق ذلک يتطلب شروط وخصوصاً لتنمية عمليات الإدراک للمتعلم  في عمليات التعلم التي يجب أن تحدث بالمدرسة تحت مظلة المنهج الدراسي ،وهي على النحو التالي :

يشترط لحدوث الإدراک عدة عوامل أساسية :

وجود المثير و الإحساس بالمثير :أي أن يشعر الفرد بآثار المثير وبذلک يکشف الإحساس عن وجود المثير . و التعرف على المثير ـ إدراکه ـ أي أن يکون المثير له معنى معين .

والاستجابة تکون استجابة الفرد من خلال خبراته الإدراکية السابقة وما مر به من تجارب فيعرف خواص المثير وما يرمز له ذلک المثير . ان تعاقب العمليات يکون : (المثير........الإحساس ..........التعرف ...........اختيار الاستجابة.) والإدراک يحتاج لذاکرة فظهور مثير قد مررنا به يسترجع معلومات قد أدرکناها سابقاً.

يُعرّف الإدراک Perception بأنه فهْم المثيرات، بناء على الخبرة، فهو يشمل عمليتَي استقبال المثير وفهْمه. ويزود الإدراک المخ بالمعلومات والتغيرات، الداخلية والخارجية، ليؤدي وظائفه بکفاءة. ويعتمد الإدراک على الوعي والانتباه.

ويقسم الإدراک إلى:

  1. إدراک حسّي. (الإدراک بالحواس) Sense Perception
  2. إدراک يتعدى حدود الحواسّ. (إدراک من غير الحواس) Extrasensory Perception ESP

إن نظريات التعلم تتفق جميعها على أن التعلم نشاط اکتسابي، يتم به حصول الفرد على التوازن الکافي مع شروط البيئة والتزاماتها.

فإذا کانت السلوکية تعتبر التعلم مجموعة من ردود الفعل الاستجابية، المرتبطة بمثيرات البيئة الخارجية التي يکتسب بها الفرد سلسلة من الاستجابات الإجرائية الأدائية، بفعل عملية الاشتراط والتعزيز والتدريب، وإذا کانت الجشتالتية تربط التعلم بتحقيق الاستبصار، في المجال الکلي لموضوع التعلم والوصول إلى المعنى الحقيقي له، في غياب أي تعزيز خارجي، فإن البنائية تقرن التعلم بفعل الأجهزة المعرفية للذات في مواقف التعلم. إن التعلم، حسب رأيها، نشاط يبنى، وهو مقرون بتطور القدرات والإمکانات الذاتية حسب مراحل النمو. إنه يقوم على تطوير الإجراءات الداخلية کتنظيم ذاتي يحقق التوازن والتکيف للفرد مع الواقع المعاش.

أن المرحلة الثانوية ما هي الا انتقال إلى مرحلة البلوغ وعالم العمل حيث يبدأ فصل الطلبة من الآباء والأمهات ، واستکشاف وتحديد استقلالهم. Students are deciding who they are, what they do well, and what they will do when they graduate. الطلاب الذين يقررون من هم وماذا يفعلون ، وماذا سيفعلون عندما تخرج. During these adolescent years, students are evaluating their strengths, skills and abilities. خلال هذه السنوات المراهقين ، والطلاب هم تقييم نقاط القوة والمهارات والقدرات. The biggest influence is their peer group. أکبر التأثير على مجموعات الأقران. They are searching for a place to belong and rely on peer acceptance and feedback. وهي تبحث عن مکان للانتماء ، ويعتمد على قبول الأقران والتغذية المرتدة. They face increased pressures regarding risk behaviors involving sex, alcohol and drugs while exploring the boundaries of more acceptable behavior and mature, meaningful relationships. وهي تواجه تزايد الضغوط بشأن التصرفات التي تنطوي على مخاطر في حين أن البحث عن حدود السلوک المقبول ، وأکثر نضجا ، وعلاقات ذات معنى. They need guidance in making concrete and compounded decisions. التوجيهات التي يحتاجونها في صنع قرارات ملموسة وتعقيدا. They must deal with academic pressures as they face high-stakes testing, the challenges of college admissions, the scholarship and financial aid application process and entrance into a competitive job market. يجب التعامل مع الضغوط الأکاديمية ، وهي تواجه المخاطر العالية واختبار تحديات الکلية القبول ، والمنح الدراسية والمساعدات المالية ، وتطبيق عملية دخول المنافسة في سوق العمل. ومن أهداف التربية الفنية عموماً ما يلي : الإدراک والفهم لما نراه ونلمسه ، و التعبير عن المشاعر والأحاسيس وفق الضوابط الاجتماعية ، ومساعدة طالب المرحلة الثانوية على النمو في الجوانب التالية : النمو العاطفي - النمو الفکري  - النمو البدني النمو الإدراکي - النمو الاجتماعي - النمو الجمالي - النمو الإبداعي .  

وإضافة إلى تلک الأهداف العامة التي يسعى الجميع في شتى بقاع العالم إلى
تحقيقها الأتــي:

تقدير العمل اليدوي الذي لا يمکن الاستغناء عنه ، و تحقيق الصحة العقلية والنفسية للدارسين ، مع تنمية مهارات التلاميذ وصقلها .

أکدت کثير من الدراسات والبحوث على تنمية عمليات الإدراک لدى الطلاب في جميع المراحل التعليمية ، ولتحقيق تلک التنمية أو المهارة لا بد أن يفرد لها المساحة الکاملة سواءً الزمن أو الإمکانيات البشرية ( المعلمون ) وذلک بإعدادهم لتلک الطفرة الحضارية المتقدمة أو الحقائق والمعرفة والمعلومات التي تساعد على تنمية الفکر في عملية الإدراک مما يؤدي في النهاية إلى تکامل في شخصية المتعلم.

ويرى الباحث لتحقيق هذا الهدف يجب علينا کباحثين و کمسئولين أن نعمل على:

  1. مراجعة النظام التعليمي کوحدة متکاملة متدرجة من الأسفل إلى الأعلى بناءاً على المعطيات الخاصة من تحاليل الباحثين وتقارير اللجان والمنظمات الدولية للنظم التعليمية حول العالم.
  2. إعادة بناء المناهج الدراسية الخاصة بالتربية الفنية والتأکيد على العنصر الإنساني فيها من حيث التنمية المعاصرة والفکر المتشعب.
  3. تطوير برامج إعداد معلم التربية الفنية ليکون محرک للفکر وليس ناقل للحرفية والمهارة الفنية فقط والترکيز على حاجات الطالب أولاً .
  4. العمل على الاعتراف بأهمية التربية الفنية کأحد مصادر تنمية الحضارة في المجتمع من حيث کونها تعد الطالب على مواجهة الحياة والتعامل مع المشکلات الحياتية بواقعية ناقده ومفکرة .
  1. المراجع :

    1. يوسف عبدالمعطي 1988، نظام المقررات الدراسية في التعليم الثانوي – الکويت – وزارة التربية
    2. وزارة التربية 1997، تقويم التحصيل الدراسي والتوافق النفسي لطلاب الصف الثاني الثانوي بنظام المقررات ونظام الفصلين للمرحلة الثانوية – الکويت – وزارة التربية
    3. إبراهيم مهدي الشبلي، 2000، المناهج بناؤها ، تنفيذها، تقويمها ، تطويرها، باستخدام النماذج – الأردن
    4. غانم جاسم البسطامي1995، المناهج والأساليب، مکتبة الفلاح للنشر والتوزيع – الکويت
    5. مجدي عزيز إبراهيم2000، تطوير التعليم في عصر العولمة، مکتبة الأنجلو المصرية – القاهرة
    6. نجدة إبراهيم علي سليمان2000، نظم التعليم في التربية الخاصة، الشمس للطباعة –
    7. التقرير الختامي للمؤتمر الأول للمنتدى العربي للتنمية البشرية القاهرة، 24 - 26 فبراير 2003
    8. دونا أوتشيدا،وآخرون، ترجمة: محمد نبيل نوفل،2004، إعداد التلاميذ للقرن الحادي والعشرين ، الدار المصرية اللبنانية - القاهرة
    9. حامد زهران 1977 علم نفس النمو (الطفولة والمراهقة) – القاهرة عالم الکتب.

    10. حمدي الفرماوي 1991 توقعات فاعلية الذات عند الأطفال والفروق في عدد الأداء وموضع الضبط الداخلي – الخارجي (ضمن أعمال مؤتمر الطفل) القاهرة مرکز دراسات الطفولة بجامعة عين شمس.

    11. سعدية بهادر 1986 في علم نفس النمو- الکويت – دار البحوث العلمية للنشر والتوزيع.

    12. فاخر عاقل 1967 التعلم ونظرياته بيروت دار العلم للملايين.

    13. فؤاد البهي السيد 1975 الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة القاهرة دار الفکر العربي.

    14. فؤاد أبو حطب وآمال صادق 1988 علم النفس التربوي القاهرة الانجلو المصرية.

    15. الألوسي، صائب أحمد (1985). أساليب التربية المدرسية في تنمية قدرات التفکير الإبتکاري. رسالة الخليج العربي.السنة5. ع 15. الرياض.  مکتب التربية العربي لدول الخليج العربية.

    16. الصفار، فاضل (2001م). الإبداع الإداري.. المبادئء الأساليب الأهداف. مجلة النبأ. ع. 56 . الموقع على شبکة الإنترنت:                http://www.annabaa.org/nba56/ibdaa.htm

    17. عبدالله،سعد الدين خليل (2000م). رعاية وتشجيع التفکير الإبداعي بحث ضمن کتاب البعد الثالث لإدارة القرن الحادي والعشرين . القاهرة. مرکز وايد سرفس للإستشارات والتطوير الإداري.