التراث والأزياء في عادات وتقاليد الزواج في بلاد بنى شِهر

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

أستاذ الملابس والنسيج المساعد عميد کلية التربية للاقتصاد المنزلي بمکة المکرمة

الموضوعات الرئيسية


المقدمة ومشکلة البحث :

يعتبر التراث عنصر هاماً من عناصر الحضارة العربية والتي کانت قائمة الـوجود العربي ومنذ انطلاق أسلافنـا من جـزيـرتـهم العـربيـة إلى بـلاد الـرافـديـن (اسکندراني , 2000م ) فالتراث الشعبي ليس مجرد رکيزة تاريخية لم يعد لها وظيفة تلائم التطور والمعاصرة , ولکن هو في الحقيقة حصيلة ثقافية لأجيال من بيئات ومراحل تعليمية متعددة (يونس , 1973م) فالتراث تراکمي الارتباط کل جيل يستمد مقوماته
من الجيل السابق فتتماسک الأجزاء وتقوى الروابط فهو ماضي تليد ورثه الأجداد للأحفاد ليکون
مرآة صادقة تعکس بصدق وموضوعية حضارة المجتمع وعاداته وتقاليده والتي تدل على شخصيته
(الميمان , 1410هـ)

وتعتبر عادات وتقاليد الزواج من عناصر الثقافة التي تنتقل من جيل إلى آخـر والتي يـنقلها الخـلف عن السلف جيلاً بعد جيل , ونـجد أن بعض هذه العادات والتقاليد لم تستطيع أن تصعد أمام سيطرة التغيرات التي تحدث في کل جوانب الحياة بصفة عامة وتقاليد الزواج بصفة خاصة بل قد تختفي وتتخذ صوراً جديدة .

ومع الــتطور الســريع الــذي طـــرأ على المملکة والانفتاح الکبير على العالم الخارجـــي کان سبباً في حدوث فجوة بين الحاضر والماضي وهذه الفجوة الملحوظة تــزداد يوماً بعد يوم إن لم نسعى للحد من اتساعها فعلى أمتنا اجتياز مرحلة الانبهار بحضارة الغرب التي طرقت جميع أبواب الحياة ونواحها المختلفة ,فالتغير الذي حدث کان مذهلاً لدرجة کبيرة في القرى التي کانت محدودة داخل الأسوار الکبيرة فامتدت وترامت أطرافها .

ولقـد وضحت البسام ( 1985م ) في قولها "خوفاً من ضياع السمات التي تميز مجتمعنا السعودي عن غيره , وحتى لا ننضم إلى رکب الحضارة المادية ونفقد هويتنا المميزة يجب علينا الاهتمام بإحياء تراث هذا الشعب وأن يکون هذا الإحياء بالمفهـوم الاجتماعي , لا بـمفهوم التـنـقـيـب عن الآثـار فـقـط بـل تتم دراسة التراث وتسجيـله وحفظـه بطريقـة سليمـة حتى نضمن له استمرارية البقاء في إطار البيئة وحتى لا تطغى الثقافة الجديدة الوافدة على ثقافة الإنسان في هذه المنطقة"

هذا ما دعا الباحثة إلى التطرق إلى هذه الدراسة , واضعة نصب عينيها أهمية تسجيل ذلک الجزء من التراث بجميع تفاصيله الدقيقة . فالحضارة لا تعني ترک القديم لأنها استمرار للماضي , حيث يـذکر العمودي (1410هـ) أن دور الماضـي والتراث بکل أبعاده ومساراته يشکل قضية أساسية لا
يمکن تجاهلها" .

وحيث أن الزواج يعتبر من العادات والتقاليد الاجتماعية الهامة التي تحتل مکانة أساسية في التنظيم الاجتماعي لکل المجتمعات الإنسانية عامة (عبد الجبار , 1983م) ،والمجتمع السعودي خاصة لإکمال الدين وصيانة الشرف , وکان الهدف من الزواج في الماضي يتمثل في إضافة أيدي عاملة تساعد على النشاط الاقتصادي للأسرة بإضافة إلى ما يشکله الإنجاب من هيبة ومکانة للأسرة علاوة على القوة الاقتصادية (الغامدي ,1985 م) .

وبما أن ملابس الزواج قديماً وما تحتويه من نواح جمالية وفنية أحد أهم عناصر التراث الثقافي المادي والتي تعتبر جزء مهماً من التراث لا يمکن تجاهله . وهي مرآة صادقة تعکس الأوضاع الاجتماعية ,الثقافية, والاقتصادية جاءت ضرورة هذا البحث بعنوان التراث والأزياء في عادات وتقاليد الزواج في بلاد بنى شهر ويجب أن تتم هذه العملية وفق أسس علمية صحيحة بجمع عناصر التراث أولاً , ثم تصنيفها للتعريف عن کل ما يمکن الاستفادة منه لتطويعه حسب احتياجات الحاضر وبذلک يبنى المجتمع الحاضر على أسس الماضي التليد (فدا , 1993 م) .

أهداف البحث :

1- إلقاء الضوء على عادات وتقاليد الزواج عند أهالي المنطقة الجنوبية في بلاد بنى شهر .

2- تسجيل وتوثيق الملابس التقليدية الخاصة بالزواج في بلاد بنى شهر.

3- التعرف على أنواع الحلي الخاصة بالزواج في بلاد بنى شهر.

4- تحديد المفاهيم الخاطئة في الزواج .

 أهمية البحث :

1- الاستفادة من التراث التقليدي لقبائل بنى شهر باعتباره تاريخاً وحضارة .

2- إضافة مدخل جديد لتدريس الأزياء الشعبية لطالبات الملابس والنسيج   بکليات البنات للاستفادة منها في استحداث أزياء جديدة مبتکرة .

حدود البحث :

أ-حدود بشرية : تقتصر على الأشخاص الذين عاصروا ملابس الزواج بالمنطقة الجنوبية في بلاد بنى شهر , أو ممن اقتنوا هذه الأزياء .

ب -حدود جغرافية : تقتصر الدراسة على بلاد بني شهر في المنطقة الجنوبية بالمملکة
العربية السعودية.

جـ -حدود مادية : تقتصر على کل مايتعلق بالتراث والأزياء في عادات وتقاليد الزواج لقبائل بني شهر(ملابس ،حلي ,أدوات وجهاز العروس،..)

فروض البحث :

1-    إمکانية تسجيل التراث التقليدي الخاص بعادات وتقاليد الزواج لقبيلة بني شهر.

2-    إن قبيلة بنى شهر تتميز بملابس تقليدية وحلى خاصة بها مختلفة عن ما يحيطها داخل المملکة العربية السعودية.

3-    إن اســتخدام أسـلوب علمي منظم يسهم في التعرف على خصائص وسمات ملابس وحلى قبيلة بنى شهر وما تتميز به من تطريز وزخارف .


منهج البحث :

أولا : المنهج التاريخي : عن طريق جمع المعلومات عن الماضي لاستنتاج العلاقة بين الظواهر
الحالية والماضية والربط بينهما وتأکيد ذلک بما يحصل عليه من أدلة علمية
صحيحة (عبيدات وآخرون , 1993م ) .

ثانياً : المنهج الوصفي : عن طريق اکتشاف الوقائع ووصف الظواهر وصفاً دقيقاً مع تحديد الخصائص کيفياً أو کمياً ( محمد والسرياقوسي , 1408هـ ) .

وفي هذا البحث تمت دراسة الماضي بوصف عادات وتقاليد الزواج وما يحويها من أزياء وحلى للمرأة ببلاد بني شهر وتحليلها .

أدوات البحث :

1-المقابلة الشخصية.         2-التصوير الفوتوغرافي.                                    

3-التصوير بالماسح الضوئي.       4-التسجيل الصوتي .

مصطلحات البحث :

1-التراث:

جاء ذکره في القرآن بمعنى الميراث المنقول من الآباء إلى الأبناء قال تعالى : ( وتأکلون التراث أکلاً لما ) آية (19) سورة الفجر .

الإرث وأصله الورث ( البستاني , 1993م ) ، وهو عناصر الثقافة التي تنتقل من جيل إلى آخر .

2-التراث الشعبي :

کما اتفق عليه غالبية علماء التراث والفولکلور هو عبارة عن مجموعة من العناصر الثقافية المادية والروحية للشعب تکونت على مدى الزمن وانتقلت من جيل إلـى آخـر بـکافـة أشکالهـا وعنـاصرها الماديـة والشفهيـة المدونـة وغيــر المدونة ( العنتيل , 1978م ) .

وعـرفتـه السـلامي ( 2001م ) بـأنـه الثقافة الشعبية أحد روافد ثقافة الأمة وخلاصة حصيلة متوارثة من المعرفة ، التجارب والتفاعل , ويشمل ( الأدب الشعبي ، الموسيقي ، الرقص الشعبي ، العادات ، التقاليد ، المعارف الشعبية ، الثقافة المادية ، الفنون والحرف الشعبية ) .

3 ـ الأزياء الشعبية :

هي أنماط من الإبداع الشعبي التشکيلي تعيش في بعدين هما المکان والزمان لتؤدي وظيفة حيوية هي التستر, أو اجتماعية هي المظهر اتفق عليها مجتمعها لتعطي طابعاً معيناً لشخصية مرتديها فتکون معبرة عن نوعه ذکراً أو أنثى ،عمره ، مکانـتـه، وبـيـئـتـه الثقافية، وهي ليست وليـدة القرن الحالي فهي متوارثة من أجيال وعصور سابقة نشأت منذ قديم الزمان ثم تطورت، واتخذت خصائص معينة عبر العصور التاريخية ( العمودي , 1401هـ ) .

4 ـ بلاد بنى شِهر :

تقع في الجنوب الغربي للمملکة العربية السعودية , ويخترقها الطريق الذي يربط بين مدينتي أبها والطائف,والذي يمر بالسراة,وکذلک الطريق الساحلي ( جدة ــ جازان ) وتقع بلاد بنى شهر بالتحديد ما بين خطي العرض 1810 ــ 1930 شمالاً وخطوط الطول 4140 ــ 4230 شرقاً أي حوالي 70کم من الجنوب إلى الشمال وبطول حوالي 250کم من الغرب إلى الشرق قد يضيق ويتسع من جهة إلى أخرى .

ويحد بلاد بنى شهر من الشمال بلاد إخوانهم بنى عمرو , وجزء من بلاد بلقرن من جهة تهامة ومن الجنوب بلاد بللسمر , والريش وبللحمر , ومن الشرق بلاد شهران , وبيشة وجزء من بلحارث , ومن الغرب وادي يبه , وجزء من بلقرن بتهامة وربيعة المقاطرة .

    ويبلغ عدد سکان بني شهر حوالي مائتي ألف نسمة . ( الشهري , 1418هـ ) .

5 ـ قبيلة بني شِهر :

وضح أبو العلا ( 1986م ) : أن الهجرات الإسلامية أثرت في التوزيع الجغرافي للقبائل منذ أن ظهر الإسلام حتى الآن , وإذا قارنا بين التوزيع الجغرافي للقبائل قبيل ظهور الإسلام بالتوزيع الجغرافي للقبائل حالياً سيتضح أن هناک قبائل قد اختفت نهائياً، أو قبائل قد انتقلت لجهات أخرى، أو قبائل جديدة ظهرت لم تکن موجودة.

وإذا نظرنا إلى التوزيع الجغرافي حالياً في المملکة فنجد أن إقليم عسير بالمنطقة الجنوبية قد ضم قبيلة بني شهر، وتنقسم قبيلة بنى شهر إلى فرعين حسب ما تعارف عليه السکان هما :

1-سلامان : ولهم عدد من البطون،الفخود،العشائر،الفصائل،والأسر ومشيختهم حالياً في أسرة العسبلي بمدينة النماص .

2 -بـنـو أثـلة : لهم عدد من البطون ،الفخوذ ،العشائر ،الفصائل، والأسر ومشيختهم حالياً في أسرة الشبيلي بن العريف بمدينة تنومه . ( الشهري , 1418هـ )

6 ـ نسب بني شِهر :

اسم شِهر هو الجد الأعلى لبنى شهر الذي ينحدر من أصول القبائل العربية بجنوب الجزيرة العربية , وهم من العرب العاربة أي الراسخة في العروبة والخالصة.

وتروي المصادر التاريخية بأن نسب شهر هو شهر بن حجر بن الهنوء بن الأزد بن کهلان بن يشجب بن سبأ بن يعرب بن قحطان بن هود علية السلام .

7 ـ العادات والتقاليـد :

هي أنماط من الأفعال،و السلوک، وسبل التفکير تمثل طرق السـلوک الاجتماعي التي ارتضاهـا أبـنـاء المجتـمع وأقـروهـا واطمأنـوا إليها وتناقلوها جيلاً عن جيل وهي مرآة تعکس أسلوب حياة الناس وتفکيرهم وطريقة مواجهتهم للمشکلات , ويرتبط بها الفرد إلى درجة أن من يخرج عنها يقابل بازدراء شديد (کيفي , 1408 هـ ) .

وذکر عبد الجبار( 1403 هـ ) أن بـعض العــادات والتـقـاليــــد الاجتماعيـة تکتسب قدراً من الأهـمية يجـعلها تحتل مکانة أساسية في التنظيم الاجتماعي لکل المجتمعات الإنسانية .

8 ـ الزواج :

عرف السنيدي ( 1420 هـ ) الزواج :

لغـــــة : الزواج يأتي بمعنى الاقتران ، الارتباط ، والاجتماع .

شرعاً : عقد به يستباح استمتاع کل من الزوجين بالآخر على وجه مشروع . کما أوضح ذلک فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين بقوله [ لا يقصد بعقد النکاح مجرد الاستمتاع بـل يقصد به ذلک المعنى وهو الأسرة الصالحة , والمجتمعات السليمة ] .

الدراسات السابقة :

1ـ دراسة اسکندراني ، بثينة محمد حقي (2000م ) : بعنوان (الملابس التقليدية للنساء في المدنية المنورة ومدى تمسک العرائس فيها بارتداء الشرعة المديني في ليلة الدخلة .

هدفت هذه الدراسة إلى الکشف عن سمات الملابس التقليدية للمرأة المدينية مع دراسة أثر اختلاف الحالة الاجتماعية والسن ومدة سنوات الزواج ومناسبة الارتداء على تمسک المرأة المدينية بارتداء الشرعة المديني في يوم ليلة الدخلة ، وتوصلت الدراسة إلى أن هناک الملابس التقليدية التي تتنوع حسب استخدامها فمنها اليومية داخل المنزل کالکرتة ، السروال ، الصدرية والشمبر , وملابس خارج المنزل کالملاية المديني ، البرقع، والملاية الترکي، وملابس للمناسبات الخاصة مثل الشرعة المديني , المحف , المصکک ,و المنثور . وأوضحت الدراسة أن هناک فروقاً بين عروس الماضي والحاضر بالمدينة المنورة نحو التمسک بارتداء الشرعة المديني في ليلة الدخلة تبعاً لمتغير الحالة الاجتماعية واختلاف السن ومدة سنوات الزواج , وجاءت النتائج لصالح المرأة المدينية الأکبر سناً والمتزوجة قديماً , أما عروس الحـاضر فـکانت تـفضـل ارتـداء الشـرعة المديني في ليلة الحنة أو حضيرة في مناسبة زواج , وعروس الماضي تفضل ارتداء الشرعة المديني في ليلة الدخلة .

2ـ دراسة البسام ، ليلى صالح (1985م ) : بعنوان (التراث التقليدي لملابس النساء في نجد )

هدفت هذه الدراسة إلى جمع بعض عناصر التراث المادي في نجد ودراسة تطريزه عن طريقة الألبسة والنقوش وقطع الحلي وذلک بهدف الحفاظ عليه والاستفادة منه باتخاذه مصدراً للخطوط والتصميمات الأصيلة ، وتوصلت نتائج الدراسة انه لم يکن هناک اختلاف بين المناطق المختلفة في أنواع الملابس المستخدمة وأساليب تنفيذها . فيما عدا الزي المسمى ( زبون ) من قطع الملابس الخارجية الذي استُخدم في منطقة حائل فقط ، وأيضاً ( الصديرية ) من الملابس الداخلية التي ارتدتها النساء في منطقة القصيم فقط .

کما أوضحت الدراسة بأن التطريز له أهمية کبرى في ملابس المرأة النجدية ولو کان بکميات بسيطة مثل ما هو موجود في نهاية طرف الکم أو رجل السروال (حجل )  , أما ملابس العروس والمناسبات طرزت باستخدام خيوط الذهب والفضة أو الحرير الملون .

3 ـ دراسة فدا , ليلى عبد الغفار ( 1993م ) : بعنوان ( الملابس التقليدية للنساء في مکة المکرمة
أساليبها وتطريزها ) .

هدفت هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على الملابس التقليدية للمرأة المکية التي اسـتخدمتها في الـزمن المحدد للبحث والـذي يـرجع إلى مئة عام سابقة بغرض جمع وتسجيل ودراسة الأساليب التي استخدمت في تنفيذ وتطريز تلک الملابس ، وتوصلت نتائج الدراسة إلى أنه لا يوجد اختلاف في القطع الملبسية التي ارتدتها جميع النساء في مکة المکرمة وهي ( السروال ،و الصدرية کملابس داخلية , والزبون، والکرتة والثوب کملابس خارجية، والمحرمة، والمدورة کغطاء للرأس إلاّ أن الاختلاف القائم هو بسبب الفوارق الطبيعية والمادية ونوعية الخامات المتوفرة , کما أوضحت النتائج بأن الثياب تصنع من أقمشة حريرية شفافة بهدف إبراز القطع المطرزة بالکنتيل ، التلي ، والترتر على الملابس ( کالزبون المنتور ) واقتصر استخدام الأقمشة السميکة في حالة البدل الثقيلة الخاصة بالعروس والتي يکون التطريز فيها على الثوب مباشرة بالتلي مثل ( الثوب المصکک ) .

4 ـ دراسة على , سمر محمد ( 1993م ) : بعنوان ( عن أثر اختلاف البيئات على بعض أنماط الملابس التراثية للنساء في المملکة العربية السعودية ) ـ دراسة مقارنة ـ

هـدفت الـدراسة إلى توصيف الملابس بالبيئات المختلفة في المنطقة الوسطى (الرياض ) والمنطقة الغربية ( مکة المکرمة ) والمنطقة الجنوبية ( عسير ) ،وتوصلت النتائج إلى أن هناک علاقة بين البيئة الجغرافية والاجتماعية ظهر أثرها في انتشار التصميمات الفضفاضة خاصة بالرياض ومکة المکرمة التي تتناسب مع حرارة الجو مثل إضافة ( التخراصة ) في الدراعة لإعطاء حرية الحرکة بالإضافة إلى استخدام الأقمشة القطنية متسعة النسيج في عمل أغطية الرأس والوجه خاصة في المنطقة الغربية , کما أوضحت النتائج أن تأثير البيئة الاجتماعية تفوقت على الناحية الجغرافية في التأثير على شکل الملابس التراثية في المملکة واتضح ذلک في حرص النساء على ارتداء ملابس خارجية تستربها جميع أجزاء الجسم لاستخدامها عند الخروج من المنزل مثل (العباءة ) في الرياض والتي أطلق عليها اسم (المرشدة) في عسير وسميت ملابس الخروج في مکة المکرمة (بالملاية) واستخدمت جميعاً بلون أسود بغية الوقار والاحتشام بالرغم من ارتفاع درجة الحرارة في مکة المکرمة والرياض وهذا يدل على مدى التمسک بالقيم الدينية السائدة في المجتمع .

5ـ دراسة السلامي , خيره عوض عوضه ( 2001م ) : بعنوان دراسة الأزياء الشعبية للمرأة السعودية في منطقة الباحة .

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على الأنماط الملبسية للأزياء الشعبية للمرأة في منطقة الباحة وتوضح تأثير البعد الجغرافي والمناخي عليها من حيث الخامة , واللون , والتصميم والزخرفة مع ابتکار تصميمات مقتبسة منها تناسب متطلبات الحياة العصرية ، وتوصلت الدراسة إلى أن المرأة في منطقة الباحة لم تملک سوى ثوبين في الغالب أحدهما يـرتدى سـائر الأوقات ولـکـل الأعمال ويـسمى المقاطع أو المجلول ويتميز بالبساطة والآخر للمناسبات .

6-دراسة آل الشيخ , نوره بنت عبد الملک ( 1983م) : بعنوان ( الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدينة المنورة في صدر الإسلام ) .

هدفت هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على النواحي الحضارية في المدينة المنورة من الناحتين الاجتماعية والاقتصادية . فدرست العادات والتقاليد لأهالي المدينة وأشارت فيها إلى ملابس المرأة وزينتها , وأوضحت أن لبس النساء في صـدر الإسـلام لم يـقتـصر على الملابـس الـقطنـيـة والصوفيـة بل ارتدت الحـريـر والقطيفة وغيرها . فکانت تلبس ـ الدرع والخمار والنقاب والإزار فوق الجلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع .


7ـ دراسة عبد الجبار , أحمد عبد الإله ( 1983م) : بعنوان ( عادات وتقاليد الزواج بالمنطقة الغربية من المملکة العربية السعودية ـ دراسة ميدانية انثروبولوجية حديثة ) .

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على عادات وتقاليد الزواج في هذه المنطقة في الحاضر والماضي للکشف عن الملامح الحقيقية للتراث الشعبي في هذا المجال ، وتوصلت الدراسة بأن هناک بعض العادات والتقاليد اکتسبت ثباتاً عبر الزمن مثل التقاليد التي لا تسمح بسفور المرأة ويرجع ذلک إلى تمسک المجتمع السعودي بالتقاليد الإسلامية , وأخرى تميزت بالثبات ولکنها أخذت تتعرض للتغيير إلى جانب ظهور بعض العادات والتقاليد المستخدمة ويشمل ذلک ملابس المرأة ووسائل زينتها ويرجع ذلک إلى التغير الاجتماعي الذي حدث في المجتمع السعودي بصفة عامة وإلى التغيرات التي حدثت في التربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية للأسرة.

التعليق على الدراسات السابقة :

يتضح مما سبق أن المنطقة الجنوبية حظيت بدراستين إحداها عن عسير وکانت دراسة مقارنة عن تأثير البيئات على الملابس التراثية عـموماً والآخر لمنطقة البـاحة ولـکنـها لم تـتـعـرض لملابـس الـزواج وعـاداتـهـا وتقالـيدها بشکل تفصيلي کـالـدراسـة الحالية . کما نجد أن الدراسات المتـعـلـقـة بـملابـس الـزواج وعـاداتـها وتقاليدها فکانت تدور حول المنطقة الغربية في المملکة العربية السعودية وبقية الدراسات کانت عن الملابس التقليدية بصفة عامة في مکة المکرمة ونجد .

لـذا فـالدراسـة الـحالية تـعتـبـر إضافـة جـديـدة للتـراث الشـعبي بصفة عامة والأزياء الشعبية بصفة خاصة بالتوثيق والتحليل العلمي .   

عادات وتقاليد الزواج في بلاد بنى شِهر

بلاد بنى شِهر کغيرها من القبائل الأخرى في جنوب الجزيرة العربية حافلة بالکثير من العادات والتقاليد والفنون التي أفرزتها طبيعة المجتمع المتآلف .

وترتکز الحياة الاجتماعية لسکان المنطقة الجنوبية على الأسس والقواعد الإسلامية الراسخة والتي تمتد جذورها إلى العام العاشر الهجري بالإضافة إلي العادات والتقاليد العربية التي کانت سائدة قبل الإسلام بالمنطقة وأقرها فيما بعد الإسلام . والسمة الغالبة في ترکيبة المجتمع حالياً الأساس القبلي المدعوم بقيم الإسلام والأخلاق العربية الأصلية مثل الکرم , والمروءة , والشهامة , والشجاعة , والتعاون وهذه الصفات لا تميز أهل منطقة الجنوب فقط بل هي نموذج لصفات سکان المناطق الأخرى بالمملکة العربية السعودية ( السلامي , 2001م ) .

والجدير بالذکر أن طبيعة المنطقة الجغرافية الصعبة وتباين مناخها من قطاع لآخر فرضت عادات وتقاليد تتميز بها بلاد بنى شهر مثل التعاون في کل المناسبات سواء السعيدة مثل الأفراح والأعياد , أو المواساة في الأحزان والمآتم , أو في مواسم الحصاد وما يتبعه من أعمال , ومن أبرز عادات وتقاليد الزواج فيها يتضح کالتالي :

1 – الخطوبة :

تتم الخطبة من خلال بحث أقارب الشخص الذي ينوي الزواج عن الزوجة المناسبة، وفي القرون الماضية کانت الفتاة لا تخرج عن أسر الأقارب نظراُ لرغبة الجميع بإحاطة الأسرة بسياج من القرابة خاصة عند أهل الأرياف والبوادي فنجد إن بنت العم لابن عمها، وهکذا إلا فيما ندر، وعادةً يقوم بالخطبة الأب فإذا کان متوفياً فأحد الأعمام أو الأخوان الکبار أو الأقارب , حيث يذهب ذلک الوسيط إلى ولى أمر المخطوبة ويفاتحه في الأمر فيقول الوسيط : [ لنا رغبة في إبنتکم فلانه لولدنا فلان] , فإذا وافق ولي أمر المخطوبة قال : له [ الله يحييکم ما عندي مانع أشوف رأي البنت وأعطيکم الخبر ] وبعد السؤال عن الخاطب تتم الموافقة من المخطوبة بعد التشاور مع أهلها فيرسل والد المخطوبة إلى والد الخاطب ويقول له : [ الله يحيـيکم]،بعد ذلک يأتون إلى والد المخطوبة ويتفقون على المهر ثم تقدم لهم وجبة العشــاء المکونة من ( اللحم والمرق ، العصيدة ، الفطيــر ) ويسمى هذا العشاء "صلح " .

2-عقد القران :

بعد اختيار الزوجة المناسبة ورضا کل من الطرفين واقتناع کل منهما بالآخر يتم عقد القران . وحسب ما شرحت أم علي کانت العقود في الماضي شفوية وليست مکتوبة حسب روايات الأجداد , بعد ذلک يدفع الصداق ويحدد الطرفان يوماً للزواج ويتفقان فيه على عدد الأشخاص الذين يأتون مع العريس فإذا کانت القبيلة کلها تشارک في حفل الزفاف فإن القبيلة التي منها العروس تهب بکل إمکانياتها لاستقبال العريس وقبيلته .

3 -المهـــــــــر :

کانت المهور في الماضي قليلة لضيق اليد حتى أنه يقال أن المهر لم يزيد عن العشرة ريالات للبکر، وأقل من ذلک للثيب .

وفي بعض القبائل کانت المهور عبارة عن حلي مصاغة من الفضة أو ثوب متلــي (ثوب مطرز بالخيوط الملونة) أو مصون (غطاء للرأس) ،وهذا يکون على حسب إمکانية الخاطب أما إذا کانت المهور نقوداً لا تدفع للمخطوبة بل لولي أمرها لکي يتصرف فيه حسب رغبته .

وقد ذکر الشهري ( 1997م ) : أن في القرن الرابع عشر للهجرة أصبح المهر يصرف لتجهيز المخطوبة , وأن بعض الآباء وأقارب المخطوبة يدفع من ماله الخاص لتجهيز العروس ومنهم قبائل بني شهر

4 ـ العلاقة بين الخطيبين :

يسـتطيع العريـس أن يـزور عـروسـه في بـيـت أهـلهـا في بعض المناسبات والأعياد , وکان يجلب لها الهدايا تقديراً لعروسه .

5 ـ جهاز العروس :

تـجهـز العـروس من قبـل أهلها وذلک حسب يسرهم ويکون في الغالب عبارة عن :

1- سجادة وتسمى لديهم ( زولية ) ، وتتضح في الصورة رقم(1) .

2- صندوق ويسمى لديهم ( سحارة ) وبداخلها الأشياء الخاصة بالعروس ويتضح ذلک في
الصورة رقم (2 ) .

3- بـعض الأواني المنـزلية مثل قدور النـحـاس، والـقدح الـمصنـوع من الخشب ،و المبـخرة وتســمى لـديـهـم ( مجمر )، وکـذلک البـرمة المصنـوعـة من الـفخار(يحل ،تورة) ، والخسفة، ويتضح ذلک في الصورة رقم(3).

4- لحاف ويسمى لديهم ( معطب ) .

5- بقرة وتسمى لديهم ( حوز) .

 هکذا کان جهاز العروس قديماً غير مکلف .

6 ـ حنة العروس :

تحنـى العروس عادة في مجتمع القرية في بيت أهلها قبل زواجها بيومين في جلسة عائلية وجو من البهجة والسرور بوجود القريبات والصديقات، وتقوم بتحنيتها إحدى القريبات المتزوجات وذلک تفاؤلاً بحياة زوجية سعيدة , حيث يعتقدون أن الحنة تحمل البرکة، وهذا ينافي تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف حيث أن البرکة في الزواج من عند الله سبحانه وتعالى ، ويقال عند الزواج ( بارک الله لکما وبارک عليکما وجمع بينکما في خير ) .

وتحنى العروس أيديها وأرجلها،  وتسمى حنة اليد ( القبضة ) ويکون لون الحنة حمراء أو سوداء على حسب رغبة العروس ويتضح ذلک في الصورة رقم( 4) , ويحرص أهل العروس على أن لا تقوم بوضع الحنة للعروس أرملة أو مطلقة أو زوجة غير موفقة في حياتها لأنهم يعتقدون أنه مصدر شؤم على مستقبل حياتها الزوجية ، وهذا ينافــي تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف حيث قـال : رسـول الله صلى علـيه وسـلم ( لا عدوى ولا طيره في الإسلام ) .

7 ـ حمام العروس :

تقوم بعض قريبات العروسة أو أخواتها بالاهتمام بالعروس وذلک بدهن شعرها وجسمها ببعض الزيوت الطبيعية مثل زيت الزيتون وزيت السمسم , وذلک قبل الزواج بـفتـرة وجـيزة(يومين) ،وکذلک صبـغ شعـرها بـالحناء لإعـطاء اللون الأحـمـر , وتـستحم العروس يوم الـزفاف، ويـوضع الطيب على شعرهـا لإعطائه نعومة ، ورائحة جميلة ويتکون هذا الطيب من : ـ

1ـ الورد المجفف ويسمى لديهم ( هدسه ) .

2ـ محلب وهو نوع من أنواع الحبوب له رائحة عطره .

3ـ حبات من القرنفل يسمى لديهم ( عويدي) وشکله يشبه المسمار.

4ـ حبات من الهيل .

فتـجمع کـل هـذه المکونـات وتخلط وتسحق بين حجرين يـسمى الأول (فـهــــــره ) والثاني (مسحقة) وهي القاعدة، ثم يوضع الطيب المسحوق على شعر العروس،ويتضح ذلک في الصورة رقم( 5 ).

أما بالنسبة للعريس فيقوم بالاستحمام في بيت أهله ثم يذهب إلى الحلاق الموجود في القرية لحلاقة الشعر وتزيين الشارب واللحية .

8 ـ ملابس الــزفاف :

1-الثوب المتلي : وهو الثوب المميز لزي العروس للمرأة الجنوبية لقبيلة (بني شهر ) ويتصف بالاتي:

  • الشکل العــــام للثوب : عبارة عن ثوب طويل بطول المرأة ويتسع تدريجيا من الأعلى إلى أسفل والأکمام وطويلة وتضيق نزولا" إلى الإسورة وتتصل بقطعة موجودة فوق قطعة الجنب وتسمى (تخراصة)، ومن المعتاد ترک فتحة صغيرة في خياطة الکم لإخراج الـيد عــند الوضوء لضيق فتحة الکم .
  • حــــــــــــــــردة الرقبـــــــــــــة:عبارة عن حردة دائرية صغيرة وبها فتحة طولية من الأمام،وقد تکون الحردة مربعة متسعة قليلا وذلک لتسهيل مرور الرأس.
  • أمـــــــــــاکن التطريــــز : يترکز التطريز على أطراف الکم والصدر والجنبين بالخيوط الحريرية الملونة والقصب.
  • الغـــــــــرز المســــــــتخدمة: غرزة السلسلة.
  • القمــــــــاش المســــتخدم: صنـع هذا الثوب من قماش القطيفة المخمل، مما يظهر القطن الأسود أو السـتان .
  • الألــــــوان المستخــــدمة: الأحمر،الأصفر،الأزرق،الأبيض،الأخضر،البرتقالي، الذهبي.
  • الزخارف المستخدمة: السيف، النخلة، الوردة، المثلث، الدائرة، الخطوط المستقيمة،المنحنية، المنکسرة. ويتضح ذلک کله في الصورة(8،7،6)

2-الثوب المکلف: يشبه تماما الثوب المتلي، ولکنه يعتمد على التطريز الآلي ،وقد ظهر هذا الثوب بعد ظهور الآلة.

کما ارتدت الفتيات والشابات الملابس المصبوغة بالأخضر والأحمر .

3-السروال :

يتسع من الأعلى ويضيق تدريجيا" عند الساق إلى أن يصل إلى القدم ، ويطرز الجزء الأسفل منه بخيوط الحرير الملونة مثل الثوب ويصنع من الأقمشة القطنية ، ويتضح في الصورة رقم (9) ، ومن مسميات الأقمشة التي استخدمت في صناعته :

أ-(الحلبي): وهو عبارة عن قماش ملون يتميز باللمعان ذو نسيج أطلسي ويکون مقلماً ويجلب
من حلب .

ب-(خط البلدة): وهو عبارة عن قماش قطني أبيض مقلم بالأحمر والأسود وکان يجلب
من مصر .

4-المنديل :

وهو عبارة عن قماش قطني خفيف ملون باللون البرتقالــي أو الأحمر أو مزخرف بالورود المطبوعة يثنـى على شکل مثلث ويوضع على الرأس ويربط من الأمام تحت الذقن ويلبس تحت الطرحة أو القناع ومن المعتاد أن تضع المرأة بعض النباتات العطريةـ مثل الريحان ـ تحت المنديل، ويسمى (غراز أو عُکس) ، ويتضح ذلک في الصورة رقم( 10) .

5-المصون :

ويسمى شيلة أو مسفع : وهو عبارة عن غطاء للرأس مستطيل من القطن الأسود الخفيف له أهداب على الأطراف ترتديه المرأة المتزوجة فوق المنديل وتلفه حول وجهها وتثبته في الجنب تارکة الوجه مکشوف ،و للمصون کتل من الخيوط الحريرية الملونة التي يغلب عليها الأحمر ،والأخضر ،والأبيض ،وتتعدد ألوان الکتل .

وترتدي المرأة المصون، بحيث تضع طرفها على منتصف الرأس بشکل عرضي ويتدلى الطرف الثاني ، ويتضح ذلک في الصورة رقم( 11 ) .

9-حلـي العروس :

تلبس العروس ما أمکنها من الحلي المصاغة من الفضة لاستکمال مظهرها وزينتها ، وهي
کما يلي :

1-الخواتم وتسمى فتخ ، ويتضح في الصورة رقم( 12 ).

2-الأساور وتسمى لديهم ( مفارد – معضد ) ، ويتضح في الصورة رقم(13).

3-السلاسل وتسمي ( معانق ) وتصنع من الأحجار والفضة ،ويتضح في الصورة رقم (14)

4-الحزام : ويتضح في الصورة رقم (15) .

5-العصابة : وتلبس حول الرأس ، ويتضح  في الصورة رقم (16).

10-زينة عين العـروس :    

تقوم العروس بوضع الکحل على طرف عينيها باستخدام المرود ، والکحل  عبارة عن حجر أسود يُعرف ( بالأثمد ) يسحق قبل استعماله ويوضع ( بالمکحلة )، أمـا الـمـرود فـهـو عبـارة عـن عـمـود رفيع مصنوع من المعدن أو الفضة، ويستخدم أيضاً لقفل المکحلة , وتحرص المرأة دائماً على تزيين عينيها بالکحل طوال اليوم وفي کل الأوقات .

والکحل له قيمة علاجية للعين , وفي الحديث الشريف ,( ضعوا الأثماد فإنها تجلي النظر
وتطيل الأهداب )

11-زينة شعـر العـروس :

يقسم شعر العروس إلى ثلاثة أقسام في اليمين وفي اليسار وفي الخلف بعمله على شکل ضفائر، ويتضح في الصورة رقم( 17 )، ثم يوضع بعض من الطيب في مقدمه الرأس.

وبعد الانتهاء تقوم العروس بارتداء الطرحة والعباءة وهي في کامل زينتها ،ويتضح ذلک في صورة رقم (18).

12-حفل الــزفاف :

في صباح اليوم المتفق عليه للزفاف يذهب العريس ومعه عدد من رجال قبيلته وعند الاقتراب من منزل أهل العروس تبدأ العرضة الجنوبية وهي رقصات حماسية يتخللها قذف بالبندقية إلى أکثر من عشرة أمتار في الهواء لبعض من أبناء العشيرة، وهذا يعتبر نوع من استعراض المهارة والإبداع في حمل السلاح واستخدامه ، وبعد الانتهاء من العرضة يقوم أهل العروس وجميع المدعوين من أهل القرية بالترحيب بهم ثم يقدمون لهم القهوة ،والرطب , وبعدها يتناولون بعض المأکولات الشعبية مثل :

1ـ العصـيدة : وهي عبارة عن دقيق الذرة والبر المعصود في الماء حتى ينضج ، وهي الأکـلة المفضـلة في الجـنوب .

2ـ المشـغـوثـة : مثـل العـصيـدة ، ولـکن تـقـدم مـع العسـل .

3 ـ الفطير : وهو عبــارة عن دقيق البر معجـون مع المـاء وقـليل من اللبــن الحامض ، ويـفرد بـشـکل طـولي أو دائري ثــم يـخبـز في فـرن التـنـور المـسـمى لـديـهم " الميـفا" ويتضح في الصورة رقم (19) ، ويقدم مع العسل والسمن ، کـــل هـذا فـي صبـــــــــاح ذلـک اليـــوم وقت الضحى .

وبعد صلاة الظهر تقدم لهم وجبة الغداء حسب استطاعة أهل العروس من الذبائح ( لحم ومرق ) وکذلک العصيدة والفطير والأرز الأبيض ,و بعــد الانتهاء من الغداء تکون العروس قد تم تجهيزها للرحيل مع زوجها , وإذا کانت المسافة بـعيـدة فتـحمل العـروسـة على دابـة عليه هـودج , ودواب أخرى تحمل أثاثها , ويأخذها العريس إلى منزله , وعند اقتراب موکب العروس من دار العريس تستقبل بالترحاب من أهل زوجها وأقاربه ويبدأ إطلاق الرصاص وضرب الدفوف ,      وفي عصر ذلک اليوم يذهب أقارب العروس إلى منزل العريس ليتناولوا وجبة العشاء ويذهبون لصلاة العشاء بعدها يقومون بالاحتفال وإقامة العرضة الجنوبية، واللعب الشهري ويـکون اللعب بـتقابـل مجموعتـان من الـرجال على شکل صفوف متقابلة لکل صف حوالي عشرون شخص ويتضح في الصورة رقم( 20)  , ويحضر عدد من الشعراء ويستمر الحفل لساعات من الليل ويتخلل العرضة بعض المحاورات الشعرية والتي فيها من العبر والنصائح ما يشد انتباه الجميع مثل قول الشاعر محمد بن علي : ياالله يا رافع الأقدار تهب على قومي حجاب، اکْسِنا ثوب سترک واجعل الحظ بيدينا ونوره وأن تولف قلوب الناس لا بارت أحکام الزمان ، والله يسعدکم بشارة .

13-الرفـد :

من العادات البارزة والمرتبطة بمناسبة الزواج وهو أن يقدم الأقارب والأصدقاء کلا" حسب قدرته ، شيء من المال ، أو قد يقدم بعض من الذبائح لأهل العريس .

14-الصبحة :

تستيقظ العروس في صباح اليوم التالي فتقوم بتجهيز نفسها لاستقبال الضيوف بحضور والدتها التي تجلب معها الفطور المکون من الآتي :

1-العريکة : عبارة عن دقيق بر معجون بالماء .

2-الفطير : (سبق ذکره)

3-الأقـراص: تتکون من دقيق البر معجون بالماء وخميرة، وتکون الأقراص خفيفة .

أما العروس فتجهز بعض المشروبات مثل :

1-قهوة الهيل : وهي عبارة عن البن بإضافة قرنفل وقرفة وزنجبيل وهيل وتقدم مع التمر .

2-قهوة القشر : وهـي عبارة عن قشـر البـن واليـنسـون والـزنـجبيل المطحون والقرفة .

3-الشاي : وهي عبارة عن أوراق الشاي وتأتي جاهزة في أکياس .

 وبعد الانتهاء من الفطور يقدم الضيوف بعض الهدايا للعروس إما حلي مصاغة من الفضة
أو نقوداً .

15-النُّقَْلة :

هذه العادة تعنى انتقال العروس من دار زوجها إلى دار أهلها لأول مرة بعد الــزواج , حيث يحضر والد العروس بنفسـه ويـوجه الدعـوة إلى العريـس وأهـلـه والعروس لحضـور حفل عشـاء يـقـيـمـه في داره وتـقـام الأهازيــج والـزغـاريـد والرقصات , وهذه العادة تبين مدى حب الأهل وتقديرهم لإبنتهم .

 

16-بيت الزوجية :

هکذا يبدأ مشوار جديد وطويل في حياة کل منهم وتعيش الزوجة مع أهل زوجها ولا تفکر في مسکن مختلف ، وکان البيت يتکون من غرفتين أو ثلاث ومطبخ وحمام ويکون البيت داخل الحوش (حديقة البيت).

والبيوت کانت عبارة عن أحجار مبنية فوق بعضها لا تزيد عن ثلاثة أدوار ، والنوافذ والأبواب کانت تصنع من الخشب ، وکذلک الأسقف کانت تثبت بقطع من الخشب ، ويتضح ذلک في
الصورة رقم (21) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                       

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                      

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

       
   

صورة رقم (5)

تبين الحجرين الذي يتم به سحق مکونات الطيب ( هدسة ،محلب ،عويدي وريحان )

 
 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

  

 

     

 

    

 

 

 

 

 

  

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
 

صورة رقم (8) إسورة الکم للثوب المتلي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

       
 

صورة رقم ( 17 ) توضح کيفية تقسيم الشعر وعمله على شکل ضفائر

 
 
     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
 

صورة رقم ( 19 ) التنور ( الميفا )

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تحليل النتائج وتفسيرها

1 ـ من خلال تناول الإعلان في التعريف بعادات وتقاليد الزواج لبلاد بنى شهر کان له دورفعال في زيادة الثقافة وتوفير المعلومات والظروف المحيطة مع تعليم مهارات جديدة تنقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل وتساعد على تنشئة الجيل الجديد .

2 ـ من أهم العادات والتقاليد في الزواج بقبيلة بنى شهر عدم غلو المهور عند الزواج, وهذا ما أکده الشهري ( 1418هـ ) , أن المهر في القرن الرابع عشر الهجري بسيطاً جداً في عشائر بنى شهر .

3 ـ تتميز قبيلة بنى شهر بالأخلاق الأصيلة مثل الکرم والتي تظهر جلية في کرم الضيافة بعادات وتقاليد الزواج , وهذه السمة وغيرها من الأخلاق العربية لا تميز هذه القبيلة فقط بل هي نموذج لصفات سکان المناطق الأخرى بالمملکة العربية السعودية .

4 ـ اهتمت المرأة في بلاد بنى شهر بالتطيب حيث استخدمت الروائح العطرية من النباتات الطبيعية لإضافة الرائحة الطيبة عليها .

5 ـ المحافظة على الأزياء والحلي التقليدية للزواج لقبيلة بنى شهر يعد عنصر حيوي يساعد على المحافظة على التراث بالطرق العلمية المنظمة الذي أخذ في الاندثار .

6 ـ إن تحليل الزي وتوصيفه ساعد على معرفة الخامة المستخدمة لملابس الزواج والأسلوب المستخدم في التطريز والذي اعتمد أولا" على الأسلوب اليدوي والذي له الأهمية الکبرى في إبراز جمال الزي، وتم استخدام ( غرزة السلسلة ) بشکل کبير في التطريز مع تداخل الخيوط الملونة، وقد ترکز التطريز على الصدر وفي الأساور وجانبي الثوب .

7 ـ أما الحلي فقد استخدمت المرأة السلاسل والأساور المصنوعة من الأحجار الکريمة المضافة لها أجزاء بسيطة من الفضة، أما الأحزمة والخواتم فکانت مصنوعة من الفضة مع إضافة القليل من الأحجار الکريمة وذلک لاستکمال زينتها وجمالها.

التوصيات

1 ـ دعوة الجامعات والکليات إلى التضامن والتعاون لإنشاء متحف يضم تراث المملکة العربية السعودية ليکون مرجعاً للمهتمين بهذا المجال وحفظاً لتاريخ الأمة .

2 ـ ضرورة تبادل الأبحاث والدراسات بين جامعات وکليات المملکة وتوفيرها في المکتبات حتى يتسنى للباحث العلمي سهولة الرجوع إليها .

3 ـ دعوة الآباء وأولياء الأمور إلى عدم المغالاة في المهور وتيسير الزواج وعدم التعسف في طلبات الزواج لمراعاة الفروق بين الناس وإتباعا" لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

4 ـ الدعوة إلى تصحيح الکثير من المفاهيم والمعتقدات الخاطئة في عادات الزواج .

5 ـ دعوة وسائل الإعلام إلى الاهتمام بشکل أکبر بتعريف العالم بعادات وتقاليد الدول العربية المختلفة عن الزواج .

 

المراجع
1-أبو العلا , محمود طه ( 1986م ) : جغرافية شبه الجزيرة العربية , ط 5 , مکتبة الأنجلو المصرية , القاهرة
2-آل الشيخ , نورة بنت عبد الملک ( 1983 ) : الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدينة المنورة في صدر الإسلام , تهامة , جدة .
3-اسکندراني , بثينة محمد حقي ( 2000م ) : الملابس التقليدية للنساء في المدينة المنورة ومدى تمسک العرائس فيها بارتداء الشرعة المديني في ليلة الدخلة , جامعة الملک عبد العزيز ـ قسم الاقتصاد
المنزلي ـ جدة .
4 -البسام , ليلى صاح ( 1985م ) : التراث التقليدي لملابس النساء في نجد , مرکز التراث الشعبي لدول الخليج العربي , الدوحة , قطر .
5-البستاني , المعلم بطرس ( 1993م ) :القاموس المحيط باللغة العربية، مکتبة لبنان ناشرون , لبنان .
6 -السلامي , خيره عوض عوضه ( 2001 م ) : دراسة الأزياء الشعبية للمرأة السعودية في منطقة الباحة ، رسالة ماجستير ، کلية التربية للاقتصاد المنزلـي والتربية الفنية ، قسم الملابس والنسيج ، جدة .
7-السنيدي , فهد عبد الکريم بن راشد ( 1420 هـ ) : الزواج , دراسة فقهية اجتماعية ، مکتبة الرشد ، الرياض .
8-الشهري , فايز سالم ( 1418 هـ ) : الوجيز في التاريخ وجغرافية بلاد بنى شهر , الطبعة الأولى , مطابع الخالد للأوفست , الرياض .
9-عبد الجبار أحمد عبد الإله ( 1983م ) : عادات وتقاليد الزواج بالمنطقة الغربية والمملکة العربية السعودية ( دراسة ميدانية انثروبولوجية حديثة )، تهامة , جدة .
10-عبيدات , ذوقان وعبد الرحمن عدس وکايد عبد الحق ( 1993 م) : البحث العلمي مفهومه وأدواته وأساليبه , دار أسامة للنشر والتوزيع ، الرياض .
11-على , سمر محمد ( 1993م ) : أثر اختلاف البيئات على بعض أنماط الملابس التراثية للنساء في المملکة
العربية السعودية - دراسـة مقارنـة ـ مجـلة عـلوم وفنون ( دراسات وبحوث ) العدد ( 4 ) ـ أکتوبر ـ جامعة
حلوان ـ القاهرة
12-العمودي , حمود ( 1401 هـ ) : التراث الشعبي وعلاقته بالتنمية في البلاد النامية , الطبعة الأولى , عالم
الکتب , القاهرة .
13-العنتيل , فوزي ( 1978م ) : بين الفولکلور والثقافة الشعبية , الهيئة المصرية العامة للکتاب , القاهرة .
14-الغـامـدي , سـعيـد فـالـح ( 1985 م ) : التـراث الشعبـي في القريـة والمديـنة ( منطقة الباحة ومدينة جدة ) , الطبعة الأولى، مطابع شرکة دار العلم للطباعة والنشر, جدة .
15-فدا , ليلى عبد الغفار ( 1993م ) : الملابس التقليدية للنساء في مکة المکرمة أساليبها وتطريزها , رسالة ماجستير ـ کلية التربية للاقتصاد المنزلي والتربية الفنية ـ قسم الملابس والنسيج ، الرياض .
16-محمد , على عبد المعطى ومحمد السريا قوسي ( 1408هـ ) : أسـاليب البحث العلمي , مکتبة الفلاح للنشر والتوزيع ، الکويت .
17-الميمان , محمد إبراهيم ( 1410هـ ) : التراث الشعبي , الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ،الرياض .
18-يونس , عبد الحميد ( 1973م ) دفاع عن الفولکلور , الهيئة المصرية للکتاب , القاهرة .