مقال بعنوان : صناعة الجوت بين الاستخدام التقليدي والمستقبلي في مصر 2

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

مدرس بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية - جامعة المنصورة

الموضوعات الرئيسية


واصلا ما سبق ونقول

 يعتبر الکتان من النباتات الاقتصادية الهامة التي عرفها الإنسان منذ القدم ، ويحتاج هذا النبات لدورة حياته الطبيعية الکاملة إلي : ( علي التوالي)

أولا : جو بارد نوعا في فترة نموه الخضرى .

ثانيا : جو دافئ لبدء نموه الثمرى بالتزهير وبدء تکوين البذور .

ثالثا : جو حار نسبيا لإتمام نضج البذور

لذا يزرع الکتان في العالم لثلاث أغراض حسب ملائمة الجو لأطوار نمو النبات :

1- غرض الحصول علي الألياف والبذور في نفس الوقت :

في المناطق التي تتوافر فيها الظروف الجوية المناسبة للنمو الخضرى يليها التي تناسب النمو الثمرى بحيث يصل طول النبات الاقتصادى (من سطح الأرض إلي أول التفريع) أکثر من70 سم ثم ترتفع درجة الحرارة بعد ذلک تدريجيا للسماح بالتزهير اللازم ثم باکتمال نمو البذور المتکونة إلي تمام نضجها .

2- غرض الحصول علي الألياف:

في المناطق التي تتوافر الظروف الجوية للنمو الخضرى لمدة تکفي لوصول الطول الاقتصادى للنبات إلي أکثر من 70سم ولکن ليست بها بعد ذلک ظروف جوية ملائمة للنمو الثمرى للمدة الکافية لتمام نضج البذور .

3- غرض الحصول علي البذور :

في المناطق التي لا تتوافر فيها ا لظروف الجوية المناسبة للنمو الخضرى حتي يصل الطول الاقتصادى للنبات إلي أکثر من 70ولکن تتوافر فيها الظروف الجوية الملائمة للنمو الثمرى کاملا حتي تمام نضج البذور .

ويعتبر جو جمهورية مصر العربية من أنسب الأجواء التي تسمح لنبات الکتان بدورة حياة کاملة لصالح المحصول المزدوج إذ يستمر فيه النمو الخضرى لمدة کافية ليصل الطول الاقتصادى للنبات إلي 70سم فأکثر کما يسمح بعد ذلک بنمو ثمرى کامل من التزهير إلي تمام نضج البذور ، ونتيجة لملائمة الجو هذا يصل المحصول المزودج للکتان في مصر إلي مستويات تعتبر قياسية عالميا ، ومتوسط المحصول للفدان کالآتي :

( أ) 2.5 طن من القش بعد فصل البذور .

·     ويحتوي هذا القش علي متوسط 23% من الألياف الغزلية الدقيقة .

·     کما يحتوي علي 54% ساس ( أجزاء خشبية تتخلف عند التصنيع) تصلح تماما لصناعة الخشب الحبيبى .


(ب) 750کيلو جرام من البذور .

·     وتحتوي هذه البذور علي 40% زيت صالح للتغذية الآدمية وصناعة البويات کما تحتوي علي 60% کسب يتخلف عند عصير البذور .وهذا الکسب من أصلح الأغذية البروتينية للحيوان .

الکتان في مصر في الماضي البعيد

وجد في مقابر قدماء المصريين عند اکتشافها منتجات کتانية مثل الدوبارة والحبال والأقمشة الکتانية المختلفة وأتضح استعمال زيت الکتان عندهم في التغذية الآدمية وضمن مواد تحنيط الموتي ، فالإنسان المصرى القديم قد زرع الکتان منذ أکثر من 5000 سنة واستعمل محصوله المزدوج من قش وبذور وقد برع قدماء المصريين في استخلاص ألياف الکتان وتفکيکها إلي وحدات في غاية الدقة مما مکنهم من غزل هذه الألياف ونسجها إلي نسيج دقيق شفاف (توجد منه أجزاء في متاحف أوروبا). وعند تحليل خيوطه وجدت من غزل 400 Lea أي أرفع أربعة مرات من أرفع غزل کتان أنتج بعد عهدهم إلي وقتنا هذا رغم جميع المستحدثات والتکنولوجيا المتقدمة التي وصلت إليها صناعة غزل الألياف حديثا .

الکتان في مصر في الماضى القريب

کانت مصر تزرع الکتان کمصدر هام للألياف النباتية الغزلية وکمصدر للزيوت الصالحة للتغذية الآدمية واستمر ذلک إلي أن أدخلت زراعة القطن في مصر وأصبح القطن فعلا أکثر أهمية کمصدر للألياف النباتية الغزلية وکمصدر في نفس الوقت للزيوت النباتية الصالحة للغذاء الآدمي إلا أن زراعة الکتان استمرت ولکن في مساحات أقل کثيرا لسد احتياجات السوق المصرية لزيت الکتان ( الزيت الحار ) الذى يستعمله المصريون بکثرة لفوائده الصحية المتوارثة لديهم وکان القش الناتج من هذه الزراعات يستعمل لإنتاج الألياف الکتانية بطرق بدائية يدوية لصناعة خيوط بعض الأقمشة الصيفية وخيوط سداد صناعة الحصير وخيوط صناعة الدوبارة والحبال المختلفة للاستهلاک المحلي .

ولم تتعد المساحة المزروعة کتان في ذلک الوقت متوسط الستة آلاف فدان سنويا إلي أن تکونت شرکة مصر للکتان (أحدى شرکات بنک مصر) عام 1923 وأنشأت مصنعا حديثا لاستخلاص ألياف الکتان من القش بطاقة إنتاجية سنوية 1800 طن شعر کتان طويل 900 طن مشاق کان يصدر معظمها إلي الأسواق الأوروبية ويحول الباقي محليا إلي خيوط کتانية وأقمشة في قسم خاص لذلک في شرکة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الکبرى ، وتطلب وجود مصنع لشرکة مصر للکتان زيادة المساحات المزروعة کتان سنويا في مصر إلي حوالي 18ألف فدان .

ويعتبر مصنع شرکة مصر للکتان المدرسة الأولي التى نقلت صناعة استخلاص ألياف الکتان في مصر من صناعة يدوية إلي صناعة حديثة آلية يصلح إنتاجا للتصدير وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 زاد الطلب علي ألياف الکتان لکونها مادة ضرورية لتصنيع بعض مستلزمات الجيوش خصوصا بعد أن احتلت ألمانيا الهتلرية جميع دول شمال أوروبا التي کانت المصدر الهام لإنتاج الکتان اللازم لمصانع غزله في المملکة المتحدة (ايرلندا الشمالية وسکوتلاندا) واضطرت إنجلترا إلي اللجوء للدول الصديقة وإلي مستعمراتها ومناطق نفوذها (ومن ضمنها مصر) لکي تزيد هذه البلاد من زراعة الکتان واستخلاص أليافه لتعويض ما فقد من مصادر تقليدية له ولتشغيل مصانع غزل الکتان في سکوتلاندا وايرلندا لإنتاج متطلبات الجيوش من أقمشة کتانية ضرورية لازمة ، فتضاعف الطلب علي الکتان المصري عدة مرات فجأة ، وزادت مساحات الکتان المنزرعة في مصر إلي أن وصلت عام 1942 إلي 60ألف فدان .

وقد استلزم ذلک زيادة عدد مصانع استخلاص الألياف لاستيعاب المحصول الناتج جميعه فأنشي کثير من المصانع منها النصف ألي ولکن تسببت هذه الزيادة السريعة في تصنيع قش الکتان في إنتاج أصناف تقل عن المستوي المطلوب للعزل لعدم توافر الخبرة الفنية والعمال المدربين لتشغيل الأعداد المتزايدة من مصانع استخلاص ألياف الکتان مما استوجب حضور لجنة فنية انجليزية جاء خبرها إلي مصر لفحص وانتخاب الصالح من رسائل الکتان المقدمة للتصدير للمشتري الأوحد وهي إنجلترا ولما کانت نسبة الرسائل المقبولة قليلة استعانت اللجنة بأحد الخبراء من المنتجين المتميزين المصريين لإرشاد المنتجين الآخرين عن کيفية إنتاج أصناف جيدة قابلة للتصدير حسب طلبات إنجلترا وقد جاءت النتيجة مشجعة للغاية وأصبحت الکميات المقبولة للتصدير بفضل هذه الإرشادات الفنية أکثر إلي أن وصلت 95% من الإنتاج واستمرت هذه الحالة إلي نهاية الحرب حين توقف عمل هذه اللجنة ،

وکانت هذه الفرصة الأولي التي عرف عن طريقها الغزالون في انجلترا إمکانيات الکتان المصرى الحقيقة وصلاحيته للغزل حيث کانت سمعة الکتان المصرى قبل ذلک سيئة بسبب سوء تصرف التجار مستوردي الکتان المصرى إذ کانوا يبيعون الجيد منه علي انه من إنتاج بلجيکا والأقل جودة علي انه إنتاج مصرى .

وفي عام 1945 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تکونت شرکة جديدة لغزل ونسج الکتان بالرأس السوداء بالإسکندرية کشرکة مساهمة مصرية باسم شرکة صناعة کتان الشرق لسد الفراغ الذى ترکته شرکة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الکبرى التي کانت قد أوقفت عملية عزل الکتان ، وقد استمرت شرکة صناعة کتان الشرق في غزل الکتان ونسجه ونجحت حيث فشلت شرکة مصر للغزل والنسيج بالمحلة وأنتجت غزل الکتان السميک وغزل الکتان المتوسط حتى وصل لإنتاج غزل نمرة 60( مقاس کتان إنجليزي ) کما أنتجت الأقمشة الکتانية مثل الملايات والمفارش وأقمشة البدل الصيفى علاوة علي قماش التند وقلوع المراکب وخيوط خياطة الجلد والأحذية وخيوط جهاز الجاکار المتينة وخراطيم الحريق والمشعات ...الخ وکانت الشرکة تستهلک سنويا حوالي 3000طن من شعر الکتان المصري و 500 طن من المشاق لإنتاج غزل کتان جاف من نمرة 6إلي نمرة 14ومن نمرة 18 إلي نمرة 60غزل مبلل وساعد إنتاج هذه الشرکة على الاستغناء عن استيراد کثير من المنتجات الکتانية بعد إنتاجها محليا بنجاح .

واستمر الإنتاج لتغطية احتياجات مصر من المنتجات الکتانية إلي أن أممت الشرکة في عام 1962 وقد تغير الحال بالشرکة بعد التأميم إذ تحول تدريجيا الإنتاج الذى کان منتجات کتانية صافية ومخلوطة إلي إنتاج الأقمشة من الخيوط الصناعية وتوسعت الشرکة في إنتاج المنتجات القطنية بکثرة وتدريجيا قل استعمال الکتان إلي أن وصل إنتاج الشرکة من القطنيات والألياف الصناعية إلي حوالي 99% وانخفضت المنتجات الکتانية إلي أقل من 1% ،

والسبب الرئيسي لهذا التحول في الإنتاج عدم وجود متخصصين في الکتان بعد تخلص الشرکة منهم وإحلال متخصصين في الألياف الصناعية والقطن محلهم وقد انخفض استهلاک الشرکة من الکتان سنويا من 3000 طن شعر إلي حوالي 300 طن فقط في عام 97/98 .

أما مصانع استخلاص ألياف الکتان فقد توقف جزء منها بعد انتهاء الحرب وأهمها مصنع شرکة مصر للکتان بالقيراطين ( أول مصنع کبير ألي ) .وتعويضا لذلک النقص في مصانع استخلاص الألياف أنشئ في عام 1947 مصنع روبيرو ادمون خورى وشرکاهم في ميت حبيش البحرية – مرکز طنطا-غربية ( شرکة طنطا للکتان والزيوت فيما بعد ) وکان بالمصنع خمسة وحدات إنتاجية للاستفادة الکلية من محصول الکتان المزدوج من قش وبذور

1- وحدة استخلاص ألياف الکتان من القش

2- وحدة غزل الألياف المتوسطة الطول المتخلفة عند استخلاص الشعر لصناعة الدوبارة والحبال (غزل سميک)

3- وحدة أنتاج الخشب الحبيبى من ساس الکتان المتخلف عند استخلاص الشعر .

4- وحدة عصير بذور الکتان لإنتاج زيت البويات وکسب الکتان .

5- وحدة تصنيع المنتجات الخشبية من الخشب الحبيبى .

وکان متوسط المساحات المزروعة کتان لسد احتياجات مصانع استخلاص الألياف في ذلک الوقت 45ألف فدان سنويا

وفي عام 1950 تکونت الجمعية التعاونية الزراعية لمنتجي الکتان للدفاع عن مصانع صغار زراع ومنتجي الکتان في شبرامس ( غربية ) وبنها ( قليوبية ) .

وفي الفترة من 1950إلي 1961 کانت مصر تصدر سنويا حوالي 4000 طن من شعر الکتان الطويل کخامة صالحة للغزل علاوة علي تحويل حوالي 3000 طن إلي غزل متوسط و 1500 طن إلي دوبارات يدوية للحزم وخيوط تستعمل کسداد في صناعة الحصير المصرى محليا وفي عام 1962 أممت شرکة طنطا للکتان والزيوت وأممت شرکة صناعة کتان الشرق وتولي الإدارة في کل شرکة من الشرکتين رجال الثقة بدلا من أصحابها ذوي الخبرة الطويلة فاثر ذلک سلبيا علي الإنتاج وانخفضت المساحات المزروعة إلي حوالي 28 ألف فدان فقط .

وفي عام 1966 شکلت في وزارة الصناعة لجنة وزارية ( اللجنة المشترکة للکتان ) بغرض دراسة مشاکل زراعة وصناعة الکتان وإيجاد الحلول المناسبة للتغلب عليها وإعادة تنظيم العلاقة بين قطاع الزراعة وقطاع الصناعة وقطاع التجارة فيما يتعلق بزراعة وتصنيع الکتان وتسويقه محليا وخارجيا .

وقد قامت هذه اللجنة بجميع المهام المطلوبة منها وانتظمت العلاقة بين قطاع الزراعة وقطاع الصناعة وقطاع التجارة فکان علي قطاع الزراعة توفير جميع احتياجات قطاع الصناعة من محصول الکتان ( قش وبذور ) لتشغيل مصانع استخلاص الألياف ومصانع عصير البذور قطاع عام وقطاع خاص بکامل طاقاتها وکان علي قطاع الصناعة إخطار قطاع الزراعة في الوقت المناسب قبل موسم زراعة الکتان بالکميات التى ستحتاجها المصانع جميعها من قش وبذور/ وکانت اللجنة تقوم بتوزيع المحصول الناتج من قش وبذور علي جميع مصانع القطاع العام والقطاع الخاص بالشروط والأسعار المناسبة لکل من الزارع والصانع کما کانت اللجنة تحدد الکميات اللازمة للاستهلاک المحلي من الألياف الکتانية وتحدد الکميات اللازمة للتصدير أيضا ومستوى أسعارها .

ونتيجة لعمل اللجنة المشترکة للکتان وتجارته داخليا وخارجيا ارتفع متوسط المساحات المنزرعة کتان سنويا إلي 45 ألف فدان .

واستمرت اللجنة لمدة حوالي سنتين وانتهي عملها في عام 1968 ولکن بعد عام 1977 کانت المساحات المنزرعة کتان تتذبذب وتنخفض سنة بعد أخري تبعا لمقدار الطلب علي الکتان في الخارج مما سبب توقف بعض مصانع استخلاص الألياف ومنها مصنع شرکة مصر الذى کان قد أعيد تشغيله ومصنع شرکة الودادى لتصدير الحاصلات الزراعية وانخفض متوسط المساحات المنزرعة کتان إلي حوالي 20-25 ألف فقط

زراعة الکتان في مصر في الحاضر

انخفضت المساحات المنزوعة کتان في مصر عام 1977 إلي 13500 فدان فقط بسبب توقف الشرکة الشرقية للکتان والقطن تقريبا وانخفاض الطلب علي شعر الکتان المصرى للتصدير إلي أدنى مستوى مع هبوط أسعار ما بياع منه إلي أقل من تکلفة إنتاجه مما جعل کثير من مزارعيه التقليديين يتوقفون عن زراعته والتحول إلي زراعة محاصيل أخري منافسة وأکثر ربحا .

وهددت هذه الحالة السيئة زراعة وصناعة الکتان في مصر برمتها مما استوجب البحث فورا عن حلول شافية لهذه الکارثة بدراسات علمية للأسباب الحقيقية التى أثرت علي تلک الزراعة والصناعة منذ قدماء المصريين وفيما يلي تلخيصا لنتائج هذه الدراسة .

تبين من الدراسة أن السبب الرئيسى لتدهور أسعار الکتان المصرى وأزمته الحالية هو أن باب التصريف الرئيسي وهو صناعة الغزل في الداخل والخارج وجدت أن المعروض عليها منه لا يصلح للغزل المطلوب حاليا وهو الغزل المتوسط والغزل الرفيع .

وترجع عدم الصلاحية عموما إلي أن الوحدات الغزلية من الألياف المتاحة أکثر سمکا من المطلوب علاوة علي ضعف متانتها وعدم انسجامها بدرجة کبيرة مما أفقدها قيمتها بالنسبة للغزل المتوسط والرفيع وبفقد هذه السوق الهامة قل حجم الطلب علي ألياف الکتان المصرى وانهارت أسعار المباع منه ولم تسعفه طلبات الأسواق الأخرى مثل الغزل السميک أو الشعر المسرح للسباکة

وقد بينت الدراسة أيضا أن قش الکتان المصرى المتاح :

( أ) يحتوي فعلا علي ألياف دقيقة ذات خواص طبيعية ذاتية ثابتة مميزة .

(ب) أن هذه الخواص المميزة لا تظهر إلا عندما تکون الألياف المستخلصة سليمة ونقية ومفککة .

(ج) أن زيادة سمک الوحدات الغولية من الألياف سببها عدم کفاءة عملية الاستخلاص المستعملة حيث لم يتم بها تخليص الألياف کلية من باقي أنسجة النبات کما لم تتفکک الألياف نفسها للدرجة المطلوبة وبقيت متلصقة ببعضها مما زاد سمک الوحدات الغزلية من هذه الألياف أما الألياف نفسها إذا ما فککت فسيکون سمکها أقل بکثير والحدود المطلوبة للغزل حتى الرفيع جدا منه .

(د) تأکد أن سمک الوحدات الغزلية المتاحة نتج عن عدم تفکيک حزم الألياف نفسها وليس عن ظروف جوية غير ملائمة أثناء نمو النبات أو نوعية التقاوى المستعملة أو عن وفرة محصول البذور الناتجة کما کان يعتقد خطا .

 وکشفت الدراسة أنه يجرى في الوقت الحالي تسجيل براءة اختراع عن طريقة جديدة مبتکرة تقنن – لأول مرة في تاريخ استخلاص الألياف – طريقة مبدئية علي أساس علمي وقوانين طبيعية معروفة وثابتة تمکن متبعيها من استخلاص ألياف الکتان دون الإضرار بخواصها الطبيعية المميزة مع تفکيک حزم الألياف إلي مکوناتها من الشعرات الدقيقة إلي الدرجة المطلوبة .وتصحيحا لهذا الوضع المهدد لزراعة وصناعة الکتان في مصر لابد من سرعة :

(أ) السعي لإنتاج ألياف الکتان بالمواصفات المطلوبة للغزل المتوسط والغزل الرفيع في اقرب وقت ممکن طالما ثبت إمکانية هذا العمل .

(ب) عرض عينات من هذا الإنتاج الجديد – بمجرد ظهوره – وعرض توريد رسائل تجريبية منه بأسعار اقتصادية تشجيعا للمشترى لتعريفه بالإنتاج الجديد وقدراته العملية والعرض يکون في الداخل والخارج في نفس الوقت کسبا للوقت وإقناعا للغزالين بصلاحية الإنتاج الجديد .

والسرعة في التنفيذ مطلوبة حتى لا تضيع الفرصة ويصبح الحکم علي ألياف الکتان المصرى بعدم الصلاحية حکما نهائيا دائما يصعب جدا تغييره في المستقبل .

وقد بدا فعلا منذ فترة قصيرة تطبيق هذا الحل الحتمي لإنتاج محسن – بإتباع الطريقة الجديدة المبتکرة – في مصنع أحد أعضاء الجمعية التعاونية لمنتجي الکتان في ميت هاشم غربية وعرض الناتج فعلا علي مصانع غزل الکتان بالداخل ومصانع غزله بالخارج لمعرفة أراء الغزالين والاسترشاد بملحوظاتهم في التوصل إلي أنتاج الألياف بالمواصفات المطلوبة بإذن الله .

وکلنا أمل في تحسين سمعة ألياف الکتان وإعادة فتح الأسواق الخارجية والداخلية له عندما تتأکد بإذن الله صلاحيته لجميع أنواع الغزل عمليا خصوصا وان تکلفة إنتاجه تجعل أسعاره– مهما کانت الظروف – أقل من أسعار الکتان الأوروبى الذى تزداد صعوبات زراعته واستخلاص أليافه مع ارتفاع تکلفة إنتاجه سنة بعد أخرى.

ولن يکون ذلک کثيرا علي مصر التي کانت مهدا لزراعة وصناعة الکتان منذ عهد قدماء المصريين الذين أبدعوا وأنتجوا منذ أکثر من 5000 عام أرفع خيوط الکتان واخف أقمشته التي لم يضارعها إنتاج إلى يومنا هذا والآثار النسجية الکتانية الموجودة بالمتحف المصرى خير شاهد علي ذلک والله الموفق.

                      د/ أشرف عبد الفتاح