اســتحداث عـجائن سليلوزية لتلائم التشکيل النحتي المجسم على هياکل من السلک ( دراسة تجريبية )

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

مدرس النحت بکلية التربية النوعية بالمنصورة والمحاضر بقسم الآثار – کلية الآداب والعلوم جامعة المرقب – الجماهيرية الليبية

الموضوعات الرئيسية


مقدمة :

أصبح تناول الخامات المستحدثة من أهم ما يميز التشکيلات النحتية الحديثة والمعاصرة، حيث يحمل تنوع الخامات في الفن الحديث قيماً حسية متعددة يستطيع الفنان توظيفها في إثراء التشکيلات النحتية، وقد تأثرت الخامات بروح العصر منذ بدايات القرن العشرين وإلى يومنا هذا، فالخامة هي الوسيط المادى التي يستطيع الفنان استخدامها في معالجاته التشکيلية کوسيط ناقل لتعبيراته النحتية " فالخامة هى العنصر المحسوس عند الفنان، وبالنسبة للـعمل الفني هي جـوهره العيني أو جسمه، وبدونها يکون العمل الفني هزيلاً خاوياً " (1)، ومما لا شک فيه أن الخامات التي يتم استخدامها في التشکيلات النحتية، أو الأعمال الفنية بشکل عام قبل توظيفها جمالياً يکون لها وضع أو معنى، وبعد استخدامها في العمل الفني يختلف هذا الوضع والمعنى " فمن المعروف أن لکل خامة طبيعة وخصائص وإمکانيات عمل تختلف عن الخامة الأخرى، کما هو الحال في الخشب الذي يختلف في طبيعته عن الحديد، أو الحديد الذي يختلف عن الورق، أو الورق الذي يختلف عن القماش، فإذا ما نجح الفنان في اختيار الخامة التي تتناسب کانت هي الخامة الأفضل والأحسن بالنسبة له وبالنسبة للعمل الفني في اللحظة الراهـنة، وکانت هي في نفـس الوقت الخـامة التي لها قيمة ضـمن إطار القيـمة العامة للعمل الفني " (2).

ومن خلال تتبعنا لمسار استخدام الخامات في فن النحت منذ بدايات القرن العشرين وحتى وقتنا الحالي ، نجد أن الخامات المختلفة شغلت خيال العديد من الفنانين " باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي يمکن من خلالها التعبير عن أفکارهم، حيث احتلت الخامة في الفن الحديث مکانة عالية في الأعمال النحتية الحديثة لما تحمل من قيم فنية وخصائص جمالية تکسبها الخامة للأعمال الفنية الحديثة" (3)، ومع استخدام الفنان للخامات المختلفة في مجال النحت اختلفت أساليب الأداء، فما کان يستخدم في إطار النحت التقليدي المعتمد على أسلوب الحذف من الخامة وصولاً إلى الشکل المطلوب کما هو متبع عند استخدام الأحجار والرخام والأخشاب کوسائط للتشکيل النحتي، أو ما يتبع أسلوب الحذف والإضافة کما هو متبع في التشکيل بالوسائط المرنة مثل الطين والصلصال عند إنتاج النحت بخامة البرونز أو اللدائن المصبوبة في قوالب .  

ولقد اختلفت رؤى وأساليب تناول النحات للخامات لترجمة مشاعره وطاقاته الإبداعية فظهر العمل الفني بهيئات تشکيلية متعددة متناولاً الفنان من خلالها العديد من الخامات التي تخدم رؤيته التشکيلية والتعبيرية، وفى هذا يقول هربرت ريد H.Dead: "إنه منذ استخدام التکعيبيين والداديين الورق والخشب والقماش والأسلاک بجانب الأشکال الجاهزة الصنع والتي امتد فکرهم إلى فناني البوب Pop Art، من هنا أصبح تناول الخامات العصرية المستحدثة من السمات المميزة للأعمال الفنية الحديثة ، ونجد أن النحت عند أکثر المثالين المعاصرين يقوم على ربط أو تعدد أکثر من خامة في العمل النحتي الواحد ، فأصبح النحت الحديث لا يقوم على محاکاة الأشکال أو نقل المدرکات البصرية ، وأصبحت الخامة في الفن الحديث لها دور مهم وأساسي في المفهوم التشکيلي للعمل الفني"(4).

لذا نجد أن استخدام الخامات المختلفة في النحت الحديث هو اکتشاف لقيمها الجمالية الکامنة فيما وراء الشکل البسيط المرئي، فالتشکيل النحتي المجسم عبارة عن تنظيم جمالي للفکرة التي تدور في ذهن النحات واضعاً کل الجوانب التشکيلية والتعبيرية للخامة في مخيلته ليحقق القيم التعبيرية الجيدة في تکويناته النحتية، حيث أصبحت الخامة وسيط مادي يحقق الفنان من خلالها أفکاره ومشاعره في معالجات جمالية مبتکرة وذلک من خلال الفهم الواعي لخصائص وإمکانيات الخامات التي يستخدمها في تنفيذ أفکاره، ومما سبق تتضح أهمية الخامة، وأن تناول الخامات المستحدثة والغير تقليدية من أهم سمات ومميزات التشکيل النحتي الحديث والمعاصر.

ومواکبة للتطور الذي حدث في مجال التشکيل النحتي واستخدام العديد من الخامات ظهرت الحاجة للبحث عن بعض الوسائط التشکيلية المرنة والتي يمکن استخدامها في مجال التشکيل النحتي المجسم ، لذا يسعى البحث الحالي للحصول على عجائن من الألياف السليلوزية والتي يمکن استخدامها بسهولة في التشکيل النحتي المجسم بطريقة التشکيل المباشر على هيکل من السلک ليتناسب هذا الأسلوب التشکيلي مع المراحل السنية المختلفة , والتي يمکن أيضاً إتباعها عند إعداد معلم التربية الفنية للتشکيل النحتي المجسم في أقسام التربية الفنية في مرحلة التعليم الجامعي .

مشکلة البحث :

تتمثل مشکلة البحث في السؤال التالي : کيف يمکن الحصول على عجائن سليلوزية تلائم أسلوب التشکيل النحتي المباشر على هياکل سلکية ؟ .

وللتوصل إلى حل لمشکلة البحث يتطلب الإجابة على الأسئلة التالية:

1-ما هي الأبعاد التشکيلية لتناول الخامات النحتية ؟

2-کيف يمکن الاستفادة من الطاقة الکامنة للخامة کمثير للإبداع ؟

3-ما هي معايير اختيار الخامة کوسيط في التشکيل النحتي ؟

4-ما هي دوافع التجريب في الخامة وطريقة التشکيل النحتي المباشر ؟

5-ما هي أهمية استخدام العجائن في التشکيل المجسم ؟

6-کيفية استخدام الورق وعجائنه في التشکيل النحتي ؟

7-ما هي دوافع التجريب في العجائن الورقية في البحث الحالي ؟ 


أهمية البحث :

تتمثل أهمية البحث الحالي في الأتي:

1-   يتمشى البحث الحالي مع الاتجاهات الحديثة في مجال التربية الفنية للتوسع في توظيف إمکانيات الوسائط المرنة في التشکيل النحتي المجسم.

2-   يعطى المجال لممارسي فن النحت للتغلب على أهم عيوب العجائن الورقية ، والتي يمکن استخدامها في التشکيل النحتي المباشر .

3- ندرة البحوث والدراسات العربية التي تناولت موضوع توظيف الخامات السليلوزية في عجائن أو وسائط مرنة يمکن استخدامها بأمان في التشکيل النحتي فوق هياکل سلکية .

4-   قد يسهم البحث الحالي في إفساح المجال للتجريب مع الوسائط المرنة التي تصلح للتشکيل المباشر وتتناسب والمراحل السنية المختلفة .

فروض البحث :

يسعى البحث الحالي للتحقق من الفروض التالية :

1- إمکانية الوقوف على الطاقات الکامنة ومعايير اختيار الخامات في التشکيل النحتي .

2- توجد علاقة ايجابية بين استخدام الألياف السليلوزية في العجائن والحصول على خامات مرنة تلائم التشکيل النحتي المباشر على هياکل سلکية .

3- يمکن التغلب على العيوب والمشکلات التي واکبت استخدام الورق وعجائنه في التشکيل
النحتي المجسم .

أهداف البحث :

يهدف البحث الحالي إلى مواکبة التطور الذي حدث في مجال التشکيل النحتي والتنوع في استخدام بعض الخامات التي لم تکن مستخدمة من قبل في التشکيل النحتي المجسم ، لذا يسعى البحث الحالي للحصول على عجائن من الألياف السليلوزية والتي يمکن استخدامها بسهولة بطريقة التشکيل المباشر على هيکل من السلک ليتناسب هذا الأسلوب من التشکيل النحتي مع المراحل السنية المختلفة , وکذلک عند إعداد معلم التربية الفنية في مجال التشــکيل النحتي المجسم في أقسام التربية الفــنية بـمرحلة التعليم الجامعي لذلک يســعى البحث الحالي إلى تحقيق الأهداف التالية :

إظهار الأبعاد التشکيلية لتناول الخامات النحتية .

1- الوقوف على الطاقة الکامنة للخامة کمثير للإبداع .

2- التعرف على معايير اختيار الخامة کوسيط في التشکيل النحتي .

3- التجريب في الخامات وطريقة التشکيل النحتي المباشر .

4- الوقوف على مدى أهمية استخدام العجائن في التشکيل النحتي المجسم .

5- التعرف على طرق استخدام الورق في التشکيل النحتي وما يصاحبها من مميزات وعيوب.

6- التجريب مع الألياف السليلوزية للوصول إلى عجائن ملائمة للتشکيل المباشر فوق
هياکل سلکية.

وفيما يلي سيتم الإجابة على تساؤلات البحث.

أولاً : الأبعاد التشکيلية لتناول الخامات النحتية:

حرية الفنان من أهم نتائج الحياة العصرية التي واکبت المراحل المتعددة للمدارس الفنية المختلفة، حيث أثرت العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفکرية في مسارات واتجاهات الفن الحديث والمعاصر، وأصبح التحرر من قيود الماضي والتعبير عن روح العصر لتنامي إحساس الفرد بحريته وکيانه بعد أن قاسى ألواناً شتى من أساليب القهر والسيطرة الطبقية ، بجانب ما أتى به العلم الحديث من تقدم وتطور، وأصبح الاتجاه السائد هو حرية التعبير دون قيود أو حواجز تقف أمام الفنان، سواء من ناحية الموضوع أو الخامة التي يتناولها في التعبير الجمالي.

فالمنجزات العلمية الکثيرة التي واکبت مسيرة الفن الحديث والمعاصر فتحت آفاقاً جديدة للإبداع، حيث أتاح التقدم العلمي والتکنولوجي مجالاً واسعاً لتناول العديد من الخامات المستحدثة مما دفع الفنانين إلى التعرف على تکنولوجيا الخامات وأساليب التعامل التقني معها حيث يرى حمدى خميس أن "الخامات الجديدة التي جاءت نتيجة النهضة التکنولوجية الکبيرة من أسلاک ولدائن وعجائن وغيرها قد ساعدت في استنباط أشکال وهيئات فنية جديدة" (5)، ولتحقيق الأبعاد التشکيلية المتعددة للخامات المختلفة وإمکانيات استخدامها في المجال الفني يرى هربرت ريد "أن الإبداع في الفن يحتاج إلى الفهم والمعرفة العلمية للوسائط التي يستخدمها کل فنان وأن يکون على دراية کاملة لما يدور حوله، فمن غير المنطقي إن يکون الفن بدون خبرة وثقافة فنية وتقنية تختلف باختلاف الخامات التي يتم تناولها في العمل الفني.

لذا نجد أن التطور العلمي والتکنولوجي في إنتاج المواد واستحداث خامات أخرى لم تکن مستخدمة من قبل في مجال التشکيل المجسم کان له أثر کبير في تکوين العديد من المفاهيم الجمالية الجديدة والمرتبطة باستخدام العديد من الخامات في أعمال فنية مبتکرة وخارجة عن الإطار المألوف، ويعد فن النحت من أکثر المجالات الفنية التي استفادت من التطورات العلمية والتکنولوجية، حيث أنه فن بنائي يعتمد وبشکل کبير على التنوع في الخامات وأساليب أداؤها، والتي أثرت بشکل کبير على الأبعاد التشکيلية لتناول الخامة، وأيضاً استفادة الفنان لمعرفته التکنولوجية للخامات وطرق تشکيلها وأساليب التعامل معها جمالياً وتقنياً لما أتاحته له الحضارة الصناعية، مما ساعده وبشکل کبير في توفير الوقت والجهد، وکذلک سيطرته على خاماته في إبداعاته النحتية المتعددة الاتجاهات والأساليب.  

ثانياً : الطاقة الکامنة للخامة کمثير للإبداع:

بالرغم من تناول الفنان للخامات المتاحة له منذ أقدم العصور حيث تعرف على أهم خصائصها وکيفية التعامل معها بما يتوافق وقدراته الفنية والغرض الجمالي الذي يريد تحقيقه من خلال استخدام هذه الخامات "ومهما تنوعت الخامات باختلاف البيئات فالثابت هنا أنه رغم هذا التعدد فإن الإنسان في کل بيئة کان يجد لنفسه طريقة يتعامل بها مع خاماته " (6)، وذلک وفق ما يريد أن يحققه من قيم جمالية ووظيفية . 

وفى العصر الحديث نجد أن الثورة الصناعية وما صاحبها من تقدم في المجال الصناعي أعطى مجالا واسعاً لإنتاج العديد من الخامات والأدوات التي لم تکن متاحة للفنان من قبل، ومن خلال دراسة الخواص الفيزيائية والطاقات الجمالية الکامنة لهذه الخامات ودورها کوسيط مادي وأيضاً کمثير للإبداع، ومع التنوع في الاتجاهات والأساليب الفنية الحديثة منذ بدايات القرن العشرين وحتى وقتنا الحالي حيث "ذادت حرية الرؤية الإبداعية للفنانين في تحقيق أفکارهم الفنية، لذا تحول مرسم الفنان إلى مصنع صغير لتشکيل الخامات التقليدية والمستحدثة، وکذلک الغير مألوف من المخلفات الصناعية الحديثة " (7)، لذلک أصبحت الخامات وما يمکن أن تحققه للنحات من أهم مصادر الإبداع الجمالي من خلال الاختيار الموفق للخامة کوسيط مثير للإبداع، وفى هذا يقول جيروم ستولينتز G. Stalinists (8): أن المادة الخام لا تکتسب صيغة فنية فتصبح مادة استطيقية Aesthetics (جمالية) إلا بعد أن تکون يد الفنان امتدت إليها فخلقت منها
محسوساً جمالياً.

لذلک أصبح أمام النحات تنوع هائل من الخامات وإمکانيات جديدة يستطيع من خلالها تحقيق أفکاره الغير تقليدية في تناوله للعديد من الخامات وفق أحاسيس وانفعالات ذاتية داخل التکوين الفني في صياغات تشکيلية غير مألوفة قد يکون الدافع لها طبيعة الخامة ومعطياتها التشکيلية، وأصبح "أمام الفنان إمکانيات جديدة مکنته من تحقيق أفکاره الثورية فاخترق النحات الحديث الکتل الصلبة بالفراغات، وأصبح الفراغ عنصراً تشکيلياً قائماً بذا ته في تکوين العمل
الفني " (9)، لذا نجد أن الاستفادة من الطاقة الکامنة للخامات المستحدثة کمثير للإبداع تمثل محورا هاماً في عملية الإبداع الفني، حيث يستطيع النحات المعاصر استشعار القيم والمعايير الجمالية التي تتفق ورؤيته الذاتية لتناول الموضوع الجمالي، فقد أصبح الشکل المجسم في مجمله يرى کمجموعة من الأحاسيس والانفعالات في صورة منظمة داخل التکوين وما يحتويه من عناصر الکتلة والفراغ، فالوعاء الحاوي لکل هذا هو بلا شک الخامة التي من خلالها يستطيع الفنان أن
يجسد أفکاره (10)

ثالثاً : معايير اختيار الخامة کوسيط في التشکيل النحتي:

لکي يتم الاستفادة الکاملة من الخامات في مجال النحت ، يجب أن يکون اختيارها وفق
المعايير التالية :

1- طواعية وسهولة استخدام الخامة لتحقيق الغرض الفني المطلوب.

2- أن تکون ملائمة اقتصادياً للاستخدام الفني.

3- الخبرة الذاتية المناسبة للممارس في التعامل مع الخامة المراد استخدامها.

4- استخدام خامات التشکيل لم تکن مستخدمة من قبل، وهذا يتوقف على مدى خبرة الفنان وقدرته الإبتکارية (الجانب الابتکارى والتجريبي لدى الفنان).

5- مراعاة الاستخدام الآمن أثناء عمليات التشکيل الفني وتوافقها مع الشروط الصحية أثناء عمليات التشکيل.

6- أن تتسم الخامة التي يراد استخدامها في التشــکيل النحتي بصفة الاستقرار والديمومة (أى أنها تتحمل الظروف والعوامل الجوية المختلفة ).

7- الاستقرار الجمالي للخامة بعد التشکيل.

8- ملائمة صفات الخامة الفيزيائية لحجم العمل المراد تنفيذه.

9- ملائمة إمکانيات الخامة المادية للفکرة الجمالية المراد تنفيذها.

10- أن تقدم الصفات الشکلية للخامة قيما جمالية مضافة للعناصر التشکيلية المکونة
للعمل النحتي.

11- إلمام الفنان بتکنولوجيا وطرق معالجة وتشکيل الخامة التي يتخذها وسيط لتنفيذ
العمل النحتي.

رابعاً : التجريب في الخامات وطريقة التشکيل النحتي المباشر:

النحت الحديث والمعاصر ارتبط وبشکل کبير بالتجريب للسعي إلى تحقيق قيم جمالية جديدة للخامات أو الوسائط المادية المستخدمة في تنفيذ الأعمال النحتية، فالتجريب لا يقتصر على المجالات العلمية فقط، بل أصبح التجريب من أهم سمات الفنون الحديثة والمعاصرة، وخير دليل على ذلک التنوع والتفاوت الاستخدامى للخامات في المدارس والاتجاهات الفنية مما دفع الفنانين للتطرق لأساليب وطرق أداء خاصة لتحقيق قيم جمالية مستحدثة، ومجال التربية الفنية ليس ببعيد عن التجريب، حيث يذکر مصطفى الرزاز أن التجريب کمصطلح " أصبح من أکثر الکلمات استخداماً في النشاط التربوي والتربية الفنية بخاصة، إذ توصل إليه علماء التربية الفنية کمدخل علمي للنشاط الابتکارى في ضوء التقدم العلمي والمنهج القياسي الذي أسهم في التفاعل البناء بين العلم وبين الفن " (11)، لذلک أصبح التجريب في الخامات النحتية من أهم أساليب النشاط الابداعى کمحصلة إيجابية للتطور الذي حدث في کافة المجالات العلمية والإنسانية والأدبية، مما دفع الکثير من نحاتي القرن العشرين إلى التفکير العلمي في التناول الابداعى لخامات التشکيل النحتي المتعددة، وقد أصبحت القدرة الابتکارية للفنان هي التي تحدد الأسلوب الذي يمکن أن يتناول به الفنان عناصر التشکيل النحتي من خلال وسائط التشکيل المستحدثة والتي يمکن أن تعطى نتائج جمالية
غير متوقعة.

فالتجريب مع وسائط مادية متعددة للتشکيل النحتي يعد تحريراً للخامة من صفاتها التقليدية إلى صفات أخرى جديدة وفق صياغات جديدة ومبتکرة، وقد شهد مجال النحت الحديث والمعاصر اتجاهات تجريبية متعددة في تناول الخامات " لذا يجب على الفنان المجرب أثناء بناء عمله الفني أن ينمى قدرته الابتکارية، فکلما اتسعت معرفته بإمکانيات الخامة وطرق معالجتها أدى ذلک إلى زيادة أفکاره التخيلية وقدرته على الخلق، وتسيطر الخامة على نوعية الأشکال التي تنتج منها، لأن لکل خامة حدودها وإمکانياتها ونواحي قصورها الطبيعية، فالتجريب في الخامات المختلفة يساعد على اکتشاف إمکانية استخدامها للتعبير عن الموضوعات والأفکار بصورة تعبيرية " (12).

وعندما يتم التطرق لإعداد معلم التربية الفنية، وخاصة في مجال النحت نجد أن التجريب في الخامات المختلفة والتي يمکن استخدامها کوسيط للتشکيل النحتي يأخذ جانباً کبيراً من الأهمية ليصبح معلم التربية الفنية مواکبا للتطور الحادث في مجال الفن والتربية الفنية، وأيضا ليستطيع التعامل مع طلابه من خلال منطلقات التجريب في الخامات المختلفة والتي تتناسب مع طاقاتهم الإبداعية ومراحل النمو الجسدي والتعبيري لديهم، وخاصة عند التشکيل النحتي بطريقة التشکيل المباشر بوسائط تشکيلية متعددة، وخاصة أن النحت بطريقة التشکيل المباشر لغة غير متداولة وتحتاج من الممارس إلى خيال خصب کي يستفيد من طرق الأداء وفقاً للخامة الوسيطة، حيث نجد أن هذا المسلک التعبيري " قد يخرج التشکيل المباشر عادة بصورة تجريبية لا صلة بين النتيجة وأي مظهر طبيعي، ولکن من الجائز أيضاً أن تستخدم طريقة التشکيل هذه في موضوعات تعبيرية لأشخاص أو حيوانات أو طيور على أساس رمزي، أي تبذل العناية فيها بالکليات أکثر من التفاصيل " (13).

ونجد أن هناک بعد اقتصادي يدفع معلم التربية الفنية إلى البحث عن بدائل للخامات تکون اقتصادية، وخاصة في الوقت الذي تزداد فيه أسعار الخامات، وقد لا تتواجد بعض الخامات التي يمکن استخدامها کوسيط في التشکيل النحتي، وهنا تزداد أهمية التجريب في الخامات المختلفة للبحث عن بدائل لخامات التشکيل النحتي المباشر تکون اقتصادية في استخدامها بجانب قدرتها على تحقيق الغاية الجمالية المنشودة، ومن هنا تظهر أهمية التجريب لاستحداث وسائط للتشکيل النحتي في مجال التربية الفنية . 

خامساً : أهمية استخدام العجائن في التشکيل المجسم:

تتعدد المواد الخام وخاصة المرنة منها والتي يمکن استخدامها في التشکيل المجسم، وذلک تبعاً لما يقدمه العلم والطبيعة للفنان، وتختلف أيضاً تقنيات التشکيل لکل خامة باختلاف خصائصها وصفاتها وما يمکن أن تضيفه هذه الخامات من قيم تشکيلية مضافة تخدم الغرض الجمالي لذلک أصبح " لعجائن التشکيل أهمية کبيرة بالنسبة للفنان، حيث تعتبر العجائن من الخامات اللينة الطيعة للتشکيل اليدوي، نظراً لسهولة استخدامها وتوفرها وتعدد إمکانياتها التشکيلية والشکلية، وتختلف العجائن في ترکيبها ومکوناتها، وهذا التنوع والاختلاف يساعد کثير من الفنانين على استخدام العجائن لتجسيد أفکارهم في هيئات تشکيلية متعددة ومبتکرة"(14).

ويمکن أن تتسم هذه العجائن بصفات وخصائص تميز البعض منها عن الآخر في التشکيل النحتي المجسم، ومن خلال التعرف على خصائص هذه العجائن والتي تتناسب مع تقنيات الأداء في مجال التربية الفنية بشکل عام والتشکيل المجسم على وجه الخصوص، حيث يستطيع الممارس اکتشاف العلاقات الجمالية التي يمکن أن تقدمها هذه العجائن لأساليب التشکيل النحتي المباشر، وذلک من خلال تقديم الحلول للعديد من المشکلات المرتبطة بمنطلقات التفکير في التشکيل المباشر، والتي يحقق الممارس من خلالها العديد من الأفکار والحلول التشکيلية دون التقيد بحدود وإمکانيات الخامات الصلبة المتعارف عليها في مجال التشکيل النحتي، مثل الحجر والرخام والخشب والخامات الصناعية ، ويمکن أن تتضح أهمية استخدام العجائن في التشکيل النحتي من خلال النقاط التالية:

1- سهولة الحصول على مکونات هذه العجائن وإعدادها بأساليب تقنية بسيطة وغير معقدة.

2- المواد الخام الداخلة في تکوينها تکون رخيصة الثمن وغير مکلفة.

3- آمنة في الاستخدام وغير ضارة للصحة مما يجعلها صالحة للتشکيل النحتي في جميع المراحل التعليمية والعمرية.

4- يمکن استخدام أدوات التشکيل النحتي المساعدة، أو تشکيلها باليد مباشرة، مما لا يشکل عائق تقنى في الوصول إلى التکوين النحتي المطلوب تحقيقه.

5- يمکن التحکم في صفاتها الشکلية واللونية، مما يجعلها ملائمة لأساليب التشکيل  
النحتي المباشر

6- خفيفة الوزن عند مقارنتها بخامات التشکيل النحتي الأخرى.

7- يمکن التحکم في مکوناتها مما يعطى ثراء لونى وملمسي لا يتوفر في خامات التشکيل النحتي المباشر والمتعارف عليها، حيث يمکن تلوينها وهى عجينة أو بعد التشکيل والجفاف بما يتناسب معها من ملونات ومواد عازلة للعوامل الجوية المختلفة.

8- يدخل الماء في مکونات العجائن مما يجعلها تتسم بالمرونة والأمان في الاستخدام، وخاصة عند استخدامها في المراحل السنية الصغيرة.

9- تتميز العجائن عن اللدائن الصناعية في أنها تتصلد من خلال تبخر وفقد الماء من العجينة، ولا تتصلد من خلال التفاعل الکيميائي مثل البوليستر والايبوکسى.

10-   بعد جفاف العجائن تقبل إجراءات التشطيب والإخراج الفني المختلف کما هو متبع مع العديد من خامات التشکيل النحتي التقليدية والتي يتم استخدامها مع طريقة التشکيل
النحتي المباشر.

سادساً : استخدام الورق وعجائنه في التشکيل النحتي:

استخدام الورق وعجائنه کخامة وسيطة في التشکيل النحتي اتخذ عدة اتجاهات، حيث يعتمد وبشکل کبير على استخدام شرائح أو قطع من ورق الجرائد ومن ثم تشکيلها بطريقة البناء على هيئة طبقات فوق هياکل مجسمة من الطين أو أي وسائل أخرى مجسمة تمثل قالب يمکن أن تتشکل بها هذه الشرائح أو القطع الورقية بعد أن يستخدم معها أي مادة لاصقة، وفى الغالب يتم استخدام عجينة النشا أو دقيق القمح المطبوخ، وقد أشار محمود البسيونى(15) إلى ثلاث طرق للتشکيل المجسم باستخدام ورق الجرائد، والتي يمکن تطبيقها في مرحلة التعليم الأساسي والتي يجب على معلم التربية الفنية الإلمام بأساليبها التقنية، وفيما يلي سيتم التعرف على هذه الطرق الثلاث بالإضافة للعجائن الورقية.


الطريقة الأولى: التشکيل بالقصاصات الورقية على هياکل سلکية:

وفيها يتم استخدام قصاصات من ورق الجرائد مع وجود مادة لاصقة مثل النشا أو أي مادة لاصقة أخرى، ويتم وضع هذه القصاصات على هياکل من السلک، بحيث يتم بناء تشکيلات مجسمة لحيوانات أو طيور أو أشخاص، وبعد الانتهاء من التشکيل وتغطية الهيکل السلکي بقصاصات ورق الجرائد يتم دهان التکوين بمحلول الاسبيداج الذائب في الغراء مرة أو مرتين، وبعد تمام جفاف الشرائح الورقية يمکن استخدام الطلاءات والألوان المختلفة.

الطريقة الثانية: التشکيل المباشر بالقصاصات الورقية:

وفيها يتم استخدام ورق الجرائد بدون هيکل، وهى طريقة سريعة للتشکيل وقليلة التکاليف ولا تحتاج من الطفل إلا إلى عملية تصور يتخيل فيها أبعاد الجسم وتفاصيله قبل أن يخوض فيها، حيث يقوم الطفل بتجميع الورق باستخدام المادة اللاصقة فوق بعضها البعض على هيئة حيوانات أو طيور أو إنسان، ويتم ربط کل کتلة من الورق باستخدام الخيوط الرفيعة والتي تعمل على تثبيت الورق بجانب إبراز معالم هذه الکتلة وارتباطها بالکتل الأخرى وبعد أن ينتهي الممارس من التشکيل النهائي للتکوين النحتي يتم طلاءه بمحلول الاسبيداج الذائب في الغراء ليکتسب التشکيل صلابة وتماسک، وبعد ذلک يتم الدهان بالألوان المطلوبة.

الطريقة الثالثة: قصاصات الورق والتشکيل في القوالب ( أو فوق هيکل طينى ):

مع هذه الطريقة يتم استخدام ورق الجرائد من خلال وضعه فوق هياکل من الطين بعد تشکيلها حسب التکوين المطلوب، وهذه الطريقة يمکن إتباعها عند عمل الأقنعة للأطفال وأيضاً الأراجوز، ويتم إتباع هذه الطريقة من خلال تشکيل الهيکل الطيني حسب القناع المراد تنفيذه مع مراعاة عدم وجود تفاصيل تعوق إخراج القناع الورقي النهائي، حيث يعد التشکيل الطيني بمثابة قالب يتم بناء القصاصات الورقية عليه، ويمکن استخدام أى أشکال مجسمة أخرى تکون بمثابة قالب مثل الأطباق والأکواب أو القوالب الجصية، ولکن يراعى دهان الطين أو الجبس أو الوسائط الأخرى بالزيت أو الفازلين لتکون بمثابة عازل حتى لا تلتصق القصاصات الورقية فوق هذا القالب، وبعد أن يأخذ الورق الشکل المطلوب ويجف ينزع من فوق القالب، ويتم دهانه بمحلول من الاسبيداج والغراء من الوجهين، ثم يلون حسب الألوان المطلوبة.


الطريقة الرابعة: عجينة الورق مع التشکيل في القوالب:

تعتمد هذه الطريقة على استخدام الورق على هيئة عجينة مکونة من " اثنين مقدار من عجينة الورق + واحد مقدار من المصلب ( غراء أبيض شفاف )، ويمکن إضافة کمية مناسبة من ألوان البلاستيک (الأکريليک) أو تلوينها بعد مرحلة الجفاف " (16)، ويمکن استخدام هذه العجينة الورقية في بناء الشکل النحتي المطلوب بواسطة استخدام قالب جصى بعد إجراء العزل المناسب، وبعد جفاف عجينة الورق تنزع من القالب، ثم تلون حسب الشکل التعبيري المطلوب.

سابعاً : دوافع التجريب في العجائن السليلوزية:

يعد القصور الموجود في قاعات العمل والخاصة بتدريس مادة النحت في بعض کليات التربية النوعية ( کلية التربية النوعية بالمنصورة وفرعيها على وجه الخصوص ) کان هو الدافع الأساسي لسعى الباحث للبحث عن بدائل للتشکيل المجسم وفق فلسفة التربية الفنية في إعداد المعلم المربى الفنان على أساليب التشکيل النحتي المجسم من خلال وسيط مادي مرن يستطيع الطالب من خلاله تنفيذ تشکيلاته النحتية بسهولة ويسر وفق الحدود الرمانية والمکانية المرتبطة بعملية تدريس النحت، لذا کانت العجائن السليلوزية (کتان ـ ورق)  وما يمکن أن تقدمه من إمکانيات تشکيلية
وتعبيرية متعددة.

ومن خلال دراسة الباحث للإمکانات التشکيلية لطرق التشکيل باستخدام القصاصات الورقية والعجائن الورقية والعجائن بشکل عام والتي تطرق لها العديد من الباحثين، ومدى ملاءمتها للتشکيل النحتي المجسم وفق مقتضيات التجريب والتحديث الدائم لوسائط التشکيل النحتي بما يتوافق وفلسفة التربية الفنية، وجد الباحث أن طرق التشکيل بالقصاصات الورقية والعجائن الورقية بشکل عام  تتميز بما يلي:

1- رخيصة الثمن وغير مکلفة للممارس.

2- سهلة في التطبيق ولا تحتاج لأساليب تقنية معقدة.

3- تتناسب مع المراحل العمرية المتعددة.

أما بالنسبة لأهم العيوب فکانت کما يلي:

أولاً: طريقة التشکيل بالقصاصات الورقية على هياکل سلکية:

1- تحتاج إلى مهارة من الممارس حتى لا تنهار القصاصات الورقية أثناء العمل.

2- تحتاج إلى خبرة بصرية وقدرة تخيل عالية لتشکيل التکوين النحتي المجسم.

3- شکل وحجم القصاصات الورقية تفرض اتجاهات معينة في التشکيل.

4- يصعب استخدام الملامس التعبيرية، ولا تکون إلا وفق معطيات القصاصات الورقية وحجمها وکيفية وضعها فوق الهيکل السلکي.

5- تحتاج إلى صبر حتى يتم الوصول للتکون النحتي النهائي.

6- معدلات الانکماش تکون عالية.

7- بعد الجفاف لا يتميز الشکل الناتج بصلابة عالية.

ثانياً: طريقة التشکيل المباشر بالقصاصات الورقية:

1- تحتاج إلى قدرة عالية على التخيل.

2- تحتاج إلى صبر وعدم تسرع في التشکيل.

3- تراکم القصاصات الورقية وتجميعها بالخيوط يفرض اتجاهات تعبيرية معينة حسب وضع هذه القصاصات ولصقها ولف الخيوط عليها.

4- يصعب معها تحقيق قيم ملمسيه دقيقة.

5- معدلات الانکماش تکون عالية.

6- بعد الجفاف لا يتميز الشکل الناتج بصلابة عالية.

ثالثاً: طريقة القصاصات الورقية والتشکيل في القوالب أو على هيکل :

1- تحتاج إلى قالب أو هيکل يتم بناء القصاصات الورقية عليه.

2- لا بد من العزل الجيد للقالب أو الهيکل الذي سيتم البناء عليه أو في داخله.

3- ظهور بعض الفواصل والبروزات بين القطع الورقية إذا کان الورق المستخدم ذا سمک
کبير نسبياً.

4- يجب أن تکون القصاصات الورقية صغيرة الحجم حتى تتشکل حسب المسطح المراد وضعها عليه.

5- معدلات الانکماش تکون عالية.

6- بعد الجفاف لا يتميز الشکل الناتج بصلابة عالية.

7- حدوث تلف شديد إذا وصلت الرطوبة للتکوين الورقي.

8- لا تنقل القصاصات الورقية کل التفاصيل والتأثيرات الملمسية الموجودة في القالب.

رابعاً : طريقة عجينة الورق مع التشکيل في القوالب :

1-  تحتاج إلى قالب أو هيکل يتم بناء القصاصات الورقية عليه.

2-  لا بد من العزل الجيد للقالب أو الهيکل الذي سيتم البناء عليه أو في داخله.

3-  تنکمش عجينة الورق بعد الجفاف بنسبة کبيرة، وقد يؤثر ذلک على التکوين بشکل عام.

4-  تحتاج إلى مهارة وإحساس عام بسمک عجينة الورق أثناء وضعها فوق مسطحات القالب.

5-  لا تقوم بنقل کل التفاصيل الدقيقة الموجودة في القالب.

6- مع التشکيلات کبيرة الحجم تحتاج إلى تدعيم أو تسليح في التجاويف الداخلية، بما قد يتعارض مع معدلات الانکماش للعجينة الورقية مما يؤثر على القيم الملمسية للتکوين
النحتي الناتج . 

7-  تحتاج إلى خبرة ومهارة في لصق أجزاء التکوين بعد خروجها من أجزاء القالب وخاصة عند استخدام قالب مرکب من عدة أجزاء.

8-  من الصعب تحقيق فراغات کثيرة داخل التکوين، بل يفضل أن تکون کتل ومسطحات التکوين بسيطة وغير غائرة کثيراً.

9-  التکوين المنفذ يکون خفيف الوزن ولا يتمتع بالصلابة الملائمة التي تحفظ له صفة البقاء لأطول فترة ممکنة.

10- يحدث تشققات وانبعاجات للعجينة عند استخدامها بسمک کبير على القالب.

ثامناً : التجربة العملية ونتائج البحث :

يسعى البحث الحالي إلى استحداث عجينة مرنة تدخل الألياف السليلوزية في تکوينها، بحيث يمکن استخدامها بسهولة في التشکيل النحتي المجسم، ويمکن من خلالها التغلب على معظم العيوب التي ظهرت في طرق التشکيل الورقي السابق الإشارة إليها من قبل، وفى سبيل تحقيق ذلک اتجه الباحث إلى إجراء العديد من التجارب لعجائن سليلوزية يمکن استخدامها في التشکيل النحتي المجسم، والتي تتلاءم مع أهداف التربية الفنية ومنطلقات التفکير الابتکارى لدى طلاب التربية الفنية وذلک وفق الأهداف التالية: 

‏1-هدف جمالي :

استحداث عجينة يدخل في تکوينها الألياف السليلوزية يمکن استخدامها مع طريقة التشکيل النحتي المباشر وإمکانياتها المتعددة في إظهار الملامس والانکماش القليل في حجم کتلة العجينة ولا تتشقق مع ظروف الجفاف المختلفة، مما يؤثر بشکل کبير على جماليات الشکل لمجسم والمنفذ بالعجائن السليلوزية.

2- هدف إقتصادى :

نتيجة لارتفاع أسعار الخامات التي يمکن استخدامها في مجال التشکيل المجسم فإن البحث الحالي هو محاولة لاستخدام خامة رخيصة الثمن يمکن استخدامها بسهولة في مجال النحت بطريقة التشکيل المباشر ، ويمکن الاعتماد عليها في التغلب على عامل التکلفة الاقتصادية المرتبطة بالتشکيل النحتي المجسم .

3- هدف وظيفى :

تعد خامات التشکيل النحتي الناجحة هي التي تتسم بالديمومة أي البقاء في صورتها التشکيلية لأطول فترة ممکنة ، لذا يسعى البحث أيضا للحصول على عجائن تحقق القيمة الوظيفية التي تستخدم من أجلها ، وأيضاً مدى ملاءمتها لتحمل العوامل الجوية وطرق التشطيب والإخراج النهائي للتکوين النحتي المنفذ من خلالها .

أولاً : المواد الخام الأساسية للعجائن المستخدمة في الدراسة التجريبية :

من خلال دراسة العجائن الورقية السابقة وجد أنها تعتمد على مواد أساسية هي :

1- عجينة الورق ( ألياف سليلوزية ) .      2-المصلب ( غراء أبيض شفاف ).

 

والبحث الحالي يعتمد على التجريب مع الخامات التالية:

1- المواد السليلوزية وتنقسم إلى نوعين :

أولاً : ألياف المنتجات الورقية المستهلکة .    ثانياً : ألياف الکتان الشعر الخام .

2- المصلب ( غراء أبيض شفاف ).

3- معجون معالجة الحوائط البلاستيک .

4- مواد مالئة مثل : بودرة التلک ، مسحوق النشا.

5- مواد تساعد على ليونة العجينة مثل : الجلسرين وزيت الطعام .

6- مواد تمنع التعفن مثل : الشبة .

ثانياً : خطوات التجريب:

قام الباحث بإعداد عجينة الورق کما أشار إليها العديد من الباحثين والمکونة من :

اثنين مقدار من عجينة الورق + واحد مقدار من المصلب (غراء أبيض شفاف) وذلک للوقوف على أهم عيوب هذه العجينة ليمکن التغلب عليها أثناء التجريب في العجائن الورقية محل الدراسة والبحث ، وأمکن الوقوف على العيوب التالية :

  • حدوث انکماش کبير في أبعاد العينة .
  • حدوث تشققات کثيرة مع العينات التي يزيد سمکها عن 4 و 0 مم .
  • حدوث التواءات  وتغير في شکل العجينة عد اختلاف السمک في بعض المناطق.
  • العجينة بعد الجفاف تتسم ببعض المرونة وذات صلابة متوسطة.
  • غير مستقرة على الهيکل السلکى (الکراکاس) ويحدث لها انهيارات وتشققات کثيرة.
  • القيم الملمسية محدودة للغاية.
  • العجينة مسامية وتحتاج إلى دهان لسد المسام أولاً قبل إجراء التلوين والتشطيب النهائي.

قام الباحث بإجراء بعض التجارب العملية للوصول لأفضل خلطات العجائن السليلوزية (الورقية وألياف الکتان) والتي يمکن من خلالها التغلب على العيوب التي ظهرت في عجينة الورق المتعارف عليها وذلک وفق المحاور التالية :

المحور الأول :إعداد الألياف السليلوزية :

1-إعداد عجينة الورق :

يتم إعداد عجينة الورق بنقع قصاصات الورق المستهلک ( مثل ورق جرائد – کرتون - أطباق البيض ) في الماء لمدة 12 ساعة ثم تضرب في الخلاط الکهربائى مع کمية مناسبة من الماء حتى التفتت الکامل لأجزاء القطع الورقية ثم تصفى جيداً من الماء .


2 – إعداد ألياف الکتان :

يتم إعداد ألياف الکتان من خلال قصها إلى قطع صغيرة لا تتعدى في طولها عن نصف سنتيمتر.

المحور الثاني : إجراء التجارب للوصول لعجائن صالحة للتشکيل النحتي :

تم إجراء التجارب لإعداد عجائن صالحة للتشکيل النحتي المجسم يدخل في تکوينها الألياف السليوزية للتغلب على مشکلات التشکيل والتي سبق وأن أشار إليها الباحث من قبل ، وکانت التجارب ومکوناتها ونتائجها وفق ما يلي: 

الخلطة الأولى:

المکونات : نصف مکيال ألياف ورق +نصف مکيال غراء أبيض +نصف مکيال معجون بلاستيک + نشا حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

محدود

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا يوجد

4

الصلابة

جيدة

5

مرونة التشغيل

متوسطة

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة

7

المسامية

متوسطة

8

المظهر السطحي

ألياف الورق ظاهرة نسبياً

الخلطة الثانية:

المکونات : نصف مکيال ألياف ورق +نصف مکيال غراء أبيض +نصف مکيال معجون بلاستيک + بودرة تلک حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا توجد انبعاجات على السطح

4

الصلابة

جيدة

5

مرونة التشغيل

متوسطة

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة

7

المسامية

متوسطة

8

المظهر السطحي

ألياف الورق ظاهرة نسبياً

 


الخلطة الثالثة:

المکونات : نصف مکيال ألياف ورق +نصف مکيال غراء أبيض +نصف مکيال معجون بلاستيک + ربع مکيال زيت طعام + نشا حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

ضعيف جدا

4

الصلابة

جيدة جداً

5

مرونة التشغيل

جيدة جداً

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة

7

المسامية

متوسطة

8

المظهر السطحي

ألياف الورق أصبحت غير ظاهرة نظراً لزيادة نسبة النشا في الخلطة

الخلطة الرابعة:

المکونات : نصف مکيال ألياف ورق +نصف مکيال غراء أبيض +واحد مکيال معجون بلاستيک + ربع مکيال زيت طعام + نشا حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا يوجد

4

الصلابة

جيدة جداً

5

مرونة التشغيل

جيدة جداً

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة جداً

7

المسامية

ضعيف جدا

8

المظهر السطحي

ألياف الورق أصبحت غير ظاهرة نظراً لزيادة نسبة النشا والمعجون في الخلطة.

الخلطة الخامسة :

المکونات : نصف مکيال ألياف ورق + واحد ونصف مکيال غراء أبيض + واحد مکيال معجون بلاستيک + ربع مکيال زيت طعام + بودرة تلک حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا يوجد

4

الصلابة

جيدة جداً

5

مرونة التشغيل

متوسطة

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة جداً

7

المسامية

ضعيف جدا

8

المظهر السطحي

ألياف الورق أصبحت غير ظاهرة نظراً لزيادة نسبة البودرة والمعجون في الخلطة.

الخلطة السادسة :

المکونات : واحد مکيال ألياف کتان مجهز +واحد مکيال غراء أبيض +واحد مکيال معجون بلاستيک + ربع مکيال من زيت الطعام + نشا حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا يوجد

4

الصلابة

جيدة

5

مرونة التشغيل

متوسطة

6

الاستقرار على الهيکل السلکى

جيدة جداً

7

المسامية

ضعيف جداً

8

المظهر السطحى

ألياف الکتان غير ظاهرة في العجينة 

الخلطة السابعة :

المکونات : واحد مکيال ألياف کتان مجهز +واحد مکيال غراء أبيض +اثنين مکيال معجون بلاستيک + ربع مکيال من زيت الطعام + نشا حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا يوجد

4

الصلابة

جيدة

5

مرونة التشغيل

جيدة جداً

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة جداً

7

المسامية

ضعيف جداً

8

المظهر السطحي

ألياف الکتان غير ظاهرة في العجينة 

الخلطة الثامنة:

المکونات : 1 مکيال ألياف ورق + 1مکيال من ألياف کتان +1 مکيال غراء أبيض +3  مکيال معجون بلاستيک + نصف مکيال من زيت الطعام + نشا حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا يوجد

4

الصلابة

جيدة

5

مرونة التشغيل

متوسطة

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة

7

المسامية

متوسطة

8

المظهر السطحي

الألياف السليلوزية والکتان غير ظاهرة في العجينة .

الخلطة التاسعة :

المکونات : 1 مکيال ألياف کتان + 1 مکيال عجينة ورق +2 مکيال غراء أبيض +4 مکيال معجون بلاستيک + 1مکيال من زيت الطعام + بودرة تلک حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا يوجد

4

الصلابة

جيدة

5

مرونة التشغيل

متوسطة

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة

7

المسامية

متوسطة

8

المظهر السطحي

الألياف السليلوزية غير ظاهرة في العجينة 

الخلطة العاشرة :

المکونات : نصف مکيال ألياف ورق + نصف مکيال ألياف ورق + 3 مکيال غراء أبيض +2 مکيال معجون بلاستيک + 1مکيال من زيت الطعام + بودرة تلک حتى الوصول للدونة المناسبة للعمل. 

معدلات القياس

 

1

الانکماش

ضعيف جدا

2

التشققات

لا يوجد

3

التغير في الأبعاد

لا يوجد

4

الصلابة

جيدة جداً

5

مرونة التشغيل

جيدة جداً

6

الاستقرار على الهيکل السلکي

جيدة جداً

7

المسامية

متوسطة

8

المظهر السطحي

الألياف السليلوزية غير ظاهرة في العجينة 

نتائج البحث :

بناء على التجارب التي توصل إليها الباحث من خلال التجريب للوصول لعجائن سليلوزية تکون مناسبة للتشکيل النحتي المجسم في وجود هيکل من السلک کما يظهر في شکل (1) (أ،ب) وهو لأحد التشکيلات النحتية التي قام بها الباحث وکانت النتائج کما يلي :

1- تم التغلب على نسبة الانکماش الملحوظة مع عجائن الورق التقليدية وأصبحت العجائن التي توصل إليها الباحث مناسبة للتشکيل النحتي المجسم على هيکل سلکي مع نسبة انکماش وعدم تغير کبير في الأبعاد مما لا يؤثر على التکوين البنائي للتکوين النحتي کما نجد في العينات (4 ، 7 ، 9 ، 10 ) . 

2- العجائن التي توصل إليها الباحث سواء المعتمدة على نوع واحد من الألياف السليلوزية أو المخلطة معاً من ألياف الورق والکتان تتسم بالمرونة العالية أثناء التشکيل بشرط وجود زيت الطعام حسب النسب المشار إليها في متن البحث .

3- تتسم العجائن بنسبة صلابة جيدة بعد تمام الجفاف .

4- درجة مسامية قليلة مما يجعل العجينة لا تحتاج إلى تجهيز خاص للسطح لسد المسام قبل إجراء التشطيب النهائي والتلوين حسب الرؤية الفنية الخاصة بالممارس.

5- استقرار کامل للعجائن على الهيکل السلکي للتکوين النحتي المجسم أثناء مراحل التشکيل کما يظهر في شکل (2) ( أ ، ب ) وهو يبين التشکيل المرحلي على الهيکل السلکي.

6- المظهر السطحي للعجائن التي توصل إليها البحث لا تظهر فيها الألياف السليلوزية بشکل ملحوظ ، حيث تکون مندمجة وبشکل کبير مع مکونات العجينة مما يؤکد دورها في ربط مکونات العجينة معا ، ولا تؤثر تلک الألياف على المظهر السطحي للتکوين النحتي کما يظهر في شکل (3) وهو يبين التکوين النحتي في شکله النهائي.

7- استخدام النشا أو بودرة التلک لا يؤثر کثيراً على درجة صلابة العجينة ، ويمکن استخدام أحدهم أو کلاهما عند إعداد العجينة .

8- تم التغلب على معظم العيوب التي ظهرت عند استخدام الورق وعجائنه في التشکيل
النحتي المجسم .

9- يمکن استخدام هذه العجائن على هياکل سلکية بطلاقة تامة وفى المراحل العمرية المختلفة

التوصيات :

وفقا لما توصل إليه البحث الحالي يوصى الباحث بما يلي :

1- تعميم استخدام العجائن الورقية والسلک في التشکيل النحتي المجسم مع المراحل السنية الصغيرة لأنها تکون مستقرة أثناء العمل مما يؤکد على ثقة الممارس في نفسه .

2- استخدام هذه العجائن وأسلوب التشکيل المباشر بوسائط مرنة مستقرة بعد الجفاف کمدخل لأسلوب التشکيل النحتي المباشر في کليات الفنون وأقسام التربية الفنية بکليات التربية النوعية

3- استخدام أسلوب التشکيل المباشر بالعجائن السلوزية کمدخل إيجابي للتشکيل المجسم على الهياکل السلکية کبديل لاستخدام الجبس وما يحکمه من ضوابط للتشکيل مثل السرعة في العمل ، معدلات الجفاف ، الرطوبة النسبية في الجبس بعد الجفاف ، صلابة الجبس أثناء التشکيل.

المراجع :
(1) جيروم ستولينتز: " النقد الفني – دراسة جمالية وفلسفية "، ترجمة فؤاد زکريا، ط 2، الهيئة المصرية العامة للکتاب، القاهرة، 1981، ص 217.
(2) حمدى خميس: " التذوق الفني ودور الفنان والمستمتع "، دار المعارف، القاهرة، ص 34.
(3) محمد بريک ياسين: " الخامات اللينة والعجائن والإفادة منها في مجال التعبير المجسم "، رسالة ماجستير غير منشورة، کلية التربية الفنية، جمعة حلوان، القاهرة، 2005، ص 50. 
(4) Herbert Read: The Meaning of Art, Apelican Book, p.267.
(5) حمدى خميس: مرجع سابق، ص 51.
(6) سليمان محمود حسن: " دور الخامات البيئية في التشکيل الفني"، مجلة دراسات وبحوث، المجلد الخامس، العدد الثالث، جامعة حلوان، 1982، ص 27.
(7) Ray Faulkmer, Eziegfeld; Art Today, Halt, Rinchart &Winston Inc, New York, 1969, p.469.
(8) جيروم ستولينتز: " النقد الفني – دراسة جمالية وفلسفية "، مرجع سابق، ص 322.
(9) محمد بريک ياسين: مرجع سابق، ص 64
(10) زکية سيد رمضان: " تزاوج خامات التشکيل المجسم في النحت الحديث وأثره على القيم الجمالية للعمل الفني – دراسة تجريبية "، رسالة دکتوراه غير منشورة، کلية التربية الفنية، جامعة حلوان، القاهرة، 2000م، ص 49.
(11) مصطفى الرزاز: " التجريب والتصميم في التربية الفنية "، صحيفة التربية، القاهرة،  العدد 2، يناير
1984، ص 29.
(12) أيمن أحمد الدسوقى: " استحداث معالجات کيميائية للعجائن الطينية وتوظيف إمکاناتها التشکيلية في مشغولات فنية معاصرة "، رسالة دکتوراه غير منشورة، کلية التربية النوعية، جامعة عين شمس، القاهرة، 2005، ص 87.
(13) محمود البسيونى: " نحت الأطفال "، دار المعارف بمصر، القاهرة، ط 1، 1969، ص 93.
(14) محمد بريک: مرجع سابق، ص 70.
(15) محمود البسيونى: مرجع سابق، ص 85 – 88.
(16) محمد بريک ياسين: مرجع سابق، ص 241.