رؤية ابتکارية لملصقات الدعوة الإسلامية

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

رئيس قسم التربية الفنية کلية التربية النوعية بالمنصورة

الموضوعات الرئيسية


تمهيد

تعريف الأصالة :

  1. الأصالة هى المواطنة والانتماء للوطن … ووعى تام بالذات … والثقة بالنفس وحب الأسرة والأهل.
  2. هى القدرة على التواصل بين أفراد المجتمع والتجانس فى نسيج واحد يشد بعضهم بعضا کالبنيان المرصوص .
  3. الأمن والأمان والإيمان بالله والتمسک بمکارم الأخلاق والالتزام بأصول اللياقة والذوق .
  4. الوعى بالماضى والحاضر والمستقبل ککل متواصل .
  5. أن يکون للوطن شخصية مستقلة مميزة ، وعدم التبعية إلى فکر أو ثقافة وطن أخر … وليس معنى هذا عدم قبول الآخر ولکنه يعنى التعايش السلمى والاعتراف بالخصوصية والتعددية الثقافية .

 

 

ينابيع الأصالة المصرية :

  1. عبقرية المکان : وجغرافية مصر ذات الشخصية المميزة … والاستراتيجية الخاصة على الکرة الأرضية .
  2. عبقرية الزمـان : تاريخ حافل بالحضارات العظيمة التى أثرت على تاريخ البشرية علميا وفنيا وأدبيا ودينيا.
  3.  نهـر النيــل : هو الإله حابى عند قدماء المصريين … وهو السد العالى والشريان الحيوى ومن المياه خلق الله کل شئ حى .
  4.  التـديــــن : حيث کانت مصر مهد لديانات متعددة انصهرت فى بوتقة الهوية المصرية المميزة .

القرآن الکريم والحروف المقطعة :

الحق أن لکل الأنبياء معجزات … ومعجزة النبى محمد صلى الله عليه وسلم کانت هذه الآيات البينات … کتاب يخرج الناس من الظلمات إلى النور … نبراسا ومصباحا منيرا … من اتبعه کان له هاديا ومن أعرض عنه فلن تجد له وليا مرشدا … وتوجد فيه بعض الحروف فى أوائل السور إختلف فيها المفسرون… ولا علم بها إلا عند الله سبحانه وتعالى ، فهو علام الغيوب… وما أوتينا من العلم إلا قليلا .

معنى الحروف المقطعة :

قوله تعالى ) حم ( هذا أحد الحروف المقطعة وهو من المتشابه الذى يترک فهم معناه إلى الله منزله فيقول المؤمن : الله أعلم بمراده به ، وقد ذکرنا له فائدتين جليلتين …

الأولى : أنه لما کان المشرکون يمنعون سماع القرآن خشية التأثر به جاءت هذه الفواتح بصيغة لم تعهدها العرب فى لغتها فکان إذا قرأ القارئ رافعا صوته مادا به هذه الحروف يستوقف السامع ويضطره إلى أن يسمع فإذا سمع تأثر واهتدى غالبا وأعظم بهذه الفائدة من فائدة .

والثانية : أنه لما أدعى العرب أن القرآن ليس وحيا إلهيا وإنما هو شعر أو سحر أو قول الکهان أو أساطير … تحداهم الله تعالى بالإتيان بمثله فعجزوا فتحداهم بعشر سور فعجزوا فتحداهم بسورة فعجزوا فأعلمهم أن هذا المعجز إنما هو مؤلف من مثل هذه الحروف …

) حم … طسم … آلم ... ( فألفوا نظيره فعجزوا فقامت عليهم الحجة لعجزهم وتقرر أن القرآن الکريم کلام الله ووحيه أوحاه إلى رسوله ويؤکد هذه الفائدة أنه غالبا إذا ذکرت هذه الحروف فى فواتح السور يذکر القرآن بعدها نحو ) طس … تلک آيات القرآن ( ، ) حم .. والکتاب المبين ( ، ) آلم .. تلک آيات الکتاب الحکيم (  .

 صدق الله العظيم

مشکلة البحث :

  1. البحث محاولة للتجديد فى شکل الملصقات وذلک باستخدام الأدوات المعاصرة (کاميرا – کمبيوتر – فوتوکوبى) وأن يتکون على مضمون الحروف العربية وخاصة (الحروف المقدسة ) أو الحروف المقطعة والتى توجد فى بداية بعض السور القرآنية . والهدف من ذلک [تطوير الخطاب الدينى] وبطريقة معاصرة  - وحديثة – وغير مسبوقة قدر المستطاع .
  2. لفت نظر جميع أجناس العالم بأن الدين الإسلامى دين الوسطية ودين الجمال والکمال والجلال وليس منغلقا على نفسه .
  3. التقدم للأمام . وأن يکون أسلوبنا أسلوب علمى وأن يعرف الآخر بأننا لسنا أقل منهم .. بل إننا أکثر منهم معرفة ثقافيا وکل إنسان متدين يتحلى بمکارم الأخلاق … ويتخلى عن کل ما هو خطأ ويتجلى له نور الله ومن المعلوم ان مصر حماها الله دولة عظمى ثقافيا واخلاقيا .
  4. إذا ضاع الإيمان فلا آمان : ومن يعرض عن سبيل الله کانت معيشته ضنکا . کما يتضح فى هذا العصر المادى – وعبادة الدنيا ونسيان لله فأنسانا أنفسنا .

وهذه بعض المخاوف من الغد:

إما أن نکون أو لا نکون :

بما يتناسب مع التطورات الطارئة على مجتمعاتنا. لذلک کله وجدنا أن مسألة أخلاق المعرفة ومجتمع المعلومات مسألة مهمة جدا لابد من الترکيز عليها وإبرازها ، للوصول إلى تلقى قبولا فى بلداننا العربية، وأن نسعى بعد ذلک إلى نشر هذه الثقافة الجديدة وأن نثبت ونرسخ الضوابط الأخلاقية للمجتمع الجديد بمعرفة الدين الصحيح وأن نتعامل مع الغرب ندا لند .

تعدد اللغات والثقافات والحوارات بين الحضارات :

ينظر الإنسان المعاصر إلى مجتمع المعلومات على أنه نموذج أخلاقى متقدم سيتيح لمجتمعاتنا إمکانات أکبر فى تبادل المعلومات وتحقيق حرية انسياب المعلومات وتحقيق فوائد متوازية لمختلف المجتمعات خاصة تلک الأضعف ثقافيا واقتصاديا وتقنيا إلا أن تطور الوقائع يختلف کثيرا عن النموذج الأخلاقى ، ذلک أن توسيع التعاون بين مختلف شعوب العالم يتطلب أولا إنشاء بنية تحتية قوية لطرق المعلومات السريعة ولا بد أن تبذل جهود مکثفة إيجاد حلول للمشکلات الحساسة المتعلقة بالتفاهم بين الشعوب ذات الثقافات واللغات المتعددة إلا أن ذلک لا يمکن تحقيقه فى ظل سعى عدد قليل من اللغات إلى فرض هيمنتها وتجاهل ضرورات نمو وتطور الثقافات واللغات الأخرى . ولابد من الحرص على إنقاذ التراث الإنسانى للشعوب من الضياع وأن يتمسک بما هو فى صالحه ويعرف ما خلق له هو الإيمان بالله .

أخلاقيات حماية البيئة من منظور إسلامى :

لا أهمية إذا لم يحافظ مجتمع المعلومات والمعرفة على کوکبنا نظيفا وقابلا للحياة ومن أهم القضايا المطروحة فى هذا الصدد قضية استخدام المياه النقية وعلاقتها بالمشکلات والصراعات الدولية وانعکاس ذلک سلبا وإيجابا على أخلاقيات العالم ، کما أن إنهاک الأرض بصورة متزايدة سوف يؤثر على نوعية الحياة واستقرار المجتمعات ولا ننسى المخاطر التى تنتج عن الاستخدام السيئ للطاقة من حيث الکميات الهائلة من الملوثات التى تنتج عنها، بالإضافة إلى ضرورة التصدى لهذه الأخطار والتنبؤ بالمشکلات الناجمة عنها وضرورة تقدير مخزون الطاقة وطرق نقلها والحفاظ عليها واستثمارها بالشکل الأمثل ، وتحقيق العدالة والاتزان من حيث التوزيع والإنتاج واستهلاک الطاقة .

تعزيز مکانة الشباب فى المجتمع الإسلامى:

مجتمع المعلومات ملقى على کاهل الشباب بالدرجة الأولى ، فمجتمع المعلومات هو مجتمع المستقبل وليس أفضل من الشباب من يستطيع التصدى لمهام هذا المجتمع المستقبلى ، لذا علينا أن نسلح شبابنا بأفضل القدرات والمهارات وأن ننمى حس الإبداع والاکتشاف العلمى واحترام المنظومة الأخلاقية الإسلامية لمجتمع المعلومات والاندماج الحقيقى بمجتمع المعلومات… وفى مهام المجتمع المقبل وإمکانية تنفيذ الاندماج بمجتمع المعلومات لذا لابد من  تعزيز مکانة الشباب فى المجتمع المستقبلى  .

  1. مشکلات العصر وقضاياه المتشابکة وأثرها على الدعوة الإسلامية :

من السلبيات أن عالم اليوم قد أفرز مشکلات وقضايا، لم يشهدها التاريخ من قبل ، عالم تضاعفت فيه معاناة الإنسان وآلامه واحتياجاته ومشکلاته الحياتية، ويذهب علماء الانثربولوجيا والطب النفسى والخدمة الاجتماعية وغيرهم، امثال برونساکى Brownski ومننجر  Menninger وبلوم Bloom وبارسونز Parsons إلى أن معطيات العصر بکل منجزاتها التکنولوجية والحضارية والعلمية والاقتصادية ، إذا کانت قد ارتفعت بعقل الإنسان ، إلا أنها أفرزت له العديد من المعاناة والآلام ، لم يشهدها إنسان الأمس بکل مظاهر التخلف والبساطة التى عاشها من قبل .

ويذهبMorgan  إلى نعت الجماعات البدائية Primitive Societies بعصورها القديمة المتوالية، وبکل ثقافاتها المحدودة وعالمها الميتافيزيقى الغيبى بأنها الجماعات التى تحررت من الاضطرابات الحياتية والهموم النفسية والاغتراب Alienation  الذى  تعيشه جماعات اليوم .

کما ذهب توبنى Toynbee الفيلسوف الکندى المعاصر إلى وصف إنسان العصر بأنه أضحى يحلق فى الفضاء تحرکه قوى لا يملک مقدراتها، بعد أن کان بالأمس القريب يعيش على أرض زاهية بالخيرات لاشباع کل متطلباته مما أوجد بعض الازمات نذکر منها:

1.أزمة القيم Value Dilemma :

من السلبيات قضية أثارها سوروکينSorokin  وبارسونز Parsons  من الاجتماع ، کما أثارها بلوم Bloom وزاسترو Zastrow من علماء الخدمة الإجتماعية کظاهرة هدامة تهدد البناء الإجتماعى والانتماء فى المجتمعات قاطبة وخاصة فى المجتمعات النامية فى العصر الحديث. فمع ثورة المعلومات المعاصرة والغزو الثقافى لمجتمعات الشمال ولمجتمعات الجنوب ، تهدد قيم هذه المجتمعات وتصارعت معاييرها، لتتوه قيمها المتوارثة بين : ما هو الخطأ؟ وما هو الصواب ؟ بل انبثقت فى هذه المجتمعات صراعات بين العلمانيين ( من دعاة التقدم ) وبين الدينيين من دعاة ( الأصالة) ، وبين من يعرفوا بالسمات المرجعية التقليدية وبين من يعرفوا بالتحررية التقدمية.

  1. مأساة المستقبل وسلبياتها المتعددة :

ذهب مارتن بلوم إلى ما أسماه : مأساة إنسان المستقبل وطالب بإعادة النظر فى المواجهة الفعالة لتحديات القرن الواحد والعشرين على هذا النحو:

  1. " العولمة " وهى شعار مستحدث ، يسدل الستار على المحليات وخصوصية الفرد والمجتمع للقياس بمعايير عالمية تحکمها القوة والمادة.
  2. سيادة تکنولوجيا أکثر تقدما، لا يعيش فيها إلا الکفاءات النادرة .
  3. إنزواء التقاليد والقيم لتحل محلها فلسفة المصلحة الخاصة .
  4. العودة إلى منطق دوارين ، البقاء للأقوى والصراع فى سبيل الحياة .
  5. عجز الثروات الطبيعية لسد حاجات سکان العالم .
  6. قلة فرص العمل والسيطرة الکاملة للکفاءات النادرة فى سوق العمل .
  7.  نتيجة للتقدم فى العلوم الطبية تتناقص حالات الإعاقة الجسمية مع تفاقم الإعاقة العقلية " الذهان " لزيادة مشاعر الإحباط .
  8. آثار مدمرة لتلوث البيئة تؤثر على صحة الإنسان مع تزايد ضحايا العنف.
  9.  إنحسار دور الأسرة والتفکک الأسرى وعقوق الأبناء وجنوح الآباء .
  10. إرتفاع تکاليف المعيشة وإنتشار الجريمة .
  11. الحضارة التليفزيونية والتعليم المفتوح :

العالم الأمريکى " مارشال مالکوم " يقول أننا نعيش حضارة تليفزيونية – سواء أردنا أم لا .. سواء کانت هذه الحضارة إيجابية أو سلبية فهى سوف تکتسح کل ألوان التخلف .

وفى بداية ظهور التليفزيون کان وسيلة اتصال من جانب واحد .. ولکن مع ظهور الأقمار الصناعية والإنترنت أمکن أن يکون هناک حوار بين شخصين کلا منهما فى طرفى الکرة الأرضية. أى لم تعد حدود جغرافية وتؤکد تلاشى المحليات .

کما ظهرت فى دول العالم " الجامعات المفتوحة " والذى قد يقلب النظام الأکاديمى الذى نعيشه الآن .. ويصبح التعليم عن بعد هو الأساس ويوجد احتمال ان تنزوى المبانى والمدرجات وکذلک المعامل أى يکون هناک شکل جديد للفصول أو المحضرات لأن تکنولوجيا العصر القادم تتيح للأستاذ أن يدرس لملايين الطلاب فى وقت واحد .

  1. مأساة المستقبل وسلبياتها المتعددة :

إزدادت فى الوقت الحالى أصوات کثيرة متباينة الأهداف حول الماضى والحاضر والمستقبل وتوجد حقيقة علمية تؤکد أن الإناء الممتلئ هادى الصوت أما الإناء الفارغ له صوتا مدويا ويؤکد ذلک أيضا ان الحکمة القائلة بأن No News ..Good New حيث نسمع أصواتا عالية ضد التقدم والحضارة الحديثة.

  1. الإقدام خير من الأحجام فى الاجتهاد الدينى :

السلبية هو عدم الاعتراف بالحقائق . أما الإيجابية هى المواجهة وشجاعة الاعتراف بالخطأ. لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ولذلک کانت لنا وقفة حاسمة لذلک .

 

 

الفکر الجمالى فى الفنون الإسلامية

(الحق – الخير – الجمال)

الفن الراقى يصفو بالأرواح ويرق القلوب . فتشيع فى أعماق الإنسان موسيقى حالمة تأخذنا إلى عالم السمو فنرقى إلى معارج النور والهداية ومنابع الأسرار التى تدور حولها حياة الإنسان السوى الذى يتجه بفطرته نحو تحقيق السعادة . والجمال هو جوهر السعادة وهو رحيقها وعبيرها وهو وسيلة الاتصال التى تبعث فى النفس السرور و الرضا والطمأنينة .

أن الله سبحانه وتعالى يدلنا على أن نتمتع بالحياة وکل ما فيها من طيبات وزينة ، يقول الحق سبحانه ) قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق(. وکان الرسول "حينما سئل : أمن الکبر أن يکون ثوب الإنسان نظيفا ؟ فيجب إن الله جميل يحب الجمال . وإنما الکبر هو بطر الحق وغمط الناس . فالله سبحانه وتعالى وفق القاعدة التوحيدية ليس کمثله شئ يتصف بالجمال والکمال . کما إنه سبحانه وتعالى أنعم بصفة الجمال على سائر المخلوقات التى نشاهدها فى کافة أرجاء الکون من حولنا من أشکال وألوانا تتحلى بها الطبيعة وکأنها لوحات فنية حية فى غاية الإتقان والروعة .

وکثير من الآيات فيها موسيقى لأن القرآن الکريم لا ينطق إلا بالترتيل إى موسيقى داخلية وإيقاع جميل على القلب والأذن . وکثير من الآيات القرآنية تشير إلى الزينة التى تتحسن بها الأشياء وتتجمل ولم أجد فى تعبير عن جمال الحديقة وما تحويه من زهور وثمار وأغصان وظلال وألوان وجداول وليس أسمى من التعبير القرآنى

الذى يحمل الترکيز والشفافية ) حدائق ذات بهجة( صدق الله العظيم .([1] ) والله تعالى يقسم فى القرآن الکريم بالفجر والليل والضحى والصبح وکلها معالم تدل على قيمة هذه الرموز. وهى تعطيه من الجمال ما يغمر القلب هيبة وخشوعا کما أن القرآن الکريم يأخذنا على جناح آياته لننظر فى هذا الملکوت الهائل الفياض بالجمال والجلال والکمال .

فإسلامنا کالياقوتة بريق وجمال والذى يريد أن يعيب الياقوتة أحمق لأنه يعتدى على القيم والمعانى الکبار . ألم يکن حسان بن ثابت شاعرا ، ألم يقل الشعر ، والشعر فن راقى ؟ أنه يلقب [ بشاعر رسول الله]  وأخيرا الفن الجميل حلال … إذا کانت النية حسنة – وأما سوء النية  (هى القبح) والجمال دائما خير والقبح شر.

هدى الله أن تکون البصيرة خير من البصر :

لتحديد موقع الفنون البصرية فى الفکر الجمالى الإسلامى ولتحقيق وتکشف التراث الإسلامى فى هذا المجال ، ينبغى إلا تغيب عنا حقيقة أساسية أن الإسلام يجب أن يدرک ککل لا يتجزأ فهو ليس مجرد طقوس وعادات تؤدى فى أوقات معينة . ولکنه يدخل جميع التفاصيل الدقيقة والکبيرة فى حياة المسلم بما فى ذلک شعوره وسلوکه تجاه الفنون البصرية .

ومن الحرکات الدينية ذات الفکر المتميز فى التراث الإسلامى والعصر الحاضر (الحرکة الصوفية) وقد بدأ هذا الاتجاه فى القرن الثامن الميلادى وما يزال مؤثرا فى بعض الديار الإسلامية . وهذا الاتجاه يغطى مدى واسع من الفکر والتصوف والزهد والـتأمل العميق النابع من أعماق النفس وفى الظواهر الخارجية ويتبع هذه الحرکات بعض الفلاسفة والمفکرين ، وقد أکدوا على التصورات المبنية على المعنى الروحى الغير مدرک بالعقل أو غير باد للحواس فى القنوات السمعية والبصرية وأن المعرفة البصرية والاستشعار الجمالى مقاييس يحکم من خلالها على مدى جودة ونقاء الحال الداخلى والتقدم النفسى للصوفى ) وإنما لا تعمى الأبصار ولکن تعمى القلوب التى فى الصدور(.

ويظهر جليا فى فکر الفيلسوف الصوفى المسلم الغزالى "کنة أو المعنى" التجربة الجمالية - ففى کتابه (کيمياء السعادة) يبرز الطبيعة التجربة الجمالية من خلال تحليل فلسفى لکينونة الجمال وواقع الحياة، ويربط المؤلف بين مغزى الجمال وجودة الحب ، وقد وضع حب الله فى أعلى مرحلة ممکن أن يصل إليها المحب ، فالحب مصطلح جمالى يعود إلى نوعية التجربة الجمالية بين الصوفية (المحب) و(المحبوب) وهو "العمل الفنى" .

والعمل الفنى (متغير وليس بالضرورة أن يکون عملا فنيا بالمصطلح الغربى وهو ما صنع لذات الفن ( الفن للفن) ولکننا نحن المسلمين الفن له وظيفة تربوية ونفسية، من هذه النقطة يبرز الفرق واضحا بين العمل الفنى فى الجمال الإسلامى وبينه فى الجمال الغربى ، فالحب ذو محتوى روحى يعبر عن الجواهر فى صلب التجربة الجمالية الإسلامية . بينما لا يجد أدنى اهتمام فى إطار الفکر الجمالى الغربى والتفاعل الجمالى إذ يکون روحيا بدرجة عالية ، وتسعى عملية الشعور بالحب نحو الشئ أو العمل المقصود بالحب "کل شئ يلتقط عن طريق الإدراک الحسى ويقود إلى المتعة والرضى فأنه سيکون محبوبا من قبل الفرد الذى أدرکه" فالحب يعطى أهمية کبيرة للسعى الدائم للإنسان نحو الکمال والجمال وهو صلب الإيمان .

من هذا المنطلق فأن المسلم يدرک جماليات الحياة لأن يعيش روحيا ويحيط نفسه بصريا بالأعمال الفنية الجميلة والجو الجميل ، أن من السهل أن يحيط الإنسان نفسه بالجمال ولکن يصعب أحيانا أن يعيش هذا الجو الجمالى من الداخل ومن هذا المفهوم زودت الحضارة الإسلامية أبناءها بنموذج ليشبع کلا الحاجتين : العالم الداخلى من خلال الروح ، العالم الخارجى من خلال الرؤية البصرية . وحب الجمال يکون لأشياء قد لا تنطوى على فائدة مباشرة للمشاهد وإنما لأجل ذات الجمال ويجب التأکد على الربط بين جانبى التجربة الجمالية الحسى والروحى .

أهمية النقد الفنى کمدخل للتذوق الجمالى :

للحوار النقدى أهمية کبيرة فى فهم التجربة الجمالية للمتذوق والفنان ويرى الغزالى الفيلسوف العربى الاسلامى أن النقد الفنى ضرورة فى فلسفة الجمال والفن لأن هذا النوع من النقد يکشف للمتذوق التجربة الجمالية . کما أن جمال الشىء لا يکمن فى المظهر فقط ولکن الکمال المدرک  والذى يتواءم مع طبيعته، عندما تظهر جميع الخواص المحتملة للکمال فى الشىء المدرک فإن هذا الوضع يمثل أعلى درجات الجمال.

ويعتقد الفنان المسلم أن الجمال يمکن إدراکه من خلال ست حواس ، الحواس الخمس أما السادسة فهى الروح وهى موجهة فقط نحو الإدراک الحسى للعالم الداخلى . أما الحواس الخمس الأخرى فهى المسئولة عن التفاعل مع العالم المادى الخارجى.

أن الجمال بتکوينه الخارجى الذى يرى بالعين الجسدية يمکن أن يدرک حسيا فقط بعين "القلب" وبنور البصر الداخلى للإنسان فقط ويقول الله سبحانه وتعالى فى کتابه الکريم ) وإنما لا تعمى الأبصار ولکن تعمى القلوب التى فى الصدور( صدق الله العظيم .

والرسالات السماوية ما جاءت إلا تعبيرا عن السمو والترفع والبعد عن الدنيا، والارتقاء بالإنسان ، فالله سبحانه وتعالى يحب معالى الأمور ويکره سفاسفها وکل ما يرزى بالإنسان مرفوض ومحرم ومنبوذ فى الإسلام . لأن القيم فى الدين قيم رفيعة تدعو إلى تمتع الفرد بالنبل والحب والفضائل . وهذا هو الجمال الذاتى فالمؤمنون مطالبون بجمال أخلاقهم أولا ثم بعد ذلک عليهم أن يتجملوا ويتزينوا ويتطهروا وذلک من أهم عناصر الجمال (العملى) . وهذه الصفات دلت عليها آيات القرآن الکريم وأحاديث الرسول "وکلمات السلف الصالح وکلها تدعونا إلى ذلک وتحضنا على التمتع بکل ذرة من الجمال وبکل نغمة من لحن وبکل لمسة من زهرة ثم إليست مزامير داود عليه السلام إلا وسيلة من وسائل تبليغ الرسالة؟ فالغناء الراقى من خصائص النفس السليمة وقد أفرد الإمام الغزالى فى کتابه "إحياء علوم الدين" فصلا کاملا تحت عنوان (باب السماع) قرر فيه أن السماع الجميل من الأمور الفطرية فى النفس البشرية ومن عوامل ترقيق الشعور والإحساس غير أنه وضع شروطا لذلک منها : أن يکون موضوع الغناء مما لا يخالف أدب الإسلام مثلا إذا کانت هناک أغنية تمجد الخمر وتدعو إلى شربها فإن أداءها حرام والاستماع إليها حرام کذلک . وهناک أشياء يکون المستمع فيها مفتى نفسه ، فإذا کان الغناء أو لون خاص منه يثر الغرائز کان تجنبه أفضل وإذا کانت أغنية ترقق المشاعر والأحاسيس فسماعها لا بأس بها (انما الأعمال بالنيات ) . وقد رد ابن حزم على الذين يقولون إن الغناء حرام فقال إن رسول الله  "قال : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لکل امرئ ما نوى" فمن نوى الاستماع إلى الغناء عونا على معصية الله فهو فاسق. ومن نوى ترويح نفسه ليقوى بذلک على طاعة الله عز وجل فهو مطيع ومحسن وفعله هذا من الحق والجمال والخير.

والرسول  " يقول : " روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا کلت عميت" صدق الرسول الکريم.

والمسلمون مطالبون بأن يخذوا من أشکال الفن ما يولد لديهم مشاعر الجمال والحرص على قيمة الحياة مع الإلتزام بأحکام الإسلام.

 

الخط العربي      جمال يتجدد فى الأشکال والألوان :

يتميز الخط العربى ، عن غيره من فنون الخط، بطواعيته وقدرته على مسايرة التطورات ولهذا تعددت أنواعه، وکثرت أشکاله ، وتشکلت علاقة وثيقة بين کل نوع من أنواعه والمواد التى يکتب بها أو عليها… فتارة ، نراه لينا ينساب برشاقة وغنائية ، وأخرى ، صلبا متزنا، يقبع واثقا على الرقعة التى يشغلها ، لکنه فى کلا الحالتين ، يمنح القارئ أو المشاهد إحساسا بجمالياته الخاصة، التى لا تجعله مميزا عن غيره من فنون الخط وحسب ، بل وتبوئه مکانة خاصة ، بين الفنون الجميلة ، والمعروفة على صعيد عالمى، کالرسم والنحت والحفر والتصوير.

وليس هذا بمستغرب طالما أن الفن التشکيلى يستخدم الخط والکتلة والحيز واللون، والظل والنور ، وملامس السطوح کعناصر لشکله الفنى ، وهى جميعا متوافرة فى فنون الخط العربى الذى يتمتع بصفات تتيح له التعبير عن الحرکة والکتلة ، لا بمعناها المتحرک ماديا فحسب، بل بمعناها الجمالى، الذى ينتج حرکة ذاتية تجعل الخط يتراقص فى رونق جمالى ، مستقل عن مضامينه، ومرتبط معها فى آن معا.

ومن خلال نمطية الأساسين- المنحنى والطياش ، والهندسى – الذين يحتفظ کل منهما بجمالياته الخاصة ، مع الزخارف المرافقة لهما ، يستطيع الفنان خلق نوع من الإيقاع ، نتيجة التضاد بين الإجزاء والألوان ، وما يحققه ذلک من إحساس بصرى بالنعومة والخشونة والتکامل الفنى الناتج عن التوزيع الإيقاعى ، مع تحقيق الوحدة فى العمل الفنى ککل ، ومن خصائصه أيضا مخالفة الطبيعة، والتجريد والاستطراد ، مما يمنح الفنان الحرية اللازمة للتشکيل. واستخدم الخط العربى فى البداية وظيفيا فقط ، فکان أساسا أداة لنقل الدعوة ، وجمع القرآن إلى جانب استخدامه فى المراسلات والدواوين والعقود، إلا أنه سرعان ما تطور إلى فن يزين المساجد والجوامع والمخطوطات ، بدلا من التصوير والنحت اللذين حرمهما الإسلام فى دور العبادة، ولم يشجع عليهما، فى الأماکن الأخرى، أناسا کانوا حتى فترة قريبة يعبدون الأصنام ، ولأن الفن حاجة وضرورة ، لجأ الفنانون المسلمون إلى فنون الکتاب والعمارة والتعدين والنسيج وغيرها من الفنون، کان الخط العربى هو القاسم الأعظم لها بما له من زخرفة بداخلها.

أرتقى الخط العربى وتطور أيام العباسيين ببغداد حتى بلغ عشرين نوعا ، استخلص منها الوزير ابن مقلة أنواعا ستة هى : الثلث ، النسخ ، التعليق، الريحان، المحقق ، الرقاع .. ووضع مقاييسها وأبعادها وقواعدها الأساسية ، وضبط نسبها مستندا إلى العلاقة بين النقطة والنقطة کمقياس للخط .

 

 

أخلاقيات المعرفة الإسلامية

 فى مجتمع المعلومات

يواجه العالم فى بداية القرن الحادى والعشرين تحديات کبيرة لعل أهمها مسألة أخلاقيات المعرفة ومجتمع المعلومات والوصول إلى ضوابط محددة وأسس راسخة توجه تصرف الإنسان فى مجتمع يختلف بصورة شاملة عما سبقه من مجتمعات ، ويتميز بسرعة وکثافة التغيرات التى تطرأ عليه . نعلم جميعا الأهمية الکبرى لثورة المعلومات والاتصالات والتقدم الکبير الذى أحرزه الإعلام بفضل تکنولوجيا المعلومات فى عصرنا، إلا أن لهذه التطورات وجهها السلبى أيضا، ذلک أن قوة الإعلام المسلح بالتکنولوجيا الجديدة يطغى على حياة المجتمع ويتجه نحو التقليل من قيمة منظومة القيم الأخلاقية فى المجتمع ، ويتجه نحو تعزيز مکانة منظومة توازن القوى کقيمة أساسية رئيسية فى العالم تستطيع أن تخضع جميع النظم الأخرى لسيطرتها مما يقود إلى تسلسل هرمى جديد للقيم الأخلاقية يعزز مفهوم الأمر الواقع على حساب القيم السائدة. إن السيطرة الإعلامية الساحقة التى تستند إلى قوة تکنولوجيا المعلومات والاتصالات تؤدى إلى تغيير الرأى العام الإجتماعى والوطنى والقومى وتخفض من القدرات الإتصالية للغات الوطنية، وتلغى المعنى الشرعى للأخلاق الموروثة فى اتخاذ القرار وفى تبنى قواعد السلوک الإجتماعى ( قانون الغابة ) .

 

أخلاق مجتمع المعلومات فى تحديث وتجدد الخطاب الدينى :

ومن ناحية أخرى ومع احترامنا الکامل لموروث الشعوب الأخلاقى على المستويين الوطنى والقومى فإن التطورات التى حصلت فى العالم تستدعى التصدى لمشکلات أخلاقية لم تکن مطروحة سابقا ، فنحن نواجه مجتمعا جديدا تماما من جميع النواحى، إن تحديد الضوابط الأخلاقية لهذا المجتمع الجديد يعد من أهم تحديات القرن الحادى والعشرين .

ولنأخذ مثلا مشکلتين مهمتين لم تکونا على هذه الدرجة من الأهمية فى العصور السابقة وهى مشکلة تعدد الثقافات واللغات ومشکلة الخصوصية، فکلتاهما کانت موجودة کموضوع مهم فى المجتمعات القديمة ولکن درجة حدتها اختلفت کما اختلفت وسائل التصدى لها وطرق الحل ولذا لابد من إعادة تأکيد الأوليات وإعادة صياغة الضوابط .

 

الجمال الظاهرى والجمال الباطنى :

ويمکن ملاحظة أن الاستبصار الجمالى الداخلى هو مؤشر إلى المحاولات المتقدمة للفلاسفة المسلمين فى مجال دراسة الجمال، وقد يرى الدارس فى مجال الفن أن ما يسمى بالرؤية الداخلية والروحية له ما يقابله فى دراسات الجمال الحديث حيث تؤکد العديد من الدراسات الحديثة فى مجال الاستبصار والجمال دور الاهتمام من مشاعر وأحاسيس وإدراک عقلى على المحصلة النهائية للتفاعل الجمالى مع العمل الفنى وهو " الفهم " فهذا الفهم بزيادة العمليات الإدراکية الداخلية وإن الإسلام وضع مکانة کبيرة للجمال الداخلى أو بتعبير أخر ( الخيال والإحساس) فإن إدراک الجمال من الداخل يعکس القيم الروحية والأخلاقية والدينية للفرد والذى يعيش التجربة الجمالية، ومن هذه الرؤية نرى أن الإسلام به مؤثر فى التجربة الجمالية للفرد المسلم .

 

اجتهاد فى تأويل الحروف المقطعة

) الم ( اختلف المفسرون فى الحروف المقطعى التى فى أوائل السور . فمنهم من قال : هى مما أستأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله . ومنهم من فسرها واختلف فى معناها فقال بعضهم هى أسماء السور. وقال الزمخشرى : هى أسماء الله تعالى يفتتح بها السور. فکل حرف منها دل على أسم من أسمائه وصفة من صفاته ، فالألف مفتاح أسم " الله" واللام مفتاح أسم " اللطيف" والميم مفتاح " المجيد "، وقال أخرون إنما ذکرت هذه الحروف فى أوائل السور التى ذکرت فيها لأنها من إعجاز القرآن ، وإن الخلق عاجزون عن الإتيان بمثله، مع أنه مرکب من هذه الحروف المقطعة . وما حکاه الرازى عن (المبرد) وجمع من المحققين ، وحکاه القرطبى وقرره الزمخشرى، وإليه ذهب الإمام " إبن تيمية " وشيخنا الحافظ " ابو الحجاج المزى" . قال الزمخشرى : ولم ترد کلها مجموعة وفى أول القرآن ، وإنما کررت ليکون أبلغ فى التحدى . وکرر التحدى الصريح فى أماکن ، وجاء منها على حرف واحد مثل " ص" وجاء منها على حرفين مثل " حم " وجاء منها على ثلاثة مثل حروف " الم " وجاء منها على أربعة حروف " المص " وجاء منها على خمسة حروف " کهيعص " لآن أساليب کلامهم ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أکثر من ذلک .

قال إبن کثير : ولهذا کل سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يذکر بها الانتصار للقرآن ، وبيان إعجازه وعظمته ، وهذا معلوم بالاستقراء فى تسع وعشرين سورة مثل:

) الم . ذلک الکتاب لا ريب فيه ( ) المص . کتاب أنزل إليک (

) الم . الله لا إله إلا هو الحى القيوم . نزل عليک الکتاب بالحق (

) الم . کتاب أنزلناه إليک ( ) الم. تنزيل الکتاب لا ريب فيه (

) حم . تنزيل من الرحمن الرحيم (

وغير ذلک من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن  أمعن النظر .

) المص( افتتحت سورة الأعراف بهذه الحروف لأنه لابد من أن يذکر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء فى تسع وعشرون سورة .

) الر( فقد تقدم الکلام عليها فى أوائل سورة البقرة . وقال إبن عباس ) الر( أى أنا الله أرى . ) المر( أن کل سورة ابتدئت بهذه الحروف ففيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وتبيان أن نزله من عند الله حق لا شک فيه ) يس( روى الترمزى عن أنس رضى الله عنه قال ، قال رسول الله  " : " أن لکل شئ قلبا ، وقلب القرآن يس" . وروى الحافظ  أبو يعلى عن أبى هريرة رضى الله عنهما قال ، قال رسول الله  " " من قرأ يس فى ليلة أصبح مغفورا له، ومن قرأ حم أصبح مغفورا له " وقال إبن حيان فى صحيحه قال رسول الله  " " من قرأ يس فى ليلة ابتغاء وجه الله عز وجل غفر له " وروى الامام أحمد وقال رسول الله  " " اقرءوها على موتاکم " يعنى يس. وبهذا قال بعض العلماء من خصائص هذه السورة أنها لا تقرأ عند أمرا عسير إلا يسره الله تعالى وکأن قراءتها عند الميت لتنزل الرحمة والبرکة . والله تعالى أعلم وقال الإمام أحمد : إذا قرأت- يعنى يس - عند الميت خف الله عنه بها وروى البزار عن إبن عباس قال، قال النبى  " : " لوددت أنها فى قلب کل إنسان من أمتى" يعنى يس . وتفسير القرآن بمجرى الرأى حرام .. قال فى کتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ " أى لانه قد تکلف ما لا علم له به وسلک غير ما أمر به ".

روى عن أبى بکر الصديق رضى الله عنه أنه قال " اى سماء تظلنى وأى أرض تقلنى إذا أنا قلت فى کتاب الله ما لا اعلم "

وهکذا اختلف العلماء وأهل التأويل والمفسرون فى الحروف التى فى أوائل السور فمنهم من قال : هى مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله تعالى . فهى سر الله فى القرآن - ولله فى کتاب من کتبه سر- فهى من المتشابه الذى أنفرد الله تعالى بعلمه کقوله تعالى ) هو الذى أنزل الکتاب إلى قوله وما يعلم تأويله إلا الله ( آية رقم 7 من سورة آل عمران، وهذا القول اختاره أبو بکر الصديق ، عمر بن الخطاب ، عثمان بن عفان ، على بن أبى طالب ، عبد الله بن مسعود من الصحابة ومن التابعين عامر الشعبى – سفيان الثورى [2] والربيع بن خثيم وأبو حاتم بن حيان [3] قالا : إن الله تعالى انزل هذا القرآن واستأثر منه بعلم ما شاء ، واطلعکم على ما شاء، فأما ما استأثر به لنفسه فلستم بنائليه ، فلا تسألوا عنه، وأما  الذى أطلعکم عليه فهو الذى أطلعکم عليه فهو الذى تسألون عنه ، وتخبرون ، وما بکل القرآن تعلمون ، ولا بکل ما تعلمون تعلمون . فهذا يوضح أن حروفا من القرآن سترت معانيها عن جميع العالم – اختبارا من الله عز وجل وامتحانا فمن آمن بها أثيب وسيد . ومن فکر وشک أثم وبعد .

وقال أخرون منهم هى أسم من أسماء الله تعالى وفيها أسم الله الأعظم قاله جمع من التابعين عن إبن عباس وجاء عن قطرب والفراء وغيرهما: هى إشارة إلى حروف الهجاء أعلم الله بها العرب حين تحداهم بالقرآن انه مؤتلف من حروف هى التى منها بناء کلامهم . ليکون عجزهم عنه أبلغ فى الحجة عليهم، إذ لم تخرج عن کلامهم. فهم ينفرون عند استماع القرآن. فلما سمعوا " الم" و" المص" استنکروا هذا اللفظ ، فلما أنصتوا له  " أقبل عليهم بالقرآن المؤتلف ليثبته فى أسماعهم وآذانهم ويقيم الحجة عليهم. وقول زيد بن أسلم – هى أسماء للسور وقال الکلبى أقسام يقسم الله بها لشرفها وفضلها . وقول بعض العارفين عنها : العلم بمنزلة البحر . فأجرى منه واد ثم أجرى من الواد نهر ، ثم من النهر جدول ثم أجرى من الجدول ساقيه . فلو أجرى إلى الجدول ذلک الوادى لغرقه وأفسده ، ولو سال البحر إلى الوادى لأفسده وهو المراد من قوله تعالى : ) أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها( آية 17 من الرعد .

فبحور العلم عند الله تعالى . فأعطى الرسل منها أودية . ثم أعطت الرسل من أوديتهم أنهارا إلى العلماء ثم أعطت العلماء إلى العامة جداول صغارا على قدر طاقاتهم. ثم أجرت العامة سواقى إلى أهاليهم بقدر طاقتهم .

وعلى هذا ما روى فى الخبر. للعلماء سر . وللخلفاء سر ، وللملائکة سر . ولله من بعد ذلک کله سر . فلو أطلع الجهال على سر العلماء لأبادوهم. ولو أطلع العلماء على سر الخلفاء لنابذوهم. ولو أطلع الخلفاء على سر الأنبياء لخالفوهم. ولو أطلع الأنبياء على سر الملائکة لاتهموهم. ولو أطلع الملائکة على سر الله تعالى لطاحو حائرين – وبادوا بائرين والسبب فى ذلک أن العقول الضعيفة لا تحتمل الأسرار القوية، کما لا يحتمل نور الشمس أبصار الخفافيش. فلما زيدت الانبياء فى عقولهم قدروا على تحمل أسرار النبوة – ولما زيدت عقول العلماء قدروا على تحمل ما عجزت العامة فى تحمله[4] .

وجاء فى رحاب التفسير ( للشيخ عبد الحميد کشک ) إنها إشارات واضحة ودلالات قاطعة على إعجاز القرآن الکريم، ولو جمعنا کل الحروف التى افتتحت بها هذه السور وحذفنا المکرر منها لکونت لنا جملة تقول " نص حکيم قاطع له سر " أربعة عشر حرفا من حروف المعجم . وجاء ذکر القرآن بعد هذه الحروف للتنويه بإعجازه وعجز الخلق عن الإتيان به. وهذا الکلام جاء ما معناه فى الظلال والله أعز وأعلم .

إذابة الفوارق بين الفنون الإسلامية والفنون الحديثة :

تندمج بعض الفنون فى شئ واحد متحد .. مثل الفنون السمع بصرية، والفنون التشکيلية الترکيبية .. فى السينما الصوت والصورة والموسيقى والأدب .. فى الفن الترکيبى تشکيل نحتى مع تصوير، فوتوغرافيا مع جرافيک .. فى المسرح التجريبى رقص مع إضاءة مع موسيقى ، مؤثرات ضوئية مع مؤثرات صوتية .. تعبيرات حديثة مع آلات حديثة .

کل هذه الفنون تبحث عن مسميات جديدة .. وقد يکون هذا العصر السريع الإيقاع لا يعطى الوقت لکى نفکر فى أسماء أو مفاهيم .. ويبدو أن اللغة الکلامية لم تعد تتسع لوضع أسماء أو مفاهيم لتعبيرات تحمل فى مظهرها أو طياتها لفظ أو کلمة توحى بما نحس به من الفنون الجديدة .

 

 

وسائط متعددة فى عمل فنى واحد :

1.

الرســــــم

:

عمل إسکتشات کثيرة ومتعددة بهدف الحصول على تشکيل جديد يتسم بجودة التصميم .

2.

النحـــــت

:

محاولات لتجسيد الشکل وذلک بخامات متنوعة لأحد الحروف المقطعة مع مراعاة عناصر التصميم .. والأسس التى تحقق جودة التصميم .

3.

تصويـــــر

:

تلوين الشکل بألوان مناسبة مع مراعاة التوافق اللونى والغامق والفاتح والتدريج اللونى .

4.

تصوير فوتوغرافى

:

بواسطة الکاميرا، والإضاءة الطبيعية أو المصنوعة، وعدسات مناسبة ، وأفلام حساسة ، ثم طبع وإخراج صور فوتوغرافية.

5.

استخدام الکمبيوتر ومشتقاته :

 

 

 

يمکن الوصول إلى حلول مبتکرة بأعداد لا نهاية لها بالشکل .. وذلک لمقدرة الکمبيوتر المدهشة فى التغيير والتحوير بسرعة غير عادية .

الکمبيوتر أداة تصميمية :

وقد ساعد الکمبيوتر الباحث على البحث والاستقصاء فى جميع الاتجاهات ليخرج تصميمه بنتيجة تتيح له القدرة على التغيير والتبديل .. ولذلک وجب على المصمم معرفة إمکانيات هذه الآلة جيدا حتى يمکن الاستفادة منها .. استفادة قصوى لجميع إمکانياتها المتمثلة فى تناول عناصر التصميم بالتغيير والتبديل والحذف والإحلال بطرق وأساليب متنوعة مما يوفر للمصمم معالجات متنوعة للتصميم الواحد فى وقت سريع .. الإستفادة من سرعة ودقة الکمبيوتر فى تنفيذ التصميم بتحکم تام .

ويوجد کثير من البرامج يمکن عن طريقها معالجة الصور الفوتوغرافية والمزج بينها وبين الرسوم الجرافيکية ، وإعطاء التأثيرات المختلفة سواء للعناصر أو الخلفيات التصميمية .

کما يمکنها إعطاء الشکل المسطح بعدا ثالثا ليضفى عليه التجسيم من خلال الفراغ المحيط به ، وتغيير الألوان .. بما يتناسب والتصميم المراد وإيجاده مع توضيح التباديل والتوافيق بصورة سريعة کانت قبلا تستغرق أياما وأسابيع طويلة .. وتساعد المصمم أيضا فى تجسيد تخيلاته بصورة واضحة وجلية وسريعة أيضا .

ثالثا : توصيف وتحليل للأعمال الفنية المعروضة :

صمم الباحث الحروف بتشکيلات عديدة تختلف فى رؤياها من حيث التکوين والشکل واللون والکتلة والفراغ مستخدما فى ذلک عناصر وأسس التصميم لتحقيق النسبة والتناسب .. والتوازن .. والتوافق اللونى ، وقام بعمل توافيق وتباديل للخلفية کى يظهر الشکل فى أحسن صورة محققا عناصر الجمال المادى والمعنوى .

الأشکال ( 1، 2 ، 3) أشکال متنوعة لحرف "ن" بأساليب متنوعة وخامات مختلفة ، وابتدأ بالشکل المعروف " ن" بخط النسخ .. ثم تطور إلى أشکال تجريدية بحتة .

 الأشکال ( 4، 5) لحرف " ق " مستخدما نفس الوسائط السابقة .

الأشکال (6، 7 ) تشکيل لحروف " الم " ، " حم "

الشکل   ( 8 ) تشکيل لحرف " يس "

الشکل   (9 ) تشکيل لحرف " طه".

الشکل   (10 ) تشکيل لـ " هو " .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (1)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (2)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (3)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (4)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (5)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (6)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (7)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (8)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (9)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (10)



ــــــــــــــ

[1] نفس المرجع ص 391

ـــــــــــــــــــ

[2] تفسير القرطبى .

[3] تفسير إبن کثير .

ـــــــــــــ

[4] تفسير الرازى مفاتيح الغيب .