الإفادة من الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر في تنمية الإبداع لدى النشء

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

مدرس بقسم النحت والتشکيل المعماري والترميم کلية الفنون التطبيقية ـ جامعة دمياط

المستخلص

استهدف البحث دراسة تحليل الأطر النظرية لمفاهيم التذوق الفني  والإبداع والتفکير الإبداعي والعنف وتوضيح علاقة الجماليات التشکيلية النحت المعاصر بتنمية التذوق الفني والإبداع لدى النشء ومواجهة العنف على القيم.
وتناول البحث دراسة مجموعة نقاط هامة مرتبطة بموضوع البحث وهي : الأطر النظرية لمفاهيم التذوق الفني والإبداع والتفکير الإبداعي والعنف، وعلاقة الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر بالتذوق الفني، والقدرات المکونة للتذوق الفني للنحت، ودور النحت في تنمية التذوق لدى النشء، وتحمل مسؤولية النشء في مواجهة العنف وعلاقتها بتنمية التذوق .
وخلص البحث إلى نتيجة هامة وهي: إن الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر من أهم الأساليب للتعبير الشخصي والإبداعي، وهي مصدر مهم للمتعة الوجدانية والاستثارة البصرية للنشء، ومن ثم فهي وسيلة هامة لتحقيق الذات وتنمية التذوق الفني ومواجهة العنف على القيم.
کما توصلت الدراسة إلى أن وضع حلول لمعوقات التذوق الفني في النحت يسهم في القضاء على العنف على القيم.

الموضوعات الرئيسية


مقدمة :

"لا يعد الفن أحد أساليب رقي السلوک الإنساني فقط بل إنه يستخدم کأحد الأساليب العلاجية للاضطرابات النفسية والانفعالية " [1] . والعنف کأحد مظاهر الاضطرابات النفسية والانفعالية يعد من الظواهر التي يتميز بها عصرنا الحالي(القرن الحادي والعشرين) في شتى جوانب الحياة، وبصرف النظر عن العوامل التي تکمن وراء تنامي هذه الظاهرة؛ فالمجتمع الخارجي تغير تماماً في السنوات الأخيرة، وخصوصاً بعد أحداث (11سبتمبر2001)، أصبح العنف هو أداة القوى للسيطرة والتحکم، وانعکس على ممارسات الدول الکبرى على باقي الشعوب؛ ليولد عنفاً مضاداً، فأصبحت نشرات الأخبار لا تتحدث إلا عن العنف، ما جعله قاسماً مشترکاً في المعاملات على جميع المستويات.

ولما کان العلم يتجدد، والمعرفة تتنوع، ومصادر العلم تزداد، فبقدر ما تقوم به الأسرة ومؤسسات التعليم المختلفة من اختيار سليم لانتقاء ثقافة النشء بقدر ما تکون فرص النشء في نمو التفکير الإبداعي لديهم أرحب وأوسع. وأصبح من المتفق عليه إلى حد کبير الآن بين المفکرين أن الفروق بين الأمم المتقدمة والأمم المتخلفة، أو النامية هي فروق في مدى امتلاک هذه الأمم، أو عدم امتلاکها للعقول المبدعة، فقد أصبح الإبداع هو المحک الحاسم في الإسراع بتقدم شعب من الشعوب، أو تخلف شعب آخر ووقوفه عند هاوية التخلف والجهل.

ولما کانت وظيفة الفنون الأساسية هي تنمية الإبداع والابتکار والتذوق والتنوير والحفز على العمل وتحسين الإفهام والرؤية، فإن النحت کأحد فروع الفنون له دور مؤثر في تنمية الإبداع
لدى النشء .

والعمل النحتي هو جهد منظم لتحقيق هدف جمالي معين من خلال مجموعة من الاجراءات التشکيلية يتم فيها تجميع عناصر هذا العمل ليعطي عملاً فنياً تظهر فيه ملامح وخصائص محددة للشخص المنتج للعمل والتي من خلال هذه الاجراءات يمکن تعديلها. وإذا سلمنا بأن أي عمل نحتي يحتاج إلى خطة هادفة تؤدي إلى نتاجاً معيناً من خلال خطوات مدروسة وقواعد محددة ومراحل منظمة فلا أحد ينکر أنه يمکن تضمين هذه الخطة بعض الإجراءات التي تساعد في تعديل بعض السلوک غير المرغوب الذي يظهره النشء .

ويتوقف تأثير دور کل من النحات والجماليات التشکيلية للنحت المعاصر على النشء وتنشئته لمواجهة العنف وتهذيب القيم وتنمية التفکير الإبداعي لديه بمدى ما يکون من تناغم وانسجام، وتفاهم لکلا الدورين دور النحات، ودور جماليات التشکيلات النحتية، لذلک ظهرت الحاجة إلى ضرورة انتقاء ما يقدم للنشء من وسائط فنية متعددة سواء في المنزل أو المدرسة أو المعرض لتلائم ليس فقط قيم، وأخلاق، وأفکار، ومعتقدات المجتمع الذي يعيش فيه النشء، ولکن أيضاً حاجات نمو النشء في المراحل العمرية المختلفة لأهمية تلک المراحل العمرية التي يمر بها النشء، بصفتها مرحلة انتقالية من الطفولة إلى الرشد، يرافقها کثير من التغييرات الجسدية والنفسية والتي تترک بصماتها العميقة في شخصية الناشئ، وتکيفه مع المجتمع والبيئة المحيطة به.

فالأمل معقود على التربية الفنية والفنانين، ومؤسساتنا الإعلامية في مواجهة العنف، ودعم وتنمية القيم کأساس لتوليد الأفکار وتنمية الإبداع لدى النشء؛ لمواجهة هذه التحديات التي تحوَّل العالم فيها من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي مما جعل المهمة لا تحتمل مزيداً من التأخير فالمسؤولية مشترکة لرسم البرامج التطويرية، لتنمية التفکير الإبداعي لدى النشء فهي عملية تربوية لا تخلُو منها مناهجنا الفنية والتعليمية.

وفي ضوء العرض السابق يمکن تحديد مشکلة الدراسة في التساؤل الرئيسي التالي:ـ

کيف يمکن الإفادة من الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر في تنمية التفکير الإبداعي ومواجهة العنف لدى النشء؟

ويتفرع من هذا السؤال التساؤلات التالية:

  • ·  ما الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر التي يمکن للنشء اکتسابها؟
  • ·  کيف يمکن الإفادة من الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر في تنمية الإبداع لدى النشء؟
  • · کيف يمکن الإفادة من دراسة الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر في مواجهة العنف
    لدى النشء؟
  • ·  ما العوامل المؤثرة في تنمية الإبداع لدى النشء؟
  • ·  ما العوامل المؤدية إلى العنف في تعاملات النشء مع العمل الفني؟

أهداف الدراسة:

تتحدد أهداف الدراسة الحالية فيما يلي: ـ

  • ·  تحليل الأطر النظرية لمفهومي الإبداع والتفکير الإبداعي لدى النشء.
  • ·  تحليل الأطر النظرية لمفهوم العنف والأساليب المؤدية إليه ووسائل مواجهتها لدى النشء.
  • ·  توضيح علاقة الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر بتنمية الإبداع لدى النشء.
  • ·  توضيح علاقة الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر بمواجهة العنف لدى النشء.
  • ·  الوقوف على القدرات المکونة للإبداع في النحت والتي يمکن تنميتها لدى النشء.

أهمية الدراسة:

تکمن أهمية الدراسة الحالية في النقاط التالية: ـ

  • ·  تسهم الدراسة الحالية في وضع خطة لتنمية الإبداع لدى النشء من خلال أعمال النحت يمکن الاسترشاد بها في فروع الفن الأخرى.
  • · تعطي الدراسة رؤية للقائمين على تعليم النشء لاستغلال فرص الاستغراق في أعمال النحت في تشکيل شخصية النشء ومعالجة ما قد يتعرضون له من اضطرابات نفسية أو اجتماعية قد تؤدي إلى العنف.
  • · تساعد الدراسة الحالية إلى تبصير الآباء ومعلمين التربية الفنية نحو أهمية دور النحت کأحد فروع الفن في تنمية التفکير الإبداعي الذي يمکن أن يکون بالتدريج سمة للفرد في حياته
    بعد ذلک.
  • · قلة الدراسات السابقة التي تناولت هذا الموضوع بالرغم من أهميته في فاعلية دراسة الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر في تنمية الإبداع من خلال عمليات العلم والعمليات العقلية التي يمارسها النشء للوصول إلى المنتج الفني من جهة وما يسهم به في تهذيب الأخلاقيات والقيم لديه من جهة أخرى.

فروض الدراسة:

تقترح الباحثة الفروض التالية: ـ

  • ·  توجد علاقة بين الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر وتنمية الإبداع لدى النشء.
  • ·  يوجد ارتباط بين دور الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر والقدرات المکونة للإبداع وتنميته لدى النشء.
  • ·  توجد علاقة بين التشکيلات الجمالية للنحت المعاصر وتحمل المسؤولية للنشء لمواجهة العنف والعوامل المؤديه إليه.

منهج الدراسة:

اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي باعتباره أنسب المناهج التي تتفق وطبيعة هذه الدراسة، بهدف دراسة وتحليل واقع المشکلة بأهم أبعادها.

کما اتبعت الدراسة المنهج شبه التجريبي لإجراء تجربة الدراسة والتحقق من فروضها.

أدوات الدراسة:

1 ـ مقياس العنف لدى النشء.

2 ـ مقياس الإبداع لدى النشء.

الإطار النظري للدراسة:

أولاً: مفهوم الإبداع والتفکير الإبداعي.

  • ·   مفهوم الإبداع:

 إن مفهوم الإبداع هو مفهوم واسع شامل عميق. إنه يمتد من الاختراعات والاکتشافات العلمية عبر الابتکارات والإبداعات الفنية إلى التجديدات الأصيلة على مستوى السلوک والعلاقات الإنسانية. والإبداع في أساسه عملية، أو نشاط إنساني يتسم بالوعي، والتوجه في مجال معين ، نحو هدف معين يتم تجاوزه إلى أهداف أخرى أکثر عمقا وفائدة وأصالة.

ورد بالمعجم الفلسفي أن الإبداع (creativeness)"هو القدرةعلى ابتکار حلول جديدة لمشکلة ما"[2].

وعنمفهومالإبداع من منظور علماء النفس اتفقوا على أن "الإبداع حالة متميزة من النشاط الإنساني يترتب عليها إنتاج جديد يتميز بالجدة والأصالة والطرافة والمناسبة التکيفية، کما أن الجماعة التي يوجه إليها هذا الإنتاج تميل إلى قبوله على أنه مقنع ومفيد" [3].

على حين يرى(جيلفورد(Guilfordأن " الإبداع يمثل تفکيرا في نسق مفتوح يتميز فيه الإنتاج بخاصية فريدة هي تنوع الحلول، ويرى أن الإبداع يتمثل في صورة القدرة على إيجاد حلول جديدة للمشکلات أو إيجاد استعمالات جديدة لأشياء مألوفة، بصورة يخرج فيها تفکير الفرد عن النمط السائد المعروف إلى نمط جديد لم يتوصل الفرد إليه من قبل" [4].

وذکر (جيلفورد Guilford) في کتابه (القدرات الإبداعية في الفنون) أن " المهارة الفنية الإبداعية ليست شيئا مفردا موحدا، ولکنها مجموعة کبيرة من العوامل والقدرات العقلية الأولية، تختلف لدى العلماء. ونلاحظ في تصور (جيلفورد(Guilfordأنه عين موقع الإبداع الفني في موقعه ( الإنتاج متعدد الجوانب) "[5].

  • ·   مفهوم التفکير الإبداعي

هو عملية النشاط العقلي الذي يقوم به الفرد بغرض الحصول على حلول مؤقتة أو دائمة لمشکلة ما وهو عملية مستمرة في الذهن لا تتوقف أو تنتهي بيقظة الإنسان، وهو أرقى العمليات النفسية والعقلية التي تميز الفرد عن سائر المخلوقات بدرجة راقية ومتطورة [6] .

والتفکير الإبداعي نمط من أنماط التفکير يساعد المتعلم على أن يکون أکثر حساسيةللمشکلات والنقائص ويساعده أيضاً على تحديد مواطن الصعوبة والبحث عن الحلول، کمايعمل على تحسين التعلم والنمو وتشجيعهما عن طريق النشاط الابتکاري الأصيل القائمعلى
التعبير الذاتي
.

يُعرّف التفکير الإبداعي بأنه الاستعداد والقدرة على إنتاج شيء جديد. أو أنه عمليّة يتحقق إنتاج من خلالها . أو أنه حلّ جديد لمشکلة ما، أو أنه تحقيق إنتاج جديد وذي قيمة من أجل المجتمع[7].

ويعّرف کذلک بأنه التفکير الذي يؤدي إلى التغيير نحو الأفضل ، وينفي الأفکار الوضعيّة المقبولة مسبقاً. وبأنه يتضمنّ الدافعية والمثابرة والاستمرارية في العمل، والقدرة العالية على تحقيق أمر ما. وهو الذي يعمل على تکوين مشکلة ما تکويناً جديداً .

 أما (جيلفورد Guilford) ، فهو يعرف " التفکير الإبداعي بأنه تفکير في نسق مفتوح، يتميز الإنتاج فيه بخاصية فريدة تتمثل في تنوّع المخرجات المنتجة، التي لا تحدّدها االمدخلات المعطاة " [8].

وتري الباحثة أن التفکير الإبداعي عملية ذهنية يتفاعل فيها المتعلم مع الخبرات العديدة التي يواجهها، بهدف استيعاب عناصر الموقف من أجل الوصول إلى فهم جديد أو إنتاج جديد، يحقّق حلاً أصيلاً لمشکلته ، أو اکتشاف شيء جديد ذي قيمة بالنسبة له أو للمجتمع الذي يعيش فيه.

ثانياً: مفهوم العنف

العنف، بصفة عامة، عرفه الإنسان منذ بدء الخليقة(قتل قبيل لهابيل). کما أنه أحد القوى التي تعمل على الهدم أکثر من البناء في تکوين الشخصية الإنسانية ونموها، وهو انفعال تثيره مواقف عديدة، ويؤدي بالفرد إلى ارتکاب أفعال مؤذية في حق ذاته أحيانا وفي حق الآخرين وممتلکاتهم
أحياناً أخرى.

والعنف " سلوک يستهدف إلحاق الأذى بالآخرين أو الأخر أو ممتلکاتهم" [9]. وترى الباحثة أن العنف على القيم في الفن يتجلى في تشويه الأعمال الفنية والأثرية بالمتاحف والأماکن العامة بالکتابة أو بالحفر عليها أو بتمزيقها، أي أن العنف سلوک يهدف منه الفرد الإيذاء أو إلحاق الضرر بالأعمال الفنية والأثرية أو السخرية منها بأية وسيلة ممکنة دون وجود مبرر منطقي لهذا السلوک.

ثالثاً : الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر

يرى (جون ديويDewey) "أن جميع الخبرات الحياتية في أصلها جمالية "[10].

إن الاهتمام بالنشء خلال مراحل نموه المختلفة من الأمور الهامة والحاسمة في حياته, وخاصة في سنوات الطفولة الأولى. حيث يبدأ يکتشف لما حوله من مکونات بصرية, يرافقها حب الاستطلاع والتعرف على الأشياء واکتشافها من خلال رؤية تشکيلاتها ولمس سطوحها, وسماع أصواتها, والتعرف على ألوانها. والتي يجدها تختلف من مثير لآخر.

والجماليات التشکيلية في النحت کمثيرات جميلة تتضمن " خصائص الحداثة والترکيب والغموض والقدرة على إحداث الدهشة لدى المتلقي، وان کل خاصية للمثير الجمالي تتمثل بصورة خط متصل يتشکل على النحو التالي: الحداثة مقابل الألفة، الترکيب مقابل البساطة، الفوضى مقابل الوضوح، المتوقع مقابل المدهش، الثابت مقابل المتغير، ومتوسط کل خاصية ونقيضها تمثل أعلى درجة في التفضيل الجمالي"[11].

 والجماليات التشکيلية للنحت هي التي تستثير الجانب العقلي والوجداني (الانفعالي) لدى النشء وهي حالة يمکن معها أن يندمج النشء مع الإبداع الفني ويتمکن خلالها النشء من اکتساب الموقف الإبداعي بشکل فاعل وإضفاء تصوراتهم عليه، ويعيدوا صياغة الأشکال النحتية بأسلوبهم الخاص، ويستطيعوا إجراء تعديلات عليها بصورة مرنة، ويستطيعوا عندئذ إحداث نمو إبداعي أصيل.

لما کان النحت إبداع في مادة کونية، بطريقة تشبع حب المشاهد للجمال حسياً، فقد ظلت الهيئة الهندسية والهيئة العضوية تقدم لفن النحت النموذج الأساسي لإبداعاته. ومن المؤکد أنه يمکن من خلال مسلک أي شکل عضوي ، وفي قسماته ووقفاته، أن تتجسد العواطف والتمثلات والخيال. وتتجلى في أجزاء وقسمات معينة في أوضاع خاصة مع الترابطات القائمة بينهما وبين أجزاء أخرى، عواطف محددة[12].

وتوجد الجماليات التشکيلية في النحت المعاصر في معظم الأعمال النحتية بما فيها مواقف المشاهدة والتعلم للنشء، فالنشء الذي يستمتع بعمل نحتي جميل، من خلال أسلوب التشکيل والعرض والتعبير الفني، والفکرة، وربطه بالواقع وتوظيف الخيال، يکون في حالة من السعادة فيثور اهتمامه ورغبته بالاکتشاف والتعلم، ويساعده على التأمل والاهتمام والتوقع وحب الاستطلاع والتخيل، ويثير دهشته واستغرابه ويجعل من حالة المشاهدة حالة سعادة حقيقية.

رابعاً: علاقة الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر بالإبداع والعنف

يرتکز کل من الإبداع والحس الجمالي على الخيال، فتذوق الجمال يتطلب التحرر من قيود التفکير المنطقي الواقعي، ويحتاج الإبداع إلى المرونة العقلية التي تحرر تفکير الفرد من التصلب والجمود، فيغير الفرد طرائق تفکيره استجابة للمواقف، وحيث أن النحت يعد من الملامح الواضحة للثقافات الإنسانية، کما أنه من المفترض أن له جذورا عميقة في الخصائص الأساسية للجهاز العصبي للإنسان کفرع من فروع الفن. ومن المؤکد أنه لو لم تکن الأعمال النحتية تشبع بعض الحاجات الإنسانية لما وجدت هذه الأعمال على الإطلاق فهي بهذا الشکل تکون مؤثرة في مواجهة العنف وتربية وجدان النشء إبداعياً وجمالياً.

واستجابات النشء لکل ما هو جميل أمر فطري، فذلک يولد مع الإنسان ويعيش معه، فالأشياء الجميلة تعطي الإنسان فرصة للاستغراق والاندماج معها فترة من الزمن، بل وتتيح له أيضا فرصة تذکرها لاحقا بدرجة أسهل من تذکر الأشياء غير الجميلة، والنظر إلى الحياة بنظرة تفاؤل وسعادة ترفض العنف وتلفظ عوامله.

وترجع أهمية دراسة العلاقة بين الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر بتنمية الإبداع من منطلق اعتباره "أحد فروع الفن الکامل الذي يسمو على کل الفنون کما أشار إلى ذلک ( جوجان Guigan )" [13]. وکذلک باعتبار أن النحت تسجيلاً مرئيا لنمو الروح الإنسانية کما حاول (مايرز، وريد، وليجيه) وغيرهم أن يثبتوا [14].

 

صورة (1)

شخص واقف للفنان (ديفيد سميث) منفذ من الحديد يتحقق فيه الترکيب والغموض والقدرة على إحداث الدهشة .

والجمال يرتبط بالشخصية الإبداعية بدرجة کبيرة، وأن الحس الجمالي يقع بمنزلة الميسر للعملية الإبداعية، کما أن العملية الإبداعية ميسرة لإنتاج الجميل.

لا يقتصر الترابط بين الإبداع في النحت والحس الجمالي على المرونة فقط، وإنما يتعداه إلى جميع عناصر العملية الإبداعية ، فمبدعوا الجماليات التشکيلية للنحت يمتازون بطلاقة الأفکار التي تؤدي إلى تعدد البدائل وتساعد النشء على اختيار البديل الأمثل فيما بعد في کل مواقف حياتهم العامة ونبذ البدائل السيئة التي منها العنف، کما يؤدي إلى تعدد الحلول الجمالية للتشکيل وتعدد الأشکال وتنوع علاقاتها، ويمتازون النشء بالأصالة أي الخبرة النوعية والتفرد والتميز، لأن المألوف في (النحت) لا يشکل إثارة جمالية، کما تضفي التفاصيل جماليات إضافية على الموقف الإبداعي الجميل.

 

صورة (2) عمل نحتي للفنان بابلو بيکاسو يتضح فيه الجماليات التشکيلية للشاة کمثيرات جميلة.

إن الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر من أهم الوسائل للاستغراق الانفعالي الوجداني والجمالي، "ومن أهم الأساليب للتعبير الشخصي، وهي مصدر مهم للمتعة الوجدانية والاستثارة البصرية للنشء، هنا يمکن توجيه السلوک إلى الأنماط الإيجابية وترک الأنماط السلبية التي منها العنف. ومن ثم فهي وسيلة هامة لتحقيق الذات وتحديد ملمح الشخصية وتنمية الإبداع " [15] ، کما أن عمليات التصور العقلي والخيال لدى النشء أقرب إلى الحدس منها للمنطق الصارم، وأن هذه العمليات تشکل الأرضية الأساسية لتنمية الإبداع لديهم ومواجهة العنف في بعضهم، ويرجع ذلک بسبب الحرية والمرونة وإمکانية الانطلاق التي توفرها عمليات الحدس مقارنة مع المنطق الآلي، وفي اللحظة التي يلتقي فيها الحدس الخيالي مع الواقع تولد الفکرة وتحدث العملية الإبداعية لدى النشء، وتلهب الخبرة الجمالية المختلفة دورها الکبير في تنشيط عمليات الحدس والخيال تلک، وبالتالي فإن الخبرات الجمالية المختلفة التي يمکن اکتسابها بالوسائل الفنية تعمل على توفير البيئة العقلية المناسبة للإبداع.

 

صورة (3) أمومة للفنانة الصينية (زنج ياکسي Zhang Yaxi) من الخرسانة ـ الارتفاع 9 متر، لعبت الجماليات التشکيلية فيه کمصدر للمتعة الوجدانية والاستثارة البصرية.

يتميز العمل الفني المجسم بوصفه موضوعاً جمالياً بأن له وحدة جمالية وهذه الوحدة نتيجة تآلف عناصر ثلاثية هي :

أ ـ القيمة الاستطيقية ب ـ القيم الاجتماعية السائدة ج ـ القيم النفسية للنحات.

"أبرزت الدراسات النظرية القيمة في الفن أن ثمة مقومات جمالية وأخرى عناصر غير جمالية، تتحد في الأنظمة الاجتماعية والدينية، والأخلاقية والسياسية التي تعبر عن الالتزام في الفن وموقف الفنان من ذاته ومن المجتمع وثقافته"[16]

 

صورة (4) تکوين للفنان ( هانز فان دي بوفنکامب Hans Van de Bovenkamp) من البرونز يتحقق فيه الترکيب والقدرة على إحداث الدهشة. والجماليات التشکيلية للعمل ساعدت على الاستغراق الانفعالي الوجداني والجمالي.

وفي دراسة أجراها ( سيد صبحي) تبين له وجود علاقة ايجابية بين الابتکار في الفنون التشکيلية وبين الاتجاهات السوية لدى الوالدين ومستواهما الثقافي، فکلما زادت الاتجاهات السوية لدى الوالدين وارتفع مستواهما الثقافي کلما ساعد ذلک على تحقيق المناخ النفسي الملائم لإبداع الأبناء وتفتح ونمو إمکاناتهم [17] .

والفنان الناشئ لا يستطيع أن يبدع فناً يتصف بالقيمة الجمالية إذا ألزم بأن ينهج نهجاً معيناً أو إذا رسم له طريق وقالب لا يتجاوزه، لأن الفنان بطبيعته ينفر من السدود والقيود، وفکرة الفن الأساسية هي الحرية التي ينبغي أن يتمتع بها الفنان في التعبير عن عواطفه، ووصف آماله وآلامه وتجاربه الذاتية، ظلت هذه الفکرة سائدة في تاريخ التفکير الجمالي وکان أنصارها يعلنون أن حرية الفنان حق طبيعي في أن يعبر عن ما يشاء من تجارب عاناها من غير قيد أو إلزام. "وهناک جانب نفعي هام في الفن أنه لا يربي الذوق السليم وتقدير الجمال فقط، ولکنه عامل هام في تنظيم الوجدان، ومن ثم في تکوين الأخلاق.

فالنشء محبين للاستطلاع وتشوق إلى الخبرة والجدة، وذلک لعوامل عديدة، لعل أبسطها الرغبة في الحفاظ على العقل في درجة معينة من الانشغال، ونجد النشء مدفوعين إلى الاستثارة العقلية والحسية، " لذلک يقومون بحرکات لمس خفيفة وسريعة بأصابعهم، وحرکات بالفرشاة وتشکيلات بالصلصال في حالة وجود درجات متدنية من الاستثارة في الموقف التأملي. فالکثير من مظاهر سلوک البشر والنشء على وجه الخصوص، معينة أساسا بتعديل حالة الاستثارة الدماغية وصولا بها إلى المستوى المثالي، وهذا ما يجعل النشء مدفوعين للنحت بالصلصال والرسم بالألوان "[18].

 

صورة (5)عمل للفنان (روبرت هولمزRobert Holmes) من خامة البرونز تتوفر فيه القيمة الجمالية من خلال تحقيق الوحدة بين العناصر التشکيلية المختلفة للعمل .

والنحت المعاصر أصبح مجالاً خصباً لعرض خلاصة الثقافة والتجريب والممارسة وتنمية الإبداع، واتسمت ملامحه بالعلمية الفائقة وتعدت حدود المألوف، وبعيداً عن العشوائية يحمل بين جنباته التحرر من التقاليد الأکاديمية، فکان الفکر هو مفهومه والنظام هو بناؤه والبحث في أصول الأشياء أساساً للتعبير الجمالي عنه.

وقد شغل مفهوم الجمال المفکرين والفلاسفة والعلماء منذ قرون بعيدة، فأثار حيرتهم ودهشتهم وبالتالي تعددت تفسيراتهم وتباينت آراؤهم حوله، فاعتبر (فيثاغورس) الجمال نمطاً يتسم بالنظام والتماثل والانسجام، وأخضعه (ديمقراطيس) للأخلاق وربطه بالاعتدال، وربطه سقراط بالخير والکمال، وجعله أفلاطون جزءاً من عالم المثل، ونظر إليه (کانط) على أنه نوع من لعب حر لخيال عبقري، لکن علماء الجمالAesthetics أو ما يعرف بالاستطيقا ظهر خلال القرن الثامن عشر على يد الفيلسوف (بومارتن)، واهتم علماء النفس بدراسته منذ بدايات ظهور علم النفس أواخر القرن التاسع عشر [19] .

والإحساس الجمالي ذو طبيعة سارة وممتعة، وقد يکون ذا مصدر بصري أو سمعي أو شمي أو لمسي، ثم يمتد أثره ليشمل کامل جسد الفرد ومشاعره وتفکيره، ليکون ذا تأثير شامل على جميع مکونات الإنسان، ويؤثر في نظرته للحياة وخبراتها ومواقفها، فالعلاقة بين الفرد والموقف الجمالي علاقة تفاعلية، يشعر فيها الفرد بأنه يشارک وجدانيا ومعرفيا وحسيا بالخبرة الجميلة [20].

فالجمال هو الذي يضمن للعمل الفني قدرته على التأثير، فلکي يتأثر الإنسان بجمال قطعة نحتية لابد أن تتمتع تلک المنحوتة بخصائص مميزة قادرة على الوصول إلى مشاعره عن طريق الحواس وقادرة أيضاً على أن تخلق في نفسه تأثير، وليس مجرد اقتناع أو رفض أو عدم اهتمام .

 

صورة (6) عمل نحتي للفنان (هانز فان دي بوفنکامب H. V. d. Bovenkamp) من البرونز يتحقق فيه الاتزان عن طريق التنوع في شکل وحجم الکتل وانتشارها کموضوعاً جمالياً يصبح مصدراً للمتعة الوجدانية والاستثارة البصرية.

ولا شک أن التجاوب مع الصفات الجمالية في الأعمال التشکيلية موهبة خاصة، وتکن حيثما کانت حواس الفرد تؤدى وظيفتها دون فرض وراثي أو مکتسب، أمکن تربيتها وإرهافها، وما التربية الجمالية إلا تربية الحواس ويقصد هنا حاسة البصر لتستجيب للمؤثرات، ويتعلم الفرد أو يعلمه غيره تقويم استجاباته، ليکافح الأمية البصرية بمعاني الأشکال. "ويتبلور الحس ذاته ابتداءً من التشکيل الحسي القائم حوله. فالحس يتکون بفعل المحسوس وکما توجد إحالة متبادلة بين الأشياء وبين الوعي البشرى تحدث إحالة متبادلة أيضاً بين أذهان الأشخاص الذين يتأملون هذا الشيء."[21]

 

صورة (7) عمل للفنان (أبکانوويسز Abakanowicz) من البرونز. تستثير الجماليات التشکيلية في العمل الجانب العقلي والوجداني (الانفعالي) لدى المتلقي وهي حالة يمکن معها أن يندمج المتلقي مع الإبداع الفني في العمل.

ولما کان التفکير الإبداعي مطلباً أساسياً في تقدّم النشء وتطور الفنون، کان لا بدّ من مواکبته لکل عصر من العصور. وما نطمح إليه في عصرنا الحاضر، أن نجعل من التفکير الإبداعي للارتقاء بالنشء ومواجهة العنف على القيم مطلباً عامّاً لا خاصاً. بحيث يشارک فيه جميع الأفراد في مختلف المجالات، لا أفراد بعدد الأصابع فقط، ليتحوّل العالم کله إلى خلية نحل نشطة، وسيمفونية خالدة، يشارک فيها کلّ حسب دوره وقدراته الإبداعية.

خامساً: القدرات المکونة للإبداع والتفکير الإبداعي وعلاقتها بالنحت

الصورة المرئية التي يبدعها النحات بالرغم من استقلالها لحد ما عن العلم والتکنولوجيا تتجاوب مع سيکولوجية البشر عموماً، وتنقل إحساس النحات إلى مشاعر الناس بصفة عامة، فإدراک الفنان لوجوده، هو حجر الأساس لکل المبتکرات البشرية. وتتضمن الجماليات التشکيلية للنحت جانباً نفسياً لدى النشء وهو عملية الشعور التي تشکل دوراً من قبول أو رفض العمل والحکم عليه، والشعور والإحساس بالجمال في فن النحت لم يعد يقتصر على عنصر الارتياح الناتج من التنظيمات الجمالية القائمة على الانسجام ووحدة عناصر الشکل في بنائه التقليدي. فالفنان يبلغ أرقى مراحل التکامل الاجتماعي فهو يعمل على تشخيص الجمال وربطه بمواقف الإنسان الاجتماعية.

ورغم اختلاف العلماء حول تعريفهم للإبداع والتفکيرالإبداعي Creative thinkingفإن غالبيتهم اتفقوا على أن التفکير الإبداعي هو القدرة على اکتشافعلاقاتجديدة و حلول أصيلة تتسم بالجدة و المرونة وهو القدرة على إنتاج أکبر عدد منالأفکار الأصيلةغير العادية و درجة عالية من المرونة في الاستجابة وتطوير الأفکار و الأنشطة والابتکار لدى النشء بدرجات متفاوتةأي أن التفکيـر الإبداعي في النحت کفرع من فروع الفنون هو تفکير ذونتائج خلاقة و ليست روتينية أونمطية فإن غالبيتهم يتفقون على اشتمال الإبداع لست عمليات أساسية کما ذکرها
(جيلفورد) وهي:

1ـ الطلاقة fluency :

" تتضمن عملية الطلاقة الإبداعية القدرة على إنتاج اکبر عدد من الأفکار الإبداعية " [22]. وتقاس بحساب کمية الأفکار الفنية التي يقدمها النحات في أشکال نحتية معينة في وحدة زمنية ثابتة بالمقارنة مع أداء الآخرين ، بينما في النحت قد يکون الأمر الحاسم هو طلاقة الأشکال، تجددها ، ظهورها الدائم، تغيرها، مراودتها الدائمة لخيال المبدع، غيبتها المؤقتة ثم عودتها في علاقة جديدة.

2 ـ المرونة flexibility

إن المرونة شرط أساسي للإبداع في النحت، ويقصد بها قدرة النحات على تغيير وجهته الذهنية(أي قدرته على التحرر والأفکار النمطية وإيجاد أفکار متنوعة) لأنها تعني القدرة على التحکم والتغيير والمواجهة وتعديل الموقف وإعادة التنظيم وکلها شروط ضرورية للإبداع في النحت.

3 ـ الأصالة Originality :

"تعني القيام باستجابات غير معتادة أو غير مألوفة، أو القيام بتداعيات بعيدة لأفکار أو موضوعات معينة "[23] .(أي القدرة على إنتاج أکبر عدد ممکن من الأفکار الغريبة والجديدة وغير المتعارف عليها ـ الجدة وعدم الشيوع ـ).

فنحن يمکننا الحکم على العمل النحتي بالأصالة في ضوء عدم خضوعه للأفکار الشائعة وخروجه على التقليد وتميزه، والنحات صاحب التفکير الأصيل هو النحات الذي ينفر من تکرار أفکار الآخرين، وحلولهم التقليدية للأشکال المجسمة. ومن ثم فالنحات المبدع ککل فنان مبدع عادة ما يکون نحاتا أصيلا يبحث عن الجديد والمفيد، ويهرب من الأفکار الشائعة والتعبيرات التي صارت في متناول کل يد. إنه يبحث عن طريقه الخاص، طريق الأصالة الذي هو طريق الإبداع.

4 ـ الحساسية للمشکلات Sensitivity to problems

هي القدرة على إدراک مظاهر الضعف أو النقص في الموقف المثير. إن النحات المبدع يستطيع رؤية الکثير من المشکلات في الموقف الواحد لأنه يعي الأخطاء ونواحي النقص ويحس بالمشکلات إحساساً مرهفاً لنظرته للمشکلة من زاوية أخرى غير مألوفة بدرجة لا يدرکها الأفراد الذين يتعايشون معها يومياً وتصبح هذه النظرة جزءاً من سلوکهم العادي تجاه أي مشکلة . وبذلک يکون النحات المبدع أکثر حساسية لبيئته . ويکون لدى النحات المبدع القدرة على تقديم أعمال نحتية تمثل حلوله، أو وجهات نظره التي يراها مناسبة لإکمال النقص والتغلب على القصور، وتقوية الضعف وسد الثغرات.

5 ـ النفاذ Penetration

 هي قدرة النحات على اختراق فکره الفني لکل حواجز الزمان والمکان ورؤية ما يکمن خلفهما، والامتداد بشکل إبداعي من المعلوم إلى المجهول، ومن الظاهر إلى الکامن، ومن الحاضر إلى الغائب بشکل يتجاوز الحواجز والقيود.

6 ـ مواصلة الاتجاه Maintenance of direction

إن هذا العامل يعني قدرة المبدع على مواصلة إنتاجه للنحت لزمن طويل، هذا يتفق وملاحظة (مايرmeier) ومؤداها أن " من بين السمات الهامة التي تمتاز بها عادات العمل عند النشء، والتي تمتاز بها کذلک طريقتهم في إطلاق طاقاتهم، الترکيز على العمل الذي هم بصدده لفترات لا حد لها " [24]. ويتفق ذلک مع إنجازات بعض الفنانين أمثال (هنري مور ـ رودان ـ کالدر ـ برانکوزي ـ محمود مختار ـ جمال السجيني) وغيرهم من الفنانين الذين ترکوا بصماتهم الواضحة على مسار الفن الحديث .

 

صورة (8) امرأة جالسة للفنان (هنري مور ) ـ برونز، الارتفاع 98 سم .

                                                 

صورة (9) من أعمال الفنان (رودان)، برونز،الارتفاع 140 سم        صورة (10) جذع للفنان (برانکوزي)، نحاس الارتفاع، 53 سم.

 

صورة (11) حيوان للفنان (الکسندر کالدر) منفذ من الحديد، الارتفاع 420 سم

      

صورة (12) عمل للفنان (محمود مختار) من الحجر   صورة (13) عمل للفنان (جمال السجيني) من البرونز

              ، الارتفاع 82 سم                      ، الارتفاع 69سم

توجد بالإضافة إلى ما سبق عوامل خاصة بقدرات أخرى ضرورية مثل قدرة المبدع على القيام بعمليات التحليل والترکيب، وکذلک تمکنه من الحرکة الذهنية من البسيط إلى المرکب، ومن المألوف إلى غير المألوف، ومن المحسوس إلى المجرد، ومن الماضي إلى الحاضر مستعينا بقدرات الخيال، وکذلک قدرات التقويم Evaluation والتفصيل Elaboration، أو القدرة على القيام بتکوينات کبيرة من فکرة أو أفکار قليلة متاحة، وغير ذلک من القدرات الضرورية للإبداع.

سادساً: دور النحت في تنمية الإبداع لدى النشء

"إن الهدف الأساسي من تنمية الإبداع الفني لدى النشء هو خلق رجال قادرين على صنع أشياء جديدة، ولا يقومون فقط بتکرار ما صنعته الأجيال السابقة، رجال مبدعين، مبتکرين، ومکتشفين"[25]، رافضين العنف بکافة صوره وأشکاله. والإبداع في النحت يرتبط بمحتوى الأشکال أو المدرکات الحسية البصرية کالخطوط والأشکال والألوان والکتل والفراغات وقيم السطوح.

ويدعم النحت کأحد فروع الفن بقوة تربية النشء التربية الفنية الصحيحة، التي تدعم بدورها بناء شخصية الناشئ السوي، الذي يتسم بالصفات التي تنمي الإبداع.

وبيئة النشء قد تکون بيئة مساندة تعمل على الکشف عن طاقاته الفنية الإبداعية ورعايتها، وقد تکون بيئة غير مساندة، تعمل على تجاهل هذه الطاقات وتدميرها أيضاً. وما نقصده هنا بالبيئة الأسرة والمؤسسات التعليمية المختلفة بشکل خاص. ومهما کانت قدرات النشء الإبداعية الکامنة، فإنها لن تؤتي أکلها ما لم تکن محاطة ببيئة مساندة دافئة خالية من العنف، تکشف عن هذه القدرات وتوجهها وتساعدها على النمو والتطور. فکل الأطفال يولدون ولديهم قدرات إبداعية، ولکن الأمر يعود إلينا لتوفير البيئة المساندة لجهود الطفل الإبداعية.

ويقول (جاردنرGardner) "إن الناس يحتاجون إلى شرطين إذا أرادوا أن يقوموا بعمل مبدع: الأمن النفسي، والحرية النفسية. وإحساس النشء بالأمن النفسي ينتج من ثلاث عمليات مترابطة:

1. تقبل النشء کأفراد ذو قيمة غير مشروطة، والإيمان بالنشء بصرف النظر عن
وضعهم الحالي.

2. تجنب التقييم الخارجي، ودعم تقييم الذات.

3. التعاطف مع الطفل، ومحاولة رؤية العالم من وجهة نظره، وتفهمه وتقبله"[26]

إن النحت يعد النشء للحياة الجمالية في عالم الغد، بمتغيراته وتکنولوجياته المتقدمة. والنحت بأشکاله المختلفة، يقدم هنا لخدمة الحياة في مناخ المستقبل: المادة التشکيلية والمهارات الفنية والقيم الجمالية، ما يعين النشء على التکيف مع المستقبل، والتحلي بالمرونة، والتفکير العلمي، والقدرات الإبداعية اللازمة لمواجهة المتغيرات الجديدة ومنها العنف.

کما يقوم النحت بدور مهم في إثراء الثقافة الفنية للنشء، والثقافة الفنية وثيقة الصلة بالتفکير. وتقوم التشکيلات النحتية المختلفة ، وغيرها من ألوان الإنتاج الفني، بدعم القيم والصفات اللازمة لعمليات التفکير الإبداعي، مثل: دقة الملاحظة، والصبر والمثابرة، والتفکير الجاد المستمر، وتنمية الخيال، والتفکير الناقد ... الخ. وتنوع الثقافة الفنية المقدمة للنشء تصل إلى دعم هذه الصفات والقيم الإيجابية بوسائل شديدة الفعالية، مثل: التقليد والقدوة، والاستهواء (وهو تقبل آراء الآخرين ممن يعجب بهم الطفل ويقدرهم من غير نقد أو مناقشة)، والانطباعات، والاندماج ، والتعاطف الدرامي، والتقمص، وغيرها من مضادات العنف.

والنحت أحد المجالات التي تسعى التربية الإبداعية إلى توجيه النشء نحوه إذا ما لوحظ وجود ميول فنية لديه مثل: التشکيل بالصلصال ـ التشکيل البارز باستخدام العجائن التشکيل المجسم بالخامات البيئية وغيرهما. وللنحت تأثير کبير على الفکر الفني للنشء وتفکيرهم وسماتهم النفسية والشخصية.

ومن الأهمية أن يتعرض النشء منذ الطفولة المبکرة لأعمال النحت المختلفة، لکي يتشکل لديه الحس والذوق الفني والجمالي. ففي البداية يبصر النشء الطبيعة ومکوناتها ، وبعد أن يتکون لديه المخزون البصري للطبيعة، يعبر بنفسه عن ما يختار من مشاهد وانطباعات مستوحاة
من الطبيعة.

ويقدم النحت للنشء أعمال الفنانين، وأهل الإبداع، ليتخذ النشء من حياتهم وسيرهم وتصرفاتهم نماذج وأمثلة تحتذي. کما يقدم النحت للنشء أنماطاً للتفکير المستهدف، ونماذج للتصرف الجمالي السليم في مختلف المواقف، ومن خلال تصرفات الفنانين الذين يعجب بهم الطفل ويقدرهم، فيقلد تصرفاتهم ويتبنى أساليبهم من غير تردد، على أن يکون هذا مما يخدم أساليب التفکير العلمي، والتفکير الإبداعي. والنحت، يتيح مواقف تستدعي من النشء: دقة الملاحظة والتأمل، والربط ، والاستنتاج، وحسن إدراک الأمور، وتشجع الرغبة في تفسير الطبيعة ومشاهد الحياة اليومية مما يساعد في تنمية الإبداع لدى النشء.

وتلعب بيئة النشء دوراً مهماً في الکشف عن طاقات النشء الإبداعية، وتشکيلها، وتنميتها، ويمکننا أن نقول في هذا السياق أن الإبداع من أنواع السلوک التي يمکن أن تواجه العنف.

ويقوم النحت بدور مهم في تنمية التفکير الإبداعي عند النش بوسائل مختلفة وهي :

1. إتاحة الفرص أمام النشء للإسهام في حل مشکلات التشکيل الجمالي في الخامات المختلفة، وتقييم هذه الحلول التشکيلية بطريقة موضوعية، ما ينمي التفکير الإبداعي عند النشء.

2. تنمية خيال النشء بطريقة سليمة، والنشء لديه استعداد قوي لهذا، والخيال الإنساني مسؤل عن کل الأعمال الإبداعية النحتية في حياة البشر.

3. إتاحة الفرص أمام النشء للتجريب واکتشاف الجماليات التشکيلية واستطلاع البيئة المحيطة بهم، والکشف عن خواص الأشياء وتجريبها، وممارسة التشکيل بطريقة البناء والترکيب، والحذف والإضافة والتکوين.

4. العمل على تنمية استعدادات النشء وقدراته الفنية إلى أقصى حدودها وإمکانياتها.

5. إثارة اهتمام النشء بالمشکلات المختلفة للتشکيل النحتي وصوره الجمالية، والإحساس بها، وإثارة حماستهم للنظر في هذه المشکلات، والتماس الحلول التشکيلية الجمالية المبتکرة
المناسبة لها.

6. الاهتمام بممارسة الأنشطة الإبداعية الأخرى وتذوقها، مثل الرسم، والتصوير، والأشغال الفنية، والهوايات، والابتکارات التقنية، والتصميم، وکتابة الشعر والقصة ... الخ. وهنا يجد الناشئ نفسه مبتکراً، يبدأ إنتاجه الفني بمعارفه السابقة، ثم يضيف إليها من ذاته وأحاسيسه وعواطفه وأفکاره، فيخرج إبداعاته الأولى التي تمهد لإعداده ليکون فرداً مبدعاً.

7. تنمية قدرة النشء على الملاحظة الدقيقة، والتقاط الظواهر ذات القيمة، التي تبدو جمالها
في الطبيعة.

8. تدريب النشء على الصبر والمثابرة وبذل الجهد المتصل من خلال نهو العمل النحتي نهوا جيدا، فالمبدعون يتميزون دائماً بالقدرة الفائقة على تحمل العناء.

9. تدريب النشء على التفکير الناقد الذي يحسن الرؤية البصرية للأشياء في الطبيعة، وتقييم الأمور بطريقة موضوعية .

سابعاً: تحمل المسؤولية للنشء لمواجهة العنف وعلاقتها بتنمية الإبداع في النحت

لقد أثبتت الدراسات الحديثة بأن النشء الذي يتعرض للعنف إبان فترة طفولته يکون أکثر ميلاً نحو استخدام العنف من ذلک الطفل الذي لم يتعرض للعنف فترة طفولته.

   

صورة (14) تمثال بوذا أحد الأعمال التي مورس        صورة (15) لوحة زهور الخشخاش أحد الأعمال التي مورس

            ضدها العنف  بدولة أفغانستان          ضدها العنف بمتحف محمد محمود خليل بالجيزة

والدوافع الذاتية التي تکونت في نفس الإنسان نتيجة ظروف خارجية من قبل الإهمال وسوء المعاملة والعنف الذي تعرض له الإنسان منذ طفولته إلى غيرها من الظروف التي ترافق الإنسان والتي أکدت إلى تراکم نوازع نفسية مختلفة، وتمخضت بعقد نفسية قادت في النهاية إلى التعويض باللجوء إلى العنف داخل المجتمع على الأعمال النحتية.فتنمية "الشعور بالمسؤولية إذن، عملية تربوية يحتاج إليها کل مربِّ، ليجعل من عقل النشء آلة قادرة على توليد الأفکار وبالتالي الإتقان
والإبداع المنشود"
[27] .

إن من أهم عناصر الإبداع في النحت القدرة على توليد أفکار کثيرة وجديدة لم يعتدها المتذوق. إذن فاقد الشعور بالمسؤولية والشعور بالعنف هو فاقد للشعور بالأمان! فکيف يمکن لمن يکون من بيئة لا ترى للتميز وزناً أن يقف أمام فکرة جديدة لعمل نحتي؟ وهل سيکون آمناً مطمئناً على نتاج فکرته الفنية؟ وهل تتولد الأفکار الإبداعية في ظل هذه الهيئة؟ وحتى نربي وننمي السلوک الإبداعي لدى النشء منذ نعومة أظفارهم لابد من تهيئة بيئة تحترم عقل النشء کما تحترم رأيه , بيئة تحترم تساؤلات النشء وحيرتهم , بيئة تفتح للنشء آفاق النقاش والحوار وتشجع على ممارسة النحت وتستميله للتفکير .

وعندما يشعر النشء بالمسؤولية تجاه الحفاظ على الأعمال النحتية بالأماکن العامة في جو يسوده الود والاحترام سيسعى جاهداً ببذل قصارى جهده نحو الحفاظ على الأعمال النحتية بالأماکن العامة بل الإبداع في ذلک الفن نتيجة الرغبة والدافعية الداخلية لأن يکون العمل المعروض بالأماکن العامة لغرض التجميل عمله هو.

"أما إذا استمرت تربية النشء نحو التبعية وتقليص فرص المشارکة في اتخاذ القرار ، وتوزيع المهمات فذلک يؤدي إلى قتل الإبداع لديهم وزيادة الخوف من الوقوع في الخطأ "[28]. واللجوء للعنف تجاه کل شيء جميل في البيئة المحيطة.

وفي مؤسساتنا التعليمية لابد لنا من : إتاحة الفرصة للنشء، ليمارسوا فيها أية عمل فني ويواجهونه بالتحليل الدقيق والنظر إلى جوانبه التشکيلية والجمالية المتعددة ومن ثم الانتهاء إلى رأي جمالي ولابد من الخروج من إطار النماذج الفنية المقيدة التي لا تحتمل أکثر من فکرة ولا تتيح للعقل البشري أن يظهر تميزه واستقلاليته . ولابد لنا من فهم أوسع لمفهوم النظام والانضباط فهو ليس مفهوماً يضعه فرد واحد يدعي أنه الأعلم ، أو الأکبر، أو الأحق بالتشريع، ليتحمل هو وحده فيما بعد مسؤولية الحفاظ عليه . فذلک الفهم الواسع الذي نعد به النشء للحياة بتوليد الأفکار لديه دون تبعية لأحد، وبصنع الهمة العالية فيه ليتحمل المسؤولية فيشعر بمسؤوليته تجاه مواجهة العنف على القيم الجمالية بالبيئة المحيط وکذلک الأعمال النحتية.

فاحتواء الفنانين والأسر للنشء وإعدادهم إبداعيا لمواجهة العنف على الأعمال النحتية والفنية والأثرية بشکل عام وکل ما هو متعلق بالقيم شعور يُبْنى في قرارة النفوس يشعر به الناشئ من خلال مجموع تعبيرات الجسم المنطوق منها والمشاهد فيها فإذا خالف المنطوق المشاهد کان هناک اضطراب في فهم الرسالة الموجهة مما يؤدي إلى رفضها[29] .

ولا نستطيع أن نثبت للنشء أن ما نقوله حول مواجهة العنف على الأعمال النحتية واحترام الفن وتقدير الأعمال الفنية بکافة صورها أمر مهم وجاد ما لم نعيشه واقعاً کفنانين مبدعين، فلابد أن يشاهدوا هذا السلوک متمثلاً في سلوکنا معهم ومع غيرهم في البيت, والمدرسة , ودور العبادة , والمتحف, والمعرض، والشارع، وأثناء حديثنا مع الآخرين وعن الآخرين، لا بد أن نعلم ونتعلم أن أعمالنا أصواتها أعلى من أقوالنا عندما نضع القوانين، وعندما نتحدث عما يجب أن يکون، ثم نخالف ذلک کله أو بعضه فإن ذلک رسالة واضحة وصريحة أن هذه الأمور کلها ليست مهمة بالدرجة الکافية مما يوأد توليد الأفکار، وبالتالي الإبداع ويساعد على تواجد العنف.

نتائج الدراسة ومناقشتها

للتحقق من صحة الفرض الأول وهو( توجد علاقة بين الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر وتنمية الإبداع لدى النشء) قامت الباحثة بدراسة مفهوم الإبداع والتفکير الإبداعي وعلاقة الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر بالإبداع وتوصلت الباحثة إلى النتائج التالية:

  • · إن مواجهة العنف على القيم، ودعم وتنمية القيم أساس لتوليد الأفکار وتنمية الإبداع لدى النشء، لمواجهة التحديات التي تحوَّل العالم فيها من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي.
  • · إن الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر من أهم الوسائل للاستغراق الانفعالي والمعرفي، ومن أهم الأساليب للتعبير الشخصي والإبداعي، وهي مصدر مهم للمتعة الوجدانية والاستثارة البصرية للنشء، ومن ثم فهي وسيلة هامة لتحقيق الذات وتنمية الإبداع.
  • · إن الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر من أهم الوسائل للاستغراق الانفعالي والمعرفي، ومن أهم الأساليب للتعبير الشخصي والإبداعي، وهي مصدر مهم للمتعة الوجدانية والاستثارة البصرية للنشء، ومن ثم فهي وسيلة هامة لتحقيق الذات وتنمية الإبداع ومواجهة العنف
    على القيم.

وبهذا يتحقق الفرض الأول بأنه أثبت وجود علاقة بين الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر والإبداع من خلال العمليات العقلية التي وجه البحث اتجاهات النشء ( مجموعة التجريب) إليها وترى الباحثة:

 أن حاجتنا لا تقتصر على مجموعة من النشء فحسب ليتفوّقوا في بعض مجالات الإبداع الفني ، وإنما إلى أمة مُبدعة ومُفکّرة. الأمر الذي يتطلب منا کفنانين ومؤسسات تعليمية وکأولياء أمور، أن نُهيئ البيئة التي تُساعد على الإبداع للنشء ومراعاة العوامل بالجدول التالي:

جدول (1) يوضح العوامل المساعدة والمعوقة للإبداع.

م

العوامل المساعدة لتنمية الإبداع في النحت لدى النشء

العوامل المعوقة للإبداع في النحت لدى النشء

1.                      

البعد عن تلقي الحلول الجاهزة لما يواجه النشء من صعوبات في تشکيل مادة النحت.

عدم التفرغ وإهمال المؤسسات التعليمية للإبداع

2.                     

شعور النشء بأن لإنتاجهم الفني قيمة بالمجتمع

الضعف والکسل

3.                     

تهيئة وسائل وأدوات التشکيل و التجريب والاکتشاف

الفقر والخوف من الفشل

4.                      

الرغبة في الإبداع وممارسة النحت

انخفاض الميول والدوافع الفنية

5.                      

شعور النشء بذاته

الإحساس بعدم الثقة بالنفس

6.                     

النقد الفني البناء

العنف الفظي متمثلا في النقد السلبي

7.                     

اهتمام ورعاية الدولة بإقامة معارض لأعمالهم

عدم توفير الامکانات اللازمة لرعاية الموهوبين

8.                     

تحفيز النشء بالجوائز المادية

تجاهل ونبذ مهارات النشء

إن تنمية الإبداع في النحت ودوره في مواجهة العنف لدى النشء عملية ذات بعدين:

البعد الأول ذاتي يتعلق بالنشء الذي يدرک ويلاحظ ويلتقط ويقوم بالإبداعات الفنية المختلفة التي تحدثنا عنها من أجل إنتاج عمل فني يتميز بالأصالة والتميز.

والبعد الثاني هو بعد اجتماعي يتعلق بالآخرين وبالمجتمع والظروف البيئية والحضارية التي يعيش فيها النشء. وبين البعدين تحدث عملية شديدة التعقيد خاصة بالتواصل والتفاعل والاتصال لمواجهة العنف. وفقا لطبيعة وشکل وکم ومدى سهولة أو صعوبة هذا الاتصال تتحرک العملية الإبداعية وتأخذ أشکالها المختلفة.

وللتحقق من صحة الفرض الثاني وهو(يوجد ارتباط بين دور الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر والقدرات المکونة للإبداع وتنميته لدى النشء) قامت الباحثة بتحديد القدرات المکونة للإبداع والتفکير الإبداعي ووضع مؤشرات لها في مقياس الإبداع وتطبيقها على نتائج النشء، وتوصلت الباحثة إلى النتائج التالية:

  • · إن التفکيـر الإبداعي في النحت کفرع من فروع الفن هو تفکير ذونتائج خلاقة و ليست روتينية أونمطيةوالإبداع يشتمل على ست عمليات يمکن أن تکون مکونات متکاملة في الثقافة الفنية، فهي مؤثرة ومتأثرة.
  • · إن النحت، يتيح مواقف تستدعي من النشء: دقة الملاحظة والتأمل، والربط ، والاستنتاج، وحسن إدراک الأمور، وتشجع الرغبة في تفسير الطبيعة ومشاهد الحياة اليومية مما يساعد في تنمية الإبداع لدى النشء..
  • · يقدم النحت للنشء أنماطاً للتفکير المستهدف، ونماذج للتصرف الجمالي السليم في مختلف المواقف، ومن خلال تصرفات الفنانين الذين يعجب بهم الناشئ ويقدرهم، فيقلد تصرفاتهم ويتبنى أساليبهم من غير تردد.

وبذلک يتحقق الفرض الثاني حيث يوجد ارتباط بين دور النحت والقدرات المکونة للإبداع وتنميته لدى النشء.

 وللتحقق من صحة الفرض الثالث(توجد علاقة بين الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر وتحمل المسؤولية للنشء لمواجهة العنف والعوامل المؤديه إليه) قامت الباحثة بدراسة تحمل المسؤولية للنشء لمواجهة العنف وعلاقتها بتنمية الإبداع في النحت ودراسة العوامل المؤثرة في تنمية الإبداع لدى النشء وتوصلت الباحثة إلى النتائج التالية: ـ

  • · إن النشء حين يشعرون بالمسؤولية تجاه الحفاظ على الأعمال النحتية بالأماکن العامة في جو يسوده الود والاحترام سيسعى بذلک جاهداً ببذل قصارى جهده نحو الحفاظ على الأعمال النحتية بالأماکن العامة بل الإبداع في ذلک الفن نتيجة الرغبة والدافعية الداخلية لأن يکون العمل المعروض بالأماکن العامة لغرض التجميل عمله هو .
  • · إن الاستغراق في العمل النحتي وحب التأمل والإدراک والاستدلال في الهدف من هذا العمل يمنح النشء شعوراً بالسعادة ويضفي جواً من الهدوء والمتعة الذي ينعکس على انفعالاتهم وتعاملاتهم والتخلص من سلوکيات العنف التي کانت سائدة من قبل.
  • · إن نشاط الناشئ الإبداعي في النحت تجسيداً لأفکاره ودوافعه وتصوراته وقيمه واتجاهاته وخبراته وتراثه وسمات شخصيته وتفضيلاته وأنماط إدراکه وتفسيراته.
  • ·  إن وضع حلول لمعوقات الإبداع في النحت يسهم في القضاء على العنف على القيم.

ويتضح من نتائج هذا الفرض بأنه قد تحقق حيث ثبت أنه توجد علاقة بين الجماليات التشکيلية للنحت المعاصر وتحمل المسؤولية للنشء لمواجهة العنف والعوامل المؤديه إليه.

التوصيـات المقترحة:

  • ·  ضرورة التأکيد على إقامة الأنشطة التي تعمل على تنمية القدرات الإبداعية مع باقي الأنشطة (التربوية) المقدمة للنشء.
  • ·  تنظيم دورات تدريبية لأولياء الأمور حول أساليب التعامل مع النشء لتنمية القدرات الإبداعية لديهم باستخدام الفن عامة والنحت خاصة.
  • · رعاية ضحايا العنف من خلال مؤسسات الرعاية الاجتماعية الرسمية والأهلية، ورصد مظاهر العنف على الأعمال النحتية من خلالمؤسسات متخصصة، والعمل على تحليلها والتعامل معها بصورة علمية وفق النظرياتالتربوية والاجتماعية.
  • ·   تنظيم الرحلات والزيارات للمتاحف والمعرض التي تساعد على استثارة تفکير النشء وإکسابهم السلوکيات الإيجابية نحو الإبداع ومواجهة العنف.


1Loura R. Burleigh & Larry E. Beutler : a Critical Analysis of Tow Creative Arts Therapies - The arts in Psychotherapy1977 - Vol. 23 - NO.5 - P.P.317- 381

[2]مراد وهبه: المعجم الفلسفي ـ الطبعة الأولى ـ دار قباء الحديثة ـ القاهرة 2007ـ ص 11.

[3]مصطفىسويف: الأسس النفسية للإبداع الفني ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ 1970ـ ص291.

3Hubbard: Humanitarian Education - Los Angeles - L. Ron Hu bbard library-1996– P.164

[5]مختار العطار: الفنون الجميلة ـ الهيئة المصرية العامة للکتاب ـ القاهرة ـ 2002 ـ ص 70.

[6]فهيم مصطفى:مهارات التفکير في مراحل التفکير العام ـ الطبعة الأولىـ دار الفکر العربي ـ القاهرة ـ 2002 ـ ص27.

[7] الکسندرو روشکا:الإبداع العام والخاص ـ ترجمة: غسان عبد الحيأبو فخرـ عالم المعرفة ـ الکويت ـ 1989 ـ ص19.

2Guilford: traits of reactivity in P.E. Vernon. Creativity - 4thed. penguin Books - London -1979 - P39

[9]هدى حسن: العوامل النفسية والسمات الشخصية ـ مجلة العلوم الاجتماعية ـ جامعة الکويت، مجلد 34 العدد11ـ الکويت ـ 2006ـ ص 62.

2J. Dewey: Art as Experience – Minton,balch – U.S.A – 1934 – P. 58.

3Arnheim:Art and Visual Perception, Psychology of The Creative Eye. – University of California – U.S.A – 1974 – P. 16.

[12]محسن عطية : تذوق الفن ـ دار المعارف ـ مصر ـ 1995 ـ ص156 ، 157

1Davinci : The Notebook of Leonardo Davinci – ed. by I Richter Oxford university press – 1980 – P. 144.

2 Myers:50 Great Artists – banton book leger, - New York - 1967 – P.25.

1Roth: The Arts and Personal Growth – Pergamon Press – U.SA.1985 - P.44

[16]محمد عزيز نظمى سالم: القيم الجمالية دار المعارف – القاهرة – 1984 ص 300 .

[17]سيد صبحي : دراسات وبحوث في الابتکار ـ عالم الکتب ـ القاهرة ـ 1976ـ ص 185.

[18]جلين ويلسون:سيکلوجية فنون الأداء ـ ترجمة: شاکر عبد الحميد ـ سلسلة عالم المعرفة 289 ـ المجلسالوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الکويت ـ 2000 ـ ص 232.

[19]مصري عبد الحميد حنورة: سيکلوجية التذوق الفني ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ 1985 ـ ص 20.

[20]مصطفى سويف: دراسات نفسية في الفن ـ مطبوعات القاهرة ـ مصر ـ1983ـ ص 32.

[21]عبد الفتاح الديدى: علم الجمال الأنجلو المصرية القاهرة 1981 ص 71 .

[22]شاکر عبد الحميد:العملية الإبداعية في التصوير ـ عالم المعرفة ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الکويت ـ 1987ـ 85.

[23]منير حسين جمال خليل: دراسة مقارنة السمات الشخصية لدى الفنانين المبدعين في مجال الفن التشکيلي ـ رسالة ماجستير غير منشورة ـ کلية التربية ـ جامعة عين شمس ـ 1979 ـ ص60.

[24]حسن محمد حسن: الأسس التاريخية للفن التشکيلي المعاصر ـ دار الفکر العربي ـ القاهرة ـ 1974 ـ ص 200.

1Arnheim : Art And Visual Perception, Psychology of The Creative Eye – University of California, U.S.A. – 1974 – P. 69.

1Gardner : Multiple Intelligences, The theory in practice – Basic Book – U.S.A. – 1993 - P.88.

1Amablie: Growing up Creative - Nurturing alifetime of Creativity - crown Publishers ,Inc - New York – 1989 – P. 92

2Amablie: Growing up Creative – Op. Cit. – P. 92.

1Torrance:Teaching for Creativity in s.g Isakseu ed frontiers of creativity research - geyond the gasics - buffalo ,ny Bearly limited . – N.W. -1987 - P.189 .

المراجع
1.    الکسندرو روشکا: الإبداع العام والخاص ـ ترجمة: غسان عبد الحيأبو فخرـ عالم المعرفة ـ الکويت ـ 1989.
2.    جلين ويلسون: سيکولوجية فنون الأداء ـ ترجمة: شاکر عبد الحميد ـ سلسلة عالم المعرفة ـ المجلس الوطني للثقافة والآداب ـ الکويت ـ 2000.
3.    حسن محمد حسن: الأسس التاريخية للفن التشکيلي المعاصر ـ دار الفکر العربي ـ القاهرة ـ 1974 .
4.    سيد صبحي : دراسات وبحوث في الابتکار ـ عالم الکتب ـ القاهرة ـ 1976.
5.    شاکر عبد الحميد: العملية الإبداعية في التصوير ـ عالم المعرفة ـ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآدابـ الکويت ـ 1987.
6.    فهيم مصطفى: مهارات التفکير في مراحل التفکير العام ـ الطبعة الأولىـ دارالفکر العربي ـ القاهرة ـ 2002.
7.    عبد الفتاح الديدى: علم الجمال الأنجلو المصرية القاهرة 1981.
8.    محسن عطية : تذوق الفن ـ دار المعارف ـ مصر ـ 1995 .
9.    مختار العطار: الفنون الجميلة ـ الهيئة المصرية العامة للکتاب ـ القاهرة ـ2002.
10.مصري حنورة: سيکلوجية التذوق الفني ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ 1985.
11.مصطفى سويف: الأسس النفسية للإبداع الفني ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ1970.
12.مصطفى سويف: دراسات نفسية في الفن ـ مطبوعات القاهرة ـ مصر ـ 1983.
13.مراد وهبه: المعجم الفلسفي ـ الطبعة الأولى ـ دار قباء الحديثة ـ القاهرة ـ 2007.
14.منير حسين جمال خليل: دراسة مقارنة السمات الشخصية لدى الفنانين المبدعين في مجال الفن التشکيليـ رسالة ماجستير غير منشورة ـ کلية التربية ـ جامعة عين شمس ـ 1979.
15.محمد عزيز نظمى سالم: القيم الجمالية دار المعارف – القاهرة – 1984.
16.محمود بقشيش : النحت المصري الحديث - الهيئة المصرية العامةللکتاب –القاهرة –1992
17.هربرت ريد : النحت الحديث ـ ترجمة : فخري خليل ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشرلبنان ـ 1994
18.هدى حسن: العوامل النفسية والسمات الشخصية ـ مجلة العلوم الاجتماعية ـ جامعة الکويت، مجلد 34 العدد11ـ الکويت ـ 2006.
19.  Amablie,T: Growing up Creative - Nurturing alifetime of - crown Publishers ,Inc - New York – 1989
20.  Arnheim : Art And Visual Perception, Psychology of Creative Eye – University of California -U.S.A.1974
21.  Davinci : The Notebook of Leonardo Davinci – ed. by I Richter Oxford university press – 1980 .
22.  Guilford: traits of reactivity in P.E. Vernon. Creativity -4thed. penguin Books - London -1979 .
23.  Gardner : Multiple Intelligences, The theory in practice – Basic Book – U.S.A. – 1993 .
24.  Torrance: Teaching for Creativity in s.g Isakseu ed frontiers of limited . – N.W. -1987 .
25.  Hubbard: Humanitarian Education - Los Angeles - L. Ron Hubbard library, 1996 .
26.  J. Dewey: Art as Experience – Minton,balch – U.S.A – 1934
27.  Loura R. Burleigh & Larry E. Beutler : a Critical Analysis of Tow Creative Arts Therapies - The arts in Psychotherapy1977 -Vol. 23- NO.5 - P.P.317- 381
28.  Myers: 50 Great Artists – banton book leger, - New York -1967.
29.  Roth: The Arts and Personal Growth – Pergamon Press – U.SA - 1985.