القيمة الإيقاعية في الموسيقى العربية کمدخل لبناء اللوحة التصويرية

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 باحث ماجستير

2 أستاذ الرسم والتصوير المساعد بکلية التربية النوعية جامعة المنصورة

3 أستاذ الموسيقى العربية المساعد بکلية التربية النوعية جامعة المنصورة

المستخلص

الملخص :
وتضمنت الدراسة دراستنا للصوت والإيقاع الموسيقي کمادة للموسيقى أساسية وفريدة، فالصوت الموسيقي لا يخلق بذاته موسيقى إلا حينما ننظر إليه باعتباره لغة تشکيلية أو تشکيلا لغويا، أعني باعتباره سياقا زمانيا تتآلف فيه عناصر الصوت الموسيقي في صورة کلية معبرة کسياق زماني له أهميته في الإحساس والإدراک و مدي تأثيرها علي الفنان وعلي اللوحة التصويرية ، کذلک أهمية الإيقاع في الموسيقى و کيفية استحداث موضوعات جديدة للوحة التصورية من خلال الدلالات النفسية لإيقاعات الموسيقى العربية ، وکيف يمکن الربط بين المدلول السمعي للقيمة الإيقاعية في الموسيقى العربية والرؤية البصرية للون الملمسي داخل اللوحة التصويرية؟ . وتناولت الدراسة عدة جوانب وهي أولاً : التعرض بالدراسة لأهم العوامل التي أثرت علي اللوحة التصويرية المعاصرة من ضوء وصوت وحرکة ، ثانياً : دراسة مفهوم الموسيقى والقيمة الإيقاعية ، ثالثا : دراسة تحليلية لمدي ارتباط الصوت بالقيم التعبيرية للوحة التصويرية و ذلک من خلال اللون ، رابعاً : دراسة تاريخية للصوت ومدي تأثيره علي فن التصوير المعاصر خاصة .
ثم تناول الباحث الجانب التطبيقي للدراسة ويتمثل في التجربة الذاتية التي يجريها الباحث وذلک للتأکد من صدق الفروض وتحقيق أهداف الدراسة والتي تتمثل في المحاور التالية :

· المحور الأول : استماع و دراسة بعض القطع الموسيقية والمقامات في فترة التسعينيات والتي قد تساعد علي إبراز موضوع البحث ومدي تأثيرها في ابتکار موضوعات جديدة .
·  المحور الثاني : إنتاج لوحات تصويرية معاصرة مستمدة من الدلالات النفسية للقيمة الإيقاعية والمقامية للموسيقى العربية في الوطن العربي .

الموضوعات الرئيسية


خلفية البحث:-

"إن هدف الفنون هو إدراک الجانب المطلق الخفي فيما وراء الطبيعة " ([1]) . فإننا " يمکن أن نقول کما يقول الکاتب الإنجليزي هربرت ريد( Herbert Read)1893-1968م : أن الجمال (هو وحدة العلاقات الشکلية بين الأشياء التي تدرکها حواسنا ) علاقات فيها تناغم تدفع الحواس " ([2]).

"وإن العمل الفني يمکنه أن يحوي داخله (طاقة کامنة )، وروحا قوية خاصة به ومستقلة عن العنصر الذي تمثله " ([3]) . " إن دراسة سائر الفنون وخاصة التشکيلية والمعمارية منها ،تربط بين موسيقى کل عصر وفنونه المختلفة بشکل مجسم، وتمد الإنسان بصورة عن الروح الخلاقة المبدعة للبشرية في هذا العصر أو ذاک ... والموسيقى بالذات هي الفن الذي يمثل عنصر التحول الوجداني في تطور الإنسان عبر العصور والحضارات . والخبرات الموسيقية السمعية التي يکتسبها المستمع تلعب دورها الهام لا في متعته الثقافية والحسية فحسب ، بل أيضا تمثل أساسا لتشکيل مستويات ذوقه وإحساسه بالحضارة والفن والتاريخ ... ومدي تجاوبه الإنساني مع الحياة " ([4])

وقد تناولت الفنون خلال عصور متعددة من تاريخ الإبداع الإنساني , علاقات التأثير و التأثر فيما بين اللون و النغم بحيث يمکن القول أنه من المتعذر دراسة تاريخ واحد من هذه الفنون بمعزل عن الفنون الأخرى " والتذوق هو القاسم المشترک بين الفنون بأنواعها وهو الذي کان له الأثر الأکبر في أن يکون المصور والموسيقي أعضاء في منظومة واحدة أساسها الإحساس والتعبير".(1)

فلو أننا أمعنا النظر في أي عمل تصويري لوجدنا به العديد من التنوع والتنغيم والانسجام في اللون والحرکة وخلافه . ولو أننا أنصتنا لأي قطعة موسيقية لتراءى لنا العديد من المناظر والأحلام والتي من ثم تثير مشاعر المصور فيصيغها علي هيئة مجموعة من العناصر المرئية ويري ثروت عکاشة أن العين تسمع والأذن تري وإن دل فإنما يدل عن العلاقة المتوطدة بين الموسيقى والتصوير . ولذا لجأ علماء علم النفس إلي تفسير نتاج عمل فني علي أنه عبارة عن تنظيم خاص لمجموعة من المنبهات التي يتعرض لها الفنان في الزمان أو المکان أو الاثنان معا لتتآلف فتصبح خطوطا وألوانا في الفن التشکيلي ، بينما تتآلف علي شکل أصوات في الفن السمعي ( الموسيقي ) (2) ، " فلذلک يمکن تعريف الموسيقى بأنها هي فنالتعبيرعنأحاسيسمحددةعنطريقأنغاممنظّمة " (3) .

 

مشکلة البحث:-

 ويتضح من القراءات السابقة أهمية الموسيقي في الإحساس والإدراک ومدي تأثيرها علي الفنان وعلي اللوحة التصويرية وأهمية الإيقاع في الموسيقى ومن هنا تدور مشکلة البحث حول التساؤلات الآتية:-

1.  کيف يمکن استحداث موضوعات جديدة للوحة التصورية من خلال الدلالات النفسية للموسيقى؟

2.  کيف يمکن الربط بين المدلول السمعي للقيمة الإيقاعية في الموسيقى العربية والرؤية البصرية للون الملمسي داخل اللوحة التصويرية؟

أهداف البحث:-

1. رصد القيم التعبيرية والتشکيلية المرتبطة بکلاً من اللون والصوت والموسيقى في الفن المعاصر والاستفادة منها في تدريس التصوير لطلاب التربية الفنية.

2.  تأکيد العلاقة المتبادلة بين الصوت واللون وأثر کلا منهم علي اللوحة التصويرية .

3.  إيجاد منطلقات فنية جديدة وذلک من خلال الوقوف علي أهمية الصوت في مجال التربية الفنية .

أهمية البحث:-

1.عدم إغفال دور الصوت في فن التصوير المعاصر وعدم الفصل بينه وبين کلا من الضوء والحرکة.

2. فتح الباب أمام استحداث موضوعات فنية جديدة وخاصة المستمدة من الموسيقي والأصوات من حولنا.

3. الربط بين القدرة السمعية والقدرة البصرية في مجال الفن.

فروض البحث:-

يفترض الباحث :-

 1. وجود علاقة بين القيمة الإيقاعية في الموسيقى العربية واستحداث موضوعات جديدة للعمل التصويري المعاصر.

 2. وجود علاقة بين الإيقاع الموسيقي وتأکيد القيمة التعبيرية في اللوحة التصويرية.

حدود البحث:-

1.حدود زمانية:

التعرض بالدراسة والتحليل لبعض قطع الموسيقي العربية في فترة التسعينات والاستفادة منها في تدريس التصوير لطلاب التربية الفنية.

ودراسة بعض المقامات والقطع الموسيقية وما يراه الباحث مناسب لموضوع البحث.

2.حدود مکانية:-

التعرض بالدراسة لبعض القطع الموسيقية في الوطن العربي في فترة التسعينيات من أجل الوصول إلي هدف البحث وإنتاج لوحات تصويرية من خلال التجربة الذاتية التي يقوم بها الباحث

منهج البحث:-

  • · يتتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي في الإطار النظري لدراسة الصوت والإيقاع ومفهومه، والوقوف علي مدي تأثير الصوت في فن التصوير المعاصر.
  • ·  ويتتبع الباحث أيضا المنهج التجريبي ويتمثل في التجربة الذاتية التي يجريها الباحث في البحث موضوع الدراسة

مصطلحات البحث:-

  • ·   القيمة الإيقاعية (الإيقاع) Rhythm:

"تشتق " کلمة الإيقاع Rhythm من الکلمة اللاتينية Rhythmos وهو الانسياب والحرکة ، وفي اللغة العربية يأتي لفظ إيقاع بمعني " المشيه المنتظمة السريعة " ، أما في الموسوعة العربية فهو " ما انتظم من حرکات متساوية في أزمنة متساوية " (1) . " الإيقاع هو تنظيم للفواصل الموجودة بين وحدات العمل الفني وهو تعبير عن الحرکة ويتحقق عن طريق تکرار الأشکال بغير آله وباستخدام العناصر الفنية "(2). والإيقاع هو ترديد الحرکة بصورة منتظمة تجمع بين الوحدة والتغير .

  • ·   الموسيقى Music :

 هي اجتماع مادتين الصوت والزمن ،، بمعنى أصوات في إطار الزمن . والموسيقي هي فن التعبير عن أحاسيس تتجسد من خلال التغيرات النغمية وهي لغة العواطف .

  • ·   اللون Color:

 هو عنصر تشکيلي ، ذو قيمة فنية وجمالية ، کما أن له أهمية خاصة بالنسبة للفنان فضلا علي العلاقات الترابطية التي تکمن بها طاقات فنية وإبداعية، فهو يؤدي دورا فعالا في إيضاح الجوانب التعبيرية...

وأيضا هو ذلک التأثير الفسيولوجي الناتج عن شبکة العين حين تستقبل مرسلات الألوان وترسلها للمخ وهو المتحکم في التأثير الفسيولوجي الناتج عن الألوان (3).

" واللون هو صفة أو مظهر للسطوع التي تبدو لنا به الأجسام نتيجة لوقوع الضوء عليها ، وهو عامل کبير في تقدير شکل تلک الأشکال وأحجامها وتقدير الأبعاد والمساحات " ([5]) .

  • ·   بناء اللوحة The Painting Structure:

 هي عملية يتم فيها صياغة العمل الفني من خلال وسائل مختلفة منها اللون حيث يتم بناء اللوحة من خلال توزيع الدرجات اللونية المتجانسة حسب برنامج لوني يحقق الأهداف التي يرغب الفنان في تحقيقها ،وأيضا، من خلال توزيع عناصر اللوحة يتحقق بناء اللوحة، ويعد البناء الهرمي للوحة من أفضل البناءات حيث حالة التوازن التي تنشأ من خلال هذا التکوين الذي يخضع لأسس رياضية تصل باللوحة إلي حالة من الاستقرار المادي و النفسي ([6])

الإطار النظري:

 ويتناول عدة جوانب وهي:

أولاً : التعرض بالدراسة لأهم العوامل التي أثرت علي اللوحة التصويرية المعاصرة من ضوء وصوت وحرکة:

" إن العلاقة بين الصوت واللون تقوم علي ارتباطات وجدانية نفسية ومدلولات فسيولوجية تخضع لما يسمي بظاهرة السينيستيزيا " Synaesthesia " أي العلاقة بين الصوت واللون أي الارتباط والتنسيق بين نوعين مختلفين من الإحساس " فتداخل الحواس من أهم العلاقات التي أثارة الدهشة بين مفاهيم اللون وطريقة إدراکه حسيا ، فقد أکد بعض العلماء بالبراهين والإثباتات العلمية الارتباط بين اللون والموسيقي ، ومن بين هؤلاء ناشري کتاب Basic Colour Terns (برنت برلين Brent Berlin وبول کاى Paul Kay) اللذان اعتبرا أن المراحل الأولى لتطوير المعجم اللوني تتواز مع المراحل الأولى للتطور الفونولوجي أو الصوتي طبقا لنظرية جايکوبسن هيل Jacobson Hale . ويعرض المؤلفان فکرتهما علي اعتبار أن الصوت واللون کلاهما ظاهرة موجبة ، وعليها فإن کلاً منها يمکن وصفه علي اعتباره الطاقة الکلية ، التردد والصفاء ، فالطاقة تقابل في الصوت تقابل العلو وتقابل في اللون اللمعان Luminosity، والتردد يقابل في الصوت درجته Note وفي اللون أصله أو Hue أما الصفاء والتشبع فيقابل في الصوت موسيقيتهMusicality ([7]).

ثانياً : دراسة مفهوم الموسيقى والقيمة الإيقاعية :

والموسيقى هي فن التعبير عن أحاسيس تتجسد من خلال التغيرات النغمية ، هي لغة العواطف . فيري الباحث أن التغيرات النغمية القيمة الإيقاعية تظهر ممثلة بالدور الرئيسي في بناء اللوحة التصويرية ،وذلک لأن " الإيقاع هو تنسيق النسب بشکل منظم في المساحة والزمن ، ويعتمد الإيقاع علي الربط بين الوحدة الزمنية Time unit والموسيقى ، فالإيقاع هو الشق الزمني في الموسيقى فهو ينظم الأصوات الموسيقية المکونة لأي لحن إلي وحدات زمنية متساوية . کما أنه يؤدي هاما في الموسيقى فهو يعطي اللحن طابعه ويظهر ذلک واضحا في التأليف الموسيقي المسمي بالتنويع " Variation"

وإذا نظرنا أولا إلي النظم البنائية البسيطة لترتيب المفردات الموسيقية والمفردات التشکيلية وعلاقتها بالإيقاع : نجد تعدد النظم الإيقاعية التي تشکل ملامح هذا البناء الفني سواء في الموسيقى أو في التصوير ، وما يتکرر فيه أصوات محددة وثابتة علي فترات زمنية متساوية وهو ما يسمي بالنبضات والتي فيها تتکرر سلسلة من المؤثرات بانتظام کدقات الساعة مما يتولد عنه إيقاع رتيب يبعث شعور بالملل ، کذلک فإن هذا التنظيم لعلاقة النبضات هو نفس التنظيم الذي يقوم عليه ترتيب المفردات التشکيلية في التصوير بانتظام ثابت . وهو ما ينتج عنه إيقاع رتيب يبعث علي الشعور بالرتابة.

 وثانيا من ناحية العلاقات التنظيمية للمفردات الموسيقية والتصويرية لبناء الجملة اللحنية أو التشکيلية ، فلاشک أن أي بناء فني لا بد وأن يتميز بالتنوع في علاقة مفرداته ونظم بنائها . ولا يمکن أن يعتمد الفنان علي إتباع نظام ثابت ومکرر لترتيب مفرداته التي يتشکل منها العمل الفني ، سواء کان في الموسيقي أو التصوير . وإلا أصبحت هذه المفردات ذات صفة تکرارية وآلية . وبتقسيم وتکوين جمل موسيقية تسمي " بالنبرات " مما يحدث ضغوطا مختلفة علي مسار اللحن ويکسبه مزيدا من التنوع في أداء القطعة الموسيقية کي لا يؤدي أداؤها بنفس الطريقة إلى الشعور بالملل "(1).

وإذا کان المؤلف الموسيقي يلجأ إلي تنظيم علاقات تبادلية بين النبض والنبر لإنتاج إيقاع غير رتيب ، فإن المصور يلجأ أيضا إلي نفس التنظيم الجمالي لعلاقة المفردات لإنتاج إيقاع غير رتيب ، وذلک من خلال أحداث بعض الاختلافات بين المفردات التي يتألف منها العمل الفني کالاختلاف في اللون _ المساحة _ الملمس _ الاتجاه ، مما يزيد من الشعور بالحرکة والتنوع ، ويتحقق بذلک إيقاع موسيقي غير رتيب .

 ثالثا تنظيم الوحدات الإيقاعية في الموسيقى والتصوير : إن التنظيم لعلاقة النبضات والنبرات وتجميعها في وحدات إيقاعية يشابه نفس التنظيم الذي يعتمد عليه المصور في ترتيب مفرداته وتجميعها في وحدات مختلفة لتکوين جمل تشکيلية متنوعة يتحدد من خلال علاقاتها نوع الإيقاع . حيث أن تکرار المفردات والأشکال يمکن تنظيمه عن طريق تجميع بعض الوحدات ( ثنائية أو ثلاثية أو أکثر ) واختلاف الوحدات بما يحقق التنوع في نظم علاقة المفردات أو الوحدات وما بينها من مسافات وما يتکون عنها من جمل تشکيلية وما ينتج عنها من وحدات إيقاعية .

رابعا تنظيم المفردات الموسيقية أو التشکيلية من حيث تباعدها وتقاربها وما ينتج عنه من إيقاع متزايد أو متناقص: إذا کانت الموسيقى تتألف من مجموعة من الأصوات المختلفة التي تفصلها فترات من السکون التي تتباعد وتتقارب ويتولد عن طريقها نوع الإيقاع وسرعته . کذلک فان العمل التصويري يتألف من مجموعة من الوحدات التي تفصلها مسافات تتباعد وتتقارب ، والتي ينتج عن طريق تنظيمها نوع الإيقاع .

ويمکننا القول بأن هناک عنصر زماني في التصوير کما في الموسيقى إذن فإن للنسب التشکيلية قيم زمنية حين العمل بعض المساحات علي اجتذاب العين مدة أطول من بعضها الآخر وبذلک يکمن في اللوحة نوع من الحرکة الصامتة التي يتمثل فيها الإيقاع(1) .

وبناء عليه فإننا يمکن عن طريق وتنظيم وترتيب وصياغة علاقة المفردات أن تحقق نوعا من الحرکة السريعة أو البطيئة ، الديناميکية أو الإستاتيکية في العمل الفني ، وذلک من خلال براعة الفنان في مساعدة انتقال حرکة المشاهد بين الوحدات ، فإذا أخذت الوحدات في التقارب تدرجيا فإن هذا سيجعل حرکة انتقال العين بين الوحدات تتم بسرعة أکبر مما لو کانت المسافات بين الوحدات متباعدة . وهکذا الانتقال السريع لحرکة العين سوف يکسب هذه الوحدات في علاقتها إحساسا ديناميکيا وکأنها تتحرک في مسارات مختلفة وبسرعات مختلفة حسب نوع التنظيم لعلاقة هذه الوحدات من حيث تقاربها أو تباعدها والعکس صحيح . وإذا کان المؤلف الموسيقي يعتمد علي توزيع حرکة الأصوات والألحان لإحداث شعور تصاعدي أو درامي ملئ بالقوة والحرکة ، تتجسد فيه الرمزية لتفاعل الأصوات .

ثالثا : دراسة تحليلية لمدي ارتباط الصوت بالقيم التعبيرية للوحة التصويرية و ذلک من خلال اللون :

 " ويري الباحث أيضا أن هناک بعض التشابهات التي تجمع بين التآلفات الموسيقية واللونية أو الشکلية في التصوير ، سواء في نظما البنائية وعلاقتها التآلفية أو في اعتمادها علي تشابهات شکلية ، فقد تحدثنا فيما سبق عن أن بعض أنواع التآلفات الموسيقية تنشأ من خلال التباين والتنافر في الأصوات ، وکذلک الحال بالنسبة للتصوير حيث تنتج بعض التآلفات اللونية عن طريق التباين اللوني الناشئ من علاقة الألوان ومکملاتها مثل الأصفر والبنفسجي أو الأحمر والأخضر أو البرتقالي والأزرق . أو التباين في درجة اللون أو شدته ".

 وهناک بعض الارتباطات بين آلات معينة وألوان معينة وبين نغمات معينة وألوان معينة : فصوت المزمار أو البوق أصفر خالص ، وصوت الترميثا قرمزي ، وصوت الصافرة رمادي عميق . وقد ربط البعض الموسيقى البطيئة باللون الأزرق ، والسريعة بالأحمر ، والنوتة العالية بالألوان الخفيفة والنوتة العميقة بالألوان القاتمة

 ولذلک " فإن اللون لا يرتبط بفن التصوير فحسب وإنما يتعداه إلي فنون أخري کالموسيقي فالرسام يستعمل ألوانه بحکمة ودراية ويخلط بينهما بمقابلة أکثر مادية وواقعية ولکن الموسيقي يستخدم ألوانا حسية أخري نراها بآذاننا وذلک من خلال تذوقنا للموسيقي العربية ومقاماتها المتنوعة " ([8]) ، " فکل مقام موسيقى له طابعه الخاص به ويقابله في ذلک اللون ، وکل آلة موسيقية تتماثل في طبيعتها مع لون خاص يحدث نفس التعبير أو أقرب ما يمکن إليه " ([9]) .

رابعاً : دراسة تاريخية للصوت ومدي تأثيره علي فن التصوير المعاصر خاصة :

 فقد ذهب البعض باعتقاد التقابل بين الأصوات السبعة للسلم الموسيقي والألوان السبعة فإن عزف السبعة أصوات الخاصة بالسلم الموسيقي في نفس الوقت ينتج عنه تآلف هارموني شديد التنافر ولکن التوافق يتم وفقا لاختيار خاص بين ثلاثة أو أربعة أصوات .وکذلک فإن أداء ألوان الطيف السبعة معا في نفس الوقت أي خلطها معا ينتج عنه اللون الأبيض ،وهو أکثر الألوان تنافر مع البصر ([10]) .

 ولعل من أعجب الدراسات التي أجريت لمعرفة تأثير الألوان علي الإنسان تلک التي أجراها کل من ( رانکول Rankil ) و ( سيرباريت Serberat ) فلقد أرادا معرفة ما إذا کان هناک ارتباط بين ميل الإنسان إلي لون معين وميله إلي نغمة موسيقية معينة .وقد أسفرت بحثهما علي الأتي: ([11])

1.  الذين يميلون إلي اللون الأحمر يميلون إلي النغمة دو.

2.  الذين يميلون إلي اللون البرتقالي يميلون إلي النغمة ري.

3.  الذين يميلون إلي اللون الأصفر يميلون إلي النغمة مي.

4.  الذين يميلون إلي اللون الأخضر يميلون إلي النغمة فا .

5.  الذين يميلون إلي اللون الأزرق يميلون إلي النغمة صول.

6.  الذين يميلون إلي اللون النيلي يميلون إلي النغمة لا .

7.  الذين يميلون إلي اللون البنفسجي يميلون إلي النغمة سي.

 ويري الباحث أنه إذا وقفنا في ترتيب هذه الألوان سوف نجدها نفس ترتيب الألوان التي تظهر بتبدد اللون الأبيض وبنفس ترتيب الألوان التي يتشکل منها قوس قزح .أما النغمات المتوافقة مع ذلک الترتيب فهي مرتبة وفق السلم الموسيقي في خلقه. وما من شک في تجانس الألوان له في النفوس الأثر الطيب الذي يکون لتجانس النغمات. وعلي الرغم من ذلک فقد انحصر فکر الطالب النوعي في قالب تقليدي لا يتعدي حدود الإمکانات المتاحة له في تخصصه وبالرغم من وجود منطلقات فنية يمکن أن يستمدها من مجال آخر سواء کان في تذوق الموسيقي في التربية الموسيقية أو في التصوير في التربية الفنية يمکن أن تفيده في التعبير الفني في إنتاج الأعمال التصويرية المستلهمة من أصوات بيئته المحيطة ،ومن ثم يکون الهدف هو خلق الإنسان الفنان بمعني الفرد القادر علي التعبير الجمالي من خلال أي وسيلة من وسائل التعبير(1).

الإطار التطبيقي:

ويتمثل في التجربة الذاتية التي يجريها الباحث وذلک للتأکد من صدق الفروض وتحقيق أهداف الدراسة والتي تتمثل في المحاور التالية :

المحور الأول :

استماع و دراسة بعض القطع الموسيقية والمقامات التي قد تساعد علي إبراز موضوع البحث ومدي تأثيرها في ابتکار موضوعات جديدة.

المحور الثاني :

إنتاج لوحات تصويرية معاصرة ممتدة من الدلالات النفسية للقيمة الإيقاعية والمقامية للموسيقى العربية.

الإطار التطبيقي :

 ويشمل مجموعة من الأعمال الفنية الناتجة عن التجربة الذاتية إبراز فکرة البحث :

العمل الأول :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العمل الأول:

  • ·  الخامات المستخدمة : الألوان الزيتية – فرش مقاسات مختلفة - توال – زيت رسم .
  • ·  الاستماع للحن وإيقاع أغنية الحب کده : وهي من ألحان رياض السنباطي عام 1961م .

 

  • · المقام : مقام بياتي الذي يتميز مقام عربي صميم يبدو واضحا في أکثر الألحان المصرية الشعبية وکذلک الألحان الکنسية و أغاني الأفراح ويتميز المقام بوجود البعد المتوسط في نغماته، ولذلک فأنه يعزف على آلات التخت العربي فقط ولا يعزف على الآلات الثابتة .
  • ·  الانطباع الناتج عن الاستماع : الإحساس بالحنان والعاطفة ومشاعر الحب الجياشة .

العمل الثاني :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العمل الثاني :

  • ·  الخامات المستخدمة : الألوان الزيتية – فرش مقاسات مختلفة - توال – زيت رسم.
  • ·  الاستماع إلي لحن و إيقاع أغنية قصة الأمس وهي أيضا من ألحان رياض السنباطي عام 1958م .
  • · المقام : ويتميز المقام اللحني بالحزن وهو من أهم خصائص مقام نهاوند وهو مقام حزين الطابع يمتاز بالروحانية الجياشة فهو من أکثر المقامات تعبيرا عن الحزن والعاطفة الحزينة والناعمة .وهو من المقامات العربية الأصيلة، ولذلک فأنه يعزف على آلات التخت العربي فقط ولا يعزف على الآلات الثابتة .
  • ·  الانطباع الناتج عن الاستماع : اللحن والإيقاع يعبر عن الحزن الشديد

 

العمل الثالث :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العمل الثالث :

  • ·  الخامات المستخدمة : الألوان الزيتية – فرش مقاسات مختلفة – توال – زيت رسم .
  • ·  الاستماع إلي لحن سماعي نهاوند للملحن صفر علي
  • · المقام : مقام نهاوند مقام ذو طابع رقيق عذب ويمتاز بالعاطفة والحنان والرقة ويناسب الألحان العاطفية الحزينة نوعا , ويلتقي فيه الطابع الغربي والشرقي معا .
  • ·  الانطباع عند الاستماع : الإحساس برشاقة اللحن وخفته وإيقاعه الرشيق والطابع الشرقي الراقص .

العمل الرابع :

 

 

 

 

 

 

 

 

العمل الرابع :

  • ·  الخامات المستخدمة : الألوان الزيتية – فرش مقاسات مختلفة – توال – زيت رسم .
  • ·  الاستماع إلي لحن وإيقاع أغنية يا شباب النيل رياض السنباطي عام 1937 م .
  • · المقام : مقام عجم وهو من المقامات ذات الطابع القوى ومقام يستخدم في الاستعراضات العسکرية ويعطى إحساس بالحرية والانطلاق وله أهمية خاصة حيث يلتقي فيه الطابع الغربي والشرقي وألحانه يمکن صياغتها في قوالب غربية
  • ·  الانطباع عند الاستماع : توحي الأمل وحلم تغير الواقع والوصول إلي النجاح .

العمل الخامس :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العمل الخامس :

  • ·  الخامات المستخدمة : الألوان الزيتية – فرش مقاسات مختلفة – توال – زيت رسم .
  • ·  الاستماع إلي لحن وإيقاع أغنية هجرتک من تلحين رياض السنباطي عام 1959 .
  • · المقام : مقام کرد مقام مليء بالعواطف والأحاسيس وطابعه رقيق وهو من أکثر المقامات الموسيقية شيوعا واستهلاکا حيث أن غالبية الألحان الحديثة ملحنه في هذا المقام حيث أن من أسهل المقامات الموسيقية عزفا وغناء حيث يلتقي فيه اللحن الغربي والشرقي معا .
  • ·  الانطباع الناتج عن الاستماع : صدق الإحساس والعاطفة وهجر الحبيب .

 

 

 

 

 

 

العمل السادس :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العمل السادس :

  • ·  الخامات المستخدمة الألوان الزيتية – فرش مقاسات مختلفة – توال – زيت رسم .
  • ·  الاستماع إلي لحن وإيقاع أغنية أراک عاصي الدمع من ألحان رياض السنباطي 1967 .
  • · المقام : اللحن علي مقام کرد وکما ذکرنا سابقاً مقام کرد مقام مليء بالعواطف والأحاسيس وطابعه رقيق وهو من أکثر المقامات الموسيقية شيوعا واستهلاکا حيث أن غالبية الألحان الحديثة ملحنه في هذا المقام حيث أن من أسهل المقامات الموسيقية عزفا وغناء حيث يلتقي فيه اللحن الغربي والشرقي معا .
  • ·   الانطباع بعد الاستماع : بحالة من العواطف و المشاعر الدفينة وحديث النفس والتأمل .


([1]) محمد الدسوقي: حوار الطبيعة في الفن التشکيلي ، القاهرة ، 1993م ، ص145 .

[2]صبري عبد الغني: الفراغ في الفنون التشکيليةالحداثة وما بعد الحداثة ، القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة ، ط1، ص181

(3) Herbert Read: Philosophy of modern Art _ Faber and Faber _London _1969.p.209

[4]يوسف السيسي : دعوة للموسيقى ، سلسلة عالم المعرفة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالکويت ، العدد46 ، 1981م ، ص 11

(1) برنارد ماير : الفنون التشکيلية وکيف نتذوقها، ترجمة سعد المنصوري ، سعد القاضي ، مکتبة نهضة مصر، القاهرة ، 1966م .

(2) جيهان محسن محمد : " التناول الجمالي للآلات الموسيقية کعنصر تشکيلي في التصوير الأوربي من عصر النهضة وحتى منتصف القرن العشرين " ، رسالة ماجستير ، کلية الفنون الجميلة ، جامعة حلوان ، 2010 م ، ص 10

(3) إدوارد هانسليک : الجميل في فن النغم ، ترجمة غزوان الزرکلي ، منشورات وزارة الثقافة ، الهيئة العامة السورية للکتاب ، 2009، ص 12

(1) أسماء البيلي أبو العلا : استخدام أسلوب الدعم المرئي في تنمية بعض المهارات الموسيقية بمقرر الإيقاع الحرکي لطلاب کلتي التربية النوعية ورياض الأطفال ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية التربية النوعية ، جامعة المنصورة ، 2011 ، ص 14 .

(2)www.maxfiurums.net/showtherad.php?t=106972

(3) سمر الباجوري : البناء اللوني في أعمال بعض المدارس الفنية الحديثة کمدخل لإثراء القيمة التعبيرية في اللوحة التصويرية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية التربية الفنية ،جامعة المنصورة ، 2009م ، ص97 .

(1)www.arabvolunteering.org/corner/avt11671.html

(2) محمود لطفي بکر : أثر الضوء على البناء اللوني في التصوير الحديث ، مصدر سابق ، 2000م ، ص69.

(3)رانيا حسين الحلو : " العلاقات الجمالية بين التصوير الحديث والموسيقى " ، رسالة ماجستير في الفنون الجميلة غير منشورة ،کلية الفنون الجميلة ، جامعة حلوان ، 2007 ، مرجع سابق ، ص 20 .

(1) أحمد عبد الغني سالم : " الترکيب الموسيقي کمدخل لتدريس التجريد في التصوير لطلبة التربية الفنية " ، رسالة ماجستير ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 1993 ، ص 92.

(1) أحمد عبد الغني سالم : " الترکيب الموسيقي کمدخل لتدريس التجريد في التصوير لطلبة التربية الفنية " ، رسالة ماجستير ، مرجع سابق ، ص 5 .

(1) محمود لطفي بکر : " أثر الضوء على البناء اللوني في التصوير الحديث " ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية التربية النوعية ، جامعة المنصورة 2000م ، ص12 .

(2) محمود لطفي، أمل صلاح: " العلاقة المتبادلة بين تذوق الموسيقى العربية والنواحي التعبيرية في اللوحة التصويرية لتنمية القدرة على الإبداع لدى الطالب النوعي" دراسة بينية منشورة ، مؤتمر کلية التربية النوعية السنوي الثالث ، جامعة المنصورة ، المجلد الثاني، ص1006.

(3) يوسف السيسي : دعوة للموسيقي ، مرجع سابق ، ص51.

(4) محمد عدنان، تنبکجي وآخرون : کيف تتعلم الرسم وتعلمه ، دار دمشق ، ط5 ، ص 121 .

(1) محمود لطفي بکر : " التعبيرية في صور الطيور والحيوانات في الفن المصري القديم کمدخل لتدريس التصوير لطلاب التربية الفنية " ، رسالة دکتوراه ، کلية التربية النوعية جامعة عين شمس ، 2006م ، ص108

المراجع :-
أولاً المراجع العربية :
1.  إدوارد هانسليک : الجميل في فن النغم ، ترجمة غزوان الزرکلي ، منشورات وزارة الثقافة ، الهيئة العامة السورية للکتاب ، 2009 .
2.  برنارد ماير :الفنون التشکيلية وکيف نتذوقها، ترجمة سعد المنصوري ، سعد القاضي ، مکتبة نهضة مصر، القاهرة ، 1966م .
3.  صبري عبد الغني: الفراغ في الفنون التشکيلية الحداثة وما بعد الحداثة ، القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة ، ط1 .
4.  محمد الدسوقي: حوار الطبيعة في الفن التشکيلي ، القاهرة ، 1993م .
5.  محمد عدنان، تنبکجي وآخرون : کيف تتعلم الرسم وتعلمه ، دار دمشق ، ط5 .
6.  يوسف السيسي : دعوة للموسيقى ، سلسلة عالم المعرفة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالکويت ،العدد46 ، 1981م.
ثانياً الدراسات و الرسائل العلمية :
1.أحمد عبد الغني سالم : الترکيب الموسيقي کمدخل لتدريس التجريد في التصوير لطلبة التربية الفنية ، رسالة ماجستير ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 1993م .
2.أسماء البيلي أبو العلا : استخدام أسلوب الدعم المرئي في تنمية بعض المهارات الموسيقية بمقرر الإيقاع الحرکي لطلاب کلتي التربية النوعية ورياض الأطفال ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية التربية النوعية ، جامعة المنصورة ، 2011م .
3.جيهان محسن محمد : التناول الجمالي للآلات الموسيقية کعنصر تشکيلي في التصوير الأوربي من عصر النهضة وحتى منتصف القرن العشرين ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية الفنون الجميلة ، جامعة حلوان ، 2010 م .
4.رانيا حسين الحلو : العلاقات الجمالية بين التصوير الحديث والموسيقى ، رسالة ماجستير في الفنون الجميلة غير منشورة ،کلية الفنون الجميلة ، جامعة حلوان ، 2007 .
5.سمر الباجوري : البناء اللوني في أعمال بعض المدارس الفنية الحديثة کمدخل لإثراء القيمة التعبيرية في اللوحة التصويرية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية التربية الفنية ،جامعة المنصورة ،2009م .
6.  محمود لطفي بکر : أثر الضوء على البناء اللوني في التصوير الحديث ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية التربية النوعية ، جامعة المنصورة 2000م .
7.محمود لطفي بکر : التعبيرية في صور الطيور والحيوانات في الفن المصري القديم کمدخل لتدريس التصوير لطلاب التربية الفنية ، رسالة دکتوراه ، کلية التربية النوعية جامعة عين شمس ، 2006م .
8.محمود لطفي، أمل صلاح:" العلاقة المتبادلة بين تذوق الموسيقى العربية والنواحي التعبيرية في اللوحة التصويرية لتنمية القدرة على الإبداع لدى الطالب النوعي" دراسة بينية منشورة ، مؤتمر کلية التربية النوعية السنوي الثالث ، جامعة المنصورة ، المجلد الثاني ، 2008م .
ثالثاً المراجع الأجنبية والمواقع :
1.Herbert Read: Philosophy of modern Art _ Faber and Faber_London_1969
2.www.maxfiurums.net/showtherad.php?t=106972
3.ww.arabvolunteering.org/corner/avt11671.html