التحليل النوعي والکمي للآمال والأهداف المستقبلية وتقييمها لدى عينة من المراهقين والمراهقات "دراسة في ضوء بعض المتغيرات الديموجرافية

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

أستاذ علم النفس المساعد کلية الآداب – جامعة المنصورة


مقدمة:

لا يسير کل منا - في العادة - في حياته اليومية الراهنة، والمستقبلية الآتية عبثًا، فکل منا محکوم في سلوکه بأهداف قد تکون حاضرة، أو مستقبلية، وسلوک کل منا موجه عادة نحو هدف ما، هدف إما مستقبلي ممتد، له مدى زمني في المستقبل يأمل الفرد تحقيقه على المدى القريب أو البعيد، أو حالي غير ممتد مداه الزمني أقل، والأهداف المستقبلية غير الأهداف الحالية، المستقبلية غير موجودة، والحالية معروف وجهتها، وهي موقوتة بزمن أقصر من الأهداف بعيدة المدى أو مجهولة التحقيق.

کل منا يتوجه منذ صغره نحو أساسيات تنمو معه، وتکبر شيئًا فشيئًا، في الطفولة يکتنف الغموض سلوکياتنا، وأغلب أمورنا يکون التوجه فيها نحو اللا تمييز، واللا هدف، نتجه نحو اللعب، واللهو، والمرح، وحب التملک، والتمرد، وغير ذلک کثير، سلوکياتنا تحکمها الفترة العمرية، التي نکون عليها حينئذ، لکن مع التقدم العمر، في الإعدادية، ثم الثانوية، تبدأ الأمور تتبلور، وتسفر دومًا عن جديد لم يکن موجودًا من قبل، فيکون التوجه أو الترکيز على الأهداف أکثر وضوحًا، وتمايزًا،  في الصغر يکون الهدف في الأغلب والأعم نحو النجاح في الدراسة، والتقدم فيها خطوة بخطوة حتى نصل إلى أعلى المراتب العلمية... في الطفولة، المبکرة والوسطى، والمتأخرة، يندر أن يفکر الفرد في الزواج لکن الأمر يختلف تمامًا في مرحلة المراهقة، خصوصًا  لدى الإناث، لذا نراهن في فترة المراهقة، وحينما تنمو أنوثتهن، يبدأن في التفکير الفطري في الزواج، والکل سواء في المشاعر الوجدانية – العاطفية، ولا فرق بين هذا وذاک، بين ذکر وأنثى.

ولا ننکر أننا في مراهقتنا تمنينا أن يکون لنا حبيب أو حبيبة، فنترقب قصص الحب والعشق لدى زملائنا وزميلاتنا، وکم منا من روى قصص عاطفية وهمية لمجرد أن يقول للغير "أنا هنا  محبوب ومرغوب"، ومع الوقت يکون لکل منا له يکون دوافع تدفعه نحو العديد من الآمال والأحلام والطموحات.. دوافع نحو البناء أو الوصول لمستقبل أفضل، مستقبل تأتى فيه الدراسة في المقدمة، ثم تکوين الذات، ثم العمل، ثم الزواج وإنجاب الأطفال.

ويبقى أن نتسأل، - على سبيل المثال لا الحصر - کم واحدًا منا سأل نفسه، ما الذي يفکر فيه أبناؤنا من المراهقين والمراهقات من طلاب الثانوي العام؟، ماذا يتمنون؟، ما هي أهدافهم "آمالهم" المستقبلية؟، وما هي العوامل المؤثرة فيها؟، وما هي العوامل المساعدة التي قد تسهم في تحقيق تلک الأهداف، وما هي المعوقات التي ربما قد تقف حائلًا بينهم وبين تحقيق ما يرغبون فيه، وما يخططون إليه مستقبلًا؟ وما هي مجالات تلک الأهداف؟، وما هي امتدادات تلک الأهداف في المستقبل؟، وما هي کثافتها؟، وهل يتشابه الجنسان في أهدافهم، کذلک هل کثافة الآمال واحدة بينهما أم هناک اختلاف؟ وما هي المجالات الأکثر کثافة لدى کل جنس؟ وهل طلاب العلمي کالأدبي من الجنسين؟ هل کبار السن منهم کالأصغر سنًا؟ وأخيرًا هل الامتداد الزمني المستقبلي لدى کبار السن کصغار السن؟ وهل أهداف وامتداد ذوي المستويات الاقتصادية الأعلى کأصحاب المستويات الاقتصادية الدنيا؟

الإطار النظري للدراسة:

المستقبل لا يمکن إدراکه بشکل مباشر، وهو افتراض ليس موجودًا بعد، لذلک فهو مستقبل، هذا أولاً، وثانيًا هذا الافتراض يمتلک ملامحه الأولية من حرکة الواقع الراهن، واتجاهاته المتعددة، إنه عبارة عن حالة نمطية ذات تکوين نفسي، ورغم ما لدى الفرد من آمال يأمل تحقيقها في المستقبل، ومخاوف قد تحدث مستقبلاً يتمنى ألا تتحقق، وتوقعات غير مضمونة بما يمکن أن يکون عليه المستقبل، وطموحات يسعى الفرد إلى إدراکها مستقبلاً، فإن المستقبل يعتبر هو المعبر الذي يسعى الفرد من خلاله نحو النجاح في عديد من مجالات حياته القادمة، مثل الدراسة والعمل، والتجارة، والزواج وتکوين الأسرة، والفنون والرياضة، وغير ذلک من مجالات الحياة.

إن ما قد يتمتع به المرء – ذکر أو أنثى، صغير أو کبير - من مواهب وقدرات عقلية قد تکون من لوازم النجاح، إلا أنها جميعًا غير کافية لتحقيق النجاحات المستقبلية التي يأملها الفرد، فهناک سمات أخرى يکون على الفرد التحلي أو الاتصاف بها، والتي منها هذه الانضباط، والمثابرة، والشعور بالکفاءة، والفعالية الذاتية.

والمراهق لن ينبغ في مجال عمله، ولن يحقق أي نجاحات مستقبلية في المجالات التي يتمنى أن يتفوق فيها، إذا لم يتحلى بالصبر، والالتزام، وقضاء ساعات طويلة من أجل تحقيق ما يريد، وهو في هذا الصدد سيکون عليه أن يتوجه نحو المستقبل، بأن يصرف نظره عن الحياة المريحة في الحاضر، والمتع الفورية، وإغراءات المراهقة والشباب، وهذا التوجه سيصرفه عن حقائق مکانه وزمانه، والأبيض والأسود والکائن وغير الکائن، وسوف يتجه عندئذ إلى عالم من الخيارات المتخيلة، ومن الاحتمالات والفرضيات، وما قد ينجم عنها، وسيکون الماضي عندئذ وعاء لاختزان الأخطاء السابقة، حتى يمکن تعديلها، والنجاحات حتى يمکن تکرارها وتعميمها، کما سيعتبر قليل الفائدة بالنسبة للحاضر الذي تقوده الاندفاعات وتسوده الإغراءات التي لا طائل منها ولا فائدة  (زيدان، 2007 ؛ Zimbardo, and Boyd, 2008: 137).

والمستقبل في أبسط صورة هو عبارة عن تطور سلبي أو إيجابي للماضي، أو أنه عملية تطور للماضي، أو أنه عملية تحول للماضي من حالة إلى أخرى. والمستقبل ليس هو الغيب، بل هو نهج حياة نصوغه وفق متطلبات وجودنا، نعمل من أجله، ونخطط له، إنه مکون رئيسي لسلوک الشخص، والقدرة على بناء أهداف شخصية بعيدة المدى، والعمل على تحقيقها هي صفة للکائنات والإنسانية، کما أن عدم القدرة – من الناحية النفسية – لبعض الناس على إنجاز الخطط بعيدة المدى يرتبط بالافتقار إلى منظور زمن المستقبل.  (الجهني، 2009 ؛ عبد السلام، 1995).

المستقبل ودراسات المراهقة:                   

المستقبل هو الفترة الزمنية التي تعيرها الدراسات المتعلقة بالتوجه الزمني أغلب اهتمامها في الوقت الحالي، وفي الواقع لم يُذکر کثيرًا التوجه الزمني نحو الحاضر أو الماضي في الدراسات النفسية کثيرًا، وذلک في الدراسات التي أجريت في الفترة ما بين الستينيات وحتى التسعينيات من القرن الماضي، وکان أول ظهور لدراسة المستقبل من خلال أبحاث کل من Zimbardo, and Boyd1994""، هذا وقد تم دراسة المستقبل في الأغلب لدى المراهقين على وجه الخصوص؛ لأنهم في هذه المرحلة العمرية من حياتهم تکون الاختيارات المتعلقة بالمستقبل - على مستوى الثقافة والنمو کليهما - على رأس قائمة اهتمامات المراهقين من الجنسين.                  (Nurmi, 1991).

إن بروز التوجه نحو المستقبل في تلک المرحلة يرجع لأن عقل المراهقين في تلک المرحلة العمرية يکون قابل للتفکير بشکل تجريدي، وبالتالي يکون قادرًا على وضع افتراضات حول المستقبل (Cooper, 2010: 11) ويؤکد هذا أن دراسات (Nurmi, 1989) أکدت على أن صغار المراهقين في عمر (11) سنة لديهم بالفعل خطط مستقبلية في محيط العمل والأسرة، کما أوضح کل من (Krietler and Krietler, 1987) أن القدرة على التخطيط للمستقبل تکون متطورة بالکامل في سن (9) سنوات، وأن التخطيط على مدى المستقبل البعيد تظهر في سن (11) سنة، ففي هذا العمر يبدأ الأطفال في الانتقال من الاهتمام بالأمور الوقتية الحالية إلى الاهتمام بالإنجازات التي سوف تتم في المستقبل، وحياتهم الشخصية والمجتمع، وذلک على نطاق أوسع، وقد وجد أن المراهقين مع اختلاف ثقافتهم – يتوقعون تحقيق أهدافهم الدراسية في سن (19) سنة، ووجد (Nurmi, 1991) أن مراهقي المجتمعات الغربية يميلون للتعبير عن اهتماماتهم بالسعادة الشخصية والترف وتکوين أسرة في المستقبل، بينما مراهقي المجتمعات التقليدية يميلون أکثر للتوجه نحو العائلة والصحة والموت والزواج. (Cooper, 2010: 11 – 12).

نشأة مفهوم التوجه نحو المستقبل: التحليلات النفسية الأولية للمفهوم:

يعود المفهوم المعاصر للتوجه نحو المستقبل إلى الأعمال الأولى لثلاثة من علماء السلوک، وهم: (Frank, 1939)، و (Israeli, 1930, 1963)، و (Lewin, 1939, 1942/1948)، حيث أضاف کل منهم اتجاهًا مختلفًا لدراسة التوجه نحو المستقبل، فبالنسبة إلى (Israeli)، فقد کان المحرک وراء أعماله هو اعتقاده بأهمية تسخير المستقبل لتحقيق أهداف الحاضر، أما (Frank)، فقد أنصب اهتمامه أساسًا على تطور التفکير في المستقبل ومعناه، أما بالنسبة إلى ((Lewin فقد أعتبر المستقبل السيکولوجي Psychological Future جزءًا من حيز الحياة Life Space .

وبالرغم من ذلک ، فقد اشترکت تحليلات ثلاثتهم في تناول ثلاثة موضوعات تتعلق بمفهوم التوجه نحو المستقبل ووظائفه الدافعية والتطورية، ارتبطت إحداها بملاحظة بسيطة  وأساسية وهي أن تکوينه المفاهيمي ووظيفته في تنظيم السلوک Behavior regulationيحدثان في الحاضر، أما الموضوع الثاني فيتعلق بأن التوجه نحو المستقبل محدد المجالات بحيث أن الفرد يصوغ تصوراته عن المستقبل من خلال ربطها بمجالات الحياة المختلفة، وبالنسبة للموضوع الثالثفهو يهتم بمحتوى هذه المجالات وموضوعاتها الرئيسية والتي قد تکون شخصية أو اجتماعية، واقعية أو مثالية، مبنية على الواقع أو خيالية. ( Seginer, 2009: 3-4).

نموذج (Nurmi) للتوجه نحو المستقبل

يرى Nurmi, 1991)) مفهوم التوجه نحو المستقبل على أنه يتکون من ثلاث عمليات، هي: ( أ ) الأهداف، ( ب ) التخطيط، ( ج ) التقييم، ونعرض في الشکل التالي العمليات الثلاثة التي يتضمنها هذا النموذج:

 

شکل (1)

النسخة المعدلة من نموذج Nurmi, 1991)) للتوجه نحو المستقبل.

وفيما يلي نتناول کل عملية من العمليات الثلاثة للتوجه نحو المستقبل، وذلک على النحو التالي:

الأهداف

في نموذج "Nurmi" ( الشکل السابق) يُشار إلى أول العمليات الثلاث للتوجه نحو المستقبل على کونها الأهداف، وتُعرف الأهداف على أنها الأوضاع أو النتائج المستقبلية التي يکافح الشخص من أجل تحقيقها، وعند وضع أهداف للمستقبل، فإن الأشخاص يعتمدون على المعرفة الذاتية التي اکتسبوها من خبراتهم السابقة، والمعرفة الذاتية هي التي تُبصِّر الشخص بحدود قدراته، وتعينه على وضع أهدافه المستقبلية التي تُشبع وترضي احتياجاته وآماله الشخصية، وتجنبه الأحداث التي يخشى وقوعها، أو لا يرغب فيها.

ويفترض"Nurmi" أن الفرد بإمکانه - کمنتج لنموه الشخصي - التنبؤ بنموه الشخصي وتوجيهه من خلال العمل باتجاه تحقيق الأهداف المختارة ذاتيًا، بمعنى أن الفرد هو الذي يخُلق ذلک السياق أو الإطار الذي ينمو في ظله، وأن هذا الإطار يتکون من أفعال وقرارات الفرد الموجهة ذاتيًا، ومثال ذلک أن المرأة ذات الأهداف المستقبلية في مجال المسار المهني دون مجال المسار الأسري، فإنها قد تقرر عدم الزواج أو إنجاب الأطفال، ومن ثم فإنها تخلق لنفسها إطارًا لا تکون مُلزمة فيه بمتطلبات تُنفق فيه من أوقاتها سوى تلک الطموحات المهنية لديها.

التخطيط:

يُعد التخطيط هو العملية الثانية في نموذج "Nurmi" للتوجه المستقبلي، وخلال تلک العملية، يکون على الفرد أن يبحث عن، ويختار أکثر الطرق فعالية لبلوغ الهدف، وقد تناولت عديد من البحوث عملية التخطيط من هذا النموذج، ومن ثم فإن الباحث لن يتناول هذه العملية من التوجه المستقبلي في الدراسة الحالية.

التقييم:

بعد اختيار الأهداف ورسم الخطط لبلوغها، يکون على الفرد تقييم إمکانية تحقيق هذه الأهداف، ويمکن تشبيه العملية التقييمية بالفعالية الذاتية، حيث يقوم الفرد بتقييم قدرته على تحصيل النتائج المرغوبة من خلال أفعاله هو لا أفعال الغير، هذا وقد تعتمد کيفية تقييم الأشخاص لإمکانية تحقيق أهدافهم المستقبلية على مقدار التحکم الذي يتصورون التمتع به بشأن هذه الأهداف.

ويُقصد بالتحکم "مرکز التحکم الداخلي والخارجي"، الأول: - مرکز التحکم الداخلي - يعکس اعتقاد الشخص بأن حدثًا ما قد وقع، أو نتيجة ما قد نشأت بسبب سلوکه الشخصي، وقد يقوم أصحاب المستوى المرتفع من التحکم الداخلي بتقييم إمکانية تحقيق أهدافهم المستقبلية بشکلٍ إيجابي، معتقدين تمتعهم بالتحکم الکامل والسيطرة الکاملة على أهدافهم وبقدرتهم على المساهمة في تحقيق أو عدم تحقيق تلک الأهداف، ومن ثم فإن أصحاب التحکم الداخلي يمکنهم التهوين من تلک العوائق التي قد يواجهونها، معتقدين امتلاکهم للقدرة على التغلب على تلک العوائق.

والثاني: - مرکز التحکم الخارجي - يعکس اعتقاد الشخص بأن حدثًا ما قد وقع، أو نتيجة ما قد نشأت بسبب القدر أو الصدفة، أو بسبب أصحاب القوة أو السلطة، وبمعنى الاعتقاد بأن الأحداث والنتائج إنما تقع تحت سيطرة الآخرين من أصحاب القوة أو السلطة، أو الحظ أو القدر أو الصدفة.

وعند تقييم إمکانية تحقيق الأهداف المستقبلية، فإن الأفراد الذين يؤمنون بالصدفة کعامل مُتحکم، يمکن أن يقيموا إمکانية تحقيق أهدافهم المستقبلية بشکل أقل إيجابية عن الأفراد الذين يعتقدون بالأشخاص الآخرين من ذوي القوة والسلطة کعامل مُتحکم، وبالتالي، فإن الذين يعتقدون في عدم قدرتهم على السيطرة الکاملة على أهدافهم وبقدرتهم على المساهمة في تحقيق أو عدم تحقيق تلک الأهداف، فإنهم قد يقررون التخلي عن أهدافهم إذا ما واجهتهم العقبات في سبيل ذلک. (Mehta, 2008: 5-7).

المنظور الزمني في مقابل التوجه الزمني Perspective versus orientation

الزمن النفسي يقع ضمن واحدة من بين فئتين واسعتي النطاق هما: التوجه الزمني Temporal orientation والمنظور الزمني Time perspective، ويعُد المنظور الزمني هو المفهوم الأوسع من بين هاتين الفئتين، فهو يشير إلى الأسلوب المُتبع من قِبل الفرد بتصور الأحداث التي تقع في نقاط أو مناطق زمنية مختلفة هي الماضي والحاضر والمستقبل، وداخل کل منطقة زمنية من تلک المناطق، هناک أبعاد يمکن قياسها، من بينها الکثافة والامتداد والتخطيط، أما التوجه الزمني فهو يشير إلى الاستعداد السلوکي الذي يتأثر بالأفکار، والانفعال، والدوافع التي تکون في کل حقبة من الحقب الزمنية الثلاثة السابقة، وبذلک يصبح التوجه الزمني للفرد بمثابة متغير لقياس الفروق الفردية، ويقدم لنا خلفية عن کيفية تفکير الفرد عن الزمن، وهو ما يحرک ويؤثر بشکل فعال على السلوک، وبالتالي فإن المنظور الزمني يشير إلى العملية التي يتشارک فيها جميع الناس عند تعاملهم مع المعلومات المتعلقة بالزمن، بينما يشير التوجه الزمني إلى الاستعداد الفردي، والنواتج الثانوية السلوکية والأساليب المختلفة من الاستجابات تجاه الأشياء والأحداث والمواقف.

ولکل فرد زمن ذاتي خاص به، فهو يتمثل عند کبار السن أکثر من تمثله عند الشباب، فقد يتعجل الشباب الزمن، ومن ثم يستشعر لجريانه وطأه، ويحس للانتظار ألما، والشيخ الطاعن في السن قد يستثقل الزمن في بطئه عندما تقُصر أمانيه، ولا يستشرف مستقبلاً، وقد يزيد إحساسه بالزمن الماضي، ويکون تفکيره فيه، وتتناوبه المشاعر لخبرات يأسف لها أو يفرح، ويعاود التفکير فيها ويعيشها بکل انفعالاتها، والرجال عمومًا أکثر إدراکًا للزمن، وتقديرًا للوقت من النساء، والمرأة قد تتقلب مشاعرها وتضطرب وجدانيًا أکثر من الرجل إزاء الزمن متمثلاً في التواريخ وما تعنيه لها أو ترمز إليه، وهى أحفظ لها من الرجل، وانقضاء الزمن أو استنفاده يکون أسرع، کلما کان العمل أو النشاط الذي ينصرف فيه أحب إلى النفس، أو کلما کانت هناک دوافع للقيام به، ولا نحسّ بالسأم، ويطول بنا الوقت ذاتيًا إلا إذا کرهنا ما نقوم به أو نُشغل به في الزمن، والشيوخ أکثر معاناة للسأم الذي يکون مع الزمن، والشباب يخبرون الانتظار في الزمن أکثر من الشيوخ.

إن لکل منا امتداد أو أُفق زمني، والأُفق الزمني الذي يمکن أن يدرکه العامل بخلاف الأفق الزمني لأستاذ الجامعة، وکذلک الامتداد للمرأة والرجل، والطفل الصغير والراشد البالغ، وطالب الثانوي وطالب الجامعة، وکلما تقدمنا في العمر اتسع هذا الأفق أو الامتداد واستوعب أزمانًا، وصارت للأزمان دلالات نفسية لم تکن لها، والطفل الصغير لا يبدأ يعي للزمن وحدة يمکن أن يحسب بها إلا في نحو سن الثامنة، وهو في هذه السن يبدأ إدراکه للزمن کمنظور، فهو إما أن يکون ماضي أو حاضر أو مستقبل، ولا يقتصر الأفق الزمني للطفل على تجاربه الشخصية، ولکنه يستطيع أن يتصور المستقبل ويتذکر الماضي، ويعيش أحداث أسرته، والمجتمع من حوله، وتاريخ أمته، وليس بوسع الطفل أن يفکر في دورة حياته کزوج، ولکن المراهق يستطيع ذلک.

هذا ويتميز الإنسان عن سائر الکائنات في اتساع أفاقه الزمنية، وکل حرفة أو مهنة وکل شعب أو قبيلة أو غيرها له وجهة نظر في المستقبل، فهناک قبائل في جزر المحيط الهادي لا تعرف الزمن المنقضي ولا الآتي، والأولاد في الريف يحکون عن قصص، الزمن فيها بسيط، بينما أولاد المدينة تحفل قصصهم بالزمن المرکب، ولکل فرد منظوره الزمني، وأحيانًا يکون لکل فرد عدد من المناظير الزمنية بحسب تعدد مجالاته، بل وانتماءاته الطبقية أو الاجتماعية، ومن ثم يختلف إيقاع الزمن العائلي عنده عن إيقاع الزمن الوظيفي عن إيقاع الزمن الدراسي، وزمن الزواج وتکوين الأسرة، وغير ذلک في کافة مجالات حياته المستقبلية، ومع اتساع الدوائر الزمنية والنضج والثقافة المستمرة، نتعلم أن نصبر على الزمن، وأن نتحمل تأجيل إشباع حاجاتنا، وأن نطلب الأهداف البعيدة ذات القيمة الأکبر، والإشباع الأطول عن الأهداف القريبة زمنيًا، والأقل قيمة وإشباعًا (سباهى، 2011؛ (Cooper, 2010: 9 – 10

هذا ويعمل المنظور الزمن المستقبلي کقوة دافعة شديدة لحث الأفراد على الانخراط في الأنشطة التي قد تکون وسيلة في سبيل تحقيق النتائج المستقبلية، وقد تصدر عدد هائل من الدراسات البحثية حتى اليوم لمهمة استکشاف أهمية ذلک المنظور الزمني المستقبلي. (Phan, 2009)، ذلک لأن المنظور الزمني يلعب دورًا أساسيًا في الطريقة التي يعيش بها الناس، والتي يفکرون بها، فهم يميلون إلى تنمية منظور زمني بعينه، والمبالغة فيه والاعتماد عليه کالترکيز على المستقبل أو الحاضر أو الماضي (Zimbardo and Boyd, 2008: 18)، وتفترض نظريات المنظور الزمني المستقبلي فکرة أن شعور الفرد بوجود غاية من المستقبل يعمل کقوة تحث الأفراد على الاندماج في الأنشطة التي يرى أنها وسائل في سبيل النتائج المستقبلية.                   (McInerney, 2004)

وقد کان (Lewin, 1948) من أوائل الباحثون الذين أکدوا على أهمية تناول المنظور الزمني عند دراسة السلوک الإنساني، فهو يعتقد أن حيز حياة الفرد – بعيدًا عن اقتصاره على ما يعتقده الفرد عن الموقف الحالي – يتضمن المستقبل والحاضر وکذلک الماضي، وأن تصرفات الفرد، ومشاعره، وبالطبع أخلاقه في لحظة من لحظات حياته تقوم على منظوره الزمني بأکمله، کما لفت (Lewin) الانتباه عام (1951) إلى تأثير المنظور الزمني على الظروف أو الأحوال النفسية للفرد، وهو يرى أن المنظور الزمني يُعد بمثابة جزء من توجه الفرد النفسي نحو الماضي والمستقبل، وقد دعم الباحثون الذين جاءوا بعد ذلک أمثال (Nuttin, 1964) اعتقاد (Lewin) بأن أحداث الماضي والمستقبل لهما تأثير أساسي على سلوک الفرد لدرجة أن هذه الأحداث تکون حاضرة في المنطق الإدراکي المعرفي اليومي للفرد.  (Athawale, 2004 ).

هذا ويُعرف المنظور الزمني بأنه مفهوم دافعي – معرفي يشير إلى الأفکار والاتجاهات نحو الماضي والحاضر والمستقبل Mello and Worrell, 2006))، وهو بهذا الشکل يعني أن توجه الفرد نحو المستقبل إنما يکون توجهًا ذا صبغة دافعية معرفية في أفکاره واتجاهاته وآماله وأحلامه ومخاوفه المستقبلية، وهذا في مضمونه إشارة إلى أن التوجه نحو المستقبل هو أحد مظاهر المنظور الزمني الذي يشمل أو يتضمن الأهداف والطموحات والآمال والمخاوف المستقبلية القريبة والبعيدة (Trommsdorff, 1986)، کما يعُرف المنظور الزمني بأنه توجه الأفراد نحو الماضي أو الحاضر أو المستقبل، إنه إجمالي أراء الفرد عن ماضيه وحاضره ومستقبله سيکولوجيًاً، إنه مفهوم ديناميکي تطوري يتعلمه الفرد، وهو يتغير باستمرار نتيجة لتوقعات الفرد وأمانيه ومخاوفه عن المستقبل بجانب مشاعره وآراءه عن الماضي. (Pieterse, 2005 ; Nurmi, 1991) کما يُعرف أيضًا بأنه نزعة الفرد لإعطاء أهمية کبيرة للأهداف بعيدة المدى، والاعتقاد في أن العمل الجاد هو الوسيلة لإنجاز تلک الأهداف (عبد السلام، 1995).

 ويُفترض من المنظور الزمني الذي يُعد سمة ثابتة نسبيًا في الشخصية، أن تعمل أراء الفرد عن المستقبل ومشاعره حياله على التأثير على طريقة استجابته للمواقف التي يتعرض لها من خلال التأثير على قراراته وأفعاله وآراءه (Daltrey, 1984)، وجدير بالذکر الإشارة إلى أنه لا يُعبِر فقط عن وجهة نظر الفرد المستقبلية، بل يُعبِر أيضًا عن وجهة نظر الجماعة أو المجتمع بالنسبة للصور النفسية الممکنة أو المحتملة "مستقبلاً"، الأمر الذي يؤثر على نحو متمايز على السلوک في اللحظة التي عليها الفرد أو الجماعة أو المجتمع.  (Jackson, 2006).

التوجه نحو المستقبل واتجاهاته النظرية:

يعد الارتباط بين التوجه نحو المستقبل وبين سلوک الفرد وتطوره من المسلمات لدى علماء النفس، وهو أمر يدرکه حدس الشخص العادي، وقد کان (Lewin) الذي استخدم مصطلح " المستقبل السيکولوجي Psychological Future " من ضمن أوائل علماء النفس الذين أدرکوا أنه "نادرًا ما تتطابق الصور التي يقدمها المستقبل السيکولوجي مع ما يحدث فعليًا فيما بعد، ولکن بغض النظر عما إذا کانت صورة الفرد عن المستقبل صحيحة أو غير صحيحة في أي وقت من الأوقات، إلا أن هذه الصورة تؤثر بعمق على الحالة المزاجية للفرد وعلى تصرفاته في ذلک الوقت"، کما لوحظت قوة مفهوم المستقبل من خلال استخدام التشبيهات والتعبيرات البلاغية المتکررة عن المستقبل في ترويج کل من المصالح التجارية والعامة، ومن أمثلة تلک العبارات الدعائية: "لا تنتظر، أذهب وأحصل عليه"، "المستقبل ليس شيء تحصل عليه ولکنه شيء تبنيه"، "حيثما وجِدت المصلحة وجِد المستقبل".

وعلى غرار المجالات الأخرى للبحث العلمي، فقد استخدم الباحثون مصطلحات مختلفة لوصف الصور التي يتصورها الأفراد عن المستقبل، مثل :التوجه نحو المستقبل Future orientation، المنظور الزمني للمستقبل Future time perspective، الذوات المحتملة "المستقبلية" Possible Selves  

هذا وهناک ستة اتجاهات بحثية في علم النفس تتشارک الاهتمام حول التوجه نحو المستقبل، وهي مکملة لبعضها البعض، وتسهم مجتمعة في فهمنا لکيف، وماذا، وما هو تفکير الناس المتطلع إلى المستقبل، وهذه الاتجاهات هي:

1. اتجاه الدافعية الإنسانية Human motivation، الذي يرى المستقبل على أنه المنطقة الزمنية محل الأهداف والخطط والآمال، وبالتالي يعُد التصور الذاتي للتوجه نحو المستقبل هو جانب هام من السلوک.

2. اتجاه نظريات الذات Self theories، يستخدم واضعو نظريات الذات مصطلح الذوات المحتملة  "المستقبلية" Possible selves لوصف إسقاط الذات على المستقبل وقوتها الدافعية.

3. اتجاه الشخصية، يرى أصحاب هذا المجال المستقبل کسمة من سمات الشخصية المتزنة التي تسهل من التخطيط، وتشجع الإنجاز العلمي، وتحمي الفرد من سلوکيات المخاطرة.

4. اتجاه العمليات المعرفية Cognitive processes رکز أصحاب هذا المجال على الطبيعة التي تتسم بالتوازي بين الذاکرة والتفکير في المستقبل کعمليتين فيهما إحياء للماضي واستباق للمستقبل.

5.  اتجاه علم النفس العصبي Neuro psychology، يدرس علماء هذا العلم أوجه الاتفاق والاختلاف في العمليات العصبية التي يتناولونها.

6. اتجاه التنمية البشرية Human development، يرى أصحاب هذا الاتجاه أن التوجه نحو المستقبل يکون مرتبط بکل فترة من فترات حياة الإنسان بدءًا من مرحلة الطفولة وحتى البلوغ وسن الشيخوخة، إلا أن عمليات التطور التي تحدث أثناء مرحلة المراهقة مثل تکوين الهوية Identity formation والوصل بين فترتي الطفولة والرشد، هي التي تجعل التوجه نحو المستقبل يکون مرتبطًا بهذه المرحلة من مراحل الحياة وهي مرحلة المراهقة على وجه الخصوص( (Seginer, 2009: 1-2

فوائد التوجه نحو المستقبل

للتوجه نحو المستقبل عديد من الفوائد التي أکدت عليها کثير من الدراسات والبحوث، منها أنه يقي أصحاب التوجه المستقبلي الإيجابي من أن يقعوا في فخ تعاطي المخدرات، والماريجوانا، وشرب الکحوليات، والممارسات الجنسية السيئة (Robbins and Bryan, 2004) وهو منبئ بانخراط  طلاب الجامعة في الدراسة (Horstmanshof and Zimitat, 2007) وبالإنجاز والتحصيل الدراسي لدى أصحاب الطبقات الدنيا والعليا (Wyman, et al., 1993 ; Eccles and Wigfield, 2002)، وهو يقي ضد مخاطر الشباب (McCabe and Barnett, 2000"a")، ويرتبط بالصحة العقلية وسلوکيات الفرد الصحية (Robbins and Bryan, 2004)، ويرتبط بالمستويات الدنيا للأفکار الانتحارية، وهو مفيد لکبار السن حيث يسهم في خفض محاولات الانتحار لديهم، أو محاولات الانتحار لدى المکتئبين (Hirsch, et al., 2006)، وهو يعمل کعامل وقائي محتمل في مواجهة السلوکيات الخطرة المسببة لفيروس الإيدز (Cabrera, Auslander, and Polgar, 2009).

التوجه نحو المستقبل وسمات الشخصية

أکدت عديد من الدراسات على أن التوجه نحو المستقبل يرتبط ببعض سمات الشخصية، فهو يرتبط إيجابًا بکل من تقدير الذات، والانفتاح على الخبرة (Rivas Torres and Fernandez, 1995 ; Prenda and Lachman, 2001 ) وسلبًا بکل من العصابية والطيبة والوحدة النفسية (Prenda and Lachman, 2001 ; Seginer and Lilach, 2004)، ويرتبط بالدافعية الانجاز ومستوى الأداء (Raynor and Rubin, 1971).

المؤشرات الديموجرافية والتوجه نحو المستقبل:

من المؤشرات الديموجرافية التي تعمل کعوامل منبئة بالمنظور الزمني المستقبلي: العمر، والدخل والحالة الزواجية والتعليم (Padawer, et al., 2007) والطبقة الاجتماعية (المستويات العليا والدنيا)، والجنس (ذکور وإناث) (Schmidt, Lamm, and Trommsdorff, 1978 ).

العلاقة بين التوجه نحو المستقبل والسيرة الذاتية

التوجه الزمني نحو المستقبل – مثله مثل السيرة الذاتية – يحدث في الحاضر ويعتمد مثلها على السفر عبر الزمن لسرد قصة حياة شخصية ديناميکية، والتي تتکون من الخبرات والأحداث والعلاقات الشخصية التي تعتبر محطات هامة في حياة الإنسان، والأهم من ذلک أن التوجه نحو المستقبل – مثله مثل السيرة الذاتية -  يتم بناءه بشکل ذاتي، وبالتالي يعطي معنى لحياة الفرد، فقد بينت بعض الدراسات الحديثة أن ذاکرة السيرة الذاتية Autobiographical memory والتفکير المستقبلي Future thinkingيؤثران على بعضهما البعض بمرور الزمن.     (Suddendorf and Corballis, 1997 ; Seginer, 2009: 3).

الامتداد الزمني في المستقبل

الفرضية الأساسية للاتجاهات الخاصة  بالامتداد Extensionهي أن درجة أو مستوى امتداد تفکير الفرد في المستقبل - بغض النظر عن الموضوعات الرئيسية أو الأحداث أو الأمور التي تشغل حيز الحياة المستقبلية - هو قضية سيکولوجية هامة، وقد قام الأساس المنطقي الذي اتُبع لدراسة الامتداد على الأعمال والأبحاث التي أجراها فرانک Frankعن التوجه المثالي نحو المستقبلکشرط ضروري للسلوک الوسيلي (کوسيلة لبلوغ الغاية )، وفي هذا الصدد يقول فرانک (Frank): "کلما کان ترکيز المنظورات الزمنية  للفرد أبعد، قام بسلوکيات إستعدادية أو وسيلية تعتمد على الحاضر فقط کوسيلة للوصول للمستقبل، وکلما کان هذا الترکيز على الحاضر، مارس سلوکيات استهلاکية وتصرف بسذاجة فيها تجاهل للعواقب والنتائج، ويکون الأمر کذلک أيضًا إذا کان ترکيز الفرد على المستقبل البعيد جدًا لدرجة أنه يفقد تأثيره بالکامل على الحاضر".

     وبشکلٍ عام فقد اهتمت الأبحاث التي تناولت الامتداد بثلاثة موضوعات هي:

1. العمليات النفسية التي يتضمنها الامتداد إلي المستقبل، وهي عمليات معرفية ودافعية، حيث يعکس الامتداد إلى المستقبل الاستعداد العام لدى الفرد للتفکير في المستقبل، وبالتالي فإن الامتداد يعمل کمؤشر للقدرات أو العمليات المعرفية، وبالنسبة للعمليات الدافعية، فإن القوى الدافعية هي التي تحث الفرد على التفکير الموجه نحو المستقبل، حيث يسمح المنظور الزمني الممتد إلى المستقبل، کما يؤکد Nuttin)) و((Lensبتمثيل عدد أکبر من الأمور المستقبلية، وبتحديد أهداف بعيدة المدى، ويکون على الفرد أن يضع لنفسه سلسلة من الأهداف الفرعية التي تعمل کتسلسل تدريجي للسبل المؤدية إلى الهدف الذي يربط  الحاضر بالهدف البعيد حتى يتسنى لهذا الفرد أن يثبت رکائز هذه الأهداف في الواقع.

2. الأسس التطورية للامتداد إلى المستقبل، فمن وجهة نظر علماء علم  نفس  النمو، أن القدرة على التفکير المستقبلي تنمو في سن الطفولة لما قد يشعر به الطفل من إحباط جراء التأخر في تلبية احتياجاته الأساسية، حيث يبدأ في سماع کلمات مثل "الآن" و "اليوم" و"غدًا" و"خلال عدة أيام" والتي تنتهي إلى خلق فکرة عامة تجريدية عن الزمن تمتد من الماضي إلى المستقبل.

3. الروابط السيکولوجية والديموجرافية للامتداد إلى المستقبل (مثل العمر، والمستوى الاقتصادي، والقلق، والتفاؤل، والرضا عن الحياة، والصحة العقلية.. الخ )، حيث قام عديد من الباحثين بفحص الارتباطات الديموجرافية النفسية للامتداد إلى المستقبل، وبالرغم من اتفاقهم حول مفهوم الامتداد على أنه "التوسع الزمني إلى الأمام حيث يتم صياغة الصور المستقبلية عن الذات، وعلى تقييمه بأنه "المسافة بين الحاضر والمستقبل" ( الوقت - أو السن – المخصص لهذا الحدث في المستقبل)، فقد اختلفت المصطلحات Terminology الفنية والمقاييس - إلى حد ما - التي استخدموها، وبالتالي فقد وصِف مفهوم "الامتداد" تارة بأنه المدى الزمني المستقبلي Prospective time span، وتارة بأنه " البعد الزمني Temporal distance، أو المدى الزمني  للقصص Time span of storiesأو " طول منظور زمن المستقبل Length of future time perspective، أو امتداد منظور زمن المستقبل Extension of future time perspective . ( .(Seginer, 2009: 7 

الفروق الثقافية في التوجه نحو المستقبل

تباينت نتائج عديد من الدراسات التي أجريت على المراهقين في بيان الفروق الثقافية في التوجه نحو المستقبل، والتعرف إلى الأهداف المستقبلية التي قد يتشابه فيها أو يختلف أفراد تلک الثقافات من الجنسين، من هذه الدراسات دراسة (Meade, 1968) التي بينت أن الطلاب الأمريکان أکثر واقعية في تحقيق أهدافهم المستقبلية مقارنة بالطلاب الهندوسيين، وفي دراسة أخرى له (Meade, 1971) تبين أن طلاب الجامعة الأمريکان من الذکور أکثر ضبطًا داخليًا وأکثر توجهًا مستقبليًا، وذلک مقارنة بطلاب الجامعة الهندوس، وقد خلصت نتائج تحليل المضمون في دراسة (Mehta, et al., 1972)، إلى أن الأمريکان والهنود من الجنسين لديهم نفس الاهتمامات المستقبلية المتعلقة بالعمل والتعلم، کما کشفت الدراسة عن ترکيز اهتماماتهم أکثر في الأمور المتعلقة بهم من حيث الزواج، وإنجاب الأطفال، وأنشطة وقت الفراغ، بينما انصبت اهتمامات الهنود على الأمور المرتبطة بالصحة والزواج والأطفال والتودد أو المغازلة Courtship وأيضا موت الآخرين، وکذلک بيت الدراسة أن البنات الهنديات أکثر اهتمامًا بالعمل من الأمريکيات، بينما أشارت الأمريکيات إلى رغبتهن في الاستقلالية والتحرر، وفي الدراسة التي قام بها کل من (Poole, Sundberg and Tyler, 1982) تبين أن الأمريکان قد أشاروا إلى اهتمامات أکبر في الميل إلى الاستقلالية تلاهم الاستراليين، کما کشفت الدراسة أن الهنود مقارنة بالأمريکان والاستراليين لديهم اهتمامات أکثر بأعضاء أسرهم وأنهم يمثلون القوة لديهم في اتخاذ قراراتهم المستقبلية، وفي تحليل مضمون الآمال والمخاوف لعينة من الاسکتلنديين والسويسريين، أوضحت دراسة (Bentley, 1983)، أن البنات السويسريات أقل اهتمامًا بالتوجه المستقبلي نحو المهنة، کما أنهن أظهرن امتدادًا أقل في المستقبل في التوجه نحو المستقبل وذلک مقارنة بالمجموعات الأخرى من الذکور والإناث، کما بينت النتائج أن المراهقين الاسکتلنديين کانوا أقل اهتمامًا بالتوجه المستقبلي نحو الأسرة، ولکنهم کانوا أکثر من حيث السعادة الشخصية، وذلک مقارنة بالمراهقين السويسريين، وکذلک بينت دراسة کل من (Kuo and Spees, 1983)، أن الأهداف الأکاديمية للطلاب الصينيين إنما ترتبط باکتساب المعرفة الشخصية، بينما بالنسبة للأمريکان فهي ترتبط بتحقيق الکفاءة المهنية، أما دراسة (Solantaus, 1987)، فقد کشفت عن أن أکثر الموضوعات التي تشغل اهتمامات المراهقين من الجنسين في "أستراليا، وبريطانيا، وفنلندا"، هي الموضوعات المتعلقة بالعمل والمهنة، کما بينت النتائج أن الاستراليين ترکزت مخاوفهم في مجال المدرسة والدراسة، والفنلنديين في الخوف من الحرب النووية، وفي مجال المقارنة بين أفراد العينة في البلاد الثلاثة تبين أن الفنلنديين يقلقون أکثر من الحرب والشئون العامة وصحتهم مقارنة بالبريطانيين والاستراليين، وقد عبر المراهقون من البلاد الثلاثة أکثر عن آمالهم ومخاوفهم، وذلک فيما يتصل بمجال العمل والمهنة أو الوظيفة مع التقدم في العمر، وأخيرًا فقد کشفت الدراسة أن الفنلنديين أکثر توجها مستقبليًا نحو الزواج والأسرة، وأن ذلک يزداد مع تقدم الأفراد في العمر، وکشف أيضًا تحليل مضمون دراسة (Poole and Conney, 1987)، أن المراهقين السنغافوريين أکثر اهتمامًا  بالتوجه المستقبلي نحو التعليم والعمل، بينما کانوا أقل توجهًا مستقبليًا نحو الموضوعات المتعلقة بمستقبلهم الزواجي، أما المراهقون الاستراليون فقد کانوا أقل امتدادًا نحو المستقبل مقارنة بالسنغافوريين، کما کشفت الدراسة عن وجهة نظر إيجابية للسنغافوريين فيما يتعلق بمستقبل مجتمعهم مقارنة بالاستراليين، وأن الإناث الاستراليات أبدين اهتمامًا أکثر بالتوجه المستقبلي نحو الأسرة مقارنة بالذکور من نفس بلدهم، وعلى العکس من ذلک کان المراهقون السنغافوريين. وأخيرًا وعلى الصعيد العربي- المحلي تبرز دراسة عربية عبر ثقافية بين المصريين والسعوديين من طلاب الجامعة، حيث بحث (بدر، 2003 "ب")، التوجه نحو المستقبل لدى المصريين والسعوديين، حيث تبين أن الذکور المصريين أقل توجهًا نحو المستقبل مقارنة بالذکور السعوديين، بينما کانت الإناث المصريات أکثر توجهًا نحو المستقبل، مقارنة بالإناث السعوديات.

مشکلة الدراسة:

يرى عديد من علماء نفس النمو، أن مرحلة المراهقة عبارة عن فترة إعداد للانتقال لمرحلة الرشد (Call, et al., 2002)، ويحمل هذا المنظور في طياته فرضية تقول بأن المراهقين يمرون في هذه الفترة بمرحلة من التهيئة والتشکل – بصورة متعمدة أو غير متعمدة – للقيام بالأدوار التي ستُلقى على عاتقهم مستقبلاً، وهناک منظومات عدة تنخرط في عملية الإعداد والتوجيه هذه، مما يؤدي في النهاية إلى عملية معقدة تعمل على دفع المراهقين وحثهم على التفکير فيما يلي من أهداف مرحلة الرشد والتخطيط لها، وخلال هذه العملية، يُفترض أن يکتسب المراهقون تلک الخبرات التي تعينهم على تشکيل وصياغة توقعاتهم بخصوص المستقبل، بما في ذلک ما يرونه من احتمالات واردة وفرص متاحة، وسوف تؤثر هذه التوقعات على قراراتهم، وعلى الفرص التي يسعون تجاهها، کما تضع أقدامهم على المسارات التي تُشکل وتصوغ ما بقى من حياتهم، ومع ذلک، فهناک القليل من الوضوح والتوافق بخصوص مفهوم التوجه المستقبلي أو العمليات التي تقوم على تطوير وتشکيل توجه المراهقين نحو المستقبل.

لذا تُعد الدراسة الحالية خطوة مهمة في طريق فهم التوجه المستقبلي لدى عينة من المراهقين من الجنسين من طلاب الثانوي العام، خصوصًا في مصر حيث لم يتم دراسة التوجه المستقبلي لدى المراهقين، وأن کل ما تم دراسته إنما کان على طلاب الجامعة، وتلاميذ الابتدائي والإعدادي، ومن الأهمية بمکان في هذا الصدد أن نتعرف إلى أسباب حاجة الباحثين إلى الاهتمام بالتوجه المستقبلي خلال مرحلة المراهقة بشکلٍ خاص، بخلاف التوجه المستقبلي في أي مرحلة على مدار الحياة، ذلک لوجود الاعتقاد بکون المراهقين لديهم من النضج المعرفي ما يعينهم على التفکير في مستقبلهم، وأنهم يعيشون مرحلة عمرية يتعين عليهم فيها اتخاذ قرارات بشأن المستقبل ( Nurmi, 2005; Trommsdorff, 1994 ).

وهناک من المنشورات الأدبية الأساسية والمهمة ما يدعم اعتبار مرحلة المراهقة مرحلة تطورية فريدة من حيث التوجه المستقبلي، مما يجعل هذه المرحلة ذات خصوصية تميزها عن مرحلتي الطفولة والرشد، ومن هذه المنشورات البحوث المأخوذة عن أدبيات النمو (التطور) المعرفي،  والتي تؤکد في جزء من نتائجها أن المراهقين قد تکون لديهم الأهلية للنظر في مستقبلهم بطريقة لا يُحسنها الأطفال، لأنه حدوث النمو المعرفي کما يؤکد Piaget يتحول المراهقون من مرحلة تُسمى مرحلة العمليات المجردة Concrete operations في الطفولة إلى مرحلة العمليات الشکلية Formal operations في اتجاه نهاية مرحلة الطفولة، ودخولاً في مرحلة المراهقة، وتتضمن الخصائص التي ترتبط عادة بمرحلة العمليات المجردة، القدرة المعرفية على عکس أو تغيير الاتجاه في ترتيب الخبرات البعيدة عن الأمور المجردة، وبينما يستطيع الأطفال بسهولة تحديد الأهداف المستقبلية (مثل: ما يريدون أن يصبحوا عليه عندما يکبرون)، فإنهم لن تکون لديهم القدرة على الاستدلال المجرد، لأن من يفکرون من خلال العمليات المجردة سوف يحتاجون إلى جهدٍ کبير لتحقيقه، ويرتبط بهذا أنهم سوف يواجهون صعوبة في التفکير في عدة نتائج وعواقب مستقبلية في وقتٍ واحد، وکيف يمکن لهذه النتائج المستقبلية أن تتفاعل لتؤثر على بعضها.

وترتبط العمليات الشکلية عادة بالقدرة على الاستدلال خلافًا للحقيقة المعروفة (مثل: مُهمة کسر الزجاج باستخدام الريش) وعلى الجمع بين الحقائق والفئات ( التصنيفات ) والمفاهيم بطريقة منهجية، ثم استخدام تلک المعلومات في خلق شيء جديد، والقيام بعمليات المنطق المعکوس Reverse logic processes، وتُعد الفکرة الرئيسية الکامنة وراء هذه القدرات هي فکرة "ما وراء المعرفة" Metacognition ، أو قدرة الأفراد على التفکير بشأن أفکارهم الشخصية: السماح للفکر نفسه بأن يکون هو الموضوع الذي يتناوله الفرد ويعمل على معالجته (Kuhn, 2008)، وبالنظر إلى ذلک کله، نرى أن تلک القدرات المعرفية الناشئة سوف تسمح للمراهقين بالتفکر في الحالات المستقبلية الافتراضية بشکل متزامن دون قبول أيٍ منها کواقع، ثم استخدام کلٍ من هذه الأفکار الفردية لاعتبار النتائج المترتبة على محاولة الوصول إلى واحدة أو أکثر من الذوات المحتملة المستقبلية بصورة إجمالية، ويبدو أن هذه القدرة تنشأ في أواخر الطفولة / بواکير المراهقة (Moshman, 2009 )، وهي تکون في أغلب الأحوال قدرة أساسية للتخطيط للأفکار المتوجهة نحو المستقبل المتعددة وتقييمها بصورة متزامنة.

وإذا کان النمو المعرفي يميز التوجه المستقبلي لدى الأطفال عن التوجه المستقبلي لدى المراهقين، فإن المهام النمائية ( التطورية ) في مرحلة المراهقة يمکن أن تمدنا بما يميز بين المراهقة والرشد، ويشير Nurmi, 1993)) في هذا الصدد، إلى أن المراهقة – في کثير من الثقافات – هي الفترة التي تدفع فيها المعايير والتوقعات المجتمعية المراهقون نحو التفکير المتوجه نحو المستقبل، وحيث يستعدون للتحول إلى الرشد، ويتعرفون على الأمور التي يفضلونها ويهتمون بها، والتي سوف تُشکل اختياراتهم بخصوص التعليم والمهنة والعلاقات الشخصية من بين المجالات الأخرى، ومع شروع المراهقين في الانخراط في تناول أهدافهم ورغباتهم المستقبلية، فإنهم يصبحون مشارکين نشطين في تشکيل نموهم الشخصي، إذ يقررون أي السبل يسلکونها بناءًا على الخيارات المتاحة لديهم (Gottfredson, 1981 ). 

هذا وتُحدث العمليات الشکلية تحولاً هامًا في الکفاءة المعرفية، کما يمکن أن تلعب دورًا في التأثير على التغير في التوجه المستقبلي من الطفولة إلى المراهقة، وعلاوة على ذلک، فقد أوضحت البحوث أن الأفکار المتوجهة نحو المستقبل تميل إلى أن – على الأقل خلال المراهقة – تتماشى مع مجالات تطور الهوية (Dunkel, 2000; Nurmi, 2004)، وقد ارتبطت مفاهيم مثل التنظيم الذاتي (Robbins & Bryan, 2004) والتفاؤل (Seginer, 2000) والفعالية الذاتية Self-efficacy (Pulkkinen & Ronka, 1994) والفقر (Nurmi, 1987) بالتوجه المستقبلي لدى عينات من المراهقين، کما أنها قابلة للقياس لدى الأطفال.

والمراهقون في الدراسة الحالية، هم طلاب مرحلة الثانوية العامة، وتلک المرحلة التعليمية – دون سائر مراحل التعليم الثانوي الأخرى، کالثانوي التجاري، والزراعي، والصناعي، والفندقي، وغيرها – تُعد من أبرز المراحل التعليمية في حياة الإنسان العلمية، فهي نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وبداية المرحلة الجامعية، وهي المرحلة التي يتوقف عليها بشکل فعال مستقبل الإنسان التعليمي، وما يترتب عليه من حصوله على شهادة جامعية تمکنه من الالتحاق بالعمل، ثم التفکير في الزواج، وغير ذلک من خطوات في مشواره العملي، والحياتي بعد ذلک.

إنها بمثابة العمود الفقري في العملية التعليمية لما لطلابها من سمات، وخصائص تؤثر على شخصياتهم، وسلوکهم في حياتهم العلمية والعملية في المستقبل، وعليها تقع عليها تبعات أساسية، وحيوية، فهي تزود الفرد بمعلومات، ومهارات، وعادات وظيفية، واقتصادية، وقيم، واتجاهات إيجابية، وفي نهايتها نلاحظ نضج التلاميذ وميولهم، وتمايز قدراتهم، کما تتبلور خلالها ملامح مستقبلهم المهني أو الوظيفي، أو الأسري، وذلک تبعًا لإدراکهم لحقيقة ما لديهم من ميول، وقدرات، واستعدادات.

إنها المرحلة التي يواصل بعدها الفرد – عادة – مشوار حياته التعليمي الجامعي (حکومي أو خاص)، ولا يتوقف مثلما هو الحال في أغلب مراحل التعليم الثانوي الفني بفروعه المختلفة، حيث يتمکن الحاصل على مؤهل فني – بأي مجموع -  من الالتحاق بالوظائف التي تناسب مؤهله الفني، و هذا لا يکون هذا مُتاحًا لطلاب الثانوي العام.

والمراهقون – غالبًا – يعانون مما يسمى بأزمة التعبير، فهم إما يعبرون عما يجيش داخل أنفسهم، وما يتمنوه بأسلوب مباشر، وإما يکون التعبير بأسلوب غير مباشر، هم في الحالة الأولى يستطيعون أن يعبرون عن مضمون فکرهم صراحة، وأن يکون مقياس التعبير عندهم هو المضمون Content، بصرف النظر عمن يوجه إليهم، أو من هم الأشخاص الذين يسمعونهم، ويصبح التعبير المباشر صدمة واقعية يقدمها المراهقون من خلال معرفة الحقائق بطريقة صريحة غُفّل، بحيث لا يستطيع أن تمتد إليها لمسات النفاق الاجتماعي فتخفف من ضراوتها وتهذب من صرامتها ودقتها، وفي الحالة الثانية هناک الأسلوب غير المباشر الذي قد يصطنع لغة الرمز، وما يصاحبها من تأويلات، قد لا ترتقي إلى مستوى الحقيقة، أو قد تعبر عنها في سفور ووضوح، بل قد تستخدم غمزات ونکات وتعليقات قد تکون مُغرضة خوفًا من المصارحة أو المکاشفة.

ولعل السبب في هذا يکون بدافع من توخي السلامة وإيثارًا للعافية، حيث إن الاستماع إلى المشکلات والآمال والطموحات التي قد تکون متجاوزة للخيال أو للواقع قد لا يجد استحسانًا عند البعض، أو أن هناک من يرى ضرورة الالتزام بقول الخير والإشادة بکل شيء، وإلا فالصمت أفضل من التعبير الشاکي الذي قد يجرح بحوافره المسئول عن الشکوى أو المتسبب في إحداث اللوعة.  (صبحي، 2002: 9 – 11).

وفي ضوء ما تقدم تبرز هنا مشکلة الدراسة، فهي تتناول دراسة أفراد يعيشون مرحلة مهمة من مراحل حياتهم، هي مرحلة المراهقة التي تُغطي سنواتها مرحلة حرجة في حياة الشباب بما يصاحبها من تغيرات بيولوجية، وفسيولوجية، وعقلية، وجسمية، ونفسية، وغيرها، وبما يتبعها من متطلبات أساسية لکل ناحية من هذه النواح، والتي تُکوّن شخصياتهم في النهاية، وتحدد سلوکهم، واتجاهاتهم، وعلاقاتهم، وتوجهاتهم، وأهدافهم أو آمالهم المستقبلية، والأخيرة على وجه الخصوص التي قد تکون متجاوزة للخيال أو للواقع، وربما لا ترقى لمستوى الحقيقة، والتي قد لا تجد استحسانًا عند البعض، أو لا يعرفها البعض الأخر کُليًة أو بشکل کامل حتى من أقرب الأفراد إلى المراهقين کالوالدين، مما يضطر معه المراهقين إلى استخدام الرمز أحيانًا، أو التعبير عنها بالصورة التي يرونها مناسبة لهم، أو يضطرون إلى إرجائها إلى مرحلة لاحقة من حياتهم حيث يکون لهم حرية اتخاذ القرار والتصرف في أمور حياتهم بعيدًا عن سلطات الوالدين أو من ينوب مکانهما، هي التي تسعى الدراسة الحالية إلى تسليط الضوء عليها، والتعرف إليها لدى المراهقين من  الجنسين، ويکون ما سبق من خلال التحليل الکيفي لتلک الأهداف أو الآمال التي يسردونها معبرين من خلالها عن تصوراتهم لحياتهم المستقبلية القادمة، وأهدافهم التي يتمنون تحقيقها. (Beal, 2011).

أهمية الدراسة:

تنبع أهمية الدراسة من أهمية موضوعها الذي تتناوله، والتي تنطلق من الاعتبارات التالية:

1. ندرة الدراسات العربية والمحلية – حسب حدود علم الباحث – التي تناولت التحليل الکيفي والکمي لآمال وأهداف عينة المراهقين من الجنسين على وجه الخصوص، ذلک أن ما تم دراسته على المستوى العربي أو المحلي في هذا الصدد - کما سبق وتقدم - إنما کان على طلاب الجامعة، وهناک دراسة مصرية أجريت مؤخرًا ولکن على عينة من تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادي.

2. ندرة الدراسات العربية - حسب حدود علم الباحث، التي سعت إلى تحديد أهم مجالات الحياة المستقبلية التي يأمل فيها المراهقون والمراهقات من عينة الدراسة تحقيق تلک آمالهم وأهدافهم، وذلک من خلال تحليل مضمون ما سردوه عن أمالهم وتوقعاتهم المستقبلية المرتبطة بتلک الآمال والأهداف.

3. الدراسة الحالية تعد الدراسة الوحيدة على مستوى العالم العربي والمحلي – حسب حدود علم الباحث – التي تناولت دراسة تقييم المراهقين لأهدافهم وآمالهم، کذلک فعدد کبير من الدراسات السابقة الأجنبية قد رکز أکثر على عمليتين أو مکونين من مکونات التوجه نحو المستقبل، وهما: الأهداف ووضع الخطط، والقليل منها هو ما رکز على کيفية تقييم الأفراد  لآمالهم وأهدافهم المستقبلية.

4. الاستفادة من أداة الدراسة الحالية "استبانة مستقبلي"التي قام الباحث بتعريبها، واستخدمها لأول مرة في الدراسات العربية والمحلية – حسب حدود علم الباحث – وذلک في إجراء مزيد من الدراسات الأخرى، وعلى عينات عمرية وتعليمية متباينة، من الأطفال والمراهقين.

5. الدراسة الحالية تُعد أحد الدراسات العربية والمحلية النادرة – حسب حدود علم الباحث – التي سعت إلى محاولة التعرف إلى الامتداد الزمني المستقبلي للمجالات المستقبلية التي حددها أفراد عينة الدراسة، وذلک في ضوء عدد من المتغيرات الديموجرافية، وکذلک التعرف إلى کثافة کل مجال من تلک المجالات المستقبلية التي سوف يرکز عليها الجنسين من طلاب الثانوي في المستقبل.

مصطلحات الدراسة:

فيما يلي يعرض الباحث لعدد من المصطلحات التي رکزت عليها الدراسة في تعرفها إلى الأهداف المستقبلية لدى المراهقين من الجنسين، وذلک من خلال تحليل مضمون تعبيراتهم التي سردوها لبيان مجالات توجهاتهم المستقبلية وامتدادها وکثافتها:  

1.   التوجه نحو المستقبل

التوجه نحو المستقبل ليس مفهومًا ثابتًا، بل هو مفهوم طيع أو مرِن Malleable بطبيعته (Padawer, et al., 2007)، وهو يشير إلى تصور الفرد الذاتي لمستقبله (Seginer & Noyman, 2005)، کما أنه يتضمن أهداف المستقبل، مع القدرة على التنبؤ، والتوقع، ووضع الخطط، وتنظيم المستقبل لکل ما هو قادم، بالإضافة إلى المعتقدات والتوقعات والانفعالات والنواحي المعرفية والوجدانية المتعلقة بالمستقبل (Seijts, 1998 ;Nurmi, 2005).

ويعرف الباحث التوجه نحو المستقبل بأنه الآمال أو الأهداف التي يضعها الفرد لنفسه، ويکافح من أجل أن يحققها مستقبلاً، وهو يبحث عن أکثر الطرق - إيجابية وفعالية - التي تمکنه من بلوغ آماله وأهدافه، ويکون عليه بعد ذلک أن يقوم بنفسه بتقييم ما تم تحقيقه من تلک الآمال.

2.   الامتداد

برغم ما تقدم بالإطار النظري من تعريفات عديدة لمفهوم الامتداد  منها أنه "المدى الزمني المستقبلي"، أو أنه " البُعد الزمني، أو المدى الزمني  للقصص"، وکذلک أنه "طول منظور زمن المستقبل، أو امتداد منظور زمن المستقبل"، فإن الباحث سوف يتبني تعريف (Seginer, 2009: 7)، الذي ينظر للامتداد الزمني في المستقبل بأنه "المسافة بين الحاضر والمستقبل، أي الوقت أو السن المتوقع أن يتم فيه الحدث المستقبلي"، أو أنه "التوسع الزمني إلى الأمام حيث يتم صياغة الصور المستقبلية عن الذات"، وذلک لأنه يتناسب مع مضمون الدراسة الحالية وأهدافها. "

3.   الکثافة               

يُقصد بها التکرار أو التکثيف النسبي للآمال أو الأهداف التي يضعها الأفراد لأنفسهم، والتي يمکن تصنيفها في مجالات محددة، بحيث يضم کل مجال عدد من تلک الآمال أو الأهداف التي تندرج مُسمى معين مثل مجال التعليم أو الزواج وغيرها، وبمعنى أخر ترکيز محتوى الموضوع أو کثافة المجال على منطقة معينة.       (Cooper, 2010: 10).

 

الدراسات السابقة:

فيما يلي يعرض الباحث لأهم النتائج المنبثقة عن الدراسات السابقة في مجال الفروق بين الجنسين من المراهقين والمراهقات* في توجههم نحو المستقبل، وذلک على النحو التالي:

قام کل من (Trommsdorff and Lamm, 1975) بدراسة على عينتين الأولى: من الأطفال قوامها (200 من الأولاد والبنات)، ممن تراوحت أعمارهم بين (14 – 16) عام، والعينة الثانية من الکبار قوامها (200 من الذکور والإناث) ممن تراوحت أعمارهم بين (35 – 45)عام، وذلک بهدف تحليل مضمون الآمال والمخاوف المستقبلية للعينتين، وکذلک التعرف إلى الامتداد الزمني لکل منهما في المستقبل، وذلک في ضوء متغيرات النوع، الطبقة الاجتماعية، وقد کشفت الدراسة عن أن الإناث من الکبار والصغار أکثر اهتمامًا بالموضوعات المرتبطة بالأسرة، کما کشفت عن أن الطبقات الاجتماعية العليا أکثر امتدادًا فيما يتعلق بالتوجه نحو المستقبل، وذلک مقارنة بأصحاب الطبقات الاجتماعية الأدنى.

أما دراسة (Lamm, Schmidt, and Trommsdorff, 1976) والتي أجريت على عينة من المراهقين الألمان قوامها (50 ولد، 50 بنت) في المدى العمري (14 – 16)، والذين ينتمون للطبقات المتوسطة والدنيا، فقد هدفت إلى التعرف إلى المجالات الشخصية المتمثلة في (کثافة المجال الأسري، والمهني، والتعليم، والنمو الشخصي)، والمجالات العامة المتمثلة في (الاقتصاد والسياسة والبيئة)، بالإضافة لبحث الفروق بين الجنسين في الامتداد والتحکم المتصور أو الُمدرک "ما يتصوره الفرد"، والتفاؤل / التشاؤم، وقد کشفت النتائج أن الذکور – مقارنة بالإناث – يعبرون أکثر عن آمالهم ومخاوفهم، کما سردوا قائمة طويلة من المهن أو الأعمال التي يأملون العمل فيها أو التي يخافون أن يعملوا فيها في المستقبل، بينما الإناث يعبرن أکثر عن الميادين الخاصة والعامة (کالسياسة والبيئة)، وذلک بالنسبة لآمالهم ومخاوفهم بشکل عام، کما بينت الدراسة أنهن البنات أکثر امتدادًا من الذکور فيما يتعلق بتفکيرهن المستقبلي، وأنهن قد عبرن عن الکثير من الآمال والمخاوف المتعلقة بدنياهن الخاصة بهن (أي عالمهن أو مجال نشاطهن)، بما في ذلک أسرهن، کما کشفت النتائج أن الذکور درجاتهم أعلى في التحکم المتصور أو الـُمدرک، بينما لم يکن الحال ذلک بالنسبة لدرجاتهم على التفاؤل / التشاؤم، وبالنسبة  للفروق بين الجنسين في الطبقات الدنيا والمتوسطة، فقد بينت النتائج أن الذکور الذين ينتمون للطبقات الدنيا لديهم امتداد أکثر في التوجه نحو المستقبل (آمالهم مداها أطول)، کما أنهم يحرزون درجات أعلى في المهنة والتعليم، وذلک مقارنة بالبنات من نفس الطبقة الدنيا، أما ذکور الطبقة المتوسطة فدرجاتهم أعلى في کثافة المجال المهني مقارنة بإناث تلک الطبقة، ولم تکن بينهما فروق في الامتداد المرتبط بالتوجه نحو المستقبل، وبالنسبة للجنسين المنتمين للطبقة المتوسطة فقد عبروا أکثر عن الآمال المرتبطة بالحياة العامة، وکانوا أکثر امتدادًا نحو التوجه المستقبلي، وذلک مقارنة بالمراهقين الذين ينتمون لطبقات اجتماعية أدنى.

وبحثت دراسة (Trommsdorff, Lamm, and Schmidt, 1979) الطولية، التي أجريت على مدار عامين، حيث کان عمر العينة في القياس الأول يتراوح بين (14 – 16) عام، ثم أجرى القياس الثاني بعد عامين، وذلک على عينة من المراهقين الألمان (ن = 24 من الذکور ومثلهم من الإناث) من طلاب المرحلة الثانوية الذين ينتمون لطبقات اجتماعية واقتصادية متوسطة ودنيا، وقد تمثلت أدوات الدراسة في استبانة الآمال والمخاوف مفتوح النهاية، وقد بُحث لدى أفراد العينة التوجه نحو المستقبل في أربع فئات مختلفة هي: (1) تحقيق الذات والشخصية، (2) المظهر والرفاهية البدنية، (3) الأسرة والمهنة من حيث "الامتداد الزمني، والضبط الداخلي والخارجي"، (4) التفاؤل / التشاؤم، وقد بينت النتائج أن الفتيات – مقارنة بالذکور –  قد عبَّرن عن عدد أقل من الآمال والمخاوف في مجال الرفاهية البدنية والمظهر، وذلک وقت القياس الثاني، وکان لدى الذکور توجهًا مستقبليًا أطول في الامتداد الزمني وقت القياس الثاني، وذلک مقارنة بالقياس الأول، کذلک کشفت النتائج عن توجه زمني مستقبلي أکبر لدى الذکور في الامتداد الزمني في المجال المهني مقارنة بالإناث، کما کشفت النتائج أن الذکور – وقت القياس الثاني – کانت لديهم هموم واهتمامات مستقبلية ممتدة زمنيًا في مجالات تحقيق الشخصية والذات والرفاهية البدنية والمظهر. وقد کانت الفتيات أکثر تفاؤلاً فيما يخص الرفاهية البدنية والمظهر، وذلک وقت القياس الثاني، وبالنسبة للفروق في ضوء الطبقات الاجتماعية، فقد تبين أن أصحاب الطبقات الاجتماعية الدنيا من الجنسين قد عبروا أکثر عن آمالهم ومخاوفهم في الموضوعات المرتبطة بمجال المهنة.       

أما دراسة (Freire, Gorman, and Wessman, 1980) فقد أجرت مقابلات مع عينة ممن ينتمون إلى طبقات اجتماعية متباينة قوامها (54) طفلاً أمريکيًا ممن تراوحت أعمارهم بين (7  – 11 عام)، کما طبق عليهم خلال المقابلة استبانة التوقعات المستقبلية، وذلک للتعرف إلى توقعاتهم المستقبلية، وقد کشف تحليل مضمون استجاباتهم أن الأطفال الذين ينتمون لطبقات اجتماعية دنيا تنحصر توقعاتهم المستقبلية في اللعب والسفر والانتقال إلى أماکن أخرى، بينما انصبت توقعات الذين ينتمون لطبقات اجتماعية أعلى في الحصول على عمل والزواج وإنجاب الأطفال، کما بينت الدراسة أن امتداد التوقعات المستقبلية إنما کان في اتجاه أصحاب المستويات الاقتصادية والاجتماعية المرتفعة.

وطبق کلا من (Cartron- Guerin and Levy, 1980) استبانة التوجه المستقبلي نحو المهنة، واستبانة التوجه المستقبلي نحو الزواج والأسرة، وذلک لدى عينة من الفرنسيين من الجنسين (ن = 80)، الذين تراوح المدى العمري لهم بين (12 – 15)، وقد کشفت النتائج عن أن الأکبر سنًا من المراهقين والمراهقات، وکذلک الذکور لهم مشاريع تمتد إلى مرحلة أبعد في المستقبل في مجالات المهنة والزواج.

وقد طبق (Bentley, 1983) استبانة الاهتمامات المستقبلية بهدف إلى التعرف إلى الأحداث المستقبلية العامة والشخصية لدى عينة من الطلاب الاسکتلنديين من الجنسين (ن = 98)، والطلاب السويسريين من الجنسين (ن = 106) وقد کان المدى العمري يتراوح بين (12 – 25) عام، وقد کشفت النتائج عن أن الذکور في کلا البلدين أکثر امتدادًا من الإناث في التوجه الزمني نحو المستقبل.

وکشفت دراسة (Sundberg, Poole, and Tyler, 1983) التي أجريت على ثلاث عينات من الجنسين تمثل ثلاث دول هي الهند، واستراليا وأمريکا، والذين يدرسون بالصف التاسع الدراسي (15 عام)، أن الفتيات الاستراليات قد أظهرن بالنسبة لأمالهن مدى زمني أطول مقارنة بالفتيات الأمريکيات والهنود، کما أظهر ذکور الهند وأمريکا مدى زمني أطول مقارنة بفتيات بلادهما، وقد بينت النتائج أيضًا أن الفتيات الهنديات قد کررن ذکر التعليم، والعمل، والسفر، وحب التملک، وعدد من المهن المحددة أکثر من الذکور الهنود، وقد تباينت الفروق بين الجنسين لدى کل من الأمريکان والاستراليين، إلا أن الذکور قد ارتفعت درجاتهم فيما يتعلق بالتملک أو الملکية، بينما ارتفعت درجات الإناث في الاستقلال الذاتي.

وقام (Pulkkinen, 1984) بدراسة طولية هدفت إلى التعرف إلى المنظور الزمني المستقبلي لدى عينة قوامها (154) فنلنديًا من الجنسين، في المرحلة العمرية من (8 – 20) أي بدءًا من مرحلة الطفولة المتأخرة وحتى سن (20) عام، وذلک في ضوء متغيرات النوع والمناخ الأسري، وقد کشفت نتائج الدراسة عن أن الإناث أکثر توجهًا نحو المستقبل الأسري، وأکثر قلقًا بالنسبة لميدان العمل، بينما کان الذکور أکثر توجهًا مستقبليًا نحو ميدان العمل، وأقل قلقًا من تکوين الأسرة.

أما (Gillies, Elmwood, and Hawtin, 1985) فقد قاموا بتحليل مضمون استجابات عينة کبيرة قوامها (1797) انجليزيًا من الجنسين ممن تراوحت أعمارهم بين (11 – 16) عام، وذلک من خلال تطبيقهم لاستبانة الآمال والمخاوف المستقبلية مفتوح النهايات، وقد تبين أن الإناث مقارنة بالذکور يأملون أکثر في الزواج السعيد، بينما الذکور مقارنة بالإناث کانوا يأملون أکثر في تحقيق الثراء وکسب المال، بينما اشترک الجنسان في المخاوف التي تمثلت في الخوف من البطالة والتعطل عن العمل، وکذلک تشارک الجنسان الأمل في الحصول على فرصة عمل في المستقبل، وقد بينت النتائج أيضًا أن الأکبر سنًا تزداد نسبتهم من حيث أملهم في الحصول على فرص عمل في المستقبل مقارنة بالأصغر سنًا.

أما (Greene, 1986) فقد بحث المنظور الزمني المستقبلي لدى عينة من المراهقين الأمريکان من الجنسين (ن = 60)، ممن تراوحت أعمارهم بين (15 – 19) عام، وقد طبق عليهم استبانة الأحداث المستقبلية، وقد خلصت نتائج الدراسة في ضوء متغير العمر إلى أن الأکبر سنًا من الطلاب أکثر امتدادًا نحو المستقبل البعيد، هذا ولم تکن هناک فروق بين الجنسين في ضوء متغير التماسک أو الترابط .Coherence

وطبق (Solantaus, 1987) استبانة الآمال والمخاوف مفتوح النهاية على ثلاث مجتمعات أوروبية هي استراليا (ن = 600) من الجنسين، وبريطانيا (ن = 596) من الجنسين، وفنلندا (ن = 665) من الجنسين، وقد تراوح المدى العمر لهم من (11 – 15) عام، وقد کشف تحليل مضمون الآمال والمخاوف لأفراد العينة عن أن الآمال المرتبطة بالعمل والمهنة تشيع لدى کل أفراد البلاد الثلاثة من الجنسين، أما المخاوف المستقبلية والآمال المرتبطة بالعمل والمهنة فهي تزداد بتقدم الأفراد في العمر، کذلک فالآمال المرتبطة بالتوجه المستقبلي نحو الزواج وتکوين الأسرة فهي تزداد أکثر لدى الفنلنديين المتقدمين في العمر على وجه الخصوص مقارنة بصغار استراليا وبريطانيا، وقد عبر ذکور البلاد الثلاثة عن آمالهم المتعلقة بالمظاهر المادية للحياة، وکانوا أقل قلقًا – مقارنة بالإناث في البلاد الثلاثة – فيما يتعلق بمستقبلهم الأسري.

وقد فحص (Nurmi, 1987) محتوى مضمون آمال ومخاوف عينة من الفنلنديين (ن = 148) من الجنسين ممن تراوح عمرهم بين (10 – 19 عام)، وذلک في ضوء متغيرات العمر، والنوع، والطبقة الاجتماعية، والجو الأسري، وقد خلصت نتائج الدراسة إلى أن الآمال المرتبطة بالعمل والتعليم والأسرة تزداد کلما تقدم الأفراد في العمر، وبالنسبة لامتداد التفکير في المستقبل، فقد کشفت النتائج أنه يقل، بينما تزداد مستويات المعرفة والتخطيط مع تقدم الأفراد في العمر، وقد کشفت الدراسة عن أن البنات لديهن آمال أکثر من الذکور فيما يتعلق بتکوين أسرة، ولم تکشف الدراسة عن آمال مستقبلية لديهن تتعلق بالعمل والتعليم، ومما کشفت الدراسة عنه أيضًا أن المراهقين من الجنسين الذين ينتمون لطبقات اجتماعية مرتفعة لديهم امتداد أطول ممن ينتمون لطبقات اجتماعية أدنى، وذلک في ميداني التعليم والعمل معًا، وأخيرًا فقد کشفت الدراسة عن أن الأطفال الذين يعيشون في جو أسري سيئ يضعُف لديهم التخطيط للمستقبل.

وبحثت دراسة (Poole and Cooney, 1987) عدد من المتغيرات (التعليم – العمل – التودد أو المغازلة Courtship– الزواج – وقت الفراغ – الرياضة – السفر – الصحة)، والمتغيرات المجتمعية (مثل البيئة – المجتمع – الموضوعات أو القضايا المجتمعية – الاقتصاد – التوظيف – الموضوعات السياسية والعالمية)، وذلک لدى عينتين من المراهقين السنغافوريين والاستراليين من الجنسين ممن تتراوح أعمارهم بين (14- 15) عام، وقد کان قوام عينة سنغافورة ( 83 من الأولاد، 79 من البنات)، وبلغ قوام عينة أستراليا (184 من الأولاد ، و256 من البنات)، وقد طُبق استبانة الحياة المحتملة أو المتوقعة مستقبليًا، والتي يطلب فيه من المفحوص أن يضع عدد (6) أحداث شخصية متوقعة، و(6) أحداث مجتمعية متوقعة، وأوقات هذه الأحداث وجوها الانفعالي (سار أو غير سار) بالنسبة للفرد أو المجتمع، کما طُبق استبانة الميدان أو المجال المهني ويکون على الفرد أن يحدد من خلاله کل المهن المعروفة، وإلى أي درجة - واقعية – يکون مناسب لهذه المهن، وقد بينت النتائج أن البنات الاستراليات والأولاد السنغافوريين قد وضعوا قائمة من الأحداث المرتبطة بالزواج (عبروا من خلالها عن المزيد من الأحداث الخاصة بالزواج)، وبشکل عام کان متوسط المدى الزمني للبنات أقصر مما هو لدى الذکور، کما بينت النتائج أن الذکور الاستراليون قد عبروا عن المزيد من الأحداث البيئية والنفسية وأحداث أنماط الحياة، کما کان تعبيرهم أقل بالنسبة للأحداث السياسية وذلک مقارنة بالإناث. وبالنسبة للسنغافوريين کشفت النتائج عن اهتمام أکثر لدى الفتيات مقارنة بالذکور، وذلک فيما يتعلق بالأحداث السائدة في بلادهن، هذا ولم تکن هناک فروق بين الجنسين من الاستراليين في الاهتمام بأحداث بلادهم.

وطبقت (Seginer, 1988) استبانة الآمال والمخاوف مفتوح النهاية على عينة من يهود إسرائيل (ن = 61 من الذکور، 54 من الإناث)، وعرب إسرائيل (ن = 67 من الذکور، و49 من الإناث)، ممن يدرسون بالصف الثاني عشر (المرحلة الثانوية)، وذلک بهدف التعرف إلى بروز Salience المجالات أو الميادين التي يتوجه إليها الجنسان مستقبليًا، والتي تتمثل في المدرسة، والخدمة العسکرية، والقبول بالکلية أو الجامعة Matriculation، والتعليم العالي، والعمل والمهنة أو الوظيفة والزواج وتکوين الأسرة، والذات والآخرين والموضوعات الجمعية، وقد خلصت الدراسة إلى أن الأولاد اليهود يحرزون درجات أعلى على الخدمة العسکرية والعمل والمهنة، وذلک فيما يتعلق بالآمال، بينما ترتفع درجات البنات اليهوديات (الآمال والمخاوف) في مجالات الزواج وتکوين الأسرة، بينما انصبت مخاوف البنات العربيات في التعليم العالي، والاهتمامات الذاتية (آمال ومخاوف)، والآخرين (مخاوف)، ولم تکن هناک فروق کيفية بين الجنسين من مراهقي اليهود، أما بين العرب، فقد أحرزت الفتيات العربيات درجات أعلى من الذکور في التعليم (آمال)، والعمل والمهنة (مخاوف)، وبالنسبة للذکور فقد حققوا درجات مرتفعة مقارنة بالإناث في الموضوعات أو القضايا الجمعية (مخاوف).

أما (Nurmi, 1989)، فقد قام بدراسة طولية ومستعرضة بحث من خلالها تطور التوجه نحو المستقبل ونموه لدى عينتين من المراهقين الفنلنديين من الجنسين في مرحلة المراهقة المبکرة (ن =57)، وقد تم تقسيمهما في ضوء المدى العمري کما يلي: العينة الأولى من (10 – 11) عام، والعينة الثانية من (14 – 15) عام، وذلک بهدف تحليل مجالات توجهاتهم المستقبلية من خلال عشر فئات أو تصنيفات من الآمال والمخاوف هي (الحرفة – المهنة – التعليم والدراسة – الزواج والأسرة – الوالدان – الآخرين – الملکية – أوقات الفراغ – القضايا العامة والجمعية - الحرب والسلام)، فضلاً عن التعرف إلى خططهم المستقبلية، وما يعتريها من تعقيدات ومستوى تحقيقها، ومدى درايتهم أو معرفتهم بهذا التحقيق، وقد بينت النتائج - بالنسبة للبنات - أن مخاوف الحرب تزداد لديهن مع تقدمهن في العمر، أما الذکور فإنهم يتجهون أکثر نحو المستقبل بشکل وجداني وإيجابي مع تقدمهم في العمر حيث تنمو مشاعر الذکور الإيجابية نحو المستقبل مع تقدمهم في العمر، بينما تصبح مشاعر الفتيات أکثر سلبية تجاه المستقبل مع التقدم في العمر، وکشفت النتائج أيضًا أن التحکم الداخلي - فيما يخص تحقق المخاوف - فإنه يزداد عند الذکور مع تقدمهم في العمر، بينما يخفض لدى البنات، وکشفت النتائج أيضًا أن الفتيات قد عبرن عن الآمال الخاصة بالزواج، وأوقات الفراغ أکثر من الذکور، ومما کشفت عنه النتائج أيضًا أن الذکور "الأکبر سنًا" في عمر (15) عام کانوا أکثر تفاؤلا من الذکور في عمر (11) عام، في حين کان العکس من ذلک بالنسبة للبنات.

وأجريت مقابلات شخصية Semi-structured interviewsمن خلال دراسة (Greene, 1990)، تم من خلالها التحادث مع عدد من المراهقين من الجنسين الذين يدرسون بالصفين العاشر والثاني عشر، والذين يدرسون بالفرقة الثانية بالکلية    Sophomores، والطلاب في صف التخرج Senior (ن = 104)، بواقع (13) من الذکور، و(13) من الإناث لکل مجموعة عمرية من المجموعات الأربع السابقة وهم: طلاب الصف العاشر، والثاني عشر، والفرقة الثانية بالکلية، والطلاب في مرحلة التخرج، وذلک بهدف التعرف إلى توقعاتهم المستقبلية التي تتصل بميادين الإنجاز أو التحصيل، والعلاقات بين الأشخاص، ومجال الخبرات، والمجال الوجودي، وقد بينت الدراسة أن الذکور مقارنة بالإناث في المجموعات الأربع يمتدون إلى مسافات زمنية أطول، ونقاط أبعد في المستقبل، وأنهم يخططون للأحداث المستقبلية بشکل متساوي عبر مسار الحياة، هذا ولم تکشف الدراسة عن فروق بين الجنسين في التوزيع في المجالات المستقبلية المختلفة المشار إليها أنفًا.

وهدفت دراسة (Nurmi, Poole, and Kalakoski, 1993)، من خلال تطبيق استبانة الآمال والمخاوف المستقبلية مفتوح النهاية إلى التعرف إلى الفروق بين عينتين من المراهقين من الجنسين في درجات الکثافة، والامتداد الزمني، والاهتمامات، والتوجه نحو المستقبل المرتبط بتحقيق الأهداف، وقد تکونت عينتي الدراسة من الأصغر سنًا من عمر (13 – 14) عام، ومن الأکبر سنًا من عمر (16 – 17) عام، وهم ينتمون لبيئات اجتماعية ثقافية مختلفة، وقد اشتملت العينة الأولى على الاستراليين (من الصغار 95 من الذکور، و104 من الإناث، ومن الکبار 87 من الذکور، و8 من الإناث)، والثانية من الفنلنديين (من الصغار 67 من الذکور، و86 من الإناث، ومن الکبار 56 من الذکور، و107 من الإناث). وقد کشفت نتائج الدراسة عن تعبير الفتيات الفنلنديات عن مزيد من الأهداف والاهتمامات التعليمية أکثر من باقي المجموعات الأخرى، کما عبرت عن المزيد من الاهتمامات والأهداف المهنية، والأهداف المتعلقة بالأسرة أکثر من الذکور، في حين عبر الذکور أکثر عن أهداف تتعلق بالملکية وأوقات الفراغ وذلک مقارنة بالإناث، وقد کانت الأهداف التعليمية أکثر امتدادًا في المستقبل، وذلک بالنسبة لصغار المراهقين، کما کان کبار الذکور الفنلنديين لديهم امتدادًا زمنيًا أطول في المستقبل وذلک مقارنة بالآخرين.

وقد طُبقت أيضًا استبانة التوجه نحو المستقبل مفتوح النهاية "الآمال والمخاوف" وکذلک استبانة المکون السلوکي: "الاستطلاع أو الاستکشاف والالتزام"، وذلک في الدراسة التي قام بها کل من (Nurmi, Poole, and Seginer, 1995)، بهدف التعرف إلى درجات الکثافة، والامتداد الزمني لمجالات الحياة المستقبلية مثل التعليم، والعمل، والمسار المهني والزواج/ إنجاب الأطفال، ووقت الفراغ، والأجازات، والأصدقاء، والوالدان، والصحة، والخدمة العسکرية، والملکية، والقضايا العالمية، والاستکشاف والالتزام في مجالات التعليم والمهنة والأسرة، وقد تکونت عينة الدراسة من ثلاث جنسيات، الأولى من الاستراليين (71 ذکر، 49 أنثى)، والثانية من الإسرائيليين (23 ذکر ومثلهم من الإناث، والثالثة من الفنلنديين (36 ذکر، 66 أنثى)، وقد تراوح المدى العمري لهم من (16 – 17) عام. وقد بينت النتائج أن المراهقين الاستراليين من الجنسين تتجه آمالهم المستقبلية نحو التعليم والعمل، وأن تتحقق الاهتمامات المرتبطة بالتعليم في مرحلة مبکرة من العمر، وذلک مقارنة بالمراهقين الإسرائيليين والفنلنديين، کما کشفت النتائج عن توقع الإسرائيليين والفنلنديين أن تتحقق آمالهم ومخاوفهم المرتبطة بالتعليم في مرحلة متأخرة من عمرهم، والسبب في ذلک أن التزامهم بالخدمة العسکرية يستغرق سنوات طويلة من حياتهم، وذلک مقارنة بالمراهقين بالاستراليين من الجنسين، ومن ناحية أخرى کشفت الدراسة عن توقع المراهقين الفنلنديين أن تتحقق أهدافهم المستقبلية المرتبطة بتکوين أسرة في المستقبل، وذلک في مرحلة مبکرة من العمر مقارنة بالمراهقين الإسرائيليين والاستراليين، وقد أظهر الفنلنديين من الجنسين - مقارنة بالمراهقين الاستراليين - استطلاعًا أکثر والتزامًا فيما يتعلق بمستقبلهم الأسري، وبشکل عام فقد عبرت الفتيات عن المزيد من الآمال المرتبطة بالتعليم، کما أنهن قد حصلن على درجات أعلى في مجالات التعليم المرتبطة بالاستکشاف والالتزام، کما کشفت الدراسة أن مراهقي إسرائيل يعبرون أکثر عن الآمال والمخاوف المرتبطة بالخدمة العسکرية، وذلک مقارنة بالإناث الإسرائيليات، ولم تکشف النتائج عن فروق بين الجنسين من إسرائيل في المجالين المهني والأسري، هذا ومما کشفت عنه الدراسة أيضًا أن المراهقات الإسرائيليات والفنلنديات دون الاستراليات قد عبرن أکثر عن مخاوفهن المرتبطة بالتعليم، وذک مقارنة بالذکور، فضلاً عن أن أکثر مخاوف المراهقات في البلاد الثلاثة إنما تنحصر في المخاوف المرتبطة بتکوين أسرة.

وقد درس کل من (Seginer and Halabi, 1998)، التوجه نحو المستقبل باستخدام استبانة الآمال والمخاوف مفتوح النهايات أيضًا، وذلک في ضوء أو في سياق متغيرات الثقافة والعمر والنوع لدى عينة من المراهقين والمراهقات الدروز الإسرائيليين (ن =  126 مراهق، 150 مراهقة)، والمراهقين والمراهقات اليهود (ن = 122 مراهق، 186 مراهقة)، وجميعهم من الطلاب والطالبات الذين يدرسون بالصف التاسع والصف الثاني عشر. وقد کشفت النتائج بالنسبة للعينة الدرزية أن الفتيات لهن درجات أعلى في ميادين العلاقات مع الآخرين (کالزواج والأسرة والعلاقات الاجتماعية مع الغير)، وکذلک حققن أعلى الدرجات في مجال النمو الشخصي من خلال أو عن طريق آمالهن المرتبطة بمجال التعليم، أما الذکور فقد حققوا درجات أعلى في الآمال المرتبطة بمجالات بالإرادة Agency domains (مثل العمل، والمهنة)، وبالنسبة لمخاوفهم فقد ترکزت کثافتها في المجالات المرتبطة بالموضوعات الجمعية، أما بالنسبة للعينة اليهودية فقد حققت الفتيات أعلى الدرجات على المجالات المرتبطة بالعلاقات مع الغير أيضًا (مثل الزواج والأسرة)، کما حققن أعلى الدرجات بالنسبة لآمالهن ومخاوفهن، وذلک في مجال النمو الشخصي المرتبط بالتعليم، وبالنسبة للذکور فقد ارتفعت درجاتهم في مجالات الإرادة المرتبطة بالخدمة العسکرية.

وبحثت أيضًا دراسة (Seginer and Schlesinger, 1998)، التوجه نحو المستقبل باستخدام استبانة الآمال والمخاوف مفتوح النهايات للتعرف إلى الفروق بين الجنسين في التوجه نحو المستقبل في الزمان والمکان، وذلک في ضوء المقارنة بينهما من واقع دراستين الأولى أجريت الأولى عام (1984) على عينة ريفية من "الکيبوتز" (ن = 58 ذکور، 54 إناث) وأخرى حضرية (ن = 61 ذکور، 51 إناث)، والدراسة الثانية أجريت عام (1992) على ذات العينة الريفية السابقة (ن = 41 ذکور، 60 إناث)، والثانية الحضرية (ن = 59 ذکور، 54 إناث) وجميع أفراد العينة في الدراستين ممن يدرسون بالصف الدراسي الثاني عشر. وقد کان هدف الدراسة التعرف إلى درجات الکثافة لکل مجال من المجالات الآتية: المدرسة، والقبول بالجامعة، والخدمة العسکرية، والتعليم العالي، والعمل والمسار المهني، والزواج والأسرة، والذات، والآخرين، والقضايا الجمعية، وقد کشفت النتائج عن تحقيق البنات (في الدراستين) لأعلى الدرجات حيث تکثفت آمالهن في المجالات المرتبطة بالتعليم العالي والزواج والأسرة والآخرين، وذلک مقارنة بالذکور، بينما تکثفت آمال الذکور (في الدراستين) في المجالات المتعلقة بالخدمة العسکرية والعمل والمهنة، وفيما يتعلق بالمخاوف فقد تکثفت مخاوف الإناث (في الدراستين) دون الذکور في المجالات المرتبطة بالزواج وتکوين الأسرة، بينما ترکزت مخاوف الذکور في المجالات المرتبطة بمجالات المدرسة والعمل والمسار المهني، والدراسة بشکل عام تبين عدم وجود تباين واضح بين الجنسين في مجالات التوجه نحو المستقبل السابقة سواء من حيث المکان أو الزمان أو طبيعة العينة "ريف وحضر".

وطبق (Knox, et al., 2000)، استبانة الذوات المأمولة أو المتوقعة Possible selves" أي التي يأمل أن يکون عليها الفرد، والتي يخاف أن يکون عليها"، وکذلک بروفيل إدراک الذات من مقياس قيمة الذات العامة للمراهقين، وذلک بغرض التعرف إلى عدد من الذوات المأمولة أو المتوقعة (مثل: التوجه نحو الذات، والآخرين، المظهر البدني، الصحة، الوظيفة النفسية، التعليم، المهنة، الموقف المالي، العلاقات مع الغير، قيمة الذات العامة)، والتي يأمل أن يکون الفرد عليها مستقبلاً، وقد تکونت عينة الدراسة من (85 من الذکور، و27 من الإناث) ممن يدرسون بالصفوف الدراسية من (9 – 12) وذلک في المدى العمري من (14 – 19) عام. وقد کشفت النتائج بالنسبة للذوات المحتملة أو المتوقعة المأمولة التي يأمل أن يکون عليها أفراد العينة، فهي بالنسبة للذکور تتضمن الذوات التالية على الترتيب (الذات المهنية، وذات العلاقات مع الآخرين، والذات بين الشخصية)، بينما تضمنت بالنسبة للفتيات الذوات التالية على الترتيب (ذات العلاقات مع الغير، والذات بين الشخصية، والذات المهنية)، أما بالنسبة للذوات المحتملة أو المتوقعة غير المرغوبة أو التي يخاف منها أفراد العينة من الجنسين، فقد تبين أن أکثر ما يتکرر ذکره  بالنسبة للذکور هو الخوف من الاعتلال البدني والموت والفشل العام، بينما أکثر ما يتکرر ذکره لدى الفتيات الخوف من العلاقات مع الغير، والاعتلال البدني والعلاقات بين الشخصية، وأخيرًا الخوف من الموت.

وبحثت دراسة (Yowell, 2000)، التعرف إلى الفروق بين الجنسين (ن = 20 من الذکور، 18 من الإناث) من الأولاد والبنات اللاتينيين بالصف الثامن الدراسي في التوجه نحو المستقبل والذوات المحتملة أو المتوقعة. وقد تم تطبيق استبانة التوجه نحو المستقبل من خلال المقابلة، وذلک للتعرف إلى التوجه نحو المستقبل لدى الجنسين في خمسة مجالات للذوات المحتملة هي: التعليم، والمهنة، والأسرة، والصداقة، والهناء الشخصي، وکذلک التعرف إلى امتدادهم الزمني، والتفاؤل، والضبط الداخلي، والأولويات Priority والخصوصية Specificity، وتوازن الآمال – المخاوف، وقد کشفت النتائج عن عدم وجود فروق بين الجنسين في الذوات الخمسة المأمولة أو المتوقعة، غير أن الفتيات قد أعطين الأولوية (الآمال) للذات المأمولة في مجال التعليم، وأعطى الذکور الأولوية للآمال المتعلقة بالذات المهنية، وقد أحرزت الفتيات درجات أقل في الامتداد الزمني المستقبلي مقارنة بالذکور، ولم تکن هناک فروق بين الجنسين في التفاؤل، والذوات غير المرغوبة، وتوازن الآمال/المخاوف، غير أن الذکور قد حصلوا على أعلى الدرجات في الضبط الداخلي.

وطبق (Kerpelman and Mosher, 2004)، استبانة التوجه نحو المستقبل لقياس التوجه المستقبلي نحو المهنة، والتعليم لدى عينة من المراهقين الأفارقة الأمريکان (ن = 99 من الذکور، و168من الإناث) الذين يدرسون بالصفوف الدراسية السابعة-الثانية عشر، وذلک للتعرف إلى أهمية الفعالية الذاتية والضبط والمسئولية ونمو الهوية في مجالي التوجه المستقبلي التعليمي والمهني. وقد کشفت النتائج أن الفروق بين الجنسين قد جاءت في صف الفتيات اللاتي أحرزن درجات أعلى من الذکور في المجالين التعليمي والمهني، بما يعني أنهن قد أحرزن درجات أعلى في الفعالية الذاتية، والضبط، والمسئولية، ونمو الهوية في المجالين التعليمي والمهني.

وبحثت دراسة Salmela – Aro, Vouri, and Koivisto, 2007))، والتي أجريت على عينة من الطلاب الفنلنديين بالصف التاسع الدراسي، (ن = 277 من الذکور، و284 من الإناث،) مدى تکرار أفراد عينة الدراسة من الجنسين لأهدافهم الشخصية، والتي يعبرون عنها في الفئات التصنيفية التالية: المدرسة، والتعليم، والمهنة، والملکية، والأصدقاء، والأسرة، وأوقات الفراغ، والذات، وقد کشفت نتائج الدراسة أن درجات الذکور ترتفع – مقارنة بالإناث - في الأهداف المرتبطة بالملکية أو التملک، والتعليم والمهنة، بينما ترتفع درجات الإناث - مقارنة بالذکور - في الأهداف المرتبطة بأوقات الفراغ، والأسرة، والاهتمامات الشخصية أو الذاتية، والأصدقاء.

تساؤل الدراسة وفرضها:

في ضوء ما تقدم بالإطار النظري، والدراسات السابقة، وما تسعى الدراسة الحالية إلى بحثه لدى المراهقين من الجنسين من حيث التعرف إلى آمالهم وأهدافهم، وتحليلها کيفيًا وکميًا، يضع الباحث للدراسة الحالية تساؤلاً يتم بحثه بالأسلوب الکيفي، وفرضًا يتم بحثه بالأسلوب الکمي، وذلک على النحو التالي:

 التساؤل الکيفي:

ما هي الآمال والأهداف التي يضعها المراهقون والمراهقات لمستقبلهم؟ ويتم دراسة ذلک من خلال ما يلي:

          ‌أ-  عرض خطوات التحليل الکيفي.

        ‌ب-    التحليل الکيفي للمشارکين من الجنسين.

  ‌ج- بحث الفروق بين الجنسين في الامتداد الزمني المستقبلي لهما في ضوء بعض المتغيرات الديموجرافية، وهي: المستوى الاقتصادي – الاجتماعي "الطبقات العليا والدنيا"، النوع "مراهقين ومراهقات"، الصف الدراسي "الأکبر والأصغر سنًا من الجنسين"، الکثافة "کثافة المجالات المستقبلية للجنسين".

الفرض الکمي: 

في ضوء العملية الثالثة من نموذج (Nurmi, 1991)، يضع الباحث الفرض التالي ومؤداه: "توجد فروق جوهرية بين المراهقين والمراهقات في تقييمهم لآمالهم وأهدافهم المستقبلية، وذلک في المسارات الحياتية التالية: العمل والمهنة، والزواج، والأطفال، والتقييم العام".  

المنهج والإجراءات:

أولاً: منهج البحث

اعتمد الباحث في دراسته الحالية عند تفسيره للنتائج على أسلوبي التحليل الکيفي "تحليل المضمون"، والتحليل الکمي، فبالنسبة للتحليل الکيفي فهو يناسب الموضوعات البحثية التي لا نعرف إلا القليل نسبيًا عنها، وحيث إننا لا نعرف إلا القليل عن العملية التقييمية للتوجه المستقبلي بين المراهقين والمراهقات، وما لدى کل منهما من ثقافة خاصة تخصه، فإن المنهج الکيفي يسهل علينا البحث التفصيلي لهذا المجال من الموضوعات، کذلک؛ فإن الدراسة الکيفية تسمح لنا باستکشاف الأسباب وراء أفکار ومعتقدات کل جنس على حده، کما أنها تُعد مفيدة في فهم وتعقيد القضايا الشخصية ومعالجتها، ويمکن في ضوء ذلک اعتبار التوجه نحو المستقبل قضية شخصية، کما أن الأسلوب الکيفي سوف يُنمي من إدراکنا للنواحي الانفعالية والمعرفية المعقدة ذات الصلة بالتوجه الشخصي.

 ولما کان التحليل هو عملية فصل أو استخراج نتائج أو بيانات أو مکونات أساسية أولية، وعزلها وتقييمها من بين کومة أو مجموعة هائلة مختلطة متشابهة من البيانات الکثيرة (أو الظروف المعقدة) الثانوية والتفصيلية، بمعنى أننا نحلل الشيء المعقد إلى مکوناته الأولية البسيطة، أو کما نحلل العدد الهائل من البيانات، وننزل به إلى بيان واحد أو أثنين، أو عدد قليل من العوامل الأساسية، فإن التحليل الکيفي يهتم في الأساس بتحليل دلالات ومعاني البيانات التي يحصل عليها الباحث، أي قراءة ما بين سطور هذه البيانات، وما يکمن خلفها من مدلول.    (Mehta, 2008؛ طه، 1993: 177 – 178).         

وجدير بالذکر التأکيد على أن تحليل المضمون يمکن من خلاله اکتشاف وتبويب (حسب خطة منظمة) الأفکار والمشاعر، أو التبويب الموضوعي للتکرار الذي به ترد عناصر معينة في وسيلة اتصال معينة، والعناصر المبوبة قد تکون (کلمات تعبر عن الآمال، المخاوف، أو ألفاظ مستمرة)، وسوف يعتمد الباحث في تفسير تحليل المضمون على الکلمات أو الجمل التي سترد في الآمال  من منظور أنها تشير إلى مجال معين يبوب کجزء من تحليل المضمون وليس کاستنتاج کون المضمون کان يريد ذلک أو لا (کونه غاضب أو لا)، فذلک ليس تفسير. (الحفني، 1994:  169 ؛ دسوقي، 1988: 306).

وبالنسبة للتحليل الکمي، الذي اعتمد عليه الباحث في تحليله لنتائج دراسته، فقد قام على حساب  دلالة الفروق بين المتوسطات، وذلک باستخدام اختبار "ت".

أولاً: أداتي الدراسة:

أ- استبانة مستقبلي My Future Questionnaire

استبانة مستقبلي وضعها (Clare, M. Mehta, 2008)، وقد قام الباحث بترجمتها وبتعريبها،  وهي تتکون من عدة استبانات، وقد استخدم الباحث منها استبانتين فقط لأغراض الدراسة الحالية، الأولى: تهدف إلى التعرف إلى آمال الفرد المستقبلية وأهدافه، وتحليلها بالأسلوب الکيفي، والثانية: تهدف إلى التعرف إلى کيفية تقييم الفرد لتلک الآمال والأهداف ويکون تحليلها أو حسابها بالأسلوب الکمي،  وفيما يلي وصف لهذين الاستبانتين:

استبانة الآمال والمخاوف مفتوحة النهاية:   ( التحليل الکيفي).

أعد هذا الاستبانة في الأساس (Nurmi, 1994)، )، وقد اقتبسها  Clare, M. Mehta, 2008""، وهي من الاستبانات التي استخدمت على نطاقٍ واسع لقياس الأهداف المستقبلية، وذلک في أدبيات التوجه نحو المستقبل، وفي هذه الاستبانة يُطلب من المشارکين أن يضعوا قائمة بأهدافهم، والتي تُقاس کآمال ومخاوف مستقبلية، والاستبانة تتکون من بندين مفتوحي النهاية للتعرف إلى أهداف الفرد المستقبلية المتصلة بآماله ومخاوفه، وهذين البندين هما:

أ- البند الأول:

 يتطلب هذا البند من الفرد أن يعبر عن عدد الآمال "الأهداف" المستقبلية التي يضعها لنفسه، وهذا البند هو: "الناس غالبًا ما تفکر في المستقبل"، في السطور التالية، قم من فضلک بکتابة الآمال التي تضعها لنفسک في المستقبل".

ب- البند الثاني:

يتطلب هذا البند من الفرد أن يفکر في عدد من مخاوفه المستقبلية، وهذا البند هو: " والآن نود منک أن تفکر في مخاوفک بخصوص المستقبل"، وأن تدونها في السطور التالية.

تصحيح الاستجابات

لتقييم الأهداف التي يضعها المراهقون من الجنسين من طلاب الثانوية العامة لأنفسهم مستقبلاً ، يکون عليهم أن يدونوا تحت کل بند عدد من الآمال والمخاوف التي تراودهم مستقبلاً، ثم يتم بعد ذلک إعطاء الدرجات عن الآمال والمخاوف، ثم يتم تصنيفها داخل فئات أو مجالات، وذلک  بناء على محتواها أو مضمونها، ويمکن بعد ذلک حساب عدد الآمال والمخاوف داخل کل فئة من هذه الفئات.

استبانة التقييم      (التحليل الکمي).

أعد هذه الاستبانة "Clare, M. Mehta, 2008"، وهي تتضمن عدد من الأسئلة قوامها (31) سؤال، بواقع (21) سؤال تشير لثلاث مجالات أو مسارات مستقبلية تتضمنها الآمال والمخاوف التي لدى کل فرد، وعدد (10) أسئلة تتضمنها أسئلة التقييم العام، وهي تصلح للتطبيق على المراهقين والبالغين، وفيما يلي نتناول کل مجال من مجالات هذا الاستبانة، وذلک على النحو التالي:

1-العمل والمهنة:

يتکون هذا المجال من سبعة بنود، البند الأول: يحتوي على سؤال أساسي هو: "هل تأمل أن تسلک مسارًا مهنيًا معينًا في المستقبل؟ وتکون استجابة الفرد عليه، بنعم أو لا، والأسئلة الست الباقية، تکون استجابة الفرد عليها في ضوء مقياس "ليکرت" سداسي التدريج، وذلک کما يلي: (1) أعارض بشدة، (2) أعارض، (3)، أعارض إلى حد ما، (4) أوافق إلى حد ما، (5) أوافق، (6) أوافق بشدة. ومن أمثلة هذه البنود: "من الواضح أنني سوف أحقق أهدافي المهنية في المستقبل"،" إنني عاقد العزم على تحقيق أهدافي المهنية في المستقبل"، والدرجة القصوى لهذا المجال تساوي (36) درجة، بينما الدرجة الدنيا له تساوي (6) درجات.

2-الزواج:

يتکون هذا المجال أيضًا من سبعة بنود، البند الأول منها يحتوي عل سؤال أساسي هو: "هل تأمل أن تتزوج في المستقبل؟ وتکون استجابة الفرد عليهم، بنعم أو لا، والأسئلة الست الباقية، تکون استجابة الفرد عليها في ضوء مقياس "ليکرت" سداسي التدريج، وذلک کما يلي: (1) أعارض بشدة، (2) أعارض، (3)، أعارض إلى حد ما، (4) أوافق إلى حد ما، (5) أوافق، (6) أوافق بشدة. ومن أمثلة هذه البنود: "أعتقد أنني سيکون بمقدوري تحقيق أهدافي المستقبلية المرتبطة بالزواج، "أعتقد أن الأهداف المستقبلية التي وضعتها للزواج هي أهداف واقعية"، والدرجة القصوى لهذا المجال تساوي (36) درجة، بينما الدرجة الدنيا له تساوي (6) درجات.

3-الأطفال

يتکون هذا المجال کذلک، من سبعة بنود، البند الأول منها يحتوي على سؤال أساسي هو: "هل تأمل أن يکون لديک أولاد في المستقبل؟ وتکون استجابة الفرد عليهم، بنعم أو لا، والأسئلة الست الباقية، تکون استجابة الفرد عليها في ضوء مقياس "ليکرت" سداسي التدريج، وذلک کما يلي: (1) أعارض بشدة، (2) أعارض، (3)، أعارض إلى حد ما، (4) أوافق إلى حد ما، (5) أوافق، (6) أوافق بشدة. ومن أمثلة هذه البنود: "لدي ثقة في أنني سوف أکون قادرًا على تحقيق أهدافي المستقبلية في أن يکون لدي أطفال ، "هناک عوائق يمکن أن تعترضني، وقد تعوقني من تحقيق أهدافي المستقبلية في أن يکون لدي أطفال"، والدرجة القصوى لهذا المجال تساوي (36) درجة، بينما الدرجة الدنيا له تساوي (6) درجات.

4-أسئلة التقييم العام:

يتکون هذا المجال من (10) بنود، تکون استجابة الفرد عليهم، في ضوء مقياس "ليکرت" سداسي التدريج، وذلک کما يلي: (1) أعارض بشدة، (2) أعارض، (3)، أعارض إلى حد ما، (4) أوافق إلى حد ما، (5) أوافق، (6) أوافق بشدة، ومن أمثلة هذه البنود: "الضغوط الاجتماعية سوف تساعدني على تحقيق أهدافي المستقبلية"، "الظروف المالية قد تمنعني من تحقيق أهدافي المستقبلية"، والدرجة القصوى للتقييم تساوي (60) درجة، بينما الدرجة الدنيا له تساوي (10) درجات، والأسئلة العشرة لأسئلة التقييم هذه لا تتضمن أية أسئلة مرتبطة بأي من مسار العمل والمهنة، ومسار الزواج، ومسار الأطفال.

وجدير بالذکر الإشارة إلى أن تعليمات استبانة التقييم تنبه الفرد إلى أن أسئلة هذا القسم تتناول مجموعة الأسئلة المتعلقة بموضوعات العمل والمهنة، والزواج، والأطفال، وأن البحوث السابقة قد أثبتت أن هذه الموضوعات تمثل مجالات الحياة الرئيسية التي يرکز عليها الناس عند تفکيرهم في المستقبل، وحيث إننا نهتم بالمقارنة بين مجالات الحياة لدى مختلف الناس، فسوف يجد أن الأسئلة هنا تکرر نفسها (مع فروق بسيطة) في المجالات المختلفة، وأنه على الرغم من وجود هذا التکرار في الأسئلة المطروحة، فإنه مطلوب من الفرد أن يجيب عليها بصبر، وبکل صراحة، ووضوح. ومن أمثلة هذه البنود:

(1) "من الواضح أنني سوف أحقق أهدافي المهنية في المستقبل".

(2) "من الواضح أنني سوف أحقق أهدافي المتعلقة بالزواج في المستقبل".

(3) "من الواضح أنني سوف أحقق أهدافي المتعلقة بإنجاب الأطفال في المستقبل".

(4) "من الواضح أنني سوف أحقق أهدافي المستقبلية".

تعليمات أداة الدراسة:

تتعلق الأسئلة التالية بمستقبلک، وهي تنقسم إلى قسمين، کل قسم يتضمن عدد من الأسئلة التي عليک إکمالها، تأکد من فضلک من الإجابة عن جميع الأسئلة المطروحة في کل قسم، وتأکد أن جميع إجاباتک سوف تکون سرية تمامًا، لذا يُرجى الإجابة بکل أمانة، نحن نهتم بمعرفة بآرائک... لذا ليست هناک إجابات صحيحة وأخرى خاطئة.

ب: استمارة المستوى الاقتصادي – الاجتماعي

أعد الباحث هذه الاستمارة، وهي تتضمن العديد من البيانات منها ما يتعلق بالعمر وترتيب الميلاد، والنوع، والديانة، والجنسية، والتعليم، والمهنة، والحالة الاجتماعية، والحالة الصحية، والحالة المزاجية، والحالة الاقتصادية (الدخل الأسري: مرتفع - منخفض)، والأخيرة استخدمها الباحث للتعرف إلى الطلاب والطالبات من مرتفعي ومنخفضي المستوى الاقتصادي.

ثانيًا: العينة:

انقسمت عينة الدراسة الحالية إلى ما يلي:

أ- عينة التحليل الکيفي والکمي:

تکونت تلک العينة من طلاب الثانوية العامة وطالباتها، بواقع (100) من الطلاب، و(100) من الطالبات، وهم من موزعين کما يلي:

أ- (100) من الطلاب، بواقع (50) من طلاب القسم الأدبي، ومثلهم من طلاب القسم العلمي، بمتوسط عمر (17.57) عام، وبانحراف معياري قدره (2.94).

ب-(100) من الطالبات، بواقع (50) من طالبات القسم الأدبي، ومثلهن من طالبات القسم العلمي، وجميع أفراد العينة من الطلاب والطالبات ينتمون لمناطق المنتزة، وشرق، ووسط التعليمية، بمتوسط عمر (17.48) عام، وبانحراف معياري قدره (2.52).

ب- عينة تحديد عناصر المجال:

تکونت عينة تحديد عناصر المجال من طالب (س)، وطالبة (ص)، وقد استخدمهما الباحث کنموذج بين من خلاله الطريقة التي اتبعها لتحديد عناصر المجالات التي حدد فيها أفراد عينة المکون الکيفي والکمي من الجنسين آمالهما وأهدافهما المستقبلية. 

وهما (س، ص)، يدرسان بالصف الثالث الثانوي، لأنهما الأقرب من الانتهاء من مرحلة الثانوية العامة، والالتحاق بالجامعة، وهما بهذا الشکل على أعتاب مرحلة انتقالية يضعان فيها أهدافهما المستقبلية، بداية من إعداد أنفسهما للالتحاق بالجامعة، واستئناف المزيد من مراحل التعليم، وصولا في النهاية إلى التخرج، والاندراج في سلم الحياة العملية بکافة صورها، وبکل ما تتضمنه من صعوبات، وضغوط حياتية، ومهنية، وأسرية، واقتصادية، ومجتمعية، وغير ذلک مما قد يجابه الشخص في معترک حياته التي يحياها.

ج- عينة المستوى الاقتصادي – الاجتماعي:

تکونت تلک العينة من (118) طالب وطالبة من أصحاب المستوى الاقتصادي المنخفض، وعدد (82) طالب وطالبة من أصحاب المستوى الاقتصادي المرتفع، وجميعهم من أفراد عينة التحليل الکيفي والکمي.

ثالثًا: إجراءات التطبيق:

قام الباحث بتطبيق أداتي الدراسة تطبيقًا جمعيًا، وذلک على جميع أفراد عينة الدراسة من الطلاب والطالبات، وقد کان التطبيق يتم داخل الفصول الدراسية بعد استئذان إدارة المدارس التي تم فيها التطبيق، وکذلک مدرسين الفصول.

ثبات أداة الدراسة:

قام ((Clare, M. Mehta, 2008 بحساب ثبات استبانة التقييم، وذلک بحساب درجة الاستبانة لکل مجال من خلال أخذ متوسط البنود في المقياس، وکانت معاملات ألفا – کرونباخ للمسار المهني (0.60)، ومسار الزواج (0.66)، ومسار إنجاب الأطفال (0.63).

وفي الدراسة الحالية قام الباحث بحساب معاملات ألفا – کرونباخ، لمکونات استبانة التقييم، وذلک على عينة من المراهقين من طلاب الثانوي (ن = 50)، وأخرى من المراهقات من طالبات الثانوي     (ن = 50)، وفيما يلي عرض لتلک البيانات:

جدول (......)

معامل ثبات ألفا- کرونباخ لمسارات استبانة التقييم العام

مسارات استبانة التقييم العام

معاملات ألفا- کرونباخ لدى المراهقين من طلاب الثانوي (ن = 50)

معاملات ألفا- کرونباخ لدى المراهقات من طالبات الثانوي(ن = 50)

العمل والمهنة

0.82

0.81

الزواج

0.68

0.75

الأطفال

072.

0.78

أسئلة التقييم العام

0.85

0.81

نتائج الدراسة ومناقشتها:

يعرض الباحث فيما يلي لعناصر نتائج الدراسة الحالية، وذلک على النحو التالي:

(أ): نتائج التساؤل الکيفي:

فيما يلي يتناول الباحث النتائج المتعلقة بالتحليل الکيفي، وذلک على النحو التالي:

1.   خطوات التحليل الکيفي، وهي تنقسم إلى ما يلي:

                  ‌أ-  قراءة ما دون الجنسين.

                ‌ب-                    کيفية تحديد عناصر المجالات.

                 ‌ج- تحديد عناصر المجالات الرئيسية.

                 ‌د- تحديد المجالات.

                 ‌ه- حساب کثافة المجالات.

2.    التحليل الکيفي للمشارکين من الجنسين.

3.    الفروق بين الجنسين في الامتداد الزمني المستقبلي لهما في ضوء بعض المتغيرات الديموجرافية، وهي تتضمن ما يلي:

                 ‌أ-  الفروق ضوء المستوى الاقتصادي – الاجتماعي للطبقات المرتفعة والدنيا "الأغنياء والفقراء".

                ‌ب- الفروق في مجال الفروق بين الجنسين في الامتداد الزمني المستقبلي.

                ‌ج- الفروق في مجال الصف الدراسي "الأکبر والأصغر سنًا" من الجنسين.

                 ‌د-  الفروق في کثافة المجالات وامتدادها الزمني لدى الجنسين.

(ب): نتائج الفرض الکمي:

تُناقش نتائج الفرض الکمي في ضوء ما يلي:

أ- الفروق بين الجنسين في مسار العمل والمهنة.

ب-الفروق بين الجنسين في مسار الزواج.

ج-الفروق بين الجنسين في مسار الأطفال

د-الفروق بين الجنسين في أسئلة التقييم العام

وفيما يلي يناقش الباحث نتائج دراسته، وذلک على النحو التالي:

أولاً: النتائج الخاصة بالتحليل الکيفي

1-خطوات نتائج التحليل الکيفي:

في ضوء ما سبق وتقدم، قام الباحث بتقسيم النتائج المرتبطة بالتحليل الکيفي إلى عدة خطوات هي:

الخطوة الأولى: قراءة ما دون الجنسين:

هذه المرحلة تضمنت القراءة المتعمقة لکل سطر سطره کل فرد من أفراد عينة الدراسة الحالية، والذي يتضمن تعبيره عن أهدافه أو آماله التي يتوقعها مستقبلًا، والتي يخطط من أجلها، کي يحقق في النهاية جُملة آماله التي ينشُدها، وقد تم ترقيم کل سطر من السطور التي جاءت بما سرده الفرد، وذلک إذا کان السطر يتضمن هدفًا واحدًا، أما إذا تضمن السطر أکثر من هدف أو أمل، فإنه يتم تقسيم هذه الآمال أو الأهداف على سطرين أو أکثر حسبما جاء فيما هو مکتوب.

الخطوة الثانية: کيفية تحديد عناصر المجالات

يعرض الباحث فيما يلي نموذجين، الأول لأحد أفراد العينة من المراهقين، والثاني للمراهقات، والنموذجان يوضحان کيفية تحديد عناصر المجالات، والتي من خلالها يمکن التعرف إلى أهم المجالات أو الميادين التي تشغل بال کل عينة من عينات الدراسة، وتمثل في الوقت ذاته نقاط مهمة باعتبارها آمال أو أهداف مستقبلية يأملان في الغد القريب أو البعيد تحقيقها، وفيما يلي يعرض الباحث لهذين النموذجين:

أولاً: نموذج "س"

أتطلع في المستقبل أن أکون ذي شأن في المجتمع من خلال آمال وتطلعات أتمنى تحقيقها، (1) فعلى المستوى الشخصي أتمنى أن ألتحق بکلية التجارة إنجليزي، (2) وأن أکون رجل أعمال ناجح في سن (32) سنة، (3) وأن يکون لي دور في خدمة بلدي مصر، وفي ازدهارها من خلال شرکة المقاولات التي سوف أسعى إلى تحقيقها في المستقبل، والتي أتمنى أن تصبح من أکبر شرکات المقاولات في مصر، (4) وعلى المستوى الشخصي أيضًا أتمنى أن تکون لي زوجة صالحة تساعدني، وتشجعني على تحقيق أهدافي في المستقبل في سن 28 سنة، (5) أما على المستوى العام، فأتمنى أن أرى کل أقاربي وأصدقائي في حالة جيدة وفي سعادة.


ثانيًا: نموذج "ص"

(1) أذاکر بجدية من أجل أن أحصل على مجموع مرتفع في نهاية السنة حتى التحق بالکلية التي أتمناها، ثم بعد ذلک أکمل دراستي في الماجستير والدکتوراه مثل أبي، (2) وإذا لم يحدث هذا، فأتمنى أن أعمل في مکان يناسب مؤهلي بعد التخرج، (3) ومن أهدافي أن أجد شريک الحياة المناسب، وأن تکون أفکاره مثل أفکاري، ويکون طموح، وذلک في عمر (21 أو 22) سنة، (4) أتمنى أن أنجب منه طفلان (ولد وبنت) في عمر (23- 25) سنة، (5) وأتمنى أن يکون ربي راض عني، وحين أکبر ويکون معي مال أن أقوم بعمل عمرة أو حج أنا وزوجي وأبي وأمي.

الخطوة الثانية: تحديد عناصر المجالات الرئيسية

في هذه الخطوة، قام الباحث بتحديد المجالات الرئيسية لدى کل جنس على حده من مجموع أفراد عينة الدراسة، ومثال ذلک نموذج "س" و "ص"، وذلک على النحو التالي:

عناصر نموذج "س"

النقاط الخمس التي سبق ترقيمها في نموذج "س" کانت على النحو التالي:

(1) مجال التعلم، (2) مجال العمل والمهنة، (3) مجال الاهتمامات المجتمعية "مصر"(4) مجال الزواج والأسرة، وأخيرًا (5) مجال الاهتمامات المرتبطة بالغير.

عناصر نموذج "ص"

أما النقاط الخمس التي سبق ترقيمها في نموذج "ص" کانت على النحو التالي:

(1) مجال التعليم، (2) مجال العمل والمهنة، (3) مجال الزواج والأسرة، (4) مجال إنجاب الأطفال، (5) مجال الاهتمامات الدينية.

الخطوة الرابعة: تحديد المجالات

بعد تقسيم الباحث للعناصر المسردة لدى کل جنس من المراهقين والمراهقات، قام بدمج العناصر الرئيسية المتشابهة، والتي تشير إلى مجال محدد بعينه، وبالتالي تم تحديد أهم المجالات التي ذهبت إليها آمال الجنسان وأهدافهم، وهذه المجالات تنقسم إلى ما يلي.

(1) مجال التعلم.

(2) مجال العمل والمهنة.

(3) مجال الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال.

(4) مجال الاهتمامات الذاتية "الشخصية"

(5) مجال الاهتمامات المرتبطة بالغير

(6) مجال الاهتمامات المجتمعية الداخلية "مصر"

(7) مجال القضايا الخارجية.

(8) مجال الاهتمامات الدينية.

(9) مجال الخدمة العسکرية.

وجدير بالذکر الإشارة إلى أن أحد هذه المجالات وهو مجال "الخدمة العسکرية" لم يأت ذکره فيما سردته المراهقات عن آمالهن المستقبلية وأهدافهن ، کذلک لم يجد الباحث أية إشارة تتعلق بآمالهن في مجال "القضايا الجمعية الخارجية"، وبالتالي يکون عدد المجالات المسردة لديهن مساويًا لسبع مجالات.

وفيما يلي يعرض الباحث نماذج أو عينات مما سرده الجنسان کل على حدة:

جدول (1) عدد من آمال المراهقين المستقبلية وأهدافهم

المجالات

أمثلة من الموضوعات الرئيسية

عينة من الآمال

1- التعليم.

المجموع المرتفع. الالتحاق بالجامعة. دخول کليات معينة. مواصلة التعليم بعد الجامعي. التخصص في مجال محدد.

أتمنى أن أحصل على مجموع مرتفع يساعدني في دخول الجامعة التي أريدها. أنمنى دخول کلية الطب- الهندسة ..الخ، أتمني أن أحصل على الماجستير والدکتوراة. أتمنى أن أعمل في المجال الذي سأتخصص فيه.

2- العمل والمهنة.

وظيفة حکومية مثل مدرس تاريخ. رجل أعمال. مدرب کرة قدم. مدير مشروع. صاحب عيادة أو شرکة تجارية أو هندسية أو برمجيات، محاسب، نقاش... الخ

أتمنى أن أکون مدرس تاريخ......الخ، أن أکون رجل أعمال مشهور، أن أکون رئيس بنک. أن أکون صاحب  شرکة استيراد وتصدير. أن أعمل نقاشًا وأطور مهنة النقاشة.

3- الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال.

بنت الحلال. زوجة صالحة. أسرة سعيدة. حياة أسرية هادئة. إنجاب أطفال.

أتمنى أن أتزوج زوجة صالحة، وأن أنجب أطفال صالحين. أن يرزقني الله ببنت الحلال التي تحافظ علي، وتساعدني في الحياة. أن أعيش حياة زوجية سعيدة.

4- الاهتمامات الذاتية "الشخصية".

مستوى معيشي متقدم، الثراء، امتلاک "سيارة-عمارة". ذو شأن. النفوذ والسلطة. مستقبل علمي متميز.

أتمنى أن أحقق لنفسي مستوى معيشي متقدم. أن أحقق ثروة کبيرة. أن يکون لدي سيارة... الخ، أن أکون من أصحاب السلطة والنفوذ. أن يکون لي مکانة ومستقبل علمي متميز بين الناس.

5- الاهتمامات المرتبطة بالغير.

حب الناس. انتشار العدل. القضاء على البطالة. فرص عمل للناس.

أتمنى حب الناس لي. أن ينتشر العدل بين الناس. أتمنى أن يجد کل فرد فرصة عمل. ألا تکون هناک بطالة.

6- الاهتمامات المجتمعية الداخلية "مصر".

حفظ مصر من کل سوء. مصر في مصاف الدول المتقدمة. تحسن أحوال مصر الاقتصادية. نجاح الثورة. القضاء على البلطجة والرشوة. رجل صالح يحافظ على حقوقنا. 

أتمنى أن يحفظ الله مصر من کل سوء. أن تتقدم مصر. أن تتحسن أحوال البلاد. ألا تکون هناک رشوة. أتمنى القضاء على البطالة. أتمنى أن يحکم مصر رجل صالح لا يظلمنا ويحافظ على حقوقنا.

7- القضايا الجمعية الخارجية.

انتشار السلام في العالم. تحرير فلسطين والمسجد الأقصى. تحسن البلاد العربية.

أن يعيش العرب في سعاة

أتمنى أن يسود السلام في العالم. أن تتحرر فلسطين والمسجد الأقصى من يد اليهود. أن يعيش العرب في سلام ورخاء.

8- الاهتمامات الدينية

التقرب لله. الحفاظ على الدين. رضاء الوالدين. الالتزام بالدين. القضاء على الفتنة الطائفية.

أتمنى أن أکون قريب من الله. أن أحافظ على ديني. أن أحافظ على الصلاة. المسلمون والمسيحيون إخوان في الوطن، وألا تکون هناک فتنة بينهما

9- الخدمة العسکرية.

عدم دخول الجيش.

أتمنى ألا أدخل الجيش.

 

 

جدول (2)

 عدد من آمال المراهقات المستقبلية وأهدافهن

المجالات

أمثلة من الموضوعات الرئيسية

عينة من الآمال

1- التعليم

نفس ما لدى المراهقين تقريبًا.

نفس ما لدى المراهقين تقريبًا.

2- العمل والمهنة

وظيفة حکومية مثل "موظفة ببنک أو مدرسة إنجليزي". صحفية. السياحة والترجمة. طبيبة. رائدة فضاء. ممثلة. مذيعة. محامية. صيدلانية.

أتمنى أن أعمل موظفة ببنک ...الخ، أتمنى أن أعمل بمجال السياحة والترجمة. أن أصبح مذيعة لامعة... الخ، أن أکون محامية لا يصعب عليها أي قضية، وأصيب المحکمة التي أخلها بالرعب.

3- الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال

زوج صالح يتقي الله. إنجاب بنين وبنات. رعاية الزوج والاهتمام به. حب الزوج وتقديره. أسرة سعيدة. أم وزوجة مثالية.

أتمنى أن يرزقني الله برجل صالح يتقي الله فيّ، وأن يخاف عليّ. أتمنى أن يکون لي أولاد وبنات. أن يحبني زوج المستقبل، وأن يقدرني ويحترمني. أتمنى أن أکون أم مثالية وزوجة مثالية في المستقبل

4- الاهتمامات الذاتية "الشخصية"

حياة مادية ميسورة. بنت ممتازة وجذابة. مکانة مرموقة. الابتعاد عن المشاکل. تحقيق الأمنيات.السعادة وراحة البال.

أتمنى أن أعيش حياة مادية ميسورة. أن تکون لي مکانة طيبة بين الناس. أتمنى أن أکون فتاة جذابة. أن يبعد الله عني المشاکل في المستقبل. أن أحقق أمنياتي وأعيش في سعادة وراحة بال.

5- الاهتمامات المرتبطة بالغير

حقوق النساء. مساعدة المرضى والمحتاجين. القضاء على البطالة. انتشار الحب والصداقة بين البشر.

أتمنى أن تنال النساء حقوقها. أن أساعد المرضى والمحتاجين والمساکين، أتمنى عدم وجود بطالة. أن ينتشر الحب والسعادة والصداقة بين الناس.

6- الاهتمامات المجتمعية الداخلية "مصر"

مصر دولة مستقلة. القضاء على البلطجة. تطور المنتج المحلي. مصلحة مصر. ارتفاع مستوى التعليم والصحة في مصر. خدمة مصر. انخفاض الأسعار.

أتمنى أن تعيش مصر مستقلة أن نقضي على البلطجة. أن تتحسن البضاعة المصرية. أن يعمل الکل من أجل مصلحة مصر. أتمنى أن يرتفع مستوى التعليم في مصر، وأن تتحسن الخدمات الصحية.

7- الاهتمامات الدينية

الالتزام بالدين. رضاء الله والوالدين.القضاء على الفتنة الطائفية.

أتمنى أن يرضى الله عني. أن ينتشر الدين في قلوب الناس. أن يعرف المسلمون حقوق المسيحيين. ألا تکون هناک فتنة طائفية.

الخطوة السادسة: حساب کثافة المجالات

تم حساب کثافة کل مجال من المجالات التسعة السابقة، ثم حُسب کل مجال من مجالات الأهداف أو الآمال المستقبلية السابق ذکرها، وذلک بقسمة عدد وحدات المجال الواحد على إجمالي عدد الوحدات، ثم بعد ذلک يتم حساب الآمال أو الأهداف لکل مجال بشکل منفصل، وفيما يلي عرض لخطوات حساب کثافة المجالات التي سار عليها  الباحث:

(أولاً): تم تصنيف کل وحدة مما سرده الجنسان عن آمالهم في مجالات حياتهم المستقبلية، کالتعليم والعمل وغيرها، وقد عمد الباحث إلى اختيار الجمل أو العبارات - بدءًا من أصغر جملة أو عبارة - التي کان لها معنى فقط،

 (ثانيًا): تم تصنيف تلک الآمال أو الأهداف في ضوء تقسيم المجالات السابق ذکرها، بمعنى أنه إذا سرد أحد الأفراد من الجنسين عدد (10) آمال له، وصنف (3) منها على أنها متصلة بمجال التعليم، تکون إذن کثافة تلک الآمال هي (0.30)، وإذا کان إجمالي عدد مجالات الأهداف والآمال المستقبلية مساويًا لعدد (6 مجالات) هي على سبيل المثال: (أ) مجال التعليم، (ب) مجال الخدمة العسکرية، (ج) مجال العمل والمسار المهني، (د) مجال الاهتمامات الذاتية، (هـ) مجال الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال، (و) مجال الاهتمامات المجتمعية الداخلية "مصر"، إذن ستکون نتيجة تحليل الکثافة لهذه الفئة الشاملة هي: (0.60)، وفيما يلي بيان لکثافة کل مجال من المجالات السابقة لدى کل المراهقين (9 مجالات)، والمراهقات (7 مجالات):

1-حساب کثافة مجال التعليم:

سرد المراهقون عدد (1800) هدفًا تعليميًا، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهم (0.12)، بينما سردت المراهقات عدد (1900) هدفاً تعليميًا ، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهن (0.14).

2-حساب کثافة مجال العمل والمهنة

سرد المراهقون عدد (2200) هدفًا مرتبطًا بالعمل والمهنة، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهم (0.15)، بينما سردت المراهقات عدد (2100) هدفًا مرتبطًا بالعمل والمهنة، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهن (0.16 ).

3-حساب کثافة مجال الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال

سرد المراهقون عدد (2000) هدفًا مرتبطًا بمجال الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهم (0.14)، بينما سردت المراهقات (2500) هدفًا مرتبطًا بالمجال ذاته ، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهن (0.19).

4- حساب کثافة مجال الاهتمامات الذاتية "الشخصية"

سرد المراهقون د (2400) هدفًا مرتبطًا بمجال الاهتمامات الذاتية، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهم (0.17)، بينما سردت المراهقات عدد (2000) هدفًا مرتبطًا بالمجال ذاته، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهن (0.15).

5- حساب کثافة مجال الاهتمامات المرتبطة بالغير

سرد المراهقون عدد (1400) هدفًا مرتبطًا بمجال الاهتمامات المرتبطة بالغير، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهم (0.10)، بينما سردت المراهقات عدد (1700) هدفًا مرتبطاً بالمجال ذاته، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهن (0.13).

6- حساب کثافة مجال الاهتمام بالقضايا الداخلية (مصر)

سرد المراهقون عدد (1900) هدفًا مرتبطًا بقضايا بلدهم، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهم (0.13)، بينما سردت المراهقات عدد (1600) هدفًا مرتبطًا بالمجال ذاته، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهن (0.12).


7- حساب کثافة مجال الاهتمامات الدينية

سرد المراهقون عدد (1200) هدفًا مرتبطًا بالاهتمامات الدينية، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهم (0.08)، بينما سردت المراهقات عدد (1300)، هدفاً مرتبطاً بالمجال ذاته ، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهن (0.10).

8- حساب کثافة مجال الاهتمام بالقضايا العالمية (المجتمع الخارجي)

سرد المراهقون عدد (800) هدفًا مرتبطًا بالقضايا العالمية، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لدى الأولاد (0.06). ولم تذکر المراهقات أية أهداف مرتبطة بهذا المجال.

9- حساب کثافة مجال الخدمة العسکرية:

سرد المراهقون(500) هدفًا مرتبطًا بمجال الخدمة العسکرية، وبالتالي تکون کثافة هذا المجال لديهم (0.04)، ولم تذکر البنات أية أهداف مرتبطة بهذا المجال.

2: التحليل الکيفي للمشارکين من الجنسين:

بعد تحليل البيانات التي قام الباحث بجمعها من عينتي الدراسة من المراهقين والمراهقات، أمکن استنباط خمسة مجموعات أساسية لدى الجنسين هي: الأهداف، والاعتبارات العملية، والأسرة والقدوة، والمعوقات، والعوامل المساعدة، وفيما يلي نعرض لهذه المجموعات، وذلک على النحو التالي:

أولا: بالنسبة لعينة المراهقين

(أ): الأهداف:

هناک تسعة أفکار رئيسية تکون مجموعة الأهداف التي تشغل بال المراهقين وهى - کما سبق وتقدم – التعليم، والعمل والمهنة، والزواج والأسرة وإنجاب الأطفال، والاهتمامات الذاتية "الشخصية"، والاهتمامات المرتبطة بالغير، والاهتمامات المجتمعية الداخلية "مصر"، والقضايا الجمعية الخارجية، والاهتمامات الدينية، وأخيرًا الخدمة العسکرية.

وقد ذکر عدد من أفراد العينة مجال أو موضوع التعليم والذي تمثل في رغبتهم في الحصول على مجموع مرتفع يساعدهم على دخول الکلية التي يرغبونها (الصيدلة – الأسنان – الطب – التجارة – الآداب – الهندسة..... الخ)، وقد عبر عدد أخر عن رغبتهم في التخرج من الجامعة للحصول على الماجستير ثم الدکتوراه، وقد ذکر أحد أفراد العينة أنه يرغب في أن يحصل على الدکتوراه من فرنسا (مثل أبيه)، وبالنسبة لمجال العمل والمسار المهني، فقد سرد عدد کبير من أفراد العينة المسار المهني الذي يأملون أن يکونوا عليه، والذي يتماشى مع أهدافهم الرئيسية الأخرى في الحياة، فهذا هدفه أن يحصل على شهادة البرمجة، وأن يکون مبرمج في "ميکروسوفت"، وذلک تمنى أن يکون طبيب ناجح مرموق، وأخر من أهدافه أن يکون مهندس مساحة أو موظف ببنک (أحد أفراد العينة ذکر أنه يرغب أن يکون موظفا في البنک الأهلي المصري)، بينما کانت أهداف غيرهم أن تکون لهم شرکة محاسبة والعمل في مجال التجارة، أو معمل تحاليل، أو مدرب کرة مُعتمد، أو العمل کمستشار بمجلس الدولة، وکان من أطرف ما سرده أفراد العينة أن احدهم لم يتطلع أن يکون مساره المهني في مجال الطب أو الصيدلة، أو غير ذلک من المهن التي يتطلع إليها الأغلب أو الأعم من الطلاب بشکل عام سواء في الثانوي أو في أي مراحل أخرى تعليمية لاحقة، فقد کان هدفه أن تکون مهنته المستقبلية "مهنة النقاشة"، وأنه لديه الرغبة في تطوير تلک المهنة بشکل مختلف عن الشکل التي هي عليه الآن، وقد اکتفى عدد من أفراد العينة بعدم تحديد نوعية المسار المهني الذي يرغبون في العمل به مستقبلاً، حيث أکدوا على أن من أهدافهم أن يحصلوا على عمل جيد يسهم في تکوين حياتهم ومستقبلهم حتى يضمنوا لأنفسهم وأولادهم مستقبل جيد، ومن تلک العينة أيضًا من ربط مساره المهني المستقبلي بالسفر إلى دول الخليج للعمل بها، وأن يکون من أکبر مستشاري التسويق بالوطن العربي في سن (35) سنة.

وفيما يتعلق بالأهداف الخاصة بالزواج وتکوين الأسرة وإنجاب الأطفال لدى الأولاد، فقد انحصرت أهدافهم في الزواج من زوجة صالحة ذات خُلق ودين، زوجة ترعى الله فيهم، وأن تکون عون لهم في المستقبل، وبالنسبة لإنجاب الأطفال، فهناک من عبر عن رغبته في إنجاب الأطفال من الذکور والإناث، وهناک من لم يشر إليهم على الإطلاق فيما عبروا عنه في هذا الصدد، وفيما يتعلق بشأن إنجاب الأطفال أيضًا، فقد ذکر عدد من أفراد العينة أنهم يرغبون في إنجاب أطفال کي يعلمونهم أحسن تعليم (في مدارس لغات على سبيل المثال)، وأن يکون حظ أولادهم في المستقبل أفضل مما هو الآن بالنسبة لهم.

وعلى صعيد العلاقات العاطفية المتضمنة في مجال الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال، فقد ذکر عدد قليل من أفراد العينة أن يرغبون في الزواج بمن أحبوها وتعلقوا بها وجدانيًا، أو أن يقابلوا في المستقبل فتيات يشارکوهن حياتهم العاطفية، ويسهمن معهم في بناء الأسرة وإنجاب الأطفال، وبالنسبة لمجال الاهتمامات الذاتية "الشخصية"، فقد تباين ما سرده جميع أفراد العينة، وإن کان بينهما قدر من التشابه، فهؤلاء من أهدافهم أن يحکموا مصر في المستقبل، وأن يجعلوها سيدة العالم، وهؤلاء رغبتهم الکبرى تتمثل في تحرير بيت المقدس من أيدي اليهود، بينما عبر عدد أخر عن أمنياتهم في أن يکونوا من أصحاب السلطة والنفوذ، بينما أيضا کان تعبير عدد أخر منهم متمثلاً في أن تکون لهم شهرة واسعة، ومکانة مرموقة في المجتمع، وأن يعيشوا في وطن نظيف ومحترم، وان يعيشوا حياة طيبة.

وکان من أطرف ما عبر عنه أحد أفراد العينة، أنه ذکر أن من أهم اهتماماته الشخصية أن يکون له مستقبل بسيط (لست طماعَّا، هکذا عبر)، کل ما أريده فقط الاستقرار، أريد شقة صغيرة، أو بيت متواضع، ووظيفة ثابتة، لا أريد سيارة أو عمارة، کل ما أريده الاستقرار فقط، وأن أعيش في مجتمع خال من المشکلات والفساد والظلم، ومن أطرف ما عبر عنه أيضًا أحد أفراد العينة، أنه يرغب في أن يحقق لنفسه مستوى معيشي متقدم، وأن يُجدِد أو يحُدِث "التوک توک" الذي اشتراه له والده، وهناک ثالث عبر عن رغبته في أن يفتتح صالون حلاقه رجالي متطور، وأن يکون متوسط دخله الشهري (2500) جنيه.

 وعلى صعيد الاهتمامات المرتبطة بالغير ما عبر عنه عدد من أفراد العينة من أنهم يرغبون في أن يکونوا محبوبين من الناس، وأن يکون کل أقاربهم وأصدقائهم في حالة جيدة وسعادة، وأنهم يتمنون أن يحققوا العدالة الاجتماعية بين الناس، وأن يکونوا مفيدون للمجتمع، کذلک عبر عدد أخر عن أنهم لا يفکرون في مستقبلهم فقط، ولکن لشباب آخرون مثلهم، فهم يفکرون أن يوفروا للغير السکن، وأن يقضوا على البطالة، وأن يرفعوا مستوى المعيشة والتعليم، وأن يکون هناک اهتمام بالموهوبين من صغار السن خصوصًا في مراحل التعليم الأساسي، وهناک من أفراد العينة من عبر عن رغبته في أن يبني مستشفى خيري لعلاج أطفال بلده من مرض السرطان، وأخر تمنى أن تقوم الدولة بمساعدة الشباب في إنشاء مشاريع خاصة بهم، مثل أن تعطيهم الدولة أرض يزرعونها، وأن يمدوهم بالخبرة والإمکانات اللازمة التي تسهم في نجاحاتهم بما يعود بالنفع في النهاية على مصر.

وفيما يتصل بمجال القضايا الجمعية (على مستوى العالم الخارجي)، فقد ذکر عدد قليل من الأفراد عن رغبتهم في أن تتحرر "فلسطين" على وجه الخصوص، وأن تنتهي الکوارث والمجاعات في العالم، وأن يسود السلام کل أرجاء العالم، بينما فيما يتصل بمجال الاهتمامات المجتمعية الداخلية (مصر)، فقد تجلى ذلک واضحًا في تعبيراتهم التي سردوها عن بلدهم، والتي تمثلت في أنهم يودون في أن يتحقق الرخاء والتقدم لمصر، وأن يحفظها الله، وأن يُعلى الله من شأنها (خلال عامين کما ذکر أحد أفراد العينة) بين الأمم.

وبالنسبة لمجال الاهتمامات الدينية فقد تباينت الأهداف والآمال، فالبعض تمنى أمنية دينية على المستوى الشخصي مثل أن يکون الله راض عنهم، وأن يحافظوا على دينهم، وأن يتقربوا إلى الله بکل جوارحهم، والبعض الأخر ذکر أن من أهدافه المستقبلية أن يُسهم في سفر الوالدين أو أحدهما إلى الحج أو العمرة، وهناک عدد أخر من أفراد العينة لم تکن لهم اهتمامات دينية على الإطلاق، وأخيرًا نأتي لمجال الخدمة العسکرية، وهو ما ظهر لدى المراهقون  دون المراهقات، فقد عبر عدد غير قليل من أفراد العينة عن عدم رغبتهم في الالتحاق بالجيش أو الخدمة العسکرية، غير أن منهم ذکر أنه يأمل بعد الثانوية العامة الالتحاق بالکلية الجوية أو الکلية البحرية.

(ب): الاعتبارات العملية

تمثلت الاعتبارات العملية في فکرتين أساسيتين هما: الأمور المالية، والمکان، فقد عبر عدد غير قليل من الأولاد عن أمنياتهم في أن يعيشوا حياة مستقرة ماليًا، وأن يکونوا من الأغنياء، أو أن تکون لديهم ثروة تمکنهم من تحقيق أي شيء يريدونه، وبالنسبة للمکان فقد تمنى عدد کبير أيضًا من الأولاد أن يسافروا للخارج بعد التخرج من الجامعة (أسوة بإخوانهم أو أقاربهم) للعمل في البلاد العربية أو الأجنبية، نظراً لتدني المرتبات والأجور في مصر، وعدم تقدير الناس ماديًا بما يستحقونه، کذلک فالسفر سوف يسهم سريعًا في أن يجمعوا المال الذي يمکنهم من بناء مستقبلهم على نحو أفضل، وکذلک الزواج، وإنجاب الأطفال، وهناک من ذکر أنه يريد أن يترک مصر بعد الانتهاء من التعليم الجامعي، للالتحاق بالجامعات الأجنبية التي سوف تسهم في مساعدتهم في إکمال تعليمهم ما بعد الجامعي، وهو ما سبق وتقدم الإشارة إليه من قبل.      

(ج): أفراد الأسرة والقدوة

يجدر بنا قبل أن نعرض للمجموعة الثالثة المستنبطة من التحليل الکيفي للمشارکين في الدراسة من الأولاد، وهي مجموعة أفراد الأسرة والقدوة باعتبارها من العوامل المؤثرة في توجه المراهقون نحو المستقبل، أن نبين أن هناک صلة غير مباشرة بين عملية التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الفرد في الأسرة وبين توجهه نحو المستقبل (Trommsdorff, 1983)، والدراسات والبحوث العديدة التي أجريت في هذا الصدد، أکدت على دور الأسرة الفعال في توجه الأفراد نحو اختياراتهم المستقبلية في عديد من الأمور الحياتية المستقبلية، والثقافية، والاجتماعية، ومن هذه الأمور النماذج الوالدية التي تبين أنها تلعب دور حيوي في تشجيع الأبناء على مواصلة الإنجاز الدراسي، وتکوين الدافعية نحو الإنجاز الأکاديمي، (Mizra and Somers, 2004)، کما تبين أن سلوک الوالدين – خاصة المتعلق بالخيارات الزمنية المستقبلية – يؤثر على السلوک الاقتصادي المستقبلي لأطفالهم، وکذلک البالغين منهم، وذلک عندما يناقش الوالدين مع الأطفال أمور أو موضوعات الأسرة المالية (Webley and Nyhus, 2006) کذلک تبين أن أهداف المراهقين وتوقعاتهم لمستقبلهم، إنما تشکلها الأسرة، والأفراد داخلها من الذين لهم دور مهم ومؤثر في حياة المراهقين (Honora, 2002)، بل تبين أن سلوک المراهقين أصحاب التوجه نحو المستقبل، إنما يتأثر بشدة حين يکون بالأسرة إخوة منحرفون أو أخوات منحرفات، کما تبين أن المراهقين يتأثرون بمعتقدات الوالدين المستقبلية، فأهدافهم المستقبلية وتقديراتهم المحتملة خصوصًا في مجال الحياة والأسرة، والعمل والمسار المهني، والعلاقات الاجتماعية تتأثر تمامًا بتوجهات الوالدين وما يقدمونه من مساندة اجتماعية لأبنائهم، الأمر الذي يسهم في وضع خططهم المستقبلية، وتقديراتهم المحتملة لمجالات حياتهم المستقبلية. (Malmberg, Ehrman, and Lithen, 2005)، ويرى المراهقون من الجنسين أن المناخ الأسري والمدرسي، وما تقدمه الأسرة من مساندة اجتماعية، إنما يسهم بشکل مباشر في توجههم نحو المستقبل، وفي اتجاهاتهم نحو التنافس، والنجاح، وتجنب الفشل، والعلاقة مع الأقران. (Jambori, 2004).

 هذا وتشير نتائج أحد الدراسات إلى أن إدراک المراهقون بخصوص ما يتحصل عليه والديهما من أموال، وبخصوص توجيهيهم الذاتي، والضغوط التي يتعرضون لها، تُعد عاملًا مهمًا في التنبؤ بمدى إيجابية أو سلبية تصورهم للمستقبل، وتدعم الدراسة دور الدعم الوالدي کعامل له تأثير مباشر في توجه أولادهم المراهقين نحو المستقبل، وأکدت الدراسة أيضًا على أن إدراک المراهقين لطبيعة وظيفة والديهما تکون مرتبطة بکيفية تفکيرهم في مستقبلهم، ومما کشفت عنه الدراسة أن إدراک الأولاد المراهقون بأن والديهما يتحصلان على فوائد ومزايا في العمل، وأنهما يعانيان ضغوطاً أقل في وظائفهما، کل هذا يسهم في جعلهم أکثر تفاؤلاً وأملاً في مجالات حياتهم المستقبلية خصوصًا في مجال مستقبلهم التعليمي والمهني. (Neblett and Cortina, 2006)، ولا يتوقف الأمر على الدعم الأسري، فقد تبين أن المساندة الاجتماعية التي يتلقاها المراهقون من أقاربهم الذين ينتمون لأسرهم، وکذلک اهتمامات الأم على وجه الخصوص تسهم في توجه المراهقين نحو المستقبل (McCabe and Barnett, 2000"b").

وقد بينت أحد الدراسات أن المناخ الأسري الجيد الذي ينشأ فيه المراهقون يسهم بشکل فعال في ثلاثة مظاهر من مظاهر التوجه نحو المستقبل هي المظهر المعرفي (وضوح وضع الخطط المستقبلية)، والمظهر الوجداني (التوجه نحو المستقبل بشکل تشاؤمي أو تفاؤلي) والمظهر الدافعي (الواقعية وغير الواقعية فيما يتعلق برغبات الفرد في المستقبل)، وبالتالي فالأهداف الإيجابية المرتبطة بالمظاهر السابقة يلعب فيها المناخ الأسري الجيد الدور الأساسي في إبرازها. (Palkkinen, 1995).

وأخيرًا فقد تبين أن الأسلوب الوالدي المتسم بالاستقلالية – القبول فيما يتصل بالتوجه نحو المستقبل، له دور غير مباشر من حيث إنه قد يُسهل أو يعوق عمليه نمو المراهقين ويؤثر إيجابيًا على النمو النفسي لهم، کما أنه يسهم بشکل فعال في بعض مکونات التوجه نحو المستقبل لديهم والمتمثلة في دافعية التفکير في المستقبل والتمثيل المعرفي المستقبلي والسلوکيات المتعلقة به. (Seginer, Vermulst, and Shoyer, 2004).

ومما سبق يؤکد عليه عدد من أفراد عينة الدراسة، فهذا يريد أن يستمر في دراسته حتى يحصل على درجتي الماجستير والدکتوراه مثل أبيه (کنماذج للدور) وذاک يتمنى أن يواصل دراساته بالخارج مثل أخيه الذي سافر في منحة علمية تابعة لجامعته، وأخر تمنى أن يوفق في الحصول على مجموع مرتفع في الثانوية العامة من اجل أبيه وأمه، بل هناک من تمنى أن يکون رجل أعمال ناجح مثل أبيه، أو طبيب مشهور مثله، وغير ذلک کثير، لکنها تؤکد على أن دور الأسرة خصوصًا الأب والأم لا يمکن تجاهله، فهما الطريق الممهد للتوجه نحو المستقبل بشکل إيجابي، وهما اللذان يسهمان بشکل فعال ومؤثر في توجه المراهقين من الجنسين نحو المستقبل من عدمه.

وبالنسبة للقدوة، فقد أشار عدد غير قليل من أفراد العينة إلى أنهم يسعون في حياتهم القادمة، أن يکون لهم دور في خدمة العَالَم، وأن يحظون بالشهرة العلمية العالمية للعلماء الأشهر في مصر والعالم مثل "أحمد زويل" و "مجدي يعقوب"، و"مصطفى السيد"، وغيرهم ممن أتى ذکر أسماؤهم في کونهم قدوة للمراهقين، وأنهم يأملون أن يصبحوا أمثالهم في المستقبل.

(د): المعوقات:

تمثلت المعوقات التي تحول دون تحقيق أهداف المستقبل في عدد من الأفکار الرئيسية، وهى في ذات الوقت تمثل بعضًا من المخاوف المستقبلية التي يراها الأولاد بمثابة عوامل قد تحرمهم أو تعوقهم من تحقيق أهدافهم المستقبلية، وبالتالي تحول بينهم وبين تحقيق أهدافهم التي يتمنون تحقيقها في المستقبل، وهذه المعوقات تضمنت عدد من الأفکار الرئيسية هي: الأعباء الاقتصادية "المالية"، وفقد أحد الوالدين أو کليهما، والتردد في الأهداف المرتبطة بالموضوعات العلمية، فبالنسبة للمعوقات المالية أشار عدد غير قليل من أفراد العينة أن من أهم مخاوفهم المستقبلية هو ألا يتمکنوا من تحقيق أهدافهم المستقبلية وآمالهم بسبب ضعف الإمکانات المادية للأسرة، وأغلب المعوقات المرتبطة بضعف الإمکانات المادية الأسرية والتي تسبب القلق والمخاوف للأولاد، هي المرتبطة بموضوع التعليم، خصوصًا لدى طلاب القسم العلمي الذين يرغبون في الالتحاق بکليات القمة کالطب، والصيدلة، والأسنان، والهندسة على وجه الخصوص، فالدراسة بتلک الکليات تحتاج إلى إمکانات مادية تفوق بکثير إذا ما درس الطالب بکليات نظرية کالتجارة أو الآداب أو الحقوق، لذا ذکر عدد من طلاب القسم العلمي الذين حصلوا على درجات مرتفعة بالسنة الثانية الثانوي، ويأملوا أن يحققوا نفس الدرجات، أنهم يخشون من ظروف أسرهم المادية الضعيفة التي قد تقف عائق في سبيلهم للالتحاق بتلک الکليات نظراً لأنها تحتاج إمکانات مادية متقدمة على المدى البعيد، وکان مما ذکره أحد الأولاد أن والده قال له ما معناه " أختک کسرت ظهري في الثانوية، وفي کلية الطب، وأنت تزيد العبء عليّ، وتريد أن تلتحق بنفس الکلية"، بينما قال أخرما معناه "أنه يفکر في ألا يلتحق بالکلية التي يتمناها نظرًا لظروف أسرته المادية الضعيفة، حتى لا يمثل عبء عليهم".

وعلى صعيد فقد أحد الوالدين أو کليهما، فقد أکد عدد غير قليل من الأولاد أنهم يخشون من أن تقع کارثة الموت أو المرض لأحد الوالدين (الأب على وجه الخصوص)، أو کليهما، لأن هذا سيؤثر على استمرارية تعليمهم بلا شک، کما سيکون له أکبر الأثر في نوع الکلية التي يأملون الالتحاق بها مستقبلاً، أما فيما يتعلق في الأهداف المرتبطة بموضوع التعليم،  فقد أستأثر به طلاب القسم العلمي، حيث ذکروا أنهم کانوا مترددين ما بين الاستمرار في القسم العلمي، أو الانتقال للقسم الأدبي، أو التحويل من العلمي علوم إلى العلمي رياضة، وذلک لأن المجموع الذي حصلوا عليه بالصف الثاني الثانوي لم يکون على القدر الکاف الذي قد يسهم معه مجموع الصف الثالث الثانوي في الالتحاق بالکلية التي يرغبونها، لذا هناک من آثر اختصار الطريق والتحق بالقسم الأدبي، ومنهم حول من العلمي علوم للعلمي رياضة - حتى لا يخسر الاثنان کما قال أحدهم - ومنهم من ذکر أنه يأمل في أن يکون له مکان في الالتحاق بکلية العلوم ما دام مجموعه لم يکن على النحو الذي کان يريده، والذي کان سيُدخِله أحد کليات القمة التي کان يتمناها.

(هـ): الدعم الذاتي والأسري:

على الرغم مما ذکره عدد من أفراد عينة الدراسة من الأولاد من وجود معوقات مادية أو غير مادية قد تحول بينهم وبين تحقيق أهدافهم، فقد ذکر عدد منهم أنهم جادون فيما ينوون تحقيقه مهما کانت المعوقات التي قد تصادفهم (لم يحدد أکثرهم ما هذه المعوقات)، وأنهم لديهم من الثقة بذواتهم ما يجعلهم قادرين على تحقيق ما يريدون، وذکر عدد أخر (3 أفراد فقط)، ممن يخشون من ضعف الإمکانات المادية للأسرة، أنهم إذا لم تتمکن الأسرة من مساعدتهم ماديًا، فسوف يعملون إلى جوار الدراسة من أجل الوصول لأهدافهم، کذلک فقد أکد عدد من أفراد الدراسة أن ما هم فيه من تفوق إنما يرجع إلى مساندة أسرهم لهم، ودعمهم ماديًا ومعنويًا حتى يحققوا الأهداف التي رصدوها لأنفسهم.

ثانيًا: بالنسبة لعينة المراهقات

إذا کان عدد المجالات - کما سبق وذُکر - لدى المراهقون هو تسع مجالات، فالحال ليس کذلک لدى المراهقات حيث بلغ عدد المجالات لديهن سبع مجالات فقط هي: التعليم، والعمل والمهنة، والزواج والأسرة وإنجاب الأطفال، والاهتمامات الذاتية "الشخصية"، والاهتمامات المرتبطة بالغير، والاهتمامات المجتمعية الداخلية "مصر"، والاهتمامات الدينية، وهي نفس مجالات المراهقين، باستثناء مجالي القضايا الجمعية الخارجية والخدمة العسکرية، وبرغم هذا هناک مجموعات الأفکار ذاتها التي لدى الأولاد، والمتضمنة لأهم المجالات أو الموضوعات التي يتجه إليها الجنسان مستقبلاً، وهذه المجموعات هي: الأهداف، والاعتبارات العملية، وأفراد الأسرة والقدوة، والمعوقات، والدعم الذاتي والأسري. وفيما يلي عرض لکل مجموعة من المجموعات السابقة.

(1): الأهداف:

لم تتباين أهداف المراهقات التعليمية عن المراهقين على الإطلاق، فهن أيضًا يرغبن في الحصول على المجموع المرتفع الذي يؤهلن للکلية التي يرغبونها، وهن أيضا يرغبن في مواصلة مسارهن التعليمي حتى النهاية (أريد أن أتعلم حتى أخر مراحل التعليم)، ومنهن من يرغبن في الالتحاق بالکليات العملية أو النظرية حسب أو في ضوء الأهداف التي وضعنها لأنفسهن لتحقيقها مستقبلاً، ومنهن من تأمل أن تکون مثل أبيها أو أخوها الذي حصل على الدکتوراه في مجال تخصصه، وهذا يؤکد على أن الأهداف التعليمية تکاد تکون متطابقة بين الجنسين في کثير من الموضوعات المرتبطة بمجال التعلم.

وبالنسبة لأهدافهن في مجال العمل والمسار المهني فهن کالمراهقين أيضًا يرغبن في العمل وممارسة عديد من المهن، فهذه تتمنى أن تکون سيدة أعمال، وأخرى تأمل في العمل في وظيفة حکومية (کمدرسة أو محاسبة أو مُعلمة کمبيوتر أو موظفة ببنک.... الخ)، وغير ذلک من المهن التي يأمل أن يعمل بها المراهقون، غير أن هناک من المهن أو الأعمال التي رغبت فيها المراهقات ولم ترد لدى المراهقين، من هذه المهن: مهنة صحفية، مذيعة، رائدة فضاء بأمريکا.

أما بالنسبة لمجال الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال، فالأمر هنا کان به إسهاب کبير في عدد الآمال والأهداف المستقبلية مقارنة بالمراهقين، حيث لم يقتصر الأمر لديهن على الاقتران بزوج المستقبل الذي يکن لهن کل تقدير واحترام، وأن يحافظ عليهن، ويغيَّر عليهن، وأن يخاف الله ويتقيه فيهن، بل وضعن شروطًا لزوج المستقبل، مثل إلا يمنعهن من مواصلة مشوار التعليم بعد الزواج، وأن يکون اختيار الزوج بإرادتهن لا بإرادة الأسرة فقط، وأن يکون هذا الزوج ثري وتفکيره سوي، ويکون أبًا ممتازًا لأولادهن في المستقبل، کذلک، هناک عدد کبير من المراهقات تمنين إنجاب الأطفال، برزت تلک الجزئية لديهن أکثر مقارنة بالمراهقين - على وجه الخصوص حتى لا تفشل حياتهن الزوجية، فقد ذکرت إحداهن أن أختها طُلقت لأنها لا تنجب، وأخرى ذکرت أن أخيها تزوج بأخرى لأن زوجته لا تنجب، وغير ذلک من الموضوعات المتصلة بهذا الشأن، ولم تقف مسألة إنجاب الأطفال عند هذا الحد، بل هن على وجه الخصوص دون المراهقين، قد حددن جنس الجنين (ولد ونبت، ولدين وبنتين، وغير ذلک) بل ومنهن من تمنين إنجاب توائم، وهناک منهن من تمنت شکل معين لأولادها، حيث تمنت إحداهن أن يکون طفلها القادم (أبيض الشکل، شعره ناعم، عيناه خضراء)، ومنهن من حددت أسماء معينة لأولادها في المستقبل، حيث ذکرت إحداهن أنها ترغب في أن تنجب طفلين وأن يکون اسمهما "أدهم وفارس"، وعلى صعيد العلاقات العاطفية أو الوجدانية، فأغلب البنات تمنت أن تتزوج بمن تحب، وإن تعيش حياة زوجية (جميلة، کلها حب، وآمال وآمان، وصدق)، ولم يفت عدد کبير منهن التأکيد على أنهن سوف يکن أمهات مثاليات وزوجات مثاليات يساعدن أزواجهن في المستقبل على تحمل أعباء الحياة.

أما فيما يتعلق باهتماماتهن الذاتية "الشخصية"، فهن لم يرغبن في حکم مصر کالمراهقين، بل أکدن أکثر على ما يرتبط بهن ذاتيًا، فهذه تريد أن تکون بنت جذابة وناجحة في المجتمع مهنيًا واجتماعيًا، وأن تحقق النجاح والحياة السعيدة في المستقبل، وأخرى تمنت أن تحافظ دوماً على رشاقتها، وأنها من الأذکياء، وتريد أن يرى الناس ابتکاراتها العلمية حتى يراها العالم، وتحقق ثروة من خلالها، بينما أکدت ثالثة على أنها تأمل في أن تکون راضية دومًا عن نفسها، وأن تعيش حياة مستقرة وآمنة، وأن يکون لديها منزل خاص بها، وبرغم هذا فقد تماثلت بعض اهتماماتهن بذواتهن مع المراهقين في عدد من الموضوعات مثل امتلاک سيارة ومنزل، وأن تکون لديهن ثروة تساعدهن على العيش حياة کريمة.

وعلى صعيد الاهتمامات المرتبطة بالغير، نجد أن اغلب موضوعاتهن قد اتسمت بالجوانب الوجدانية والعاطفية السامية والمتصلة بالغير سواء من الناس أو الأقارب، فهذه تمنت أن يرزق الله أختها بالزوج الصالح، وأخرى أملت لأختها الشفاء من العقم، وأخرى تمنت أن تدوم صداقاتها مع زميلاتها، وهناک عدد کبير أکد على أهمية الاهتمام بالفقراء والمساکين والمحتاجين، وأن يشفي الله جميع الناس، وهناک عدد من المراهقات کانت اهتماماتهن متصلة أکثر بأفراد الأسرة حيث تمنين أن يسهمن في أن يسافر الوالدين للحج، وأن يحافظن على صلة الرحم مع أسرهن دومًا في المستقبل، ولم تنسى المراهقات أن يأملن ألا يکن هناک عاطل، وأن تکون هناک وظيفة لکل شاب.

واتصل بما سبق مجال الاهتمامات الدينية حيث  کثر لديهن الجانب الوجداني والروحي من حيث التقرب إلى الله بکل جوارحهن، والصلاة، والمحافظة على الدين، والأمل في رضا الله عنهن دومًا، وألا تکون هناک فتنة طائفية، فالکل شرکاء في الوطن ولا فرق بين مسلم ومسيحي.

ويبقى في ختام هذا الإشارة إلى مجال الخدمة العسکرية، واهتماماتهن بمجال القضايا الجمعية الخارجية، والقضايا المجتمعية الداخلية المرتبطة ببلدهن، فالأولى والثانية، لم يأت ذکرهما على الإطلاق لدى أي مراهقة من أفراد عينة الدراسة، أما الثالثة فقد احتلت مکانة لديهن في اهتماماتهن المستقبلية، حيث عبرن عن رغبتهن في المساهمة في بناء مصر في کل المجالات، وأن يحفظ الله مصر، وأن تؤتي ثورة (25) يناير ثمارها، وأن يفدن مصر في الداخل والخارج، ولم يقف الأمر عند هذا، فقد اقترن بما سبق أملهن في القضاء على البلطجة والرشوة وغلاء الأسعار، وتحسن أحوال البلاد، وأن يحکم مصر رجل صالح يحافظ على حقوقهن وحقوق أولادهن في المستقبل، واقترن أيضًا بما سبق آمال بأن يحترم کل فرد في مصر غيره، وأن تسمح مصر لکل الناس أن يتعلموا وأن يعملوا وأن يعيشوا في صحة.

(ب) الاعتبارات العملية

مثلما هو الحال لدى المراهقين، فالمسائل المالية هي أحد المجالات المهمة التي جاء ذکرها فيما سردته المراهقات، فهن کالمراهقين يخضعن لنفس البيئة المصرية، ونفس الظروف الاقتصادية والمجتمعية، فقد ذکرن في مخاوفهن خشيتهن من أن تقف المسائل المالية عثرة بينهن وبين مسارهن التعليمي، أما من حيث المکان فالأمر اختلف کثيرًا لدى البنات، حيث ذکر عدد منهن أنهن يخشين ألا يستکملا تعليمهن في ضوء الأهداف التي وضعنها لأنفسهن، والسبب رغبتهن في الالتحاق بکليات خارج محافظتهن، لعدم وجود مثيل لتلک الکليات في محافظتهن، وهنا سوف تتدخل الأسرة وترفض هذا، مما سيؤدي إلى تغيير مسارهن أو هدفهن التعليمي، حيث لا يُسمح في العادة – بتعليم البنات خارج محافظتهن، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى التحاقهن بکليات على غير رغبتهن، حتى لو کان مجموعهن أعلى مما قبلته تلک الکليات، وبالتالي فذلک يمثل عائق أمامهن، وهو ما سوف نتحدث عنه لاحقًا، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن عائق المکان المتمثل في الالتحاق بکليات أو جامعات خارج محافظات البنات ليس هو العائق الوحيد، فهناک مکان أخر يمثل عقبة أخرى، وهو المرتبط باضطرار البنات إلى المبيت بمکان أخر غير بيوتهن کالمدن الجامعية أو بيوت الطالبات، وهو إن کانت بعض الأسر قد تقبله، فالبعض الأخر ترفضه.

(ج) أفراد الأسرة والقدوة:

تؤثر الأسرة بشکل مباشر على أهداف المراهقات المستقبلية، فتلک تريد أن تکون کوالدها أستاذة جامعية، وتلک ترغب أن تکون مدرسة مثل أمها، وثالثة تتمنى أن تکون کأختها أو أخيها معيدة بالجامعة، ويکاد الجميع يؤکد على تشجيع أفراد الأسرة للأهداف المستقبلية برغم المعوقات، وحثهم لبناتهن على إثبات ذواتهن، وغير ذلک من الأمثلة کثير، أما القدوة فما سار عليه الأولاد لم تشذ عنه البنات وأطرف ما ذکر في هذا الصدد أنه لم يأت ذِکر أحد من الإناث المشهورات في مجال العلم أو غيره سواء في مصر أو خارجها، فکل الأسماء التي ذکرتها البنات تمثلت في الذکور فقط کالدکتور "أحمد زويل" وغيره، وهن في هذا قد يکن معذورات لأنهن لم يعاصرن سيدات مشهورات کشهرة الذکور في مجالات الحياة المختلفة.

(د) المعوقات:

کالأولاد تمثلت المعوقات التي تحول دون تحقيق أهداف المستقبل في عدد من الأفکار الرئيسية هى في الوقت ذاته تمثل بعضًا من المخاوف المستقبلية التي تراها البنات بمثابة عوامل قد تحرمهن من تحقيق أهدافهن المستقبلية، وهذه المعوقات تضمنت عدد من الأفکار الرئيسية هي: الأعباء المالية، وفقد أحد الوالدين أو کليهما، والتردد في الأهداف المرتبطة بالموضوعات العلمية، غير أن هناک نوع أخر من المعوقات تمثل في أهم ما ذکرته البنات في هذا الصدد، وهو ما سبق الإشارة إليه، وهو خوف الآباء على بناتهن من أن يکون تعليمهن بالجامعة خارج المحافظات التي نشأن فيها، وهذا يمثل عبء رهيب عليهن، فهو يجعلهن مترددات في اتخاذ أي الأهداف أصلح لهن بعد النجاح في الثانوية العامة، فالفتاة التي التحقت بالکلية التي ترغبها في محافظة سکنها لا تعاني ضغوطًا من أي نوع، أما التي يکون عليها أن تقرر على غير رغبتها – برغم تفوقها – تضطر إلى أن تخضع لرغبة الأسرة في أن تختار کلية لم تکن تفکر فيها أصلا، وذلک مرتبط برغبة الأسرة في أن تکون ابنتها إلى جوارها في ذات المحافظة التي تسکن بها، وهناک نوع أخر من التردد في الهدف، الذي جاء ذکره لدى البنات دون الأولاد، وهو الهدف المرتبط باختيار شريک حياتها، فهناک عدد من البنات ذکرن أنهن تخشين من أن يُفرض عليهن الزواج من رجل لا ترغبنه مستقبلاً، بسبب إصرار الوالد على أن يکون زواج أبنته بإرادته هو - لأنه يخبرهن أن الأدرى بمصلحتهن کما ذکرت أحد البنات، ويکون عليها عندئذ أن تختار وفقًا لرغبته هو، أو أن ترفض وتصر على أن يکون لها رأي في اختيار شريک حياتها، وهنا يکون الصدام بين الفتاة والوالد أو الأسرة.

(هـ) الدعم الذاتي والأسري:

أکد عدد غير قليل من البنات على مؤازرة أسرهن لهن في أن يحققن ذواتهن، وأن يواصلن مشوار حياتهن العلمي والحياتي، فعلى المستوى العلمي أکدن على أن أفراد الأسرة، خصوصًا الوالدين يحثهن دومًا على الاهتمام بالتعليم، وعلى مواصلة مسارهن حتى النهاية، وبالنسبة للمجال الحياتي فقد برز دور الأم بشکل جلي في حديث البنات حيث أکدن على مساندة أمهاتهن لهن، ومدهن دائمًا بالنصائح التي تعينهن على المحافظة على أنفسهن، والوقوف إلى جوارهن ومساندتهن في مشوار حياتهن الشخصي، کذلک أشار عدد کبير من البنات على أنهن لديهن الرغبة الداخلية على النجاح، والاستمرار في الحياة حتى يحققن أهدافهن التي رصدنها لأنفسهن خصوصًا في مجالات التعليم، والعمل والمهنة، والزواج وتکوين أسرة.   

(3): النتائج الخاصة بالفروق بين الجنسين في الامتداد الزمني المستقبلي لهما في ضوء بعض المتغيرات الديموجرافية:

فيما يلي سوف يتناول الباحث الامتداد الزمني المستقبلي لدى کل من الجنسين، وذلک في ضوء ما يلي:

  • ·   أولاً: الفروق في ضوء المستوى الاقتصادي – الاجتماعي للطبقات المرتفعة والدنيا "الأغنياء والفقراء"
  • ·   ثانيًا: الفروق في مجال الفروق بين الجنسين في الامتداد الزمني المستقبلي.
  • ·   ثالثًا: الفروق في مجال الصف الدراسي "الأکبر والأصغر سنًا" من الجنسين.
  • ·   رابعًا: الفروق کثافة المجالات وامتدادها الزمني لدى الجنسين:

وفيما يلي عرض لکل عنصر من العناصر السابقة:

 

أولاً: الفروق في ضوء المستوى الاقتصادي – الاجتماعي للطبقات المرتفعة والدنيا "الأغنياء والفقراء".

فيما يلي يناقش الباحث النتائج المرتبطة بهذا الشق من النتائج، وذلک على النحو التالي:

أ- الامتداد الطبقي في مجال التعليم:

کشفت نتائج الدراسة أن الذين ينتمون للطبقات الدنيا من الجنسين لديهم امتداد أطول في المستقبل، وذلک في الموضوعات المتعلقة بمجال التعليم (الحصول على الثانوية العامة، الالتحاق بالجامعة، الدراسات العليا).

والنتيجة على النحو الذي تقدم تعد نتيجة منطقية – من وجهة نظر الباحث - فهي تشير إلى أن أصحاب الطبقات الدنيا من الجنسين لديهم طموحات علمية ممتدة في المستقبل مقارنة بمن ينتمون للطبقات العليا، فهم يرغبون في التعليم أکثر بکافة مساراته، وهى تشير في حد ذاتها إلى أن وراء هذا المستوى الاقتصادي المتدني الذي ربما يکون دافعًا يقف بقوة دافعة ومؤثرة في السعي نحو تحصيل التعليم عبر فترات حياة الفرد المستقبلية.

 و في ظن الباحث النتيجة لا تعني أن الذين ينتمون للطبقات العليا لا طموحات علمية ممتدة لديهم في المستقبل، فهم أيضًا يأملون في مواصلة مشوارهم التعليمي لأبعد مدى، لکن ربما يکمن خلف هذا أن الإحساس بالرفاهية المادية قد يجعل الفرد يجنح أو يميل إلى الاطمئنان بأن مستقبله العلمي لا خوف عليه حيث الإمکانات المادية المريحة التي تکفل لهم سهولة مواصلة المشوار التعليمي، فالتعليم مکلف ومرهق ويمثل عبء اقتصادي ونفسي واجتماعي شديد على من لا يملکون المال الکاف لتحقيقه، والعکس نسبيًا بالنسبة لمن يملکون المال، ولا يمثل هذا أية أعباء عليهم، وبالتالي فإن امتداد المدى الزمني لدى أصحاب الطبقات الدنيا في مجال التعليم ربما يکمن وراءه أنهم يعلمون صعوبة تحقيق ما يرغبونه في مشوارهم التعليمي الذي يهدفون إليه، وبالتالي امتد لديهم التوجه المستقبلي في مجال التعليم، وقد تبين هذا بوضوح من استجابة أحد أفراد العينة من أصحاب الطبقات العليا، الذي ذکر أنه يرغب فور تخرجه من أن يسافر للخارج لإکمال مشواره التعليمي أسوة بأخيه الذي حصل على الدکتوراه في مجال جراحة العيون من انجلترا، وهذا يعني أن توفر الإمکانات العلمية للأسرة يسهم بشکل مباشر ومؤثر في تقليل المدة الزمنية التي تؤدي إلى أن يحصل الفرد على درجات علمية أعلى وبشکل سريع، ولا يکون هذا متوفرًا على الإطلاق بالنسبة لأصحاب الطبقات الدنيا، فأنى لهم بهذا؟ ومن الذي يحققه لهم سريعًا، وبالتالي فإن عليهم الصبر حتى يحققوا المسار التعليمي المتقدم الذي يرغبونه، وهذا بالقطع يستدعي امتدادًا في المستقبل لدى أصحاب الطبقات الدنيا دون أصحاب الطبقات العليا.

وبمقارنة النتائج بما جاء في الدراسات السابقة، نجد أن دراسة (Nurmi, 1987) قد أشارت إلى أن المراهقين من الجنسين الذين ينتمون لطبقات اجتماعية مرتفعة لديهم امتداد أطول ممن ينتمون لطبقات اجتماعية أدنى، وذلک في ميدان التعليم، وهي نتيجة تختلف من نتيجة الدراسة الحالية


ب: الامتداد الطبقي في مجال العمل والمهنة

کشفت النتائج أن الأولاد الذين ينتمون للطبقات العليا لديهم امتداد أقصر في المستقبل في الموضوعات المتعلقة بمجال العمل والمهنة، وذلک مقارنة بالإناث اللاتي ينتمين لنفس الطبقة، في حين أظهرت البنات اللاتي ينتمين للطبقات الدنيا امتدادًا أقصر في المستقبل في الموضوعات بمجال العمل والمهنة مقارنة بالذکور.

والنتيجة على النحو الذي تقدم تُعد أيضًا منطقية إلى حد بعيد، فبالنسبة لذکور الطبقات الاقتصادية العليا يبرز المال بشکل مؤثر في تفکيرهم، فهذا يرغب بعد تخرجه بفترة في أن تکون لديه شرکة تجارية، وهذا يأمل أن يعمل في مصنع والده، أو أن يکون رجل أعمال مثله، وأغلب الاستجابات المرتبطة بالذکور في هذا الصدد ترکزت في رغبتهم في الاتجاه للأعمال الحرة معتمدين على المال والدخل الاقتصادي المرتفع للأسرة، لدرجة أن أحد الأفراد ذکر أنه يرغب في أن يکون له أسطول بحري لنقل البضائع في سن (28) سنة، وأن ينشئ فروع لشرکته في العديد من الدول العربية وغيرها، وهذا بالقطع لا يکون لأصحاب المستويات الاقتصادية العليا، ويکون في جانب الذکور منهم خاصة، وربما يرتبط بهذه النتيجة أن أصحاب الطبقات العليا کان مداهم الزمني في مجال التعليم أقصر مقارنة بالذين ينتمون للطبقات الدنيا، فقد يکون المستوى المادي المرتفع للأسرة وراء هذا، الأمر الذي قد يکون وراءه الرغبة أکثر في العمل في مجال التجارة والاقتصاد، مقارنة بالرغبة في مواصلة مشوار التعليم الذي يحتاج بالقطع – إضافة إلى الإمکانات المادية المريحة- إلى زمن أطول وأن يتسم الفرد بروح المثابرة والدافعية للإنجاز، وأن يکون قادرًا على تحمل مشاق طريق التعليم، وهي بحق ليست سهلة أو مُعبدة السبيل.

کذلک فالإناث صغيرات السن من تلک الطبقة، لن يکون تفکيرهن إنشاء أسطول بحري، أو العمل بشکل مباشر بعد التخرج في تجارة والدهن، فتلک ليست قدراتهن الطبيعية التي فطرهن الله عز وجل عليها، لذا نجد منهن من فکرت في أن يساعدها والدها بعد أن تتخرج من کلية الطب في أن يکون لها مستشفى به جميع التخصصات، وأن تکون هي مديرة هذا المستشفى، وتلک رغبت في السفر إلى أمريکا لإکمال مشوارها التعليمي، حتى تعمل في النهاية کرائدة فضاء.

وعلى نحو مخالف کان امتداد ذکور الطبقات الاقتصادية أطول من إناث تلک الطبقات،وهنا يطل المال برأسه أيضًا، فمشوار الإناث أقصر في مجال التعليم، وهذا طبيعي، بينما مشوار الذکور أطول على المدى المستقبلي، فذکور تلک الفئة تقع عليهم الأعباء الاقتصادية بشکل أکثر، فهم يرغبون في نجاحات کغيرهم من ذکور أصحاب الطبقات الاقتصادية العليا، وأنى لهم تحقيق هذا؟ والعين بصيرة واليد قصيرة، أنى لهم تحقيق مشاريعهم الاقتصادية على النحو الذي يأمله أقرانهم من أصحاب الطبقات العليا؟ أنى لهم بالمال الذي يحقق لهم سريعًا المهنة أو العمل الذي يرغبونه؟ أنى لهم أن يلتحقوا بمصانع والدهم بعد التخرج أو العمل بشرکته، والطبيعي في هذا الحال أن يقصُر المدى الزمني لدى الإناث ويطول لدى الذکور من أصحاب الطبقات الدنيا، فالإناث قد يلتحقن ببعض الأعمال التي تدر عليهم دخل اقتصادي متدني أو متوسط، وهذا شائع بشکل مباشر وسافر في "مصر" لدى أغلب الطبقات الدنيا الذين يتخرجون من الجامعة، حتى لدى ذکور تلک الطبقة، لکن قد يدفع هذا الذکور إلى أن يعملوا بمهن أخرى إضافية لکي يحسنوا من دخلهم الاقتصادي، ولکي يتمکنوا في المستقبل البعيد من أن يتزوجوا، ويکون لديهم أسر وأولاد، وغير ذلک.

کذلک هناک من الأمثلة التي سيأتي ذکرها لاحقًا يؤکد المعنى السابق، فهذا يرغب في وظيفة ثابتة مثل (البنک)، ويريد الاستقرار فقط، وهذا يرغب في أن يعمل بمهنة النقاشة، وأن يطورها، لا أن تکون لديه شرکة تجارية، أو أسطول بحري، أو العمل بمصنع يملکه والده کما سبق وتقدم.

وبمقارنة النتيجة الحالية بما جاء في الدراسات السابقة، نجد أن دراسة (Nurmi, 1987) قد أشارت إلى أن المراهقين من الجنسين الذين ينتمون لطبقات اجتماعية مرتفعة لديهم امتداد زمني أطول في المستقبل ممن ينتمون لطبقات اجتماعية أدنى، وذلک في ميدان العمل والمهنة، وهي نتيجة تتفق في مضمونها مع نتيجة الدراسة الحالية، من حيث إن الامتداد الزمني المستقبلي لدى الذکور الذين ينتمون للطبقات العليا أقصر مقارنة بذکور الطبقة الدنيا، في حين کان العکس بالنسبة للإناث في الطبقتين الأخيرتين "العليا والدنيا".

 وفي دراسة أخرى لم تبين الفروق بين الطبقتين المتوسطة والدنيا في الامتداد الزمني المستقبلي في مجال العمل والمهنة، بينت دراسة (Trommsdorff, Lamm, and Schmidt, 1979) أن أصحاب الطبقات الاجتماعية الدنيا من الجنسين قد عبروا أکثر عن آمالهم ومخاوفهم في الموضوعات المرتبطة بمجال المهنة، وهذا يعني أن أصحاب تلک الطبقة على وجه الخصوص يعتريهم الکثير من الآمال والمخاوف المرتبطة بالعمل والمهنة، مما يُعد مؤشرًا على أن مسألة وجود وظيفة أو الالتحاق بعمل ما، أو الخوف من عدم الحصول على مهنة ما، بمثابة أمر مهم وضروري لتلک الطبقة الاجتماعية الدنيا، وذلک مقارنة بالذين ينتمون للطبقات المتوسطة من الجنسين، وهي نتيجة تتفق في مضمونها نسبيًا مع نتيجة الدراسة الحالية، فأصحاب الطبقات العليا من الذکور لديهم امتداد أقصر في المستقبل في الموضوعات المتعلقة بمجال العمل والمهنة، وذلک مقارنة بالإناث اللاتي ينتمين لنفس الطبقة، وهي تعني من وجهة نظر الباحث – في ضوء ما تقدم - أن مسألة توفر وظيفة أو عمل لهم، هو أمر لا يقلقهم لانتمائهم لأسر ذات مستوى اقتصادي مرتفع، کذلک إناث تلک الطبقة – کما سبق وتقدم أيضًا – تفکيرهن مرتبط بالمستوى الاقتصادي لأسرهم، وما يدل على ذلک أن أحد الإناث قد ذکرت أنها تفکر في أن يساعدها والدها بعد أن تتخرج من کلية الطب في أن يکون لها مستشفى به جميع التخصصات، وأن تکون هي مديرة هذا المستشفى، وأخرى رغبت في السفر إلى أمريکا لإکمال مشوارها التعليمي، حتى تعمل في النهاية کرائدة فضاء، مما يؤکد أن مسألة العمل أمر بالغ الأهمية للطبقة الاجتماعية الأدنى.


ج: الامتداد الطبقي في مجال الزواج والأسرة:

بينت نتائج الدراسة أن الذين ينتمون للطبقات العليا من الجنسين لديهم امتداد زمني أطول في المستقبل، وذلک في الاهتمامات المتعلقة بمجال الرغبة في الزواج وتکوين أسرة وإنجاب الأطفال، وذلک مقارنة بالذين ينتمون للطبقات الدنيا من الجنسين.

وتعليقًا على هذه النتيجة نجد أن الظروف الاقتصادية المرتفعة "المال" تطل برأسها مرة ثالثة، ولکن على نحو عکسي هذه المرة، فالذين يعيشون في وضع اقتصادي ومعيشي مرتفع من الطبيعي جدًا ألا يشغلهم التفکير على المدى الزمني القريب في الزواج، أو أن يفکروا في مدى زمني أقصر وأسرع في أن تکون لديهم حياة أسرية، وما يلحق بها کإنجاب الأولاد على المدى القريب لا البعيد، وهذا وضع طبيعي جدًا خصوصًا في مصر، فالذکور والإناث من الأطفال أو صغار السن يطمئنون قطعًا إلى أن رغبتهم في تکوين أسرة وإنجاب الأطفال لن يقف المال عائقًا أمامه، وأن أسرهم أصحاب المستوى الاقتصادي المعيشي المرتفع، ينتظرون تخرجهم سريعًا لکي يساعدوهم في إعداد عش الزوجية، فالوظيفة مضمونة، والعمل موجود ولا يبقى إلا اختيار شريک الحياة، وحتى لو کان المراهقون والمراهقات الذين ينتمون لتلک الأسر لا يميلون إلى العمل سريعًا، بل يرغبون في مواصلة مشوار التعليم حتى نهايته المتقدمة، وبرغم ما سبق وما هو متاح ومضمون، کان امتدادهم الزمني المستقبلي في هذا المجال أطول من أقرانهم الذين ينتمون للطبقات الأدنى، وهذا ربما يعکس طريقة نظرتهم لأهدافهم المستقبلية، فالذين يرغبون في العمل سريعًا بعد التخرج، ولا يجدون صعوبة في الحصول على مهنة يرغبونها، والذين يرغبون في مواصلة التعليم خارج مصر، من المنطقي جدًا أن يکون امتدادهم المستقبلي في مجال الزواج أطول من غيرهم من الذين ينتمون للطبقات الأدنى. 

والعکس تمامًا لدى أصحاب المستويات الاقتصادية الدنيا من الجنسين، فهم يُعانون، ويئِنون، ويتحملون الکثير بمفردهم، فأسرهم بالکاد يمکنها توفير لقمة العيش، وأن عليهم المکابدة والکفاح حتى يتمکنون من تحقيق رغبتهم الفطرية في الزواج وتکوين أسرة، لذا نراهم يفکرون أسرع في تأسيس الأسرة، بأقل الإمکانات، ونرى أسرهم تيسر الکثير من أمور الزواج، خصوصًا بالنسبة للبنات، وجدير بالذکر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المدى الزمني لإناث  تلک الفئة کان أقصر مما لدى الذکور، فهن يتزوجن أسرع من الذکور الذين تقع عليهم الأعباء المادية اللازمة للزواج. 

ويود الباحث أن يشير إلى أنه – حسب حدود علمه – لم يجد دراسات سابقة أکدت على وجود فروق بين الطبقات الاجتماعية المختلفة في الامتداد الزمني المستقبلي في مجال الزواج والأسرة، مما يجعلها نتيجة جديدة في مجال علم النفس أکدت عليها الدراسة الحالية.

ويبقى أن نشير إلى أن هناک عدد أخر من الدراسات قد کشف عن فروق بين الطبقات الاجتماعية العليا، والمتوسطة، والدنيا، وذلک دون تحديد الفروق بينها في الامتداد الزمني المستقبلي في المجالات الثلاثة السابقة، من هذه الدراسات، دراسة (Trommsdorff and Lamm, 1975) التي أشارت بشکل عام إلى أن الطبقات الاجتماعية العليا أکثر امتدادًا فيما يتعلق بالتوجه نحو المستقبل، وذلک مقارنة بأصحاب الطبقات الاجتماعية الأدنى، ودراسة (Lamm, Schmidt, and Trommsdorff, 1976) التي بينت أن الذکور الذين ينتمون للطبقات الدنيا لديهم امتداد أکثر في التوجه نحو المستقبل (آمالهم مداها أطول)، کما أنهم يحرزون درجات أعلى في المهنة والتعليم، وذلک مقارنة بالبنات من نفس الطبقة الدنيا، أما ذکور الطبقة المتوسطة فدرجاتهم أعلى في کثافة المجال المهني، وذلک مقارنة بإناث تلک الطبقة، ولم تکن بينهما فروق في الامتداد المرتبط بالتوجه نحو المستقبل، وبالنسبة للجنسين المنتمين للطبقة المتوسطة فقد عبروا أکثر عن الآمال المرتبطة بالحياة العامة، وکانوا أکثر امتدادًا نحو التوجه المستقبلي، وذلک مقارنة بالمراهقين الذين ينتمون لطبقات اجتماعية أدنى، وأخيرًا دراسة ((Freire, Gorman, and Wessman, 1980 التي بينت الدراسة أن امتداد التوقعات المستقبلية إنما کان في اتجاه أصحاب المستويات الاقتصادية والاجتماعية المرتفعة.

ثانيًا: الفروق في مجال الفروق بين الجنسين في الامتداد الزمني المستقبلي

کشفت النتائج بوجه عام أن الذکور (من 15- إلى 18 عام) من الطلاب بالصف الأول والثاني والثالث الثانوي العام- مقارنة بالإناث - لهم مسافات زمنية أطول في المستقبل، وذلک في المجالات المستقبلية التي وضعوها کأهداف مستقبلية لهم، بمعنى أنهم يخططون لتحقيق أهدافهم المرتبطة بهذه المجالات على مدى زمني أطول في المستقبل، والنتيجة على النحو الذي جاءت عليه تعني أن جملة الأهداف والآمال المستقبلية لدى الذکور إنما يکون لها امتداد أطول في المستقبل يسعون دومًا إلى تحقيقه على المدى البعيد لا القريب، وربما هذا يتفق مع طبيعة الذکور - من وجهة نظر الباحث - التي يکونون عليها في العادة، فهناک من الأهداف ما لا يمکن تحقيقه بسرعة على المدى القريب، کالنجاح في العمل والمهنة، وتحقيق الذات، والرغبة في تحقيق الثراء، حتى الرغبة في تکوين أسرة التي يکون مداها الزمني قصير لدى الإناث لما اتضح من قبل، نجد أن الذکور لا يمکنهم کالإناث الوصول إلى تأسيس بيت وتکوين أسرة بسرعة، فالفتاة يمکنها أن تتزوج وتکون أسرة، حتى وهى أثناء فترات التعليم، خصوصًا مع دخول الجامعة، بينما العکس لدى الذکر فهو يحتاج لوقت کي يتمکن من توفير المقابل المادي الذي يمکنه من شراء شقة، ومهر، وخلافه، فضلاً عن وجود عقبة دخول الجيش التي تزيد من امتداده في المستقبل – کما سيتضح فيما بعد – أيضًا قد تؤخر الرغبة في استمرار مسار العلم حتى درجات متقدمة منه لدى الذکور رغبتهم في أهداف أخرى يريدون تحقيقها، وبالتالي فإن هذا يجعلهم يرون أن أهدافهم وآمالهم ليست قريبة المدى الزمني بل هي بعيدة، لذا يمتد توجههم العام نحو المستقبل في شتى الموضوعات والمجالات المتعلقة بمسار حياتهم.

ويود الباحث أن يضيف في هذا الصدد ما يؤکده الواقع التاريخي، والحياتي، والاجتماعي، سواء في مصر أو في بلاد العالم الأخرى العربية وغير العربية، أن النجاحات الباهرة والملفتة للنظر على مستوى العالم في معظم مجالات الحياة، إنما تکون في اتجاه الذکور بشکل عام، وهي لا تتحقق في مرحلة مبکرة من العمر، بل تحتاج سنوات طويلة، الأمر الذي يفسر – من وجهة نظر الباحث – لماذا يضع الذکور - على وجه الخصوص لأنفسهم - مدى زمني أطول يسعون من خلاله تحقيق أهدافهم التي يرمون إليها.

وتتفق نتيجة الدراسة الحالية مع نتائج عدد من الدراسات السابقة، مثل دراسة (Trommsdorff, Lamm, and Schmidt, 1979) الطولية، التي أکدت على أن لدى الذکور توجهًا مستقبليًا أطول في الامتداد الزمني وقت القياس الثاني، وذلک مقارنة بالقياس الأول "قبل عامين"، وهذا يؤکد أن التقدم في العمر يزيد من الامتداد الزمني لدى الذکور، وهو ما سوف نشير إليه لاحقًا، ودراسة (Sundberg, Poole, and Tyler, 1983) التي تبين منها أن المدى الزمني المستقبلي لکل من ذکور الهند وأمريکا کان أطول مقارنة بإناث بلادهما، ودراسة (Poole and Cooney, 1987) التي تبين منها أن المتوسط المدى الزمني للبنات أقصر مما هو لدى الذکور، وکذلک دراسة (Bentley, 1983) التي بينت أن الذکور أکثر امتدادًا من الإناث (اسکتلندا وسويسرا) في التوجه الزمني نحو المستقبل، وهناک دراسة (Greene, 1990) التي أشارت إلى أن الذکور مقارنة بالإناث في المجموعات العمرية الأربع (طلاب الصف العاشر، والثاني عشر، والفرقة الثانية بالکلية، والطلاب في مرحلة التخرج) يمتدون إلى مسافات زمنية أطول، ونقاط أبعد في المستقبل، وأنهم يخططون للأحداث المستقبلية بشکل متساوي عبر مسار الحياة، وأخيرًا دراسة (Yowell, 2000) التي بينت أن الفتيات قد أحرزن درجات أقل في الامتداد الزمني المستقبلي مقارنة بالذکور.

وعلى العکس من ذلک هناک دراسة وحيدة کشفت عن أن الامتداد الزمني للأهداف المستقبلية الأطول کان في اتجاه الإناث، وهي دراسة (Lamm, Schmidt, and Trommsdorff, 1976) التي بينت أن البنات أکثر امتدادًا من الذکور فيما يتعلق بتفکيرهن المستقبلي.

ويبقى في هذا الصدد الإشارة إلى دراسة (Nurmi, 1987)، التي أظهرت منها عدم وجود فروق بين المراهقين الفنلنديين من الجنسين في الامتداد الزمني في التفکير في المستقبل، والتي أظهرت أيضًا أن الامتداد الزمني يقل، وتزداد مستويات المعرفة والتخطيط لديهم، وذلک کلما تقدموا في العمر، وهي نتيجة لا تتفق في شق منها مع معظم الدراسات السابقة ، ولا نتيجة الدراسة الحالية، التي تؤکد أن الامتداد الزمني المستقبلي لا يقل مع التقدم في العمر، وهو ما سوف نناقشه لاحقًا من حيث تبين أن الذکور الأکبر والأصغر سنًا لهما امتداد أطول في المستقبل.

ثالثًا: الفروق في مجال الصف الدراسي "الأکبر والأصغر سنًا" من الجنسين.

کشفت نتائج هذا الشق من النتائج بوجه عام أيضًا أن الذکور - مقارنة بالإناث – من کبار السن من طلاب الصف الثالث الثانوي (متوسط أعمارهم 17.83 عام) وصغاره من طلاب الصف الأول الثانوي ( متوسط أعمارهم 15.48) لهم – کجملة الذکور من عينة الدراسة الحالية - مسافات زمنية أطول في المستقبل في المجالات المستقبلية التي وضعوها کأهداف مستقبلية - سيأتي ذکرها لاحقًا کما تقدم - وهذا يعني في مضمونه تطابق تلک النتيجة، واتساقها مع النتيجة السابقة، فالذکور سواء کانوا صغارًا أو کبارًا – دون الإناث - لهم أهداف مستقبلية في عدة مجالات يسعون لتحقيقها على مدى زمني أطول أو أبعد مما حددته  الإناث لأهدافهن المستقبلية. 

والنتيجة الحالية يمکن تتناولها في ضوء الدراسات السابقة، وذلک على النحو التالي: بينت دراسة (Cartron- Guerin and Levy, 1980)، أن  الأکبر سنًا من المراهقين والمراهقات، وکذلک الذکور لهم مشاريع تمتد إلى مرحلة أبعد في المستقبل في مجالات المهنة والزواج، ودراسة (Gillies, Elmwood, and Hawtin, 1985) بينت أيضًا أن الأکبر سنًا من الجنسين تزداد نسبتهم من حيث أملهم في الحصول على فرص عمل في المستقبل مقارنة بالأصغر سنًا، کما بينت دراسة (Greene, 1986) التي أجريت على عينة من المراهقين من الجنسين، أن الأکبر سنًا من الطلاب  من الجنسين، کانوا أکثر امتدادًا نحو المستقبل البعيد، أما دراسة (Solantaus, 1987) والتي أجريت على ثلاث مجتمعات أوروبية من الجنسين هي استراليا، وبريطانيا، وفنلندا، فقد بينت أن المخاوف المستقبلية، والآمال المرتبطة بالعمل والمهنة تزداد بتقدم الأفراد في العمر، کذلک فالآمال المرتبطة بالتوجه المستقبلي نحو الزواج وتکوين الأسرة تزداد أکثر لدى الفنلنديين المتقدمين في العمر على وجه الخصوص مقارنة بصغار استراليا وبريطانيا، وفي دراسة (Nurmi, 1989)، وجِد أن الذکور يتجهون أکثر نحو المستقبل بشکل وجداني وإيجابي مع تقدمهم في العمر، بينما تصبح مشاعر الإناث أکثر سلبية تجاه المستقبل مع التقدم في العمر، کما بينت دراسة (Nurmi, Poole, and Kalakoski, 1993)، والتي أجريت على عينتين من الجنسين من فنلندا واستراليا، وهم من کبار السن وصغاره، أن الأهداف التعليمية أکثر امتدادًا في المستقبل، وذلک بالنسبة لصغار المراهقين من الجنسين، کما کان کبار الذکور الفنلنديين لديهم امتدادًا زمنيًا أطول في المستقبل.

وکما تقدم من العرض السابق، نجد أن جميع الدراسات السابقة الواردة بالدراسة الحالية، والتي أجريت على عينات من المراهقين والأطفال من الجنسين، قد أجمعت في جانب منها أن المراهقين من الجنسين هم الأطول امتدادًا تجاه المستقبل في الآمال والأهداف التي يرنون إليها، وهي نتيجة لا تتفق مع نتيجة الدراسة الحالية التي أکدت على أن الذکور دون الإناث تمتد آمالهم وأهدافهم إلى مسافات أطول وأبعد في المستقبل في المجالات التي حددوها لأنفسهم کما سيتبين بعد، کذلک بينت دراسة وحيدة هي دراسة (Nurmi, Poole, and Kalakoski, 1993) أن الذکور الأکبر سنًا من المراهقين الفنلنديين - مقارنة بإناث فنلندا، وذکور وإناث أستراليا - لديهم امتداد زمني أطول في المستقبل، وأنهم يتجهون أکثر نحو المستقبل بشکل وجداني وإيجابي مع تقدمهم في العمر، وهناک أيضًا دراسة (Nurmi, 1989)، التي لم تُشر إلى تفوق الذکور على الإناث في الامتداد، بل في أنهم يتجهون أکثر نحو المستقبل بشکل وجداني وإيجابي مع تقدمهم في العمر، والعکس بالنسبة للإناث.

والنتيجة الحالية التي توصلت إلها الدراسة تُعد جديدة في مجال علم النفس، خصوصًا في مجال التعرف إلى الفروق في   الامتداد الزمني المستقبلي بين المراهقين من الجنسين الذين تراوح مداهم العمري من (15- 18)، ومن کبار السن الذين بلغ متوسط أعمارهم (17.83) عام، وصغار السن الذين بلغ متوسط أعمارهم (15.48) عام.

وبغض النظر عن التفسير السابق، إلا أن هناک ما يلفت النظر في نتائج الدراسات السابقة، وهي النتائج المتعلقة بکبار السن من الجنسين، ومن الذکور الأکبر سنًا کما جاء بالدراسات، فهم لهم مشاريع تمتد إلى مرحلة أبعد في المستقبل في مجالات المهنة والزواج، کما تزداد نسبتهم من حيث أملهم في الحصول على فرص عمل في المستقبل، ولهم آمال مرتبطة أکثر بالعمل والمهنة والتعليم.

وهذا في مضمونه يؤکد جزئية أن تقدم الأفراد في العمر، يجعلهم يدرکون أهدافهم أکثر، ويتعرفون عليها على نحو أوضح، مما يجعلهم يحددون أهداف بعيدة المدى يسعون مع التقدم في العمر إلى تحقيقها، کما أنهم، في ذات الوقت تزداد لديهم مستويات المعرفة والتخطيط (Nurmi, 1987)، وهذا إشارة واضحة إلى أن زيادة الوعي بالأهداف، وإدراکها يجعل الأفراد مع التقدم في العمر يعرفون ماذا يريدون، وبالتالي يخططون على نحو صحيح لأهدافهم وآمالهم، وفي ضوء ازدياد مستويات المعرفة لديهم، ويؤکد هذا الدراسة الأخرى التي أجراها (Nurmi, 1989)، حيث تبين أن الأکبر سنا يمتد تفکيرهم وتخطيطهم لأهدافهم على مدى زمني بلغ (20) عامًا، وذلک سواء بالنسبة لدى الذکور أو الإناث من أفراد عينة الدراسة.

وتجدر الإشارة إلى أن الباحث  قبل وأثناء تحليله للنتائج المرتبطة بهذا الشق من النتائج، کان يظن أن صغار السن من الجنسين سيکون امتدادهم الزمني المتعلق بأهدافهم المستقبلية، والمجالات التي يأملون أن يحققوا فيها تلک الأهداف، أقل من کبار السن من الجنسين، وذلک في ضوء أن طلاب الصف الأول الثانوي لم يتحدد مصيرهم بعد بالنسبة لمسارهم العلمي (أدبي أو علمي "علوم أو رياضة"), والذي يحدده المجموع الذي يمکن أن يحصلوا عليه بداية من الصف الثاني الثانوي، والذي يترتب عليه أيضًا المسار العلمي النهائي - وما يرتبط به من مسار حياتي بعد ذلک - في الصف الثالث الثانوي، فهذا يأمل الالتحاق بکلية ما، ثم يجد نفسه لم يحقق المجموع المأمول لدخول تلک الکلية، وبالتالي يجد نفسه مضطرًا لتغيير مساره حتى يلحق برکب الکليات کغيره من الطلاب، وإن کانت على غير ما کان يأمل أو يتمنى، وهذا بالتالي – من وجهة نظر الباحث – لا يجعل لهذه الفئة من الطلاب (طلاب الصف الأول الثانوي من الجنسين) أهدافًا مستقبلية أو مجالات مستقبلية لها امتداد زمني يتمنون تحقيقه.

کذلک کان الاعتقاد أيضًا لدى الباحث، أن أهداف الطلاب وآمالهم من الجنسين في الصف الأول الثانوي تکون غير محددة، إنها مجرد أمنيات وأحلام عامة لم تتحدد بعد، ولن تتحدد إلا بعد الانتهاء من الامتحانات النهائية للثانوية العامة، وبالتالي فلا مجالات محددة لديهم يکون على أثرها  تحديد مدى زمني مستقبلي لتحقيقها،  وأنهم مع تقدمهم من صف دراسي إلى أخر (من الصف الأول إلى الثاني إلى الثالث)، سوف يدرکون بشکل معرفي وعقلي أفضل أن أهدافهم وآمالهم - قد تکون تلک الأهداف خيالية في أوقات کثيرة ولا تتناسب مع قدرات عدد کبير من الطلاب - التي ربما قد يکونوا وضعوها لأنفسهم، قد صارت بعيدة  بعد أداء امتحانات الصف الثاني الثانوي، وما يترتب عليها من مسارات عليمة وحياتية لاحقة، تکون بدايتها التوجه العلمي لهم عند الانتقال للصف الدراسي الأعلى، وهو الصف الثالث الثانوي.

 لقد أکد جملة ذکور الدراسة الحالية بشکل عام – دون الإناث – سواء من کانوا يدرسون بالصف الأول والثاني والثالث الثانوي، أو الذين يدرسون بالصف الثالث الثانوي (الأکبر سنًا) والذين يدرسون بالصف الأول الثانوي (الأصغر سنًا)، أنهم وضعوا لأنفسهم أهدافًا مستقبلية جعلوا لها مدى زمني أطول مما حددته الإناث لأنفسهن، مما يعني أن النوع (ذکر أو أنثى) بقطع النظر عن التخصص الدراسي، أو الصف الدراسي، کبر السن أو صغره، هو الذي يقف خلف أن الامتداد الزمني المستقبلي للأهداف والمجالات المستقبلية يرتبط بالنوع أو الجنس، والذي هو في دراستنا الحالية الذکور على وجه الخصوص.

 رابعًا: کثافة المجالات وامتدادها الزمني لدى الجنسين:

في هذا الجزء من النتائج المتعلق بکثافة المجالات أو الأهداف التي يراها المراهقون من الجنسين، والامتداد الزمني لتلک الأهداف في المستقبل، سوف يکتفي الباحث فيه بالترکيز فقط على بيان نوعية تلک المجالات أو طبيعتها، حيث سبق تفسير هذا في  الجزء المتعلق بالتحليل الکيفي لکل ما سرده أفراد العينة من الجنسين.

لقد تبين أن أهم الأهداف أو المجالات التي توجه إليها أفراد العينة من الجنسين تمثلت في تسع مجالات للذکور، وسبع مجالات للإناث، نعرضها في الجدول التالي:

جدول (3)

ترتيب الأهداف أو المجالات لدى کل من الذکور والإناث

م

أهداف الذکور

م

أهداف الإناث

1

الاهتمامات الذاتية "الشخصية".

1

الزواج وتکوين أسرة وإنجاب الأطفال

2

العمل والمهنة.

2

العمل والمهنة.

3

الزواج وتکوين أسرة وإنجاب الأطفال.

3

الاهتمامات الذاتية "الشخصية".

4

الاهتمام بالقضايا الداخلية "مصر".

4

التعليم.

5

التعليم.

5

الاهتمامات المرتبطة بالغير.

6

الاهتمامات المرتبطة بالغير.

6

الاهتمام بالقضايا الداخلية "مصر".

7

الاهتمامات الدينية.

7

الاهتمامات الدينية.

8

القضايا المجتمعية العالمية "المجتمع الخارجي".

 

 

9

الخدمة العسکرية.

 

 

وعليه سوف يعرض الباحث للنتائج المرتبطة بهذا الجانب، مع ربطها بما جاء في الدراسات السابقة، وذلک على النحو التالي:

أ- المجالات أو الأهداف التي عليها کثافة الذکور وامتدادها.

ب-المجالات أو الأهداف التي عليها کثافة الإناث وامتدادها.

ج- المجالات المشترکة بين الجنسين

د-المجالات المدمجة لدى الجنسين، وفيما يلي عرض لنتائج کل مجال من المجالات السابقة.

أ: الأهداف أو المجالات التي عليها کثافة الذکور وامتدادها

من واقع نتائج الدراسات السابقة التالية، وهي: دراسة (Lamm, Schmidt, and Trommsdorff, 1976)، ودراسة (Trommsdorff, Lamm, and Schmidt, 1979)، ودراسة (Sundberg, Poole, and Tyler, 1983)، ودراسة (Pulkkinen, 1984)، ودراسة Gillies, Elmwood, and Hawtin, 1985))، ودراسة ((Solantaus, 1987، ودراسة (Poole and Cooney, 1987)، ودراسة (Seginer, 1988)، ودراسة (Nurmi, Poole, and Kalakoski, 1993)، ودراسة (Nurmi, Poole, and Seginer, 1995)، ودراسة (Seginer and Halabi, 1998)، ودراسة Seginer and Schlesinger, 1998)، ودراسة (Knox, et al., 2000 )، ودراسة (Yowell, 2000)، ودراسة Salmela – Aro, Vouri, and Koivisto, 2007))، يعرض الباحث لأهم الأهداف والآمال التي يتجه إليه الذکور مقارنة بالإناث، وذلک على النحو التالي:

العمل والمهنة، والتعليم، والاهتمامات الشخصية (کتحقيق الثراء وکسب المال والتعلق بالمظاهر المادية للحياة، وتحقيق الشخصية)، والاهتمام بالأحداث السياسية الخارجية "مخاوف"، والخدمة العسکرية، والعلاقات مع الغير، کما کانت تعبيراتهم أقل بالنسبة للأحداث السياسية، فضلاً عن الاهتمامات المجتمعية الداخلية کالاهتمام بالأحداث البيئية وأحداث أنماط الحياة، کما أنهم حققوا درجات مرتفعة الموضوعات أو القضايا الجمعية (مخاوف)، وأخيرً کانت لهم أهداف متعلقة بموضوع الزواج والأسرة، ولکنها أقل مقارنة بالإناث، وذلک کما جاء بالدراسات السابقة التي تناولت دراسة هذا المجال لدى الجنسين.

وبالنظر في الجدول السابق نجد أن أهداف أو مجالات الذکور قد تکثفت بالترتيبفي تسع مجالات هي السابق الإشارة إليها، وبمطابقة ذلک بما جاء في الدراسات السابقة نجد أن هناک تشابه، وکذلک تباين نسبي بين عدد من تلک المجالات، والمجالات التي اتجهت إليها أهداف عينات الدراسات السابقة من الذکور

لقد بينت نتائج الدراسات السابقة أن أهم الأهداف التي اتجه إليها الذکور على وجه الخصوص دون الإناث هي الأهداف المتعلقة بالمهنة، والتعليم، والاهتمامات الشخصية مثل (حب التملک) والاهتمامات المجتمعية الداخلية المتمثلة في الأحداث البيئية، وأحداث أنماط الحياة الداخلية، والقضايا الجمعية، والخدمة العسکرية، والعلاقات مع الغير، وهى تقريبا نفس الأهداف التي لدى أفراد عينة الدراسة الحالية، باستثناء الاهتمامات الدينية فهي لم تبرز على الإطلاق لدى أي من عينات الدراسات السابقة، وکذلک الاهتمامات المتعلقة بمجال الزواج وتکوين الأسرة وإنجاب الأطفال، فهي أيضا لم تبرز بشکل واضح إلا لدى أفراد عينة الدراسة الحالية من الذکور.

کذلک مما کشفت عنه الدراسات السابقة أنه کان لدى الذکور توجه زمني مستقبلي أطول في الامتداد الزمني بشکل عام، کما کان لهم  توجهً مستقبلي أطول في الامتداد الزمني في المجال المهني مقارنة بالإناث،کما کان لهم هموم واهتمامات مستقبلية ممتدة زمنيًا في مجالات تحقيق الشخصية والذات والرفاهية البدنية والمظهر، کما أنهم حصلوا على أعلى الدرجات في الضبط الداخلي، وبرغم هذا لم تبين نتائج تلک الدراسات مقدار المدى الزمني المستقبلي الذي امتدت إليه مجالات الذکور، وکل ما جاء ذکره من تحديد للامتداد الزمني المستقبلي، لم يکن إلا في  دراسة (Nurmi, 1989)، التي بينت أن الأکبر سنا يمتد تفکيرهم وتخطيطهم لأهدافهم على مدى زمني بلغ (20) عامًا، وذلک سواء بالنسبة لدى الذکور أو الإناث من أفراد عينة تلک الدراسة "الدراسة السابقة".

وعليه فإن نتائج الدراسة الحالية تميزت عن الدراسات السابقة، بأنها بينت أن أهم (3) مجالات حدد لها ذکور الدراسة الحالية مدى زمني مستقبلي يأملون عند الوصول إليه أن يکونوا قد حققوا أهدافهم التي يرمون إليها، هي (أ) التعليم، (ب) العمل، (ب) الزواج والأسرة، فقد وصف الذکور - مقارنة بالإناث – مستقبلهم في تلک المجالات في إطار امتداد کلي أکبر في المستقبل.

ففي مجال التعليم تباين الامتداد الزمني الذي يأمل فيه الأفراد أن يحققوا أهدافهم، وذلک في ضوء التخصص الدراسي الذي هم فيه، فهو يمتد أطول بالنسبة لطلاب القسم العلمي، بينما يقصر لدى طلاب القسم الأدبي، وقد کان أطول امتداد في مجال التعليم هو (25) عامًا بالنسبة لطلاب القسم العلمي، وسبعة عشر عامًا بالنسبة لطلاب القسم الأدبي، وکان أقصر امتداد لدى طلاب العلمي والأدبي هو ما اتصل بالعام أو السنة التي سيتخرج فيها کل منهما من الجامعة، دون أن يحدد أي منهما رغبته في مواصلة مساره العلمي بعد الجامعة والاستمرار في الدراسات العليا وما بعدها.

وبالنسبة لمجال العمل فقد تباين المدى الزمني حسب طبيعة الوظيفة أو المهنة التي يأمل الفرد في أن يبلغها، فهذا يود أن يعمل محاسبًا بالبنک الأهلي في عمر (25) سنة، وهذا يود أن يکون أکبر مستشار تسويق لکبرى الشرکات المصرية في عمر (45) سنة وهذا يأمل أن يکون مدرب کرة معتمد في عمر (35) سنة، وهذا يأمل بعد التخرج في أن تکون لديه "عيادة" أو "شرکة هندسية" وهکذا.

وبالقطع لم يکن هناک امتداد زمني مستقبلي محدد مرتبط بأي مهنة على وجه الخصوص، حتى أن بعض المهن التي تکرر ذکرها لدى أفراد العينة، تباين فيها الامتداد الزمني من فرد لأخر، وذلک في ضوء الامتداد الزمني للأهداف التي يرغب أن يحققها کل فرد لنفسه، وبالقطع فما يخططه فرد ما لنفسه، لن يکون هو ذاته ما يخططه شخص أخر، ولو کان في نفس التخصص، أو غيره.

وأخيرًا بالنسبة لمجال الزواج وتکوين الأسرة، فبشکل عام يمکن القول أن هذا المجال مداه الزمني أطول لدى الذکور مقارنة بالإناث، وهذا ما أکدته الغالبية العظمى من الدراسات السابقة الواردة بهذا البحث، حيث تبين أن الإناث يخططن مبکرًا للحياة الزوجية وإنجاب الأطفال والقيام بدور الأمومة بشکل مبکر عن الذکور، وکل من حدد سن للزواج من عينة الإناث کان أقصر مما حدده الذکور، وقد کان أقصر سن حدده الذکور للزواج هو 26 عام، وما بعدها.

ب: الأهداف أو المجالات التي عليها کثافة الإناث وامتدادها:

من واقع نتائج الدراسات السابقة - المذکورة آنفًا - يعرض الباحث لأهم الأهداف والآمال التي اتجهت إليها الإناث مقارنة بالذکور، وذلک على النحو التالي:

الزواج "السعيد" وتکوين أسرة - وذلک سواء لدى الإناث الکبار والصغار- والتعليم، والعمل، والقضايا الداخلية (يعبرن أکثر – مخاوف - عن الميادين الخاصة والعامة کالسياسة والبيئة)، اهتمامات شخصية (کالاهتمام بدنياهن، ورفاهيتهن البدنية والمظهرية، وحب السفر، وحب التملک، والرغبة في الاستقلال الذاتي، وأوقات الفراغ)، وأخيرًا الخدمة العسکرية (کما هو في إسرائيل على سبيل المثال).

ومما کشفت عنه الدراسات السابقة أيضًا، أنهن أکثر قلقًا بالنسبة لميدان العمل برغم أنه من أهم أهدافهن المستقبلية، کما أنهن قد أحرزن درجات أعلى في الفعالية الذاتية، والضبط، والمسئولية، کما کشف عدد أخر من الدراسات أنهن لديهن مخاوف من کل من العلاقات مع الغير والاعتلال البدني والعلاقات بين الشخصية، وأخيرًا الخوف من الموت، هذا ولم تبين أي دراسة سابقة أي امتداد زمني محدد للإناث، وذلک فيما يتعلق بأهدافهن أو آمالهن المستقبلية، کما هو حادث في الدراسة الحالية، والذي سوف نناقشه لاحقًا.

لقد تبين من الجدول السابق أن أهداف أو مجالات الإناث قد تکثفت على التوالي في سبع مجالات سبق الإشارة إليها، وبالنظر في تلک المجالات نجد أن هناک تشابه وتباين نسبي أيضًا بين تلک المجالات، والمجالات التي اتجهت إليها أهداف عينات الدراسات السابقة من الإناث، غير أن هناک مجال قد جاء ذکره لدى إناث الدراسات السابقة ولم يتکرر لدى الإناث في الدراسة الحالية وهو مجال الخدمة العسکرية، الذي يسود في بلا د مثل إسرائيل والتي يُسمح النظام فيها بتجنيد الإناث، وهناک مجال الاهتمامات الدينية الذي ظهر لدى إناث مصر دون إناث الدراسات السابقة من البلاد الأخرى، وهي نتيجة أيضًا تُعد إضافة بالنسبة لنتيجة الدراسة الحالية، وتکشف بوضوح عن أهمية الجانب الديني سواء لدى الإناث، أو الذکور في مصر، وذلک دون سائر الذکور والإناث بالبلاد الأجنبية الأخرى التي أجريت بها الدراسات السابقة.

غير أن ما تميزت به نتائج الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة، أنها – کما لدى الذکور - بينت أن أهم (3) مجالات حددن لها مدى زمني مستقبلي يأملن عند الوصول إليه أن يکن قد حققن أهدافهن التي يؤملنها، هي: (أ) التعليم، (ب) العمل، (ج) الزواج والأسرة.

فبالنسبة لمجال الزواج والأسرة وإنجاب الأطفال، فقد اتفقت نتائج الدراسة الحالية مع نتائج الدراسات السابقة في أن الإناث لهن امتداد زمني أقصر مما لدى الذکور في هذا المجال على وجه الخصوص، فهن يخططن لحياتهن الزوجية وإنجاب الأطفال في سن مبکر مقارنة بالذکور، وهن يتوقعن الدول في مرحلة الرشد في عمر مبکر، ولکن امتدادهن قصير في المستقبل (Mello, 2008)، والنتيجة هنا طبيعية جدًا، ومنطقية أيضًا، فالإناث يمکنهن الزواج بسرعة، وأهاليهن يُجهزهن مبکرًا استعداد ليوم الزواج، والأنثى تنتظر من يأتي ليتزوجها، وتأمل أن تُخطب في سن مبکرة، وما أکثر الفتيات اللاتي تتم خطبتهن في مرحلة الثانوية، وهذا لا يحدث للذکور في العادة، إن لم يکن على الإطلاق، وهناک عدد کبير من البنات يتزوجن بمجرد التحاقهن بالجامعة، لأن قوانين وزارة التربية والتعليم لا تسمح بزواج التلميذة أثناء الدراسة بالمدرسة، بينما الجامعة تسمح بهذا، ولا قيود أو عوائق تحول دونه، وهذا الزواج قد يأتي معه إنجاب الأطفال، وهذا لا يتوفر لدى الذکور کما هو الحال لدى الإناث.

لقد تبين من النتائج أن هناک من صغيرات السن ممن کشفن عن رغبتهن في الزواج بعد التحاقهن بالجامعة ( في سن 18، 19 عام)، وهناک منهن من رغبن في إنجاب الأطفال في سن (21، 22 عام)، بل بعضهن من تمنى إنجاب توأم، وبعضهن من حدد نوع الجنين "ذکر أو أنثى"بل واسمه أيضًا.

وبالنسبة لمجال العمل والمهنة، فقد تبين من الدراسة الحالية أن هذا المجال يأتي في ذات الترتيب الذي جاء عليه لدى الذکور (الترتيب الثاني) مما يؤکد على أهميته لدى الجنسين، غير أن الامتداد الزمني لهذا المجال کان مقيدًا لدى الإناث مقارنة بما هو لدى الذکور، حيث أکد عدد کبير من الإناث على أنهن يرغبن في العمل فور التخرج في عمر (22 أو 23) عام، وهناک من المهن المهمة في المجتمع والتي حينما يصلها الفرد، فإنه يحتاج إلى مدى عمري کبير، غير أن ما لدى الإناث لم يکن کذلک، فهذه ترغب أن تکون صحفية ناجحة ومشهورة في عمر (25) سنة، أو دکتورة تعمل بالجامعة في عمر (28) سنة، وتلک ترغب أن تکون محامية لا يصعب عليها أي قضية في عمر (30) سنة، وجدير بالذکر أن أطول امتداد زمني في المستقبل في مجال العمل قد حددته أحد الفتيات حيث تمنت أن تکون مذيعة لامعة بالراديو في عمر (34) سنة.

وأخيرًا نأتي لمجال التعليم، فقد کان امتداده الزمني أقصر لدى الإناث أيضًا مقارنة بالذکور، وإن جاء ترتيبه لديهن قبل ترتيبه لديهم (الترتيب الرابع لدى الإناث مقابل الترتيب الخامس لدى الذکور)، ولعل السبب في هذا أن مشوار التعليم، خصوصًا التعليم ما بعد الجامعي يتفوق فيه الذکور على الإناث خصوصًا في بعض المهن المهمة کالطب والعلوم، وغيرها، کذلک فکثير من الإناث قد يتزوج خلال الدراسة بالجامعة أو بعدها، وبالتالي تتحمل الأنثى أعباء إضافية لا تمکنها من مواصلة مشوارها التعليمي کما هو الحال لدى الذکور، وحتى الذکر لو تزوج في سن مبکرة، فهو يلقى بأعبائه عليها، ولا يتحمل ما تتحمله هي، وتلک سنة الحياة، والفطرة التي خلق الله عليها کل من الذکور والإناث.

لقد قرنت معظم الفتيات سن العمل بالسنة التي فيها عام التخرج من الجامعة، وهو يتباين بتباين التخصص الدراسي الذي کانوا عليه، فهو يقصر لدى طالبات الأدبي، ويطول لدى طالبات العلمي، وذک في ضوء الکلية التي يتمنين الالتحاق بها، وعليه فقد تراوح المدى الزمني بين (20- 24) عام.   

(ج) المجالات المشترکة بين الجنسين:

أوضح الجدول السابق تشابه الجنسان في عدد (7) مجالات، وقد اتفقت تلک النتيجة نسبيًا مع نتائج عدد من الدراسات السابقة حيث بينت دراسة (Cartron- Guerin and Levy, 1980) أن الجنسان (الأکبر سنًا) لهما مشاريع مشترکة تمتد إلى مرحلة أبعد في المستقبل في مجالات العمل والزواج والأسرة، واشترک الجنسان في الأمل في الحصول على فرصة عمل في المستقبل (Gillies, Elmwood and Hawtin, 1985)، وقد کشف تحليل مضمون الآمال والمخاوف للجنسين من استراليا، وبريطانيا، وفنلندا من دراسة (Solantaus, 1987)، عن أن الآمال المرتبطة بالعمل والمهنة تشيع لدى کل أفراد البلاد الثلاثة من الجنسين، کما بينت دراسة (Poole and Cooney, 1987) أن الجنسان يتکرر لديهما الاهتمام بالعمل والتعليم والأسرة، وتکرر هذا في دراسة (Nurmi, 1989) حيث تبين أن الجنسان لديهما اهتمامات أکثر مجالات العمل والتعلم والأسرة، کما تبين من دراسة (Nurmi, Poole, and Kalakoski, 1993) أن الأهداف التعليمية أکثر امتدادًا في المستقبل لدى المراهقين من الجنسين (الأصغر سنًا)، وأخيراً بينت دراسة (Nurmi, Poole, Seginer, 1995) أن مراهقي ومراهقات استراليا يتجهون مستقبليًا نحو التعلم والعمل.

وهناک مجالين تشابه فيهما الجنسين، ولم يأت ذکرهما بالدراسات السابقة، وهما: (أ) مجال الاهتمام بالقضايا الداخلية، (ب) مجال الاهتمامات الدينية، وهي نتيجة تُعد بمثابة إضافة جديدة للمجال النفسي کشفت عنها الدراسة الحالية.

وتعليقًا على تلک النتيجة يتبين أن المجالات التي يشترک فيها الجنسين هي أهم المجالات التي تکرر ذکرهم في کل من نتائج الدراسات السابقة والدراسة الحالية، وهي مجالات العمل والمهنة، والتعليم، والزواج والأسرة وإنجاب الأطفال، مما قد يدعم القول – إن جاز للباحث - بأن أهداف الجنسين في المجالات الثلاثة السابقة قد لا تتباين بتباين الثقافات الغربية والعربية، وهو أمر لا يمکن الأخذ به على العموم، إذ لا بد من دراسات عبر ثقافية بين البلاد العربية وبعضها البعض للتيقن من تلک النتيجة من عدمها، وهو أمر متروک لدراسات أخرى لاحقة، يأمل الباحث القيام بها مستقبلاً.      

د-المجالات المدمجة لدى الجنسين

أوضحت تعبيرات المراهقين من الجنسين، عددًا من النقاط التي أمکن معها التعرف إلى المجالات التي يتجه إليها کل جنس على حدة، أو التي يتشابه فيها الجنسان معًا، وکان من بين ما بنيته تلک التعبيرات أن هناک عدد من الأفراد من الجنسين عبر عن أهدافه أو آماله من خلال مجال واحد فقط من المجالات التي سبق الإشارة إليها، غير أن هناک عدد کبير من استجابات الذکور والإناث لم يکتفوا بسرد مجال واحد، بل قاموا بدمج أکثر من مجال من المجالات السابق الإشارة إليها، حيث عبروا خلالها عن أهدافهم أو آمالهم التي يتطلعون إليها في المستقبل، وفيما يلي نعرض لنماذج من تلک الأهداف أو المجالات المدمجة - على سبيل المثال لا الحصر - لدى کل من الذکور والإناث، وذلک کما يلي:


أولا: المجالات المدمجة لدى الذکور

1. أتمنى في المستقبل أن أکون مهندس ميکانيکي، وأن أعمل في أکبر شرکات مصر، ثم تکون لي شرکة خاصة بي بعد أن يظهر اختراعي لأحدث الماکينات في مجال عملي، وأن تکون لي زوجة تقف إلى جواري وتساعدني.

2. أتمنى أن ألتحق بکلية التربية الرياضية، وان أعمل في مجال التدريب کمدرب "کاراتيه" في أحد الدول العربية حتى أتمکن من تکوين مستقبلي، والزواج بالفتاة التي أحبها.

3. على المستوى الشخصي، أتمنى أن أکون رجل أعمال ناجح في المستقبل، ولي دور في المجتمع المصري، وفي ازدهاره من خلال شرکة مقاولات أسعى إلى تأسيسها، کذلک أتمنى أن تکون لي زوجة صالحة تعينني على تحمل أعباء الحياة، وعلى المستوى العام أتمنى تحرير کل البلاد العربية، وأن أرى کل أصدقائي وأقاربي في حالة جيدة، وفي سعادة، ولا حياة دون الإحساس بالآخرين من حولک.

4. أتمنى أن تکون لي حياتي الخاصة، وأن تکون لي سيارة ومنزل کبير أو فيلا، وأن تکون لي وظيفة مرموقة، وألا يتحکم أحد في مستقبلي، ولا فيما أحب أن أکون عليه، ولا في سلوکي أو أرائي، وأن يشير إلي الناس بأدب واحترام، وأتمنى ألا أدخل الجيش حتى لا يذلني أحد.

5. أتمنى النجاح في حياتي العلمية والعملية، حتى أحقق ذاتي، وأن يسعد أبي وأمي بي، وأن أزور معهما في يوم ما بيت الله الحرام، وان أفکر في الزواج بعد التخرج من الجامعة، واختار بهدوء من تشارکني مشوار الحياة.

ثانيًا: المجالات المدمجة لدى الإناث:

1. في المستقبل أتمنى أن يتحقق لي کل ما حلمت به، فأنا أتمنى أن أکمل دراستي وأن أحصل على الدکتوراه، وألا تصادفني مشاکل في حياتي بسبب رغبتي في مواصلة تعليمي خصوصًا بعد الزواج، الذي أتمناه أن يکون من رجل مناسب يحبني ويحترمني ويساعدني على مواصلة مشواري التعليمي، وأتمنى أن يحفظ الله مصر من کل سوء.

2. في الوقت الحالي يعتبر التفکير في المستقبل هو المسيطر على عقول الناس خاصة الشباب، بالنسبة لي هناک عدة آمال أتمنى تحقيقها، وأول هذه الآمال إنهاء دراستي، أما بالنسبة للأمنية الثانية، فهي أن أعمل في مجال أمارس فيه ما درسته طوال سنوات حياتي التعليمية، وأخيرًا أتمنى تکوين أسرة ناجحة ومتفاهمة.

3. أتمنى أن أحصل على المجموع الذي يؤهلني للکلية التي أتمناها، وأن أواصل دراستي حتى أصل إلى مکانة علمية عالميةé، وأقوم بعمل أبُدع فيه، وأقدم شيء جديد ومفيد لي ولبلدي، وأن أتزوج بعالم له مکانة عظيمة في المجتمع.

4. أکبر وأعظم أمنياتي أن أصبح رائدة فضاء في المستقبل، وأن أزور القمر، وأن أسافر إلى دولة أجنبية أو عربية بها إمکانات مادية تساعدني على تحقيق ما أتمنى، وهناک أمنية أتمنى ألا أموت قبل أن أحققها وهي زيارة بيت الله الحرام بصحبة أبي وأمي وزوجي.

5.  أتمنى أن أکون سعيدة في المستقبل، وأن أمتلک سيارة، وأن أعيش حياة مادية ميسورة، وان أصبح امرأة ذات شأن في المجتمع، وأن يکون ربي راض عني.

من العرض السابق لتعبيرات الجنسين نجد أنها تدور حول معظم المجالات التي تم ذکرها من قبل، وليس هناک مجالات مدمجة تخص الذکور دون الإناث، باستثناء مجالي الخدمة العسکرية فهو أمر طبيعي ألا يکون في دائرة اهتمام الإناث، أو في مرمى أهدافهن المستقبلية حيث إنهن غير مطلوبات للعمل في الخدمة العسکرية، کذلک لم تُعبر – کما لدى الذکور - أية فتاة عن أية هموم جمعية مرتبطة بالعالم الخارجي، ويبدو أن ما يحدث في مصر من بعد ثورة (25) يناير، وحاليًا، هو ما جعل کل الإناث يهتمون للشأن المصري الداخلي دون الخارجي.

(ب): نتائج الفرض الکمي:

نص الفرض الکمي على ما يلي: "توجد فروق جوهرية بين المراهقين والمراهقات في تقييمهم لآمالهم وأهدافهم المستقبلية، وذلک في المسارات التالية: العمل والمهنة، الزواج، الأطفال، التقييم العام".   فيما يلي يناقش الباحث النتائج المرتبطة بهذا الجزء من النتائج، وذلک على النحو التالي:

أ- الفروق بين الجنسين في مسار العمل والمهنة.

ب- الفروق بين الجنسين في مسار الزواج.

ج- الفروق بين الجنسين في مسار الأطفال

د- الفروق بين الجنسين في أسئلة التقييم العام

وفيما يلي عرض للنتائج الإحصائية الخاصة باستجابات الجنسين على مسارات استبانة التقييم، وهي: مسار العمل والمهنة في المستقبل، والزواج، والأطفال، وأسئلة التقييم العام، وذلک على النحو التالي:

(أ): الفروق بين الجنسين في مسار العمل والمهنة في المستقبل:

فيما يلي يعرض الباحث للمتوسطات الحسابية، الانحرافات المعيارية، وقيمة "ت" للفروق بين الجنسين، وذلک على مسار العمل والمهنة في المستقبل، وذلک کما يلي:

 

جدول (4)

قيمة "ت" للفروق بين الجنسين على مسار العمل والمهنة في المستقبل

                                  العينة

المسار

المراهقين

المراهقات

قيمة "ت"

الدلالة

م

ع

م

ع

العمل والمسار المهني

32.4

0.66

32.2

0.70

1.12

غير دال

من الجدول السابق، نلاحظ ما يلي:

1.  قيمة "ت" لم تکن دالة بين الجنسين على مسار العمل والمهنة في المستقبل.

2. ارتفاع متوسطي درجتي المراهقين والمراهقات على هذا المسار (في ضوء الدرجة الکلية للمسار، وعدد أفراد العينة، وقيمة الانحراف المعياري لدى الجنسين).

قبل مناقشة نتيجة هذا الجزء من النتائج تجدر الإشارة إلى أن نسبة استجابات المراهقين والمراهقات على السؤال الأساسي (الأول) المتضمن في هذا الجزء من الاستبانة وهو: "هل تأمل أن تسلک مسارًا مهنيًا معنيًا في المستقبل؟" قد بلغت نسبة (100%)، بما يعنى أن جميع أفراد العينة من المراهقين والمراهقات، کانت إجاباتهم "بنعم" وذلک على هذا السؤال من مسار العمل والمهنة.

 وهي إشارة ضمنية تؤکد على أهمية العمل والمهنة لکلا الجنسين، فلا فرق بين ذکر أو أنثى، فالکل يرغب في العمل والالتحاق بالمهنة التي يرغبها مستقبلاً، والتي تتفق مع أهدافه وآماله المستقبلية، ويرتبط بهذه النتيجة أيضًا أن متوسطات درجات الأفراد من الجنسين، على مسار العمل والمهنة کانت مرتفعة، مما يؤکد إيجابية المتوسطان، وأن عدم دلالة اتجاه قيمة "ت" لصالح أي من الجنسين، إنما تعني في مضمونها أن کلاهما مهتم بالعمل والمهنة، أيما اهتمام.

ومن الجدول السابق نلاحظ أيضًا أن ارتفاع المتوسطات الحسابية قد رافقه ابتعادها عن الانحرافات المعيارية بشکل ملحوظ، وهذا في مضمونه دلالة أخرى على تقارب العينتين من حيث الرغبة في العمل والالتحاق بأحد المهن في المستقبل، وهو دلالة أخرى على أن عدم جوهرية متوسطي المراهقين والمراهقات إنما يعني أن قيمة "ت"، وإن کانت غير دالة، إلا أن الدرجة "المتوسط" التي حصل عليها کل جنس على هذا المسار إنما هي في الاتجاه الايجابي وليس السلبي، بما يشير إلى قيمة العمل والمهنة، وأهميتهما البالغة لدى کل من الجنسين.

وفي ضوء البنود المتضمنة لهذا المسار، نجد أن کل من الجنسين لديهما قناعة تامة في أنهما سوف يحققان أهدافهما المهنية في المستقبل، وأنهم عاقدان العزم على تحقيق تلک الأهداف، ولديهما إيمان بأن أهدافهما واقعية، وأنها سوف تتحقق مستقبلاً، وهذا يجعل لديهما الثقة في قدرتهما على تحقيق تلک الأهداف في المستقبل، حتى وإن صادفتهم معوقات أو عقبات في حياتهما التالية.

والنتيجة التي توصلت إليها الدراسة تتسق تمامًا مع ما تقدم من نتائج حيث احتلت أهداف المراهقين والمراهقات المرتبة الثانية، من حيث ترتيب الأهداف أو المجالات لدى کل من المراهقين والمراهقات، وذلک في الجانب المتعلق بکثافة المجالات وامتدادها الزمني في المستقبل لدى کل من المراهقين والمراهقات، لقد بينت النتائج أن کثافة مسار العمل والمهنة قد احتلت المرتبة الثانية لدى المراهقين بعد مجال الاهتمامات الذاتية "الشخصية"، واحتلت کثافة مسار العمل والمهنة المرتبة الثانية لدى المراهقات بعد مسار الزواج وتکوين أسرة، وهذا في مضمونه بشکل عام يؤکد أن العمل يحتل مکانة متقدمة لدى الجنسين، ولا فرق في هذا الصدد بين جنس الفرد، ذکر أو أنثى.

(ب): الفروق بين الجنسين في مسار الزواج:

فيما يلي يعرض الباحث للمتوسطات الحسابية، والانحرافات المعيارية، وقيمة "ت" للفروق بين الجنسين على مسار الزواج، وذلک على النحو التالي:

جدول (5)

قيمة  "ت" للفروق بين الجنسين على مسار الزواج

                    العينة

المسار

المراهقين

المراهقات

قيمة "ت"

الدلالة

م

ع

م

ع

مسار الزواج

26.2

6.08

34.63

2.5

6.91

0.001

من الجدول السابق نلاحظ ما يلي:

1.  قيمة "ت" دالة عند مستوى (0.001) في اتجاه المراهقات.

2.  ارتفاع ملحوظ لمتوسط المراهقات على مسار الزواج (في ضوء الدرجة الکلية للمسار، وعدد أفراد العينة)، وذلک مقارنة بالمراهقين.

وقبل مناقشة تلک النتيجة - کما تقدم القول - تجدر الإشارة إلى أن نسبة استجابات المراهقين والمراهقات على السؤال الأساسي (الأول) المتضمن في هذا الجزء من الاستبانة وهو: "هل تأمل في الزواج مستقبلاً؟"، کانت على النحو التالي:

1.  بلغت نسبة استجابات المراهقين على هذا السؤال (85%).

2.  بلغت نسبة استجابت المراهقات على هذا السؤال (100%).

وتلک النتيجة في مضمونها تؤکد بما لا يدع مجالا للشک أن مسألة الزواج لدى المراهقات صغيرات السن تمثل أهمية بالغة لديهن، وبقطع النظر عن مسألة إنجاب الأطفال من عدمه، والتي سوف نناقشها فيما هو آت من نتائج.

وهذه النتيجة تتسق مع النتائج السابقة الواردة بهذه الدراسة، حيث احتل مجال الزواج وتکوين أسرة وإنجاب الأطفال المرتبة الأولى لدى المراهقات، من حيث ترتيب الأهداف أو المجالات لديهن، وذلک في الجانب المتعلق بکثافة المجالات وامتدادها الزمني في المستقبل لدى کل من المراهقين والمراهقات.

ويؤکد على هذا أيضًا أن هذا المسار على وجه الخصوص کان يمثل أهمية متقدمة لدى المراهقات مقارنة بالمراهقين في کل المجالات أو الأهداف المستقبلية التي أوردتها نتائج الدراسات السابقة الواردة بالدراسة الحالية.

وهذا المجال تقدم على مجالات أو مسارات مهمة سبق الإشارة إليها بالنسبة للإناث (جدول)، حيث تقدم على مجالات تمثل أهمية قصوى في حياة المراهقات وأهدافهن التي يؤملنها مستقبلاً، فقد تقدم على مجال العمل والمهنة، والاهتمامات الذاتية "الشخصية"، وهذا المجال الأخير، على وجه الخصوص، جاء على رأس أهداف أو مجالات المراهقين التسعة، کما تقدم على مجال حيوي، مهم وهو مجال التعليم، الأمر الذي يؤکد على أن هذا المسار هو غاية وهدف في المقام الأول لدى المراهقات، لذا تقدم على کثير من المجالات أو المسارات الحياتية المستقبلية التي کانت عليها کثافة مجالات المراهقات.

أما بالنسبة للمراهقين، فکما تقدم، بلغت نسبة أملهم في الزواج في المستقبل (85%)، وهى تعني أن مسألة الزواج لا تشغل بال المراهقين بنفس القدر الذي عليه المراهقات، ويؤکد هذا انخفاض متوسطهم بشکل دال جوهريًا عن متوسط المراهقات، وهذه النتيجة لم تکن مفاجأة للباحث، وهي منطقية تمامًا وتتماشى مع النتائج أيضًا، فالزواج ترتيبه الثالث في قائمة أهداف المراهقين المستقبلية، ويسبقه في هذا مجال الاهتمامات الذاتية "الشخصية"، ثم العمل والمهنة، وهما يمثلان هدفان حيويان للمراهقين، وهما يرتبطان حتمًا بموضوع الزواج، فالعمل على سبيل المثال يجب أن يسبق الزواج لدى المراهقين، العمل هو الذي سيسهم بشکل بالغ في إمکانية الزواج من عدمه، وأني لفتى أن يتزوج وهو لا يعمل؟، بينما الأنثى يمکنها بسهولة أن تتزوج، بل وتنجب أولاد، وهى لا تعمل على الإطلاق.

کذلک فإن الاهتمامات الذاتية للمراهقين والتي تأتي على صدارة أهدافهم هي الأخرى ترتبط هي الأخرى ارتباط مباشر بمسألة الزواج، فبعيدًا عن الاهتمامات الذاتية المرتبطة بالوطن، أو أن يکون الفرد من أصحاب النقود والسلطة، والشهرة الواسعة، والمکانة المرموقة في المجتمع، والأمل في العيش حياة طيبة، وفي وطن نظيف ومحترم، هناک اهتمامات شخصية أخرى ترتبط بهذا، فهذا يأمل أن يحقق مستوى معيشي متقدم، وأخر يتمنى السفر للخارج وتکوين ثروة تمکنه من تحقيق أي شيء يريده، وثالث يريد أن يبني عمارة له ولأولاده فيما بعد، وهناک من وقف على أعتاب الطموح الذاتي البسيط فذکر أنه لا يريد سيارة أو عمارة، کل ما يريده الاستقرار فقط، وأن تکون له شقة صغيرة أو بيت متواضع – هکذا قال – ووظيفة ثابتة. 

إن الخبرة الحياتية تدعم أيضًا النتيجة السابقة، خصوصًا في مجتمع مثل "مصر"، وخصوصًا بعد الثورة، وتدني الأوضاع الاقتصادية إلى حد مُلفت للنظر، وازدياد البطالة وانخفاض فرص العمل أکثر عن ذي قبل، فالشباب المصري، تکمن أکثر اهتماماته في أن يحصل على فرصة عمل، قبل أن يفکر في الزواج، فالعمل مفتاح کثير من الأمور المهمة لدى من يريدون أن يبدءوا حياتهم، والعمل يتطلب التفکير في أمور کثيرة، والأهداف والأماني الشخصية للفرد برغم أنها تقدمت على مجال العمل في الترتيب، إلا إنها في ظن الباحث تکون في الأغلب الأعم بمثابة أحلام أو تصورات لم تتحقق بعد، ومنطقي أن يکثر لدى صغار السن مثل هذه الأمور الشخصية، والتي ربما يکون منها ما لا يمکن تحقيقه أو صعوبة الوصول إليه.

وأيا کان الأمر، في أهمية مجال عن مجال بالنسبة للصغار، إلا أن أمر الزواج والرغبة في تأسيس أسرة لا يمکن أن تکون له الأولوية في أهداف الشباب أو صغار السن من أفراد العينة الذين لم يصل عمر أکبر فرد فيهم إلى التسعة إلى عشر عامًا، وهذا يجعل النتائج متسقة مع بعضها البعض سواء کشفت عنه نتائج الدراسة الحالية أو نتائج الدراسات السابقة، أو ما يسير عليه أفراد المجتمع وما يسود على المراهقين منهم من صغار السن على وجه الخصوص.

ونختم هذا الجزء بالنظر إلى البنود المتضمنة لهذا المسار، فنجد أن المراهقات – مقارنة بالمراهقين - من الواضح بالنسبة لهن أنهن سوف ينجحن في تحقيق أهدافهن المستقبلية المرتبطة بالزواج وتأسيس أسرة، وهم من أجل هذا عاقدت العزم على تحقيق أهدافهن من الزواج، کما أنهن مؤمنات بتحقيق تلک الأهداف التي يرونها واقعية، حيث لديهن الثقة في مقدرتهن على تحقيق مرادهن من الزواج، على الرغم من إمکانية حدوث معوقات قد تعوق تحقيق أهدافهن المستقبلية في مسار الزواج، ويبقى أن المراهقين يقفون على مقربة من کل ما سبق.

ج: الفروق بين الجنسين في مسار الأطفال

فيما يلي يعرض الباحث للمتوسطات الحسابية، والانحرافات المعيارية، وقيمة "ت" للفروق بين الجنسين، وذلک على مسار الأطفال:

جدول (6)

قيمة  "ت" للفروق بين الجنسين على مسار الأطفال

                          العينة

المسار

المراهقين

المراهقات

قيمة "ت"

الدلالة

م

ع

م

ع

مسار الأطفال

27.48

6.51

34.84

1.02

6.01

0.001

من الجدول السابق، نلاحظ ما يلي:

1.  قيمة "ت" دالة عند مستوى (0.001) في اتجاه المراهقات.

2.  ارتفاع ملحوظ لمتوسط المراهقات على مسار الأطفال (في ضوء الدرجة الکلية للمسار، وعدد أفراد العينة)، وذلک مقارنة بالمراهقين.

وقبل التعقيب على تلک النتيجة ومناقشتها، يهمنا أيضا هنا أن نبين أن نسبة استجابة المراهقين والمراهقات على السؤال الأساسي (الأول) المتضمن في هذا الجزء من الاستبانة وهو: "هل تأمل في إنجاب الأطفال مستقبلاً، کانت على النحو التالي:

1.  بلغت نسبة استجابات المراهقين على هذا السؤال (96%).

2.  بلغت نسبة استجابات المراهقات على هذا السؤال (100%).

والنتيجة على النحو السابق، تُعد غريبة بالنسبة للمراهقين، فکيف ينخفض متوسطهم بشکل دال جوهريًا - مقارنة بالمراهقات – وفي الوقت ذاته تصل نسبة استجابتهم على السؤال الأساسي إلى (96%).

وفي ظن الباحث أن تلک النتيجة، ربما يکمن خلفها أن التمني شيء، والواقع شيء أخر، فهم يأملون في إنجاب الأطفال مستقبلاً بنسبة (96%)، والآمال ربما – کما سبق القول – تکون أحلام أو أمنيات لم تصل بعد إلى حد الواقع أو الحقيقة، لکنهم حينما استجابوا على باقي بنود الاستبانة المتعلقة بإنجاب الأطفال، حدث أن انخفض متوسطهم جوهريًا في مقابل المراهقات، وکان الفرق دال عند مستوى (0.001) لصالح المراهقات، مما قد يشير إلى أن الأولاد  لا يکونوا کالمراهقات في مسألة إنجاب الأطفال، فهم لا يتحملون مسئولية تربية الأولاد حين يصبحون أباء، فالعبء کله يقع على الأم، کذلک تحمل الرعاية والاهتمام والعناية بالأطفال تتکفل به الأم بشکل کبير وبارز دون الأب، وهذا يجعل الباحث يقول - إذا جاز له – أن الأمل أو تمني إنجاب الأطفال وهم لم يوجدوا بعد، لا يکون حين يصبحون واقع.

وبرغم ما تقدم فالنتيجة تتسق أيضًا إلى حد بعيد مع نتائجهم المتعلقة بأمر الزواج، فالزواج ليس في مقدمة اهتماماتهم، وبالمثل إنجاب الأطفال يأتي في مرحلة متأخرة بالنسبة لاهتمامات المراهقين کما سبق وتقدم.

أما بالنسبة للإناث، فنتيجتهن منطقية، وتتسق مع ما سبق بيانه من نتائج، فالفرق دال جوهريًا لصالحهن، وعند مستوى (0.001)، وهن يتمنين إنجاب الأطفال حقيقة وأملاً، وذلک مقارنة بالمراهقين، والواقع الحياتي يؤکد بشکل واضح أن موضوع إنجاب الأطفال مهم تمامًا بالنسبة لأي فتاة مُقبلة على الزواج، فهي ربما أو حقيقة تتمنى أن تکون أمُا قبل آمالها في أن تتزوج، وکم من إناث يحلُمن بهذا، ويرتبن له بشکل نراه على نحو بارز في أسرنا سواء بالنسبة لبناتنا أو بنات غيرنا، أو أخواتنا وقريباتنا.

وفي النتيجة ما يبرز هذا الشق بوضوح ويدعمه، وهو أن متوسط المراهقات في مسار إنجاب الأطفال کان أکبر من متوسطهن في مسار الزواج، فالأمر حيوي بالنسبة لهن، ويمثل عنصرًا مهم في حياتهن، وکم من بنات يخشين بعد الزواج ألا ينجبن، فتتهدم حياتهن، وهن يتمثلن أمثلة من حياتهن في أسرهن تجعل من موضوع إنجاب الأطفال ما يمثل عصب الحياة لديهن، وفي هذا الموضوع يتمثل للباحث قدرًا من المخاوف التي سردتها المراهقات، ولم تتناولها الدراسة الحالية، لعدم اتصالها بموضوع الباحث، وعلى أمل أن يتناولها الباحث في دراسة أخرى تالية.

لقد ذکرت إحداهن ما مفاده "أخاف أن يحدث شيء لي مستقبلاً يمنع حدوث الإنجاب، کما هو الحال مع أختي التي طُلقت بسبب عدم الإنجاب"، کذلک تبين في کثير من استجابات المراهقات تکرار سردهن لجمل "أخاف من العقم"، "أخاف من عدم الإنجاب".

کذلک بينت استجابات کثير من المراهقات، ما يبين أهمية إنجاب الأطفال لديهن، حيث اقترن کثيرًا في سردهن لأهدافهن موضوع الزواج مع إنجاب الأطفال – کما سبق وتقدم – بل إن منهن من حددن عدد الذکور، وعدد الإناث من الأطفال، بل وهناک من حددن أسماء الأطفال وجنسهم، فهذه تتمنى إنجاب ولدين (أدهم وفارس)، وأخرى تتمنى إنجاب توائم، وثالثة ترغب في إنجاب ولد وبنت، ورابعة تمنت أن يکون لها ولدين وبنتين، وأخيرًا يتصل بما سبق أن المراهقات - دون المراهقين – في ضوء بنود الاستبانة – يرون في أنفسهن القدرة على النجاح في تحقيق أهدافهن المستقبلية المتصلة بموضوع إنجاب الأطفال، لذا فهن عاقدات العزم على تحقيق أهدافهن المتصلة بهذا الموضوع، ولديهن الإيمان في أنفسهن بتحقيق أهدافهن التي يرونها واقعية، وهن يرون أن هناک عوائق قد تمنعهن من تحقيق هدف إنجاب الأطفال، لکنهن قادرات على مواجهة تلک الحقائق.

وجدير بالذکر الإشارة إلى أن ما سبق تناوله لم يأت ذکره لدى أي من المراهقين على الإطلاق، وذلک على النحو الذي جاء لدى المراهقات، وکل ما تم ذکره کان مجملاً في تمني الزواج وإنجاب الأطفال.

(د): أسئلة التقييم العام:

فيما يلي يعرض الباحث للمتوسطات الحسابية، والانحرافات المعيارية، وقيمة "ت" للفروق بين الجنسين، وذلک فيما يتعلق بتقييم الأفراد لأهدافهم المستقبلية:  

جدول (7)

قيمة  "ت" للفروق بين الجنسين في التقييم العام

                                    العينة

التقييم العام

المراهقين

المراهقات

قيمة "ت"

الدلالة

م

ع

م

ع

التقييم العام للأهداف المستقبلية

94.48

3.97

92.49

2.23

4.35

0.001

من الجدول السابق نلاحظ أن قيمة "ت" کانت دالة عند مستوى (0.001) في اتجاه المراهقين، مما يعني أن تقييم المراهقين لأهدافهم المستقبلية أفضل من المراهقات بشکل عام.

وقبل تفسير تلک النتيجة، تجدر الإشارة إلى أن بنود وأسئلة التقييم العام، لم تتناول أية بنود مرتبطة بمسار العمل والمهنة، ولا مسار الزواج، وکذلک مسار إنجاب الأطفال مستقبلاً، وأن جميع البنود العشرة تتضمن رؤية المراهقين لکيفية تحقيق أهدافهم المستقبلية، وعليه سوف يناقش الباحث تلک النتيجة في ضوء ما تقدم بالإطار النظري عن نموذج (Nurmi, 1991) الذي يرى مفهوم التوجه نحو المستقبل على أنه مکون من ثلاث عمليات هي: (أ): الأهداف، (ب): التخطيط ، (ج): التقييم، والعملية الأخيرة هي ما سوف نتناوله في هذا الصدد من أجل تفسير نتيجة هذا الجزء من النتائج.

في ضوء نموذج  "Nurmi"فقد وضع المراهقون أهدافهم على أنها نتائج مستقبلية سوف يکافحون من أجل تحقيقها، معتمدون في ذلک على معرفتهم الذاتية التي اکتسبوها من خبراتهم السابقة، لقد وضعوا أهدافهم التي تُشبع وترضي احتياجاتهم وآمالهم الشخصية، والتي تجنبهم الأحداث التي يخشون وقوعها، أو لا يرغبون فيها، وهم في ذلک مستبصرين بحدود قدراتهم.

وقد تلى ذلک قيامهم بعملية تقييم أهدافهم، تلک العملية التي اسماها  "Nurmi"بالفعالية الذاتية، حيث يقوم الفرد بتقييم قدرته على تحصيل النتائج المرغوبة من خلال أفعاله هو لا أفعال الغير، ويکون هذا من خلال اعتماده على مقدار التحکم (الداخلي والخارجي) الذي يتصور التمتع به بشأن هذه الأهداف.

وعليه، فإن المراهقين – مقارنة بالمراهقات – إنما يتسمون بأن لديهم القدرة على تقييم أهدافهم المستقبلية بشکلٍ إيجابي أکثر،وهم يعتقدون في قدرتهم على تمتعهم بالتحکم الکامل، والسيطرة الکاملة على أهدافهم، وبقدرتهم على المساهمة في تحقيق أو عدم تحقيق تلک الأهداف، ومن ثم فإنهم يمکنهم التهوين من تلک العوائق التي قد يواجهونها، معتقدين في امتلاکهم للقدرة على التغلب على تلک العوائق.  

وهم عند تقييمهم لإمکانية تحقيق أهدافهم المستقبلية، فإنهم يکونون أکثر إيجابية، وذلک لأنهم لا يؤمنون بالصدفة کعامل مُتحکم، وبالتالي فإنهم لا يعتقدون في عدم قدرتهم على السيطرة الکاملة على أهدافهم، ولا بعدم قدرتهم على المساهمة في تحقيق أو عدم تحقيق تلک الأهداف، لأن من يفعلون ذلک – کما يعتقدون - فإنهم قد يقررون التخلي عن أهدافهم إذا ما واجهتهم العقبات في سبيل ذلک. (Mehta, 2008).

لقد أوجد المراهقون – مقارنة بالمراهقات -  ذلک السياق أو الإطار الذي تمنوا النمو في ظله، وقد تکون هذا الإطار من أفعال وقرارات موجهة منهم ذاتيًا، ومن ثم فإنهم بشکل عام أوجدوا لأنفسهم إطارًا التزموا فيه بأنهم سوف يُنفقون فيه من أوقاتهم ما يحقق أهدافهم المستقبلية، وبالتالي يحققون ذواتهم المستقبلية أو ما يسمى بالذوات الممکنة مستقبليًا.

الخاتمة:

کشفت الدراسة الحالية عن کثير من النتائج، التي لا ينبغي التوقف عندها بما أبرزته من نتائج وفروق بين الجنسين، وذلک في ضوء الأهداف التي سعت للتحقق منها، فهناک الحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة، باستخدام أساليب إحصائية أخرى، وعلى عينات أخرى غير التي تناولتها الدراسة الحالية، لقد أجريت الدراسة الحالية على عينات ممن ينتمون للمدارس الحکومية التي لها خصائص تتباين بشکل واضح عن الذين ينتمون للمدارس الثانوية العامة الخاصة أو التجريبية، منها على سبيل المثال تباين المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وهم أيضًا يختلفون عن ذويهم من طلاب الثانوي الفني سواء العام الحکومي أو الخاص، وذلک في عديد من المتغيرات منها على سبيل المثال أن طلاب الثانوي العام يفوقونهم علميًا، وأنهم لديهم الفرصة أکثر منهم في مواصلة مشوار حياتهم التعليمي بعد الثانوية.

وهذا يعني في مضمونه أننا أمام عينات بينها تباين على مستويات عدة، الأمر الذي يجعلنا نتسأل هل ستتباين الآمال والأهداف بتباين العينات والمستوى التعليمي؟ وهل سيکون للمستوى الاجتماعي الاقتصادي تأثير بارز في الفروق بين الجنسين في التوجه نحو المستقبل؟ وهناک جانب أخر يمکن بحثه مستقبلاً وهو الجانب المتعلق بالامتداد الزمني في المستقبل، وکذلک الجانب المتعلق بکثافة المجالات لدى کل العينات السابق ذکرها من طلاب المراحل الثانوية العامة المتباينة "عام وخاص وتجريبي"،والثانوية الفنية "صناعي وتجاري وزراعي وفندقي". 

وهناک عينات أخرى في ظن الباحث، وحسب حدود علمه، لم تلق الاهتمام الکاف في مصر من حيث التعرف إلى أمالها وأهدافها المستقبلية تجريبيًا، أو بالتحليل الوصفي الاستکشافي، وهي العينات التي تنتمي للمرحلتين الابتدائية والإعدادية من الجنسين، ويرتبط بهذا أن الدراسة الحالية إنما أجريت على المستوى المجتمعي المحلي "مصر"، وبالتالي فالنتائج التي کشفت عنها الدراسة سوف تکون مرتبطة بطبيعة المجتمع المصري الذي منه عينة الدراسة، وفي ضوء الثقافة التي تربى عليها أفراده من عينة الدارسة، وهذا يدفعنا لتساؤل مهم هو: هل لو أجرينا هذه الدراسة على مجتمع أخر غير المجتمع المصري، وهو المجتمع العربي، سنحصل على نفس النتائج؟ وهل لن يکون للتباين الثقافي والحضاري والاقتصادي والمجتمعي والنوعي أية تأثيرات على الآمال والأهداف المستقبلية لأفراد تلک الثقافات؟ إن الإجابات على تلک الأسئلة وغيرها مما يرتبط بها، يعني إننا في حاجة ماسة لإجراء مثل تلک الدراسات على عينات عمرية وثقافية وحضارية متباينة.      

وبعد، يبقى القول أن النتائج التي جاءت بالدراسة الحالية قد أسهمت في التعرف إلى الخصائص البنائية لحيز الحياة المتصور مستقبلاً لدى الجنسين من عينة الدراسة الحالية، تلک الخصائص التي تبين أنها ترتبط على وجه الخصوص بکل من الامتداد الزمني في المستقبل، وکذلک تمثيل المستقبل المرتبط بتمثيل الحاضر والماضي فيما يرويه أفراد عينة الدراسة ممن الجنسين عن أنفسهم، ومما أسهمت به نتائج الدراسة أنها کشفت عن النزعة الشخصية للتفکير في المستقبل لکل جنس، وتوجيه سلوکهم تجاه هذا المستقبل الأتي قريبًا أو بعيداً، أو حتى في الحاضر الحالي، وذلک بغض النظر عن الأوضاع أو مواقف الحياة.

ومما أبرزته النتائج بشکل جلي أيضًا، إنما يکمن في أنها ساعدتنا في التعرف إلى الامتداد الزمني المستقبلي للمراهقين والمراهقات، على اعتبار أنه قضية سيکولوجية، وذلک في ضوء ما يراه "فرانک" عن التوجه المثالي نحو المستقبل کشرط ضروري للسلوک الو سيلي، ففي ضوء رؤيته لهذا الأمر، فهو يرى أنه کلما کان ترکيز المنظومات الزمنية للفرد أبعد، کلما قام بسلوکيات استعدادية، أو وسيلية تعتمد على الحاضر فقط کوسيلة للسلوک المستقبلي، وکلما کان الترکيز على الحاضر فقط کلما مارس سلوکيات استهلاکية وتصرف بسذاجة فيهما تجاهل للعواقب والنتائج، ويکون الأمر کذلک إذا کان ترکيز الفرد على المستقبل البعيد جدًا، لدرجة أنه يُفقد الفرد تأثيره بالکامل على الحاضر.



في ضوء ما اطلع عليه الباحث من البحوث والدراسات التي تناول عديد منها عملية التخطيط من نموذج  Nurmi, 1991))، فإنه لن يتناول هذه العملية في الدراسة الحالية، وسوف يکتفي بتناول الأهداف المستقبلية وتقييمها باعتبارهما اثنان من عمليات النموذج النظري المعروف بالتوجه نحو المستقبل، ولکون الدراسات التي تناولتهما قليلة على مستوى الدراسات الغربية، ونادرة – إن لم تکن غير موجودة حسب حدود علم الباحث – بالنسبة للدراسات العربية والمحلية.

سوف يتناول الباحث في الدراسات السابقة العلاقة بين الامتداد وبعض المتغيرات الديموجرافية مثل العمر والنوع والطبقة.

تنظر "Seginer" إلى ما يرويه المراهقون عن آمالهم ومخاوفهم المستقبلية على أنه بمثابة سيرة ذاتية.

* سوف يکتفي الباحث فقط بعرض الدراسات السابقة التي تناولت المدى العمري المطابق لعينة الدراسة الحالية، حيث إن الدراسات التي أجريت على المستوى المحلي، إنما أجريت على عينات من طلاب الجامعة منها دراسة (أبو زيد، 1991)، (عبد السلام، 1995)، ودراسة (بدر، 2003 "أ")، ودراسة (عبد المنعم، 2008)، وأخيرًا ودراسة (عامر، 2010)، التي أجريت بهدف تحليل مضمون أمنيات عينة بحرينية من تلاميذ أحد المدارس الخاصة الذين ينتمون للمرحلتين الابتدائية والإعدادية من الجنسين.

سوف يکتفي الباحث بتناول الفروق بين الجنسين في ضوء موضوع البحث، وليس في ضوء الفروق الثقافية بينهما.

مقابلة شبه واضحة البناء، وهي مقابلة شخصية تُستخدم فيها مجموعة من الأسئلة أو الموضوعات سابقة التحديد. (جابر وکفافي، 1995: 3762 "ج 7).

سوف يکتفي الباحث بتحليل الآمال التي عددها المراهقون من الجنسين، ذلک لأنهم في الأغلب والأعم، حين عددوا مخاوفهم کانت عکس ما عددوه من الآمال، ومثال ذلک في الآمال: "أتمنى أن أحصل على مجموع مرتفع، يؤهلني لدخول الکلية التي أتمناها"، وفي المخاوف: "أخاف ألا أحصل على المجموع المرتفع الذي يؤهلني لدخول الکلية التيأتمناها"، غير أن الباحث قد يتناول لاحقًا جانب من تلک المخاوف التي تخص کل جنس، وذلک بغرض الاسترشاد بها.

النقاط أو المجالات الخمسة السابق ذکرها، لا تمثل کل المجالات الرئيسة لدى المراهقين والمراهقات، وهذا سوف يتضح فيما بعد.

ما سيلي ذکره مما عبر عنه أفراد عينة المراهقين، وکذلک المراهقات فيما بعد، يُعبر عن جزء بسيط جدًا من کثير مما ذکره أو عبر عنه أفراد العينة من الجنسين.

‌لما کان أفراد العينة ينتمون للقسمين العلمي والأدبي، فقد تباينت أرقام السنوات التي حددها کل منهم بالنسبة لسنة تخرجهم من الجامعة، وذلک لأن عدد سنوات الدراسة بالکليات العملية أطول من عدد سنوات الدراسة بالکليات النظرية.

لم تتباين الاهتمامات الدينية لدى المسلمين أو المسيحيين من أفراد العينة، فالکل يتمنى رضا الله، وأن يحافظوا على دينهم.

سيأتي الحديث عنها وهي (9) مجالات للذکور، و (7) مجالات للإناث.

«لم تتناول دراسة سابقة عرض يتضمن ترتيب المجالات التي يتجه إليها الذکور أو الإناث، وهذا ما يميز الدراسة الحالية، وتنفرد به.

جاء مجال الزواج في مقدمة الأهداف لدى الإناث في معظم الدراسات السابقة، کما بينت الدراسات السابقة أنهن أکثر توجهًا نحو المستقبل الأسري.

éکثير من العبارات کُتبت باللغة العامية، وقد تم تعديلها بما يتوافق مع الأسلوب العلمي للبحث وقواعد اللغة العربية.

المراجع
أولاً: المراجع العربية   
1.أبو زيد، نبيلة أمين (1991). النظرة المستقبلية لدى شباب الجامعة من الجنسين: دراسة استطلاعية، القاهرة: المجلة المصرية للدراسات النفسية، العدد (24)، 48-61.
2.  الجهني، محمد فالح (2009). الدراسات المستقبلية: شغف العلم وإشکالات المنهج.
3.  الحفني، عبد المنعم (1994). موسوعة علم النفس والتحليل النفسي، ط (4)، القاهرة: مکتبة مدبولي.
4.بدر، إبراهيم محمود (2003 "أ"). مستوى التوجه نحو المستقبل وعلاقته ببعض الاضطرابات لدى الشباب الجامعي، القاهرة: المجلة المصرية للدراسات النفسية ، 13(38)، 15-52.
5.بدر، إبراهيم محمود (2003 "ب"). مستوى التوجه نحو المستقبل وعلاقته ببعض الاضطرابات لدى الشباب الجامعي: دراسة مقارنة بين عينات مصرية وسعودية، القاهرة: المجلة المصرية للدراسات النفسية، 13(40)، 33-83.
6.  دسوقي، کمال (1988). ذخيرة علوم النفس، المجلد (1)، القاهرة: الدار الدولية للنشر والتوزيع.
7.  زيدان، سها عبد الله (2007). هواجس المستقبل عند الشباب: دراسة ميدانية على طلاب کلية التربية- جامعة دمشق.
8.  سباهي، حسين محي الدين (2011). الزمن السيکولوجي بين الذاتي والميقاتي.
9.  صبحي، سيد (2002). الشباب وأزمة التعبير القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.
10. طه، فرج عبد القادر (1993). مصطلح "اتجاه"، في طه:، فرج عبد القادر: موسوعة علم النفس             والتحليل النفسي، القاهرة: دار سعاد الصباح.
11. عامر، أيمن (2010)، تحليل مضمون أمنيات الأطفال المستقبلية في ضوء متغيرات الموهبة والنوع والمرحلة التعليمية، القاهرة: مجلة دراسات نفسية، 20(1): 1-52.
12.عبد السلام، السيد عبد الدايم ( 1995 ) " منظور زمن المستقبل کمفهوم دافعي معرفي وعلاقته بکل من الجنس والتخصص ، والتحصيل الأکاديمي لدى طلبة کلية التربية جامعة الزقازيق ، القاهرة: مجلة دراسات نفسية، 5(4): 643 - 676.
13. عبد المنعم، أحمد السيد (2008). دراسة التوجه المستقبلي من حيث علاقته بتحقيق الذات وسمات الشخصية الإبداعية لدى عينة من الشباب، رسالة ماجستير غير منشورة، کلية التربية – جامعة عين شمس.
ثانيًا: المراجع الأجنبية
1.  Athawale, R. (2004). Cultural, gender and socio-economic differences in time perspective among adolescents. A dissertation submitted in accordance with the requirements for the degree Magister Scientae in the Faculty of Humanities of the University of the Free State.
2.  Beal, S. J. (2011). The development of future orientation: Underpinnings and related constructs. A dissertation presented to the Faculty of the Graduate College, University of Nebraska in partial fulfillment of requirements for the degree Doctor of Philosophy (Psychology).
3.  Bentley, A. M. (1983). Personal and global futurity in Scottish and Swazi students. Journal of Social Psychology, 12, 223-229.
4.  Cabrera, P., Auslander, W. Polgar, M. (2009). Future orientation of adolescents in foster care: Relationship to trauma, mental health, and HIV risk behaviors. Journal of Child & Adolescent Trauma, 2: 271-286.
5.  Call, K., Riedel, A., Hein, K., McLoyd, V., Petersen, A., & Kipke, M. (2002). Adolescent health and well-being in the twenty-first century: A global perspective. Journal of Research on Adolescence, 12(1), 69-98.
6.  Cartron-Guerin, A., & Levy, P. (1980). Achievement and future time perspective among preadolescents: range, nature, and optimism of future plans. Psychological Bulletin, 33, 747-753.
7.  Cooper, K. (2010). Development and validation of the Adolescent Time Perspective Inventory. A Dissertation submitted in partial satisfaction of the requirements for the degree Doctor of Philosophy in Social Welfare, University of California.
8.  Daltrey, M. H., & Langer, P. (1984). Development and evaluation of a future time perspective. Perceptual and Motor Skills, 58(3), 719-725.
9.  Dunkel, C.S. (2000). Possible selves as a mechanism for identity exploration. Journal of Adolescence, 23, 519-529.
10.Eccles, J. S., & Wigfield, A. (2002). Motivation, beliefs, and goals. Annual Review of Psychology. 53, 109-132.
11.Freire, E., Gorman, B., & Wessman, A. E. (1980). Temporal span, delay of gratification, and children's socioeconomic status. Journal of Genetic Psychology, 137, 247-255.
12.Gillies, P., Elmwood, J. M., & Hawtin, P. (1985). Anxieties in adolescents about employment and war. British Medical Journal, 291, 383.
13.Gottfredson, L. S. (1981). Circumscription and compromise: A developmental theory of occupational aspirations. Journal of Counseling Psychology. 28(6), 545-579.
14.Greene, A. L. (1986). Future-time perspective in adolescence: The present of things future revised. Journal of Youth and Adolescence, 15, 99-111.
15.Greene, A. L. (1990). Great expectations: Constructions of the life course during adolescences. Journal of Youth and Adolescences, 19(4): 289-306.
16.Hirsch, J. K.; Duberstein, P. R.; Conner, Kenneth R.; Heisel, M. J.; Beckman, A.; Franus, N.; & Conwell, Y. (2006). Future orientation and suicide ideation and attempts in depressed adults ages 50 and over. American Journal of Geriatric Psychiatry, 14(9): 752-757.
17.Honora, D. T. (2002). The relationship of gender and achievement to future orientation outlook among African American adolescents. Adolescence, 37, 301-316.
18.Horstmanshof, L., & Zimitat, C. (2007). Future time orientation predicts academic engagement among first-year university. British Journal of Educational Psychology, 77(3): 703-718.
19.Jackson, W. H. (2006). Time perspective and motivation.
20.Jambori, S. (2004). Socialization agents influencing adolescents' future   orientation.
21.Kerpelman, J. L., & Mosher, L. S. (2004). Rural African American adolescents' future orientation: The importance of self efficacy, control and responsibility, and identity development. Identity: An International Journal of Theory and Research, 4, 187-208.
22.Knox, M., Funk, J., Elliott, R., & Bush, E. G. (2000). Gender differences in adolescents' possible selves. Youth & Society, 31, 287-309.
23.Kreitler, S., & Kreitler, H. (1987). Plans and planning: Their motivational and cognitive antecedents. In: S. H. Friedman, E. Kofsky Scholnick, & R. R. Cocking (Eds.), Blueprints for thinking. The role of planning in cognitive development. Cambridge University Press.
24.Kuhn, D. (2008). Formal operations from a twenty-first century perspective. Human Development, 51(1), 48-55.
25.Kuo, S., & Spees, E. R. (1983). Chinese-American student life-style: A comparative study, Journal of College Student Personal, 24, 111-117.
26.Lamm, H., Schmidt, R., & Trommsdorff, G. (1976). Sex and social class as determinants of future orientation (time perspective) in adolescents. Journal of Personality and Social Psychology, 34, 317-326.
27.Malmberg, L. E., Ehrman, J. &d Lithen, T. (2005). Adolescents' and parents' future belifs. Journal of Adolescence, 28, 709-723.
28.McCabe, K., & Barnett, D. (2000"a"). First comes work, then comes marriage: Future orientations among African American young adolescents. Family Relations, 49(1), 63-70.
29.McCabe, K. M., & Barentt, D. (2000"b"). The relation between familial factors and the future orientation of urban, African American sixth graders. Journal of Child and Family Studies, 9(4): 491-508.
30.McInerney, D. M. (2004). A Discussion of Future Time Perspective. Educational Psychology Review, 16(2), 141-151.
31.Meade, R. D. (1968). Psychological time in India and America. Journal of Social Psychology, 76, 169-174.
32.Meade, R. D. (1971). Future time perspectives of college students in America and India. Journal of Social psychology, 83, 175-182.
33.Meade, R. D. (1972). Future time perspectives of Americans and sub-cultures in India. Journal of Cross-Cultural Psychology, 3, 93-99.
34.Mehta, C. M. (2008). An examination of collectivist and individualistic young adult women's future orientation goals and their evaluation. A Dissertation submitted to the Eberly College of Arts and Sciences at the West Virginia University  in partial fulfillment of the requirements for the degree of Doctor of Philosophy in Psychology.
35.Mehta, P. H., Rohila, P. K., Sundberg, N. D., & Tyler, L. E. (1972). Future time perspective of adolescents in India and the United States. Journal of Cross-Cultural Psychology, 3, 293-302.
36.Mello, Z. R., & Worrell, F. C. (2006) The relationship of time perspective to age, gender, and academic a achievement among academically talented adolescents. Journal for the Education of the Gifted, 29 (3): 271 – 289.
37.Mello, Z. R. (2008). Gender variation in developmental trajectories of educational and occupational expectations and attainment from adolescence to adulthood. Developmental Psychology, 44(4), 1069-1080. 
38.Mirza, S. A. & Somers, C. L. (2004). Future orientation among Caucasian and Arab-America adolescents: The Role of realism about Child-rearing and perceptions of others' acceptance of adolescent pregnancy. School Psychology International 25(3): 361-372.
39.Moshman, D. (2009). Adolescence. In U. Muller, J. Carpendale & L. Smith (Eds.), The Cambridge Companion PIAGET (255-269). Cambridge University Press: New York City.
40.Neblett, G.G., & Cortina, K.S. (2006). Adolescents' thoughts about parents' Jobs and their importance for adolescent's future orientation. Journal of Adolescence 29, 597-811.
41.Nurmi, J-E. (1987). Age, sex, social class, and quality of family interaction as determinants of adolescents' future orientation: A developmental task interpretation. Adolescence, 22 (88). 977-991.
42.Nurmi, J-E.   (1989). Development of orientation toward the future during early adolescence: A four-year longitudinal study and two cross-sectional comparisons. International Journal of Psychology, 24, 195-214.
43.Nurmi, J-E.  (1991). How do adolescents see their future? A review of the development of future and planning. Developmental Review, 11, 1-59.
44.Nurmi, J-E. (1993). Adolescent development in age-graded context: The role of personal beliefs, goals, and strategies in the tackling of developmental tasks and standards. International Journal of the Study of Behavioral Development, 16, 169-189.
45.Nurmi, J-E. (2004). Socialization and self development: Channeling, selection, adjustment, and reflection. In R. Lerner & L. Steinberg (Eds.), Handbook of Adolescent Psychology, Second edition (85-124). New Jersey: Wiley.
46.Nurmi, J-E.  (2005). Thinking about and acting upon the future: Development of future orientation across the life span. In: A. Strathman, & J. Joireman (Eds.), Understanding behavior in the context of time: Theory, research, and application (31-57). Mahwah, NJ: LEA.
47.Nurmi, J-E., Poole, M. E., & Kalakoski, V. (1993). Age differences in adolescent future-oriented goals, concerns, and related temporal extension in different sociocultural contexts. Journal of Youth and Adolescence, 23, 471-487.
48.Nurmi, J-E., Poole, M. E., & Seginer, R. (1995). Tracks and transitions – A comparison of adolescent future-oriented goals, explorations, and commitments in Australia, Israel, and Finland. International Journal of psychology, 30, 355-375.
49.Padawer, E. A., Jacobs-Lawson, J. M. J., Hershey, D. A., & Thomas, D. G. (2007). Demographic indicators as predictors of future time perspective. Current Psychology, 26, 102-108.
50.Phan, H. P. (2009). Future time perspective in sociocultural contexts: A discussion paper. Electronic Journal of Research in Educational Psychology, 7(2): 761-778.
51.Pieterse, A. M. (2005). The relationship between time perspective and career maturity for grade 11 and 12 learners. Thesis submitted in accordance with the requirements for the degree Magister Societatis Scientae (Counseling Psychology) in the Faculty of Humanities at the University of the Free State.
52.Poole, M. E., Sundberg, N. D., & Tyler, L. E. (1982). Adolescents' perception of family decision-making and autonomy in India, Australia, and the United States. Journal of Comparative Family Studies, 18, 349-357.     
53.Poole, M. E., & Cooney, G. H. (1987). Orientations to the future: A comparison of adolescents in Australia and Singapore. Journal of Youth and Adolescence, 16, 129-151.
54.Prenda, K. M., & Lachman, M. E. (2001). Planning for the future: A life management strategy for increasing control and life satisfaction in adulthood. Psychology and Aging, 16(2): 206-216.
55.Pulkkinen, L. (1984). A longitudinal perspective on future-orientation in late adolescence. A paper presented at the XXIII International Congress of Psychology, Acapulco.
56.Pulkkinen, L. (1995). Home atmosphere and adolescent future orientation. European Journal of Psychology of Education, 1, 33-43.
57.Pulkkinen, L., & Ronka, A. (1994). Personal control over development, identity formation, and future orientation as components of life orientation: A developmental approach. Developmental Psychology, 30(2) 260-271.
58.Raynor, J. O. & Rubin, I. S. (1971). Effects of achievement motivation and future orientation of level of performance. Journal of Personality and Social Psychology, 7(1): 36-41.
59.Rivas Torres, R. M. & Fernandez, P. F. (1995). Self-esteem and value of health as determinants of adolescent health behavior. Journal of Adolescent Health, 16, 60-63.
60.Robbins, R.N. & Bryan, A. (2004) Relationships between future orientation, impulsive sensation seeking, and risk behavior among adjudicated adolescents. Journal of Adolescents Research, 19(4), 428-455.
61.Salmela-Aro, Vuori, J., & Koivisto, P. (2007). Adolescents' motivational orientations, school-subject values, and well-being: A person-centered approach. Hellenic Journal of psychology, 4, 310-330.
62.Schmidt, R. W., Lamm, H., & Trommsdorff, G. (1978). Social, Class and sex as determinants of future orientation (time respective). European Journal of Social Psychology, 8 (1): 71 – 95.
63. Seginer, R. (1988). Adolescents facing the future. Cultural and sociopolitical perspectives. Youth and Society, 19, 314-333.
64.Seginer, R. (2000). Defensive pessimism and optimism correlates of adolescent future orientation. Journal of Adolescent Research, 15(3): 307-326.
65.Seginer, R. (2009). Future orientation: Development and ecological perspectives. New York: Springer.
66.Seginer, R., & Lilach, E. (2004). How adolescents construct their future: The effect of loneliness on future orientation. Journal of Adolescence, 27(6), 625-643.
67.Seginer, R., Vermulst, Ad, and Shoyer, S. (2004). The indirect link between perceived parenting and adolescent future orientation: A multi-step model. International Journal of Behavioral Development, 28(4): 365-378.
68.Seginer, R., & Noyman, M. S. (2005). Future orientation, identity and intimacy: Their relations in emerging adulthood.  European Journal of Developmental Psychology, 2(1): 17-37.
69.Seginer, R., & Halabi-Kheir, H. (1998). Adolescent passage to adulthood: Future orientation in the context of culture, age and gender. International Journal of Intercultural Relations, 22, 309-328.
70.Seginer, R. & Schlesinger, R. (1998). Adolescents' future orientation in time and place: The case of the Israeli kibbutz. International Journal of Behavioral Development, 22, 151-167.
71.Seijts, G. (1998). The importance of future time perspective in theories on work motivation. Journal of Psychology, 132, 154-169.
72.Solantaus, T. (1987). Hopes and worries of young people in three European countries. Health Promotion, 2, 19-27.
73.Suddendorf, T., & Corballis, M. C. (1997). Mental time travel and the evolution of the human mind. Genetic, Social and General Psychology Monographs, 123, 133-168
74.Sundberg, N. D., Poole, M. E., & Tyler, L. E. (1983). Adolescents' expectations of future events: A cross-cultural study of Australians, Americans, and Indians. International Journal of Psychology, 18, 415-427.
75.Trommsdorff, G. (1983). Future orientation and Socialization. International Journal of Psychology, 18(3/4): 381-406.
76.Trommsdorff, G. (1986). Future time orientation and its relevance for development as action. In Sibereisen, R. K., Eyferth, K., and Rudiger, G. (Eds.), Development as actions in Context: Problem behavior and normal youth development. (121-136), Springer-Verlag, Berlin/New York.
77.Trommsdorff, G. (1994). Future time perspective and control orientations: Social conditions and consequences. In Z. Zaleski (Ed.). Psychology of future orientation (39-62). Lublin, Poland: Towarzystwo Naukowe KUL.
78.Trommsdorff, G., & Lamm. H. (1975). An analysis of future orientation    and some of its social determinants. In J. T. Fraser & H. Lawrence (Eds.), The study of time II (343-361). New York: Springer.
79.Trommsdorff, G., Lamm, H., & Schmidt, R. W. (1979). A longitudinal study of adolescents' future orientation (time perspective). Journal of Youth and Adolescence, 8, 132-147.
80.Wyman, P. A., Cowen, E. L., Work, W. C., & Kerley, J. H. (1993). The role of children's future expectations in self-system functioning and adjustment to life stress: A prospective study of urban at-risk children. Development and Psychopathology, 5, 649-661.
81.Webley, P., & Nyhus, E. K. (2006). Parents' influence on children's future orientation and saving. Journal of Economic Psychology, 27, 140-164.
82.Worrell, F. C., & Mello, Z.R. (2007). The reliability and validity of Zimbardo Time Perspective Inventory scores in academically talented adolescents. Educational and Psychological Measurement, 67, 487-504.
83.Yowell, C. M. (2000). Possible selves and future orientation: Exploring hopes and fears of Latino boys and girls. Journal of Early Adolescence, 20, 245-280.
84.Zimbardo, P.G. (2008). The time paradox: The new psychology of time that will change your life. New York: Free Press.