رسوم الحضارة الفرعونية بين الشکل والوظيفة

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 باحث ماجستير بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية - جامعة المنصورة

2 أستاذ النحت ورئيس قسم التعبير المجسم کلية التربية الفنية جامعة حلوان

3 المدرس بقسم التربية الفنية – کلية التربية النوعية بالمنصورة

المستخلص

ملخص البحث
يهدف البحث الحالي التعرف على العلاقة بين الشکل والوظيفة للرسوم الفرعونية والتعرف على دور العقيدة المصرية وتأثيرها على شخصية الفنان في استمداد موضوعات رسومه والتعرف على دور کلاً من الأسطورة والسحر في المعالجات التشکيلية .
ويتناول الباحث توضيح وتحليل الرسوم الفرعونية المرتبطة بالدولة الوسطى وما اتسمت به هذه الرسوم من طابع ديني .
وتوصل الباحث إلى نتيجة هامة وهي أن للرسوم الفرعونية سواء کانت بارزة أو غائرة أو مرسومة على أوراق البردي أو منقوشة على سائر مقتنيات الأسر الفرعونية ، کان لها جانب وظيفي يتبع العقيدة الفرعونية وهي عقيدة البعث والخلود. 

الموضوعات الرئيسية


مقدمة البحث

تعتبر الرسوم الفرعونية من أهم ما خلفه لنا المصريون القدماء لأنه يکشف عن عقائد المصريين وأفکارهم حيث عبر الفنان عن آداب وعادات المجتمع کما عبر عن الحياة السياسية والاجتماعية التي کان يحياها ، إلى أن جعلها مرجعاً لکل ما يحيط بالإنسان في مصر القديمة .

حيث أتحدت کلاً من الشکل والوظيفة في الرسوم ولذلک أصبح لها جانبين :- جانب جنائزي وذلک لمساعدة المتوفى على البعث والخلود في حياة الأبدية . وجانب تجميلي وهو زخرفة کل ما استطاع الإنسان أن يصل إليه ويتعامل معه .

ومما يؤکد أهمية الرسوم في حياة المصريين أنهم اعتبروها هي وفن الکتابة الهيروغليفية جزءاً من نظرية الخلق في عقيدتهم . حيث أن کلاً منهما کان قابلاً للحرکة واستيعاب الحياة ، وذلک باستخدام بعض الوسائل السحرية طبقاً لتلک العقيدة، وبذلک فانه من الضروري توضيح العلاقة بين الشکل والوظيفة في هذه الرسوم .

مشکلة البحث :

الحضارة المصرية حضارة قائمة على العقيدة وهي عقيدة البعث والخلود وهذه العقيدة تؤکدها الآثار المنتشرة في مصر، والرسوم جزءاً هاماً من هذه الحضارة ولذلک فإنه من الضروري توضيح العلاقة التي تربط هذه الرسوم وتلک العقيدة. ويمکن تحديد مشکلة البحث في التساؤلات التالية :

1-      ما حقيقة اقتصار الرسوم في مصر الفرعونية على الأغراض الدينية ؟ وما علاقتها بالسحر والأساطير الشائعة في بيئتهم ؟

2-      ما علاقة الشکل بالوظيفة في الفن المصري القديم ؟

3-      ما مدى توفيق الفنان المصري القديم في صياغة الشکل والوظيفة لتلک الأعمال من خلال التشکيل الواقعي والرمزي ؟

4-      ما مدى استطاعة الفنان المصري القديم من خلال رسومه التأثير على المجتمع ؟

أهداف البحث

يهدف البحث الحالي إلى تحقيق الأهداف التالية:-

1-      توضيح العلاقة بين الشکل والوظيفة للرسوم الفرعونية.

2-      الکشف عما تولد عن الأسطورة من إيحاءات ودلالات في معالجة الرسوم الفرعونية.

أهمية البحث

تکمن أهمية البحث في :

1-      يسهم البحث في توضيح وتحليل الرسوم الفرعونية وما اتسمت به هذه الرسوم من طابع ديني .

2-      إلقاء الضوء على الرسوم الفرعونية لإثراء الفن المعاصر.

فروض البحث

1-      يوجد للعقيدة أثر على کلاً من الشکل والوظيفة في صياغة الرسوم الفرعونية.

2-      يوجد مقدرة لدى الفنان المصري القديم على توظيف الشکل لخدمة العقيدة .

منهجية البحث

تتبع الدراسة الحالية المنهج الوصفي التحليلي .

حدود البحث

يتناول البحث الرسوم الفرعونية في الدولة الوسطى .

الإطار النظري للبحث

أولاً: الأساطير

ليست الأسطورة مجرد حکاية خرافية ، بل هي منهج فکري استخدمه الإنسان القديم ليعبر به عن نظراته في الکون ، بدء الخليقة ، والنظام الکوني ، والصراع الأزلي بين الخير والشر.. الخ ، ويطرح فيه تساؤلات عما يراه من تناقضات تشوب هذا النظام الرائع الذي ابتدعه الإله الأعلى وسنه للحياة.

والواقع أن الکثير من العلماء اعتبروا الأسطورة في منشئها حادثة أو مجموعة من الأحداث التاريخية الهامة التي تحولت في مخيلة الإنسان القديم إلى أحداث خارقة للمألوف ، وربطت بالدين ومن ثم خلع أبطالها رداءهم البشري وباتوا آلهة([1]).

يذکر " ميرسيا الياد " أن من الصعب إيجاد تعريف للأسطورة ، يقبله جميع العلماء والباحثين ، ويکون في الوقت ذاته في متناول المتخصصين ، فالأسطورة واقعة ثقافية شديدة التعقيد ، يمکن مباشرتها وتفسيرها من منظورات متعددة ، يکمل بعضها بعضاً([2]).

لقد لعبت الأساطير في الفترة الأولى  من تاريخ البشرية دوراً هاماً في الحياة الفکرية ، لقد کانت الوسيلة المبکرة في محاولة فهم العالم وتحديد معالمه . إنها البداية لرحلة طويلة يصارع الإنسان فيها ليقيم علاقة مفهومة بينه وبين الطبيعة وقواها المختلفة القاسية أحياناً والرحيمة أحياناً([3]). 

وتعتبر الأساطير ذات أهمية بالغة لفهم تراث الحضارات ودراستها ، إذ لا يمکن الاستغناء عنها لفهم التاريخ وتذوق الفنون والآداب وتفسير المعتقدات الدينية ، وتحليل النظريات الفلسفية. ولا شک أن الأساطير قائمة على أساس من الحقيقة. غير أن الخيال الإنساني مع مر الأيام ألبس الحقيقة من الأوهام أردية جعلتها بعيدة عن المعقول ، وإن تکن قريبة محببة إلى النفوس. ومع ذلک فأغلب الأساطير يدور حول إنشاء حياة أفضل([4]).

والأسطورة تغطي کل مساحة النفس التي اکتشفها علم النفس الحديث ، ومن ثم فهي بمثابة خط حياة وقدر مرسوم . وتمثل تطور هذه النفس وکل الصراعات الداخلية التي تعمل فيها مما يجعلها صالحة کموضوع درامي أصيل .

وان الأسطورة تعد نوعاً من الإبداع الفکري داخل إطار خيالي ومن عوامل تکون الأسطورة بداية العقل وعدم استساغة الرأي وعدم تقبل الأفکار کلما أمعن العقل في البدائية کانت الأسطورة أمعن من الخيال([5]).

وعلى الرغم من کل ما يقال عن الأسطورة فهي المادة الحقيقية التي يجب الرجوع إليها لمعرفة وفهم الجانب الخفي من حياة المجتمع([6]).

والأساطير المصرية ليست بقصص محبوکة ومترابطة. وهي تدور حول آلهة تمثل قوى الطبيعة لا حول أفراد متعاظمين من بني البشر کما ترتبط أحداثها ارتباطاً وثيقاً بما يدور في المعبد أو ما يدور في ممارسة الطقوس الشعبية([7]).

وظهرت الأساطير کتعبير رمزي يصور ما يجري في أعماق النفس البشرية في مقابل أحداث الطبيعة الخارجية ، إن الأسطورة تعبير عن العالمين الداخلي والخارجي کما تفهم الأسطورة أحياناً کمحاولة للتفسير ولذلک يطلق عليها البعض    "علوم ما قبل عصر العلوم"  والأساطير جعلت من الآلهة کائنات حية لکل منها صفاته الخاصة بل هي التي دفعت الناس إلى الشعور نحو البعض منها بالحب ونحو البعض الآخر بالکره والبغضاء فالأساطير هي التي جعلت من ايزيس إله طَيبة ومن ست إلهاً مکروهاً([8]).

والأساطير عند المصريين روايات لما فعلته الأرباب عند خلق الدنيا ، بيد أن أحداثها ترمز إلى النظام الحالي الذي تخضع له المخلوقات ، فلم يکن وجود الحقبة الأسطورية عبثاً بل هي وحدت لتفسير دنيا الأزمان التاريخية وتبرر أحداثها([9]). کما أن الأساطير مملوءة بالتصورات الدينية والخيالية فهي تجسيد لنماذج مثالية ولمواقف إنسانية .

ولا يمکن فهم الأساطير المصرية دون الرجوع المستمر لما يدعمها من نصوص اللاهوت بحثاً عن مغزاها الديني والميتافيزيقي([10]) واللعب بالألفاظ قد يخلق تفصيلاً جديداً للتصور الأسطوري. لقد کانت مصادر الأساطير المصرية محددة ويمکن أن نحددها في ثلاث نصوص هي :

1-                   نصوص الأهرام          الدولة القديمة

2-                   نصوص التوابيت         الدولة الوسطى

3-                   کتاب الموتى               الدولة الحديثة

 

1-        نصوص الأهرام

تعتبر أقدم الآداب الدينية المدونة ، فهي مجموعة من أناشيد وتمائم تحتوي على کثير من السحر للحماية والوقاية من شرور العالم الآخر ، وتتضمن مراثي للملک المتوفى ، وتمائم يفترض أنها تساعده على البعث واستعادة حواسه([11]) .

وهي تعاويذ وترانيم وأساطير في أسلوب شعري جميل تتعلق بمراسم تمکين الملک المتوفى من أن يأخذ مکانه بين الآلهة وليصبح متحداً مع "رع" ملک الآلهة . ومجموع النصوص التي عثر عليها في الأهرام 714 تعويذة وتحتوي على صلوات وبعض طقوس دينية وإشارات إلى ما کان بين الآلهة من حروب([12]) . کما أنها تحتوي على کثير من أسماء هذه الآلهة وصفاتهم وکثيراً من تصورات المفکرين عن الخلق الأول ونشأة الوجود .

ونقشت نصوص الأهرام بإتقان على الجدران الحجرية لغرفة دفن الملک بحيث تبدأ من فوق رأس الملک الراقد في تابوته ، کأنما قصد أن تکون في متناول الملک حتى يتمکن من الاستعانة بها إذا لزم الأمر ، وقد اتخذ الفنان حيطته في تدوين النصوص بالکتابة المصورة (الهيروغليفية([13])) ([14]).

وهي لم تکن وليدة عصر کتابتها وحده وإنما کانت من تراث عصور طويلة سابق وإنتاج کتابات فکرية متباينة ولهذا تضمنت صوراً أخروية ودنيوية وأسطورية وفلسفية وبعضها بدائي مضطرب وبعضها راقي منطقي.

وقد کانت متون الأهرام عبارة عن نصوص متفرقة قبل عهد "أوناس([15])" في صدور الکهان وعلى أفواه الرواة والمحدثين وعلى صفحات البردي ولحاف الفخار والأحجار حتى صحت الرغبة في عهد أوناس في تسجيلها في باطن هرمه تأکيداً لاستفادته الأخروية من تراتيل الدين التي تضمنتها ، فجعلته هرمه يتصف بالفخامة رغم صغر حجمه وحين ذلک توافد على المشرفين على بناء هرمه کل من ظن أنه يعرف من التعاويذ والتراتيل ما ينفع الفرعون([16]) في أخراه . فتقبلوا منهم کل ما تتسع له المسطحات المعدة للنقش في باطن الهرم فيما عدا الجدار الغربي لحجرة الدفن حيث يوضع التابوت عادة.

کما أن نصوص الأهرام بما تشمله من صور للآخرة تجسم الآراء والمعتقدات التي نشأت منذ خمسة آلاف سنه وکانت المصدر الأول لتلک العقيدة وبرغم ما تحتويه من إبداع ومهارة في الأسلوب إلا أنها لم تعکس وحدة متجانسة . فنحن حين نجد الملک متربعاً على العرش وحيناً أخرى نراه هائماً في حقول الغاب سعياً وراء القوت وثالثة يرکب سفينة الشمس وحيناً نراه نجماً ساطعاً تابعاً للشمس ، وعلى الرغم مما في تلک الصور من متناقضات إلا أنها في مجملها تدور حول فکر واحد ينشد السعادة الأبدية لملک شبيهة بالآلهة.

ومن غرائب نصوص الأهرام خلوها المطلق من شکل السمک حيث لا تعرف العلة الدينية أو غير الدينية لذلک([17]) .

2-        نصوص التوابيت

هي کتابات دينية مدونه معظمها على جدران التوابيت الخشبية ظهرت في فترة الانتقال بين الدولة القديمة والوسطى . کذلک من زمن الأسرتين التاسعة والعاشرة وهو ما يعرف بالعصر الأهناسي نسبة لاتخاذ ملکها أهناسيا([18]) عند الفيوم عاصمة لهم([19]) .

وهذه النصوص مقتبسة من نصوص الأهرام اقتبسها الکهنة ثم ألفوا بقيتها بما يتناسب مع عهودهم المتتالية وآمال الناس فيها لحمايتهم من المخاطر، وهذه النصوص کتبت باللغة الهيراطيقية([20]) .

ولم تؤد متون التوابيت إلى الاستغناء عن نصوص الأهرام ثم لم تغني هذه النصوص عن ظهور کتاب الموتى ، ولذلک نستطيع أن نؤکد أن النصوص الدينية التي وجدت على التوابيت مغايرة لنصوص الأهرام ، ولذلک لم يکتفي بنصوص التوابيت أو نصوص الأهرام أو کتاب الموتى ، فکل منها لها عملها والغرض منها . فلا نستطيع الاستغناء عن أحدهم وليس معنى ذلک أنهم مختلفون عن بعضهم البعض بل هم أجزاء لحلقة واحدة متصلة .

ومن مزايا نصوص التوابيت ما يتمثل في تأليفها رباط بين نصوص الأهرام وما أعقبها من کتاب الموتى إذ وردت تعاويذ من کلا المصنفين فيها ، ويبدو من نصوص التوابيت أنها کانت تسمي قديماً " کتاب تبرئة الإنسان في العالم الأسفل " ([21]).

3-        کتاب الموتى

هو موسوعة دينية ظهرت في الدولة الحديثة وکانت تکتب على أوراق متفاوتة الأطوال من البردي وتحفظ مع الموتى في توابيتهم أو توضع بين أکفانهم .

وکان نادراً ما يسجل على جدران القبر من الداخل وظهر في بداية الأسرة الثامنة عشرة واستمر استعماله حتى نهاية العصر الفرعوني([22]) . ولقد سمي کتاب الموتى بهذا الاسم نظراً لوجود کثير من أوراقه في المقابر وداخل التوابيت وفي لفائف المومياوات .

وهذه الکتابات لم تکن دينية فقط ولکنها کانت سحرية أيضاً ، بغرض التعاويذ للخروج نهاراً ويختلف بعضها عن بعض في کل نسخة ، وهذه التعاويذ يقرأها المتوفى لتصونه من الضرر والشياطين ( والموت الثاني ) وتمکنه من الخروج من القبر في موکب المعبودات والتحول إلى قوى إلهيه مختلفة والحصول على البراءة يوم الحساب.

ومن أکثر صورها شيوعاً تصوير ميزان ينصب ويوضع قلب المتوفى باعتباره مصدر النية والمشاعر والضمير بينما تصور في الکفة الأخرى ريشة ترمز من حيث اللفظ إلى کلمة ( ماعت ([23]))بمعني العدالة وترمز من حيث الصورة إلى دقة الوزن وحساسيته ويجرى الحساب عادة في حضرة رب الآخرة ( أوزيريس ) ويحضر اثنين وعشرين قاضياً مقدساً يمثلون أرباب عواصم الأقاليم .

وکتاب الموتى اسم حديث وکان في المصرية يسمى ( رقى للخروج نهاراً ) وهو مصنف يبدو أنه أنما أعد قبيل الدولة الحديثة ، فيما يربو على 150 رقية سحرية ، يتلوها المتوفى وقاء نفسه من الضرر([24]) . ومن ثم لم يقبل أي إنسان الذهاب إلى عالم الآخرة دون أن يکون مزوداً بمجموعة من التعاويذ السحرية التي کانت ترتب على هيئة أسئلة وأجوبة([25]) .

 

 

 

 

 

إن النصوص الأسطورية هي بصفة خاصة التي تحدثنا عن عالم الآلهة. فهي تشير إلى أوجه نشاطها ، بل وتذکر لنا خاصة ، العديد من الأحداث الخارقة للمألوف . فهناک بعض القصص تصفها وهى في عالمها الخاص ، ولم يتبق الکثير من هذه القصص حتى الآن ولکن على ما يبدو ، کانت تعتبر نمطاً قصصياً راقياً وواسع الانتشار للغاية منذ أقدم العصور.

والأسطورة على ما تحتويه من أفکار ورموز وعناصر تشکيلية تکون هي المصدر الأول التي اعتمدت العقيدة عليه في استخراج الشکل الذي تشکلت عليها بما فيه أيضاً الأشکال التي خرجت عليها الآلهة من طيور وحيوانات.

الأسطورة المصرية کانت تأملية أکثر منها تخيلية وذلک لأنها تعبر عما يضطرب في النفوس من رأى وفکر وتجربة وکانت لتفسير کائن أو حدث کوني أو عادة دينية.

لقد عالج المصريون القدماء في هذه الأساطير قضايا مهمة واعتبروا أن هذه الأساطير حقائق وثيقة الصلة في تفسير الوجود ابتداء من حياتهم الخاصة والعامة ونظرتهم إلى الکون والحياة داخل الوجود الديني والمجتمع الإنساني وسلوک الفرد وحياته الروحانية والعاطفية ونظرته إلى الخلود وقصة الخير والشر.

إن الأساطير هي أمر أساسي يفسر قدرة المصريين على تعديل أفعال الآلهة أو إضافة المزيد إليها أو حتى ظهور الأساطير من جديد بأبطال آخرين دون أن يفطنوا إلى حدوث تضارب ، فالثبات ليس شرطاً أساسياً من شروط الأسطورة ، حيث أن الأساطير قد أبدعتها عقول تفتقر إلى التناسق والثبات الفکريين بمعناها المنطقي . لقد کانت الأسطورة أسلوباً للتعبير عن تأملات المرء في الکون وعن حاجات الروح الإنسانية قبل ظهور الفلسفة المنفصلة عن الدين عند الإغريق ، وهو السر في بساطة الأساطير المصرية وفى غرابتها وأحياناً في عمقها . إنها الحلم والميتافيزيقا والشعر کل في آن واحد([26]).

لذا کان علي الأساطير أن علي تخدم هدفين - الأول أن تصور الخطوات التي تم تنظيم الکون بها والتي انتهت بالانتصار النهائي لحورس ، وقيام الملکية الفرعونية ، أما الهدف الثاني الذي لم يفهم إلا بالتدريج فهو تحقيق الهدف الأول من خلال نظرية الملکية المقدسة والثاني من عقيدة الروح ، وتبدو تلک العبارة کما لو کانت تحليلاً لعالم نفس حديث ، غير أن المصريين أنفسهم کانوا قد أدرکوا تلک الحقيقة من قبل ، وأن لم يستخدموا نفس مصطلحاتنا الحديثة ، إذا کانوا يدرکون أهدافهم التي صنعوا من أجلها الأساطير ([27]). 

وهکذا کانت الأساطير المصرية في واقعها في حالة التغيير على مدى الآلاف الثلاثة من عمر التاريخ المصري ، وذلک نتيجة لخلق تصورات جديدة وإن استمرت هذه التغيرات أساساً مع علاقات جديدة بالأفکار الأساسية القديمة غير أن هذه العلاقات نفسها هي التي أعطت الأساطير المصرية مظهرها المعقد ذات الألوان التي لا حصر لها ، ونتجت عنها قصص أسطورية جديدة([28]).

والإنسان المصري شأنه شأن کل البشر في أنحاء العالم في فجر التاريخ کان مشغولاً بقضية الخلق ، کيف جاء إلي الوجود من صنع هذا العالم ، ما القوى التي تتحکم في حرکته ، کيف يرضيها ويتجنب خطرها ، ومن مکونات البيئة المحيطة : الطبيعة ، الحيوانات ، الشمس ، القمر ، النجوم ، الماء ، الأرض ، بدأ الإنسان يصنع لغته الأولى لغة الأساطير ، لغة نسجها من الخيال والواقع حيث الحدود الفاصلة بينهما غير محددة ، لغة تتسم بالتلقائية والانتقال السريع من فکرة إلى أخرى ، والرغبة المتجددة في الوصول إلى شيء جديد يحل هذه الألغاز التي تحاصره من کل جانب([29]).

وليس غريباً أن تصبح قضية الخلق المحور الأساسي في البناء الأسطوري المصري القديم ، فمصر هبة النيل تخلق کل عام من جديد ، يأتي الفيضان ويغطيها فتقف الحياة ، ثم ينحسر الفيضان فتبرز إلى الوجود الأرض ومعها الحياة . إن هذه الظاهرة استرعت انتباه المصري القديم ومن هنا جاء تصوره للخلق بوعي أو بدون وعي : الأرض الأولى التي تطل برأسها من الماء الأزلي وتصبح نقطة الحياة([30]).

لقد صيغت الأساطير في أوساط تقية ورعة بل ومحافظة على التقاليد الدينية يبدو أننا نرى أن المصريين قد حاولوا بين الحين والأخر الفکاک من قيود اللاهوت وشرعوا في استخدام لغتهم الأسطورية في کتابة الطرائف أو لوصف الطبيعة أو لتوسيع فهمهم لطبيعة الفرد وهذا لايعني سوى أن مصر القديمة کانت حضارة متکاملة وأن أساطيره کانت ثرية ثراء الحياة التي تعکسها ومتعددة قدر تعدد أوجهها([31]).

ففي عصر الحضارة القديمة والأديان البدائية لم تکن مهمة الکهنة ابتکار أساطير جديدة بقدر ما کانت تنظيم أساطير ما قبل الحضارة التي ورثوها وثبتوها . ولذا لم يقدم هؤلاء الکهنة فلسفة ، إنما قدموا ما يسمونه "لاهوتا" , أي أعطوا الأساطير البربرية المائعة شکل العقيدة اللاهوتية الجامدة المسنودة بمؤسسات دينية بدائية ، ذات مصالح دنيوية واضحة مرتبطة بالصفوة الحاکمة([32]).

ومما لا نزاع فيه أن الأساطير الدينية التي خلفها لنا الأقدمون في أية أمة من أمم العالم تحتوي في جوفها على نواة الحقيقة مهما تعددت رواياتها ولا أدل على ذلک من الروايات التي انحدرت إلينا من أقدم العهود المصرية القديمة حتى عهد البطالمة فلقد دلت شواهد الأحوال على أن أسطورة "رع" قد لبست أثواباً مختلفة في عصور التاريخ المصري الطويل ، متأثرة بالبيئة التي تناولها العهود التي رويت فيها ([33]).

حيث کان کل اله من الألهه المصرية القديمة تنسج حوله حکايات کثيرة ، لکنها کانت تختلف من مکان إلى مکان ومن زمان لآخر . والنتيجة أن أصبحت الأساطير في الديانة المصرية معقدة للغاية . ورغم ذلک کان لدى المصريين معتقدات معينه ظلت ثابتة بصفة عامة على مدى التاريخ([34]) . وهذه يمکن اعتبارها الأساطير الأساسية في النظام الديني في مصر القديمة.

1.       أسطورة إيزيس وأوزوريس

2.       أسطورة الخلق والنشأة

3.       أسطورة قرص الشمس المجنح

4.       أسطورة دمار البشر

1.  أسطورة إيزيس وأوزوريس

کان أوزوريس خير ما أبدعته مخيلة المصريين من شخصيات وأکثرهم تعقيداً أيضاً، ولئن لم يکن رب الکون ، لکنه لم يکن إلهاً ثانوياً بأي حال من الأحوال . کان الإله الأعلى في عرف اللاهوت([35]) .

فهناک أراء عدة حول الرواية الصحيحة لأسطورة ايزيس وأوزوريس کما اختلف في أن أوزوريس ربما کان ملکاً من البشر حکم في عصر سحيق للغاية واستمر کل جيل يضيف إليها من خياله ما يوائم تصورات عهده.

إن أسطورة ايزيس وأوزوريس تفوق کل الأساطير شهرة وفاعلية إذ أنها قد تغلغلت في الدين والعقيدة منذ العصور الأولى وأثرت على بعض نواحيها.

وتحکي الأسطورة المسجلة على جدران معبد إيزيس أنه في قديم الزمان کان يحکم هذه البلاد ملک اسمه "جب"، وکان له ولدان من الذکور واثنتان من الإناث . وزوج الملک ابنه أوزوريس من أخته إيزيس، کما زوج ابنه ست من أخته نفتيس.. ولأن أوزوريس کان طيب القلب عادلاً ملکه أبوه الوديان الخضراء والسهول والأنهار، أما ست الذي کان شريراً حاقداً فقد ملکه أبوه أرض الصحاري القاحلة.

وقد أوتي الملک والحکمة، علم شعبه الزرع والحرث وأقام الحدود ووضع للحياة أسساً وتقاليد فأحبه الناس([36])، فحقد عليه ست وتآمر مع آخرين حيث صنع صندوقاً من خشب الأبنوس مطعماً بالذهب والأحجار الکريمة بحجم أوزوريس زعم في حفل أقامه أنه يهديه لمن يتسع له.

لم يتسع الصندوق لغير أوزوريس الذي کان طويل القامة. وعندما استلقى في الصندوق أسرع ست فأمر رجاله بإغلاق الصندوق وإلقائه في النيل. وراحت أمواج النهر تتقاذف الصندوق حتى بلغ مصب رشيد، ثم تناقلته أمواج البحر حتى بلغت به شواطئ جبيل (ببلوس بلبنان) حيث کان قد توفى وهو داخل التابوت.

واستعملت ايزيس المخلصة الوفية في البحث عن جثة زوجها، ووظفت ما لديها من علوم السحر الذي برع فيه المصريون حتى عرفت المکان الذي استقر فيه الصندوق. فرکبت سفينة انطلقت بها إلى ببلوس حيث حلمت بأن الصندوق داخل شجرة أرز کان الملک قد قطعها وأقامها عموداً ودعامة في قصره. وتحايلت ايزيس على ملک ببلوس وحملت ساق الشجرة سراً وعادت به إلي مصر.

وفي أحراش الدلتا تضع الصندوق وتأخذ في البکاء فتسقط بعض دموعها على وجه أوزوريس، فيعود إلى الحياة ، وعلم ست بما حدث فأخذ يبحث عن أوزوريس حتى وجده فقطعه إلى ستة عشر جزءاً بعثرها في جميع مقاطعات مصر، فعادت إيزيس لتواصل البحث من جديد فعثرت على جميع الأجزاء عدا جزء واحد هو قدم أوزوريس اليمنى، فقد استقرت في جزيرة بيجه المقابلة لجزيرة فيله، وکانت المياه تنساب من بين أصابعها محملة بالخصب والطمي لتنمو ربوع مصر بالخير من فيضان النيل .

وتستمر الأسطورة وتحمل إيزيس من روح زوجها بعد وفاته وتلد حورس الذي غذت فيه أمه روح الانتقام، فقد خاض صراعاً مريراً مع عمه حتى انتصر عليه . وجلس على عرش أبيه وتوج بالتاج الأبيض في مقر حکمه بالمدينة الصغيرة على جزيرة فيله المقدسة. ليصبح من بعد هو الإله حورس برأس الصقر الذهبي([37]).

2. أسطورة الخلق والنشأة

کعادة الإنسان القديم کانت أهم الأشياء التي شغلت فکر المصري القديم هي أصل الخلق،ذا ظهرت العديد من الأساطير حول بداية الآلهة والکون.وقد کانت هناک ثلاث أساطير حول الخلق والنشأة تبعا لثلاث نظريات مختلفة الأولي تنسب لمدينة هليوبوليس والثانية لهرموبوليس والثالثة لمنف ولکن في النهاية تغلبت أسطورة هليوبوليس بعد أن مزجت ببعض الآراء الصغيرة من نظريات هرموبوليس ومنف.لکننا سوف نلخص الثلاث أساطير کما يلي:

الأسطورة الأولي هي أسطورة هليوبولس التي تتلخص في أن الکون قد نشأ من ماء غير مشکل يسمى نون انبثق منه الإله آتوم الذي ظهر فوق ربوة تسمى الربوة الأولى أو ربوة الخلق -والإله آتوم يساوي الإله رع- ثم قام الإله آتوم بإيجاد التوءمين "شو " إله الهواء و"تفنوت " ربة الرطوبة وهما الذان أوجدوا بدورهما الإله "جب" إله الأرض والربة "نوت" ربة السماء ثم نتج عنهما "أوزوريس وايزيس وست ونفتيس"

وقد کونت الآلهة التسعة ما يسمي بالتاسوع الإلهي (أي مجمع الآلهة التسعة) ويعتبر هذا التاسوع کياناً إلهيا واحداً وقد اشتق من هذا النظام نظرية کونية وهي تصوير الکون على هيئة ثالوث تکون من شو إله الهواء وهو واقف ساندا بيديه الجسد الممدد لربة السماء نوت ويرقد الإله جب عند قدميه.

 

أما النظرية الثانية التي نشأت في هرموبوليس تقول أن المادة الغير مشکلة کانت موجودة قبل نشأة الکون وقد کانت لها أربع صفات تضاهي ثمانية من الآلهة في أزواج وهم :

"نون ونونيت" إله وربة الماء الأزلي (الماء الأول).

"حوج وحوحيت" إله وربة الفراغ (الفضاء)

"کوک وکوکيت" إله وربة الظلام

"آمون وآمونيت " إله وربة الخفاء

وقبل نشأة الأرض کانت تعتبر هذه الآلهة مجرد صفات للمادة الغير مشکلة (تمثيل) وقد کونت هذه الآلهة ثامون هرموبوليس (مجمع الآلهة الثمانية) کما ظهرت أيضا من المادة الغير مشکلة الربوة الأزلية (الأولى) في هرموبوليس وعلى تلک الربوة کانت هناک بيضة وهي التي خرج منها إله الشمس ثم أخذ إله الشمس في تنظيم العالم..

أما النظرية الثالثة التي ظهرت في منف -بعد أن أصبحت عاصمة مصر- حاولوا فيها تمجيد الإله "بتاح" إله منف فجعلوه في أسطورة نشأة الکون الإله الخالق الأکبر ولکن جعلوه يحتوي على 8 آلهة أخرى بعضها من التاسوع الهليوبوليسي والباقي من الثامون الهرموبوليسي .

وقد احتل آتوم مکانة خاصة في هذه النظرية وأدخل الثنائي "نون وتوبيت" في المجموعة کما أدخل فيها تاتن (أحد آلهة منف) والذي يعتبر تجسيد للإله الذي برزت منه المادة الأزلية الأولى ثم اضيفت أربعة آلهة أخرى غير محددة بدقة.

وحسب النظرية فإن الإله آتوم يحمل صفات النشاط والحيوية للإله بتاح وهي الصفات التي عن طريقها تحقق الخلق ، أما صفات الفطنة (الفکرة) والقلب ويجسدها الإله حورس ثم الإرادة واللسان ويجسدها الإله تحوت ويقال أن الإله بتاح قد کون العالم في صورة عقلية قبل أن يخلقه بالکلمة (کن فيکون).

3. أسطورة قرص الشمس المجنح

نقشت هذه الأسطورة في عصر متأخر من التاريخ ، وإن کانت النقوش تضم عناصر تعود إلى عهود قديمة

ويستهل النقش بالعام 363 من حکم مصر العليا والسفلى "رع حور أختي" ، وإن کان النقش لم يتضمن أي إشارة مباشرة إلى إله الشمس کإله ، بل إلى " رع ور أختي"کملک دنيوي تماماً کان على رأس جيشه في النوبة ، عندما أبلغ عن مؤامرة حيکت ضده ونسجت خيوطها في مصر .

 

ويبحر رع حور آختي بسفينة في النيل ويرسي أمام مدينة إدفو ويوکل ابنه "حورس"( ونجد هنا حورس يعتبر ابن إله الشمس وليس ابن أوزوريس) لقتال الأعداء،ثم نرى حورس في السماء على شکل قرص الشمس المجنح مهاجماً الأعداء من عل فأضطر الأعداء إلي الهرب ،فيقترح الإله تحوت منح حورس لقب الإله حورس بحدتي (حورس الإدفوي) وينزل رع حور آختي مع الإلهة الآسيوية عشتارت ليتفقدوا أرض المعرکة ولکن يظهر أن المعرکة لم تنته بعد ، حيث نزل الأعداء إلي الماء في شکل تماسيح وأفراس نهر مهاجمين السفينة، ولکن حورس وأتباعه استطاعوا القضاء على معظمهم بالحراب ثم يتقمص حورس شکل قرص الشمس المجنح وعلى جانبيه الإلهتان "نخبت" و"وادجت" مستمرين في تعقب الأعداء ويوقع بهم الهزيمة.

 

و في هذا الجزء من الأسطورة يظهر تأثير مذهب أوزوريس حيث يظهر حورس في شکل حورس ابن ايزيس وأوزوريس وهذا لا يعني أن حورس البحدتي أو الإدفوي وحورس ابن ايزيس و أوزوريس إلهان مختلفان بل هما إله واحد تعددت صوره وتعددت طرق تمثيله ويظهر في هذا الجزء من الأسطورة الإله ست -عدو حورس وأوزوريس- على رأس الأعداء في شکل ثعبان فيتأجج القتال مرة أخرى بالمقاطعة ال52 بمصر السفلى ويحقق حورس النصر وينحدر حورس وأبنائه إلي النوبة ليسحق تمرد آخر .

ويکافئ رع حور أختي حورس بأن يظهر في المعابد على شکل قرص الشمس المجنح لکي يحفظ المعابد من الأعداء .

4.  أسطورة دمار البشر

إن هذه الأسطورة تعبر عن الثورة التي قام بها البشر يوماً ضد الإله "رع" ولقد حدث ذلک في زمن کان البشر والآلهة فيه شيئاً واحداً يتعايشون معاً على الأرض . وقد بسط "رع" سلطانه على الآلهة والبشر ، وبعد أن تقدم به السن ودبت فيه الشيخوخة فأصبحت عظامه من فضه وأعضاءه من ذهب وشعره من اللازورد الحقيقي لاحظ الناس ذلک فدبروا له سوءاً ، ولکن نواياهم هذه لم تخف عن الإله . وقال لأحد أتباعه ( ناد لي عيني) التي هي الشمس وکذل "شو" و "تفنوت" و"جب" و"نوت" ، وکل الأمهات والآباء الذين کانوا معي عندما منت في الماء "نون" . وکذلک الإله "نون" وعندما حضرت هذه الآلهة إلى هناک ورأته ارتمت على الأرض أمام جلالته ، قائلة تحدث إلينا نسمعک ، فقال "رع" للإله "نون" : أنت يا أقدم الآلهة الذي منه خلقت ، وأنتم أيتها الآلهة الأجداد هل رأيتم بني الإنسان الذين خلقتهم من عيني کيف يتآمرون ضدي ، أصدقوني ماذا أنتم صانعون بهم . فتحدث الإله " نون" فقال: ابني "رع" الذي هو أعظم من أبيه وخالقه أبق أنت جالساً على عرشک فإن الخوف منک لعظيم ، وخصوصاً إذا صوبت عينک نحو المتآمرين عليک، وعندما صوب "رع" عينه نحوهم هربوا إلى الصحراء .

ولکن الآلهة نصحوا "رع" بعد ذلک أن يرسل إلى المتآمرين عينه ليبطش بهم ، فأرسل عينه التي نزلت على الأرض على هيئة الإلهة "حتحور" ، ثم رجعت هذه الإلهة بعد أن قتلت البشر في الصحراء ، وهي مصممة على الذهاب إليهم مرة أخرى واستئصالهم تماماً ، ومن هذه الوهلة أدرک "رع" الشفقة على البشر فوجه رسله إلى جزيرة (الفنتين) لإحضار قدراً کبيراً من فاکهة حمراء اللون يطلق عليها اسم (ديدي) ثم أمر بتجهيز سبعة آلاف إبريق من الجعة مزجت مع هذه الفاکهة حتى يمکن أن تظهر الجعة وکأنها دماء قانية.

وفي صباح اليوم الذي أزمعت "حتحور" أن تذهب فيه لتدمير البشر أمر "رع" بأن تصب الخمر في الحقول حتى غمرتها بمقدار أربعة أمتار وفي الصباح خرجت الآلهة ووجدت المکان مغموراً ورأت وجهها معکوساً على السائل بشکل جميل فشربت منه فأصبحت ثمله تماماً مما جعلها تغفل عن ضحاياها ، ومن ثم أمکن إنقاذ البشر من مصير رهيب بفضل تدخل الإله الأکبر "رع" ،إذا کان الإله قد حفظ بني البشر من الهلاک ، إلا أنه لم يرغب في البقاء سيداً على هذه المخلوقات الناکرة للمعروف ، فذهب إلى السماء ممتطياً ظهر ابنته "نوت" التي على شکل بقرة ورفعته إلى السماء وبذلک تکونت السماء ، ثم أعرب "رع" عن رضاه في زراعة الحشائش الخضراء في السماء ، وقد نطق الإله بهذا "حقل الرضا" و "حقل الغاب " إلى الوجود. على أن "نوت" عندما ألقت بنظرها إلى أسفل ارتعشت من شاهق الارتفاع ، فقال "رع" : لو أن لي عدد "حح" بمعنى (مليون معبود) لأسندها ( فکان لقوله أن خرج معبودات "حح الثمانية" الذين أخذوا بأرجل البقرة السماوية .

 

وأخيراً أمر " رع" الإله "شو" أن يجعل نفسه تحت البقرة ليسندها وليحرس آلهة حح الثمانية، فنفذ "شو" ما أمر به ، وسند منذ ذلک بقرة السماء التي تلمح النجوم على باطنها وتتحرک الشمس فوقها في قاربها هنا وهناک .

لقد تعلق الملوک أنفسهم بهذه الأسطورة فوجدناها منقوشة على أحد (نواويس) الملک "توت عنخ آمون" في القرن الرابع قبل الميلاد ، ثم على جدران مقابر سيتي الأول ، وسيتي الثاني ، ورمسيس الثالث (الدولة الحديثة).

ثانياً : السحر ومکانته في نفوس المصريين

لعب السحر والطلاسم والتعاويذ دوراً بارزاً في حياة قدماء المصريين . وکانوا يعتقدون في تناسخ الأرواح قائلين بأن لکل إنسان قرينه من الجن ، وکانت العلوم السحرية تدرس في بيوت العلم والحياة لان الإله ( تحوت ) هو واضع الکتب السحرية . لهذا کان الملک يلقب برئيس السحرة . لأن الملوک کانوا يمارسون السحر بأنفسهم ، وکانت طائفة السحرة لها وضعها القانوني في المملکة وکان يطلق عليهم کتبة الحياة وتردد عنهم خوارق جمة وأصدق مثال قصة سيدنا موسى مع سحرة فرعون التي ورد ذکرها في القرآن الکريم ([38]).

قال تعالى (( قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرک يا موسى  ۩  فلنأتينک بسحر مثله فاجعل بيننا وبينک موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مکاناً سوى )). سورة طه الايه : 57 ،58  

حيث بلغ السحر في عقيدة المصريين القدماء حد أنهم کانوا يستعينون به جميعاً على کثير من شئونهم وکان السحر يعتمد على صيغ وألفاظ خاصة يظن فيها القوة على تحقيق الهدف المأمول ، فالاعتقاد الديني والسحر ظهرا معاً وأملاهما العالم الطبيعي .

حظي السحر بکل وسائل التقليدية في التسلط على القوى الروحانية والمادية بتقدير رفيع المکانة في مصر القديمة . إذ کان يعد حينها علماً ، وقد يکون عقيماً أن تتلمس له مظاهر في شعائر المعابد وذلک أن الديانة الرسمية إنما کانت تولي في علاقتها بالآلهة ، التعبد والصلاة. ومن ناحية أخرى فما کانت من الشعائر الجنزية إلا مجموعة من صيغ سحرية يفترض في تکرارها السيطرة على الصالح والطالح من الآلهة في العالم الآخر([39]).

فأي عمل من أعمال الدين من وجهة نظر المصريين القدماء هو في تصوره شأن من شئون السحر ، وحقيقي أن اللغة المصرية افتقرت إلى کلمة تعبر عن "الدين" وأقرب کلمة تعبر عنه هي کلمة هيکي hike التي تعني السحر .

وقد نشأ السحر متصلاً بالمعبودات المحلية فمن أجل ضمان الحماية من الوحوش الضارية ومعيشة أفضل ، والتوفيق في الصيد ، اعتبر أفراد القبيلة أنه من الضروري نيل المساعدة من الطوطم الذي اختلقه خيالهم ([40]).

ولم تکن الآلهة والأحياء وحدهم الذين يحتاجون إلى السحر ، فلقد کان الاعتقاد أن الموتى هم کذلک في حاجة إلى ذلک السحر ربما بدرجة أکبر .

فالحقيقة أنه قبل الحضارة لم يکن هناک غير السحر وما صاحبه من طقوس کانت تعبيراً عن عجز الإنسان إزاء الطبيعة الجامحة ، ومحاولة منه لإغرائها بالعمل في الاتجاه الذي يريده ويحقق له مطالبه الدنيوية ، والسحر في منشأة محاولة من الإنسان لتطويع الطبيعة وتفسيرها بأساليب وهمية أي مساعدته في إکثار المحصول واستجلاب المطر وضمان فيضان النهر ، ومساعدته في مواجهة مشکلة الموت ([41]).

فالسحر ينطوي على الاعتقاد في قوة خارقة للطبيعة تکون عادة منتشرة ، ولکنها قابلة في أحوال خاصة لأنها تترکز في أشخاص معينين ، أو أشخاص خاصة . وقد کان المبدأ – علي الأقل – أن دور الساحر هو أن يسيطر على هذه القوة وبعد ذلک يستعملها لفائدته أو لفائدة غيره . والساحر يصدر لهم الأمر لقوى الطبيعة ، وهو لا يخشي الآلهة ، کما أنهم لا يخيفونه ، وذلک لأنه لم يکن يصدر لهم الأوامر فقط ، بل کان في مقدوره تهديدهم ([42]).

وکان دفاعيا بصفة عامة وعدائياً في حالات نادرة ، واستعمل لمصلحة الدولة والمعابد ، ولفائدة المرضى ومن کانوا يخافون الإصابة بالمرض ، وکان وقاية ضد الأشباح وضد الحوادث ، وکان يقي الموتى شر الشياطين في العالم السفلي .

وکان السحرة يمارسون السحر الوقائي بوضع تماثيل للآلهة عليها رموز سحرية ضد الأفاعي والتماسيح والعقارب وکان الساحر يضعها في طريق المعبد ليمر الناس بجوارها وکان يصب الماء فوق التمثال ليشربه الشخص ويقيه من الأخطار ويشفيه من جروحه([43]).

فجوهر السحر والذي کان أقدم وأکثر الملامح ثباتاً في عبادة الآلهة وفي الديانات المصرية ينتمي عموماً إلى فترة تسبق توصلهم إلى التمييز بين العناصر المختلفة في الدين عندما کان الإنسان يفکر أن الأرواح الشريرة وأرواح الطبيعة کائنات لا تختلف عنه کثيراً .

وفي نصوص الأهرام نرى أن امتلاک ومعرفة التعاويذ السحرية وسيلة هامة للغاية لإحراز القوة والسعادة بعد الموت ويبدو هذا طبيعياً حيث کانت هذه النصوص مخصصة أصلاً لصالح الملک الذي بصفته إلهاً يرتفع فوق البشر جميعاً ، وبالنسبة للأفراد أنفسهم فإن مفهوماً أکثر صقلاً تطور تدريجياً ، أضحى منافساً للمفاهيم التي تعتمد فقط على قوى السحر ، فالسعادة في العالم الآخر هي الجائزة والشرط لسلوک فاضل ومستقيم على الأرض ([44]).

والسحر في الواقع علم تجريبي قد انتظم في عدد معين من الرقى کانت الصدفة فيها هي العامل الأکبر . فقد أصبح علم السحر مرکباً معقداً بازدياد الوصفات التي أتت عن طريق
التجربة
([45]).

وکان مما يختص السحر به في العصر المتأخر صناعة تماثيل وشواهد صغيرة، کانت تقام في البيوت أو تعلق في الرقاب حماية من مختلف أنواع الحيوانات الشريرة ، وکانت لبعض الکائنات المقدسة شهرة بأنها تساعد ضد هذا الخطر بنوع خاص([46]) . 



[1]))  رندل کلارک : الرمز والأسطورة في مصر القديمة ، ترجمة أحمد صليحة ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1999 ، ص7.

[2]))  ميرسيا الياد : مظاهر الأسطورة ، ترجمة : نهاد خياطه ، دمشق : دار کنعان للدراسات والنشر ، 1991 ،
ص 9 .

[3]))  فوزي الأخناوي : مصر الفرعونية ( بين الماضي والحاضر ) ، ط1 ، القاهرة : دار الثقافة الجديدة ، 1993  ، ص 120 .

[4]))  سليمان مظهر : أساطير من الشرق ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1997 ، ص 9 .

[5]))  عريان لبيب حنا : الشخصية المصرية في مصر القديمة ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 2003 ، ص 96 .

[6]))  أوسکار وايلد : الرمز والأسطورة والبناء الاجتماعي ، ترجمة : أحمد أبو زيد ،القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ،1967ص 189.

[7]))  رندل کلارک : الرمز والأسطورة في مصر القديمة ، مرجع سبق ذکره ، ص5 .

[8]))  سليم حسن : مختصر موسوعة مصر القديمة، إعداد عريان لبيب حنا، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب، 2008، ص216 .

[9]))  رندل کلارک : الرمز والأسطورة في مصر القديمة ، مرجع سبق ذکره ، ص254.

[10]))  تعني بدراسة الطبيعة الأولية للوجود والعالم وهي علوم ما وراء الطبيعة .

[11]))  محمد إبراهيم بکر : صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم ، القاهرة : هيئة الآثار المصرية ، 1992 ، ص 54 .

[12]))  نخبة من العلماء : تاريخ الحضارة المصرية  ـ العصر الفرعوني ، المجلد الثاني ، القاهرة : مکتبة النهضة المصرية ، 1964 ، ص 374 .

[13]))  استعملت الهيروغليفية کنمط کتابة رسمي لتسجيل الأحداث على المعالم والنصوص الدينية علي جدران المعابد والمقابر و أسطح التماثيل و بسبب طبيعتها کانت تعد منذ القدم في آن واحد نظاما للکتابة فنا زخرفياً جميلا وهي کلمة مشتقة من ازدواج کلمتين اغريقيتين : "هيرو" بمعنى "المقدس" ، و"غليف" بمعنى "النحت"  فهي
النحت المقدس

[14]))  محمد إبراهيم بکر : صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم ، مرجع سبق ذکره ، ص 54 .

[15]))  هو آخر ملوک الأسرة الخامسة في حين يرى البعض أنه أول ملوک الأسرة السادسة وأي کان فإن هرمه يمثل مکانه خاصة بين أهرام مصر ، وارتفاعه الحالي 19 متر ، ولکن ارتفاعه الأصلي کان 44 متراً .

- أحمد فخري : الأهرامات المصرية ، القاهرة : مکتبة الأنجلو المصرية، 2006، ص 224 .

[16]))  يعني في اللغة المصرية القديمة "المنزل الکبير" أو "البيت الکبير " أو ما يعني "الباب العالي "

[17]))  ضياء أبو غازي: مدخل إلي علم الآثار المصرية ، مرجع سبق ذکره ، ص 256 .

[18]))  مدينه سميت فقي مصر القديمة "نني نسو"،  وفي العصر اليوناني سميت "هيراکليوبوليس"،  وفي القبطية هنيس وحالياً أهناسيا .

[19]))  محمد إبراهيم بکر : صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم ، مرجع سبق ذکره ، ص55 .

[20]))  نوع من الکتابة المصرية القديمة کتبت برموز مبسطة للرموز الهيروغليفية الأصلية .

[21]))  ضياء أبو غازي : مدخل إلي علم الآثار المصرية / ر. انجلباخ ، ترجمة أحمد محمود موسي ، مراجعة أحمد عبد الحميد يوسف ، القاهرة : المجلس الأعلى للآثار ، 1988 ، ص 256 .

[22]))  محمد إبراهيم بکر : صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم ، مرجع سبق ذکره ، ص 55 .

[23]))  هي  کلمة مصرية قديمة ، وهي کلمة جامعه ويراد بها الحق والعدالة والصدق .

[24]))  ضياء أبو غازي: مدخل إلي علم الآثار المصرية ، مرجع سبق ذکره ، ص 241 .

[25]))  نخبة من العلماء : تاريخ الحضارة المصرية ـ مرجع سبق ذکره ، ص 224 .

[26]))  رندل کلارک : الرمز والأسطورة في مصر القديمة ، مرجع سبق ذکره ، ص 256 .

[27]))  نفس المرجع السابق ، ص 33  .

[28]))  صموئيل نوح کريمر : أساطير العالم القديم ، ترجمة : أحمد عبد الحميد يونس ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، ص 19

[29]))  لويس بقطر : مجلة فکر ، عدد 15 ص 97 .

[30]))  فوزي الأخناوي : مصر الفرعونية ( بين الماضي والحاضر ) ، مرجع سبق ذکره ، ص 120 .

[31]))  رندل کلارک : الرمز والأسطورة في مصر القديمة ، مرجع سبق ذکره ، ص 261

[32]))  عبد العظيم أنيس : العلم والحضارة ، دار لکاتب العربي ، ص 87 .

[33]))  نخبة من العلماء : تاريخ الحضارة المصرية ـ العصر الفرعوني ، مرجع سبق ذکره، ص 212 .

[34]))  ت. ج .هـ. جيمز : کنوز الفراعنة ، ترجمة أحمد زهير أمين ، مراجعة محمود ماهر طه ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1995 ، ص 144

[35]))  رندل کلارک : الرمز والأسطورة في مصر القديمة ، مرجع سبق ذکره ، ص 98 .

[36])) محمد إبراهيم بکر : صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم ،مرجع سبق ذکره ، ص 61 .

[37])) سليمان مظهر : مصر ( النيل ، الناس ، الآثار ) ، القاهرة : مؤسسة دار التعاون ، 1995 ، ص 117.

[38]))  أحمد محمد عوف : عبقرية الحضارة المصرية القديمة ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1997 ، ص 111 .

[39]))  ضياء أبو غازي: مدخل إلي علم الآثار المصرية ، مرجع سبق ذکره ، ص 255 .

[40]))  برهام الدين دلو : حضارة مصر والعراق ، بيروت : دار الفارابي ، 1989 ، ص 176 .

[41]))  فوزي الأخناوي : مصر الفرعونية ( بين الماضي والحاضر ) ، مرجع سبق ذکره ، ص 199 .

[42]))  نخبة من العلماء : تاريخ الحضارة المصرية ،مرجع سبق ذکره ، ص 261 .

[43]))  أحمد محمد عوف : عبقرية الحضارة المصرية القديمة ، مرجع سبق ذکره ، ص 115 .

[44]))  ياروسلاف تشرني : الديانة المصرية القديمة ، ترجمة أحمد قدري ، مراجعة محمود ماهر طه ، القاهرة : دار الشرق ، 1996 ، ص 120 .

[45]))  نخبة من العلماء : تاريخ الحضارة المصرية ،مرجع سبق ذکره ، ص 261 .

[46]))  أدولف إرمان : ديانة مصر القديمة ، ترجمة عبد المنعم أبو بکر ، ط 1 ، القاهرة : مکتبة المدبولي ، 1995 ، ص413 .

المراجــــــع
1.       أحمد فخري : الأهرامات المصرية ، القاهرة : مکتبة الأنجلو المصرية ،2006 .
2.       أحمد محمد عوف : عبقرية الحضارة المصرية القديمة ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1997 .
3.       أدولف إرمان : ديانة مصر القديمة ، ترجمة عبد المنعم أبو بکر ، ط 1 ، القاهرة : مکتبة المدبولي ، 1995 .
4.       أوسکار وايلد : الرمز والأسطورة والبناء الاجتماعي، ترجمة  أحمد أبو زيد ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب،1967 .
5.       برهام الدين دلو : حضارة مصر والعراق ، بيروت : دار الفارابي ، 1989 .
6.       ت. ج .هـ. جيمز : کنوز الفراعنة ، ترجمة أحمد زهير أمين ، مراجعة محمود ماهر طه ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1995 .
7.رندل کلارک : الرمز والأسطورة في مصر القديمة ، ترجمة أحمد صليحة ، الهيئة المصرية العامة
للکتاب ، 1999 .
8.       سليم حسن : مختصر موسوعة مصر القديمة، إعداد عريان لبيب حنا، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب، 2008. .
9.       سليمان مظهر : أساطير من الشرق ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 1997 .
10.    سليمان مظهر : مصر ( النيل ، الناس ، الآثار ) ، القاهرة : مؤسسة دار التعاون ، 1995 .
11.    صموئيل نوح کريمر : أساطير العالم القديم ، ترجمة : أحمد عبد الحميد يونس ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب .
12.ضياء أبو غازي : مدخل إلي علم الآثار المصرية / ر. انجلباخ ، ترجمة أحمد محمود موسي ، مراجعة أحمد عبد الحميد يوسف ، القاهرة : المجلس الأعلى للآثار ، 1988 .
13.    عبد العظيم أنيس : العلم والحضارة ، دار لکاتب العربي .
14.     عريان لبيب حنا : الشخصية المصرية في مصر القديمة ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للکتاب ، 2003 .
15.    فوزي الأخناوي : مصر الفرعونية ( بين الماضي والحاضر ) ، ط1 ، القاهرة : دار الثقافة الجديدة ، 1993  .
16.    مجلة فکر ، عدد 15 .
17.    محمد إبراهيم بکر : صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم ، القاهرة : هيئة الآثار المصرية ، 1992 .
18.    ميرسيا الياد : مظاهر الأسطورة ، ترجمة : نهاد خياطه ، دمشق : دار کنعان للدراسات والنشر ، 1991 .
19.    نخبة من العلماء : تاريخ الحضارة المصرية  ـ العصر الفرعوني ، المجلد الثاني ، القاهرة : مکتبة النهضة المصرية ،  1964
20.    ياروسلاف تشرني : الديانة المصرية القديمة ، ترجمة أحمد قدري ، مراجعة محمود ماهر طه ، القاهرة : دار الشرق ، 1996 .