دراسة نفسية لدى فاقدات وغير فاقدات الأم

المؤلف

باحثة نفسية


أولاً: مشکلة الدراسة:

تقوم الأسرة على رافدين أساسين، فلا يشتد عودها ولا يستقيم أمرها بدونهما، وهما الأب والأم، فکلاهما عماد من الأعمدة، إذا غاب أحدهما اختل التوازن، وسادت الربکة حياة أفراد الأسرة، فإذا کان الأب لا يغفل دوره الفعال والذي لا يمکن لأي فرد من أفراد الأسرة أن يقوم به، فهو يسهم بدوره الفعال المؤثر في تکوين شخصية کل فرد من أفراد الأسرة يسکب فيهم کل القيم والمثل والمبادئ والتقاليد التي تتفق والمجتمع الذي يعيش فيه، فهو بمثابة القائد، وإذا کان شوقي أمير الشعراء قد نعت الأم بأنها مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق: يعنى شعبًا من أنقى الأعراق وأصفاها، شعبًا ذا سمات وخصائص نفسية أقل ما توصف به أنها سمات نفسية سوية خالصة من الشوائب والعوالق التي تؤدى إلى اعتلال النفس وانهيارها في النهاية. فهي التي تتولى دفة القيادة لتحمي الأسرة من تيارات الحياة کي تصل بالأبناء نحو بر الأمان، فبلا شک لو غابت قليلاً لأي عمل آخر تتعطل کثيرًا من الأمور وتقف عجلة الحياة الأسرية، حتى الأب يعانى من فقدانها الوقتي، فما أدرانا لو غابت بالموت أو الطلاق أو الانفصال أو لأي أسباب أخرى تغيب بسببها.

 في ضوء ذلک لا يکون للحياة الأسرية معنى، فيظل الأبناء في بحث دائم عن الأمان، الذي غاب عنهم وغابت معه لذة الحياة والنظر إلى الغد بتطلع وإشراق؛ وعليه فإن غياب الأم يعنى فقدان أحد رکني الحب والأمان، حيث يفقد الأبناء الرباط الذي کان يقف خلفهم بالمرصاد، دافعًا بهم نحو الإنجاز، وخصوصًا الإناث، فالآثار الناجمة عن فقدان الأم عديدة، خصوصًا عندما تفقد في مرحلة مبکرة من العمر، کمرحلة المراهقة التي تحتاج فيها الابنة إلى ما يأخذ بيدها نحو إعداد سوى.

فتلک المرحلة - مرحلة المراهقة - کلها تقلبات انفعالية ووجدانية تحتاج إلى من يستقبلها ويفرغها؛ فمن غير الأم يفعل ذلک؟!

ومن هنا فلابد أن ينشأ المراهق في أسرة متکاملة سوية غير مضطربة تتسم بالاستقرار، يسودها الحب والدفء والحنان، فالحب الذي يتلقاه الأبناء من والدين له أثره الفعال في مقدار ثقتهم بأنفسهم وطمأنتهم، وأکثر ما يحقق الاستقرار ويجعل جو الأسرة ملئ بالحب والدفء، ويجعل سلوک الأسرة سلوکًا سويًا ينتقل إلى الأبناء بأساليب سوية، إنه التفاهم بين الوالدين وعلاقتهما ببعض والرابطة التي تربط بينهما من مودة ورحمة.(عبد العزيز القوصي، 1981: :176)

ومع عدم وجود دور الأسرة (الأب أو الأم) في حياة المراهق تظهر عليه عدة اضطرابات منها:

1) مظاهر يأس، وکأنه ميل اکتئبي وإحباط الحاجة للحب مع الميل للانطوائية.

2) کثرة أحلام اليقظة والحلم بعودة الوالد الفقيد والالتقاء به يوماً ما.

3) عدم القدرة على الاستقلال، وعدم الرغبة في الاستقلال عن الوالد الباقي، وذلک يرجع للتعلق الشديد بالوالد الباقي في صورة الخوف من فقدانه هو الآخر من جهة، وجمعه بين صورته الحقيقية کوالد صورة الفقيد من جهة أخرى.

4) الخضوع والطاعة للوالد الباقي مرضاة للوالد لا غير، وذلک للتعلق الشديد به.

5) الحساسية الشديدة.

حيث يفسر المراهق (المحروم من والديه) أبسط الأوامر التي يتلقاها من الکبار من منطلق أنهم يعرفون أنه يتيم، ولو أن والدته موجودة ما فعلوا ذلک معه.

6) قلق وتشاؤم وطموح للمستقبل: وهو قلق ناشئ من عدم القدرة على مواجهة المشاکل المحيطة به، وعن الشعور بالنقص من الطرف الذي افتقده، وتشاؤمه يکون ناتجًا عن شعوره بالضياع لافتقاده لوالده، إلا أن الطموح للمستقبل والعمل الجاد من أجل تغيير الوضع الحالي بکل ما في وسعه.

7) مظاهر تمرد وعصيان: وهي تعبر عن الرفض للوجه الوالدي الجديد، حيث لا يکون التمرد والعصيان إلا على زوج الأم أو زوجة الأب لکونه غريبًا ويريد أن يتدخل في شؤونه، وأن يحل محل الوالد أو الوالدة المتوفاة.(عائشة نحوي، 2009: 188-189)

وفي دراسة " ديفيد ستيفون وديفيد بيکر" (David Steven Son & David Baker, 1987: 1348-1352) توصلت الدراسة إلى أن الأطفال الذين يحرمون من والديهما يکونون أقل نشاطًا بشکل عام من الأطفال الذين يتمتعون برعاية والديهم، کما تشير الأدلة إلى أن نسبة کبيرة من المنحرفين يأتون من بيوت محطمة أو تتصف بالنزاع الدائم بين الزوجين، أو من بيوت يظهر فيها أحد الوالدين أو کلاهما سوء التوافق الانفعالي. (Jersild, Op., 1957: 285)

کما تؤثر الخلافات الزوجية على توافق الأبناء النفسي والاجتماعي وتشعرهم بالحيرة والاضطراب، وتؤثر على حياتهم کراشدين وعلى حياتهم الأسرية؛ بسبب الاضطرابات النفسية التي عاشوها في طفولتهم. (نشوى عبد الحميد، 2002: 70)

ولذلک فقد تعد الأسرة من أهم العوامل الاجتماعية التي تسهم في تکوين شخصية أبنائها، ولها الدور الأکبر في التأثير في مجالات التوافق النفسي المختلفة للفرد أو سوء التوافق، حيث يکون الأبناء شديدي التأثر بالتجارب المؤلمة والخبرات الصادمة کالطلاق أو الموت، کفقدان أحد الوالدين أو کليهما، فقد يمثل خبرة أليمة وهزة عاطفية لها تأثيرها بالسالب على الصحة النفسية للأبناء. فوفاة أحد الوالدين أو کليهما له أثره العميق في شخصية الأبناء في المستقبل عندما يصبح مراهقًا، مما يکون له عميق الأثر في الصورة الوالدية التي يکونها المراهق لوالده الذي فقد بوفاته مصدراً مهماً لإشباع حاجاته النفسية والاجتماعية، والتي لها دورها الفعال في شخصيته.(رشدي حنين، 1987، 39؛  راوية دسوقي،1996)

وفي ضوء ما سبق يمکن صياغة مشکلة الدراسة فيما يلي:

  1. التعرف على الفروق بين المراهقات فاقدات الأم بالوفاة، وفاقدات الأم بالطلاق، وغير فاقدات الأم في رتب هوية الأنا الأيديولوجية (تحقيق، تعليق، انغلاق، تشتت).
  2. التعرف على الفروق بين المراهقات فاقدات الأم بالوفاة، وفاقدات الأم بالطلاق، وغير فاقدات الأم في رتب هوية الأنا الاجتماعية (تحقيق، تعليق، انغلاق، تشتت).
  3. التعرف على الفروق بين المراهقات فاقدات الأم بالوفاة، وفاقدات الأم بالطلاق، وغير فاقدات الأم في متغير التوافق الشخصى لديهن.

ثانيًا: أهمية الدراسة

إذا کانت المرأة تمثل نصف المجتمع؛ لأنها الأم والزوجة والأخت والبنت، فالکل (الأخت والزوجة والبنت) مصدره الأم، والکل سيؤول إلى مرحلة الأمومة - لا محالة  -وفق السنن الکونية الطبيعية، من هنا ندرک مکانة الأم في المجتمع البشري، إذ هي مربية هذا النشء، ومالکة زمام أمره. إن الأديان السماوية قدّست رابطة الأمومة نظراً لدور الأم في التماسک الأسري والمجتمعي، فقلب الأم وحنانها هو النبع الصافي الذي ينهل منه الصغار الحنان والرعاية، فهي وعاء عند الحمل، وسقاء عند الإرضاع ورعاء طوال عمرها لأبنائها. فأوصى الإله الأعظم -سبحانه وتعالى- في القرآن الکريم بالأم، لفضلها ومکانتها فقال سبحانه: ﴿ وَوَصَّيْنَا الإِنْسان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْکُرْ لِي وَلِوَالِدَيْکَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاکَ عَلَى أَنْ تُشْرِکَ بِي مَا لَيْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُکُمْ فَأُنَبِّئُکُمْ بِمَا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان: 14- 15]، کما قال تعالى:﴿ وَوَصيْنَا الإِنْسان بِوَالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمّهُ کُرْهًا وَوَضعَتْهُ کُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصلُهُ ثَلاَثُونَ شهْراً[سورة الأحقاف:15]، ويقول الحق تبارک وتعالى:
﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ کَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ[سورة القصص: 13]

وفي إشارة لمنزلة الأم الرفيعة روى البخاري، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال » يا رسول الله من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمک ، قال: ثم من؟ قال: أمک، قال ثم من؟ قال: أمک قال: ثم من؟ قال أبوک «، وفي قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حديث مرويّ عن ابن عمر، على الدور المهم للمرآة، في تکوين الأسرة والحفاظ على تماسکها، قائلاً » قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: کُلُّکُمْ رَاعٍ وَکُلُّکُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ, فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْهُمْ, وَامْرَأَةُ الرَّجُلِ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلا فَکُلُّکُمْ رَاعٍ وَکُلُّکُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ«، وقد أشير إلى عظمة الأم من مختلف الأجناس سواء من أصحاب العواطف الجياشة أو أصحاب الجمود العاطفي. فقد قال قاسم أمين » يکون الرجل في کبره کما هيّأته أمه في صغره .«

وقال حافظ إبراهيم:

الأم  مدرسة إذا أعددتها

 

أعــددت شعـبًا طيب الأعراق

وقال نابليون بونابرت » إنّني مدين لأمي بکل ما حزته من الفخار، وما فزت به من العظمة، لأن نجاحي کان ثمرة مبادئها القويمة وآدابها السامية  .«

إن العامل الأساسي في إيجاد عنصر الترابط الأسري هو الأم؛ لأنها تسهم في تکوين الطفل النفسي والاجتماعي. والطفل - خاصة في سنيه الأولى - يکتسب معظم الأنماط السلوکية والطباع من أمه اللصيقة به دائمًا من خلال رعايته والقيام بسدّ حاجاته، بل إنه في الأصل جزء منها انفصل عنها، إضافة إلى العوامل الوراثية التي يکتسبها الطفل من الأم وکثيرًا ما يکون للأم فيها نصيب وافر، فضلاً عن أن الأم هي الرفيق الدائم للطفل طوال النهار والليل وفي السفر والإقامة. فالطفل يکتسب کل الأنماط السلوکية - حتى اللغة - من الأم أولاً ثم تتسع ينابيع المعرفة بالنسبة له فتشمل الأب ثم البيئة بما فيها من أصدقاء وأهل، ثم التجارب الشخصية والدراسة والتعلم، وبالتالي فدور الأم مشارکة زوجها في تربية الأولاد، بل إن الدور الأول هو دورها: تقوم
عليهن وتصلحهن.

فالأمومة هي أعظم شيء في الوجود، والأبناء هم ما تتمناه کل أم، ولذلک اختارت الباحثة أن يکون مجال البحث لديها في الأمومة والأبناء، لأن الأبناء يحتاجون إلي وجود الأم التي تمدهم بالحب والعطف والحنان، وتوفر لهم الجو الملائم الذي يساعد علي تحقيق النمو السليم في جميع مظاهره. أما في حالة الحرمان من الأم يؤدي إلي تغيرات جذرية في نمط حياة الأبناء، فالذي يحرم من حنان الأم وعطفها قد يتأخر نموه الجسمي والعقلي والاجتماعي، وقد يستشعر النبذ، وأنه غير مرغوب فيه فيؤثر الصمت وينطوي علي نفسه، ويظهر الاکتئاب علي سلوکه، فيبدوا عليه البؤس والتعاسة. (محمد جميل، 2009)

إن أهمية الدراسة الحالية تکمن في أن الحرمان من الأمومة، هو الحديث عن مشاکل حيوية تزلزل کيان الأسرة، فالمراهقات اللاتي يفتقدن أمهاتهم نتيجة لوفاة الأم أو طلاقها، عندها يفتقدون السند العاطفي، وبخاصة وهم صغار،وعلينا أن نعلم أن خبرات الطفولة المبکرة، تؤثر في سلوک الفرد خلال مراحل حياته، وبما أن بيئة الطفل في حياته المبکرة، لا تخرج عن محيط البيت والأسرة، أي الأب والأم والإخوة والأخوات، فقد يتأثر الصغار ذکوراً أو إناثًا، من بيئة الحرمان والذل والهوان.

فقد حاولت الدراسة الحالية کشف طبيعة العلاقة بين تشکل هوية الأنـا والتوافق النفسي لدى عينة من المراهقات فاقدات الأم سواء بالوفاة أو بالطلاق في محاولة للمساهمة في تقديم صـورة أوضـح لنمـو الإناث في هذه المرحلة، آملة أن يکون لذلک أثرة کواحد من الأسس للتخطيط التربوي والإرشادي.

وعليه يمکن تحديد أهمية الدراسة فيما يلي:

  1. ندرة الدراسات التي تناولت رتب الهوية لدى عينات من المراهقين حيث لم تتناول بحث تلک الرتب على عينات من فاقدات الأم سواء أکان هذا الفقد بسبب (الوفاة أو الطلاق).
  2. لم تتناول الدراسات التي تطرقت لهذا الموضوع مدى تأثير فقد الأم على التوافق الشخصى للبنات المراهقات فاقدات الأم، وکذلک التعرف إلى هوية الأنا لدى تلک العينات .
  3. إثراء المجال السيکولوجي بدراسة في مجال علم النفس الاجتماعي، والتعرف من خلالها إلى مدى تأثير وفاه الأم أو طلاقها على تشکل هوية الأنا، وکذلک التوافق الشخصى لدى عينة الدراسة.
  4. تمثل نتائج الدراسة واحدًا من الأساسات الإرشادية، قد تمد الآباء والمربين بالبيانات التي تساعدهم في تفهم حاجات المراهق، وبالتالي تساعدهم في عملية دعم هوية المراهق من جميع الجوانب.

ثالثًا: أهداف الدراسة

تتحدد أهداف الدراسة في:

  1. الکشف عن تأثير غياب الأم بالوفاة على عينة من المراهقات في متغير الشخصية المتوافقة، وأبعاد تشکل هوية الأنا " إنجاز، تعليق، انغلاق، تشتت.
  2. الکشف عن تأثير غياب الأم بالطلاق على عينة من المراهقات في متغير الشخصية المتوافقة، وأبعاد تشکل هوية الأنا " إنجاز، تعليق، انغلاق، تشتت.
  3. الکشف عن العلاقة بين تأثير وجود الأم في حياة بناتها المراهقات في متغير الشخصية المتوافقة، وأبعاد تشکل هوية الأنا " إنجاز، تعليق، انغلاق، تشتت.
  4. المقارنة بين عينات الدراسة وفقًا لمتغيرات الدراسة.

رابعًا: مصطلحات الدراسة:

أولاً: رتب الهوية:

يري "مارشيا" Marcia أن رتب الهوية تعبر عن أربعة أساليب يتبعها المراهقون لمواجهة أزمة الهوية، وهي رتبة التحقيق (الإنجاز) والتأجيل (التعليق) والانغلاق (التوقف) والتشتت (الانتشار)، وفيما يلي عرض لتلک الرتب الأربعة:

1-     الإنجاز: يکون (يحدث) لدى الشباب الذي خُبر تعليق اجتماعي وأجرى استکشافات بديلة لتحديد شخصيته والالتزام بأيديولوجية محددة ويرجع ذلک لکونهم قد حققوا هويتهم.

2-     التعليق: يکون (يحدث) لدى الشباب الذي خُبر بشکل عام الشعور بهويته وسعى بنشاط لاکتشافها ولکن لم يصل بعد إلى تعريف ذاتي بمعتقداته.

3-     الانغلاق: يکون (يحدث) لدى الشباب الذي يقرر التزام ثابت ولکنه لا يمر بفترات يشعر فيها بأزمات شخصية، بالإضافة لذلک فإن هؤلاء الشباب يتبنى معتقدات مکتسبة من الآخرين (غالبًا ما يکونا الأبوين) ولم يختبروا حالة معتقداتهم للمقارنة بمدى مطابقتها بمعتقدات الآخرين، مثل هؤلاء الشباب يقبلون معتقدات الآخرين والخاصة بهم بدون فحص أو تبصر أو انتقاد لها، ويُعتقد أن هذه العملية تماثل عملية التوحد في مرحلة الطفولة.

4-     التشتت: يکون (يحدث) لدى الشباب الذي لا يدرک شعوريًا حرکة الهوية، وربما بالإضافة لذلک لا يُخبر الحاجة لأن يکتشف خيارات أو بدائل وربما أيضًا يفشل في الالتزام بأيديولوجية ثابتة. (Marcia, 1966: 297)

ثانيًا: التوافق الشخصى:

يقصد به توافق الفرد بداية مع ذاته، ثم مع الآخرين بشکل تکاملي علي المستوى الفردي والشخصي والاجتماعي والأسري والزواجي والمهني، وغير ذلک من مجالات الحياة التي تمس حياة الفرد، ويکون مطلوبًا منه أن يتفاعل معه بشکل إيجابي. (السيد فهمي، 1994)

خامسًا: الدراسات السابقة:

اهتمت الباحثة في هذا الصدد بتجميع أکبر قدر ممکن من الدراسات والبحوث المتعلقة بموضوع رتب الهوية والتوافق النفسي والحرمان من الأم سواء أکان (وفاة - طلاق) لدى المراهقات، وعلى الرغم من أهمية مرحلة المراهقة واحتياجاتها الأساسية التي لا يمکن إغفالها ومن الطبيعي أن يلعب الوالدين دورًا هاما في إشباع تلک الاحتياجات وخصوصا الأم ومدى احتياج الابنة للأم في تلک المرحلة، فقد تبين للباحثة بعد الرجوع إلى العديد من المصادر العلمية والجامعات والمعاهد العلمية ندرة الدراسات التي تناولت متغيرات الدراسة الحالية وارتباطها بالحرمان من الأم في تلک المرحلة العمرية، کما تبين للباحثة أن معظم الدراسات التي تناولت متغير هوية الأنا أو متغير التوافق النفسي لم تتناولها بصورة مباشرة من حيث ربط تلک المتغيرات بالمراهقات فاقدات الأم، غير أن الباحثة قد وجدت دراستين فقط عن الحرمان من الأم وعلاقته بالتوافق النفسي، وکذلک حاولت الباحثة أن تجمع کل ما أمکنها من دراسات سابقة سواء التي تناولت متغيرًا نفسيًا واحدًا أو أکثر وعليه ووفقًا لما سبق يمکن تقسيم الدراسات السابقة على النحو التالي:     

أولاً: دراسات متصلة بموضوع الحرمان من الأم عند المراهقين. "بشکل عام"

1-دراسة (إيمان فوزي سعيد، 1985):

وهي بعنوان "أثر وفاة الأم على التوافق النفسي للأبناء من الجنسين"، وقد هدفت الدراسة إلى الکشف عن الفروق بين الجنسين في أثر الحرمان من الأم بالوفاة على التوافق النفسي للأبناء، وکان قوام العينة مکونًا من (24) من الأبناء المحرومين من الأم (12) من الذکور (12) من الإناث من بين ( 9-15 سنة) والمجموعة الأخرى ضابطة تتکون من  (12) من الذکور، (12) من الإناث. أما بالنسبة لأدوات الدراسة، فقد استخدمت الباحثة اختبار تفهم الموضوع، واستمارة دراسة الحالة من إعداد الباحثة، المقابلة الطليقة.

أما فيما يتعلق بالنتائج، فقد توصلت الدراسة إلى أن الحرمان من الأم له أثر سالب على التوافق النفسى للأبناء من الجنسين، أى أن فقد الأم يؤدى إلى حدوث اضطرابات في حياة الأطفال النفسية تنعکس على توافقهم النفسى. وأن وفاة الأم تخلف آثارا أعمق على توافق الإناث بأکثر
من الذکور.

2- دراسة (داليا نبيل حافظ، 1999)

وهي بعنوان "أثر طلاق الوالدين على النضج النفسي لأبنائهم المراهقين"، وهدفت هذه الدراسة إلي محاولة إيجاد علاقة تربط بين مدي تأثير حرمان المراهق من البيئة الأسرية السوية، وما يؤدي إليه ذلک من تعطل أو قصور في نضج أبنية الشخصية، وکان قوام العينة مکونًا من (32) مراهقًا ومراهقة من طلاب المدارس الثانوية وطلاب الجامعة (16) من الذکور، (16) من الإناث، وقد تراوحت أعمارهم ما بين (16- 20) عامًا، أما بالنسبة لأدوات الدراسة فقد استخدم الباحث اختبار تفهم الموضوع (T.A.T)، واختبار دليل التفاعلات الأسرية، واختبار وکسلر بلفيو لذکاء الراشدين.

أما فيما يتعلق بنتائج الدراسة، فقد توصلت إلى وجود فروق بين المراهقين الذين يعيشون في أسر منفصلة الأبوين، وبين المراهقين الذين يعيشون في أسر مستقرة في أبنية الشخصية، وقد ظهر ذلک في صورة الذات اللاشعورية، والتي اتسمت لدى المراهقين من أبناء المطلقين بأنها صورة ذات حزينة ومهملة وغير مشبعة وملفوظة من الوالدين، وتحتاج إلى الحنان والرعاية الوالدية، وذلک بالمقارنة بصورة الذات اللاشعورية لدى المراهقين من أبناء الأسر المستقرة، کما أشارت النتائج إلى ضعف نمو وتکامل الأنا لدى المراهقين من أبناء المطلقين، بناءًا على إلغاء وإنکار النزعات العدوانية وشيوع سمات السلبية والعجز في قصصهم بالمقارنة بالمراهقين من أبناء الأسر المستقرة، کما توجد فروق بين المراهقين الذکور والمراهقات الإناث في أبنية الشخصية.

3- دراسة (رشدي عبده حنين، 1987):

وهي بعنوان "اليتم وأثرة على الحالة الوجدانية والصورة الوالدية لدى المراهق"، وقد هدفت الدراسة إلى التوصل إلى مدى تأثير اليتم المبکر على نمو الطفل الانفعالي وعلى حالته الوجدانية وهو في مرحلة المراهقة، وکان قوام العينة مکوناً من (20) مراهقًا ومراهقة من طلاب وطالبات المرحلة الثانوية الذين فقدوا أحد والديهم خلال مرحلة الطفولة المتأخرة ، وقد کانت العينة مقسمة على النحو التالي: (5) مراهقات فاقدات الأم، ومثلهن فاقدات الأب، (5 ) مراهقين فاقدين الأم، ومثلهم فاقدين الأب، وقد اختيرت العينة بحيث يکون الوالد الآخر قد تزوج بعد وفاة الطرف الثاني، وبالنسبة لأدوات الدراسة فقد استخدم الباحث استمارة بيانات ومقابلة إکلينيکية واختبار الرورشاخ واختبار تفهم الموضوع.

أما فيما يتعلق بنتائج الدراسة فقد توصلت إلى أن فقدان أحد الوالدين أو کلاهما له أثار سلبية على الأبناء ومن أهم مظاهرها اليأس والکآبة، وکثرة أحلام اليقظة، وعدم القدرة على الاستقلال والخضوع والطاعة للوالد الباقي، والحساسية الشديدة وقلق ومظاهر تمرد وعصيان.

 

ثانياً: دراسات متصلة بحالات الهوية عند المراهقين:

1- دراسة ( أمل حسن عبد المجيد، 2008):

وهي بعنوان "دراسة مقارنة لبعض الفئات من المراهقات بالمؤسسات الإيوائية"، وقد هدفت الدراسة إلى التعرف على حالة الهوية (يقصد بهوية الأنا تحديد الفرد من هو بحيث تکون توقعاته المستقبلية امتدادًا واستمرارًا لخبرات الماضى وتکون خبرات الماضى متصلة بما يتوقعه من مستقبل ذا معنى، مع الشعور بکونه قادرًا على العمل کشخص منفرد دون الانغلاق في العلاقة بالأخر، مع الاطلاع بدور اجتماعى والتوجه نحو أهداف محددة وإنجازها وفق منظور زمنى محدد وتحقيق علاقة ناضجة بالجنس الآخر، مع تحديد إيديولوجية أو فلسفة ومعنى لکيانه)، مع  لدى المراهقات المودعات بالمؤسسات الإيوائية، والفروق بينها وبين حالة الهوية لدى المراهقات بالأسر العادية، وکذلک التعرف على الفروق بين فئات المراهقات المختلفة بالمؤسسات الإيوائية (فئة مجهولات النسب- فئة اليتيمات- فئة التفکک الأسرى) على حالة الهوية.

وکان قوام العينة مکونًا من (113) مراهقة على النحو الآتي:

- المراهقات مجهولات النسب بالمؤسسات الإيوائية وعددهن (30).

- مراهقات فئة اليتيمات بالمؤسسات الإيوائية وعددهن (24).

- مراهقات فئة التفکک الأسرى بالمؤسسات الإيوائية وعددهن (27).

- مراهقات من الأسر العادية وعددهن (32).

وبالنسبة لأدوات الدراسة، فقد استخدمت الباحثة استمارة بيانات أولية للمراهقات المودعات بالمؤسسات الإيوائية، واستمارة بيانات أولية للمراهقات من الأسر العادية إعداد الباحثة، واستبيان هوية الأنا للشباب إعداد أبو بکر مرسى.

أما فبما يتعلق بنتائج الدراسة، فقد توصلت إلى وجود فروق دالة إحصائية بين الفئات الثلاث للمراهقات (فئة مجهولات النسب- فئة اليتيمات- فئة التفکک الأسرى) کمجموعة تجربية، والمراهقات بالأسر العادية کمجموعة ضابطة، على الدرجة الکلية والمقاييس الفرعية لاستبيان
هوية الأنا.

2- دراسة (منى محمد قاسم، 2001):

وهي بعنوان "تواصل المراهق مع والدية وعلاقته بحالات الهوية"، وهدفت الدراسة إلى معرفة إدراک تواصل المراهق مع والدية وعلاقته بحالات الهوية، وکان قوام العينة مکونًا من (507) طالبًا وطالبه، منهم (357) إناث، (150) من الذکور، وبالنسبة لأدوات الدراسة، فقد استخدمت الباحثة مقياس تواصل المراهق مع والدية ومقياس حالات  الهوية، ومقياس الأساليب الصحيحة في التنشئة، ومقياس البيئة الأسرية، واختبار تفهم الموضوع على الحالة المحققة والمتشتتة فقط.

أما فيما يتعلق بنتائج الدراسة، فقد توصلت الدراسة إلى أن تواصل المراهق مع الأم أفضل من تواصله مع الأب، وأن تواصل المراهق الجيد مع والدية والبيئة الأسرية الجيدة تؤدى غالبًا إلى تحقق هوية المراهق، وتواصل المراهق السيئ مع والدية و البيئة الأسرية السيئة تؤدى غالبًا إلى تشتت
هوية المراهق.

3-دراسة ( ميرفت عبد الجواد عزمى، 2004):

وهي بعنوان "نمو الهوية في علاقتها بأبعادها البيئة الاجتماعية للأسرة لعينة من المراهقين في ضوء نظرية اريکسون"، وهدفت الدراسة إلى دراسة العلاقة الارتباطيه بين کل من أبعاد الهوية وأبعاد البيئة الاجتماعية للأسرة في مرحلة المراهقة(المبکرة –المتوسطة –المتأخرة)، ومعرفة مدى تباين أداء البنين وأداء البنات على أبعاد الهوية في تلک المرحلة، وکان قوام العينة مکونًا من (450) طالبًا وطالبة من طلاب المرحلة النمائية المراهقة، وبالنسبة لأدوات الدراسة، فقد استخدمت الباحثة مقياس البيئة الاجتماعية للأسرة، ومقياس هوية الأنا للمراهقين.

أما فيما يتعلق بنتائج الدراسة، فقد توصلت الدراسة إلى وجود علاقة ارتباطيه موجبة بين أبعاد الهوية والأبعاد السوية للبيئة الاجتماعية للأسرة (الترابط، التعبيرية، الاستقلال) في کل مرحلة نمائية، في حين وجدت علاقة ارتباطيه سالبة بين أبعاد الهوية و الصراع الأسرى کأحد الأبعاد غير السوية للأسرة في کل مرحلة نمائية، وکذلک وجود فروق بين متوسط  درجات الذکور والإناث في أبعاد الهوية المختلفة لصالح عينة ذکور المراهقة المتأخرة ، وأيضًا وجود تفاعل للجنس والمرحلة النمائية على الهوية الاجتماعية – المهنية – الأيديولوجية الجنسية لصالح عينة ذکور
المراهقة المتأخرة.

ثالثاً: دراسات متصلة بالتوافق النفسي عند المراهقين:

1-دراسة (نور الهدى عمر المقدم، 1990):

وهي بعنوان "المشکلات السلوکية والتوافق النفسي لأطفال الأسر المتصدعة في المرحلة الابتدائية"، وقد هدفت الدراسة إلى التعرف على مستوى التوافق النفسي لأطفال الأسر المتصدعة بسبب الطلاق أو لتعدد الزوجات من الذکور والإناث ومقارنة بالتوافق النفسي لأطفال الأسر العادية.

وکان قوام العينة مکونًا من (352) من البنين والبنات، وصنفت إلى (124) بنين وبنات ينتمون إلى أسر طبيعية، (108) ينتمون إلى أسر متصدعة بسبب الطلاق، وبالنسبة لأدوات الدراسة، فقد استخدم الباحث مقياس المشکلات السلوکية للأطفال، واختبار الشخصية للأطفال، ومقياس المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة.

أما فيما يتعلق بنتائج الدراسة، فقد توصلت إلى أن الأطفال البنين والبنات ذات درجات عالية من المشکلات السلوکية بأبعادها المختلفة (کذب – عدوان –سرقة – تخريب – هروب) لدى کل من الأسر المتصدعة بسبب الطلاق أو لتعدد الزوجات، کما أظهرت الدراسة أن أطفال الأسر العادية (البنين أو البنات) أکثر توافقاً شخصياً واجتماعياً وعاماً من أقرانهم من الأسر المتصدعة، سواء بسبب الطلاق أم لتعدد الزوجات.

2- دراسة (زينب عبد اللطيف، 1993):

وهي بعنوان "الإحساس بالوحدة النفسية وعلاقته بالسلوک التکيفي لدى أبناء مؤسسات الرعاية"، وهدفت الدراسة إلى الکشف عن الفروق بين ثلاث فئات، هم اللقطاء والأيتام وذوى الأسر المتصدعة والمقارنة بينهم من حيث الإحساس بالوحدة النفسية وکذلک السلوک التکيفي، وکذلک المقارنة بين الذکور والإناث لمعرفة أي هذه الفئات من الجنسين أکثر إحساساً بالوحدة النفسية وأيهما أکثر انحرافًا من الناحية السلوکية، وکان قوام العينة مکوناً من (179) من الذکور والإناث ممن تتراوح أعمارهم بين (16-18) عاماً من أبناء الملاجئ بالقاهرة، وبالنسبة لأدوات الدراسة، فقد استخدم الباحث مقياس الإحساس بالوحدة النفسية، ومقياس السلوک التکيفي.

أما فيما يتعلق بنتائج الدراسة، فقد توصلت الدراسة إلى أن هناک علاقة ارتباطيه موجبة بين الإحساس بالوحدة النفسية والسلوک التکيفي، کما توجد فروق بين متوسطات درجات أفراد العينة على مقياس الإحساس بالوحدة النفسية، وکانت الفروق لصالح اللقطاء, کما توجد فروق مع بعد السلوک المدمر والعنيف لصالح الإناث.

3- دراسة (راوية محمود دسوقى، 1996):

وهي بعنوان "الحرمان الأبوي وعلاقته بکل من التوافق النفسي ومفهوم الذات والاکتئاب لدى طلبة الجامعة"، وکان قوام العينة مکونًا من (120) طالباً وطالبة ممن تتراوح أعمارهم ما بين (21-24) عامًا، (60) إناث منهن (30) بنتًا لأمهات مطلقات، (30) بنتًا محرومات من الأب بسبب الوفاة، (60) ذکر منهم (30) أبناء مطلقات، (30) أبناء محرومين من الأب، أما بالنسبة لأدوات الدراسة، فقد استخدمت الباحثة مقياس "بل" لتوافق، ومقياس "تنسى" لمفهوم الذات، ومقياس "بيک" للاکتئاب.

أما فيما يتعلق بنتائج الدراسة، فقد توصلت الدراسة إلى أن هناک فروقًا ذات دلالة إحصائية بين مجموعة أبناء المطلقات ومجموعة أبناء المحرومين من الأب في کل من التوافق الأسرى والصحي والاجتماعي والانفعالي والکلى لصالح الأبناء المحرومين من الأب کما أوضحت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين مجموعتي الذکور في التوافق الانفعالي والکلى والعُصابية والاکتئاب لصالح أبناء المطلقات، وکذلک توجد فروق بينهما في الذات الأخلاقية لصالح المحرومين من الأب، أما مجموعتي الإناث فتوجد بينهما فروق دالة إحصائيًا في التوافق الأسرى والصحي والانفعالي والکلى والعُصابية والاکتئاب لصالح بنات المطلقات وفي الذات الجسمية لصالح المحرومات من الأب.

 

سادسًا: فــرض الدراسة:

للدراسة فرض وحيد يتمثل فيما يلي:

"توجد فروق دالة إحصائيًا بين متوسطات درجات کل من (المراهقات غير فاقدات الأم- المراهقات فاقدات الأم بالطلاق- المراهقات فاقدات الأم بالوفاة) في المتغيرات التابعة محل الدراسة (رتب الهوية: الأبعاد الفرعية والأساسية والدرجة الکلية لمتغير الشخصية المتوافقة)".

سابعاً: المنهج الإجرائي للدراسة:

 

أ) عينة الدراسة:

(1)    بلغ قوام عينة الدراسة الأساسية (140) مراهقة من طالبات الجامعة أختيروا بطريقة قصدية وقد کان المدى العمري للعينة من (17- 21) عاماً بمتوسط عمري قدره (19) وانحراف معياري قدره (1.12).

(2)    مصدر العينة:

تم الحصول على أفراد عينة البحث من طالبات جامعة المنصورة.

(3)    وصف العينة:

کان قوام هذه العينة (140) مراهقة من طالبات الجامعة موزعين کالتالي:

1- (60) مراهقة غير فاقدات الأم.

2- (40) مراهقة فاقدات للأم بالطلاق.

3- (40) مراهقة فاقدات للأم بالوفاة.

(4)   إجراءات التطبيق:

(أ) بداية التطبيق: کانت بداية التطبيق قبل عام ونصف العام، وذلک في النصف الثاني من عام 2008، وبالتحديد في الفصل الدراسي الأول لعام 2008 / 2009.

(ب) أماکن التطبيق: تم التطبيق في کلية الآداب "جامعة المنصورة".

(ج) طبيعة التطبيق: تم التطبيق بصورة جمعية.

(د) کيفية التطبيق: تم عمل بطارية الاختبارات وهي مکونة من استمارة بيانات أولية من إعداد السيد فهمي على والباحثة وذلک لجمع البيانات عن السن والجنس والحالة الاجتماعية للمفحوص، الأم على قيد الحياة أو متوفية أو مطلقة وکذلک الأب على قيد الحياة أم متوفي أو منفصل عن الأم بالإضافة إلى  اختبار رتب الهوية والشخصية المتوافقة، وقد تم الاتفاق مع بعض أعضاء هيئة التدريس في الکلية لتطبيق البطارية وکانت الباحثة تقوم بشرح تعليمات کل مقياس على حدة، والتزام الدقة والأمانة، وقد أفهمت الباحثة أفراد العينة أن الهدف من عملية التطبيق هولأغراض البحث العلمي فقط، مع إحاطة تلک المعلومات بالسرية التامة، وأخذ التطبيق مدة حوالي ثلاثة أشهر لإنهائه.

ب) أدوات الدراسة:

تکونت أدوات الدراسة مما يلي:

1- مقياس رتب الهوية:             إعداد /محمد السيد عبد الرحمن.

2- الشخصية المتوافقة:                             إعداد / السيد فهمي علي.

(5)    الأسلوب الإحصائي:

اشتملت عينة الدراسة الأساسية على الأساليب الإحصائية التالية:

  1. حساب المتوسطات الحسابية.
  2. حساب الانحرافات المعيارية.
  3. تحليل التباين أحادى الاتجاه متعدد المتغيرات التابعة MANOVA.
  4. المقارنات المتعددة باستخدام أسلوب توکي.

ثامنًا: نتائج الدراسة:

نص فرض الدراسة على ما يلي:

"توجد فروق دالة إحصائيًا بين متوسطات درجات کل من (المراهقات غير فاقدات الأم- المراهقات فاقدات الأم بالطلاق- المراهقات فاقدات الأم بالوفاة) في المتغيرات التابعة محل الدراسة (رتب الهوية: الأبعاد الفرعية والأساسية والدرجة الکلية لمتغير الشخصية المتوافقة)".

مناقشة نتيجة الفرض وتفسيرها:

وللتحقق من الفرض استخدمت الباحثة اختبار تحليل التباين أحادى الاتجاه متعدد المتغيرات التابعة (MANOVA) لمعرفة دلالة واتجاه الفروق بين متوسطات المجموعات الثلاث، فى المتغيرات التابعة محل الدراسة (رتب الهوية، الأبعاد الفرعية والأساسية، والدرجة الکلية لمتغير الشخصية المتوافقة. وفيما يلى عرض للنتائج ومناقشتها.

أولاً: بالنسبة لمقياس رتب الهوية: (*)

1-    الدرجة الکلية لمقياس إنجاز الهوية. "تحقيق هوية الأنا"

بالنظر في الجدول الآتى المتعلق بقيم مدى "توکي" لحساب اتجاه الفروق بين العينات الثلاثة في الدرجة الکلية لإنجاز الهوية، نجد ما يأتي:


جدول (1) قيم مدى "توکي" لاتجاه الفروق بين متوسطات درجات المجموعات الثلاث،
في الدرجة الکلية لإنجاز الهوية لمقياس رتب الهوية

المجموعات

ن

المجموعات الفرعية

1

2

فاقدات الأم بالوفاة

40

42.7000

 

غير فاقدات الأم المراهقات

60

47.1167

47.1167

فاقدات الأم بالطلاق

40

 

50.3250

مستوى الدلالة

 

.217

.444

‌أ-      لم تکن هناک فروق دالة بين فاقدات الأم بالوفاة وغير فاقدات الأم في إنجاز الهوية.

‌ب-  أيضا لم تکن هناک فروق دالة بين غير فاقدات الأم وفاقدات الأم بالطلاق في إنجاز الهوية.

‌ج-    کشفت النتائج عن وجود فروق دالة بين فاقدات الأم بالوفاة، وفاقدات الأم بالطلاق، حيث کانت الفروق في اتجاه فاقدات الأم بالطلاق.

والنتيجة على هذا النحو تعنى أن فاقدات الأم بالطلاق على وجه الخصوص دون فاقدات الأم بالوفاة أو غير فاقدات الأم، يمکنهن تجاوز أزمة طلاق والديهن، وأنهن يمکنهن في ضوء الظروف التي فرضت عليهن من انفصال والديهن بالطلاق قد وصلت إلى حلول مناسبة تخصهن، وأنهن قد حققن الالتزام في ضوء قبولهن للأمر الواقع المفروض عليهن.

وعليه يمکن القول أن تلک الفئة من عينات الدراسة قد خبرن تعليق اجتماعي، وأجرين استکشافات بديلة لتحديد شخصيتهن، مع التزامهن بأيديولوجيات محددة، ويرجع ذلک لکونهن قد حققن هويتهن.Identity achieved(محمد عبد الرحمن، 1998: 15).

2-   بالنسبة لبعد تعليق الهوية:

لم تکشف النتائج عن وجود فروق دالة بين متوسطات درجات العينات الثلاثة في الدرجة الکلية لبعد تعليق الهوية، حيث بلغ متوسط عينة غير فاقدات الأم (49.10) وبانحراف معياري (9.86)، بينما بلغ متوسط عينة فاقدات الأم بالطلاق (48.78) وبانحراف معياري قدره (13.48)، في حين بلغ متوسط عينة فاقدات الأم بالوفاة (48.13) وبانحراف معياري قدره (11.59). وهذا يعنى أن الفروق في المتوسطات بين العينات الثلاثة کانت ضئيلة جدًا إلى الدرجة التي لم نتمکن معها من تحديد اتجاه الفروق بين المجموعات الثلاثة، والنتيجة على هذا النحو لم توضح لنا على نحو جلي أي من العينات الثلاثة قد خبرن بشکل عام الشعور بهويتهن، وسعين بنشاط لاکتشافها ولکن لم يصلن بعد إلى تعريف ذاتي بمعتقداتهن، وعليه لم يُعرف من خلال ما کشفت عنه النتائج أي من العينات الثلاثة يمکن تصنيفهن في فئة ذوات الهوية المُعلقة "المؤجلة". Identity moratorium ) نفس المرجع: 15)


3-   بالنسبة لبعد انغلاق الهوية:

بالنظر في الجدول الآتى المتعلق بقيم مدى "توکي" لحساب اتجاه الفروق بين العينات الثلاثة في الدرجة الکلية لانغلاق الهوية، نجد ما يأتي:

جدول (2) قيم مدى توکي لاتجاه الفروق بين متوسطات درجات المجموعات الثلاث

في الدرجة الکلية لانغلاق الهوية لمقياس رتب الهوية

المجموعات

N

المجموعات الفرعية

1

2

غير فاقدات الأم المراهقات

60

62.5167

 

فاقدات الأم بالطلاق

40

65.8250

65.8250

فاقدات الأم بالوفاة

40

 

71.4000

Sig.

 

.542

.180

‌أ-      عدم وجود فروق دالة بين غير فاقدات الأم، وفاقدات الأم بالطلاق في انغلاق الهوية.

‌ب-  عدم وجود فروق دالة بين فاقدات الأم بالوفاة وفاقدات الأم بالطلاق في انغلاق الهوية.

‌ج-    کانت هناک فروق دالة بين فاقدات الأم بالوفاة وغير فاقدات الأم في انغلاق الهوية حيث کانت الفروق في اتجاه فاقدات الأم بالوفاة.

والنتيجة على هذا النحو تعنى أن عينة فاقدات الأم بالوفاة ربما يقررن التزام ثابت، ولکنهن لا يمررن بفترات يشعرن فيها بأزمات شخصية، بالإضافة إلى ذلک، فإنهن تبنين معتقدات مکتسبة من الآخرين، وأنهن لم يخبرن حالة معتقداتهن للمقارنة بمدى مطابقتها بمعتقدات الآخرين، مثل هؤلاء الفتيات المراهقات فاقدات الأم تقبلن معتقدات الآخرين، والخاصة بهن بدون فحص أو تبصر أو انتقاد لها مثل هؤلاء الفتيات يوصفن بأنهن قد غلقن هويتهن مسبقًا ( أي أنهن حبسن هويتهن).

وجدير بالذکر الإشارة إلى أن انغلاق الهوية في أحد جوانبه يتمثل في عدم مرور الفرد بفترة التعليق المفترضة، والتي تعتمد على محاولة الفرد الذاتية في اکتشاف هويته، والتي تکون ممثلة في اختيار وتجريب المُعتقدات والأهداف والأدوار المتاحة بغرض الاختيار لما يناسبه منها، حيث يُکتفي بما تحدده قوى خارجية کالأسرة أو أحد الوالدين ( الأب هنا يمثل القوى الخارجية لوفاة الأم)، أو المعايير الثقافية.

ومن جانب آخر فإن الفرد يُظهر قناعة والتزامًا بهذه الأدوار، إلا أن هذا الالتزام يختلف عن التزام محققي الهوية (achievement (Identity، إذ يکون التزامًا غير ناضج لا يعتمد على الاختيار الذاتي بما يحدد لهم الأهداف.


4-   بالنسبة لبعد تشتت الهوية:

لم تکشف النتائج عن وجود فروق دالة إحصائيًا بين متوسطات درجات العينات الثلاثة في الدرجة الکلية لبعد تشتت الهوية، وهي قيمة غير دالة والنتيجة على هذا النحو لم تتمکن الباحثة معها من تحديد أي من العينات الثلاثة يمکن وصفهن بأنهن مشتتين الهوية، حيث بلغ متوسط عينة غير فاقدات الأم (58.48) وبانحراف معياري قدره (8.70)، وبلغ متوسط عينة فاقدات الأم بالطلاق (54.95) وبانحراف معياري قدره (13.49)، أما عينة فاقدات الأم بالوفاة، فقد بلغ (58.73)، وبانحراف معياري قدره (11.359).

والنتيجة على النحو السابق أيضًا لم تُمکن الباحثة من التعرف إلى أي العينات الثلاثة لا يدرکن شعوريًا حرکة هويتهن، وأيهن يفشل في الالتزام بأيديولوجية ثابتة. (نفس المرجع، ص15).

هذا وتجدر الإشارة کما سبق وتقدم في الإطار النظري أن تشتت الهوية إنما ينتج کنتيجة لعدم أو ضعف إحساس الفرد بأزمة الهوية، المتمثلة في ضعف رغبته في الاستکشاف واختيار البدائل المتاحة من جانب، وأيضًا عدم التزامه بما يتم اختياره من أدوار، والشخص الذي يتسم بتشتت الهوية عادة ما يتصف بالتقدير المختص لذاته، وکذلک بالعلاقات الشخصية السطحية مع الأشخاص الآخرين، والأفراد في هذه الرتبة لا يشعرون بحاجاتهم إلى تکوين فلسفة أو أدوار محددة في حياتهم.

لقد کشفت النتائج بشکل عام کما سبق وتقدم عن أن فاقدات الأم بالطلاق يتسمن بشکل عام بأنهن قد حققن هويتهن مقارنة بالعينتين الآخرتين من فاقدات الأم بالوفاة وغير فاقدات الأم، کذلک کشفت النتائج أن فاقدات الأم بالوفاة قد تميزن بانغلاق الهوية مقارنة بعينتي فاقدات الأم بالطلاق أو غير فاقدات الأم. وبمناقشة تلک النتيجة في ضوء الدراسات السابقة، يمکن القول أن الباحثة لم تجد دراسات کما سبق وأشارت تناولت الفروق في رتب الهوية أو أبعادها کما هو الحال في مجال المقارنة بين عينات الدراسة الحالية، والدراسة الوحيدة المرتبطة- نسبيًا- لهذا الموضوع هي دراسة (أمل عبد المجيد، 2008) التي توصلت إلى وجود فروق دالة إحصائيًا بين عينتين تجريبية وضابطة من الفتيات، العينة الأولى هى العينة التجريبية وتشمل:

1-  فئة مجهولات النسب: وهي الفئة التي لا تعرف لها أب أو أم.

2-  فئة اليتيمات: وهي الفئة التي تعرف لها أب وأم.

3-  فئة التفکک الأسرى سواء بالانفصال أو بالطلاق.

أما العينة الضابطة فتشمل:

فئة المراهقات اللاتي يعشن مع والديهما.

لقد کشفت نتيجة تلک الدراسة عن أن العينة الضابطة "عينة الفتيات اللاتي يعشن مع والديهما" مقارنة بالعينتين التجريبيتين "مجهولات النسب، واليتيمات وذوات التفکک الأسرى)، إنما يتسمن بما يسمى "حالة هوية الأنا" والتي يُقصد بها تحديد الفرد من هو بحيث تکون توقعاته المستقبلية امتدادًا واستمرارًا لخبرات الماضي وتکون خبرات الماضي متصلة بما يتوقعه من مستقبل اتصالاً ذا معنى، مع الشعور بکونه قادرًا على العمل کشخص منفرد دون الانغلاق في العلاقة بالأخر، مع الاضطلاع بدور اجتماعي والتوجه نحو أهداف محددة وإنجازها وفق منظور زمني محدد وتحقيق علاقة ناضجة بالجنس الأخر، مع تحديد إيديولوجية أو فلسفة ومعنى لکيانه.

والنتيجة على هذا النحو تتعارض مع نتائج الدراسة التي أشارت إلى أن إنجاز الهوية إنما کان في اتجاه فاقدات الأم بالطلاق، کما کانت فاقدات الأم بالوفاة هن الأکثر انفعالاً للهوية مقارنة بغير فاقدات الأم، وفاقدات الأم بالطلاق.

غير أن هناک ما يمکن استخلاصه من الدراسات السابقة، ويمکن أن يتفق مع نتائج الدراسة الحالية، وهي الدراسات التي تناولت المتغيرات متعلقة بالأسرة، ويمکن تناول ذلک على النحو الآتي:.

1-  کشفت دراسة (منى، 2001)، عن أن تواصل المراهق مع الأم أفضل من تواصله مع الأب، وأن تواصل المراهق الجيد مع والديه والبيئة الأسرية الجيدة يؤدى إلى تحقق هوية المراهق والعکس يؤدى إلى تشتت الهوية للمراهق.

وهذه النتيجة تؤکد على أهمية وجود الأبوين خصوصًا الأم، وهذا يدعم نتيجة الدراسة الحالية من أن فاقدات الأم بالوفاة إنما يتسمن بانغلاق الهوية.

2- کشفت دراسة (ميرفت عبد الجواد،2004)، عن وجود علاقة ارتباطيه سالبة بين أبعاد الهوية والصراع الأسرى (کالانفصال بين الوالدين)، وهو ما يدعم من أن الصراعات الأسرية کحالات الطلاق مثلاً إنما يکون له تأثير سلبى على أبعاد رتب الهوية للفرد ذکر کان أم أنثى.

ثانيًا: بالنسبة لمقياس الشخصية المتوافقة:

بالنظر في الجدول الآتى المتعلق بقيم "توکي" لحساب اتجاه الفروق بين العينات الثلاثة في مقياس الشخصية المتوافقة، نجد ما يأتي:

جدول (3) قيم مدى "توکي" لاتجاه الفروق بين متوسطات درجات المجموعات الثلاث

في الدرجة الکلية للشخصية المتوافقة

المجموعات

ن

المجموعات الفرعية

1

2

فاقدات الأم بالطلاق

40

136.9000

 

غير فاقدات الأم المراهقات

60

145.9500

145.9500

فاقدات الأم بالوفاة

40

 

149.9750

مستوى الدلالة

 

.105

.635

‌أ-      لا توجد فروق دالة بين عينة فاقدات الأم بالطلاق وغير فاقدات الأم في الشخصية المتوافقة.

‌ب-  کذلک لا توجد فروق بين غير فاقدات الأم، وفاقدات الأم بالوفاة في الشخصية المتوافقة.

‌ج-    توجد فروق دالة بين عينتي فاقدات الأم بالطلاق، وفاقدات الأم بالوفاة في الشخصية المتوافقة، وذلک في اتجاه فاقدات الأم بالوفاة.

وبمناقشة نتيجة الفرض الحالي في ضوء ما جاء بالدراسات السابقة، يمکن تناوله على النحو الأتي:

‌أ-      دراسة (نور الهدى،1990)، کشفت عن أن أطفال الأسر المتصدعة بسبب الطلاق أو تعدد الزوجات إنما يعانون من مشکلات سلوکية، وأن أطفال الأسر العادية الذين ينتمون لأسر لا يوجد بها طلاق أو تعدد زوجات، کانوا أکثر توافقًا شخصيًا واجتماعيًا من أقرانهم الذين ينتمون للأسر المتصدعة والنتيجة على هذا النحو تتعارض مع ما جاء بالدراسة الحالية حيث کانت الإناث اللاتي ينتمين لأسر فقدت أمهاتهن کن أکثر توافقًا شخصيًا.

‌ب-   کشفت دراسة (زينب عبد اللطيف،1993)، أن اللقطاء فاقدي الأم والأب يعانون من الإحساس بالوحدة النفسية، وانخفاض السلوک التکيفي، وهي نتيجة لا تتفق مع نتيجة الدراسة الحالية التي تؤکد کما سبق على أن فاقدات الأم أکثر توافقًا شخصيًا، کما تبين أن الإناث على وجه الخصوص کن أکثر سلوکا تدميريًا وعنيفًا.

‌ج-   دراسة (رواية محمود،1996)، کشفت عن أن الإناث "المنفصل والديهن" إنما يعانون من سوء الشخصية المتوافقة الأسرى والصحي والانفعالي والاکتئاب والعصابية.

وتعلق الباحثة على النتيجة السابقة بأنها کانت تتوقع أن يکون اتجاه الفروق في الشخصية المتوافقة الشخصي في اتجاه غير فاقدات الأم، نظرًا لوجود الوالدين، غير أن تلک النتيجة جاءت على عکس المتوقع، وهي تکشف جليًا في جانب منها أن غياب الأم بالوفاة قد يسهم في أن تکون شخصية الفتاة أکثر توافقًا شخصيًا من قريناتها التي تعيش في کنف الوالدين أو التي انفصل والديها في الطلاق وأغلب الظن- من وجهة نظر الباحثة- أن الفتاة التي تفقد أمها قد هيأت نفسها على عدم وجود الأم وتعايشت معه، وتقبلت الوضع، فالأم غابت، ولن تعود، ولن تُبعث من مرقدها لتکون بجوار ابنتها وتسهم بشکل فعال في تکوين هويتها، أما الفتاة التي انفصل والديها، فهي تعيش حالة من حالات التمزق النفسي الرهيب فالأم تعيش في مکان والفتاة في مکان آخر، وربما تعيش مع أمها دون والدها، لکنها في الحالتين تفقد الأمن والأمان الوالدي، وتتمزق بين کليهما، وقد تکون مع الأم، ولکن في وجود زوج أم، أو مع الأب، ولکن في وجود زوجة أب، وعليه فهي ربما تکون أقل ثباتًا انفعاليًا، وأشد اضطراب من الفتاة التي  تتمزق وتتفرق بين الوالدين.

هذا فضلاً عن أنها ربما لا تعيش مع أي منها فقد تکون في کنف جديها أو أحدهما أو مع أي فرد من أفراد الأسرة وغير ذلک کثير.

أما الفتاة التي تعيش مع والديها والتي لم تکن اتجاه الفروق في صفها في الشخصية المتوافقة الشخصي مع عينتي فاقدات الأم بالوفاة وفاقدات الأم بالطلاق فربما يکمن خلف هذه النتيجة- أن العيش مع الوالدين قد يجعل الفتاة أقل تحملاً للمسئولية من ذويها فاقدات الأم، وربما لأن العيش مع الوالدين لا يجعلهن في حالة ثبات انفعالي دوماً، فهناک النزاع مع الوالدين أو احدهما، وهناک صراع الأجيال وهناک الاطمئنان إلى أن أي حالة من حالة التذمر أو التمرد من قبل الأبناء لن يتبعه بالضرورة اتخاذ موقف صارم تجاههن، فالوالدين يتسمن بالحنو والشفقة والتسامح، وهذا ما قد لا تفهمه الکثير من الفتيات اللاتي تعشن في کنف والديهن.

وفي ضوء النتيجة السابقة فالفتيات فاقدات الأم أکثر توافقًا شخصيًا مع ذواتهن ثم مع الآخرين بشکل تکاملي على المستوى الفردي والشخصي والاجتماعي. (السيد فهمي،1994)

وفي ضوء ما جاء بالأطر النظرية يمکن القول أن فاقدات الأم بالوفاة مقارنة بفاقدات الأم بالطلاق وغير فاقدات الأم- أقل خلو من الصراعات الداخلية الشعورية واللاشعورية، ويستجبن للمؤثرات الجديدة باستجابات ملائمة، وأنهن يملن إلى التوازن والمواءمة بين ذواتهن من جهة وبيئتهن من جهة أخرى.



(*)سوف تکتفي الباحثة بعرض النتائج المتعلقة بالأبعاد الفرعية لمقياس رتب الهوية، على أن تتناول مناقشة النتائج المتعلقة بالدرجة الکلية للأبعاد الأربعة للمقياس ، وذلک في مجال المقارنة بين عينات الدراسة الثلاثة.

قائمة المراجــع:
أولاً: المراجع باللغة العربية:
1)       أمل حسن عبد المجيد ( 2008). دراسة مقارنة لبعض الفئات من المراهقات بالمؤسسات الإيوائية،رسالة ماجستير غير منشورة، کلية الآداب-جامعة عين شمس.
2)       إيمان فوزي السعيد (1985). دراسة إکلينيکية لأثر وفاة الأم على التوافق النفسى للأبناء من الجنسين، رسالة ماجستير غير منشورة، کلية التربية- جامعة عين شمس0
3)       السيد فهمي (1994). الأ\حام وعلاقته ببعض المتغيرات النفسية والتوافق الشخصى، رسالة دکتوراه غير منشورة، کلية الآداب- جامعة المنوفية.
4)       داليا نبيل حافظ (1999). أثر طلاق الوالدين على النضج النفسي لأبنائهم المراهقين، رسالة ماجستير غير منشورة، کلية الآداب – جامعة عين شمس.
5)       راوية محمود دسوقي ( 1996). الحرمان الأبوي وعلاقته بکل من التوافق النفسي ومفهوم الذات والاکتئاب لدى طلبة الجامعة، الهيئة المصرية العامة للکتاب، مجلة علم النفس، العددان (40- 41)، 18-23.
6)     رشدي عبده حنين (1987).اليتم وأثرة على الحالة الوجدانية والصورة الوالدية لدى المراهق، الهيئة المصرية العامة للکتاب، مجلة علم النفس، العدد (2)، 38-47.
7)       زينب عبد اللطيف( 1993). الإحساس بالوحدة النفسية وعلاقته بالسلوک التکيفي لدى أبناء مؤسسات الرعاية، مجلة معوقات الطفولة، المجلد الثاني، العدد (1)، مرکز معوقات الطفولة- جامعة الأزهر.
8)       عائشة نحوي(2009).اليتم وأثره على الحالة الوجدانية والصورة الوالدية لدى المراهق، مجلة العلوم الإنسانية کلية الآداب والعلوم الاجتماعية-جامعة محمد خيضر-بسکرة، العدد(16)،180-197
9)       عبد العزيز القوصي (1981). أسس الصحة النفسية، القاهرة: دار النهضة المصرية.
10)   محمد السيد عبد الرحمن( 1998). مقياس موضوعي لرتب الهوية الأيدلوجية والاجتماعية في مرحلتي المراهقة والرشد المبکر، القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع.
11)   محمد محمد جميل (2007). الحرمان من الأم وعلاقته بالاکتئاب النفسي لدي تلاميذ الشق الثاني من مرحلة التعليم الأساسي بشعبية مصراته، جامعة السابع من أکتوبر- مصراته،
http://www.elssafa.com
12)    منى محمد قاسم (2001).تواصل المراهق مع والدية وعلاقته بحالات الهوية، رسالة دکتوراه غير منشورة، معهد الدراسات والبحوث التربوية، جامعة القاهرة.
13)    ميرفت عبد الجواد عزمي ( 2004). نمو الهوية في علاقتها بأبعادها البيئة الاجتماعية للأسرة لعينة من المراهقين في ضوء نظرية اريکسون، رسالة ماجستير، کلية التربية- جامعة المنيا.
14)    نشوى عبد المجيد (2002). الشعور بالوحدة النفسية وعلاقته بالتوافق النفسي والاجتماعي لدى عينة من الأطفال المحرومين وغير المحرومين من الرعاية الأسرية، رسالة ماجستير غير منشورة، معهد الدراسات العليا للطفولة – جامعة عين شمس.
15)   نور الهدى عمر المقدم( 1990). المشکلات السلوکية والتوافق النفسي لأطفال الأسر المتصدعة في
 المرحلة الابتدائية،
www.gulfkids.com / pdf / mushklat- nafse                           
ثانياً: المراجع الأجنبية:
16- David L. Stevenson, David P. Baker. (1987). The Family- School Relation and the child's school performance, The society for research in Child Development, 58 (5), 1348- 1357.
17- Jersild, Arthur Thomas .(1957). The psychology of adolescence, New York : Macmillan.
18- Marcia J. E. (1966). Development and validation of ego identity status. Journal of Personality and Social Psychology, 3,  5: 551- 558.