الدور التعبيري للون فى الأشکال المعدنية ثلاثية الأبعاد

المؤلفون

1 باحث دکتوراه کلية التربية النوعية – جامعة المنصورة

2 أستاذ بقسم المنتجات المعدنية والحلي بکلية الفنون التطبيقية - جامعة حلوان

3 أستاد مساعد بقسم المنتجات المعدنية والحلي بکلية الفنون التطبيقية - جامعة حلوان

4 مدرس النحت کلية التربية النوعية -جامعة المنصورة

الموضوعات الرئيسية


مقدمة

اللون هو أبهج مظاهر المدرکات في الطبيعة حيث أن اللون يسهم في إبداعات لا حدود لها في العالم المرئي. فهو من أهم وأکثر العناصر البنائية قوة وتأثيراً فى الجذب والاثارة البصرية فى العمل الفنى لما له من قدرة على توليد الطاقات الکامنه للشکل أو العناصر المصاغه. ففي الطبيعة ألوان المعادن متعددة فمنها الأصفر کلون الذهب، والأبيض کالفضة والألمنيوم، والأحمر کالنحاس وغيرها من الألوان الخاصة بالمعادن، تلک المعادن قد تتفاعل مع حرارة ورطوبة الجو فتتغير الوانها، تناول الفنان تلک الخاصية بالتاکيد على تغير لون المعدن فيبدو الشکل کما لو کان من القطع الأثرية القديمة وتوجد الکثير من المعالجات الکميائية التي يتناولها الفنان في تلوين المعادن .

" فاللون هو الوسيط التشکيلى للتعبير عن المدرکات والتمييز بينها حيث أن الشکل فى حقيقة الأمر لا يمکن إدراکه إلا باعتبارة لونا ولا يمکن الفصل بين ما نراه کشکل وما نراه کلون لأن اللون هو تفاعل يحدث بين شکل من الأشکال وبين الأشعه الضوئية الساقطة عليه والتى عن طريقها نرى الشکل واللون فى مجال اشغال المعادن له أثر کبير على المشغولة المعدنية من خلال نقل الإحساسات التى يحملها اليها بکل دلالاتها مما يجعله ضمن الهدف التعبيرى الذى يقصده الفنان .

أما عن التعبيرية فهي اتجاه فني يرتکز على الخطوط والألوان، فهي تعبر عن الحالة النفسية للموضوع الذي يعبر عنه الفنان، وقد ساعد على ذلک استخدام بعض الألوان التي تبرز انفعالات الأشخاص بل تثير مشاعر المشاهد للموضوع التعبيري. وهذا دليل على ارتباط اللون بالتعبير ارتباط وثيق.

مشکلة البحث :

تأکيد فاعلية اللون کدور تعبيرى فى الأشکال ثلاثية الأبعاد.

هدف البحث

يهدف البحث إلى توضيح اهمية دور اللون کأساس تعبيرى .

اهمية البحث

تأکيد اللون کعنصر للتعبير فى النحت المعاصر والاستفادة من تجارب الرواد فى ايجاد صيغ تشکيلية لمجسمات معدنية ثلاثية الأبعاد .

فروض البحث :-

يفترض البحث إن :

  • اللون عنصر درامى تتأکد فاعليته فى المجسمات ثلاثية الأبعاد .
  • اللون مظهر من مظاهر الاسطح المعدنية تتأکد به خاصية التعبير .

حدود البحث :-

دراسة الدور التعبيرى للون کعنصر تشکيلى فى النحت المعاصر.

منهج البحث:-

استقرائي وصفي

مصطلحات البحث :

اللون color:

اللون حس بصري يتوقف إدراکه على طول الموجات الضوئية المنبعثة من الجسم إلى العين حيث تدرکها الشبکية التي تصل نبضاتها إلى المخ فيترجمها إلى رموز وأشکال وعلامات وإشارات، وهو أبهج مظاهر المدرکات في الطبيعة, وهو يسهم في إبداعات جمالية لا حدود لها في العالم المرئي کجزء متمم لنظام الإدراک الحسي . 

النحت المجسم (الثلاثي الأبعاد) Three-dimensional sculpture :

هو" فن التشکيل بالکتلة في الفراغ، فالنحت فن شغل الفراغ بکتل وحجوم ذات أبعاد ثلاثة (الطول والعرض والأرتفاع) تسمح للمشاهد بإدراکها من خلال الدوران حولها وأيضا بإدراک توزنها وثقلها وحرکتها، ملمسها وتتابع الضوء فوقها"[1]

المدرسة التعبيرية Expressionism :

نشأت التعبيرية في المانيا 1910م وفکرة التعبيرية في الاساس هي أن الفن ينبغي أن لا يتقيد بتسجيل الانطباعات المرئية بل عليه أن يعبر عن التجارب العاطفية والقيم الروحية، واعتمدت هذه المدرسة على إظهار تعابير الوجوه والأحاسيس النفسية، من خلال الخطوط التي يرسمها الفنان، والتي تبين الحالة النفسية للشخص الذي يرسمه الفنان، وقد ساعد على ذلک إستخدام الفنان بعض الالوان التي تبرز انفعالات الاشخاص، بل تثير مشاعر المشاهد للموضوع التعبيري، إن التعبيرية وجه آخر للرومانسية، والمذهب التعبيري يعيد بناء عناصر الطبيعة بطريقة تثير المشاعر, والمذهب التعبيري قد صار يعمل على التنظيم والبناء من جديد للصورة الرومانسية.

التعبيرية :

تيار فنى أخذ بجذوره فى التاريخ ابتداء من رسوم الکهوف البدائية وصولا الى التعبيرات اللونية الصافية المعاصرة – تقوم على التمحور حول الحقيقة والموضوع بتبسيط الشکل وزيادة حدة اللون – مؤکدة الجانب الإنسانى وتعود التعبيرية المعاصرة إلى خصائص الانطباعية المرتکزة على إدراک الأشکال مع إعمال المخيله وتحريک الذاکرة من خلال التداخل مع العناصر الشکلية والتواجدات اللونية التى تتمثل أوضاعاً صارخة وصريحة ، ولقد تأججت التعبيرية اللونية المعاصرة فى المانيا التى راعت الحفاظ على الموروثات والقيم البدائية کوسيلة لعرض الأفکار المتعارضة مع الواقع والمناهضة بالنقد للأوضاع کما فى أعمال الفنانه هانس بالوشيک  Hans balusheck

بعد أن کانت التعبيرية اللونية فى القرن العشرين تطلق على کل حرکة تجريدية فى الفن التشکيلى . أصبحت الآن ترتبط بالثورة ولو کانت العناصر مشوهه امتدادا للرمزية والتأثيرية وبألوان عنيفة ولقد ترکت آثارها على السيريالية کما فى أعمال ماسون Masson بعد الحرب العالمية الثانية .

کما ظهرت التعبيرية فى نيويورک التى جمعت أمثلة ( کلاين Kline، بولوکpollok، جورکى Gorky ، سام فرنسيس Sam Francis   وغيرهم )

لم تظهر التعبيرية اللونية کمدرسة إلا بواسطة الفنان النرويجى ادوارد فى عام 1944 ، والذى تأثر بالتأثيرية والوحشية معاً، غير أنه رکز على القيم التعبيرية فى أعماله وأهمها لوحة
( الصرخة ).

وتسعى التعبيرية جاهدة إلى توضيح القيمة التعبيرية بالمبالغات والتحويرات الکثيرة فى الخطوط والألوان ، والاهمال المتعمد للاتجاه نحو الطبيعة.

واهم الجماعات التى اتخذت التعبيرية متجها هى :-

The Bridge die bruke    فى درسدن

blue rider فى ميونخ

خصائص المدرسة التعبيرية

اعتمدت المدرسة التعبيرية على تحريف الأشکال الطبيعية بقصد وبخطوط قوية عن اوضاعها الأساسية واستعمال الألوان المتکاملة وإيجاد تأثيرات انفاعلية وصارخة جداً للمساعدة على تألق الفکرة ويساعد ذلک أيضاً على أثارة الانفعالات للسخرية من الأوضاع اللانسانية .

إفراغ المشاعر والمواقف النفسية والرغبات الباطنة بالاسلوب الذى يرتضية الفنان تلقائية بعيداً عن التعاليم وهى قريبة من الفن الشعبى .

التعبيرية التجريدية :

مذهب نشأ فى الولايات المتحدة الامريکية فى خمسينات القرن العشرين ثم انتشرت التعبيرية التجريدية  فى أوروبا وکان وأساسها يقوم على نظرية التفاعل مع الألوان والخطوط والأشکال المتجددة والتبديل فى العناصر لخدمة الموضوع بحيث يتم الترکيب القاصر على المتعة البصرية ومن أشهر رجالها جاکسون بولوک وکاند نسکى ، وترکت محاکاة الواقع المرئى للتعبير عن الذات الداخلية بتجسيد وضع الحالة الشعورية الى صيغه مادية بالرموز والعناصر الشکلية والمعالجة اللونية  ( انظر موسوعة المورد 1991 )

الفن والتعبير

کل فن هو مجال للتعبير عن الحالة الانسانية وهو المعايشات على طول حياة البشرية منذ بدء الخليقة. وفى مجال الفن التشکيلى تضمنت الاشکال والتکوينات مضامين ذات دلالات ، وفى الفن الحديث ظهرت خاصية فى الفن تعرف بالتعبيرية استحوذت على اهتمام کثير من الفنانين فى مجالات النحت والتصوير ونتيجة الى التعبير على غير ما هو المفهوم الشائع لمعنى التعبير فى حدود التفکير الضيق فقد اتسعت الاتجاهات التعبيرىة لتعطى ممارسات عاطفية وإدراکية وسياقات أخرى.

لقد نشأت التعبيرية کسياق فنى حديث فى المانيا عام 1910 وأنتشرت فى أواسط أوروبا ، وليس من السهل تعريفها إلا فى حدود علاقتها السلبية بالانطباعية ، وإن کانت قد سميت فى بدايتها بمسمى  ( ما بعد الانطباعية ) وإن فکره التعبيرية فى الأساس هى أن لا يتقيد الفن الانطباع المرئى بل يجب أن يکون الفن تعبير مباشر للتجارب العاطفية والقيم الروحية والبحث فيما وراء المظاهر والغموض وتسجيل الملاحظات العابرة ويقول عن التعبيرية "التعبير هو ما أهدفه قبل کل شيئ ...فأنا لا يمکننى الفصل بين الاحساس الذى أکنه للحياه وبين طريقتى فى التعبير عنه . التعبير وفق طراز تفکيرى لا يتضمن العاطفة المرتسمه على وجه الإنسان ، أو تلک التى تفضحها حرکة عنيفة. ان ترتيب صورى بأجمعها هي تعبيرى للمکان الذى تشغله الأشياء أو الاشکال والمساحات الفارغه حولها والنسب ، کل يلعب دوره. والتکوين هو فن  ترتيب العناصر المختلفة ... بطريقة زخرفية للتعابير عن أحاسيس"[2].

النحت التعبيري  

فى النحت التعبيرى کل عنصر فى العمل يجب أن يفرض نفسه مهما کان دوره فيجب أن يکون مرئياً ، ويجب أن يحذف أى عنصر لا جدوي منه إذ يجب أن يکون العمل الفنى منسجما کلياً فالتفصيلات الغير ضرورية ستطغى على الرؤية وتؤثر على العناصر الأساسية والتفصيلات وربما کان هذا أوفق فى النحت التعبيرى الذى يدعو إلى عدم الاقتران بالملامح الشخصية ولکن ببساطه الأشکال وتجريدها حتى وإن بدت خادعة ، وأن يکون کل شيئ مناسب ومتناسب فى موضعه، والاقتراب من الهندسية للتأکد على الحقيقة واللون هو مدخل تعبيرى سيطر به هنري ماتيس  Henri Matisseبتدريجاته اللونية التى تبدأ من الظلمة إلى الإعتام , کما يعتمد النحت التعبيرى فى تکوينه على الخدعه من أجل التعبير ورغم التأکيد على هيکل الشکل يجب أن يکون معبراً بدلالة او أن يکون معبراً عن عينات اللون فلو وجد اللون فى المجسم لزادت حدة التعبير فى التکوين الشکلانى عن طريق التناغمات اللونية سواء کانت منسجمة أو متباينة.وشکل رقم (1) هي لوحة من مقتنيات متحف الفن الحديث، سان فرانسيسکو، الولايات المتحدة الأمريکية تعبر عن إمرأة تضع قبعة.

 

امرأة تضع قبعة
للرسام الفرنسي هنري ماتيس - رسمت عام 1905
زيت على قماش  ,59.69 سم × 80,65 سم

 

اللون والضوء ودورهما في النحت التعبيري        

يفتح اللون والضوء مدخلاً لتحقيق التضادات المکملة التى تقيم العلاقة بين عناصر التکوين والربط بين مواضع الأشکال وفق معادلة هندسية وفيزيائية، فالواقع العاطفى للخطوط الاتجاهية يزيد من تأثيرها . وذلک لأن النحت لا يأتى بتکوينات إعتباطية فأى تقنيه تستدعى للتشکيل لابد وأن تکون قائمه على وعى ومن هنا تکون حسابات النحات فى تکوينات قائمة على وعى على غير ما يمکن احتماله فى التصوير. فالنحت التعبيرى يفرض على الفنان أن يتهيأ بتفکير ذو شحنه عاطفية تستثمر اللون فى أسطح متحررة من أى وظيفة زخرفية إلا أنه يبحث عن تناظر موسيقى فى بساطة وتجريد کمحاولة لخلق صياغات مجسمه أشد تعبيراً بالتبسيط.

وتلعب الانعکاسات والتوهجات الضوئية فى النحت التعبيرى دوراً رئيسياً فى المجسمات المعدنية لأحداث تألف بين الخطوط الخارجية والفضاءات المحيطة بالمجسم کما تؤدى دورها فى تشکيل الفراغات البينية الداخلية لتکون بالتأکيد مشارکة کعنصر تشکيلى فى التعبير بواسطة التأثير البصرى للانعکاسات الضوئية وتدرجاتها فيما بين البريق الناعم والملامس الخشنه، ويتأکد عزم النحات التعبيرى فى المجسمات المعدنية على الغاء العتامه التى غالباً ما تضفى برودة الاحساس التى يقاومها النحات التعبيرى وفى هذا قد يبدو أن النحات التعبيرى متناقضا ومحيراً وهذا من وجهة النظر المحدودة ، أما الرؤية الحقيقة لمعرفة ماهية النحات التعبيرى فهي أنه متجدد ومتغير من أجل التعبير من خلال ما تفرضه خصائص وصفات الخامات وتقنيات تشکيلها، فدائماً يکون النحات التعبيرى مفکراً متحسباً يقدر موقفة التشکيلى لأنه يبحث عن فن ذو قيمة مستساغه بها يبحث عن التشخيص والموضوعات وتجنب الأوضاع التى سادت فى النحت الکلاسيکى والتى تنوعت فى عرض موضوعات واقعية ، ولو حورت بالتجديد فاللغة الفنية لديه ستکون لغة الشکل والتکوين التجريديين مع الاستعانه بتأکيد التعبير بواسطة المثيرات الضوئية اللونية والملمسية – والأثارة الحسية بالنقاوة والتحرر من کل ما ليس له ضرورة بشرط استيفاء الرسالة التشکيلية للمضمون بأقل عدد من العناصر الشکلية .

واستعمل النحات التعبيرى الألوان لأغراض تعبيرية لا سيما فى  ستينات القرن العشرين لتصبح الأعمال أکثر تکيفاً مع الحقيقة المجردة وبدخول الفن الحرکى kinetic art کحقيقة تمثل الحياة ظلت التعبيرية تدعو الى اثبات الحقيقة الذهنية بواسطة المجردات الهندسية والمثيرات الفيزيائية بأقل عدد من العناصر التشکيلية فى التکوين بل ربما يتجرد الشکل الى عنصر شکلى واحد مع التعويض بالمظاهر الفيزيائية ( لون – ملمس – شفافيه – بريق ) کما في شکل رقم (2)  .

 

شکل رقم (2)

Kinetic sculpture [3]

 

 

شکل رقم (3)

Kinetic sculpture [4]

 

ومن هنا نشأت النزعه المعروفة ( بالفن المدرک ذهنيا Conceptual art) والتى بحثت عن وجود المدرک الشکلى المفرد أو المقرون بمدرک أخر .

 

شکل (4)

Conceptual art

الفن المدرک ذهنيا

 

 

شکل رقم (5)

Conceptual art [5]

الفن المدرک ذهنيا

أوغست رودان   

وقد آثار أوغوست رودان  Auguste Rodin وهو رائد النحت التعبيرى کيف ترک النحاتون اليونان والرومان ونحاتو النهضة ، سطوح الجسم غير مستوية تماماً کى يلعب الضوء دوره فوق أخف التموجات فيها وکان الوعى بالضوء شيئاً رائعاً ، وهو ما ميز رودان عن رفاقة النحاتين... واوجد فى القوام الإنسانى تنويعات تعبيرية لا حصر لها کما في شکل رقم (6).

 

شکل رقم (6)

Rodin, Auguste-1880
The Thinker -Bronze
68.6 x 89.4 x 50.8 cm

وکان رودان  يقصد تزويدنا باستعارات بصرية .. تتيح للناظر أن يفسرها کما يشاء .وبعد أن کان النحت غالباً ما يعد ملحق زخرفى فى العمارة أو وسيلة لتخليد الشخصيات البارزة أما کونه وسيلة تعبير عن الأفکار فذلک لم يکن فى الحسبان إلا فيما ندر.

إلا أن فنانى القرن العشرين کانت له نظره إلى النحت بأنه فن أکثر وظيفياً من ذلک ، ولان النحت أکثر الفنون تفاعلا مع الضوء والحرکة وأنه حقيقة کونه فناً ذا أبعاد ثلاثة ويمثل بمادته وأدوات تشکيله، وأنه لم يعد تشکيل بالازالة فقط بل دخل عليه تقنيات الازالة والاضافة والبناء فتجاوز بذلک کيفية التشکيل التقليدية ومعه زالت أشکاله التقليدية .

 

بابلو بيکاسو    

       بابلو بيکاسو Pablo Picasso  لقد عمل بيکاسو فى النحت فى عام1909 ( رأس فتاه ) شکل رقم (7), عالج فيها السطح البيضاوى بالتقطيع فى أوجه متعددة على طريقة التصوير التکعيبي کما استخدم الورق المقوى والخشب والصفائح المعدنية وغيرها من الخامات ذات الطواعية فى التشکيل ملبيا "التوجه الذى أصدره أومبيرتو بوتشينى فى بيان النحت المستقبلي"[6] الذى دعى فيه الى استعمال الزجاج والخشب والجلد والقماش والأسلاک وغيرها، ومن هنا بدأ الفنان النحات لم يتقيد بالوسائل والموارد والتقليدية ويعود الفضل أساسا الى ترکيبات الحرکة الفنية الإنشائية فى روسيا ، والمعروفه بالحرکة البنائية التى تحول بها مصورين إلى نحاتين أمثال بوتشيونى وناعوم جابو وغيرهم مما صنعوا أعمالاً تعرض أفکار ولا تجسد واقع طبيعى عضوى وتنحت الأجسام المتصالبه والأسطح المحدبه والمقعرة والأوجه المتعددة ، وأصبح للفراغ شأن بما يتخذه من شکل بذاته فن النحت.

 

شکل رقم (7)

Head of a Woman[7]

مدخل إلى النحت الحديث والمعاصر

"اکتشف جاک ليپشيتس Jacques Lipchitz أيضاً أنه بواسطة لى شرائط رقيقة من المعدن فإن باستطاعته عمل منحوتات شکلانيه" شفافة " وکان  هذا تطوراً بيناً.."[8] 

ولقد بات النحت الحديث غير تسجيلى بل أصبح ترکيبى متضمنا الحرکة تضميناً وکأنه معادلة علمية بدون تحفظ کلاسيکى معماريا فى الترکيب ، کما أتسم النحت الحديث بالاختزال الذى تتحول به أشکال الکائنات الحيه الى أشکال مجرده لکنها تحمل ماهية الکائن لتصبح منحوتات کأشياء صنعت للتأمل والأستغراق فى الرؤية بترکيزات العناصر تتخذ لنفسها أوضاع بؤريه ينشأ عنها التعبير.

لقد سمح النحت الحديث أن يتضمن أشياء سابقة الصنع والنفايات المعدنية أو أجزاء من آلات فى ترکيبات من المعادن الملحومه ، ويعتبر بيکاسو هو من طور النحت المعدنى فهو " الذى أرانا کيف يتم تجميع الأجزاء المعدنية ليحقق بها نحتا تحولياً"[9]

معدنية ليصنع منها مفردات وأشکال بينى بها ترکيباته المجسمة. وکان أستعمال الطلاءات اللونية فى النحت الحديث فکانت باستعمال هيبورث ثم شاع ذلک .

وکان استخدام المعدن الملحوم الذى استهله بيکاسو ثم الأميريکيان أمثال الکسندر کالدر  Alexander Calder ، ديفيد سميث David Smith... فى أعمال ترکيبية لأشکال مسطحه معلقة بأسلاک أو مواسير وأنابيب تتحرک فى الهواء کنجفه کنوع من أنواع النحت الحرکى وإن کانت لا تحمل مغزى عميقاً لکن أعمالها کانت تنتمى الى التعبير بين التجريدين والآن ليس بالامکان مناقشة تطور النحت الحديث بشموله ولکن يمکن مناقشة أفکار الأعمال ومدرکاتها الشکليه . لقد تنافى التعبير النحتى متواصلاً حتى الآن بکل مقوماته.

 

شکل رقم (8) الکسندر کالدرAlexander Calder

(American, 1898-1976)

البنية التکونية الاختزالية کأساس للتعبير فى النحت المعاصر

اهتم کثير من النحاتين الحديثين والمعاصرين بالاختزال التشکيلى لمکونات المدخله فى الشکل الکلى للوصول الى دلالات تعبيرية موجزة توحى للمتلقى بفکرة الشکل الکلى مع الاعتماد علىالمعالجات المظهرية للأسطح مساهمة فى التعبير وذلک کله فى اطار توحيد الکتله النحتيه بأبعاد الثلاثية ومن تلک الخاصية يتبين أن النحت المعاصر يتجه الى الإعتماد والترکيز على المکونات الأساسية الموجزة للمجسم النحتى وما يحتوية من جوانب تعبيرية مقترنة بحالة أوضاع العناصر والمکونات وعلاقات الربط بينها .

اللون والمعادن

وعلى الرغم من أن جميع المعادن من حولنا تزخر بألوانها الطبيعية المتنوعة سواء کانت نحاس أو حديد أو فضة أو ذهب أو إستانلس وغيرها من المعدن وسبائکها المتنوعة الألوان إلا أن الفنان فى مجال أشغال المعادن لم يقنع بهذه الألوان الطبيعية وذهب ليبحث ويجرب کى يضيف اليها من فنه وعلمه آلافاً مؤلفة من الالوان والترکيبات اللونية المختلفة والمتنوعة ولذلک کان موضوع الألوان محل إهتمام الکثيرين من فنانى التشکيل المعدنى على اختلاف ثقافتهم وتنوع اهتماماتهم وکان التجريب فيه متعدد الإتجاه نظراً لإتساع مجاله ووقوعه فى دائرة اهتمام هؤلاء الفنانين

وتتنوع المعالجات اللونية للأسطح المعدنية فى مجال أشغال المعادن مثل التلوين بالمنيا بنوعيها البارد والساخن والترسيب الکهربى والأکسده المصعديه والأکسدة الکيميائية ولکل نوع من هذه المعالجات اللونية طبيعه خاصة وذلک من خلال الأساليب التشکيلية والأدوات والخامات الملونه وطبيعة الأسطح التى يطبق عليها والأکسدة الکيميائية

أهمية اللون في المشغولة المعدنية المجسمة

يقوم اللون بدور أساسي في بناء المشغولة المعدنية المجسمة فهو يعتبر من أهم المعطيات الحسية المباشرة التي يعبر من خلالها الفنان عن أفکاره، التى يمکن أن تطبق على الخامات المعدنية المختلفة عن طريق الاساليب المتعددة لتطبيق التقنيات اللونية على سطح المعدن. هذا جانب الالوان التي تتميز بها الخامات المعدنية المستخدمة في بناء المشغولة المعدنية المجسمة سواء کانت من النحاس الاصفر أو الاحمر أو الحديد الغير قابل للصدأ"[10]

نتائج البحث :

- اللون عنصر مهم من عناصر التعبير في مجال النحت المعاصر

- اللون عنصر درامي فعال في بناء المجسمات المعدنية ثلاثية الابعاد

- اللون مظهر من مظاهر الأسطح المعدنية



[1] عبد الرازق محمد السيد : دارسات في المهارات الفنية ، مؤسسة حورس الدولية، الدار الشرقية بالقاهرة ، 2003 م,ص168

[2] آلان باونيس : الفن الاوروبى الحديث ترجمة فخرى خليل المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1994م,
ص114 ، ص115

[6] آلان باونيس : الفن الاوروبى الحديث ترجمة فخرى خليل المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1994م, ص36

[8] آلان باونيس : الفن الاوروبى الحديث ترجمة فخرى خليل المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1994م, ص236

[9] آلان باونيس : الفن الاوروبى الحديث ترجمة فخرى خليل المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1994م, ص241

[10] عبير محمد عفيفي : الأبعاد التشکيلية لتطبيق المينا على الاشکال المعدنية المجسمة، رسالة دکتوراه , بحث غير منشور ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 2007م.ص111،112

  1. المراجع :

    1. عبد الرازق محمد السيد : دارسات في المهارات الفنية ، مؤسسة حورس الدولية، الدار الشرقية
      بالقاهرة ، 2003
    2. آلان باونيس : الفن الاوروبى  الحديث ترجمة فخرى خليل المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1994م
    3. عبير محمد عفيفي : الأبعاد التشکيلية لتطبيق المينا على الاشکال المعدنية المجسمة، رسالة دکتوراه , بحث غير منشور ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 2007م.