الاستفادة من السمات الفولکلورية في إثراء التصميم المعاصر في ظل عصر العولمة والمعلوماتية

المؤلفون

1 المدرس المساعد بقسم التربية الفنية بکلية التربية النوعية بالمنصورة

2 أستاذ أسس التصميم المتفرغ بکلية التربية الفنية جامعة حلوان

3 مدرس التصميم بقسم التربية الفنية بکلية التربية النوعية بالمنصورة

المستخلص

ملخص البحث
يهدف هذا البحث إلى الکشف عن السمات الفولکلورية وهى من التراث الفني الذي قرب على الاندثار في هذا العصر، وذلک في محاولة الربط بين ما هو قديم ومتمثل في تراثنا الشعبي وکيفية ترجمة هذا التراث وإبرازه لشتي بقاع الأرض وتعريفهم بتراثنا الشعبي الثري في ظل عصر العولمة الذي هو واقع معاش وکيفية التعايش والتماشي معه دون الاندماج فيه واستخدام تراثنا الشعبي لکي يکون لنا هويتنا الخاصة بنا . مع القناعة أن العالمية تبدأ من المحلية ، مع توظيف  هذا التراث جماليا وتشکيليا ، وليس المحافظة عليه فقط دون الإفقار أو الجمود ولکن  للتعريف بهذا التراث العريق، مع التطرق إلى أهم الفنانين المعاصرين الذين استلهموا هذا التراث الفني في أعمالهم الفنية  بکل ما يحتويه من سمات فنية وجمالية.

الموضوعات الرئيسية


مقدمة:

تعد السمات الفولکلورية شاملة وجامعة لکل الجوانب الأساسية للتراث الشعبي فهي تستلزم وجود جماعة أو جماعات شعبية، فعلى سبيل المثال نجد في الموالد اهتمام تلک الجماعات بها وتعمل على حضورها وانتشارها بين الجماعات الشعبية التي لها ثقافتها الخاصة ونطلق عليها
الثقافة الشعبية.

 وتعتمد السمات الفولکلورية على مجموعة من قواعد السلوک التي تحددها العادات والتقاليد المرتبطة ارتباطا وثيقا بمعتقد شعبي يدعمها ويعمل على ترسيخها. فالظاهرة الفولکلورية لا تختلف عن الظاهرة الاجتماعية التي تعتبر أسلوب للتفکير وقالب للعمل يصب فيه الأفراد أعمالهم شاءوا أم لم يشاءوا في مجال الحياة الاجتماعية(1).

ومن منطلق أن الفنان لا يعيش بمفرده في هذا العالم ولکن في ظل الثورة التکنولوجية والمعلوماتية أصبحنا نعيش في قرية واحدة صغيرة وهذا يعنى أن الفنان إذا انعزل عن ما هو حوله فلا يکون جدير بأن يکون فنان متفتح وواعي بما يدور من حوله لاستيعابه وترجمته في أعمال فنية تخدم البشرية بأکملها وليست قاصرة على جماعة بعينها لذا وجب علينا الحفاظ على هويتنا الشعبية في ظل عصر العولمة والمعلوماتية الذين هما إزالة للحواجز الزمانية والمکانية والثقافية بين الأمم والشعوب، وهما محاولة لفرض قيم وحضارة معينة وهى الحضارة الغربية، أو قيم الأقوياء.

حيث أنه من الواضح انه توجد علاقة وثيقة بين مفهوم العولمة والسياسات المترتبة علي هذا المفهوم وبين الفنون الجميلة، فالعولمة أصبحت تعني بالنسبة لکل من تناول هذا المصطلح بالشرح والتحليل انهيار الجسور وزوال الأسوار التي کانت تعزل الدول عن بعضها البعض، فالتغيرات التي حدثت في العالم خلال العقدين الماضيين غيرت في حرکة الفن ويسرت حرکة انتقال هذه المتغيرات في الفن بين مختلف الأمم (2)

مشکلة البحث:

نظرا لضرورة التأکيد على معالم الهوية المصرية في ظل تحديات العولمة وعصر المعلوماتية وضرورة الاهتمام بالاستفادة من التراث الفني لمصر وبخاصة السمات الفولکلورية بما تحتويه من  الموالد و الذکر والأساطير وقصص الخوارق والعادات والتقاليد التي تمارس بها لذا ترى الباحثة أن الاستفادة من دراسة السمات الفولکلورية في إثراء التصميم الزخرفي المعاصر وعلى هذا فان مشکلة البحث تکمن في الإجابة على التساؤل الأتي:         

کيف يمکن الاستفادة من السمات الفولکلورية في إثراء التصميم المعاصر

في ظل عصر العولمة والمعلوماتية؟

أهمية البحث:

تتمثل أهمية البحث في العناصر الآتية:

1-    إلقاء الضوء على السمات الفولکلورية وإحيائها والمحافظة عليها في ظل عصر
العولمة والمعلوماتية.

2-     استخدام مصدرا قوميا للإبداع والابتکار مستمدا من تاريخنا وتراثنا وهويتنا المصرية.

3-     التأکيد على معالم الهوية المصرية وترسيخ دعائمها.

 

أهدف البحث:

يهدف هذا البحث إلي التعرف على السمات الفولکلورية کمدخل لإثراء التصميمات الزخرفية المعاصرة في ظل عصر العولمة وذلک من خلال :

1-     تعزيز مصادر الرؤية والإلهام من خلال دراسة مميزات السمات الفنية والجمالية الفولکلورية ومعايشة واقع العولمة لما له من عظيم الأثر في تعزيز بناء التصميم .

2-     تأکيد مبدأ الأصالة والمعاصرة من خلال الاستفادة من ظواهرنا الفولکلورية.

3-     الکشف عن المزيد من الملامح والقيم التعبيرية الجمالية  في السمات الفولکلورية المتمثلة في (الموالد، الذکر، الأساطير، وقصص الخوارق، العادات والتقاليد).

فروض البحث

1-     يمکن التوصل إلى منطلقات جديدة من خلال دراسة کل من (الموالد، الذکر، الأساطير، وقصص الخوارق، العادات والتقاليد) في الفولکلور الشعبي لترسيخ الهوية المصرية في ظل تحديات العولمة وذلک لإثراء التصميمات المعاصرة.

2-    توجد علاقة بين المختارات المختلفة من السمات الفولکلورية بمصر وبناء اللوحة
التصميمية المعاصرة.

3-     المزج بين التراث والمعاصرة للارتقاء بالذوق العام ويؤکد أن الوصول إلي العالمية يبدأ من المحلية.

حدود البحث :

  1. حدود زمنية

حيث تتم فيها دراسة السمات الفنية والجمالية الفولکلورية بمصر بداية من عصر العولمة والمعلوماتية بداية من مشارف القرن العشرين وحتي عصرنا هذا.

  1. حدود مکانية

سوف تقوم الباحثة بالاسترشاد ببعض مختارات من السمات الفولکلورية التي ستثرى البحث من خلال الاسترشاد بها کنماذج شعبية في محافظة القاهرة من خلال بعض الأحياء الشعبية المميزة لها.

إجراءات البحث :

-    منهج البحث:

تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي لملائمته لطبيعة الدراسة .

 

الدراسات المرتبطة:

  1. دراسة هاني عبده قتاية(1) (1999)

بعنوان : استنباط تصميمات معاصرة من أشهر الحکايات الشعبية

ببعض قري محافظة الدقهلية وتنفيذها بأسلوب النسجيات المرسمة

استهدفت الدراسة:

مسح ميداني للحکايات الشعبية لبعض قري محافظة الدقهلية وتسجيل تراث هذه المحافظة من خلال جمع الروايات والحکايات الشعبية ووضع تصور للعمل وصياغتها بصورة فنية مناسبة للفنون الشعبية

الاتفاق مع البحث الحالي:

وقد استفادت الباحثة من هذه الدراسة في التعرف على أشهر الحکايات الشعبية.

الاختلاف مع البحث الحالي:

أنها تدرس أشهر الحکايات الشعبية في محافظة الدقهلية فقط بينما يتناول البحث الحالي السمات الفولکلورية بمصر من خلال عصر العولمة والمعلوماتية في مشارف القرن العشرين وذلک لإثراء التصميمات المعاصرة.

  1. دراسة نانى محمود إسماعيل (1) (2011)

بعنوان : الموالد في مصر ودورها في الحفاظ على الموروث الشعبي (رؤية تصويرية)

استهدفت الدراسة:

رصد مظاهر الاحتفال بمولدين کبيرين هما ( مولد الحسين رضي الله عنه – مولد السيد البدوي ) و ذلک بعمل جداريه مستمدة من هذه المظاهر تعمل على الحفاظ على الموروث الشعبي و هذه الأعمال تحمل طابع الأصالة و المعاصرة.

الاتفاق مع البحث الحالي:

وقد استفادت الباحثة من هذه الدراسة في التعرف على مظاهر الاحتفال بالموالد.


الاختلاف مع البحث الحالي:

أنها تدرس الموالد فقط بينما يتناول البحث الحالي السمات الفولکلورية بمصر من خلال عصر العولمة والمعلوماتية في مشارف القرن العشرين وذلک لإثراء التصميمات المعاصرة.

3. دراسة نهال السيد عبد الفتاح العدوى (2) (2006)

بعنوان : استخدام بعض الوحدات الزخرفية الشعبية المصرية عن

طريق الکمبيوتر لإثراء التصميم في الکليم المنسوج

استهدفت الدراسة:

دراسة الفنون الشعبية والعناصر التشکيلية التي يعتمد عليها الفنان الشعبي وکيفية عمل تصميمات للکليم المنسوج عن طريق بعض برامج الکمبيوتر وماهية الکليم الشعبي وأنواعه حيت قامت باستعراض بعض نماذج من الکليم المطروح في الأسواق .

الاتفاق مع البحث الحالي:

 دراسة الفن الشعبي  بوجه عام

الاختلاف مع البحث الحالي:

تناولت هذه الدراسة الکليم وماهيته وأنواعه وبعض برامج الکمبيوتر أما البحث الحالي فيتناول مختارات من السمات الفولکلورية بمصر من خلال عصر العولمة والمعلوماتية في مشارف القرن العشرين وذلک لإثراء التصميمات المعاصرة.

مصطلحات البحث:

-     السمات الفولکلورية

السمات الفولکلورية هي ظواهر تشمل جميع جوانب التراث الشعبي والتي لها شأنها وموضوعيتها وعموميتها فهي تمتاز بأنها مزودة بصفة الإلزام التي تستمدها من الجماعات الشعبية التي لها ثقافتها الخاصة وعاداتهم وتقاليدهم المرتبطة ارتباطا وثيقا بمعتقداتهم الشعبية(1) 

-     التصميم المعاصر

هي تلک العملية التي تتم فيها العملية الکاملة لتخطيط أو أنشاء تشکيل معاصر بطريقة مرضية من الناحية الوظيفية وتجلب السرور إلى النفس لإشباع حاجة الإنسان نفعيا وجماليا(2)

-     العولمة 

هي تکثيف العلاقات الاجتماعية عبر العالم حيث تترابط الأحداث المحلية المتباعدة بطريقة وثيقة کما لو کانت تقع في مجتمع واحد.(3)

الإطار النظري للدراسة:

-     السمات الفولکلورية

تعد السمات الفولکلورية شاملة وجامعة کل الجوانب الأساسية للتراث الشعبي فهي تستلزم وجود جماعة أو جماعات شعبية، فعلى سبيل المثال نجد في الموالد اهتمام تلک الجماعات بها وتعمل على حضورها وانتشارها بين الجماعات الشعبية التي لها ثقافتها الخاصة ونطلق عليها الثقافة الشعبية، وتعتمد السمات الفولکلورية على مجموعة من قواعد السلوک التي تحددها العادات والتقاليد المرتبطة ارتباطا وثيقا بمعتقد شعبي يدعمها ويعمل على ترسيخها. فالظاهرة الفولکلورية لا تختلف عن الظاهرة الاجتماعية التي تعتبر أسلوب للتفکير وقالب للعمل يصب فيه الأفراد أعمالهم شاءوا أم لم يشاءوا في مجال الحياة الاجتماعية، فالسمات الفولکلورية لها شأنها وموضوعيتها وعموميتها فهي تمتاز بأنها مزودة بصفة الإلزام التي تستمدها من الجماعات الشعبية، فلا يستطيع الأفراد أن يخرجوا عن قواعد السلوک والعادات والتقاليد الخاصة وتتمثل السمات الفولکلورية في (4):

أولا: الموالد

هي الاحتفالات بيوم ميلاد ولى من أولياء الله لأنه في الحقيقة يوجد لکل ولى أيام کثيرة يحتفل فيها بذکراه* وتستمر هذه الاحتفالات غالبا ثلاث أو أربعة أيام وقد تصل إلى أسبوع وعادة يختتم الاحتفال بالمولد بليلة کبيرة يطلق عليها أسم الليلة الکبيرة (1).

والغرض الأساسي الذي تقام له (الموالد) من أجله هو في الواقع تکريم أصحابها وإحياء ذکراهم بصرف النظر عن مراعاة اليوم الذي ولد فيه صحابه وذلک لان غالبية أولئک الأولياء لم يعرف تاريخ ميلادهم على وجه الدقة، کما لم يعرف أي شي عنهم في طفولتهم وصباهم .

حيث تعمل الموالد على ترابط الجماعات وتماسکها التي تهتم بها، فکثيرا ما تتعاون هذه الجماعات فيما بينها لجمع التکاليف الخاصة بالموالد والتي تتمثل في تأجير الشقق وإقامة الخيام واستئجار السرادقات، بالإضافة إلي تکاليف المنشدين، والطعام الذي يقدم في هذه المناسبات لکل المشترکين فيها (2) وتتمثل الأرکان الرئيسية للموالد في :-

1-     الشعائر: هي أفعال متکررة Repetitive Actions  و تأخذ شکل العادات التي ترتبط بالنسق الديني(3).

فالشعائر متعلقة بالموالد وهي مرتبطة بها ارتباطا وثيقا وبالأولياء وبالقدسيين هم أبائهم وأجدادهم الروحيين بل يرونهم أسباب نجاحهم في تأدية أعمالهم الدينية والتقرب منهم والدعاء لله من خلالهم سببا لإنجابهم للأطفال وسببا لزواج بناتهم نسبة إلى تأدية تلک الشعائر. وهذا بالإضافة إلى الاعتقاد في أنهم السبيل للتقرب والوصول إلى الله فهم يشفعون لهم ويسألونه فتحقيق دعائهم في الدنيا والآخرة. 

2-     الموسيقي الشعبية:  ترتبط الموسيقي الشعبية ارتباطا وثيقا بالاحتفالات، وبالرقص، والدراما، والحکاية، والأغنية، والشعيرة ويوثر بعضها في البعض الآخر وهذا ما يؤکده ريتشارد درسون R. Darson في مقدمة کتابه عن الفولکلور الأفريقي African Folklore(4)  

فالموسيقي الشعبية مرتبطة بالفولکلور وهي أيضا عنصر من عناصره المهمة التي تعتمد علي المطرب الشعبي الذي يلجأ للارتجال Improvisation  فهي تعتمد الانتقال السماعي.

فالموسيقي الشعبية التي کانت في الموالد ساعدت الناس على الاستمتاع بالأغاني الشعبية المترددة في المولد أو فهم بعض أجزاء الحکايات الشعبية التي تحکى على بعض الآلات الموسيقية البسيطة التي تتمثل في (الربابة- الناي- الطبل البلدي الکبير- الطبل السوداني- بعض الدفوف والطارات- المزمار- العود- الکمان في بعض الفرق الشعبية).

3-     الأمثال الشعبية: عرف الفارابي الأمثال الشعبية بقوله "المثل ما تراضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه"، حتى ابتذلوه فيما بينهم وفاهوا به في السراء والضراء، واستدروا به الممتنع من الدر، ووصلوا به إلى المطالب القصوى، وتفرجوا به عن الکرب والمکربة، وهو من ابلغ الحکم لان الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو غير مبالغ في بلوغ المدى في المنافسة(1)

ويعتبر المثل الشعبي "حکمة الشعوب المتوارثة عبر الأجيال"، فهو خلاصة تجاربهم التي صاغوها وتوارثوها ووجدوا فيها ما يشبع ضالتهم المنشودة من قيم تؤدي دورها التربوي والأخلاقي فهو فلسفة عامة الشعب، حيث يستشهد به الخاصة من المثقفين أحيانا لحل نزاع جدلي تشعبت فيه الآراء فيلقي حينذاک بالمثل وکأنه يوحد بينهم "سمة أتفاق" (2).

ومن هنا نستطيع القول بأن المثل الشعبي قادر على استيعاب الکليات من الأمور والمعاني الکبيرة، برؤية شمولية قوامها الخبرات الإنسانية والمعارف المکتسبة على مر العصور واختلاف
التجارب (3).

4-     الحکايات الشعبية: تعتبر الحکاية الشعبية من أهم الموضوعات التي يهتم بها باحث الفولکلور بل تعتبر البداية العلمية الأولى لدراسة المأثورات الشعبية، حيث قام العالمان الألمانيان الأخوان "جريم ويعقوب" (1785-1863) "وويلهم" (1786-1895) بجمع نصوص کثيرة من الحکايات الشعبية التي يرويها الشعب الألماني ويتناقلوها شافهه الأحفاد عن الأجداد(4).

کما أن الحکايات الشعبية أدق وأصدق تعبير لها "الحدوتة الشعبية" وهى في أصلها اللغوي تعنى الحدث والأخبار عنه في وقت واحد وليس أدل على أنها استوعبت النموذج، والمثال، والطريف، والخارق، وقد استهدفت الاستجابة من خلال الأطفال في التربية. کما أن لهذه الحواديت حظ شائع في المجتمعات على اختلاف أطوارها وبيئاتها، والراجح أنها حفزت إلى العناية بجمع الحکايات الشعبية وتصنيفها ودراستها (1).

وتحتوى الحکايات الشعبية على صيغ کثيرة، کالأسطورة، والحکاية الدينية، والأسطورة التاريخية، وحکايات العفاريت أو الحکايات السحرية، والنوادر، والنکت، وقد يستطيع الراوي أن يجعل المستمع إليه يعتقد في صدق کثير من الحکايات الشعبية، وترتبط أهمية الحکاية الشعبية بمدى ما تحدثه من تأثير في الجماعة، وفي الدور الذي تلعبه في ثقافتهم، وقد يختلف أعضاء الجماعة في نظرتهم إلي الحکاية الشعبية بحسب تعليمهم، واعتناقهم لثقافة جديدة أم لا، وقد يقلع بعض الأعضاء عن الاعتقاد فيها، ولکنهم يتعاملون معها على أنها نوادر أخلاقية في بعض الأحيان (2).

5-     الألعاب الشعبية: تعد الألعاب الشعبية شکل من أشکال الفولکلور التي انتقلت عبر الأجيال کنوع من التقاليد الشعبية، فالألعاب الشعبية تشتمل على قواعد خاصة بها. حيث يتم تثبيتها بين الممارسين لهذه الألعاب عن طريق التکرار والممارسة الفعلية، وليست بالرجوع إلى قوائم مکتوبة کما هو الشأن في الألعاب الحديثة (3).

 ويحدد "کوفن وکوهين" "Coffin& Cohen" شرطا للألعاب الشعبية وهو ضرورة وجود عامل الفوز (4).

وقد ارتبطت الألعاب الشعبية بالرقص والموسيقي والأغنية الشعبية وبالحرکات والإيحاءات على حد تعبير"فرنزبواس" "Franz Boas" .

ومن أهم هذه الألعاب الشعبية (الألعاب النارية، العاب الحظ،العاب المراجيح، العاب التحطيب، لعبة الخيل)

ثانيا: الذکر

يعد الذکر على وجه الخصوص هو القران الکريم استنادا لآية الکريمة " أنا نحن نزلنا الذکر وإنا له لحافظون" فتلاوة القران الکريم ذکر، والصلاة ذکر، والحج ذکر. أما الذکر على وجه العموم هو ترديد أسم من أسماء الله ويعتبر من أهم الشعائر التي تؤدي في "الموالد".

فللذکر عدة أنواع منه ما هو ثناء على الله "سبحان الله والحمد لله والله أکبر" ومنه ما هو دعاء"ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطئنا" ومنه ما هو مناجاة مثل الصلاة ومنه ما هو للدعاء في الدنيا والصلاة على النبي       ، وأما ذکر الامتثال لأمر الله تعالى "أن الله وملائکته يصلون على النبي" وقد يکون الذکر بأسماء الله الحسني(1).

وقد تستخدم الموسيقي مصاحبة للذکر لجذب أعداد کبيرة للحضور والمشاهدة أو المشارکة. حيث لابد أن تکون على شکل إيحاءات أو تصفيق أو ذکر أو أسم يفتتح به الذکر أو بعض الأولية والعبادات .

لذا فشعائر الذکر هي لغة أتفاق وانسجام متناسق بين الممارسين لهذه الشعيرة، حيث تعتبر حالة من حالات التفاعل الاجتماعي الذي يتم بين الأفراد المشترکين معا في ممارسة هذه الشعائر بصفتهم أعضاء في جماعات خاصة.

ثالثا: الأساطير وقصص الخوارق

عرف فيکتور تيونر V.Turner بأنها تحديد القصص المقدسة المتعلقة بالمخلوقات المقدسة أو الأبطال المقدسيين أشباه الآلهة هذا بالإضافة إلي القصص الأخرى الخاصة بنشأة واصل الأشياء من خلال عمل هذه المخلوقات المقدسة (2).

فالأسطورة هي حکاية إله أو شبه إله أو کائن خارق تفسر بمنطق الإنسان البدائي ظواهر الحياة والطبيعة والکون والنظام الاجتماعي وأولويات المعرفة، وهي تنزع في تفسيرها إلي التشخيص والتمثيل والتجسيم وتنأى بجانبها عن التعليل والتحليل، وتستوعب الکلمة والحرکة والإشارة والإيقاع. وقد تستوعب تشکيل المادة أيضا، ولعل الجسر الذي يصل بين الأساطير والحکايات الشعبية هو تلک الملامح التي تحکي وقائع الأبطال في توحيد عناصر مجتمع من المجتمعات أو الانتصار على طائفة من الأعداء أو اقتحام العديد من الأهوال والعقبات وقد تتغير المناهج الفکرية وتتحور عناصر الثقافة وتتبدد وتشبه المادة في أنها لا تکاد تفنى أو تنعدم وإنما تتعدد صورها وأشکالها ومضامينها لتکمن في أعماق النفس الإنسانية (3).

رابعا: العادات والتقاليد الشعبية

تعد العادات الشعبية من أکثر جوانب التراث الشعبي تشعبا في حياة الإنسان حيث تتعدد وتتنوع لتضم معظم جوانب الحياة الإنسانية وقد أدى هذا التشعب إلي ارتباطها بالمکان الذي تنشأ فيه، والإنسان الذي أبدعها بحيث أصبحت المحرک الذي يتحکم في أفعاله، ويخضع له على الرغم من إبداعه لها. ومن هذا المنطلق استطاعت العادات والتقاليد الصمود والبقاء سواء في المجتمعات التقليدية التي يتمتع التراث فيها بالقوة المطلقة أو في المجتمعات التي تخضع لعوامل التغيير والتجديد، وذلک انطلاقا من قدرتها على تشکيل وابتکار أشکال جديدة تناسب التغيرات التي تجري من حولها.

لذا فيمکننا القول بأن العادات والتقاليد هي المرآة التي يمکن من خلالها الوصول إلي فهم المجتمع الذي توجد فيه حيث تعکس تغيراتها مظاهر التغير وعوامله وعملياته في الجوانب الأخرى من هذا المجتمع (1).

وقد تمارس العادات الاجتماعية على نطاق شعبي کبير، فتصبح نتيجة للتکرار الدائم عادات شعبية أو أساليب وطرق شعبية  Folk Waysعلى حد تعبير سمنير Sumner والذي يرى أن لها قوة مجتمعية Societal Force أو قوة على مستوي المجتمع کله (2).

فالعادات الاجتماعية هي سلوک متکرر ومکتسب اجتماعيا ويتم تعليمه وممارسته اجتماعيا حيث ترتضيه الجماعة وتفرضه على أعضائها وعندما يستمر استخدام العادات الاجتماعية لفترات طويلة تصبح تقليدا Tradition، فالتقاليد هي المحاکاة لسلوک القدامى والمتوارث عنهم، کما أن التقاليد تنتقل وتورث من جيل إلي آخر حيث أننا لا يمکن أن سيطرتها وطغيانها على حياة الناس فهي تقيد سلوکهم وتتدخل في کل أنواع النشاط المتبادل بينهم وتمارس ضغطا قد يصعب على البعض التخلص منه.

 

العولمة وعصر المعلوماتية

 لقد شاع في الآونة الأخيرة بعض المصطلحات مثل "العولمة" أو "الکونية" أو "الهيمنة" کما شاع أننا وصلنا إلى نقطة حاسمة في التاريخ البشري تتحدد بانتصار النظام الليبرالي والنظام الديمقراطي من النمط الغربي على سائر النظم المنافسة له.

وتعد حقبة الستينات بداية تشکيل ذلک القناع العولمي الجديد، الذي اکتملت ملامحه في أوائل تسعينات القرن الماضي لتکتسح العولمة الکوکب بمختلف دوله في الشمال والجنوب.

حيث يعتبر مفهوم العولمة من المفاهيم متعددة المعاني حيث أن رجال الاقتصاد والسياسة والتعليم والفکر الإعلامي والثقافي يضعون تصورات عن هذه المفاهيم، فالعولمة کما يراها البعض على أنها مجرد غطاء لتحقيق مزيد من تنامي الرأسمالية وتوليد هيمنة متزايدة تخدم في المقام الأول مصالح القوى الکبرى والمؤسسات غير الوطنية.(1) فالعولمة کما في قاموس (أکسفورد Oxford) تعنى التغطية والتأثير على کل العالم.(2) ويعرفها کل من جون وستيف العولمة على أنها تکثيف العلاقات الاجتماعية عبر العالم حيث تترابط الأحداث المحلية المتباعدة بطريقة وثيقة کما لو کانت تقع في مجتمع واحد.(3)

لذا ومن هذا المنطلق رأت الدارسة أن علينا کفنانين مصريين لابد من توظيف استخدام العولمة ذلک السلاح ذو الحدين بداية من الحد المفيد کما ذکرته في البداية والحد الآخر وهو الحد الخطير وهو طمس الهوية لذا وجب على أن أناقش کيفية استغلال الجانب المفيد في العولمة لطرح هويتنا العربية وبخاصة الهوية المصرية على کل بلاد العالم من خلال التکنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة لإثراء الفلکلور الشعبي المصري لکي يحلق في سماء ورکب العولمة وعصر المعلوماتية.

ومن هنا سوف نتناول دراسة لبعض الفنانين المعاصرين الذين تناولوا الفن الشعبي بظواهره المختلفة في أعمالهم والقيام بتحليل البعض منها :-

1-  الفنان عبد الهادي الجزار:

ولد الفنان عبد الهادي الجزار في مارس 1925م بحي القبارى بالإسکندرية وعاش في حي السيدة زينب حيث التقى بأستاذه الرائد "حسين يوسف أمين"بمدرسة الحلمية الثانوية ليصبح موجها وداعية لجماعة الفن المعاصر التي انضم اليها الجزار مع "حامد ندا، سمير رافع، أحمد ماهر رائف، إبراهيم مسعودة" عام 1946م، حيث تخرج الجزار من مدرسة الفنون الجميلة عام 1950م وعين معيدا بقسم التصوير. وفى الفترة من 1958-1961م قضي سنوات البعثة بإيطاليا حيث تخصص في الترميم وتکنولوجيا التصوير ثم عاد ليواصل تدريسه بکلية الفنون الجميلة ليتألق کمبدع نادر المثال في الحرکة الفنية المصرية وعلاقة ذلک البحث في الهوية الوطنية في الفن دون افتعال أو تصنع ليحصل على الجوائز للتکريم، والاعتراف من زملائه وتلاميذه بدماثة خلقه ورقة طباعه وعمق نظرته وتواضعه(1).

حيث نجد في أعماله نزعة سيريالية غير خافية، بالرغم من الاختلاف المذهبي في توجهه نحو التعبير عن المجتمع وليس عن الذات الباطنة ، ففي أعماله يميل إلي أعلاء قيمة الغيبيات الهذيانية للسلوک الغريزي لأبناء الطبقة الشعبية اللذين تحرکهم الأقدار الميتافيزيقية کبديل للعمل والمعرفة، وهيمنة المصير الغامض والخوف الدائم من قدر الإنسان من السحر المشعوذ تارة ومن الکائنات الروبوتية المرکبة التي ينصبها الإنسان على أرضه الجرداء في المراحل الأولى من أعماله أو تلک التي تأتى من السماء ومعها شرور غير منظورة والتي هيمنت على أعماله الأخيرة (2).

وفى 7مارس عام 1966م فجع المجتمع بوفاة الجزار إثر عملية جراحية فاشلة وهو في بداية الأربعينيات من عمره وفي ذروة تألقه الإبداعي حيث يقف الفنان عبد الهادي الجزار في موقع شديد الخصوبة والأهمية في حرکة التصوير المعاصر حيث ظهر نبوغ الجزار وإيمانه برسالته وکانت سبب لاعتقاله مع أستاذه بسبب لوحته "وجبة الجياع التي کانت بمثابة منبه لشعوره" بمسؤلية قومية في التعبير عن الطبقات المطحونة الکادحة وأهوال ومساخر حياتهم اليومية. حيث کان رغم هدوءه ورقته إلا انه مشحون بالعواطف الدرامية والتصورات الأخلاقية ذات الطابع الفلسفي.

وفيما يلي نماذج من أعمال الفنان عبد الهادي الجزار وتحليلها الفني:-

 

حيث نجد في لوحته المجنون الأخضر شکل (1) وهى من أشهر لوحاته التي جسد فيها المجنون ووضع على أذنه وردة معلقة حمراء وبداخل أذنه قرط من الذهب ثم يخرج بجانب رأسه يد من کل ناحية إلى جانب تصوير الوجه الأخضر الذي يعطى تکامل مع لون ملابسه الحمراء مع وضع ذاتيته في حده نظرته وکأنه يترقب المجهول محيطا به غموض الحياة .

بينما نجد في لوحته الماضي والحاضر والمستقبل شکل (2) تعبيره عن الماضي المتمثل في الجو الخلفي للوحة وهو بين أسوار السجن وقد اطل منه سجين على جنازة تسير، کما أطلت امرأة بيدها طفل والسجين والمرأة والطفل يمثلون الحياة الحبيسة المضطربة التي تلتصق بخيال الحاضر. أما الحاضر فهو الوجه الکبير الواضح في مقدمة اللوحة وتبدو فيه عناصر القوة والعزم والإصرار وشرود الذهن في ماضي کريه أما المستقبل فهو واضح في المفتاح الموضوع أمام الحاضر ولعله يعطى فکرة عن المستقبل وما فيه من أسرار وخبايا خفية .

بينما لوحته المولد شکل (3) نجد فيها کل مراسم المولد من رقص وغناء ومن ممارسة بعض الألعاب وبعض حلقات الذکر وصندوق الدنيا إلي جانب الازدحام الشديد الموجود بالمولد بجانب استخدامه الألوان الساخنة لتدلل على الحيوية والديناميکية لهذا العمل الفني.

2-  الفنان حامد ندا :

ولد الفنان حامد ندا عام 1924م بالقاهرة. حيث ظهرت موهبته في الرسم في سن المراهقة حيث قام مدرس الرسم بتوجيهه بنقل أعمال کبار الرسامين العالميين وقد اکتسب من هذه المرحلة مهارات وخبرات أفادته في اجتياز القبول بمدرسة الفنون الجميلة العليا فيما بعد.

 کما تربى الفنان حامد ندا في منطقة تمثل متحفا للعمارة العربية الطراز ففيها المباني المملوکية، والقصور الترکية القديمة مع الاسبلة العثمانية ومساجد الأولياء، والمقاهي المعتمة داخل المبنى ذات البواکى العتيقة، ووسط هذا المتحف المعماري شاهد احتفالات المولد عندما تقام حلقات الذکر وتنصب خيام لاعبي السيرک والمهرجين والاراجوز وصندوق الدنيا، إلى جانب الشعائر الدينية وأغاني المداحين(3)

التحق الفنان حامد ندا بمدرسة الفنون الجميلة العليا عام 1946م وکان من أساتذته الکبار"الفنان أحمد صبري، يوسف کامل، حسين بيکار" اللذين کانوا يطلبون من تلاميذهم رسم الشکل الواقعي بأعلى حرفية ومهارة، فقد استطاع الفنان أن يبلور أسلوبه الخاص وطريقته المميزة في مشروع الدبلوم عند التخرج وهو رسم الحياة الشعبية بخرافاتها، فاختار أن يجعل "حلقة الذار" وهى موضوع لوحاته التي تقدم بها لنيل درجة الدبلوم.

ومن المهم ذکره أن نوضح أن الوحيد الذي بدأ بالموضوعات المستلهمة من الأحياء الشعبية هو الفنان حامد ندا أما الباقون فلم يبدأوا بتناول هذا الموضوع إلا عندما عبر "ندا" عن هذه البيئة الشعبية بتلقائية وصدق لفت أنظار النقاد والأجانب فکتبوا عن هذه النزعة الأصيلة
بحماس وإعجاب(1)

حيث تميزت لوحاته بالصراع بين ما يراه في الحي الذي نشأ فيه من مجاذيب ودراويش من ناحية وما قرأه في الکتب عن نظرية التطور وعلم النفس  وتفسير الأحلام ودلالة سلوک
المرضي النفسيين.

وفي الخامس والعشرون من أبريل 1990م أنقطع التيار الکهربائي عن مصر بسبب عاصفة رملية ضربت المولد الرئيسي في السد العالي، وفى تلک الوقت کان الفنان حامد ندا وحيدا في مرسمه في مبنى وکالة الغوري فخرج متلمسا طريقه في الظلام لتخونه أحدى درجات السلم وترتطم رأسه بحافة درجة أخري ويظل ينزف لساعات قبل أن يکتشفه أحد فأصيب بشلل نصفى ومات بعد أيام من أصابته ورحل عن عالمنا هذا الفنان رفيع المقام ورائدا للفن المصري المعاصر، مصور حياة الفقراء والبسطاء الشعبيين المصريين (2)

وفيما يلي نماذج من أعمال الفنان حامد ندا وتحليلها الفني:-

 

حيث تتميز أعماله بصدق التعبير عن الذاتية فهو يفرض على الرائي حيرة مقلقة وانطباعات مبهمة مشحونة بالترقب والغموض. کما يرکز على رسم الإنسان فهو مصور الإنسان المحاط بالظلمة. فالفنان حامد ندا لا يقتبس من الفن الغربي بل تعتبر أعماله من وجهة النظر الأوروبي الغربي مزيجا من الواقعية الشعبية والصوفية. فهو يقدم عالما کاملا خاصا به تمتزج فيه الأسطورة بالحلم والخيال وبالغموض والشجن في ألوان حنونة ووديعة.

حيث توضح لوحته قراءة الطالع والقط شکل (1) الواقعية الشعبية لقراءة الطالع وهى من الأشياء المهمة في هذا الوقت ومدى الغموض والترقب الذي يظهر في عين القط (الذي هو عند الشعبيين يدل على استمرار الحياة) ويدلل على تفاعل الفنان مع هذه المواضيع التي عاشها في بيئته.

بينما يظهر في لوحته من وحي الجمالية شکل (2) مدى انعکاس البيئة الشعبية ومدى تأثره بها وکيفية معالجتها بروية تشکيلية تحمل في طياتها العالم السيريالى عنده بجانب الغرق في ذاتيته دون دراسة مسبقة

بينما نجد في لوحته الفتوة شکل (3) مدى تأثره بالموروث الشعبي في کيفية تفاعله مع ظاهرة الفتوة التي کانت في مشارف القرن العشرين وکيف عبر عنها عن طريق الرجل الفتى الذي تظهر عليه ملامح القوة إلى جانب رسمه لتفاصيل الحارة والاحتفال بذلک الفتوة بالإضافة إلى بعض الرموز الشعبية المتمثلة في رأس الثور على جسم إنسان کما نلاحظ الانسجام في الألوان والخطوط وتحقيق النقل الواقعي المغلف بذاتية الفنان بشکل سيريالى لبعض السمات الشعبية

3-  الفنان حلمي التونى:- 

تخرج حلمي التونى من کلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1958م وتخصص في التصميم المسرحي فضلا عن دراسته التصوير الزيتي، وقد تألق في مجالات التصميم وربط الفن بالحياة فأصبح من ألمع المصممين لفن الکتاب والرسوم التوضيحية في العالم العربي(1).

ألف حلمي التونى العديد من کتب الأطفال التي نشرت بعدة لغات أجنبية بواسطة المنظمات التابعة للأمم المتحدة کما حصل على العديد من الجوائز العربية والعالمية ومنها ميدالية معرض لاينزج الدولي وجائزة الأفاق الجديدة من معرض بولونيا الدولي بإيطاليا، کما أقام العديد من المعارض الفردية في معظم الدول العربية وساهم في الکثير من المعارض الجماعية(2).

ارتکز الفنان حلمي التونى في أعماله الفنية إلي الفن الشعبي بصفة خاصة "الملاحم والفرسان ورموز الوشم" کمصدر لإلهامه ممزوجا بقصص الرواد الشعبيين التي تتحدث عن سير الأبطال والرسل، وتأمل الطبيعة من وجهة تراثية خالصة، فحينما يرسم الشجرة أو الهدهد أو العصفور أو السيدات المکتنزات فأنه يصورهم وکأنه ينحت في الخشب ويلونهم بمثل ما يفعل مزخرفي عربات الکارو الشعبية(3).

ولقد صنع الفنان من الصخب الزخرفي واللوني إيقاعا متوازنا، ومرات کثيرة يتعامل مع رموز الوشم ليترجمها إلى موضوعات تصويرية ملونة وذات ظلال وتکوين، وتارة يعبر عن دراسته للفن القبطي، وتارة أخري عن وجوه نجوم الفن.

وهو بذلک مثل الذي يملک نظارة سحرية تحول مختاراته من التراث الشعبي خاصة إلى مادة للتصوير الفني.

ففي السنوات الأخيرة  أهتم الفنان حلمي التونى بالترميزات السياسية في لوحاته، وبالتعبير عن البنات الصغار في تجمعاتهن وألعابهن في رسومه الأخيرة للمجلات والکتب حيث تظهر نزعة "ماتيسيه" کولاجيه لعناصر شديدة التلوين والاختزال في الصياغة والتفاصيل. 

وفيما يلي نماذج من أعمال الفنان حلمي التونى وتحليلها الفني:-

شکل (3)

المولد-1955م

زيت على قماش

 

حيث تظهر أعماله إجمالا أن بها شئ إنساني خاص وبسيط وراق فهي تحتوي على فرح التعبير التلقائي وهندسة البناء العقلي للإشکال في صياغاتها المتعددة. فلوحاته تتکلم بلغة واضحة ورموزها ودلالاتها معروفة ولکنه يصنع بتشکيلاته وترکيباته الخاصة به أسطورة أو حوار بميلاد
حدث غامض.  

حيث نجد في لوحته المرأة الملاک شکل (1) وهى ترتدي الزى الأبيض وتعلو رأسها هاله ويأتي من على کتفيها جناحين وکأنها ملاک فعلي وهى حاملة سمکة ممتلئة وهى تدلل عند الشعبيين بالخير والنسل الکثير وما تحمله عيناها من نظرة مترقبة لمستقبل ات فرغم بساطة رموزها الا أنها تحمل معاني ودلالات کثيرة فهذه الملاک تطل من نافذة وکأنها تستقبل غد ملئ بالخير والنماء.

بينما نجد في لوحته على الشاطئ شکل (2) التي بها فتاة صغيرة تجلس على أريکة بجوارها دميتها ومن أعلى يتدلي مصباح يضئ وجهيهما وفي الخلفية خط رفيع مشرب بزرقة بنفسجية وکأنه شاطئ بحر وفي خط اللوحة الأعلى تتراءى الأهرامات الثلاث حيث الأريکة تتحول إلى أرجوحة للزمن بينما ترمز الطفلة لطفولة الحضارة وتجسد الأهرامات العمق الحيوي لها  ويومض الفنار والبحر والمصباح وکأنهم رموز للحيوية والانطلاق ومجابهة المجهول في فضاء واضح وصريح يتضافر مع کل هذا استخدام الفنان اللون الأحمر بدرجاته المفعمة بالطاقة والتحفز .

بينما لوحته کان يا مکان شکل (3) يرسم فيها الفنان أمراه ترتدي اللون الأزرق الفاتح وتدلل على التفاؤل والحيوية والانطلاق إلى جانب زهرية بها زهرة عباد الشمس وهى متفتحة لتدلل على انفتاح الفنان إلى جانب عشقه للعود والحنين إلي الماضي وأنغامه القديمة بالإضافة إلى المصباح الذي ينير کل عناصر اللوحة بما فيها وجه المرأة ليدلل على الانطلاق ومجابهة المجهول 

نتائج البحث

1-     تأثرت إبداعات وصياغات الفنان المصري بالرموز والوحدات والعناصر،بل وأجواء وموضوعات التراث الشعبي والحياة الشعبية المحيطة به

2-     إمکانية الاستفادة من الأساليب المختلفة والمعالجات التشکيلية للفنانين المصريين عن الحياة الشعبية وإنتاج أعمال تواکب عصر العولمة دون الإخلال بالتراث.

3-     الترکيز على دراسة السمات الفنية والجمالية الفولکلورية ودلالالتها الرمزية والتعبيرية في إنتاج أعمال تصميمية  تتسم بروح العصر وتواکب العالمية والتأکيد علي الهوية الوطنية.

توصيات البحث 

1-     عمل ندوات ومؤتمرات دورية لتوعية الفنانين الجدد بأهمية الحفاظ على هويتنا المصرية مع متابعة کل ما هو جديد لکي نلحق برکب العولمة دون إفقار تراثنا.

2-     الحفاظ على متاحفنا ومعارض فنانينا العظام الذين نقلوا لنا الموروث الشعبي بشکل واقعي لأنها ثروة حقيقية لا تعوض ففيها هويتنا.

3-      التعريف والتفسير العلمي والموضوعي للمفردات والعناصر والرموز والوحدات الشعبية،وذلک من خلال قاموس يتضمن عملية التصنيف والمعرفة العلمية والفنية .     



(1) فاروق أحمد مصطفى: الانثروبولوجيا ودراسة التراث الشعبي "دراسة ميدانية"، دار المعرفة الجامعية، الأزاريطة،
 2008 صـ80

(2) محمد إبراهيم رجب الشوربجي: النحت المصري المعاصر بين الهوية والعولمة (دراسة مقارنة)، رسالة دکتوراه، کلية التربية النوعية، جامعة المنصورة، 2003

(1) هانى عبده قتاية : استنباط تصميمات معاصرة من أشهر الحکايات الشعبية ببعض قري محافظة الدقهلية وتنفيذها بأسلوب النسجيات المرسمة، رسالة دکتوراه، کلية الفنون التطبيقية، جامعة حلوان، 1999

(2) نانى محمود إسماعيل : الموالد في مصر ودورها في الحفاظ على الموروث الشعبي (رؤية تصويرية)، رسالة دکتوراه، کلية التربية النوعية، جامعة المنصورة، 2011

(2) نهال السيد عبد الفتاح العدوى : استخدام بعض الوحدات الزخرفية الشعبية المصرية عن طريق الکمبيوتر لإثراء التصميم في الکليم المنسوج ، رسالة ماجستير، کلية التربية النوعية، جامعة المنصورة، 2006

(1) فارق أحمد مصطفي: مرجع سابق، صــ80

(2) اسماعيل شوقى اسماعيل : التصميم وعناصره واسسه فى الفن التشکيلى، مکتبة العبيکان ، الرياض، 2001، صــ11

(1)John B.and Stew.s: The Globalization Of World Politics, And Introduction, Relation, OxfordUniversity, London, prees,1997, P. 15  

(4)  فاروق أحمد مصطفى: مرجع سابق، صـ81

* کمثال: يحتفل بثلاث موالد " للسيد أحمد البدوي في طنطا" وهو المولد الکبير في شهر أکتوبر من کل عام،والميلاد ويحدد في الأربعاء الأخير من ذي الحجة الشهر العربي، والمولد الرجبي أو الرجبية وهو المولد الثالث ويحتفل به قبل الاحتفال بمولد الرسول وعادة يحدد له شهر أبريل من السنة الميلادية

(1) Gilsenan,M.,Saint and Sufi In Modern Egypt, An Essay In Sociology Of Religion, Oxford At the Clarendon Press, 1973,P 47

(2)  فاروق أحمد مصطفي : مرجع سابق، صـ56

(3)  Leach,E.",Ritual' In I.E.S.S.Vol 13 p.321.

(4) Darson,M,R.,Ed., African Folklore, Anchor Books Doubleday Company Inc. New York,1972,P.18

(1)  أبو إبراهيم إسحاق الفارابي : ديوان الأدب- تحقيق د. أحمد مختار عمر، جـ1، مجمع اللغة العربية، القاهرة،
 2003، صـ74

(2)  أميمة منير جادو : قيمة العمل في المثل الشعبي، دنيا الرأي، أکتوبر، القاهرة، 2010 ، صـ6        

(3)  مصطفي محمود الصونى : المثل الشعبي ودولة الأمثال، جريدة الوفد،يوليو، القاهرة، 2009 ، صـ7

(4)  أحمد مرسي : مقدمة في الفولکلور، العين للدراسات والبحوث، القاهرة، 1995 ، صـ209

(1)  هاني عبده قتايه : مرجع سابق ، صـ36

،

(2) Coffin And Cohen, Folk Lore, From The Working Folk Of America, Ahcor Press ,New York,1974, P3        ،

(3)  فاروق أحمد مصطفي : مرجع سابق ، صـ211

،

(1)  فاروق أحمد مصطفي : مرجع سابق ، صـ124،

Turner,V,”Myth And Symbol”, In I.E.S.S. Vol.9.P.576(2) 

،

(3)  عبد الحميد يونس : الحکاية الشعبية، الهيئة المصرية العامة للکتاب، القاهرة، 1984 ، صـ20

(1)  محمد الجوهري وآخرون :دراسات في علم الفولکلور، دار المعرفة الجامعية، الإسکندرية، 1992، ، صـ193

(2)  أحمد أبو زيد : الأساليب الشعبية دراسة تحليلية لأراء ويليام جريهام"سمنر" في دراسات الفولکلور، دار الطباعة للثقافة والنشر، القاهرة، 1972، صـ119

،

(1) أسامة المجدوب: العولمة الإقليمية، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2000، صـ41

(2)Oxford Advanced Learner's Dictionary, England, 1980,P.503

(3)John B.and Stew.s: The Globalization Of World Politics, And Introduction, Relation, OxfordUniversity, London, prees,1997, P. 15  

(1)  مصطفي الرزاز : الفن المصري الحديث"القرن العشرين"، وزارة الثقافة قطاع الفنون التشکيلة، القاهرة، 2007، صـ200

(2)  مصطفى الرزاز:،مرجع سابق صـ201

،

(3)  صبحي الشارونى : حامد ندا "نجم الفن المعاصر"، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط1، 2010، صـ7

،

(1)  صبحي الشارونى : مرجع سابق، صـ12

http://komsan4y.blogspot.com, 6/11/2012(1)    

(1)  مصطفى الرزاز:،مرجع سابق صـ266

(2)  المعرض القومي للفنون التشکيلية: وزارة الثقافة قطاع الفنون التشکيلة، القاهرة،العدد 28، 2003، صـ60

(3)  مصطفى الرزاز:،مرجع سابق صـ266

 

قائمة المراجع
أولا: المراجع العربية
1
أبو إبراهيم إسحاق الفارابي
: ديوان الأدب- تحقيق د. أحمد مختار عمر، جـ1، مجمع اللغة العربية، القاهرة، 2003
2
أحمد أبو زيد
: الأساليب الشعبية دراسة تحليلية لأراء ويليام جريهام"سمنر" في دراسات الفولکلور، دار الطباعة للثقافة والنشر، القاهرة، 1972
3
أحمد مرسي
: مقدمة في الفولکلور، العين للدراسات والبحوث، القاهرة، 1995
4
أسامة المجدوب
: العولمة الإقليمية، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2000
5
 إسماعيل شوقي إسماعيل
: التصميم وعناصره وأسسه في الفن التشکيلي، مکتبة العبيکان ،
الرياض، 2001
6
المعرض القومي للفنون التشکيلية: وزارة الثقافة قطاع الفنون التشکيلة، القاهرة،العدد 28، 2003
7
أميمة منير جادو
: قيمة العمل في المثل الشعبي، دنيا الرأي، أکتوبر، القاهرة، 2010
8
صبحي الشارونى
: حامد ندا "نجم الفن المعاصر"، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط1، 2010
9
عبد الحميد يونس
: الحکاية الشعبية، الهيئة المصرية العامة للکتاب، القاهرة، 1984
10
فاروق أحمد مصطفى
: الانثروبولوجيا ودراسة التراث الشعبي "دراسة ميدانية"، دار المعرفة الجامعية، الأزاريطة، 2008
11
محمد إبراهيم رجب
:النحت المصري المعاصر بين الهوية والعولمة (دراسة مقارنة)، رسالة دکتوراه، کلية التربية النوعية، جامعة المنصورة، 2003
12
محمد الجوهري وآخرون
: دراسات في علم الفولکلور، دار المعرفة الجامعية، الإسکندرية، 1992،
13
مصطفي الرزاز
: الفن المصري الحديث"القرن العشرين"، وزارة الثقافة قطاع الفنون التشکيلة، القاهرة، 2007
14
مصطفي محمود الصونى
: المثل الشعبي ودولة الأمثال، جريدة الوفد،يوليو، القاهرة، 2009
15
نانى محمود إسماعيل
: الموالد في مصر ودورها في الحفاظ على الموروث الشعبي (رؤية تصويرية)، رسالة دکتوراه، کلية التربية النوعية، جامعة المنصورة، 2011
16
نهال السيد عبد الفتاح
: استخدام بعض الوحدات الزخرفية الشعبية المصرية عن طريق الکمبيوتر لإثراء التصميم في الکليم المنسوج، رسالة ماجستير، کلية التربية النوعية، جامعة المنصورة، 2006
17
هانى عبده قتاية
: استنباط تصميمات معاصرة من أشهر الحکايات الشعبية ببعض قري محافظة الدقهلية وتنفيذها بأسلوب النسجيات المرسمة، رسالة دکتوراه، کلية الفنون التطبيقية، جامعة حلوان، 1999
ثانيا : المراجع الأجنبية والانترنت                                                                               
: Folk Lore, From The Working Folk Of America, Ahcor Press ,New York,1974
Coffin And Cohen
18
: African Folklore, Anchor Books Doubleday Company Inc. New York,1972 
Darson,M,R.,Ed
19
In Modern Egypt, An Essay In Sociology Of Religion, Oxford At the Clarendon Press, 1973
Gilsenan,M.,Saint and Sufi
20
  : The Globalization Of World Politics, And Introduction, Relation, OxfordUniversity, London, prees,1997
John B.and Stew.s
21
.",Ritual' In I.E.S.S.Vol 13
  Leach,E
22
Oxford Advanced Learner's Dictionary, England, 1980,P.503
23
:”Myth And Symbol”, In I.E.S.S. Vol.9.P.576
Turner,V
24
http://komsan4y.blogspot.com, 6/11/2012    
25