مقال : السلطوية فى التربية العربية

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

مدرس أصول التربية کلية التربية النوعية جامعة المنصورة

الموضوعات الرئيسية


يحمل هذا الکتاب رقم (362) من سلسة عالم المعرفة الصادرة عن المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب بدولة الکويت، أبريل 2009، للأستاذ الدکتور/ يزيد عيسى السورطى، أستاذ أصول التربية بکلية العلوم التربوية بالجامعة الهاشمية بالأردن.

استهل المؤلف کتابه بمقدمة أوضح فيها مفهوم السلطوية بأنها "الخضوع التام للسلطة ومبادئها بدلاً من الترکيز على الحرية"، ثم حددها فى التربية العربية بأنها "ظاهرة تربوية تمتد جذورها فى البنية الاجتماعية العربية التقليدية التى تخشى إطلاق القوى الإبداعية وتنکرها وتحاول کبتها وتشجع الانقياد والامتثال والإذعان والاتکال والتقليد والمحاکاة وتعمل على التکيف والاندماج ضمن البنى الاجتماعية القائمة بغض النظر عن سلبياتها"

أما الفصل الأول من فصول الکتاب السبعة فکان عنوانه (مظاهر السلطوية فى العملية "التعليمية - التعلمية")، فقد عرض لأشکال السلطوية فى :

-السلطوية فى طرق التدريس؛ باعتماد التلقين فى معظم المدارس والجامعات العربية، مما يعمق التسلط والاستبداد لدى المعلم ويؤکد الإذعان والخضوع من جانب الطلاب، وتشجيعهم على الاتکالية والسلبية وضعف قدرتهم على الفهم والتحليل والاستنتاج والتفکير الناقد. ومن أسباب انتشار التلقين أنه وسيلة سهلة لتوصيل کثير من المعلومات فى وقت قصير، وکثرة عدد الطلاب وکذا المواد النظرية فى المناهج، بالإضافة إلى اعتماد إعداد المعلمين أنفسهم على التلقين من قبل.

-السلطوية فى المناهج الدراسية؛ إذ لا يشارک من يقوم بتنفيذها من معلمين وغيرهم فى مراحل إعدادها وتنفيذها وتقويمها وتطويرها، حيث يتم اقتباسها من مناهج غير عربية، وترکيزها على المعرفة وليس المتعلم، واعتبار الکتاب المقرر المصدر الأوحد للمعرفة.

-السلطوية فى التقويم التربوى الذى أصبح فى بعض الأحيان غاية تسلطية تثير الرعب والقلق فى نفوس الطلاب وآبائهم؛ حيث يرکز على قياس ما يحفظه الطلاب، ولا يتسم بالشمول والاستمرار والموضوعية وعدم القدرة على التشخيص والعلاج، ويؤدى إلى بروز النزعة الفردية بدلاً من الروح الجماعية وتفشى المنافسة السلبية لا التعاون.

ثم انتقل المؤلف إلى الفصل الثانى وعنوانه (مظاهر السلطوية فى الجانب الإدارى للتربية) التى تتمثل فى الأعراض التالية:

-السلطوية فى الإشراف التربوى؛ الذى يمارس کعملية سلطوية تفتيشية لتخويف المعلم وإظهار نقاط ضعفه مع جهد بسيط فى مساعدته للتغلب عليها، فيتحول المعلم إلى تلميذ والمشرف معلمًا سلطويًا يلقن ويعاقب بعشوائية غالبًا، رغم أن جوهر الإشراف التربوى هو إقامة تفاعل بين المعلم والمشرف من أجل تغيير إيجابى فى سلوک المعلم.

-السلطوية فى الإدارة التربوية؛ رغم ظهور تطورات عالمية کبيرة فى الإدارة التربوية، إلا أنها فى بعض الدول العربية تتسم بغلبة طابع التسلط والمرکزية الشديدة فى معظم القرارات المنظمة للعمل على مستوى إدارة التعليم المدرسى والجامعى على السواء.

-السلطوية فى الإدارة الصفية؛ ترتکز الإدارة الصفية على تحقيق النظام داخل الصف الذى يعد شرطًا لإنجاز التعلم. وهناک اتجاهان للإدارة، هما الاتجاه الوقائى باستخدام الاستراتيجيات الکفيلة بتجنب المشکلات الصفية قبل وقوعها، أما الاتجاه الآخر فهو الاتجاه العلاجى السلطوى الذى يعتمد على معالجة المشکلات وحلها بعد وقوعها. 

 ويقوم الاتجاه الوقائى فى إدارة الصف على عدة أرکان من أهمها:

-توفير تعليم فعال من خلال إلمام المعلم بکل ما يجرى فى الصف، وتنفيذ عدة أنشطة صفية فى وقت واحد، والانتقال من نشاط إلى آخر بهدوء وتقديم المادة التعليمية بسرعة مناسبة، وتنويع النشاطات التعليمية الصفية بهدف رفع دافعية الطلاب للتعلم .

-        توفير بيئة مادية ونفسية ملائمة للتعلم تساعد على نجاحه وتجعل الطلاب أکثر انخراطًا فى التعلم.

-        تحديد واضح لقواعد السلوک وتعليماته للوقاية من المشکلات السلوکية البسيطة.

-اتخاذ إجراءات وقرارات مسبقة قبل البدء بالتدريس مثل تکوين المعلم صورة عن طلابه والأنشطة التى سيقدمها، مما يضفى على قراراته وتدريسه موضوعية أکثر وتنظيمًا وتقل فرص ظهور مشکلات سلوکية فى الصف.

-إقامة علاقات إيجابية داخل الصف من خلال التفاعل مع وطلابه، وبين الطلاب بعضهم البعض، وبين المعلم وزملائه وأولياء الأمور، مما يدعم بيئة التعلم وتجنب کثير من المشکلات السلوکية.     

-الترکيز على تنمية الضبط الداخلى الذاتى لدى الطلاب، فتزداد قوة التعلم، ويقل عدد المشکلات السلوکية وحدتها بعيدًا عن الإکراه والقوة اللذان يؤديان إلى نتائج عکسية.


خصائص الاتجاه العلاجى فى إدارة الصف

ينصب اهتمام هذا الاتجاه نحو فرض الضبط والصمت وعدم المشارکة حتى ولو باستخدام القوة، واعتبار الضبط هدفًا مما يجعل التعلم أمرًا ثانويًا، ويحدث هذا النمط بعد حصول المشکلات الصفية، مما يضعف تحصيل الطلاب وإنجازهم ويخلق لديهم اتجاهًا سلبيًا نحو المعلم والتعلم والنظام المدرسى. وهکذا يفتقر هذا الاتجاه إلى روح المبادأة والتوقع؛ حيث تحدث المشکلات فجأة دون أن يخطط المعلم للتعامل معها، فيتخبط فى اتخاذ إجراءات عشوائية، فضلاً عن عدم الترکيز على إقامة علاقات إيجابية مع الطلاب.

بعد ذلک انتقل المؤلف إلى وصف الاتجاه السائد فى الإدارة الصفية فى الوطن العربى الذى يتسم بضعف إدارة الصف الوقائية ، إذ ينتشر فى کثير من المدارس العربية التوتر وعدم التفاعل وسوء الظن بين المعلمين وطلابهم بسبب اهتمام معظم المعلمين بفرض النظام بالقوة ، فقل احترام الطلاب للمعلمين وخروج الطلاب على النظام، وعدم اهتمامهم بالدراسة والغش فى الامتحانات کما أن العلاقات بين الطلاب تتسم بالتنافس وعدم التعاون والعنف أحيانًا.

السلطوية فى العلاقة بين المعلم والطالب

  فى مراحل التعليم قبل الجامعى بسبب تزايد الأخطاء السلوکية الناتجة عن ضعف النظرة الاجتماعية لمهنة المعلم، وضعف المتابعة الأسرية للأبناء، واستحالة فصل التلميذ المشاغب من المدرسة، وانتشار أفلام العنف. ويمتد هذا التوجه السلطوى إلى الجامعة بسبب زيادة أعداد الطلاب وزيادة الأعباء التدريسية والبحثية على الأساتذة وصعوبة الأوضاع المعيشية التى يواجهها کثير منهم. وتمتد الظاهرة إلى مرحلة الدراسات العليا؛ حيث تقوم العلاقة أحيانًا على الاستعلاء وإتباع أساليب القهر الفکرى من الأستاذ والخوف واستخدام التملق والنفاق من الطالب.

وبعد عرض مظاهر السلطوية فى الجانب الإدارى للتربية، تناول المؤلف – فى الفصل الثالث - مظاهرها فى الحرية الأکاديمية، التى تعنى "غياب القيود والإکراه والإجبار والقهر عن نشاطات البحث والدراسة والتدريس فى الجامعات ومراکز البحث ، وهى تعد من الشروط الأساسية لأى مؤسسة جامعية تريد أن تحظى بالثقة والاحترام".

ورصد المؤلف ثلاثة عناصر متشابکة للحرية الأکاديمية هى حرية أعضاء هيئة التدريس فى البحث عن الحقيقة وحقهم فى نشرها وتعلمها، وتطوير المعرفة من خلال الدراسة والإنتاج والتدريس والکتابة ، وضمان أمنهم الوظيفى والاقتصادى، وحقهم فى نقد البرامج التعليمية والسياسات الجامعية وتعديلها ، وحرية الإسهام فى الأنشطة المجتمعية واختيار القيادات الإدارية والأکاديمية. أما العنصر الثانى فهو الاستقلال الإدارى والمالى والثقافى للجامعة دون تدخل خارجى، وحقها فى تنظيم برامجها التعليمية ومناهجها. وأخر هذه العناصر هو حرية الطلاب فى التعبير عن آرائهم والمشارکة فى تقرير ما يدرسونه واختيار تخصصاتهم وفق ميولهم ومؤهلاتهم، وحقهم فى الإبداع ومراعاة استعداداتهم، وتوفير المساواة وتکافؤ الفرص لهم، ومشارکتهم فى إدارة شئون کلياتهم عبر مجالس واتحادات الطلاب.

ووصف المؤلف مشکلات واقع الحرية الأکاديمية فى الجامعات العربية، ومنها:

-غموض معنى الحرية الأکاديمية واختلاف مفهومها من جامعة لأخرى ومن فرد لآخر نظرًا لحداثتها کموضوع وغياب القوانين والتشريعات العربية المتعلقة بها.

-ضعف حرية الأستاذ الجامعى فى البحث العلمى والتدريس بسبب قلة الاطمئنان الاجتماعى والفکرى وتواضع إمکانات المکتبات والمختبرات وقلة تشجيع الباحثين الجادين.

-التسلط الإدارى الجامعى عبر البيروقراطية والمرکزية التى تعيق مسيرة الأساتذة فى کثير من الجامعات العربية، وهجرة ذوى الکفاءة منهم والحد من حرية من بقى تدريسيًا وبحثيًا وفکريًا وحتى فى اختيار القيادات الإدارية من رؤساء الأقسام إلى رؤساء الجامعات.

-ضعف الاستقلال الإدارى والمالى للجامعة، بسبب تبعية أکثر الجامعات العربية للدولة إداريًا وتمويلاً وحداثة إنشاء معظم الجامعات وضعف تقاليدها وعدم وضوح دورها.

-ضعف الحرية الأکاديمية للطلاب فى طلب العلم والإقبال على التعلم، بسبب ضعف فاعلية وتنوع المناهج وطرق التدريس ووسائل التقويم، والعلاقة التسلطية بين الطلاب والأساتذة.

-اختفاء الحرية الأکاديمية من قوائم الجامعات العربية، بسبب حداثة الاهتمام بها وحداثة غالبية الجامعات العربية نفسها، وضعف الوعى بأهمية الحرية الأکاديمية.

ثم انتقل المؤلف إلى توضيح أسباب ضعف الحرية الأکاديمية فى الجامعات العربية فقسمها إلى :

-        أسباب سياسية تتمثل فى سلبية الواقع السياسى السائد فى عدد من الدول العربية.

-        أسباب تاريخية؛ حيث تستمد الجامعات العربية منظومة معرفتها وثقافتها من أيديولوجية الطبقات التى کانت وراء نشأتها.

-        أسباب اجتماعية؛ إذ تغيب الحرية عن کثير من الأوساط الاجتماعية العربية. 

-        ثم قدم المؤلف اقتراحات لتطوير الحرية الأکاديمية فى الجامعات العربية مثل:

-        توضيح معنى الحرية الأکاديمية وتحديد محتواها وضوابطها.

-        دعم أعضاء هيئة التدريس ماديًا ومعنويًا وتوفير المناخ اللازم للتدريس والبحث والنشر وخدمة المجتمع.

-        إقامة الجامعات على أسس ديمقراطية وشورية.

-        إشاعة الحرية فى المجتمع.

-        منح الجامعات قدرًا کبيرًا من الاستقلال الإدارى والمالى.

-        إعطاء الطلاب حقهم فى حرية اختيار تخصصاتهم وبرامجهم.

ووضع المؤلف للفصل الرابع عنوان (السلطوية وشيوع الأمية والتمييز التربوى) ليؤکد على أن التمييز التربوى يعد أهم مظاهر التسلط التربوى لما فيه من إقصاء وتفرقة، وأن الأمية هى أبرز أشکال التمييز التربوى لأنها نزع حق التعلم من الأفراد دون حق، مما يعوق تقدمهم وکذا مجتمعهم، وحدد المؤلف أسباب لانتشار الأمية فى الوطن العربى ومنها :

-        الأسباب التاريخية؛ بسبب سيطرة الاستعمار على معظم النظم التربوية العربية.

-        الأسباب الاقتصادية؛ إذ يعد الفقر سببًا رئيسًا لانتشار الأمية.

-الأسباب السياسية؛ فضعف الاستقرار السياسى وضعف الاهتمام بمبدأ تکافؤ الفرص وحقوق الإنسان فى معظم الدول العربية أدى إلى کثرة التغيير فى الأنظمة التربوية.

-        الأسباب الاجتماعية؛ کانتشار بعض العادات الاجتماعية الخاطئة مثل الاعتقاد بعدم أهمية تعليم الفتيات.

-        الأسباب الجغرافية؛ إذ ينصب الاهتمام بتوزيع الميزانيات التعليمية أحيانًا على المدن الکبرى أکثر من القرى.

-        الأسباب السکانية؛ فالزيادة السکانية المرتفعة تقلل من مجاراة النظم التربوية لها مما حرم کثير من الأفراد من الالتحاق بالتعليم.

-        الأسباب الثقافية؛ حيث أدى تدنى المستوى الثقافى لکثير من الآباء والأمهات إلى جعلهم أقل دافعية لتعليم أبنائهم، فزاد نطاق الأمية.

-الأسباب التعليمية؛ کعدم توفير التعليم لکل من هم فى سن التعليم الإلزامى، وضعف ارتباط ما يتم تعليمه بالحياة، وارتفاع معدلات الرسوب والتسرب.

وحدد المؤلف عدة خطوط يمکن إتباعها للحد من الأمية فى الوطن العربى مثل:

-        النظر إلى الأمية على أنها مشکلة حضارية وعدم قصرها على أمية القراءة والکتابة.

-        تجفيف منابع الأمية من خلال تعميم التعليم الإلزامى ومحو أمية الکبار.

-        معرفة حجم الأمية والعقبات التى تعترض القضاء عليها وحصر الإمکانات المتاحة.

-        تطوير نظم التعليم والقضاء على المشکلات المؤدية إلى الأمية.

وبعد أن عرض المؤلف للسلطوية المتمثلة فى شيوع الأمية، انتقل إلى السلطوية المتمثلة فى التمييز التربوى محددًا إياه فى "تغييب مبدأ تکافؤ الفرص التعليمية" ، واعتباره أحد أشکال التسلط، عبر حرمان أفراد أو فئات من حقوقها التربوية دون وجه حق. ثم صنف المؤلف مظاهر التمييز التربوى فى الوطن العربى إلى:

-        التمييز التربوى الطبقى؛ حيث يتحيز التعليم لمصلحة الأغنياء بدرجة ما.    

-        التمييز التربوى على أساس الجنس؛ بترجيح کفة الذکور على حساب الإناث.

-        التمييز التربوى الجغرافى؛ إذ لم تتحقق المساواة المطلقة بين أبناء الريف والحضر.

-        بعد ذلک انتقل المؤلف لرصد أسباب التمييز التربوى فى الوطن العربى، فحددها فى:

-        الأسباب الاجتماعية والاقتصادية؛ فالمجتمعات العربية التى يسيطر عليها التمييز الاجتماعى والاقتصادى قلما تسلم من ظاهرة التمييز التربوى.

-الأسباب التاريخية؛ حيث کان الاستعمار حريصًا على حرمان الشعوب التى احتلها من التعليم ليقتل فيها الطموح والمعرفة التى تؤدى إلى تحديه ومقاومته. 

-        الأسباب السياسية؛ فبعض الأنظمة العربية لا تساوى بين المواطنين، بل تعمد إلى محاباة الفئة القليلة الموالية النافذة إلى السلطة.

-الأسباب التعليمية؛ مثل نقص عدد المدارس وافتقارها إلى التجهيزات والوسائل التعليمية والأنشطة الدراسية وقلة توافر المعلمين المؤهلين وعدم توافق مفردات المناهج مع الخصائص المتنوعة لبيئات الريف والبادية.

ثم انتقل المؤلف إلى حصر نتائج التمييز التربوى فى الوطن العربى فى إعادة إنتاج التمييز فى المجتمع، وزيادة التسرب والرسوب وتهديد الأمن الاجتماعى والتربوى. وحتى يمکن التقليل من حدة ظاهرة التمييز التربوى، فإنه ينبغى إتباع خطوات عديدة منها:

-        تعميم التعليم واتخاذ إجراءات جادة للقضاء على الأمية.

-        شمول الريف والبادية فى کل خطط التنمية.

-        تحقيق المساواة والعدالة للجميع ومحاربة التمييز بصوره کافة.

-        مساهمة القطاع الخاص والجمعيات الخيرية فى دعم تعليم الفئات المحرومة والمهمشة.

-        زيادة مستوى الإنفاق على التعليم وتأکيد مجانيته.

واستهل المؤلف الفصل الخامس وعنوانه "السلطوية المتمثلة فى التسليع التربوى"، مؤکدًا على أن التسليع التربوى يحول التربية من کونها رسالة سامية إلى سلعة تجارية، ثم عرض لمظاهر التسليع التربوى فى الوطن العربى ومنها:

-        الدروس الخصوصية؛ التى باتت مرضًا مزمنًا تراکمت أسبابه وتفاقمت أعراضه يصيب انتشاره الجسم التعليمى بالضعف والهزال.

-        المدارس والجامعات الخاصة؛ حيث انسحبت بعض الحکومات العربية تدريجيًا من مسئولية تمويلها للتعليم بحجة کونه عبئًا غير محتمل.

-        المناهج الدراسية؛ بعد تحول المنهج فى کثير من المدارس والجامعات العربية إلى مجرد "مذکرات" يروجها "مؤلفوها" بهدف الربح السريع.

-البحث التربوى؛ حيث ينظر بعض الباحثين إلى البحث التربوى کسلعة تؤدى بهم إلى تحصيل درجة علمية أو ترقية بغض النظر عن مستوى ذلک البحث.

-الامتحانات؛ حيث تکثر الشکوى من صعوبة الأسئلة أو قصر الوقت المخصص لها، فتقدم الوزارة بعض التنازلات فى تقدير الدرجات استرضاء للشکوى.

-        وأرجع المؤلف التسليع التربوى إلى عدة أسباب منها:

-        أسباب اقتصادية؛ مثل تطبيق کثير من الدول العربية لسياسات الانفتاح الاقتصادى، فلم تعد التربية خدمة بل أصبحت أحد صور الاستثمار المالى.

-        أسباب ثقافية؛ إذ يشيع نمط ثقافى يؤکد على المنفعة الذاتية والخاصة.

-        أسباب سياسية؛ فالنظرة السلعية تحکم أحيانًا بعض الأنظمة السياسية العربية.

-أسباب اجتماعية؛ فکثير من المجتمعات العربية أصبحت تتسم بالتفکک الاجتماعى وتزايد التنافس على اقتناص المکاسب والاستحقاقات الاجتماعية.

-        أسباب فلسفية؛ فتأثر التربية العربية بالفلسفة البرجماتية عزز التوجه السلعى فيها.

-        العولمة؛ إذ يعتبر تسليع التربية من أهم المضامين التربوية للعولمة.

وفى صدر الفصل السادس وعنوانه (اللفظية والماضوية فى التربية) أکد المؤلف أن اللفظية التربوية تحول التربية من سلوکيات عملية إلى تنظير منفصل عن الواقع، ثم حدد مظاهر اللفظية فى التربية العربية فى:

-        اللفظية فى الأهداف التربوية؛ حيث تمت صياغتها بشکل لا يعبر عن نواتج سلوکية.

-        اللفظية فى محتوى المناهج الدراسية؛ إذ ينصب الاهتمام على المعلومات النظرية أکثر من تنمية المهارات والقيم والاتجاهات.

-اللفظية فى طرق التدريس؛ فأکثر المعلمين العرب يعتمدون على أصواتهم أکثر من التقنيات الحديثة فى توصيل المعلومات النظرية لطلابهم ليحفظونها بدورهم.

-        اللفظية فى البحث التربوى؛ فتظل البحوث حبيسة الأدراج ولا يتم تطبيق نتائجها.

-        وحدد المؤلف أسباب اللفظية فى التربية العربية فى :

-        الأسباب الثقافية؛ فالثقافة العربية الراهنة ترکز على الکلام دون ربطه بالعمل.

-        الأسباب التاريخية؛ حيث أوجد الاستعمار نظمًا تعليمية تهتم بالتعليم النظرى اللفظى.

-        الأسباب الاقتصادية؛ فقيمة الزمن لدى معظم العرب منخفضة لارتباطهم بالزراعة.

-        الأسباب الفلسفية؛ لارتباط التربية العربية بالفلسفة اليونانية المثالية.

-        الأسباب السياسية؛ إذ تتأثر التربية بالشعارات التى تنتهجها السياسة العربية.

وبعد عرض مظاهر اللفظية فى التربية العربية وأسبابها، انتقل المؤلف إلى تحليل السلطوية المتمثلة فى الماضوية التربوية، محددًا مفهومها فى ارتباط النظام التربوى بالماضى وانقطاعه عن الحاضر واستشراف المستقبل والنظر إلى قضاياه من منظور الماضى. ثم عرض لمظاهر الماضوية فى التربية العربية المتمثلة فى:

-        الأهداف التربوية؛ حيث تتسم بالثبات النسبى وقلة تحديثها مواکبة للتقدم والتغير الدائم.

-        المناهج الدراسية؛ فيستمر الفرض التعسفى لمناهج کانت سائدة لسنوات.

-        طرق التدريس؛ فالمعلم هو المحور يلقن والطالب يذعن ويستقبل.

-        الإدارة التربوية؛ وتفتقد لمقومات المستقبلية والعلمية والتقانة والديموقراطية والکفاية.

-        التقويم التربوى؛ الذى يهدف فقط إلى إصدار أحکام على المتعلمين وتصنيفهم.

-        وعزى المؤلف الماضوية فى التربية العربية إلى عدة أسباب منها:

-        الأسباب الثقافية؛ حيث الترکيز على التغنى بأمجاد الماضى والتمسک به بشدة.

-        الأسباب السياسية؛ حيث يتم توظيف التعليم للإبقاء على النظام السياسى السائد.

-        الأسباب التاريخية؛ فهناک تمسک بما أوجدته القوى الاستعمارية من نظم تعليمية.

-        الأسباب النفسية؛ حيث سادت حالة من اليأس فى إحداث التجديد والتطوير.

-        الأسباب الاقتصادية؛ فالاقتصاد المتردى قلل من فرص تطوير التعليم بأنواعه.

واختتم المؤلف کتابه بالفصل السابع وعنوانه (نتائج السلطوية فى التربية العربية)، محددًا تلک النتائج فى: (1) إعادة إنتاج التسلط، (2) إضعاف النظام التعليمى، (3) تسهيل التغريب الثقافى والتربوى بسبب: سعى الغرب إلى الهيمنة على الوطن العربى، تأثير بعض المثقفين العرب المتغربين، قوة الغرب وضعف العرب، التعامل مع التراث العربى الإسلامى، تأثر النظام التربوى العربى بالغرب، (4) إضعاف التنمية، (5) زيادة مستوى الاغتراب لدى المعلمين والطلاب، (6) إعاقة الإبداع، (7) الملل.

وحدد المؤلف مظاهر التغريب فى التربية والتعليم فى: (1) فرض فلسفة التربية بطريقة تسلطية من قبل النخب التى بيدها القوة والنفوذ، (2) معظم المناهج الدراسية العربية منقولة من مثيلاتها الغربية، (3) معظم البحوث التربوية العربية الراهنة تنطلق من أطر غربية، (4) ضعف مکانة اللغة العربية وقلة اهتمام أهلها بها وتطاول کثير من أفراد النخبة المثقفة عليها. وتنعکس مظاهر الدور الاغترابى للتربية العربية على قطبى العملية التربوية أى الطلاب والمعلمين.

أما نتائج الاغتراب المرتبط بالتعليم السلطوى فقد ذکر المؤلف منها: (1) ضعف التحصيل الدراسى ، (2) التسرب من المدرسة ، (3) السلبية ، (4) الهجرة ، (5) الإذعان ، (6) التمرد ، (7) المشکلات النفسية والاجتماعية.

واختتم المؤلف الفصل بتقديم عدة مقترحات للتخلص من ظاهرة السلطوية منها:

-        إقامة العلاقات داخل الأسرة وغيرها من مؤسسات اجتماعية على الحوار والتفاهم.

-        إشاعة جو من الأمن والحرية فى جنبات المجتمع بمؤسساته.

-        توسيع المشارکة فى عملية اتخاذ القرارات السياسية.

-        عدالة توزيع الثروات وتحقيق مبدأ تکافؤ الفرص.

-        تطوير النظم التعليمية العربية بأهدافها وبنيتها وأساليبها.