سمات نحت الأطفال بين الطبيعة والخيال

المؤلفون

1 باحثة دکتوراه قسم التربية الفنية کلية التربية النوعية – جامعة المنصورة

2 أستاذ النحت بقسم التربية الفنية مدير مرکز الخدمة العامة کلية التربية النوعية جامعة المنصورة

3 أستاذ النحت المساعد بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية جامعة المنصورة ووکيل کلية رياض الأطفال لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة

المستخلص

ملخص البحث
يعتبر التعبير الفنى المجسم للأطفال هو احد مظاهر الفن التشکيلى ووسيلة من وسائل التعبيرعن النفس بکل ما تحتويه من مشاعر وأفکار وخبرات يتعلم الإنسان عن طريقها الکثير من المعارف والمعلومات التى تکتب عن طريق تفاعل الطفل مع بيئته احد الوسائل التى تعکس لنا معانى الحياة التى نعيشها.
ويستمد الفن فاعليته لقدرته على مخاطبة تفکير الطفل وإحساسه ويساعد الأطفال عن الإفصاح عن مشاعرهم المکبوته التي لا يستطيعون التعبير عنها لأى سبب من الأسباب ويکون هذا التعبير مرغوبا لأنه يساعد على التوفيق بين الأساس والتفکير .يعتبر الطفل فنانا صغيرا لما يمتلکه من القدرة على التعبير عما حوله من مظاهر مختلفة .
ويتسم نحت الأطفال في المرحلة العمرية من سن 4-7سنوات بالعديد من  الخصائص, التي لا تعد أخطاء بل تعد أجمل ما في تعبيرات الطفل بل تعبر عن فطرته وطبيعته وصدقه ورغبته في تمثيل العالم من خلال وجهه نظره  , وتمثل هذه الخصائص الاتجاهات العامة التي يلجأ إليها معظم الأطفال للتعبير عما يدور فى أذهانهم وأفکارهم ، ونستطيع أن نوجز خصائص نحت الأطفال في الحلقة الأولى من التعليم (رياض الأطفال) فيما يلى وهى :-

التلقائية
التحريف
البراءة
الکليات قبل الجزئيات
الطبيعة الهندسية
التعبير عن الذات
الخيال
الرمزية

مقدمة:

يتسم نحت الأطفال فى المرحلة العمرية من سن 4-7سنوات بالعديد من  الخصائص تکون فيما بينهما مجموعة مشترکة من السمات العامة , التى لا تعد أخطاء بل تعد أجمل ما فى تعبيرات الطفل بل تعبر عن فطرته وطبيعته وصدقه ورغبته فى تمثيل العالم من خلال وجهه نظره  ولهذا تعد أجمل ما فى تعبيرات الأطفال حيث تمثل هذه الخصائص الإتجاهات العامة التى يلجأ إليها معظم الأطفال للتعبير عما يدور فى أذهانهم وأفکارهم . فالطفل يعيش حياة مليئة بالإنفعالات ويعانى من مظاهر الأشياء التى لا تجد تفسيرا لديه يريحة.

وقد حدد البحث أهم سمات نحت الأطفال في الحلقة الأولى من التعليم (رياض الأطفال) وهى التلقائية ،التحريف،البراءة ، الکليات قبل الجزئيات نالطبيعة الهندسية ، التعبير عن الذات ،
الخيال ، الرمزية .

 أولاُ التلقائية :-

هى  " سمه مميزه لنحت الأطفال , وتعنى التعبير عن الذات بغير أکراه , فهي نشاط داخلي , إذا تمت ترجمتها دون عوائق للعالم الخارجي " ، فهذه العملية تتم دون عوائق أي الدوام حول الارادة وحول غياب وانقطاع العوائق التي تحول في العالم الخارجي الاحساس الداخلي (النشاط الجواني) للطفل، ونقيض التلقائية هو التقييد أوالاکراه أي محب النشاط الأصيل للطفل ووضع عوائق تحول دون ظهوره الي حيز الواقع.

يتميز التجسيم عند الأطفال بالتلقائية بشکل عام حيث تتم بناءا علي منطق الطفل النابع من داخله وعالمه المميز، ولکل طفل عالمه وخصائصه التي يتميز بها.

والتعبير عن وجهة نظرهم ورغباتهم الخاصة بهم في ايضاح فکرتهم التعبيرية بصورة تلقائية . حيث يتخذ الطفل أسلوب حر نابع من رغبته الداخلية للتعبير عن الأشياء المحيطة به دون وجود وحدود تمنعه من الظهور بها في شکل نحتي.

والتلقائية التي يتميز بها نحت الأطفال لا تختلف کثيرا عن تلقائية أسلوب حياته. حيث يمارس الأشکال المجسمة التي ينتجها بطلاقة منقطعة النظير وينتجها بدافع منه ويطبع عليها
طفولته المتحررة .

والتعبير المجسم للأطفال تتيح منه فرص البحث والتجريب والتعبير عن الأفکار وتفجير الطاقة الابتکارية ، کما تدربه علي استخدام بعض العدد والأدوات والخامات وتساعده علي استغلال کل الامکانات الموجودة مهما کانت ضئيلة أو عديمة النفع فيشعر منذ الصغر انه هو الذي يجعل للأشياء قيمة ومعني ، ومن خلال ماينتجه الطفل واحساسه بأهمية هذا الانتاج وروعته يستمر في العمل ويشب وهو يعشق العمل کقيمة بغض النظر عن الناتج.

إن مقدرة الطفل الخيالية تجعله أکثر قدرة علي الابتکار لعدم التزامه بأنماط فکرية ثابته، حيث أن لکل طفل أنواع مختلفة من درجات النشاط الداخلي أو الاحساس للطفل حيث يخرج في شکل النشاط البدني في صورة ] انفعالية – عقلانية – حسية _ حدسية[ وهو ما يسمى بالمناشط العقلية، ويعد التعبير المجسم لدي الطفل وسيلة من الوسائل التي تساند عملية النمو لديه حيث تحقق نوعا من الاتزان النفسي وتجعله يشعر بکيانه وذاته فتمتليء نفسه بالثقه والاعتزاز ، فالطفل بطبيعته ميال لأن يري نفسه محققا لوظيفته ککائن حي له دور إيجابي في الحياة والتعبير المجسم يتيح لنا الفرصة لأن نجعل من الطفل مواطنا صالحا علي المدي البعيد ، ويضيف للحياة ويثريها بدلا من أن يتقاعس بحجة عدم الامکانات.

إن "طبيعة النشاط الذي يواصله الاطفال عندما يقع في أيديهم قطعة من الصلصال ينحتون عليها. ولا خفاء في أنه بقدر ما يتصرف هؤلاء الأطفال بمحض ارادتهم الحرة، يکون نشاطهم تلقائيا"([1]).

ويؤدي في النهاية الي عملية ابداع فني وحرية الروح لدي الفرد ، ويصل العمل النحتي الي التعبير ، ويري أفکاره تترجم إلي حقيقة مماثلة.

وبالرغم من أنه ليس للتلقائية صورة أو شکل معين ملموس وثابت ، يشير إليها ، فإنه يمکن إدراکها عن طريق الإحساس النابع من ذاتية الطفل وانعکاس ذلک في أعماله النحتية ، وذلک من حيث البساطة والطلاقة التعبيرية غير المترددة ، مع عدم الانشغال أو الاهتمام بمهارات سطحية جامدة.

ومما سبق يتضح أن التلقائية هي التعبير الحر عن الذات دون کبت للعمليات العقلية مع عدم الاهتمام بالمهارات السطحية ويعد الطفل شخص خلاق مبتکر لأن لديه أنماط فکرية متنوعة ومختلفة عکس البالغ الذي تحد بعض عاداته وأفکاره المألوفة من تصوره وفکره الابتکاري ونقل تلقائية الطفل کلما تقدم به العمر.

ولذلک وجب علي المحيطين بالطفل أن يشجعوا التلقائية في نحت الأطفال التي تميز روح الطفولة. حيث الاضطرابات الداخلية تتطور من تلقاء نفسها وتصل الي کمال التهذيب ولا وجه لمقاومتها أن تولد إلي حيز الوجود الخارجي. 

وهکذا فإننا ما لم نعرف کيف ينبغي للطفل أن يتطور لکي يکتشف الستر عن طاقاته الطبيعية ، فلن نعرف کيف يتطور النحت بوصفه تعبيرا طبيعيا ، ولکي نهب الطفل موهبة النحت ، ينبغي لنا أن نخلق عينا تري ويدا تطيع ونفسا تحس ، وفي هذا ينبغي أن تتعاون الحياة بأکملها ، وبهذا المعني تکون الحياة ذاتها هي الإعداد الوحيد لنحت الطفل ، ثم نحن لا نکاد نعيش علي أساس هذا المعني حتي تهب الشرارة الجوانية للرؤية إلي القيام  بالباقى " [2].

والحق أننا لو لم نعش عيشا تلقائيا أى عيشا نصدر فيه إلي الخارج بحرية مناشطنا العقلية ،فلابد ان يحدث لنا شيئا أسوأ کثيرا من حالة توتر عقلي أو تجمع عقلي ،وأعني بها حالة العصاب ((Neurosis ، إن النحت لا يمکن –  أو لا ينبغى – أن يعلم وإنما ينبغي أن يکون نشاطا تلقائيا ، أي تعبيرا حرا عن ذات وأفکار الطفل نفسها .

ثانيا التحريف:-

التحريف إحدى السمات المميزة لنحت الأطفال, لذا يلجأ الطفل إلى التحريف فى الوصول إلى فکرته التعبيرية, فيبالغ فى بعض الأجزاء أو عناصر شخوصه,أويلغى بعض الأجزاء الأخرى, کما يقوم بتکبير أو تصغير بعض العناصر وهذاالتکبير والتصغير لايرجع إلى عدم قدرة الطفل على معالجة بعض الأجزاء ,أوتفوقه فى معالجة وتشکيل بعض الأجزاء الأخرى ,وإنما ترجع إلى رغبته فى التأکيد على الأجزاء التى يبالغ فيها أوللعناصر التى يکبرها ,وإهماله للعناصر التى يحذفها أويصغرها ،والتحريف عملية تتم دون ضغوط وبعفوية غير مشروطة أومفرطة, ويقول محمود البسيونى "التحريف ضرورى فى کل عمل فنى , وأن الأطفال يلجاؤن إلى التحريف بسليقتهم, وبدون إرشاد أوضغوط من الخارج ,ويضيف موضحا طبيعة التحريف لدى الأطفال فيقول:"إن غالبيةالتلاميذ بعيدون کل البعد عن التقليد الحرفى لنقل الطبيعة "[3].

ولکن يجدر بنا أن نعلم أن طفل هذه المرحلة غالبا ما يلجأ إلى تغير رموزه تبعا لانفعالاته المختلفة. فمثلا إذا طلب منه التعبير عن إنسان يجرى أويقفز ,کان تعبيره عبارة عن صورة لإنسان مبالغ فى أرجله ,بينما بقية أجزاء الجسم قد يحذفها الطفل أو يشکلها بحجم صغير، کذلک لو طلب منه التعبير عن إنسان يأکل أويشرب , کانت الأيدى والوجه هى الأجزاء المبالغ فى حجمها, بينما الأرجل هى الأجزاء المبالغ فى صغرها. والطفل إذ يفعل هذا ,إنما يريد تأکيد العناصر التى لها قيمة بالنسبة له,ويقلل من قيمة العناصر التى لا يشعر بأهميتها فى أثناء التعبير.

فالتحريف فى نحت الأطفال إذا تغير حتمى يطرأ على الشکل النحتى,بتلقائية ودون قيود من شانه إطاله الشکل أو تقصيره , وحذف بعض الأشکال والأجزاء لإبراز أجزاء أخرى تمثل بؤرة اهتمام الطفل للتعبير عن أفکاره الخاصة  بالعالم الذى يعيش فيه دون تقليد حرفى،والطفل حينما يمارس تشکيلاته النحتية ،إنما يعمل عمل الفنان المبدع ، فهو يحيل فنونه بما تحمله من رموز وتحريفات ، وتکوينات خاصة إلى عالماً خاصا يعيد فيه ترتيب الأشياء ، والأوضاع فنراه يبالغ ويکبر ثم يصغر ويهمل أجزاء ،کما أنه قد يقوم بحذف بعض العناصر والأجزاء التى لا تمثل أهمية خاصة لديه حتى يستطيع التعبير عن وجهة نظرة وبالتأکيد على ما يهم الطفل فقد مع حذف الأشياء التى لا تثير اهتمامه .

 کل هذا يؤکد أن نحت الأطفال ليست شيئا خارجا عن ذاته أو أنه مجرد شغل وقت فراغ إنما هو متنفس لطاقات کثيرة ، فالتحريفات التى تبدو فنون الأطفال  إنما هى وسائل تعبير تعکس حياة الطفل وتهدف إلى إعادة ترتيب العالم الواقعى الذى يعيشه إلى عالم خاص يخضعه لرغباته وميوله الخاصة بطريقة تجمع بين الفکر والإحساس  ، لأن الطفل حينما يقوم بالتشکيل إنما يقلل من تحکم الشعور ويعبر عن أفکاره بطريقة تلقائية توفق بين حاجاته . وهناک اتجاهين أساسيين يزاول الطفل أحدهما,أويزاولهما معا عندما يلجأ الى التحريف لابراز فکرته النحتية وهما:

  1. التحريف لغرض زخرفى:-

يتميز بعض الأطفال باستخدام التحريف بغرض زخرفى فى أعمالهم النحتية, حيث يتجهون فى هذه الحالة إلى تسجيل تفاصيل المميزات الخاصة بملامس سطوح الأشکال النحتية أو عن طريق زخرفة الفراغ بالعناصر الجمالية.والاهتمام بالدقائق الزخرفية حتى ولولم تکن فى الأصل جزءا من طبيعة العنصر المزخرف .

حيث يبدأ الطفل نحته وتشکيله لوجه الإنسان وتشکيل التفاصيل من الفم والعينين ثم الأنف والحاجبين والأذن ثم الشعر ، وقد يضاف في الشارب أو اللحية أو الأسنان ويستطيع الطفل في هذه السن، أن تحمل تشکيلاته بعض المعاني التعبيرية التي تعکس حالة الشخص المشکل، فيبدو مبتسما أو عابسا، ثم يبدأ الطفل بتشکيل الجسم الإنساني وتشکيل الأيدي والأصابع وتشکيل الأرجل وتفاصيل الملابس .   

  1. التحريف لغرض تعبيرى :-

ويهتم الأطفال بالإنفعالات الإنسانية المختلفة التى تظهر عادة فى أشکال الوجوه فعوامل الحزن,والأسى,والغضب,والفرح,وغير ذلک من معان إنفعالية تظهر فى الوجوه مثلما يلجأ الطفل إلى التحريف بغرض زخرفى , وربما يتجه إلى النوع الأول بهدف تسجيل تفصيل الخواص والمميزات الشکلية الخاصة بملامح سطوح الأشکال النحتية , فأنه يتجه إلى التحريف بغرض تعبيرى من أجل إدخال بعض التعديلات على العنصر الطبيعى , بحيث يبدوا وکأنه له کيانا معبرا, فالطفل يکبر ويصغر ويبالغ ويحذف دون أن يتقيد بالوضع الطبيعى المألوف .

"فالتحريف فى نحت الأطفال يرتبط بحتمية ما يختلج فى نفسه ويؤثر فى ذاته بطريقة لاشعورية , وبالتالى فإن إدراکه لما هو مثير بالنسبة إليه يمکن أن يکون اختبارا نفسيا إسقاطا ,له دلالة واضحة نقيس بها مصادر اهتمامات الأطفال الدفينة"[4].

 ورصد على عبد الرحمن الصهيبى عدة إتحاهات فرعية يلجأ إليها الطفل عند إتحاهه إلى التحريف بغرض التعبير , وهى:المبالغة,الحذف,الإطالة,والتهجين[5].

أ-المبالغة

يلجأ الطفل إلى المبالغة حسب أهمية العناصر والشخصيات ,وتکون المبالغة فى بعض الأجزاء أو أعضاء أو عناصر أعماله النحتية ,وهو ما يرجع إلى رغبة الطفل فى التاکيد على العناصرالتى يبالغ فى إظهارها بحجم أکبر من أحجام العناصر الأخرى دون التقيد بالوضع الطبيعى التعارف عليه.

ب-الحذف

قد يرجع الطفل إلى نوع اخر من التحريف بغرض تعبيرى,وهو الحذف ويقصد به إلغاء بعض العناصر أو الأجزاء من الشکل النحتى لتأکيد مضمون تعبيرى,والحذف عکس المبالغة فالطفل اثناء تجسيده لفکرته التعبيرية ,فى أشکاله النحتية يسعى إلى إلغاء العناصر أو التفاصيل من عمله النحتى ويصغرها ، يعمد بعض الأطفال إلى حذف أجزاء خاصة من شکله النحتى ويعد الحذف فى هذه الحالة رمزا لعدم أهمية المحذوف أولعدم تأديته وظيفه معنوية فى الشکل فبينما نجد الطفل فى بعض أعماله يوضح کل تفاصيل وجوه أشخاصه , کالعينين والأنف والفم والأذن فأنه فى أعماله الآخرى يحذف بعض هذه العناصر أويضع شيئا على الاطلاق تدل على اى تفاصيل للوجه الذى يقوم بتشکيله .

ج-الإطالة

قد يتجه الطفل إلى إطالة أعضاء الجسم اوأجزاء الأشياء فى الشکل النحتى ,عند التحريف بغرض تعبيرى , بسب شعور الطفل من الناحية العضوية بالدور الذى يؤديه العنصر الذى يبالغ فيه إطالته , فيجد أن أفضل طريقة لإبرازه هى الإطالة ، وبالتالى "تعبير هذه الظاهرة إحدى الظواهر الرمزية فى نحت الأطفال,يلجأ إليها الطفل فى التعبير,وتتم بطريقة لاشعورية,حيث تسيطر الفکرة علي ذهن الطفل فيعبر عنها دفعة واحدة بإنفعال کاف لإخراجها بالشکل المتسم بالإطالة ". [6]

 

(د) التهجين:

قد يتجه بعض الأطفال إلي التهجين کنوع من التحريف بقصد تعبيري ، فيوحي عمل الطفل بشکل متعدد الصفات والخواص ، والتي قد تکون بشرية وحيوانية في وقت واحد ، ويتم ذلک بتلقائية واضحة تضفي ثراءا علي الشکل المنحوت .

ثالثا: البراءة(الفطرة):

وهي صفة قد نقول عليها (سذاجة) ولکن ليست جميع تشکيلات الأطفال ساذجة حيث أن عدد کبير منها يقترن بالذکاء . وتعبير الطفل عن تشکيلاته تتم بطريقة لا يصل اليها غيره ، وهذا يسمي بالصدق الشعري وقد تم التعبير عنه.

ولاتزال تبقي امکانية وجود صفة نوعية في نحت الأطفال ، " فالبراءة إحدي سمات نحت الأطفال وهي تعني الفطرة التي تتحقق في انتاج الأطفال النحتي من خلال محاولاتهم التعبير ببساطة لا تخلو من سذاجة ، وسعيهم لتسجيل معاني وانفعالات نفسية وفنية دون وجود عائق من الخارج ، فهي ترتبط بالتلقائية في بعض جوانبها ، من حيث الطلاقة في التعبير وسهولته وعدم التقيد بقواعد أو تعاليم مسبقة ، إلا أنها تتميز عنها بسذاجة تعبيرية عن طريق إظهار الجهل ببعض الأشياء والصدق في تسجيل ما يخطر ببال الطفل بطريقة مباشرة في تشکيلاتهم النحتية.[7]

 ويقول هربرت ريد : عندما نکتشف صفة ما في نحت الأطفال نصفه بأنه نحت ساذج فإننا نشير بذلک الي نظرة معينة للأشياء اختص بها الأطفال وحدهم ، بل ربما اتصفت بها فئة نادرة من البالغين الذين يحتفظون بهذه الملکة الطفلية . وقد وصفت تلک النظرة في موضع اخر بوصف ( العين البريئة ) ، وهوقول أعني به العين التي لم تتاثر بالفکر العقلاني أو الإستنباطي ، العين التي تقبل الترابط بين المتناقضات ، وهو الکفاية الذاتية للصور التي ترد العقل غير مدعوة ودون مراجعة أثناء المشاهدة . فخير ما يوصف به ما يکتبه الطفل أو يرسمه انه واقعة ( حدس شعرى ) ، کما أنه يعتبر لغزا يتجاوز فهمه قدرتنا علي التحليل المنطقي.

وتعامل الطفل ببراءة مرتبط بإنفعالاته النفسية والفنية المتماشية مع نموه، بحيث لا يبدو في الواقع البصري سواء أکان من زاوية الرؤية البصرية أو الفوتوغرافية في محاولة للتعبير البسيط عن رؤيته الساذجة التي تتناقض مع الترکيب العقلي أو المنطقي للأشياء.

لذلک يمکن القول : أن البراءة في نحت الطفل هي صفة الفطرة التي تميز انتاجهم النحتي برؤية ساذجة ، بعيدة عن الترکيب العقلي والمنطقي للأشياء وقد تناقضها ، وتسعي لتسجيل معان وانفعالات نفسية وفنية دون وجود عائق أو تدخل من الخارج ، وهي بذلک ترتبط بالتلقائية من حيث سهولة التعبير وعدم التقيد بالقواعد المسبقة ، وتتميز عنها والرؤية الساذجة في التعبير وعما يجول في نفس الطفل بدون عائق وبشکل حر.

والواقع أن فطرة الطفل تؤکد في انطلاقته الأولي أنه يحمل السمات الأصلية التي لايدرک مغزاها إلا في سن کبير بعد أن يصل إلي مرحلة من الفلسفة والعمق التي تمکنه من إدراک الکليات.

وقد لاحظ يعض العلماء أن هناک طابعين مميزين للأساليب بوجه عام : الطابع الاول ترکيبي ، والآخرتحليلي . فالنوع الترکيبي يقوم بتشکيل مفردات الجسم وعناصره علي شکل أجزاء ، يضمها بعضها لبعض لتکوين الکل ، وفي هذه الحالة يحتمل أن تکون الفکرة الکلية موجودة في ذهن الطفل ، فهو يقوم بإخراجها علي دفعات .

والطابع الثانى تحليلي ، فهو يبدأ بالکتلة الکلية ينحت فيها التفاصيل ويزيل منها ، ويشکل فيها ، بحيث يظهر الکل تدريجيا بوضوح کلما زاد الانتاج ، وزادت عملية التعمق في الإخراج[8].

ويضيف فيکتور لونفليد :" أن الطابع الترکيبي لمنحوتات الأطفال هي الطريقة العامة لتشکيلهم ، وأما الطابع التحليلي فنادرا ما يلجأ الأطفال إليه في تشکيلهم" [9].

خامسا: الطبيعة الهندسية:

تعد الطبيعة الهندسية سمة مميزة لنحت الأطفال ، وهي تعني تنظيم علاقات الشکل النحتي علي أساس هندسي أو ذي طبيعة معمارية ، وتمثل أيضا أحد الملامح المميزة لتعبيرات الأطفال النحتية ، " فالطفل يؤکد الطبيعة الهندسية في إنتاجه عن طريق البناء والتشييد ، ولا يختل هذا الإنتاج عادة ، إلا إذا تقدم المدرس بتوجيه خاطىء للأطفال "[10].

فنلاحظ تشکيلات الطفل تغلب عليها الخطوط شبه الهندسية . فمثلا إذا ما بدأ الطفل أن يعبر عن إنسان کانت الرأس عبارة عن شبه دائرة ، والأذرع والأرجل لا تخرج عن کونها خطوطا مستقيمة أو منحنية . ويمکننا أن نرجع هذا إلي النشاط الحرکي والعضلي الذي يتميز به الطفل في هذه السن.

ويري محمود البسيوني " أنه يمکن التعرف علي الفارق بين تعبير طفل وآخر من خلال الملامح المميزة للطابع الهندسي المتسم به في أعماله النحتية .

وتتجه الأطفال إلي الخطوط الهندسية المستقيمة والرأسية والأفقية ، وهي عادة ما تأتي نتيجة التبطيط، ومحاولة إنتاج أشکال أقرب إلي البلاطات المربعة ، أو المستطيلة، وضم بعضها مع بعض لخلق الشکل الکلي الکبير ، وفي أحيان أخري يتجه الطابع الهندسي إلي مظاهر بيضاوية أو کروية الشکل"[11].

مما سبق يتضح أن : الطبيعة الهندسية في نحت الأطفال تعني قدرتهم علي تنظيم علاقات الشکل النحتي والملامح المميزة لتعبيرات الأطفال النحتية علي أساس هندسي ، يحمل طابع بنائي هندسي.

سادسا :التعبير عن الذات  :

قد يکون الدافع إلى التعبير الفنى المجسم عند الأطفال هوتعبيرا عن الذات فالطفل أثناء عمليات تکيفه مع البيئة يؤثر ويتأثر ,ومجال التعبيرالفنى المجسم ونشاطه الحر قد يکون هو المجال الوحيد الذى يتيح للطفل فرصة للتعبير عن الذات .

إن الطفل فى تفاعلاته مع البيئة يحب ويکره،ويفرح ويتاتم,ويحس ويخاف ،له نزعاته ورغباته واماله وخبراته ، وله أوقات يجب أن يعبر عن هذه المشاعر والافکار. أنها رغبة داخلية عن حاجاته الصادقه للتعبيرعن نفسه ، وقد لايحسن التعبير باللغه ،فتصبح اللغه التشکيلية وسيلة هامه للاتصال بالاخرين ، ونقل مايشغله.

لا يعد التعبير عن الذات فى نحت الاطفال،تمثيلا موضوعيا للواقع ،بل على العکس،يعتبر تعبيرا عما يحبه فهو مرتبط بعلاقته العاطفيه  بعالمه الذات والعالم المحيط به ,فهذان العاملان فى غاية الأهمية  بالنسبة للتعبير النحتى للطفل من حيث معرفته بالأشياء , وعلاقته الذاتية بالتعبير تجاهها .[12] وقد يکون الطفل مدفوعا للتعبير عن ذاته , ويظهر هذا التعبير بلغته الخاصة فى صورة رسائل موجهة غلى من حوله فى بيئته , يحمل فى معظمه عناصر لها علاقة فعلية به وبسمات بيئته التى يعيش فيها , فهناک صلة وثيقة بين طبيعة الطفل العامة ونحته ,إلى حد يؤکد أن نحت الطفل انعکاس أصيل لجميع جوانب شخصيته ومقوماتها الانفعالية ,والنفسية ,والعقلية , والجسمانية .فالطفل مهما شکل تحت تأثير الغير أو تعليماتهم , فإنه يشکل أيضا استجابة لاغراضه الغامضة الخاصة به .

فالطفل عندما يحول هذه الرغبات والآمال إلى منتجات أو أعمال فنية مختلفة , فهو يعبرمن خلالها عن حوافزه الداخلية محققا بذلک جزاء من ذاته, وکيانه الإنسانى ووجوده القادر على إتيان الجديد , ويمکننا أن نقول أن الممارسات الفنية للأطفال تساعدهم على حسن التوفق مع أنفسهم من جهة, ومع بيئتهم من جهة آخرى .

يحاول الطفل فى تعبيره النحتى الإبتکارى ان يربط بإستمرار بين جميع خبراته ( التفکير –الشعور – الحواس – الرؤية , والملمس ، وبالتالى يکون لها تأثير متحد فى شخصيته[13] . وهى نتاج طبيعى لکيان الطفل واستجابته للبيئه المحيطة به .

ويمکن تشبيه الحالة التى عليهاالطفل أثناء التعبير "عن ذاته بالحالة التى عليها الفرد اثناء التداعى الحر "Free-Association " والذى يعتبر  أصلا من الإجراءات الرئيسية فى التحليل النفسى والإرشاد النفسى ، فالطفل أثناء التعبير عن ذاته تحت ظروف تربوية سليمة ,غير ضاغطة , يطلق العنان لأفکاره واتجاهاته , وصراعاته  ورغباته واحساساته تسترسل من تلقاء نفسها دون تخطيط دون تحفظ تتداعى وتترابط بطلاقة مهما بدت فى النهاية تافهة,إلا أن الهدف الرئيسى من التداعى الحر هو الکشف عن المواد المکتوتة فى اللاشعور واستدراجها إلى حيز الشعور[14].

وإذا کانت رغبة الطفل فى ان يشکل بمختلف خامات النحت رغبة داخلية عن حاجته الصادقة فى التعبير عن نفسه والتحرر من بعض مخاوفه عن طريق التعبيرات الحرة التى يقوم بها , والتى تکاد تکون أقرب إلى روح الخيال إلى روح الواقع .وجد نا  ان التعبيرالفنى المجسم يعد بمثابة العلاج الناجح الذى ابتکره عقل موجود مفکر للتخلص من بعض مخاوفه ,عادة لا يميز الطفل بين الأشياء المرئيه والعلاقات العاطفية وتشير تناسباته  الى معانى الأشياء بالنسبة له وليس لمعانيها فى علاقاتها الحجمية  بالنسبة لمظهرها فيجعل شيئا اکبر عن الاخر بسبب أهميته بالنسبة للحقيقة الموضوعية المجردة .

وعن طريق المعرفه الذاتية يمکن للطفل اکتساب الثقه فى تعبيره، فإذا زادت ثقته فى نفسه عن هذا القدر فانه تظهر لديه الرغبه فى التعبير عن نمو خبراته أما اذا قلت ثقته بنفسه عن هذا القدر فانه تظهر لديه الرغبه فى مجرد اجراء التحسينات الخارجيه ,ومن الخطأ الشائع فرض مشاعرنا الجمالية على الطفل لإنه سوف يکبت مزاجه التعبيرى .

سابعا التخيل  :

هو أحد خصائص التعبير الفنى المجسم عند الأطفال ويقصد بالخيال انصراف الطفل فى تعبيره النحتى عن الواقع البصرى المألوف فالطفل لا يهتم بالتميز بين الحقيقى والزائف والواقعى والخيالى وإنما هو يزودنا برؤية ذاتية يمزج فيها المخلوقات الغربية التى يبدعها والحقائق الخارجية والطفل من سن 4-7 سنوات يتميز بقدرته اللامحدودة فى التخيل من أجل تحقيق ذاته فالتخيل بالنسبة للطفل عبارة عن نوع من  التفکير تستعمل فيه الحقائق لحل المشکلات التى تواجهه فالطفل ينسب الحياة والشعور إلى الجماد ويعتقد بأن لکل ما فى البيئة المحيطة به روحا مثل ذاته .

ويؤکد الفريد نورث هوايتهد " أهمية تبنى خيال الطفل لأن هذا الخيال هو مدخل الطفل الأصيل فى الکشف عن الحقائق ، فيقول : إن الإدراک الأولى عند الطفل بمعزل عن الخيال قد يکون سبب الکثير من إخفاقنا فى الماضى والذى يرجع إلى عدم عنايتنا  بدراسة الدور الحقيقى للخيال . فبغير مغامرات الخيال لن نحصل على أفضل الفروض الأعلى معرفة جامدة دون تلقائية " .[15]

ويتاثرالطفل بکل عناصر البيئه المحيطة به فهو کثير التساؤل شديد الفضول يسعى الى المعرفة والاکتشاف للعالم المحيط به , فعندما يقع بين يديه شئ ما فهو ينظر اليه ,يهزه ,يلويه ,يحاول فتحه ليتعرف عليه والطفل ذا خيال حاد ,ولکن الخيال محدود فى إطار البيئة التى يحيا فيها فهو يتصور تشکيلاته النحتية کائنا حيا  يکلمها برفق  .

فالتخيل يشغل حيزا کبيرا فى النشاط العقلى للأطفال ، وتصبح الصورة الذهنية التى تتتابع فى عملية التخيل على درجة کبيرة من الوضوح . وهذا ما يجعل التمييز بين الوهم والواقع أمرا صعبا على الطفل فى هذه المرحلة ( 4- 7سنوات) ،ويتبن لنا ان جزء ا کبيرا من أکاذيب الطفل فى هذه الفترة ليست أکاذيب بالمعنى المفهوم ، أى ليست تشويها مقصودا للحقيقة الواقعة ، بل هى تخيلات وأحلام يقظة  يراها الطفل فى کثير من الأحيان حقائق واقعة ويتبن لنا فضلا عن ذلک لماذا کان اللعب الإيهامى غالبا على نشاط الطفل ، بالإضافة لما هذه التخيلات وأحلام اليقظة من أهمية فى حل المشکلات فإن لها أهمية فى إشباع الدوافع والرغبات التى تتجه أساسا إلى اللذه لذلک کان التخيل تخيلا جامحا غير مقيد بالواقع وقوانين المنطق .

ويرى هربرت ريد " أن تخيلات الأطفال تقودهم إلى آفاق جديدة من المدرکات وإلى أفکار تنتسب إلى ذواتهم انتسابا حقيقيا وبهذا يستطيع هؤلاء الأطفال أن يبدوعوا شتى أنواع الإبداع " [16]

ويوجد نوعان من الخيال وهما الخيال الإيهامى أو العادى ويتجه إلى اظهار الرغبات المکبوتة وأحلام اليقظة وتداعى الخواطر ، أما الآخر فيسمى بالخيال الابداعى أو الابتکارى  ويتصل بعملية التفکير وإدراک العلاقات بين الأشياء تصورها فى أوضاع أو ترکيبات جديدة ، وتتضمن تعبيرات الأطفال کلا النوعين من الخيال ، کما يتطلب ذلک الکثير من التحريفات الشکلية البعيدة عن الواقع .

ومما سبق يتضح ان مفهوم الخيال هو أحد خصائص التعبير الفنى المجسم عند الأطفال ، ويقصد بالخيال انصراف الطفل فى تعبيره النحتى عن الواقع البصرى المألوف ، فالطفل لا يهتم بالتميز بين الحقيقى والزائف ، والواقعى والخيالى ، انما هو يزودنا برؤية ذاتية يمزج فيها المخلوقات الغريبة التى يبدعها ، والحقائق الخارجية للطفل هو محصلة مخيلته ، وخيال الطفل هو نتاج الاستجابات الشعورية واللاشعورية نحو المواقف المختلفة التى يحتک بها الطفل مع البيئة ولذا فتخيلات الأطفال تقودهم إلى آفاق جديدة من المدرکات ، وبالتالى إلى أفکار جديدة تؤدى بهم إلى شتى أنواع الابداع .

ثامنا الرمزية

ترتبط سمة الرمزية لدى الأطفال بسمة الخيال ، وتعنى لجوء الطفل إلى استخدام فکرة يعبر عنها بإستعمال رموز معينة ترتبط بشخصيته وتدل على نمطه المميز وطرازه الفريد ، وتخضع لطبيعته وما تتسم به من تغيرات جسمية وسيکولوجية خلال مراحل النموه ، فهى لغة کأى نوع من التعبير تنقل لنا بالتدريج تصوره عن الأحداث المحيطة به ، وتفاعله معها أکثر من کونها وسيلة لخلق شئ جميل .

وقد أکد جايستاکيل " أن بلوغ الطفل مرحلة الرمز ، بمعنى أن تصبح أشکاله تدل على أشياء واضحة وإنما يعنى فى الحقيقة أن الطفل قد وصل إلى وسية تفاهم مع الغير ذات طابع شخصى محدود ،اذ أن هذه الرموز تتحدد برصيد خبرات الطفل عن الأشياء التى أثرت أو ترکت طابعاٌ على خياله "[17] , إن هذا الفنان الصغير يختار رموزه التى تعبر عما بداخله من بين عديد من الصور والخيالات التى تکون عالمه المرئى المحيط به ، ثم انه يضع الرموز على تشکيلاته النحتية تبعا لأهميتها له .

والطفل يلخص خبرته فى الحياه فى مجموعة من الرموز والأشکال البسيطة التى يستطيع السيطرة عليها , وبعد أن يتمکن الطفل من خلق هذه الوحدات فإن الطفل يسجل خبرته موضوعيا تسجيلا فريدا ,والطفل حينما يتخير العناصر التى تعبر عن عالمه غالبا ما يضمنها رسم الإنسان ونظرا لأن خبرة الطفل لها خصائصها فهو يشکل کثيرا من رموزه ناقصة التفاصيل والطفل لا يستطيع أن يشکل ما لا يفهمه ، والطفل لا يلخص عالمه الخارجى فى هذه الرموز البسيطة فحسب بل إن هذه الرموز کثيرا ما تتصف بالطبع الجمالى لانها تأتى نتيجة طبيعيه لنضجه ونموشخصيته  واستکمال قوته العضلية تدريجيا .

فنظرة الطفل الرمزية إنما تأخذ علامات تميز کليات الاشکال وليس تفاصيلها ,ولا تتخذ بنظرة واقعية وعلى هذا الاساس نجد أن الأشکال النحتية التى تقع تحت حسه لاتخرج فى النهاية بطريقة فوتوغرافية ,خاصة أنه ليس هناک مظهر يدل على أن ما يقصد إليه الطفل هو الشکل الطبيعى .

 والأطفال فى أعمالهم النحتية يتجهون الى الکثير من الدلالات الرمزية , من عمليات التصغير والتکبير والحذف والتضخيم , واستخدام بعض العمليات التشکيلية کالمبالغة والإطالة  والتهجين لتأکيد المعانى الرمزية التى أثرت فيه أو ترکت طابعا على خياله , فالرمزية تاخذ علامات تميز کليات الأشکال وليس تفاصيلها , وفى کل الحالات يعتبر رمزا أکثر منه تقليدا للطبيعة ,فالطفل يبغى التعبير عن  ذاته بشکل فطرى أو تلقائى ,وهذه النزعه الرمزيه تتيح الفرصة للکشف عن الموضوعات ذات  المغزى النفسى ، والتى هى أکثر من مجرد تسجيل لتجربة مرئية بل هى واقعه حيه لها معنى روحى يکسبها قيمتها الجمالية .

والرمز يعتبر مقنعا للطفل فى اللحظة التى يستخدمه فيها وهو يعيد تکرار هذا الرمز بين حين وآخر مضيفا إليه بعض التفاصيل مع عدم الخروج کثيرا عن النهج الأصلى فى الرمز المستخدم.                                                         

ويرى محمود البسيونى " انه قد يکون الشکل الرمزى فى مجموعه هندسى طابع فهو يعتبر رمزا أکثر منه تقليدا للطبيعة ، حيث ندرک فيه کل المعانى التى يبغى الطفل التعبير عنها دون أن يحتاج إلى خبرة من النوع الذى يستخدمه البالغ، وعلى ذلک فإن الطبيعة الرمزية فى فن الطفل تحمل السمات الأصيلة للفن عموما فإنها تحملها فى صورة مبتکرة مجملة التفاصيل وتکون المعانى فيها مضمرة ، وليس من المستغرب الا  تجد هذه التعبيرات الرمزية مفاهيم سليمة لدى الکبار  " [18].

کما تفتقد منحوتات الأطفال الأبعاد الزمنية والمکانية کما هى عليها المرئيات فى الطبيعة فالطفل يدرک الحقائق بطريقة غير مجزأة على هيئة سلسلة من المواقف المتتابعة مثلما تأثر بها ، لذا فهو شکل بنحته الرموز التى تمثل صورة واحدة تجمع غالبية المناظر التى استمتع بها ، کما يظهر فى منحوتات الأطفال المبالغة فى صياغة حجم الموضوعات للدلالة على أهميتها ، فالطفل عادة يميل إلى إطالة الأجزاء التى لها مکانه حيوية وهامة فى الموضوع .

ومما سبق يتضح أن التعبير الرمزى عند الطفل لغة کأى نوع من التعبير الذاتى يقترب من منطق الإختزال فى الکتابة ، أکثر من کونه وسيلة لخلق شئ جميل فالجسم الرمزى استخلاص عام من الطبيعة ، يحمل علاقة الشئ أو مميزاته السائدة فى خلاصة موجزة ، ومنطق موحد تقريبا عند إدراک الطبيعة .



[1] - هربرت ريد: التربية عن طريق الفن ،ترجمة: عبد العزيز جاويد ،الهيئة العامة للکتاب ،القاهرة،1996، ص 157 .

[2]- Herbert Read, "The advanced Montessori Method, London, 1918, P 304- 306.

[3] -محمود البسيونى:الثقافة الفنية والتربية,دار المعارف بمصر,1965,.ص 228- 285 .

[4] -محمود البسيونى : التربية الفنية والتخليل النفسى , دار المعارف ,  القاهرة 1972,ص35.

[5] -على عبد الرحمن الصهيبى:برنامج تعليمى لتنمية التعبيرالنحتى لتلميذ مرحلة من 15:11 عاما,رسالة دکتوراه کلية التربية الفنية جامعة حلوان, القاهرة , 1990 ص 69 .

[6] -محمود البسيوني : الفن والتربية " الأسس السيکولوجية لفهم الفن وأصول تدريسه، دار المعارف ، القاهرة، 1972، ص148

[7] عماد علي حسن : التلقائية في فن النحت ، ماجستير ، کلية الفنون الجميلة ، جامعة حلوان ،1996، ص291

[8] :محمود البسيوني : نحت الأطفال دراسة مقارنة للنحت الشعبي والنحت القديم والحديث تطبيقات تربوية، دار المعارف ، القاهرة ،1969 ،ص17

[9]- Viktor Lowenfeld: Your Child and his Art, The Macmillan Co., New York, 1960, p99.

[10] - علي عبد الرحمن الصهبى : برنلمج تعليمي لتعليم النحت لتلاميذ مرحلة من 11 – 15 عاما ، مرجع سابق ، ص80.

[11] - محمود البسيوني :نحت الأطفال ، مرجع سابق ، ص15.

[12]- Viktor Lowenfeld, "Op. Cit", P.5.                     

[13]-Ibid, P, 6.                        

[14] -مصطفى محمد عبد العزيز :سيکولوجية التعبير الفنى عند الأطفال ,مکتبة الأنجلوالمصرية , القاهرة ,2009,ص73.

[15] -الفريد نورث هوايتهد :  أهداف التربية " ترجمة نظمى لوقا , القاهرة : الشرکة العربية للطباعة والنشر , 1958م , ص 44.

[16] - هربرت ريد : " الفن والمجتمع " ، ترجمة فتح الباب عبد الحليم ، القاهرة ، مطبعة شباب محمد ، بدون تاريخ ، ص 22.

[17] - عماد على حسن : " التلقائية فى فن النحت " ، مرجع سابق ، ص 302.

[18] - محمود البسيونى : نحت الأطفال " ، مرجع سابق ، ص 79 .

  1. المراجع والمصادر :

    1. على عبد الرحمن الصهيبى:برنامج تعليمى لتنمية التعبيرالنحتى لتلميذ مرحلة من 15:11 عاما,رسالة دکتوراه کلية التربية الفنية جامعة حلوان, القاهرة , 1990.

    1. عماد علي حسن : التلقائية في فن النحت ، ماجستير ، کلية الفنون الجميلة ، جامعة حلوان ،1996.
    2. محمود البسيونى:الثقافة الفنية والتربية,دار المعارف بمصر,1965 .
    3. محمود البسيونى:التربية الفنية والتخليل النفسى , دارالمعارف ,القاهرة 1972.
    4. محمود البسيوني : الفن والتربية " الأسس السيکولوجية لفهم الفن وأصول تدريسه، دار المعارف ، القاهرة، 1972.
    5. محمود البسيوني : نحت الأطفال دراسة مقارنة للنحت الشعبي والنحت القديم والحديث تطبيقات تربوية، دار المعارف ، القاهرة ،1969 .

    7. مصطفى محمد عبد العزيز :سيکولوجية التعبير الفنى عند الأطفال ,مکتبة الأنجلوالمصرية ,
    القاهرة ,2009.

    1. الفريد نورث هوايتهد : " أهداف التربية " , ترجمة نظمى لوقا , القاهرة : الشرکة العربية للطباعة والنشر , 1958م.

    9. هربرت ريد : " الفن والمجتمع " ، ترجمة فتح الباب عبد الحليم ، القاهرة ، مطبعة شباب محمد ،
    بدون تاريخ.

    10. هربرت ريد: التربية عن طريق الفن ،ترجمة: عبد العزيز جاويد ،الهيئة العامة للکتاب ،القاهرة،1996.

    1. Herbert Read, "The advanced Montessori Method", London, 1918.
    2. Viktor Lowenfeld: Your Child and his Art, The Macmillan Co., New York, 1960