النص وأدوات تماسکه في قصيدة (شنق زهران) لصلاح عبد الصبور

المؤلف

مدرس الأدب والنقد - قسم اللغة العربية کلية الآداب - جامعة المنوفية


تقديم :

   النص الشعري الحديث يتميز بخصائص لغوية ونصية عديدة، ربما کان من أهمها التماسک النصي. وهو جانب له تقنياته وأدواته التي تجعل النص يبدو کما لو کان نسيجا واحدا تتشابک فيه کل خيوطه لتظهر دلالاته وجمالياته .

   والتماسک أحد تجليات النص الذي انبرت اللسانيات النصية لدراسته باعتباره بنية لغوية کبرى تتجاوز حدود الجملة .

وصلاح عبد الصبور أحد رواد شعر التفعيلة في العصر الحديث . وقع الاختيار على نموذج من شعره وهو قصيدة (شنق زهران) لدراسة التماسک النصي فيها . ومن المعروف أن النموذج عنصر مفرد يمثل المجموع الذي ينتمي إليه . وقد اختير هذا النموذج لعدة اعتبارات لعل أهمها :

- أن هذه القصيدة صورت حدثا مأساويا واقعيا وقع في التاريخ المصري الحديث، مما طبع هذا النص بصبغة واقعية . ومع هذا لفتت القصيدة إلى عناصر الحيوية والجمال في الحياة على الرغم من هذا الحدث وما نتج عنه من حزن مرير انعکس على النص وعکس ملمحا من الملامح الرومانسية للشاعر والتي خالطت واقعية الحدث .

- تمثل القصيدة، في سياق إنتاجها وزمنه، أدب الوطنية ، الذي کان يهدف إلى بث الروح الوطنية والقومية في مرحلة المد الثوري في ستينيات القرن الماضي . وفي هذا السياق استخدم الأدبي والفن بکل أشکالهما وصورهما، وبخاصة الشعر، في هذا الجانب، باعتبارهما من أهم أدوات التوجيه والدعاية، من خلال توظيف التاريخ القديم والحديث بشخصياته وأبطاله، ومنها شخصية زهران، لبعث الروح واستنهاض من أجل ذلک الاتجاه .    

- أن هذه القصيدة عکست جميع الخصائص الفنية المميزة لشعر صلاح عبدالصبور من حيث التجديد في المضامين والشکل والموسيقى، وکذا توظيف التراث والتاريخ والفولکلور في بناء نصه الشعري، يضاف إلى ذلک احتشادها بالکثير من أدوات التماسک النصي الذي مثل ظاهرة تسم النص بکامله، وهذا ما دفعنا لمحاولة الولوج إلى عالم هذا النص للکشف عن أدوات تماسکه وآليات عملها في ربط جمله وفقراته وتماسکها وجعله نسيجا واحدا تتشابک
کل خيوطه.

- أنه على الرغم من کثرة الدراسات التي تناولت شعر صلاح عبد الصبور في جوانبه المختلفة، إلا أن الدراسات التي تناولته من الجانب النصي قليلة، لعل دراسة د. محمد حماسة عبداللطيف : "ظواهر نحوية في الشعر الحر: دراسة نصية في شعر صلاح عبدالصبور"([1])من أهمها . من أجل ذلک کانت هذه الدراسة التي تهدف إلى محاولة الکشف عن جانب من جوانب نصيته، وهو التماسک النصي فيه، من خلال قصيدة (شنق زهران) باعتبارها نموذجا يمثل شعر صلاح عبد الصبور .

مفهوم النص :

   تقتضي طبيعة هذه الدراسة الوقوف عند بعض المفاهيم المرتبطة بها، وأولها مفهوم النص. وهو في اللغة والمعاجم العربية يدور حول الرفع والإظهار والاستقصاء والإسراع الشديد وغيرها. ويضيف ابن منظور إلى ما سبق " .. وفي حديث هرقل : ينصهم أي يستخرج رأيهم ويظهره، ومنه قول الفقهاء : نص القرآن، ونص السنة : أي ما دل ظاهر لفظها عليه من الأحکام"([2]). ويجعل الزمخشري "المعنى الحقيقي للنص الرفع والانتصاب والمنتهي، وما سوى هذا المعنى من المجاز"([3]). ولا تخرج المعاجم القديمة عن هذه المعاني للنص .

   أما المعاجم الحديثة فتضيف جديدا لما سبق، حيث يضيف المعجم الوسيط إلى ما سبق أن النص "صيغة الکلام الأصلية التي وردت من المؤلف"([4]). وفي هذا حصر للنص في صفته الکتابية . وهذا ما أکده د. أحمد مختار عمر حين تعريفه للنص بأنه ".. أثر مکتوب شعرا أو نثرا"([5]). ولکن هذا الأمر توسعت فيه الدراسات اللغوية الحديثة وأضافت إلى جانب المکتوب المنطوق .

   والنص عند دارسي اللغويات النصية له عدة تعريفات، ففي (قاموس الألسنية) الذي أصدرته مؤسسة (لاروس) نجد أن "المجموعة الواحدة من الملفوظات، أي الجمل المنفذة، حين تکون خاضعة للتحليل، تسمى نصا ؛ فالنص عينة، من السلوک الألسني، وهذه العينة يمکن أن تکون مکتوبة أو محکية"([6]).

   أما (تودوروف) و(دکروت) فمفهوم النص عندهما "غير متموضع في الإطار الذي تتموضع فيه الجملة، وبهذا المعنى لزم أن يختلف النص عن الفقرة باعتبارها وحدة طبوغرافية مشکلة من عدة جمل . إن النص قد يکون جملة، کما قد يکون کتابا بأکمله . إنه يُحَدَّد اعتمادا على استقلاليته بذاته وعلى حدِّه"([7]). ويضيف (تودوروف) ورفيقه " وحين نحلل الجملة نميز بين مقومات صوتية وترکيبية ودلالية، وکذلک نحن نميز مثلها في النص"([8])، أي أنه يوجد للنص مظاهر صوتية وترکيبية ودلالية، ولکل منها عناصرها .

ويتألف المستوى الصوتي من العناصر الصوتية المؤلفة لجمل النص، أما المستوى الترکيبي فيتجلى في الجمل المکونة للنص والعلاقات بينها داخل سياقه، والمستوى الدلالي فهو نتاج ذلک المضمون الدلالي والمعنوي الذي تعکسه تلک العناصر والوحدات .

   أما (رولان بارت) فيذهب إلى أن النص هو "السطح الظاهري للنتاج الأدبي، نسيج الکلمات المنظومة في التأليف، والمنسقة بحيث تفرض شکلا ثابتا ووحيدا ما استطاعت إلى ذلک سبيلا"([9]) . ويذهب (بارت) کذلک إلى أن النص "مرتبط تشکيلا بالکتابة، ربما لأن مجرد رسم الحروف، ولو أنه يبقى تخطيطا، فهو إيحاء بالکلام وبتشابک النسيج"([10]). وفي الحقيقة لا يقتصر النص على المکتوب فقط، بل يشمل الملفوظ والشفاهي أيضا "لأنه يُوجِد الضمان للشيء المکتوب جامعا وظائف صيانته : الاستقرار، واستمرار التسجيل الرامي إلى تصحيح ضعف الذاکرة وعدم دقتها .. فالنص سلاح في وجه الزمن والنسيان"([11]). ومع هذه الوظيفة الجليلة للنص في الحفاظ على المکتوب إلا أنه لا يلغي من ذلک المکتوب خصائص أصله التلفظية والشفاهية، وبالتالي لا يمکن اقتصار النص على المکتوب فقط.

   هذا بينما تحدد (جوليا کريسطيفا) النص "کجهاز عبر لساني يعيد توزيع نظام اللسان بواسطة الربط بين کلام تواصلي يهدف إلى الإخبار المباشر وبين أنماط عديدة من الملفوظات السابقة عليه أو المتزامنة معه . فالنص إذن إنتاجية، وهو ما يعني : أ- أن علاقته باللسان الذي يتموقع داخله هي علاقة إعادة توزيع (صادمة بناءة)، ولذلک فهو قابل للتناول عبر المقولات المنطقية لا عبر المقولات اللسانية الخالصة . ب- أنه ترحال للنصوص وتداخل نصي، ففي فضاء نص معين تتقاطع وتتنافى ملفوظات عديدة مقتطعة من نصوص أخرى"([12]). ويعني هذا أن النص قَدْرٌ لفظي يتوزع فيه نظام اللسان، وهذا النظام يربط بين الوظيفة الإبلاغية الإعلامية للنص وبين تناصات أخري وردت إليه من خارجه، وبالتالي فالنص جهاز عبر لساني، لأنه يشتمل على أشياء من عنديات صاحبه وأخرى وردت إليه من غيره .

ويذهب (روبرت دي بو جراند) إلى أن النص "تشکيلة لغوية ذات معنى، تستهدف الاتصال، ويضاف إلى ذلک ضرورة صدوره عن مشارک أو أکثر ضمن حدود زمنية معينة . وليس من الضروري أن يتألف النص من الجمل وحدها فقد يتکون من جمل أو کلمات مفردة، أو أية مجموعات لغوية تحقق أهداف الاتصال"([13]) . وواضح الترکيز الشديد من دي بوجراند على عملية الاتصال وأطرافه المتعددة في النص .

أما هاليداي ورقية حسن فإنهما يريان النص "وحدة مستخدمة من اللغة . وهي ليست وحدة نحوية مثل شبة الجملة أو الجملة، ولا تقاس بحجمها . وأحيانا ما يسمح بأن يکون النص نوعا ما من جملة فائقة، أو وحدة نحوية أکبر من الجملة، ولکنها مرتبطة بجملة وبنفس طريقة ارتباط الجملة بشبه الجملة أو شبه جملة بمجموعة جمل وهکذا .. والنص ليس ذلک الشيء الذي يشبه الجملة فقط، ليس لأنه أکبر، ولکنه الشيء الذي يختلف عن الجملة في النوع . ويُرَى النص کوحدة دلالية، وحدة ليست ذات شکل، ولکن ذات معنى . وهکذا يرتبط النص بشبه الجملة والجملة، ليس بالحجم، وإنما بإدراک قواعد النظام الرمزي"([14]). وتتفق هذه الأقوال مع ما سبق من أن النص قد يکون جملة کبيرة أو صغيرة أو حتى شبه جملة، وأن النص وحدة دلالتها أهم من شکلها .

کل هذا ونرى بعض الباحثين العرب يحاولون إيجاد رابط بين دلالة النص في المعاجم العربية، التي لم نجد فيها أية إشارة للنص بمعناه الحديث، وبين بعض هذه الدلالات الحديثة له . فهذا د. محمد الهادي الطرابلسي يقول ".. فقد تبين لنا أن الکلام عند العرب، يکون نصا، إذا کان نسيجا، والنص والنسيج في بعض الوجوه يلتقيان . ففي اللسان مادتا ن ص ص، و ن س ج : النص جعل المتاع بعضه على بعض، والنسج ضم الشيء إلى الشيء، فالأول ترکيب والثاني ضم، والترکيب والضم واحد"([15]). وواضح في هذا الرأي مدى القسر الذي يفرض على کلام ابن منظور حتى يدلي بما ليس فيه . وصاحب الکتاب الذي يقدم له د. الطرابلسي ينحو المنحى نفسه حيث يقول : "ويتوفر في مصطلح "نص" في العربية، وکذلک في مقابله في اللغات الأعجمية Texte معنى "النسيج" (اللسان، مادة نص، ومادة Texte في Encyclopedia Universalis )، فالنص نسيج من الکلمات يترابط بعضها ببعض"([16]).

وفي الحقيقة أن عبارة "نص المتاع نصا جعل بعضه على بعض"([17])توحي بالترکيب أو الترکيم للأشياء، ولکن بلا نظام أو ترتيب ذي ضوابط أو قواعد معينة، وذلک على العکس من النسج الذي يوحي بالضم للأشياء بعضها إلى بعض ولکن وفق نظام وترتيب وتنسيق، وإلا کان هذا الضم بلا فائدة ولن ينتج عنه شيء ذو قيمة . ومن هنا نقول إن محاولة الربط بين المفردتين في علاقة ما إنما هو قائم على مجرد التخمين وليس الواقع . وهو قسر غير ذي فائدة تذکر .

وقد ذهب بعض الباحثين العرب إلى أبعد من ذلک حين حاولوا تحميل أصل مفهوم کلمة "نص" ما لا يمکن أن تحتمله، وذلک لربط المعنى اللغوي بالمعنى الاصطلاحي الحديث، فنجد "نص الأمر شدته وأقصاه وبلوغ منتهاه"([18])- کما جاءت في اللسان- تُجْعَل "دلالة على معنى الاستقصاء التام، والاقتصاد اللغوي"([19]). وفي هذا الکلام ما فيه من التعسف، لأنه لا يمکن الربط بين کلمة "نص" کما وردت في المعاجم العربية، ومعنى النسج کما ورد في اللاتينية .

وعموما يذهب أغلب الدارسين إلى أن مفهوم النص الشائع الآن هو المفهوم الغربي، وإن کان بعض الناس يفهمون من کلمة "النص" أنه "الکلام الحرفي المنسوب إلى منشئه بغض النظر عن معناه"([20]) وکل تفاصيله .

وباستعراض ما سبق عرضه يمکن القول إن النص ترکيب لغوي يشمل الجملة وغيرها، ويتسم بالاستقلال والثبات، ويکون کتابيا ولفظيا، ويتعالق بشکل ما بغيره من النصوص، ويحقق الاتصال، وله مستويات عدة تشترک في تکوينه کالمستوى الصوتي والمستوى الترکيبي والمستوى الدلالي، وبذلک يصبح هذا الترکيب نسيجا من ألفاظ وجمل يرتبط بعضها ببعض .

وقد اعتبر "(کارتر) و(مکارثي)- 2006- کل متوالية متلاحمة تشکل نصا، سواء کانت منطوقة أو مکتوبة، وبذلک يکون المعيار المحدد للنص هو التلاحم"([21]). وقد جعل (فان دايک)- 2004- التلاحم على نمطين هما : "العلاقات الإحالية بين الوقائع في عالم ممکن، إذ الخطاب لا يکون متلاحما في المجرد، وإنما يکون متلاحما بالنظر إلى وضع سوسيو ثقافي محدد . والعلاقات بين المعاني المتضمنة في النص"([22]).

إذن التلاحم، أو ما يسميه البعض بالتماسک شرط أساس في النصية . فما معنى التماسک وما أدواته ؟

التماسک النصي :

التماسک في اللغة هو التشاد والالتحام والاعتدال وعدم الترهل أو الاسترخاء . في لسان العرب لابن منظور : "ومَسَکَ بالشيء وأَمْسَکَ به وتَمَسَّکَ وتماسَکَ واسْتَمْسَکَ ومَسَّکَ، کله : احتبس .. وتمسکت به واستمسکت به وامْتَسَکْتُ، کله بمعنى اعتصمتُ .. وفي حديث ابن أبي هالة في صفة النبي- صلى الله عليه وسلم- : بادِنٌ مُتَمَاسِکٌ ؛ أراد أنه مع بدانته متماسک اللحم ليس بمسترخيه ولا مُنْفَضِجِهِ، أي أنه معتدل الخَلق کأن أعضاءه يمسک بعضها بعضا"([23]).

أما علماء علم لغة النص فيذهبون إلى أن التماسک هو علاقات ربط تربط بين عناصر تکوين النص . وهذه العناصر تکون داخل النص . يقول M.A.K.HALLIDAY  وRUQAIYA  HASAN  :"إن مفهوم التماسک مفهوم دلالي؛ وهو يشير إلى علاقات المعنى الموجودة داخل النص، والتي تجعله نصا"([24])، وعندهما، هاليداي ورُقَيَّة حسن، أن التماسک "يظهر عند تفسير عنصر ما، في الخطاب، يعتمد على عنصر آخر . فالواحد منهما يفترض مسبقا وجود الآخر، بمعنى أنه لا يمکن فک شفرة أحدهما، بشکل فعال، إلا بالرجوع إلى الآخر . وحين يحدث هذا فإن علاقة التماسک تسير في عملها، ويصبح العنصران، المفترِض والمفترَض، نتيجة لذلک، متکاملان ومندمجان داخل النص"([25]).

والتماسک معيار "يهتم بظاهر النص، ودراسة الوسائل التي تتحقق بها خاصية الاستمرار اللفظي .. والمقصود بظاهر النص تلک الأحداث اللغوية التي ننطق بها أو نسمعها في تعاقبها الزمني والتي نخطها أو نراها"([26])وهذه الأحداث اللغوية "لا تشکل نصا إلا إذا تحقق لها من وسائل السبک (التماسک) ما يجعل النص محتفظا بکينونته واستمراريته"([27]) .                

والتماسک يتمظهر في صورتين إما شکلية أو دلالية معنوية، الأولى تعني "ترابط الجمل في النص مع بعضها البعض بوسائل لغوية معينة .. والثانية تهتم بالمضمون الدلالي في النص، وطرق الترابط الدلالية بين أفکار النص من جهة، وبين معرفة العالم من جهة ثانية"([28]).

والتماسک کما يذکر "هاليداي وحسن" نوعان "نحوي وأنماطه ؛ الإحالة والإبدال والحذف والإضافة والروابط المختلفة، ومعجمي يتمثل في التکرار Reiteration والتضام Collocation .. والتکرار يتطلب إعادة عنصر معجمي أو ورود مرادف له أو شبه مرادف أو عنصر لغوي مطلق أو اسم عام"([29])، وهو، بکل أشکاله السابقة، يصنع تماسکا وترابطا بين أجزاء النص، لأنه يعتبر إحالة لما سبق .

ونحن إذ ننوي تحليل نص، هو قصيدة (شنق زهران)، فإننا کما يذهب أصحاب الدراسات النصية نقصد إجراء "عملية فک البناء لغويا وترکيبيا من أجل إعادة بنائه دلاليا"([30]) . والغاية من التحليل النصي للقصيدة هي "محاولة فهمها وتفسيرها من خلال مکوناتها"([31])، معتمدين بالدرجة الأولى على مادة النص نفسها التي تکون منها النص الشعري . لذلک فعملية التحليل تبدأ من النص وتنتهي بعد مشوارها معه إليه، لأن البحث في علم لغة النص بحث عن المضمون والدلالة، وکذلک "وصف واضح وشامل لأشکال نصية متباينة والعلاقات المتبادلة بينها"([32]).

ويهتم علم لغة النص کذلک بدراسة بنية النص من خلال جوانب عديدة من أهمها التماسک النصي ووسائله وأنواعه والإحالة والمرجعية والسياق ودور المشارکين في النص . وقد احتل موضوع التماسک مکانا مهما في التحليل النصي بدءا بتعريف مفهومه مرورا ببيان أدواته .

التماسک النصي وأدواته في نص الدراسة :

أشرنا فيما مر إلى أن التماسک نوعان ؛ معجمي ونحوي . ونبدأ تحليلنا وحديثنا عن النوع الأول منهما وهو التماسک المعجمي الذي يتمثل في التکرار والتضام .

1-التکرار Reiterationويعني- کما ألمحنا سابقا- إعادة عنصر معجمي بلفظه أو بمرادفه أو شبه مرادفه أو بعنصر شامل أو عام أو ضمير من الضمائر . وبهذه الإعادة نجد أنفسنا أمام نوع من الإحالة التکرارية التي تعني "أن الثاني منهما (النعصرين المکررين) يحيل إلى الأول، ومن ثم يحدث التماسک بينهما، وبالتالي بين الجملة أو الفقرة الوارد فيها الطرف الأول من طرفي التکرار، والجملة أو الفقرة الوارد فيها الطرف الثاني"([33])، وهو نوع من الربط "البدهي الذي يقوم في حقيقته على مبدأ التشابه أو التماثل حين تلحق المتماثلات أو المتشابهات من الأشياء ببعضها"([34])، ومن خلال هذا التکرار نرى "امتداد عنصر ما من بداية النص إلى آخره"([35]). ويبدو التکرار في أصناف بلاغية متعددة کالترديد والتجنيس والمشاکلة وغيرها .

وحين نطالع قصيدة "شنق زهران"([36]) لصلاح عبد الصبور نجد أن سلم التکرارات بدرجاته المختلفة، والذي أورده هاليداي وحسن([37])، يتواجد في هذا النص، ومن ذلک :

أ- تکرار العنصر المعجمي بنفسه، سواء کان هذا العنصر مفردة أو ترکيبا کاملا، ومن ذلک المفردة (زهران) التي وردت في النص أربع عشرة مرة في ترکيبات لغوية متعددة، هذا إلى جانب بزوغها في العنوان الذي بدا وکأنه البذرة التي نبتت منها کل هذه التکرارات  وإذا ما جئنا إلى العنوان الذي يتواشج ويتعالق حتما بالنص حيث يشکلان معا بنية شاملة، أو على حد قول د.جميل حمداوي "بنية رحمية تولد معظم دلالات النص، فإذا کان النص هو المولود، فإن العنوان هو المولد الفعلي لتشابکات النص وأبعاده الفکرية والأيديولوجية .. وهو کذلک بمثابة الرأس للجسد والنص تمطيط له، وتحوير، إما الزيادة، أو الاستبدال، أو النقصان، أو التحويل"([38]).

عنوان القصيدة الذي بين أيدينا کما نراه مکون من عنصرين معجميين، جاءا على شکل ترکيب إضافي، أضيفت فيه نکرة إلى معرفة، وهي إضافة محضة، لأنه إذا کان "المضاف غير وصف أو وصف غير عامل فالإضافة محضة .. وهي تفيد تخصيصا أوتعريفا، فلذلک سميت الإضافة فيه معنوية .. وهذا النوع لا تکون فيه نية الانفصال"([39]). وهذا يعني ارتباط العنصرين على المستوى اللغوي بحيث لا انفکاک بينهما فکأنهما شيء واحد، الشنق هو زهران، وزهران هو الشنق . وعلى المستوى التاريخي ارتبط مصير زهران بهذا النوع من الموت، وکان هذا النوع من الموت "الشنق" هو المصير الطبيعي لزهران بصفته مواطنا مصريا وديعا مسالما ومفعما بالأمل في حياة ومستقبل مشرق، ورفض الظلم الواقع على قريته التي مثلت الوطن المقهور ککل من محتل غاشم .

    شبّ زهرانُ قويّا

    ونقيا

    يطأ الأرض خفيفا

    وأليفا

    کان ضحاکا ولوعا بالغناءْ

    وسماع الشعر في ليل الشتاء

    وَنَمَتْ في قلبِ زهرانَ، زُهَيْرَهْ 

    ساقُها خَضْراءُ مِنْ ماءِ الحياهْ

    تَاجُها أحمَرُ کالنَّارِ التي تصنعُ قُبْلَهْ  

    حينما مر بظهر السوق يوما

    ذات يوم([40])

وهذه الصورة کما نرى تغمرها الحيوية والقوة والنشاط والبراءة، والإقبال على الحياة بفرح ومرح، واستمتاع بالغناء والشعر الشعبي الذي يتردد في ليالي الشتاء في جنبات القرية، والحب الذي تنمو زهيرته في القلب غضة طرية، خضراء الساق ريانة بماء الحياة المتدفقة، حمراء التاج ملتهبة بالشوق إلى القبلة وحياة العشق والحب . وقد ضاعف من طاقة الحياة والحيوية في الصورة صيغ المبالغة التي استخدمها الشاعر حيث وجدنا صيغة فعيل تتکرر أربع مرات (قويا، نقيا، خفيفا، أليفا)، وصيغة فعَّال (ضحَّاکا)، وصيغة فعول (ولوعا)، يضاف إلى تلک الصيغ حيوية المفردات التي أضفت حياة وحيوية إضافيتين (الغناء، زهيرة، ساقها خضراء، ماء الحياة، أحمر، النار، قبلة) .

  ثم يأتي بعد ذلک تکرار المفردات نفسها، ولکن بصورة مقلوبة، کل الأشياء أصبحت عکس ما کانت . يقول :

    کان يا ما کان أن زُفَّتْ لزهران جميلة

    کان يا ما کان أن أنجب زهران غلاما ... وغلاما

    کان يا ما کان أن مرَّتْ لياليه الطويلةْ

    ونمت في قلب زهران شُجَيْرَهْ

    ساقُها سوداءُ مِنْ طينِ الْحياهْ

    فرعُها أحمرُ کالنارِ التي تُحْرِقُ حَقْلا

    عندما مَرَّ بظهر ِ السوقِ يوما

    ذات يوم([41])

أغلب الکلمات في المقطع السابق تکررت في هذا المقطع، ولکن تغير شکلها، فالزهيرة أنضجها الحزن على المظالم التي وقعت على زهران وقريته وأهلها جميعا، عندما أشعل أعداء الحياة، المستعمرون الإنجليز، النار في أجران القمح وحقوله، فأصبحت تلک الزهيرة شجيرة، وتحول ساقها الأخضر النابض بالحيوية والحياة إلى ساق أسود کطين الحياة المکتظة بالفجائع والمآسي، وهنا يتحول التاج إلى فرع ازداد کبرا وشيخوخة، وبنفس اللون الأحمر، ولکنها ليست حمرة الحب المتأجج التي تصنع وتسوق إلى القبلة، إنها الحمرة الحارقة المدمرة التي أشعلت ألسنة اللهب في غيطان القمح ومعها الحياة . وها هو التکرار يعود ليکرس لتلک الصورة المأساوية التي نتجت عن فعل ذلک المستعمر،يقول :

    مَرَّ زهرانُ بظهرِ السُّوقِ يوما

    ورأى النَّارَ التي تُحْرِقُ حقلا       

    ورأى النار التي تصرع طفلا

    کان زهرانُ صديقا للحياهْ

    ورأى النيرانَ تجتاح الحياهْ

    مدَّ زهرانُ إلى الأنجمِ کفَّا

    ودعا يسألُ لطْفَا

    رُبَّما ... سَوْرَةُ حِقْدٍ في الدِّماء

    ربما استعدى على النارِ السَّماء([42])

ومع تکرار العنصر اللفظي (زهران) تتنامى الأحداث شيئا فشيئا، کما رأينا تنامي العناصر الطبيعية في الفقرة السابقة، حيث الزهيرة أصبحت شجيرة واللون الأخضر تحول إلى اللون الأسود، واللون الأحمر الذي کان يحمل الحياة والحب أصبح يحمل الموت والدمار لکل شيء. وأخذت الأحداث منحًى مغايرا ومناقضا في شکله لما مر من صور نابضة بالحياة، فأصبح الموت يحلق بجناحيه على المکان، فالنار تحرق الحقول وتصرع الأطفال، بل إن الشاعر ضاعف من کمية النار المشتعلة، وکمية الموت والدمار، ولذلک کان موفقا حين استخدم لفظة النيران بدلا من النار، والنيران جمع النار، فجسد بذلک عملية الإحراق والاشتعال  وضخمها، بل إنه ضاعف من ذلک حين استخدم عبارة (ورأى النيران تجتاح الحياة) فأصبح المفعول به الواقع عليه التدمير والإحراق ليس حقلا ولا طفلا واحدا، وإن کان هذا في ذاته کارثة کبرى، إنما الحياة کلها بکل ما فيها .

  وأمام هذا الاجتياح لم يکن أمام زهران، وهو اللفظ المحوري المتکرر، ذلک الکائن النقي القوي المسالم المقبل على الحياة والحب إلا الاتجاه للسماء يطلب اللطف والرحمة من رب السماء . ولو قمنا بعمل جدول لتعداد التکرار في المقطعين لکان کما يلي : 

زهران والحياة

زهران والموت

ونمت في قلب زهران زهيرة

ونمت في قلب زهران شجيرة

ساقها خضراء من ماء الحياة

ساقها سوداء من طين الحياة

تاجها أحمر کالنار التي تصنع قبلة

فرعها أحمر کالنار التي تحرق حقلا

حينما مر بظهر السوق يوما

عندما مر بظهر السوق يوما

ذات يوم([43])

ذات يوم([44])

فالتکرار هنا واقع ليس في المفردات فقط، إنما في التراکيب کذلک، مع تغيير مفردة في هذا الترکيب أو ذاک، ومع هذا التغيير الطفيف وجدنا انقلابات في الصورة، کما سبقت الإشارة، لنجد أنفسنا أمام بنية خاصة تقوم على المقابلة بين عناصر الحياة وعناصر الموت والدمار ؛ الحياة من جانب ذلک الإنسان المسالم البسيط ومن على شاکلته، والموت من جانب أولئک الذين لا تحلو لهم الحياة إلا في تدميرها وسرقتها من البسطاء، ولذلک لم يکن غريبا أن يستتبع کل جانب من الجانبين عناصر دعم له، ولننظر إلى هذا الجدول لنرى المقابلة ذاتها :

مدعمات صورة الحياة

مدعمات صورة الموت

مر زهران بظهر السوق يوما

وضع النِّطع على السکة والغيلان جاءوا

واشترى شالا منمنم

وأتى السياف مسرور وأعداء الحياهْ

ومشى يختال عجبا، مثل ترکي معمم

صنعوا الموت لأحباب الحياهْ

ويجيل الطرف ... ما أحلى الشباب

وتدلى رأس زهران الوديع

عندما يصنع حبا

قريتي من يومها لو تأتدم إلا الدموع

عندما يَجْهَدُ أن يصطاد قلبا

قريتي من يومها تأوي على الرکن الصديع

کان يا ما کان أن زفت لزهران جميلة

قريتي من يومها تخشى الحياهْ

کان يا ما کان أن أنجب زهران غلاما([45])

ورأى النيران تجتاح الحياهْ([46])

وقد وقع التکرار في مفردات (زهران) التي مثلت نواة التکرار، وقد تکررت بلفظها، في الجانب الأول ثلاث مرات، ومرة واحدة في مقابله، ودارت حول هذا اللفظ عناصر الصورتين، ففي صورة الحياة نرى زهران في شبابه وفتوته، يشتري الشال المنمنم ليتعمم به ويختال به خيلاء ترکي معمم، يجيل الطرف بحثا عن حب يملأ حياته، فما اجمل الشباب حين يصنع حبا ويصيد قلبا، ويحدث ما يتمناه ويتزوج جميلة ينجب منها غلاما وغلاما، ولتمر لياليه الطويلة .

أما الصورة الأخرى فمخالفة تماما وإن کان محورها زهران نفسه . فقد نصبت المشنقة على الطريق، لتکون رادعا، وجاء الغيلان الذين نفذوا الأحکام في ضحاياهم، وعلى رأسهم مسرور السياف الأسطوري في ألف ليلة وليلة والذي کان ينفذ حکم ملکه بقطع الرقاب، ومعه کل أعداء الحياة، الذين صنعوا الموت لأحباب الحياة وأولهم زهران الذي کان محبا للحياة، وتدلى رأسه شنقا، رغم حبه للحياة، ورغم عينيه الممتلئتين بالحياة .        

ومن المفارقات أنه على الرغم من أن ما ذکرناه هو عناصر تشترک في رسم صورة الموت إلا أن لفظة الحياة تکررت في هذا المقطع وحده ست مرات، مما يدل على ضخامة الفاجعة وعلى سخرية الحياة نفسها بما تحمله من متناقضات، فبينما هناک بشر مسالمون يحبون الحياة ويقبلون عليها يتجرعون کأس الموت غصصا، وآخرون يحبون الدمار والموت والخراب ومع ذلک تکتب لهم الحياة ويمارسونها بشکل سادي ممض يتلذذ بعذاب الآخرين . وفي مقابل ذلک نجد أن صورة الحياة وما يدعمها من عناصر يلقي فيها الشاعر بعبارة کررها ثلاث مرات، وهي عبارة (کان يا ما کان)، التى تترک انطباعا بأن ما کان فيه زهران من حيوية وإقبال على الحياة کان ماضيا، وأن اللحظة الآنية أو ما هو مقبل عليه فاجعة، وأن ذلک الفرح والشباب الذي کان فيه کان بمثابة الحلم الذي لن يعود . وبهذا التداخل بين عناصر المتقابلين ؛ الموت والحياة، إضافة إلى التکرار، يزيد من تماسک وتضافر بنية النص الذي نحن بصدده .

وإذا ما عدنا إلى المفردة الأولى من العنوان، وهي شنق، لنجدها تتکرر، ولکن ليس بلفظها إنما عبر مرادفات لها، فنجد مرادفها (تدلَّى) وتکرر مرتين عبر عبارتين متکررتين، (مُذْ تدلَّى رأسُ زهرانَ الوديع) ص:18، (وتدلى رأس زهران الوديع) ص:21، ثم تتکرر عبر لفظ الموت الذي جاء مرة اسما وأخرى فعلا في عبارتين، الأولى (صنعوا الموت لأحباب الحياة) و(مات زهران وعيناه حياه)، وهذا يؤکد ما ذهبنا إليه من أن العنوان کان النواة التي توالدت في معظم أسطر النص، ومن ناحية ثانية کان هذا العنوان بمثابة الخيط الذي يمسک بکل عناصر النص ومکوناته . يضاف إلى ما سبق تکرارات لفظية کثيرة مثل :

ذراع

نصف نهار

قرية

حب

النار

من يومها

تحرق

غلام

کان يا ما کان

مر زهران بظهر السوق يوما..ذات يوم

تخشى

2

2

5

2

4

3

2

2

3

4

2

ب- التکرار الترادفي والوصفي وفيه يتکرر العنصر اللغوي بمرادفه . وهو في هذا النص قليل بالنسبة للتکرار اللفظي، ومنه کلمة شنق التي وردت في العنوان، وأشرنا إليها فيما مضى وتکررت من خلال عدة مرادفات لها منها (تدلى رأس زهران الوديع، ومات، والموت، وتصرع) .

وأيضا من هذا النوع عبارة (من أذان الظهر حتى الليل)، التي تکررت بعبارة ترادفها، وهي (في نصف نهار)، والتي تکررت مرة أخرى بلفظها مما کثف الدلالة وسمَّکها وساعد في تماسک مقطعها التي وردت فيه . فکل تلک المصائب المتراکمة حدثت وتراکمت في نصف نهار فقط، حين اختفى الضياء في جبهة الأرض، ومشى الحزن إلى بيوت الفلاحين التي هي في حقيقتها أکواخ حقيرة تکشف مستوى الفقر والتدني الذي عاش فيه الفلاحون، ومع هذه الحالة المتردية لم يترکهم المغتصب، بل أرسل إليهم الحزن حتى أکواخهم، لتکتمل سوداوية الصورة، وما أجمل تشبيه الحزن بالتنين ذي الألف ذراع الذي طال الجميع ولم يفلت منه واحد من أهل هذه القرية الحزينة، ولم يقتصر الأمر على ذلک الحزن الشامل لکل جنبات الحياة، بل اکتملت مأساة القرية بشنق فتى فتيانها زهران وتدلي رأسه أمامهم . کل هذه الفجائع حدثت في نصف نهار فقط ابتدأ من أذان الظهر حتي الليل، لتصل دلالة العبارة التي أرادها الشاعر من أن نصف النهار لم يکن کافيا لکل هذه الفجائع التي أصابت القرية في أعز شبابها . إن هذه الفجائع لم يکن ليکفيها دهور فکيف وقعت في نصف نهار . ومن أجل أن يجسم فداحة الواقعة يقدم الشاعر على رسم صورة ذلک البطل الشعبي من خلال الترکيم الوصفي، الذي يعني تناول صفات وأوصاف متعددة تميز الشخصية محور الحديث، يبدو تعدادها کأنه تکرار، تتکثف معه الدلالة ويزداد النص تماسکا وترابطا، يقول :

    کان زهران غلاما

    أُمُّه سمراء، والأب مولَّد

    وبعينيه وسامهْ

    وعلى الصَّدغِ حمامهْ

    وعلى الزندِ أبو زيدٍ سلامهْ

    ممسکا سيفا، وتحت الوشم نَبْشٌ کالکتابهْ

    اسم قريهْ

    دنشواي   

     شب زهران قويا

    ونقيا

    يطأ الأرض خفيفا

    وأليفا

    کان ضحاکا ولوعا بالغناء

    وسماع الشعر في ليل الشتاء([47])

وفي هذا المقطع من النص نجد أنفسنا أمام أبعاد ثلاثة ؛ إفراد وتنوع وتکرار، إفراد للموصوف فهو واحد/ زهران، وتنوع للصفات، (غلاما .. أمه سمراء، والأب مولد .. على الصدغ حمامة، وعلى الزند أبو زيد .. ممسکا سيف، وتحت الوشم نبش .. قويا .. نقيا .. خفيفا .. أليفا .. ضحاکا .. ولوعا بالغناء .. وسماع الشعر في ليل الشتاء..)، وتکرار نستشعره من ارتباط هذه الصفات المتنوعة والمتعددة بموصوف واحد، مما يجعلنا وکأننا نکرر وننوع في الوقت نفسه .

يضاف إلى هذا أن ذکر اسم زهران وتکراره، في المقطعين السابقين ساعد في التماسک النصي ومع ترکيم تلک الصفات والأوصاف التي أضفاها الشاعر على بطل قصيدته ازداد هذا التماسک .

وقد استخدم الشاعر الوصف ليرسم صورا تبرز شخصية الموصوف، وتعمل على " تقريب القريب من البعيد، وتشبيه الداخل بالخارج، وإلحاق المرئي بغير المرئي، وکأن الوصف "مماثل Icon مزود بطاقات هائلة من الجمال الأدبي الذي تکون غايته رسم صورة الغائب في صورة حاضرة" ([48]) ومجسدة عبر اللغة .

ومن أهم وظائف الوصف الوظيفة "التفسيرية الرمزية في الوقت نفسه، فالصور الجسدية وأوصاف اللباس والتأثيث تتوخى .. إثارة نفسية الشخوص وتبريرها في نفس الآن، تلک الشخوص التي هي بمثابة علامة وعلة (سبب) ونتيجة دفعة واحدة"([49]).

والنص الذي نحن بصدده يقوم، إلى جانب غنائيته، على السرد والحکي . ويظهر لنا السرد من خلال "الأحداث المسرودة على لسان الراوي (الشاعر) .. سواء کان الراوي الذي قدم الأحداث والمواقف والمشاهد والشخصيات من خلال السرد"([50]). ولا نعدم في النص أحداثا جساما، وشخصيات تراجيدية يمثلها زهران بطل القصيدة أو القصة، ومواقف عديدة استطاع الشاعر أن يضفرها بلغته الشعرية والوصفية بشکل متماسک ومحکم شديد الإحکام، کان التکرار ذا دور مهم في هذا التماسک .

  ت-التکرار بالضمير، والضمير هو- کما يقول هاليداي وحسن - "الأکثر عمومية من کل الأشکال السابقة، على الرغم من کونه ليس عنصرا خالصا للتماسک، لأنه يشتمل على بعض التخصيص"([51]). ويعني ذلک غلبة التماسک على التکرار به على الرغم من الخصوصية النسبية الموجودة فيه .

ويحدث التکرار في هذا الشکل حين يعود الضمير على متقدم في مثل قولنا : (الکتاب موضوعاته صعبة) فالضمير (ـه) يعود على متقدم هو (الکتاب)، ولا يمکن تفسير هذا الضمير إلا بالرجوع إلى ما يحيل إليه . ومن ثم ترتبط الکلمة الثانية، وهي الضمير، بالکلمة الأولى . ويعد هذا التکرار من قبيل الإحالة إلى سابق .

والأمثلة على هذا النوع التکراري في هذا النص کثيرة ومن أمثلته الضمائر العائدة على زهران في العبارات التالية :

(کان زهران غلاما) والمفردة زهران هي العنصر اللغوي المحوري في النص کله، وأيضا هي ما عنون به النص، کما اشرنا، ونظرا لهذه المحورية فإنه بالإضافة إلى تکرار المفردة بلفظها خمس عشرة مرة، فإنها تکررت عبر الضمير الذي يحيل إليها خمس عشرة مرة أخرى، في المقطع الثاني بدأ الشاعر بالتصريح باسم زهران (کان زهران غلاما) ثم توالى التکرار بالضمير العائد على زهران والمحيل إليه في العبارات التالية : (أمُّه سمراء .. وبعينيه وسامه .. ممسکا سيفا .. يطأ الأرض .. کان ضحاکا .. حينما مر بظهر السوق يوما .. واشترى شالا .. ومشى يختال .. ويجيل الطرف .. مرت لياليه الطويله .. عندما مر بظهر السوق يوما .. ورأى النيران تجتاح الحياه .. ودعا يسأل لطفا .. ربما استعدى على النار السماء) . ويضاف إلى ذلک الضمائر المقدرة في هذه العبارات (والأب مولّد .. وعلى الصدغ حمامه .. وعلى الزند أبو زيد سلامة .. وتحت الوشم نبش کالکتابة اسم قرية دنشواي)، والتقدير في تلک العبارات : وأبوه مولد بدليل أن هذه العبارة معطوفة على عبارة أخرى ذکر فيها الضمير، وهي عبارة أمه سمراء، والعبارة الثانية يقدر الضمير فيها على هذا النحو : وعلى الصدغ منه أو على صدغه، وکذلک العبارة التالية لها تقدير الضمير فيها وعلى الزند منه أو على زنده، وکذا ما تليها تقدير ضميرها تحت الوشم منه أو تحت وشمه، وأيضا اسم قرية والتقدير فيها اسم قريته . وهکذا شکلت تلک التکرارات اللفظية والترادفية والضمائرية شبکة ترابطية أدت إلى تماسک النص، وجعله وحدة واحدة .

ث- التکرار الجراماتيکي (النحوي الصياغي) : وهو عبارة عن تکرار لجمل ذات بناء نحوي واحد، أي "تکرار للطريقة التي تبنى بها الجملة وشبه الجملة مع اختلاف الوحدات المعجمية التي تتألف منها الجمل"([52]). ونکون حينئذ أمام نوع من التوازي حيث تبنى الجمل بشکل متواز، لأن التوازي "مرکب ثنائي التکوين أحد طرفيه لا يعرف إلا من خلال الآخر، وهذا الآخر– بدوره- يرتبط مع الأول بعلاقة أقرب إلى التشابه، نعني أنها ليست علاقة تطابق کامل"([53])

  ومن أمثلة هذا النوع من التکرار في هذا النص أشباه الجمل في قول الشاعر :

    وبعينيه وسامهْ

    وعلى الصدغِ حمامهْ

    وعلى الزند أبو زيدٍ سلامهْ([54])

وأشباه الجمل هذه بتکرارها شبه المتوازي أدت إلى تماسک صورة البطل بملامحها الشکلية المتعددة . فزهران ذلک الغلام ابن امرأة سمراء معجونة بتراب الوطن، وأبوه مولد يجمع في ملامحه وطباعه عناصر متنوعة . هذا البعد الاجتماعي يکمله البعد الفسيولوجي الذي حددته أشباه الجمل تلک، والتي جاءت متکررة في بنائها .

ومن ذلک أيضا تکرار الجمل المتشابهة في ترکيبتها النحوية التي جاءت على شکل جملة فعلية مکونة من فعل وفاعل وحال معطوفا عليها حال أخرى، يقول :

    شبَّ زهرانُ قويّا

    ونقيّا

    يطأ الأرض خفيفا

    وأليفا([55])

ومما زاد في التماسک هنا تلک التقفية الداخلية المجنسة إلى حد ما بين قويا ونقيا، وبين خفيفا وأليفا . وقد بدت کما لو کانت نوعا من التصريع .

  ويشبه ذلک أيضا قول الشاعر :

    کان يا ما کان أن زفت لزهران جميلهْ

    کان يا ما کان أن أنجب زهران غلاما .. وغلاما

    کان يا ما کان أن مرت لياليه الطويلةْ([56])

والتکرار هنا متصاعد ومتعدي مجرد التشابه الجراماتيکي إلى تشابه لفظي کبير، وتکثيف للفعل کان الذي ورد في النص مرات أربعة في عبارات مختلفة (کان زهران غلاما، کان ضحاکا ولوعا بالحياهْ، کان زهران صديقا للحياهْ، کان زهران صديقا للحياهْ)، جمعها الشاعر کلها في صورة مکثفة تربطنا بالماضي الأليم الذي عاشه المصريون وتجسدت مکابدته في شخصية زهران . هذا التجميع والتکثيف جرى في ذلک المقطع الکبدوء بـ کان يا ما کان .. ليشدنا إلى عالم الحکايات والخرافات الشعبية التي کانت غالبا ما تبدأ بهذا الاستهلال، وليجلعنا نعيش الحالة الکابوسية الناجمة عن معايشة الخرافات المملوءة بما لا يمکن تصوره، وبذلک يضع ما حدث لزهران في خانة المستحيلات والخرافات غير الممکن تصور أو تصديق ما وقع فيها من جرائم .

ويتصاعد مثل هذا النوع التکراري في خلق مقاطع کاملة مکررة لفظيا وجراماتيکيا ومتوازية تماما، يقول :

    ونمت في قلب زهران زهيرهْ

    ساقها خضراء من ماء الحياهْ

    تاجها أحمر کالنار التي تصنع قُبْلَهْ

    حينما مر زهران بظهر السوق يوما

    ذات يوم([57])

  ويقول في مقطع تالٍ لهذا السابق :

    ونمت في قلب زهران شجيرهْ

    ساقها سوداء من طين الحياهْ

    فرعها أحمر کالنار التي تُحْْرِقُ حقلا

    عندما مر بظهر السوق يوما

    ذات يوم([58])

وفي هذين المقطعين تکرار لفظي وجراماتيکي أدى إلى التماسک وتکريس الدلالة المقصودة وتکثيفها عبر هذه التقنية . فزهران في مشهدين، الأول عکس مقدار البراءة والرغبة في الحياة والإقبال عليها، والثاني يعکس مقدار الفزع الذي ترک بصمته على الأشياء وعلى الحالة النفسية للشخصية . فالزهيرة- کما سبقت الإشارة- تحولت إلى شجيرة،والتاج أصبح فرعا، واللون الأخضر المشبع بماء الحياة أصبح أسود مصبوغا بطينها، واللون الأحمر المتأجج بالعاطفة أصبح نارا حارقة لکل ما هو حي أو أخضر، وأصبح الحزن يغمر نفس زهران ونظرته للحياة، أصبح کل شيء يشيخ ويهرم .   

2-التضامAnaphora  أو المصاحبة اللغوية Collocation، ويراد بها العلاقات القائمة بين الألفاظ في اللغة مثل علاقة التضاد وغيرها من العلاقات المتواجدة في اللغة . ويقول هاليداي ورقية حسن، في کتابهما عن التماسک في اللغة الإنجليزية : "ومن الواضح وجود علاقة نظامية بين زوج من الکلمات مثل ولد وبنت، وهما يرتبطان بنمط معين من التضاد يسمى التکاملي في تصنيف ليونز"([59]).

  وهذه العلاقات النسقية المحققة للتماسک لا تقتصر على علاقة التضاد، بل هناک علاقات أخرى مثل "علاقات الکل : الجزء، أو الجزء : الجزء، أو عناصر من نفس القسم العام مثل: کرسي : طاولة (وهما عنصران من اسم عام هو التجهيز ..)، على أن إرجاع هذه الأزواج إلى علاقة واضحة تحکمها ليس دائما أمرا هينا.. وذلک في مثل المحاولة والنجاح، المرض والطبيب، النکتة والضحک .. ويتجاوز القارئ هذه الصعوبة بخلق سياق تترابط فيه العناصر المعجمية معتمدا على حدسه اللغوي وعلى معرفته بمعاني الکلمات وغير ذلک"([60]).

وفي نص الدراسة کثير من هذه العلاقات المتواجدة بين مفرداته، ومنها :

أ- علاقة التضاد ونجدها بين المفردات (على، وتحت) اللذين وردا في قول الشاعر :

    وعلى الصدغ حمامهْ

    وعلى الزند أبو زيد سلامهْ

    ممسکا سيفا، وتحت الوشم نبش کالکتابهْ([61])

فعلى هنا تعني فوق، ومضادها تحت . وکذلک ما نجده فيما بين (خضراء، وأحمر) في قوله:

    ونمت في قلب زهران زهيرة

    ساقها خضراء من ماء الحياهْ

    تاجها أحمر کالنار التي تصنع قُبْلَهْ([62])

ويبلغ التضاد مبلغه فيما بين مفردتَي (الحياة، والموت)، في قوله :

    وضع النطع على السِّکةِ والغيلانُ جاءوا

    وأتى السياف مسرور وأعداء الحياهْ

    صنعوا الموت لأحباب الحياهْ([63])

ثم يعتمد الشاعر في المقطع الأخير على التکرار اللفظي المشتمل على بعض المتضادات التي تعکس التناقض بين الحياة والموت، وبين أحباب الحياة وأعدائها، وبين شعب وديع، ونوع آخر من البشر أهم ما يميزه الوحشية والقسوة ومعاداة الحياة، يقول عبد الصبور :

    قريتي من يومها لم تأتدم إلا الدموع

    قريتي من يومها تأوي إلى الرکن الصديع

    قريتي من يومها تخشى الحياهْ

    کان زهران صديقا للحياهْ

    مات زهران وعيناه حياهْ

    فلماذا قريتي تخشى الحياهْ([64])

وهنا قابل الشاعر بين الموت بلفظ الفعل الماضي (مات)، والحياة بلفظها وقد تکررت هنا أربع مرات، وهذا يظهر دلالة ما يريد أن يقوله الشاعر، فإذا کان زهران قد مات وهو صديق للحياة ومحب لها فلماذا تخشى قريتي/بلدي الحياة، وقد أعطت لزهران وأمثاله ممن استشهدوا في سبيلها ما يکفي من الحزن . والاستفهام يبدو کما لو إنکاريا يرفض فيه الشاعر أن نستمر في أحزاننا على من مضوا وقاموا بدورهم من أجل الحياة، وبالتالي لا يجب أن نخشى الحياة بل علينا أن نقبل عليها ونسهم فيها بدور، خصوصا مع تغير الأحوال وانتهاء زمن الاحتلال والظلم الذي کنا نکابده .

ب- علاقة التنافر أو التقابل، وهو أي التنافر "مرتبط بفکرة النفي مثل التضاد . ويتحقق داخل الحقل الدلالي إذا کان (أ) لا يشتمل على (ب)، لا يشتمل على (أ) . وبعبارة أخرى هو عدم التضمن من طرفين، وذلک مثل العلاقة بين خروف وفرس وقط وکلب"([65]). ومثل هذه الأزواج من المفردات "تشکل بنفس الطريقة في سلسلة . فمثلا لو وُجِدَ يوم الثلاثاء في جملة ما، والخميس في جملة أخرى فالأثر سيکون متماسکا . ويتشابه مع ذلک ما نجده بين دولار وسنت، وشمال وجنوب، وکولونيل وبريجدير، ومثل ذلک مع أي زوج مشکل من مفردات معجمية غير مرتبة"([66]).

وقد أدخل د. أحمد مختار عمر في التنافر أنواعا مثل : "الألوان، سوى الأسود والأبيض، والرتب مثل ملازم ورائد ومقدم وعقيد .. وغيرها، والمجموعات الدورية مثل الشهور والفصول وأيام الأسبوع .. وغير ذلک"([67]).

  ومن أمثلة هذه العلاقة في النص ما نجده بين (سمراء ومولَّد) في قول الشاعر :

    أمُّهُ سمراءُ، والأب مولد([68])

  وکذلک (ثوى ومشى) في قوله :

    ... وثوى في جبهةِ الأرض الضياء

    ومشى الحزنُ إلى الأکواخ، تِنِّينٌ لَهُ ألفُ ذراع([69])

  ومن هذا القبيل (زهيرة وشجيرة)، في قول الشاعر:

    ونمت في قلب زهران زهيرهْ([70])

    ونمت في قلب زهران شجيرهْ([71])                                                                                                                                                                                                             

  ويشبه ذلک (ماء الحياة وطين الحياة) في قوله :

    ساقها خضراء من ماء الحياه([72])  

    ساقها سوداء من طين الحياه([73])

والتقابل هنا حادث بين أشياء عدة، سوداء وخضراء، وماء وطين، والتکرار اللفظي بين ساقها وساقها، والحياة والحياة، وهذا ضاعف من التماسک .

ت- علاقة الجزء بالکل أو الجزء بالجزء، مثل علاقة اليد بالجسم، والعجلة بالسيارة، أو علاقة العجلة بالمقود، أو الذراع بالرجل، فالأوليان بينهما علاقة الجزء بالکل، والأخيران بينهما علاقة الجزء بالجزء . والعلاقة الأولى تختلف عن علاقة الاشتمال لأن "اليد ليست نوعا من الجسم، ولکنها جزء منه . بخلاف الإنسان الذي هو نوع من الحيوان وليس جزءا منه"([74]).

ومن هذه العلاقات في النص محل الدراسة ما نجده بين (عينيه، والصدغ، والزند، والوشم، وکفا، ورأس زهران) وکلها أجزاء من الشخص، والربط بينها وبينه تزيد النص تماسکا وترابطا. ومن ذلک أيضا ما نجده بين (ساقها، تاجها) وبين (زهيرة) . وکذلک ما بين (ساقها، فرعها) وبين (شجيرة)، فالعلاقة بينها هي علاقة الجزء بالکل . والعلاقة بين (عينيه والصدغ والزند والوشم وکفا ورأس) وبين (ساقها وتاجها) وبين (ساقها وفرعها) من قبيل علاقة الجزء بالجزء .

والعلاقات السابقة "بين الکلمات "تخلق في النص ما يسمى بالتضام . فشعور المتکلمين – کما يرى جونز ليونز- يتجه إلى اعتبار أحد المتقابلين في التضاد ذا معنى إيجابي، والآخر ذا معنى سلبي، ولذا فالمتکلمون يميلون إلى اعتبار الأشياء الصغيرة، أو ذات المعنى السلبي، تفقد الضخامة، لا أن يعتبروا الأشياء الکبيرة تفقد الصغر .. لذلک فالأشياء الصغيرة هي التي تتجه نحو التحديد أو نقطة الصفر"([75]). وتصنع کذلک هذه العلاقات "تماسکا نصيا بدلالاتها المتناقضة (أو المتباينة)على مبدأ والضد يظهر حسنه الضد"([76]).

النمط الثاني : التماسک النحوي والدلالي :

يأتي هذا التماسک على شکلين، هما التماسک النحوي/ الرصفي . وهو "أقرب إلى ظاهر النص ويرتبط بالدلالة النحوية التي تعنى بکيفية انتفاع المتلقي بالأنماط والتتابعات الشکلية في استعمال المعرفة والمعنى ونقلهما وتذکرهما"([77]). والثاني دلالي/ مفهومي أقرب إلى تلک "الروابط التضمنية التي أشار إليها (جون کوين) واعتبر التجاور أهمها"([78]). ويتصل هذا النوع بالنحو الدلالي الذي يولي اهتمامه نحو کيفية "ارتباط مفاهيم مثل فاعل وحدث وحالة وصفة من أجل إيجاد معنى کلي للنص"([79]). وفي هذا النوع من النحو "تتکاتف الدلالة النحوية مع النحو الدلالي عن طريق العلاقات التداولية"([80]) لتنتج نحو النص . ويجعل (هاليداي وحسن) "التماسک أنواعا خمسة هي : الإحالة أو المرجعية، الاستبدال، الحذف، الارتباط، وأخيرا التماسک المعجمي المتمثل في التکرار والتضام"([81]) والذي تناولناه من قبل . وأضاف آخرون "التعريف"([82]) لهذه الأنواع .      

1- الإحالة Referenceيقول هاليداي وحسن : "يوجد في کل لغة عناصر معينة لها خاصية الإحالة، حيث لا تکتفي هذه العناصر بذاتها من حيث التأويل، بل لا بد من العودة إلى ما تشير إليه من أجل تأويلها . وهذه العناصر الإحالية هي الضمائر الشخصية وأسماء الإشارة وأدوات الربط"([83])، وأدوات المقارنة کالتشبيه والکلمات الدالة على المقارن والتفضيل مثل : أکثر وأقل ..الخ .

وبما أن هذه العناصر لا تملک دلالة مستقلة، ولا بد من عودتها إلى عنصر أو عناصر أخرى موجودة في مناطق أخرى من النص، فشرط وجودها، إذًا، "هو النص، وهي تقوم على مبدأ التماثل بين ما سبق ذکره في مقام ما، وبين ما هو مذکور بعد ذلک (أو قبله) في مقام آخر"([84]). وفي هذا تجاهل لدور الکاتب والمتلقي . من أجل ذلک يمکننا اعتماد ذلک التعريف الذي يذهب إلى أن الإحالة "ليست شيئا يقوم به تعبير ما، ولکنها شيء يمکن أن يحيل عليه شخص ما باستعماله تعبيرا معينا"([85])، وعلى هذا فإن "للمتکلم أو الکاتب الحق في الإحالة حسبما يريد هو، وعلى المحلل أن يفهم کيفية تلک الإحالة حسب النص والمقام"([86]). والرسم التالي يبين أنواع الإحالات حسب هاليداي  وحسن : 

 

وقد جعل الباحثان الإحالة نوعين رئيسيين "إحالة مقامية (إکسوفورا) وإحالة نصية (إندوفورا). والثانية النصية تتفرع إلى إحالة قبلية (أنافورا) وأخري بعدية (کاتافورا) ([87]).

  أ- وأول أشکال الإحالة هي الإحالة المقامية (Exophora)، وهي التي "تحيل إلى خارج النص أو خارج اللغة"([88]). فهي عبارة عن ضمير أو مفردة للدلالة على شيء ما غير موجود إلا في خارج النص، ويمکن أن نتعرف على هذه الإحالة من سياق الموقف، ويطلق على ذلک "الإضمار لمرجع متصيد أو الإحالة لغير مذکور"([89]).

ومن هذه الإحالات في نص (شنق زهران) ما نجده في اسم الإشارة الوارد في :

کل هذي المحن الصَّمَّاءِ في نصفِ نهارْ([90])

فقد أحالنا هذا الاسم الإشاري إلى خارج النص حيث أحداث الشنق والجلد التي جرت على يد المحتل الإنجليزي لأهل قرية دنشواي، فقد نصبت المشنقة والعروسة([91])، ومورس القمع والقهر والترويع على أعلى مستوى، وتمثلت ذروة هذه المحن في شنق فتى دنشواي زهران . ويسبق هذا تلک المحاکمة وما فيها من لائحة اتهام ومدعين وقضاة ومحامين وعسکر وجلسات وغير ذلک من أمور تعلقت بالقضية . وکل ذلک مثل محنا أقضت مضجع القرية الآمنة المطمئنة وزلزلت سکينها وأدمت قلبها على فلذات أکبادها من الضحايا . وهذا الاسم الإشاري تحدد من خارج النص وأحال التي تلک المحن التي رافقت شنق زهران، والتحديد في مثل هذه الإحالات يکون من المقام أو السياق أو المعلومات والمعارف الخارجة عن حدود النص .

ويشبه ذلک عبارة (کان يا ما کان) التي تحمل معنى اسم الموصول، ويکون معناها : الذي کان . وتحيلنا هذه العبارة إلى خارج النص الذي أجمل أحداث الزواج وتفاصيله، والإنجاب ومراحله، ومرور الليالي الطويلة على زهران لتجعلنا نجول بخواطرنا مع العادات والتقاليد القروية في مثل هذه المسائل . وتحيلنا تلک العبارة إلى جانب ما سبق إلى عالم الحکاية الشعبية التي تستخدم هذه العبارة غالبا في مطلعها . نحن، إذا، نجد مع هذه العبارة إحالتين خارجيتين ؛ إحداهما مرتبطة بأحداث خارجية أشار النص إليها باقتضاب، والأخرى تتشابه مع ما هو معروف بالتناص الإحالي أو الإحالة التناصية، وأي منهما عبارة عن إشارة إلى النص المأخوذ منه "تحيل الذاکرة القرائية عليه،عن طريق وجود دال من دواله، أو شيء منه ينوب عنه، بحيث يذکر النص شيئا من النصوص السايقة أو الأحداث، ويسکت عن بعضها، ويدخل مؤشرات ذاتية مختلفة يتممها بروايات من مصادر أخرى، وهو في ذلک ينتقي وينفي، يظهر ويضمر، ينتقي ما يراه موائما، وملائما للرؤية التي يتبناها النص الجديد، وينفي ما عداها"([92]) . والإحالة بهذا الشکل تکون "أکثر فعالية کلما عالجت نصا معروفا، بحيث الاشتراک معه بکلمة أو بکلمتين تکفيان للإحالة عليه"([93]).

ويمکن أن يوضع ضمن التناص الإحالي هذه العبارات، من نص الدراسة، التي تحيل إلى سلوک اجتماعي أو تعبير ثقافي معين يرتبط بالفولکلور الخاص بالجماعة الشعبية التي ينتمي إليها بطل القصيدة زهران . يقول عبد الصبور :

    وعلى الصَدغِ حمامهْ

    وعلى الزند أبو زيدٍ سلامه

    ممسکا سيفا، وتحتَ الوشمِ نَبْشٌ کالکتابه

    اسم قريه

    "دنشــواي"([94])

إن هذه العبارات تحيل إلى شکل من أشکال التعبير الثقافي الشعبي المتمثل في فن الوشم، وهو نقش ورسم وکتابة على الجسد، وعادة منتشرة في کثير من البيئات الشعبية المصرية. ومثل هذه التعبيرات الثقافية "تعبر عن درجة ما من الاستمرارية التاريخية لنظام التمثلات الجماعية (الوطنية والقومية) للعالم، والموروثة عن أزمنة سابقة .. يدرک بها الوعي الشعبي التحول التاريخي من منطلق بنيات ذهنية متشکلة سلفا بتأثير الخيال الجمعي التاريخي المکتنز بالرموز والمعتقدات الراسخة .. ومثل هذه الفنون (الوشم والنقش على الخشب والغناء والسير والحکايات وغيرها) هي نصوص من التعبير الثقافي لا تقل قيمة عن النصوص المکتوبة في مضمار التعبير عن نوازع الذات وحاجاتها الجمالية، وعن نوع تفاعلها مع العالم المحيط"([95]).

وکل هذه النقوش أو الوشوم المرسومة على ذراع زهران وصدغه تعکس نوازع نفسية ذاتية وحاجات جمالية، فربما يکون الوشم الذي يصور البطل الشعبي (أبو زيد الهلالي سلامة) الذي يمثل للوجدان الجمعي العربي رمزا للبطولة العربية التي تسعى للتوحد العربي الشامل، وهذا يعکس دائرة الانتماء الأولى والکبرى للبطل وللشاعر نفسه، وهي الدائرة العربية . ثم تعکس تلک الکتابة النقشية لاسم قرية (دنشواي)، دائرة الانتماء الثانية وهي دائرة الانتماء المحلي للمکان الذي يحيا فيه الانسان الشعبي ويتمسک به ويعتبره أهم انتماءاته والتي تأخذ عنده في أحايين کثيرة صورة التعصب .

  أما الحاجة الجمالية للوشوم فتعکسها صورة الحمامة على الصدغ، فهي تمثل علامة تجميلية وتزيينية من جانب، وتعتبر، في الثقافة الشعبية، رمزا من رموز السلام، من جانب ثان .

ب- أما ثاني أشکال الإحالة فهو الإحالة النصية أو الداخلية Endophora)) "وهي إحالة على العناصر اللغوية الواردة في الملفوظ، سابقة کانت أو لاحقة، فهي إحالة نصية"([96])، وهي تنقسم إلى :

 1- إحالة بعدية على اللاحق (Cataphora) "وهي تعود على عنصر إشاري مذکور بعدها ولاحق عليها في النص"([97]). ومن هذه الإحالات في نص شنق زهران قول الشاعر في مطلع القصيدة :

    وثوى في جَبْهَةِ الأرض الضياء

    ومشى الحزنُ إلى الأکواخِ، تِنِّينٌ لَهُ ألفُ ذراع([98])

هذا الظلام، وذاک الحزن الذي لف القرية يحيل إلى آخر مقاطع القصيدة الذي يصور مظاهر هذا الحزن وذاک الظلام، يقول عبد الصبور :

    وتدلَّى رأسُ زهران الوديعْ

    قريتي من يومها لم تَأتَدِمْ إلاَّ الدُّموعْ

    قريتي من يومها تأوي إلى الرُّکْنِ الصديع

    قريتي من يومها تخشى الحياهْ

    کان زهرانُ صديقا للحياهْ

    مات زهرانُ وعيناه حياه

    فلماذا قريتي تخشى الحياهْ ... ؟([99])           

هذه الإحالة البعدية على اللاحق ساعدت بشکل کبير على تماسک النص، وبخاصة أنها کانت بين مطلع القصيدة ومختتمها اللذين مثلا غطاءين للنص، أحدهما في بدئه والآخر في منتهاه، وذلک جعل النص يبدو کما لو کان کتلة واحدة تلتحم أجزاؤها، بعضها بالبعض الآخر. ومما زاد من التماسک کذلک وجود نوع آخر من الإحالة تمثل في تکرار لفظ أو عدد من الألفاظ في بداية کل جملة من المقطع المذکور (قريتي من يومها) و(زهران)، وکذا تکرار لفظ (الحياهْ) قافية لأربع أسطر شعرية . وذلک يعتير من الإحالة التکرارية التي تؤکد المعنى وتزيد من تماسک النص .

   ومن هذا النوع البعدي کذلک ما نجده في قول الشاعر :

    ويُجيلُ الطَّرْفَ ... ما أحلى الشَّبابْ

    عندما يصنع حبا

    عندما يَجْهَدُ أن يصطادَ قلبا([100])

هذا الصبا والحب يخلص کما هي عادة أهل القرى إلى الزفاف والزواج والإنجاب، وهذا ما يحيل إليه قول الشاعر لاحقا :

    کان يا ما کان أن زُفَّتْ لزهران جميلهْ

    کان يا ما کان أن أنجب زهران غلاما ... وغلاما([101])

2- إحالة قبلية بالعودة على السابق (Anaphora) وهي "تعود على مفسِّر(Antecedent) سبق التلفظ به، وفيها يجري تعويض لفظ المفسر الذي کان من المفروض أن يظهر حيث يرد المضمر"([102]). ومن نماذج هذه الإحالة ما نجده في قول الشاعر :

    واشترى شالا مُنَمْنَمْ

    ومشى يختالُ عجبا، مثلَ تُرْکِيٍّ مُعَمَّمْ

    وَيُجِيلُ الطرف([103])

فالضمير في اشترى، ومشى، ويختال، ويجيل يحيل إلى سابق وهو (زهران) في عبارة (مر زهران بظهر السوق يوما) . ومن أمثلة ذلک النوع أيضا قول الشاعر :

    ساقها خضراءُ من ماءِ الحياهْ

    تاجُها أحمر کالنار التي تصنع قُبْلَهْ([104])

فالضمير في (ساقها) و(تاجها) تحيل إلى سابق عليها وهي لفظة (زهيرهْ) في عبارة (ونمتْ في قلبِ زهران زُهَيْرَهْ) . أما الضمير في الفعل (تصنع) فيحيل، کذلک، إلى متقدم عليه هو النار . والکلام نفسه يمکن قوله في قول الشاعر :

    ونمت في قلبِ زهرانَ شُجَيْرهْ

    ساقها سوداءُ من طين الحياهْ

    فرعُها أحمر کالنار التي تُحْرِقُ حقلا([105])

حيث الضمير في (ساقها وفرعها) يحيل إلى (شجيرة) المتقدمة على تلک الضمائر، وکذلک الضمير في (تحرق) يعود على متقدم آخر وهو (النار) .

2- الاستبدال Substitution عملية تجري داخل النص، وهو "إحلال عنصر لغوي محل آخر"([106]). وهو يشبه الإحالة في أن کلا منهما يؤدي إلى اتساق النص، غير أن الاستبدال علاقة "تتم في المستوى النحوي- المعجمي بين کلمات أو عبارات أکثر من کونها علاقة ذات صلة بالمعنى، بينما الإحالة علاقة معنوية تتم في المستوى الدلالي، وقد وضحا هاليداي وحسن ذلک من خلال الخطاطة التالية :

        نمط العلاقة التماسکية                                 المستوى اللغوي

        الإحالــة                                                    دلالـــي

        الاستبدال (متضمنا الحذف)                              نحوي"([107])

ومعظم حالات الاستبدال قبلية، أي أنه علاقة بين عنصر متأخر وعنصر متقدم عليه، ولذلک يعد مصدرا من مصادر اتساق النصوص .. ومن ثم يمکن الحديث عن الاستمرارية، أي وجود العنصر المستبدل، بشکل ما، في العبارة اللاحقة"([108]) .    

والأمثلة التالية من نص "شنق زهران" توضح هذا النمط من أنماط التماسک النصي . يقول الشاعر :

    ومشى الحزنُ إلى الأکواخِ، تِنِّينٌ لَهُ ألفُ ذراع

    کل دهليزٍ ذرَاع([109])

فلو أخذنا العنصر اللغوي (دِهليز) الذي يعني "مدخل البيت ما بين الباب وعمقه، وهي لفظ معرب"([110]) ، کمستبدَل للعنصر اللغوي (الأکواخ)، على اعتبار أن تنين الحزن ذا الألف ذراع قد أرسل لکل دهليز أي کوخ ذراع، وذلک للإشارة إلى عموم الحزن وشموله، لوجدنا أن العنصر اللغوي (الأکواخ) مستمر في (دهليز)، وإن کانت مختلفة عنها لفظيا، فالأکواخ هي بيوت الفلاحين البسيطة والحقيرة في الآن نفسه، والدهاليز هي مداخلها ومقدماتها . وقد أسهم هذا الاستبدال، کذلک، في اتساق النص، لأننا لم نکن لنفهم معنى دهليز کمستبدل إلا بالعودة إلى ما هي متعلقة به قبلا والذي يعتبر معلومات تمکن القارئ من تأويل العنصر الاستبدالي .

  ومثل هذا نجده في قول الشاعر :

    من أذان الظهر حتى الليل ... يا لله

    في نصف نهار([111])

فالعبارة الأولى (من أذان الظهر حتى الليل) استمرت في العبارة الثانية (في نصف نهار) التي استبدلت منها، وأدت التى التماسک النصي .

 وکذلک نجد شبيها بهذا الاستبدال قول عبد الصبور :

    عندما يصنع حبا

    عندما يَجْهَدُ أن يصطادَ قلبا([112])

  فعبارة (يصطاد قلبا)، بصفتها عنصرا استبداليا، لايمکن فهمها بدون العودة إلى ما استبدلت منه، وهو عبرة (يصنع حبا)، وبهذا الاستبدال استمرت العبارة الأولى في الثانية مما صنع تماسکا نصيا وسم هذا المقطع من النص .

  ونرى مثل ذلک في قول الشاعر :

    مد زهران إلى الأنجم کفَّـا

    ودعا يسألُ لُطْفَـا

    ربما ... سَوْرَةُ حِقْدٍ في الدِّمـاء

    ربما استَعْدى على النارِ السماء([113])

في هذا المقطع استبدالان، الأول العنصر اللغوي (دعا) الذي جاء بديلا عن (مد زهران إلى الأنجم کفا)، والثاني العنصر اللغوي (السماء) الذي جاء بديلا عن (الأنجم)، وهذان الاستبدالان أسهما في استمرار المفردات والعبارات في غيرها من أشباهها وأديا إلى ترابط النص وتماسک عناصره .

3- الحذف Ellipsis : وهو أيضا علاقة داخل النص مثل الاستبدال، وفي معظم الأمثلة يوجد العنصر المحذوف قبلا، وهذا يعني أن "الحذف علاقة قبلية، يختلف عن الاستبدال في أنه استبدال بالصفر، ومعنى ذلک أن علاقة الاستبدال تترک أثرا، وأثرها هو وجود أحد عناصر الاستبدال، بينما علاقة الحذف لا تخلف أثرا، ولهذا فإن المستبدل يبقى مؤشرا يسترشد به القارئ للبحث عن العنصر المفترض، مما يمکنه من ملء الفراغ الذي يخلفه الاستبدال، بينما الأمر على خلاف هذا في الحذف، إذ لا يحل محل المحذوف أي شيء"([114]). وبهذا يکون الحذف حذفا لعنصر لغوي من النص يفهم من السياق ولا يحل محله عنصر آخر .

  وفي نص الدراسة الکثير من أمثلة الحذف من مثل قول الشاعر :

    ومشى الحزنُ إلى الأکواخِ، تِنِّينٌ لَهُ ألفُ ذراع

    کل دهليزٍ ذِرَاع([115])

فالحزن أخذ شکل تنين له ألف ذراع، يرسل ذراعا لکل دار ويدخل کل دهليز، ويکون التقدير "کل دهليز ذراع يدخله أو يرسل إليه".وقد ساعد هذا الحذف على تماسک العبارتين، من خلال التکرار اللفظي، وکذلک من خلال الحذف المشار إليه .

    من أذانِ الظهرِ حتى الليل ... يا لله

    في نصفِ نهارْ

    کل هذي المحن الصَّمَّاءِ في نصفِ نهارْ

    مُذْ تَدلَّى رأسُ زهران الوديعْ([116])

في هذه الأسطر عدة حذوفات، أولها نجده في الجملة الأولى، حيث يقدر محذوف يتم به المعنى وتستقيم به الدلالة، هذا المحذوف المقدر هو (يفعل)، فالتنين ذو الألف ذراع يرسل بأذرعته لکل دهليز، وهذا المحذوف إحالي، حيث يحيل هذا المحذوف المقدر بـ(يفعل) إلى قيام ذلک التنين بإرسال أذرعته وإدخالها إلى کل دهليز وکل مکان، وهذا يکني عن العموم والشمول .

وثاني هذه الحذوف في قوله "کل هذه المحن الصماء في نصف نهار" حيث نلمس حذفا هنا يقدر بـ(حدثت أو وقعت)، وهذا الفعل يحيل إلى ما وقع من أحداث وما کسا القرية من حزن عم وانتشر بعد شنق زهران .

وثالث حذف نجده في قول الشاعر (مذ تدلى رأس زهران الوديع)، حيث يمکن تقدير (حتى الآن) أو حتى وقت إنشاء القصيدة . بمعنى أن الحزن شاع وعم منذ شنق زهران وحتى الآن .

ومن قبيل الحذف کذلک ما نجده في قوله :

    مر زهران بظهر السوق يوما

    واشترى شالا منمنم

    ومشى يختال عجبا، مثل ترکي معمم   

    ويجيل الطرف ... ما أحلى الشباب

    عندما يصنع حبا([117])

فعبارة (ويجيل الطرف ...) يقدر لها محذوف يتمم المعنى، وهو شبه الجملة الظرفي (في جميع الجهات والنواحي) أو (يمينا ويسارا) . وهذا الحذف کان بمثابة الأداة التي أسهمت في التماسک النصي .

  وشبيه بهذا ما نجده في قول الشاعر :

    کان يا ما کان أن زفت لزهران جميلة

    کان يا ما کان أن أنجب زهران غلاما ... وغلاما([118])

فالمحذوف المقدر هنا (وغلاما أو وفتاة) لتکتمل بذلک دائرة الإنجاب المثالي في التصور الشعبي حيث (الصبيان أولا ثم البنات)، والذي غالبا ما يشار إليها في الحکايات الشعبية .

وفي قول الشاعر :

    مد زهران إلى الأنجم کفا

    ودعا يسأل لطفا

    ربما ... سورة حقد في الدماء([119]

والتقدير ربما (کانت) هذه الأفعال من مد الکف إلى الأنجم والدعاء، سورة حقد على الطغاة الظالمين الذين حولوا حياة القرية إلى جحيم . وقد أظهر هذا الحذف تماسکا نصيا ربط الأحداث والأفعال في النص .

    قريتي من يومها لم تأتدم إلا الدموع

    قريتي من يومها تأوي إلى الرکن الصديع

    قريتي من يومها تخشى الحياهْ

    کان زهران صديقا للحياهْ

    مات زهران وعيناه حياهْ

    فلماذا قريتي تخشى الحياهْ ... ؟([120])

فالتساؤل هنا يقدر فيه حذف يتمم معناه، هو (وقد کان زهران صديقا للحياة ومات وعيناه ممتلئة بالحياة) . إن التساؤل هنا استنکاري يرفض فيه الشاعر سلوکيات القرية التي تتسم بالخوف وعدم الإقبال على الحياة، حيث تعيش القرية على الدموع وتأوي إلى الرکن المنهار الضعيف، ولا تقبل على الحياة، على الرغم من أن ذلک الشخص الذي ترتدي ثوب الحزن من أجله کان محبا للحياة ومقبلا عليها بشکل کبير . ومن اللافت أن الشاعر کان يؤشر إلى مواضع الحذف بوضع نقاط محل کل حذف . وقد ساعد الحذف المشار إليه على تماسک المعاني وترابطها داخل النص .

4- الربط Conjunction وهو عبارة عن طريقة "يترابط بها سابق بلاحق بشکل منظم"([121]) . والربط يختلف في طبيعته عن "علاقات التماسک الأخرى ؛ يختلف عن الإحالة من جانب، وعن الاستبدال والحذف من جانب آخر . إنه– ببساطة- ليس علاقة قبلية . وعناصر الربط وأدواته تؤدي إلى التماسک ليس بذوات أنفسها، ولکن بشکل غير مباشر، من خلال مزيَّة معانيها المعينة . إنها ليست أدوات أولية تمتد إلى نص سابق أو لاحق، ولکنها تعبر عن معاني معينة تفترض مسبقا وجود مکونات أخرى في الخطاب"([122]).

ومعنى ما سبق أن النص مکون من جمل أو "متتاليات متعاقبة خطيا، ولکي تدرک کوحدة متماسکة تحتاج إلى عناصر رابطة متنوعة تصل بين أجزاء النص"([123]) . و هذه الأدوات الرابطة جعلها هاليداي وحسن "إضافية وعکسية وسببية وزمنية"([124]). وقد "جعل الباحثان الـ "الواو" و"أو" من أدوات الربط الإضافية، و"but , yet  - لکن، مع ذلک" من أدوات الربط العکسية، وهي تفيد أن ما يحدث عکس ما هو متوقع، وجعلا "so , thus , hence … etc because of , therefore" من أدوات الربط السببي، وهذا النوع يمکننا من إدراک العلاقة المنطقية بين جملتين أو أکثر، وتندرج ضمنه علاقات خاصة کالنتيجة والسبب، وجعلا "then , before that , after that …etc" من أدوات الربط الزمني الذي يجسد علاقة بين جملتين متتابعتين زمنيا"([125]).

وحين ننعم النظر في نص الدراسة لتلمّس أدوات الربط وآلية عملها للتماسک فيه لوجدنا أن النص يبدأ بأداة إضافة وعطف وهي الواو المسبوقة بنقاط ثلاث تشير إلى محذوف :

    ... وثوى في جبْهَةِ الأرض الضياء

    ومشى الحزنُ إلى الأکواخِ، تِنِّينٌ لَهُ ألفُ ذراع([126])

ذلک المحذوف قد يقدر بـ(شُنِقَ زهران) أو (شَنَقَ الغاصبُ زهرانَ)، وثوى الضياء ومشى الحزن إلى جميع البيوت . لنجد الـ(واو) العاطفة تقوم بدور کبير في إضافة جمل وأفعال وأحداث،  بعضها إلى البعض الآخر، مما أدى إلى التماسک والترابط بين هذه المضافات والمعطوفات . وهذا العطف، الجمل على الجمل، باستخدام (الواو) التي ليس لها معنى الاشتراک في الحکم الذي يقتضيه الإعراب الذي أتبعتَ فيه الثانيَ الأول فقط کما هو الحال في عطف المفرد على المفرد لأنه کما يرى عبد القاهر الجرجاني في عطف الجمل "أمرا آخر  نحصل معه على معنى الجمع (بين المتعاطفين) . وذلک أنَّا نقول : زيد قائم وعمرو قاعد، حتى يکون عمرو بسبب من زيد، وحتى يکونا کالنظيرين والشريکين، وبحيث إذا عرف السامع حال الأول عناه أن يعرف حال الثاني . يدلک على ذلک أنک إن جئت فعطفت على الأول شيئا ليس منه بسبب، ولا هو مما يذکر بذکره ويتصل حديثه بحديثه، لم يستقم"([127])

ومعني ذلک أن المعطوف بينه وبين المعطوف عليه علاقة سببية، وهذا ما تکشف عنه دلالة اختفاء الضياء ودفنه في جبهة الأرض، التي أريد بها باطنها، ومشي الحزن وشموله جميع البيوت والبشر . ويکشف هذا العطف کذلک عن علاقة أخرى بين المتعاطفين وهي علاقة الجزء بالکل حيث شيوع الظلام واختفاء الضوء جزء من کل هو الحزن بعمومه وشموله . وقد أشار عبد القاهر إلى مثل ذلک التضام الذي يوجد في عطف الجمل حيث قال : "وجملة الأمر أنها لا تجئ (عملية عطف جملتين أو أکثر) حتى يکون المعنى في هذه الجملة لفقا لمعنى في الأخرى ومضموما له، مثل أن "زيدا" و"عمرا"، إذا کانا أخوين أو نظيرين أو مشتبکي الأحوال على الجملة، کانت الحال التي يکون عليها أحدهما، من قيام أو قعود أو ما شاکل ذلک، مضمومة في النفس إلى الحال التي يکون عليها الآخر من غير شک . وکذا السبيل أبدا"([128]). وعبد القاهر يشير إلى أمر مهم للغاية وهو انعقاد أثر العطف في النفس، أي الحالة النفسية للعطف حين يؤدي إلى تکثيف الحالة الشعورية . وفي حالة نصنا الذي ندرسه ساعد العطف في تکثيف الحالة الشعورية الحزينة التي تغلف النص على هذا البطل الشهيد، ومنذ مطلعه، مما طبعه بهذا الطابع، وأدى إلى تماسک النص، وبخاصة أنه يدور في فلک فکرة واحدة.

 ومثل هذا نجده في المقطع التالي :

    کان زهران غلاما

    أمُّه سمراء، والأب مولَّد

    وبعينيه وسامهْ

    وعلى الصَدغِ حمامهْ

    وعلى الزند أبو زيدٍ سلامه

    ممسکا سيفًا، وتحت الوشمِ نَبْشٌ کالکتابه

    اسمُ قريه

   "دنشواي"([129])

فالعطف هنا استخدم في إضافة مجموعة من الجمل الاسمية الوصفية التي جاءت لترسم صورة للبطل (أمه سمراء، والأب مولد، وبعينيه وسامة، وعلى الصدغ حمامة، وعلى الزند أبو زيد سلامة، وتحت الوشم نبش)، فهذه الجمل الاسمية المتتابعة شکلت متتالية ذات "تتابع متماسک من الجمل، کما نجدها في الاتصال .. ويجب أن يفهم هذا التتابع بالمعنى الرياضي للکلمة"([130])، فقد عکست کل جملة صفة من صفات البطل وملمحا من ملامحه المتعددة، إن على المستوى الاجتماعي الشعبي، أو على المستوى الفسيولوجي، وحتي على الجانب الفکري والمعتقدي، فهو ابن لامرأة مصرية أصيلة سمراء، وأبوه مولد، وسيم، يتبع التقاليد الشعبية من حيث النقوش والرسوم والکتابة، ويعتقد في البطولة العربية، التي يمثلها أبو زيد سلامة المرسوم على ذراعه بسيفه الممشوق .

وقد عد القدماء النعت من الروابط المعنوية، فعلى الرغم من أنه لا يعتمد على رابط ملفوظ يجمع بين النعت والمنعوت، بصرف النظر عن الواو، إلا أن الرابط بينهما متحقق في علاقة الإسناد الذهنية الجامعة بينهما، والتي تجعل الاسم بمنزلة الجزء من الکل، ولذلک يوجد بين العنصرين من شدة التماسک ما يوجد بين المسند والمسند إليه والمضاف والمضاف إليه والتوکيد والمؤکد . وقد سمى الجرجاني مثل هذه العلاقة المتماسکة "کمال الاتصال"([131])

ومن مثل هذه المتواليات الجملية المتعاطفة ما نجده في المقطع التالي :

    مرّ زهران بظهرِ السوق يوما

    واشترى شالا مُنَمْنَمْ

    ومشَى يختالُ عجبًا، مثلَ تُرْکِيٍّ مُعَمَّم

     ويُجِيلُ الطَّرْفَ ... ما أحلى الشباب([132])

هذه المجموعة من الجمل تصور مجموعة من الأفعال الشبابية التي تتماشى، بل تتمم، الصور التي عکستها متوالية الجمل المتعاطفة في المقطع السابق، فطبيعة المرحلة السنية التي کان يمثلها زهران تقتضي مثل هذه الأفعال من الاختيال والعجب وإجالة الطرف في کل الجهات للوقوع على فراشة/أنثى جميلة واصطيادها . ولا شک أن جمع هذه الجمل، هو بالتأکيد، ربط على مستوى الشکل، وعلى مستوى السيرورة الخطية للنص يضيف صفات إضافية للشخصية (الموصوف) تسهم في زيادة تماسک النص وترابط أجزائه .

وأما النص الذي تشکله تلک الجمل، والذي يحظى بمفهوم النصية، فهو وحدة دلالية متوازنة لا تتعلق بمجموع الجمل، ولکن بالدلالات التي تفهم من علاقة الجملة ببقية أجزاء النص وفق ارتباط نحوي، هو العطف . وهذا هو ما أشار إليه علماء النص حين ذهبوا إلى أن هذا الربط النحوي "خاصية دلالية للخطاب، تعتمد على فهم کل جملة مکونة للنص في علاقتها بما يفهم من الجمل الأخرى .. والعوامل التي يعتمد عليها الترابط على المستوى السطحي للنص، وما يتمثل في مؤشرات لغوية مثل علامات العطف والوصل والفصل"([133]).

ومن نماذج العطف الفردي ما نراه في هذا المقطع :

    شبّ زهرانُ قويّا

    ونقيّا

    يطأ الأرض خفيفا

    وأليفا

    کان ضحاکا ولوعا بالغناءْ

    وسماع الشعر في ليل الشتاء([134])

فقد عطفت لفظة (نقيا) على لفظة (قويا)، وعطفت لفظة (أليفا) على (خفيفا)، وکل منها حال مفردة . وکذلک عطفت (سماع الشعر) على (الغناء) المجرورة . ومن المعروف أن فائدة العطف في المفرد "أن يشرک الثاني في إعراب الأول، وأنه إذا أشرکه في إعرابه فقد أشرکه في ذلک الحکم، نحو أن المعطوف على المرفوع بأنه فاعل مثله، والمعطوف على المنصوب بأنه مفعول به أو فيه أو له شريک في ذلک"([135]). وقد ساعدت أدوات الربط العاطفة على وجود التماسک للنص، وأکسبته دلالة أکبر من مجرد مجموع الجمل والمعاني الجزئية التي يتکون منها، إذ إن العطف لا يؤدي دوره من خلال دمج جملتين بواسطة الربط اللغوي الخطي الذي تحدده ضوابط نحوية، ولکنه يقوم بتوليد دلالة بفعل العلاقة التي يقيمها بين جملتين من خلال ربطهما ببعضهما نتيجة توفرهما على علاقة جامعة . وجمل النص التي ربطتها أداة العطف تماسکت بواسطة تلک الأداة، وأسهمت بشکل کبير في توليد الدلالة الکلية للنص والتي تمحورت حول صفات الموصوف / زهران وأفعاله التي اتسمت- في البداية- بالإقبال على الحياة وعيشها بالطريقة التي يهواها، ثم تغيرت تلک الصورة فيما بعد .

وإلى جانب الروابط العاطفة توجد مجموعة من الروابط الزمنية في هذا النص، مثل (مذ، حينما، عندما) . وهذه الأدوات تأتي لتعکس علاقة تتابع وتعاقب زمني بين جملتين أو أکثر .

ولو نظرنا للأمثلة التالية لوجدنا أن أداة الربط الزمنية تؤدي إلى تماسک النص وتتابع جمله وأحداثه في مسار خطي مطرد، يترتب فيها کل حدث على ما قبله، حتى وإن تغير ترتيب الجمل، تقدما أو تأخرا، فذلک لا يغير في تراتبية الأحداث وتعاقبها . يقول عبد الصبور :

    ... وثوى في جبْهَةِ الأرض الضياء

    ومشى الحزنُ إلى الأکواخِ، تِنِّـينٌ لَهُ ألفُ ذراع

    کل دهليزٍ ذِرَاع

    من أذانِ الظهرِ حتى الليل ... يا لله

    في نصفِ نهارْ

    کل هذي المحن الصَّمَّاءِ في نصفِ نهارْ

    مذ تدلَّى رأسُ زهران الوديعْ([136])

فمنذ أن شُنِق زهران وتدلى رأسه الوديع المسالم حدثت أشياء وتعاقبت أحداث تمثلت في اختفاء الضياء، وانتشار الحزن في جميع البيوت/الأکواخ، وعموم الأسى في کل النواحي، وقد توالت هذه المظاهر بمجرد تدلي رأس البطل زهران بعد شنقه . فـ(مذ) جار يحمل معنى الظرفية الزمانية ومعناه : من وقت، وقد قال النحاة إن مجرور منذ ومذ "اسم زمان، يکون معينا، لا مبهما، ولا يکون ذلک المعين إلا ماضيا أو حاضرا لا مستقبلا"([137]). وواضح أن (مذ) دخلت على أحدات ماضوية (تدلى رأس زهران الوديع)، وما تلاها من أحداث وأفعال، سواء في السياق التاريخي، أو في سياق السرد . مما جعل تلک الأحداث تبدو وکأنها تسير في خط تعاقبي زمني منظم، وجعل الجمل اللغوية تبدو، کذلک، متعاقبة متتالية متماسکة لا يمکن الاستغناء عن جملة واحدة منها، وإلا اختل المعنى وانهدمت الدلالة الکلية للنص .

ومن بين الروابط الزمنية في النص (حينما) والتي تفيد اقتران حدوث فعل بحدوث آخر، وذلک في قول الشاعر :

    حينما مرّ بظهر السوق يوما

    ذات يوم

    مر زهران بظهرِ السوق يوما

    واشترى شالا مُنَمْنَمْ

    ومشى يختالُ عجبا، مثل تُرْکِيٍّ مُعَمَّمْ([138])

فقد أظهرت لفظة (حينما) الظرفية تعاقب الأفعال وتواليها، فحينما مر بظهر السوق، في ذلک اليوم (ذات يوم)، اشترى شالا مزرکشا ذا نمنمات تشبه تلک التي تميز الفن الشرقي بعامة، سواء في الرسومات أو النقوشات أو الزخرفات أو الأرابيسکات، ومشى يتبختر ويختال بذلک الشال مثل الترکي المعمم الذي يختال عجبا وکبرياء بمظهره، وکل ذلک يظهر مدى ما کان يمتع به زهران من شباب وحيوية وإقبال على الحياة . وتلک الملامح أکملت الصورة التي کان الشاعر قد بدأ في رسمها من قبل من حيث القوة والنقاء والخفة والألفة والولع بالغناء وسماع الشعر، ولا شک أن هذا التتابع والاستکمال قد أسهم إلى حد بعيد في تماسک النص وظهوره کبنيان مرصوص متماسک الطوابق والأرکان .

ويظهر مثل ذلک تماما في استخدام الشاعر للرابط الزمني (عندما) وفي سياق يشبه في ترکيبه النموذج السابق تماما، يقول :

    عندما مر بظهر السوق يوما

    ذات يوم

    مر زهران بظهر السوق يوما

    ورأى النارَ التي تُحْرِقُ حقلا

    ورأى النَّار التي تصرعُ طفلا([139])

فعلت (عندما) ما فعلته (حينما) في المقطع السابق من حيث الربط بين الجمل، وإظهار التتابع الزمني للأحداث، مما أدى إلى زيادة تماسک النص بصورة لافتة . وعلى الرغم من دلالة (عندما) و(حينما) على الزمن إلا إن العربية لا تعدهما من الروابط، وإنما تجعلهما ظروفا، ومع ذلک فإنهما أفادا الجمع بين الجملتين أو الجمل المتقدمة والتالية لها، وتوضيح ما بينهما من ترتيب زمني . 

ونمسک، في النص کذلک، بربط سببي يشي به سياق بعض الجمل المتعاقبة في المقطع التالي :

    وضع النِطع على السکة والغيلان جاءوا

    وأتى السيافُ مسرورُ وأعداء الحياهْ     

    صنعوا الموت لأحباب الحياهْ

    وتدلَّى رأسُ زهران الوديعْ

    قريتي من يومها لم تَأْتَدِمْ إلَّا الدموعْ

    قريتي من يومها تأوي إلى الرُّکْنِ الصديعْ

    قريتي من يومها تخشى الحياهْ([140])

فائتدام الدموع والإيواء إلى الرکن الصديع المتهدم وخشية الحياة کلها نتجت وسُببت عن صناعة الموت وشنق زهران وتدلي رأسه، مما جعل الجمل الثلاث الأخيرة تبدو وکأنها نتيجة لما قبلها وبالتالي يمکننا تقدير أداة ربط سببية تربطها بما هو سابق عليها، وما يجيز هذا التقدير وجود عبارة (من يومها) متکررة، وفي نفس الموقع في الجمل الثلاث التي تبدأ بالترکيب نفسه . وهذه العبارة تفيد التعاقب، وتفيد الربط والتماسک المنطقي بدون أيٍّ من أدوات الربط السببي الظاهرة، وهنا يقوم المتلقي بتفسير النص تبعا لمتطلبات السياق . وقد جاء التعاقب في (مذ تدلى رأس زهران الوديع) والجمل البادئة بـ(قريتي....) بعدها، على أساس سببي : النتيجة تعقب السبب، وضمن ربط يقوم على "القياس الشخصي للمتکلم مما يکون علاقة تعليلية سببية"([141]).

يضاف لذلک أن الأفعال التي أتت بها القرية، حزنا على زهران، أفعال طقوسية تعکس ثقافة وممارسات شعبية تمارس في المجتمع المصري، ومجتمع القرية بصفة خاصة، أبان أحزانها ومصائبها . ولا نزال نرى حتى الآن، الامتناع عن أنواع معينة من الطعام في بعض الأماکن، کالملوخية مثلا، کونها خضراء اللون، وهذا اللون له دلالته المرتبطة بالحياة والتجدد، وکذلک عدم حلاقة شعر الرأس أو اللحية مدة الحداد التي قد تصل إلى أربعين يوما، تزيد أو تقل، وتحرم الأبنية الجديدة وسکناها، وغير ذلک من السلوکيات التي ترتبط بالبعد عن الحياة وخشيتها، إذا کانت تنتهي بمثل هذه الفجائع .

  إن الحزن الرهيب هو حزن دفين "توارثه المصري المعاصر عن الماضي السحيق، ومازال باقيا يعيش معه وبه حتى الآن . وهو إذ يحزن هذا الحزن الرهيب، بشتى صوره في مناسبة الموت، إنما يحزن على نفسه وعلى ماضيه الکئيب الذي على الرغم من أنه ذهب وولى فإنه لا يزال يعيش في تراثه .. ومن ثم فهذا الحزن قد أصبح جزءا من کيانه يملأ قرارة نفسه"([142]).

ومع کل هذا الذي سبق قوله في المتوالية الجملية السابقة، يلاحظ کذلک اشتمالها على علاقة ربط وتماسک أخرى، هي علاقة الإسناد، وهذه العلاقة من أوثق أنواع الربط والتماسک، کون وجود رابط معنوي يربط بين عنصري الإسناد الذي يقع بين الجمل في المتواليات النصية کما يقع في الجملة الواحدة . وقد أشار علماء اللغة النصيون إلى هذا "النوع من الترابط الدلالي النحوي، حيث قسموا الجملة إلى مسند ومسند إليه، فأطلقوا على أولهما الموضوع Topic، وهو المعلومة المذکورة سلفا في النص، أما المحمول، المسند أو الخبرPredicate ، فهو المعلومة الجديدة في النص"([143]).

والمسند إليه في الجمل الثلاث واحد هو (قريتي)، والمسند هو (لم تأتدم، تأوي، تخشي)، وهکذا نلاحظ قوة التماسک بين هذين العنصرين مع تواصلهما عبر المتتابعات النصية، ولذلک اعتبر الإسناد "خاصية دلالية تعتمد على فهم کل جملة مکونة لنص في علاقتها بما يفهم من الجمل الأخرى"([144]) کما سبق القول . وقد قوى التماسک والترابط هنا أيضا تکرار المسند إليه  لفظيا وجراماتيکيا .

وهناک نوع من الترابط يربط بين بعض المتتاليات الجملية تکون العلاقة الحاکمة فيه هي العلاقة الاستدراکية أو العکسية ومعناها الأساسي "التضاد مع التوقع الذي ربما يکون مشتقا من محتوى ما يقال، أو من عملية الاتصال في موقف المتکلم – المستمع . وکما في علاقة العطف أو الإضافة يحدث هنا، في الاستدراک، التماسک في کل من إطاري النص الداخلي والخارجي"([145]) . وهذا يعني أن حدثا أو فعلا ما يأتي على خلاف المتوقع من جمل وردت قبله أو في سياقه . ويکون الربط الاستدراکي، أحيانا، بواسطة أدوات ربط، تربط بين الجملتين أو الجمل المتعاکسة أو المتناقضة مثل (لکن) وغيرها، ويکون، أحيانا أخرى، بلا أداة، ويفهم المتلقي هذا الارتباط من سياق الجمل وتتابعها . ومن أمثلة ذلک ما نراه في قول عبد الصبور في المقطع التالي من نص الدراسة :

    کان زهرانُ صديقاً للحياهْ

    مات زهرانُ وعيناه حياهْ

    فلماذا قريتي تخشى الحياهْ([146])

في هذا المقطع، تأتي الجملة الثالثة على خلاف المتوقع من الجملتين السابقتين عليها، فإذا کان البطل زهران صديقا للحياة محبا لها، واستشهد وعيناه ممتلئة بها، بل إن الشاعر جعل عينيه حياة، مبالغة منه في تصوير حرص زهران على الحياة . فإذا کان الأمر کذلک فلماذا تخشى (قريتي) الحياة، وقد نسب الشاعر القرية إلى نفسه، للدلالة على مشارکته الوجدانية للقرية في حزنها على ابنها وبطلها، وإن کان يرفض موقفها السلبي من الخوف من الحياة وعدم الإقبال عليها بدليل هذا الاستفهام الاستنکاري .

إن الاستدراک هنا مفهوم من سياق المتتالية الجملية السابقة على الرغم من عدم وجود أداة ربط من الروابط الاستدراکية مثل (لکن، مع ذلک، على الرغم من، إذن) وغيرها . وقد استعمل الشاعر أداة الاستفهام (لماذا) التي يمکن أن يقدر قبلها (لکن أو إذن) . والسياق هو الذي افترض هذا التقدير، لأن ما بعدها جاء مناقضا لما سبقها . هذا الاستدراک ربط بين الجمل، وأسهم في التماسک النصي .

 5- التعريف Definiteness ويعده النصيون هو والتنکير من عناصر التماسک والسبک اللغوي، حيث يتجه المتلقي بذهنه مع هذه الأدوات إلى معلومات ومعارف سابقة أو لاحقة في النص ترتبط بهذه الأدوات، حيث "تؤدي الأشکال المختلفة للتعريف ومورفيمات الصيغة بشکل خاص – تبعا لفاينريش- وظيفة الإشارات إلى توجيه استقبال کليات النص لدى السامع، حيث يبلغ المتلقي بواسطتها بالطريقة التي يجب عليه اتباعها في ملاحظة روابط معينة داخل النصوص"([147]) . وهنا تبدو تلک الأدوات وکأنها محفزات ذهنية لاستدعاء معلومات ومعارف ترتبط بعناصر لغوية في النص، معرفة أو منکرة، مما يؤدي إلى تماسک نصي عبر شبکة معلومية تتراوح بين سابق ولاحق .

وتشير أداة التعريف حسب هذا الکلام إلى "ما يسمى المعلومات السابقة، بينما تعد أداة التنکير إشارة إلى معلومات لاحقة، أي الوحدات اللغوية التي لم يوضحها المتکلم بعد . وبالعودة إلى الأمثلة المشهورة في نصوص الأساطير يعني ذلک : (کان في قديم الزمان فتاة)

= إشارة إلى معلومة لاحقة لم تخصص بعد، يتوقع السامع أن يخبر أکثر عن هذه الفتاة، (الفتاة کانت جميلة ومتواضعة) = إشارة إلى معلومة سابقة، يجب أن يکون الاسم المعني قد ذکر من قبل في الجملة السابقة . بهذه الطريقة ينبغي أن تثار لدى المتلقي عمليات ترتيب معينة- ضرورية في قضية فهم النص- عن طريق الاستخدام الموجه لأشکال التعريف""([148]). ومن ثم يعود هذا الأمر إلى ما هو موجود في ذهن المتلقي من المعلوم والمجهول من المعارف والأفکار والمعلومات .

  ومن خلال هذا التناول يتبين لنا أن "المعارف لا تحتاج تنشيطا کبيرا لذهن المتلقي کونها معروفة لديه من قبل، بينما تحتاج النکرات قدرا أکبر من تنشيط الذهن لدى متلقيها کونها غير معروفة لديه مسبقا"([149]).

وهناک أدوات تستعمل لتحديد المعرفة من النکرة في کثير من اللغات . ومن بين المعارف "الأعلام مثل محمد وزهران وفاطمة، وأسماء عامة متبوعة بالصفة أو البدل والمشتقات وجمل الصلة، وأسماء عامة مع محددات کالأدوات، وضمائر الإشارة، وضمائر الملکية، والأعداد، والکلمات الدالة على الکميات، أما غير المحددات فهي النکرات کالمرء، وشخص ما، وشيء ما"([150]).

ومن أمثلة التعريف والتنکير الذي لعب دورا مهما في تماسک النص ما جاء في المقطع التالي من نص الدراسة :

    وعلى الزند أبو زيد سلامهْ

    ممسکا سيفاً، وتحتَ الوشمِ نَبْشٌ کالکتابهْ

    اسمُ قريهْ

    "دنشواي"([151])

هنا نجد کلمة (نبش)، وهي نکرة، قد تبعتها کلمات شرعت في کشف مجهوليتها شيئا فشيئا، هذه الکلمات هي (کالکتابة، واسم، وقرية) حتى کانت المفردة المعرفة بالعلمية (دنشواي) التي أضاءت المفردة الأولى وکشفتها تماما، حيث اتضح أن هذا النبش الذي يشبه الکتابة ليس في حقيقته إلا اسم الموطن الذي ينتمي إليه البطل . وقدأسهمت العلاقة بين المفردتين، علاقة السابق باللاحق واللاحق بالسابق، بشکل کبير في إحداث التماس النصي.

  ومن هذا النوع من العلاقة ما نجده في قول عبد الصبور :

    ونَمَتْ في قلب زهرانَ، زُهَيْرَهْ

    ساقها خضراءُ من ماءِ الحياهْ

    تاجُها أحمر کالنارِ التي تصنَعُ قُبْلَهْ([152])

فکلمة (زهيرة) نکرة لا تکشف بذاتها عن شيء، ولذلک کان لابد من أن يتبعها معرفة أو معارف تکشف ما بها من مجهولية وغموض، لذلک کانت قيمة المفردات المعرفة (ساقها وتاجها ثم الحياة والنار)، والأوليتان معرفتان بالإضافة، وقد أمدت هذه الکلمات المفردة المنکرة (زهيرة) بمزيد من المعلومية والإيضاح الذي لولا هذه المعارف لظل يحوطها کثير من الغموض . وتعريف هذه المفردات أدى إلى الترابط والتماسک، فالشاعر ذکر کلمة (زهيرة) ثم أشار إلى أجزاء منها، ساقها وتاجها، وهما مکوناها الرئيسيان، فکأنه کرر المفردة نفسها بذکر مکوناتها، التي تساويها، ثم جاءت المفردتين المعرفتين ليتم الترابط والتماسک بين أطراف المقطع المتعددة .

  ونفس الکلام يمکن قوله على المقطع شبه المتکرر التالي :

    ونمت في قلبِ زهرانَ شُجَيْرَهْ

    ساقها سوداءُ من طين الحياهْ

    فرعُها أحمرُ کالنارِ التي تُحْرِقُ حقلا([153])

فقد أدى تضافر النکرات والمعارف في المقطع إلى إحداث تماسک نصي وترابط بين جمل النص ومقاطعه المختلفة .

الخاتمة

  في هذه الخاتمة نشير إلى أهم النتائج التي ارتآها هذا البحث وتوصل إليها، ويمکن إجمالها فيما يلي :

1- أشار البحث إلى مقصدية الإبداع لهذا النص، والتي کانت تهدف إلى بث الروح الوطنية والقومية في السياق الزمنى والتاريخي للحظة الإبداع . وقد اتضحت هذه المقصدية من عنوان القصيدة وموضوعها الذي دار حول شخصية تاريخية فريدة نالت عقابا مؤلما جراء رفضها الخضوع للظلم والاستلاب أمامه مهما کان ثمن التمرد والعصيان . ومثل هذه الشخصيات المتمردة مثلت رموزا في تلک الحقبة التاريخية، سواء في زمن المأساة نفسه، أو في زمن إبداع النص .

2- ارتأى البحث أن قصيدة (شنق زهران) لصلاح عبد الصبور تصلح أن تکون نموذجا يمثل  شعره، نظرا لانعکاس جميع الخصائص الفنية المميزة لهذا الشعر فيها .

3- وارتأى البحث کذلک أن هذه القصيدة تمثل، من جانب آخر، النص الشعري بما له من مقومات وخصائص تجعل منه نصا يخضع للتحليل النصي .

4- اهتم البحث بدراسة المقومات والخصائص التي جعلت من هذه القصيدة نصا، وانصب الاهتمام على خاصية التماسک النصي الموجودة فيها، والذي بلغ فيها مدى بعيدا وصل إلى حد الظاهرة، وجعلها نموذجا مثاليا يجسد هذه الظاهرة النصية بما توفر فيها من أدواته، سواء التماسک المعجمي أو التماسک النحوي والدلالي .

5- أظهر البحث أهمية دراسة التماسک النصي في وصف العلاقات الداخلية والخارجية للبناء النصي بمستوياته المختلفة . بل إن البحث اتفق مع أولئک النصيين الذين ذهبوا إلى اعتبار التماسک معيارا لنصية النص، وإلى أنه لا نص بلا تماسک .

6- أشار البحث إلى أن علم اللغة النصي علم متداخل يتداخل مع کثير من مناهج العلوم الإنسانية الأخرى، کعلم الاتصال وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها، ويستعين بها في تحليل النص الشعري . وقد ظهر هذا جليا في تحليل نص (شنق زهران)، حيث تم الرجوع إلى کثير من مقولات هذه العلوم .

7- أشار البحث إلى وجود تکامل بين "نحو الجملة" و"نحو النص" کون الجملة هي الوحدة الأساسية في بناء النص، من ثم تأتي أهمية اعتبار نحو الجملة ودلالتها من أرکان التحليل النصي .

8- نحا البحث في تحليله لأدوات التماسک في نص الدراسة إلى قسمين، أدوات التماسک المعجمي، وأدوات التماسک الدلالي، وآليات عملها . وقد انتهى التحليل إلى :

أ- تعددت أشکال التکرار Reiteration وصوره ما بين تکرار لفظي وترادفي وبالضمير، وبين تکرار صوت وکلمة وعبارة ومقطع. وکل هذه الأشکال والصور لعبت دورا ملفتا في تماسک النص، وکانت أکثر أدوات التماسک استخداما .

ب- إلى جانب التکرار وجد التضام أو المصاحبة Collocation، عنصرا من عناصر التماسک النصي في القصيدة . والمقصود بالتضام، کما سبق القول، الجمع بين أزواج من الألفاظ تربط بين کل زوج منها علاقة ما کالتضاد والجزئية وغيرها . هذه الأزواج من الکلمات، بما بينها من علاقات، أسهمت في ترابط النص وتماسکه .

ت-  کان للإحالة دور کبير في تحقيق التماسک النصي للقصيدة، محور الدراسة . والإحالة تعني أن هناک عناصر لغوية لا تکتفي بذاتها من حيث التأويل، بل لا بد من العودة إلى ما تشير إليه من أجل تفسيرها، وهذا، بالضبط، هو ما يحقق التماسک والترابط بين أنحاء النص بهذه الإحالات . وقد لعبت الإحالة دورها المهم في ذلک .

ث- وفي الجانب الدلالي لعب کل من الاستبدال Substitution والحذف Ellipsis دورا ذا أهمية کبيرة في ترابط النص وتماسکه . وهما علاقتان داخل النص، الحذف علاقة قبلية، وهي استبدال بالصفر، والاستبدال علاقة بعدية يتم فيها استبدال عنصر لغوي بعنصر آخر، مما يعني أن علاقة الاستبدال تترک أثرا، وأثرها هو وجود أحد عناصر الاستبدال، بينما الحذف لا يخلف أثرا، ولهذا فإن المستبدل يبقي مؤشرا يسترشد به القارئ للبحث عن العنصر المفترض، مما يمکنه من ملء الفراغ اذي يخلفه الاستبدال، بينما الأمر خلاف هذا في الحذف الذي لا يحل محل المحذوف شيء . والأمران کلاهما يدعم تماسک النص وترابطه .

ج- أشار البحث کذلک إلى بعض الروابط التي استخدمت في زيادة ترابط النص وتماسکه، تراوحت بين روابط زمنية مثل مذ وعندما وحينما، وروابط سببية مثل لماذا، وروابط استدراکية .

ح- استخدم التعريف والتنکير في النص، کذلک، بشکل أسهم في زيادة تماسکه وترابط عناصره . وقد عد النصيون التعريف والتنکير من عناصر التماسک والسبک اللغوي، حيث يتجه المتلقي بذهنه مع أدوات التعريف والتنکير إلى معلومات ومعارف سابقة أو لاحقة في النص ترتبط بهذه الأدوات التي تقوم بوظيفة الإشارات إلى توجيه استقبال کليات النص لدى السامع الذي من خلالها يبلغ بالطريقة التي يجب اتباعها في ملاحظة عمل الروابط داخل النصوص . وهنا تبدو تلک الأدوات کمحفزات استدعاء لمعلومات ومعارف ترتبط بعناصر لغوية في النص، مما يؤدي إلى تماسک نصي عبر شبکة معلومية تتراوح بين سابق ولاحق .

 9- کل هذا الزخم في عناصر التماسک جعلت القصيدة تبدو نسيجا واحدا متلاحم الخيوط .



[1]- د. محمد حماسة عبداللطيف- ظواهر نحوية في الشعر الحر : دراسة نصية في شعر صلاح عبدالصبور- دار غريب- القاهرة- ط2/2001

[2]- ينظر: ابن منظور- لسان العرب- تحقيق:عبدالله علي الکبير وآخرين- دار المعارف- القاهرة-1981- ص :4442

[3]- ينظر: الزمخشري(أبوالقاسم جارالله محمود بن عمر)- أساس البلاغة- تحقيق:محمد باسل عيون السود- دار الکتب العلمية- بيروت- ط1/1998- ج2/ ص :275

[4]- مجمع اللغة العربية– المعجم الوسيط- مکتبة الشروق- الدولية- القاهرة- ط4/2004- ص :926

[5]- د. أحمد مختار عمر- معجم اللغة العربية المعاصرة- عالم الکتب- القاهرة- ط1/2008- ص :2222

[6]- لاروس- قاموس الألسنية- باريس- 1972- ص:486 عن: عدنان بن ذريل- النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق- منشورات اتحاد الکتاب العرب- دمشق-2000- ص :15

[7]- O.Ducrot et T.Todorov, Dictionaire encyclopedique des  sciences langage   coll . Points .Editions du Seuil , Paris 1972 , P. 375  ترجمة : فريد أمعضشو adab@arabic nadwah . com

[8]- O.Ducrot et T.Todorov, Ibid, P.375

[9]- رولان بارت- نظرية النص- ترجمة:د.محمد خير البقاعي- ضمن کتاب:دراسات في النص والتناصية(مقالات مترجمة)- مرکز الإنماء الحضاري- حلب- سورية- ط1/1998- ص :26

[10]- رولان بارت- السابق- ص :26

[11]- رولان بارت- السابق- ص :26

[12]- جوليا کريسطيفا- علم النص- ترجمة : فريد الزاهي- دار توبقال للنشر- الدار البيضاء- المغرب- ط2/1997- ص :21

[13]- روبرت دي بوجراند- النص والخطاب والإجراء- ترجمة : د.تمام حسان- عالم الکتب- القاهرة- 1998- ص : 98 

[14]- M.A.K.HALLIDAY and  RUQAIYA HASAN, Cohesion in English ,Longman Ltd.Group,London1976,p.1,2

[15]- د.محمد الهادي الطرابلسي- مقدمة کتاب:الأزهر الزناد- نسيج النص (بحث في ما به يکون الملفوظ نصا)- المرکز الثقافي العربي- بيروت، الدار البيضاء- ط1/1993- ص :6

[16]- الأزهر الزناد- السابق- ص :12

[17]- ابن منظور- لسان العرب- سابق- ص :4442

[18]- ينظر: ابن منظور- السابق- ص :4442

[19]- ينظر: :د. عمر أبو خرمة- نحو النص، نقد النظرية وبناء أخرى- عالم الکتب الحديث- عَمَّان- ط1/2004هـ- ص :28

[20]- ينظر:د.جمعان عبد الکريم- إشکالات النص؛ دراسة لسانية نصية- النادي الأدبي بالرياض- ط1/2009- ص :27

[21]- ربيعة العربي- الحد بين النص والخطاب- مجلة علامات- الدار البيضاء- عدد :33- 2010- ص :41

[22]- ربيعة العربي- السابق- ص :41

[23]- ينظر: ابن منظور- لسان العرب- مرجع سابق- ص : 4203، 4204

[24]- M.A.K.HALLIDAY and RUQAIYA HASAN, Ibid , p.4

[25]- Ibid , p.4

[26]- ينظر: د.أحمد عفيفي- نحو النص،اتجاه جديد في الدرس النحوي- مکتبة زهراء الشرق- القاهرة- 2001- ص:90

[27]- د.سعد مصلوح- نحو أجرومية للنص الشعري،دراسة في قصيدة جاهلية- مجلة:فصول- مجلد10- عدد1،2- يوليو،أغسطس1991- ص :154

[28]- ينظر:د.جمعان عبد الکريم- سابق- ص:222- 223

[29]- Halliday &Hasan , Ibid , p. 274 – وانظر : د. محمد خطابي- لسانيات النص- المرکز الثقافي العربي- بيروت- ط1/1991- ص:24

[30]- د.محمد حماسة عبداللطيف- الإبداع الموازي:التحليل النصي للشعر- دار غريب للنشر والتوزيع- القاهرة- 2001- ص:15

[31]- د.محمد حماسة عبد اللطيف- السابق- ص :16

[32]- تون أ. فان دايک- علم النص،مدخل متداخل الاختصاصات- ترجمة وتعليق:د.سعيد حسن بحيري- دار القاهرة للکتاب- ط1/2001- ص :37

[33]- د.جميل عبد المجيد- البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية- الهيئة المصرية العامة للکتاب- 1998- ص : 79

[34]- د.جمعان عبدالکريم – إشکالات النص- سابق- ص:359

[35]- د. صبحي إبراهيم الفقي- علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق- دار قباء للطباعة والنشر- القاهرة- 2000- ص :22

[36]- صلاح عبدالصبور- ديوان صلاح عبدالصبور- دار العودة- بيروت- ط1/1972- ص : 18 : 22

[37]- ينظر :  Halliday &Hasan , Ibid , p. 279

[38]- د. جميل حمداوي- السيميوطيقا والعنونة- عالم الفکر- الکويت- يناير:مارس1997- مجلد25/عدد3- ص :106، 107

[39]- ينظر : ابن عقيل(بهاء الدين عبدالله)- شرح ابن عقيل- المکتبة العصرية- بيروت- 2003- ج2- ص :44،45

[40]- صلاح عبدالصبور- الديوان- ص:19،20

[41]- صلاح عبدالصبور- السابق- ص:20،21

[42]- صلاح عبدالصبور- نفسه- ص :21

[43]- صلاح عبدالصبور- نفسه- ص:19،20

[44]- صلاح عبدالصبور- نفسه- ص:20،21

[45]- صلاح عبدالصبور- نفسه- ص:20

[46]- صلاح عبدالصبور- نفسه- ص:21،22

[47]- صلاح عبدالصبور- نفسه- ص : 18، 19

[48]- د. عبدالملک مرتاض- في نظرية الرواية- عالم المعرفة- الکويت- ديسمبر1998- ص : 246

[49]- جيرار جنيت- حدود السرد- ترجمة:بنعيسى بوحمالة- ضمن کتاب:طرائق تحليل السرد الأدبي- منشورات اتحاد کتّاب المغرب- الرباط- ط1/1992- ص :77 

[50]- ينظر : د. مراد عبدالرحمن مبروک- آليات التشکيل السردي في القصة القصيرة المعاصرة،الرقص على حافة الجرح نموذجا- maamri-ilm2010.yoo7.com

[51]- Halliday &Hasan , Ibid , p. 279

[52]- د.محمود فهمي حجازي- علم اللغة بين التراث والمناهج الحديثة- دار غريب- القاهرة- 1995- ص :46

[53]- يوري لوتمان- تحليل النص الشعري، بنية القصيدة- ترجمة:د.محمد فتوح أحمد- دار المعارف- القاهرة-1994- ص:129

[54]- صلاح عبد الصبور- الديوان- سابق- ص :19

[55]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :19

[56]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :20

[57]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :19،20

[58]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :20،21

[59]- Halliday &Hasan , Ibid , p. 285

[60]- ينظر: Halliday &Hasan , Ibid , p. 285 ود.محمد خطابي- لسانيات النص- المرکز الثقافي العربي- بيروت- ط1/1991- ص :25

[61]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص :19

[62]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :19

[63]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :21

[64]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :22

[65]- د. أحمد مختار عمر- علم الدلالة- عالم الکتب- القاهرة- ط5/1998- ص :105

[66]- Halliday &Hasan , Ibid , p. 285

[67]- د. أحمد مختار عمر- علم الدلالة- سابق- ص : 106

[68]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص :18

[69]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :18

[70]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :19

[71]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :20

[72]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :19

[73]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :20

[74]- د. أحمد مختار عمر- علم الدلالة- سابق- ص :101

[75]- د. أحمد مختار عمر- السابق- ص :105

[76]- د. أحمد عفيفي- نحو النص- سابق- ص : 114

[77]- د. أحمد عفيفي- السابق- ص : 103

[78]- ينظر :جون کوين- بناء لغة الشعر- ترجمة وتقديم وتعليق: د.أحمد درويش- کتابات نقدية- قصور الثقافة- القاهرة-1990- ص :165،166

[79]- روبرت دي بو جراند- النص والخطاب والإجراء- سابق- ص :85

[80]- روبرت دي بو جراند- السابق- ص :84

[81]- Halliday &Hasan , Ibid , p. v : xv 

[82]- د. أحمد عفيفي- سابق- ص :105

[83]- Halliday &Hasan , Ibid , p. 31 

[84]- الأزهر الزناد- نسيج النص (بحث في ما به يکون الملفوظ نصا)- سابق- ص :118

[85]- براون ج .، ب . يول- تحليل الخطاب- ترجمة وتعليق: د. محمد لطفي الزليطي، ود. منير التريکي- جامعة الملک سعود- الرياض- السعودية- 1997- ص :36

[86]- د. أحمد عفيفي- نحو النص- سابق- ص :117

[87]- Halliday &Hasan , Ibid , p31 

[88]- د. أحمد عفيفي- نحو النص- سابق- ص : 121

[89]- روبرت دي بو جراند- سابق- ص :301،332

[90]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص :18

[91]- العروسة آلة خشبية يوضع ويربط فيها من حکم عليه بالجلد حتى لا يستطيع أن يقاوم أو يفر من جلاديه .

[92]- عصام حفظ الله واصل- التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر- دار غيداء للنشر ةالتوزيع- عمان- الأردن- ط1/2011- ص :95

[93]- جمال مبارکي- التناص وجمالياته في الشعر الجزائري- إصدارات : رابطة الإبداع الثقافية- الجزائر- ب ت- ص :324

[94]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص :19

[95]- د. محمد حسن عبدالحافظ- الثقافة الشعبية والمجتمع المدني،نحو مدخل فولکلوري للتنمية- موقع:الحوار المتمدن- العدد1147- 25/3/2006- http://www.alhewar.org/debat/show.art.asp?aid

[96]- ينظر:الأزهر الزناد- نسيج النص- سابق- ص :118، Halliday &Hasan , Ibid , p. 33 

[97]- ينظر:الأزهر الزناد- السابق- ص :119

[98]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص :18

[99]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :21،22

[100]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :20

[101]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :20

[102]- ينظر:الأزهر الزناد- نسيج النص- سابق- ص :118

[103]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص :20

[104]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :19

[105]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :20

[106]- Halliday &Hasan , Ibid , p. 88

[107]- Halliday &Hasan , Ibid , p. 88

[108]- د. محمد خطابي- لسانيات النص- سابق- ص : 19، 20

[109]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 18

[110]- ابن منظور- لسان العرب- سابق- ص : 1443  

[111]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص :18

[112]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :20

[113]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص :21

[114]- Halliday &Hasan , Ibid , p144   وينظر: . محمد خطابي- لسانيات النص- سابق- ص : 21

[115]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 18

[116]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص : 18

[117]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص : 20

[118]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص : 20

[119]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص : 21

[120]- صلاح عبد الصبور- نفسه- ص : 22

[121]- Halliday &Hasan , Ibid , p . 227   وينظر: . محمد خطابي- لسانيات النص- سابق- ص : 21

[122]- Halliday &Hasan , Ibid , p . 226   

[123]- د. محمد خطابي- لسانيات النص- سابق- ص : 21

[124]- Halliday &Hasan , Ibid , p . 242 , 243…etc   

[125]- ينظر : د. محمد خطابي- لسانيات النص- سابق- ص : 21، 22

[126]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 18

[127]- عبد القاهر الجرجاني- دلائل الإعجاز- قرأه وعلق عليه : محمود محمد شاکر- الهيئة المصرية العامة للکتاب- القاهرة- مکتبة الأسرة- 2000- ص : 224، 225

[128]- عبد القاهر الجرجاني- السابق- ص : 225

[129]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 18، 1

[130]- فولفجانج هاينه مان، وديتر فيهفيجر- مدخل إلى علم لغة النص- ترجمة : د. سعيد حسن بحيري- مکتبة زهراء الشرق- القاهرة- ط1/2003- ص:21

[131]- عبد القاهر الجرجاني- دلائل الإعجاز- سابق- ص : 228، 229

[132]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 20

[133]- د. سعيد حسن بحيري- علم لغة النص:المفاهيم والاتجاهات- مؤسسة المختار للنشر والتوزيع- القاهرة- ط1/2004- ص:111

[134]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 19

[135]- عبد القاهر الجرجاني- دلائل الإعجاز- سابق- ص : 223

[136]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 18

[137]- ينظر : ابن هشام الأنصاري المصري(أبو محمد جمال الدين بن يوسف)- شرح شذور الذهب- تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد- المکتبة السلفية- القاهرة- د.ت- 319

[138]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 19، 20

[139]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 20، 21

[140]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 21، 22

[141]- فولفجانج هاينه مان وديتر فيهفيجر- مدخل إلى علم اللغة النصي- ترجمة : د. فالح شبيب العجمي- سلسلة اللغويات الجرمانية (عدد : 115)- جامعة الملک سعود- الرياض- 1999- ص : 47

[142]- ينظر : :د. سيد عويس- قراءات في موسوعة المجتمع المصري- الهيئة المصرية العامة للکتاب- مکتبة الأسرة- 2001- ص: 29 ، 30

[143]- ينظر : :د. صبحي إبراهيم الفقي- علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق، دراسة تطبيقية على السور المکية- دار قباء للنشر والتوزيع- القاهرة- 2000- ج1 / ص : 72

[144]- ينظر : :د. صلاح فضل- بلاغة الخطاب وعلم النص- عالم المعرفة- الکويت- 1992- ص : 252، 263

[145]- Halliday  & Hasan  ,  Ibid  ,  p . 250   

[146]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 22

[147]- فولفجانج هاينه مان وديتر فيهفيجر- مدخل إلى علم اللغة النصي- ترجمة : د. فالح شبيب العجمي- سابق- ص : 28

[148]- فولفجانج هاينه مان وديتر فيهفيجر- السابق- ص : 29

[149]- ينظر : روبرت دي بوجراند- النص والخطاب والإجراء- سابق- ص : 310

[150]- ينظر : د. سعيد حسن بحيري- علم لغة النص : المفاهيم والاتجاهات- سابق- ص : 69، 70

[151]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 19

[152]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 19

[153]- صلاح عبد الصبور- سابق- ص : 20

قائمة المصادر والمراجع
1-  د. أحمد عفيفي- نحو النص، اتجاه جديد في الدرس النحوي- مکتبة زهراء الشرق- القاهرة- 2001
2- د. أحمد مختار عمر- علم الدلالة- عالم الکتب- القاهرة- ط5/1998
3- د. أحمد مختار عمر- معجم اللغة العربية المعاصرة- عالم الکتب- القاهرة- ط1 / 2008
4- الأزهر الزناد- نسيج النص (بحث في ما به يکون الملفوظ نصا)- المرکز الثقافي العربي- بيروت، الدار البيضاء- ط1/1993
5- براون ج .، ب . يول- تحليل الخطاب- ترجمة وتعليق: د. محمد لطفي الزليطي، ود. منير التريکي- جامعة الملک سعود- الرياض- السعودية- 1997
6- تون أ. فان دايک- علم النص، مدخل متداخل الاختصاصات- ترجمة وتعليق : د . سعيد حسن بحيري- دار القاهرة للکتاب- ط1/2001
7- جمال مبارکي- التناص وجمالياته في الشعر الجزائري- إصدارات : رابطة الإبداع الثقافية- الجزائر- ب ت
8- د. جمعان عبد الکريم- إشکالات النص ؛ دراسة لسانية نصية- النادي الأدبي بالرياض- ط1/2009
9- د. جميل حمداوي- السيميوطيقا والعنونة- عالم الفکر- الکويت- يناير:مارس1997- مجلد25/عدد3- ص :106، 107
10- د. جميل عبد المجيد- البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية- الهيئة المصرية العامة للکتاب- 1998
11- جوليا کريسطيفا- علم النص- ترجمة : فريد الزاهي- دار توبقال للنشر- الدار البيضاء- المغرب- ط2/1997
12- جون کوين -  بناء لغة الشعر- ترجمة وتقديم وتعليق :  د . أحمد  درويش- کتابات نقدية- قصور الثقافة- القاهرة - 1990
13- جيرار جنيت- حدود السرد- ترجمة : بنعيسى بوحمالة- ضمن کتاب : طرائق تحليل السرد الأدبي- منشورات اتحاد کتّاب المغرب- الرباط- ط1/1992 
14- ربيعة العربي- الحد بين النص والخطاب- مجلة علامات- الدار البيضاء- عدد : 33- 2010
15- روبرت دي بوجراند- النص والخطاب والإجراء- ترجمة : د.تمام حسان- عالم الکتب- القاهرة- 1998- ص : 98 
16- رولان بارت- نظرية النص- ترجمة : د. محمد خير البقاعي- ضمن کتاب : دراسات في النص والتناصية (مقالات مترجمة)- مرکز الإنماء الحضاري- حلب- سورية- ط1/1998
17- الزمخشري (أبو القاسم جارالله محمود بن عمر)- أساس البلاغة- تحقيق : محمد باسل عيون السود- دار الکتب العلمية- بيروت- ط1/1998
18- د. سعد مصلوح- نحو أجرومية للنص الشعري، دراسة في قصيدة جاهلية- مجلة : فصول- مجلد10- عدد1،2- يوليو،أغسطس1991
19- د. سعيد حسن بحيري- علم لغة النص : المفاهيم والاتجاهات- مؤسسة المختار للنشر والتوزيع- القاهرة- ط1/2004
20- د. سيد عويس- قراءات في موسوعة المجتمع المصري- الهيئة المصرية العامة للکتاب- مکتبة الأسرة - 2001
21- د. صبحي إبراهيم الفقي- علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق، دراسة تطبيقية على السور المکية- دار قباء للنشر والتوزيع- القاهرة- 2000
22- صلاح عبدالصبور- ديوان صلاح عبدالصبور- دار العودة- بيروت- ط1/1972
23- د. صلاح فضل- بلاغة الخطاب وعلم النص- عالم المعرفة- الکويت- 1992
24- عبد القاهر الجرجاني- دلائل الإعجاز- قرأه وعلق عليه : محمود محمد شاکر- الهيئة المصرية العامة للکتاب- القاهرة- مکتبة الأسرة- 2000
25- د. عبدالملک مرتاض- في نظرية الرواية- عالم المعرفة- الکويت -  ديسمبر 1998
26- د. عصام حفظ الله واصل- التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر- دار غيداء للنشر والتوزيع- عمان- الأردن- ط1/2011
27- ابن عقيل (بهاء الدين عبدالله)- شرح ابن عقيل- المکتبة العصرية- بيروت- 2003
28- د. عمر أبو خرمة- نحو النص، نقد النظرية وبناء أخرى- عالم الکتب الحديث- عَمَّان- ط1/2004
29- فولفجانج هاينه مان، وديتر فيهفيجر- مدخل إلى علم لغة النص- ترجمة : د. سعيد حسن بحيري- مکتبة زهراء الشرق- القاهرة- ط1/2003
30- فولفجانج هاينه مان، وديتر فيهفيجر- مدخل إلى علم اللغة النصي- ترجمة : د. فالح شبيب العجمي- سلسلة اللغويات الجرمانية (عدد : 115)- جامعة الملک سعود- الرياض- 1999
31- لاروس- قاموس الألسنية- باريس- 1972- عن: عدنان بن ذريل- النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق- منشورات اتحاد الکتاب العرب- دمشق-2000
32- مجمع اللغة العربية– المعجم الوسيط- مکتبة الشروق- الدولية- القاهرة- ط4/2004
33- د. محمد الهادي الطرابلسي- مقدمة کتاب : الأزهر الزناد- نسيج النص (بحث في ما به يکون الملفوظ نصا)- المرکز الثقافي العربي- بيروت، الدار البيضاء- ط1/1993
34- د. محمد حسن عبد الحافظ- الثقافة الشعبية والمجتمع المدني،نحو مدخل فولکلوري للتنمية- موقع: الحوار المتمدن- العدد1147- 25/3/2006- http://www.alhewar.org/debat/show.art.asp?aid
35- د. محمد حماسة عبداللطيف- الإبداع الموازي : التحليل النصي للشعر- دار غريب للنشر والتوزيع- القاهرة- 2001
36- د. محمد حماسة عبداللطيف- ظواهر نحوية في الشعر الحر : دراسة نصية في شعر صلاح عبدالصبور- دار غريب- القاهرة- ط2/2001
37- د. محمد خطابي- لسانيات النص- المرکز الثقافي العربي- بيروت- ط1/1991
38- د. محمود فهمي حجازي- علم اللغة بين التراث والمناهج الحديثة- دار غريب- القاهرة- 1995
39- د. مراد عبدالرحمن مبروک- آليات التشکيل السردي في القصة القصيرة المعاصرة، الرقص على حافة الجرح نموذجا- maamri-ilm2010.yoo7.com
40- ابن منظور- لسان العرب- تحقيق : عبدالله علي الکبير وآخرين- دار المعارف- القاهرة-1981
41- ابن هشام الأنصاري المصري(أبو محمد جمال الدين بن يوسف)- شرح شذور الذهب- تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد- المکتبة السلفية- القاهرة- د.ت
42- يوري لوتمان- تحليل النص الشعري، بنية القصيدة- ترجمة:د.محمد فتوح أحمد- دار المعارف- القاهرة- 1994
43- M.A.K.HALLIDAY and  RUQAIYA HASAN, Cohesion in English , Longman        Ltd.Group,London1976                                
44- O.Ducrot et T.Todorov, Dictionaire encyclopedique des  sciences    langage   coll . Points .Editions du Seuil , Paris 1972 ترجمة : فريد أمعضشو abic nadwah . comadab@ar