تحليل جماليات تشکيل الحديد المعمارى فى طرازى " الآرت نوفو و الآرت ديکو

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

الأستاذ المساعد بقسم الأثاثات والإنشاءات المعدنية والحديدية کليـة الفـنون التطبيقية - جامعة حلوان

المستخلص

يتناول البحث طرازين هامين ظهرا فى أوروبا فى الفترتين الزمنيتين اللتين سبقتا الحربين العالميتين الأولى والثانية، فيما بين عامى (1880-1939) ، وکانت کل حرب منهما کفيلة بالقضاء على أحد الطرازين،حين کان هناک شد وجذب بين قبول الآلة ورفضها، بين الحنين إلى الماضى وحرفه الجميلة أو نبذهما والبحث عن جماليات جديدة، وکانت اتجاهات الفنون والحرف الانجليزية ثم الآرت نوفو هى حلقة الوصل بين کلاسيکية القرن التاسع عشر واتجاهات التصميم في القرن العشرين، وهو الأمر الذى عززه الآرت ديکو فيما بعد،واتسم کل من الطرازين بجماليات خاصة أثرت بوضوح على تشکيل وبناء أشغال الحديد المعمارى والمنتجات الحديدية على النحو الذى وضحه البحث ، الذى تضمن محورين أساسيين إضافة إلى النتائج:
المحور الأول: طراز (1880-1914) ART NOUVEAU
وتضمن الملامح الأساسية والخصائص العامة، وملامح تغير الشکل والمضمون فى العمارة،وأهم المعمارين مثل فيکتورهـورتا وهيکتور جيمار و"اوتو فاجنر هنري فان دي فيلد وبيرنز وماکينتوش وجاودي لافايروت .
 المحور الثانى : طراز (1925-1939)  ART DECO
وشمل الدراسة علاقة "الآرت ديکو" ب"الآرت نوفو" ، والعمارة والتصميم وأشغال الحديد المعمارى فى الطراز, وأهم المصممين مثل إدجار برندت وريمون سيوبيه نيکس فريرز ويليام فان آلن، وخلص البحث الى النتائج وهى جماليات کل من الطرازين وأثرها على أشغال الحديد المعمارى ، إضافة إلى توصية واحدة بالمزيد من الدراسة للفترات الزمنية التى تم تجاهلها.

الموضوعات الرئيسية


مقدمة  Introduction:

يتناول هذا البحث طرازين هامين ظهرا فى أوروبا فى الفترتين الزمنيتين اللتين سبقتا الحربين العالميتين الأولى والثانية، فيما بين عامى  (1880-1939) ، وکانت کل حرب منهما کفيلة بالقضاء على أحد الطرازين، کما لا يمکن نکران الدور المهم للأحداث السياسية في تغيير الذوق الفني لأوروبا، وخاصة تأثير الثورة البلشفية في روسيا، وما عکسته من نزعة توجه الفن والتصميم نحو مختلف شرائح المجتمع، تمهيدا لظهور جماليات صناعية جديدة اهتم فيها المصممون بالجمال الذى تنتجه الآلة ، وظهرت مدارس تبشر بعصر جديد علت فيه القيم الوظيفية والاقتصادية والإنتاجية على ما عداها من القيم الجمالية والروحانية والتراثية، ومنها الدي ستيل DeStijl، وحرکة التصميم الهولندية في1920والباوهاوس Bauhaus، ولم يکن الطريق إلى هذه الأساليب ممهدا، وإنما کان هناک شد وجذب بين قبول الآلة ورفضها، بين الحنين إلى الماضى وحرفه الجميلة، أو نبذهما والبحث عن جماليات جديدة، وکانت اتجاهات الفنون والحرف الانجليزية* ثم الآرت نوفو هى حلقة الوصل بين کلاسيکية القرن التاسع عشر واتجاهات التصميم في القرن العشرين، وهو الأمر الذى عززه الآرت ديکو فيما بعد ، مما ساعد فى ظهور"الآرت نوفو"،وتأثيره على حرکات الفنون والتصميم التي سعت لاستکشاف التصميم المتکامل، وقد کان لکل هذه الأحداث والمدارس والطرز تأثيرها البالغ على جماليات أشغال الحديد المعمارى ولواحقها من منتجات حديدية توظف فى شتى مجالات الحياة اليومية.

أهمية البحث  Importance of Research:

1. للدراسة أهميتها الأکاديمية المتعلقة بمقررين دراسيين هما: تصميم الحديد المعمارى وتاريخ الحديد، وهى تتناول فترة لم توف حقها بفعل تسارع الأحداث والمدارس التصميمية، وتغير الاتجاهات المتعاقب، کما تتناول جوانب وطرق تصميمية يجدر بالباحث الکشف عنها، ودعوة الطلاب للتعرف عليها وممارستها.

2. يلاحظ عدم وجود دراسات سابقة باللغة العربية، تناولت أشغال الحديد المعمارى في طرازى "الآرت نوفو Art Nouveau" و"الآرت ديکوArt Deco"، على الرغم من الافتتان بجمالياتهما حتى اليوم .

3. يعزز الدراسة التحليلية الباحثة عن الخصائص الأسلوبية فى أشغال الحديد المعمارى التى يتسم بها الطرازان اقتصار الکتب الأجنبية على توثيق أعمال متنوعة الطرز والمنتجات والخامات، أو تتناول المصممين من منظور تاريخى يشمل تخصصات تطبيقية متنوعة.

4. لاحظ الباحث أن کتابات مؤرخى طرز الحديد المعمارى مثل الألمانى أوتو هوفرOtto Hoover والانجليزى سير ستارکى جاردنرJ. Starkie Gardener لم تتضمن حرفا واحدا عن الطرازين، حيث صدرت موسوعاتهما قبل ظهور الطرازين، أما الأمريکى جيرلنجزGerald K. Gearings فإن کتاباته المؤرخة فيما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية تضمنت إشارات عن بدايات طراز الآرت نوفو وکذلک أحد المصممين المعاصرين للآرت ديکو هو ادجار برندت Edgar Brandet، مما يؤکد سبق الدراسة.

هدف البحث  Purpose of research:

 يهدف البحث إلى دراسة جماليات طرازى "الآرت نوفو" و"الآرت ديکو Art Deco"  وأثرها على تشکيل وبناء منتجات الحديد المعمارى.

مشکلة البحث  Research Problem:  

ليس کافيا انتساب الأعمال إلى الفترة الزمنية لظهور الطراز حتى تنتسب إليه، وهو الخطأ الذى وقعت فيه بعض المصادر، " فمن الضروري أن يتم البحث عن السمات الجمالية على أساس العناصر والخصائص الأسلوبية المشترکة لکامل الفترة وکامل الاتجاهات الفنية المميزة للطراز، وما بها من حداثة، من خلال النظر فى التصميمات نفسها " (6-122) على النحو الذى سيوضحه البحث.

منهجية وإجراءات البحث Research Methodology:

  • عرض أسباب ظهور الطرازين وأهم مراکز التصميم فى أوروبا.
  • التعريف بأهم مصممى الطرازين, لاسيما من اهتم منهم فى أعماله بتصميم المنتجات الحديدية.
  • انتقاء نماذج تاريخية مميزة تعبر عن الطرازين واختيارها من الأعمال المعمارية أو الکتب والمصادر التى تناولت الطرازين.
  • · تحليل جماليات الطرازين خاصة ما انعکس منها على أشغال الحديد المعمارى وإلقاء الضوء عليهما من خلال المقارنات التوضيحية کلما أمکن ذلک، وذلک باستخدام المنهح الوصفى التحليلى.

 

 فرض البحث :Research Hypothese 

 يتسم کل من طرازى "الآرت نوفو" و"الآرت ديکو" بجماليات خاصة أثرت بوضوح على تشکيل وبناء أشغال الحديد المعمارى والمنتجات الحديدية.

المحور الأول :طراز "الآرت  نوفو" (1880-1914) ART NOUVEAU

ظهور "الآرت  نوفو":

"الآرت نوفو" طراز دوليُ يرجع إلى بِداية القرن العشرين (1880-1914) " إشتقَّ أسمه مِنْ اسمِ محل في باريس يديره "سيجفريد بنج" الذي قام بعرض أعمالَ لم تنجح وقتها لکنها إنتشرت بسرعة فى نانس وبلجيکا (خصوصاً بروکسل) حيث " فيکتور هورتا" و"هنري فان دي فيلد"، اللذان أصبحا من رواد هذا الطراز، وفي "الآرت نوفو" البريطانيِ کان المرکز الأکثر أهميةً في بريطانيا جلاسکو بما أبدعه تشارلز رينيه ماکينتوش"(مرجع 9-108) ، "ونستطيع أن نميز بين مرحلتين من مراحل "الآرت نوفو": الأولى من عام 1890وحتى 1905وفيها نبذت التصورات التقليدية وعرفت بمرحلة التخلى والانقطاع cession، ووصلت ذروتها في المعرض العالمى في باريس سنة 1900، أما الثانية فمن عام 1905وحتى 1914، وقد اتصفت بإرساء دعائم وأسس هذا الاتجاه الجديد وقد دعيت بمرحلة الطراز الحديثModern Style ، وکان التمرد على النهج الأکاديمي قد امتد تدريجيا في جميع مجالات الفنون البصرية، فسعى للتعبير عن المبادئ الخلاقة والمشاعر الفردية والتحرر من النماذج التاريخية". (مرجع2-14)

طراز  له أسماء کثيرة:

" تعددت مسميات "الآرت نوفو" في البلدان الأوروبية، فکان يعرف في فرنسا بأسلوب Guimard نسبة إلى المصمم الفرنسي "هکتور جيومار Hector Guimard"، وعرف في ايطاليا بالطراز المزهرfloral style، وعرف فى انجلترا بطراز الحرية نسبة إلى البريطاني"آرثر ليبرتىArthur Lasenby Liberty"، أما في أسبانيا فقد عرف بالمعاصر Modernism، وفي النمسا عرف بطراز الانفصال Secessionist نسبة إلى جماعة(انفصال فيينا Viennese Secession)، وفي ألمانيا Jugendstil يوندستل نسبة إلى مجلة ألمانية تحمل هذا الاسم ومعناها الشباب Youth، وفى بولندا کان اسمها صغار بولندا Young Poland. (مرجع 4- 8)

الملامح الأساسية والخصائص العامة:

 يتميز "الآرت نوفو"  باتجاهين رئيسيين أحداهما الاتجاه العضوي الملئ بالحيوية واللاتماثل، ويتضح ذلک في أعمال المصممين الفرنسيين والبلجيکيين، بينما يتسم الاتجاه الآخر بالأسلوب الهندسي وأهم ما يمثله إنتاج مدرسة جلاسکو، ويتشارک الاتجاهان في الاهتمام العام بالجوانب الجمالية بدلا من الوظيفية، کما يتميزان بالفردية والابتکار من خلال:

1- وقف اقتباس وتقليد الطرز والأشکال التاريخية، والسعى إلى إطار مختلف يتسم بروح العصر.

2- الإحساس بمواد البناء الجديدة "من اجل إقامة علاقة متناغمة مع البيئة" (مرجع18) ، واستخدم السيراميک والزجاج والحديد المشغول الذى مثل دورا هاما فى حرکة "الآرت نوفو" وظهر فى البوابات والأسوار ومقابض الأبواب ووحدات الإضاءة.

3- استخدام بعض الخامات کالحديد السبائکى يمثل انعکاسا لعمليات التطور التکنولوجى فى نهاية القرن19.

4- تأثر التعبير المعمارى بالأجواء الخيالية الرومانتيکية.

6- استخدام الزخارف المستمدة من أشکال النباتات واللجوء إلى تغطية مساحات کبيرة بها، بمختلف الخامات کالحديد المطروق والخشب والجص التى تحمل فى طياتها أفکاراً أصيلة وحساً مرهفاً.

7-الاهتمام بالفنون التشکيلية والتطبيقية فى العمارة وإضفاء طابع جمالى غير مألوف على الواجهات بأشکال فتحات معمارية جديدة.

8- تصميم المنتج بعناية مهما کان مستوى الانتفاع به، مما مثل طفرة فى طريق بلورة علوم التصميم.

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فکر "الآرت  نوفو":

" کان "الآرت نوفو" أکثر من مجرد طرازstyle، کان وسيلة للتفکير في المجتمع الحديث وطرق الإنتاج الجديدة، وکان محاولة لإعادة تحديد معنى وطبيعة العمل الفني (المنتج)، وعدم إغفال منتجات الحياة اليومية مهما کانت وظيفتها "utilitarian" (مرجع 14)، ظهر کرد فعل للثورة الصناعية ومنتجاتها ذات المظهر الردئ، فکانت أفکاره هى النقلة الفنية بين الفن کفعل فردي والتصميم والإنتاج الکمى، فاهتم بمنتجات الحياة اليومية وحاول إسقاط الحواجز بين الفنون التطبيقية والتشکيلية(مرجع 16)، " وقد اتصف بتأثيره العاصف والشامل حيث لم يقتصر ذلک التأثير على الأشکال المعمارية فقط ولکن طال عناصر العمارة الداخلية وتصميم المفروشات والتجهيزات الداخلية للمبانى وکافة تفاصيلها، فاستعملَ فنانو "الآرت نوفو" الموادَ الجديدةَ، والسطوح التجريدية، ووظًّفوها في خدمةِ التصميمِ".(مرجع 5-21) " وأصبح الفنان -المصمم- يعمل على جعل الجمال والتناغم جزءا من الحياة اليومية، وجعل حياة الناس أفضل"(مرجع4-12)، "لقد أنهى إضافة الزخارف بطريقة تقليدية على الخامات والمواد الإنشائية، أنهى مرحلة التوافقية الأکاديمية التى سادت قبله، ويسر انتقالها إلى مراحل جديدية ". (مرجع 15)

السمات المعمارية للطراز:

ساهمت کتابات المعماري الفرنسي " فيوليه لو دوک Viollet Le-Duc" تحت عنوان "حوارات" في ستينات القرن التاسع عشر في خلق الأجواء المناسبة لتقبل تيارات معمارية جديدة، نظراً لما اتسمت به تلک الکتابات من مناشدة للمعماريين ليکونوا بنائين مهرة من خلال: (مرجع 15)

  1. التخلي عن الإفراط الفني فى التکوين المعماري.
  2. تبني مسلک تصميمي عقلاني يعتمد على اتحاد الشکل بالمحتوى.

3. الأخذ في الاعتبار خصوصية ونوعية الأسلوب الإنشائي، الذي ينبغي أن تظهر تأثيراته صريحة في المعالجات التصميمية، فيکون الحجر – حجرا والحديد – حديدا، وکان هذا سببا لأن يتجه "الآرت نوفو" نحو الأشکال الجديدة والتخلي عن الأساليب التقليدية، خاصة فى الفنون ذات الطابع التطبيقى(مرجع 10-11)، ثم انسحب ذلک تدريجياً على العمارة، فتم توظيف الفنون التشکيلية في العملية التصميمية بشکل واسع، واعتبرت هامة في تکوين الهيئة الخارجية للمبنى، إن کلاً من المعمارى والرسام قد شعر بأهمية التغيير، کما تأثر وتفاعل بأفکار وأعمال الآخر، کما قام أحياناً بأداء العمل نفسه، لإيجاد طريقة جديدة للحياة وابتداع أشکال جديدة وخطوط أکثر حرية مستوحاة من الطبيعة"(مرجع2–3) ، ويوضح هذا زخارف خطية فى الشکل رقم (1)، والتى قام الباحث بتحويل ألوانها إلى الأبيض والأسود لتوضيح تشابه خطوطها مع خطوط  باب حديدى فرنسى من تصميم Helman . (مرجع 13 شکل86)

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وفيما يلى يعرض الباحث لملامح تغير الشکل والمضمون فى عمارة  "الآرت نوفو":

1. " ظهرت العمارة في أشکال عديدة تقوم على اثنين من الأفکار الأساسية المتناقضة إلى حد ما، الفکرة الأولى: ترى العمارة کشکل من أشکال الفن التشکيلي، والفکرة الثانية: تتناول العمارة وفق مبادئ التصميم المستمدة من الإدراکات الرياضية لهياکل تم تبسيطها إلى أشکالها الأساسية مثل المکعب والأشکال متعددة الأوجه والسطوح.

2. اختار المصممون أنواعا جديدة من مواد البناء، وسعوا إلى منح المواد الإنشائية الجديدة کالحديد والخرسانة المسلحة دورا أکبر في العملية التصميمية، مع الترکيز على خواص الحديد والزجاج، اللذين ظهرا قبل أربعين عاما على ظهور طراز "الآرت نوفو" فى کريستال بالاس في لندن الذي بني لاستضافة المعرض العالمي لعام1851م، وبرج ايفل الذي بني لاحقا للمعرض العالمي في باريس عام 1889م".(مرجع 6–20)

3. "أهتم معماريو "الآرت نوفو" بجعل المناسيب متباينة الارتفاع في الحل الفراغى للمباني التى اتسمت بنزعة وظيفية واضحة، ومن هنا أضحى عنصر السلم بمناسيبه المختلفة محل الاهتمام.

  1. کان المعماريون يزينون الواجهات بلوحات فنية من الفسيفساء الملونة والسيراميک". (مرجع 15،14)
  2. خلافاً للأسس والمبادئ التکوينية فى العمارة الکلاسيکية تجنب معماريو "الآرت نوفو" تطبيق التماثل والتوجيه المحورى.
 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

6. طبقوا أسلوب التشکيل الحر على الفتحات المعمارية، خروجاً عن الأشکال التقليدية السائدة، فجرى کسر التناظر العمودي في البناء عن طريق تغيير شکل النوافذ في الطوابق المتتالية، ويوضح الشکل رقم (2) مجموعة من الفتحات المعمارية التى اتسم بها الطراز، ومنها الدائرى وغير المتماثل.. الخ، وقد مثلت هذه المعالجات المغايرة فى ذلک الوقت اتجاهاً عصرياً لقى انتشاراً سريعاً فى الواجهات وبعض العناصر المعمارية، دون أن تتناول المساقط أو البنية الحجمية والفراغية للمبانى"(المرجع السابق).

أهم مصممى "الآرت نوفو":

من أهم معماري"الآرت نوفو" فيکتورهـورتا وهيکتور جيمار وهنري فان دي فيلد وبيرنز وماکينتوش وجاودي، وقد أهتموا بتنمية العلاقة بين الزخرفة والإنشاء وکذا الشکل والوظيفة، وفيما يلى يعرض الباحث لأهم ملامح "الآرت نوفو" وفنانيه فى هذه الحقبة.

هيکتور جيمار HECTOR GUIMARD (1867–1942) :

هيکتور جيمار من أهم مصممى "الآرت  نوفو"، تأثر بنظريات فيوليه لي دوک، وماتزال أعماله علامات فى باريس، ومنها "مداخل محطة قطار الأنفاق "المتروبولتان" التى تعتبر تصميما غير مسبوق، دمج العمارة والفنون التطبيقية والنحت، "(مرجع 12 –31) ويوضح الشکل رقم (3) مکوناتها والأسلوب التصميمى الذى بنيت به:

  • تتکون المداخل من وحدات نمطية تنفذ بالصب فى القوالب(السباکة)، ويلاحظ أن هذا هو الأسلوب التقنى المفضل دائما لدى جيمار.
  • العنصر الأساسى فى الحواجز هو الدرع، وله طابع شعبي لا سيما خلال فترة الباروک. (مرجع 6 – 13)
  • · ليست المداخل على شکل واحد وإنما تتعدد إشکال تجميع عناصرها التکوينية حسب الاحتياج الوظيفى والبيئى، فبعضها يعلوه وحدات إضاءة وبعضها يعلوه لوحة إعلانية، کما تعلوه دائما مظلة ( سقيفة).
  • · اتسمت تصميمات هيکتور بالطابع النحتى العضوى، فکأنها نباتات شجرية منحوتة بعناية فائقة التفاصيل، تتناسب مع تقنية التشکيل بالصب فى القوالب.
  • يجمع أسلوب هيکتور جيمار الفنى بين براعة استخدام الخط وبراعة التجسيم التشکيلى فى تصميم الحشوات الحديدية.

 

لافايروت  J. Lavirotte:

 تميزت أعمال المصمم لافايروت J. Lavirotte برقة بالغة وبحلول تصميمية کانت هى الأهم فى مجال الحديد المعمارى، وتمکن من الخامة فى مختلف أشکالها، فعمل مقابض مسبوکة على هيئة السحالى بذيولها اللينة، وثبت رقائق الألواح الحديدية المطروقة على جوانب الإطارات الخشبية التى أبدع فى توظيفها بشکل فريد وغير مسبوق، أما الفراغات التى أوجدها داخل هذه الإطارات فشغلها بالوحدات الخطية، فى استمرارية بصرية لم تعقها الکتل الخشبية للإطارات، فتشععت من مصدر أوعدة مصادر، وصار امتدادها هو الرابط البصرى لعناصر الباب، وليس الإطار وحده، وصار هذا الأسلوب من أهم سمات "الآرت نوفو"، ويوضح هذا الشکل رقم (4) وجدير بالذکر أن أجمل أعمال الحديد المطروق فى طراز الآرت  نوفو تم تنفيذها بيد مصممين ومعماريين فرنسيين.

اوتوفاجنر Otto Wagner (1918– 1841) :

"اوتو فاجنر" من اهم المعماريين الألمان، انتقل خلال حياته المهنية من الأساليب التاريخية التى يتضح فيها غلبة تأثير طرز النهضة خاصة الباروک على أعماله، إلى نمط وأسلوب مدرسة حرکة الانفصال Secession 1897، التى کان أحد مؤسسيها مع جوزيف هوفمان "Joseph Hoffmann1870– 1956"، ومن تصميمات فاجنر الحديدية مدخل محطةKetten brück في فيينا1894-1900 وحاجز نهرى بالنمسا.

 

هنرى فان ديفيلد  Henry Van De Velde (1863–1957) :

تأثر المصممين الألمان بإسلوب "الآرت نوفو" عن طريق هنري فان ديفيلد"، الذى کان موسيقياً وفناناً وأديباً ومعمارياً، تأثر بأفکار أوتو فاجنر، عارض فى بداية حياته کلا من التقليد والآلة، بنى مدرسة الفنون فى فايمر عام 1906- التى صارت نواة الباوهاوس فيما بعد- أثارت أفکاره حول العناصر التجميلية فى العمارة الاهتمام، فرأى أن الزخارف بالنسبة للمجتمعات القديمة کانت بمثابة الرمز، وبالتالى فقدت معناها، وأصبحت العمارة الجديدة بحاجة إلى زخارف جديدة، تساعد على ترکيز المشاهدة وإظهار الإنشاء وعناصره الأساسية، وتخدم المبادئ التکوينية فى الشکل المعمارى، کما رأى فان دى فيلد أن الإبداع المعمارى يجب أن يتحلى بالحکمة والمعالجة المنطقية القائمتين أساساً على المعطيات التقنية والجمالية لمواد البناء المستخدمة فى کل زمن وکل عصر... رأى نفسه محارباً ومنقذاً، فرفض الکثير من أعمال "الآرت نوفو" ووصف أعمال "فيکتور هورتا" بأنها من الخيال الجامح غير المنضبط ، کما وصف تحف "جالي" الزجاجية بأنها لا شيء أکثر من الانحطاط الساحر.

هاجم الزخارف النباتية والخطية باعتبارها إفساد "الآرت  نوفو"، أراد أن يخلص العالم من جشع الربح، فکان مشغولا بالتعامل مع الاحتياجات اليومية، وان کان لم ينجح في حل التناقض بين النظــرية والممارسة، سواء في فنه أو نقده الاجتماعي، (مرجع 6 – 28:42) إلا أن أفکاره کانت هى الغرس الذى أثمر في ألمانيا اليوندستل Jugendstil، ثم مدرسة الباوهاوس لاحقا، ويوضح الشکل (6) تصميمات حديدية تنتسب الى اليوند ستيل، يلاحظ اتساقها مع فکر"الآرت نوفو"، مع لمسة قومية ألمانية من محبة تمثيل العناصر الطبيعية بخامة الحديد المطروق.

انطوني جاودي ANTONI GAUDI (1852– 1926) :

 يمثل المعماري الأسباني" انطوني جاودى" فن العمارة التعبيرية التى سادها الخيال، وخالفت جميع مبادئ البناء المعروفة، فلم يستخدم الخطوط المستقيمة مطلقا، دمج جاودى التقاليد الاسبانية والأفکار الصوفية فى المباني التى شملت کل الأشکال الممکنة لجميع أنواع الحيوانات والنباتات، کما اتصل فنه بالأفکار الاجتماعية(مرجع6–90)، وفى مبنى باتلوBatllo1905-1907في برشلونة استخدم الخرسانة لخلق أشکال مرنة غير تقليدية، تنطوي على إفراط جمالى واضح، محاکياً صور الطبيعة کهيئات الصخور وقواقع البحر والأشجار، ويأخذ مبناه " کازا ميلا Casa Mila1906-1910" ذو الستة طوابق، شکل صخرة جبلية ضخمة، في حين جاءت فتحات النوافذ في ذلک المبنى قريبة الشبه بفتحات مغارات الجبال العميقة، واتسمت سطوح جدرانه الخارجية بمنحنيات ذات أشکال متموجة بارزة، تعزز الانطباع العام بأننا أمام قطعة حيّة من الطبيعة ، وليس منشأ ينهض وفق قوانين الإنشاء، استخدم حلولاً إنشائية جديدة اتسمت بالجرأة والإقدام، إذ نلاحظ غياب تام للجدران الحاملة الداخلية، مستعيضاً عنها بأعمدة خرسانية، کما استطاع أن يوظف الشرفات الخارجية ذات الأشکال المنحنية والمتموجة لزيادة متانة المبنى وصلادته، ويعد "جاودي" من المعماريين الأوائل الذين استخدموا في أعمالهم العقود الخرسانية ذات أشکال القطع المکافئ Parabola، هذا فضلاً عن وجود مجموعة من المنحوتات المعدنية المعلقة في فجوات مداخل البوابات، الأمر الذي يکرّس الإحساس بغرابة المشهد المعماري، إن أعمال "جاودي" کانت دائماً مشوبة بالمتناقضات، وعبر أعماله تجّلت مبادئ "الآرت نوفو" وقيمه بأقصى تعبير لها.(مرجع 15)، کما يوضح الشکل رقم (7) انعکاس هذا على أسلوب جاودى فى معالجة أشغال الحديد المعمارى، الذى يسعى إلى إحداث التأثير العنيف بأقصى طاقة يحملها الشکل، وبأقصى امکانية للخامة، ففى الصورة العليا احدى الوحدات التکرارية لحاجز سور خارجى نفذ بأسلوب الصب فى القالب، وبقية الصور توضح شغفه باستخدام خطوط عريضة ذات طابع عضوى يحنيها ويلفها لإحداث تعبير مبالغ فيهمستخدما الشرائح الحديدية السميکة، وإن کان بعيدا عن الحديد المعمارى التاريخى، إلا أنه يحتفظ بشخصيته المستقلة المميزة، وقدرته على تنمية أساليبه الفنية فى کل عمل يعهد اليه به.

رينيه ماکينتوش CHARLES RENNIE MACKINTOSH (1868-1928) :

لم يجد "الآرت نوفو" قبولا في بادئ الأمر في انجلترا، ثم شارکت مدرسة جلاسکو بقيادة تشارلز ماکنيتوش، الذى مزج بين الإسلوب التقليدي للمباني الإنجليزية وأفکاره الإبداعية،  وقام ماکينتوش بالتأکيد علي الخطوط الرأسية والمبالغة في الضخامة والتجريد والبساطة وقوة الاتزان, واهتم بالظل والنور واتسم أسلوبه الزخرفي بأشکال الأزهار والسيقان ذات الطابع التجريدي البسيط التي تتصاعد کالدخان، کما تميز بعضها بالأشکال المربعة والشبکية والانحناءات الرقيقة، وتعد الأثاثات التى ابتکرها من إبداعاته التى ماتزال تتدوال حتى اليوم والتى ساهمت بجمالياتها الصناعية وخطوطها المستقيمة فى رواج أثاثات بسيطة أثرت بدورها على تصميم منتجات الأثاثات المعدنية، وتوضحها الشکل رقم (8) .

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

فيکتور هورتا VICTOR HORTA (1861- 1947) :

المعمارى البلجيکى "فيکتور هورتا" أستاذ السطوح الراقية والخطوط الإيقاعية، دائما ما تکون عناصره مدروسة بعناية، وفريدة من نوعها، تشبه أعماله إلى حد کبيرأعمال جيمار Guimard(مرجع6- 73)، ومن أهم تصميماته بيت" تاسيل1890- 1893Tassel House " في بروکسل، المدهش بعدم انتظام الواجهة واتساع النوافذ الزجاجية، وأسلوب توزيع مکونات البيت، فقد نظم توزيع الغرف حول صالة مرکزية بالقرب من السلم الداخلي، مما جعل هيکله الحديدي مکشوفاً، غير انه عالج سطوح عناصره الترکيبية وما بينهما بزخارف مشغولة بالحديد المطروق، اتسمت تشکيلاتها الفنية بالمغالاة في الزخرفة والرسوم المرکبة، وحرص على خلق أشکال جمالية جديدة انطلاقاً من خاصية معدن الحديد، ولاسيما التأکيد على مرونته،ويوضح الشکل رقم (9) اهتمامه بعنصر السلم وحاجز الدرج، والأعمدة الحديدية الرشيقة التى تلتف حولها حلايا حديدية خطية (مرجع 19) ، واهتم هورتا بالتفاصيل الدقيقة بدءا من العمارة وحتى مقابض الأبواب, واهتم أيضا بالتشکيل الجداري مستخدما المنحنيات وأشکال الخضراوات والأشکال الدوامية، وله أعمال أخرى کثيرة.

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور الثاني :

طراز "الآرت ديکو" (1925-1939)  ART DECO

شاع "الآرت ديکو" فى الفترة مابين الحرب العالمية الأولي والثانية (1918-1939) وکانت نهايته مع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1941، وأخذ عنوانه من المعرض العالمي "Exposition Internationale des Artsb De`coratifs et Industriels Modernes" الذي أقيم في باريس عام1925، ونوقشت فيه العديد من الموضوعات التي ترتبط باللون والضوء والتصميم والذوق الجيد والبحث عن جماليات جديدة تتوائم مع حاجة العصر وإلقاء الضوء علي إنجازات التصميم والصناعة، وطراز "الآرت ديکو" يحمل بين جنباته سحراً وجاذبية وحيوية تجعله يتلائم مع العديد من الأذواق والحقب الزمنية المختلفة, وظهرت أصداؤه بعد ذلک فى إتجاه ما بعد الحداثة POST-MODERNISM، وکان "الآرت نوفو" في فرنسا والتعبيرية الألمانية والتعبيرية الهولندية, کما کان للمذهب التکعيبي والطراز العالمي أثر عظيم علي طراز "الآرت ديکو" وحرکة فيينا الإنفصالية وناطحات السحاب الأمريکية المبکرة والإنشاءات المعدنية الضخمة وتأثر طراز "الآرت ديکو" بمدرسة شيکاغو والمعمارى لويس سوليفان في الفـترة ما بين (1875–1910) حيث المقاييس الضخمة والانشاءات المعدنية والستائر الحائطية ذات الوحدات الزخرفية الشبکية والنوافذ الفسيحة، واتصفت أعمال فرانک لويد رايت التي تزامنت مع تلک الحقبة بطراز "الآرت ديکو". (قارن مرجع 1–20)

علاقة "الآرت ديکو" ب"الآرت نوفو":

کانت منتجات "الآرت نوفو" مرتفعة الثمن وتخاطب الطبقة الراقية من المجتمع، وبعدما بدأت عمليات الإنتاج بأسلوب الإنتاج الکمي فقد "الآرت نوفو" الکثير من حيويته الطبيعية، نظراً لتحول التصميم للتوافق مع تقنيات الإنتاج الحديث، فطبيعة تصميمِات "الآرت نوفو" کانت مکلفة جداً في إنتاجها، وبَدأَت تصب في مصلحة الحداثة ذات الخطوط المستقيمةِ الأکثر کفاءةً إنتاجيا، والأرخص تکلفة، مما جعل الأفکار أکثر إخلاصاً للجمال الصناعيِ البسيطِ الذي أصبحَ نواة لطراز"الآرت ديکو"، وهو على غير الظاهر لم يتضاد مع "الآرت نوفو" ولکنه کان امتداداً له في صور متعددة مثل استغراقه في الزخارف الوفيرة والخامات الجميلة والحرفة الماهرة، وتحول التعرج والتموج فى "الآرت نوفو" إلي التجريد والنقاء وتحديد نظام يعبر عن إيقاع الحياة اليومية، کما حمل طراز "الآرت ديکو" تصميمات جريئة تتسم بالإفراط في الجدية والجوانب النفعية للتوائم مع متطلبات المجتمع ". ( مرجع 8)

فکر "الآرت ديکو"،:

 إهتم المصممون بالموضوعات الجمالية مع تحقيق جودة رفيعة المستوي يغلب عليها طابع الإنتاج الکمي، کما أعاد النظر فى مستقبل الفنون وخاصة بعدما نشط المذهب الوظيفي EARLY FUNCTIONALISM خارج فرنسا حيث حزب العمل والصناعة في ميونخ وحرکة فيينا الانفصالية ومدرسة جلاسکو في إنجلترا والديستيل في هولندا والتى تهدف جميعا للتأکيد علي التصميم الوظيفي وتوافق الفن مع الصناعة والتقدم التکنولوجي، الذى جعل من الزخرفة حالة هامشية في التصميم، کما إهتمت أفکار الترکيبيين الروس والديستيل وفيما بعد الباوهاوس بالتعبير عن لغة تشکيلية هندسية جديدة تبتعد عن الزخرفة الغير ضرورية والتى أصطلح عليها بضد الزخرفة ANTI-ORNAMENTATION، وتتعدد مظاهر "الآرت ديکو" لتلبي مختلف الأذواق، النقائيين واختزالية التصميم الحداثي وبهاء وتألق الرومانسيين والتحول من التصميمات ذات الطابع الوظيفي الي النظم الکاملة للزخرفة، واتسمت أشکاله بالمربع والخط المتکسر ZIGZAG،والخط المدرج STEPPED. ( مرجع 9-25)

العمارة والتصميم فى "الآرت ديکو" :

تضمن "الآرت ديکو" العديد من نظم البناء المتنوعة، وسمى بالطراز العالمي UNIVERSALISM خصوصا في شمال أمريکا، حيث ناطحات السحاب مثل مبني شرکة کرايسلر الذى صممه المعماري ويليام فان آلن عام 1930، ومبني الإمباير ستيت 1931-1932، وفندق کولينز بارک1939، قام بتصميمه المعماري هنرى هوت هاوس عام ، کما حفر التصميم الصناعي اسمه في حقبة "الآرت ديکو" عندما إستعانت المصانع بالمصممين الصناعيين لتطوير المنتجات، ويصعب أحيانا الفصل بين التصميم الداخلي والتصميم الصناعي في طراز "الآرت ديکو" في ظل وجود رواد قاموا بالعمل في کلا المجالين، وساعد ذلک استخدام الخامات الحديثة والمبتکرة مثل البلاستيک لخلق بيئة متوافقة مع تکنولوجيا العصر آنذاک.

أشغال الحديد المعمارى :

" إزدهرت الأشغال المعدنية في حقبة "الآرت ديکو" وبخاصة خامات الحديد والبرونز والنحاس في فترة العشرينات والألومونيوم والفولاذ والکروم في الثلاثينات حيث البوابات الخارجية والأبواب الداخلية والمصاعد والدرابزينات والمداخل ، کما أستخدم في العديد من قطع الأثاث المختلفة واتسمت جميع الأعمال بالابتکار والإبداع والتأکيد علي المظهر البراق الذى تعکسه خامة الزجاج والمعادن والحوائط ذات المرايا والأفاريز الزخرفية المعدنية، وتحددت أشغال "الآرت ديکو" المعدنية في اتجاهين رئيسيين يتسم الأول بالإسلوب التقليدي الذى يستلهم أفکاره من عناصر الطبيعة والطيور والزهـور والحيوانات والسحاب والشلالات وغروب الشمس والتي حوت علي تشکيلات هندسية متنوعة تتصف بالمبالغة، وإرتبط الاتجاه الثاني بالموضوعات الحداثية التي تشکل صورة هندسية بسيطة وخطوط عقلانية بالإضافة الي البحث في خطوط الماکينات والطائرات والسفن وأصبح الخط المستقيم يمثل قيمة جمالية جديدة، ومن أهم المصممين الفرنسيين اللذين عملوا في الأشغال المعدنية الباريسي إدجار برندت وريمون سيوبيه، وفي نهاية عشرينات القرن العشرين أنتج الأثاث المعدنى عن طريق المعماريين ومصممى الأثاث واعتلت فيه القيم الوظيفية مکانة مرتفعة، ويوضح الشکل رقم (10) نماذج من تصميمات الآرت ديکو الحديدية.

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أهم مصممي "الآرت ديکو":

تضمن "الآرت ديکو" ثلاثة اتجاهات مختلفة من المصممين, أصطلح علي تسمية الاتجاه الأول بالتقليديين THE TRADITIONALISTS الذين إعتبروا القرنين الثامن عشر والتاسع عشر نقطة الانطلاق فى التصميم, بينما أطلق علي الاتجاه الثاني بالحداثيين MODERNISTS اللذين جعلوا من الآلة مرجعا جوهريا لجمالياتهم واعتنقوا المذهب الوظيفى، وصمموا أشکالاً تتسم بالتجريد والبساطة, في حين اتسم الاتجاه الثالث بالفردية INDIVIDUALISTS وصدق التعبير بحثا عن التميز والتفرد.

ادجار برندت) EDGAR BRANDT1880-1960)

إبتکر ادجار تصميمات هائلة في مجال الأبواب ودرابزين السلالم والمکملات المنزلية والحلي ووحدات الإضاءة والدفايات …الخ، وشغف بالمعادن وجعلها تحتل مکانة متميزة في أعماله، واتحد معظمها مختلف الأشکال الإنسانية والحيوانية والوحدات الزخرفية الزهرية وبخاصة شکل الثعبان المستوحي من الطراز الفرعونى، وشغلت معظم مسطحاته بالزخارف الکثيفة التي تميز أسلوبه الفني، وعادة ما يشير برندت في أعماله إلي الجـــانب التذکاري والزخرفي، إضافة إلى جرأته في استخدام الخامات والتقنيات الحديثة، ودقة التفاصيل وبخاصة کل ما يتصل بالمظهر الخارجي للعمل، وغالبا ما يستـــخدم اللحامات الأوکسجين الغير مرئية في تثبيت العناصر الزخرفية وإخفاء وسائل تثبيت التفاصيل الإنشائية ويوضح الشکل رقم (11) نماذج من تصميمات ادجار برندت الحديدية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ريمون سيوبيه  RAYMOND SUBES(1891-1970):

 تميزت أعماله بالغني والأناقة الناتجة عن البساطة والتقنيات المتقدمة التي کان يستخدمها, وهدف ريمون سيوبيه لمراعاة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية, مما دفعه للبحث عن إنتاج تصميمات ذات تکلفة زهيدة، لذا فإن التزاوج بين التصميم والتقنيات الصناعية کان واحداً من السبل الهامة لتحقيق ذلک، وأنجز العديد من التجارب التي تهدف إلي ابتکار عمل جيد وجميل ورخيص الثمن في آن واحد، وأهم هذه التقنيات تلک التي قام فيها باستخدام أسلوب القولبة للتوافق مع عمليات الإنتاج الکمي، وبالرغم من ذلک کانت لريمون سيوبيه أعمال فريدة تتسم بالحرفة اليدوية الدقيقة.

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نيکس فريرز NICKS FRERES   )1900-1950(:

ولد في المجر وعمل في باريس مع أخيه رنجو فريرزRaingo وقاما بإنتاج موضوعات متکاملة من الأشغال المعدنية الزخرفية سواء في مجال الأثاث أو العمارة وتميزت أعمالهم بأسلوب الطرق اليدوي ذو الجودة العالية والحرفة اليدوية الماهرة، ويوضح الشکل رقم (13) نماذج من تصميماته الحديدية.

 

ويليام فان آلن  WILLIAM VAN ALLEN    1883-1954  :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يعد فان آلن من الرواد الأوائل في استخدام خامة الفولاذ لتکسية واجهات وأسطح عدد کبير من المباني، و أشهر مثال علي ذلک مبني کرايسلر بمانهاتن بمدينة نيويورک.

 تصميمات معاصرة تأثرت بالطرازين:

استمر افتتان المصممين بجماليات طراز الآرت نوفو خاصة فى مجالات العمارة الداخلية والفنون التطبيقية، ويوضح الشکل رقم (14) بوابة من الحديد المطاوع  للمصمم الأمريکى انريکو والتى اسماها "شجرة المعرفة" ، وفى هذه بوابة يوظف انريکو رموزا من الثعبان والتفاح التي ترمز إلى خلق الکون، وقد استخدم انريکو فيها الأسلوب التقنى للتشکيل بالطرق الحر على الساخن وعلى البارد باستخدام الضربات المتکررة مع المطارق المتخصصة، وباستخدام خامات الحديد والنحاس. (مرجع 20)

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخلاصة والنتائج والتوصيات

بعدما تقدم من دراسة الملامح الأساسية والخصائص العامة لکل من الطرازين يخلص الباحث إلى جماليات کل منهما وأثرها على منتجات الحديد المعمارى وهى هدف البحث.

 

جماليات "الآرت نوفو"وأثرها على أشغال الحديد المعمارى :

يهتم "الآرت نوفو" بالشکل ويقدمه على المحتوى النفعى، فيرى البعض أن تحف "الآرت نوفو" الفنية کائنات فنية جميلة ولکنها ليست بالضرورة وظيفية functional تماما" (مرجع3-23) ،ويتسم "الآرت نوفو" بالجماليات التالية :

1.حرية الخطوط وانحناءاتها وحسيتها.

2.المعايير البصرية لطراز "الآرت نوفو" مسطحة تماماflat، وفى مجالات الرسم والتصوير غالبا ما يتم القضاء على البعد الثالث من خلال خفض التظليل (مرجع 17)، وقد تأکد هذا فى مجال الحديد المعمارى بعدم الاهتمام بالبعد الثالث وإهمال العناصر التى تؤکد التجسيم ـ مثل أوراق الأکانتس والتوليب المجسمة، من ناحية أخرى فالنزعة الخطية لدى کبار مصممى هذا الطراز مثل فيکتورهورتا جعلت تصميماته خطية تماما ، ويوضح شکل رقم (9) نماذج من  تصميمات الحديد المعمارى فى مبانيه.

3.تتشابک الأشکال العضوية من فروع نباتية وزهور وحشرات وأشکال ملتوية، وخطوط وهيئات مجردة استخدمت لملء الفراغات البصرية للموضوع الفنى، نجد لغة جديدة أخذت مواضيعها وزخارفها من الطبيعة ودلالتها الرمزية. (مرجع3-11)

4.کان الإيقاع المتدفق هو المزاج الأساسي لفن يسعى للتعبير من خلال کافة المکونات المختلفة للتصميم، والأقواس والمنحنيات توحي بالاستمرارية بدلا من التقطع، وتؤکد هذا الشکل رقم (4) للمصمم لافايروتJ. Lavirotte.

5.تکونت شخصية "الآرت نوفو"من الأشکال المتَمَوُّجة والديناميکية والخطوط المتَدَفُّقة والأقواس المتنوعة ذات الإيقاعاتِ المتغيرةِ، مع استعمال القطوع الزائدةِ والمکافئةِ، لتبدو القوالب التقليدية کأنما دبت فيها الحياة ونمت من أشکال النباتات أو قرون الوعول.

6.استعمل "الآرت نوفو" الکثير من المفردات الفنية الشرقية من اليابان والصين، إلا أن هذا لم يؤثر بدرجة ما على أشغال الحديد المعمارى.

7.هناک عناصر مشترکة بين"الآرت نوفو" وبين "الباروک"، خاصة استخدام وحدات motifs الأسماک والحشرات التى تنهى الشکل الخطى للحلزون   scroll-shaped وتؤکد على التشکيل، وجدير بالذکر أن الحرکة الديناميکية المستمرة فى موجات ومنحنيات تشبه جماليات طراز"الباروک"، ليس هذا فحسب ولکن العامل المشترک الأکبر بينهما خاصة فى مجال الحديد المعمارى المشغول، هو أن کلا منهما يعتمد فى الإدراک البصرى بشکل أساسى على وحدة الانطباع الکلى الشامل حيث تدرک العين مجموع الزخاف المتداخلة دفعة واحدة .

8.اعتبر طراز "الروکوکو" الملهم الروحي ل"الآرت نوفو" في فرنسا، فکلاهما يؤکد علي العنصر الزخرفي أکثر من العنصر البنائي الترکيبي.

9.استفاد "الآرت نوفو" من جماليات الطرز السابقة عليه ولم يهمل حيلها التصميمية فکما تواجد أسلوب وحدة الانطباع الکلى الشامل، تواجد أسلوب تکرار الوحدات المديولية، ومن الخطأ أن ننظر إلى "الآرت نوفو" من خلال الطرز السابقة، ومن الخطأ أيضا أن نغفل وجود سمات معينة أستخدمها الفنانون في الماضي، لکن کل هذه العناصر الجديدة والقديمة تشکل ظاهرة الآرت نوفو الفنية ".(مرجع 6 –15)

10. لم يقدم مصممو "الآرت نوفو" مساهمات فنية جديدة على مستوى التناول التقنى للـخامة، وان استعملوا التراکب والتضفير والتشــعع والتداخل بنهج ينبع من معالجة الرسام الخطية، أکثر من إدراک الحرفى لإمکانات الخامة.

جماليات "الآرت ديکو"وأثرها على الحديد المعمارى :

1. لم يتضاد "الآرت ديکو" مع "الآرت نوفو" وکان امتداداً له في استغراقه في الزخارف الوفيرة والخامات الجميلة والحرفة الماهرة، وتحول التعرج والتموج فى "الآرت نوفو" إلي التجريد والنقاء وصارت الأفکار التصميمية أکثر إخلاصاً للجمال الصناعيِ البسيطِ .

  1. إهتم المصممون بالموضوعات الجمالية مع تحقيق جودة رفيعة المستوي يغلب عليها طابع الإنتاج الکمي وخاصة بعدما نشط المذهب الوظيفي.

3. تتعدد مظاهر "الآرت ديکو" لتلبي مختلف الحاجات، فيتصل بالنقائيين وإختزالية التصميم الحداثي وبهاء الرومانسيين، والتحول من تصميمات الطابع الوظيفي الي النظم الکاملة للزخرفة.  

  1. اتسمت أشکاله بالمربع والخط المتکسر ZIGZAG ،والخط المدرج STEPPED.

5. تحددت أشغال "الآرت ديکو" الحديدية في اتجاهين يستلهم الأول أفکاره من عناصر الطبيعة والتي حوت علي تشکيلات هندسية متنوعة تتصف بالمبالغة، وإرتبط الاتجاه الثاني بالموضوعات الحداثية التي تشکل صورة هندسية بسيطة وخطوط عقلانية.

التوصيات:

يوصى الباحث بالدراسة المدققة للحرکات الفنية والمدارس والطرز المعمارية خاصة فى مجالات المنتجات الحديدية، فهناک حقب وبلدان تم تجاهلها، خاصة في فترة ما بعد الثورة الصناعية وقبيل القرن العشرين.

 



  • · تشکلت حرکة الفنون والحرف ARTS & CRAFTS MOVEMENT في انجلترا عن طريق اسهامات کل من جون راسکن JOHN RUSKIN1814-1900 ووليام موريس WILLIAMMORRIS1834-1896، عندما عززت تقنيات الانتاج الکمي فکرة اعادة انتاج الطرز التاريخية, tناهض وليام موريس الطراز الفيکتوري ودعى الى الإهتمام بالحرفة والتصميم الجيد، واعتبر أن الثورة الصناعية فصلت الانسان عن إبداعاته, کان يريد إصلاح الفن وتغيير المجتمع، من خلال إصلاح إنتاج الفنون والحرف الرئيسية، وتحقيقا لهذه الغاية، رفض جميع الآلات واعتمد على الصنع اليدوي، دون اعتبار للبيئة المعاشة(مرجع 5–27) ، وکان من الصعب التوفيق بين المفاهيم الفکرية والروحية لعالم العصور الوسطى وزمنه، لذلک جاء الترکيزعلي هذا الأسلوب الذي يتطلب مهارة عالية، وحرفية متقنة، وتمکّن من الصنعة، لکي تقف إزاء ما تقدمه الآلات ، غير أن هذه المنتجات کانت غالية ، ولم يکن بإمکان الفقراء اقتنائها، وکانت حکراً علي الأثرياء، وقد اتخذ "الأرت نوفو" نفس النهج فأکد على الحرف اليدوية فى مواجهة التصنيع الآلى.
  1. References

    1. Alastair Duncan, Art Deco Complete, The Definitive Guide to the Decorative Arts of the 1920s and 1930s, Dover Co, 1999.
    2. Carol Belanger Grafton(Editor), ART NOUVEAU Motifs and Vignettes , (Dover Pictorial Archive Series,March 1, 1989.
    3. Carol Belanger Grafton(Editor), Treasury of ART NOUVEAU Design & Ornament, (Dover Pictorial Archive Series), 1980.
    4. Edmund V. Gillon Jr. (Editor),, ART NOUVEAU  An Anthology of Design and Illustration from, "The Studio" Dover Pictorial Archive Series,June1, 1969.
    5. Frederico Santi, John Gacher, ART NOUVEAU of Austria and Hungary, Schiffer Publishing , 2006.
    6. Gabriele Sterner, ART NOUVEAU, An Art of Transition, From Individualism to Mass Society, Frederick G. Peters and Diana S. Peters, Title of German edition is: JUGENDSTIL by Gabriele Sterner, First English-language edition 1982 by Barron’s Educational Series, Inc
    7. Gerald K. Geerlings, WROUGHT IRON IN ARCHITECTUR, Dedicated  to The school of Architecture  University of  P Pennsylvania, Bonanza  books , New York,1928
    8. Henri Clouzot, Art Deco Ornamental Ironwork, Dover Co, 1995.
    9. Klaus- Jurgen Sembach, Art Nouveau, Taschen ,  1999.
    10. M. P. Verneuil, ART NOUVEAU, Floral Patterns and Designs , Dover Pictorial Archive Series, January 19, 1998.
    11. Raymond Subes, French Art Deco Ironwork Designs, Dover .
    12. Schmutzler, Robert, ART NOUVEAU, Translated by Edouard Roditi. New York: H. N. Abrams, 1962.
    13. Theodore Menten , ART NOUVEAU  decorative ironwork, Original Dover publication, Captions, Index, 137 photographic.

    Web sites:

    1. http://www.huntfor.com/absoluteig/gallery.asp
    2. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp  
    3. http://muhtawa.org/index.php 
    4. http://www.nukhba.net
    5. http://www.nga.gov/feature/nouveau/exhibit_time.htm
    6. http://artnouveau.freeservers.com/index.html
    7. http://www.artmetal.com/enrique
    8. http://paris1900.lartnouveau.com/index.htm