استراتيجيات التربية والتعليم العربية من منظور نقدي

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

أستاذ أصول التربية کلية التربية النوعية بالمنصورة جامعة المنصورة

الموضوعات الرئيسية


مقدمة:

لما کان هذا الموضوع هو استراتيجيات التربية والتعليم العربية من منظور نقدي فقد حرص الباحث على أن يدرس بعض الاستراتيجيات التى اتيحت له ويلقى الاضواء عليها لفهم طبيعتها ومبادئها واتجاهاتها من حيث مدى تحقيقها لأهدافها العاجلة والآجلة.

وفيما يتصل بطبيعة الاستراتيجيات العربية للتربية يمکن القول بأنها ليست استراتيجيات نهائية حيث أنها لا تقدم أفکارا ، أو أحکاما قاطعة، کما انها لا تفرض نظاما موحدا وجامدا يعمم في کل الاقطار العربية ولکنها عبارة عن  فکر اجتهادي ، وصفى، تحليلي ، وتوجيهي قابل للمناقشة والأخذ ، والرد ، والتعديل ، والتطوير، هذا بالاضافة إلى أنها  في خطوطها العريضة – ليست إلا موجهات عامة ، بعيدة عن روح الخطة المحددة ، أو الخطة المفصلة ، والتى تحمل بين طياتها قوة الالزام والتنفيذ بشکل جبري لا خيار فيه .

إن الاستراتيجية في احسن وصف لها تمثل "خطوط سير توصل الى هدف عام مشترک تنحصر مهمتها في تحديد وجهة السير ، وتوضيح طبيعة المسير ومستلزمات السير والمعنى فيه ، وتکشف عن نوعية الصعوبات التى تواجهها ، وتقدم من المعالم البارزة ما يمنع الانحراف بأيسر السبل وأحسنها الى غاية المسير".(1) ويمکن القول بانها عبارة عن أضواء توضع على الطريق تهتدي بها الدول العربية في رسم خططها وتنفيذها وتصحيحها، کما يمکن النظر إليها على أنها مجموعة من الاهداف الکلية طويلة الاجل التى يعتقد أنها تشکل ـ إذا ما تحققت ـ تطورا حضاريا عميقا وشاملا للمجتمع مصحوبة بالوسائل التى تضمن تحقيق هذه الاهداف.(2).

وقد جاء فى تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أن الاستراتيجية تمثل مجموعة من الافکار والمبادىء التى تتناول ميدانا من ميادين النشاط الانساني بصورة شاملة متکاملة، تکون ذات دلاله على وسائل العمل ومتطلباته واتجاهات مساراته بقصد إحداث تغيرات وصولا الى أهداف محددة .(3) ، أما فيليب کومبز فيذهب فى هذا الصدد إلى أن الاستراتيجية هى عبارة عن وضع إطار لسياسات تعليمية معينة تستهدف المحافظة عليها فى توازن معقول ، وتکامل وتوقيت ملائمين حسب وزنهما وتوجيههما الوجهة الصحيحة . (4)

ومع أن الاستراتيجية تحمل في طبيعتها مفهوم التغيير الجذري الشامل ، فإن دعوتها لا تقوم في فراغ ، ولا تخلق شيئا من عدم ، فهناک نظم تعليمية عربية متفاوتة لها استراتيجياتها، ومنها ما يلتقى بشکل أو بآخر مع الاستراتيجية الموضوعة في کثير من مبادئها وعناصرها ، ويکون الجديد الذى تاتي به استراتيجية التطوير التربوي يتمثل في الرؤية الشمولية لحرکة التعليم القومي العربي بحيث يکون لأى إصلاح أو تصحيح في اى مستوى او مجال تعليمي نظرى إطاره العام الذى يتم فيه ، وحرکته القومية  التى ينتظم فيها مما يؤدى في النهاية الى ترسيخ نسق متکامل لتعليم عربي حديث.

ويمکن القول بأن مقاصد الاستراتيجية التربوية على المستوى العربى ما هي إلا بلورة لفلسفة عربية شاملة في المجال التربوي تقضي على مسار الافکار والمبادىء التى سارت في اتجاهات مختلفة  وحملت کثيرا من وجوه التباين والتعارض في غايات التعليم ونظمه، کما أنها دعوة الى ربط حرکة التربية وإصلاحها بحرکة التنمية القومية حتى تؤدى وظائفها الاجتماعية والاقتصادية بما يخدم أهداف التحديث والتقدم هذا بالاضافة إلى انها تمثل نظرة نقدية فاحصة تقوم على تشخيص الواقع التعليمي العاجز، وتوضيح علله ، واقتراح الحلول المناسبة التى تمکن من التغلب عليها ، ومن ثم فهي رؤية مستقبلية تتجاوز اهتمامات الحاضر ومشکلاته للوصول الى تصور ملهم يلم بمتغيرات العصر واحتمالات المستقبل ، وطرح نماذج وبدائل  تصلح لقيام نظم تعليمية مرنة متطورة متکيفة تتسع لکل جديد ومفيد ، وتقدم معايير وطرق لوضع وتنفيذ استراتيجيات قطرية متلائمة مع بيئاتها وظروفها الخاصة فى إطار الاستراتيجية العامة على المستوى العربى.

واذا کانت استراتيجيات التربية العربية تزکي في البداية قيام نظم تعليمية قطرية فإنها ترمي في النهاية الى تحقيق نظام تعليمي قومي له إطار عام واحد ، وهکذا تجعل الاستراتيجية من وحدة التعليم نموذجا صالحا لقيام وحدات أخرى إندماجية اقتصادية وسياسية يسهم في خلقها وتدعيمها نظام التعليم الموحد .(5)

ولما کان الواقع العربى يحتاج إلى نظرة فاحصة وهادفة لوجود سبيل أو مخرج من أزمته الراهنة ، فإنه يتطلب فلسفة تربوية تنبع من الواقع والثقافة العربية ، ولا سيما أن ميدان التعليم لم يسير بنجاح وإنضباط ما لم يکن مجهزا بأسس نظرية فلسفية تحدد أهدافه وتوجه سياساته وإستراتيجياته ، وترشد خططه ، وتضبط أنشطته وتقيم نتائجه فى ضوء أهدافه وأهداف المجتمع ، فمن المهم وجود تلک الاسس التى تشکل ما يطلق عليه نظريه أو فلسفة . (6)

ويدرک الجميع أن التعليم يشکل قطاعا هاما متعدد الاهداف ،وتتضح أهداف هذا القطاع فى العالم انطلاقا من هدف اليونسکو لانجاز التعليم للجميع حتى عام 2015 ،وکذلک مؤتمر داکار2000 ،کما تقدم أهداف استرتيجية للتعليم فى عدد من بلاد العالم المتقدم کالولايات المتحدة واليابان وفرنسا وبريطانيا والسويد ، وتقدم أرضية مناسبة لاهداف التعليم فى المنطقة العربية مرجعيتها فى ذلک الاهداف الاستراتيجية العالمية مع مراعاة اختلاف المجتمعات العربية وظروفها0

إن استراتيجيات التربية العربية تقدم خلاصة التجربة في الفکر التربوي المعاصر، وتوفر على الدول العربية کثيرا من الجهود والمحاولات في اختصار طريق الاصلاح التعليمي بشکل علمي وجذري ، ومن ثم يمکن التعرض لبعض استراتيجيات التربية والتعليم العربية من منظور نقدى على النحو التالي

1-استراتيجية التربية العربية

2-استراتيجية تعليم الکبار .

3- استراتيجية تطور التعليم في مصر

1ـ استراتيجية التربية العربية

ظهرت في العالم العربي استراتيجيتان للتربية الاولى استراتيجية آدجارفور(7) والذي تضمنها تقريره الذى أعده لمنظمة اليونيسکو بعنوان " تعلم لتکون " وقد اعتمدت على ثلاث أفکار رئيسية هى :

1. تنظيم العناصر فى شکل متماسک

2. أخذ المصادقة بعين الاعتبار فى مجرى الوقائع
3. العزم على مواجهة الأحداث الناتجة عن تلک المصادقة والسيطرة عليها وضبط مسارها

أما الاستراتيجية الثانية فهى استراتيجية تطوير التربية العربية(8)  والتي وضعت بواسطة لجنة من المتخصصين والخبراء العرب والتى استمرت لمدة ست سنوات تقريبا من إنعقاد مؤتمر وزراء التربية فى صنعاء باليمن عام 1972م ، واستطاعت خلالها أن تقف على واقع التربية فى البلاد العربية ، وتتعرف على العوامل والاسباب التى تعوق تقدمها وتطورها فى الکم والکيف ، ووضع الوثيقة التربوية المتکاملة على قواعد القيم وحقائق العلم ومتطلبات التنمية الشاملة ، وقد تضمنت هذه الاستراتيجية المحاور الأساسية التالية : - مبادئ الاستراتيجية – عناصر الاستراتيجية وبدائلها – أسبقيات الاستراتيجية – تنفيذ الاستراتيجية " سبله ووسائله" .

أولا : مبادىء الاستراتيجية..

المبدأ الانساني : للانسان مکانه سامية و قدرة على التعلم ومسئول عن واجباته الدينية والاجتماعية والقومية.

مبدأ التربية للايمان: الايمان بالله والاسلام وبالاديان الاخرى لاتباعها من أهل الکتاب.

المبدأ القومي : وعلى التربية العربية أن تبرز مهماتها القومية في مواجهة الصهيونية وفي قومية العمل التربوي العربي.

المبدأ التنموي : ضرورة التنمية الشاملة وتفاعل التربية معها، وتأکيد أن الإنسان محورها وأدائها وغايتها على السواء.

المبدأ اليموقراطي: المساواة والعدالة والحرية والشورى والتعاون بين المواطنين ودورهم في بناء الديموقراطية.

مبدأ التربية للعلم: تعني التربية بترسيخ العلم في المتعلمين منهجا ومحتوى وفکرا وتطبيقا وتقنية وبحثا وتستند التربية ذاتها إلى الأسس العلمية.

مبدأ التربية للعمل : تعني التربية بالربط بين الفکر والعمل وتؤکد أهمية العمل في تقدم الإنسان والمجتمع وتعده رکيزة للتربية وجزءا منها وترسخ المواقف الايجابية منه ، وتؤکد حق المرأة فيه.

مبدأ التربية للحياة : يؤکد هذا المبدأ اعتماد التربية على الخبرات المستمدة من واقع الحياة، وتجليها في سلوک المتعلمين واتصالها بحاجاتهم وحاجات المجتمع، کما يؤکد أن التربية حياة متجددة ونمو متواصل، وإعداد للحياة والغناء لها أيضا.

مبدأ التربية للقوة والبناء : غرس هذا المبدأ في شخصية المتعلم والمجتمع والأمة ، مما يساعد على بناء الحضارات وسيادة السلام والخير.

مبدأ التربية المتکاملة : تشمل جميع جوانب شخصية الإنسان، وتستمر طوال الحياة ، وتحقق التوازن في شخصية المتعلم والتکامل والتکيف مع المجتمع.

مبدأ الأصالة والتجديد : بمعنى التمسک بالأصول الصالحة من الماضي ، وابتکار الجديد الملائم وتحقيق الذاتية والحضارة والتقدم.

مبدأ التربية للإنسانية : يؤکد وحدة الجنس البشرى ، ودور التربية في تحقيق المساواة والاخاء والتفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب.

ثانيا : عناصر الاستراتيجية وبدائلها ..

1. نحو فلسفة اجتماعية عربية متميزة للتربية:

-         دعوة الجامعات والقيادات التربوية لاجراء الدراسات وتطويرها الى فلسفة تربوية عربية.

-  تستوعب خصائص الامة العربية وتستند الى عقيدتها ومقوماتها القومية وتفاعلها مع الحضارة الانسانية المعاصرة واستيعابها لعناصرها المعرفية وتقنياتها.

 

2. نحو مجتمع عربي متعلم :

خصائصه: ـ  " ـ اثبات حق التعليم للجميع ، ـ توفير شروط تکافؤ فرص التعليم ، ـ تغير مفهوم التربية بحيث يصبح التعليم الذاتي جوهريا ومستمرا ، ـ تحقيق التنمية الشاملة " .

مسارات التربية نحوه ..

-         تحقيق ديموقراطية التعليم وتکافؤ الفرص فيه وتوفير التعليم الاساسي والاجبار عليه والعناية بالتربية قبل المدرسة والتربية الخاصة بالمعوقين.

3. نحو تنويع البنى التربوية وتحقيق المرونة والتکامل فيها:

-         مرونة السلم التعليمي.       ـ المرونة في تدفق المتعلمين.

-         إقرار التعليم الاساسي مع تنويع يلائم خصائص البيئات ومکافحة الامية.

-         صيغ جديدة للتعليم العالي يجعله على مستويين کل منهما سنتان وتوجيهه للاعداد للعمل ولمتابعة التعلم.

4. نحو تجديد محتوى التربية وطرائقها ووسائلها وأساليب تقويمها :

-  استخدام منهجية علمية للتطوير تصوغ اهداف التربية ومناهجها في ضوء مبادىء الاستراتيجية والفلسفة التربوية وتؤکد الشمول والتکامل في التربية والتفاعل مع المجتمع وخصائص المتعلمين وتستوعب التقنيات الحديثة، وتنمى الفکر التربوي العربي ، وتعتمد على المختصين التربويين وعلى التجريب مع ترشيد الانفاق وتخفيف الهدر.

-         الاهتمام بجميع ميادين التربية ( دينية –بيئية – علمية – تقنية – عملية – جمالية – عسکرية – صحية – رياضية – اقتصادية )

-         العناية باللغة العربية وتعريب التعليم العالي.

-         تطوير الوسائل التعليمية.

-         تطوير طريق التعليم نحو التعليم الذاتي والمتعة والمنفعة .

-         تخفيف الإهدار من رسوب وتسرب.

5. تطوير مهمات وأساليب إعداد المعلمين وتدريبهم بوصفهم رواد الاصالة والتجديد:

-         جعل برامج إعداد المعلمين في مستوى التعليم العالي وربطها بالجامعات.

-         دعم منزلة المعلمين الاجتماعية وتشجيع روح المبادرة والابتکار لديهم.

6. نحو تنمية البحث التربوي لتحقيق الکفاية والاصالة والتجديد :

-         تنظيم برامج البحث التربوي حسب الاهداف والمشکلات الرئيسية.

-         تأکيد التعامل على المستوى العربي وإنشاء مراکز بحوث قومية.

7.نحو اعتماد أساليب التخطيط وتحديث الادارة التربوية :

-         يقدر الجوانب الإنسانية في عمليات التربية وإدارتها.   ـ يوفق بين مطالب المرکزية واللامرکزية.

-  جعل التخطيط يشمل مختلف جوانب النظام التربوي الکمية والکيفية، ومختلف مراحله وأشکاله کما يشمل عملياته الثلاث ( التخطيط – التنفيذ – التقويم).

8. نحو تعدد مصادر التمويل وتنظيمها وتحسين استثمارها :

-         جعل تمويل التربية مسئولية الدولة والاستفادة من التمويل الشعبي .

-         تنظيم الانفاق حسب الاسبقيات ورفع کفاية التربية لخفض الهدر.

9. تطوير التشريعات التربوية :

-         وضع قانون شامل للتربية يستوعب عناصر التطوير المقترحة في الاستراتيجية بعد مراجعة التشريعات التربوية.

10. نحو التفاعل بين التربية والتنمية الشاملة وتکاملها :

-         توثيق الصلة بين التربية والعمل والعلم والثقافة.    ـ مساهمة مؤسسات العمل في التربية.

-         المرونة في المناهج لتشمل الاسس العلمية لتهيئة الشخصية للتکيف مع مطالب العمل.

-         التأکيد على التربية المستديمة والتدريب أثناء الخدمة.

11. نحو قومية العمل العربي للتربية والتنمية الشاملة :

-         اعتماد استراتيجية تطوير التربية العربية وتکيفها للأحوال والحاجات القطرية.

-         تطوير استراتيجية للتنمية الشاملة في الوطن العربي تکون استراتيجية التربية أحد جوانبها الرئيسية.

12. نحو تنمية التعاون الدولي والمشارکة الفعالة فيه ، وفي توجيهه وجهاته السليمة :

-         تنمية التعاون الثقافي في مختلف البلدان والمنظمات الدولية والاستفادة منه في تطوير التربية وأنظمتها.

ثالثا : أسبقيات الاستراتيجية ..

1. التعليم الاساسي :

-         تـأمينه للصغار والکبار وتعميمه ومعالجة مشکلات المناطق والفئات المحرومة.

-         تجديد نوعيته.            -المرونة في مدته وأشکاله.

2. تطوير مهنة التعليم :عن طريق:-

-         تطوير مهمات المعلم.       -تطوير إعداده وتدريبه.

3. تنويع التعليم الثانوي وتکييفه لمطالب التنمية الشاملة :

إعطاء أولوية للنهوض بالتعليم التقني عن طريق :-

-         تغذية التعليم العام بالدراسات والتطبيقات التقنية. ـ التخطيط لربط التعليم التقني بالتنمية.

-         فتح القنوات بين التعليم التقني والعام.     -تحسين نوعية التعليم التقني.

-         تکييف التعليم التقني مع التقدم التکنولوجي.     

-         إعداد المعلمين للتعليم التقني.

-         التعاون بين هيئات القطاعات المختلفة والتعليم التقني.

4. التکامل بين الکفاية الداخلية والخارجية :

-         مواجهة مشکلات الاهدار بسبب الرسوب والتسرب.

-         تطوير بنى التعليم ومحتواه وطرائقه ووسائله وأساليب تقويمه.

-         اعتماد الخبرة بالعمل والتجريب. ـ تأکيد الارتباط بين النواحي الکمية والنواحي النوعية.

-         توثيق الصلات بين التعليم وحاجات المؤسسات وقطاعات التنمية.    ـ الارتقاء بمهنة التعليم.

-         تطوير التقنيات التعليمية.   -الاهتمام بالبحوث التربوية الاساسية والميدانية.

5. تطوير التخطيط التربوي :

-         تطوير اتجاهات التخطيط وأساليبه. ـ توثيق صلته بالتنمية الشاملة. ـ شمول الکم والکيف.

-         تحقيق التوازن بين الطلب الاجتماعي على التعليم وبين حاجات التنمية من الکم والجوده والاهتمام بالمناطق الريفية والفئات المحرومة.

6. تطوير الإدارة التربوية :

-         توحيد جهة الإشراف التربوي على مؤسسات التربية.    -إقرار اللامرکزية.

-         الربط بين السلطة والمسئولية.        -اعتماد الأساليب الحديثة في الإدارة.

7. تطوير التعليم العالي : وذلک :-

-         بإضافة نماذج جديدة واختصاصات جديدة.   -تحسين نوعيته.

-         جعل الجامعات مراکز فکر وتأهيل وتحقيق للأصالة والتجديد والامتياز.

8. التعريب في اللغة والثقافة :

-         اعتماد اللغة العربية لغة للتعليم بکافة مراحله.  -العمل على سيادة الفصحى.

-         تعريب المصطلحات.            -تطوير طرائق تدريس العربية.

-         تعليم العربية لغير العرب.       - الاهتمام بمعلم اللغة العربية والعناية بکتبها.

رابعا : تنفيذ الاستراتيجية " سبله ووسائله " ..

1 ) عملية التنفيذ :

أ‌.       تبني الاستراتيجية:-

-          إجراء الحوار حولها.       - تطوير السياسات التربوية.

-          مراجعة السياسات التربوية وتطوير استراتيجية للتنمية الشاملة.

ب‌.      التخطيط والادارة والتقويم :-

-          وضع خطط تربوية تترجم الاستراتيجية الى واقع.

-          وضع برنامج شامل لتطوير التخطيط بعملياته الثلاث ( وضع خطط – تنفيذها- تقويمها)

-          وضع برنامج لمواجهة المشکلات الحادة.  ـ وضع خطط للتنمية الشاملة على نطاق الوطن العربي

ت‌.      التمويل:-

-          تنظيم برنامج يکفل تعدد مصادر التمويل للتربية.    ـ إقامة برنامج تمويل عربي.

-          تنظيم برنامج خاص باستثمار الموارد غير المالية والمساهمة الشعبية.

ث‌.      التشريع :-

-          دراسة التشريعات التربوية ووضع تشريع عربي وقطرى يکفل تحقيق الاستراتيجية.

ج‌.       الإعداد والتدريب :-

-          وضع برامج لتدريب المختصين والمخططين والباحثين التربويين والادارين والمعلمين.

ح‌.       البحث والتطوير :-

-          تطوير البحوث لتتناول جوانب التنمية الشاملة.

-          تنظيم برامج قطرية وقومية للبحوث التربوية.  ـ إسهام الاعلاميين والتربويين في البحوث.

خ‌.       تبادل المعلومات :-

-  وضع برامج متطورة لتبادل المعلومات والخبرات وتنظيمها واستثمارها في التخطيط واتخاذ القرارات والتعلم والتعليم وتبادلها على المستويات القطرية والقومية.

-          تنظيم تبادل الطلاب والمعلمين والخبراء والباحثين

د‌.        قومية العمل العربي :- تنظيم برنامج محدد للقضية الفلسطينية

-          تنظيم برنامج محدد للتنمية الشاملة بما فيها التربية للوطن العربي.

ذ‌. التعاون الدولي :- بتنظيم برامج تعني بالمجالات التربوية والثقافية والعلمية على الصعيد الدولي ، وبرامج للتعرف على شعوب العالم الثالث ، وخاصة الاسلامية منها ، وبرنامج لنقل العلم والتقنية ، وبرنامج لمتابعة تطوير التربية على المستوى الدولي ، وبرنامج للمساعدات الدولية.

2 ) الأجهزة والمؤسسات :

  ‌أ)  الأجهزة والمؤسسات القطرية:- بإنشاء هيئة للتخطيط التربوي تتفرع عنها أجهزة ومؤسسات تعني بتطوير التخطيط والمعلومات والبحوث والمستحدثات.

         ‌ب)         الأجهزة والمؤسسات العربية :-

مرکز الدراسات الفلسفية ، معهد البحوث التربوية ، جهاز تطوير شبکة المعلومات، جهاز المستحدثات التربوية، جهاز إنتاج الوسائل التعليمية ، جهاز التقنيات التربوية ، جامعة مفتوحة ، الجهاز العربي لمحو الامية ، جهاز لتعريب التعليم العالي ، مرکز للتخطيط التربوي، مرکز للتربية الفلسطينية، مرکز للتعليم العالي ، جهاز للمؤتمر التربوي السنوي ، معهد للثقافة العربية ، جهاز لاستقطاب الکفايات العربية ، مؤسسات للتعليم التقني ، مؤسسات للتعليم العالي ، مراکز البحوث العلمية.

         ‌ج)         مؤسسات اقليمية ودولية :-

کاليونسکو لتعني بتطوير التربية وهناک مجالات واسعة للتعاون کتعليم الکبار ، وتعليم أبناء فلسطين ، وتطوير التعليم العالي والثانوي ، والتعليم المهني والتدريب وتعريب التعليم العالي .

3 ) مراحل التنفيذ:

          ‌أ)          المرحلة الاولى:- ومدتها عام أو عامان " 79 ـ 80 ـ 1981 "

-      إجراء الحوار حول الاستراتيجية وإقرارها.

-      مراجعة السياسات التربوية وتطويرها وذلک بما يناسب أحوال القطر.

         ‌ب)         المرحلة الثانية:- مدتها عامان إلى ثلاثة " 81 ـ 1983"

-      وضع استراتيجية للتنمية على المستويين القطري والقومي.

-      وضع الخطط القطاعية الشاملة في ضوء الاستراتيجية.

-      وضع الاسس للتطوير نحو الاصالة والتجديد ومواجهة المشکلات الحادة بمنهجية علمية.

- وضع برامج لتطوير التخطيط والتشريع والاعداد والتدريب والبحوث وتوفير الموارد
وتطوير الاجهزة.

 

         ‌ج)         المرحلة الثالثة:- ومدتها عشرة أعوام " 81 ـ 1990 "

-      تتفق مع عقد التنمية الشاملة على نطاق الوطن العربي جميعه.

-      تظهر فيها نتائج تطبيق البرامج الموضوعة في المرحلة السابقة ، وتخضع للتقويم والتطوير.

-      مواجهة المشکلات الحادة.     -تحقيق الاصالة والتجديد في مجالات مختارة.

-      تنفيذ الاسبقيات.       -توثيق التکامل مع التنمية الشاملة.

          ‌د)          المرحلة الرابعة :- تمتد  إلى أواخر القرن العشرين

-      مرحلة التطوير الشامل نحو الاصالة والتجديد ، المتکامل مع التنمية الشاملة ، المتميز بالابداع وبناء المجتمع العربي المتعلم.

والمستقرىء لاستراتيجية التربية فى أمريکا عام 2000يلاحظ ان هناک أربعة مسارات Four Tracks وهى(9) :

  1. من اجل تلاميذ اليوم : تطوير جذرى للمدارس القائمة لتصبح أکثر إلتزاما وتحملا للمسئولية .
  2. من اجل تلاميذ الغد : إبداع جيل جديد من المدارس ببناء ( 535 ) مدرسة على الاقل بحلول عام 1996م .

3. من اجل الکبار الذين ترکوا المدارس والتحقوا بسوق العمل : تقديم خبرات وبرامج للتعليم المستمر إذ يجب أن تتحول الامة التى کانت فى خطر إلى أمة من المتعلمين .

  1. من اجل المجتمع الخارجى : ليصبح مجتمعا للتعلم ، ولهذا يجب الاهتمام بأحوال الاسرة وأحوال المجتمع .

وبناء على ما سبق بدأت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مراجعة السياسات التربوية في البلاد العربية في ظل الاستراتيجية ، والتي تعد من أهم منجزات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، فهي دليل عمل شامل استوعب مختلف مدخلات نظم التعليم، وعملياتها ومخرجاتها ، وأفاض في وصفها ونقض واقعها القائم في البلاد العربية ، وفي تقديم البدائل ومقترحات التجديد والتطوير .

لقد سعت المنظمة إلى إقرار الاستراتيجية وتنفيذها فعقدت في عام 1978م مؤتمرا استثنائيا أقر فيه وزراء التربية في الدول العربية الاستراتيجية ، ثم وزعت تقريرها على الدول الأعضاء ، وأخذت تعقد الندوات والمؤتمرات حول الاستراتيجية ومدى تنفيذ الدول العربية لمضامينها ، کما أجرت عدة بحوث في مجالها.

في عام 1982م نشرت المنظمة کتابا بعنوان " اتجاهات في التربية العربية على ضوء استراتيجية تطوير التربية العربية " وقد تضمن شروحا وتعليقات وإضافات على ما جاء في الاستراتيجية. وفي المراجعات والتقويمات التي أجرتها وما تزال تجريها وزارات التربية عن إصلاحاتها التعليمية وتوافقها مع توجيهات الاستراتيجية وقرارات المؤتمرات التي تتعلق بتنفيذها.

في عام 1987م عقد الاجتماع الخامس لوکلاء وزارات التربية العرب وکان موضوعه الرئيسي هو تدارس خطط التعليم في الدول العربية ومدى توافقها مع الاستراتيجية وقدمت حول الموضوع دراسة مسحية تقويمية ، راجعت خطط التعليم التي وضعت في ستة عشر دولة عربية (الأردن – الإمارات – البحرين – تونس – سورية – السعودية – السودان – عمان – العراق – قطر – الکويت – ليبيا – مصر – موريتانيا –المغرب – اليمن ) والتقارير التي قدمتها الدول المعنية حول هذه الخطط وعلاقتها بالاستراتيجية ، وقارنت هذه المعطيات بمبادئ الاستراتيجية وعناصرها وأسبقياتها وسبل تنفيذها وتوصلت إلى وجود التوافق بين خطط التعليم والاستراتيجية في کثير من الجوانب وعدم التوافق في جوانب کثيرة أخرى .(10) وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة اقتصرت على الخطط المکتوبة وتقارير الوزارات بشأنها ولم تتعرض لتنفيذ تلک الخطط ، الأمر الذي يجعلها بحثا في خطط التعليم يصل إلى وضع الخطط وخصائصها ولا يصل إلى عملية تنفيذها في الواقع.

خلال السنوات من 1986 – 1990 أجريت بتکليف من المنظمة دراسات عن واقع التعليم وتطوره في کل دولة عربية ، وذلک في مجالات الأهداف والمناهج والإدارة والامتحانات وإعداد المعلمين وتدريبهم ، وقد تابعت المنظمة هذه الدراسات التي أجريت ومنها دراسة عبد العزيز البسام لمراجعة الاستراتيجية والتي قدمها عام 1989م إلى الاجتماع السادس لوکلاء وزارات التربية وکانت بعنوان " استراتيجية التربية العربية في ضوء المتغيرات " (11) وقد نشرتها المنظمة عام 1990م ، وعرضت الوثيقة خلاصة الاستراتيجية ومواقف بعض الدول وبعض المفکرين إيذائها ، والتي کانت مواقف إيجابية ومؤيدة ، کما عرضت الجهود التي بذلت في تنفيذ الاستراتيجية ، والأسباب التي تستدعي مراجعتها ومنطلقات المراجعة ومصادرها واقترحت إجراء عدد من الدراسات اللازمة للاستناد إليها في تعديل الاستراتيجية ، کما اقترحت بعض مجالات التعديل واتجاهاته ، وذکرت انه لم يتيسر لها بيانات وافية عما حصل من تطور في الإدارة التربوية ولا في التشريعات والأجهزة الفنية التي تنهض بمهامها.

غير أن الدراسة استندت في معظم عرضها لجهود تنفيذ الاستراتيجية إلى الدراسة التي قدمت في الاجتماع الخامس ونشرتها المنظمة والتي کانت حول الخطط التربوية في البلاد العربية في ضوء استراتيجية تطوير التربية العربية ، کما أوردت الدراسة في بحثها في مصادر مراجعة الاستراتيجية وعملياتها بعض الملاحظات عن نواقص أجهزة التخطيط والحاجة إلى مدها بالکفاءات وتطوير أدائها.

وتمخضت الدراسة عن تشکيل فريق بحث يتولى مراجعة الاستراتيجية ، وتم بتکليف من المنظمة إعداد أربعة عشر بحثا لهذا الغرض أصدرتها المنظمة في کتاب بعنوان " مراجعة استراتيجية تطوير التربية العربية " إعداد عبد الله عبد الدايم عام 1995م(12) وتشتمل المراجعة على مدخل عن دواعي مراجعة الاستراتيجية وستة فصول الأول يبحث في الواقع العالمي وأفاقة المستقبلية وانعکاساته على الواقع العربي وتطلعاته ، والثاني يبحث في الواقع العربي حاضرا ومستقبلا وانعکاسات على مسيرة التربية ، والثالث يبحث في واقع التربية في الوطن العربي ومشکلاته ، والرابع يبحث في المشکلات الأساسية التي تعاني منها التربية العربية وسبل معالجتها ، ويعتبر هذه المشکلات ومقترحات معالجتها عناصر الاستراتيجية الجديدة أو الإضافية ، ويرى أنها تتمثل في العناصر التالية :-

  • تطوير التخطيط التربوي
  • الفلسفة والأهداف والسياسة التربوية
  • محو الأمية والتعليم الإلزامي.
  • الإنفاق على المؤسسات التربوية وتمويلها
  • التعليم العالي وتطويره والتقنيات الحديثة.
  • التعليم الثانوي وتشعيبه.
  • ربط التربية بالثقافة.
  • ربط التعليم بحاجات القوي العاملة
 
   
   
   

وفي الفصل الخامس والسادس يلخص الباحث تقريره ثم يتحدث عن سبل إنفاذ الاستراتيجية.

الجدير بالذکر أن المراجعة وهي تبحث في التخطيط لم تتعرض لما جاء في الاستراتيجية حول التخطيط وعملياته ، وذلک على الرغم من الإشکالية التي تتضمنها الاستراتيجية بهذا الشکل ، وذکرت التطورات التي حدثت في الهياکل الإدارية وإعداد موظفيها وإدخال التقنيات الآلية وتحسين إدارة المدرسة والإشراف الفني ، ثم بينت أن هذه التطورات لا تکفي للاستجابة لحاجات التوسع الکمي في التعليم ، ولم تتوصل إلى إدخال التقنيات الحديثة في العمل الإداري ، ولم تستطع إقامة التکامل بين أجهزتها ومهماتها وهي ما تزال بحاجة إلى کفاءات إدارية أفضل.

ويمکن تناول محاور استراتيجية التربية العربية من منظور نقدي على النحو التالي :-

أولا : بالنسبة لمبادئ وأهداف الاستراتيجية :

يرى محمود قنبر (13) إن التعليم العربي يسجل الابتکارية المبدعة کهدف في الوقت الذي يعجز فيه عن إکساب التلاميذ الأوليات الضرورية والتي بدونها لا يمکن الوصول إلى مستوى الابتکارية ، فتلک سياسة غير عاقلة التي تحملنا على التضحية ، أما الإهمال في أساسيات التعليم للبحث عن الکماليات ، أو المستويات البعيدة التي يبحث عنها غيرنا ممن انتهوا من مشکلات الإلزام ومحو الأمية، وتثقيف الجماهير وتوفير العمالة المدربة الکاملة ، فمعظم ما يطبق داخل نظم التعليم العربي يخالف شکلا وروحا ما تحکمه منظومة الأهداف من قيم ومضامين .

ولقد وضعت أمريکا أهدافا استراتيجية للتربية عام 2000م وهي(14) :-

 1. جميع الأطفال في أمريکا سوف يبدأون المدرسة مستعدين للتعلم .

 2. معدل التخرج من المدرسة الثانوية سوف يرتفع إلى 90% على الأقل .

 3. عندما يفرغ التلاميذ من الدراسة في الصف الرابع والصف الثامن والصف الثاني عشر سوف يکون لديهم مسارات وکفايات في مواد أساسية تشمل اللغة الإنجليزية ، والرياضيات ، والعلوم ، والتاريخ والجغرافيا ، وأن کل مدرسة في أمريکا سوف تضمن أن جميع التلاميذ قد تعلموا کيف يستخدمون عقولهم بکفاءة ومن ثم يمکن إعدادهم لتحمل مسئوليات المواطنة ، ومزيد من التعلم ، وعمالة منتجة، في المؤسسات الاقتصادية الحديثة .

 4. مستويات التحصيل الأمريکية في مجال العلوم والرياضيات ستصبح هي المستويات الأولى في العالم.

 5. جميع الکبار الأميين في أمريکا سيتخلصون من الأمية الوظيفية ، ويکتسبون المعرفة ، والمهارات الأساسية والضرورية للمنافسة في عالم الاقتصاد الکلي الحر ، کما يکون في مقدورهم ممارسة حقوق وواجبات المواطنة.

 6. جميع المدارس الأمريکية ستصبح خالية من المخدرات ، ومظاهر العنف وتقدم مناخا من النظام يکون مشجعا وباعثا على التعلم.

إن تقرير الاستراتيجية لم يأتي بأهداف واضحة محددة وإنما جاء بمبادئ عامة تصلح کمنطلقات أساسية أو رکائز أولية تستند إليها نظم التعليم کالمبدأ الإنساني ، والإيماني ، والقومي ، والتنموي ، والديمقراطي ، والعلمي ، والتربية للعمل ، والتربية للحياة ، والتربية للقوة والبناء ، والتربية المتکاملة المستمرة ، والتربية الإنسانية ، وللأصالة والتجديد ، وهذه المبادئ بالصورة التي قدمت بها تصلح لأي تعليم وفى أي مکان فهي لا تعبر عن فلسفة خاصة محددة المعالم ، کما أنها لا توضح طبيعة السياسة العامة والسياسة التعليمية التي يمکن أن تترجم في أشکال إجرائية .

ومن الأهمية مراجعة الأهداف التعليمية العربية والتخلي عن الأهداف البراقة التي لا يمکن الوصول إليها ، والتي بيننا وبينها فجوات حضارية لا تهمل ، والأخذ بالمنهج الواقعي في اختيار الأهداف وتحديدها وترتيبها وفق أولويات قطرية فالحقيقة التي لا شک فيها أن العالم العربي بيئات متفاوتة حضاريا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا على الرغم من وجود لغة عامة هي العربية ، ودين سائد هو الإسلام ، وتاريخ طويل مشترک يجمع بين الدول العربية إلا أن الفروق بينها قد تصل إلى درجة تفوق ما بين دول أوربا الغربية من فروق وبالذات على المستوى الثقافي والحضاري ، وهذا يفرض على التعليم أن يتبنى أهدافا خاصة تکون في موضع الترکيز والاهتمام بنظم التعليم العربية ، وهذا لا يتعارض مع روح الاستراتيجية التي تأخذ بالتنوع في إطار الوحدة ، وتقديم نماذج تعليمية لنظم مختلفة.

ثانيا : بالنسبة لفلسفة تربوية عربية متميزة

يذکر بيک BECK CLIVE (15)أن هناک تطورا لفلسفة التربية في شمال أمريکا وإنجلترا واستراليا من حيث الخصائص والاتجاهات ، وتناول الدور الذي تلعبه في تقييم العادات والتقاليد في هذه الدول على مدار الوقت ، ومناقشة تأثيرها في فترة ما بعد الحداثة وهو ما لم يظهر بعد في استراتيجياتنا التربوية العربية ، کما يذکر إميل فهمي(16).أننا نعيش الآن في عصر الحاسبات الإلکترونية مما يوجب على فلسفة التربية التي تعد العدة لمواجهة المستقبل المتمثل في ثورة المعرفة والمعلومات ، وان ترکز على إعداد جيل للحياة مع الآخرين في مجتمع ديموقراطي حر ، وأن يکون مفهوم هذه الفلسفة التربوية أننا نعيش الآن عالم بلا أبعاد ، في مجتمع لا مکاني ، هدفه اختراق الزمان والمکان بلا حدود والسيطرة على العقول بلا حاجة أو قيود .

إن نظرة جادة لمستقبل التربية والتعليم في الوطن العربي تستلزم إمعان النظر في الفلسفة التي ينبغي أن تحکم المنظومة التربوية وتوجه المشروع التربوي العربي ، وهنا ينبغي التنبيه إلى محذور أساسي قبيل الحديث عن فلسفة عربية موحدة للتربية ، هذا المحذور هو أن الأنظمة التربوية العربية رغم القواسم المشترکة بينها ، إلا أنه لا يمکن الادعاء بإمکانية صياغة فلسفة تحظى بقبول جميع الدول وذلک لتباينات موضوعية معروفة ، وهذا يحتم الاکتفاء بالمواجهات الرئيسية الکبرى التي تسير منظومة التربية وتشکلها دون الدخول في تفاصيل فلسفية مرتبطة بخصوصيات مجتمعية وثقافية.(17)

ولعل فلسفة التربية من الميادين التي لم تلق الاهتمام المطلوب في رسم سياستها ووضع معالمها في الوطن العربي ، في ضوء الاتجاهات التربوية الحديثة ، على الرغم من بعض الجهود المتفرقة التي بذلت في بعض أنحاء الوطن العربي ، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي ، ونحن في أمس الحاجة إلى فلسفة تربوية تجدد أصالة وطننا وتحدثها ، وتجعلها متوائمة مع متغيرات القرن الحادي والعشرين ، ومن ثم يصعب القول بوجود فلسفة تربوية عربية محددة المعالم بسبب ما خلفة الاستعمار من تراث ثقافي مازلنا نعاني منه ، فقد سادت أفکار براجماتية ، وأخرى ليبرالية ، وثالثة مارکسية ، ورابعة توفيقية ، مما أدى لدخول کثير من الدول العربية في متاهات التجريب ، وقد انعکس ذلک على التعليم وفلسفته في المجتمع العربي ، ومن ثم يصبح من الصعب اعتبار هذا العنصر الاستراتيجي قد تحقق کما کان يريده واضعو الاستراتيجية .

وعلى ذلک فإن فلسفة الأمة العربية وفلسفة التعليم فيها حاليا يجب أن تحقق الأمن العربي عن طريق تخطي مرحلة التخلف ، والعمل على التنمية الشاملة ، وهو الذي لم يحظى بالاهتمام الکافي ولم نصل إلى تحقيقه حتى الآن .

ثالثا : بالنسبة للتعليم الأساسي

يرى أنس حبيب (18) إن الطفل العربي لا يکاد يبلغ المدرسة ويستقر فيها أياما حتى يشعر أن أمامه غاية يجب أن يبلغها ، وهي أن يؤدى الامتحان وينجح فيه ، يشعر بهذا في المدرسة من معلمه وأقرانه ، وفي المنزل من أبويه، وهذا قد يؤدى إلى التسرب من التعليم الأساسي ، وفي مصر نلاحظ انه في ضوء المؤتمرات القومية لتطوير التعليم الابتدائي 1993م والإعدادي 1994م ، وإعداد المعلم وتدريبه 1996 ، واکتشاف ورعاية الموهوبين 2000م، قد تم الترکيز على بدء تحديث المناهج بما يتلائم مع المتغيرات المحلية والعالمية وتضمينها مفاهيم خاصة بالبيئة والأمن القومي ومحاربة الإرهاب والتطرف ، وربطها بالتکنولوجيا المعاصرة والترکيز على علوم المستقبل وهي الرياضيات والعلوم واللغات والحاسب الآلي والاهتمام بوزنها النسبي ، کما أن نسبة الاستيعاب قد زادت من 75.12% عام 92-1993 إلى 91.94% عام 2000-2001م. (19)

وقد جاء في مراجعة الاستراتيجية العربية للتربية السابقة على المدرسة الابتدائية (20) أنه ما زالت الإعداد التي تقبل فيها قليلة إذا قورنت بأعداد الأطفال في سن الرياض ، کما أن هناک عجزا کميا وکيفيا في معظم الدول العربية بالنسبة لعدد العاملين المؤهلين في هذه المرحلة ، والذي يجب أن يتم إعدادهم في کليات متخصصة لرياض الأطفال، أو شعب رياض الأطفال في کليات التربية کما يتم حاليا في مصر.

والملاحظ أن إقرار التعليم الأساسي الموحد قد تم بشکل معقول على المستوى العربي وبدأ في الانتشار إلى حد ما في معظم الدول العربية وقد وصلت الخدمة التعليمية إلى المناطق المحرومة ولکنها تسير ببطء نتيجة العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها معظم هذه الدول ، ولکن لم يکتمل بالصورة الواجب أن يکون عليها ، وأصبحت هناک مرونة في تدفق التلاميذ من صف إلى آخر ومن مرحلة لأخرى من مراحل التعليم في بعض البلدان العربية ، وقد ظهرت مرونة في السلم التعليمي کما نادت بها الاستراتيجية بإدخال مرحلة ما قبل المدرسة (رياض الأطفال ) ضمن السلم التعليمي في بعض البلدان العربية.

وعلى الرغم من مطالبة الاستراتيجيات بتأمين التعليم الأساسي للصغار والکبار وتعميمه ومعالجة مشکلات المناطق والفئات المحرومة ، والمرونة في مدته وأشکاله ، نجد أن دول (مصر والعراق والجزائر ) لم تستطع الانتهاء من تحقيق أهداف الکم والتوسع في هذا النوع من التعليم خلال المدة المقترحة في تقرير الاستراتيجية نظرا للظروف المحيطة والتي في الغالب لم توضع في الحسبان عند وضع الاستراتيجية ، على عکس بعض الدول العربية الأخرى والتي قاربت أو حققت النسبة الکاملة للاستيعاب ونشر التعليم مثل (الکويت - قطر - البحرين - ليبيا - الإمارات - سورية - تونس - الأردن) ومن ثم أصبحت مهمتها تتوجه إلى الکيف التعليمي بل إن منها ما يمکنه أن يضيف إلى أهداف الکيف أهدافا نوعية جديدة تأخذ بها الدول المتقدمة .

رابعا : تطوير مهنة التعليم (مهمات المعلم - إعداده وتدريبه)

ينظر سعيد إسماعيل إلى المعلم على انه " المسئول عن تعليم أبناء المجتمع ، ومن ثم يجب أن يکون واعيا بفلسفة المجتمع العربي ، وبالاتجاهات والمقدمات الأساسية کثقافة وبنية القيم ، وهو ما لم يوجد بالدرجة المطلوبة في إعداد المعلم العربي" .(21) ، وقد يرجع ذلک غالبا إلى ضعف الإعداد والدافعية لدى المتعلمين ، کما توصل أرداهل ERDAHL (22) إلى انه عند تحليل اتجاهات المعلمين نحو الاستراتيجيات التنظيمية والتعليمية في مؤسسات التعليم قبل الجامعي ، وجد أن المعلمين على استعداد لتجاهل البحوث التي لا تعزز أفکارهم وأيديولوجياتهم وفهمهم للواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، والدور الرئيسي هو أن يغير المعلمين طريقتهم في تنظيم المدرسة و طرق التدريس . مما يوجب معه معرفة الأفکار التي تدور في أذهان المعلمين ومدى فهمهم لواقعهم داخل
مجتمعاتهم العربية .

وحيث أن رعاية المعلمين لطلابهم  من المهمات الأساسية فقد رأى RICE  (23) أن هذه الرعايةيمکن أن يکون لها أثر في حل الأزمات الأخلاقية ، کما تعمل على النمو الأخلاقي للطلاب مما يؤثر عليهم أکاديميا . وهو ما يفتقر إليه غالبية النظم التعليمية العربية حيث نجد المعلم في واد والطلاب في أودية أخرى ، ومن ثم فعملية إعداد المعلم العربي وتدريبه تستلزم رفع مستوى أدائه ، وزيادة کفاءته المهنية وإعادة تأهيل غير المؤهلين ويعملون فعلا في التعليم ، وزيادة دخلهم وفقا لمتطلبات استراتيجية التربية والتعليم العربية ، کما يرى سعيد احمد سليمان(24) إن تدريب المعلمين أثناء الخدمة واستمراريته يعتبر أحد أهم رکائز النمو المهني المستمر ، فضلا عن کونه مقوما من مقومات التربية المتجددة وبعدا أساسيا من أبعاد استراتيجية الکيف في التربية والتي تستند إلى وجود معلم متجدد متطور دائب السعي لتنمية ثقافته الأکاديمية وتطوير ذاته المهنية ، معلما ومتعلما. وهو ما سعت إليه الاستراتيجية ولم يتحقق بالکامل على أرض الواقع.

وعلى الرغم مرور فترة زمنية ليست قصيرة على تبني الاستراتيجية العربية للتربية  والتعليم إلا أنه لا يزال هناک عجزا عدديا في المعلمين فمعظم دول الخليج تلجأ إلى الدول العربية الأخرى في سد هذا العجز ، والذي قد يصل إلى نسبة مرتفعة ، کما تلجأ بعض دول شمال إفريقيا العربية إلى الاستعانة بمعلمين أجانب وخاصة من فرنسا مما يضر بسياسة التعليم التي نحاول النهوض بها ، وعليه يجب زيادة عدد کليات ومعاهد إعداد المعلمين في الدول العربية التي تحتاج لهذه النوعية
لسد العجز.

ويمکن القول أن الصيغ التي قدمتها الاستراتيجية العربية للتعليم يجب ألا تکون محددات قاطعة لقيام نظم ملتزمة تماما بالشکل أو المدى الزمني المقترح في مجال تحقيق تعليم متکامل ومنتشر فمثلا دول المغرب والسودان والصومال واليمن وموريتانيا بحاجة إلى الترکيز على أهداف الکم التعليمية ، وتتطلب هذه الأهداف تحديد مستويات واقعية لنشر التعليم ، والعمل الجاد لإعداد مدرسين مزودين بالحد الأدنى من الکفاية التعليمية ، أما بالنسبة للسعودية وسلطنة عمان فلديهما القدرة والإمکانات الخاصة في التعجيل بمعدلات النمو في التعليم .

وعلى الرغم من أن تدريب المعلمين في الدول العربية اصبح أکثر ترکيزا من حيث الکم والکيف إلا انه يحتاج إلى المزيد والتجويد في بعض البرامج ، مثل برامج تدريب المعلمين للترقية للوظائف الأعلى ، الذي يأخذ البعد الشکلي أکثر منه المهني ، کما يجب زيادة أعداد المعلمين في البعثات الخارجية والتطلع إلى التعاون الوثيق بين الجامعات ومراکز البحوث التربوية لإحداث تدريب دوري للمعلمين وإجراء البحوث المدعمة لذلک .


خامسا : تنوع التعليم الثانوي ومدى الاهتمام بالتعليم الفني

تتنوع مرحلة التعليم الثانوي في الوطن العربي ، ما بين ثانوي عام أکاديمي وثانوي فني مهني بتخصصاته المختلفة (صناعي - زراعي - تجاري ……) ولکن في الغالب نلاحظ أن مستوى التعليم الفني أقل من مستوى التعليم العام ، حيث ينظر إليه على انه تعليم منتهى ، بعکس التعليم العام الذي يؤدى بدوره إلى التعليم العالي في مجمله ، ولتحسين وضع التعليم الفني اتجهت بعض الدول العربية ومنها مصر على سبيل المثال إلى تحديد نسبة من أعداد المقبولين سنويا ببعض الکليات والمعاهد الحکومية للمتفوقين من طلاب الدبلومات الفنية تشجيعا لهذا النوع من التعليم.

ولقد اهتمت بعض الدول العربية بهذا النوع من التعليم واتجهت إلى إدخال التکنولوجيا الحديثة فيه ، وتعميق التدريب العملي على احدث الأجهزة والآلات داخل المدارس ، ولکن بصورة محدودة غالبا لعجز الإمکانات المادية للحصول على مثل هذه الآلات والأدوات ، کما اتجهت کذلک إلى تدريب الطلاب داخل المصانع والمؤسسات الصناعية التي تکون مؤهله لاستقبال هؤلاء الخريجين للعمل بها وذلک بالاتفاق بين وزارة التعليم وهذه المؤسسات کما يحدث في بعض الدول المتقدمة.

ففي إنجلترا مثلا نجد التلميذ يتلقى المواد النظرية الصناعية ومواد الثقافة العامة داخل المؤسسة التعليمية ، بينما التدريبات العملية تتم أثناء قيامه بالعمل في المؤسسات الصناعية بمعدل 8 ساعات يوميا لمدة أربعة أيام في الأسبوع بنسبة 74% من الوقت المخصص للدراسة ، وهذا تأکيدا على ضرورة إتقان الطالب للمهارة العملية نتيجة الاحتکاک المباشر بمواقع العمل .(25)

وفي مصر نجد مشروع مبارک - کول ( الشراکة الألمانية ) (26) الذي يهدف إلى تطوير التعليم الفني والتدريب المهني في مصر بتطبيق نظام التعليم المزدوج على غرار النظام المطبق في ألمانيا بما يناسب ظروف مصر مع الاستفادة من الخبرة الألمانية لتوفير العمالة المدربة الماهرة ، وتوفير فرص عمل جيدة أمام الشباب ، وکذلک مشروع مبارک - جور ( الشراکة الأمريکية ) الذي يقوم على أساس تدريب طلبة المدارس الفنية في المؤسسات والمصانع والوحدات الإنتاجية للقطاع الخاص لتحقيق الربط بين متطلبات سوق العمل والخبرات التي يجب أن يتسلح بها الطلبة قبل التحاقهم بالعمل ، کما يهدف إلى تحويل المدارس الصناعية لوحدات إنتاجية ومراکز تدريب وتشغيل .

ولکن على الرغم من وجود هذه المشاريع إلا أن عدد الخريجين منذ بدأت عام 1995م حتى 2001م لم يتعدى 2200 خريج وهو عدد ضئيل إذا ما قورن بعدد طلبة التعليم الفني الصناعي في مصر، وکذلک عدد المدرسين والمديرين والموجهين الذين أرسلوا في دورات تدريبية لألمانيا لم يتجاوز في نفس الفترة 450 فردا ، رغم ذلک فهي بداية مبشرة لتحسين هذا النوع من التعليم على المدى البعيد والذي يجب أن تحزوا حزوه باقي الدول العربية.


سادسا : التکامل بين الکفاية الداخلية والخارجية لبرامج التعليم

بالرغم من تطبيق الإلزام في التعليم الأساسي إلا أن عدم الاستيعاب الکامل بالمدارس والتسرب من التعليم يمثلان نقطة ضعف في البناء التعليمي العربي ، فالعائد من الجهود التي تبذل لا يتناسب مع المطلوب تحقيقه ، ومن الطبيعي أن تکون لکفاية النظام التربوي مبدءا رئيسيا يهدى واضعي السياسة التربوية والتعليمية ، وهدفا عاما من أهدافها ، ومعياره الصحيح تکامل الأجزاء وتفاعلها بديناميکية وفاعلية .(27) ، کما انه في مصر وحدها على سبيل المثال نلاحظ أن التسرب من التعليم الأساسي ومراکز محو الأمية والتعليم الکبار لعدم جودة التعليم وظروف الدارسين نحو 150 ألف طفل وشاب کل عام .(28)

وقد واجهت مصر ظاهرة التسرب من التعليم من خلال : مدارس الفصل الواحد في المناطق الريفية والنائية - مشروعات مدارس المجتمع لتوفير فرص تعليمية للأطفال المتسربين باستخدام التعليم الذاتي - المدارس الصغيرة وهي مدارس تنشأ بتعاون المجتمع ، ومشروع أنشطة المجتمع لدعم التعليم بهيئة کير الدولية مع وزارة التربية والتعليم ، وقد انخفضت أعداد المتسربين ونسبهم في المرحلة الابتدائية من 2.47% عام 91/1992 إلى 0.87% عام 2000/2001م ، بينما في المرحلة الإعدادية انخفضت نسبة التسرب من 6.86% عام 91/1992م إلى 3.13% عام 2000/2001م.(29) ، والهدف الرئيسي وراء ذلک هو التقليل من معدلات الهدر التربوي في النظام التعليمي المصري ، وتحزوا بعض الدول العربية الأخرى حزو مصر في ذلک مما يؤدى لزيادة برامج التعليم بها ولکن ليس بالدرجة التي نتطلع إليها والتي نادت بها استراتيجية التعليم العربية.

وعند الرجوع للتقارير العالمية حول التعليم نجد أن هناک تقريرا لوزارة التعليم الأمريکية يؤکد على أن التعليم ليس مجرد خدمة ، ولکنه استثمار يخضع لقوانين العرض والطلب داخليا وخارجيا.(30) وهو ما يتأثر بکفاية النظام التعليمي ، في حين يرى إميل فهمي(31) أن ضعف مستوى کفاية المعلم يؤثر تأثيرا مباشرا على تسرب التلاميذ وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي ، لأن هناک ارتباط وثيق بين نوعية الهيئة التي تدرس في المدرسة ، ونوعية المدرسة من حيث کفاءتها في تحقيق أهدافها ، فإن المعلم هو العامل المهم في عملية التربية ، فلا يعقل أن يحصل التلاميذ على تعليم جيد إذا لم يکن المعلم على مستوى جيد أيضا ، ومن ثم يکون هناک أثرا واضحا في الکفاية الداخلية والخارجية لنظم التعليم.

مما سبق تدل الشواهد على تدهور الکفاية الداخلية للتعليم العربي ، کما تظهر في ارتفاع نسب الرسوب والإعادة ، الأمر الذي يؤدي لطول بقاء الطلبة في المراحل الدراسية المختلفة وکذا التسرب، إلا أن نوعية التعليم هي المشکلة الأخطر ، فتعم الشکوى من تردي نوعيته ، وتؤکد الدراسات غلبة تدنى التحصيل المعرفي وضعف القدرات التحليلية والابتکارية والتدهور فيها ، کما نلاحظ وجود خلل جوهري بين سوق العمل وجهد التنمية من ناحية ، وبين ناتج التعليم من ناحية أخرى ، ينعکس على ضعف إمکانية العمل ، ووهن العائد الاقتصادي والاجتماعي من التعليم .

سابعا : التخطيط التربوي والتنمية الشاملة

حتى الآن لم توثق الصلة بين التخطيط التربوي والتنمية الشاملة في المجتمعات العربية، وقد يرجع ذلک إلى عدم توازن بين الطلب الاجتماعي على التعليم وحاجات التنمية من الکم والجودة ، وعدم الاهتمام الکامل بالمناطق الريفية والنائية المحرومة وذلک على أرض الواقع ، فالدول العربية دخلها محدود باستثناء الدول النفطية من حيث حجم النمو الاقتصادي ، ولکنها تشترک مع شقيقاتها العربية من حيث التطور الثقافي والاجتماعي ، فالتنمية العربية ( في ما عدا دول الخليج وليبيا ) لا تزال تعتمد أساسا على الزراعة التقليدية التي يعمل فيها قطاع کبير ، ومع ذلک فهي لا تسهم إلا بنحو اقل من 50% من الدخل القومي العام ، ولا يغطى إنتاجها حاجة الاستهلاک المحلى فحجم الواردات العربية في تزايد مستمر .

وباستثناء مصر فان القطاع الصناعي منکمش للغاية ، وکثيرا منها في مرحلة الصناعة اليدوية ، بجانب ذلک يشهد قطاع الخدمات تضخما يزداد باطراد مع تزايد السکان ، ومع هذا التضخم في قطاع الخدمات وقلة الإنتاج يهبط مستوى دخل الفرد العربي إلى حوالي 432 دولار في السنة مقابل 6200 دولار في الدول المتقدمة ، وهذا يؤثر بالتالي في حجم المدخرات باستثناء الدول النفطية ، ولا تزيد نسبتها عن 10% من إجمالي الدخل العام مقابل ما يزيد عن 25% في الدول
المتقدمة . (32)

إن قوة الرأي العام المساندة مهمة في تکوين المناخ الصالح لدعم التعليم ، فلقد فشلت کثيرا من المشروعات التربوية على الرغم من أهميتها القصوى في التنمية والتحديث ، إلا أن المعلمين ورجال التربية لم يقفوا وراء هذه المشروعات بعقيدة مهنية متحمسة وصادقة ، تفرض على الناس الإيمان بها والمشارکة في تحقيقها ، مما يؤثر على جودة التعليم ، " والتي يکون فيها التعليم قادرا على توفير تعليم متوازن مهني واجتماعي وشخصي ، وتيسير النمو الذاتي ، والتنمية ، والمواطنة ، وأن يعد الطلاب من أجل مهنة يمارسونها ، بالإضافة إلى التحدي المتمثل في إعداد الأفراد لعصر المعلومات " . (33)

لقد أقر وزراء التربية الأفارقة والمسئولين عن التخطيط الحاجات التربوية الجديدة والاستراتيجيات المناسبة للتسعينات في إفريقيا في أربعة موضوعات هي تطور الأهداف - التربية کمفتاح للتنمية البشرية - تحديد الحاجات الأساسية للتعليم - استراتيجيات التعليم للجميع ، کما أقرت التعاون من اجل تطوير التعليم في إفريقيا ووضع الآليات المناسبة لهذا التعاون . (34)

وبالرجوع لاستراتيجية التربية الأمريکية نجد أنها تؤکد على التخطيط الاستراتيجي المعتمد على الرؤية البعيدة والنظرة المستقبلية ، وذلک في مقابل التخطيط الکمي النمطي ويقتضي ذلک الاهتمام بطريقة التفکير أکثر من مادة التفکير. (35)

وإذا کان التخطيط التربوي يهدف إلى التعرف على کم ومکان التفاوتات الموجودة في توزيع خدمة التعليم والتعرف على أسبابها ، بين الأقاليم ، وبين الحضر والريف في الإقليم الواحد ، وبين الذکور والإناث ، وبين أبناء طبقات المجتمع وفئاته المختلفة ، ومدى إقبال الناس على التعليم بوجه عام ، وعلى بعض فروعه بوجه خاص ، نجد کل هذه العوامل مجتمعه تتفاعل مع بعضها مما يؤثر في توزيع خدمات التعليم في الدول العربية منعکسا بدوره على تنمية هذه المجتمعات .

ثامنا : تطور الإدارة التربوية

مازالت الإدارة التربوية في البلاد العربية تنحو إلى المرکزية أکثر من اللامرکزية ، فکل العمليات المتصلة باتخاذ القرار تترکز في يد السلطة المرکزية ، وکل ما يتصل بأمور التعليم من بناء مدارس أو تأثيثها وتجهيزها ، وتعيين المعلمين والعاملين ، وتحديد المناهج والکتب الدراسية تخضع لسلطة وزارة التعليم هي عملية مرکزية.

ويرى عبد العزيز الجلال(36) أن الإدارة التربوية في البلاد العربية من أهم العوامل المؤدية لتحسين العمل وکفاية إنتاجه ، وإن شانها شأن الإدارة العامة ، فهي مثقلة بتراث کبير من المشکلات الناتجة عن نقص في القدرات الإدارية ونقص في الإدراک لطبيعة الإدارة الناجحة، وکذا تداخل العوامل الاقتصادية والاجتماعية ، غير أن الإدارة التربوية في البلاد العربية تزيد من مشکلاتها عن تلک الخاصة بالإدارة العامة، نظرا لکبر حجمها من ناحية وخصوصية تعاملها مع قاصرين لا يستطيعون الدفاع عن مصالحهم في الوقت المناسب. مما يستلزم معه العمل على تحسين الإدارة التربوية في البلاد العربية والتي يعول عليها نجاح النظام التربوي وهو ما لم يتحقق من معطيات استراتيجية التربية والتعليم العربية.

ونلاحظ أن استخدام الإدارة التعليمية والتربوية للتقنيات الحديثة مازالت غير موجودة بغالبية المدارس والوحدات التابعة للتعليم ، عکس ما نادت به الاستراتيجية ، وهو ما يؤثر سلبا على قدرة الإدارة التربوية في القيام بدورها بتسجيل بيانات العاملين ، وامتحانات الطلاب ، وغيرها من العمليات المطلوبة داخل المؤسسات التربوية .

وحيث أن التکنولوجيا الآلية ليست إلا جانبا من جوانب التکنولوجيا الإدارية ، فإن الجانب الأساسي والمکون الرئيسي لها هو التکنولوجيا العقلية ، التي تقوم على أصول التفکير العلمي والتحليل الموضوعي المنظم ، والتي تعبر عن نفسها في صورة أساليب وتقنيات جديدة تعين الإداري على اتخاذ القرار الرشيد وإصدار الأحکام  العقلية والرؤيا البصيرة للمستقبل . (37)

وفي مصر تبذل جهودا کبيرة في تحويل الإدارة المدرسية School Administration بمعنى إدارة التسيير التقليدي للعمل الإداري إلى القيادة المدرسية School leadership وهي إدارة المدرسة في إطار التعامل مع متغيرات المستقبل ، وهذا يتطلب قادة للمدارس يکونوا أصحاب رؤى في خلق وقائع تربوية جديدة تطلق قوى الإبداع الخلاق بين تلاميذ ومعلمي المدارس ، ولابد أن يتمتع القائد بمزيد من الاستقلال حتى يتحرر من البيروقراطية (38) ، ولکن الکفاءات المطلوبة غير متوفرة على الصعيد القومي وهو ما يؤثر في تطوير الإدارة التربوية في البلاد العربية .

ومن المحاور الأساسية الواجب البحث عنها لاستراتيجيات التربية العربية زيادة فعالية ديموقراطية التعليم ، والتأکيد على ديموقراطية الإدارة التعليمية ، ويرى Carr (39) أن صنع السياسة والقرارات التعليمية يجب أن يتم بمشارکة جميع أطراف العملية التعليمية ، طلاب ، ومعلمين ، وأدباء، لضمان المحافظة على تکامل قيم الديموقراطية ، وهو ما لم يتم تحقيقه بالدرجة المطلوبة في النظم التعليمية العربية.

تاسعا : تطوير التعليم العالي

على الرغم من ظهور نماذج جديدة من مؤسسات التعليم العالي ( جامعات ومعاهد ) إلا أنها لم تفي بالاحتياجات الضرورية وبمتطلبات التنمية ، حيث ظهرت کليات ومعاهد تقنية في معظم البلاد العربية لتخريج نوعية مطلوبة لمؤسسات الإنتاج والتنمية ، کما أن هناک محاولات لتحسين نوعيته على الرغم من زيادة أعداد الطلاب المطردة ، واتضح ذلک جليا في افتتاح جامعات جديدة سواء کانت حکومية أو خاصة على المستوى القطري والعربي ، وکذلک تخصصات جديدة ، وأصبحت الجامعات مراکز فکر وتأهيل ترتبط بالمجتمع أکثر من ذي قبل من خلال الوحدات ذات الطابع الخاص ومراکز الخدمة المنتشرة بها ، وظهور نظام التعليم المفتوح والتعليم عن بعد .

ويمکن القول بان أخطر ما تعانيه التربية العربية من خلال التعليم الجامعي هو عدم وجود فلسفة واضحة تحدد وظيفته وتوجه عمله ، بالإضافة لصراع الفلسفات فيه والتي  هي امتداد لصراع الفلسفات في التربية والتعليم بصفة عامة ، مع وجود فارق کبير بين صراع فلسفات نابع من واقع اجتماعي ، يعبر عنه ، ويعمل على تطويره ، وبين صراع فلسفات مفروضة من الخارج ، أو منقولة عنه ، وليست لها جذور في التربية العربية(40) ، مما يستوجب إعادة النظر في کيفية تطبيق فلسفة التعليم العالي في الأقطار العربية کما جاءت في الاستراتيجيات التربوية والتعليمية ، بحيث تتمشى مع متطلبات تنمية الشعوب العربية ، ومراعاة الاحتياجات الفعلية للخريجين ، والمواءمة بين احتياجات المؤسسات التنموية والقبول في المؤسسات التعليمية الجامعية ، واشتراکها مع مؤسسات المجتمع في تدريب أفرادها ومساعدة المواطنين على حل المشکلات التي تعترضها.

وبالنظر إلى وضع التعليم العالي العربي نجد أن هناک أعدادا ليست بالقليلة من الطلاب العرب تتجه إلى دول أوروبا وأمريکا للحصول على الشهادات العليا ، لعدم قدرة مؤسسات التعليم العالي في بلادهم على استيعابهم ، إما لعدم مناسبة مجموعهم في الثانوية العامة لدخول الکلية التي يرغبون فيها وهي تمثل معظم الحالات ، أو للحصول على تعليم معين غير موجود بجامعات هذا القطر ، مما دعى بعض الدول العربية لإنشاء جامعات وکليات خاصة ومنها مصر التي أنشأت أربع جامعات عام 1996م وهي جامعة 6 أکتوبر - جامعة أکتوبر للعلوم الحديثة والآداب - جامعة مصر الدولية - جامعة مصر للعلوم والتکنولوجيا ، بالإضافة للمعاهد العليا الخاصة ( تکنولوجية وغير تکنولوجية).(41)، وکذلک أنشأت کليات وجامعات خاصة في بعض الدول العربية الأخرى مثل سوريا ولبنان ، وتشترک الجامعات الحکومية بأساتذتها وعلمائها وکوادرها مع الکليات والمعاهد الخاصة ، مما يعضد من قوة هذه المؤسسات الجديدة حتى تنشئ کوادرها على يد هؤلاء العلماء.

وإذا نظرنا إلى دول العالم المختلفة نجد أن مؤسسات التعليم الجامعي الخاص تتزايد بجانب الجامعات الحکومية کما في أوروبا الغربية والشرقية وروسيا واليابان والصين وأمريکا الشمالية والجنوبية ، وإفريقيا ، فالجامعات الأمريکية الأکثر شهرة هي جامعات خاصة إلا أن 80% من الطلاب في الولايات المتحدة في مؤسسات التعليم العالي العامة ، وعلى الرغم من ذلک نجد انه في قمة المکانة الأکاديمية تندرج جامعات " هارفارد " ، " بريستون " ، ستانفورد" ، " شيکاغو "  ، وکليات غير جامعية خاصة مثل " أمريست " ، " وسميث " ، " ويليامز" ، وهي مؤسسات عالية المکانة ، تنتقي طلابها ، وتمتلک التمويل الضخم . (42)

فعلي الجامعات العربية أن تعمل جاهدة على اللحاق بهذه النظم وتزيد من استخدام الکمبيوتر في العملية التعليمية ، وتنمية اتجاه الطلاب على استخدام الإنترنت کأداة للتعلم الذاتي .

ويحدد ( عبد الله عبد الدايم ) (43) معالم ست للتربية العربية المرجوة من أجل التغيير وهى :ـ

1ـ مرونة النظام التربوي0

2ـ ربط التربية بحاجات العمالة المتغيرة والمتجددة0

3ـ تجديد تقنيات التربية.

4ـ بناء القدرة لدى المتعلم على التعلم الذاتي0

5ـ الأخذ بالتربية المستمرة0

6ـ ربط التربية بالتراث الثقافي العربي والعالمي0

بعد العرض السابق لاستراتيجية التربية العربية التي أقرتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1978 ، والمراجعات التى تمت عليها ، ونقدها من خلال محاورها ، وحيث أن تعليم الکبار يعتبر مکونا من مکونات المنظومة التعليمية ، مما يوجب التعرض لاستراتيجية تعليم الکبار والتي أقرتها المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة خلال شهر أبريل 2000 على النحو التالي :

2- استراتيجية تعليم الکبار في الوطن العربي(44)

محاور الاستراتيجية

أولا : من حيث الفلسفة...

المحور الأول : الإيمان بفلسفة التعليم المستمر مدى الحياة والتعلم الذاتي والقابلية المستمرة للتعليم.

ثانيا : من حيث البرامج

المحور الثاني : التخلص من مشکلة الأمية وذلک من خلال:

  • ضمان تعليم الأميين الحاليين واستمرار تعلمهم.
  • سد منابع الأمية وإيقاف تدفق أميين جدد.
 

الاستعانة ببعض نماذج التقويم المعاصرة، والاستفادة من خريجي الجامعات والمثقفين، وحث کليات التربية في الأقطار العربية أن تلعب دورا بارزا في إعداد معلم محو الأمية.

المحور الثالث : توفير التعليم الأساسي للجميع صغارا وکبارا وتتضمن برامج ما بعد محو الأمية:-

المحور الرابع : توفير برامج التعليم الموازي للتعليم العام قبل الجامعي للکبار على النحو يحقق زيادة فترة الإلزام في التعليم النظامي وتوفير النظام المقابل له في تعليم الکبار.

المحور الخامس : توفير الفرصة الثانية للتعليم العالي والجامعي للکبار من خلال مؤسسات التعليم المفتوح والتعليم عن بعد.

   وتقترح الاستراتيجية إقامة جامعة عربية مفتوحة يکون لها شخصيتها الاعتبارية المنفصلة وتحويل مراکز خدمة المجتمع بالجامعات إلى فروع للجامعة المفتوحة.

المحور السادس :تنوع فرص التدريب والتأهيل لکل المهن الجديدة والناشئة من خلال العديد من المؤسسات التدريبية بمستوياتها المختلفة من بينها کليات المجتمع.

المحور السابع : تنوع برامج الثقافة العامة وبخاصة البرامج التي تحقق الحفاظ على الهوية والثقافة العربية مع التفهم للثقافات الأخرى ، والقدرة على التعامل معها ، ومع متغيرات العصر الصالحة.

ثالثا : من حيث المستفيدين :

المحور الثامن : جميع الکبار مع إعطاء أولوية في جميع المحاور السابقة للفئات الأکثر احتياجا في المجتمع.

رابعا: من حيث القوى البشرية :

المحور التاسع : توفير قيادات العمل في تعليم الکبار من خلال الإعداد العلمي على المستوى الجامعي وما بعده.

خامسا : من حيث المؤسسات :

المحور العاشر : توفير الهيکل المؤسسي لتعليم الکبار في کل دولة عربية بحيث توجد له الشخصية الاعتبارية المعترف بها .

المحور الحادي عشر : تعزيز الاتحاد العربي لتعليم الکبار ، وتفعيل أجهزة العمل العربي المشترک.

المحور الثاني عشر : توفير التکامل بين جهود تعليم الکبار وجهود المؤسسات الإعلامية والاستفادة من منجزات ثورة الاتصالات والمعلوماتية.

المحور الثالث عشر : تشجيع الجهود والمنظمات غير الحکومية لتعليم الکبار بالإضافة إلى الجهود الحکومية في شتى جوانب العمل من حيث التمويل والتخطيط والتنظيم وإعداد البرامج والتنفيذ.

المحور الرابع عشر : التکامل المستمر والدائم بين مؤسسات وبرامج التعليم النظامي والتعليم غير النظامي وتعليم الکبار.

سادسا : المراحل الأساسية لتنفيذ الإستراتيجية العربية لتعليم الکبار

المرحلة الأولى : يتم فيها إقامة البنية الأساسية لتعليم الکبار من خلال تأسيس هيئة مسئولة عن تعليم الکبار ، وتحديد الأطر المناسبة للإنفاق عليها ، وربط منظومة تعليم الکبار بالمنظومة التربوية.

المرحلة الثانية : البعد القومي الذي يتمثل في إقامة مؤسسات قومية وإقليمية للتنسيق بين السياسات القطرية لتعليم الکبار ، وإقامة مؤسسات بحثية ذات بعد وطني أو إقليمي ، وتوفير الکوادر المتخصصة وتأهيلها ، ونشر البحوث على المستوى القومي والقطري .

المرحلة الثالثة : يتم فيها توسيع مجالات البحث ، والترکيز على إدخال أساليب علمية.

المرحلة الرابعة: ويتم فيها تبني المؤسسات العاملة في تعليم الکبار أفکار أو نماذج جديدة ، وابتکار أدوات ووسائل جديدة لزيادة الفاعلية، وإعداد کوادر مؤهلة تأهيلا عاليا ، والتأقلم مع متطلبات التنمية في الوطن العربي.

يمکن تناول استراتيجية تعليم الکبار في الوطن العربي من منظور نقدي على النحو التالي:-

بدأت استراتيجية محو الأمية وتعليم الکبار في البلاد العربية ، منذ أن عرضت وثيقة " نحو تطوير الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الکبار " على المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في 19 ديسمبر 1973م ، فأجريت البحوث العلمية والتجارب الميدانية في قرية "النکارية " بمصر ، " والراشدية " في العراق ، ومشروع تجريبي للمواجهة الشاملة للامية الأبجدية والحضارية في اليمن في منطقة " أبين " ومشروع آخر في " غوطة دمشق " بسوريا ، وثالث في أوساط البدو بالإمارات العربية المتحدة ، وعرضت النتائج في ندوات للخبراء .

وبعد أن أثبتت النظرية وجودها من الناحية العلمية انتقل الحوار إلى رسم السياسات واتخاذ القرارات ، فتشکلت اللجان وتوجهت بإعداد وثيقة بعنوان " نحو استراتيجية عربية مقترحة لمواجهة مشکلة الأمية مستقبلا في الوطن العربي" قدمت لمؤتمر وزراء التربية العرب الثالث (11-16ديسمبر 1976) وأجازها المؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في الدورة غير العادية الأولى بالخرطوم عام 1978م .

وتنطلق الاستراتيجية من اصل المشکلة وهو التخلف ، وتهدف لاقتحام مواقعه دفعة واحدة ، وشغلت الاستراتيجية حيزا واضحا على الساحة التربوية ما يقرب من عقدين من الزمان في محاولة لمحو الأمية الشامل خلال المدى الزمني الذي افترضته الإستراتيجية ، إلا أنه لم يبلغ تلک الغاية على الرغم من بذل الجهود بقيام حملات شاملة في العراق والکويت واليمن والبحرين وموريتانيا ولبنان والصومال ، وحملات قطاعيه في کل من سوريا والسودان والمغرب والجزائر ، ثم قامت حملات شاملة في السودان 1990 ، وفي مصر 1991م ، وفي سوريا 1997 ، کما وضعت اليمن استراتيجية لمحو الأمية عام 1998م ترافق معها تعليم موازي وتدريب مهني وحرفي وتأهيل للمرأة .(45) ورغمذلک نلاحظ أن حجم الأمية عام 1970 بلغ 51 مليون بنسبة 73% من مجموع السکان في الوطن العربي ، وقد بلغ عام 1990م 61 مليون بنسبة 48.7% من مجموع السکان ، وتشير البيانات الإحصائية المتاحة عام 2000م أن عدد الأميين حوالي 68 مليون بنسبة 38.5% .(46)

وبالرجوع إلى محاور الاستراتيجية نلاحظ :-

أولا : من حيث الفلسفة والبرامج والمستفيدين والقوى البشرية والمؤسسات

تدور الاستراتيجية حول عدة محاور أولها : مرتبطة بفلسفة التعليم المستمر والقابلية للتعليم ، وثانيها : يرکز على التخلص من مشکلة الأمية بسد منابعها وإيقاف تدفق أميين جدد ، وهو ما لم يحدث حيث أن الإلزام لم يتم بصورة کاملة ، وکذلک هناک تسرب من التعليم ، کما أن تعليم الأميين الحاليين يسير ببطء نتيجة عوامل متعددة منها قصور إعداد المعلمين في هذه البرامج ، وعدم مناسبة المکان والزمان ، وانشغال المرأة العربية بأمور اجتماعية ، کما أن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة الأمية الهجائية بين الإناث العربيات 65% .(47) ومع هذا فقد تم الاستعانة ببعض خريجي الجامعات في مصر في برامج محو الأمية ، کما تساهم الجامعات في هذه البرامج ، ورغم ذلک تؤکد دراسة عبد العزيز الطويل (48) أن برامج ومشروعات محو الأمية وتعليم الکبار التي تطبقها الجامعات غير کافية ويجب الاهتمام بتخطيطها .

والاستراتيجية تقترح إقامة جامعة مفتوحة لتوفير فرصة ثانية للتعليم العالي والجامعي للکبار وهو ما لم يحدث حتى الآن ، کما انه لم يتم على المستوى العربي ، وجميع الکبار لم يستفيدوا من المحاور السابقة رغم وجود اتفاق بين المؤسسات الحکومية المسئولة عن محو الأمية وتعليم الکبار والمؤسسات غير الحکومية بتشجيعها على المساهمة في هذا المجال ، ولکن دورها حتى الآن على المستوى العربي ضئيل نسبيا إذا ما قورن بالمطلوب فعلا في أرض الواقع.

ثانيا : بالنسبة للمراحل الأساسية لتنفيذ الاستراتيجية :

فقد قامت الدول العربية بتأسيس هيئات مسئولة عن تعليم الکبار ، وحددت طرق الإنفاق عليها وربطها بالمنظومة التربوية ، وقامت بمحاولة توفير الکوادر المتخصصة وتأهيلها ، ونشر البحوث وتبني أفکارا ونماذج جديدة لتعليم الکبار لأن معظم العاملين في هذا المجال من حملة المؤهلات المتوسطة تلقوا تدريبا قصيرا نظمته الإدارة المختصة قبل إلحاقهم بالعمل أو أثنائه .

مما سبق يتضح أنه لا توجد سياسة عامة واضحة المعالم ، واستراتيجية للبحث العلمي في مجال تعليم الکبار بصفة عامة ، وکذلک لا يوجد إلا هيئات ومؤسسات قليلة تعنى بأثر البحث في هذا المجال ، وعموما فإن التجارب العربية في مجال تعليم الکبار مازالت في مراحلها الأولى ، ولابد من تطويرها لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ، وان تنطلق في هذا المجال من أسس واضحة تراعى فيها المستقبل ومتغيراته والجذور الثقافية للأمة العربية .

بعد استعراض استراتيجية التربية والتعليم العربية ، واستراتيجية تعليم الکبار فى الوطن العربى والتعرض لهما بالتحليل والنقد ، وهما استراتيجيتان قوميتان على المستوى العام العربى ، يمکن التعرض لاستراتيجية تطوير التعليم فى مصر کأحد الاستراتيجيات الخاصة بقطر من أقطار الوطن العربى له أصالة عربية ، جذورها ضاربة فى أعماق التاريخ ، وذلک من خلال التعرض لمحاورها بالتحليل والنقد فيما يلى :-

استراتيجية تطوير التعليم في مصر (49)

في إطار المبادىء الدستورية لسياسة الدولة في مجال التعليم يمکن تحديد الأهداف المتوخاة من التعليم على النحو التالي :-

-       التأکيد على بناء الشخصية المصرية القادرة على مواجهة المستقبل .

-       تحقيق التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

-       إعداد جيل من العلماء.            -إقامة المجتمع المنتج.

ففى ثمانينيات القرن العشرين ظهرت استراتيجية تطوير التعليم فى مصر، ثم ظهرت فى بداية القرن الحادى والعشرين الخطة الاستراتيجية القومية لاصلاح التعليم قبل الجامعى فى مصر (2007/2008—2011/2012 )0

أولا:استراتيجية تطوير التعليم فى مصر:

دعائم الاستراتيجية

تتشکل من بعض المنطلقات والمحاور على النحو التالي :-

أ) منطلقات الاستراتيجية .. تتمثل في شمولية التطوير ( لسائر مکونات البناء الاجتماعي ، ومکونات النظام التربوي ) وقومية التطوير ، والتنسيق بين القطاعات المختلفة ، والتعليم المتکامل الذي يتناول شخصية المواطن تناولا متکاملا ، والتعليم الذاتي ، والبحث التربوي  ، والتجريب التربوي ، والمرونة ، وقومية العمل نحو محو الأمية وتعليم الکبار ، والتبوء التربوي في التعليم الثانوي والجامعة ، وعدم ربط العمل بالشهادة.


محاور الاستراتيجية

تهدف الاستراتيجية الى تحقيق الأهداف الأربعة العريضة (والتى تشکل السياسة التعليمية ) ومن ثم فإن الاستراتيجية ترتکز على المحاور الآتية:

محاور عامة لجميع مراحل التعليم:

تتمثل في :

أولا : زيادة فعالية ديمقراطية التعليم:

( أ ) التعليم قبل الجامعي:

   جميع أهداف السياسة التعليمية لا يمکن أن تتحقق بدون تمکين الناس من التعليم وتتطلب ديمقراطية التعليم التوسع الکمي في التعليم، مع احترام مبدأ المساواة، وتکافؤ الفرص ، ولزيادة فعالية هذا المبدأ يجب تحقيق ما يلي :-

  1. توفير الإمکانيات ..( الفصول  المدرسية – المدارس – المعدات والادوات ) مما يتطلب معه زيادة الاعتمادات المقررة للتعليم، وتشجيع الجهود الذاتية لتوفير هذه الإمکانات، وان يتوفر في کل مديرية تعليمية وحدة للمباني مزودة بمهندسين وفنيين في البناء والترميم والصيانة .

  2. إتاحة فرص متساوية لمختلف الافراد والجماعات والبيئات للحصول على الانواع المختلفة من التعليم ( أساسي – ثانوي عام – ثانوي خاص – ثانوي زراعي – صناعي ) .

  3. تدبير الفرص المتکافئة خلال العملية التعليمية والتغلب على الفترات الدراسية ، والأخذ بنظام اليوم الکامل مع توفير وجبة غذائية صحية للأطفال .

  1.          4.    استيعاب کل الملزمين والحد من الهدر الذي يتم عن طريق التسرب والرسوب.
  2.          5.    تأکيد ديموقراطية الإدارة التعليمية .
  3.          6.    إحکام الإشراف على التعليم الخاص والمدارس التجريبية الرسمية.
  4.          7.    توفير الرعاية التربوية للطلاب … وتوفير التغذية والرعاية الصحية والتوجيه والإرشاد النفسي، وإنشاء وحدات صحية مدرسية .
    1.          8.    تربية المعوقين… من خلال :-

                ·     تنظيم اندماج وتکامل المعوقين في المجتمع من جديد.

                ·     اعتبار مشکلة تأهيل المعوقين مسئولية المجتمع والدولة.

  1.          9.    علاج ظاهرة الدروس الخصوصية .
  2.         10.  تعديل نظام المسار الخاص بالحلقة الإعدادية.

 

( ب ) التعليم العالي:

   توسعت الجامعات والمعاهد العليا في قبول الطلاب وفقا لمبدأ تکافؤ الفرص إلا ان فعالية مبدأ ديمقراطية التعليم تتوقف على عدة أمور أهمها:-

  1.          1.    توفير الامکانيات … مدرجات – مکتبات - معامل - ورش وأجهزة .
  2.          2.    تحويل الطلاب بين الجامعات على أسس موضوعية وکذلک بين الکليات.
  3.          3.    علاج ظاهرة الدروس الخصوصية .

  4. دعم الرعاية الطلابية … عن طريق تسکين الطلاب المغتربين في المدن الجامعية، والرعاية الطبية لهم بالمستشفيات الجامعية وتقديم المساعدات المالية لغير القادرين.

  1.          5.    دعم ديمقراطية القيادة العلمية … کما نص عليها قانون تنظيم الجامعات 49 لسنة 1972.

ثانيا: التوسع في التعليم الفني والارتفاع بمستواه :

  1.           1.   توفير المعلومات الخاصة بـ:

              ·       مراعاة الاحتياجات المستقبلية للمجتمع في ظل التطور التکنولوجي السريع.

              ·       مراعاة التخصصات والمهن الفنية المطلوبة وفقا لنظرة مستقبلية.

  1.           2.   تخطيط التعليم الفني والعناية بالتخصصات الفنية والتکنولوجية المستحدثة وفتح شعب جديدة لها .

  3. اعتبار المدرسة الفنية وحدة تعليمية إنتاجية … يمکن من خلال ربط التعليم الفني بمواقع الإنتاج ويجب تطوير مشروع رأس المال الدائم للتعليم  والإنتاج بمدارس التعليم الفني .

  4. توفير مصادر فعالة لتمويل التعليم الفني … وخاصة التعليم الصناعي بأن تتحمل الجهات المستفيدة من الإنتاج الفني بما فيها القطاع الخاص نصيبها من هذا التمويل.

              ·   تشجيع إنشاء معاهد عالية خاصة في المجالات التى يحتاج اليها المجتمع.

ثالثا: حسن إعداد المعلم وتأهيله :

أي حديث عن محاور إستراتيجية التطوير بعيدا عن المعلم، هو کمن يبني قصرا في الهواء ، ويمکن القول أن المعلم الصالح في نظام تعليمي ضعيف أفضل من المعلم غير الصالح في نظام تعليمي قوي، ولا يمکن لفعالية النظام التعليمي أن تتحقق دون صلاحية المعلم على الأداء.

( أ ) التعليم قبل الجامعي

ينبغي أن تقوم استراتيجية إعداد المعلم وتأهيله على المبادئ التالية:

              ·       الارتقاء بمهنة التعليم ورفع مستواها الاجتماعي والمادي وإحساس المعلم بالثقة في نفسه.

  · توحيد مصادر إعداد المعلم مع تطوير دور المعلمين والمعلمات لکي تصبح کليات عليا مع وضع أحکام انتقالية لطلابها الحاليين (والقبول بعد الثانوية العامة أو الفنية ).

  · ربط الشعب في کليات التربية والمعلمين بالحاجة الفعلية في مختلف التخصصات، وفقا لحاجة المجتمع، مع الاهتمام بتکنولوجيا التعليم والعناية بالدراسات العليا.

              ·       وضع أسلوب منهجي لتدريب المعلمين أثناء الخدمة وتشجيعهم على البحث والابتکار.

 ( ب ) التعليم الجامعي

العمل الجامعي يقتضي أن يکون عضو هيئة التدريس معلما ومفکرا أو رائدا وباحثا ويتطلب ذلک وجوب مراعاة ما يلي :

              ·       يقتصر تعيين أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم على العناصر الممتازة.

              ·       أن يراعي عند إعداد المدرس الجامعي أن يتلقى من المواد الدراسية ما يجعل منه معلما ومفکرا ورائدا وباحثا في ذات الوقت.

              ·       لا يجوز أن يقتصر تقييم أداء هيئة التدريس على مجرد تقديم البحوث بل يجب النظر الى نشاطه العلمي والاجتماعي.

              ·       الفصل بين الترقية العلمية والدرجة المالية لأعضاء هيئة التدريس ، ويجب العمل على رفع المستوى المادي لأعضاء هيئة التدريس .

  · وضع نظام يکفل قيام اللجان العلمية بتقييم ما يظهر من الإنتاج العلمي لعضو هيئة التدريس بصفة دورية دون انتظار وقت حلول الترقية وسوف يکفل هذا المبدأ تحقيق المداومة والاستمرار في البحث العلمي وعدم الانتظار لحين قرب حلول موعد الترقية مما يؤدى للسرعة في البحوث والتأليف.

رابعا: توفير التمويل اللازم للتعليم بجميع مراحله :

التعليم استثمار إنتاجي من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية ، وقد أدت الظروف الصعبة إلى تقليل قدرة معظم الحکومات على الاستمرار في الصرف على التعليم ، خاصة في الدول التى يزيد فيها عدد السکان وعدد المقبلين على التعليم وخاصة في المدارس الابتدائية.

              ·       مجانية التعليم في مؤسسات الدولة مبدأ لا مساس به والدولة تتحمل تمويل التعليم.

والمجتمع مسئول عن تدبير موارد التعليم ومضاعفتها من خلال :-

              ·       إنشاء صندوق تمويل التعليم في کل محافظة مصادره من التبرعات وعائد الاستثمار.

  · إلزام أصحاب المدارس الخاصة بدفع ضريبة تعليم ، وتحميل أولياء الامور القادرين
هذا العبء.

              ·       تشجيع الجهود الذاتية للمواطنين من أجل بناء المدارس وتدعيمها بالاجهزة والادوات.


حول تمويل الجامعات

تعتمد الجامعات في تمويلها على الدولة ، وتحدد الدولة المبلغ الإجمالي لموازنة الجامعات ، وتحصل کل جامعة على ما يخصها وفقا لمعايير معينة تتصل بأداء الجامعة لوظائفها ، ويترک لکل جامعة حرية توزيع ما يخصص لها من اعتمادات على الأبواب المختلفة للميزانية .

خامسا : زيادة فعالية الإدارة التعليمية والجامعية :

( أ ) زيادة فعالية الإدارة التعليمية ..

يتطلب نجاح العملية التربوية أن تشرف عليها إدارة تعليمية واعية وقادرة ، وضمانا لهذا النجاح يجب الالتزام بما يلي :-

1. مرکزية التخطيط والمتابعة .. يجب ان تقوم الوزارة بتخطيط التعليم تنفيذا للاستراتيجية من خلال أجهزتها مع وضع خطة ذات معالم محددة ( المناهج – المقررات – الاشراف )

  1. لا مرکزية التنفيذ في المحليات .. فيما يتعلق بانشاء المدارس وتجهيزها.
  2. تدعيم إدارة المدرسة .. بإعطاء المديرين والنظار صلاحيات أوسع في الادارة مع فتح الترقيات لمدير عام أو وکيل وزارة في اماکنهم.

4. تحديث الادارة التعليمية ( المرکزية واللامرکزية ) باستخدام الوسائل الحديثة للاتصال لتتيح لهم فهم اتجاهات التطوير في التخطيط التربوي باشتراک نقابة المعلمين.

5. سهولة الاتصال بين عناصر الهيکل ( التنظيمي ) الادارى والفني .. رأسيا بين ديوان عام الوزارة والمديريات التعليمية وأفقيا بين الادارات التى تعمل على مستوى إداري واحد .

6. من الضروري إنشاء جهاز خاص يتولى القيام بالمباني التعليمية يکون حکوميا مرکزيا مستقلا له شخصية اعتبارية وميزانية خاصة ملحقة بميزانية الدولة ، وله الحق في قبول الهبات والمعونات غير المشروطة ، وله حق عقد القروض لتمويل إقامة الابنية ، وتخضع للرقابة المالية والادارية ويتشکل الجهاز المرکزي لابنية التعليم من إدارة عامة تتبعها إدارة فنية وإدارة مالية وإدارة قانونية وإدارة للمحاسبات وأقسام إدارية.

( ب ) زيادة فعالية الإدارة الجامعية

تتوقف فعالية الإدارة الجامعية على قدرتها في تحقيق أهدافها الأکاديمية کما حددها قانون تنظيم الجامعات ، وتتوقف هذه الفعالية أساسا على مهارة والتزام کل المسئولين الجامعيين على جميع المستويات بأداء مهامهم وفقا للأهداف المرسومة.

ويتطلب تطوير التعليم العمل على زيادة فعالية الإدارة الجامعية مما يتطلب معها:-

  1. دعم الاستقلال الإداري للجامعة فلا يجوز فرض هياکل نمطية أو موحدة على الجامعات.
  2. دعم الاستقلال المالي للجامعة ويترک لها تحديد موازنتها في إطار موارد الدولة وما تستطيع تدبيره من جهود ذاتية أو منح أو تبرعات.
  3. يجب الأخذ بالوسائل التکنولوجية الحديثة والمتطورة في مختلف نواحي الإدارة الجامعية.

4. ربط الإدارة الجامعية بمواقع الإنتاج والخدمات للتفاعل مع حاجات المجتمع وإمکان تدبير
موارد مالية.

  1. الاهتمام بإدارة المنشآت الجامعية والمستشفيات الجامعية وتوفير مقومات فعاليتها.
  2. تدعيم لا مرکزية الإدارة الجامعية بدءا من القسم الى الکلية الى الجامعة في إطار خطة الجامعة.
  3. زيادة عدد نواب رئيس الجامعة بحيث يقود کل نائب قطاعا معينا من قطاعات الإدارة الجامعية.
  4. ضرورة الاهتمام بالمکتبات الجامعية.

محاور خاصة بالتعليم العام

سادسا: الارتفاع بالمستوى الکيفي للتعليم

يعتمد المستوى الکيفي للتعليم على :-

           ·          الامتحان

           ·        محتوى التعليم

           ·        السلم التعليمي

1. السلم التعليمي

( أ ) مرحلة التعليم الأساسي .. (تسع سنوات) من حلقتين ( ابتدائي 6 – إعدادي 3 ) طبقا للقانون 139 لسنة 1981 تم خفضه إلى 8 سنوات ثم عادت إلى 9 سنوات.

(ب)مرحلة التعليم الثانوي .. ثلاث او خمس سنوات (ثانوي عام 3 سنوات – ثانوي فني 3 او 5 سنوات) معلمين ومعلمات (5 سنوات )

ويتعين تطوير السلم التعليمي على الوجه التالي :-

              ·       أن يسبق التعليم الأساسي مرحلة رياض الأطفال.

  · مراعاة الفروق الفردية في المرحلة الإعدادية وإعطاء مقررات عملية للتلاميذ الذين لا تتوافر لديهم استعداد لتلقي المقررات النظرية ومنع تسرب التلاميذ ( المدارس المهنية.

              ·       فرز المتفوقين وفقا لمعايير دقيقة ووضعهم في فصول خاصة مع إعطائهم مقررات أکثر عمقا

2. محتوى التعليم ..

( أ ) المنهج .. يتطلب تطويرا شاملا ولحدوث التطوير يجب تحقيق الأهداف العامة الآتية :-

              ·       التکامل والشمول في المعرفة ( تکامل المواد الدراسية – شمول المعرفة ).

              ·       ترکيز محتوى التعليم في الموضوعات الاساسية ( تکامل المعلومات وتصنيفها).

              ·       تعميق القيم التي تتطلبها الحضارة المصرية واهمها القيم الثقافية والدين واحترام حقوق الانسان.

              ·       تنمية القدرة الإبداعية والقدرة على التفکير الخلاق، والقدرة على التعبير عن التفکير.

              ·       الربط بين التعليم ومقتضيات التنمية الشاملة وتحقيق النمو .

              ·       إدراک موقع مصر في المجتمعين العربي والدولي.

(ب)الکتاب المدرسي .. يجب تطويره بحيث يکون مشوقا وجاذبا للطالب

(ج ) بالنسبة للنشاط المدرسي .. يهدف إلى تنمية الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية

( د ) توازن المناهج الدراسية .. تمثل أمرا جوهريا لبناء شخصية التلميذ .

( هـ ) الوسائل التعليمية .. يجب الترکيز على الوسائل والتکنولوجية الحديثة للاستغناء عن الدروس الخصوصية

3. الامتحانات ..

تعتبر جزءا أساسيا في العملية التعليمية تکشف عن مدى فعالية التدريس والمناهج والکتب المدرسية، وعن مدى إيجابية التلاميذ والطلاب وتفاعلهم مع عناصر محتوى التعليم ويعکس نظام الامتحان ما يشوب العملية التعليمية من نقائض.

التخلص من عيوب التعليم الخاص .. يسهم التعليم الخاص في تحقيق أهداف السياسة التعليمية، إلا ان على الدولة مراقبة هذا التعليم.

التعليم الأجنبي .. تشجيع تعلم اللغات الأجنبية، بشرط عدم المساس بالسيادة المصرية.

 سابعا: الارتفاع بمستوى الثانوية العامة

يمثل التعليم الثانوي أهمية خاصة ، وهو مرحلة انتقال للتعليم العالي ويجب أن:-

  1.    1.    يتم إدخال المواد الفنية والمهنية في هذه المرحلة لاعداد الطلاب للحياة.
  2.    2.    يجب أن يتجه لتنمية قدرات الطلاب على التفکير المنطقي والنقدي.
  3.    3.    ضرورة استجابة التعليم الثانوي لاحتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
  4.    4.    إتاحة الفرصة لطلاب الثانوية العامة وفقا لضوابط النقل الى التعليم الفني والعکس.

شهادة الثانوية العامة : نهاية مرحلة وبداية مرحلة ويجب :-

  1.    1.    المحور الاستراتيجي هو إلغاء التشعيب کلية والاکتفاء بالاختيار بين المواد في الصف الثالث .
  2.    2.    تکون الدراسة في الصفين الاول والثاني موحدة وعامة وشاملة لجميع المواد واللغات .
  3.    3.    وضع الطلاب المتفوقين في فصول خاصة لمتابعتهم.
  4.    4.    تکون الدراسة في الصف الثالث اختيارية ويحل نظام الاختيار محل نظام التشعيب ، ويوجه الطالب في الاختيار وفقا للمواد المؤهلة لدخول الکليات.

تطوير نظام الامتحان :

لقد قرر المجلس الأعلى للجامعات تحديد خمس مجموعات للمواد المؤهلة للقبول بالجامعات  المجموعة الخامسة منها لکليات القدرات ومهارة الموهبة .

ويعاب على هذا النظام انه لا يختلف عن النظم السابقة حيث لا نستطيع أن نميز بين الطالب المتميز والعادي فأسئلة الامتحانات واحدة وإذا وضعت أسئلة للمتميزين ارتفعت صيحات الشکوى ، وبناء على ذلک لا مناص من الأخذ يتجربة الدول التى سبقتنا في التقدم والتى اهتمت بالکيف لا الکم . لتحسين مستوى التعليم ورفع معيار التعلم.

ويمکن تحقيق ذلک بالتمييز بين شهادتين :-

 1. شهادة الثانوية العامة ( المؤهلة ) للالتحاق بالجامعات… يؤدى الطالب المتميز الامتحان في المستوى الرفيع ويخصص لهؤلاء الطلاب فصول من الصف الاول الثانوي وافضل المعلمين ويسمح للطلبة العاديين الالتحاق بهذه الفصول إذا أثبتوا جدارتهم في امتحان النقل ولا يکون المستوى الرفيع لتحسين المجموع بل للتأهل لدخول الجامعة.

 2. شهادة الثانوية العامة … وهي التى تؤهل للالتحاق بالمعاهد الفنية المتوسطة أو العالية ويلجأ صاحبها الى الحياة العملية او استکمال دراسته في مراکز التدريب. ويمکن للطالب الذى يحصل على هذه الشهادة أن يتقدم في العام التالي مباشرة للامتحان في المواد المؤهلة طبقا للمستوى الرفيع لکي يتمکن من الالتحاق بالجامعة ويسقط حقه إذا تاخر عن ذلک.

ثامنا : تطوير نظم التعليم العالي وأنماطه وأساليبه

هناک ثلاثة أمور لابد من مراعاتها لإحداث تطوير يتفق مع أهداف المستقبل.

الأول : التخطيط الشامل للتعليم العالي من خلال :-

              ·       العناية بالمعاهد العالية الفنية التکنولوجية.

              ·       التوسع الکيفي في الجامعات بدلا من الکمي.

              ·       الأخذ بنظام التعليم العالي عن بعد.

الثاني : تنوع أنماط الجامعات :

              ·       بالعدول عن النمط التقليدي الموحد للجامعات وإقامة جامعات نوعية .

              ·       إنشاء کليات متخصصة داخل الجامعة تمولها المؤسسات الإنتاجية.

الثالث : تطوير نظام الدراسة لتحقيق أهداف السياسة التعليمية عن طريق :

              ·       تطوير المناهج لکي تتفق مع حاجات المجتمع في ضوء المتغيرات.

تاسعا : زيادة فعالية الدراسات العليا والبحوث لتحقيق التنمية والقدرة العلمية ..
ويتمثل ذلک في :-

  1.    1.    تطوير مجالس الدراسات العليا باشتراک مجموعة من الکليات في تخصص عام واحد.
  2.    2.    الأخذ بنظام الأستاذ المتفرغ للدراسات العليا والبحوث ومنحه مکافأة إضافية.
  3.    3.    توفير الإمکانات ( مراجع – أجهزة – مواد) وتدبير موارد للدراسات العليا خارج الموازنة.
  4.    4.    التنسيق بين الجامعات وأکاديمية البحث العلمي والتکنولوجيا ومراکز البحوث والشرکات المساهمة
  5.    5.    العناية بالإعلام العلمي .. إنشاء مراکز توثيق وتصوير وإصدار دليل سنوي وإصدار دوريات في کل جامعة تحتوى على إنتاجها العلمي.
  6.    6.    يجب أن تنصب کل الدراسات العليا على موضوعات تتصل بصميم مشکلات المجتمع المصري.

حول استراتيجية تطوير التعليم في مصر ( من منظور نقدي ):

من تحليل نصوص الاستراتيجية ، ومقارنتها بمصادر مرجعية ، وجهود تنفيذ الاستراتيجية وما تم بشأنها يمکن التعرف على :-

أولا : منطلقات الاستراتيجية :

يرى محمد عزت عبد الموجود (50) أنه يجب عند وضع سياسة تعليمية مراعاة شمولية المحتوى ، ولکي تکون مؤثرة يجب أن تتعرض لجميع جوانب العملية التعليمية ، ولکن استراتيجية تطوير التعليم في مصر اتسم منهجها بالجزئية وليس بالشمول ، حيث لم يمتد إلى کل مراحل وقطاعات التعليم ، وإنما اقتصر على أبعاد معينة دون أخرى ، فلقد امتد منهج التطوير إلى أرکان العملية التعليمية وليس إلى الفلسفة والمبادئ التي تحکم السياسة العامة ، واتسم بالتدرج والبطء باعتبار أن السياسة التعليمية تحتاج إلى قناعة عامة من المجتمع لإحداث التغير المطلوب .

لقد ظهرت الاستراتيجية وسط شعور عام في المجتمع المصري بعدم الرضا على العملية التعليمية ، نتيجة ظهور بعض المشکلات التي قد تعبر عن فساد بعض أرکان العملية التعليمية ( مثل محاولات الغش الجماعي ، الاعتداء على المعلمين ، الدروس الخصوصية ، وزيادة کثافة الفصول ) مما يؤدى لتردى العملية التعليمية ، في حين أن المجتمع يعاني من ضغوط اقتصادية ، وقد طرحت الاستراتيجية للنقاش بعد إعدادها (بعقد الندوات والمؤتمرات إلا أنها کانت شکلية ) (51)

ثانيا : محاور الاستراتيجية :

   1. زيادة فعالية ديموقراطية التعليم :

استنادا إلى مبدأ الديموقراطية في صنع القرار حرصت وزارة التربية والتعليم على إتاحة فرص المشارکة لجميع فئات الشعب من خلال المؤتمرات القومية (مؤتمر تطوير التعليم الابتدائي ، مؤتمر تطوير التعليم الإعدادي 1994 ، مؤتمر تطوير إعداد المعلم وتدريبه 1996 ، المؤتمر القومي للموهوبين 2000) اللقاءات المباشرة بالفيديو کونفرانس بمشارکة رجال السياسة والمفکرين وقيادات التعليم ، والمعلمون العائدون من البعثات الخارجية ، وممثلو مجالس الآباء والمعلمين والطلبة وأساتذة الجامعات ورجال الإعلام  ، وعلى الرغم من ذلک لم يتم حتى الآن إحکام الرقابة على المدارس الخاصة ، وخصوصا مدارس اللغات بالدرجة المطلوبة مما جعل بعضها مشروعات استثمارية تحقق مکاسب فردية ، ولازالت ظاهرة الدروس الخصوصية في تزايد مستمر مما يؤثر سلبا على مجانية التعليم ، ويجعل الاستفادة منه قاصرة على الطبقات القادرة ماديا .

وبالنسبة للتعليم الأساسي فقد تم الاتفاق وزارة التربية والتعليم والبنک الدولي والاتحاد الأوربي على برنامج تحسين التعليم الأساسي لتحقيق ثلاثة أهداف هي :-

    §  زيادة ما تستوعبه المنظومة التعليمية من التلاميذ تدريجيا للوصول إلى الاستيعاب الکامل والتخلص من نظام الفترات الدراسية.

    §  رفع مستوى کفاءة الأداء الدراسي للتلاميذ والتقليل من الرسوب وخفض نسبة التسرب.

    §  رفع مستوى فعالية وکفاءة المنظومة الإدارية التعليمية وقد بدا وينتهي عام 2002م. (52)

کما اهتمت وزارة التربية والتعليم المصرية برعاية المعوقين بمختلف أنواع الإعاقة إيمانا بحقهم في التعليم ، وتزويد مدارسهم بما يلزمها من وسائل وأدوات تعليمية ، ومعينات سمعية وبصرية، ومدرسين متخصصين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين . (53)

   2. التوسع في التعليم الفني وارتفاع مستواه:

بدأت وزارة التربية والتعليم في مصر في التوسع في التعليم الفني بإنشاء المزيد من المدارس الفنية ذات الثلاث سنوات والخمس سنوات ، وبدأت مشروعات مشترکة لتحسين نوعية التعليم الفني منها مشروع مبارک کول الذي بدا عام 1995 ، ومشروع مبارک جور ، وتم استحداث تخصصات جديدة في التعليم الفني الصناعي ، وتحويل بعض المدارس الصناعية إلى وحدات إنتاجية ، وتطوير خطة الدراسة للمدارس التجارية المتقدمة نظام السنوات الخمس ، وتزويد المدارس الزراعية والصناعية والتجارية بالآلات والأدوات  والورش اللازمة وأجهزة الحاسب الآلي . (54) ورغم ذلک مازال ينظر إلى هذا النوع من التعليم على انه تعليم من الدرجة الثانية يخدم فئات الطلاب الأقل مکانة اجتماعية واقتصادية، کما أن هناک اتجاه لخفض الأعداد المقبولة في هذا النوع من التعليم وزيادة نسبة القبول في التعليم الثانوي العام لتصل إلى 50% بدلا من 30% ، وخفض نسبة القبول في التعليم الفني من 705 إلى 50% وغالبا ما سيکون هذا الخفض في التعليم الفني التجاري .

   3. حسن إعداد المعلم وتأهيله :

يرى حسين کامل بهاء الدين أن الترکيز على أهمية دور المعلم في إصلاح التعليم ليس مجرد شعار ، وإنما هو حقيقة علمية توصل إليها العالم المتقدم ، وأن کل ما يمکن أن يؤدى إلى تحسين أحوال المعلمين ماديا وأدبيا ومهنيا ، إنما هو خطوة علمي في سبيل إصلاح التعليم وتطويره . (55)، وقد تم البدا في تحسين الأحوال المادية للمعلمين جزئيا لأنها ليست بالدرجة المطلوبة التي يمکن أن تغني البعض عن الالتجاء إلى الدروس الخصوصية کمصدر لزيادة الدخل ، کما انه تم توحيد مصادر إعداد المعلم وتأهيله في إطار الجامعات بدءا من معلمة رياض الأطفال وإنتهاءا بمعلم المواد التخصصية في التعليم الإعدادي والثانوي عام وفني .

وکذلک تم تحويل دور المعلمين والمعلمات إلى کليات للتربية النوعية ورياض الأطفال بلغ عددها 17 کلية تربية نوعية وکليتان لرياض الأطفال ، تخرج معلمين ومعلمات مؤهلين للعمل في مدارس لنجاح الأنشطة التربوية في القيام بدورها کجزء مکمل للتربية المتکاملة لاکتشاف المواهب وتدعيمها وتنميتها .کما اهتمت الوزارة بتدريب المعلمين وإرسال البعثات للخارج لرعايتهم ثقافيا واطلاعهم على کل جديد في الفکر والعلم والثقافة ، کما واجهت الرسوب الوظيفي للمعلمين.

وعلى الرغم من کل ما سبق إلا أننا نجد أن هناک عجزا في بعض التخصصات في المدارس على الرغم من وجود وفرة من خريجيها لا تعمل ، وعدم وجود إمکانات مادية تفي باحتياجات تفعيل دور الأنشطة داخل المدارس على سبيل المثال عدم وجود خامات أو ميزانيات کافية وکذلک المکان غير متوفر للقيام بالنشاط وتعدد الفترات بالمبنى المدرسي.

وبالنسبة لتقييم عضو هيئة التدريس بالجامعة لم يتحقق قيام اللجان العلمية بتقييم ما يظهر من الإنتاج العلمي لعضو هيئة التدريس بصفة دورية دون الانتظار لقرب حلول موعد الترقية کما جاء في الاستراتيجية.

   4. توفير التمويل اللازم للتعليم بجميع مراحله :

لقد زادت ميزانية التربية والتعليم في مصر في السنوات الأخيرة زيادة مضطرده تصل تقريبا إلى 17 ضعف ما کانت عليه عام 1982م حيث کانت حوالي 1.1 مليار جنيه وصلت عام 2001 إلى 20.4 مليار جنيه على الرغم من أن مصر ليست دولة غنية ، ولکن الإنفاق على التعليم يأتي من منظور انه حق إنساني ، ومع ذلک لا تکفي هذه المبالغ لمواجهة التطور المنشود في التعليم المصري ، ولا يمکن مقارنتها بما ينفق على التعليم في الدول المتقدمة وبعض الدول من حولنا ، ومن ثم يجب أن تتضافر الجهود الشعبية لدعم التعليم ماديا لتحسينه ورفع مستواه.

   5. زيادة فعالية الإدارة التعليمية :

تقتصر الاستراتيجية على مرکزية التخطيط والمتابعة بالوزارة ، ولا مرکزية التنفيذ في المحليات ، وتحديث الإدارة باستخدام الوسائل الحديثة للاتصال ، وإنشاء جهاز يتولى القيام بالمباني التعليمية ( هيئة الأبنية التعليمية ) وفتح الترقيات أمام النظار والمديرين في أماکنهم ، وطبقا للاستراتيجية تهدف الوزارة إلى إدخال الکمبيوتر على نطاق واسع في جميع الإدارات والقطاعات التابعة لها لتحسين الأداء الوظيفي ، وحفظ البيانات وترتيبها ، وإنشاء قواعد للبيانات وإنشاء نظام للتوثيق يسمح بترتيب وفهرسة کافة الوثائق الخاصة بالوزارة ، وکذلک استخدام الفيديو کونفرانس في تطوير برامج التدريب وربطها بالتطبيق العملي وتبادل الخبرات والمعلومات العلمية والإدارية على الهواء مباشرة ، وإجراء الحوار مع المستويات الأقل على مستوى الجمهورية حيث يوجد (33) موقع يخدم جميع محافظات مصر. (56) ، ورغم ذلک لم يتم حتى الآن تعميم استخدام التکنولوجيا الحديثة بشکل فعال فيالإدارة التربوية في مصر حيث يتم في معظم الحالات الاعتماد على المکاتبات وتبادلها يدويا ، أو عن طريق البريد حيث لا يوجد سوى فاکس واحد على مستوى کل مديرية تعليمية .

أما بالنسبة للإدارة الجامعية فهناک استقلال إداري ولا يوجد هياکل نمطية أو موحدة إلى حد ما ، کما أن هناک فعلا لا مرکزية في الإدارة الجامعية بدءا من القسم إلى الکلية إلى الجامعة في إطار خطة الجامعة ، کما أصبح هناک ثلاثة نواب لرئيس الجامعة يقود کل منهم قطاع من قطاعات الإدارة الجامعية ( شئون التعليم والطلاب – الدراسات العليا والبحوث – خدمة المجتمع وتنمية البيئة ) وزاد الاهتمام بالمکتبات الجامعية وإدخال معظم الکليات على شبکة الإنترنت.

   6. الارتفاع بالمستوى الکيفي للتعليم :

يعتمد التطور الکيفي للتعليم على عدد من المجالات في النظام التعليمي وهي :-

(أ) المحتوى والکتاب : والذي تغير في ضوء توصيات مؤتمرات تطوير التعليم على مدى السنوات العشر ( 91/92 – 2000/2001) فقد تم تضمين المناهج مفاهيم خاصة بالبيئة والأمن القومي، ومحاربة الإرهاب والتطرف ، والوحدة الوطنية ، والديموقراطية ، وحقوق الطفل ، والمفاهيم السکانية ، وقواعد المرور ، والمفاهيم الصحية والسياحية ، ومحاربة الإدمان  .

(ب) المتعلم : هو محور العملية التعليمية ، وقد قامت الوزارة بالعناية بالتغذية المدرسية ورغم ذلک هناک بعض السلبيات في نمط التغذية لسوء التخزين ، وکذلک العناية بصحة التلاميذ من خلال نظام التأمين الصحي على التلاميذ والفحص الطبي الشامل عند الالتحاق بکل مرحلة وبصفة دورية .

(ج) تحسين العملية التعليمية : بالقضاء على تعدد الفترات ومواجه ة ظاهرة الدروس الخصوصية ، وإعادة الصف السادس الابتدائي وتطور خطط الدراسة وأساليب التعليم وزيادة مدة العام الدراسي إلى 37 أسبوعا دراسيا ، ورغم ذلک لم يتم القضاء حتى الآن على تعدد الفترات وکذا زادت الدروس الخصوصية نتيجة نظام الامتحانات الحالي ز

(د) التقويم الشامل ضمان للجودة : بتحديث عمليات وأساليب وأدوات التقويم ، والاستفادة من نتائجه لتحقيق مزيد من الإصلاح والتطوير المستمر للعملية التعليمية ، ويتم من خلال تقويم المدرسة ، والأعمال الإدارية والمالية ، وأداء القيادات والمعلمين والعاملين، والمتعلمين، وتطوير عمليات التقويم ، ورغم ما تطالب به الاستراتيجية فإن أدوات التقويم حتى الآن تسير کما هي ولم يحدث لها أي تطوير أو تغيير ، بل على العکس تتدخل السياسة والرأي العام والإعلام في نتائج التقويم، وخاصة على مستوى الشهادات العامة ، کل ما تغير هو تذبذب في تقويم طلاب الشهادة الثانوية العامة ، فنجد النظام في عامين مع وجود تحسين للمجموع ثم إلغاء التحسين والبقاء على نظام العامين ، وکان المفترض طبقا للاستراتيجية أن يکون ذلک عاملا للحد من الدروس الخصوصية، ولکن حدث العکس زادت مما زاد الأعباء المالية على الأسرة المصرية .

(هـ) مبان مدرسية جميلة ومتطورة : بدأت الهيئة العامة للأبنية التعليمية بمراعاة تصميمات المباني التعليمية الجديدة ، مع مراعاة کافة المعايير ، ومشارکة المتخصصون من الجامعات ، ولأول مرة صار للمعايير التربوية والبيئية اعتبارا في اختيار مواقع المدارس وتخطيطها.

   7. تطوير نظم التعليم العالي وأنماطه وأساليبه :

تذکر الاستراتيجية في جوانب التطوير واتجاهاته جوانب هامة ، مثل العناية بالمعاهد العالية الفنية التکنولوجية والأخذ بنظام التعليم العالي عند بعد وإنشاء کليات متخصصة داخل الجامعة ، تمولها المؤسسات الإنتاجية ، وقد بدأت الجامعات في نظام التعليم المفتوح ، وإنشاء کليات متخصصة جديدة ، تفي باحتياجات العصر مثل کليات الحاسبات والمعلومات ، وکليات السياحة والفنادق ، وکليات التربية النوعية ورياض الأطفال ، وتخفيفا على کاهل الجامعات الحکومية وافقت الدولة على إنشاء معاهد وجامعات خاصة طبقا لحاجة المجتمع والعصر الذي نعيش فيه ، مثل ( معاهد الخدمة الاجتماعية – والمعاهد العالية للتعاون ، ومعاهد الحاسبات ، ومعاهد اللغات ) حتى وصل عددها إلى 39 معهدا عام 1996م.(57) وکذلک أنشأت جامعات 6 أکتوبر – جامعة أکتوبر للعلوم الحديثة والآداب – جامعة مصر الدولية – جامعة مصر للعلوم والتکنولوجيا .

وتم إدخال اللغة الأجنبية کمقرر إجباري في جميع کليات الجامعة ، وکذا مادة الحاسب الآلي وبدأت مراکز تسويق الخدمات الجامعية ، والتي تتکون من تخصصات مختلفة بعمل تزاوج بين الجامعة والمجتمع ، بين المنتج والمستهلک ، فالجامعة هي المنتج تنتج علما وخبرة ، وتصل من خلال فکر أساتذتها إلى حلول علمية لمشاکل الإنتاج ، والأفراد والهيئات التي تحتاج إلى الخبرة في المجتمع وهم المستهلک ، ورغم ذلک فإن هذه المراکز لا تقوم بالدور الواجب أن تقوم به وقد يکون مرده غالبا إلى عدم تفعيل الاتصال بين الجامعة والمجتمع ، أو إلى عدم ثقة بعض أصحاب الأعمال في الخبرات التي تقدمها لهم هذه المراکز نتيجة لعدم فهمهم لدورها .

ثانيا: الخطة الاستراتيجية القومية لاصلاح التعليم قبل الجامعى فى مصر (2007/2008—2011/2012 )(58)

استندت منهجية الخطة الاستراتيجية على مجموعة الخبرات التاريخية المتراکمة فى وزارة التربية والتعليم وخاصة خبرة الوزارة فى اعداد الخطة القومية للتعليم للجميع سنويا وفقا "لاطارداکار2000" الناتج عن مبادرة اليونسکو للتعليم للجميع EFA0 وهذه الخطة تعتبر نقلة نوعية ليس فقط من حيث المدى وحجم ونطاق العمل ،بل ايضا من حيث المنهجية فى التخطيط والتوجه فى فکر الاصلاح التربوى،ولقد ارتبطت هذه الخطة الاستراتيجية القومية بدائرة أوسع من الطموحات القومية؛للتفاعل مع سياق الظروف التاريخية التى تمر بها مصربعد ثورة الشعب فى 25 يناير 2011 وتطلعاتها نحو التحول الى مجتمع المعرفة وامتلاک القدرة التنافسية فى الاقتصاد العالمى،ولذلک جاءت الخطة شاملة وهادفة الى احراز تحول فى النموذج التربوى  Education Paradingm Shiftشاملا عناصر العمليات التربوية والنظم،ومخرجات التعلم،ونموذج المعلم والقيادة التربوية000

وسوف نلقى الضوء على خمس نقاط أساسية لتوضيح منهجية انجاز الخطة الاستراتيجية ثم مراحل الاعداد،والملامح الاساسية التى تحدد خصائص هذه الخطة، وکذلک المبادئ الاساسية الفلسفية التى بنيت على أساسها الخطة ،واخيرا متطلبات النجاح لتنفيذ الخطة الاستراتيجية ، وذلک على النحو التالى :

أولا: منهجية انجاز الخطة:

لقد انجزت الخطة الاستراتيجية القومية للتعليم طبقا لمنهجية علمية ارتکزت على مجموعة من الاساليب والمبادئ وهى :

- المشارکة: وذلک من خلال التعاون بين الوزارة والمديريات والادارات التعليمية والمدارس،والجامعات والمجتمع المدنى والوزارات ذات الصلة والهيئات الدولية0

- تکامل القطاعات: وذلک من خلال دراسة الواقع الفعلى للمؤسسات التعليمية فى جميع القطاعات المختلفة لتحقيق تکاملها على جميع المستويات التعليمية والاشرافية والتنفيذية0

- الاعتماد على البيانات: وذلک بعد التاکد من صحتها،وتحليل الوضع الراهن لقطاع التعليم قبل الجامعى ،واستنتاج القضايا والتحديات،ومن ثم الاهداف والاستراتيجيات 0

- الاستفادة من الخبرات المتراکمة فى تطوير التعليم: وذلک بعد الدراسة والتحليل الناقد لتلک الخبرات فى الدراسات والبحوث المتميزة من جهات متعددة اهتمت بالتعليم،وبالتجارب المتميزة فى التعليم التى تمت داخل وزارة التربية والتعليم خلال عقود سابقة 0

- الشرکة الدولية: لقد لعب المعهد الدولى للتخطيط التربوى IIEP دورا مؤثرا فى تواصل الخبرات ،وکذلک توفير الخبرات العالمية التى احتاجتها فرق العمل الوطنية بواسطة بعض الشرکاء الدوليين 0

- تنمية المهارات ودعم القدرة المؤسسية: وذلک من خلال العمل فهو المبدأ الاساسى الذى قامت عليه کل الجهود اثناء بناء الخطة الاستراتيجية ، مما ادى لدعم مؤسسى عال ،وبناء کوادر وطنية اکتسبت المهارات والمعارف المهنية 0


ثانيا:مراحل إعداد الخطة:

النقاط الاساسية لمراحل اعداد الخطة :

- بناء "الاطار العام لسياسات التعليم المستقبلية " فى مارس 2006 0 وقد حدد هذا الاطار الرؤية والرسالة والقيم والمبادئ الاساسية والتوجهات المستقبلية الاساسية ، کماحدد الاطار العام لسياسات التعليم الاهداف العامة الاساسية للسياسة التعليمية التى تمثلت فى الجودة ،وکفاءة النظم وتاصيل اللامرکزية ، وعدالة الاتاحة وتحقيق الجودة للجميع0

- انشاء وحدة السياسات والتخطيط الاستراتيجى بالوزارة : وهذه الوحدة تولت مسؤلية تحويل اطار السياسات الى خطة استراتيجية قومية تحقق الاهداف الاساسية ،وهذه الوحدة تتبع الوزير ويبدأ عملها من الدراسات وتحديد الوضع الراهن (تحليل وثائق السياسات والمشروعات- التحليل الاحصائى والاسقاطات –التکلفة والتمويل- تداول المعلومات فيما بين الوزارة والمحافظات المشارکة فى التخطيط ) بالاضافة لفرق العمل وفق المستويات التعليمية (مرحلة رياض الاطفال- التعليم الابتدائى – التعليم الاعدادى- التعليم الثانوى العام – التعليم الثانوى الفنى – تعليم الکبار) وانتهاء الى بناء البرامج ذات الاولوية 0

- تحليل الوضع الرهن للتعليم قبل الجامعى: تم تحليل الوضع الراهن فى المراحل التعليمية المختلفة (رياض الاطفال- التعليم الابتدائى – التعليم الاعدادى- التعليم الثانوى العام – التعليم الثانوى الفنى )ومن ثم التمکن من رصد التحديات والقضايا التى تواجه کل مرحلة من هذه المراحل التعليمية، وجوانب القوة والضعف بها، ومن ثم تحديد الاهداف العامة والاجرائية والمستهدفة، وقد تمت عملية تحليل الوضع الراهن من خلال:

-    تجميع البيانات والاحصاءات الاساسية عن النظام التعليمى واختبار صحتها ،وتم تحليلها فى ضوء المؤشرات العالمية المتفق عليها0

-    دراسة البحوث والتقارير الصادرة عن جهات وطنية رسمية أوشبه رسمية،وکذلک الصادرة عن الجهات والمنظمات العالمية0

- عقد لقاءات متعددة ومکثفة مع المجموعات النقاشية التى شکلت من مختلف الفئات صاحبة المصلحة ومن مناطق متعددة داخل وخارج النظام التعليمى على مستوى الجمهورية 0

- بناء النموذج المصرى للتحليل والتوقع( Egyption ANPRO Model)وهذاالنموذج عالمى فى الاصل ،أعدته منظمة اليونسکو،وقد تم استخدامة فى کثير من الدول أثناء القيام باعداد خططها الاستراتيجية وقد تبنته مصر لدقته وکفاءة تشغيله، وقامت وحدة السياسات والتخطيط الاستراتيجى بالوزارة بتطويعه من حيث المنطق وبناء العلاقات الرياضية للواقع المصرى،وقد أقرت هذه التعديلات بعثة المعهد الدولى للتخطيط التربوى التابع لمنظمة اليونسکو بباريس،کما تم استخدام هذا النموذج فى إجراء التحليلات والتوقعات المتعلقة بکل
عناصر العمل 0

-    تحديد وتصميم البرامج ذات الاولوية:

انطلاقا من الرؤية والرسالة والاهداف الاساسية،والتحليل الکمى والکيفى للوضع الراهن تم بناء اثنى عشربرنامجا لتحقيق الاصلاح الشامل وهى:

1-       اصلاح شامل للمناهج ودمج تکنولوجيا المعلومات والاتصال0

2-       الاصلاح المتمرکز على المدرسة واعدادها للاعتماد التربوى0

3-       التطوير التکنولوجى ونظم المعلومات (SMS/EMIS)0

4-       تحديث الموارد البشرية والتنمية المهنية0

5-       التاصيل المؤسسى للامرکزية0

6-       تحديث نظم المتابعة والتقويم0

7-       اصلاح التعليم الاساسى0

8-       تحديث التعليم الثانوى0

9-       تطوير بناء المدارس وصيانتها0

10-    تطوير مرحلة رياض الاطفال 0

11-    التعليم المجتمعى للفتيات والاطفال الغير ملتحقين بالتعليم 0

12-    تعليم ودمج الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة 0

-    تحليل للموازنات والتوقعات المستقبلية لسنوات الخطة :

باستخدام نموذج التحليل والتوقع المصرى (Egyption ANPRO MODEL) أمکن تحديد التکلفة لکل برامج الاصلاح 0

- بناء نظم تنفيذ الخطة الاستراتيجية ومؤشرات الاداء ونظم المتابعة والتقويم :

وذلک من أجل بناء خطط التنفيذ تحديد المسؤليات ،ومتابعة الانجازات وتقويم الاداء على کل المستويات0

ثالثا: الملامح الاساسية للخطة:

    تتکون الخطة من :

 1- اللامرکزية:

تتوجه الخطة الاستراتيجية الى ضرورة انتقال الوظائف والمهام الادارية من المستوى المرکزى الى مستويات ادارية أقل مثل مدريات التربية والتعليم والادارات التعليمية،والمدارس باعتبارها الوحدة التنظيمية التى ترتکز عليها الادارة وجهود الاصلاح0 ولنجاح ذلک يتعين على المحافظات اعداد خططها التعليمية المحلية ، الامر الذى يتطلب تبنى وأقلمة أهداف الخطة الاستراتيجية القومية للاوضاع والاحتياجات الخاصة بکل محافظة من خلال عملية التخطيط اللامرکزى0 وعليه يجب تغيير الادوار والمسؤليات على مستوى الوزارة ،وعلى مستويات المديرية التعليمية، والادارة التعليمية ، والمدرسة0

2- الجودة:

تعتبر الخطة الاستراتيجية الجودة هدفا أساسيا لها،وينعکس ذلک فى کل برامج الخطة ، وقد جاء برنامج الاصلاح المتمرکز حول المدرسة واعتبارها الوحدة التنظيمية وخط الانتاج الاول فى النظام التعليمى موضع القلب من البرامج الاثنى عشر لاصلاح التعليم، فالمدرسة هى وحدة الفعل ووحدة التغيير،وميدان تحقيق الجودة فى کل جوانب العملية التعليمية،وذلک لتحقيق التحول فى نموذج التعليم المصرى من نموذج تقليدى الى نموذج حديث يعکس الاتجاهات العالمية- وضع المتعلم فى بؤرة الاهتمام وتنميته تنمية شاملة – فى المناهج، وطرق التدريس وتکنولوجيا المعلومات والاتصال، والتقويم،ومهنية المعلم ،وتنمية الموارد البشرية، ونمط القيادة وکفاءة النظم،مع الاهتمام باتاحة الجودة وايضا بعدالة توزيعها0

3- الشمول والتکامل:

لاتتحقق الجودة بذاتها أو مستقلة عن المتغيرات الاخرى،مثل نظم الحوافز، ونظم الرقابة والمساءلة،وهى بمثابة الشروط الکافية لنجاح جهود اصلاح التعليم والتى بدأت تتضح فى وجود برنامج نظم الموارد البشرية والتنمية المهنية وما يتضمنه من کادر المعلمين وانشاء الاکاديمية المهنية للمعلمين، وکذلک برامج الاصلاح المتمرکز حول المدرسة ،وبرامج المتابعة والتقويم وهى مجموعة البرامج التى ترکز على وجود نظم الحوافز والمحاسبية 0

 4- الالتزام بالمواثيق والمبادرات العالمية :

        ثمة اجماع عالمى حول مجموعة من المبادرات الدولية،وبعض هذه المبادرات موجه الى التعليم مباشرة ،وبعضها الاخر ينطوى على أهداف ذات صلة وثيقة بالتعليم،ومنها فى مجال البيئة " بروتوکول طوکيو" وفى مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية "أهداف التنمية للالفية الجديدة واستراتيجية النمو والحد من الفقر " 0ومن المبادرات المباشرة فى مجال التعليم "مبادرة التعليم للجميع،داکار 2000 "،ومبادرة الامم المتحدة "لتعليم الفتيات"،واتفاقية"حقوق الطفل "0 ومصر عضو فاعل أصيل فى المجتمع الدولى، تلتزم بکل المواثيق الدولية والمبادرات التى تحقق دعم التقدم
فى العالم0

5- تخصيص الموارد المالية للتعليم على أساس البرامج:

لما کانت البرامج هى الاساس فى حساب التکلفة فانها تتطلب أشکالا جديدة من تخصيص الموارد للتعليم على هذا الاساس،ويتمثل أحد الاشکال الملائمة فى اطار الانفاق متوسط المدى،وهذا يعنى ميزانيات برامج تغطى فترة تمتد لعدة سنوات،عکس الممارسة التقليدية الحالية لميزانية العام الواحد،على أن تعمل سلطات التعليم المرکزية والمحلية معا لادارة عملية التخطيط وتخصيص الموارد،ويعد اطار الانفاق متوسط المدى أداة ربط خطة التعليم المحلى بعيدة المدى وتنفيذها من خلال الميزانيات السنوية0

ويمکن صياغة تطوير التعليم الاساسى ورفع جودته،کبرنامج وميزانية خاصين ، وتتضمن هذه البرامج کل الانشطة والميزانيات ذات الصلة،بما فى ذلک تدريب المعلمين،وتوظيفهم،وبناء المدارس وتجهيزها،وتوفير المواد التعليمية للمعلمين والمتعلمين،والمدخلات الاخرى،کما يتم توزيع الميزانية بالنسبة للبرنامج ککل فى خطة منفصلة0

رابعا: المبادئ الأساسية التربوية فى بناء الخطة الاستراتيجية:

ترتکز الخطة الاستراتيجية على مجموعة من المفاهيم والمبادئ الاساسية،وهى بمثابة موجهات فلسفية ارتبطت بها الخطة الاستراتيجية وقامت عليها ومنها :

 1- الايمان بقدرة کل تلميذ على التعلم تعلما عالى الجودة :

تقوم الخطة على اعتقاد راسخ بأن کل الأطفال قادرون على الوصول لأعلى مستويات التعلم بصرف النظر عن الظروف الاقتصادية أو العرق أو الدين،ولذلک فان الخطة تعمل على دعم وصول کل الاطفال الى أعلى مستويات التعلم ،کما تقاس نتائجها بنظم تقويم الاداء،أو بالاختبارات المقننة الوطنية أو العالمية0 فالأطفال قادرون على الوصول لأعلى المستويات ،متى توفر لهم الاطار الصحيح للتعليم والتعلم،ومتى توفرت لهم الأدوات الصحيحة الملائمة0

2- دعم جودة العملية التعليمية داخل حجرة الدراسة وايجاد أنماط غير تقليدية لأساليب التعليم والتعلم:

يتضح ذلک فى برنامجى تطوير المناهج ودمج التکنولوجيا،وتحديث الموارد البشريةوالتنمية المهنية،وهذا يتطلب :

 - اعادة وظيفة مدير المدرسة من کونه مجرد ادارى للنواحى الادارية والمالية، الى الاهتمام الأکبر بعمليات التعليم والتعلم ،لتکون مهمته الأولى تحسين عمليتى التعليم والتعلم داخل الفصل الدراسى ،فمديرى ونظار المدارس قيادات تعليمية على مستوى المدرسة وهم المسؤلون مع أعضاءهيئة التدريس بالمدرسة عن المستوى الأکاديمى نها0

 - الاهتمام بالتدريب والرعاية والتوجيه Training,Coaching,Mentoring واستمرار التدريب للمعلمين على کيفية تحسين وسائل التدريس ،ومن ثم تقع التنمية المهنية فى مرکز الاهتمام بالنسبة لبرنامج تحديث الموارد البشرية والتنمية المهنية بالخطة الاستراتيجية القومية للتعليم0

 - الاهتمام بأساليب عرض المحتوى (الاهتمام ب -الکتاب المدرسى- استخدام المعلم للمحتوى وطرق عرضه له) والاهتمام بدمج التکنولوجيا وتصوير المحتوى0

 - اتاحة الفرص أمام المعلمين المتميزين لاستخدام أساليب ونماذج بيداجوجية متنوعة ، وتدعيم التنوع الخلاق بين الطلاب ، وتشجيع تطبيق نماذج تنمية الابداع والتفکير الناقد ، وتطبيق اللامرکزية بطريقة صحيحة ،والتخلص من البيروقراطية المعوقة، وتمکين المعلمين من تنفيذ المبادرات التربوية فى التجديد والتحديث والابداع0

 3- الايمان بضرورة بناء ثقافة التقويم المستمر على أساس معايير واضحة لکل من المعلم والتلميذ:

وذلک من خلال العمل على التنمية المستمرة لأداء التلاميذ للوصول الى المعايير القومية والعالمية لجميع التلاميذ ، وبناء نظام للتقويم الشامل والمستمر باعتبارة الوسيلة الوحيدة للتحقق من وصول کل التلاميذ الى المستويات المطلوبة والحد من رسوبهم0 وترسيخ ثقافة التقويم وتدريب المعلمين وتشجيعهم على الاستخدام الکفء لطرق وأساليب التقويم الشامل والمستمر بکفاءة0

وتقتضى ثقافة التقويم ترسيخ مبدأ اخر وهو مبدأ المساءلة، والمبدأن يتطلبان بيئة عمل تتحقق فيها الشفافية التى تمکن التلميذ من معرفة الأداء المتوقع منه فى المواقف المختلفة ،سواء الأکاديمية أو الأنشطة داخل المدرسة،کما تمکن المعلم من معرفة ماهو متوقع منه تجاه التلاميذ، وبأى معايير،وماهى المعايير والمقاييس المستخدمة فى التقويم والمساءلة0

4-  وجود مسؤلية واضحة قائمة على شراکة مؤکدة فى کل موقع من مواقع العمل:

تقوم الخطة الاستراتيجية القومية لاصلاح التعليم قبل الجامعى على الايمان بأن ضمان نجاح أى عمل يتوقف على أن يکون هناک مسؤل عن هذا العمل ضمن شراکة واضحة مع المعنيين بالأمر، وأن يکرس هؤلاء الشرکاء وقتا کافيا لتقويم العمل والمشارکة فى ادارته،وتحقيق أهداف الاصلاح0

ومن المهم أن يتحقق شبه اجماع بين الشرکاء على الأهداف ،لأن تحديد المسؤلية وتوسيع قاعدة المشارکة يولد الشعور بملکية العمل،فالمدرسة يتوقف نجاحها على شعور الشرکاء بملکيتها ،فى اطار واضح من المسؤلية والمساءلة،لذلک فان تبنى برنامج الاصلاح المتمرکز على المدرسة فى الخطة الاستراتيجية لمبدأ الادارة المتمرکزة على المدرسة ،انما يدعم بناء حوکمة رشيدة مستندة الى قيادةمتميزة ومشارکة اجتماعية واسعة من خلال مجالس الأمناء والانفتاح على المجتمع المدنى المحيط بالمدرسة0

5- توفير بنية واضحة لکل عمل تربوى:

قدمت الخطة الاستراتيجية القومية لاصلاح التعليم عملا متکاملا ذا بنية واضحة( تترابط فيها کل الجهود ،وعناصر العمل وتکاملها بوضوح وفاعلية نحو تحقيق هدف محدد ) تعکس ترابطا قويا ويؤسس بنية واضحة بين العناصرالخمسة التالية داخل الفصل الدراسى :

   0 أهداف تعليمية متقدمة 0

   0 المحتوى المرن 0

   0 التعلم النشط 0

   0 التقويم الشامل 0

   0 استخدام تکنولوجيا المعلومات والاتصال 0 

وتشکل هذه العناصر الخمسة نسقا واضحا مترابطا داخل الفصل الدراسى، تحقق فى النهاية هدفا واحدا هو اعداد المتعلم اعدادا متکاملا نفسيا ومعرفيا ومهاريا،يمارس التعلم النشط والتفکير والابداع، ولعل ترابط البرامج نفسها فى مصفوفة واحدة هو مثال جيد لتحقيق هذا المبدأ الذى تتطلب الخطة تحقيقة فهو أحد شروط النجاح فى عملية التنفيذ،فضلا عن کونه عنصرا أساسيا فى فلسفة بناء الخطة0

 6- بناء بيئة اجتماعية داعمة للأطفال والمعلمين داخل المدرسة :

يعنى الاهتمام بالأطفال ذوى التحصيل أو الأداء المنخفض،والاهتمام بالأطفال الفقراء،والاهتمام بالمدارس الموجودة فى بيئات فقيرة ،حيث ان الدعم ليس دعما أکاديميا فقط بل هو أيضا دعم اجتماعى للحد من التسرب والرسوب0

ويتم دعم المعلمين من خلال برامج الرعاية الاجتماعية ورفع المستوى الاقتصادى لهم ،وکذلک برامج داعمة للتنمية المهنية المستدامة ،ويضع قانون الکادر الخاص بالمعلمين أسسا واضحة لدعم المستوى الاقتصادى وربطة بالأداء المهنى ،وتتولى الأکاديمية  المهنية للمعلمين وضع برامج التدريب التى تدعم التنمية المهنية المستدامة للمعلمين والقيادات المدرسية،ويتعين على مدير المدرسة الذى يتمتع بمهارات قيادية متميزة، أن يجعل توفير هذه البيئة الداعمة للمعلم أحد الأهداف الأساسية لتطوير التعليم بالمدرسة،وتقدم المعايير القومية للتعليم ملامح واضحة لهذه البيئة الداعمة المنشودة0

خامسا:متطلبات نجاح الخطة الاستراتيجية:

يلزم لنجاح الخطة أن تتازر الجهود الوطنية لتحقيق مايلى :

 1- ثقافة داعمة للتغيير،بغرض الانتقال من نموذج تربوى تقليدى استمرت هيمنته سنوات طويلة،يکرس الحفظ والتلقين الى نموذج تربوى حديث يربط مصر بمستقبل أرحب تستطيع فيه الأجيال الجديدة من ممارسة التفکير الناقد والابداع،ولذلک لابد من وجود اعلام داعم ، يعمل على بناء ثقافة مستنيرة تساند احداث هذه النقلة النوعية0

 2- دعم اقتصادى لمواجهة تحدى التمويل ،فالتعليم لم يعد مسؤلية تنفيذية أوحکومية فقط، بل مسؤلية مجتمعية، الى جانب ضرورة زيادة الموازنة العامة للدولة لدعم التعليم ، ويجب أن تتسع مساهمة رجال الأعمال، والجمعيات الأهلية،ويجب أن تتسع دائرة القطاع الخاص، والقطاع التعاونى فى التعليم0

 3- مشارکة مجتمعية واسعة،لدعم الاحساس بملکية المؤسسات التعليمية ،وتأصيل الحوکمة الرشيدة على مستوى المدارس، وتحقيق تأزر اجتماعى يواجه التحدى الثقافى والمالى والاجتماعى،ويرعى أسس وقيم المواطنة ويرسخها فى المناخ التربوى داخل المدارس
والفصول الدراسية0

 4- التأصيل المؤسسى للامرکزية،يترتب عليه اعادة بناء الأدوار والمسؤليات على جميع المستويات الادارية فى نظام التعليم ،بدءا من المستوى المرکزى بالوزارة ومرورا بالمستويات المحلية : المديرية التعليمية والادارة  التعليمية وصولا الى مستوى المدرسة، والتأصيل المؤسسى للامرکزية يشمل کل الجوانب الأکاديمية والادارية، والمالية ،وعلى المستويات المحلية أن تضطلع بدور فعال فى عملية الاصلاح وفى ظل مسؤليات وأدوار جديدة0

مما سبق يتضح أن الخطة الاستراتيجية القومية لاصلاح التعليم قبل الجامعى فى مصر تتألف من أربعة أبواب رئيسة هى:

    - تحليل الوضع الراهن لأداء قطاع التعليم :

ومن أهم التحديات الأساسية التى يجب مواجهتها من أجل نقلة نوعية فى التعليم وارساء دعائم جديدة لمستويات جودة عالية ،وضرورة ضمان عدالة الاتاحة وخاصة فى التعليم الثانوى ورياض الأطفال، وتحسين الأداء0

 - نحو نقلة نوعية فى التعليم من خلال:

جودة التعليم،والابداع فى أليات ونظم تقديم الخدمة التعليمية،والحاجة للاستمرار فى سد الفجوات التعليمية للبنات وفى المناطق الفقيرة اقتصاديا0

 - الميزانية والتنفيذ :

وتشمل عمليتى تمويل وتنفيذ الخطة ،بحيث يتم تنفيذها وتنظيمها بطريقة مرنة، فى صورة خطط  تنفيذية سنوية،على أن يتم مراجعة تنفيذ الخطة الاستراتيجية القومية للتعليم سنويا ،بالاضافة الى المراجعات ربع السنوية للخطط التنفيذية وذلک لتقويم مايتم احرازه من تقدم 0

عود على بدء:

من العرض السابق يمکن القول بان استراتيجيات تطوير التربية والتعليم العربية تؤمن بان الإصلاح التعليمي ذو مداخل متعددة وأساليب مختلفة ، ولذلک فهي تقدم من النماذج والصيغ ، وتقترح من المبادئ والأساليب العامة التي لا تقيد ما يعطى لکل دولة حقها في تأکيد إرادتها وممارسة حريتها ، واتخاذ قرارها المستقل بقبول وتجريب ما تراه نفع لها من هذه الصيغ والأساليب .

وعلى الرغم من ان الاستراتيجيات تدعو الى تطوير التربية وتحديث العالم العربى الا انها تقاوم برفض سلبى فى بعض الاحيان ، اى القصور والتراخى فى تنفيذ ما تدعو اليه مبادئ واتجاهات الاستراتيجيات بشکل سليم مما يعطل فاعليتها او يشل حرکتها ويقضى على کل اثر ايجابى لها ، وقد يکون من الاسباب ما يبرره فالاستراتيجيات تبدو لبعض الفئات او الهيئات المسئولة وکانها دعوة مثالية بعيدة عن روح الواقع ومتطلبات الحاضر ، ومن ثم يفتر الحماس لها .

والاستراتيجيات اذ تدعو الى تغيير جذرى شامل فى نظم التعليم انما تقوم بدعوة جريئة ، لانها دعوة الى هدم ما هو قائم والبناء من جديد على انقاضه ، وهذا عمل صعب ، فالنظم القائمة ثمرة جهود وکفاح ، وماضي مکلف ، وقد ارتبطت به اوضاع وتقاليد لا يسهل التخلص منها ، کما ان اعادة البناء بشکل کامل وشامل لکل عناصر النظام التعليمى وبخاصة فى بلاد تعوزها الامکانات المادية والبشرية يبدو عملا مثاليا وفوق القدرة مما يدعو الى الالغاء او التاجيل .

کما ان الاستراتيجيات فى تصوراتها ومبادئها واساليبها حرصا منها على مسايرة الاحوال المختلفة ، والظروف المتباينة فى الاقطار العربية ، جاءت الى حد کبير فى شکل عموميات وتجريدات تبتعد عن التحديد والاجرائية ، وهى بذلک تصبح کثوب فضفاض يتسع لکل مقاس ، وحتى يجسم هيکل لابسه لابد من فکه واعادة حبکه وتفصيله .

بينما نلاحظ مثلا ان المبادئ والاسس الحاکمة لاستراتيجية التربية الامريکية عام 2000 لا تنظر الى تطوير نظام التعليم الامريکى على انه اصلاح جزئى ، او ترقيع لبعض عناصر هذا النظام ، ولکن هدف الاستراتيجية هو احداث ثورة حقيقية وشاملة فى هذا النظام ودعوة التربويون لان يکونوا اکثر التزاما برسالة التطوير والتجديد ، واکثر مرونة وتقبلا لافکار الاخرين ، مما يؤکد الصلة الوثيقة بين قضايا التعليم وقضايا المجتمع ، ووضعت الاستراتيجية في اعتبارها ضرورة ان تتضمن المسئوليات والبرامج المتصلة مباشرة باصلاح الهياکل والبنى الاجتماعية وتعظيم الجهود الموجهة لتنمية المجتمعات المحلية والعودة الى نظام قيمى يؤکد على التماسک الاسرى .(59)

وبعـد:

يمکن إبداء بعض الملاحظات على استراتيجيات تطوير التعليم في الوطن العربي :

 1. تضمنت الاستراتيجيات بعض المبادئ الأساسية التي تعتبر استمرارا لما أکدت عليه الوثائق السابقة، ومن أهمها إقرار مبدأ مجانية التعليم ، ومبدأ تکافؤ الفرص التعليمية .

 2. اعتمدت الاستراتيجيات بالأساس على الأداتين التشريعية والمؤسسية ، فبالنسبة للأولى قد تم إصدار العديد من القرارات والقوانين اللازمة لتنفيذها أما الثانية فقد تم إحياء وإنشاء العديد من المجالس العليا مثل المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي والمجلس الأعلى للامتحانات .

 3. اقترنت الاستراتيجيات بخطة تعليمية خاصة بها ، وهو ما يثير التساؤل حول موقع التعليم في الخطة الخمسية القومية الشاملة ، ويعنى هذا الوضع موافقة أجهزة الدولة على خطتين في أن واحد، وهو أمر يثير اللبس والتناقض .

 4. لم تحدد الوثيقة نوع الاستراتيجية المناسب لمواجهة المشکلات التي يعانى منها التعليم العربي، وهذا التحديد يتم کما سبق الإشارة إليه في ضوء الموازنة بين أهمية الأهداف التي وضعت في الاستراتيجية ومدى توافر الموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف ، وحرية ومرونة الحرکة .

 5. عدم مراعاة المبادئ التي يجب أن توضع في الاعتبار عند بناء أي استراتيجية ، فعلى سبيل المثال لم يتحقق التکامل بين أهداف الاستراتيجية والأهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع ، حيث لم تهتم الاستراتيجية بمشکلة البطالة بين الخريجين ، وبضرورة التعرف على الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل ، کما لم يتحقق الضبط الذي يقصد به توافر الشروط الفنية في الاستراتيجية حيث لم تراعى العمليات المختلفة التي تمر بها عند وضع أي استراتيجية.

 6. لم تحدد الاستراتيجيات مدخل التخطيط الذي يجب اتباعه عند إعداد خطة التنفيذ الخاصة بها ، فمن الصعب تحديدها إذا کانت الاستراتيجية ترکز على تلبية الطلب الاجتماعي على التعليم ، أو تلبية احتياجات المجتمع من القوى البشرية بتخصصاتها المختلفة کما وکيفا ، أو الاهتمام بأنواع التعليم ذات العائد الاقتصادي المرتفع .

  1.    7.    عدم الالتزام بالمنطلقات الخاصة في المضامين المرتبطة بمحاور الاستراتيجيات المختلفة .

 8. في مصر قد وافق مجلس الوزراء على ما يسمى بخطة تنفيذ استراتيجية تطوير التعليم في مايو عام 1988 ، في حين أن المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي کان قد وافق على الاستراتيجية في أکتوبر عام 1987، وبرغم ذلک اتخذت بعض القرارات المرتبطة بتنفيذ الاستراتيجية في الفترة الواقعة بينهما .

 9. التعليم قضية مجتمعية ولا تحل مشکلاته إلى بالمشارکة الجماعية ، وصلاح أمره مسئولية الجميع، والعمل التطوعي تعبير عن هذه المسئولية وتجسيد لها .

  10. إصلاح التعليم يشرق من عيون التلاميذ ، ويبدأ في فصول الدراسة وليس من مکاتب الوزراء .

 11. الجودة النوعية هي مفتاح التخلص من مشکلات الکم وفجوة الکيف لا نسدها إلا بمزيد من جهود البحث والتقويم والتطوير ( فلا يصلح التربية إلا مزيد من التربية ) .

  12. المدارس الجيدة ليس بالضرورة ، ولا يجب أن تکون مرتفعة التکلفة ، فالتوجه نحو تعليم افضل لأعداد اکبر وتکلفة اقل ممکن التحقيق .

  13. إصلاح التعليم يقتضي تغييرا جذريا وليس تطويرا جزئيا ، ومجالات الإصلاح تکون شاملة ومتنوعة ومتوازية ، ومتناغمة في حرکتها .

 14. الکل يتعلم کل الوقت ، وفى کل مکان ، وبکل القنوات ، وهذا يقتضي أن نهتم بتطوير أوعية المعرفة والمعلومات ، وتدريب المتعلمين على التعلم الذاتي ، وعلى استراتيجيات الاحتفاظ بمهارات التعلم وتوظيف نتائجه .

 15. اعتبار محو الأمية وتعليم الکبارمحورا رئيسيا من محاور إصلاح التعليم ، ومرتکزا أساسيا من مرتکزات استراتيجية هذا الإصلاح ، لان الأمية هي العقبة الکئود في طريق التنمية الشاملة .

   1.   النهضة العربية ، القاهرة ، 1971، ص 268 .
 2. محمد عبد القادر احمد : استراتيجية التربية العربية لنشر التعليم الأساسي في الدول العربية ، مکتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، 1983 ، ص 221.
   3.   ضياء الدين زاهر: تعليم الکبار من منظور استراتيجي ، مرکز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ، القاهرة ، 1993 ، ص 61.
   4.   Faura  Edgar, et al; Learning to be , UNESCO Harrap, Paris, 1972. PP. 170-171.
 5. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم :استراتيجية التربية العربية " مبادئها عناصرها أسبقياتها ووسائل تنفيذها " المجلة العربية للتربية، المجلد الثامن العدد الثاني ، تونس ، سبتمبر 1988.
 6. أمريکا عام 2000 استراتيجية للتربية ، ترجمة وعرض وتحليل محمد عزت عبد الموجود ، مطبعة الدوحة الحديثة ، قطر، 1992 ، ص 46.
 7. انطوان رحمة: الخطط التربوية في الوطن العربي في ضوء استراتيجية التربية العربية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس ، 1987.
   8.   عبد العزيز البسام : استراتيجية التربية العربية في ضوء المتغيرات ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس ، 1990.
 9. عبد الله عبد الدايم : مراجعة استراتيجية التربية العربية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس ، 1995 ، ص ص 81-83.
 10. محمود قنبر : وسائل تنفيذ استراتيجية التربية العربية على الصعيد القومي ، بحث مقدم إلى اجتماع وکلاء وزارات التربية والتعليم في البلاد العربية ، الرياض من 27يناير إلى أول فبراير 1979، ص 8.
 11. أمريکا عام 2000: استراتيجية للتربية ، مرجع سابق ، ص 90.
 12. Beck, Clive ; North American British  and Australian philosophy of Education from 1941 to 1991 Educational theory  vol. 41, No.3, 1991, PP.311-320.
 13. إميل فهمي حنا شنوده : فلسفة التربية في عصر الحاسبات الإلکترونية، المؤتمر العلمي السنوي لکلية التربية بالمنصورة، التعليم وعالم العمل في الوطن العربي ( رؤية مستقبلية ) ، 3-4 إبريل 2001، ص ص 128-130.
 14. عبد العزيز عبد الله السنبل : التربية المستمرة في عالم عربي متغير ، تعليم الجماهير ، العدد 4، ديسمبر 2000، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس ، ص 9.
 15. أنس حبيب : استراتيجية التربية والتعليم في الوطن العربي على أعتاب القرن الحادي والعشرين " واقع وآفاق " ، مجلة المعرفة ، العدد 452 ، دمشق ، مايو 2001 ، ص 40.
 16. مبارک والتعليم : عشر سنوات في مسيرة تطوير التعليم ، وزارة التربية والتعليم قطاع الکتب ، القاهرة ، 2001، ص ص 36-53.
 17. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم : مراجعة الاستراتيجية العربية للتربية السابقة على المدرسة الابتدائية (مرحلة رياض الأطفال ) ، تونس 2000 ، ص ص 45-50.
 18. سعيد إسماعيل على : فلسفات تربوية معاصرة ، عالم المعرفة ، الکويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد 198، يونية 1995م ، ص ص 26-28.
 19. Erdahl, Roger G; An American school and its Role in the Restratification of successive Generations of children, Ed. D. Univerisity of st. Thomas (st. paul ) , Diss. Abs. Int. Vol 60; No.12, June 2000, P.4360.A.
 20. Rice , Craig Joseph; Professional Teacher level of care. Ed. D. university of Maine, , Diss. Abs. Int. Vol 61; No.1, July 2000, P.121.A.
 21. سعيد احمد سليمان : نموذج مقترح لتخطيط برامج تدريب المعلمين أثناء الخدمة ، الکتاب السنوي في التربية وعلم النفس ، المجلد 16 ، دار الفکر العربي ، القاهرة ، 1990 ، ص 507.
 22. Murply, J., “ Astatus study of Industrial Arts teachers Education in the University of Louisiaua 1993 –1994. , Diss. Abs. Int. Vol 83; May 1995, P.4617.A
 23. مبارک والتعليم : عشر سنوات في مسيرة تطوير التعليم ، (مرجع سابق) ، ص ص 102-107.
 24. شکري عباس حلمي : الأهداف ومستقبل التربية ، مکتبة وهبة ، القاهرة ، 1990، ص 41.
 25. محمد حسن الرشيدي ، وصالح عبد العاطي أحمد :دليل العمل في محو الأمية ، الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الکبار ، القاهرة ، 1996، ص ص 16-17.
 26. مبارک والتعليم : عشر سنوات في مسيرة تطوير التعليم ، (مرجع سابق) ، ص ص 45- 46 .
 27. U.S. Department of Education American students Ready for the 21st Century ( A Techical report D.c,1997) P.98.
 28. إميل فهمي حنا شنوده : فلسفة التربية في عصر الحاسبات الإلکترونية، (مرجع سابق) ، ص ص 108-109.
 29. محمود قنبر: التنمية العربية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الکبار ، القاهرة، 1977 ، ص 25.
 30. تجيرد بلومب وآخرون : مداخل جديدة لتدريس وتعليم واستخدام تکنولوجيا التعليمات والاتصال في التعليم ، مستقبليات ، المجلد 27 ، العدد الثالث ، سبتمبر 1997 ، ص 474.
 31. Conference of Ministers and those Responsible for Economic planning in African Mrmber states : Educational strategies for the 1990s in Africa (Dakar , Senegal, July . 8-11, 1991) ERIC september 1998 Ed.343016.
 32. أمريکا عام 2000 : استراتيجية التربية ، ( مرجع سابق ) ، ص 53.
 33. عبد العزيز عبد الله الجلال : تربية اليسر وتخلف التنمية مدخل إلى دراسة النظام التربوي في أقطار الجزيرة العربية المنتجة للنفط ، عالم المعرفة ، الکويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون       والآداب ، العدد 91، يوليو 1985، ص 78.
 34. محمد احمد الغنام : تجديد الإدارة ثروة استراتيجية لتطوير النظم التربوية في البلدان العربية ، مکتب التربية العربي لدول الخليج ، الرياض ، 1974، ص 108.
 35. مبارک والتعليم : عشر سنوات في مسيرة تطوير التعليم ، (مرجع سابق) ، ص ص 144- 145
 36. Carr, W, & Hartmett, A; Education and the struggle for Democracy – The politics of Educational Ideas, Great Britain , Buckingham: open university press, 1996. P.186.
 37. محمد نبيل نوفل : تأملات في مستقبل التعليم العالي ، مرکز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ، القاهرة ، 1992 ، ص ص 55-57.
 38. جمهورية مصر العربية : وزارة التعليم العالي ، مکتب الوزير ، وحدة المعلومات ، کليات ومعاهد التعليم العالي في مصر ، مؤسسة دار الشعب للصحافة والطباعة والنشر ، القاهرة ، 2000- 2001، ص ص 444-460.
 39. Kempner, ken; Tierney, William Githe social role of Higher Education, Comparative perspectives. New York. Garland pupleshing Inc. 1996. P.22.
 40. عبد الله عبد الدايم : دور التربية والثقافة في بناء حضارة إنسانية جديدة ، الثقافة العربية الإسلامية بين صدام الثقافات وتفاعلها، دار الطليعة للطباعة والنشر ، بيروت ، 1998، ص 110.
 41. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم : استراتيجية تعليم الکبار في الوطن العربي ، تعليم الجماهير ، العدد 47 ، السنة السابعة والعشرون ، ديسمبر 2000 ، ص ص 90-141 .
 42. (المرجع السابق ) ،  ص ص 69 : 72.
 43. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم : الخطة العربية لتعليم الکبار ، تونس 2001 ، ص44 .
 44. محي الدين شعبان توق : دور کليات التربية في الوطن العربي في تنفيذ الخطط الوطنية لمحو الأمية ، تعليم الجماهير ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، العدد 38 ، السنة الثانية عشر ، سبتمبر 1991 ، ص 117.
 45. عبد العزيز عبد الهادي الطويل : تطوير دور الجامعات في مجال محو الأمية وتعليم الکبار ، دراسة تقويمية ، التربية والتنمية ، السنة السابعة ، العدد 17 ، المکتب الاستشاري للخدمات التربوية ، القاهرة ، يوليو 1999، ص 271.
 46. أحمد فتحي سرور: استراتيجية تطوير التعليم في مصر ، مطابع الجهاز المرکزي للکتب الجامعية والمدرسية والوسائل التعليمية ، القاهرة ، 1987.
 47. محمد عزت عبد الموجود : منهجية تقويم السياسات التعليمية في مصر ، البرنامج الدائم لتقويم السياسات البرامج الاجتماعية ، منهجية تقويم السياسات الاجتماعية في مصر ، 13-15 إبريل 1988 ، المرکز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ، القاهرة ، 1988 ، 91.
 48. محمد صبري الحوت ، ناهد عدلي شاذلي: تطوير التعليم الأساسي في مصر ، سياسته واستراتيجيته وخطة تنفيذه ، دراسات تربوية ، المجلد السابع ، الجزء41 ، عالم الکتب ، القاهرة ، 1992 ، ص 128.
 49. مبارک والتعليم : ( مرجع سابق ) ، ص 107.
 50. جمهورية مصر العربية : وزارة التربية والتعليم مشروع مبارک القومي ، إنجازات التعليم في خمسة أعوام 91-1996 ، ص 80.
 51. (المرجع السابق ) ، ص 97.
 52. حسين کامل بهاء الدين : التعليم والمستقبل ، مطابع الأهرام التجارية ، القاهرة ، 1997 ، ص ص 115-116.
 53. نادية جمال الدين : التعليم عن بعد ، التجربة المصرية ، مجلة التربية والتعليم ، المجلد الخامس ، العدد15 ، مارس 1999، ص ص 49-64.
 54. جمهورية مصر العربية : وزارة التربية والتعليم مشروع مبارک القومي ، (مرجع سابق)، ص ص 124-128.
 55. جمهورية مصر العربية (2007) وزارة التربية والتعليم ، الخطة الاستراتيجيةالقومية لاصلاح التعليم قبل الجامعى فى مصر (2007/2008 – 2011/2012 ) 0
  56.  أمريکا عام 2000 : استراتيجية التربية ، ( مرجع سابق ) ، ص ص 48 : 53.