ضعف التلاميذ في الصفوف الأولية


المقدمة

الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى والصلاة والسلام على إمام المرسلين وسيد المتقين محمد صلى الله عليه وسلم .

وبعد ،،،

إن أسباب ضعف التلاميذ في الصفوف الأولية يرجع إلى العديد من الأسباب منه : الضعف التأسيسي الذي ينشأ لدى التلاميذ منذ البداية ، ضعف المناهج الدراسية – عدم مناسبة الأساليب وطرق التدريس ، وعدم تعاون أولياء الأمور ، کثرة عدد التلاميذ في الفصول ، عدم تجهيز المباني المدرسية ، قلة الوسائل التعليمية المناسبة – ضعف المعلمين وقلة مؤهلاتهم العلمية التربوية .

   قلة الأنشطة اللغوية – عدم العناية بالمهارات التدريسية ، عدم مناسبة الکتاب المدرسي للتطور الذي نعيشه .... ويوجد العديد من الأسباب .

وحيث أن التلاميذ في الصفوف الأولية هم أهم ما ينبغي الاهتمام بهم والعناية بشئونهم لأنهم عم دعائم المستقبل وهم رجال الغد .

وسأتحدث في هذا العمل عن .. ضعف التلاميذ في الصفوف الأولية .

   وسأوضح فيه أسباب ضعف التلاميذ في الصفوف الدنيا – الکتابة والتلاميذ والأدوات التعليمية – الکتاب المدرسي – عدم تجهيز المباني المدرسية – الظروف البيئية – قلة الأنشطة اللغوية – قلة الأنشطة والوسائل في الصفوف الأولية .

 

والله الموفق .


ضعف التلاميذ في الصفوف الأولية

من أسباب ضعف التلاميذ في الصفوف الأولية :

   هناک أسباب کثيرة تجعل التلاميذ ضعافاً في الصفوف الأولى کحفظ المعلومات والقراءة والکتابة والتعبير والبحث عن المعلومات والتنقيب عن الحقائق بدافع غريزي مکتسب . إن ضعف التلاميذ لم يأت عن طريق صدفة ، أو نتيجة رغبة فهم في ذلک إنما هناک أسباب ومنها :

1- الضعف التأسيسي الذي ينشأ لدى تلاميذ الصفوف الأولى منذ البداية وهذا الضعف يجعل التلاميذ في غير وئام مع الحقائق وأصول الکتابة والتحصيل .

2- المناهج التعليمية : إذا کانت المناهج التعليمية غير مناسبة لقدرة التلاميذ ولا تراعي قدراتهم الجسمية والعقلية والنفسية ولا تراعي الفروق الفردية تسبب ضعفاً لدى التلاميذ بحيث لا يستطيعون مجاراتها .

3- الأساليب وطرق التدريس : يعتبر الأسلوب الذي يتبعه المدرس في التعليم ، أو ضعفهم في المواد الدراسية ، فالأسلوب المرن والطريقة الجذابة تدفعان بالتلاميذ لحب المادة الدراسية ، وبالتالي يقدمون على دراستها برغبة وشوق ، يستحسن من المعلم أن ينوع أسلوبه بين الحين والآخر ولا يجعل  هذا الأسلوب مماثلاً قاحلاً بحيث يراعي مشارکة التلاميذ جميعاً في النقاش وطرح الأسئلة ، التي تکون واضحة تدور حول الدرس ، يتلق المعلم إجابات التلاميذ وقد تکون ناقصة أو بعيدة عن  الموضوع ( وهذا للتلاميذ الأکثر ذکاء ) ويقوم المعلم بتصحيحها بالاشتراک
مع التلاميذ . [1]

إن تغيير الأسلوب والمواقف التعليمية سريعاً أثناء التعلم يزيد من اهتمام التلاميذ بالمادة الدراسية ، ولأسلوب القصص في الصفوف الأولى أسلوب محبب لدى التلاميذ يجذب انتباههم بصورة أفضل ، کما أن استخدام الوسائل التعليمية الهادفة لها مردود أحسن على العلمية التربوية .

4- تعاون أولياء الأمور: يجب أن تکون الصلة بين أولياء الأمور والمدرسة بحيث لا يفصل هذه الصلة موانع ، من الأفضل أن يستدعي أولياء الأمور بخطابات رسمية توجه إليهم من قبل إدارة المدرسة لکي يتم التشاور والمناقشة حول تحصيل الأبناء وتبحث في أسباب ضعفهم .

5- والتلميذ نفسه : قد يکون مريضاً في الأصل لا يقدر أن يجاري المواد الدراسية بالشکل المقبول أو لا يجد من يحثه على الاستمرار ويوضح له مما يغمض عليه ، فيزداد ضعفاً ، أو قد يکون التلميذ متخلفاً لأسباب مرضية أو أسباب أخرى ولهذا يبحث عن أصل المشکلة ويتم وضع الحل المناسب

6- المعلم : عدم اکتراث المعلم في کل الحالات يؤثر على التلاميذ تأثيراً کبيراً فالتلاميذ يقلدون المعلم إن کان المعلم نظامياً في قاعة الدرس قلدوه وإن کان لا يعير لأي موضوع اهتمام تلاشى عناية التلاميذ بذلک ، فالمعلم يعتبر القدوة الحسنة لتلاميذه يقودهم نحو الأفضل .

الصف وتعليم اللغة :

   إن لغة الکبار الناضجين تختلف عن لغة البراعم الصغار لأن خبرات الکبار هي أطول من خبرات الصغار في الحياة ، وأمر الکتابة لدى الکبار يکون أسهل منه لدى الصغار وأقصر وقتاً ، لأن الصغار يلزمهم لکتابة الکلمات أمور کثيرة .

الکتابة والتلاميذ :

نجد الکتابة لدى الصغار فيها کثير من الصعوبة وذلک لأن الصغار يلزمهم لکتابة الکلمات استخدام أمور کثيرة ومعقدة لکي يدرکوا رسومات الکلمات جيداً وأشکال الحروف منها استخدام العقل في نقل الکلمات بصورتها الصحيحة إلى الورقة ورسم أشکال هذه الکلمات باستخدام التصور الذهني لها واستخدام عضلات الأصابع في حرکة القلم لکي يعطي الصورة السليمة لشکل الکلمة وتأخذ يده على الکتابة ، والأحرف التي يکتب ولا تلفظ والتي تکتب وتلفظ عليه يجب التنبيه لهذه الأمور المهمة هذا مهما في تعليم التلاميذ أصول المعرفة  ومن المستحسن أن نبدأ مع التلاميذ الصغار بإعطائهم کلمات مألوفة لديهم ومن نفس واقعهم المحيط الذي يعيشون فيه ومن بيئتهم ومنطقتهم لا أن نعلم التلاميذ في الصوف الأولى عبارات وکلمات مبهمة بالنسبة لهم ، ولا تعني بالنسبة لهم إلا أموراً غامضة لا يفهمونها ، کما أنهم لا يستوعبونها ، وتعلق في أذهانهم طويلاً نظراً لعدم استخدام هذه الکلمات في حياة التلاميذ العادية مثل :

  • ·    تکوعت يداه ...[2]

فهذه الکلمة تتعدى إدارک التلاميذ الصغار وحتى الکبار يحتاجون إلى قاموس اللغة لفهم ما تعنيه هذه الکلمة ومن الأسهل عند تعليم الصغار اللغة أن نقرر الکلمة بالصورة أي الصورة المعبرة عن الکلمة لکي تعلق في ذهن التلميذ ويفهم بهذه الکلمة فهماً جيداً مبني على أساس وأسس ثابتة تدوم في ذهنه طويلاً ...

-       دجاجة .. تقرن صورة الدجاجة بکلمة دجاجة .

-       أرنب .. تقرن صورة الأرنب بکلمة أرنب .

-       بقرة .. تقرن صورة البقرة بکلمة بقرة .

-       کلب .. تقرن صورة الکلب بکلمة کلب .

-       تفاحة .. تقرن صورة التفاحة بکلمة تفاحة .

-       برتقالة .. تقرن صورة البرتقالة بکلمة برتقالة .

وإذا کانت الکلمات ليست من بيئة التلميذ أن نحاول تأجيلها لزمن يکون فيه التلميذ أکثر نمواً وأوسع خبرة في الحياة ، لأننا في تعليمنا اللغة للصغار بصورتها الصحيحة قادرين على التعبير بما يدور في أذهانهم وتزداد لديهم الثروة اللغوية إلى الأم ونقول له هذه ماما ، لن ينسى ذلک مستقبلاً فإن الکلمة أتت مقرونة بصورة الأم في ذهن الطفل ، وعندما نقول له شجرة ونشير إلى صورة الشجرة ثم نعود إليه بعد فترة من الزمن يقول لنا شجرة ولکن لا يميز نوع الشجرة نظراً لضحالة خبراته وعدم قيامنا بإعطاء فکرة عن أنواع الأشجار . [3]

   ومن المستحسن أن نختار للتلاميذ الصغار الکلمات بما يراعي قدراتهم وخبراتهم .

عدم استيعاب التلاميذ للقراءة :

   إن مشکلة القراءة تعتبر من أهم الصعوبات التي تواجه تلاميذ الصفوف الأولى ، وهذا التلميذ من الممکن أن يکون قادراً على القراءة ولکن هذه القراءة لا تعنى قراءة لرموز الکتابة المعروفة بالأبجدية وتحليلها فقط مع إننا نجد بعضهم يخطئ کثيراً في قراءته هذا کما نعلم لا يکفي لأن هذه القراءة إن لم تکن مرتبطة بفهم  الموضوع تسمى ( ترديداً ) .. فالکثير من التلاميذ يعطي قطعة نثرية مبسطة جداً عن موضوع ويطلب منه قراءة ، هذه القطعة ولکن بعضه بل حتى الأغلبية منهم لا يفهمون ما قرؤوا ولذلک کان لزاماً على المدرسة أن تکون يقظة لهذه الأمور ، بحيث تسعى جاهدة لأن تکون قراءة تلاميذها مبنية على القراءة التي تکون نتيجتها الفهم والمعرفة واکتساب الخبرة والمعلومات من جراء هذه القراءة وإلا لا فائدة من موضوع يقرأ ولا يفهم منه شيء ، وهذه أعظم الصعوبات التي يعاني منها أغلب تلاميذنا في الصفوف الأولى :

   والسبب في ذلک هو عدم تنمية القراءة لدى التلاميذ بحيث يعي کيف يقرأ ، وأين ومتى ؟ وکيف يعتمد التلميذ على نفسه ؟

من هذا کانت المشکلة تعتبر من أهم المشاکل التي تکون سبباً في ضعف التلاميذ من الصفوف الثلاثة الأولى .

الأدوات التعليمية :

   قلة الأدوات التعليمية من أسباب ضعف التلاميذ في الصفوف الأولى ، وبالإضافة إلى الکتب المدرسية تحتاج کل مدرسة إلى أن تزود بالأدوات التعليمية الضرورية ، کالسبورة والطباشير والورق والأقلام والديش وما إلى ذلک ، وتحتاج کذلک إلى وسائل للإيضاح في تدريس المواد الدراسية المعينة للتلاميذ ( في الرياضيات والعلوم ) ومن الحقائق التي لا سبيل إلى إنکارها أن المنتجين على المستوى التجاري قد نافس بعضهم بعضاً في إنتاج أدوات ليست لها قيمة تربوية حقيقية وإما تؤدي إذا ما استخدمت إلى استبعاد کل الأعمال التي تنطوي على الذکاء والفهم .

   ومثل هذه الأدوات يمکن أن تصبح حقاً عائقاً للتربية الإيجابية وللخبرة الشخصية وللاکتساب الفعال الدائم للمعرفة .. لذلک ينبغي التحذير من الإنتاج الحالي في بعض الدول للأدوات التعليمية الجاهزة التي قد تکون مصنوعة بمهارة فائقة والتي لها عيوب ثلاثة هي : أنها باهظة الثمن ، وتصنع ستاراً بين الحياة والمدرسة ، وتستبعد العمل والتجريب ، وبالتالي تجعل اکتساب المعرفة أمراً آلياً .

   والأدوات التي يخترعها المعلمون أو المعلمات ويصنعونها بأنفسهم بأي المواد التي تکون في متناول أيديهم ، مع معرفتهم لتلاميذهم ولميولهم تکون أکثر قيمة دون شک . [4]

ففي الرياضيات الابتدائي مثلاً تعتبر المنتجات المحلية سواء الفاصوليا أو البندق أو الفول أو القواقع أو غير ذلک مما يتوافر في البيئة أکثر فائدة من الناحية التربوية من المواد البراقة غالية الثمن المصنوعة من الخشب أو البلاستيک التي تعرضها المصانع المتخصصة في الأسواق .

   ومن ناحية أخرى ، يجب أن تتوفر لجميع المعلمين والمعلمات بعض المعدات المفيدة إلى أقصى حد ، مثل وسائل استخراج نقل الفصول أو الرسوم مثلاً ، أو المطابع المصممة لتستخدم في المدارس .

الکتاب المدرسي :

   إهمال الکتاب المدرسي من أسباب ضعف التلاميذ في الصفوف الأولى ، حيث تستخدم المدارس أدوات ترجع إلى قديم . ويمکن حتى لکثر الصناع تواضعاً أن يعلم المدرس الکفء شيئاً لأن المنافسة اضطرته إلى استحداث جديد في عمله وتکييفه لمطالب عملائه وللمنتجات المعروضة
في السوق .

   فقد أصبح حداد القرية يقوم بإصلاح الجرارات وآلات المزارع وهکذا ولکن المدرسة لم تغير أدواتها . وأکثر أدواتها استخداماً هو الکتاب المدرسي . ظهرت الحاجة إلى تزويد الطلاب والمعلمين بالکتب التي تساعدهم في أداء أعمالهم العادية ابتداء من القرن السادس عشر والسابع عشر . ليست الکتب المدرسية ، من بين جميع الوسائل المتوافرة وللمعلمين أکثر الوسائل انتشاراً فحسب ، بل إنها أکثرها استخداماً کذلک مهما کان إنتاجها جذاباً ، ومهما کانت قيمة محتوياتها ، وإيضاحاتها حتى ليمکننا القول بأنها کلما تحسن الکتاب المدرسي للمعلمين باختيار الکتب التي يرغبون في أن يستخدمها تلاميذهم ، وهم لذلک أحارا في اختيار الکتب التي تتمشى أکثر من غيرها مع المفاهيم التربوية ، لکن عندما تفرض الکتب المدرسية على المعلمين ، فلا حيلة لهم إلا في تکييف أنفسهم لها ، ولا يمکن الحکم على قيمة الکتب المدرسية ، کمعينات للتعليم ، حکماً عادلاً ما لم يؤخذ في الاعتبار الظروف السائدة في الدولة ، والعوامل التربوية إلى جانب العوامل المادية التي تؤخذ في الحسبان .

وغالباً ما ننسى الکتاب المدرسي الذي يکون دائماً في متناول يد المعلم والتلاميذ هو الأداة الرئيسية التي تتوفر للجميع بنفس الصورة والتي لا تتلاءم مع الخصائص الفردية .

   فما إن يعطي المعلم درسه حتى يصبح لزاماً على التلاميذ أن يستوعبوا محتوياته بوساطة تمارين الکتاب المقرر ، لکن هذه التمارين ليست کافية لأولئک الذين لا يستطيعون استيعاب المعلومات الجديدة لقلة التدريب المناسب .

کما أن الکتاب المدرسي لا يواکب التطور الذي يحدث کل يوم .

   ولا شک أن أولئک الذين يرغبون في مواجهة الواقع يدرکون حقيقة لا يمکن أن تغيرها الاعتبارات النظرية وهي أن الخطط والمناهج التي ترسل إلى المعلمين تقرأ في حينها ثم يلقى بها مع غيرها من الوثائق الرسمية في مکتب أو دولاب .. ومن ناحية أخرى ، يستخدم الکتاب المدرسي طوال الوقت ، ومهما کان منهاج التدريس لمادة معينة فليس هو الذي يتحکم في تدريس هذه المادة ، بل الکتاب المدرسي .[5]

   إنه من السهل ومن المعقول لکل من المعلم والتلاميذ التزام الکتاب المقرر وحيث إن محتوياته تذهب بصفة عامة إلى مدى أبعد مما يصل إليه المنهج ، فإن هذه المحتويات هي التي تدرس والقول بأن اکتمال الکتاب المقرر وشموله يتيح لکل معلم أن يختار أفضل ما يناسب تلاميذه هو من قبيل تصور أمر قلما يحدث في الواقع ويکون من الأفضل حقاً لو أن الکتاب المدرسي اقتصر على الحد الأدنى والضروري وسمح للمعلم أن يکمله بإضافات تناسب تلاميذه وبيئتهم .

عدم تجهيز المباني المدرسية :

   من أسباب ضعف التلاميذ في الصفوف الثلاثة الأولى عدم تجهيز المباني المدرسية والأفکار المتحکمة في تشييدها وترتيبها . لقد کانت " مدارس السکنات " موضع شکوى منذ زمن بعيد إنها تنطوي على تربية نظامية لا تتفق مع کل ما نؤمن به عن التدريب التقويمي لاکتساب الشعور بالمسؤولية وتفسح المجال لغريزة القطع المناهضة للجهود التربوية للمعلم ، فيتعرض الأطفال لنظام صارم ، وتفرض عليهم مراعاة طائفة من القيود التي غالباً ما تخول الجماعة المدرسية إلى إشراف مستمر يضر بجميع المعنيين ، ويجب أن يضاف إلى کل هذه العيوب ذلک الإزعاج الذي تسببه الضوضاء في الخارج ، التي يبدو ألا أمل في التخلص منها ، إذ أن المباني المدرسية العازلة للصوت نادرة جداً وهناک خطأ آخر يرتکب بشأن المباني المدرسية وخاصة في المدن وهو أنها تبنى لتبقى مدة طويلة کالمباني العامة المشيدة على طراز القصور . لکن الخبرة المتکررة منذ أن بدأ التعليم الإلزامي يجب أن تکون قد فتحت عيون المسئولين : ففي مدة وجيزة نسبياً من الوقت ( 20 أو 30 سنة ) لم تعد هذه المباني العتيقة التي شيدت لتحتوي صروف الزمان تفي ولو بدرجة قليلة من المطالب الصحية وغيرها من مطالب التربية الحديثة ، وتزداد عدم ملاءمتها وضوحاً ، مما يجعل من المستحيل في کثير من الحالات القيام بنواحي النشاط التي أصبحت جزءاً من التربية والتي تتطلب تسهيلات جديدة ( کالملاعب ، والحدائق ، والورش ، والأندية ) وينطبق نفس الشيء على أثاث الفصول مثل الصفوف المثبتة إلى الأرض ( التي تجعل التلاميذ موزعين على ثلاثة أو أربعة صفوف بحيث يجلس کل تلميذ خلف الآخر ، وبذلک يکتب على کل تلميذ خلال حياته المدرسية أن يتأمل قفا التلميذ
الجالس أمامه ) .

   والمقاعد کلها على ارتفاع واحد ، بصف النظر عن حجم الجالس عليها .

والتلميذ سيء الحظ ذو الأرجل الطويلة يکافح ليجد وضعاً يمکن أن يتحمله مدة ثلاث أو أربع ساعات متصلة ، بينما التلميذ ذو الأرجل القصيرة يقضي وقته في الالتواء والتلفت ، لتجنب
توتر عضله .

   ومن الطبيعي أن يلام أو يعاقب مثل هذا التلميذ لإخلاله بنظام الفصل ، على حين أن اللوم يجب أن يوجه إلى الکبار ، بسبب هذا الإزعاج الذي يجدونه هم أنفسهم کذلک غير محتمل . وهذا بالطبع يجعل التلميذ غير مستريح في الجلسة مما يدعه إلى الانصراف عن الشرح وإلى الإهمال مما يتسبب في ضعفهم تعليمياً .

کثرة عدد التلاميذ في الصفوف الأولى :

   لا شک في أن کثرة عدد التلاميذ في الصفوف الثلاثة الأولى عامل أساسي في ضعف التلاميذ ، حيث أن النظام الداخلي للمدارس الابتدائية المعمول به حالياً ينص على أنه " لا يجوز مبدئياً قسمة الصف الواحد إلى شعبتين إلا إذا جاوز الأربعين تلميذاً وإذا نقص عدد تلاميذه أو عدد تلاميذ الصف الواحد عن الحد الأدنى المفصل أعلاه إلى عشرة تلاميذ في المرحلة التکميلية وخمسة عشر تلميذا في المرحلة الابتدائية جعل تلاميذ هذه السنة في غرفة واحدة مع تلاميذ السنة الأخرى بنقص عدد تلاميذه عن الحد الأدنى .. " فخيال هذا التنظيم الساري کيف يستطيع الأستاذ أن يتعرف على کافة تلاميذه الأربعين في الصف الواحد وينتبه إلى خصائصهم وميولهم تبعات
التعليم السليم .

من جهة ثانية هل إن التلميذ الفرد الذي به تجاوز العدد الأربعين جعل الضرورة تلح إلى قسمة الصف بينما کان ذلک غير مسموح عند مجموع الأربعين ؟ وهل ما کانت تفرضه الحاجة والظروف منذ ما يزيد على عشرين سنة يبقى مقبولاً اليوم ؟

من هنا نرى أنه ولحسن سير العمل الدراسي ألا تضم الشعبة الواحدة ( الفصل الواحد ) أکثر من عشرين تلميذاً ليتمکن المدرس من الإلمام والاعتناء بکل منهم ، وإعطائه النصيب الوافر من الدراسة والتوجيه والدخول إلى أعماقهم لتفهم مشکلاتهم وامتصاص ما يعانون . [6]


عدم إتباع تنظيم الصفوف المتحرکة :

   لا شک أن عدم إتباع تنظيم الصفوف المتحرکة تسبب ضعف تلاميذ الصفوف الأولى ، حيث أن الأجدى نفعاً من التقسيم المتبع في المدارس هو إتباع تنظيم الصفوف المتحرکة تبعاً لمواد التدريس أو لنظام الأرصدة لکل مادة من مواد الدراسة . فبإمکان المتفوق في الرياضيات أن يتابع تفوقه رصيداً دون أن يکون هناک ترابط أو علاقة برصيد اللغة العربية مثلاً الضعيف فيه ، أو الذي يحبطه ويمنعه من الانتقال إلى صف أعلى ، من الحفاظ هنا على مستوى أدنى من الترابط مع بقية المواد إذا کان ذلک ضرورياً ، بهذه الخطوة تکون قد زللنا بعض الصعاب من ضعف التلاميذ .

الظروف البيئية التي قد تؤثر في ضعف التلاميذ :

   ينبغي على القائم بالتشخيص دراسة البيئة الکلية للتلميذ ، فقد تحتوي بعض نواحي القصور التي تسبب ضعف التلاميذ ، فقد يکون الآباء مدفوعين بحماس شديد لمساعدة أبنائهم في خلق جو مشحون من الانفعال وذلک يعوق تقدم التلميذ في المدرسة ويسبب له بعض الاضطرابات ، وقد يلجأ الآباء في سبيل مساعدة أبنائهم إلى وسائل تُحد من النمو في قدرة التعليم ، ويستطيع الآباء الإسهام بشکل کبير في تفوق التلميذ إذا ما راعوا الاعتبارات الآتية :-

1- الاهتمام بما يعطى للتلميذ من واجبات منزلية .

2- توفير المکان المناسب للمذاکرة بحيث لا يکون هناک أي شيء يسبب الإزعاج للتلميذ .

3- توفير مواد خاصة بالتلميذ بعد استشعاره معلمهم .

4- إخفاء أي مظاهر للقلق نحو مشکلة ضعف التلميذ في المواد .

5- مساعدة التلميذ في أضيق الحدود ( معنى کلمة مثلاً ) أثناء الواجب الذاتي في المنزل .

6- قراءة المواد التي يقوم التلميذ بقراءتها مستقبلاً ومناقشته فيها .

7- تجنب عبارات السخرية أو التحقير أو مقارنته بإخوانه .

8- إشعار التلميذ بتقديره لما نجزه من أعمال وأنهم واثقون في قدراته . [7]

9- معرفة أن اتجاه اللامبالاة الذي يبديه التلميذ نحو التعليم قد يکون في حقيقة الأمر : الاهتمام البالغ به ، وأنه من الحکمة التغاضي عن اللامبالاة کصمام أمن ... ولا يقتصر الأمر على بيئة التلميذ في المنزل وعلاقة التلميذ بها بل يتعداه إلى البيئة المدرسية التي لابد من دراستها أيضاً

قلة الأنشطة اللغوية :

   إن بعض المعلمين يهملون کتب التهيئة اللغوية بعد شهر تقريباً من بداية العام الدراسي حيث يبدأ بتدريب الأطفال على رسم الحروف العربية والنطق بها ، وکتابة کلمات تتضمن هذه الحروف ويذکر المعلمون أن الأطفال يتعلمون اللغة بيسر ويسيطرون على معظم الحروف والکلمات نطقاً وکتابة .[8]

کما نجد عدم تمييز بعض الطلاب بين الحروف المتشابهة شکلاً ونطقاً لذا يجب التفريق بين الحروف المتشابهة أثناء التدريس وربط أحد الحروف المتشابهة بصورة تدل عليه ، وعرض لوحة الحروف أمام الطلاب ويطلب من الطالب الإشارة إلى کل حرف قبل کتابته ، وإجراء مقارنة بين الحروف بمسميات يعرفها الطالب ، وتغيير مکان الطالب أو مجموعته ، وتعليق لوحات دائمة للحروف المتشابهة داخل الفصل ، وتکثيف التمارين على هذه الحروف ، ومراجعتها ، والربط بين القراءة والکتابة أثناء التعلم ، وربط الحروف ، ومراجعتها ، وربط الحرفين المتشابهين بلونين مختلفين ، وجعل الطالب يکتب کل منها بلون مختلف ، وتوزيع بطاقات الحروف على طلاب الفصل ليرتبط کل حرف منها بشخص يعرفونه ، واستخدام هؤلاء نع بطاقاتهم في ترکيب وتحليل الکلمات ثم يبين المعلم مخرج کل حرف ويطلب من الطالب محاکاته أثناء النظر إلى مرآة أمامه .[9]

کما من صعوبات التهيئة اللغوية أيضاً قيام بعض الطلاب بالکتابة بصورة غير صحيحة والتي يستخدم لحلها : الإکثار من الکتابة على الحروف الباهتة ، أو المنقولة أو شف الحروف ، استخدام جهاز العرض فوق الرأس – ليکتب الطالب فوق الحرف المکبر – تکثيف الواجبات الصفية لمعالجة الخطأ مباشرة – الإکثار من إخراج الطلاب للکتابة على السبورة . استخدام الکتابة السليمة – ملاحظة الجلسة الصحيحة وإمساک القلم بالشکل الصحيح – مراعاة التناسق بين حروف الکلمات على السطر والکتابة على سطر دون سطر .

   تسطير السبورة وليعتاد الطالب على الکتابة بشکل سليم على السطر – توجيه الطلاب إلى عدم الإسراع المخل في الکتابة ومطالبة من يفعل ذلک بالإعادة .

کما يجب تصحيح وضع اليد بالنسبة للکراسة أثناء الکتابة ، مع ملاحظة عدم الضغط على الطالب الأعسر في استخدام يده اليمنى ، ويعرف المعلم ذلک بإلقاء حلوى بشکل مفاجئ على الطالب ، ويلاحظ اليد التي يلتقطها بها – تکثيف التدريبات على رسم الحروف حسب موقعها من الکلمة وطريقة اتصال کل حرف – بيان حروف الانفصال للطلاب ، بيان الطريقة الصحيحة للکتابة من حيث بداية الحرف ونهايته وفق الاهتمام بالکيف لا الکم – جعل الطالب يتهجى ما يکتبه بصوت عال ، ثم يقرأ ما کتبه کاملاً – تخصيص کراسة إضافية للکتابة – عرض کتابات الطلاب الصحيحة أمام الآخرين ، والإشادة بهم لتحفيز الباقين ، استخدام السبورات الشخصية الصغيرة مع الطلاب – إمساک يد الطالب أثناء الکتابة على السبورة ومحاکاة المعلم بعد تقطيع الحروف
أثناء الکتابة .

ومن صعوبات التهيئة اللغوية عدم حفظ السور المقررة أو بعضها ولحل هذه المشکلة
تجب الآتي :

- نعمل على تکرار سماع السور المقصودة ، توزيع أشرطة على الطلاب بها تسجيل السور التي
لم يحفظونها

- التشجيع والتحفيز على الحفظ داخل الفصل بقدر الاستطاعة – عرض الآيات مکتوبة أمام الطلاب وشرحها بطريقة مبسطة تتناسب وإدراکهم غرس فضل حفظ القرآن الکريم وتقديسه لدى الطلاب .

-     تسجيل صوت الطلاب أثناء التسميع وتزويد من لم يحفظ منهم بصوته مسجلاً .

-     مراعاة صعوبة السور مع توزيع المنهج .

-     استخدام الإشارة باليد والعد على الأصابع .

-     تقسيم الآية إلى کلمات ومن ثم ربط الکلمات بعضها ببعض .

ومن صعوبات التهيئة اللغوية عدم قراءة بعض الأعداد وکتابتها ولحل ذلک يجب الآتى:

-     وضع لوحة مکتوبة عليها الأعداد مع تکرار قراءتها .

-     استخدام العداد .

-     توزيع أعداد تحتوي على بعض الأعداد ليکتبها الطالب .

- کما أن بعض المعلمين لم يتخرجوا من أقسام اللغة العربية بکليات التربية فهم حاصلون على مؤهلات متوسطة أو جامعية لا علاقة لها بمعرفة الطفل أو بمعرفة اللغة العربية مما لا يسمح للأطفال بالحصول على تهيئة لغوية سليمة . [10]

ورغم توافر الأنشطة في الوسائل التعليمية في بعض المدارس الابتدائية إلا أن استخدامها ليس ميسراً لأن هذه الأدوات ملک المدرسة ويخشى عليها من الأطفال ولابد من المحافظة عليها بعيداً عن عبث الأطفال ، وبالتالي لا تتمکن المشرفات والمعلمات من استعمالها مع الأطفال مما يتسبب في ضعف عام في تعليم الأطفال – کما أن بعض المعلمين يکتفوا بحکاية القصص أو تکرار الحکاية التي سمعها دونما توجيه أسئلة لتثبيت مهارات الاستماع أو التحدث اللازمة لبرنامج التهيئة اللغوية ، ذلک لأن المعلمات لديهن دراية بمهارات التهيئة اللغوية اللازمة للأطفال في الصفوف الأولى .

قلة الأنشطة والوسائل في الصفوف الأولى :

   الأنشطة والوسائل في الصفوف الأولى خاصة المدرسة الابتدائية عامة نجدها ملغاة ولا توجد على أرض الواقع بصورة سليمة تنمي الناحية التعليمية والصحية والاجتماعية لدى الأطفال ، وحيث أن تتنوع الأنشطة وسائل التعليم وتتسع لتشمل ؛ جهاز تسجيل وأشرطة لعرض أناشيد وأصوات طيور وحيوانات ، وفانوس سحري ، وکائنات حية من البيئة يقلد الطفل أصواتها وحرکاتها ، وسلال بلاستيک مختلفة الأحجام ، فرز ملون بأحجام وأشکال مختلفة وزهور ونباتات طبيعية تحتاج إلى رعاية مستمرة ونماذج لمجسمات بينها علاقة وعلى الطفل تصنيفها ، ونماذج مختلفة الأحجام لمعرفة صغير وکبير ثم متوسط ، وألوان شمعية وأقلام ملونة وطباشير ملون والعاب مغناطيسية وحلى وترکيب – مکعبات مختلفة الألوان والأحجام کل هذه من الوسائل التي تعين على الفهم نجدها مهملة ولا أصل لها . [11]

الخاتمة

الحمد لله الذي خلق الإنسان من صلصال من حمأ مسنون وإذا قضى أمراً إنما يقول له فيکون والصلاة والسلام على الهادي البشير السراج المنير صلى الله عليه وسلم ..

وبعد ،،

إنه لابد من وقفة صريحة وتعاون مؤسسات المجتمع وخاصة المؤسسات التعليمية لکي تعمل على إزالة کافة الأسباب التي تؤدي إلى ضعف التلاميذ في الصفوف الدنيا وذلک لأهمية هذه الفترة من حياة التلاميذ حيث أن العملية التدريسية قد أعطيت لأناس ضعاف في المهارات التدريسية وليس لدى البعض المؤهلات العلمية المناسبة لکي تتعامل مع هؤلاء التلاميذ بفهم ودراية بأحوالهم ولا شک في أن العالم اليوم قد اهتم اهتماماً بالغاً بالتعليم وخاصة في الصفوف الأولى إدراکاً منهم لأهمية هذه الصفوف في حياة الناشئ لذا يجب على المسئولين في کافة قطاعات المملکة وعلى الخبراء في المجال التعليمي دراسة هذه الأسباب والعمل على إزالتها والعمل على التطوير حتى ينشأ جيل فاهم واعي قادر على تحقيق التقدم للملکة العربية السعودية والأمة الإسلامية .

وأسأل الله القدير أن ينال هذا العمل رضاکم

والله ولي التوفيق .



[1] محمد منير مرسي ، الضعف في القراءة تشخيصه وعلاجه ، ص64.

[2] خالد إسماعيل ، مشکلات تربوية معاصرة ، ص354 .

[3] المرجع السابق ، ص 355 .

[4] نجيب يوسف بدوي ، منهج المدارس الابتدائية ، ص 328 .

[5] المرجع السابق ، ص 331 .

[6] إبراهيم عبدالهادي ، نماذج تربوية معاصرة ، ص 221 .

[7] المرجع السابق ، ص 223 .

[8] حسن شحاته ، قراءات الأطفال ، ص 185 .

[9] المرجع السابق ، ص 186 .

[10] حسن شحاته ، قراءات الأطفال ، ص 187 .

[11] المرجع السابق ، ص 190 .

المراجع
1- مشکلات تربوية معاصرة ، خالد إسماعيل – دار الفکر العربي – عمان – ط1 .
2- قراءات الأطفال ، حسن شحاته ، القاهرة – الدار المصرية اللبنانية – ط1 .
3- نماذج تربوية معاصرة ، إبراهيم عبدالهادي – عمان – دار الأوائل – ط1 .
4- منهج المدرسة الابتدائية ، نجيب يوسف بدوي ، القاهرة – دار الفکر العربي .
5- الضعف في القراءة تشخيصه وعلاجه ، محمد منير مرسي – دار عالم الکتب .