نحت العناصر الحية في الفن الإسلامي

المؤلف

أستاذ النحت المساعد بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية – جامعة المنصورة

المستخلص

ملخص
بعد أن استقر الدين الإسلامي بين أهالي الدول التي فتحها العرب المسلمين بدأت زخارف العناصر الحية المحورة يکثر استخدامها وانتشارها، وأخذت صور الکائنات الحية مثل الحيوانات والإنسان والطيور، تدخل في الصياغات الفنية للموضوعات الزخرفية، ولکن في سياق زخرفي تجريدي، حيث أصبح رسم صور الإنسان والحيوان والطيور مع الزخارف الإسلامية أمراً شائعاً.
وتتمثل أهمية البحث الحالي فيما يلي:
1. إظهار أهم الصياغات التشکيلية للأعمال النحتية فى العصر الاسلامى.
2. الاستفادة من طرق الأداء الفني للأعمال النحتية الإسلامية في تعميق الرؤية الفنية للطلاب دارسي فن النحت.
3. التعرف على أهم الخامات والوسائط التشکيلية التي تم استخدامها فى فن النحت الاسلامى.
ويهدف البحث إلى:

البحث فى أصول وجذور نحت العناصر الحية سواء الآدمية أو الحيوانية.
إظهار مدى تأثر فن نحت العناصر الحية بالحضارات السابقة له.
التعرف على أهم الموضوعات التي تناولها الفنان فى نحته للعناصر الحية.
إثراء الرؤية والخبرة الجمالية لدى الطلاب دارسى فن النحت. التأکيد على الهوية العربية والإسلامية فى أعمالنا الفنية.

والبحث الحالى يحاول الإجابة على العديد من التساؤلات التى تتبادر إلى ذهن الدارس للفن الإسلامى حول نشأة ومصادر ومظاهر فن النحت الإسلامى ومن خلال المنهج الوصفى ولتحقيق أهداف هذا البحث يتناول البحث بالدراسة المحاور التالية:

أولاً: الفن الاسلامى وجدلية المصطلح.
ثانياًً: نشأة الفن الإسلامي.
ثالثاً: مصادر فن النحت الإسلامي.
رابعاً: مظاهر فن النحت في العصر الاسلامى.
خامساً:  خامات النحت في العصر الإسلامي.
سادساً : فلسفة التحوير والتجريد في فن النحت الاسلامى.
سابعاً:القيم التربوية لدراسة فن النحت الإسلامي.

أهم النتائج التي توصل إليها البحث:

معظم الفنون التي أبدعها الإنسان ارتبطت بشکل ما بالمعتقد الديني، والرؤية الدينية عند الفنان العربي المسلم هي رؤية الإنسان الکل– بکل مواهبه- للکل، کل الوجود، والله هو حقيقة الحقائق .
فن النحت الاسلامى، فن عالمي للناس کافة، بعيداً عن الإقليمية والقبلية والعنصرية.
أن مفهوم الفن ليس بالضروري أن يکون فيه محاکاة أو تشخيص، وهذا ما قام به فن النحت الإسلامي.
الرؤية الإسلامية للفن جمعت بين شعوب الأرض التي آمنت بالإسلام، فقد تطور الوجدان ، وسما بهذه الفنون لتوائم الوجدان الجديد في تشکيلات نحتية محملة بقيم فنية في هيئات مجردة لا تنفصل بعيداً عن الواقع المدرک بصرياً. 
فن النحت الإسلامي تجربة فريدة في الحياة استمرت لأکثر من ألف عام ، وشغلت حيزا کبيراً من الأرض.
مزج فن النحت الإسلامي  بين الفن الجميل والفن التطبيقي في وحدة وتنوع وفق ثقافة عالمية تتجاوز الزمان والمکان.
العمل الفني النحتي الاسلامى عبارة عن مجموعة من الأجزاء أو المفردات تتکامل في وحدة عضوية، وتشع قيم جمالية ونفعية.

مقدمة :

بدأ اهتمام العرب المسلمين بالفنون التشکيلية بعد انتقال الخلافة الإسلامية إلى خارج شبه الجزيرة العربية ، وذلک فى عهد خلفاء بنى أمية، واستمر اهتمام الحکام المسلمين بعد ذلک بفنون تلک البلاد ذات الحضارات العريقة والتى ازدهرت فنونها قبل العصر الإسلامي، وأصبح لکل إقليم من الأقاليم التى خضعت للإسلام طراز وأساليب فنية محلية. وبالرغم من عراقة فن النحت فى تلک البلاد التي فتحها الإسلام، فإننا نجد أن استمرارية الاهتمام به لم تکن متوافقة مع ازدهار باقى الفنون الأخرى، وذلک لما صاحب عملية التجسيد أو المحاکاة لکل ما هو طبيعى من الخوف إلى العودة لعبادة الأوثان، ولکن نجد أن النحت التشبيهى  ظل باقيا منذ العصور الأولى للإسلام ولکن بشئ من القلة والتحفظ  عليه فيما يرتبط بأماکن العبادة.

بعد أن استقر الدين الإسلامي بين أهالي الدول التي فتحها العرب المسلمين بدأت زخارف العناصر الحية المحورة يکثر استخدامها وانتشارها، وأخذت صور الکائنات الحية مثل الحيوانات والإنسان والطيور، تدخل في الصياغات الفنية للموضوعات الزخرفية، ولکن في سياق زخرفي تجريدي، حيث أصبح رسم صور الإنسان والحيوان والطيور مع الزخارف الإسلامية أمراً شائعاً.

وتتمثل أهمية البحث الحالي فيما يلي:

  1. إظهار أهم الصياغات التشکيلية للأعمال النحتية فى العصر الاسلامى. 
  2. الاستفادة من طرق الأداء الفني للأعمال النحتية الإسلامية في تعميق الرؤية الفنية للطلاب دارسي فن النحت.
  3. التعرف على أهم الخامات والوسائط التشکيلية التي تم استخدامها فى فن النحت الاسلامى.

ويهدف البحث إلى:

  1. البحث فى أصول وجذور نحت العناصر الحية سواء الآدمية أو الحيوانية.
  2. إظهار مدى تأثر فن نحت العناصر الحية بالحضارات السابقة له.
  3. التعرف على أهم الموضوعات التي تناولها الفنان فى نحته للعناصر الحية.
  4. إثراء الرؤية والخبرة الجمالية لدى الطلاب دارسى فن النحت.
  5. التأکيد على الهوية العربية والإسلامية فى أعمالنا الفنية.

ونظراً لقلة البحوث التى تتناول العناصر الحية فى فن النحت الإسلامى نظراً لما صاحب هذا الفرع من الفن الإسلامى من جدل حول مدى مشروعيته أو رفضه من ناحية الدين، فالبحث الحالى يحاول الإجابة على العديد من التساؤلات التى تتبادر إلى ذهن الدارس للفن الإسلامى حول نشأة ومصادر ومظاهر فن النحت الإسلامى، ومن خلال المنهج الوصفى ولتحقيق أهداف هذا البحث يتناول البحث بالدراسة المحاور التالية:

  • أولاً: الفن الاسلامى وجدلية المصطلح.
  • ثانياًً: نشأة الفن الإسلامي.
  • ثالثاً: مصادر فن النحت الإسلامي.
  • رابعاً: مظاهر فن النحت في العصر الاسلامى.

1-  النحت البارز والغائر على الحجر والجص.

2-  النحت البارز والغائر على الخشب.

3- الحفر على العاج والعظم .

4-  النحت المجسم (التشبيهى والمحور).

  • خامساً:  خامات النحت في العصر الإسلامي.
  • سادساً : فلسفة التحوير والتجريد في فن النحت الاسلامى.
  • سابعاً:القيم التربوية لدراسة فن النحت الإسلامي.

أولاً:الفن الإسلامي وجدلية المصطلح:

قال أرسطو منذ القدم  "أنه يمکن إدراک معنى الفن على خير وجه إذا قورن بالطبيعة، وأن الفن ذکاء انسانى يقوم بدوره فوق مسرح الطبيعة ويحرکها في صدق وإخلاص إلى تحقيق أهداف إنسانية"[1]، وتلک الأهداف تختلف من حضارة إلى أخرى، ومن هنا يأتي التنوع والاختلاف في فنون الحضارات، وأن الفرق بين فن وآخر هو فرق الانتماء والتعبير عن حضارات مختلفة، فالفنون تتغير وتتوافق وتنسجم مع حضارتها،  فالفن الإسلامي في مصر أو الهند أو العراق هو في النهاية "فن إسلامي" حتى وإن کان الفنان الذي أبدع أعماله في بعض الأحيان غير مسلم، لأنه يعبر عن ذاته إضافة إلى تعبيره عن بيئته، لأنه يعبر عن الأصيل والثابت والهام في الحضارة التي ينتمي إليها، بصرف النظر عن انتمائه العرقي أو الديني أو الجنسي، ومن هنا يحدث التوافق والانسجام مع تلک الحضارة.

والفنون التي ظهرت قبل الإسلام في الجزيرة العربية، تمرکزت في الجزء الجنوبي منها والتي کانت مرتبطة ارتباطا وثيقاً بالديانة الوثنية، والآثار الفنية الواقعة على الحدود السورية وبلاد اليمن فإنها ترجع إلى العصر الاغريقى والروماني. ونجد أن الفن الإسلامي نشأ وازدهر في البلاد التي اتخذ أهلها الإسلام ديناً، أو غالبية سکان هذه الدولة على الأقل، ورغبة في أن يکون للإسلام مکانته وللدولة الإسلامية منزلتها، بدأ العرب يقتبسوا من هذه الحضارات ويبتکروا فناً جديداً أصطبغ بالصبغة الإسلامية والعربية، وبذلک أصبح لهم فناً مميزاً له شخصيته وذاتيته المستنبطة[2] التي تأتى من جوهر العقيدة الإسلامية.

فالفن الإسلامي اشتق اسمه من الإسلام، والذي ولد بظهور الإسلام، ولم ينضج إلا بعد مرور حوالي قرنين من الفتوحات الإسلامية لبلاد کان بها حضارات فنية محلية مزدهرة، "وعندما تمت الفتوح الإسلامية وشملت فارس والعراق والشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس، وکانت لکل دولة من هذه الدول حضارات فنية سابقة، أبرزها الحضارات الفارسية التي کانت تشمل إيران والعراق، والحضارات الفنية البيزنطية التي کانت تشمل الشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس."[3]

لذلک أصبحت الفنون في العالم العربي وغيره من الدول التي دخلت في الإسلام, وأصبحت جزء من الإمبراطورية الإسلامية، تأخذ اتجاها سمى بالفن الإسلامي طوال هذه القرون، ويجب علينا أن نوضح أن هناک خلطا کاملا بين مصطلحي الفنون العربية والفنون الإسلامية، وقد جرت العادة منذ الفتح الاسلامى للدول العربية على تسمية فنون هذه الدول بالفنون الإسلامية، ولم تکن هذه الدول بالطبع توصف بالعربية قبل الفتح الإسلامي، وکانت لکل دولة منها حضارتها، ووصف العربية نفسه آت من الجزيرة العربية مهد الإسلام، ولقد دخل الإسلام دولا ليست عربية على الإطلاق کإيران وترکيا والهند وغيرها، ولکل من هذه الدول فنونها وحضارتها المتميزة، ومن هنا اختلطت التسميات: الإسلامية والعربية، ولکن الغالب عليها هو وصف الإسلامية وذلک حتى خضوع هذه الدول للاستعمار الأوربي، وتفکک الإمبراطورية العثمانية التي کانت تحکمها، ونشوء فکرة القومية العربية وتطورها، حينذاک فقط بدأت صفة الإسلامي تنفصل عن صفة العربي."[4]

اختلفت أراء العلماء والمستشرقين حول تسمية الفنون التي ظهرت في الإمبراطورية الإسلامية، فمنهم من يرى بأنه "الفن العربي" لارتباطه بلغة من أبدعوه وهى اللغة العربية، وهذا إن دل فإنما يدل على الفنون التي ظهرت وانتشرت وما زالت قائمة في البلاد العربية منذ ظهور الإسلام بها، "والحق أن تحديد هوية الفن الذي ظهر على الأرض العربية مازال محاطاً بجدل، ويرجع ذلک إلى الاعتقاد من أن هذا الفن ارتبط بمفاهيم الإسلام وبأغراضه، وأنه مدين لدولة الإسلام التي انتشرت على أرض غير عربية، أکثر من أن يکون مدينا لتراث عربي أصيل ، أن هذا الرأي الذي تراجع مؤخراً ، صدر على لسان کثير ممن کتبوا في فلسفة الفن... أو من کتبوا في تاريخ الفن ... الذين رأوا أيضا أن هذا الفن ورث مظاهر الفنون والعمارة التي کانت سائدة في بلاد الشام وهى الساسانية والبيزنطية"[5]، أي أن هذه الفنون أخذت أو اختارت من فنون الحضارات السابقة لها العديد من العناصر، ثم أعطيت هذه العناصر طابعا خاصا، أعطاها وجها جديدا لا يمکن به التعرف على أصولها، وبعد مرور مائة عام من عمر الحضارة الإسلامية، ترسخت فلسفة الحضارة العربية  في أعمال لم يعد بالإمکان نسبتها للفنون القديمة، وعلى مر القرون کان يبتعد أکثر فأکثر عن المؤثرات التي أحاطت بمولده وتتعمق أکثر فلسفته المرتبطة بالفکر والحضارة الإسلامية من خلال أنماط وأساليب فنية جاءت من خلال هذا الفن لم تکن معروفة من قبل، "وهى استحداث إسلامي عائد بالطبع إلى الفکر والمنهج الذي جاء به ودعا إليه الإسلام، والذي لم يخص به العرب بل کان عاماً وشاملاً لکل الناس أينما وجدوا وحيثما کانوا."[6]

لذلک يمکن القول بأن "أفضل الأسماء هو الفنون الإسلامية أو الفن الإسلامي، لأن الفن الإسلامي کان حلقة الاتصال بينها، ولأنه جمع شتاتها وألف منها وحدة لها ذاتيتها على الرغم من تباين أصولها، ولأن هذه الفنون ازدهرت في ظل الإسلام ولرعاية الدولة الإسلامية سواء أکان الفنانون أنفسهم من المسلمين أو من أهل الذمة، وسواء أکانت العمائر والتحف للمسلمين أو للمسيحيين"[7].

 ثانيا: نشأة الفن الإسلامي:

بدأ اهتمام العرب المسلمين بالفنون التشکيلية بعد انتقال الخلافة الإسلامية إلى خارج شبه الجزيرة العربية، وذلک في عهد خلفاء بني أمية الذين تقلدوا الحکم بعد الخلفاء الراشدين ، واستمر اهتمام الحکام المسلمين بعد ذلک بفنون تلک البلاد التي کانت من أکبر المراکز الحضارية، والتي ازدهرت فنونها قبل العصر الإسلامي ومنها تکونت إمبراطوريتهم الواسعة، وأصبح لکل إقليم من الأقاليم التي خضعت للإسلام طراز وأساليب فنية محلية، ولقد ظلت الصناعات والحرف في أيدي صناع البلاد التي فتحها العرب، وتطورت الأساليب الفنية لکل دولة طبقاً للقواعد التي فرضتها الأحداث الاجتماعية، کما أضاف الفنان المسلم إليها بعض الأساليب الجديدة التي تلاءمت مع الدين الجديد، ولقد نسبت هذه الأساليب الإسلامية الجديدة إلى مدارس فنية نمت ازدهرت بتشجيع من الأسر الحاکمة، التي تمکنت من فرض سلطانها على الإمبراطورية الإسلامية أو على أجزاء منها، بدأت بعصر خلافة بني أمية، ثم العصر العباسي، وکذلک تکونت خلافات إسلامية مستقلة في کل من الأندلس ومصر وإيران وترکيا.

وفن النحت عرفه العرب منذ أقدم العصور، ونحت بعضهم بيوتهم من الصخور الکبيرة أو الجبال، ونحتوا أيضاً بعض الأشکال الآدمية والحيوانية لأغراض تتعلق باستخداماتهم في الحياة اليومية، أو لأغراض عقائدية قبل الإسلام، وکذلک نقشوا على الصخور بعض الصور والرموز والحروف، وهناک العديد من الأمثلة لمنحوتاتهم القديمة موجودة في مختلف متاحف العالم.

وهناک نقاش جدلي متجدد على مر العصور حول منع أو إباحة فن النحت، "فالمنع في الإسلام، إنما هو في الحقيقة دعوة إلى تثبيت التقاليد المتبعة، وهذا معنى قول الرسول لا تدخل الملائکة بيتا فيه تصاوير أو کلاب، أي أن الروح العربية تعاف تلک الطرز والأشکال الغربية التي کانت تستورد على شکل تماثيل أو صور مطبوعة على أقمشة وستور، مما يفعله التجار القادمون من بلاد الشام أو من بلاد اليمن"[8]، وتلک البلاد کانت وثنية تتعدد فيها الآلهة، وکان يجلب من هذه البلاد العديد من التماثيل الحجرية أو البرونزية والتي تمثل منحوتات رومانية أو بيزنطية غربية في قوامها الفني عن المألوف لدى العرب، وهنا يأتي المنع لأن هذه المنحوتات کانت وفق المفاهيم الوثنية وبأساليب مخالفة للمفاهيم الروحية لدى العرب ومعتقد التوحيد.

ولقد شاع رسم وتصوير الکائنات الحية في المنطقة العربية قبل الإسلام، ولکنه لم يهتم الفنان العربي قط بالمحاکاة الحرفية لهذه الکائنات، کما نرى في الفن الإغريقي والفنون التي سارت على هديه، وإنما من خلال رؤيته الذاتية والتعبير عنها وفق مفاهيمه ومعتقداته، وبالرغم من أن القرآن الکريم لم يرد فيه نص صريح يمنع ممارسة تصوير الکائنات الحية إلا أن البعض يجدون أن رسم الکائنات غير جائز.

ولقد جاء في القرآن الکريم في سورة (المائدة:90) "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ " صدق الله العظيم، وهذه الآية الکريمة تعني أن الدين يحرم اتخاذ التماثيل والصور أنصابًا تعبد من دون الله، والحقيقة أن الکثير من المفسرين استقروا على أن الإسلام ليس ضد الصورة ولکنه ضد الوثن ويقول الشيخ محمد عبده في هذا الصدد: وبالجملة يغلب على ظني أن الشريعة الإسلامية أبعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم بعد التحقق أنه لا خطر منه على الدين ولا من جهة العقيدة ولا من جهة العمل.

ومن هنا نجد أن العقيدة الإسلامية لم تحرم عمل الصور إذا کان الغرض منها الزينة المباحة أو إقرار حقيقة علمية أو شرعية، ويؤکد ذلک ما ترکه المسلمون منذ فجر الإسلام إلى الآن من آثار تزخر برسوم الکائنات الحية التي بعدت عن المحاکاة بعدًا واضحًا.

ولقد استمر الإسلام محافظاً على التقاليد الروحية للفن العربي، حتى في بلاد فارس والتي کانت متأثرة بالفن الاغريقى حيث الخصائص الروحية في فنها التشبيهى الذي ظهر في المنمنمات، ويعد هذا دليلاً قاطعاً على أن الإسلام لم يمنع التصوير، وإنما رفض مظاهر التصوير الغربية والتي قد تتنافى مع الروح العربية، "وفى مجال الفن، ترک العرب آثارا خالدة تحمل شخصية واحدة على اختلاف الأقطار العربية والإسلامية، وهى غزيرة وافرة، والفن الإسلامي فن مجرد بعيد عن الصورة التي کرهها العرب خشية مضاهاة الله في مقدرته على الخلق أو خشية الانزلاق إلى الوثنية، ولم يحرم القرآن الرسم أو النحت ولکن الحديث الشريف هو الذي تضمن تعذيب المصورين يوم القيامة"[9].

 

ثالثًا: مصادر فن النحت الإسلامي:

دولة بني أمية التي نقلت عاصمة الخلافة إلى دمشق، قدمت أهم الإنجازات الحضارية في تاريخ الإسلام، "ففي ظل الحکم الأموي (661: 750م) دمج الإرث الهلنيستى والبيزنطي بطريقة أعادت صياغة تراث حوض البحر المتوسط الکلاسيکي في قالب جديد ومبتکر، بهذا تم تکوين الفن الإسلامي في بلاد الشام، وعندما قامت الخلافة العباسية (750 : 1258م) بعد الأموية انتقل مرکز الإسلام السياسي من حوض البحر المتوسط إلى بغداد في بلاد الرافدين، ومما لا شک فيه أن هذا الانتقال أثر بشکل کبير على کل المکونات الثقافية للحضارة الإسلامية، حيث تأثر الفن بثلاث تقاليد فنية رئيسية الساسانية، والسلجوقية، ووسط آسيا."[10]

ويعد الفن البيزنطي والساسانى من أهم الفنون التي اعتمدت عليها الفنون الإسلامية بشکل عام، وهذا يعد من سمات التطور الحضاري في کل العصور، فکل حضارة جديدة تقوم على أطلال ما سبقتها، أو تستفيد من المقومات الفنية والحضارية السابقة لها، لذلک استفاد فن النحت من الفن الساسانى والبيزنطي والتي سيأتي تبيان أهم هذه التأثيرات والروافد التي أعطت فن النحت الإسلامي أهم صفاته ومميزاته وخاصة في فترات التکوين الأولى فيما يلى:

  1. فن النحت الساسانى : لم يعتن الساسانيون بفن النحت المجسم، ولجأ الفنان الساسانى في حالات قليلة إلى عملية تشکيل متوسطة بين النحت البارز والنحت المجسم، وذلک عن طريق تشکيل نحت بارز عن سطح الجدار، وکان الفنان الساسانى يهتم بتسجيل الأحداث التاريخية الهامة مثل مثول الملوک أمام الآلهة أو الانتصارات التي حققوها، وأحياناً يتم تسجيل رحلات الصيد الخاصة بالملوک.
  2. فن النحت البيزنطي: نجد أن فن النحت المجسم لم يکن له وجود في العمائر الدينية المسيحية (الکنائس) في العصر البيزنطي، وهذا يعود إلى سيطرة السلطة الدينية في القسطنطينية والتي حرمت استعمال التماثيل وإحلال الصور محلها في الکنائس، وأصبح فن النحت مقصوراً على تشکيلات نحتية بارزة عن الأسطح الحجرية، وتشتمل عناصرها على أشخاص وحيوانات وطيور ونباتات حية ورموز مسيحية.
  3. الفن القبطي: يعتبر الفن القبطي هو همزة الوصل بين الفن الاسلامى في مصر والفنون المصرية القديمة السابقة عن الإسلام، واستمد الفن القبطي عناصره من الفن الفرعوني واليوناني والروماني ثم الفن البيزنطي والساسانى الذي عرفته مصر عندما خضعت للفرس فتره من الزمن، وبدأت تتضح شخصية الفن القبطي في القرن الخامس الميلادي عندما انفصلت الکنيسة القبطية عن الکنيسة البيزنطية لاختلاف المذهب، واستقل الفن القبطي أيضا عن الفن البيزنطي وابتعد عن کل ما هو روماني، وانتشر فن النحت على الخشب والحجر في الفن القبطي.

رابعاً: مظاهر فن النحت في العصر الإسلامي:

ارتبط فن النحت بفن العمارة وکذلک بالفنون الزخرفية فلا وجود لفن النحت منفرداً حيث تواجد في فن الحفر الغائر والبارز على المعادن وبعض المواد الصلبة مثل الخشب والعاج والعظم والأحجار والرخام والبلور الصخري.

وترجع کراهية تمثيل الکائنات الحية في الفن الإسلامي کرغبة في البعد عن المظاهر الوثنية، فقد جاء الدين الإسلامي ليقضى على الوثنية ممثلة في عبادة الأشخاص والأوثان، على أن هذه الکراهية أخذت تتلاشى بالتدريج مع زيادة الوعي بحقائق العقيدة الإسلامية، وظهرت الرسوم الآدمية والحيوانية على کثير من الأعمال الفنية التي لها قيمة وظيفية کالتحف المختلفة، وفى الرسوم الجدارية، إلا أن هذه الرسوم المرتبطة بالکائنات الحية قد ابتعدت تماما فيما يتعلق بزخرفة المصاحف والمساجد، وبشکل عام وفى بدايات انتشار الإسلام، کان لنهى الدين الإسلامي عن إقامة التماثيل ورسوم الکائنات الحية، أثرها في قلة إقامة التماثيل وصورة الحيوان والإنسان.

ونجد أن  مشکلة فن النحت تفوق تعقيداً مشکلة التصوير، ذلک لأن النحت کان أقرب إلى صناعة الأصنام في الجاهلية، ولذلک نجده کان من الأعمال التي تدخل في نطاق التحريم، ومع ذلک فان الخلفاء الأمويين الأوائل حفلت قصورهم بالتماثيل، وبخاصة قصر الحير الغربي في بادية الشام ، وقصر خربة المفجر قرب أريحا في الأردن، وکلاهما بناهما هشام بن عبد الملک، "ولقد أثار وجود تماثيل الآدميين الموجودة في حنايا الجدران وفى بوابة الحمام (قصر المفجر) تساؤلاً بين العلماء في شرعية هذا العمل الذي تم في أوائل العصر الإسلامي، وکيف سمح الحکام الأمويون السنيون بمثل هذا العمل، لکن الظاهر أن تحريم التماثيل اقتصر فقط على أماکن العبادة وشواهد القبور حتى لا تذکر المسلمين بأصنام الکعبة، وبذلک لم يشمل المنع البيوت السکنية."[11]

لذلک نجد أنه بالرغم من الموقف الديني المناوئ لفن النحت لم يقض عليه قضاء تاماً، ولقد کشفت الآثار عن تماثيل ترجع إلى العصر الأموي، أي أواخر القرن الأول الهجري ومطلع القرن الثاني، ففي واجهة قصير عمرة (شرق الأردن) نجد عدد من التماثيل من بينها تمثال للخليفة حفظ لنا معظمه، وفى داخل القصر تمثال للخليفة يرکب الحصان.[12]

ويعتبر "قصر المشتى" في البلقاء، من أهم الآثار الإسلامية في بلاد الشام ، حيث يمثل الشخصية الفنية في بلاد الشام، وبخاصة في الزخارف المؤلفة من أشکال الحيوان والطيور، والأشکال الآدمية التي تم صياغتها وسط تفريعات من أغصان الکرمة.[13]

وفى أيام العباسيين بدأ الناس يتقبلون وجود التماثيل لابتعادهم عن عصر عبادة الأوثان، إذ لا خشية من العودة إلى تقديسها، أو عبادتها مرة أخرى فأقام المنصور فوق قبة قصره ببغداد تمثال يمثل فارس بيده رمح، وکذلک أنشأ الأمين حرَاقات على نهر دجلة في أشکال الأسود والنسور والحيتان، وجعل المقتدر في قصره تماثيل فرسان وطيور، متأثرة بالفن الساسانى أو البيزنطي[14]، وکذلک نجد العديد من أعمال النحت التي تمثل العناصر الحية تعود إلى أيام الفاطميين والأيوبيين، وفى الأندلس ظهرت التماثيل في القصور، ومن أهمها أسود قصر الحمراء، وتماثيل الزهراء.

أما فيما يتعلق بالمفردات الفنية التي استعارها الفنان النحات في العصر الإسلامي فنجده قد "ورث رسوم الکائنات الحية وخاصة الحيوانية من الفنون التي سبقته، وخاصة الفن الساسانى التي تتسم بالقوة والحيوية، وکانت تشبهها کذلک في إتباع التماثل والتوازن والتقابل في رسم الحيوانات والطيور متواجهة أو متدابرة أو بينهما شجرة الحياة، وفى رسمها متتابعة في أشرطة زخرفية"[15]، کما اقتبسوا عن فنون الشرق الأقصى رسوم حيوانات خرافية ومرکبة، وقد لاقت ترحيبا کبيرا لأنها تتفق مع اتجاهات ومميزات الفن الإسلامي من حيث البعد عن الطبيعة والتجريد، على أن المسلمين حين اتخذوا تلک الحيوانات الخرافية عن الصين لم يحتفظوا بمعانيها الرمزية، بل أصبحت عندهم رسوما زخرفية"[16]، ومن الحيوانات المرکبة أيضا رسم الفرس الذى له وجه آدمى، کما رسموا الطيور الصغيرة ذات الوجه الآدمي، وکذلک رسموا الأفاعي والحيوانات المجنحة.

 وقبل أن نستعرض أهم مظاهر فن النحت في العصر الإسلامي، لابد من الإشارة إلى تأثر هذه الأعمال بالثقافات السائدة في المناطق التي فتحها الإسلام مثل الثقافة الهلنستية البيزنطية التي کانت سائدة في بلاد الشام، ولکن جاءت هذه الأعمال الفنية متسقة مع الفکر والمعتقد والثقافة الإسلامية القادمة إليهم من الجزيرة العربية، فقد رسم الفنان المسلم کل شئ فيه الروح من إنسان وحيوان، وکذلک الموجودات الأخرى في الطبيعة، ولکن بطريقته هو والتي تبتعد عن تقليد الواقع، وتصور انطباعاته وشعوره نحو هذا الشئ، "فالعناصر الآدمية والحيوانية کانت أقل قرباً من الطبيعة من العناصر النباتية فقد کانت ترسم بأسلوب يتميز بالجمود والضعف والرمزية الذي يظهر واضحاً في رسم اليدين وفى طيات الملابس، أما من حيث الموضوع الزخرفى فقد امتاز بعدم التماثل، وبالقرب من الطبيعة إلى حد کبير، وکانت ترسم بأسلوب تجريدي تعبيري بحت، ذلک أن الفنان کان يخض في رسومه الآدمية لتقاليد دينية لا يستطيع الفکاک منها "[17]، وفيما يلى سيتم التعرف على مراحل فن نحت العناصر الحية :

1-  مرحلة التعايش:

فحيث أتت أعمال النحت البارز والمجسم محملة بتأثيرات وتقاليد فنية شائعة وموروثة في المنطقة التي ظهر فيها، وبخاصة في بلاد الشام، وکانت هذه التقاليد ذات أصول فارسية وبيزنطية، ومما لا شک فيه أن من قام بتنفيذ هذه الأعمال النحتية هم من السکان المحليين لهذه البلاد، والذي أسلم أو بقى على نصرانيته.

2-  مرحلة البعد عن التقاليد المحلية السائدة:

وهنا حدث ابتکار لصياغات فنية مجردة، جاءت کنتيجة للمنع الأيديولوجي والمتمثل في رفض الصيغ التي ترتبط في دلالتها وشکلها وجمالياتها بالقيم الغريبة عن المفهوم العربي، والمرفوضة من الإسلام لأنها تحمل مفاهيم وثنية وصيغت فنياً بأساليب واقعية غريبة على الذوق العربي، لذلک انصرف الفنان الاسلامى شيئا فشيئاً عن الارتباط بالأفکار الوثنية التي تجعل الإله في صورة بشر. 

أهم مظاهر فن نحت العناصر الحية:

1-النحت البارز والغائر على الحجر والجص:

شاع استخدام الحجر والجص فى أعمال النحت الاسلامى منذ بداياته، ومن النماذج النحتية التي وصلت إلينا من العصر الأموي جزء سفلي من تمثال، شکل (1) وهو عبارة عن نحت بارز، على الأغلب يمثل الخليفة الأموي هشام بن عبد الملک، يرتدي زياً مستوحى من الزى الملکي الفارسي، ويظهر جالساً على العرش، وهو مصنوع من الحجر الجيرى ومحفوظ حالياً في المتحف الوطني بدمشق بسوريا، وشکل (2) يبين لوحة تزينيه رخامية من الفترة الأموية، (مرحلة الخلافة القرن4الهجري/القرن10الميلادي)، يبرزُ أحد جوانب هذه الشاهدة نسرا ملکيا بجناحيه المبسوطين، بينما يمثل الآخر حيوانا من فصيلة الأيائل، وهو موضوع زخرفي مشترک مع قطع أخرى من العاج أو من المعدن ترجع إلى نفس الفترة، ومن الممکن أن تکون هذه الشاهدة قد صنعت في ورشة بقرطبة، وهذه اللوحة محفوظة حالياً في المتحف البلدي للآثار في سيلفش, بالبرتغال.

ولقد ظهر في العهد الفاطمي العديد من المنحوتات المنفذة من الحجر والجص، والتي استخدم في زخرفتها العناصر النباتية والحيوانية "المحورة على أعلى مستوى من الإبداع والحس الفني الرفيع تصميماً وتنفيذاً، مع عدم الالتزام بالحجوم والنسب والعلاقات التشکيلية، حتى تخرج بها عن إطار الحقيقة التي يراد التخلص منها بصورة أو بأخرى، لذلک فقد تميزت بقوة التعبير عن الذات وعدم التقيد بتفاصيلها العضوية وبأنماطها المألوفة"[18]، "وعندما استخدم الفنان الفاطمى الأسلوب المحور السالف الإشارة إليه مع عناصر آدمية وحيوانية المأخوذة عن الفن القبطي کان عليه أن يطور أسلوبه التطبيقي فحفر الزخارف المحورة بطريقة الشطف (الحفر المائل)، وحفر الزخارف الآدمية والحيوانية عميقا وبارزا ثم حفر الخلفية التي تقع عليها الزخارف الآدمية والحيوانية أقل بروزاً."[19]

کان فن النحت قبل فتح السلاجقة الأتراک لبلاد العراق وسوريا وآسيا الصغرى في عهد العباسيين قاصراً على الزخارف المجردة، ولکن مع وجود السلاجقة شاع "نحت الأشکال الآدمية والحيوانية على المباني والقناطر وأبواب المدن الکبيرة مثل ديار بکر(آمد) وبغداد في العراق ، وقونية في آسيا الصغرى"[20].

وفي العهد السلجوقي کثر استخدام الرسوم الآدمية المنحوتة لخدمة الأغراض الزخرفية، ولا سيما في آسيا الصغرى، ولقد استخدم الجص على نطاق واسع في تزيين القصور ومنازل الأشراف والعظماء، بزخارف متقنة وموضوعات تعبر عن مناظر الصيد وحفلات البلاط وکذلک صور الأمراء على عروشهم ومن حولهم الموسيقيون والأصدقاء وأفراد الحاشية، وشکل (3) عبارة عن نقش بارز لعازف عود من الرخام، من أوائل القرن السابع/أوائل القرن الثالث عشر, سلاجقة الروم، والموسيقيُّ في هذه اللوحة الرخامية البارزة يعزف عوداً، ربما کانت اللوحة واحدة من مجموعة لوحات بارزة مشابهة، مُزيِّنة لأحد القصور بمشاهد من حياة البلاط، وفي الأناضول السلجوقية کثيراً ما کانت اللوحات البارزة تُجمع لزخرفة مبانٍ مختلفة، بما فيها أسوار المدن الشبيهة بأسوار قونية، وهذه اللوحة محفوظة حالياً في متحف الفن الإسلامي، برلين, ألمانيا.

ووجد في إيران منحوتات جصية سلجوقية، تزينها أشکال حيوانات وطيور مع وحدات من زخارف التوريق، کما يشاهد في إفريز بمتحف المتروبوليتان، والحشوة عبارة عن وحدة متکررة من زخرفة جصية کبيرة، وشکل (4) يبين قطعة من إفريز جص من إيران في العصر السلجوقي (القرن12/13م)  تتکون عناصرها من سباع متدابرة وطريقة حفرها بعيدة کل البعد عن الطبيعة، وذيول تلک السباع متصل بعضها ببعض وتنتهي بزخرفة نباتية سلجوقية الأسلوب.

2-النحت (الحفر) البارز والغائر على الخشب:

ظهرت موضوعات تصويرية محفورة على عدة مستويات على الخشب، مثلت الحياة الاجتماعية في مصر في العصر الفاطمي، ومن أفضل هذه الأمثلة الوزرات الخشبية التي عثر عليها في بمارستان قلاوون، وکانت مستعملة على الجانب الآخر، وتوزعت على معظم متاحف العالم، وهنا يجب الإشارة إلى أن هذه الموضوعات التي حفرت على اللوحات الخشبية الفاطمية کانت إحياء للفن القبطي فى مصر.

ولقد بدأت الرسوم الآدمية والحيوانية تظهر مع أسلوب سامراء کما في شکل (5) وهى لوحة خشبية محفورة من خشب الصنوبر، ومحفور عليه طائر بشکل تجريدي محور، من أواخر القرن التاسع وبدايات القرن العاشر الميلادي، أبعاده: (73×32سم) ، محفوظ حالياً في متحف اللوفر.

وکذلک شکل (6) يمثل حشوه خشبية من القرن (5ﻫ/11م), من العصر الفاطمي، وهى عبارة عن لوح خشبى محفور حفراً بارزاً مع زخارف محزوزة في بعض التفاصيل، وُفِّق الفنان في العصر الفاطمي في الجمع بين العناصر المختلفة حيوانية ونباتية، وکوَّن بينها تجانساً لطيفاً،کما وُفِّق في حفر زخارفه على مستويين: أحدهما غير عميق، والآخر غائر عميق، وهذه الحشوة تماثل حشوة أخرى محفوظة في متحف "المتروبوليتان"، وهذ اللوحة محفوظة حالياً في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة, مصر، ونرى کذلک فى شکل (7) لوحة خشبية محفورة القرن (3ﻫ/9م), من العصر الطولوني في مصر، وهى عبارة عن لوح خشبى مزخرف بالحفر المائل تمثل أسلوب الحفر على الأخشاب، المتأثر بالطراز الزخرفي الذي ابتکره المسلمون في العراق، ثم جاء إلى مصر مع أحمد بن طولون، ويقصد به "طراز سامراء الثالث"، محفوظ حالياً في متحف الفن الإسلامي، القاهرة, مصر. وشکل (8) لوح خشب من القرن (5ﻫ/11م), من العصر الفاطمي، وهو عبارة عن خشب مزخرف بالحفر الغائر، تمثل هذه القطعة أسلوب الحفر على الأخشاب الفاطمية، والذي تأثر بالأساليب الفنية العباسية، التي ازدهرت بسامراء، ثم انتشرت في العالم الإسلامي، وتقوم زخارفه على منظر صيد، ورسوم حيوانية، على خلفية من الزخارف النباتية، محفوظ حالياً في متحف الفن الإسلامي، القاهرة, مصر.

وکثيرا ما تم تصوير رياضة الصيد التي لها تقدير في الفن الإسلامي، کما نرى في شکل (9) لإفريز من الخشب منحوت عليه حيوانات ترکض وبعض العناصر النباتية من القرن الثامن أو التاسع الميلادي من الفترة الطولونية بمصر، أبعاده (20,2×68,5×3,5سم) وموضوع اللوحة لکلب يطارد أرنبا بريا، والذي تم العثور عليه في مدينة سامراء في العراق، وأنها لا تزال تستخدم في مصر في العصر الفاطمي (969-1167م)، وهذه التقنية انتقلت من الفن القبطي للفن الإسلامى، محفوظة حالياً في متحف اللوفر.

ولقد بقيت الرسوم الحيوانية والموضوعات الآدمية التي شاعت في الحفر على الخشب في العصر الفاطمي مستمرة خلال القرن الحادي عشر، ومن أهم الأمثلة على ذلک، مجموعة من الألواح الخشبية والأبواب المحفورة حفراً حافلاً بالزخرفة، عثر عليها في مارستان وقبة قلاوون وابنه الناصر محمد کما يظهر في شکل (10)، وفى العصر المملوکي أعيد استخدام هذه الأفاريز في تزيين مستشفى قلاوون، ويظهر في هذه الحشوات موضوعات آدمية، تمثل مناظر صيد ومجالس طرب وموسيقيين ورقص وتجار وجمال وحيوانات وطيور، کل هذه العناصر تتواجد داخل مناطق تفصلها زخارف نباتية متشابکة من تفريعات مزهرة محفورة حفراً بسيطاً، والعناصر الآدمية تمثل الخلفية أو الأرضية لهذه العناصر التي تحمل قيم تعبيرية وحرکية، ومما لا شک فيه أن هذه المشاهد التعبيرية تعطينا فکرة عن حياة الناس وعاداتهم في العصر الفاطمي، والحفر في تلک المجموعة أقرب إلى الطبيعة وأکثر إتقاناً من مثيله في أوائل العصر الفاطمي، وهو أقرب للواقعية ويحتمل أن يکون هذا بتأثير الفنانين المصرين الأقباط، کما هو واضح في استخدام الرسوم الآدمية والحيوانية، ويوجد بمتحف المتروبوليتان عدة حشوات يمکن إرجاعها إلى النصف الثاني من القرن الحادي عشر وقد حفرت عليها رسوم حيوانية.

 

 

 

 

 

شکل (1) القسم السفلي من تمثال

 

شکل (2) لوحة تزينيه

 

 

 

شکل (3) نقش بارز لعازف عود

 

شکل (4) قطعة من إفريز جص من إيران

 

 

 

 

شکل (5) لوحة خشبية محفورة

 

شکل (6) حشوة خشبية .

 

أما الزخارف الحيوانية التي شاعت في القرن الحادي عشر في الحفر على الخشب، فإنها استمرت متبعة کذلک في القرن الثاني عشر، إلا أنها کانت أقل جودة في صناعتها، إذ بدت الحيوانات والطيور مسطحة کالظلال مع قليل جداً من التفاصيل، ووصل بروز النحت في العناصر الآدمية درجة تقرب من أن تکون نحتاً تام التجسيم أحياناً، وشاع کذلک تلوين المنحوتات والزخارف الجصية المحفورة فى العصر السلجوقي.

بعد أن أتم السلاجقة فتح العراق وإيران وأجزاء من سوريا استقر جزء منهم في آسيا الصغرى وهنا بدأ الاهتمام بمدينة قونية والتي اتخذوها عاصمة لهم، وکان فن النحت له أهمية کبيرة في تزيين العمائر السلجوقية سواء الدينية أو المدنية، وانتقل أسلوب النحت السلجوقي إلى جميع أجزاء العراق وسوريا وآسيا الصغرى ومن الآثار المعمارية الهامة في الموصل والتي ترجع إلى عصر السلطان بدر الدين لؤلؤ (قره سراى) Kara Saray  أي القصر الأسود، وبه بعض الحشوات المنحوتة، حيث نجد إفريز مزخرف فيه أشکال الطيور تتداخل مع الزخارف النباتية تداخلاً تاماً بحيث تصبح جزءاً مکملاً لها، ونلاحظ کذلک أن أرضية أحد الأشرطة الکتابية مغطاة بتفريعات نباتية تنتهي برءوس حيوانات مفترسة يرجع أصلها في أغلب الظن إلى أواسط آسيا[21].

ومن المنحوتات البارز السلجوقية لوحة محفوظة بمتحف المتروبوليتان "تمثل فارساً على ظهر جواده، يرتدى ثوباً محکما ملتصقاً بجسده، وحوله حزام تتدلى منه جعبة سهام الصيد، وحفر قوس العقد حفراً غائراً وزين بتفريعات من الزخارف النباتية على شکل دوائر متداخلة تضم مراوح تخيلية من ثلاث فصوص، ومن الواضح أن کثيراً من اللوحات المنحوتة، ذات الموضوعات الآدمية والحيوانية، وثيقة الصلة بالفن السلجوقي في القرنين الثاني عشر والثالث عشر."[22]

 

شکل (7) لوحة خشبية محفورة لطائران متقابلان

 

شکل (8) لوح خشب عليه عناصر آدمية محفورة

 

شکل (9)إفريز منحوت عليه حيوانات ترکض

 

شکل (10) قطعة من الخشب المحفور عليها زخارف من رسوم حيوانية

3 -الحفر على العاج والعظم :

معظم التحف العاجية التي عثر عليها ترجع إلى الأندلس في العصر الأموي، ومؤرخ عليها کتابات تبين اسم صاحبها ونادراً يوجد اسم صانعها، "والتي يرجع معظمها إلى القرن الرابع وبداية القرن الخامس للهجرة ومما يزيد في أهميتها أن معظمها مؤرخ وعليه کتابات تحمل اسم الأمير أو الشخصية التي صنعت له وهى تتبع في جملتها الطراز الأموي في المشرق من حيث الزخارف ومن حيث الأسلوب التطبيقي وأن کان يکثر بها الرسوم الآدمية والحيوانية المحصورة داخل جامات وتشوبها مسحة مسيحية وبيزنطية واضحة"[23]، والتي کانت سائدة قبل الفتح الإسلامي والتي تمثل القصص الديني المسيحي.

وقد شاع إلى حد بعيد صناعة الصناديق العاجية الأسطوانية والمربعة في عهد الدولة الأموية في الأندلس، ويحمل الکثير من هذه الصناديق تاريخ صناعتها، وأٍسماء الأمراء أو کبار أصحاب المناصب التي عملت لهم، وفى المتحف الأهلي بمدريد، صندوق هام من القرن العاشر کان أصلاً في کاتدرائية سمورة Zamoro ، وتاريخه سنة (353ﻫ-964م)، وقد نقش عليه اسم الخليفة الحکم الثاني، وتضم المجموعة الفنية الأسبانية صندوقين مستطيلين، تاريخهما سنة 355 ﻫ-966م، وهما من صناعة مدينة الزهراء الواقعة على مقربة من قرطبة، وتتکون الزخرفة الرئيسية التي تحلى هذه الصناديق من تفريعات نخيلية، ضمت إليها في بعض الأحيان رسوم طيور وحيوانات."[24]

 و نجد فى شکل (11) علبة من العاج من القرن ( 4-5/11-12 م) العهد الفاطمي، وکانت العلب ذات الزخارف المحفورة والتى تأتى من إيطاليا الجنوبية، واسعة الانتشار في القصور الملکية، ولدى عائلات النبلاء، والمشاهد التي تغطّي هذه العلبة تبرز عدداً من الطيور والحيوانات (الأرانب، والأيائل، والأسود، والزرافات) ومخلوقات أسطورية تتصارع فيما بينها، أو يتمُّ قنصها، مع مقاتلين مُجهَّزين بترسين، مکان الحفظ الحالي متحف الفن الإسلامي، برلين, ألمانيا. وکذلک شکل (12) لعلبة مجوهرات من العاج المحفور من القرن ( 11/12م) ، العصر النورمندى ( القرن 11-13 الميلادي) ، في الأرجح تنسب هذه العلبة إلى الجنوب الإيطالي، الأبعاد : (38,1×20,3سم)، والعلبة عبارة عن نحت بارز منفذ على العاج، ويمثل زخارف نباتية دائرية تلتف حول مفردات من العناصر الحية المختلفة ما بين آدمية وحيوانية وخرافية، محفوظة حالياً في متحف المتروبوليتان.

ولقد ازدهرت صناعة العاج في العصر الفاطمي (القرن 10-12م) وتمثلت في العديد من الحشوات الکاملة وعليها عناصر زخرفية معظمها رسوم آدمية تشبه في أسلوبها الفني التحف الخشبية في هذا العصر، وقد عثر بالفسطاط على عدة لوحات من العاج مزينة بموضوعات آدمية، ويذکرنا أسلوب الحفر المتبع في صناعتها، بما هو موجود في الوزرات الخشبية التي عثر عليها في القصر الفاطمي الغربي التي کانت تحتوى على رسوم طرب أو موسيقى أو صيد أو قنص وکثيراً ما کانت تصنع حشوات بأکملها من العاج لکي تجمع بعد ذلک مع الحشوات الخشبية، ويحتفظ متحف المتروبوليتان بقطعة من لوح من العظم عليها صورة صياد وغزال، على أرضية من التفريعات النباتية.

وينسب کذلک إلى العصر الفاطمي عدد من اللوحات العاجية التي کانت تمثل أجزاء من صناديق مطعمة والتي يحتفظ متحف بارجيللو Bargello بفلورانسا بست من هذه اللوحات، کما يضم متحف اللوفر اثنتين منها، ويتضح من خلال العناصر الحية التي تحلى هذه التحف أن أشکال الموسيقيين والراقصين والصيادين والعقبان المنثورة بين تفريعات العنب والتي حفرت جميعاً بعناية وإتقان حفراً مفرغاً به کثير من التفاصيل وخاصة في رسم الملابس، ويمکن نسبة هذه اللوحات إلى العصر الفاطمي، زمن الخليفة المستنصر بالله (1036–1094م)، وشکل (13،14) لوحتان من العاج المحفور عليهما عناصر حية وعناصر نباتية عبارة عن عازف على العود، وحيوان (أسد) ينقض على فريسته، من القرن الحادي عشر/الثاني عشر الميلادي، من  مصر، الأبعاد: (21,4×5,7سم) ، هذه اللوحة هي منحوتة من العاج مجزأة وذات تفاصيل دقيقة، وزخارفها الرئيسية تتمثل فى العناصر الحية على أرضية من الزخارف النباتية، وهى تشير إلى موضوعات ترفيهية من البلاط، ومحفوظة حالياً فى متحف اللوفر.

ومن أهم التحف العاجية التي ترجع إلى العصر الفاطمي أبواق الصيد التي تحتوى على زخارف بارزة وغائرة من رسوم حيوانات وطيور ومناظر صيد محصورة داخل دوائر أو فروع نباتية متداخلة، وکذلک مجموعة من العلب المستطيلة ذات الغطاء الهرمي تکون نوعاً من المنحوتات العاجية التي اختلف العلماء في نسبتها إلى الفن الفاطمي أو العراقي أو الأندلسي المغربي أو إلى فنون صقلية وجنوب إيطاليا، وشکل (15) بوق عاجي محفور من العصر الفاطمي - القرن (5-6/11-12م) ، هذا القرن العاجي المنحوت يعرف باسم البوق، والمزخرف في ثلاثة قطاعات بها لفائف کرمة وصفوف نجوم تغطي السطح کله، في النجوم تظهر أنواعد مختلفة من الحيوانات (أرانب برية، أسود، دواب على أربع، طيور وطاووس)، و محفوظ حالياً في السويد.

 وکذلک البوق العاجي المحفور الذى يظهر فى شکل (16) من القرن (4-5 ﻫ/11-12م) من العهد الفاطمي أو النورماندي، مثل هذه القرون العاجية المحفورة المُزيَّنة برسوم الحيوانات کانت، تستخدم لإحداث النبرة الصوتية العالية، وتُستخدم کذلک کأداة لإطلاق نداءات الصيد، أو إصدار الإشارة في حالة الهجوم، أو الخطر، وعُرفت هذه الأبواق في مصر الفاطمية، وما لبثت أن انتشرت عبر المناطق الجنوبية من إيطاليا، بعد سقوط الفاطميين، وهذا البوق محفوظ حالياً في متحف الفن الإسلامي، برلين, ألمانيا،  ويمکن استخلاص أهم سمات الحفر على العاج فيما يلي:

  • تأثر النحت على العاج بالرسوم البيزنطية والمسيحية التي کانت سائدة قبل الفتح الإسلامي.
  • امتزاج الفنين البيزنطي والساسانى ليظهر في أسلوب الأداء المتمثل في التقابل والتماثل التام.
  • الموضوعات المألوفة مناظر الصيد والطرب والشراب.
  • کثر استعمال العناصر الحيوانية والطيور في زخرفة العلب مثل الأسد والغزال والفهد والفيل والفرس والطاووس والعصافير في تکوينات محورة عن شکلها الطبيعي.
  • تشابه العناصر الحيوانية في أسلوبها الفني مع العناصر الموجودة في أشغال المعادن الإسلامية ذات الأسلوب الساسانى المتأخر.
  • تمتاز زخرفة هذه العلب بالحفر العميق للزخارف الموجودة في الأرضية، أما العناصر الآدمية والحيوانية فتحفر أکثر بروزاً، أي أن الحفر يکون على مستوين الأکثر ارتفاعاً للعناصر الحية والأقل بروزاً للأرضية ذات الزخارف النباتية، مما يؤکد على إظهار دور العناصر الحية في الموضوع الفني المنفذ.
  • عند إضافة بعض الأطر الهندسية حول الزخارف النباتية والعناصر الحية فهذه الأطر تکون في مستوى حفر ثالث أقلهم بروزاً.
  • من أهم الموضوعات الزخرفية التي زخرفت بها الحشوات العاجية الفاطمية جندي في يده رمح وترس، وفارس على صهوة جواده، وصياد آخر وفى يده رمح يطعن به أسد.
  • زخرفت الأبواق العاجية بنفس الموضوعات ذات العناصر الحية التي استخدمت فى التحف الفاطمية والعاجية الأخرى الفاطمية.

 

 

 

 

 

شکل (11) علبة من العاج

 

شکل (12) علبة مجوهرات

 

 

 

شکل (15) بوق عاجي

 

شکل (16) بوق عاجي

 

 

 

شکل (13) لوحة من العاج المحفور

 

شکل (14) لوحة من العاج المحفور

4-النحت المجسم (التشبيهى والمحور):

لم يظهر الاهتمام بالنحت المجسم للعناصر والکائنات الحية في الفن الاسلامى على نطاق واسع کما کان في فنون العصور الوسطى في أوروبا، والتي کانت تهتم وتتخذ من العنصر الإنساني محوراً لأعمالهم النحتية، وقد ظهر الاهتمام بتشکيل العناصر الحية في النحت الإسلامي وفق المعتقدات الدينية وفى أطر تشکيلية جديدة، ومع ذلک فقد عثر على بعض الأعمال الفنية النحتية لتماثيل صغيرة لبعض الطيور التي نفذت بالحجارة أو المعادن، وکذلک بعض التماثيل الخشبية التي وجدت في العصر الفاطمي بعد تحويرها وتخليصها من حقيقتها الواقعية منعاً لمبدأ المحاکاة بمفهومها الشامل، لذلک نجد في تلک الأعمال ضرباً من ضروب الحيادية مع تحميلها بالخصائص الجمالية الابتکارية حتى ينأى الفنان بها عن محاکاة الواقع المرئي.

واستثنى فن نحت العناصر الحية من المجال الديني، إلا أنه ظهر في التعبيرات الدنيوية للحضارة الإسلامية، فزخرفت القصور بمنحوتات حجرية وجصية للأشکال الآدمية والحيوانية، وشکلت بعض الأواني والمباخر المعدنية على شکل طيور أو حيوانات، وکذلک بعض الفخاريات الملونة وبعض الحيوانات التي ترمز للملوک والأمراء، ونجد فى شکل (15) تمثال أسد رابض من قصر المْشّتّى من الحجر الجيرى المنحوت والمصقول، وتاريخه يرجع ربما في (743/744م) العهد الأموي، وکانت الأسود توحي بالنفوذ والقوة، مما جعلها رمزاً للسلطة في قصر الخليفة الأموي، ومحفوظ حالياً في  متحف الفن الإسلامي – برلين- ألمانيا.

وقد احتوى قصر الحير الغربي کذلک على العديد من أعمال النحت التشبيهى الذي يشابه في أسلوبه وطريقة تنفيذه مع النحت الذي عثر عليه في قصر المفجر قرب أريحا، ونستطيع القول أن أسلوب النحت في هذين القصرين واضحة جداً، ومن أهم اللقى النحتية التشبيهية التي عثر عليها وأعيد ترميمها، تمثال شخص يمکن أن يکون الخليفة هشام بن عبد الملک باني القصر، ويعتقد أن مکان هذا التمثال هو الواجهة الخارجية فوق الباب مباشرة، وفى أعلى الواجهة صف من التماثيل النصفية ثلاثة منها لنسوة عاريات، وبعض القطع الأخرى المنحوتة تمثل خراف وفهود، ولقد أعيد ترکيب ما عثر عليه، بعد إجراء عمليات الترميم اللازمة، ومن هذه التماثيل التشبيهية شکل (16) الذى يظهر فيه الجزء السفلي من تمثال لامرأة شبه عارية من الحجر الجيري، يرجع تاريخه إلى النصف الأول من القرن (2ﻫ/8م) الفترة الأموية، عُثر عليه في قصر المشتى، محفوظ حالياً في متحف الآثار الأردني، عمّان- الأردن. وکذلک  وجد في قصر المفجر العديد من الأعمال النحتية الجصية والحجرية والتي تم نقلها إلى المتحف الفلسطيني في القدس، تمثل رجال ونساء کاملة أو نصفية، "ولابد أن نستبعد الاستنتاج القائل إن الفن الإسلامى فن يستخدم الرسوم الزخرفية المجردة وحسب، لأنه توجد أعمال فنية تمثل أشکالاً حية، وخاصة فيما يتعلق بالموضوعات الفنية التي تتعلق بالأمراء أو التي تستخدم فيها عناصر حيوانية."[25]

من خلال متابعتنا لأسلوب التشکيل النحتي لهذه التماثيل التي وجدت في القصور الأموية نجد أنها تعطينا فکرة واضحة عن فن النحت في العهود السابقة للإسلام على الأرض العربية، وهى تميل دائما إلى التحوير والارتباط برؤية ذاتية، واستمرت هذه الخصائص في الفن الاسلامى الذي اتجه نحو التجريد والتبسيط والتحوير، ليس لمنع واضح ولکن لطبع متأصل في الوجدان، وشکل (17) رأس سقاية فسقية (نافورة مياه) (339–390ﻫ/950-1000م) من الفترة الأموية في الأندلس، مصنوع من البرونز  المصبوب بطريقة الشمع المفقود، وهو عبارة عن نحت مجسم لظبية مطلي بالذهب، ومما لا شک فيه أن هذا التمثال کان يقوم بدور رأس سقاية فسقية أو سبيل في أحد قصور قرطبة، وکان الماء يصل بواسطة مجرى يقع تحت بطن الحيوان، ليتدفق من الفوهة، ومحفوظ حالياً بالمتحف الأثري الوطني، مدريد, اسبانيا.

 وفى متحف المتروبوليتان نموذج رائع للنحت على الجص عبارة عن رأس أمير شکل(18) وضحت بها المعالم الرئيسية للوجه توضيحاً کله مهارة، أما تجاعيد الشعر فظاهر فيها التحوير الشديد المعروف في أساليب الزخرفة الشرقية، وغطاء الرأس تزينه رسوم حلى يزيد من قيمتها ما لونت به من ألوان عدة، وشاع أسلوب التلوين في الزخارف الجصية المحفورة من العصر السلجوقي، و شکل (19) حوض لغسل اليدين على شکل خروف من البرونز المسبوک ، من القرن الرابع– النصف الأول من القرن الخامس الهجري/ القرن العاشر- النصف الأول من القرن 11 الميلادي, من الفترة الفاطمية ـ الزيرية، وغالباً کان يستخدم کرأس لنافورة تزين القصور والمنازل الکبيرة، وأن هذا النوع يجب ربطه بمجموعة من الأحواض التي صنعت على شکل حيوانات، وبشکل عام الوعول والکلاب أو العصافير، المکتشفة في بعض البلدان الإسلامية مثل مصر وإسبانيا، محفوظ حالياً بمتحف باردو-  تونس، وشکل (20) فوهة فسقية من الحجر، تعود إلى أسرة بني حمّاد (406-547ﻫ/1015-1152م)، وهى عبارة عن نحت مجسم، لفوهة فسقية على شکل أسد جالس ونجد فيه مبالغة لبعض المفردات حيث نجد رأس غير متناسق، وعينان کرويتان، وحاجبان کثيفان، وفم منفرج على أسنان طويلة جدا، وقوائم نحيلة، ويوحي العنق بشکل کوز صنوبر، بينما يتمدد الذيل على الجنب الأيمن، وهذه الفوهه محفوظة حالياً في متحف سطيف الوطني, الجزائر.

ويأتي شکل الأسد (أو السبع) کمفردة شهيرة في فن النحت الإسلامي، على الرغم من أن الأسود نادرة في المناطق العربية، وقد کان يتم معالجة المنحوتات التي على شکل الأسد بأسلوب يخالف الواقع المرئي المدرک، وارتبط الأسد بالأسر الحاکمة أو النبلاء، حيث يرمز إلى القوة والشجاعة والشهامة لذلک شاع الاستخدام في العديد من التحف المعدنية المسبوکة بالبرونز المجوف، والذي يتواجد بها فتحات تتوافق مع الوظيفة کمباخر أو أماکن لخروج المياه من الفسقيات، واستخدم السبع أو الأسد کشارة أو رنک للسلطان الظاهر بيبرس، والذي وجد على جميع المنشآت التي بنيت في عهده، ونرى فى شکل (21) سبيل ماء على شکل أسد، من القرن (5-6ﻫ/11-12م)، مصنوع من البرونز المسبوک في قوالب وهو مجوف، وقد استخدام هذا الأسد الصغير النابض بالحياة، فاتح الفم، ومنتصب الذيل، کصنبور للمياه في مصر خلال الحقبة الفاطمية، وکانت صبابات المياه ذات الزخارف الحيوانية واسعة الانتشار في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو محفوظ حالياً في متحف الفن الإسلامي، برلين, ألمانيا.

أما شکل (22) فهو لمبخرة على هيئة أسد واقف، من أواخر القرن الحادي عشر وبدايات القرن الثاني عشر، مصنوعة من البرونز مع زخرفته بنقوش مفرغة ومحفورة ومرصعة بالطلاءات الزجاجية (المينا)، وهذه المبخرة على شکل أسد محور عن الطبيعة، ويمثل الکائنات الطبيعية الخرافية، والتي يبتعد فيها الفنان عن الشکل الطبيعي التشبيهى، والذي يتوافق شکله مع الدور الوظيفي للمبخرة وهو من المنحوتات البرونزية المنتجة في خراسان في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، تحت حکم  السلاجقة، ومحفوظ حالياً في متحف اللوفر، وشکل (23) أيضاً لمبخرة على هيئة أسد، من القرن الحادي عشر– إيران، مصنوعة من البرونز المفرغ والفضة والنحاس، منفذه بطريقة السباکة والزخرفة بالتفريغ، والمبخرة على هيئة أسد في وضع الوقوف ومنحوت بشکل فيه تجريد وتحوير عن الشکل الطبيعي، وهو محفوظ حالياً في متحف الأرميتاج– روسيا .

ونجد شکل (24) مبخرة معدنية من البرونز المسبوک، صنعت في الفترة (1181/1182م)، من العصر السلجوقي (1040– 1196م)، وينسب إلى خوراسان/إيران، موقع عليه باسم جافار بن محمد بن على، الأبعاد (85,1×82,6×22,9سم)، والمبخرة على هيئة أسد منتصب ومزخرف بنقوش من زخارف الأرابسک التي تم توزيعها بشکل متناسق على الجسم الخارجي للتمثال، بجانب وجود زخارف مثقبة لخروج دخان البخور، محفوظ حالياً بمتحف المتروبوليتان.

أما بالنسبة  لعناصر الطيور فقد جاء شکل الصقر في العديد من المنحوتات المعدنية المجسمة واتخاذ الصقور في تکوينات نحتية هو إشارة إلى حماسة ملحوظة للصيد التي تطورت في العالم الإسلامي وکان الصيد يمارس من قبل الأمراء والمحاربين کرياضة، أو کشکل من أشکال التدريب، وأيضا مصدر الغذاء لسکان المناطق الريفية أو البدوية، وشکل (25) عبارة عن تمثال مجسم لطائر العقاب، صنع في العراق (796-797)، وينسب لصانعه "سليمان" من البرونز المجوف والذي تم تکفيته وزخرفته بالفضة والنحاس، وفى هذا التمثال تم معالجة شکل العقاب بحس تجريدي وفيه تحوير للشکل الطبيعي للطائر، محفوظ حالياً في متحف الأرميتاج–روسيا، وشکل (26) عصفور من البرونز، يرجع إلى أسفل النموذج

لأسرة بني حمّاد (406-547ﻫ/ 1015–1152م)، وهو عبارة عن تمثال صغير مجسم من البرونز المصبوب في قالب،  يمثل عصفورا ذا منقار ضخم ومنفذ بطريقة تجريدية ومحورة بحيث تتلاشى التفصيلات المکونة للعصفور، وربما کان هذا التمثال يستخدم کمقبض للامساک بأحد الأواني المنزلية، ومحفوظ حالياً بمتحف سيرتا الوطني، قسنطينة, الجزائر.

مظاهر العناصر والکائنات الحية في النحت الإسلامى:

 تعددت مظاهر اتخاذ العناصر والکائنات الحية في التشکيل النحتي الإسلامي سواء کان بارزا أو مجسما وفق ما يلي :

  1. کان الفنان يکيف المظهر الشکلي للعنصر الآدمي أو الحيواني سواء بالتجريد أو التحوير وبما يتوافق وتصميماته، ولکن في نفس الوقت لا يخرج الشکل عن أصله تماماً فنستطيع أن نعرف نوع هذا الحيوان أو الطائر.
  2. تتواجد العناصر الحية على أشرطة بها طيور أو حيوانات يتلو بعضها بعضاً.
  3. يتواجد حيوانان أو طائران متدابران أو متقابلان وقد يکون بينهما زخرفة ترمز إلى شجرة الحياة (الخلد) .
  4. حيوان ينقض على طائر أو حيوان آخر.
  5. مناظر صيد يظهر فيها الصيادون والحيوانات والطيور.
  6. مجموعة من الطيور في تکوينات زخرفية.
  7. مناظر لرجال عازفين على آلات موسيقية .
  8. طيور وحيوانات في تشکيلات مجردة.
  9. طيور أو حيوانات مجسمة في صياغات تجريدية لها غرض وظيفي کمبخرة أو جزء من إناء معدني.

خامساً: خامات النحت في العصر الإسلامي.

وجد العديد من زخارف العناصر الحية المنفذة على الجدران والتحف المصنوعة من الفضة والمعادن والخشب والحجر والرخام والفخار وغيرها الکثير من الخامات التي قد رأى الفنان أنها تتوافق مع أهدافه الفنية، وهذا التنوع في الخامات ربما يرجع للتعدد في الخامات نظرا للتنوع في الحرف والصناعات لدى سکان البلاد التي دخلها الإسلام، وفيما يلي سيتم التعرف على أهم الوسائط أو الخامات التي استخدمت معها بکثرة الزخرفة باستخدام العناصر الحية، حيث کان رسم الکائنات الحية معروفاً لدى الأمويين والعباسيين والأندلسيين والفاطميين والمغول والفرس والعثمانيين، حيث صور کل هؤلاء الأشخاص والعناصر الحية الأخرى على مختلف المواد، والتي سيأتي ذکر أهمها فيما يلي: 

   

شکل (15) أسد رابض من المْشّتّى

شکل (16) الجزء السفلي من تمثال لامرأة شبه عارية

   

شکل رقم (17)  رأس سقاية فسقية

( نافورة مياه )

شکل (18) رأس من الجص من إيران في العصر السلجوقي (القرن12 – 13م)

 

   

شکل (19)  حوض لغسل اليدين على شکل خروف

شکل (20) فوهة فسقية

   

شکل رقم (21)

سبيل ماء على شکل أسد

شکل رقم (22)

مبخرة على هيئة أسد واقف

   

شکل رقم (23)

مبخرة على هيئة أسد

شکل رقم (24)

مبخرة معدنية

   

شکل رقم (25) تمثال مجسم لطائر العقاب

شکل (26) عصفور

1-الجص والحجر:

لقد شاع استخدام الحجر والجص فى أعمال النحت الاسلامى منذ بداياته الأولى ، وکذلک في العهد الفاطمي من خلال العديد من المنحوتات المنفذة من الحجر والجص، والتي استخدم في زخرفتها العناصر النباتية والحيوانية المحورة مع عدم الالتزام بالحجوم والنسب والعلاقات التشکيلية، والتى تخرج بها عن إطار الحقيقة المدرکة بصرياً والتي يراد التخلص منها بصورة أو بأخرى.

وکذلک استخدم الفنان في العهد الأموي الجص البارز المحفور على نطاق واسع في زخرفة القصور، ولقد ظهرت نماذج کثيرة في قصور (خربة المفجر والحير الغربي, وقصر المنية ) ويعد أهم هذه النماذج ما عثر عليه في قصر (المفجر) وذلک لاحتوائه على عناصر آدمية وحيوانية .

وکان نحت الجص شائعاً في إيران في ظل حکم السلاجقة، وخاصة عندما تم استحداث تقنيات الهندسة المعمارية في إيران وبلاد ما بين النهرين، على أساس البناء بالطوب وتکسيتها باللوحات والزخارف الجصية، ونحت الحجر کان نادر نسبيا في العالم الإسلامي وکان يفضل الجص، حيث يجري العمل به بشکل أکثر سهولة، ويمکن حفره، وکذلک الصب والاستنساخ بواسطة القوالب.

والجص أو مسحوق الجبس، من المواد المتوفرة بکثرة في منطقة الشرق الأدنى وإيران، وکان يصنع من خلط الجبس مع الجير المطفى وبالتالي يکون الخليط الناتج غير مسامي ومثالي للتکسيات المعمارية الخارجية، ويمکن إضافة مکونات أخرى، لکي تشبه الرخام أو المرمر.

ومن اللافت للنظر قيام الفنان في العصر الإسلامي بملئ معظم آثارهم المعمارية بالعديد من الزخارف والنقوش ومن أجمل أمثلة النقش على الحجر في صدر الإسلام واجهة قصر المشتى التي نقلت إلى متحف الدولة ببرلين،  وکذلک زخارف قصر(الحير) الغربي. ويظهر في العصر الفاطمي بعض التماثيل المصنوعة من الحجر وکذلک الجص، أما في العهد السلجوقي فکثر استخدام الرسوم الآدمية والحيوانات في الزخرفة ولا سيما في آسيا الصغرى[26].  

2- العاج والعظم :

ترک لنا التراث الإسلامي العديد من التحف التي تم صناعتها من العظم والعاج، معظمها على شکل علب أو أبواق أو حشوات لبعض الأعمال الفنية الأخرى، وتدل الشواهد أن أسلوب حفر هذه المنتجات التطبيقية بقى في أمر الذين کانوا يعملون بها قبل الإسلام، فما وصل إلينا من تحف من صدر الإسلام لا تدل على أيد مبتدئة بالحفر وإنما تدل على يد ماهرة ومدربة وعندها حس إبتکارى ليس بجديد عليها، مما يؤکد على أن من قام بالحفر هم من أهل الحرفة الأصليين، ولکن تأتى أعمالهم وفق فلسفة الدين الجديد.

3- المعادن:

صناعة التحف المعدنية کانت موجودة قبل دخول الإسلام في کل من الشام والعراق ومصر وغيرها من البلاد التي فتحها الإسلام، لذلک کانت التحف المعدنية الإسلامية الأولى محملة بتقاليد الفن الساسانى إلى حد کبير، واستخدم معدن البرونز بکثرة في صناعة الأباريق والمباخر وأواني المياه التي على أشکال الحيوانات، أما معدن الفضة فصنعت منه الأواني والصحون والأباريق المزخرف عليها مناظر الصيد وکذلک الرسوم المألوفة في الفن الساسانى.

وفي العهد الفاطمي ازدهرت صناعة التحف المعدنية وامتلأت قصور الفاطميين بالعديد من تماثيل الحيوانات: کالطير والظبى والأرنب، وکذلک في العهد السلجوقي بإيران ازدهرت المصنوعات المعدنية المصنوعة من الذهب والبرونز والفضة، وکانت تملأ بالزخارف البارزة.  

 

سادساً: فلسفة التحوير والتجريد في فن النحت الإسلامي.

لقد کان للفلسفة الإسلامية فضل في جمع شتى الأساليب الفنية المختلفة، وطبعها بطابع الدين الجديد فنشأ الفن الإسلامي فنا متميزا عن غيره من الفنون، له طابعه وسماته لذلک سارت الفنون في العصر الإسلامي وفق الفلسفة الشرقية التي ينظر فيه للإنسان على أنه جزء من هذا الکون الواسع، أما النظرة الغربية فترى أن الإنسان هو محور هذا الکون أو الوجود، لذلک کان الفنان الشرقي ينظر غالبا إلى الإنسان والحيوان والنبات کعناصر ومفردات فنية يحورها وينسقها ويبسطها بحيث يعبر من خلالهم عن أفکاره وأحاسيسه وليتحقق الغرض الفني الذي يقصده دون النظر إلى أشکالها الطبيعية أو قربها أو بعدها عن الواقع المرئي، والأمثلة التي تؤکد هذا کثيرة في فنون العراق وسوريا ومصر، وکانت أول مظاهر الشخصية الإسلامية، هو ما أکدته الفلسفة الشرقية على أن الإنسان جزء من هذا الکون الواسع وأن القدرة الإلهية هى القوة المسيطرة على هذا الوجود .

ونجد في الفکر العربي مبدأ الوحدانية يتلاقى مع مبدأ الکونية، والإنسان ما هو إلا جزء صغير جداً من الکون الرحيب، فالإنسان کمادة في هذا الکون لا قيمة له إلا بما ينطوي عليه من جوهر، والله هو الجوهر بذاته، وللکشف عن الجوهر الذاتي لابد للإنسان أن يتخلى عن کل ما هو حسي وأن يتأمل ذاتيا من أجل الوصول إلى الحق، والتأمل الذاتي عند العرب يلتقي بالحدس الخارجي، ولذلک فإن النظرة إلى العالم الخارجي، أيضا تترکب من اختلاط الجزئي والکلى، العرضي والجوهر، المادة والروح، الإنسان والحق لکي تکشف عن الوجود الحقيقي[27] .

لذا نجد أن الفنان (النحات) في العصر الاسلامى لم يقم وزنا للمحسوسات المدرکة بصريا طالما ستبقى داخل حدودها المادية، وأهتم أکثر بالجوهر واندفع وراء المطلق وراء الله، لذلک لم يکن النحات العربي محاکيا للمدرکات الشکلية الموجودة من حوله ولکنه تناول الشکل الانسانى برؤى مختلفة عما کان موجودا عند الإغريق حيث کانت آلهتهم تمثل في الشکل الانسانى، وکلها تحاکى وتمثل الکمال البشرى عند الغرب، بينما الإنسان عن العربي هو کيان مادي وروحي يندمج في روح العالم لکي يصبح جزءا من هذا الکون الفسيح، فالفن عند الغرب قائم على المعرفة الحسية، أما عند العربي والاسلامى فهو قائم على المعرفة الحدسية، لذا اتجه للتحوير والتجريد بحثا عن رؤى جديدة للمدرکات الشکلية المحيطة به للتعبير عن المطلق وإهمال کل ما هو عرضي، وهذه خصائص روحية قديمة في الأمة العربية، والتي جعلت الفن يحمل طابعا موحدا في جميع العهود وشتى أنحاء الإمبراطورية الإسلامية، "فالتقاليد التي وضعت أصول الفن الآکادى والأشوري، والتي امتدت إلى الفن الآرامي والفينيقي, هى نفسها التقاليد التي ورثها العرب بعد الإسلام، فقد کره الساميون الأجداد تصوير الأجساد"[28]، وهذه الوحدة في الفنون الإسلامية هى نتيجة لوحدة جذور الفن الاسلامى والذي يمثل فيما ورثه الفن الرافدى والسوري القديم للفنون التي ظهرت في المنطقة من فن هلنستى أو ساساني أو روماني أو بيزنطي او قبطى، والتي أصبحت فيما بعد من الروافد الهامة التي استقى الفن الاسلامى منها ولکن وفق ما جاءت به فلسفة العقيدة الإسلامية.

وکذلک من أبرز الصفات والقيمة الجوهرية الکامنة في الفن الإسلامي هي إيقاعه وتجريده، وما يصاحب ذلک من إحساس موسيقي رائع لا يجاريه فيه أي فن آخر، ولا شک أن هذا الاتجاه مرده إلى التصور الإسلامي لهذا الکون الواسع والإنسان والله، ومن أجل ذلک لم تکن وظيفة الفن الإسلامي نقل المرئي، بل إظهار ما هو غير مرئي، ومحاولة الإحساس بالقوانين الرياضية التي تحکم هذا الوجود، لذلک وصلت قمة الإيقاع الموسيقي في الفنون الإسلامية.

فالروح التجريدية التي سيطرت على الفن الاسلامى بشکل عام، وعلى تناول العناصر الحية في التشکيلات النحتية، ليست کما يعتقد البعض أنها نتيجة لتحريم الرسول (ص) وفق ما جاء في بعض الأحاديث النبوية، ولکن هذا التحوير والتجريد هو تقليد أصيل وإرث قديم سابق لمولد النبي نفسه، والتي تتوافق مع رؤية العربي للکون، واستمرت هذه الروح على تغذية هذه الفنون في العصور السابقة للإسلام وترسيخها في جميع البلاد التي سيطر عليها الإسلام.

فرغبة الفنان (النحات) العربي في أن يعبر عن الجوهر دفعته إلى تجاوز الواقع المرئي المحسوس، فالتجريد في النحت الاسلامى لم يکن نابعا من منع التشبيه والمحاکاة واستحالة التمثيل، بل هو نتيجة لتقاليد فنية متوارثة عند العرب منذ القدم کان مبعثها العقيدة الوحدانية، ولو أخذنا العناصر الحيوانية والنباتية الموجودة تشکيلات النحت البارز لواجهة قصر المشتى والموجودة في المتحف الدولي ببرلين يثبت أنه کان باستطاعة النحات منذ العصور الأولى للإسلام أن يقوم بتشبيه ومحاکاة الواقع المرئي بعناصره الحية، ولکنه اتجه فيما بعد إلى التحوير والتجريد والتبسيط ، فهو يعبر عن العناصر الحية بکثير من التبسيط، دون أن يسعى إلى إضافة الوسائل والمفردات التشکيلية التي تقرب هذه الأشياء من حقيقتها فتجعلها في النحت البارز أو التمثال، فمن خلال التبسيط والتحوير فهو يؤکد على فکرة فلسفية عقائدية، فکل شئ في الکون قابل للتحول والتغيير، فلا يوجد شئ ثابت ولا يتحول ولا يتغير إلا وجه الله، "فالباعث على التحوير لم يکن عجز الفنان عن محاکاة الواقع، ولم يکن وسيلة لإخفاء التشبيه على الله يوم الحساب، بل کان يرجع إلى الشعور بتفاهة الوجود الأرضي والانشغال المستمر بالوجود الأزلي، فالفنان لا يعير الوجود والأشکال اهتماما کبيرا في رسمه، فهو يصورها بکثير من التبسيط والبدائية دون أن يسعى إلى إضافة الوسائل التي تقرب هذه الأشياء والوجوه من حقيقتها فتجعلها في الصورة الثابتة أو في التمثال، ذات استمرار في إدراک الإنسان لنفسه، مما يدفعه إلى تقديسها"[29]، لذا نجد أن الفنان العربي لم يهتم بالتعبير عن الأشکال الآدمية والحيوانية تعبيرا يحاکى الإنسان والحيوان، ولکنه استخدم هذه العناصر کعناصر زخرفية لها قيمتها الفنية، ومن هنا فرضت العقيدة الراسخة في روح الفنان العربي والاسلامى مبدأين في عملية التحوير والتجريد:

  • المبدأ الأول: هو تبسيط وتحوير الواقع المرئي المحسوس وتعديل أبعاده ومفرداته التشکيلية في حرية مطلقة جعلت أي عنصر قابل للتطور وفق مشيئة الفنان النحات.
  • المبدأ الثاني : هو تجريد الشکل والواقع والابتعاد تماماً عن محاکاة الواقع المرئي للشئ، والاهتمام بأبعاد أخرى فنية وفلسفية ووظيفية.  

لذلک نجد أن الفنان في العصر الإسلامي "أول من طرق التجريد على أصوله الصحيحة القائمة على قواعد سليمة، بعد أن أراد بوعيه وحسن تفهمه أن يخلص العنصر وينقيه من ماديته وظاهريته وواقعه المنظور ومظهره السطحي المألوف، فعالجه بحکمة المبصر بروح البصيرة وبومضة العقل الذي يعلو على الأقسية الرياضية والموازين الحسابية وتراءت له الأسرار الفنية، وجاءته مزعنة ريضة طيعة، يحرکها کيف يشاء ويؤلف من عناصرها، ويؤلف منها بدائع التجريد في التاريخ البشرى على امتداده وقدمه بعيداً عن مقاييس النقل والآلية الملتزمة"[30]، ولهذا لجأ الفنان المسلم إلى التحوير لکي يرتفع بفنه عن مرتبة التقليد والمحاکاة وهو بذلک يتجه اتجاها جديدا لم يکن معروفا من قبل وهو إن الفن ليس ترديدا أو تمثيلا للطبيعة.

فعملية التجريد في الفن الإسلامي تبحث عن الجمال الخالص، وأن الاتجاه إلى التجريد في الفن العربي يرتبط بمفهوم فني خاص مآله أن الصورة يجب أن تتجه نحو المطلق، وليس نحو المحدد، تتجه نحو الجمال المحض "الجمال بذاته" وليس نحو جمال الأشياء الذي يخضع للحاجة المادية وللضرورة، أما الجمال المحض فإنه مجرد عن المنفعة، هو جمال فني وليس جمالاً نسبياً مرتبط بأهمية الشئ[31].

وذلک التحوير لم يکن سوى نتيجة رغبة الفنان العربي لتجنب رسم الکائنات الحية على صورها التي فيها تشبيه أو مطابقة للأصل مما دفعه إلى أن يعدل ويحرف ويشتت أجزاء تلک الکائنات بعيدة عن شکلها الأصلي، ثم أضفى على أشکاله لمسه روحانية تبعدها عن شکلها المألوف ويسمو بها إلى آفاق إبداعية جديدة ترتبط بذاتية الفنان وفق المعايير العربية الإسلامية.

ولهذا جاء الفن الإسلامي بشکل عام وفن النحت على وجه الخصوص بمثابة تعبير بعيد المدى عن المتعة الجمالية العقلية العميقة المعبرة عن روح الإسلام ومضامينه الفکرية، وليس تعبيراً عن مظاهره الدينية المباشرة، والتي تعتبر تطبيقاً لروح الإسلام الفطرية النقية الصافية، ولقد ساهم الفن الإسلامي في البناء الإبداعي لدى الإنسان ليس الممارس للفن فقط ولکن متذوقة أيضاً[32].

 

سابعاً : الأبعاد التربوية لدراسة فن النحت الإسلامي.

الفن الإسلامي هو الفن الذي يرسم صورة الوجود من زاوية التصور الإسلامي لهذا الوجود، هو التعبير الجميل عن الکون والحياة والإنسان من خلال تصور الإسلام للکون والحياة والإنسان، هو الفن الذي يهيئ اللقاء الکامل بين (الجمال) و (الحق)، فالجمال حقيقة هذا الکون، والحق هو ذروة  الجمال، ومن هنا يلتقيان في القمة التي تلتقي عندها کل حقائق الوجود[33]، من هنا تتضح فلسفة العلاقة بين الفن والمعتقد وکيف يؤثر کل منهما في الآخر.

ولقد تنوعت صياغات العناصر الحية فى النحت الإسلامى عبر المراحل والعصور الإسلامية المتعاقبة، واختلفت مفاهيمه باختلاف اتجاهاته بالرغم من انتمائهم إلى وحدة واحدة فى بقاع العالم الإسلامى، حيث حمل هذا التنوع العديد من القيم التشکيلية والتعبيرية.

هذا التنوع أيضاً کان نتيجة لتجارب واتجاهات فنانين وفق فلسفة المعتقد الدينى مستخدمين العديد من الوسائط التشکيلية ، مما نتج عنه خبرات فنية وفکرية وتربوية يمکن أن تفيد فى مجال تدريس النحت بکليات وأقسام الفنون.

ومما لاشک فيه أن تلک الأعمال النحتية التي تطرق إليها البحث ما هى إلا نتاج إبداعي يتمثل في لقيات أثرية تحتفظ بها معظم متاحف العالم، والتي تؤکد على وجود واقع حضاري إنساني منذ أکثر من أربعة عشر قرناً، وهذا النتاج الإنساني هو السبب الرئيسي في نشأة الفن الاسلامى القائم على رؤية ومبدأ ومنهج، مما يجعل الفن الإسلامي علم له مفاهيمه المعرفية، وبالرغم من الحداثة النسبية للفن الإسلامي کعلم نظراً لارتباطه بالآثار الإسلامية ودراسته کأحد روافد علم الآثار وذلک منذ اهتمام المستشرقين والباحثين عن الآثار الشرقية منذ القرن التاسع عشر، ومن قام بتأريخه والکتابة عنه هم من المستشرقين وفيما بعد اهتم به القليل من الأثريين العرب في إطار الرؤية الغربية لهذه الفنون الإسلامية، لذلک نشأ الجدال حول تعريف هذا النوع من النتاج الحضاري هل هو عربي أم اسلامى، وقد سبق الإشارة إلى ذلک في بداية البحث، ومن هنا يتوجب علينا کدارسين للفنون الإسلامية أن نضع نصب أعيينا وضع الأساس المعرفي والأکاديمي لتأصيل ودراسة  الفنون الإسلامية بشکل عام وفن النحت في العصر الإسلامي على وجه الخصوص، وذلک لتصحيح الرؤية الغربية أو الاستشراقية التي قامت بدراسة الفن الإسلامي وفق قواعد ومفاهيم ليست نابعة من الرؤية الشرقية لهذه الفنون العربية وذلک للتأکيد على ما يلي:

  1. التأصيل المعرفي لفن النحت الإسلامي.
  2. التعرف على أصل وطبيعة ومظاهر فن النحت الإسلامي.
  3. التأکيد على استقلال الفن الإسلامي (فن النحت تحديدا) عن الدراسات التاريخية والأثرية.
  4. التجريب والاستفادة من الموروث الحضاري.

 

نتائج البحث :

مما سبق يتضح لنا مدى عمق وأصالة فن النحت الإسلامى، ونحن هنا نؤکد على أهمية دراسة فن النحت الإسلامي کأحد الفنون التي تستند قيمها الجمالية على قيم وظيفية بعيداً عن کونها حرفة أو صناعة ارتبطت بفن العمارة أو بعض الفنون التطبيقية أو الزخرفية، فهذه الرؤية الجمالية للعناصر الحية في فن النحت الإسلامي تأتى من خلال توثيق العلاقة بين الجمال بمفهومه الکلى وبين الإبداع الإنساني الذي يربط بين الدين والدنيا في الفکر والرؤية الإسلامية، والآن وفى موجات الاغتراب العارمة عن کل ما هو خاص وذاتي ويحمل فرادة وذاتية وهوية خاصة قومية أو اجتماعية أو فکرية أو دينية يشعر الفنانون بأهمية التمسک بالموروث الحضاري، والتفتيش بداخله عما يجب أن نأخذ منه وما يجب أن نطرحه، وذلک في إطار مواجهة تيارات العولمة الجارفة لموروثاتنا الحضارية، وهذا يستلزم منا کفنانين ومعلمين للفن أن نبحث في موروثاتنا الحضارية وصياغتها بلغة معاصرة من أجل التواصل مع الآخر بلغة فنية يفهمها ويحترمها، وفيما يلى النتائج التي توصل إليها البحث الحالى:

1. معظم الفنون التي أبدعها الإنسان ارتبطت بشکل ما بالمعتقد الديني، والرؤية الدينية عند الفنان العربي المسلم هى رؤية الإنسان الکل– بکل مواهبه- للکل، کل الوجود، والله هو حقيقة الحقائق .

2. فن النحت الاسلامى، فن عالمي للناس کافة، بعيداً عن الإقليمية والقبلية والعنصرية.

3. أن مفهوم الفن ليس بالضروري أن يکون فيه محاکاة أو تشخيص، وهذا ما قام به فن النحت الإسلامي.

4. الرؤية الإسلامية للفن جمعت بين شعوب الأرض التي آمنت بالإسلام، فقد تطور الوجدان ، وسما بهذه الفنون لتوائم الوجدان الجديد في تشکيلات نحتية محملة بقيم فنية في هيئات مجردة لا تنفصل بعيداً عن الواقع المدرک بصرياً. 

5. فن النحت الإسلامي تجربة فريدة في الحياة استمرت لأکثر من ألف عام ، وشغلت حيزا کبيراً من الأرض.

6. مزج فن النحت الإسلامي  بين الفن الجميل والفن التطبيقي في وحدة وتنوع وفق ثقافة عالمية تتجاوز الزمان والمکان.

7. العمل الفني النحتي الاسلامى عبارة عن مجموعة من الأجزاء أو المفردات تتکامل في وحدة عضوية، وتشع قيم جمالية ونفعية.

توصيات البحث:

  1. ضرورة رؤية فن النحت الإسلامي بعيداً عن رؤيتنا المحدودة للفن الأوروبي لأن عالم الفن الإسلامي واسع بلا حدود يبتعد عن الإقليمية وفق معايير روحية واحدة.
  2. أهمية رؤية مضمون فن النحت الإسلامي  بعيداً عن تفسير الفنون الإسلامية على أساس الإباحة والتحريم.
  3. يجب رؤية فن النحت الإسلامي بعيداً عن تصنيف الفنون على أنها فنون جميلة وفنون تطبيقية، وأن فن النحت الإسلامي ينتمي للفنون الزخرفية التطبيقية، وهذه رؤية محدودة، ففن النحت الإسلامي محمل بقيم جمالية وتعبيرية تتجاوز دورها الوظيفي.
  4. النحات العربى مطالب باستمرارية العطاء من خلال الاستفادة من بعض الصياغات الفنية لمفردات العناصر الحية في التشکيلات النحتية لتأکيد مبدأ الأصالة والمعاصرة.
  5. التواصل والاقتراب من فن النحت الاسلامى ونماذجه الإبداعية، لسد فجوة الاغتراب تجاه فن النحت الحديث والمعاصر.


[1] - إدمان، اروين، ترجمة، مصطفى حبيب. الفنون والإنسان، القاهرة: مکتبة مصر، د.ت، ص2.

[2] - الطايش، الفنون الزخرفية المبکرة فى العصرين الأموى والعباسى، مرجع سابق، ص 4 .

[3] - بشاى، سامى رزق وآخرون. تاريخ الزخرفة، القاهرة : وزارة التربية والتعليم ، قطاع الکتب، 2007، ص397.

[4] - غريب، سمير. فى تأريخ الفنون الجميلة، القاهرة:  دار الشروق، 1998م، ص 9-10.

[5] - بهنسى، عفيف. جمالية الفن العربى ، الکويت: عالم المعرفة، المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب، فبراير 1979، ص10.

[6] - الزهرانى، معجب عثمان معيض. "الأبعاد الفکرية فى الفن الإسلامى"، (رسالة ماجستير، جامعة أم القرى،2004م)، ص2. 

[7] - الطايش، الفنون الزخرفية المبکرة فى العصرين الأموى والعباسى، مرجع سابق، ص6.

[8] - بهنسى، جمالية الفن العربى، مرجع سابق، ص20.

[9] - بهنسى، جمالية الفن العربى، مرجع سابق، ص29.

[10] -  بينوس، جميلة، وآخرون. "التراث الإسلامى فى حوض المتوسط،"، سلسلة معارض متحف بلا حدود الدولية، الفن المملوکى عظمة وسحر السلاطين، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2007م، ص18ـ 19.

[11] - علام، نعمت إسماعيل. فنون الشرق الأوسط فى العصور الإسلامية، القاهرة: دار المعارف، 1982م، ص39.

[12] - الرفاعى، أنور. الإسلام فى حضارته ونظمه، بيروت: دار الفکر المعاصر، 1997م، ص424-425.

[13] -أبو خليل، شوقى. الحضارة العربية الإسلامية، طرابلس: منشورات کلية الدعوة الإسلامية ، 1993م، ص361.

[14] - أبو خليل. الحضارة العربية الإسلامية، مرجع سابق، ص353.

[15] - الطايش، الفنون الزخرفية المبکرة فى العصرين الأموى والعباسى، مرجع سابق، ص22.

[16] - المرجع السابق، ص22.

[17] - ماهر، سعاد. الفنون الإسلامية، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للکتاب، مکتبة الأسرة، 2005م، ص320.

[18] - الشال، محمود النبوى، مها محمود النبوى الشال. الفنون التشکيلية فى الحضارة الاسلامية  القديمة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للکتاب، ص 42.

[19] - ماهر، سعاد . دراسات فى الحضارة الإسلامية ، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للکتاب، 1985، ص 318.

[20] - م.س.ديماند، الفنون الإسلامية، مرجع سابق، ص100.

[21] - م.س.ديماند، الفنون الإسلامية، مرجع سابق، ص101.

[22] - المرجع السابق، ص104.

[23] - سعاد ماهر : "دراسات فى الحضارة الإسلامية"، ص 322 .

[24] - م.س.ديماند، الفنون الإسلامية، مرجع سابق، ص133.

[25] -  شاخت، جوزيف. بوزورث، کليفورد، ترجمة: السمهورى، محمد رهير، وآخرون. تراث الإسلام، الکويت: عالم المعرفة، 1985م، ص332.

[26] - الرفاعى، أنور. الإسلام فى حضارته ونظمه، بيروت: دار الفکر المعاصر، 1997م، ص471-472.

[27] - بهنسى، جمالية الفن العربى، مرجع سابق، ص59–60.

[28] - بهنسى، جمالية الفن العربى، مرجع سابق، ص61.

[29] - بهنسى، جمالية الفن العربى، مرجع سابق، ص64.

[30]- الشال، محمود النبوى ، مها محمود النبوى الشال. الفنون التشکيلية فى الحضارة الإسلامية القديمة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للکتاب، مکتبة الأسرة،، 2005م، ص46.

[31] - بهنسى، عفيف. الفن العربى الحديث بين الهوية والتبعية، دمشق: دار الکتاب العربى، 1997م، ص90.

[32] -  رفاعى، أنصار محمد عوض الله. "الأصول الجمالية والفلسفية للفن الإسلامى"، (رسالة دکتوراه، جامعة حلوان، 2002م، ص53.

[33] - قطب، محمد: منهج الفن الإسلامي، القاهرة: دار الشروق، د.ت.، ص5-6.

  1. مراجع البحث:

    1. إدمان، اروين، ترجمة، مصطفى حبيب. الفنون والإنسان، القاهرة: مکتبة مصر، د.ت.
    2. أبو خليل، شوقى. الحضارة العربية الإسلامية، طرابلس: منشورات کلية الدعوة الإسلامية ، 1993م.
    3. الخربوطلى، على حسن. الحضارة العربية الإسلامية، القاهرة: مکتبة الخانجى،1994م.
    4. الرفاعى، أنور. الإسلام فى حضارته ونظمه، بيروت: دار الفکر المعاصر، 1997م.
    5. الزهرانى، معجب عثمان معيض. "الأبعاد الفکرية فى الفن الإسلامي"، (رسالة ماجستير، جامعة أم القرى،2004م). 
    6. الشال، محمود النبوى ، مها محمود النبوى الشال. الفنون التشکيلية فى الحضارة الإسلامية القديمة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للکتاب، مکتبة الأسرة،، 2005م.
    7. الطايش، على أحمد. الفنون الزخرفية المبکرة فى العصرين الأموى والعباسى، القاهرة: زهراء الشرق، 2003م.
    8. بشاى، سامى رزق وآخرون. تاريخ الزخرفة، القاهرة : وزارة التربية والتعليم ، قطاع الکتب، 2007.
    9. بهنسى، عفيف. جمالية الفن العربى ، الکويت: عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، فبراير 1979.
    10. بهنسى، عفيف. الفن العربى الحديث بين الهوية والتبعية، دمشق: دار الکتاب العربى، 1997م.
    11. بينوس، جميلة، وآخرون. "التراث الإسلامي فى حوض المتوسط،"، سلسلة معارض متحف بلا حدود الدولية، الفن المملوکى عظمة وسحر السلاطين، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2007م.
    12. رفاعى، أنصار محمد عوض الله. "الأصول الجمالية والفلسفية للفن الإسلامي"، (رسالة دکتوراه، جامعة حلوان، 2002م.
    13. شاخت، جوزيف. بوزورث، کليفورد، ترجمة: السمهورى، محمد رهير، وآخرون. تراث الإسلام، الکويت: عالم المعرفة، 1985م.
    14. علام، نعمت إسماعيل. فنون الشرق الأوسط فى العصور الإسلامية، القاهرة: دار المعارف، 1982م
    15. غريب، سمير. فى تأريخ الفنون الجميلة، القاهرة:  دار الشروق، 1998م.
    16. قطب، محمد: منهج الفن الإسلامى، القاهرة: دار الشروق، د.ت.
    17. ماهر، سعاد. الفنون الإسلامية، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للکتاب، مکتبة الأسرة، 2005م.
    18. ماهر، سعاد . دراسات فى الحضارة الإسلامية ، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للکتاب، 1985.