المؤلفون
1 المعيد بقسم التربية الفنية بکلية التربية النوعية – جامعة الزقازيق
2 أستاذ الأشغال الفنية وکيل کلية التربية النوعية (سابقاً) جامعة عين شمس
3 أستاذ علم نفس التربية الفنية وعميد کلية التربية النوعية (سابقاً) جامعة القاهرة
المستخلص
الموضوعات الرئيسية
أولاً : موضوع البحث
1ـ خلفية البحث :
تعد الأشغال الفنية کونها أحد مستحدثات العصر الحديث کمفهوم أنطلق مع العديد من المفاهيم الإبداعية فى الفن ، أحد مصادر التجديد والتحديث فى الفن ، حيث أنها مجال يتأصل فى ممارسة مقومات تميز موهبة الممارسة الفنية من خلال تعدد الخامات التى تتطلب تعدد التقنيات والمهارات فى إطار من إبداعية الممارس ، وهو الأمر الذى يتماشى مع متطلبات العصر الحديث الذى يسعى أهل الإبداع فيه إلى البحث عن کل ما هو جديد ومفيد .
"فالأشغال الفنية مجال للتعبير الفنى بمواد مختلفة وهى تعتمد على استغلال الخامات المتوفرة ، حيث يقوم الفرد بالتعبير من خلال هذه الخامات فيعيد تشکيلها ، أو يقوم بالتوليف بينها أو يضيف إليها أو يحذف منها ، مستخدماً فى ذلک الخبرات والمعلومات والمهارات المختلفة لتطويع هذه الخامات بما يتناسب مع شخصيته " ( 3 ـ صـ 129 ) ، " وتعتمد المشغولة الفنية فى بنائها التشکيلى على مجموعة من الخامات المتجانسة تعمل معا فى إطار من التوليف ، ومن الطبيعى أن يکون لکل خامة دور خاص يتفق وأغراض المشغولة الفنية ، فالقماش والجلود والزجاج والأحجار والمعادن إلى جانب اللدائن المصنعة کالبلاستيک والنايلون والبوليستر والألياف الزجاجية ، کلها خامات تمثل الباليتة التشکيلية لفنان المشغولات الفنية بملامسها السطحية والحسية " ( 6 ـ صـ 35 ) .
" ونتيجة للتقدم الصناعى فى مجال إنتاج الخامات والأدوات توفر للفنان الحديث أدوات ووسائط مادية معينة ومثيرة للإبداع الفنى ، فتحررت قدراته التشکيلية " ( 8 ـ صـ 162 ) ، وانطلقت من مرحلة الجمود والتقليد إلى مرحلة الإبداع الفنى ، وظهر مفهوم جديد للعمل الفنى ، فظهر ما يسمى بالعمل المرکب والعمل التجميعى .
" وقد أثرت الاتجاهات الفنية الحديثة على الفنون التطبيقية ، فتکونت مفاهيم وأبعاد جمالية جديدة نحو تناول الشکل والخامة لتأکيد القيم التشکيلية والتعبيرية والوظيفية فى إبداع العمل الفنى " ( 9 ـ صـ 6 ) ، وباعتبار أن مجال الأشغال الفنية أحد الفنون التطبيقية ، فکان لابد وأن يتأثر بتلک الاتجاهات الحديثة حيث خرج مفهوم الأشغال الفنية عن النطاق المألوف ، فأصبح يعتمد على فکرة تزاوج الخامات .
" فقد شغلت تلک الظاهرة فکر الفنان فى أوائل العصر الحديث حيث تحولت کل الماديات الصناعية والطبيعية المحيطة بالفنان إلى وسائط تشکيلية لنقل أفکاره وترجمة مشاعره " ( 13 ـ صـ 109) .
ويعتبر البحث فى مجال تزاوج الخامات الطبيعية البيئية والخامات الصناعية المستحدثة واحداً من مجالات الأشغال الفنية التى تستحق الأهتمام بها ، نتيجة للتطور التکنولوجى والتطور فى مجال إنتاج الخامة ، بالإضافة إلى حاجة المجتمع ومتطلباته وتطور أساليب التشکيل والتقنيات المختلفة .
ويرى الباحث ضرورة توجيه العناية إلى دراسة إمکانية تزاوج الخامات البيئية الطبيعية مع الخامات الصناعية المستحدثة من خلال محاولة إيجاد أساليب فنية وتقنية مقترحة ، والتى تفيد فى إمکانية تطوير المشغولات الفنية القائمة على تزاوج هذه الخامات ، مما قد يسهم بصورة فعلية فى إثراء مجال الخبرة الفنية والتربوية .
2ـ مشکلة البحث :
ومن هنا يمکن تحديد مشکلة البحث فى التساؤل الأتى :
ما مدى الإفادة من تزاوج الخامات الطبيعية البيئية والخامات الصناعية المستحدثة فى إنتاج مشغولات فنية معاصرة تحقق مقومات الإبداعية فى الأشغال الفنية ؟
3ـ أهداف البحث :
يهدف هذا البحث إلى تحقيق ما يلى :
4ـ فروض البحث :
يفترض الباحث ما يلى :
5ـ أهمية البحث :
6ـ حدود البحث :
ــ خامات طبيعية بيئية ( سواء من مصدر نباتى أو حيوانى أو جيولوجى أو جمادى ) .
ــ خامات صناعية مستحدثة ( سواء صناعية أو جاهزة الصنع أو مستهلکة ) .
7ـ منهج البحث :
يتبع البحث المنهج الوصف التحليلي وذلک في الإطار النظري المختص بالبحث والمنهج التجريبي في الجانب التطبيقي وذلک علي النحو التالي :
أولاً : الجانب النظري :
ثانياً : الجانب العملى :
يشتمل على تطبيقات عملية للباحث تعتمد على تزاوج الخامات الطبيعية البيئية والصناعية المستحدثة للوصول إلي مشغولة فنية معاصرة باستخدام الأساليب التقنية المختلفة التي تتناسب مع طبيعة مثل هذه الخامات.
8ـ مصطلحات البحث :
تستخدم کلمة ( تزاوج ) فى الفنون الحديثة بمعنى " المزج بين أکثر من خامة فى العمل الفنى الواحد ، بحيث تثرى الخامات المجتمعة العمل الفنى ذاته " ( 2 ـ صـ 192 ) ، کما يشير معجم المورد إلى کلمة ( تزاوج ) بمعنى " الملصقة " کما يشير إليها أيضاً بأسم " الفن التلصيقى أى الفن الذى صُنع من مجموعة من الخامات المختلفة " ( 2 ـ صـ 192 ) ، کما يشير معجم أکسفورد إلى کلمة ( تزاوج ) بأنها " نوع من الفن التجريدى الذى تستخدم فيه خامات عديدة ، توضع فوق بعضها البعض لتحقيق عملاً جديداً " ( 10 ـ صـ 98 ) .
الخامات البيئية يقصد بها " مواد خام ذات شکل محدد ومميز وتحمل من الصفات ما يجعلها تنتمى للمکان التى وجدت به ، وبها من الخصائص والسمات ما يدفع لتناولها فى التشکيل الفنى " ( 14 ـ صـ 2 ) .
ظهرت الخامات المستحدثة نتيجة للثورة العلمية التى شهدتها الصناعة فى نهايات القرن التاسع عشر ، وما وفرته من خامات وأدوات مستحدثة " فقد لجأ فنانى العصر الحديث إلى استخدام العديد من الخامات المستحدثة ، نتيجة کرههم للماضى " ( 11 ـ صـ 169 ) .
المشغولة الفنية هي ناتج التعبير الفني بمواد مختلفة ، حيث " تعتمد المشغولة الفنية في بنائها التشکيلي على مجموعة من الخامات المتجانسة تعمل معا في إطار من أعمال التوليف " ( 6 ـ صـ 35 ) .
ظهرت المعاصرة نتيجة الاتجاهات الفنية الحديثة والتي تهدف إلى المزيد من الطلاقة الشکلية وحرية التعبير والتحرر من الخامات التقليدية ، مما يؤدى إلى إنتاج مشغولات فنية مستحدثة تثرى مجال الرؤية الجمالية .
ثانياً: الإطار النظري
أولاً : الأشغال الفنية : ـ
1ـ مفهوم الأشغال الفنية :
تناولت العديد من البحوث والدراسات تعريف الأشغال الفنية ومما نستطيع بلورته منها أن الأشغال الفنية " هى أحد مجالات ممارسة الفن , من خلالها يتاح للفرد فرص التعبير فى أحدى صورتين الأولى أنجاز أعمال لها صورة وظيفية نفعية بجانب قيمتها الفنية بالاستعانة بأسس التصميم والثانية عمل أشياء ذات هدف جمالى بحت ومنها المجسمة ثلاثية الأبعاد ومنها المسطحة ذات البعدين " ( 7 ـ صـ 36 ) .
حيث تعتبر الأشغال الفنية مجالاً متسعاً أمام الفنان التشکيلى لأنه يقدم ابتکاراته المتعددة والمتنوعة التى کثيراً ما يود التعبير عنها من خلال توظيف ما تقع عليه يداه من خامات تقليدية وغير تقليدية أو الجمع بينهما فى آن واحد مستخدماً ما يراه مناسباً من أدوات يرى فى أمکاناتها الأدائية والتنفيذية عوناً له فى تحقيق الصيغ البنائية والتشکيلية للمشغولة الفنية المنفذة .
فالأشغال الفنية کلمة تعنى الأشغال اليدوية أى استخدام اليد أو الاستعانة بأدوات مساعدة للتحکم فى الخامات بجميع مراحل إنتاج العمل الفنى , " فهى تبدأ أولاً بفکرة تخامر العقل ثم تتأکد بالممارسة ومعايشة الخامات وفق إمکانياتها لإخراج عمل فنى فى النهاية يتضمن حس الإنسان ولمسات يده تعکس ذوقه وخبراته الفنية والثقافية التى عملها وأتقنها من خلال دراسته العلمية " ( 4 ) .
وقد أسُتخدم مصطلح الأشغال الفنية بمعان عديدة , فقد يربط البعض بينه وبين العمل اليدوى ويعتبر هذا ظالم وغير صائب ولا يحدد تماماً مدلول الأشغال الفنية فلا ينبغى الخلط بين مفهوم الأشغال الفنية ومفهوم الحرفة أو العمل اليدوى .
2ـ تطور المشغولة الفنية : ـ
تعد المشغولة الفنية قديمة قدم الحضارات ونجد ذلک فى ما أنتجته الحضارات السابقة التى يعيشها الإنسان القديم على مختلف العصور من مشغولات فنية سواء أکانت هدفها الأساسى هو الانتفاع بها فى الحياة اليومية أو من أجل خدمة العقائد الدينية والتى کانت لا تقل أهمية عن الهدف الوظيفى لتلک المشغولات .
وقد أهتم الفنان على مر العصور بالمشغولات الفنية شأنها شأن جميع مجالات الفنون الأخرى حيث أعطاها جانباً کبير من ابتکاراته الفکرية والمهارية وذلک بهدف الوصول إلى قدر کبير من الجمال التقنى لتلک المشغولات , والتى أدت إلى وجود اختلافات فى أشکال المشغولات الفنية المنتجة حسب طبيعة کل عصر من العصور .
3ـ العوامل التى أدت إلى تغيير رؤية الفنان للأشغال الفنية فى العصر الحديث : ـ
هناک عوامل عديدة أسهمت فى تغير رؤية الفنان للأشغال الفنية فى العصر الحديث ومن أهم هذه العوامل :-
1ـ التقدم العلمى الهائل فى ميادين العلم والتکنولوجيا والمتمثلة فى الأدوات الحديثة .
2ـ التفتح على ثقافة العصور المختلفة والاتجاهات الفکرية والثقافية والفلسفية لکل عصر.
3ـ تغير رؤية الفنان ونظرته للطبيعة واستخلاصه للخامات الملائمة منها .
4ـ مفهوم الأشغال الفنية فى ضوء الفن المعاصر : ـ
کان للتقدم العلمى والتکنولوجى فى مجال إنتاج الخامة والتطور الکبير الذى شمل جميع مجالات الفنون التشکيلية , أثر کبير فى إذابة الفواصل بين تلک الفنون بل إنه فى بعض مجالات الفنون زالت خطوط التماس التى کانت قائمة واندثرت تحت تأثير تداخل الخامات فى جميع المجالات الفنية مما ساعد على تطوير أى مجال فنى بالإضافة إلى التطور الذى يطرأ على الفنان نتيجة إطلاق العنان له وبالتالى يؤدى إلى تطور أفکاره وأعماله فى أسلوب تناول الخامة وتوظيفها فى أشکال غير تقليدية والذى أنعکس بدوره على مجال العمل الفنى , باعتبار أن الأشغال الفنية أحد مجالات الفنون التشکيلية فکان ولابد لها أن تتأثر بذلک التطور .
5ـ الأشغال الفنية وتأثيرها وتأثرها بالفنان والخامة : ـ
تتأثر المشغولة الفنية بشکل ملموس بالفنان , حيث أن الفنان ينقل معتقداته وثقافته الخاصة والتى تؤثر على شکل ووظيفة العمل الفنى کما يؤثر الفنان على المشغولة الفنية بشکل مباشر عن طريق تشکيل العمل الفنى النفعى والجمالى وبشکل غير مباشر من خلال تنوع التوظيف والتشکيل مما يؤدى لتعدد النفعية من العمل الفنى .
کما تؤثر أيضاً الأشغال الفنية على الفنان بشکل ملموس , حيث أنها تعکس مدى تکيف الفنان بالمجتمع وقدرته على التعبير عن شخصيته الخاصة , حيث تتضمن المشغولة الفنية حس الفنان ولمسات يديه وتعکس ذوقه وخبراته وثقافته العامة وهى بذلک تتميز عن الإنتاج الآلى والذى يفتقد إلى کل تلک العناصر السابقة .
ومن خلال التعرف على ماهية الأشغال الفنية ومدى إسهامها فى تشکيل الفکر الأبداعى للفنان , ومن خلال مدى تأثر الأشغال الفنية بالخامة وجد الباحث أنه من الضرورى التعرف على أسلوب تجميع الخامات والتقنيات المختلفة لإنتاج عمل فنى , وهو ما يعرف بتزاوج الخامات .
ثانياً : تزاوج الخامات : ـ
1ـ مفهوم تزاوج الخامات :
التزاوج يعنى عملية المزاوجة بين مجموعة مختلفة من الخامات ، وکلما اختلفت خصائص تلک الخامات من ملمس ولون وإمکانيات تشکيلية ، کلما تطلب ذلک قدراً أکبر من البراعة والدقة ، وذلک لإحداث تناغم وارتباط بين هذه الخامات مع بعضها البعض فى عمل فنى واحد يتميز بالأصالة ويثرى مجال الأشغال الفنية .
" فتألف الخامة مع خامة أخرى أشبه بعملية (عقد زواج) يتم بين خامتين ، ومن هنا نقول أن الخامات يجب أن تعيش معاً فى سعادة ، ولهاذا وجب أن يکون بينها نوع من التکافؤ کأن يکون لها عمر زمنى متقارب ، وأن نتغلب على ضعف خامة بخصائص القوة فى خامة أخرى ، ويجب أن تنتقى الخامات التى لها صفات جيدة ، فاختيار الخامة يجب أن يکون مقيداً بمفاهيم عنها " ( 7 ـ صـ 45 ) .
فالتزاوج عملية :
ــ غير سهلة .
ــ غير مألوفة الاستخدام .
ــ سمة من سمات التشکيل الفنى المعاصر .
وترجع عدم السهولة إلى الانفتاح اللامحدود من الخامات غير التقليدية التى أدخلت إلى مجال الأشغال الفنية ، فلکل خامة إمکانياتها التشکيلية وخصائصها ، وترجع عدم السهولة أيضاً إلى عدم تجانس الخامات والمواد المستخدمة لونياً وملمسياً ، مما يصعب من إمکانية تزاوج هذه الخامات مع بعضها البعض .
وغير مألوفة لأن الأشغال الفنية اقتصرت دوماً على الخامات والتقنيات التى أصبحت مألوفة ، ونتيجة لتقدم تکنولوجيا الصناعات الحديثة وما وفرته من خامات وأدوات صناعية مستحدثة ، وحاجات المجتمع ، فتطلب ذلک التحرر من الجمود والتقليدية فى إنتاج المشغولة الفنية.
وأصبح تزاوج الخامات سمة من سمات التشکيل الفني المعاصر نتيجة للمحاولات المستمرة في مجال التجريب بالخامة ، فالتشکيل بالعديد من الخامات في مجال الأشغال الفنية يهدف إلى إيجاد رؤى غير تقليدية في إنتاج المشغولات الفنية ، وذلک بمعنى إيجاد علاقات تشکيلية جديدة تتميز بالجدة والأصالة .
ثالثاً : الخامة : ـ
1ـ مفهوم الخامة :
" الخامة کمفهوم لغوى يعنى المادة الأولية "Row Material " أى الخامة التى لم يجر عليها عمليات التشکيل والتشغيل بمعنى أنها المادة قبل أن تعالج " الخام ما لم يعالج " ( 1ـ صـ 57 ) .
ويعرف أحمد حافظ رشدان الخامة بأنها " المادة التى تستخدم فى تجسيم العمل الفنى فلابد أن يکون العمل الفنى شکلاً محسوساً متضمناً القيم التعبيرية المراد تحقيقها فى هذا العمل ويختار الفنان خامتة بناء على القيم التى يمکن أن يحققها " ( 15 ـ صـ 31 ) .
وتعد الطبيعة المعين الدائم والمستمر للخامات والعناصر المختلفة والمتعددة ، حيث " تزخر البيئة المصرية بالعديد من الخامات الطبيعية المتنوعة والحيوانية والصناعية الجاهزة الصنع من حيث مصادرها وتصنيفها وأشکالها ومساحاتها وخطوطها تبعاً لاختلاف مصدرها البيئى " ( 16 ـ صـ 63 ) ، فلکل خامة خصائصها التى تتميز بها من لون وملمس من نعومة وخشونة ، وصلابة ومرونة ، وشفافة ومعتمة ، وقابلة للکسر أو التفتيت ، ولکل خامة إمکانيات تشکيلية والتى تضيف مع بعضها البعض قيمة جمالية فى التعبير عن العمل الفنى ، فالخامة تساعد على تجسيد مشاعر الفنان فى أعمال فنية مبتکرة ، وتؤدى إلى المزيد من حرية التعبير ، کما أن تزاوج هذه الخامات يحدث التناغم والتألف بينهم فى عمل فنى رائع ، ويأتى ذلک عن طريق إجراء التجارب والتطبيقات العملية ، واستنباط الأساليب الفنية والتقنية بما يتلاءم مع احتياجات المجتمع المعاصر .
والفن فى العصر الحديث يتميز بمواکبة التقدم العلمى والتکنولوجى والتطور الهائل فى مجال استخدام الخامة والذى يتميز بتناول العديد من الخامات وطرق تشکيلها ، حيث أن لکل خامة خصائصها وإمکانياتها التشکيلية التى تميز کل خامة ، ونتيجة لهذا التطور والذى شمل جميع مجالات الفنون ، فقد أزال هذا التطور الفواصل بين مجالات الفنون المختلفة ، والذى أعتمد على تزاوج الخامات التى أصبحت سمة مميزة للتشکيل الفنى المعاصر ، حيث تقوم فکرة تزاوج الخامات على إذابة القيود المحيطة بالفنان ، وإعطائه الحرية فى استخدام جميع الخامات المتاحة دون التقيد بالخامات التقليدية ، فالفنان الحديث يستخدم أکثر من خامة فى العمل الفنى الواحد .
2ـ العوامل التى أدت إلى تطور الخامة : ـ
مع بداية القرن العشرين بدأ الفنان يستکشف خامات جديدة بعيداً عن الخامات التقليدية التى ظلت تستخدم فى الفن وبقيت على ما هى علية حتى نهاية القرن التاسع عشر , فبدأ الفنان جاهداً فى النظر حوله لمحاولة تطوير خاماتة التقليدية , ومن أهم العوامل التى أدت إلى تطور الخامة: -
1ـ " العوامل والظروف التى عاشتها أوروبا فى القرن التاسع عشر وما شهدته من صراعات إجتماعية وسياسية أدت إلى قيام الحرب العالمية الأولى فى مطلع القرن العشرين مع ظهور النزعة الفردية ( Individualism ) التى أدت إلى الحرية المطلقة للفرد مما انعکس بطبيعة الحال على الفن بجميع مجالاته " ( 12 ـ صـ 222 ) .
2ـ التقدم العلمى والتکنولوجى فى القرن العشرين وأثر ذلک فى ابتکار مواد جديدة , مما کان له الأثر الأکبر على الخامة , فأصبحت الخامة بالنسبة للفنان مفهوماً أو فکره وابتعدت عن کونها مجرد مادة , فأمکن للفنان تطويعها لخدمة أفکاره ورؤيته .
3ـ الخامة وارتباطها بالمشغولة الفنية : ـ
مادة العمل الفنى ليست مجرد خامة صنع منها العمل , ولکنها غاية فى ذاتها تعين على تکوين الموضوع الجمالى للمشغولة الفنية , حيث تتضافر فيها جميع الخامات لإخراج المشغولة الفنية , حيث " تعتمد المشغولة الفنية فى بنائها التشکيلى على مجموعة من الخامات المتجانسة تعمل معا فى إطار من التوليف , ومن الطبيعى أن يکون لکل خامة دور خاص يتفق والغرض من المشغولة , فالخشب والألياف بأنواعها , الجلود والعظام والريش والقطع الخزفية والزجاج , والأحجار والمعادن إلى جانب اللدائن المصنعة : کالبلاستيک , والنايلون ، والبوليستر Polyester والألياف الزجاجية fiber-glass کلها خامات تمثل ( الباليتة ) التشکيلية لفنان المشغولة الفنية , بملامسها السطحية ودلالاتها الحسية ( 6 ـ صـ 34 ) .
والخامة يمکن أن تمد الفنان فى مجال الأشغال الفنية بکثير من الأفکار والصور الجديدة من حيث الرؤية والابتکار " ولما کان لکل عمل فنى خاماتة الملائمة له , والتى ربما لا يکون هنالک بديل عنها لإنجاز هذا العمل فما يصنع من القماش لا يصنعه الحديد الخام إلا إذا کان فى ذلک افتعالاً فالإحساس الذى يبعثه العمل يکون مختلفا کل الاختلاف , وذلک لأن الخامة تتحرک وتُحتک على أن تصنع منها شيئاً معينا حينما أحسست قدراتها التشکيلية " ( 5 ـ صـ 328 ) .
4ـ الخامة وعلاقتها بالفنان والتقنية : ـ
هناک أهمية کبرى للخامة فى العمل الفنى , فلابد أن يکون هناک توافق بين الخامة وبين الفنان وفلسفتة وفکرة وحالتة النفسية والاجتماعية والظروف المحيطة به أثناء قيامة بعملية الخلق الفنى فقد أسهم التطور والتقدم التکنولوجى فى مجال الصناعة , فى وجود الکثير من الخامات والمواد والتى وفرت للفنان المجال الخصب للإبداع فى اختيار الخامات التى تتناسب مع فکر الفنان واتجاهاتة الفنية
" والخامة تمثل دائماً محوراً هاماً فى علاقاتها بالعملية الإبداعية فالخامة هى الوسيط المادى الذى به ومن خلاله يتم التعبير والتشکيل بکافة أنواع طرق التنفيذ المتاحة لکل منها , ومن خلالها أيضا يتم تجسيد واستشعار القيم والمعايير الفنية الجمالية , ومن ثم فدراسة الخامة تعتبر أساساً حيوياً , نقف من خلاله على مدى تقدم الفکر التشکيلى فنياً وإبداعياً حيث ينعکس على الخامة فکرة العصر ورؤيتة الحضارية فى کل حقبة زمانية " ( 17 ـ صـ 46 ) .
وقد قام الباحث بتصنيف مختارات من الخامات الصالحة للتشکيل الفني وفقاً لمصادرها إلى قسمين :
القسم الأول : خامات أوجدتها الطبيعة ( من صنع الخالق عز وجل ) وتم تصنيفها إلى :ـ
1ـ خامات من مصدر نباتى مثل : لحاء الأشجار ـ سعف النخيل ـ الجريد ـ نبات اللوف ـ قشور الثمار الجافة ( جوز الهند والدوم واللوز ) ـ السيقان النباتية الجافة ( البوص والقمح والأرز ) ـ الألياف النباتية ( الکتان والقطن والسيزال ) ـ النوى ـ البذور .
2ـ خامات من مصدر حيوانى مثل : الصوف ـ الجلود ـ العظام ـ القرون .
3ـ خامات من مصدر جيولوجى مثل : القواقع ـ الأصداف .
القسم الثانى : خامات أوجدها الإنسان أو صنعها نتيجة أبحاثه وجهوده ( خامات صناعية ) مثل :
اللدائن الصناعية ـ المعادن ـ الزجاج .
وفى ضوء ما سبق فإن مجال الأشغال الفنية لم يعد قاصراً على إنتاج أعمال يدوية قائمة على خامات تقليدية ، حيث يجب على المشتغل بمجال الأشغال الفنية أن يتمتع بدرجة کبيرة من المرونة فى تناول الخامات المختلفة والتزاوج فيما بينها ، وأن يتمتع بالأصالة فى تشکيل تلک الخامات ، فلکل خامة إمکانيات تشکيلية وإبداعية متعددة ، وخصائصها التى تتميز بها ، والتى تعمل على تقديم رؤية جديدة من خلال ابتکار مشغولات فنية تثرى مجال الأشغال الفنية .
ثالثاً: الإطار العملي
يتضمن هذا الإطار التطبيقات العملية للباحث في ضوء ماتوصل إليه من نتائج وفق عدة محاور رئيسية کانت بمثابة الدليل في العمل الفنى .
1ـ الهدف العام :
يهدف البحث إلي تزاوج الخامات الطبيعية البيئية والخامات الصناعية المستحدثة لابتکار مشغولة فنية مستحدثة .
2ـ المحاور الأساسية للتجربة :
المحور الأول:
الدراسة النظرية للبحث ، في ضوء دراسه الأشغال الفنية ومفهومها فى العصر الحديث ، ومفهوم تزاوج الخامات ، ومفهوم الخامة والعوامل التى أدت إلى تطور مفهوم الخامة ، يمکن للباحث أجراء بعض التطبيقات يقوم من خلالها بإنتاج بعض المشغولات الفنيه محققه من خلالها القيم الفنية والتقنية.
المحور الثاني:
التجريب باعتباره ممارسة فعالة للکشف والتعلم والإبداع حيث أنه هدف أساسي من أهداف التربية الفنية .
المحور الثالث:
التجربة العملية للباحث والذي أعتمد فيها على التصميم البسيط والتقنيات التي تتناسب مع کل خامة في حد ذاتها أو من خلال التزاوج بين أکثر من خامة مع مراعات أهمية إخراج وتشطيب العمل الفني .
التطبيقات العملية للبحث
التطبيق الأول : شکل رقم (1)
شکل ( 1 )
النتائج والتوصيات
أسفرت الدراسه الحاليه من خلال الجانب النظرى والتطبيقى عن عدد من النتائج والتوصيات وهى على النحوالتالى :
أولاً: النتائج :
ثانياً: التوصيات:
1. أهميه إدراج الحديث والمتطور من الخامات في مجال الأشغال الفنيه للطلاب حيث إنها ذات تاثير کبير في مجال الإبداع .
2. الإفاده من الفنون المعاصره والدراسات والتجارب في مجالات الفنون المختلفه لتحقيق مشغولات فنيه مستحدثه وغير نمطيه.
3. القيام بالمزيد من الکشف عن خامات صناعية مستحدثه ذات إمکانيات تشکيليه مميزه مما يثرى مجال الأشغال الفنية .