القضايا الفکرية والفلسفية في مسرحيتي سيزيف والموت لروبير ميرل وعذاب تحت الشمس"سيزيف"لعصام عبد العزيز (دراسة مقارنة )

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلف

قسم الاعلام التربوي بکلية التربية النوعية جامعة الزقازيق

المستخلص

هدفت الدراسة إلى التعرف على القضايا الفکرية والرؤى الفلسفية التي طرحها الکُتاب في نصوصهم المسرحية، والکشف عن اتجاه الکٌتابين المسرحيين في تناولهما لأسطورة سيزيف، التي يطرحها کل منهما في نصه المسرحي (عينة البحث)، مع رصد أوجه التشابه والاختلاف بين نص مسرحية عذاب تحت الشمس"سيزيف " للکاتب عصام عبد العزيز، ونص مسرحية سيزيف والموت للکاتب العالمي روبيرميرل، وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج من أهمها : تأثر روبير ميرل بالفلسفة الوجودية، حيث جعل سيزيف إنسان حر، صاحب إرادة وکيان، وقادر على تحقيق ذاته، فهو يدرک الموت ولکنه لا يخشاه، کما تأثر بالاتجاه العبثي فعلى الرغم من أن سيزيف لا جدوى له من الهروب من الموت إلا ان الکاتب جعل العبث جزء لا يتجزء من حياته، أما عصام عبد العزيز فقد تأثر بفلفسة ألبيرکامي في موقف سيزيف بين الحقيقة والوهم، کما تأثر عصام عبد العزيز بالاتجاه العبثي فعلي الرغم من وجود سيزيف في عالم غير عقلاني إلا أنه يکافح من أجل اثبات وجوده من خلال تمرده حيث جعل الأمل في تثبيت الصخرة فوق الجبل، هو وسيلته لتمرد على قدره، لأنه يدرک مصيره .

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


المقدمة:

کانت ولا تزال الأسطورة محط أنظار العديد من الأدباء والکتاب المسرحيين المبدعيين، لأنها تعد إحدى أهم وأخصب آليات الابداع الأدبي لهم، فهي تعد منهلاً ثرياً لهم، وأرض خصبة يودع فيها الکاتب بذور الإبداع من خلال صياغة قالب مسرحي يصب فيه أفکاره الجديدة.

وعلى الرغم من نشأة المسرح في أحضان الأسطورة والدين، إلا أن الآساطير الإغريقية لم تنشأ في قوقعة ضيقة تبلورت فيها أفکار الإغريق ومعتقداتهم وحدهم فحسب؛ بل کان للعالم المجاور لهم حظٌ وافر لما نسجته مخيلة الإغريق من روايات أسطورية سادت في بلادهم لفترة طويلة من الزمن، حيث کان ينظر إليها في المجتمعات القديمة في مراحلها البدائية، على أنها حقيقة خالصة لا تقبل التشکيک، تتصف بالقداسة والتبجيل.

وتعد الأسطورة المقدمة الطبيعية والأساسية لظهور الفکر الفلسفي، فإذا کانت الآساطير اليونانية القديمة  تدور حول الآلهة وصراعتها على جبال الأولمب، فالتفکير الفلسفي يعتمد على العقل والمنطق في تناول هذه الموضوعات، لذلک فالتداخل بين التفکير الفلسفي والآساطير يصدر عنه حالة عاطفية تتخطى العقل؛ لتتنتج صور ذهنية مباشرة تعکس العلاقة بين الذات والموضع؛ لأن التفکير الفلسفي يقبل الرأي الآخر، ويعترف به،  وإذا کانت الآساطير تعبر عن علاقة ارتباط الانسان بالواقع،  فالتفکير الفلسفي يرفع الحجاب عن الحقيقة الرمزية من خلال العلامات والدلائل الجدلية.

والمسرح کشکل ابداعي يعتمد على مجموعة من القواعد الفنية والتقنية، التي تمکن العديد من الکُتاب المسرحيين من صياغة رؤياهم الفکرية والفلسفية من خلال رکائز واتجاهات متسقة وفقاً لمعطيات السياق الاجتماعي، بإعتبار الحاضر والماضي سلسلة متماسکة تنبؤ بالمستقبل بشکل متوازن، لأن الکاتب المسرحي لا يستطيع العيش بمعزل عن الواقع، فهو جزء من نسيج المجتمع يؤثر ويتأثر به من خلال ما يقدمه من مسرحيات، حيث يستطيع التعبير من خلال مؤلفاته وأعماله المسرحية عن قضايا مجتمعه التي تؤرقه، والمشکلات التي تواجهه.

وقد أشارت دراسة  کلأ منKruger,2012))، و(إلهام عبد الحميد ،2010)، و(Ryan,2008)، و(مي مصطفي،2019) إلى أهمية الوعي بالقضايا الفلسفية المعاصرة، المرتبطة بالأحداث العالمية والمحلية التي يشهدها العالم المعاصر، لأن عالم اليوم متغير لا يعترف بالحدود،  وقد تتصل تلک القضايا والمشکلات بواقع الحياة سواء بشکل مباشر أو غيرمباشر، بل وتؤثر فيه سلبياً أو إيجابياً، لذلک يساعد الوعي بالقضايا الفکرية والفلسفية على إثارة التفکير الفلسفي (التقاربي والتباعدي) ؛ لمحاولة حل المشکلات والقضايا الجدلية المثارة، التي تواجه المجتمع.

وقد لاحظت الباحثة أثناء قرأتها النقدية لمسرحية سيزيف والموت لروبير ميرل، ومسرحية عذاب تحت الشمس "سيزيف"  للکاتب المسرحي عصام عبد العزيز الذي وجدت إنتاجه المسرحي جدير بالبحث والدراسة، أن هناک تشابهاً بين تناول أسطورة سيزيف  للکاتب عصام عبد العزيز والکاتب المسرحي العالمي روبير ميرل؛ مما دفع الباحثة إلى عقد مقارنة بين هاتين المسرحيتين، للتعرف على القضايا الفکرية والفسلفية في هاتين المسرحيتين، والوقوف على أوجه التشابه والأختلاف بينهما، وبين الأسطورة اليونانية سيسيفوس، ورصد تأثير الأدب الغربي على الأدب العربي، حيث يتم رصد تأثير أديب فرنسي ذو شهرة عالمية على أديب مصري معاصر لديه العديد من الاعمال الأدبية التي بدأت في الذيوع والانتشار منذ فترة زمنية ليست بعيدة.

مشکلة البحث :

      کان للتقلبات الفکرية التي سادت في أوروبا وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، أثراً على الظروف الاجتماعية والثقافية ولا سيما الفلسفية والنفسية، التي عکست روح العصر وتعقيداته وتأزماته وشکوکه، کما أسهمت  في دعم العديد من الأدباء والکتاب الذين عاصروها من ظهور الأفکار الفلسفية  الخاصة بهم، التي انعکست على أعمالهم المسرحية،  فالکاتب لا يستطيع أن ينسلخ من روح المجتمع الذي ينتمي إليه أو أن يتعداه، فمن خلال قدرة الکاتب عن التعبير عن  القضايا الفکرية والفلسفية التي تؤرق المجتمع فى فترة زمنية ما، يؤکد انتماءه ودوره في المجتمع سواء بشکل مباشرأو غير مباشر.

ولا شک أن لکل کاتب تأثيرات مصاحبة لحياته سواء أکانت بيئية أم نفسية أم اجتماعية أم معرفية أم فلسفية ، فهي تدل بوجه عام عن نظرته في الحياة واتجاهه في الکتابة،  ولقد لاحظت الباحثة أن کلاً من الکاتب الفرنسي روبير ميرل في مسرحية سيزيف والموت، والکاتب المصري المعاصر عصام عبد العزيز في مسرحية عذاب تحت الشمس" سيزيف"، اعتمدا على توظيف الأسطورة اليونانية سيسيفوس في أعمالهم المسرحية،  للتعبير من خلالها عن الرؤي الفکرية والفلسفية الخاصة بهم، مما دفع الباحثة إلى عقد مقارنة بين هاتين المسرحيتين للتعرف على القضايا الفکرية والفلسفية التي جاءت في أعمالهم المسرحية،  والتعرف على مدى التشابه والاختلاف بينهما، ومعرفة ما مدى تأثر مسرح عصام عبد العزيز بمسرح روبيرميرل أم هي مجرد صدفة درامية ؟

وبذلک يمکن تحديد مشکلة البحث في التساؤل الرئيس التالي:

ما القضايا الفکرية والفلسفية التي تناولتها کل من مسرحيتي سيزيف والموت الروبير ميرل وعذاب تحت الشمس"سيزيف" لعصام عبد العزيز؟

ويتفرع من هذا التساؤل الرئيس مجموعة من التساؤلات الفرعية التالية:

1-  ما القضايا الفکرية والفلسفية التي طرحها الکاتب الفرنسي روبير ميرل في مسرحيته من خلال تناول أسطورة سيزيف ؟

2-  ما القضايا الفکرية والفلسفية التي طرحها الکاتب المصري عصام عبد العزيز في مسرحيته من خلال تناول أسطورة سيزيف ؟

3-  ما الشکل الفني الذي قدم به کل من الکاتبين مسرحيتهما؟

4-  ما عناصر البنية الدرامية في کل من المسرحيتين؟

5-  ما أوجه الاتفاق والاختلاف بين مسرحيتي سيزيف والموت لروبير ميرل وعذاب تحت الشمس لعصام عبد العزيز؟

6-  ما التقنيات الفنية التي  قدمها الکاتبين علي مستوي کتابة النص المسرحي شکلاً ومضموناً؟

7-  إلى أي مدى حافظ الکتاب على مضمون الأسطورة الأغريقية في النصيين المسرحيين؟

أهمية البحث :

1. تأتي أهمية البحث من أنه دراسة جديدة في مجال الأدب المسرحي والدراسات الأدبية النقدية، يمکن أن يستفيد منها العاملين بهذا المجال والباحثين والمهتمين بالدراسات المسرحية النقدية.

  1. تنمية الوعي بالقضايا الفکرية والفلسفية، ممع قد يکون له آثر إيجابي على إثراء وإفادة البحوث والدراسات ذات العلاقة بمتغيرات البحث .

3. قد تفيد نتائج الدراسة وتوصياتها المجتمع والقائمين علي المؤسسات المعنية بالدراسات النقدية نحو الاهتمام بالنصوص والعروض المسرحية لمسرح العبث والمسرح الفلسفي الوجودي باعتباره مذهب من المذاهب الفنية التي لها روادها وأصولها وقواعدها في الکتابة والإخراج المسرحي.

  1. إلقاء الضوء على کاتب مسرحي مصري معاصر، لم يحظ بعد بالشهرة التي يستحقها رغم کثرة وتنوع إنتاجه الأدبي.
  2. يفيد دارسي الأدب المقارن بصفة عامة، والباحثين المسرحيين بصفة خاصة.

أهداف البحث:

1. التعرف على القضايا الفکرية والرؤى الفلسفية التي طرحها روبير ميرل في نص "سيزيف والموت"، وعصام عبد العزيز في نص عذاب تحت الشمس "سيزيف" .

  1. الکشف عن اتجاه روبير ميرل  وعصام عبد العزيز في تناولهما للأسطورة، التي يطرحها کلأً منهما في نصه المسرحي (عينة البحث).
  2. التعرف على الشکل الفني والأسلوب الدرامي الذي اتبعه روبير ميرل  وعصام عبد العزيز في معالجتهم لأسطورة سيسيفوس مسرحيا.

4. رصد أوجه التشابه والاختلاف بين نص مسرحية عذاب تحت الشمس" سيزيف" للکاتب عصام عبد العزيز، ومسرحية سيزيف والموت للکاتب المسرحي روبير ميرل.

5. التعرف على عناصر البناء الدرامي في نص مسرحية سيزيف والموت للکاتب المسرحي روبير ميرل، ونص مسرحية عذاب تحت الشمس" سيزيف" للکاتب عصام عبد العزيز ومسرحية.

مصطلحات البحث:

  • القضايا :

" يمکن تعريف القضايا لغويا على أنها "  جمع قضية وهي مأخوذة من قَضَى ، وتعني الأمر المتنازع عليه، وتعرض على المجتهد أو القاضي ليقضي فيها ( مجمع اللغة العربية ، 1999 : 505)

  وعرف مصلح القضايا على أنه " موضوع مثار يدور حوله جدل تجري مناقشته بين طرفين أو أکثر للوصول إلى مجموعة من الآراء يتم من خلالها الاتفاق على رأي بشأن هذا الموضوع". (أمينة عامر ، 2020 ،  336 )

 وتعرفها الباحثة إجرائياَ بأنها الموضوع المثار أو الإشکالية الجدلية التي تدور حولها المسرحية .

  • القضايا الفکرية :

يمکن تعريف الفکر "على أنه يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حرکتها في المعقولات" (قحطان عدنان ، 2017 ، 520 )

   ويعرف الفکر أيضاً على أنه "النتاج الأعلى للدماغ، بوصفه مادة ذات تنظيم عفوي خاص، أوهو العملية الايجابية التي بواسطتها ينعکس العالم الموضوعي في مفاهيم وأحکام ونظريات ويظهر من خلال أنشطة الإنسان الاجتماعية والانتاجية التي تضمن انعکاساً وسيطاً للواقع، ويکشف الروابط الطبيعية داخله. ( جميز روس ، 2000)

   أما الفکرة فهي أسمى صور العمل الذهني، بما فيه من تحليل وتنسيق، وهي عند افلاطون النوذج المثالي للأشياء الحسية ، فهي الوجود الحقيقي " (عبد الکريم بکار ، 2010)

  وتعرفها الباحثة إجرائياً على أنها : القضايا الجدلية التي تحتاج إلى  نشاط ذهني يقوم به الفکر  حين دراسة هذه القضايا، مستعيناً بالعقل للکشف على على العلاقة بين الأشياء، ليتم إدراک هذه القضايا والوصول إلى حل.

  • القضايا الفلسفية :

وتعرف على "أنها قضايا وثيقة الصلة بالوعي لدرجة أنه يمکن اعتبار الفلسفة والوعي وجان لعملة واحدة، لإن الإنسان کلما إزداد علماً وفهماً للمشکلة إزداد وعيه "  (محمد زيدان ، 2001: 143).

  وتعرف أيضاً على أنها" قضايا جدلية تولد تفسيرات متضاربة وحلول متباينة، وترتبط بالقيم والسياسة والأخلاق وکل ما يدور داخل المجتمع (16:Kruger,2012)

 وتعرفها الباحثة إجرائياً على أنها : هي القضايا والمشکلات الجدلية المثارة في المجتمع، والتي تطلب الاعتماد على مجموعة من المبادئ  والقواعد  في استدلالاتها  من خلال عرض وجهات نظر متعددة ، لمحاولة فهمها وإدراکها ومن ثم حلها. 

حدود البحث (Research Limitations):

-       الحدود الموضوعية:

هو الموضوع الذي يتناوله البحث، وهو دراسة القضايا الفکرية والفلسفية التي تناولتها مسرحيتي سيزيف والموت وعذاب تحت الشمس"سيزيف"  لکل من الکاتبين من خلال دراسة وصفية مقارنة 

-       الحدود المکانية  :

النص المسرحي سيزيف والموت للکاتب الفرنسي روبير ميرل، والنص المسرحي المصري عذاب تحت الشمس " سيزيف" للکاتب عصام عبد العزيز.

-       الحدود الزمانية :

 هي الحدود الزمانية التي کتب خلالها الکاتبين روبير ميرل وعصام عبد العزيز مسرحياتهما – عينة الدراسة– وهي تمتد بين منتصف ستنيات القرن العشرين حتى منتصف العقد الثاني من القرن الحالي.

الإطار المعرفي والدراسات السابقة :

  ينقسم الإطار المعرفي إلى مبحثين :

  • المبحث الأول : القضايا الفکرية والفلسفية

لا شک أن التحولات التي تشهدها المجتمعات المعاصرة بصفة عامة، والمجتمعات العربية بصفة خاصة أثارت عدداً من التساؤلات، حيث يزداد وعي الأمم عندما تشهد تحولات ومتغيرات تخترق منطلقاتها السائدة، وأنماط معيشتها وثقافتها التي استقرت لفترات طويلة، وقد تنجم هذه الحالة من الوعي والقلق عن المتغيرات التي تواجه البنى الاجتماعية والفکرية، أو الأنشطة الأقتصادية، والمناخ الفکري والمعرفي، أو قد تنجم من تفاعل المجتمع مع مؤثرات وعوامل خارجية مصدرها قوى وتيارات خارجية ودولية (دعاء حمدي ، 2014 :199)

فالتغير سمة ملازمة للحياة البشرية ومصاحبة للبشرية منذ فجر نشأتها، أما الفلسفة " فهي تعد بمثابة مرآة عاکسة للمجتمع في کل العصور، لا تساير مشکلات وقضايا الواقع فحسب، بل تتجدد معها، لتعکس مدى تجدد وتعقد مشکلات کل عصر، ويحاول الفلاسفة دائما الإرتقاء بالإنسان إلى أفضل حال عبر تحليلاتهم النقدية للمشکلات القائمة، ومحاولة وضع حلول شاملة لها، حيث تستطيع الفلسفة فتح حوار جدلي عميق حول قضايا الواقع أو المستقبل". ( مصطفى النشار ، 2005 ،22).

أولاً: خصائص التفکير الفلسفي

يعد الفکر الفلسلفي جزء لا يتجزء من حياة الإنسان، فمن خلال دراسة الفلسفة يستطيع الإنسان أن يوضح جوانب الغموض في معتقداته،    فيدفعه ذلک إلى التفکير في المسائل الأساسية، ويصبح قادر على دراسة أراء الفلاسفة والمفکرين القدامى؛ لکي يفهم لماذا فکروا على هذا النحو، وأي أثر يمکن لأفکارهم أن تحدثه في الحياة . (حنا عيسى ، 2015 : متاح على الرابط التالي : https://pulpit.alwatanvoice.com ) .

وقد أتفق کلا من (Bonaito & Fasulo, 1997,11)، و(حسن الظنحاني ، 2014: 225)،   و(نورا زهران ، 2015 : 298-299) على مجموعة من السمات أو الخصائص المميزة للتفکير الفلسفي، على النحو التالي :

1) ممارسة أنماط التفکير المختلفة کالتفکير الناقد والمنطقي والتحليلي الذي يساعد على نضج الشخصية.

2) التدريب على صياغة الآراء وتنظيمها والتعبير عنها بأسلوب مقنع للآخرين، من خلال  ربط المعلومة الموجودة بالبنية المعرفية للقضية أو المشکلة الجدلية المثارة .

3) التعبير بحرية  تجاه الموقف أو المشکلة المطروحة، مع القدرة على تحمل المسئولية، ومناقشة الأفکار والمعتقدات مع الآخرين ليشارکوا بأرائهم فيها .

4) إتخاذ موقف إيجابي تجاه القضية أو المشکلة  المثارة والتفاعل معها، مع الإلمام بالأفکار المتباينة والمتناقضة تجاه القضايا أو المشکلات المطروحة.

5) العرض المنظم والواضح والمتماسک للأفکار الواردة بترتيبها، حسب علاقتها وموقعها داخل نظام المعنى أو السياق؛ للتوصل إلى حکم حول صحة او خطأ حجة الطرف الآخر.

6) ترسيخ مفهوم قبول الآخر مع القدرة على المناقشة، بإستخدام الحجج والبراهين المخاطبة للعقل والمنطق، بما يؤدي إلى إقناع الاخرين.

7) اختيار الأساليب والکلمات الملائمة لطبيعة الموقف .

ثانياً – أهمية القضايا الفکرية والفلسفية

تسعى الفلسفة إلى فهم الوجود والواقع المحيط بالإنسان، من خلال محاولة الکشف عن ماهية الوجود والسعي الدائم للوصول إلى الحقيقة والمعرفة، لکي يدرک الإنسان قيمة وأهمية الحياة، ولا تکتفي الفلسفة بذلک بل تنظر في العلاقات القائمة بين الإنسان والطبيعة، وبين الفرد والمجتمع، فالفلسفة نابعة من حب الاستطلاع، والرغبة في المعرفة والفهم، فهي عملية تشمل التحليل والنقد والتفسير والتأمل، أي ليست قاصرة عن قدرة الفرد على القراءة والفهم والتعبير والاستدلال الصحيح، وتنظيم حياته فحسب، بل تعبر عن الأفکار الفلسفية التي يؤمن بها المجتمع حول قيمه ونظامه وثوابته الوطنية .

(أ‌) أهمية القضايا الفکرية والفلسفية للأفراد

فقد أتفق کلأ من (Felton, 2004, 35)، و( عبد المجيد الانتصار ، 1997 ،23) على بعض النقاط التي تدور حول أهمية القضايا الفکرية والفلسفة بالنسبة للأفراد داخل المجتمعات کالتالي :

1) تکوين الشخصية المستقلة في فکرها وتکوينها، القادرة على التعبير عن مشکلاتها وقضاياها .

2) تمکن الفرد من مهارات الحوار والمناقشة، والتعامل بشکل جيد في المواقف المختلفة .

3) توجيه الفرد إلى مصادر المعلومات الموثوقة، التي تساعده على صياغة الأدلة الداعمة لوجهات نظره؛ ليتمکن من الرد على وجهات النظر الآخري .

4) تنمي الشجاعة لدى الفرد في عرض أفکاره على الآخرين، وجعلها مطروحة للفحص والنقد.

5) مساعدة الأفراد على تنظيم أفکارهم،  وتنمية قدرتهم على کشف المغالطات في أراء الآخرين.

6) وسيلة للتعلم واکتساب المعارف، حيث يستطيع الأفراد من خلال مناقشة الآخرين الأطلاع على أفکارهم وآراهم وتکوين الحجج المقنعة له .

7) القدرة على التأثير في الآخرين على أساس من الصحة والبرهان  ومخاطبة العقل. 

8) تنمية قدرة الفرد على الاستنباط والاستقراء

9) تقوية الروح الناقدة والبعد عن التضليل بالاستدلالات الزائفة.

10) تحديد الموقف الإشکالي في النص الجدلي الذي يستدعى النقاش.

(ب‌)أهمية القضايا الفکرية والفلسفية للمجتمع

فقد أتفق کلأ من (حسن شحاته ، 2012 :134)، و( حنا عيسى : 2015)، و(ولاء محمد صلاح،  2020: 620 – 627) ، على بعض النقاط التي تدور حول أهمية القضايا الفکرية والفلسفة بالنسبة للمجتمعات، کالتالي:

1) تمتلک الفلسفة أسلوب المناظرة الذي يميزها عن غيرها من العلوم الإنسانية، حيث تتبادل البراهين وتطرح الأدلة والحجج.

2) تنمية الوعي بالمشکلات والقضايا الجدلية من خلال الإدارک والفهم والإحساس بها، فکلما أزداد المرء علماً وفهماً للمشکلة أزداد وعيه بها .

3) توليد العديد من الأفکار المتصلة بالقضايا الجدلية أو المشکلات المثارة وتحديدها بدقة، مع تنمية قدرة الأفراد علي اتخاذ مواقف واضحها إزاءها.

4) تحديد الجوانب الفلسفية المختلفة للقضايا المطروحة، مع التدليل على أهمية الموقف الفلسفي باعتباره مرآة الواقع عبر العصور.

5) المقارنة بين المذاهب الآخلاقية المختلفة من حيث الايجابيات والسلبيات، مع إطلاق حرية تعبير الأفراد عن وجهات نظرهم في القضايا المثارة أو المطروحة .

6) تزوّد المجمتع بمبادئ، وأصول، وغايات النظام الاجتماعي والتربوي اللذين يحکمان المجمتع، والحياة الاجتماعية فيه.

7) تساعد على فض المنازعات وإزالة سوء التفاهم بين الأطراف المختلفة, ومحاولة حلها .

8) تعتبر مصدراً للمنظومة التربوية التي تتکون من المدرسة، والأسرة، والمجتمع التي تستمد مناهجها، ومبادءها، ومادتها، وغاياتها، وأهدافها من فلسفة المجتمع خاصةً وفلسفة الحياة عامةً.

9) تعرّف الأفرد على الأصول الفلسفية للثوابت الوطنية داخل مجتمعاتهم .

ثالثاً– القضايا الفکرية والفلسفية والمسرح الفرنسي

مما لا شک فيه أن القضايا الفکرية والفلسفية أثرت على الحياة الثقافية بوجه عام، والمسرح المعاصر بشکل خاص، " فالإنسان في المسرح  ليس کياناً موحد الذات، مترابط الشخصية، متماسک الأعصاب، أو منسجم الکينونة بين العقل والضمير، أو بين الروح والوجدان، إذ أنه يبدو کياناً ممزق الذات مفتقداً، لأي شکل من أشکال الانسجام بين مکونات وجوده الداخلي، فهو يعيش إزدواجية قاسية تخلق من خلالها عدم التوازن، وکذلک يعيش بين ثنائيات وتعددة ( الفکر، العمل، الخيال، الواقع، الظاهر، الباطن)، وهذا يحلينا إلى أنه لا يوجد حقيقة ملموسة، إذن فالحقيقة نسبية، وکل ما يدور من حوله من أفکار وأخلاق هي مسائل نسبية. (عماد الدين خليل ، 1985 : 22- 23)

وقد ظهرت الفلسفة الوجودية بعد الحرب العالمية الثانية في المجتمع الفرنسي، في منتصف القرن العشرين، وقامت على تحليل الوجود، ثم الانتقال منه إلى النفس البشرية، لترى مدى التطابف بين النفس والوجود " (حسام الخطيب ، 2001 ک 191)

وأصبح الاعتماد الراسخ بحرية الإنسان محوراً من أهم محاور التفکير الفلسفي المعاصر، " حيث أصبحت الحرية تعني وعي الذات بجوهره الروحي وغايته المطلقة "( حسن عبود ، صلاح حمادي ، 2020 : 83)

واستطاع ألبير کامو  استخدام أسطورة سيزيف وبلورتها حول العزلة التي تواجه الإنسان في العالم، وذلک لعدم معقولية العالم، وتسلط الأقدار على رقاب البشر، وعجز الکلمات، فالکل باطل في وجهة نظره مما جعل مسرح العبث مسرحا جديداً ثائراً متمردا "( محمد زکي ، 1986 :63)

وبذلک فقد تجسدت فلسفة الحرية عند العبثيين انطلاقاً من فکرة اللامعقول؛ للتخلص من القيود والعقل والانطلاق نحو کل ما هو غريب غير مألوف، مما جعل مفهوم الحرية يتخذ صفة " الثورة على المعقولية المزيفة التي يفرضها المفهوم العلمي على الفن، وهي ثورة ليست على المضمون فحسب، بل امتدت إلى الشکل "( توفيق الطويل ، سعيد زاير، 1983 : 160)

وهناک من أسس لنفسه منهجاً خاص يعتمد على فلسفته الخاصة مثل: (الفريد جاري)، من خلال محاولته القضاء على فکرة المعقولية السائدة في المسرح الکلاسيکي التقليدي، متجهاً نحو إلغاء واقعية الزمان والمکان، حيث عمد إلى الخلط بين الأزمنة والأمکنة، کما عمد في مسرحه إلى إلغاء واقعية الإنسان، الذي استحال إلى المنصة شبحاً مقنعاً، فقد کان يري العالم کماً مجهولاً من الظواهر العارضة، التي تفتقد المنطقية، لذلک أسس فلسفته الخاصة التي تقوم على عالم الحلول المتخيلة والمتصورة ؛ لشرح منطقية ما بعد الميتافيزيقية، کما حدث في مسرحية (الملک أوبو).  (عثمان الحمامص ، 2004 ، 24)

أما صموئيل بيکت، فقد اقترب مسرحه بشکل کبير من مفهوم الخيال، وغياب الحقيقة الثابتة المطلقة، مثل: مسرحية لعبة النهاية ومسرحية الأيام السعيدة وفي انتظار کودو، التي يقول فيها لاشئ أکثر حقيقة من اللاشئ "( أرنولد هنجلف ، 1979: 77)

و استطاع  يوجين يونسکو " أن يقدم  في مسرحه الإنسان المعاصر بمشاکل ضياعه في غمار المذاهب والتکتلات، وقلقه في زحام المدينة، وعجزه أما رهبة الموت، مثل : مسرحية قاتل بلا أجر ، فهو يعرض للمتلقي ما يشعر بيه، ويدع المتلقي أن يقوم بالتنقيب في ذاته باحثا عن الحل، لذا فنادراً ما يجد المتلقي في مسرح يونسکو العظات أو الحلول " ( محمد الخضيري ، 1964 : 124)

وعلى الرغم من کثرة الآراء الفکرية والفلسفية المختلفة لهؤلاء الکتاب، إلا أنهم اتفقوا على مبدأ اللامعقول في الفن، هذا ما أدى إلى کثرة التسميات التي نسبت لهذا المسرح،  فقد ارتبط بأسماء متنوعة مثل: مسرح الضد ومسرح الطليعة والمسرح التجريبي، بالإضافة إلى مسرح العبث واللامعقول، لأنه أتى بمرتکزات جديدة مغايرة، کانت أساس المسرح في الخمسينيات. ( حسن عبود ، 2020 : 83)

وفي ضوء ما سبق يتضح أن المسرح الفرنسي قام إبان الحرب العالمية الثانية على فکرة اللامعقول، بمعنى أن کل شئ في الوجود معقول؛ ولکن علاقة الأشياء مع بعضها غير معقولة، فالموت لا معقول، واللامعقول أصبح يسود کل الأرجاء، ويبدوا غريباً مثيراً للدهشة، ربما کان هناک ثمة سبب للوجود أبعد من متناول عقول هؤلاء الکتاب، مما دفعهم إلى رفض اليقين والمطلق، مستخدمين الخيال کمبرر مشروع لما يدور حولهم من عبث في الحياة.

رابعاً- القضايا الفکرية والفلسفية والمسرح المصري

استطاعت الفلسفة الوجودية أن تطرح نفسها إبان الحرب العالمية الثانية، حيث ساد شعور الإنسان بالقلق واليأس جراء الفناء الذي حدث نتيجة الحرب، وأصبحت هناک حاجة لفهم الوجود، حيث کانت عقول الاجيال العربية الجديدة من المثقفين تضج بموضوعات وأسئلة شبية بتلک التي طرحها الوجوديون في الغرب – مع اختلاف الآسباب – عن الحرية وجدوى الحياة ولغز الموت وحقيقة الوجود ( سماح خميس ، 2014 : 360)

أما المزاوجة بين القضايا الفکرية الفلسفية فقد تبلورت عبر تفاعلات وأحداث بنية العق العربي وحرکيته ، والطابع الايدولوجي الذي تسلط على تلک البنية من خلال مسيرتها بشکل لا شعوري، حتى أصبحت الممارسة الفکرية تقع تحت ذلک النوع الذي أدرجه (بياجيه) تحت مسمى اللاشعور المعرفي ( محمد عابد ص 1991:15) 

وقد استطاع العديد من الکتاب العرب صياغة رؤياهم الفکرية والفلسفية التي تعرضو إليها في مسيرة حياتهم، والتي بلورت أفکارهم واتجاهاتهم المعرفية تجاه المجتمع الذي ينتمون إليه ،" حيث يري توفيق الحکيم أن المسرح الفکري، ليس مسرحا مجردا شأن  مسرح التجريد عند بيکيت ويونسکو، فالمسرح الفکري تقليدي في بنائه وفي رسم شخصياته، ولکن العنصر المميز للمسرح الفکري هو أن ما يشغل الشخصيات ليس موضوعاً عاطفياً أو نزاعاً مادياً بقدر ما هو قضية فکرية من خلال سياق درامي جاذي لعقل المتلقي" ( أحمد صقر، 2018، متاح على الرابط التالي : www.drahmedsakercom

وقد استخدم " توفيق الحکيم نظريته عن المسرح الذهني في اختيار القضايا الذهنية التي يعالجها، کما غلب على معظم شخصياته الطابع الآسطوري، فعلى الرغم من أن شخصياته التقصت بعالم الآساطير بعيداً عن الواقع، مثل: شخصية أوديب الذي لم يستطيع أن يتخلص من الجبرية الصارمة التي فرضتها عليها الآلهة، وشخصية بيجماليون الذي يهرب من الواقع ويرتد إلى برجه العاجي، وشخصية ميشيلنا ورفيقاه في مسرحية أهل الکهف، الذين فضلوا العودة للکهف خوفاً من مواجهة الحياة، وقد اعترف توفيق الحکيم نفسه، بأنه جعل الممثلين أفکار تتحرک في المطلق من المعاني والرموز مرتدية أثواب الرموز " (إبراهيم عبد الرحمن ، 1977 : 237)

أما مصطفي محمود فقد مزج بين الحس الفني ووالإدراک الفکري، فکان يتعامل مع الأشياء بعقله ثم يعيها بواجدانه، ثم يجسدها بقلمه، فإذا هي مسرحية أو رواية أو قصة قصيرة، حيث استطاع أن يفلسف حياته وأن يتخذ من أزماته النفسية الحادة، وتجارب حياته وخبراته مادة لأدبه، فلم يتجه إلى تصوير نماذج من الشخصيات، وإنما اتجه إلى تصوير أفکار في مواقف مختلفة تحس وتتحرک، وتطور نفسها، فالشخصيات عنده وعاء للفکر والقضية " (خالد الزهراني ، 2009 : متاح على الرابط التالي :www.rclub.com  )

وهناک من اعتمد  على الرمز مثل صلاح عبد الصبور في عرض المأساة في مسرحية قيس وليلي، حيث حول الرمز في القصة القديمة إلى رمزاً على أحداث وقضايا فکرية وفلفسفية ومواقف حديثة سياسية واجتماعية، مختلفا عن أحمد شوقي " الذي اعتمد في تصويره على النموذج  البشري، وإبراز ملامح هذا النموذج على الجانب السطحي، من خلال اهتمامه بالنبوغ الشعري، بعيداً عن الأزمة والوصول بالبطل للنهاية المحتومة " (محمد زکي العشماوي ، 2003 : 231)

     وبذلک فقد استطاع العديد من الکٌتاب العرب إعمال العقل في عرض القضايا الفکرية والفلسفية التي تؤرق الإنسان والمجتمع، وإثارة القدرة على الوعي الذي ينبثق من عمليات التفکير، لذا لجأ العديد من الکُتاب المسرحيين من خلال إعمال العقل، وخلق أجواء المتعة الفنية؛  لتحقيق الصدق والموضوعية عند قراءة العمل الفني الخاص بهم،  من خلال عرض وجهات نظر متعددة  تجاه حل هذه القضايا، لمحاولة فهمها وإدراکها وإثارة وعي المتلقي بها.            

  • المبحث الثاني : توظيف أسطورة سيزيف في المسرح

أولاَ- نبذة عن حياة المؤلف روبير ميرل

ولد روبيرميرل عام (1908م)، في تبسة بالجزائر، ثم انتقل مع أسرته إلى باريس، وإلتحق بالمدرسة الثانوية، ثم جامعة السوربون، وعمل أستاذ الأدب الإنجليزي في عدة جامعات، في عام (1939م)، أثناء الحرب العالمية الثانية، تم تجنيد ميرل في الجيش الفرنسي وتم تعيينه کمترجم فوري في قوة المشاة البريطانية، ثم أسره الألمان، وبعد ذلک استطاع الهرب، لکن تم القبض عليه في الجمارک البلجيکية، وأعيد إلى وطنه في يوليو (1943 م)، واستخدم ميرل تجاربه في دونکيرک في روايته التي صدرت عام (1949م) بعنوان نهاية الأسبوع، ومن بين الأعمال  التي ألفها ميرل العديد من المسرحيات مثل مسرحية سيزيف والموت، وألف العديد من الروايات مثل:  رواية باريس ما بوني فيل (1980م)، ولو برينس کيو فويلا (1982م)، ولا فيولينت أمور (1983م)، لا بيکيه دو جور (1985م) مما جعل دوجلاس جونسون يصفه بأنه "سيد الرواية التاريخية " ، حيث کتب ميرل سلسلة من الروايات التاريخية مؤلفة من ثلاثة عشر کتابًا مستخدماً العديد من إيقاعات الخطاب والتعابير الفرنسية المناسبة في الفترة التاريخية، هذه السلسلة جعلت ميرل اسمًا مألوفًا في فرنسا مما جعله يلقب بألکسندر دوما في القرن العشرين.( دوغلاس جونسون، 2004 : متاح على الرابط التالي : https://en.wikipedia.org ) .

 وتوفي عام (2004م) عن عمر يناهز (95) عامًا بسبب نوبة قلبية، وأطلقت صحيفة لوموند على ميرل لقب "أعظم روائي شعبي في فرنسا"، وأن روبرت ميرل هو أحد الکتاب الفرنسيين القلائل الذين حققوا نجاحًا شعبيًا وإعجاب النقاد".. (داليا ألبيرج،2014 :  متاح على الرابط التالي : https://en.wikipedia.org/wiki/Robert_Merle)

ثانياً- نبذة عن حياة المؤلف عصام عبد العزيز :

هو فنان وکاتب مصري الجنسية، تخرج من المعهد العالى للفنون المسرحي قسم الدراما والنقد بأکاديمية الفنون، ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا من کلية الاعلام جامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الدکتوراه فى فلسفة علوم المسرح والدراما من أکاديمية العلوم  المجرية - بودابست عام (1980م)، وعين رئيسا لقسم الدراما والنقد المسرحى  فى عام (1992م)، وله عديد من المقالات والدراسات والمسرحيات المنشورة والتى تدرس فى الجامعات والمعاهد الفنية، کما کتب  عديد من الأفلام للسينما وللتلفزيون( قصة وسيناريو وحوار)، وترجم وراجع عديد من الکتب فى مجال الدراما والمسرح .

من أهم أعمال عصام عبد العزيز المسرحية، أنه کتب أکثر من ثلاثين مسرحية:  منها مسرحية حورس والصمت عام (1994م)، ومسرحية کل أمام الآخر عام (2002م)، ومسرحية الرقص على القمر، ومسرحية الکونشرتو الأخيرعام(2005م)، ومسرحية أوديب والقربان المقدس، ومسرحية طقوس الموت والحياة ومسرحية المرأة والحجر عام (2006م)، والقربان الملعون(2007م)، وطارد الأرواح عام (2008م)، ومدينة النيسيان عام (2010م)، ومسرحية ليلة انتحار يهوذا، ومسرحية ليلة صلاة الملاک الساقط عام (2012م)، ونقوش على جدار الموتى(2013م)، والرحلة الأخيرة لصکوک الغفران عام (2014م)، عذاب تحت الشمس "سيزيف" عام (2016م)، وليلة فاوست الأخيرة عام (2017م)، تمرد فى حديقة الموت " مسيلمة الکذاب" عام (2018م)، کما کتب العديد من  الروايات والقصص القصيرة مثل: رواية الصمت المقدس ولحظات أخرى والحلم القرمزى والصمت والمطر ولحظات أخرى .   وشارک في العديد من الأفلام السينمائية  سواء بالتمثيل أو الکتابة أو الأخراج مثل : فيلم الشيخ محمد عبده والعقرب والطرق إلى الشمس و نجرسکو والرجل الملعون .

ثالثاَ - الملخص وفکرة المسرحستين :

تدور المسرحيتين حول فکرة توظيف الأسطورة اليونانية سيزيف في المسرح، لکن کل کاتب تناول الموضوع من زاوية مختلفة، حيث أضاف الکاتب روبير ميرل في مسرحية سيزيف والموت بعض الشخصيات التي لم تکن موجود في الأسطورة اليونانية، کشخصية الصحفي الذي جعله يتخذ موقف الباحث عن الحقيقة لکي نتعرف من خلاله على شخصيات المسرحية، والوصول إلى کيفية تمکن سيزيف من خداع ملک الموت.

وحاول روبير ميرل توظيف أسطورة سيزيف، التي عبر من خلالها عن قيم البطل الزائفة محاولا تصوير واقع المجتمع، وما يعانيه من تزييف للحقائق وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية ، فنجده يکشف عن أدق الأحاسيس والعواطف بطريقة فنية متجها إلى محاولة تصحيح وضع إجتماعي قائم من خلال النهاية المأسوية التي يستحقها البطل الذي يعاني من تحکمات الألهة والقدر، محاولا الصراع مع تلک القوى للتأکيد على حريته حتي يعيش، وهو يحقق رغبته في الحياة إلا أنه يجد نفسه مرفوض من الجميع، لأن القوى الاجتماعية هنا المتمثلة في البشر تتحرک کالقضاء رافضه لما يحدث، معترضة آماله وطموحاته في الحياة کالتالي :

‌                العين الأول : هي محاولة محکوم عليها ...

‌                العين الثالث : بالفشل الذريع ..

‌                العين الأول : الأکيد ...

‌                العين الثاني: لأن الأولمب قوي جدا يا سيزيف..

‌                العين الثالث : الأولمب ذو سلطان عظيم ..

‌                العين الأول : الأولمب ملک...

‌                العين الثاني : وقد انتصر دائماُ في کل مکان .

‌  سيزيف : (صارخا في وجوههم) کفي (يتراجع الأعيان) أتسمعون ؟ کفي ! (يتراجعون)..إني أشمئز منکم ، أتسمعون ؟ کفي أخرجو !!! (فترة صمت)  ...(صـ :122).

أما الکاتب عصام عبد العزيز في مسرحية عذاب تحت الشمس "سيزيف" قام بإضافة بعض الشخصيات أيضاً الغير موجودة في الأسطورة اليونانية، کشخصية اللصين التي بدأ بها المسرحية، محاولين البحث في سبب العذاب الأبدي الذي يتلقاه سيزيف، من خلال محاولة التقرب منه، ثم التعليق على حديثه وأبداء رأيهما فيه، کما حمل شخصية سيزيف بالعديد من التناقضات، فعلى الرغم من مصيره جعله بطل مأساوياً قادراً على التحدي، يحمل قدراً کافي من الإصرار والصبر والأمل والطوح، الذي جعله ربما يکون سبيل خلاصه في تثبيت الصخرة يوما ما على قمة الجبل  للتخلص من هذا العذاب الأبدي، بالإضافة إلى الرؤي الفلسفية والقيم السياسية النابعة من تأثر الکاتب بظروف مجتمعه ، وما حدث من تغيرات وأوضاع اجتماعية بعد ثورة 25 يناير 2011، ثم تم تعديل المسار في ثورة 30 مايو 2014 م، حيث جعل الحوار بين الشخصيات يقوم على المناقشة النابعة من حياة الشخصيات وظروفها، لعرض المشکلة وتباين وجهات النظر حولها کالآتي :

‌                الکاهن : أنا لن أجادلک في تلک المسألة، لأني أفهم قصدک جدا..أتنکر أنک أغتصبت عرش أخيک..

‌  سيزيف : لقد کان أخي شخصا ضعيفا بکاءا لا يفهم شيئا عن أصول الحکم ..بل کان يخضع لبطانة السوء من المرشدين له ..والأغنياء ذوى المصالح الخاصة..وبالتالي لم يجد الشعب قوت يومه بل ألتف حول الکهنة لتحويل المملکة إلى مملکة دينية .. تقمع فيها الحريات ..ويعزل کل صوت حر صادق..وينفي منها کل صاحب قلم جاد.. فکان من الطبيعي أن يعزل..   (صـ : 60).                                                                           .     

الإطار المنهجي للدراسة :  

  • §   منهج البحث:

     تم استخدام المنهج المقارن الذي يبحث في العلاقات الثنائية بين ثقافتين إحداهما فرنسية والآخرى مصرية، أي بين منتج إبداعي في ثقافة أجنبية، ومنتج إبداعي آخر في ثقافة عربية، کل منهما کتب بأسلوب أو منهج - رؤية مغايرة –لا يصح المقارنة بغير ذلک ؟ 

"حيث يفرض هذا المنهج على الباحثة أن تکون على علم ودراية بالحقائق والأحداث التاريخية للحقبة الزمنية لحدود بحثها، کي تستطيع الکشف عن المعاني الکامنة وقراءة ما بين السطور، کي تستطيع إحلال الانتاج الأدبي محله من الحوادث التاريخية التي تؤثر في توجيهه ومجراه" (عزة هيکل،2004: 7 )

وترکز الدراسة على المقارنة بين نص المسرحي سيزيف والموت لروبير ميرل و مسرحية عذاب تحت الشمس"سيزيف" لعصام عبد العزيز، للوقوف على القضايا الفکرية والفلسفية في کل من النصين، ومعرفة مدي أوجه التشابه والاختلاف بينهما، بالإضافة استخدام المنهج الوصفي التحليلي الذي ساعد في تحليل النصوص المسرحية - عينة الدراسة - من حيث البناء الدرامي. 

  • §   عينة البحث:

تتمثل عينة البحث في النص المسرحي " سيزيف والموت " للکاتب الفرنسي روبير ميرل، والنص المسرحي " عذاب تحت الشمس سيزيف " للکاتب المصري عصام عبد العزيز، حيث تشکلت الأسطورة في کلاً من النصين بشکل واضح وجليَ، استطاع الکٌتاب من خلالها التعبير عن القضايا الفکرية والفلسفية التي تواحه مجتمعاتهم، ومحاولة معالجة تلک القضايا والمشکلات من وجهة نظرهم .   

 الإطار التحليلي للبحث :

أولاً- أوجه الاتفاق والاختلاف بين النصيين :

1-  عنوان المسرحيتان ودلالته

کلاهما مستمد من اسم سيزيف بطل الأسطورة اليونانية، فعلى الرغم أنهما متشبهان في المعني والمضمون، وإن کان مختلفان في الشکل واللفظ، فإن الکاتب روبير ميرل في عنوان  مسرحية سيزيف والموت، وظف العنوان بشکل عبثي بين البطل الذي يمثل الحياة والوجه الآخر من الحياة وهو الموت، أما مسرحية عذاب تحت الشمس " سيزيف"، فقد أختار الکاتب عصام عبد العزيز هذا العنوان ليدل على مدى العذاب الأبدي الذي يتلقاه سيزيف کل يوم، وبذلک فإن الکاتب هنا تأثر بالعقاب الأبدي الذي يتلقاه سيزيف کل يوم تحت شمس قاحلة، مشيراً إلى دورة الشمس الأبداية، وما تحمله شخصية سيزيف من الطموح والأمل في تثبيت الصخرة فوق قمة الجبل، ثم سرعان ما تسقط الصخرة من فوق قمة الجبل لتدل علي الفشل في الأستمرار والمحاولة، کنوع من العذاب والصراع العبثي لشخصة سيزيف الذي يدفعه لتجديد المحاولة کل يوم .

2-  المشهد الاستهلالي ( الافتتاحي)

استخدم الکاتب روبير ميرل في مسرحية سيزيف والموت شخصية الصحفي في المشهد الأفتتاحي، الذي يحاول البحث عن الحقيقة لينشرها للجميع، کالتالي :

‌  الصحفي : (في صوت خافت) ألا يوجد أحد هنا ؟ (صمت ..حينئذ يقول في صوت جهوري) أليس هنا أحد؟ (کالسابق) لا أحد ؟ (حيينئذ يجيبه صوت من الداخل) " هأنذي  هأنذي" فيتجه الشاب ببصره نحو الباب وقد بدا عليه جليا أنه يتحفز للفرار..أخيرا تظهر آريستيه.. أنها قابلة بدينة .. يتنهد الصحفي الصعداء ويتهالک على مقعده ..تمر فترة من الصمت ).

‌                آريستيه : من تطلب؟

‌                الصحفي : صبح الخير يا ستدي

‌                آريستيه: (دون أن تتجاوز حدود الأدب ) صباح الخير.

‌                الصحفي : هنا يقيم السيد سيزيف ، أليس کذلک . (صـ: 115)

کما وظف الکاتب المشهد الافتتاحي لمحاولة إلقاء الضوء على ماضي شخصية سيزيف، لعرض ما حدث من أفعال ذات أثر فعال على تطور الحدث الدرامي بالنسبة لمستقبل الشخصية، لمحاولة تعريف المتلقي منذ بداية العرض بقضية المسرحية .

أما في مسرحية عذاب تحت الشمس " سيزيف"، فقد وظف الکاتب عصام عبد العزيز المشهد الافتتاحي يدور بين لصين بالقرب من الجبل، الذي يتلقي فيه سيزيف عذابه الأبدي، محاولا أحدهما التعبير عن عناء المسير في الصحراء القاحلة تحت الشمس اللافحة، کالتالي :

‌  اللص 2: لقد أجهدتني .. ولم أستطع أن أفهم مرادک من السعي في تلک الصحراء القاحلة ..أو أن أرى مشهدا واحدا يشجعني على المضي قدما في هذا العراء أو أجد مکانا يشجيني بعد عناء هذا السير الغير مجدي والذي جعلني ألهث وراءک مثل الکلب الذي يتبع صاحبه دون مناقشة ولا أدري کيف طاوعتک في المضي إلى هذا القفر وتحت تلک الشمس اللافحة لعن الله الصداقة التي ورکتني معک..أنظر إلى العرق الذي يتساقط من أجسامنا .. بالله عليک تکلم .. فأنت لم تنطق بکلمة واحدة طوال هذا الطريق المضني.. دعني أجلس لأستريح قليلا کي ألتقط أنفاسي المجهدة .. ولکي أفهم وأعي ما أغلق علي ً..

‌                اللص1: سوف ترى منظراً رائعاً سيبهرک، ولن تستطيع أن تنساه مدى الحياة .. (صـ: 17)

حيث أراد الکاتب أن يصف العذاب الذي يعنيه اللصان من السير في الصحراء، ليسقط ذلک على شخصية سيزيف الذي يتلقي العذاب الأبدي، فتم توظيف المشهد الافتتاحي، هنا ليتم التعبير عن حجم المأساة والعذاب الأبدي الذي يتلقاه بطل المسرحية .

3- عدد الفصول والمشاهد

تتکون مسرحية سيزيف والموت من فصل واحد، وتدور أحداث المسرحية في مکان واحد، وهو فندق سيزيف کالتالي :" يمثل المنظر شرفة فندق صغير بالقرب من مدينة کورنثيا .. مناضد ومقاعد للزبائن.. عند رفع الستارة نرى شابا تنم هيئته على مزيج من الخوف والفضول ..أنه ينظر من النافذة ثم يتحرک نحو الباب الکبير المفتوح ثم يعود على عقبيه تارة وتارة بتقدمک نحو الباب من جديد .. وفي النهاية يقرر الجلوس أمام أحدى المناضد ولکنه يجلس على طرف المقعد کما لو کان يتأهب للهرب بأسره ما يستطيع " .. (صـ : 115)

أما مسرحية عذاب تحت الشمس "سيزيف"  مکونة من ثلاثة لوحات على الرغم من ثبات المنظر هو الصحراء القاحلة بالقرب من الجبل إلا أن الکاتب وظف ظهور الشخصيات في کل لوحة على حدى، کالتالي:  

- فاللوحة الأولى ( صحراء .. بالقرب من الجبل .. يدخل اللص الأول والثاني مجدا.. بينما يتطلع اللص الأول ناحية الجبل ..هناک منحدر أسفل الجبل ..) (صـ17)

- بينما اللوحة الثانية ( أسفل الجبل ..سيزيف يدحرج  حجرا ضخما والعرق يتساقط من على جسده ..يدخل الرسول ويتأمل سيزيف.. الذي ينظر إليه ثم يضحک بسخرية .. يستند سيزيف على ظهر الجبل) (صـ:31).

-        أما اللوحة الثالثة (يدخل الکاهن ومعه مجموعة من البر ..رجال ونساء..) (صـ: 42)

4- البنية المکانية للمسرحيتين

تدور أحداث مسرحية سيزيف والموت في اليونان، وبخاصة کورنثيا إلا أن الکاتب الفرنسي روبير ميرل أشارإلى المکان بشکل عبثي، لکي يکشف عن مدى تطور الأحداث وظهور الشخصيات، کالتالي :

‌                آريستيه : ومتى وصلت إلى کورنثيا ؟

‌                الصحفي : مساء أمس

‌                آريستيه : مساء أمس ؟ وفي أي فندق نزلت ؟

‌                الصحفي : عند فرينوس...

‌                آريستيه : فرينوس ! أقذر فندق في اليونان کلها ؟ أن شهرته وصلت حتى إلى ثيبه ! عندما يجد الزبون سريرا عند فرينوس فهو لا يري بياض الملاءه من کثرة ما يسرح عليها من البق!!  ما الذي دعاک إلى الإقامة عند فرينوس ؟ ألم تکن تعرف أن سيزيف يدير فندقا هنا ؟

‌                الصحفي : بل کنت أعرف . (صـ :115)

أما أحداث مسرحية عذاب تحت الشمس"سيزيف" مرتبطة بالصحراء، أي بالمکان الذي يتلقى فيه سيزيف العذاب اليومي، وهو مختلف عن البعد المکاني لمسرحية روبير ميرل، لأن الکاتب أراد أن يستخدم المکان  في وصف المعاناة التي يعانيها سيزيف، وهي المکان المخصص لعذابه الآبدي کالتالي :

‌                اللص 1: انظر إلى هناک...

‌                اللص 2: إلى أين ..أنا لا أرى شيئا سوى هذا الجبل الأصم ..وتلک الصحراء والسراب الذي يتراقص أمامنا منذ أن بدانا رحلتنا المجنونة...

‌                اللص 1: أنظر هناک إلى منتصف الجبل ...حيث تراه وهو يصعد أعلى في ثقة وشموخ  وکبرياء...

‌                اللص 2 : ومن هذا ...

‌                اللص 1: أنه سيزيف...

‌                اللص 2 : سيزيف !

‌                اللص 1: أجل سيزيف ...يواصل عمله الشاق .. (صـ : 18).

5-  الشخصيات

أ‌- البعد المادي أو الجسماني لشخصية سيزيف :

وظف روبير ميرل البعد المادي لشخصية سيزيف في مسرحية سيزيف والموت، الذي يمکن من خلاله الاستدلال على البعد الاجتماعي لشخصية،  کالتالي :

" يدخل سيزيف .. أنه رجل في الخمسين من عمره وثيق الترکيب صريح الوجه يرتدي قميصا، وقد انتعل ما يلبسه أهل أسبرطة في أقدامهم الحافية من نعال خفيفه، ولبس سروالا فاتح اللون أبلاه طول الاستعمال ..في فمه غليون وفي يده جريده " (صـ:117)

حيث أراد الکاتب أن يصور لنا من خلال الوصف الاجتماعي لشخصية سزيف أحد الأفراد -النماذج البشرية -  الموجودة في المجتمع الفرنسي، من خلال عاداته على القراءة، وشرب الغليون، واللبس الخيف الفاتح، وحرصه على إظهار الوضع الاجتماعي من خلال النعال الخفيفة ولبس السراويل التي أبلاه طول الاستعمال، على الرغم من أنه يملک فندق، مسقطا ذلک على ظروف التي يمر بها المجتمع الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وما يعنيه الأفراد في المجتمع .

کما أراد الکاتب روبير ميرل أن يظهر الأسطورة في ثوب عصري، فأضاف بعض الشخصيات الجديدة عن جو الأسطورة، مثل شخصية الصحفي الباحث عن الحقيقة التي استخدمها الکاتب بدلاً من شخصية الرواي لسرد الاحداث، کالتالي: 

‌                الصحفي : ( وقد أزداد لهفة) أذن فالأمر حقيقي هو موجود هنا ؟

‌                آريستيه : بالتأکيد ..

‌                الصحفي : ياللمقالة الرائعة التي سأکتبها ! أذن فالذي يتداوله الناس من أن سيزيف قد کبله بالقيود، أمر حقيقي؟

‌                آريستيه : کبله بالقيود؟ من قص عليک هذه الخرافة؟ أنه مثلي ومثلک حر طليق يتنقل حيث يشاء ... (صـ : 116)

بالإضافة إلى ظهورشخصية مثل : شخصيات الأعيان، وشخصية الموت (إله الموت)الذي يعبر عما حدث له، وکيف تم خداعه من قبل سيزيف، وقد استخدمها الکاتب في عرض ماضي شخصية سيزيف، کالتالي : 

‌                الصحفي : أ صحيح أذن أيها المولى أن سيزيف قد جردک من کل سلطان ؟

‌                الموت : نعم صحيح

‌                الصحفي : هذا شيء لا يصدق کيف تمکن من ذلک؟

‌  الموت : آه لم يکن هذا أمرا معقدا أيها الفتي ..منذ شهر أو أن لو توخينا الدقة منذ شهر إلا يوم ، يوم سيبقى محفورا في ذاکرتي إلى الأبد ، وصلت هنا ..جلست إلى هذه المنضدة ، هذه المنضدة بالذات ، فتحت سجلي ووضعت قلمي الذهبي إلى يميني وأخرجت أمامي وناديت على سيزيف وتحققت من شخصيته حينئذ ، تنبه إلى ما أقوله .. قال لي سيزيف في لهجة بريئة : " ألا تتناول شيئا من الشراب ؟ ..وأعترف لک أيها الفتى أني کنت يومئذ شديد الظمأ..فقبلت وجاءني سيزيف بقدح من النبيذ ووضعه بالقرب من قلمي الذهبي ..تناولت القدح وجرعته دفعة واحدة ..عندما أعدته إلى مکانه من المنضده کان قلمي الذهبي قد اختفي . (صـ : 117)

  ويمکن القول بأن الکاتب روبير ميرل  تأثر بفلسفة الوجود التي تؤکد على حرية الإنسان ومسئوليته تجاه ما يقوم به من فعل، فسيزيف هنا لم يعد يؤمن بالموت بل کل ما يهمه يسعي الى تحقيق وجوده، ولم ينظر روبير ميرل إلى المشکلة الأخلاقية هنا من جانبها الاجتماعي فقط،  بل أهتم بالجوانب النفسية محاولاً تصوير الصراع الداخلي الذي يدور في أعماق الشخصية ودوافعه الباطنية لسرقة القلم من إله الموت، مما جعل الربط بين الصراع الأخلاقي والنفسي  إلى بيان موقف الکاتب من الوضع الاجتماعي ، فعلى الرغم من الحکم علي سيزيف بالموت، إلا ان الکاتب جعله ينعم بفرصة أخرى في الحياة ، ولکن الحياة لم تعد تقبل بوجوده مرة آخرى، فبسبب عودة سيزيف وسرقة القلم الذهبي من إله الموت، جعلت الحياة تضج بالأحياء المفترض أنهم قد ماتوا، وبذلک يؤکد الکاتب بشکل غير مباشر أن الأنسان لا يحيا سوى مرة واحد، ولا يمکن للحياة بعد أن تمض أن تعود مرة آخرى من جديد .

أما في مسرحية عذاب تحت الشمس "سيزيف"، اهتم الکاتب بالبعد الجسماني لشخصية سيزيف، وترک البعد الاجتماعي للقارئ الذي يمکن الاستدلال عليه من خلال النص الأسطوري ، کالتالي:

‌                الکاهن :  أنت الذي اخترت هذا الطريق.. فأربکتنا وأربکت العالم کله بأفعالک الغير محتملة.

‌                سيزيف : أن جسدي لا يقهر کما تري ..ولم يحدث أن تغلب علي أحد من البشر ..(صـ :64)

‌  کما أراد الکاتب عرض أسطورة سيزيف أيضاً في ثوب مختلف، فهناک من يعتبره بطل مأساوياً، وهناک من يعتبره بطل حقيقياً، کالتالي:

‌  أجينا : أيها الکاهن المقدس ..لقد أتيت إلى هنا لأني مدينة لسيزيف مدى الحياة وإلى آخر نفس يتردد بداخلي ..أنه هو الذي أعادني مرة آخرى للحياة حين أظهر براءتي وسبب أخفائي أمام والدي إله البحر..

‌                الکاهن : أنت لست مدينة لاحد قط يا ابنتي ..فأنت بريئة ومنزه عن الخطايا ولذلک اختارک سيد الکون .

‌  أجينا : لقد اختطفني .. حتى اعتقد البعض أني هربت خوفا من العار.. ثم ترکني وحيدة کي أواجه مصيري دون أن تصدر منه کلمة واحدة أو اشارة واحدة تظهر براءتي وحقيقة اختفائي.. (صـ : 66- 67)

في حين يراه البعض سيزيف بأنه متمرد مغرور، يستحق العذاب الأبدي، کالتالي :

‌  الکاهن : انتصار ! أي انتصار هذا الذي تتکلم عنه أيها المرتد المتمرد الهارب من الجحيم بمکر وخبث.. لا بد أنک تهذي .. أجل أنک تهذي من تأثير العقاب ومن تأثير الشمس الحارقة ألا تستحي ولو قليلا ..أم يکسر هذا العقاب الأليم وهذا العذاب الأبدي شيئا من غرورک الغير محتمل .. أي مخلوق أنت !..

‌  سيزيف : لو کنت أعتقد ولو للحظة واحدة.. أنه يمکن لک أن تفهم ما أعنية لجادلتک ولکنک للأسف لن تفهم شيئا مما أقوله.. أنه شيء يقصر عقلک علة فهمه .. أنک تردد تعاويذک وتراتيلک المقدسة بشکل آلى ..دون أن تعي شيئا عن حقيقة ما تفعله.. بل لا تدري شيئا عن حقيقة وجودک في هذا الکون ..(صـ 58-59)

وهناک من ينظر إليه على أنه واحد من أفراد البشر، الذين يمارسون الحياة کما يحلو لهم ، بل وصل إلى منزلة البطل الشعبي الذي يقود مسيرة الحرية، کالتالي:

‌  سيزيف : کلا أنها الثورة الحقيقة ..بدليل أن کل الشعب قد أيدني وسار معي .. لقد استرد الشعب حريته وعرف طريقه الصحيح .. لقد کان في انتظاري لکي يدرک غدا أفضل وحياة حره .

‌  الکاهن : سيزيف .. لو صدقت في تلک الحادثة .. فهل تنکر أنک أغتصبت ابنة أخيک ..وهي محرمة عليک طبقا للشرائع الدينية ..( صـ :60- 61)

وينظر عصام عبد العزيز إلى أن الغرض من الوجود الإنساني في هذه الحياة ، هو أن الشخص ينال ويبحث عن حريته، تلک الحرية والإرادة المسلوبة التي دائما ما يحاول رجال الدين والمتطرفين والمتشدقين في المجتمع، دون الفهم الصحيح لأمور الدين سلبها من خلال التشدق وترديد التراتيل والتعاويز دون فهمها، ولذا جاءت هذه المسرحية عام 2016 م، بعد ثورتي 25 يناير 2011م ، و30 يونية 2014م ،  ولذلک يظهر عصام عبد العزيز شخصية سيزبف بطلاً شعبياً يؤيده ويناصره أبناء الشعب، ولکن رجال الدين المتطرفين والمتشددين، يحاولون أن يذکروه بذکريات الماضي وبحادثة أغتصاب ابنة أخي، حتى يدفعوا ويسقطوا عنه هذه البطولة على أن يظل حبيثا فيما فعل، بالإضافة إلى أن عصام عبد العزيز يرى أن الإنسان عليه إعمال العقل والتفکير في محتملات الأمور قبل القيام بها، وعدم الاعتماد على العقل فقط مع ضرورة إعمال القلب، لأن الناس تستمال ليس فقط من خلال عقولهم ، کما يرکز عليه المتشددون في الدين ولکن من خلال قلوبهم وهذا ما جاء على لسان  الرسول لسيزيف ناصحا إياه ( لا تعتمد على عقلک کثيرا .. فالقلب بسيط وسريع التصديق والإيمان .. بل ويؤمن بالغيب أيضا دون مناقشة أو عناد ... لقد وضع القلب للحب والتسليم بما قسم للإنسان في هذا العالم )، کما يري عصام عبد العزيز أن الإنسان هو من يجلب لنفسه الشقاء في هذه الدنيا والحياة الوجودية حينما يعاند ويکابر القدر وحتمية هذا القدر، فلکي تهدأ نفسک وتنعم بحياة آمنة وهادئة و ناعمة کن مطمئن القلب غير مکابر أو معاند، ولا تعتمد على عقلک وحده فمن اعتمد على عقله فقط قل ومل وتعب کثيراً .

ب‌- البعد الداخلي أو النفسي لشخصية سيزيف  :

صور الکاتب روبير ميرل البعد الداخلي لشخصية سيزيف، يحمل بعض التناقضات،  کالتالي :

‌  سيزيف : أصغ إلي .. أني رجل طيب القلب لا أحب أن أدفع الناس إلى مواقف الحرج ولا أتمنى أکثر من أن أقوم بحرکة طيبة ..لکن عندما أفکر أن هذه الحرکة الطيبة ، قد تکون الحرکة الأخيرة فهذا شيء يحملني على التفکير والتأني ..

‌                الموت : وما عساها تفيدک هذه المکابرة ؟ أنت تعرف جيدا أن الکلمة الآخيرة ستکون حتما للقوة أي للآله زيوس .

‌                سيزيف : ليس هذا مؤکدا  (صـ 118)

نجد سيزيف والتفکيـر فـي إحـداث ثورة وکأن لسان حـال روبيـر ميـرل يريـد أن يقـول علينـا قبـل إحـداث الثـورات والتمـرد علـي  المجتمع الفرنسي،  ضرورة التفکير فيها أولأ وقبل کل شيء حتـي لا نـدفع بالفرنسـيين والمجتمع الفرنسي والحدف به في مواقف محرجة، فعلينا التفکير وإعمال العقل  والتأمل فـي الشيء قبل  إحداثه، وهذا ما جاء علي لسـان سـيزيف نفسـه بطـل المسـرحية والـذي يحمـل  فکر روبير ميرل (أني رجل طيب القلب لا أحب أن أدفع الناس إلى مواقف الحرج ولا أتمنى أکثر من أن أقوم بحرکة طيبة ..لکن عندما أفکر أن هذه الحرکة الطيبة ، قد تکـون الحرکـة الأخيرة فهذا شيء يحملني على التفکير والتأني).

أما مسرحية عذاب تحت الشمس"سيزيف"  للکاتب عصام عبد العزيز، فجاء البعد الداخلي لشخصية سيزيف، کالتالي : 

‌  الرسول : ما أکثر ألعابک يا سيزيف .. وصدقني واستمع لنصيحتي ..لا تعتمد على عقلک کثيرا فالقلب بسيط وسريع التصديق والايمان ..بل ويؤمن بالغيب أيضا دون مناقشة أو عناد .. لقد وضع القلب للحب والتسليم بما قسم للإنسان في هذا العالم ..لا بد من أن تسلم بالمصير المقدر على البشر وفق مشيئة زيوس .. أما عقلک هذا .. فهو الذي يقودک إلى العناد والضلال والکفر والتمرد على قوى السماء وهذا ما يکرهه زيوس..فارحع الى قلبک واستفتيه لأنه هو الذي سيقودک الى بر الايمان ..والأمان أيضا..

‌  سيزيف : درس جميل من دروس الوعظ والهداية ..ولکن لا حيلة لي ياسيدي الکريم ..لقد تعودت في حياتي ألا أعتمد على شيء سوى اعتمادي على ذاتي وعقلي وحدسي الداخلي .. أما يحدث لي فأنا أتقبله وأواجهه أيضا بعقلي ..ولا حيلة لي في ذلک ..(صـ 36-37)

وهنا تم وصفه بأنه شخصية عنيدة متمردة، على الرغم من شدة العقاب الذي يتلقاه کل يوم إلا أنه يرفض الايمان الذي يدعو له الرسول، ويفضل الاعتماد على عقله وحدسه في مواجهة العذاب، بل وتقبله بدلا من اعتماده على القلب والتسليم بما قسم للإنسان وإن کان ذلک هو بمثابة بر الأمان والخلاص من العذاب.

‌  اللص 1: أي سيزيف ..أقسم لک بأن قلبي يدمي من أجلک .. ولا استطيع أن أتصور أنک تمر بهذا الاختبار القاسي .. وأشعر بالعجز لأني لا أستطيع أن أقدم لک يد المساعدة ..

‌  سيزيف : کلا يا بني ..لا أريدک أن تحزن من أجلى ..بل أريدک أن تبتهج وتفرح حين ترى انتصار سيزيف الذي أوشک أن يبلغ مرماه  (صـ : 58).

ويظهر لنا الکاتب تمرد سيزيف بصورة واضحة، من خلال وصف احساسه بالعبث بکل ما يدور من حوله، منتقلا من سبب وجوده إلى وصف مايدور في أعماقه الداخلية، فهو تجاوز العقاب الذي يتلقاه والإرادة والاختيار والعقل محاولاً تحقيق مراده في تثبيت الصخرة ، أملاً في الحرية، ويظهر تأثر الکاتب عصام عبد العزيز بفلسفة الحرية عند الوجوديين، لأن أهم شرط من شروط الحرية عند الوجوديين هي المقاومة والنضال لأجل تحقيقها .

6-            الحوارفي المسرحيتين

عندما قام فتوح نشاطي بترجمة مسرحية سيزيف والموت للکاتب الفرنسي روبير ميرل ترجمها باللغة العربية الفصح ، وذلک ربما للحفاظ على الهوية العربية في فترة الستينات وفکرة القومية العربية  أو ربما للتأکد على أهمية المسرحية، وقد جاء الحوار أقرب إلى المنولوج الداخلي ، معبراً عن الصمت مبتوراً غامضاً استخدمه الکاتب للتعبير عن وظيفة اللغة الأساسية کأداة للتواصل بين البشر، لذلک يميل الکاتب للتلاعب بالألفاظ من أجل الإيماء والسخرية التى توحي بالمفارقات اللغوية، فتأثر الکاتب بالاتجاه العبثي في کتابة المسرحية جعله يستخدم اللغة متعددة المعاني، کالتالي:

‌  الموت : أرأيت ؟ کنت واثقا بأنهم لن يتابعوک في نظريتک (ينظر إلى الأعيان) يالکم من مواطنين شرفاء ! ما أعظم سروري برؤيتکم أيها الهالکون الطيبون .. أهل الفضل والواجب!! أيها الهالکون ما أحب وجوهکم إلى نفسي .. وما أشبه أرواحکم بروحي!! (صـ: 122).

أما الکاتب عصام عبد العزيز فقد کتب مسرحية عذاب تحت الشمس "سيزيف" بلغة نثرية عربية فصحى، وکأنه أراد من خلال اللغة والحوار الحفاظ على الهوية العربية عند الکتابة ؛ ليوضح أن الأسطورة اليونانية ليست نصاً جامداً ولانصاً مقدساً غير قابل للتعديل والتغيير والتحريف، بل أنها نصاً خيالياً خال تماماً من أي عنصر واقعي أو حقيقي، کما وظف الکاتب عصام عبد العزيز الحوار ليعبر به عن أراءه وعتقداته وأفکاره وفلسفته بشکل غير مباشر، کالتالي :

‌  الکاهن : کلمة واحد يا سيزيف وينزع عنک هذا العذاب ..کلمة واحدة تکفر بها عن أفعالک وکلماتک النارية في حق زيوس ..لکي يفتح لک أبواب الفردوس..

‌                سيزيف : أهذا ما يريده زيوس...

‌  الکاهن : أنه لا يريد شيئا ..أنه لا يريد لک إلا الخير والذي يريده لکل البشر أيضا..فأنزع عنک ثوب الخطيئة والألحاد والتمرد.. لکي تتطهر من الدنس فتولد من جديد أمام زيوس المقدس ..

‌                سيزيف : لماذا تربطون التفکير الحر بالألحاد أيها الکهنة .. ولماذا تسوفون في أحکامکم .. وتناقضون الحقائق الفکرية .. (صـ :64)

7-             الصراع

الصراع في نص سيزيف والموت لروبير ميرل لم يکن صراعاً خارجياً بين سيزيف وغيره من البشر فحسب، بل امتد إلى صراع تراجيدي بين سيزيف والألهة تارة،  کالصراع بينه وبين إله الموت، مما أدى إلى صراع داخلي بينه وبين العاطفة تارة آخري ، وفي کلا الحالتين فهو يعبر عن انتقال الصراع إلى الذات کالتالي : 

‌  سيزيف : أذن فليس هذا بالعقاب الهائل کما تزعم ودعني أعترف للک بأن هذا ليس بالجديد هنا على هذه الأرض على فان ما أصنعه کل يوم لا يختلف کثيرا عما تهددني به .. أني أصحو کل صباح في السادسة فأکنس وأصنع القهوة وأغسل الأقداح وأصف المناضد على الشرفة وأخدم الزبائن وأبقى طول النهار واقفا على قدمي وفي الليل أعيد المناضد إلى الداخل ثم أخرجها في اليوم التالي وأعاود صنع القهوة وأکنس وأغسل الأقداح ..وهکذا دواليک يوما بعد يوم هذا هو عمل سيزيف ..( فترة من الوقت) وفي إمکانک ان تذکر ذلک لزيوس (آريس يدق کعبيه) ياللغرابة !! ( يرفع أصبعا ) زيوس .. (آريس يدق کعبيه) ما أعجب ما نستطيع عمله .. ( يعاود الجلوس ويتناول صحيفته).. (صـ :120)

على الرغم من أن رويبر ميرل يريد التأکيد على حتمية الموت، وعدم المکابرة والتمرد والعناد مع القضاء والقدر، فالموت أتي حتى لو افتعلت ما تريد أن تفعله، لذا فما فعله سيزيف وقيامه بسرقة القلم الذهبي من إله الموت لا يجدي بأن ذلک سيدفع به أن يعيش طول الحياة، ولکن الکاتب جعله متمرداً بشکل اقترب من الخيال، وغاب عن المحتوى الأصلي لجو الأسطورة، محاولاً الانسلاخ الفکري والاجتماعي للإنسان؛ للتعبير عن واقعه الحي وأبعاده الاجتماعية، التي أصبحت تعوص بالزيف وفقدان الثقة.

أما النوع الثاني وهو الصراع الخارجي يکون بين الموت وسيزيف بعد سرقة قلمه الذهبي :

‌                الصحفي : (في أدب لکن في ثبات) إن شئت الصراحة فرأيي أن صاحب العظمة (مشيرا إلى الموت) هو  الذي على حق..

‌                الموت : أرأيت ؟

‌                سيزيف : (مبهوتا) أهذا هو رأيک؟

‌                الصحفي : نعم يا سيدي ...

‌                سيزيف : أتقبل الموت ؟

‌                الصحفي : مادام الموت حتما علينا ...

‌                سيزيف : من قال لک أنه محتوم؟ ألا تراني مازلت حيا؟ (صـ :118)

وبذلک فالصراع في مسرحية سيزيف والموت لروبير ميرل يعبر عن انقلاب حالة البطل من السعادة إلى الشقاء، ثم الهروب من الموت وخداعه، وهذا الأنقلاب لا يثير غرض التراجيديا الأساسي وهو الخوف والتطهير من الذنب أو إثارة عاطفة الشفقة، لأن البطل هنا لم يصيب بالمأساة بسبب خطأ ناشئ عن ضعف إنساني، بل عن قصد فهو يدخل في صراع غير متکافئ بينه وبين الألهة – القوى الجبرية – مثل  رفضه لوحدانية زيوس وصراعه مع إله الموت ورفضه للقدر.

أما الصراع في مسرحية عذاب تحت الشمس" سيزيف" للکاتب عصام عبد العزيز،  فقد جعل الکاتب سبب مأساة سيزيف هي السقطة التي ارتکبها عن طريق اخبار أله النهر بخطف زيوس لابنته، هي سبب مأساته وانتقال حالته من السعادة إلى البؤس والشقاء، مما جعلتا نشفق عليه لأن الشقاء الذي نزل به، الذي جعله يعيش في بؤس وعذاب إلى الأبد ، جعل البطل في صراع متکافئ بينه وبين غيره، حيث جعل البطل يدخل في صراع مع القدر بروح إيجابية وإرادة کاملة، يقبل التحدى الذي وجه إليه، وعلى الرغم من من عدم قدرته الکاملة على التحدى وإنهيار الصخرة کل يوم من قمة الجبل إلا أن الکاتب جعله يخرج من هذا الصراع محتفظا بقوته وذاته، وأمله في تثبيت الصخرة کل يوم فعلي الرغم من مأساته إلا أنه يدرک مصيره .

أما الصراع الخارجي في المسرحية فقد ظهر بين سيزيف والکاهن، کالتالي:

سيزيف : أن فعلي وليد اراداتي .. ولا أحد يستطيع أن يقهر روحي فأنا اعتمد على عقلي وحدسي .. ولا يوجد أحد في هذا الکون يستطيع أن يرغمني على شيء لا أريد فعله ..

‌  الکاهن : سيزيف .. دعک من تلک النغمة الجوفاء والتي لا صوت لها .. إنها جعجعة فارغة .. ودعک من هذا الحوار الغير مجدي ..أنه الغرور يا سيزيف ..وهذه خطيئة آخرى..

‌                سيزيف : أيها الکاهن ..لقد ضقت ذراع من حواراتک الساذجة.. ( صـ : 64، 65)

‌                وظهر أيضاَ بين الشيخ والمعلم والکاهن، کالتالي : 

‌                الشيخ : أرى أنک تدافع عنه .. وهذا ما يعرضک للخطر.. أن الجماهير تکره المغضوب عليهم..

‌                المعلم : ذلک لأنکم تؤلبون الجماهير ضد رجل يدفع ثمن جرائمه .. ثم يا شيخي الفضل ..ليس لدى ما أخشاه يوى قول الحق ..

‌  الکاهن : انظروا معي إلى هذا النمط من أنماط المتشککين والذين يطلقون على أنفسهم لقب الإنسانيون والذين يشککون الناس أيضا في غيبيات السماء ..أنهم يدافعون عن حرية الإنسان وحقه في التمرد وعدم الإيمان ..أريتم إلى أي حد قد وصلنا في هذا العصر ..(صـ 46) 

صراع بين العلم (التاريخ) وموقفه من تزوير الحقائق، وبين الشيخ الذي يستخدم الدين في قلب الحقائق أما الکاهن فيرمي المعلم بالتمرد والتشکيک .

وبذلک فقد استطاع الکاتب عصام عبد العزيز عن طريق الصراع أن يعرض التوازن بين القوى الکامنة لسيزيف، والقوى الروحانية والتکوين الديني للمجتمع ، من خلال الصراع بين الشيخ والمعلم والکاهن في عرض تراجيدي، حيث يعرض لنا وجهات نظرهم فيما يحدث حولهم من خلال منظور ديني.   

8-            النهاية

    جعل الکاتب روبير ميرل نهاية مسرحية نهاية سيزيف على يد مجموعة من الأعيان، لأنه أراد أن يبرز لنا الدمار الذي حل بالبشرية بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، أنه کان بفعل البشر وما اقترفته أيديهم، مثلما فعل الأعيان مع سيزيف، کالتالي :

‌                سيزيف : لکنکم مجانين !!!

‌                العين الثاني : لعبة صغيرة فحسب ..( يستولى العين الثاني على القلم ويعطيه للموت)

‌                سيزيف : يا لکم من أشقياء ..لقد أضعتمونا !! (يبدأ الموت بالکتابة).

‌                الموت : لم تعد سوى سبحا يا سيزيف ..

‌                سيزيف : ما کنت أتصور أبدا أن يجىء يوم يتحد فيه الناس مع الموت !!! (صـ:122)

أما في مسرحية عذاب تحت الشمس، فقد جعل الکاتب النهاية کما بدأ المسرحية بشخصية اللصين، کانت أيضاً نهاية المسرحية بتلک الشخصيات، کالتالي :

‌                اللص 1 : ألن تغضب مني الآن لوجودک معي هنا في هذه الصحراء..

‌  اللص 2: کلا ..بل أريد أن أشکرک على وجودي هنا معک ومشاهدة سيزيف ..لولا وجود حسرات وغصة بداخلي من أجل المسافرين الذين لن أتمکن من سرقتهم الليلة ..فالمؤکد أنهم قد حضروا من السفر ..وبذلک أکون قد خسرت اليوم صفقة هائلة ..ولا أدري ماذا أقول لزوجتي عند عودتي..

‌                اللص 1: دعنا نرحل من هنا ..وسنفکر طوال الطريق في قصة ملفقة ترويها لها وينتهي کل شيء..

‌                اللص 2: هذا حسن جدا ..وبالتأکيد سوف يلهمني زيوس بقصة رائعة ..هيا بنا..(صـ: 84).

لأن الکاتب أراد أن يؤکد على حجم المأساة والمعاناة التي يعنيها سيزيف کل يوم، على الرغم من اللصين يقومان بالسرقة واقتراف الأخطاء کل يوم، إلا أنهم لم يأخذا بعض المواعظ من مأساة سيزيف، بل سيقومان بالکذب على زوجاتهم، ويدعيان زيوس لألهمهم بقصة مختلقة لزوجاتهم، وبذلک يظهر لنا الکاتب هنا أن المأساة التي يتلاقها سيزيف کل يوم أکبر من السقطة التي وقع فيها بأخبار أله النهر عن مکان ابنته، کما أن لا أحد يهتم بما يحدث له، فکل فرد يهتم بشأنه لا شأن غيره، وبذلک يصبح فعل سيزيف قاصر عليه.

ثانياً - مسرحيتي سيزيف والموت وعذاب تحت الشمسوالمسرح الإغريقي :

1-            أسطورة سيسيفونس في المسرح اليوناني

سيزيف أو سيسيفوس کان أحد أکثر الشخصيات مکراً بحسب الميثولوجيا الإغريقية، فعلى الرغم من ذللک کان سعيدا في حياته قانع بموارده ، أرغمه جاره الشرير بأفعاله الشريرة على أن يهب للدفاع عن نفسه وعن ممتلکاته، دفعه أن يقابل الشر بالشر والجريمة بالجريمة ، فأصبح سيسيفوس شريرا رغم أنفه ، لکنه أستمر بالشر وتلذذ بممارسته ، امتدت شروره حتى وصلت الملوک والألهة ( عبد المعطي شعراوي ، 2016 : 9) .

اشتغل سيزيف بالتجارة والإبحار، لکنه کان مخادعاً وجشعاً، وخرق قوانين وأعراف الضيافة بأن قتل المسافرين والضيوف (النزلاء)، وقد صوره هوميروس بأنه أمکر وأخبث البشر على وجه الأرض قاطبة وأکثرهم لؤما، حيث قام بإغراء ابنة أخيه، واغتصب عرش أخيه، وأفشى أسرار زيوس (خصوصا اغتصاب زيوس لإيجينا، ابنة إله النهر أسوبوس).

وکعقاب من الآلهة على خداعه، أرغم سيزيف على دحرجة صخرة ضخمة على تل منحدر، ولکن قبل أن يبلغ قمة التل، تفلت الصخرة دائما منه ويکون عليه أن يبدأ من جديد مرة أخرى.و کانت العقوبة ذات السمة الجنونية والمثيرة للجنون التي عوقب بها سيزيف جزاء لاعتقاده المتعجرف کبشر بأن ذکاءه يمکن أن يغلب ويفوق ذکاء زيوس ومکره، لقد اتخذ سيزيف الخطوة الجريئة بالإبلاغ عن فضائح ونزوات زيوس الغرامية، وأخبر إله النهر أسوبوس بکل ما يتعلق من ظروف وملابسات بابنته إيجينا، وقد أخذها زيوس بعيدا، وبصرف النظر عن کون نزوات زيوس غير لائقة، فإن سيزيف اعتبر نفسه ندا للآلهة حتى يٌبلغ عن حماقاتهم وطيشهم ونزقهم. وکنتيجة لذلک أنه أصبح رمز العذاب الأبدي.(متاح على الرابط التالي : https://ar.wikipedia.org/wiki/%D1)

2-            مسرحية سيزيف والموت

يمکن القول بأن الکاتب الفرنسي روبير ميرل  ألتزم بالأطار العام للأسطورة اليونانية، ولکنه وظف شخصية الصحفي الباحث عن الحقيقة، وبدأ بها المسرحية وجعلها جزء أساسي في إلقاء الضوء على ماضي شخصية سيزيف من خلال التسلسل الدرامي لأحداث المسرحية التي ساهمت في تطور الأحداث، ومحاولة آريس إله الحرب إبراز دوره في النص المسرحي، کالتالي :

‌                الموت :  کلا أنه صحفي

‌                آريس : آه .. أنت صحفي ؟

‌                الصحفي : ( وهو يؤدي له التحية العسکرية) نعم يا سيدي الجنرال !!

‌                آريس : حسنا .. أن لک رسالة نبيلة وهي إنارة الرأي العام .

‌                الصحفي : نعم يا سيدي الجنرال .

‌                آريس : حسنا .. استمر على إنارة الرأي العام !!! (صـ :120)

واستخدم روبير ميرل شخصية الصحفي للتأکيد على حرية الرأي وحرية الکلمة وحرية التعبير، فهو حق مکفول للجميع في المجتمع الفرنسي، وبذلک يمکن القول بأن روبير ميرل تأثر هنا بفلسفة الحرية عند الوجودين، من خلال فتح المجال للوجود الإنساني، بأن يقوم بدوره بحرية تامة، من خلال القدرة على الاختيار واتحاذ المواقف، وعلاقة ذلک بمدى قبول أو رفض السلطة، لأن سلطة المجتمع الفرنسي هنا ممثلة في آريس،الذي يقول للصحفي (أن لک رسالة نبيلة وهي إنارة الرأي العام).

3-            مسرحية عذاب تحت الشمس "سيزيف"  

فقد استخدم الکاتب شخصية اللصين للتعليق على أحداث المسرحية، وتوضيح حجم المأساة التي تعانيها شخصية سيزيف، وجعلهم شخصيات رئيسة في الحدث الدرامي، حيث بدأت المسرحية بهم وانتهت بهم ،وذلک للإشارة إلى الفعل الذي يبني عليه عرضه الدرامي ثم قدرة الکاتب في سرد الماضي من خلال الحوار ، فيمکن القول بأن الکاتب استخدمها بديلا للجوقة في ثوب جديد کالتالي:

‌                اللص 1: أن عرقه يتساقط علي بشدة ..من کثرة الأنفعال..

‌                اللص 2: أعانه الله على کتابة هذا المخطوط والذي سيکون وبالا عليه ..

‌  اللص 1: أنه يکتب متحديا السلطة ورجال الدين ..غير عابئا بهم ..بل لا يخشي حتى على حياته من الأغتيال أو التعذيب أو النفي ..متحديا بذلک کل ما ينتظره من مصير مجهول ..

‌                اللص  2: التحية لک أيها المعلم المدون والمجد لک يا سيزيف أيها الرجل الخالد على مر العصور.. صـ 84).

أما عصام عبد العزيز يري أن حرية الکلمة والتعبير عن الرأي غير موجودة، من قبل الذين سرقوا هذه السلطة، ويراها اللصوص أنفسهم عن قرب، ويکتب عنها المعلم (أعانه الله على کتابة هذا المخطوط والذي سيکون وبالا عليه...أنه يکتب متحديا السلطة ورجال الدين ..غير عابئا بهم ..بل لا يخشي حتى على حياته من الأغتيال أو التعذيب أو النفي.. متحديا بذلک کل ما ينتظره من مصير مجهول)، لأنه صاحب رسالة وکلمة، وکأن حرية الکلمة والتعبير مسلوبة من قبل  بعض رجال الدين المتشددين والمتطرفين، الذين لم يبالوا بأهمية الکلمة وقوتها ودورها في تجميع الناس وتليين قلوبهم، وأصبحو يطلقون کلمات نارية تشجع على العنف والتفرقة.

ثالثاً -  مسرحيتي سيزيف والموت وعذاب تحت الشمسوالمسرح العبثي :

1-            مسرحية سيزيف والموت

فقد استطاع الکاتب الفرنسي روبير ميرل أن يعبر عن آمال الإنسان وطموحاته التي حطمت بعد الحرب العالمية الثانية، محاولاً التعبير عن حجم المعاناة من خلال عرض شخصية سيزيف التي تثير أفکاراً عامة ذات دلالة ترفض الخضوع لمعطيات القدر باحثة عن الحرية، غير عابئة لما سوف يحدث،  محاولا الکشف عن الحرية بعيد عن الواقع المزيف، الذي تفرضه قيود المجتمع کالتالي :

‌                الموت : (في استحياء) سيدي سيزيف !

‌                سيزيف : ( دون أن يرفع رأسه ) عفواً ؟

‌                الموت : هل لک أن تعيد قلمي ؟

‌                سيزيف: (کالسابق) کلا !

‌                الموت : أرجوک ! أفعل شيئا من وحي قلبک ... قم بحرکة طيبة !

‌  سيزيف : أصغ إلي ..أني رجل طيب القلب .. لا أحب أن أدفع الناس إلى مواقف الحرج ولا أتمنى أکثر من أن أقوم بحرکة طيبة .. لکن عندما أفکر أن هذه الحرکة الطيبة ، قد تکون الحرکة الأخيرة ، فهذه شيء يحلمني على التفکير والتأني .. (صـ : 117 – 118).

کما وظف الکاتب روبيرميرل شخصية سيزيف بشکل عبثي، کالتالي :

‌  سيزيف : ولم لا تدوم ؟ على وجه الکرة الأرضية بأسرها السفاحون القتلة متعطلون وذلک بفضلي أنا کما قلت بنفسک... السم فقد حميته ..الخنجر ضل طريقه إلى الصدور ..قلن أني أعدل الناس بالآلهة .. لکن ليس صحيحا لأن الألهة حتى اليوم تقتل الناس إرضاء لشهوة القتل ... أني أذن ام أعدل الناس بالآلهة بل جعلتهم  متساوين في العجز عن ارتکاب الشر ..أن عهد الموت قد ولى .. فأي عالم سيولد لنا أيتها العدالة !! الآلهة نفسها لن تستطيع بعد اليوم أن تخطئ !!( فترة من الوقت) لهذا السبب وعلى الرغم من توسلاتکم ..لن أعيد القلم إليکم ..أنه هو في جيب صداري ..ولن يخرج إلا بالقوة وليس في امکانکم استعمال القوة  کما تعلمون .... (صـ : 121)

وهذه إشارة إلى الآمال الکاذبة التي تتناقض مع قوانين الحياة الأنسانية ، فالقلم الذي سرقه من الموت نابع من إيمان سيزيف القوي بأن الموت هو نهاية الوجود الإنساني، على الرغم من وجود  شکلاً من أشکال محاکمة الموتى مما يدل على نظرة الکتاب للفکرالديني إلا أن المحاکمة هنا في وجهة نظرة تکون غير عادلة؛ لأن الموت هنا غير عادل إرضاء لرغبة الألهة فقط ، وبذلک قدم روبير ميرل الموقف الإنساني من الموت موقفا عبثيا  بأن الإنسان يقطن في هذا الکون ويخرج منه بدون إرادة ، وبذلک تصبح حياته بلا جدوى ، لأن وجوده مهدد بالموت

ثم محاولة الکاتب في نهاية المسرحية الإشارة إلى طغيان القيم الاجتماعية عن الحرية الفردية، کالتالي :

‌                العين الأول : وماذا نعمل ، سيزيف ؟

‌                سيزيف : ماذا تعملون ؟ هذا شئ بسيط .. أعطوا الفقراء ما يطلبون .

‌                الأعيان : أوه ..

‌                العين الأول : ومم نعيش؟

‌                سيزيف : والفقراء مم يعيشون ؟!!

‌                العين الأول : الأمر مختلف جدا..

‌                العين الثالث :أتقارن بيننا وبين الرعاع ؟  (صـ : 122)

ويتضح من ذلک أن سيزيف لم يعد يؤمن بما کتب أو بالقدر، بل يؤمن فقط بما يوحي له تفکيره، الذي جعله يخدع إله الموت من خلال سرقة قلمه الذهبي ، لتحقيق حريته، حيث أراد الکاتب توضيح موقفه من المجتمع ثائر علي الطغيان والاستبداد،  الذي يحاول زيوس کإله من فرضه عليه، وبين موقفه من الحياة ومن تلک القيود لتأکيد ذاته، فعلي الرغم من أن سرقة القلم من الموت لم تجعله خالداً ، إلا انه استطاع التعبير عن العاطفة والإنسانية من خلال المفارقات الدرامية، بل فعلى الرغم من أنه يدرک الموت لکن لايخشاه ، ويتعامل معه في فندقه کل يوم، واستخدم الکاتب شخصية سيزيف هنا للتعبير عن واقع اجتماعي من حلال تداعي المعاني للکشف عن الحقيقة العارية الکسورة التي تغطيها قيود المجتمع ، فقد أراد الکاتب تأکيد حقيقة الوجود الإنساني من خلال البحث عن حقيقة سرقة سيزيف قلم إله الموت ، کالتالي :

‌                سيزيف :  ألا تفهمون أذن أن معرکتي هي معرکتکم وأني بإنقاذي لنفسي ، إنما أحاول أنقاذکم؟ ...أتتمنون أذن أن تموتوا؟!

‌                العين الأول : کلا بالطبع ...

‌                العين الثاني: ولا شک أن محاولتک محاولة نبيلة ...

‌                العين الثالث : نبيلة جدا وجميلة جدا...

‌                العين الأول : ونحن نصفق لها من کل قلبنا ...

‌                العين الثاني : ( يصفق من طرف الأصابع) برافو..

‌                العين الثالث : ولکنها محاولة جنونية ...

‌                العين الأول : خيالية .

‌                العين الثاني : أو على الأقل سابقة لأوانها ..

‌                العين الأول : وهي محاولة محکوم عليها ..

‌                العين الثالث : بالفشل الذريع ...  (صـ : 122)

استخدم الکاتب الجمل القصيرة والسريعة التي تخلق التشويق عند ميرل، حيث أراد أن يعبر عن موقفه من الحرب العالمية الأولى والثانية ووحشيتها ، وبين توضيح رأي الأعيان -  لا سيما أصحاب السلطة والنفوذ – من محاولته البقاء على أرواح الجميع من خلال سرقة قلم الموت، دون التکلف في سياق الأحداث ، فقد استخدم المناقشة للکشف عن أبعاد خفية تدور في أعماق الشخصيات بقصد إثارة حالة من الجدل ، لمشارکة الشعب في التعبير عن بغضه وکراهيته للحرب - العالمية الأولى والثانية - ، محاولاً التعبير  والکشف عن العلاقة بين الحکام الذين يملکون شئون الحکم والحرب .

2-            مسرحية عذاب تحت الشمس "سيزيف"

أما مسرحية عذاب تحت الشمس على الرغم من مأساة سيزيف إلا أن الکاتب جعله شخصية قادرة على التحدي رغم شقاؤه وبؤسه، فهو يرفض الخضوع يجعل معانته سيبلا لانتصاره يوما ما، وتأثر الکاتب هنا بالمسرح العبثي رغم توافر حل لتخلصه من هذه المأساة إلا أنه رافض لذلک، واختار اللاجدوى معتمداً عليها في الخلاص، وهذا حل عبثي وغير معقول، کالتالي :

‌  الرسول : سيزيف .. لقد تجاوزت حدک ..اية نهاية تلک التي تتحدث عنها ..أن المسألة ليس مبارة رياضية أو حفلة راقصة تنتظر نهايتها ..کلا أنها ليست لعبة ..نحن نقدر بطبيعة الحال موقفک هذا کما نقدر أيضا حالتک المعنوية والنفسية التي تمر بها خلال تلک اللحظات القاسية وتحت تجربة حية تجسدها لنا نتيجة هذا العقاب.. ولکن على المرء أن ينظر إلى هذا العذاب على أنه وسيلة من وساائل اختبار العلي القدير لکي يري مدى ايمان الانسان وصبره على تجمل الشدائد ..فاستعن بزيوس وهو دائما السمعي المجيب ..

‌  سيزيف:  أتطلب مني أن أتضرع إلى من کان سبب بلائي ! ..کيف يمکن تصور ذلک ! لقد أصدر زيوس حکمه وهو حر في أحکامه .. تماما مثلما أنا حر في کيفية موجهة هذا الفعل.. (صـ 32- 33)

وقد استطاع عصام عبد العزيز أن يخلق لشخصية سيزيف کيان خاص بها، من خلال حرصه على حريته في اختيار مصيره ، وسخريته من زيوس، محاولا تقيق آماله في تثبيت الصخرة فوق قمة الجبل ، فهو رفض التضرع لزيوس وقبل بمصيره ، ليکشف لنا عن مبادئه ، ويعطينا صورة واضحة عن اعتزازه بالحرية رغم مأساته الأبدية .

ولا شک أن مسرح العبث يغوص في العقل الباطن مستخرجا منه ردود الأفعال التي ترسبت فيه منفصلة عن مسبباتها وعن أصلها، ثم يبدأ في تحقيق هذه الرؤي علي المسرح، وتکمن کل محاولات هذا المسرح في التخلص من السيطرة العقلية  ومن روح العقل، إذ يلجأ کتابه إلي الهروب من قواعد العقل الصارم" (أحمد سخسوخ : 2001 , 59)

وقد حاول الکاتب أن يبرز الصراع بين تيارين مختلفين ، أحداهما يمثل الاستلام بالأمر الواقع، والثاني يحاول التمسک بحريته رغم مصيره المحتوم، وقد جسد الکاتب الصراع الذي يدور بين الکاهن وهو القوة المهيمنة على العالم المجسده في حديثة عن زيوس الذي ينزل العذاب الأبدي بالبشر لعصيانهم ، وبين شخصية سيزيف الباحث عن الحرية ، التالي :

‌  الکاهن : سيزيف ..رويدک..رويدک..ألم يعلمک هذا العقاب المضني والغير محتمل أن تکف عن تلک التلميحات المستترة ..أنک تتجاوز حدودک حتى وأنت في هذه الحالة! فالکلمات التي تنطق بها..قد يهتز لها عرش السموات العلا .

‌  سيزيف : أيها الکاهن المبجل ..يا خادم زيوس المخلص .. أنت تردد فقط کلمات لا تعي معناها .. وتعتقد أنک بدفاعک المستميت عن زيوس وعن شرائعه المقدسة سوف تدخل الجنة الموعودة وتنال برکات السماء .. أقول لک الآن أنت واهم .. فليس هناک إنسان على ظهر تلک الأرض مجرد من الخطيئة .. وليس هناک إنسان يمکن أن يختار مصيره أو يحدده ..أو يعتقد أن السماء تحميه وتختاره ليکون من المختارين ..أقول للک مرة آخرى أنت واهم ..فالإنسان تحکمه الصدفة وعبث الوجود المجرد من المعني ...(صـ: 70).

 ويمکن القول بأن الکاتب عصام عبد العزيزتأثر  هنا بألبير کامو، فعلى الرغم من أن الکاهن يرى أن أراء سيزيف غير مجدية ولا معنى لها ، إلا أن الکاتب جعله يشعر بجدية العمل الذي يقوم به ، لأن لديه أمل دائم في أنه سوف ينجح في تثبيت الصخرة فوق قمة الجبل، ولکن الکاتب جعله لا بطل حقيقي ولا هو بطل مأساوي بل هو نمط لواحد من أفراد البشر الذين يرغبون في ممارسة الحياة کما يحلو لهم ، فعلي الرغم أنه يستطيع أن يضع حدا لحياته لکي ينهي هذا العذاب الأبدي ، إلا أنه قد اختار أن يتحدى قدره، رافض الخضوع متمسک بالحرية مستمراً في ممارسة تلک المهمة الشاقة.

کما  استخدم الکاتب الوظيفة الرمزية للأسطورة التي تشير إلى التقلبات السياسية والفکرية تجاه الدين والسلطة والحرية التي سادت في عصره بطريقة غير مباشرة کالتالي :

‌  الشيخ : أن الحديث معک غير مجدى ولو ترکتني أصرح لک ما في قلبي لأعلنت لتلک الحشود نواياک الغير دينية واتهمتک بالکفر البين والترويج له ، وللشعب حق الدفاع عن دينه ...

‌  المعلم : ولو ترکني أيها الشيخ الفاضل أن أصرح لک أيضا بما في قلبي لاتهمتک بالجهل المطبق والتعصب الأعمى والذي لا يري ماوراء وأمام قدميه.. فأنتم ظلام هذه الأمة ..

‌  الکاهن : سيدي أيها الشيخ الجليل لا تجادل مع هؤلاء الذين يدعون الثقافة الدنيوية أو العلمانية .. فالحديث معهم يعتبر خطيئة قد نحاسب عليها أمام زيوس ....(صـ :47-48)

استطاع عصام عبد العزيز من خلال حديث الشيخ أن يبرز تعصبه الأعمى، وقدرته على تحريک الشعب من خلال استخدام الدين، فالاختلاف معه في الرأي يعد خطيئة تقوده إلى اتهام المعلم بالکفر والترويج عنه ، بل ومحاولة قلب الشعب عنه مستخدما الدين،  وهنا يشير الکاتب الى الفترة التاريخية التي حکم فيها ذلک التيار المزعوم بالأخوان المجتمع المصري ، وقد عبر عنها الکاتب من خلال حديث المعلم الذي تميز أسلوبه بعمق التفکير وعظمة البيان محاولا تحطيم هذا الحاجز بطريقته الخاصه من خلال وصف شخصية الشيخ بالجهل والتعصب الأعمى الذي قاد به هذا التيار المجتمع إلى الظلام .

 واستخدم الکاتب شخصية الکاهن محاولاً عودة القارئ إلى جو الأسطورة، والأشارة إلى أن شخصية الکاهن تعبر عن أراء الشيخ في المسرحية الذي يرمز إلى ذلک التيار وشخصية سيزيف التي تعبر عن رفضها الدائم لما يحدث ، فهي رمز الحرية الذي يأبى الخضوع والاستسلام، لذلک فالشخصيات هنا ظهرت غير متشابه في تفکيرها أو تصويرها النفسي لتعبير عن أراء وأفکار الأفراد في المجتمع المتضاربه في تلک الفترة .

أما شخصية المعلم فقد وظفها عصام عبد العزيز في مسرحية في إطار رمزي کمؤرخ للأحداث، لا ينتمي إلى أي تيار، موضوعي في کتاباته، له أفکاره الخاصه به، کالتالي:

‌  اللص 1: أنه المعلم الجوال المؤرخ .. لکل شيء يحدث في المدينة ..يؤلف الکتب والمسرحيات ولکن لا يصادق أحدا قط.. سأحاول أن أحاوره .. ربما يريد کتابة شيئا عن سيزيف ..

‌  اللص 2: ولکن لن يجد من يقرأ .. لا من قبل السلطة الحاکمة ولا من رجال الدين.. لقد سمعت أن هذا المعلم المدون أو کما يطلقون عليه الوراق يثير المشاکل مع السلطة من خلال أفکاره التي تثير الشباب ..أنهم يخافون ويکرهون الأفکار ولذا لن يسمحو له بالکتابة عن إنسان متمرد ومحکوم عليه من قبل الآلهة ..أنه يضيع وقته ..(صـ :30)

نتائج البحث :

1- تأثر کلاً من الکاتبين روبير ميرل وعصام عبد العزيز بفلسفة الحرية عند الوجوديين، حيث جعل روبير ميرل سيزيف إنسان حر، صاحب إرادة وکيان، متمردا على واقعه، قادراً على تحقيق ذاته فعلي الرغم من أنه يدرک الموت إلا أنه لا يخشاه ، أما عصام عبد العزيز فقد حلق کيان خاص لشخصية سيزيف من خلال حرصه علي حريته رغم إدراکه لمصيره إلا أنه يتمرد على واقعه ويرفض التضرع لکبير الآلهة زيوس، محاولا تحقيق آماله في تثبيت الصخرة فوق قمة الجبل لينال حريته.

2- تأثر کلاً من الکاتبين روبير ميرل وعصام عبد العزيز بالاتجاه العبثي؛ فعلى الرغم من أن سيزيف لا جدوى له من الهروب من الموت إلا أن روبيرميرل  جعل العبث جزء لا يتجزء من حياته، من خلال سرقة القلم الذهبي من إله الموت ، أما عصام عبد العزيز فعلي الرغم من وجود سيزيف في عالم غير عقلاني إلا أنه جعله يکافح من أجل اثبات وجوده من خلال تمرده؛ حيث جعل الأمل في تثبيت الصخرة فوق الجبل هو وسيلته لتمرد على قدره، فهو يدرک مصيره.

3- وظف کلأً من الکاتبين روبير ميرل وعصام عبد العزيز أسطورة سيزيف للتعبير للتعبير عن القضايا الفکرية والفلسفية التي تؤرق المجتمع  الذين ينتمون إليه من وجهة نظرههم،  حيث وظف روبير ميرل مشهد نهاية مسرحية نهاية سيزيف على يد مجموعة من الأعيان، لأنه أراد أن يبرز لنا الدمار الذي حل بالبشرية بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، لنقد الواقع بطريقة تهکمية، ونبذه بکل ما يحتويه من سلبيات، أما عصام عبد العزيز فقد استخدم الوظيفة الرمزية للأسطورة التي تشير إلى التقلبات السياسية والفکرية تجاه الدين والسلطة والحرية التي سادت في عصره بطريقة غير مباشرة، في محاولة لتحقيق التواصل بين الماضي والحاضر من خلال التعبير عن ظروف مجتمعه مشکلاته التي تواجه.

4- تأثر عصام عبد العزيز بألبير کامو في موقف سيزيف بين الحقيقة والوهم، بالاضافة الي موقف اللصين من سيزيف ومن مصيره المحتوم ، کما جعله الکاتب لا بطل حقيقي ولا بطل مأساوي بل نمط لواحد من أفراد البشر الذي يردون ممارسة الحرية کما يحلو لهم، فعلى الرغم من أنه يتطيع أن يضع حداً لحياته، من خلال تضرعه لزيوس ،إلا أنه قد اختار أن يکون متمرداً متحدياً لقدره، رافض الخضوع متمسکاً بالحرية مستمراً في ممارسة تلک المهمة الشاقة .

5-  على الرغم من أن روبير ميرل جعل سيزيف شخصية متمردة تسعى وراء الحرية، إلا أنه دعا إلى التفکير جيداً  قبـل إحـداث الثـورات والتمـرد علـي  المجتمع الفرنسي، على لسان حال سيزيف حتـي لا نـدفع بالفرنسـيين والمجتمع الفرنسي والحدف به في مواقف محرجة، فعلينا التفکير، وإعمال العقل ، والتأمل فـي الشيء قبل  إحداثه، وهذا ما جاء علي لسـان سـيزيف نفسـه بطـل المسـرحية، والـذي جاء محملاً بفکر روبير ميرل (أني رجل طيب القلب لا أحب أن أدفع الناس إلى مواقف الحرج ولا أتمنى أکثر من أن أقوم بحرکة طيبة ..لکن عندما أفکر أن هذه الحرکة الطيبة ، قد تکـون الحرکـة الأخيرة فهذا شيء يحملني على التفکير والتأني).

  1. المراجع :

    أولاً- المصادر:

    1. روبرت ميرل (1965): مسرحية سيزيف والموت ، ترجمة : فتوح نشاطي، مجلة المسرح، العدد السابع عشر – مايو .
    2. عصام عبد العزيز (2016) : عذاب تحت الشمس "سيزيف"، القاهرة ، مکتبة الأنجلو المصرية.

     

    ثانياً- المراجع العربية :

    1. أحمد سخسوخ(2001) :عبث إدريس وعبد الصبور في المسرح المصري، القاهرة، المرکز القومي للمسرح للموسيقي والفنون الشعبية، عدد (يناير).
    2. إبراهيم عبد الرحمن (1977) : الأدب المقارن بين النظرية والتطبيق، القاهرة ، مکتبة الشباب بالمنيرة.
    3. أمينة فزاري (2010): الأدب الشعبي ، ط1، دار الکتاب الحديث للنشر .
    4. أمينة عامر (2020) : قضايا التغير الاجتماعي وانعکاستها على مسرح رشاد رشدي " دراسة تحليلية " مجلة بحوث التربية النوعية ، جامعة المنصورة عدد أبريل (58) .
    5. إلهام عبد الحميد (2010): المناهج وطرائق التعليم والتعلم – منظور ثقافي،القاهرة ، مرکز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات .
    6. توفيق الطويل ، سعيد زاير ( 1983): المعجم الفلسفي ، القاهرة ، الهيئة العامة لشئون المطابع المصرية.
    7. حسن الظنحاني (2014) : فاعلية برنامج مقترح في تنمية مهارات الکتابة الإقناعية لدى طالبات الصف الحادي والعشرون بدولة الإمارات العربية المتحدة ، المجلة الدولية للأبحاث التربوية ، جامعة الإمارات العربية المتحدة ، عدد (35).
    8.  الحسن الغشتول (2006) : الأدب بين الإمتاع والالتزام، ط1،  بيروت ، لبنان ، دار النفائس للنشر.
    9. حسن شحاته (2012) : الکتابة الإقناعية الحجاجية  فکر جديد من النظرية إلى التطبيق ، القاهرة ، دار العالم العربي .
    10. حسام الخطيب (2001) : آفاق الابداع ومرجعيته في عصر المعلوماتية، بيروت ، دار الفکر.
    11. حسن عبود ، صلاح حمادى (2020): في النص المسرحي المعاصر ماستايا .. الرقصة الأخيرة (أنموذجا) ، مجلة أنساق للفنون والأدب المسرحي والعلوم الإنسانية ، العدد (1)، المجلد (1).
    12. خليل أحمد خليل ( 1986) : مضمون الأسطورة في الفکر العربي ، ط3 ، بيروت ، دار الطليعة للطباعة والنشر .
    13. دعاء حمدي محمود (2014) : فلسفة التربية بين الثبات والتغير ( رؤية تربةية نقدية لتحقيق التوازن بين قضايا الثبات ودواعي التغير ، مجلة دراسات عربية في التربية وعلم النفس (ASEP) ،العدد (56)  ، ديسمبر
    14. سحابة خيرة (2012): ترجمة الأسطورة في قصص الأطفال " دراسة تطبيقية " رسالة ماجستير "منشورة"، کلية الآداب واللغات والفنون، جامعة وهران .
    15. سماح خميس مسعود (2014) : القضايا الفکرية في مسرحيات مصطفى محمود ، المجلة العلمية لکلية التربية النوعية ، العدد الثاني يونية ( الجزء الأول ).
    16. سيد القمني (1992): الأسطورة والتراث ، ط1 ، القاهرة ، دار سينا للنشر والتوزيع.
    17. عبد الرحمن زيدان (1987):  أسئلة المسرح العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب، دار الثقافة للنشر والتوزيع
    18. عبد الرحمن زيدان(1987):  أسئلة المسرح العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب، دار الثقافة للنشر والتوزيع.
    19. عزة هيکل (2004)  : في الأدب المقارن، القاهرة ، الهيئة العامة المصرية للکتاب .
    20. عبد المعطي شعراوي  (2016) : مقدمة مسرحية عذاب تحت الشمس "سيزيف" ، القاهرة ، المکتب الأنجلو المصرية.
    21. عبد المجيد الانتصار (1997) : الأسلوب البرهاني الحجاجي في تدريس الفلسفة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع .
    22. عبد الکريم بکار (2010) : تکوين الفکر ،  ط2 ، القاهرة ، دار السلام للطباعة والنشر .
    23. عثمان الحمامص (2004) : عبثية الواقع ووقعية العبث ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للکتاب
    24. عماد الدين خليل (1985) : قوضي العالم في المسرح الغربي المعاصر ، العراق ، منشورات مطبعة تموز.
    25. فاروق خورشيد (2004): أديب الاسطورة عند العرب ، ط1،القاهرة ، مکتبة الثقافية الدينية.
    26. فراس السواح (2008) : الأسطورة والمعنى ، ط2، سوريا ، دار علاء الدين للنشر والتوزيع.
    27. فراس سواح (1997):  الأسطورة والمعنى: دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية، دمشق، منشورات دار علاء الدين.
    28. فرانس السواح (2007) : مغامرة القل الأولى (دراسة في الأسطورة)ط 3، سوريا ، دار علاء للنشر والتوزيع .
    29. فوزي عبد االله الکيلاني (2011): ليبيا القديمة ( أفريقيا) في الأساطير الإغريقية،رسالة ماجستير " منشورة"،  کلية الآداب ، جامعة بنغازي .
    30. قحطان عدنان (2017) : المرجعيات الفکرية لممثلي شخصيات الکوميديا الصامتة ، مجلة لارک للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية ( الاعلام والفنون) ، العدد السادس والعشرون .
    31. محمد السيد حلاوة(2003): الأدب القصصي للطفل - منظور اجتماعي ونفسي، (الإسـکندرية)، المکتب الجامعي الحديث.
    32. محمد زکي العشماوي 1986: دراسات في النقد الأدبي المعاصر ، بيروت  ، دار النهضة .
    33. محمد زکي العشماوي (2003) : دراسات في النقد الکمسرحي والأدب المقارن ، الاسکندرية ، دار المعرفة الجامعية.
    34. محمد سعيد زيدان (2010): فعالية المقال الصحفي في تدريس علم الاجتماع لتنمية الفکر الناقد، والوعي يالقضايا الاجتماعية لدى طلاب المرحلة الثانوية ، القاهرة ، مجلة الجمعية التربوية للدراسات الاجتماعية ، العدد (29)، نوفمبر.
    35. محمد عابد (1991):  تکوين العقل " نقد العقل العربي "، ط4 ،  الدار البيضاء المرکز الثافي العربي
    36. محمد الخضيري (1964) : يوجين يونسکو ومسرحه الفريد ، مقال منشور ، في مجلة المسرح ، العدد  الحادي عشر ، السنة الأولى ، نوفمبر.
    37. مصطفى النشار (2005 ) : مدخل إلى الفلسفة القاهرة ، الدار المصرية السعودية للطباعة والنشر
    38. مصطفى رمضاني (1987): توظيف التراث وإشکالية التأصيل في المسرح العربي، الکويت، وزارة الإعلام، مجلد (17)، عدد (4).
    39. مي مصطفي (2019): فاعلية برنامج قائم على المواقف الحياتية لتدريس الفلسفة في تنمية الوعي ببعض القضايا الفلسفية المعاصرة لدى طلبة المرحلة الثانوية ، مجلة کلية التربية ببنها العدد (119) يوليو، المجلد (1).
    40. مجموعة من علماء الروس (1986) المعجم الفلسفي المختصر ، رؤية مارکسية, موسکو , دار التقدم.
    41. نبيلة ابراهيم (1979) : الأسطورة "الموسوعة الصغيرة "، العراق ، منشورات وزارة الثقافة والاعلام ، عدد (54) .
    42. مجمع اللغة العربية ، 1999: المعجم الوجيز ، القاهرة ، المطابع الأميرية .
    43. نورا محمد أمين زهران (2015) : برنامج قائم على التعلين الاستقصائي لتنمية مهارات الکتابة الإقناعية ، وبعض عادات العقل لدى طلاب المرحلة الثانوية  رسالة دکتوراه ، مناهج وطرق تدريس کلية الآداب والعلوم التربوية .
    44. ولاء محمد صلاح (2020): برنامج قائم على النظرية الحجاجية لتنمية مهارات الکتابة الاقناعية والوعي بالقضايا الفلسفية لدى طلاب المرحلة الثانوية، مجلة الفيوم للعلوم التربوية والنفسية، المجلد (14)، الاصدار السابع سبتمبر .

    ثالثاً- الکتب المترجمة

    1. أرنولد  هنجلف(1979) : موسوعة  المصطلح  النقدي  : اللامعقول، ترجمة: عبد الواحد لؤلؤة،  بغداد، دار الحرية للطباعة
    2. جيلبير وران (1991):  الأنثروبولوجيا ورموزها، أساطيرها، أنساقها، (ترجمة: مصباح الصمد)، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر.
    3. جميز روس أفنز ( 2000): الميرح التجريبي من ستانسلافسکي إلى بيتر بروک ، ترجمة : عبد القادر فاروق ، ط1 ، القاهرة ، دار هلال للنشر والتوزيع .

    رابعاً- المواقع الاليکترونية :

    1- أحمد صقر(2018): (المسرح الفکري في مصر متاح على الرابط التالي : www.drahmedsaker.com

    2- جونسون دوغلاس (2004): نعي روبرت ميرل"، بتاريخ : 8 أبريل بالجارديان، متاح علي الربط التالي  بتاريخ 7 أغسطس2015 : www.wekebida.com

    3- حسن عبود النخيلة(2020): فلسفة الحرية وتمثلاتها في النص المسرحي المعاصر:ماستابا.. الرقصة الاخيرة(أنموذجا) ، مجلة أنساق للفنون والآداب والعلوم الإنسانية ، المجلد (1) العدد (1)، ومتاح على الرابط التالي :  https://www.google.com/url?sa

    4- حنا عيسى(2015) :   الفلسفة وأهميتها للفرد والمجتمع ،مقال منشور بتاريخ: 7 أبريل ، ومتاح على الرابط التالي : https://pulpit.alwatanvoice.com

    5- خالد الزهراني (2009):  نادي إقرأ " مصطفي محمود المنتصر على نفسه" مقال منشور بتاريخ (31)أکتوبر متاح على الرابط التالي: www.rclub.com   https://

    6- داليا ألبيرج (2014):"دوماس الحديثة تعبر أخيرًا القناة"، مقال منشور بتاريخ: 16 أغسطس بمجلة الجارديان، ومتاح على الرابط التالي: https://en.wikipedia.org/wiki/Robert_Merl  :

    7- روبرت ميرل (2004):  کتاب المؤلف مستوحى من 'يوم الدلفين' " منشور بتاريخ: 10 / أبريل بمجلة  لوس انجليس تايمز، وتم الاسترجاع بتاريخ : 27/ سبتمبر  2019م على الموقع التالي : www.google.com

    8- سلمان قطاية (1972):  المسرح العربي من أين وإلى أين؟، منشورات اتحاد الکتاب العرب، دمشق، سوريا ومتاح على الرابط التالي : www.wekebida.com

    خامساً - المقابلات:

    -      مقابلة الباحثة مع الکاتب عصام عبد العزيز .

    سادساً- المراجع الأجنبية :

    1. Bonaiuto, M & Fasulo, A (1997) Rhetorical International Attribution:  its ontogenesis in ordinary conversation, British Journal of Social Psychology, 36.
    2. Eliade Mercia (1963): Aspects du mythe, éd Gallimard, Paris,
    3. Felton (2004) : the development of discourse strategies in adolescent argumentation. Cognitive development. Vol, 19.
    4. Grant, Michael, Myths of the Greeks And Homer, Iliad, xiv, 201 ff; Hesiod, Theogony, 720 ff
    5. Kruger, T.(2012) : "Teaching Controversial Issues in Secondar Social Studies: A Phenomenological Multi-Case Study", Unpublished Doctoral Dissertation, College of Education, Northern Illinois University.
    6. Petit Larousse ) 1980(: Libra ire Larousse ) 14(.
    7. Ryan, T. (2008) : "Philosophical Orientation in Pre-Service", Journal of Educational Thought, Vol.42, No.3.
    8. Smith Pierre)11992): Encyclopeadia Universalis, (Mythe) éd  T 15,
    9. Weidenfeld & Nicolson,)1962( :Romans, London Vol.12, No.1 .