نوع المستند : مقالات علمیة محکمة
المؤلف
الکويت
الموضوعات الرئيسية
مقدمة :
إن العالم في تطور مستمر، حيث تظهر فيه نظريات، واختراعات، واتجاهات في کل مکان، والتربية الفنية تتأثر بالتيارات والاتجاهات في ميادين التربية والفن. وقد تشکل تلک التيارات والاتجاهات تحديات للفنانين ومعلمي الفنون، وعليهم أن يکونوا قادرين على مواجهتها حاضراً ومستقبلاً. وأول هذه التحديات هو تحديد الاتجاهات والمداخل الحديثة التي لها أکبر الأثر على عمليتي تعليم الفنون وتعلمه وتؤکد الدراسات ضرورة الاهتمام بجودة مناهج الفنون، وتؤکد أيضا ضرورة إنتاج المعرفة من خال تلک المناهج، وليس الاکتفاء ببث المعرفة في عقول فنانينا وطلابنا،( محمد حمود العامري ، 2016) .
ونظرا للتقدم العلمي والتطور المستمر في المعرفة والمعلومات ووسائل الاتصال الحديثة- التي يصعب على المدرسة ملاحقتها- کان من الضروري على المناهج الدراسية أن تتجه نحو بناء المهارات وتنميتها، بدلا من ترکيزها على التحصيل الدراسي؛ حتى يستطيع الطلبة ملاحقة هذا التغير والتطور السريعين في المعرفة، فلم يعد هناک مجال للأساليب التقليدية التي تعتمد على الحفظ واستظهار المعلومات، بل نحن في حاجة ماسة اليوم إلى أساليب جديدة واستراتيجيات متعددة تساعد على إکساب « الطلبة العديد من مهارات التفکير، کالقدرة على النقد والتحليل والتفسير والاستنتاج والتقويم وإصدار الأحکام، فلم تعد هناک حاجة لتأکيد أن تنمية القوى البشرية هي التوجه السليم لإحراز التقدم في کافة المجالات؛ ومن ثم تهتم دول العالم حاليا بتنمية العقول المفکرة القادرة على حل مختلف .» نوعيات المشکلات، والقدرة على الحوار واتخاذ القرار (محمد حسني الأشقر ، 2007) ، (صلاح الدين خضر و محمد حسنى الأشقر ، 2003).
ويواجه التعليم بجميع مجالاته مشکلات عديدة بما فيها مشکلات التدريس التي تواجه تدریس المواد المختلفة بشکل عام، ومادة التربية الفنية بشکل خاص، والتي تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة منه، وتؤدي إلى مشکلات نحن في غنى عنها. فمنها التربوي ومنها التنظيمي. فمن الناحية التربوية، ينبغي مراعاة الشخصيات المختلفة للطلاب والقدرات المختلفة عندهم، إضافة إلى الاهتمام بالسياق الثقافي والخلفيات العرقية و الثقافية للجمهور المستهدف، أما من الناحية التنظيمية فينبغي أن يتم التخطيط بعناية لتطوير المناهج التعليمية، وذلک بدءا من جمع أحدث المواد التعليمية من أکثر المناهج العالمية تطورا ومرورا بکيفية صياغتها واختيار الأکفياء من الموجهين التربويين المقتدرين وانتهاء بتنظيم النفقات في طباعة الکتب ونشرها وتوفيرها للطلاب بأسرع وأسهل الطرق الممکنة ، بحيث يواکب منهج التطور التکنولوجي الکبير المتسارع، ويتناسب في الوقت ذاته مع مستوى الطلبه وقدراتهم التعليمية (Prince &Felder,2006).
وتحاول کليات التربية أن تقدم برامج فعالة في مجال إعداد المعلم بصفة عامة ومعلم التربية الفنية بصفة خاصة، وعلى الرغم من الجهود المبذولة في الاهتمام بتوفير الأمکانات المناسبه لسير العملية التعليمية، وعلى الرغم من جهود المدارس والمعلمين في محاولة التطور والتميز، إلا أن المهتم بالعملية التعليمية يلاحظ وجود عوائق تقف في الجانب المعاکس التحقيق الأهداف التربوية، وهذه العوائق يظهرها الواقع الميداني الذي يتحمل الکثير من نواحي القصور، و أسباب تدني المستوى التعليمي للطالب والمعلم (حسن زقزوق، 2007).
ومن هذا المنطلق، يسعى القائمون على التربية من خلال الفن إلى وضع الخطط، والنظريات، والبرامج الدراسية الجديدة والشاملة التي يتلقاها الطالب خال مراحل إعداده للمستقبل قبل الخدمة وأثنائها، من خال برامج التأهيل وتطوير الأداء الوظيفي، وفق أساليب وطرق ومداخل مختلفة تؤدي إلى فهم أعمق لمحتوى تعليم الفنون المعاصرة ودورها؛ وذلک بهدف تزويد الطالب بالخبرات الغنية والمعارف الجديدة، التي تساعده على اکتشاف مواهبه وقدراته الابتکارية بصفته فنانا ومعلما، وفي الوقت نفسه تساعده على إکسابه مهارات التفکير والقيم والاتجاهات الإيجابية التي تمکنه من التکيف مع معطيات العصر والتغيرات الراهنة على مستوى النظرية والتطبيق معا في مجالات الفنون التشکيلية المختلفة، التي تشکل الهوية المتأصلة في روح التربية الفنية المعاصرة.
هذا وقد ظهرت العديد من النظريات الفنية، التي تنادي بأهمية التربية الفنية، وکان أحدثها وأکثرها انتشاراً نظرية التربية الفنية النظامية (DBAE) ، التي تهدف إلى بناء نظرية لتنظيم مناهج وطرق وأساليب تدريس التربية الفنية، في ضوء أربعة مجالات متداخلة وهي: تاريخ الفن، عِّلْم الجَمَال، النقد الفني، الإنتاج الفني.
أدى هذا التطوُّر الحاصل لمادة التربية الفنية، وتغيُّر مفهومها، وميلها إلى النهج التربوي، إلى الاهتمام بشخصية المتعلم وتکاملها أکثر من المهارة، والدقة، وإتقان الصنعة، وأصبح هدفها تنمية المتعلم ککل عن طريق الفن ) عبد الله المهنا و عبد الله الحداد، 2000) .
مشکلة الدراسة :
أن العلاقة بين الجامعات وسوق العمل يشوبها القلق الکبير لوجود توقعات في انخفاض مستوى امتلاک الخريجين للمهارات اللازمة السوق العمل ، والتي تحول دون تمکن الخريج من أداء دوره بشکل فعال وعلى الوجه المطلوب ؛ فإن الواقع الحالي يؤکد وجود قصور وضعف مخرجات هذا التعلم، وعدم قدرة الطلاب والطالبات على الاستفادة من الخبرات العملية والدراسات النظرية (حسنية الزهراني 2004) ، فقد أکدت نتائج دراسة يوسف (۲۰04) ودراسة عبد الرحمن المنتشري (۲۰۰۰) وجود اختلاف و تفاوت في مهارات معلمي التربية الفنية وکان من أهم التوصيات تطوير ورفع کفاءة معلم التربية الفنية، مما تجعلهم يواکبون التطورات العلمية والتربوية التي يعيشها العالم.
تساؤلات البحث :
أهداف البحث:
يهدف البحث الحالي إلى تحقيق الأهداف التالية:.
مصطلحات البحث:
نظرية التربية الفنية المعرفيه (DBAE) :
وتعرفها تهانيبنتعبداللهبنإبراهيمالمزروع (2018) بأنها: "نظرية تقوم على تدريس وتعلم الفنون، بطريقة منهجية ومنظَّمَة وشاملة، من خلال الترکيز على دراسة أربعة مجالات معرفية ومهارية، لها علاقة وثيقة بالفنون وهي: إنتاج الأعمال الفنية، نقد الأعمال الفنية، دراسة تاريخ الفن، دراسة عِّلْم الجَمَال والتذ وق الجمالي.".
وتعرفها ثناء أبو زيد ( 2013 ) بأنها: " اتجاه جديد لمناهج التربية الفنية المعاصرة، يهدف إلى تدريس الفن باعتباره أسلوبًا منظَّمًا داخل عملية التعلُّم
ويعرِّفها الغامدي ( 2012 ، ص 54 ) بأنها: " الاتجاه ذو الأساس المنظم للمعرفة، في التربية الفنية، وي طلق عليها محليًّا )الاتجاه التنظيمي( ، وهي مدخل أو مقارَبَة منهجية شمولية، في تدريس وتعلُّم الفنون، تم تطويره في الأساس، بواسطة مجموعة من أساتذة الفن الغربيين، ليتناسب مع الحاجة إلى نقل المعارف والخبرات الفنية إلى المتعلمين في التعليم العام.
يعرفها آل قماش ( 2005 ، ص 9 ) بأنها: " فکر أو أسلوب، اتفق عليه جماعة من المتخصصين في مجال التربية الفنية لتعليم الفن، وفق أ سس علمية منظَّمَة، وميادين للتربية الفنية متمثِّ لة في التذوق الجمالي، وتاريخ الفن، والنقد الفني، والإنتاج الفني"
التربية الفنية :
وعرف الضويحي (2006) التربية الفنية بأنها " المادة التي تهتم بتدريس الطلبه کيفية الرسم، واستخدم الألوان، و النحت، وتشکيل الخزف والمجسمات، و الطباعة بطرائق مختلفة، وممارسة النساجة وطرق المعادن، ونشر قطع الأخشاب المختلفة، واستخدام الأوراق المختلفة من عجائن، ومجسمات ورقية، وتنمية کل جوانب شخصية الدارسل من فکرية وجمالية واجتماعية و غيرها باستخدام الأنشطة الفنية
وعرفت التربية الفنية بأنها " التربية عن طريق الفن ، و هي کل مظاهر الفنون کالموسيقى والرسم الشعر والنحت وغيرها، و يمکن عن طريقها أن تتم تربية متکاملة للفرد ، وقد تمنی " أن تتم التربية وتحقق هدفها Herbert red الفيلسوف والناقد الإنجليزي الشهير " هربرت رید عن طريق الفن، ووضع کتابة في هذا الموضوع تحت مسمى" التربية عن طريق الفن " المهنا ، و الحداد 2000).
و عرف سید وصادق وعماري التربية الفنية بمعناها البسيط " على أنها تعديل إيجابي في سلوک الأفراد عن طريق تشکيلهم للخامات المختلفة، والحصول منها على أعمال جيدة متقنة" العتوم، 2007).
الدراسات السابقه:
دراسة تهانيبنتعبداللهبنإبراهيمالمزروع (2018 ) : هدفت الدراسة، إلى التعرُّف على درجة ملاءمة البيئة الفعلية، لمواصفات البيئة الصفية، في ضوء نظرية التربية الفنية النظامية (DBAE) ، بالمدارس المتوسطة في مدينة الرياض، وتم اختيار عينة الدراسة بطريقة عنقودية عشوائية من المدارس، وبلغ أعداد أفراد الدراسة (480 طالبة) من طالبات المرحلة المتوسطة، واستخدمت الباحثة المنهج الوصفي المسح ي ؛ للإجابة على أسئلة الدراسة: ما مواصفات البيئة الصفية في ضوء نظرية التربية الفنية النظامية (DBAE) ؟ ، ما درجة ملاءمة البيئة الفعلية لمواصفات البيئة الصفية، في ضوء نظرية التربية الفنية النظاميةDBAE ؟
وتوصلت الدراسة إلى إعداد قائمة مواصفات البيئة الصفية في ضوء نظرية التربية الفنية النظامية (DBAE) ، عن طريق، بناء وتطوير نموذج،يتضمن محاور البيئة الصفية ) المادية ، الاجتماعية والنفسية.
دراسة : نوف بنت محمد العبد اللطيف (2017) و هدفت الدراسة التعرف إلى الحاجات التدريبية المتعلقة بالنظريات والاتجاهات في تدريس التربية الفنية من وجهة نظر (DBAE) التربوية الحديثة کالاتجاه المعرفي المنظم المعلمات والمشرفات التربويات في المرحلتين المتوسطة والثانوية، والحاجات التدريبية المتعلقة بمراحل النمو الفني في مرحلة المراهقة وأنماطها التعبيرية، لتدريس التربية الفنية من وجهة نظر المعلمات والمشرفات ، استخدمت في هذا الدراسة المنهج الوصفي التحليلي ، کانت عينة الدراسة (186) معلمة ومشرفة، أظهرت النتائج أن معلمات ومشرفات التربية الفنية کانت حاجتهم للتدريب بدرجة کبيرة في مجال الاستفادة ومعرفة وتوظيف الحاجات التدريبية المتعلقة بالنظريات والاتجاهات التربوية الحديثة في تدريس التربية الفنية، وأن معلمات ومشرفات التربية الفنية کانت حاجتهم للتدريب بدرجة کبيرة في تطبيق الاتجاه في تدريس التربية الفنية، (DBAE) المعرفي المنظم، وأن معلمات التربية الفنية کانت حاجتهم للتدريب کبيرة جدا في الجوانب المتعلقة بمراحل النمو، خصائص مرحلة المراهقة، وأنماط التعبير الفني، أن مشرفات التربية الفنية کانت حاجتهم للتدريب متوسطة للجوانب المتعلقة بمراحل النمو، خصائص مرحلة المراهقة، وأنماط التعبير الفني.
دراسة محمد حمود العامرى (2014) : تقديم تصور مقترح لکيفية تطبيق نظرية (DBAE) في تخطيط وحدات تدريسية يمکن استخدامها في التدريب الميداني بجامعة السلطان قابوس وکانت حدود البحث على التحليل الوصفي لنظرية (DBAE) و البحث في مدى إمکانية تطبيقها في برامج إعداد معلم الفن بجامعة السلطان قابوس؛ بهدف تقديم صورة متکاملة وشاملة عن هذه النظرية. وتقديم تصورات تطبيقية لکيفية تصميم وحدات تدريسية في ضوء المجالات الأربعة الأساسية لهذه النظرية والتي يمکن استخدامها في تدريس و تعليم الفنون.
دراسة خالدة الکيلاني (۲۰۱۰) هدفت إلى التعرف على درجة توافق برنامج إعداد معلم التربية الفنية في الجامعات الهاشمية مع معايير برنامج إعداد معلم التربية الفنية للرابطة الوطنية الأمريکية للتربية الفنية وتوصلت الدراسة إلى أن هناک ضعف في التوافق في النقد الفني والتذوق الجمالي مع معايير الجمعية الأمريکية، وأوصت الدراسة بإعادة النظر في برنامج إعداد معلم التربية الفنية ووضع استراتيجية عامة لإعداد المعلم والتأکيد على الاهتمام بمهارات حل المشکلات والمواقف التعليمية ودراسة القضايا المختلفة للمعلم الأردني، والإفادة من المعايير التي أعدتها الجمعية الوطنية الامريکية للتربية الفنية .
دراسة خالدة الکيلاني (۲۰۰۷) وهدفت إلى تطوير أنموذج لبرنامج إعداد معلمي التربية الفنية في الجامعات الأردنية الرسمية أستنادا إلى نماذج عالمية معاصرة، استخدمت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي من خلال استبانة تم تطويرها بالاستناد إلى نتائج تحليل البرامج العالمية والأدب المتصل بإعداد المعلمين والمهارات المطلوب اکتسابها، بالإضافة إلى الاسترشاد بقائمة معايير برنامج إعداد معلمي التربية الفنية للجمعية الوطنية الأمريکية للتربية الفنية وقد شملت الاستبانه على خمسة أبعاد هي: تاريخ الفن، النقد الفني، التذوق الجمالي، الانتاج الفني، فنون التدريس، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن درجة توافر الأبعاد متوسطة، وبذلک أوصت الدراسة بضرورة التوجه نحو إعداد معايير البرنامج التربية الفنية بما يتوافق مع العصر الحالي .
الأطار النظرى :
نظرية (DBAE)
وتهدف نظرية (DBAE) إلى أکثر من مجرد فهم أعمال الفنانين؛ فهي تهدف إلى تطوير مستوى الفهم وتحسين جودته، وبالتالي فإن الطلبة من دارسی الفنون سوف يکونون أکثر قدرة على الملاحظة، وأکثر وعيا، وأکثر ش عورا أو أحساسا بالفنون؛ کل هذه الأهداف تنبثق من هدف عام لهذه النظرية و هو تحسين الفهم. حيث يناقش کل من (Gibbert, A., & Greer, W. 1989 ) هذا الهدف العام بقولهم إن تطوير الفهم بالنسبة للفنون البصرية هو هدف عام لجميع الطلبة وبهذا يؤکدون على أن هذا الفهم الصحيح للفنون هو مشابه للفهم الذي يتوقعه التربويون من الدراسة المنهجية المنتظمة المقررات مثل الرياضيات والعلوم، إذا فإن هذا الهدف يرمي إلى تطوير قدرة الطلبة التقدير أکبر للفن.
وقد تعددت الترجمات لهذا المسمى Discipline-Based Art Education وکان من أبرز هذه الترجمات:
وقد کانت هناک جملة مقدمات ومعطيات ادبية وفنية وتربوية ساهمت في ظهور الاتجاه الحديث للتربية الفنية المعرفية (D.B.A.E) وتحديد اخذ طابعه الرسمي عندما أعلن بول جيتي إلى انشاء اتجاه معاصر للتربية الفنية وفق اربع مجالات عام 1982 من مرکز جيتي للفنون , Dobbs , 1987, P39 ) ) ، آذ من اکثر الاتجاهات المعاصرة انتشارا في تعليم الفن والتربية الفنية وخاصة في الولايات المتحدة الامريکية وذلک لثبوت نجاحه وفاعليته في التعلم والذي جمع مابين فلسفتين في ميدان الأدب والفنون هما فلسفة الحداثة التي اهتمت بنظريات فلسفة الجمال ومراحل تطورها عبر الحقب الزمنية وابرز الاراء الفلسفية التي دعت إلى تطوير فکرة الاتجاه الجمالي في مجال الادب والفن عبر اعتماد الشکل المدرک , وعده الأساس في تذوق العمل الفني واکتساب الخبرة الجمالية, مما عرف بالنظرية الشکلية ( عمرو2002,ص 90) والاتجاه الثاني فقد عرف بمصطلح فلسفة مابعد الحداثة والتي رکزت على اهمية المضمون في العمل الفني متجاوزین الشکل المرئي Weitze , 1956, P27 ) ) , مما ولد اتجاه جديد يجمع مابين الشکل والمضمون عرف بمشروع التربية الفنية المعرفية – النظامية والتي تکونت من اربعة مجالات هي:
تاريخ الفن: Art History
تاريخ الفن هو کل ما يؤرخ عن التربية الجمالية والمعايير الشکلية والسيکولوجية والثقافية والمهارية ، والمعرفية والفکرية ، والحضارية التي تخص الأمم والشعوب في جميع مناحي حياتهم العلمية والعملية، وذلک لأهمية الفنون في حياة الشعوب، وفي تواصل بشکل فعلي ومؤثر (عبد العزيز راشد النجادي ,1995 ص 201) .
ومن هذا المنطلق نستطيع أن نبين للمتعلمين بأن الفن لم ياتي من فراغ ولکن کان وراءه تاریخ فني اصيل استحدث منه الحضارة المعاصرة بعض العناصر والمقومات (نايف علي وجدان ,1988 ص 11) اذ ان الهدف من تدريسه هو حث المتعلمين على تقدير الابداع الانساني في انتاج تلک المعالم الفنية من ادوات بسيطة دلت على مقدار الوعي والابتکار الفني التي لبت حاجته الوظيفية والجمالية في الوقت نفسه Klein , 1987, P205 ) ) وبالتالي يمکن أدراج بعض من تاريخ الفنون المختلفة الحضارات في منهج التربية الفنية المعرفية ومنها ) فنون العصر الحجري فنون الحضارات القديمة - فنون عصر النهضة - الفنون الحديثة - الفنون المعاصرة (الضويحي,2003 ص37 ) التشکل بني معرفية مترابطة في تحقيق الفهم الحضاري للفنون ، ومن أبرز أهداف تاريخ الفن وضحها مرکز جيتي:
النقد الفني :Art Criticism
وهو عملية بيان محاسن وعيوب العمل الفني من خلال قراءة وتتبع محتوياته الداخلة في تکوينه العام , حتى يتسنى الافصاح عن قيمة الجمالية والوظيفية للمتلقين.
وترتکز وظيفة النقد في مشروع التربية الفنية على تدريب المتعلمين بالاستمتاع بهذه الاعمال الفنية والکشف عن قيمتها الجمالية من خلال عملية تذوقها اولا والبحث عن المسببات التي دعت الی اعتباره عملا متميزا وناجحا (محسن محمد عطية , 2001, ص 5 ) فضلا عن تدريبهم في کيفية تحليل وتفسير المنجز الفني وطرق فک رموزه وشفراته الظاهرة والباطنة منها للمتلقين ليضعه في المکان الصحيح . (زينات البيطار ,1997, ص 9 ) على أن النقد الفني هو " بحث منظم للاعمال الفنية ضمن مشروع التربية الفنية المعرفية باربع خطوات ذکرها کل من فليدمان وريستي ولورا تشمبان وهي:
الوصف - التحليل الشکلي - التفسير - الحکم.
حيث أن ايضاح معنى العمل الفني واصدار القيمة التقديرية علية لاهي احد تعريفات النقد في اعتباره " عملية تقدير أي تحليل الجودة الجمالية للموضوع والحکم عليه ( ستولينتز,1981, ص 561 ) .
وهذا يتطلب أن يزود المنهج الجديد المتعلم بمعلومات عن فنون الماضي وطرز واساليب الاتجاهات الفنية القديمة منها والحديثة والمعاصرة , حتى يشکل الأرضية المناسبة في اصدار حکمه الفني وفق اطر فلسفية ومرجعيات فنية.
وللنقد أهمية کبيرة في المجال التربوي تتضح فيما يلي:
علم الجمال Aesthetics :
توضح أميرة حلمى مطر (1989 ) أن الناقد الأمريکي ستفان کوبرن يعرف اببر علم الجمال أو الاستطيقيا بأنه: "بحث عن قوانين التذوق الجمالي وموضوع علم الجمال وإن کان واضحاً فيما يبدعه الإنسان من أشياء يجسد فيها ذوقه وإحساسه بالجمال فإنه يظهر أيضاً فيما نحبه ونفضله لا لمنفعة أو لهدا آخر غير ذاته.
وعرفته الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد بأنه: "أحد فروع الفلسفة التي تقوم على دراسة العديد من القضايا والمفاهيم التي تنشأ من خلال محاولاتنا لفهم الموضوعات لفهم الموضوعات الجمالية التي تتناول طبيعة الفن ومعناه وأثره في الحياة". ويذکر قماش علي آل قماش (2005) أن علم الجمال يهتم بدراسة التذوق الفني ونظريات الجمال وشروطه ومقاييسه، ويبحث في الآثار الفنية وأحکام القيم المرتبطة بها.
والتذوق الفني والجمالي کما توضحه الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد بأنه الانعکاس النقدي للفن حيث من الصعب القيام بالنقد دون التذوق الجمالي، وعلم الجمال يرکز على تذوق القيم الجمالية في الطبيعة والتراث الفني، وهو ما ينمي نظرة المتعلم الفلسفية حول الفنون بصفة عامة، وحول الطبيعة والبيئة بصفة خاصة، کما يهدا تدريس علم الجمال إلى تنمية المهارات النقدية وتربية الحواس وإکساب المتعلمين السلوک الجمالي، کما أن علم الجمال يشجع الطلاب على الحديث المستمر حول طبيعة الفن وأثره في الحياة، ومناقشة القيم الجمالية والحکم على الخصائص البصرية للبيئة المحيطة به، وملاحظتها وتحليل قيمها والتوصل إلى تکوين عاطفة تجاهها.
ويذکر فضل أن البعد المفقود في تعليمنا العام هو الاهتمام بالخبرة الجمالية، وکثير من معلمي التربية الفنية لا يحبون کلمة "علم الجمال" لأنها مرتبطة في أذهانهم بالدراسات الفلسفية الجامدة، ولأنها لا تشبه کلمة "الفن" الحالمة البراقة. رغم أن الخبرة الجمالية هي الأکثر اکتمالاً وأثراً في حياتنا؛ لملازمتها لنا في أکثر ممارساتنا اليومية.
الإنتاج الفني:Art production :
هو أحد الأرکان الأساسية في مشروع التربية الفنية المعرفية التي من خلالها يستطيع المتعلم أن يطبق مجموع الخبرة المکتسبة التي وفرها المنهج الجديد في عملية الابداع والابتکار وتطويع وتجريب ادوات وخامات التعبير الفني في منجز نهائي يحکمه الوعي بتاريخ الفن وعلم الجمال وتذوقه ونقده. و اذ يرى اليامي بانه من المتعذر أن يصل المتعلم إلى نمو فني متکامل اذا لم يستطع أن يحقق انتاج فني يطبق خبرته المکتسبة والبعض منها الموروثة بمهارات خاصة . (اليامي ,1995, ص 113) . اذ أن الغرض منه هو مساهمته في تطوير الناحية التعبيرية لدى المتعلمين واکتسابهم المهارات والمفاهيم ذات البعد الجمالي والوظيفي (المهنا,1993ص 92) ويورد تقرير جيتي أهم أهداف الإنتاج الفني کما يلي:
ومن خلال المقارنة بين الاتجاه القديم المعروف بالتعبير الذاتي الإبداعي (Lownfeld, V. 1957) والاتجاه التنظيمي کما أورده کل من (Glark, G, Day, M, & Greer, D. 1987) يتضح لنا موقف کل من الاتجاهين في التربية الفنية على النحو التالي:
المفهوم :
محتوي المنهج :
خصائص المنهج
وظيفة المعلم :
مفهوم الإبداع :
التطبيق :
طبيعة الأعمال الفنية ودورها :
التقويم :
يوضح النجادي (۱۹۹4، ص۲۰۷) أن نظرية (DBAE) تعنى بالجوانب المعرفية والمهارية معا التي تمکن المتعلم من اکتساب المعارف والتجارب الفنية التي تنمي الحس الفني والخبرة الجمالية و الثقافة الفنية البصرية لديه بهدف بناء شخصيته وتنمية قدراته وتفکيره الإبداعي وإثراء وعيه الجمالي بصورة شاملة متکاملة. ويشير إلى هذه النظرية بقوله "تعتبر نظرية المصدر المعرفي (التربوي والفني) کأساس للتربية الفنية من أکثر النظريات شمولا، فهي تضفي على منهج التربية الفنية صفة الأکاديمية والمنهجية، وتجعل له من القوة الأکاديمية مثل ما لأي مادة أخرى، فالتربية الفنية في هذه النظرية ليست فقط مادة رسم و أشغال. ويمکننا أن نخلص إلى أن تبني هذا المنهج يساعد التلاميذ على التحدث والقراءة والنظر والکتابة عن الفن والتربية الفنية بطريقة جديدة".
مميزات الاتجاه التنظيمي للتربية الفنية D-B.A.E :
فوائد منهج الاتجاه التنظيمي للتربية الفنية D-B.A.E :
عدد ناصر عبدالله المسعري عدداً من الفوائد لمنهج الاتجاه التنظيمي للتربية الفنية کالآتي:
يذکر الأشقر (2004) بعض الأدوار الفعالة لنظرية DBAE يمکن تلخيصها في النقاط التالية:
1. أن برامج الفنون الشاملة ل DBAE أثبتت أنها يمکن أن تقدم أساسا قويا لهذا النوع من التربية الذي يعد أبنائنا لغدا مشرق جديد.
2. أن التربية الفنية بمفهومها الجديد DBAE تعلم الأبناء:
3. أن الإطار الواسع ل DBAE لدراسة الفن، يمثل مجالا خصبا، يؤدي إلى الإبداع وينمي التفکير الناقد لدى الطلبة.
4. أن برامج التطوير ل DBAE أثبتت أن التغيير الکبير والشامل لمنظومة تعليم التربية الفنية لا يمکن أن يحدث من خلال الجهود الفردية، و إنما يتطلب جهودا جماعية على کل المستويات داخل مجتمع متغير.
5. أن أهم ما يميز DBAE أنه مبني على أساس أن الفن يمکن أن يدرس بطريقة أکثر فاعلية من خلال محتواه المکون من أربعة نظم مختلفة للعمل الفني هي: تاريخ الفن، والنقد الفني، والتذوق الجمالي (فلسفة الفن) وينصب ذلک کله في تجربة تعليمية شاملة.
6. قدرة DBAE على محو الأمية الفنية؛ وذلک لقدرته على فتح أبواب الفهم الموضوعات؛ وذلک بسبب مهارات التفکير التي ينميها.
7. أن DBAEهو الإطار الفکري لعملية الإصلاح للتدريس والتعليم في التربية الفنية .
8. أن DBAE يمثل مدخلا ثريا لتکامل التربية الفنية مع المواد، وذلک من خلال ما يقدمه من فرص لربط الفن بالمواد الدراسية الأخرى، بالإضافة إلى تنمية عدد کبير من القدرات الشخصية والاهتمامات الفردية لکل متعلم.
9. قدرة DBAE على استيعاب المهارات المطلوبة لاستخدام (الملتي ميديا) الوسائط المتعددة؛ من أجل مساعدة الطلاب على الفهم العميق للفن، وفتح أبواب ترشد الطلاب إلى مناطق معرفية جديدة لفهم التقاليد وثقافات الأخرين. (محمد الأشقر ، 2004 ) .
نظرية (DBAE) وبرامج إعداد معلم الفن .
ويؤکد محمد حمود العامري ( 2016) إن العلماء المؤيدين لهذا المدخل الشامل يميلون إلى ترکيز عملية الدمج من خلال المجالات الأربعة الرئيسية (تاريخ الفن، النقد الفني، علم الجمال، الإنتاج الفني) عند تخطيط وتطبيق برامج التربية الفنية في الکليات والجامعات، ومن هذا المنطلق يعتبر هذا من أهم الأهداف التي سعى إليها عدد من التربويين ومخططي البرامج حتى أصبح هدفا رئيسيا في مجال التربية الفنية. وعليه فإن نظرية (DBAE) تعتبر أحد المداخل الهامة والمحتملة لتطبيق البرامج القوية في التربية الفنية خصوصا في برامج إعداد معلم الفن.
کما توصي بعض الدراسات والأدبيات بتطبيق نظرية (DBAE) في برامج إعداد المعلم وأن هذا التطبيق لا ينبغي أن يکون في المستوى النظري فقط، بل يجب أيضا تغطيتها في طرق التدريس من خلال الجانب النظري والعمليات الإنتاجية الإبداعية. وتشير نتائج دراسة بنزير (2000 ,Benzer) أن من أهم فوائد نظرية (DBAE) أنها تطلب من الطالب أن ينجز أکثر من مجرد النجاح في مقررات استوديوهات الفن، کما أن تحليل نتائج هذه الدراسة تشير أن تدريس الفن باستخدام هذه النظرية ينبغي أن يبحث في المستقبل في عدد من المدارس المختلفة بهدف اختبار مدى تحقق النظرية وصدقها و التطبيق والتأکد من مدى ملائمة التطبيق لها.
تأهيل معلم التربية الفنية .
أشارت (فاتن فهمي موسى ،2011) بإن التربية الفنية تعد جوهراً في التربية الوجدانية والتي تغني الشخص روحياً و تکمل اهتماماته الفکرية والعملية، فتکمل شخصيته الفنية من خلال تنمية المفاهيم السليمة للتذوق، والمعايير الصحيحة للاستمتاع بکل حواسه، حيث تعد التربية الفنية جزء اً مکملا للعملية التربوية، فالطفل يجد في الفن خير متنفس لأحاسيسه وانفعالاته، والمراهق يجد في الفن خير معبر لرغباته وطموحاته الخيالية، والبالغ يجد في الفن خير معبر لأفکاره وتکوين شخصيته المستقبلية، فمبحث التربية الفنية هو من المباحث الأساسية التي تسهم في تکوين شخصية المتعلم وبنائها بناء اً متوازن اً، بالإضافة الى تأکيد هذا المبحث على الجوانب الحسية والوجدانية، إلا أنه في الوقت نفسه يساعد على تنمية قدرة المتعلمين على التخيل والتمييز والإدراک من خلال التعبير الفني عن مکنونات النفس، ويؤکد أيض اً الذات، ويعمق الارتباط بالتراث الحضاري والوطني والديني ويوثقه، کما يسهم في صقل المهارات اليدوية لدى الطلبة، ويفيدهم في المواقف الحياتية المتعددة، والمشارکة الفاعلة في مختلف أوجه النشاط المدرسي والحياتي، ويعمل على إيصال المفاهيم على اختلاف مستوياتهم من المباحث الأخرى، ويقربها إلى أذهان المتعلمين من خلال حصة التربية الفنية.
ويضيف (عبد الکريم لبد ، 2010 ) إن المعلم يتصدر مرکزاً رئيسياً في أي نظام تعليمي، بوصفه أهم العناصر الفاعلة والمؤثرة في تحقيق أهداف ذلک النظام، وحجر الزاوية في أي مشروع لإصلاحه أو تطويره، فمهما بلغت کفاءة العناصر الأخرى للعملية التعليمية، فإنها تبقى محدودة التأثير إذا لم يوجد المعلم الکفء، الذي أعد تربوي اً وتخصصي اً جيد اً، بالإضافة إلى تمتعه بقدرات خلاقة تمکنه من التکيف مع المستحدثات التربوية، وتنمية ذاته وتحديث معلوماته باستمرار، حيث أن مهنة التدريس تعد من أسمى المهن على مر العصور، إذا ما أخذ بعين الاعتبار العمل الجليل الذي يقوم به المعلم في خدمة العلم والمجتمع، وإيمان اً بما يقوم به المعلم من دور عظيم في الارتقاء بمجتمعه وتحقيق الأهداف التعليمية التي يضعها المجتمع لاستمرار تنمية الإنسان والمجتمع في مجالات متعددة .
ويشير (راشد أبو صواوين ، 2010 ) إلى الدور الهام الذي يقوم به المعلم في تشکيل شخصية المتعلم في ظل الثورة التکنولوجية والمعلوماتية، وٕ اقداره على التکيف مع متطلبات الألفية الثالثة، بما يتزود به من معلومات، ومهارات، تمکنه من التفاعل بفاعلية مع تلک المستجدات العصرية، فقد اهتمت الدول على اختلاف مستوياتها ببرامج إعداد المعلمين التي تعتمد الکفاية الفاعلة، ويرى المفکرون والتربويون أن رسالة الکليات التربوية في الوطن العربي في الألفية الثالثة يجب أن تنصب على إجادة عملية التعليم لفئات الطلاب المعلمين، ويرون أن النموذج الأکاديمي في تصميم المساقات الدراسية قد طغى طغيانا جارفاً على مقتضيات النموذج المهني، الذي ينظر إلى کليات التربية على أنها کليات مهنية، تعادل مهنتها کليات الطب، مما يستوجب الأخذ بمقتضيات النموذج المهني عند وضع المقررات أو تقويمها. کما أن حرکة إعداد المعلمين القائمة على الکفايات، هي من أبرز المستحدثات التربوية المعاصرة، والأکثر شيوعاً، وشعبية ، في الأوساط التربوية والمهنية لإعداد المعلم، ولقد اتسع الاهتمام بها حتى أصبحت سمة مميزة لمعظم برامج اعداد المعلم، وتدريبهم في معظم الدول المتطورة، کما أنها قطعت مراحل متقدمة في الکثير منها، وتوصف البرامج القائمة على أساس الکفايات بأنها مجموعة من الإجراءات تساعد الطالب المعلم في أثناء الإعداد على أن يکتسب المعلومات والمهارات التي دلت البحوث والأدلة العلمية والخبراء على أنها تستطيع أن تسهم في إعداده ليؤدي دوره بفاعلية.
ويشير العامري (2010) أن استخدام الفنانين وأعمالهم الفنية بصفتها نماذج أو مداخل لتدريس الفنون يسمح للطاب أن يروا ويتحدثوا ويکتبوا کجزء أو مکون من مکونات عملية الإنتاج الفني. وفي هذه الحالة، فإن الاتجاهات الحديثة في تدريس الفنون لا ترکز فقط على تطوير القدرات الفنية الإنتاجية للتلاميذ فقط، وإنما ترکز على تطوير قدراتهم المتعلقة بلغة التواصل البصري، والحساسية الجمالية، ووجهات النظر الشخصية، والنمو الوجداني والعقلي، والأحکام النقدية بهدف الوصول إلى موضوعات متنوعة من منظور ثقافات متعددة.
القدرات الابداعية للتربية الفنية :
لقد أشارت سمر عبد الحميد ابراهيم الکراشي (2008)أن التربية الفنية تسهم في تنمية الطاقات والقدرات الإبداعية ومنها:
النتائج :
المراجع :