الخصائص السيکومترية لمقياس الأفکار اللاعقلانية لطلاب المرحلة الثانوية

 مقدمة:

تعود الأفکار اللاعقلانية إلى ألبيرت اليس Albert Ellisمؤسس المنحى العقلاني الانفعالي السلوکي المستخدم منذ الستينيات حتى الآن في مجال العلاج والإرشاد النفسي، وقد أسس العالم الأمريکي "اليس" نظريته اعتمادا على اعتناقه لعدد من التوجهات النظرية وکذلک الممارسات الإرشادية والعلاجية (مليکه، 1990، 181-182).

فقد بدأ محللاً نفسياً ثم أتجه إلى المدرسة الفرويدية الحديثة، إلا أنه لم يشعر بالرضا عن هذا الاتجاه حيث لاحظ من خلال ممارسته التطبيقية أن الأستبصار Insightليس کافيا للتغلب على المشکلات النفسية التي يواجهها الفرد، فاتجه اهتمامه إلى نظرية أخرى هي التعلم، ومارس فنيات العلاج السلوکي المستمد أصوله من تلک النظرية، ثم بدى له أن سلوکيات مرضاه ليست کنتيجة مطلقة للتعلم والاشتراط وإنما هي نتيجة للاستعدادات البيولوجية والاجتماعية للإبقاء على أفکار وحاجات غير عقلانية (غير منطقية) (الشناوي، 1994، 95-96).

ومن خلال خبرته في کل من التحليل النفسي والعلاج النفسي أسس منحاً جديداً أسماه العلاج العقلاني الانفعالي، وقد عرض نظريته من خلال ثلاث مراجع الأول بعنوان "الاستدلال والانفعال" Reason and Emotion (1962). وقد عرض فيه المفاهيم الرئيسية للنظرية من خلال توضيح العلاقة بين الفکر والانفعال، أما في المرجع الثاني تحت عنوان "العلاج النفسي الإنساني" Humanistic Psychotherapy (1973). وکذلک في المرجع الثالث تحت عنوان: "العلاج العقلاني الانفعالي" Rational Emotive Therapy (1974) فقد عرض التطبيقات والممارسات العملية لهذا المنحى Ellis, A., 1989, 5-20)).

تعزى أصول نظرية "اليس" إلى الفلسفة الرواقية، وقد أشار هؤلاء إلى العلاقة بين الفکر والانفعال، ويرون أن اضطراب سلوک الإنسان ليس من الحدث وإنما من فکرة الإنسان وراء هذا الحدث، وتستند نظرية اليس على أسس فسيولوجية حيث يرى أن الکائن الحي يخلق اضطرابه الانفعالي بنفسه، لأنه يولد ولديه استعداد موروث في أن يفکر ويفعل بطريقة غير عقلانية، وکذلک استعداد موروث في أن يفکر ويفعل بطريقة عقلانية، وقد يبدأ الإنسان أولاً في مرحلة الطفولة بالانحياز لفکرة لاعقلانية نتيجة هشاشة تکوينه، ثم عندما ينضج ويصبح مسئولا عن اختياره تتکون لديه القدرة على أن يفکر بعقلانية (Dryden, Ellis, 1988, 217-220).

نظرية (A. B. C.) لالبرت إليس:

وضع اليس Ellis (1973)  في (Burks andStefflre, 1979, 188) الإطار المعرفي لنظريته والخاص بتفسير السلوک وديناميات الشخصية، في کتابه "العلاج النفسي الإنساني- المنظور العقلاني الانفعالي" والذي تناول فيه المفاهيم الأساسية لنظريته، ويرى أليس أن الاضطراب الانفعالي ليس السبب فيه هو الحدث نفسه ولکن نظام معتقدات الفرد وتفکيره بطريقة غير عقلانية، وقد جاء هذا الإطار في العديد من الدراسات الأجنبية منها والعربية والتي نقلت عن اليس وهي: (إبراهيم، 1983، 166؛ عبد القادر، 2001، 48-52؛ Vandergoot, 1982, 141؛ Nelson- jones, 1982, 50-51).

مقياس الأفکار اللاعقلانية (إعداد الباحث)

اعتمد الباحث على نظرية البرت اليس التي تفسر المنظور العقلاني الانفعالي في بناء المقياس

الهدف من المقياس:

يهدف المقياس إلى تحديد الافکار اللاعقلانية التي يعتقد فيها الطالب.

خطوات تصميم المقياس:

• ·        قام الباحث بالاطلاع على الأدب النظري والدراسات السابقة المرتبطة الأفکار اللاعقلانية.
• ·        الاطلاع على بعض مقاييس الأفکار اللاعقلانية ومراجعتها ومنها:
• ·        مقياس الأفکار اللاعقلانية لطلاب المرحلة الثانوية الأسوياء والعصابيين (إعداد الريحاني، 1987) وأعاد تقنينه (الضلاعين، 2016)، ويتکون من (52) فقرة، المقياس يستجيب عليهم الطالب وفق وزنين (نعم، لا)، وقد أعطيت درجة واحدة للإجابة بـ(نعم) ودرجة(صفر) للإجابة بـ(لا) لتکون الدرجة الکلية أو العليا للمقياس(52) أما الدرجة الدنيا فهي(صفر).
• ·        مقياس الأفکار اللاعقلانية للمراهقين بمدينة حمص (إعداد المغربل، 2010)، ويتکون من (50) عبارة، تغطى الأفکار اللاعقلانية الإحدى عشر التي حددها إليس وهي: (المبالغة في طلب الاستحسان (5) عبارات، ابتغاء الکمال الشخصي (4) عبارات، اللوم القسي للذات والآخرين (4) عبارت، عدم تحمل الأحباط (5) عبارات، التهور الإنفعالي (5) عبارات، القلق الزائد (5) عبارات، تجنب مواجهة المشکلات (4) عبارات، الاعتمادية (5) عبارات، الشعور بالعجز (4) عبارات، الانزعاج الزائد لمشاکل الآخرين (5) عبارات، ابتغاء الحلول الکاملة (4) عبارات، يستجيب عليه المفحوص وفق بدائل مقياس ليکرت الخماسي (موافق بشدة ، موافق، غير موافق، غير موافق بشدة)، ويصحح بالدرجات (4، 3، 2، 1) على الترتيب.
• ·        المقياس العربي للافکار اللاعقلانية (إعداد إبراهيم، 2008)، ويتکون المقياس من (120) عبارة تمثل موزعة بالتساوي على إثنى عشرة بعداً للأفکار الاعقلانية هي: التهويل والمبالغة، خطأ المنجم، التوجس، تطليخ الذات بملصقات سلبية، تعميم السلبيات، الکل أو لا شيء، المثالية والنزوع المتطرف للکمال، اليقظة والحساسية الشديدة للنقد، الإفراط في الإيجابية والتوقع، التفکير القائم على المنافسة والمقارنة بالأخرين، القطعية والحتمية والتشدد، يستجيب عليها المفحوص وفق مقياس ليکرت الخماسي (نعم أعتقد بقوة شديدة في ذلک، أعتقد بشدة، غير متأکد من أعتقادي، لا أعتقد في ذلک، أرفض تماماً، هذه الفکرة ولا أعتقد فيها مطلقاً)، وتعطى تقديرات (5، 4، 3، 2، 1) على الترتيب.

ونظراً لاختلاف العينات التي صممت المقاييس السابقة من أجلها عن عينة الدراسة الحالية، فقد قام الباحث بإعداد مقياس الأفکار اللاعقلانية على النحو التالي:

وصف المقياس:

يتکون المقياس في صورته النهائية من (30) عبارة، مقسمة بالتساوي على عشرة أفکار لاعقلانية هي: المبالغة، قراءةالأفکار، التوقعات السلبية، التأويل الشخصي للمواقف، تعميم السلبيات، الکمالية، الإفراط في الحساسية للنقد، الإيجابية والتفاؤل غير الواقعي، المقارنة بالآخرين، الحتمية والتطرف ويمکن أن يطبق فردياً أو على مجموعات، وذلک وفق أوزان (تنطبق علي تماماً- تنطبق علي أحياناً-لا تنطبيق مطلقاً)، ويقدر کل بند  بالتقديرات (3، 2، 1) على الترتيب، وتشير الدرجة المرتفعة إلى الأفکار اللاعقلانية التي يعتقدها الطالب.

صدق المقياس:

صدق البناء:

قام الباحث بحساب صدق البناء الداخلي للمقياس على عينة استطلاعية قوامها (60) طالباً بالمرحلة الثانوية، وهو التأکد من مدى ارتباط مفردات المقياس بعضها البعض، وذلک بحساب معاملات الارتباط بين کل مفردة وبين الدرجة الکلية للبعد الذي تنتمي إليه (أبو علام، 2009). فکانت النتائج کما توضحها مصفوفة الارتباط التالية:

جدول (1)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد المبالغة والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                 (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (2)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد قراءة الأفکار والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                 (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (3)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد التوقعات السلبية والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                    (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (4)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد التأويل الشخصي للمواقف والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                    (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (5)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد تعميم السلبيات والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                    (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (6)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد الکمالية والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                    (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (7)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد الإفراط في الحساسية للنقد والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                    (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (8)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد الإيجابية والتفاؤل غير الواقعي والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                    (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (9)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد المقارنة بالآخرين والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                    (**) دال عند مستوي 0.01     

جدول (10)

مصفوفة معاملات الارتباط بين عبارات بعد الحتمية والتطرف والدرجة الکلية للبعد (ن = 60)

 (*)  دال عند مستوي 0.05                                    (**) دال عند مستوي 0.01     

يتضح من بيانات الجداول (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10) أن معاملات الارتباط بين کل ، عبارة والدرجة الکلية للبعد الذي تنمتمي إليه دالة عند مستوى (0.01)، وهي ارتباطات مرتفعة، ، ويعني ذلک ترابط هذه العبارات مع المجموع الکلي للبعد الذي تنمتمي إليه، ويشير ذلک على الاتساق الداخلي للمقياس وصلاحيته للتطبيق.

جدول (11)

مصفوفة معاملات الارتباطبين أبعاد مقياس الأفکار اللاعقلانية والدرجة الکلية للمقياس (ن = 60)

(*)  دال عند مستوي 0.05                                       (**) دال عند مستوي 0.01     

يتضح من بيانات جدول (14) أن معاملات الارتباط بين کل بعد من أبعاد المقياس والدرجة الکلية للمقياس دالة عند مستوى (0.01)، وهي ارتباطات مرتفعة، ويعني ذلک ترابط هذه الأبعاد فيما بينها، وارتباطها مع المجموع الکلي، ويدل ذلک على الاتساق الداخلي للمقياس وصلاحيته للتطبيق.

ثبات المقياس:

الثبات بطريقة معامل ألفا – کرونباخ :

قام الباحث بحساب معامل الثبات باستخدام أسلوب ألفا کرونباخ AlphaCronpach، لمناسبته لحساب ثبات الأوزان المستخدمة في البحوث الوصفية کالمقياس الحالي، حيث يوجد مدى من الدرجات المحتملة لکل فقرة، وذلک وفقا للمعادلة التالية:

معامل ثبات ألفا =

حيث ن= عدد فقرات المقياس، ع2 = تباين الفقرة الواحدة، ع2 ک= تباين المقياس.

وکانت النتائج وفقا للجدول التالي:

جدول (15)

معامل الثبات بطريقة ألفا – کرونباخ لمقياس الأفکار اللاعقلانية  (ن = 60)

يتضح من الجدول السابق أن قيمة معامل ثبات ألفا في الأبعاد مقبولة، کما أن معامل ثبات ألفا للدرجة الکلية للمقياس مرتفعة بدرجة تجعلنا نثق فى ثبات المقياس.