الميتافيزيقا وجماليات المفردة الشکلية لمنحوتات الغول أحمد (دراسة تحليلية)

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 کلية التربية النوعية -جامعة کفر الشيخ

2 أستاذ النحت بکلية التربية النوعية جامعة کفر الشيخ

3 مدرس النحت بکلية التربية النوعية جامعة کفر الشيخ

المستخلص

الملخص :
يتطرق هذا البحث إلي أثر الميتافيزيقا علي جمالية المفردات التشکيلية في أعمال النحات الغول أحمد من خلال دارسة تحليلية لبعض أعماله الفنية باعتباره احد کبار الفنانين المصريين المعاصرين والذي کان له بصمة متميزة على فن النحت العربي المعاصر ، بالتالي معرفة احد الخطوط المهمة في فن النحت والمتمثل صياغة الخلفية الفلسفية لدي الفنان ، فضلاً عن ما يمکن إن تقدمه هذه الدراسة من أهمية في تنمية الإدراک الجمالي والمعرفي لدارسي الفن والفنانين والمهتمين به.
ويلقي البحث الضوء علي حياة الفنان وبيئته المشبعة بالتراث التي أثرت فيه ,وأثرت المشاهدات التي يجسدها والتي ساهمت بدورها کصفة جمالية في تکوين مفرداته التشکيلية ورموزه ومضمون العمل وبالتالي إعطاءها دورًا فعالاً في تکوينه الفني.
لذلک فان التعرف على أعمال هذا الفنان يعتبر بمثابة فهم احد الخطوط العريضة في فن النحت المعاصر، حيث ان التعرف على الوجه الصحيح للحرکة الفنية في مصر، الأساليب المختلفة ، عن طريق فهم أعماله وأفکاره وعملية طرحها وتجسيدها في تکوينات نحتية ، وفهم صياغته الجمالية لها, تؤدى إلى فهم جانب من جوانب الحرکة الفنية العربية الحديثة . 

الموضوعات الرئيسية


خلفية البحث:

نتفق جميعا أن للذاکرة البصرية أثر فاعل في ترکيب الفکر الثقافي لأي فنان فهو أبن بيئته لا ينفصل عنها وعن عاداتها ومعتقداتها بل هو بمثابة مرآة عاکسة لمجتمعة ولسان حال يصف بدقة کل ما يتم تسجيله من خبره بصرية ويذکر في ذلک "أن الخبرة البصرية تفاعلية وليست خبرة سکونية ثبوتية صامتة أو منعزلة ،فما يدرکه الإنسان ليس فقط ذلک التنظيم الخاص بالأشياء والألوان والأشکال والحرکات والأحجام ولکنه أيضا إدراکه لهذه التوترات الخاصة الخفية والجلية فى الاتجاهات والتفاعلات التى هى بمثابة مکونات العمل الفني .

وللأفکار الأيدلوجية الموروثة والمستمدة من التراث الفکري والبصري أيضاً دور کبير في صياغة المفردات التشکيلية لدي الفنان ، وأيضا علي تنظيم عناصر العمل التکوينية ،فعن طريق التفاعل بين البيئة الخارجية للفنان والعمليات العقلية بداخله يخرج لنا ذلک العمل الفني .

"وأصحاب وجهة النظر الامبريقية أکدوا أهمية البيئة الخارجية في تحديد السلوک بينما أکد بياجيه من منظور معرفي دور العمليات العقلية الداخلية ،وجاء جبسون کي يتبني نموذجا تفاعليا يرکز علي الداخلي والخارج في نفس الوقت ودون أي انفصال ما بينهما ،وطرح مفهوم المنظومة البصرية OPTICARRAY التي تنتج عن التفاعل الدائم بين الفرد والبيئة المحيطة به ", وهکذا يکون لدينا مسلمه تقول أن الفن ليس وليد الصدفة وإنما هو يُخلق داخل بوتقة الفنان يتفاعل بداخلها مجموعة من المکونات من أهمها هو التراث البيئي للفنان سواء کان فکري فلسفي أو بصري فحسب ما أوردته معظم الکتب التاريخية أن للفن شکله الخاص واستقلاليته وحضوره بين نشاطات الإنسان المتعددة , والميتافيزيقا تعد من أهم الفلسفات التي أثرت ولازالت تؤثر علي الفنون فهما علي ارتباط وثيق بعضهم البعض ، فهي تؤثر علي جمالية العمل الفني فى تحقيق ذاتيته وهويته ، والوصول إليها لا يأتي اعتباطاً وإنما بالبحث الدءوب عن مصادر للإلهام خاصة بالفنان ، وذلک ما فعله الفنان "الغول علي أحمد " محور هذه الدراسة و سوف نتعرف عليه من خلال أعماله الفنية التي ستکون محل الدراسة حتي نستخلص منها أسلوبه وفلسفته .

مشکلة البحث:-

 للميتافيزيقا أثر واضح فن النحت الذي يحتل مکانة مرموقة في عالم الفن سواء على المستوى العالمي أو العربي ، لاسيما وانه انبثق من بلداً زخراً بالفنون ، وحضارته تعتبر من أقدم الحضارات الفنية القديمة والمعروفة بشواهدها الفنية النحتية ، مما شکل ذلک إرثا حقيقياً ومرجعاً فنياً لمعظم النحاتين المصريين المعاصرين ، فکان لهم الصدى الکبير في حرکة الفن التشکيلي العربي المعاصر .

وتتشکل المشکلة في التساؤل التالي:

  • ما هو أثر الميتافيزيقا علي المفردات التشکيلية للفنان الغول أحمد؟
  • کيف عولجت التکوينات النحتية الفنية في أعمال النحات الغول أحمد؟

وسيحاول البحث الإجابة على هذا السؤال من خلال دراسة أعماله النحتية وتحليلها .

أهمية البحث:-

تأتي أهمية البحث من خلال دراسة أعمال احد کبار الفنانين المعاصرين.

  • إلقاء الضوء علي الفنانين التشکيليين وأهمية دورهم في حرکة الفن التشکيلي في مصر.
  • · معرفة أثر الميتافيزيقا علي الصياغة للمفردات التشکيلية النحتية عند الفنان الغول أحمد و بالتالي احد جوانب المعرفة الإدراکية لجمالية فن النحت.
  • الدراسة يمکن ان تشکل فائدة للدارسين والمهتمين في مجال الفن التشکيلي عامة والنحت خاصة ، من خلال تناول منحوتات الفنان الغول أحمد.

هدف البحث:-

يهدف البحث الى

  • · کشف أثر الميتافيزيقا علي الصياغة للمفردات التشکيلية النحتية عند الفنان الغول أحمد لتتبين لنا أحد جوانب المعرفة الإدراکية لجمالية فن النحت .
  • کشف معايير جديدة للإبداع الفني من خلال تناول الفکر الميتافيزيقي في أعمال الفنان الغول أحمد.
  • تسليط الضوء على أعمال الفنان "الغول أحمد" التي تأثرت بالإرث الثقافي والحضاري للبيئة المحيطة به.

فروض البحث:-

يفترض البحث ان :

  •  أن الفنان "الغول على أحمد" وتناول الفکر الميتافيزيقي في بعض أعماله وتحليلها يسهم فى إثراء فن النحت بشکل کبير.
  •  التراث فى حد ذاته مادة تساعد علي تجديد الأفکار الفنية والمعالجات النحتية.

مسلمات البحث:-         

  • التراث ثروة لا تنضب وهى تجسيد لنماذج مثالية للأنشطة والمواقف الإنسانية فهى تعد ضرب من النشاط الإبداعي.
  • أن الميتافيزيقا کفکر تصلح أن تکون مصدر لإلهام الفنان في کل وقت وکل زمان .

منهج البحث:-

منهج وصفى تحليلي فى دراسة بعض الأعمال النحتية التي قدمت معالجات تشکيلية معاصرة للتراث في النحت متمثلة في بعض أعمال الفنان "الغول أحمد ".

حدود البحث:-

  • حدود زمانية: الفن المعاصر. .
  • حدود مکانية : فن النحت فى مصر بدراسة الأعمال المجسمة للنحات الغول أحمد.

منهج البحث:-

منهج وصفى تحليلي فى دراسة بعض الأعمال النحتية التي قدمت معالجات تشکيلية للتراث فى النحت متمثلة في بعض أعمال الفنان "الغول أحمد ".

 

 

المصطلحات:-

  • الميتافيزيقا :

 تعد الميتافيزيقا فرع من فروع الفلسفة التي تبحث في المبادئ الأولية للعالم، وحقيقة العلوم. وتنقسم اهتمامات الميتافيزيقا إلى دراسة طبيعة الوجود، وتفسير الظواهر الأساسية في الطبيعة، ومستويات الوجود، وأنواع الکيانات الموجودة في العالم والعلاقة بينها. کما تختص بدراسة الکون ونشأته ومکوناته.

 هذا بالإضافة إلى دراسة التصورات التي يتمثل بها الإنسان رؤيته للکون بما فيه الوجود، الزمان والمکان، قانون العلة، الاحتمالات. وأشارت کلمة فلسفة لا إلى الميتافيزيقا وإنما إلى علم المنطق والأخلاق والفيزياء والتي صنفها الرواقيون على أنها مجموع العلوم الفلسفية.

 وقد أطلق أرسطو لفظاً مغايراً للميتافيزيقا والفلسفة معاً ألا وهو الفلسفة الأولى ومن هنا نبع السؤال : هل الفلسفة ميتافيزيقا أم أنها فلسفة أولى تقوم على دراسة الموجود بوصفه موجود کما تقوم على دراسة المنطق الأکثر ارتفاعاً أو علواً عما هو موجود. إن الميتافيزيقا تتداخل بشدة مع کل فرع من فروع البحث الفلسفي، کما أنها تهتم بدراسة أسئلة فلسفية تتعلق بالطبيعة والبنية العامة للعالم الذي نعيش فيه، فعندما نتناول مشکلات في فلسفة علم النفس، أو فلسفة الرياضيات، أو فلسفة الدين، سرعان ما نواجه حتماً قضايا وتساؤلات ميتافيزيقية.

التعريف الإجرائي للميتافيزيقا:-

 يعني البحث بالميتافيزيقا لکونها ترتبط بالذاکرة الجماعية للشعوب من خلال الأديان والأنظمة العقائدية. والأساطير المقدسة والوقائع التي حدثت في الماضي السحيق في زمن البدايات وغالباً ما تحکي واقعاً أو خيالاً، وهي تفرض نفسها على معتنقيها من خلال نسق کامل من المعتقدات يتم توارثه عبر الأجيال بطريقين الأول بشکل إرادي واع نتيجة للتأثير الذي يمارسه کل جيل على أفراده بواسطة التعليم والتربية والثاني بشکل تلقائي لا إرادي ولا واع وهو ما أسماه محمد حسين دکروب الذاکرة الجماعية والتي يؤکد أنها هي الأساس الرابط للمجتمع فهي تعمل على تحديد مجمل البنية التشکيلية کأنساق ثقافية لا واعية تعطي دلالة ومعنى لما هو أسطوري أو تاريخي أو واقع في حياة الشعوب. «إنها تعطي القواعد المنظمة للعلاقات الاجتماعية والثقافية بشکل معين مستمد مما تختزنه الذاکرة الجماعية من ماضيها السحيق من بنية وجودها التاريخية اللاواعية».[1]

  • الجمال لغويا :

 الجمال ( الحُسن ) وقد جمل الرجل بالضم ( جمالاً ) فهو جميل.

التعريف الإجرائي للجمال:

 (الجمال هو ذلک الشيء الذي يسر ، ليس بالنظر فقط بل بالحواس الأخرى ، لما فيه من قيم تدفعنا لکي نتمعن فيه ونتأمل شکله ومضمونه بحيث يتشکل لدينا موضوع يجذب جانب حسي فني ومن ثم يشکل تأمل وتمعن من خلال الحواس کسماع قطعة موسيقية او رؤية لوحة فنية ، ومن ثم عن طريق الذهن ، الذي يفسر ما نراه ويربط العلاقات ويحدد الجمال فهو بالتالي ادارک للعلاقات التي يستجيب لها الإنسان... )، وحسب رأي الفيلسوف الانجليزي ولتر ستيسان ( الجمال هو امتزاج مضمون عقلي ، مؤلف من تصورات تجريبية غير إدراکية ، مع مجال إدراکي ، بطريقة تجعل من هذا المضمون العقلي وهذا المجال لا يمکن ان تميز احدهما عن الأخر .

  • الشکل في لغة:

الشکل بالفتح ، الشبه والمثل والجمع أشکال وشکول وقد شاکل الشيئان ،وشاکل کل واحد منهما صاحبه....

والشکل :المثل قول ،هذا علي شکل هذا أي مثاله

ومشاکلة الانسان :شکله وناحيه وطريقته

وشکل الشئ :صوره وشکله يشير المصطلح إلي الهيئة التي يکون الشئ[2]

الشکل اصطلاح:

«إن النقاد المعاصرين وضعوا کلمة (شکل )موضوع الاستعمال في احاديثهم عن الفن بدلالات منوعة مما أثار اللبس بين الناس حول معناها الدقيق ،فهي لم تقتصر دلالاتها علي الاشکال فحسب بل شملت فکرة التصميم واعتبر الطابع التشکيلي بمثابة العنصر الأساسي في لوحة التصوير بوصفة صفة لذاتها».[3]

«وأيضا هو انتظام المرئي من الهيئات والکتل وترتيبها، ويعرفه جيروم : بأنه تنظيم لعناصر الوسط المادي التي يتضمنها العمل الفني ويتحقق الارتباط المتبادل بينها واهم الأنواع في الترکيب الشکلي ما يحقق الوحدة العضوية» .[4]

 لقد اتخذ الجمال العديد من التعريفات بحيث عرفه کل من المفکر والباحث والفيلسوف والعالم کل اعتمد على مشربه الفلسفي ومذهبه الفکري ورؤاه الجمالية التي کانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصلب نسيجه الفکري . فمنهم من عرف الجمال اعتماداً على المعنى الحرفي لکلمة استطيقا ومنهم من عرفه اعتماداً على مفهوم الجمال والقيمة الجمالية واخرون اعتمدوا على الفن وتعددت الاراء وتضاربت في بعض الاحيان . ويرى افلاطون ان الجمال (هو الإصلاح والفضيلة ). اما ارسطو فقد کان يؤکد على الموضوعي والمطلق في ان واحد فکان الجميل عنده هو هو الإصلاح والفضيلة ). اما ارسطو فقد کان يؤکد على الموضوعي والمطلق في ان واحد فکان الجميل عنده هو الشيء او النتاج الذي يحوي الترتيب والتناسق والوضوح. کما يحدد عمانؤيل کانت الجمال على انه ( ما يرضي الجميع بدون سابق تصميم او قاعدة يقاس عليه ... هو شکل غائية الشيء بدون ان تتمثل فيه غاية ما وهو وسيلة الاتفاق بين العقل والحس او بين الخيال والادراک اتفاقاً حراً ذاتياً کأنما العقل يجد في الجمال ضالته المنشودة دون ان تکون فيه صورة لماهية الجمال ،والجميل کونه محسوسا يمثل للعقل صورة اکتمال ، صورة مثالية تملئ وتروي عطشه إلى صور الکمال و اللا نهائية المحسوسة. ( الجمال هو وحدة العلاقات الشکلية بين الأشياء التي تدرکها حواسنا ).

تعريف الشکل إجرائيا بأنه :

 «تشکيل وصياغة لعناصر التکوين وفق رؤيا فنية يؤديها الفنان للشکل النحتي لتحقيق وإيصال صورة فنية وجمالية للمتلقي والمکان». [5]

المبحث الاول :- المفردات التشکيلية :-

 المفردة التشکيلية هي تلک الوحدة البنائية المتمثلة فيما يسمي بالشکل وهو مجموعة عناصر التي تدرک وتحس متکاملة ،و الشئ الذي يضمن بعض التنظيم ،هو أيضا التعبير المفسر لحقيقة ما ، فالمفردة التشکيلية هي الهيئة التي يتخذها العمل الفني ،وبناء الشکل لا يختلف کثيرا عن مفهوم البناء المعماري فهو الأساس الذي يجسده ،ويحقق له طبيعته الخاصة المميزة له .

فالعمل الفني رسالة مرئية تحمل فکرة (دلالة) وتؤدي إلى معنى يستقبله المتلقي على شکل إما علامة (أيقونة) أو إشارة رمزية والفکرة أو الدلالة هي مضمون العمل الفني (الرسالة البصرية التشکيلية[6].

 والفنان يحصل علي المفردة التشکيلية بتأمل کل ما يحيط به من ظواهر وموجودات محسوسة ، بحيث يشکل الصورة البصرية لهذه الموجودات من خلال إنعکاس الصورة في الوعي البصري ،ويمر ذلک داخل الفنان بعمليتين أولا الإحساس بالأشکال کالمثيرات ثم عملية الاستجابة هي عملية إدراک الشکل، (وبناء الشکل هو صيغة بنائية لموضوع مرکب دخل فيه عناصر وقيم حسية وفکرية وخيالية ،مستمدة من التجارب الانسانية وهو ثمرة عملية منهجية تتمثل في بناءات تنطوي علي نشاط ابتکاري ذو قدرة إبداعية تزخر بالکثير من القيم الجمالية ،التي تناسب الغرض الوظيفي للشکل ).[7]

ويعتمد الفنان فى الإحساس بالشکل على الحواس فعندما ينفعل بالعناصر المکونة لطبيعة الأشکال تکون النتيجة هى التقدير الذاتى لقيمة الشکل بدرجة معينةمن الأنفعال,فبواسطة التکامل بين الفنان والطبيعة تنتج الأشکال الفردية ذلک لأن الأنسان مزود بجهاز حسى وذاکرة يمکن بها تلقى وإستيعاب الإثارات الناتجة عن کل الأشکال وحين تلقى هذه الإثارات بما يناسبها من عاطفة فإن الأشکال تتهيأ للظهور فى حالتها لجمالية المميزة لعملية الإبداع.

أنواع الأشکال :

 فالأشکال نوعان

  • النوع الأول طبيعي :

موجود في الطبيعة (من صنع الخالق) وهو کل ما يحيط بنا من ظواهر وطبيعة وغيرها وان أنماط الأشکال تتعدد وتتنوع في الطبيعة من حيث کونها هندسية أو حرة ، «والأشکال الهندسية تتعدد وتتنوع أيضا من حيث طبيعة التناسب بين أبعادها وخصائصها، وقد ميز الفلاسفة الاختلاف في أنواع الأشکال ومدلولاتها من حيث البناء الشکلي لها حيث أکد سقراط أن جمال الأشکال الهندسية الناتجة عن حرکة الخطوط وبمختلف أنواعها تمتلک صفة الجمال الدائم وليس الجمال النسبي المحکوم زمنياً وفقاً لأهداف وجوده» [8]، والأشکال في الطبيعة ليس لتغيرها واختلافها حدود، نتيجة لاختلاف مصادرها، سواء أکانت طبيعية، أم متغيرة، مثل الصخور والتلال الصحراوية، وتأثير العوامل الطبيعية عليها کالرياح والأمطار مسببة تغييرها .

  • والنوع الثاني هو من صنع الإنسان(الفنان):

وتتغير وتتطور تبعا له وللحاجة والمنفعة من نتاجات لها علاقة بالحياة الإنسانية، وتکون هذه النتاجات ذات رسالة إما جمالية أو نفعية ، کالأعمال الفنية من منحوتات ولوحات فنية وغيرها ، وهذه الأشکال تتولد في الغالب من الإيحاء الذي تمليه الأشکال الطبيعية على مخيلة الإنسان[9] ويرى أرسطو الشکل کامن بذاته وهو يطبع الشيء بالطابع الذي يجعله منتسباً إلى هذا النوع أو ذاک من أنواع الکائنات [10] حيث أعطى أرسطو حرية للفنان بتأسيس شکل يحاکي الطبيعة ولکنه غير الشکل الموجود في الطبيعة ولکن کلما اقتربت الأشکال من البناء الهندسي کلما کانت اقرب إلى الجمال المطلق کونها لا تحتاج إلى التفسير,فلم يفسر العلماء وجود الفن إلا أنه ظاهرة إنسانية يمتاز بها الإنسان عن کافة المخلوقات .

جمالية الشکل :-

«الفن والجمال على ارتباط وثيق بينهما ، وجمالية العمل الفني هي تحقيق ذاتيته وهويته ، والوصول إليها لا يأتي اعتباطاً وإنما من خلال تحقيق المفاهيم المکونة لها ، والتي تتبلور عبر النظريات العديدة التي تطرقت لدارسة الجمال ، حيث اتخذ الجمال حيزاً واسعاً وکبيرًا من النظريات والدارسات الفکرية والفلسفية حتى أصبح له عدة تعريفات ومعاني من قبل الفلاسفة تبعاً للجوانب المرتبطة به ، فمنهم من ربط الجمال بالإدراک الحسي وآخر بالإدراک العقلي وآخر کان يرکز على الحق والخير ، وغيره کان يرکز على قياسه بالجمال المطلق ( المثال )، وآخر ارتبط مفهومه بالاهتمام بالمعاني الإنسانية .... الخ». [11]

ويقول "هربرت ريد"( إن شيئاً مشترکاً بين جميع الأعمال الفنية وهو الشکل ذلک المظهر الخارجى للأشياء أو هيئتها وحيث يکون أساس المفاضلة بين شکل وآخر هو توفير شروط معينة بحيث تتمتع أغلب الحواس کما تمنح هذه المتعة للعقل وهو المرکز الذى تتجمع فيه کافة حواسنا)

الوظائف الجمالية للشکل عند الفنان :-

 ويحدد جيروم أن للشکل وظائف جمالية ثلاثة هي :

1. أن الشکل يضبط أدراک المتلقي ويرشده و يوجه انتباهه في اتجاه معين يرغب الفنان المنتج للعمل الفني أن يکون توجه المتلقي إلى هذا الاتجاه .

2. أن الشکل بأکمله يرتب عناصر العمل الفني على نحو من شأنه ابراز قيمته الحسية والتعبيرية

3. أن للشکل أهمية بحيث لا تکون للمضمون قيمة بدونه فهو الذي يدل عليه[12]

ومع إحساس الفنان ورؤيته الخاصة والفنان کلما ازداد وعيه الفني وتحسسه لموضوعات الحياة والأشکال التي تثيره في الطبيعة أصبح اقدر على الإنتاج الفني القريب من ذهنية الجمهور وبالتالي أکثر تأثيرا بهم ، وما يراه الفنان من موضوعات ذات أهمية لعالمه الفني ومشاهدة الحضارات المختلفة من خلال اعمال الآخرين ومدى التطور الفني الحاصل وما هي المواد والأدوات التي استمد منها الفنانون عبر التاريخ کل هذه العناصر تساعد الفنان على الانطلاق برؤيته الصحيحة لتحقيق خطاب فني جمالي يحقق المتعة الجمالية لدى المتلقي.

المبحث الثاني:- التعريف بالفنان

والفنان الغول علي أحمد من مواليد فزازة بسوهاج عام 1933 وحصل علي بکالوريوس الفنون الجميلة بالإسکندرية من قسم النحت عام 1963ودکتوراة الفلسفة في الفنون الجميلة ودبلوم في فن الميدالية من معهد الميدالية بدار صک النقود بروما, عين مدرسًا بقسم النحت وتدرج حتى أصبح رئيسًا لقسم النحت حتى عام 1993، ثم أستاذًا متفرغًا بنفس القسم.، وشارک في العديد من المعارض الفنية والجماعية بمصر والخارج

استوحى أعماله من البيئة المصرية وخاصة بيئة جنوب مصر بأصالتها وعمقها، وجسَّد هذا المضمون بأسلوب غير مألوف على الفکر المصري مستخدمًا حرفية المصري القديم والفنان الشعبي بفطرته وتلقائيته ومهاراته الخاصة، ودراسته الأکاديمية کمنطق لتنفيذ الموروث المصري، فقد بدأت تجربة الفنان الغول أحمد بالتشکيل للواقع فى الرسم والتصوير والنحت ومارس التجارب على شاکلة جميع المدارس التشکيلية وتمتع بذللک فى تفرد تام وفکر حر مطلق , حيث أن للفن التشکيلى تعدد فى الفکر والمنطق سواء کان هذا الفکر وذلک المنطق واقعياً رمزياً تعبيرياً أو تجريدياً أو هدفه إستنفار الرؤى المستقبلية للتشکيل , وفى کل هذه السبل خاض الفنان تجاربه بصدق إخلاص وبدون إلتزام لقضايا مسبقة مفروضة على العقل البشرى , قد تحد من رؤية وإستبصار الفنان فقد بحث عن الحقيقة المطلقة.

ويقول عنه عنه د."فرغلى عبد الحفيظ " فى کلمته لکتاب ظواهر إنساية فى القرن العشرين, «إن أعمال الفنان الغول ذات طابع متميز فهى ليست نحتاً صافياً کما أنها ليست عملاً مرکباً بالمعنى الأکاديمى لهذا اللفظ , لکنها أعمال خرافية ميثولوجية الطراز تأتى من بعيد لکنها تلامس أحاسيسنا المعاصرة , وتلمح بإحتياجات مستقبلية غير مادية.»

وعلى الرغم من تأثير الخرافة والخيال على أعمال الفنان الغول أحمد إلا أنها غير مجرده من المنطق العلمى وهذا يتأکد على لسان الفنان حيث قال الفنان عن منهجه فى کتابه ظواهر إنسانية من القرن العشرين : «إن منهجى کونى وطريقنى عملية ومذهبى إنفعالى وحدسى علم مسرور لا منظوم ولا منثور ,ينقطع ويتصل وليس لقطعة إنفعال , کما ليس لإتصاله إستقرار, فالکون کبير والإنسان صغير , ولکنه بدر من البدور بالفلک يدور ويضع الإتزان لتعاد صياغة الإنسان, فالعقل زينة والروح ؟أمينة والکون تزاوج تام مابين اليقظة والأحلام , والحقيقة مظاهر مرئية تحرکها القدرات الخفية وبالتالى فهى مادة طبيعية توقظ فنياً التوقعات الإيجابية, وما رأيتة هو ما يکون بطريقة علمانية, أى أنى فى رؤيتى خاضع للمنطق العلمى الذى توصلت إليه بالبحث والدراسة وذلک فى تحليل ما يحدث فى الفنان أ المشاهد بطريقة ما».

المبحث الثالث:- الميتافيزيقا عند الغول من خلال أعماله

  • النموذج الاول

 

الشکل رقم (1)

عمل : للفنان الغول علي أحمد

الخامة :الجبس المباشر

اسم العمل : (البومة ) من معرض "إعادة رؤية" بقاعة المغربي (بالزمالک)

يصور هذا العمل النحتي المجسم (طائر البومة) من منظور خاص بالفنان حيث جاءت بوضع الوقوف بدون جناحان دلاله علي السکون التام ، کما أن رئسها منتصبة علي الجسد مباشرتا وتختفي الرقبة ، تحدق بعينين مکورتين إلي الأمام تنظر إلي المستقبل وترتکز على قدمين ضخمتين وليس علي ساقين تنتهي بأظافر حادة کباقي الطيور وهذه دلاله علي الثبات والثقة .

 تحوي کتلة العمل خطوط المنحنية متعددة بشکل واضح ، في تکرارات والانحناءات على سطح العمل ، والذي بفعله جاءت الظلال متقطعة النقلة على سطح العمل لتصنع الملمس الجميل الذي يظهر به العمل وهو يدل علي کثافة الريش لدي الطائر .

ولو تتبعنا حرکة العمل نجدها حرکة الريح الشديد تؤثر علي ريش هذا الکائن ، ساهم الوضع الحرکي هذا في إبراز شکل الکتلة الذي فرضته مادة العمل والذي يحيل العمل إلى الترکيز على الفضاء الخارجي المحيط بالکتلة دون الداخلي ، فأصبحت المعالجات سطحية ترتکز على بيان الشکل العام للمنحوته .

استعان النحات بالخيال لإظهار هذا التشکيل الفني في وضعية مختلفة حيث طغيان البساطة عليه المتضمنة عدم الترکيز على التفاصيل الدقيقة داخل العمل الفني .

هذا ما اعتمده النحات في الرمز لهذا الشکل الذي يحمل مضموناً فکرياً معبرا عن عصره من خلال وجدانه ، مضافاً إلى هذا أن طبيعة الشکل النحتي عندما ننظر إلي العمل الفني نلاحظ جراءه فاختيار الفکرة والموضوع فهو يظهر براءة الطفولة بشکل بسيط يعبر عن مکنون ميتافيزيقي غير واقي ويظهر مدي تأثر خيال الفنان بالموروث الثقافي المصري من الاحجيات وحکايات الأجداد عن الکائنات الخرافية والکائنات الفضائية .

 يقول عنه أحمد السطوحي أستاذ النحت بکلية الفنون الجميلة نحات متفرد بين النحاتين المصريين, وله ذاتية تشکيلية معاصرة, ونقدر قيمته وقيمة أعماله لکوننا عايشناه ويعبر عن مکنون مصريتنا بصدق, ولکونه يجسد براءة مشاعرنا في زمن إفتقدناه, فهو الساحر الذي يتحول کل شئ بين يديه إلي قيمة, فأعماله تقتحم الکيان الانساني بصدق التعبير والقدرة علي تدفق هائل من المشاعر التي نغوص معها في أعماقنا کي تستنهض روعة الزمن المنفلت, ونعيش معها لحظات مفعمة بالبراءة والطفولة, فنسبه جليلة, وعناصره بيئية بسيطة, وحلوله بليغة, فقد جمع في وحدة متکاملة بين الخصوصية وتميز الأسلوب ورقي التعبير.

 

  • النموذج الثاني

 

الشکل رقم (2)

عمل : للفنان الغول علي أحمد

اسم العمل : (عروسة الحسد) من معرض "إعادة رؤية" بقاعة المغربي (بالزمالک)

 في هذا العمل النحتي المجسم عمد النحات إلى بيان حالة مهمة في المجتمع الريفي المصري عروسة الحسد ، التي تجسد لتبعد الشر والعيون الحاقدة ، ونري ذلک في الرأس التي تمثل سيدة لها ملامح مصرية صميمه، لکنها تحمل عينين مستديرتان کناية عن العين الحاسدة .

 وقام النحات بتشکيل هذا العمل ضمن نطاق شکل معبر عن المعتقد السائد في المجتمعات الريفية التي يؤمن بالغيبيات الميتافيزيقية التي تشير إلي عين الحسود .

 واعتمد الفنان على توزيع الکتل النحتية التي تکون الشکل العام ، فجاءت الخطوط الطولية والعرضية في العمل مرنه بسيطة ساعدته علي الانتقال من مسطح لأخر في جملة العمل ، و دوارنية الرأس مع تسطيح الجبين أعطي للفنان الفرصة في إظهار تلک الدمية التي تشبه عروسة الحسد "وهي موجودة في التراث الريفي والتي کانت تشکل من الورق ثم يتم تخريمها بوضع الإبر فيها ثم حرقها " ويقال أن بذلک ينقلب الحسد والشر علي صاحبه ويعتقد أن هذا نوع من الحماية للإنسان من أي عين حاسده .

 و العمل في حالة اتزان محوري يمين ويسار العمل ، ذلک التوازن الذي لم يقتصر على الکتلة النحتية بل شمل الفضاء الخارجي المحيط کذلک وما انتابه من معالجات التوزيع المتناظرة ، کما عملت الوحدة إلى جانب الموازنة کمبدأ تنظيمي جمالي لعناصر التکوين النحتي بدأ من الخطوط التي وحدتها خاصية الاستقامة وما يلحق بها من السطوح المستوية بالإضافة إلى وحدة الظلال القطعية ، لاسيما وان هذه الوحدة تغطي کذلک بالملمس متمثل بالنعومة التي استعان بها النحات کدلالة رمزية للقوة التي يجب أن تتحلى بها هذه الشخصية .

ظهرت الشخصية ذات طابع تشريحي مع الترکيز على قوة الملامح واستقامتها ، فيما اختفى الأثر التشريحي داخل کتلة فتم اختصار العينين في دائرتان وتم الجمع بين الأذونين والشعر في طرفين ممتدتين علي جانبي الرأس اختصارًا اکتفى النحات مما أفاد الشکل الجمالي للعمل ومنحه تميزا ، وبقيت الدمية التي علي الرأس کاملة الأطراف الأربعة لکنها بدون تفاصيل .

ثمة رموز ذات دلالات اجتماعية اعتمدها النحات في دعم الجانب التعبيري لعمله ، والى جانب تلک الرموز الخارجية کان لطبيعة الوقفة التي صور بها هذا العروسة اقرب مدلول يمکن أن يظهر به التعبير الخاص بالعمل ، والذي استخدمه النحات في صياغة عناصره التکوينية وما يمکن أن يتحلى أو يحمله من مميزات جمالية تتيح له حرية إظهار من صور وهيئات شديد المصرية دو طابع مميز لقد صاغ النحات شکل العروسة بهيئة تشابه العديد من المظاهر المنتشرة في مصر ونرها في ( تلک العرائس التي توضع علي سور المسجد ، والدمية المصنوعة من القماش التي تلعب بها الفتيات الصغيرات في الريف،وعروسة القمح ، وعروسة الحسد التي تطرد الأخطار ،وأيضا عروسة الحقول التي )وکلها أشکال، يمکن أن تعبر عن حکايات وفکر ميتافيزيقي من التراث المصري، بناءاً على فهمه المتعمق بذلک المجتمع الذي عاش بين ثناياه مهتماً بکل معتقدات المنتشرة ذات الدور المميز في بناء المجتمع الريفي المصري .

  • النموذج الثالث

 

الشکل رقم (2)

عمل : للفنان الغول علي أحمد

اسم العمل : (سفينة الفضاء ) من معرض "إعادة رؤية" بقاعة المغربي (بالزمالک)

 

نري العمل الفني وهو عبارة عن توليفة جميلة جمعة مجموعة مختلفة من الخامات (الخشب ،والمعدن ، والحجر ....)التي تم ترکيبها في شکل شديد الانسجام والتعايش الرقي ، يعد نوع آخر من الموسيقي التشکيلية ، الذي يقدمه الفنان الدکتور الغول أحمد في تلک المنحوتة جمعت بين " طريقة تشکيل الوسائط التي يستخدمها مع الأشکال الإبتکارية التى يحلها محل الأشکال التقليدية قد أخذته إلى علاقات جمالية تثير الدهشة والتأمل عند المتلقي.. وإن ظلت إبداعاته فى حدود ذاته وعالمه الخاص "[13] وقد أستعان الفنان بالحديد والخشب ليوجد الفراغات المحمل عليها الشکل ليشعرنا بإنطلاق الکون .

 يمکننا القول بان النحات قد اثري عمله بجماليات التکوين الإنشائي وما يمکن أن تمنحه الخامة من مظهر جمالي بعد تحرير النحات من قيد الکتلة وسهولة التفاصيل ، مرورًا بالخطوط والسطوح مع الظلال وتوزيعها ضمن نطاق الشکل المعني الذي حوي تلک المکونات وصياغتها جمالياً وفق مبادئ تنظيمية ناهيک عن تلک المعالجة المتناظرة للفضاءات الداخلية إلي جوار الفضاء الخارجي المحيط بالعمل .

 وهذا يصنع نوع من الموسيقي استلهمها الفنان من خياله الخصب الذي طالما کان وهو طفل صغير يجلس ويتفکر الفضاء الواسع ويحاول الترحال والتجول خلال سفينة فضائية ،وظل حلم يداعبه ، حتي تمکن الفنان من تنظيم تلک المعزوفة الجملية (سفينة الفضاء )والناظر إليها لأول مرة يتذکر تلک السفينة الفرعونية التي ترحل إلي الشمس فنري مدي ارتباط الفنان بالفکر الميتافيزيقي المصري الذي کون لدي الفنان بصمه متميزة تظهر علي أعماله تأثره بالجذور سواء کان الأمر أردي أو غير إرادي عند الفنان .

ويقول " الفنان الغول أحمد أنا أعبر عن زماني ورؤيتي المتفردة على طول حياتي , فمنذ کنت صغيراً وأنا دائم السؤال عن المخلوقات الفضائية وعن الأشکال الخارقة والغير طبيعيه بلهفه ,وعندما کبرت وخرجت من مدينتي حاولت أن أثبت صحة خيالي ومارست العديد من التجارب بداً من الرسم والتصوير وحتى النحت وقمت بعمل أبحاث تشکيليه کثير عن الفکر الخاص عندي ".[14]

 لعبت الميتافيزيقا دورا مهما في أثراء المفردات التشکيلية لدي الفنان والتي کانت تسکن داخل وجدانه أستمدها من النشأة الريفية والبيئة المصري المفعمة بالقصص والحکايات والمشاهدات البصرية من جمال الطبيعة وفنون الأجداد ، والعادات والأيدلوجيات المجتمعية من قصص وخرافات أسطورية من خلال معايشة الفنان ،وتمثيلها بأسلوب تعبيري رمزي شکل هوية تجمع بين الأصالة والجدة ، وليتخذ في أدائها صفة العالمية بالانطلاق من المحلية بتلک الرؤى في التشکيل الفني . وبالتالي تمثيل مواضيع تعکس بيئته الاجتماعية والتراث المصري .

 

المبحث الرابع :- جماليات الشکل عند الفنان الغول أحمد

1. الشکل عند الفنان خاضع لدراسة فهو يدرک أن تنظيم العناصر التي يتکون منها العمل الفني، وبنية الشکل أو مجموعة عناصره فقيمته أعلى تعبيرا من النقطة أو الخط أو الملمس، لذلک فالشکل هو العنصر الأساس کما يراه الفيلسوف عمانوئيل کانت في بث الجمال في العمل الفني.[15]

2. يري الفنان إن الشکل الفني وجماليته يتم عن طريق مجموعة عناصر الخطاب الفني التشکيلي والتي تؤسس الشکل والمتمثلة بالخط والملمس والمادة واللون والفراغ والموضوع فمن خلال هذه العناصر يتأسس العمل الفني التشکيلي وهي رسالة بصرية للمتلقي .

3. وجمالية الشکل النحتي قد تحققت بالوعي المعرفي الکامل من قبل الفنان لمقومات العمل الفني وتوجيهها نحو الخلق الإبداعي لعمله الفني ، حيث " إن التطوير المتناسق للشکل يبدأ بالإحاطة بالصفات البنائية الإبداعية.

4. توجد جوانب عديدة استند عليها الفنان لتفسير معنى الجمال يجعل الجمال موضوعي کائن في الشيء الجميل نفسه، کما ظهر في العمل الفني في تمثال (حورية البحر ) ، والآخر يجعله مرهون بالإدراک الذاتي عند الشخص المدرک کما في (سفينة الفضاء )، ونحن هنا ليس بصدد تنوع مفاهيم الجمال عند الفنان، وإنما عن طريق اعتماد الفنان لمفهوم جمالي فني يتلاءم مع هدفه لاسيما وانه مشتق أصلا من المفاهيم الفلسفية الجمالية المتنوعة أستمدها الفنان من بيئته التي يتنوع فيها مصادر الجمال ، وبالتالي تکونت جمالية الشکل النحتي عبر أدارک علاقته الشکلية الداخلية ، وعلاقات تنظيمه الخارجية .

  1. 5.  الحرکة في تکويناته النحتية شکلت عنصرًا بارزًا في المشاهد التي يجسدها والتي ساهمت بدورها کصفة جمالية في الشکل کما في حرية الريش (البومة)

6. البساطة والتلخيص في الشکل ، والتي تتطلب من النحات مهارة عالية في العمل .

7. تنظيم الشکل بعلاقات مترابطة ومنسجمة مع بعضها وظهر ذلک من خلال المعالجة الخطية المتقنة وانسجامها مع فکرة العمل ،وتوزيع الارتفاعات والانخفاضات وٕإنتاج المساحات الظليه على السطوح بما يتناسب مع إبراز الشکل وتدعيم.

8. لقد کان الشکل لديه معبرا عن فکرة وموضوع ومعبرا عنه في ذکاء فني متقن ,بتعدد الخامات فى العمل الواحد وإرتباط ذلک بلغة التشکيل.

9. اللعب بالکتلة والفراغ بدون إخلال بانسجام العمل والسيطرة على الفضاءات الداخلية والخارجية في العمل الفني وتوزيعها بشکل ايجابي يخدم جمالية الشکل الفني وبالتالي العمل ککل .

10. استغلال لون الخامة وتوظيفه لخدمة فکرة العمل وخلق الترکيب ألملمسي الذي يتناسب معها واختيار الخامة عند الفنان يدل الاستخدام الواعي للخامة وحسن التوظيف بما ينسجم مع مضمون العمل وبالتالي إعطاءها دورًا فعالاً يخدم الشکل فقد أدرک الفنان (من بنية مکانية تعد بمثابة المظهر الحسي وبنية زمانية تعبر عن حرکته الباطنية ومدلوله الروحي وان لکل فن لغته مثل اللون ، الملمس ، الحرکة وغيرها غير أن المادة الخام لا تکون فنا إلا إذا امتدت يد الفنان إليها فخلقت منها محسوسا جمالياً[16] .فستخدم الطين المحروق و الجبس لتنفيذ أعمال مرکبة غريبة لم يشاهدها فن النحت المصري، وتارة أخري يستخدم والبوليستر والحبال والحديد والخشب .

النتائج والتوصيات

  • النتائج:
  1. الميتافيزيقا مادة متجددة دوماً بتجدد الفنان وتعمقه فى تراثه وخاضر بتراث زاخر کالحضارة المصرية القديمة, حيث أنها مليئة بالفکر والإبداع.
  2. إعتماد الفنان على حواسه فى إحساسه بالأشکال,أدى إلى تکوين النواة المبدئية فى العملية الإبداعية لإنتاج أعمال فنية مميزة.
  3. الموروث الحضارى والفکرى أهم ما ترکه لنا التاريخ کمصدر متجدد للإبداع.

4. الفنان "الغول على أحمد" تأثر ببيئتة وموروثة بما يحملان من أفکار علمية وميافيزيقية ,وتعايش مع الحاضر بکل أحداثة ومؤثراتة, فأنتج أعمال أشبة ما تکون برؤى مستقبلية فيها إندماج رائع بين الماضى والحاضر والمستقبل.

5. على الرغم من سفر الفنان إالى الخارج وإندماجة مع حضارات أخرى, إلا أن الموروث المصرى الميتافيزيقى والحکايات الخرافية ظل ملازماً للفنان وأثر بشکل کبير فى إنتاجه لأعمال خرافية تلامس أحاسيسنا المعاصرة.

  • التوصيات:

1. لابد من إلقاء الضوء أکثر على فنانى النحت المعاصرين , ودراسة أتجاهاتهم , ومعرفة أهم المؤثرات التى أثرت فى العملية الأبداعية لدى کل منهم على حدى.

2. علم الميتافيزيقا "ما وراء الطبيعة" بما يحمله من حکايات خرافية وأساطير لم يأخذ حقه بين متلقى الفن والمعلمين على الرغم من أنه من أهم العناصر الأساسية التى أُنشأث عليها حضارت مصر القديمة, فها يأتى دورنا نحن المتخصصين ى نشر التوعية الثقافية لهذا العلم عن طريق مراکز الثقافة والمدارس واأيضا الجامعات , فى محاولة منها لإحياء موروث لايعرف عنة الکثيرون.

3. الطاقات الإبداعية المصرية کثيرة فلابد من إستغلالها , وبوجود التقدم التکنولوجى وولع الجيل الجديد بها ,فمن الممکن إستغلال ذلک لدى الأطفال والشباب فى محاولة تخيل أشکال خرافية مثل التى بألعاب الفيديو أو فى أفلام الخيال العلمى ولکن بلمحة مصرية مستوحاه من الميثولوجيا المصرية القديمة ,وهى أفضل السبل لأستخراج الطاقات الإبداعية منذ الصغر.

4. إستخدام الأشکال النحتية کوسيلة سهلة لأستخراج هذة الأشکال , ومحاولة تفعيل دور التکنولوجيا بعد ذلک عن طريق برامج ال3D والAnimation وغيرها من البرامج المتاحة.

  1. الفن والفلسفة وجهان لعملة واحدة وهم الرکائز الأساسية للنهوض بالمجتمع فلابد من تعليم الفن على شکل منهج فلسفى .


[1]-http://ar.wikipedia.org/wiki.

[2]-ابن منظور ،لسان العرب ،الجزء 11 ص356 ،وکذلک ينظر في :محمد محي الدين عبد الحميد و(زميله )،المختار من صحاح اللغة ،ط5،القاهرة،مطبعة الاستقامة ص276

[3]-فيتوري ،ليونللو،کيف نفهم التصوير من جيتو إلي شاجال ، ترجمة محمد عزت مصطفي دار الکتاب العربي الاسلامي ،للطباعة والنشر ،القاهرة1967).

[4]- ابن منظور : لسان العرب ، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر ، ج 3 ، ب ت ، ص266.

[5] - جيروم ستونليتز : النقد الفني ، ترجمة زکريا إبراهيم ، مطبعة جامعة عين شمس ، القاهرة ، 1974 ، ص199 .

[6] -2seuphor;adictionery of absterct painting T &H New York 1990,p9.

[7] - علي رأفت : الابداع المعماري ،الجزء الثاني ،الابداع الفني في العمارة ط1 مرکز ابحاث انتر کونسلت مطابع الاهرام 1997،ص14.

[8]- جورج فلانجان : حول الفن ، ترجمة وتقديم کمال الملاخ ، مراجعة صلاح طاهر ، دار المعارف ، القاهرة ، 1962 ، ص 286.

[9]- فريد خالد علوان : البنية الشکلية لللون في الرسم العراقي المعاصر ، رسالة ماجستير ، کلية الفنون الجميلة ، جامعة البصرة ، 2004 ، ص 63 .

[10]- وائل برکات : مفهوم في بنية النص ، دار معد للطباعة والنشر ، ط1 ، دمشق ، 1996 ، ص 35 .

[11] - جماليات التکوين الفني في النحت دراسة لأعمال النحات محمود مختار م. بهاء عبد الحسين مجيد - م. محسن علي حسين کلية الفنون الجميلة جامعة البصرة - مجلة فنون –البصرة .

[12] - انظر : جيروم ستولينتيز : النقد الفني ، مصدر سابق ، ص 195 - 229

[13] - http://www.fenon.com/

[14]- (المصدر لقاء الفنان مع الباحثة )

[15] - باسم عبدالأمير الاعسم : مفهوم الشکل في الخطاب المسرحي ، المجلة القطرية ، العدد الأول، السنة الأولى ، تصدر عن وزارة التعليم العلي والبحث العلمي ، جمهورية العراق ، 2001 ، ص 37 .

[16] - هربرت ريد : حاضر الفن ، ترجمة سمير علي ، دائرة الشؤون الثقافية ، سلسلة الکتب المترجمة ، 1983 ، ص 33 .

  1. مراجع البحث

    1. ابن منظور، لسان العرب ،الجزء 11
    2. محمد محي الدين عبد الحميد و(زميله )، المختار من صحاح اللغة ، ط5،القاهرة، مطبعة الاستقامة
    3. فيتوري ،ليونللو ، کيف نفهم التصوير من جيتو إلي شاجال ، ترجمة محمد عزت مصطفي دار الکتاب العربي الاسلامي ،للطباعة والنشر ،القاهرة1967.
    4. ابن منظور ، لسان العرب ، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر ، ج 3
    5. جيروم ستونليتز، النقد الفني ، ترجمة زکريا إبراهيم ، مطبعة جامعة عين شمس ، القاهرة ، 1974.
    6. علي رأفت ، الابداع المعماري ،الجزء الثاني ،الابداع الفني في العمارة ط1 مرکز ابحاث انتر کونسلت مطابع الاهرام 1997.
    7. جورج فلانجان ، حول الفن ، ترجمة وتقديم کمال الملاخ ، مراجعة صلاح طاهر ، دار المعارف ، القاهرة ، 1962 .
    8. فريد خالد علوان ، البنية الشکلية لللون في الرسم العراقي المعاصر ، رسالة ماجستير ، کلية الفنون الجميلة ، جامعة البصرة ، 2004 .
    9. وائل برکات ، مفهوم في بنية النص ، دار معد للطباعة والنشر ، ط1 ، دمشق ، 1996.
    10. باسم عبدالأمير الاعسم ، مفهوم الشکل في الخطاب المسرحي ، المجلة القطرية ، العدد الأول، السنة الأولى ، تصدر عن وزارة التعليم العلي والبحث العلمي ، جمهورية العراق.
    11. هربرت ريد ، حاضر الفن ، ترجمة سمير علي ، دائرة الشؤون الثقافية ، سلسلة الکتب المترجمة ، 1983 .

    12. http://ar.wikipedia.org/wiki.

    13. seuphor;adictionery of absterct painting T &H New York 1990.

    14. http://www.fenon.com.