الخامة وإمکاناتها التشکيلية فى فن النحت الحديث

المؤلفون

1 مدير إدارة الدراسات العليا والبحوث والعلاقات الثقافية بالإدارة العامة لجامعة دمياط باحث ماجستير

2 أستاذ ورئيس قسم النحت والتشکيل المجسم الأسبق بکلية التربية الفنية جامعة حلوان

3 أستاذ مساعد النحت بقسم التربية الفنية بکلية التربية النوعية-جامعة المنصورة

المستخلص

ملخص البحث:
لکل خامة صفاتها المميزة، وتترکز أهميتها فى المساعدة على تشکيل الفکرة، ولقد ظهرت بعض الاتجاهات الفنية منذ بدايات الفن الحديث وحتى الآن رکزت نشاطها الفني على توظيف الخامات الغير تقليدية والتي غالبا ما کانت تعتمد على طبيعة البيئات المختلفة وما يتوفر في کل منها من خامات.
فالخامة في العمل النحتي تبدي ثرائها الحسي علي يد الفنان وليس من المفروض أن يزول کل أثر للخامة، بل أن تتضافر سائر العناصر في العمل النحتي، قد أظهرت الأعمال النحتية الحديثة مفاهيم جمالية جديدة نحو تناول الخامة فى صياغة الأعمال النحتية سواء منفردة أومن خلال التوليف فيما بينها لإثراء العمل النحتي بالقيم التشکيلية والتعبيرية والوظيفية.

مشکلة البحث :

تتلخص مشکلة البحث فى السؤال التالي: ما هو دور الخامة وإمکاناتها التشکيلية فى فن النحت الحديث؟

وتمثلت أهمية البحث فيما يلي:

  1. إظهار دور وأثر الخامة على فن النحت الحديث. 
  2. إيضاح العلاقة بين فن النحت والتکنولوجيا.
  3. التعرف على الخامة کوسيط و مثير إبداعي لدى النحات.

ويهدف البحث الحالى إلى:

  1. البحث فى العلاقة بين الخامة وفن النحت الحديث.
  2. التأکيد على دور الخامة فى فن النحت الحديث.
  3. إثراء الرؤية والخبرة الجمالية لدى الطلاب دارسي فن النحت.

فروض البحث:

1- هناک علاقة بين الخامة وفن النحت الحديث .

2 – النحات الحديث والمعاصر تأثر فى أعماله بالتکنولوجيا المعاصرة .

3- الخامة لها دور کوسيط ومثير إبداعي لدى النحات.

وتتحقق أهداف وفروض البحث من خلال المحاور التالية :

أولاً: الخامة في فن النحت الحديث :

ثانياً: أثر الخامة على فن النحت الحديث:

ثالثاً: علاقة فن النحت بالتکنولوجيا:

رابعاً : الأبعاد التشکيلية لإمکانات الخامة فى فن النحت:

خامساً: الخامة کوسيط و مثير إبداعي لدى النحات:

وتوصل البحث لعدد من النتائج منها:

  1. تأثرت الخامات بروح العصر فاختلفت الخامات وتعددت تبعاً لاختلاف العصور وطرق التناول فنياً.
  2. تعد الخامة أساس کل ظاهرة جمالية، فهى تحدد الشکل وتصنع له شروطه.
  3. الخامة في الفن الحديث لها دور هام في إکساب العمل الفني قيم شکلية ولونية وملمسية.
  4. الخامة في الفن الحديث أداة يحقق من خلالها الفنان أهدافه الفنية حيث تساعده على تجسيد أفکاره و مشاعره في أشکال فنية جديدة ومبتکرة.
  5. اعتمد النحت الحديث على التشکيل بخامات مختلفة ومتعددة الإمکانات التشکيلية والتعبيرية.
  6. تحتل الخامة في فن النحت المرتبة الثالثة مباشرة في تحديد شکل العمل المنحوت، بعد المؤثرات البيئة و الفکرية .
  7. الخامة لها دور کبير فى توجيه فکر الفنان النحات فى العصر الحديث.
  8. لم يقتصر دور التطور الصناعى والتکنولوجى فى تقديم خامات وتقنيات مبتکره وغير تقليديه فقط، بل أسهم کذلک بصوره فعاله فى تطور الأدوات والوسائط والآلات التى ساهمت فى تطوير أداء النحات التقني.

خلفية البحث:

شهد فن النحت في العقود الأخيرة من القرن العشرين عدة تغيرات وتحولات وثورات فنية ومحاولات مستمرة لانهاية لها، أدت إلى تطور مفهوم النحت الحديث والمعاصر, هذا التطور تمثل في خروج الصياغات التشکيلية عن المفهوم التقليدي, وتحولت إلى تشکيلات تبتعد عن الظواهر المدرجة في الطبيعة,حيث اتجه فيها الفنان إلى الأشکال المجردة في التعبير عن مفاهيم فنية جديدة، فالفنان ينظر إلى الأشياء جميعها بوصفها کائنات يمکن اختراقها وإعادة تشکيلها ليصوغ منها في النهاية عملاً جديداً يتصف بالإبداع في محاولة للوصول إلى قيمة جمالية وفنية تستمد جذورها من التراث، في صياغة تشکيلية مبتکرة في ظل تکنولوجيا حديثة.

ففن النحت بوجه عام يتميز بأنة يتضمن أشکالا ذات أبعاد ثلاثية, حيث الإحساس بالحرکة والکتلة والمتعة الفنية من خلال تأثيرات مختلفة لتحرک الظلال التى تنشأ من سقوط الضوء عليها، "ولقد أوضح لنا الفن الحديث دروساً مباشرة في التحرر من سيطرة الخامة الواحدة والخامات التقليدية والاستجابة لخامات جديدة، يمکن للعين المبتکرة أن تصوغها فى قوالب فنية تتسم بالإبداع والتجديد"([1])، فکل خامة صفاتها المميزة، وتترکز أهميتها فى المساعدة على تشکيل الفکرة، وان استعمال خامة فى عمل فنى يمکن أن تؤديه أخرى بنجاح کبير، "ولقد ظهرت بعض الاتجاهات الفنية منذ بدايات الفن الحديث وحتى الآن رکزت نشاطها الفني على توظيف الخامات الغير تقليدية والتي غالبا ما کانت تعتمد على طبيعة البيئات المختلفة وما يتوفر في کل منها من خامات "([2])، "فالخامة في العمل النحتي تبدي ثرائها الحسي علي يد الفنان وليس من المفروض أن يزول کل أثر للخامة، بل أن تتضافر سائر العناصر في العمل النحتي"([3]).

فلکل خامة إمکانات تشکيلية وأبعاد تعبيرية، يمکن استخدامها على نطاق واسع فى تکوين العديد من الأعمال الفنية، ويتحقق ذلک دون صعوبة اذا ماکان هناک وعى بهذه الحقيقة، وهذا الوعى لا يأتي إلا بمحاولات جادة وهادفة تعتمدعلى عمق فى الرؤية والتامل ومزيد من التفکير الابتکارى والاستمرار فى البحث والتجريب لاکتشاف الامکانات المختلفة لما قد يتم التعامل معه من خامات ثم توظيف الامکانات بشکل يؤکد العمل الإبداعى  ويدعمه ليحقق هدفه المنشود، فالشکل المجسم تنظيم يحمل فکرة يجسدها النحات بالخامة، واضعا کل جوانبها التشکيلية والتعبيرية فى اعتباره عند اختيارها ليحقق القيم التعبيرية فى الشکل، ويحاول البحث الحالى أن يوضح الدور الهام للخامات المختلفة کتقنيات ووسائط هامة شکلت فى فن النحت، وکيف يمکن أن يستفيد منهاالفنان الحديث في إثراءأعماله النحتية، وأثر ذلک علي الشکل والمضمون فى فن النحت المعاصر.

 

مشکلة البحث :

تتلخص مشکلة البحث فى السؤال التالى: ما هو دور الخامة وإمکاناتها التشکيلية فى فن النحت الحديث؟

ويتفرع من هذا التساؤل الأسئلة الفرعية التالية :-

 

1. ما أثر الخامة على فن النحت الحديث ؟

2. ما هى الأبعاد التشکيلية لإمکانات الخامة فى فن النحت ؟

3. ما دور الخامة کوسيط و مثير إبداعي لدى النحات ؟

أهمية البحث:

وتتمثل أهمية البحث الحالي فيما يلي:

1. إظهار دور وأثر الخامة على فن النحت الحديث. 

2. إيضاح العلاقة بين فن النحت والتکنولوجيا.

3. التعرف على الخامة کوسيط و مثير إبداعي لدى النحات.

أهداف البحث:

يهدف البحث الحالى إلى:

  1. البحث فى العلاقة بين الخامة وفن النحت الحديث.
  2. التأکيد على دور الخامة فى فن النحت الحديث.
  3. إثراء الرؤية والخبرة الجمالية لدى الطلاب دارسى فن النحت.

فروض البحث:

1- هناک علاقة بين الخامة وفن النحت الحديث .

2 – النحات الحديث والمعاصر تأثر فى أعماله بالتکنولوجيا المعاصرة .

3- الخامة لها دور کوسيط ومثير إبداعي لدى النحات.

وتتحقق أهداف وفروض البحث من خلال المحاور التالية :

أولاً: الخامة في فن النحت الحديث.

ثانياً: أثر الخامة على فن النحت الحديث.

ثالثاً: علاقة فن النحت بالتکنولوجيا.

رابعاً : الأبعاد التشکيلية لإمکانات الخامة فى فن النحت.

خامساً: الخامة کوسيط و مثير إبداعي لدى النحات.

 

أولاً: الخامة في فن النحت الحديث :

بتغير مفهوم النحت المعاصر الذى لم يعد يقتصر على وسيط معين أو يقتصد على خامات تقليديه فقط ولکنه اتسع ليشمل الخامات المستحدثة بإمکاناتها سواء الطبيعية منها أو المصنعة التى کان لها الدور الأکبر والبالغ فى تغير المفاهيم النحتية وما تحمله من رمزيه تعبيريه وأفکار ضمنيه" فالخامة تعنى المادة الأولية، أى الخامة التي لم يجرى عليها عمليات التشکيل والتشغيل بمعنى أنها المادة قبل أن تعالج (الخام ما لم يعالج) "([4]).

وقد تأثرت الخامات بروح العصر فاختلفت الخامات وتعددت تبعاً لاختلاف العصور والتطورات،فکانت نتيجة للنهضة التکنولوجية والتقدم العلمي الهائل في شتى المجالات ساعد في استنباط أشکال جديدة ومتنوعة.  

   " والفن الحديث لم يکن جديداً لأن هناک رؤية جديدة للحياة فحسب ، إنما هو کذلک لأن هناک سمة أخرى من سمات العصر وهى الکشف عن خامات جديدة لم توجد من قبل وهذه الخامات الجديدة التي جاءت نتيجة النهضة التکنولوجية الکبيرة ، وساعدت في استنباط أشکال وهيئات فنية جديدة وبخاصة في فنون النحت فالأشکال المعلقة في الهواء والهيئات ذات الفراغات الکثيرة والواجهات الزجاجية أو المعدنية أو الرخامية کلها من وحى الخامات الجديدة التي لم توجد إلا في العصر الحديث"([5]).

فبدون الخامة فى العمل الفنى لا يکون هناک شکلا يمکن إدراکه والحکم عليه، لان الخامة أو الوسيط المادى للعمل الفنى يؤثر ويرتبط ارتباطا کليا بقيمة العمل الفنى، فنجاح العمل الفنى يتوقف على مدى مناسبة الخامة وعلاقتها بباقي المواد والعناصر الفنية وتؤکد ذلک (أميرة مطر) فى تفسيرها لمفهوم الخامة على أنها : " هى الوسيط أو جسم العمل الذى يتکون منه العمل الفنى، أى أن الفنان يجسد عمله الفنى فى ماده معينة أو واسطة معينه ينقل بها العمل الفنى إلى الآخرين وهذه الوسائط المادية متنوعة، فهى قد تکون حجارة أو معدن أو خشب أو ألوان " ([6]) وما إلى ذلک من وسائط يستخدمها الفنان النحات فى أعماله، فنجد أن الخامة في الفن الحديث تحمل قيماً حسية تزيد أو تقل حسب قدرة الفنان ذاته على استغلالها وکيفية توظيف هذه الخامات في الأماکن التي تعطى فيها ما يريد لها أن تعطيه من قيم فنية أو شکلية ، فأصبح تناول الخامات المستحدثة سمة مميزة للأعمال الفنية الحديثة .

ويستغل الفنان تلک الخامات کوسائط وعامل مساعد في التعبير عن أفکاره " فالخامة هي العنصر المحسوس عند الفنان وبالنسبة للعمل الفني هي جوهره العيني أو جسمه و بدونها يکون العمل الفني هزيلاً خاوياً " ([7]) .

 وقد شغلت الخامة في الفن الحديث خيال کثير من الفنانين باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي يمکن من خلالها التعبير عن أفکارهم . حيث احتلت الخامة في الفن الحديث مکانه عالية في الأعمال النحتية الحديثة لما تحمل من قيم فنية وخصائص جمالية تکسبها الخامة للأعمال الفنية الحديثة کما فى شکل (1) للفنان جاک وبيسين روبرت.

وتعد الخامة أساس کل ظاهرة جمالية، فهى تحدد الشکل وتصنع له شروطه فالشکل في العمل الفني يخرج من صياغة المادة، ولکل مادة خواص محددة تسمح لها بصورة معينة من التشکيل، ودور الفنان في سيطرته عليها هو الذي يحدد شکل فئة، والعمل الفني هو تنظيم يحمل فکرة ويجسدها الفنان بالخامة واضعاً کل جوانبها التشکيلية والتعبيرية في اعتباره عند اختيارها لتحقيق القيم التعبيرية وهذه القيم يتطلب إظهارها تقنيات مقصودة من قبل الفنان ليتفحص عن مدى التوافق بين الإمکانات التشکيلية والتعبيرية للعمل الفني وإظهار الفکرة التي يسعى الفنان لتحقيقها و"تقييم العمل الفني جماليا أصبح قائما على تفهم دور المادة ومدى إسهامها في تحقيق الأبعاد التشکيلية والتعبيرية وخاصة في الفن الحديث"([8])

 

شکل (1) للفنان جاک وبيسين روبرت

بمعرض فرنسا- باريس (خشب – حديد ) 1962

 ويقول هربرت ريد H. Read  "([9]) الواقع أننا لو رجعنا إلى بعض کبار المثالين المعاصرين ، لوجدنا أن النحت عندهم لم يعد يعنى تجسيم صورة فينوس بالرخام ، أو تمثال يحتضر بالحجارة ، أو تجسيد صورة إنسان أو حيوان بالخشب ، وإنما أصبح فيه النحت عندهم يقوم على ربط أو تعدد أکثر من خامة فى عمل نحتى واحد " . وفى قول أخر لهربرت ريد ([10]): " أن فن النحت لا يقوم على محاکاة الأشکال أو نقل السمات أو ترديد الصور،وإنما هو فى صميمة ترجمة للمعنى من خامة إلى أخرى فى العمل النحتي الواحد". حيث أصبحت الخامة في الفن الحديث عنصراً أساسياً لإخراج العمل الفني بهيئة تشکيلية جديدة و مبتکرة بأسلوب أداء يختلف عن الأساليب التقليدية حيث "أصبح المضمون التقليدي في أسلوب الأداء الذي يعتمد إما على منهاج الأخذ من المادة المنحوت" کما هو الحال في النحت على الرخام أو منهاج "الإضافة" کما هو الحال عند التشکيل بالطين محدود نسبياً أمام المفهوم التشکيلي الجديد "القائم على ابتکار تراکيب جديدة من الخامات الحديثة فتحولت بذلک کل الماديات الصناعية و الطبيعية المحيطة بالفنان في العصر الحديث إلى وسائط تشکيلية لنقل أفکاره و ترجمة مشاعره فظهر العمل الفني بعدة هيئات تشکيلية متعددة بخامات مختلفة و متعددة الخصائص.

"فاستعمل التکعيبيين والداديين الورق, والخشب, والقماش, والأسلاک والأشکال الجاهزة الصنع Ready Made Object  في أعمالهم الفنية وامتد فکرهم إلى فن البوبPop    Art وأصبح تناول الخامات المستحدثة سمة مميزة للأعمال الفنية الحديثة فالخامة في الفن الحديث "أصبح لها دور أساسي في المفهوم التشکيلي للعمل الفني ولم تصبح مجرد وسيط لتمثيل العمل فيها"([11]).

ولکل خامة خصائصها ولها العديد من الصفات التي تميزها لذلک لابد من وضعها في المکان المناسب من العمل الفني حتى تأتي الخامة بدورها و تکسب العمل الفني قيمة فنية مستمدة من قيمتها کخامة.

للخامة في الفن الحديث دور هام في إکساب العمل الفني قيم في الشکل و اللون و الملمس "قيم جمالية" تؤکد دورها في العمل الفني في توضيح المضمون الشکلي والتعبيري للعمل الفني من خلالها کخامة فالخامة أداة لتحقيق الأهداف الفنية للفنان, وتساعده على إبراز أفکاره  وتجسيد مشاعره في أشکال فنية، وقد أشار الفنانون أمثال بوتشوني U.Boccioni, ناعوم جابو  N.Gabo , دوميلا Domela , کورنيل Cornell , أنطوان بفزنر Pevsner, جياکوميتي A.Giacometti, جورج ريکي G.Rickey , ليبولد Lippold , وفلسفة علم الجمال أمثال سانتيانا G.Santayana , روجرز R.Rogers, جون ديوي J.Dewey, هربرت ريد H.Read , إلى أهمية دور الخامة وتعددها في بناء الشکل المجسم, وأصبحوا " أن القيمة الجمالية للخامة وتفاعلها مع هيئة الشکل المجسم ليست فقط مظهراً من مظاهر تجسيم الواقع المرئي أو فکرة النحات أو بناء الأشکال ذات المظهر الجمالي الذي يتمثل بها الموضوع أو التعبير, فالشکل المجسم تنظيم يحمل فکرة يجسدها النحات بالخامة, واضعاً کل جوانبها التشکيلية والتعبيرية في اعتباره عند اختيارها لتحقيق القيم التعبيرية في الشکل، إن الاهتمام بالقيم التعبيرية للشکل لا يؤدي إلى تجاهل القيم التشکيلية, مما يؤکد أن التعبير ما هو إلا بعد من أبعاد الشکل النحتي, ينتج من التنظيم الشکلي للخامة والموضوع, عن وعي الفنان وإحساسه "([12]).

 فالخامة في الفن الحديث أداة يحقق من خلالها الفنان أهدافه الفنية حيث تساعده على تجسيد أفکاره و مشاعره في أشکال فنية جديدة ومبتکرة ولکي يستطيع الفنان أن يعبر عما بداخله من أفکار وأحاسيس فنية, "إن الإبداع في مجال المجسمات يتطلب فهماً لطريقة تناول الخامة و تعددها, وإدراکاً لما تمتلکه من قيم فنية ومعرفة بحدودها في العطاء, وتقديراً لخصائصها ومزاياها وإمکاناتها التشکيلية, کذلک المقدرة على التحکم فيها والسيطرة عليها بالوسائل التقنية التي تلاءم طبيعتها فکلها جوانب تستوجب البحث والتجريب"([13])،

ومن ذلک يتضح أهمية دور الخامة في الفن الحديث, حيث ساعدت الفنان على إبداع وابتکار أعمال فنية مبتکرة تستمد قيمتها الفنية والجمالية من الخامة المنفذ بها العمل الفني و تبين مقدرة الفنان على الابتکار من خلالها کخامة أو أداة للتشکيل کما فى شکل(2) للفنان دالود هوبرت ، وتعدد الخامات واختلافها في الفن الحديث أضاف ثراء على المجال الفني حيث تعددت رؤى الفنان في اختيار ما يتناسب مع تحقيق أهدافه, ويؤکد جون ميلر J. Mills "أن الهدف من تعدد الخامات هو استثمار النحاس والممارس للمعلومات الفنية والتقنية بهدف الوصول إلى أقصى درجات التعبير للعمل النحتي"([14]) ومن ذلک يتضح دور و أهمية الخامة في الفن الحديث وأن تناول الخامات المستحدثة سمة مميزة للأعمال الفنية الحديثة.

ثانياً: أثر الخامة على فن النحت الحديث:

أثرت الخامات بشکل کبير على فن النحت الحديث في الکثير من الأعمال النحتية لکثير من الفنانين المعاصرين, حيث اعتمد النحت الحديث على التشکيل بخامات مختلفة ومتعددة الإمکانات التشکيلية والتعبيرية, وذلک لارتباط فن النحت بفلسفة العصر, حيث اختلفت وتعددت الخامات المستخدمة و تقنيات العمل و بالتالي تعددت صور الإنتاج الفني والهيئات التشکيلية للأعمال الفنية المنفذة بخامات مستحدثة وأصبحت الخامة في فن النحت الحديث تعکس قيم فنية وجمالية تضيف فکراً جديداً متطوراً لفن النحت الحديث. " فالخامة في فن النحت تمثل العامل الذي يحتل المرتبة الثالثة مباشرة في تحديد شکل العمل المنحوت، فبعد أثر البيئة والأثر الفکري, فإن المادة التي يصنع منها النحات تمثاله تفرض شروطها, و تضع حدوداً للجماليات الفنية وتوجه الفنان نحو مواطن الحسن الذي يظهرها في تمثاله."([15])

وقد أظهرت حرکة الفن منذ الحضارات القديمة و حتى العصر الحدث أن فن النحت يقوم على وحدة العلاقة بين هيئة الشکل النحتى والخامة التي يبدعها الفنان محققاً القيم التعبيرية والتشکيلية, وأن هناک تفاعلاً فکرياً لاستخدام الخامة على مر العصور، وإن معظم الخامات والتقنيات التى استحدثت من خلال التکنولوجيا الحديثة قد استخدمت في مجال النحت, وأصبحت مقرونة بالأعمال النحتية کعناصر نحتية ذات أشکال ثلاثية الأبعاد, وقد اتضح ذلک في الأعمال البنائية, constructivism  و النحت الحرکي Kinetic Sculpture  و الواقعية الجديدة New Realism  و نحت البوب Pop Art  و النحت المينمالي Minimal Sculpture , وغير ذلک من مدارس الفن الحديث, و کانت هذه الاتجاهات الفنية بمثابة رد فعل لتغيرات الاجتماعية التي حدثت في المجتمع العالمي على المستوى العلمي والتکنولوجي .

 

شکل (2) للفنان دالود هوبرت

( ألمونيوم – خشب ) لندن -1963

فکان نتيجة للارتباط الطبيعي بين الفن و العلم في القرن العشرين أن حدث في المفاهيم الفنية التي أثرت على فن النحت بشکل ملموس من خلال التطور الشکلي والمضمون التعبيري للعمل النحتي, فکان لکل من النظريات العلمية والاکتشافات الحديثة في العديد من المجالات أثرها على تحول نظرة النحاتين إلى مفهوم جديد للنحت حتى يمکنهم التعبير عن طبيعة العصر الحديث، ولقد فقد فن النحت کثير من الأشياء التي کانت تميزه في الماضي مع مطلع القرن العشرين, ومن " مفهوم الکتلة الصلبة في الفراغ لإلى التعايش المباشر مع الفراغ وکل ما هو مادي, لذلک أصبح النحت متحرک, و يعکس الضوء و يصدره, و يهتز و يصطدم بشئ ويرتد و يتلون وينبعث منه صوت, إلى جانب التداخل مع الفنون الأخرى" )[16]( ، فاستطاع هذا الفن أن يساير العصر متأثراً بخاماته فاتسمت الأعمال النحتية بخصائص جديدة تبعاً للهيئة التشکيلية الموجودة عليها الأعمال
النحتية الحديثة.

ومن هنا يتضح دور الخامة فى تحقيق القيم التشکيلية للتشکيلات النحتية وأن للخامة الدور البالغ فى توجيه فکر الفنان النحات فى العصر الحديث، حيث تأثر النحاتون بالخامات والأدوات التى وفرها التطور التکنولوجى والصناعة الحديثة والتى ساعدتهم على بناء مجسمات نحتية تتناسب مع فکره البحث عن المضمون التعبيرى بدليل أنه لم يعد يقتصر التشکيل النحتى على استخدام الخامات التقليدية کالأخشاب والأحجار والبرونز.

ثالثاً: علاقة فن النحت بالتکنولوجيا:

إن العلم والتکنولوجيا في هذه الآونة يستحوذان بدرجة عالية على خيال کثير من الفنانين المحدثين فبمنجزات العلم أتيحت آفاق جديدة للخلق والإبداع الفني, والتقدم التکنولوجي أتاح للفنانين عدداً متنوعاً من المواد الجديدة وطرق استخدامها، فبفضل ثورة التکنولوجيا الهائلة کان التقدم والتطور في جميع جوانب الحياة والفن من إحدى هذه الجوانب التي يعايشها الإنسان داخل مجتمعه، وللفن ارتباط وثيق بالعلم والتکنولوجيا فتطور الفن عبر العصور متأثراً بالتطور العلمي والتکنولوجي لکل عنصر, فيحمل الفن سمة العصر بما فيه من تطور علمي وتکنولوجي, وقد وضح هذا بشکل کبير من خلال التنوعات التشکيلية الرائعة للأعمال المعروضة في المتاحف العالمية والتي تتحرک وتصدر الأصوات وتبعث بالأضواء وتتضمن المکونات الالکترونية فهذا دليل على أن مجال العلم والفن تتلاقى لتکون قوة ذات تأثير ضخم في الفنون المرئية، فأصبح للفن الحديث سمة مميزة وهي التحرر من قيود الماضي والتعبير عن روح العصر الذي تعيشه وما يحمل من تقدم وتطور علمي، فظهرت حرکات تحررية کثيرة, وثورات اجتماعية, فأصبحنا نعي منذ القرن العشرين بأسماء عالمية کان لها السبق في تحرير الفن من ارتباطاته العقائدية, وفي جعله مرآه صافية عکست انفعالات الإنسان کما يعايشها في هذا القرن، فأصبحت بالتالي سمة الفن الحديث هي الحرية والبحث عن الجديد وابتکار ما لم يکن موجود من قبل ويخدم الفنان في إخراج أفکاره في هيئات تشکيلية متعددة ومتحررة من قيود الماضي، فالإبداع في الفن يتطلب الوعي والمعرفة والفهم العلمي بالوسائط التي يتعامل معها ويستخدمها کل فنان بأن يکون عالماً في تجريبه, مطلعاً على کل ما يدور حوله فليس من المنطق أن يکون الفن بدون خبرة و ثقافة وحصيلة جمالية وتاريخية يتمتع بها الفنان إذ أن "الفن في أعلى مراتبه لا يمکن إنتاجه بدونهم, فهم السبيل لکل ابتکارات ومن خلالهم يثبت وجوده لمسايرة العصر و تطوره")[17](.

ونتيجة إلى التطور التکنولوجي والصناعي فى کافه مجالات الحياة بصفه عامة والفن بصفه خاصة ساهم ذلک فى إيجاد العديد من خامات المخلفات الصناعية التى استخدمها الفنان فى صياغة إعماله الفنية والنحتية حيث أصبحت قدره الفنان الإبداعية تنمو وتتطور من خلال سعيه المستمر فى البحث عن کل ما هو جديد وغير تقليدى ومبتکر والتحرر من قيود المألوف والمعتاد عليه من الخامات التقليدية والأکاديمية والاستجابة لخامات مستحدثه يمکن صياغتها فى قوالب فنيه يغلب عليها الإبداع والتجديد.

ولم يقتصر دور التطور الصناعى والتکنولوجى فى تقديم خامات وتقنيات مبتکره وغير تقليديه لم تکون معروفه من قبل، بل أسهم کذلک بصوره فعاله فى تطور الأدوات والوسائط والآلات التى ساهمت فى تطوير أداء النحات التقني. "وفى إطار البحث عن مصادر جديدة لوسائطه التشکيلية کان عليه أن يصمم ويتفرد فى أدواته وتقنياته مستفيدا من تکنولوجيا هذا العصر فى أعمال النحت البارز، فاستخدم الموتورات والمغناطيس ووسائل الإضاءة فى عملية التشکيل"([18]).

فالفن والعلم يتصلان دائماً وکثيراً ما يتعاونان, "والعلم أساسه اتجاه عقلي وطريقة للتفکير والتصرف يمکن تطبيقها في أى حقل من حقول الظواهر أو النشاط البشري وقد تم قبولها وتطبيقها جزئياً في الفنون, وأن کان ذلک بصورة أقل منها في الحقول الأخرى, والعلم ما هو إلا ثمرة لبعض الخيالات عند المبدعين مثل محاولة الطيران للعالم العربي عباس بن فرناس، وتکمن أهمية العلم في أن يقدم للفن تفسيرات واضحة لظواهر الطبيعة تتمثل في البحوث والقوانين والقواعد والنظريات, کيفية الإفادة من تلک التفسيرات وظيفياً في الحياة خلال التطبيقات التکنولوجية, تقديم مناهج فکرية يمکن إتباعها في حل المشکلات")[19](.

ويرمز مصطلح الفن بمعناه العصري الجمالي غير التقييمي إلى مجموعة متنوعة من الخامات المستحدثة و التقنيات التي تستخدم لأغراض کثيرة, و بخاصة إثارة أنماط معينة من الاستجابة السيکولوجية المسماة بالجمالية وإرشادهما وترويض هذه إلى درجة ما, و يجري ترويضها منذ زمن طويل, بمساعدة المعرفة العلمية والتطورات التکنولوجية، فإن الفن لا يقدم لإحداث تأثير جمالي فقط بل له قيمة علمية, تظهر هذه القيمة عند انعکاس الجانب الثقافي والمعرفي لدى الفنان من خلال وعيه بخصائص الخامة وطرق تناولها, و تعکس أيضاً على الفنان بالظواهر الطبيعية مثل علوم الضوء والحرکة وهذه بعض العلوم التي تعد محور اهتمام الفنان داخل عمله الفني، ومن هذا يتضح أن الفنان يعکس لنا اتصاله بالإطار الثقافي والمعرفي المحيط به سواء کان اتصالاً مباشراً أو غير مباشراً حيث يتم الحوار بين الفنان وبين المعارف العلمية, وما يتم اکتسابه من معارف تلعب دور في تجسيد الشکل المادي للعمل الفني وکذلک في نمو الأفکار والاتجاهات التي تدور حول موضوع العمل الفني.

"والفنان غير مطالب بتفسيرات للظواهر المرئية, لأن أهدافه لا تتعلق بتوضيح حدوث تأثير کما هو مطلوب من العالم, و لکن أهدافه ترتکز على إحداث التأثير کظاهرة مستقلة داخل العمل الفني استناداً على ما قدمه العلم ")[20](،  إن کل تقدم علمي يصل إليه الإنسان إنما هو في الواقع ثمرة ما يدين به للآلة التي أبدعها, فبدون التکنولوجيا لا يتقدم العلم ولا تتسع آفاق المعرفة, فمثلاً بغير التلسکوب ما أمکن لعلم الفلک أن يحقق ما وصل إليه من تقدم, و نقل العلم للفن قد أصبح واضحاً و بصفة خاصة في نظرة الفنان المستقبلية للعالم وفي ظروف عمل الفن.

"فلقد أثمرت التطبيقات التکنولوجيا للعلم عن مضاعفة إمکانات الفنان وقدراته على الإبداع و فتحت آفاق جديدة لتصوراته داخل الفن, وعمقت إحساسه بالجمال وتذوقه کما أظهرت جماليات الآلة کامتداد لليد الإنسانية, وباستخدام الآلة في أعمال الفن تضاءل ما کان يعانيه الفنان من مشقه في تنفيذ أعماله الفنية, وفد أصبح من الممکن على ضوء الثورة التکنولوجية أن تنقل الآثار الفنية إلى قطاعات کبيرة من الجماهير خلال أجهزة العرض و الاتصال")[21](.

ونتيجة للتطور العلمي والتکنولوجي في إنتاج الخامات واستحداث العديد منها لأثر کبير في تکوين مفاهيم جمالية جديدة نحو استخدام الخامات في إبداع أشکال فنية مبتکرة ومتنوعة ولم يقتصر التشکيل على الخامات التقليدية فقط بل تعددت رؤى الفنان في الخامات المستحدثة والکشف الدائم عما هو جديد ومبتکر, وتأثر بذلک في النحت باعتباره فن بنائي يرتبط في إخراجه بالخامات ومستحدثات العلم في تطويرها إلى جانب الأساليب التقنية المتطورة في معالجتها بطرق مختلفة.

"ومفهوم التکنولوجيا کقوة مؤثرة في النحت الحديث يتأکد من خلال استغلال وسائلها المتطورة لتوفير الوقت والجهد و القدرة على سيطرة النحات يتعامل مع تلک الخامات بهدف الوصول إلى تقنيات لم تکن معروفة من قبل")[22](.

فسيطرت فکرة التکنولوجيا على النحاتين المعاصرين, وکان ذلک أثره الواضح على أعمالهم النحتية المتحررة من قيود الماضي والتصورات التقليدية وأثار التشکيل الکلاسيکي القديم، واتجه بعض النحاتين الشبان إلى المصانع وعملوا فيها لإنتاج و تصنيع الأجزاء التي يحتاجون إليها في صياغة أعمالهم الفنية بواسطة العمل على الماکينات والأجهزة التکنولوجية.

واتجه النحات الحديث إلى الإمکانيات الصناعية الثقيلة مستلهماً منها مادة لرؤيته الفنية، ومن ذلک يتضح أن التقدم التکنولوجي تتعدد طرق الأداء الحديثة وبالوسائل المختلفة التي أتاحتها الحضارة الصناعية, ازدهرت ناشطة باحثة عن قيم جديدة مسايرة للعصر ودافعة لإنتاج أفضل المستويات, وساعية لتنمية الحصيلة العلمية الخاصة بالفنون التشکيلية، وعلى ذلک فإن"الشخص المبتکر يحاول أن يکشف عن شئ جديد متميز أصيل في نوعه لم يسبق للعين أن رأته بهذه الصورة الجديدة من قبل, کما أنه من مميزات هذه العملية هضم الکثير من العناصر المستمدة من الطبيعة, ومن الحياة بوجه عام, ومن التقاليد البشرية في الفن هضم کل هذه المصادر وإعادة صياغتها في وحدة فريدة متميزة")[23](.

ومن ذلک فقد استثمر الفنان ما قدمه العلم, مستخدماً التکنولوجيا الحديثة في تنفيذ أعماله مما يساعد في توفير الوقت والجهد والحصول على ما کان يصعب الحصول عليه من قبل في تحقيق هيئات تشکيلية مختلفة ومتعددة في وقت وجهد أقل باستخدام مستحدثات العصر ونتاج العلم والتکنولوجيا العصرية, فبهذا نجد أن الفن يشتمل على جانب من العلم والعلم يشتمل على جانب من الفن أيضاً.

حيث يواکب الفن دائماً المعرفة والاکتشافات العلمية في جميع مراحل التطور الإنساني, ولقد تقلصت الفجوة بين الفن و التکنولوجيا, إذ أن کلاهما امتداد طبيعي لذاتنا ويقع على الفنان عبء تحمل مسئولية استيعاب هذه المعرفة العلمية المتفجرة في هذا الجيل, وترجمة کل ما يراه في هذا المجتمع الصناعي بطريقة وجدانية.

 

رابعاً : الأبعاد التشکيلية لإمکانات الخامة فى فن النحت:

 

إذا کان التقدم العلمي والتکنولوجي قد أحدث تحولات خاصة في الشکل والمضمون في الفن المعاصر, فإن من سمات النحت وهو أکثر الفنون تأثراً بهذا التقدم التکنولوجي للتطور الذي حدث في خامات متنوعة – أنه أکثرها استشعاراً لمقاومة المادة, لدى الممارس له, أکثر ما يمکن استشعارها في أي فن آخر.

ويجدر الإشارة إلى أن العمل النحتى لا يزول منه آثار المادة أو الخامة بل على العکس تتضافر فيه سائر العناصر المستخدمة في إنشاؤه وترکيبه مع قدرة الفنان لإظهار ثراء المادة ويمکن عن طريق هذا التکامل وإخراج عمل نحتي يستأثر الانتباه وذلک کما تضيفه الخامة من أبعاداً تشکيلية ابتکاريه على الأعمال الفنية النحتية. من حيث الجديد في الأساليب التقنية، ومن حيث إيجاد وسائط تشکيلية جديدة، وحلول جديدة للرؤى التشکيلية تتناسب والأبعاد الفکرية الجديدة لثقافة العصر کما نرى فى التکوين النحتى للفنان ألکسندر کالدر شکل (3), وتعتمد على الخامة وما نتج عنها من متغيرات فنية وممارسات تشکيلية وبالتالي أصبح النحات باحثاً في الخامة مستثمراً إمکاناتها, مقدماً الجديد من القيم والمفاهيم الجمالية، مما يؤدي إلى المزيد من الطلاقة الشکلية وحرية التعبير باستخدام خامات عديدة في الشکل النحتي, يتضمن قيماً فنية وتعبيرية وفکرية وفلسفية في شکل حلول تشکيلية للخروج بمفاهيم جمالية جديدة کما فى شکل (4) للفنان عبد الهادى الوشاحى، وشکل (5) للفنان صلاح عبد الکريم.

 

شکل (3) ألکسندر کالدر

شخص ، 1925 م ، بلاستيک وأسلاک معدنية

 

شکل (4) عبد الهادى الوشاحى

استشراف ،1993 م ، بوليستر

 

 

شکل (5) صلاح عبد الکريم

المسيح ، 1963 م ، حديد خردة  220×140 سم

خامساً: الخامة کوسيط و مثير إبداعي لدى النحات:

نتيجة للتقدم الصناعي في مجال إنتاج الخامات والأدوات والتى توفر للفنان الحديث أدوات ووسائط مادية مثيرة للإبداع الفني, فأصبح أمام الفنان کم هائل من الخامات المختلفة سواء من حيث ملمسها وألوانها وإمکاناتها التشکيلية والخصائص المميزة لکل منها عن الأخرى "ومع تعدد تلک الوسائط والأدوات التشکيلية القديمة والحديثة زادت حرية الرؤية الإبداعية للفنانين, نحو استخدامها في تحقيق أفکارهم الفنية, وتحول مرسم الفنان إلى ورشة لتشکيل الخامات التقليدية والمستحدثة, والغير مألوف من تراکمات ومخلفات الصناعة الحديثة والتکنولوجيا")[24](.

لذلک نجد أن "الخامة يمکن أن تکون مصدراً هاماً من مصادر الإبداع الفني, لکنها تظل مختفية عن الأعين طالما کان الإنسان غير مدرک لأهميتها فيمر عليها مروراً عابراً لا يمکن التوغل في قيمتها, وعلى ذلک کلما استطعنا استخدام خامات متنوعة مکننا ذلک من التعبير و الإنتاج بها, واکسبنا خبرات و مهارات تفتح الآفاق للاستخدامات الجديدة المتنوعة لهذه الخامات")[25](.

"فالخامة وسيلة من وسائل التعبير أو الإنتاج الوظيفي التي لها أهميتها, فقد وفر التقدم التکنولوجي في العصر الحديث العديد من المواد الخام التي يساعد استخدامها في تحقيق قيماً فنية جديدة ")[26](، فاختيار الخامات ومعالجتها خطوة ضرورية قبل عملية التشکيل بها والتعبير عن أفکاره، ويقول "ماهولي ناجي" M.Nagy :)[27]( "أن واجب الفنان في العصر الحالي هو اختراق الطبقات ليبحث عن أبعاد جديدة للمجتمع الصناعي, و يفعل ما وجد في شکل إيهامات وجدانية".

ومن هنا يتضح أن للفنان دور هام في أسلوب التشکيل للخامات المختلفة حيث تختلف أساليب التشکيل بالخامات من فنان إلى آخر تبعا لمقدرة الفنان وأفکاره حيث أن خضوع الفنان للتشکيل يستمد طاقته من وحي الخامة ذاتها وطبيعة الفنان المتفاعل مع هذه الخامة بالطريقة التي تتفق مع أحاسيسه وفکره أثناء تعايشه مع الخامة لإنتاج العمل الفني, فيظهر العمل الفني في هيئة تشکيلية مبتکرة وجديدة ترجع إلى يد الفنان التي أخرجت العمل الفني على هيئته التشکيلية المبتکرة, فالخامة تظل بعيدة عن الأنظار غير مدرک أهميتها ما لم تلمسها يد الفنان الذي يعيد توظيفها في صياغات جديدة و بجهد إبداعي. ولقد "تناول الإنسان الخامات منذ أقدم العصور وعرف خصائصها واستطاع أن يتعامل معها بما يتناسب وفهمه لإمکاناتها, ومهما تنوعت الخامات باختلاف البيئات فالثابت هنا أنه رغم هذا التعدد فإن الإنسان في کل بيئة کان يجد لنفسه طريقة يتعامل بها مع خاماتها ")[28](.

   والخامات تعتبر من أهم مصادر الإبداع الفني في مختلف المجتمعات ويقع على عاتق الفنان اختيار ما يتناسب في إنتاج عمله الفني, فهناک بعض المعايير التي يجب أن تتوفر في الخامات عند اختيارها لتنفيذ العمل الفني بجانب معطياتها الجمالية وخصائصها الملائمة للعمل الفني ألا وهي: " سهولة استخدام الخامة ومدى ملاءمتها من الناحية الاقتصادية للاستخدام مما يعد أمراً هاماً من الأمور الواجب توافرها في اختيار الخامة الخاصة بالتشکيل الفني, کما أن الاستغلال الأمثل ومراعاة الخبرة والحداثة في اختيار الخامات, له دور هام في الإبداع الفني, وذلک لا يعني تقديم الحديث فقط ولکن إلهام هنا في أسلوب التناول نفسه.

حيث يمکن إعادة اکتشاف وإحياء الخامات التقليدية من جديد فعلى الفنان يقع العبء الأکبر في اختيار الخامات وحسن تقديمها من جديد(التقليدي منها والحديث) وهناک العديد من الأمثلة الکثيرة, من الخامات الحديثة المبتکرة ونجد في کل حالة مظهراً غير ثابت لأنواع التعبير الفني وخاماته "([29])، ولقد أصبح الفنان في سعي مستمر للبحث والتجريب ومعرفة معلومات وافية عن الخامات وصار أکثر معرفة بتکنولوجيا الخامات وطرق معالجتها، ونجد أن تلک الفضلات أو الأجزاء الناتجة من الصناعات المختلفة والمتبقية من الخامات الأصلية والبقايا من الأدوات المنزلية المستهلکة وصاج العربات القديمة وهى إما أن تکون ذات شکل منتظم أو غير منتظم يمکن أن تکون عملا فنياً کما نرى فى النحت البارز شکل (6) للفنان فلاديمير تاتلين. 

و يقول " جيروم ستولينتز " G.Stolinitz " المادة الخام لا تکتسب صيغة فنية فتصبح مادة إستطيقية Aesthetics إلا بعد أن تکون يد الفنان امتدت إليها فخلقت منها محسوساً جمالياً"([30])، "والخامة تمثل دائماً محوراً هاماً في علاقاتها بالعملية الإبداعية فالخامة هي الوسيط المادي الذي به ومن خلاله يتم التعبير والتشکيل بکافة أنواع طرق التنفيذ المتاحة لکل منها ومن خلالها أيضاً يتم تجسيد واستشعار القيم والمعايير الفنية الجمالية, ومن ثم فدراسة الخامة تعتبر أساساً حيوياً, نقف من خلاله على مدى تقدم الفکر التشکيلي فنياً وإبداعيا حيث ينعکس على الخامة فکر العصر ورؤيته الحضارية في کل حقبة زمنية, وأيضاً تتابع هذه الحقب عبر تاريخ المجتمعات، وأصبح أمام الفنان إمکانات جديدة مکنته من تحقيق أفکاره الثورية فاخترق النحات الحديث الکتل الصلبة بالفراغات وأصبح الفراغ عنصراً تشکيلياً قائماً بذاته في تکوين العمل الفني " فصار الشکل المجسم في مجموعة يرى في النهاية کمجموعة من الأحاسيس والانفعالات في صورة منظمة في داخل التکوين ما يحتويه من عناصر الکتلة والفراغ, فإن الوعي الحاوي لکل هذا هو بلا شک الخامة التي عن طريقها يستطيع الفنان أن يجسد أفکاره  "([31])، ويخوض فى تجار جمالية من خلال خامات ووسائط تشکيلية لم تکن مستخدمة من قبل کما نرى الأشکال (7: 10).

 

شکل (6) فلاديمير تاتلين - نحت بارز - 1915م

معدن، خيش، قماش

 

شکل ( 7) دان فلافين

بدون عنوان ،1987 م ، مصابيح فلوريسنت ملونة – 244سم

 

 

شکل (8) مارسيل دوشامب
الزجاج الدوار باستخدام  موتورات ، 1920 م

 

 

شکل (9) هانز هيلمن .

بناء سلکى ، سلک معدنى ،خشب.

 

 

شکل (10)  الفنان سيزار ، علب مضغوطة ،1962م

المتحف الدولى للفنون الحديثة ، باريس.

نتائج البحث:

  1. تأثرت الخامات بروح العصر فاختلفت الخامات وتعددت تبعاً لاختلاف العصور وطرق التناول فنياً.
  2. الخامة أو الوسيط المادى للعمل الفنى يؤثر ويرتبط ارتباطا کليا بقيمة العمل الفنى.
  3. يستغل الفنان الخامات کوسائط وعامل مساعد في التعبير عن أفکار.
  4. تعد الخامة أساس کل ظاهرة جمالية، فهى تحدد الشکل وتصنع له شروطه.
  5. الخامة في الفن الحديث لها دور هام في إکساب العمل الفني قيم شکلية ولونية وملمسية.
  6. الخامة في الفن الحديث أداة يحقق من خلالها الفنان أهدافه الفنية حيث تساعده على تجسيد أفکاره و مشاعره في أشکال فنية جديدة ومبتکرة.
  7. اعتمد النحت الحديث على التشکيل بخامات مختلفة ومتعددة الإمکانات التشکيلية والتعبيرية.
  8. تحتل الخامة في فن النحت المرتبة الثالثة مباشرة في تحديد شکل العمل المنحوت، بعد المؤثرات البيئة و الفکرية .
  9. الخامة لها دور کبير فى توجيه فکر الفنان النحات فى العصر الحديث.
  10. لم يقتصر دور التطور الصناعى والتکنولوجى فى تقديم خامات وتقنيات مبتکره وغير تقليديه فقط، بل أسهم کذلک بصوره فعاله فى تطور الأدوات والوسائط والآلات التى ساهمت فى تطوير أداء النحات التقني.
  11. مفهوم التکنولوجيا کقوة مؤثرة في النحت الحديث تتأکد من خلال استغلال وسائلها المتطورة لتوفير الوقت والجهد و القدرة على سيطرة النحات على الخامات.
  12. التقدم العلمي والتکنولوجي أحدث تحولات خاصة في الشکل والمضمون في النحت المعاصر.
  13. الخامة يمکن أن تکون مصدراً هاماً من مصادر الإبداع الفني, لکنها تظل مختفية عن الأعين طالما کان الفنان غير مدرک لأهميتها .
  14. الخامات تعتبر من أهم مصادر الإبداع الفني في مختلف المجتمعات ويقع على عاتق الفنان اختيار ما يتناسب في إنتاج عمله الفني.
  15. وإثراء مجال التشکيل المجسم ، وبين إعلاء القيم التعبيرية فى العمل النحتى

التوصيات :

يوصى البحث بما يلى :

  1. ضرورة استغلال التقدم العلمى والتکنولوجى وما يتضمنه من أساليب وتقنيات مستحدثة مما يساعد على فتح أفاق جديدة يستفيد منها الدارس فى مجال النحت وحل مشکلاته الفنية .
  2. بان تقوم جميع الجهات المختصة بالفن بالتشجيع على البحث والإبداع والابتکار وکيفية القدرة على معالجة الخامات الطبيعية والمصنعة المتوفرة فى البيئة ، وطرق تشکيلها وصياغتها
    والتوليف بينهم .
  3. أن تقوم الجهات المختصة بالفن بعمل مسح شامل للخامات الطبيعية والمصنعة المتوفرة فى مصر، ومعرفة ما يمکن الاستفادة منها فى إنتاج أعمال فنية مبتکرة .
  4. ضرورة القيام بدراسات تجريبية للکشف إمکانات تشکيلية جديدة للخامات المختلفة للاستفادة منها فى إثراء برامج تدريس النحت .


 

1-محمود البسيونى:" الفن في القرن العشرين" ,الهيئة المصرية العامة للکتاب ,القاهرة,2001, ص 213.

2-مجدي السيد محمد البذرة :"القيم التعبيرية لاستخدام بقايا القشرة الخشبية في التصوير لأعداد معلم التربية الفنية",رسالة دکتوراة  ,غير منشورة,کلية التربية الفنية ,جامعة حلوان ,1997,ص 2.

3 -محمد أبو ريان : "فلسفة الفن ونشأة الفنون" ، دار المعرفة ،جامعة إسکندرية ، 1987، ص99.

1-مجمع اللغة العربية : معجم الفاظ الحضارة الحديثة،" مصطلحات الفنون"، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، مصر، 1980م، ص 57.

2- حمدي خميس : التذوق الفني ودور الفنان والمجتمع ، دار المعارف ، القاهرة ، ص 51

3- اميرة حلمى مطر :" مقدمه فى علم الجمال "، دار الثقافه للنشر والتوزيع، القاهره، 1979، ص 31.

4- .جيروم ستولتير : النقد الفنى دراسة جمالية وفلسفية ، ط، ترجمة فؤاد زکريا، الهيئة المصرية العامة للکتاب، القاهرة، 1981،ص217.

1- إيهاب محمد الزهرى :" الجمال الطبيعى للخامة وتناولها فى الفن قديما وحديثا (دراسة نقدية مقارنة)"،رسالة ماجستير،کلية التربية  الفنية،ج حلوان ، القاهرة ،2000م.

2 - Herbert Read : The Meaning Of Art , Apelican Book ,1987,P267 .

        

 

3 -  Herbert Read ,: Op.Cit,p42.

         

1- Herbert Read , The Meaning of Art ,Apelican Book , 1987 ,P.267

2 - Robert Maillard :New Dictionary of  Modern Sculplure, Tudor, N.Y ,1971, P.141 , 218.

1 -James J.Kelly : The Sculaptural Idea ,Burgess ,New York , 1981,P.101.

[14] - John Mills : The Technique of  Sculapture, Bt, Batsford , London , 1966 ,P. 19

[15] - ثروت عکاشة:فن النحت في مصر القديمة و بلاد ما بين النهرين دراسة مقارنة , الدار المصرية اللبنانية , ط1,القاهرة , 1993,ص 99.

[16] - Krisztina Pasuth : Moholy Nagy, Thames & Hedson, Ltd,London,1985,P357

1 - H. Read : Aconcise History , Modern Sculpture , Thames & Hudson, N. Y., Reprinted , 1987, P.258

1-Wayne Graven :" American Art History and culture ", Harry N. A brams , publishers , New York , 1994 , p 491

[19] -زکية سيد رمضان :"تزاوج خامات الشکل المجسم في النحت الحديث و أثرة على القيم الجمالية للعمل الفني دراسة تجريبية" , رسالة  دکتوراة , کلية التربية الفنية , جامعة حلوان , القاهرة,2000 م – ص 39.

[20]  -زکية سيد رمضان ـ: مرجع سابق, ص 39.

[21] - المرجع سابق، ص 40.

[22] - Donald J.Irving :Sculpture Material and process , Von. Nostrand , Dahn Werk stattbrcht Nr. 7 ,1993 , Arbeiten offentlichten raum , P.118

[23]  - محمود البسيوني : "العملية الابتکارية ", دار المعارف , القاهرة , 1964 م , ص 23.

[24]  - Ray Faulkner, Eziegfeld: Art Today – Halt Rinchart&Winston Inc,New York , 1969,P.469

ج

[25] - محمود البسيوني " قضايا التربية الفنية " عالم الکتب , ط2 , القاهرة , 1969 , ص227

[26] - سليمان محمود حسن : دور الخامات البيئية في التشکيل الفنى , مجلة دراسات و بحوث , المجلد الخامس , العدد الثالث , جامعة حلوان , 1982م , ص37

 

[27] - Krisztina Passuth : Moholy Nagy, Thames&Hedson, Ltd,London , 1985,P357

 

[28]  - سليمان محمود حسن : دور الخامات البيئية في التشکيل الفني , مرجع سابق , 1982م , ص35

 

 - [29] محمود البسيوني : مبادئ التربية الفنية , دار المعارف , القاهرة , 1989 , ص 146

[30]  -جيروم ستولتير:النقد الفني دراسة جمالية و فلسفية , ط 2, ترجمة فؤاد زکريا , الهيئة المصرية العامة للکتاب ,القاهرة , 1981, ص322

 

[31]  -زکية سيد رمضان : مرجع سابق , 2000 , ص 49

المراجع :
 
(1): الکتب العربية والمترجمة :
1-ثروت عکاشة:"فن النحت في مصر القديمة و بلاد ما بين النهرين"، دراسة مقارنة , الدار المصرية اللبنانية , ط1,القاهرة , 1993.
2-جيروم ستولتير : النقد الفنى دراسة جمالية وفلسفية ، ط، ترجمة فؤاد
زکريا، الهيئة المصرية العامة للکتاب، القاهرة، 1981.
3-حمدي خميس : التذوق الفني ودور الفنان والمجتمع ، دار المعارف ، القاهرة .
4-سليمان محمود حسن : "دور الخامات البيئية في التشکيل الفني" , 1982م.
5-محمود البسيونى:" الفن في القرن العشرين" ,الهيئة المصرية العامة للکتاب ,القاهرة,2001.
6-ـــــــ: "مبادئ التربية الفنية ", دار المعارف, القاهرة  1989.
7-محمد أبو ريان : "فلسفة الفن ونشأة الفنون"، دار المعرفة ،جامعة إسکندرية ، 1987.
(2): الرسائل العلمية :
8-إيهاب محمد الزهرى:"الجمال الطبيعى للخامة وتناولها فى الفن قديما وحديثا" (دراسة نقدية مقارنة)"،رسالة ماجستير،کلية التربية الفنية،ج حلوان،القاهرة ،2000م.
9-زکية سيد رمضان :""تزاوج خامات الشکل المجسم في النحت الحديث و أثرة على القيم الجمالية للعمل الفني- دراسة تجريبية" , رسالة  دکتوراه , کلية التربية الفنية , جامعة حلوان , القاهرة,2000
10-مجدي السيد محمد البذرة :"القيم التعبيرية لاستخدام بقايا القشرة الخشبية في التصوير لأعداد معلم التربية الفنية",رسالة دکتوراه  ,غير منشورة,کلية التربية الفنية , جامعة حلوان ,1997.
 (3) : المجلدات و القواميس والدوريات العربية :
11- معجم ألفاظ الحضارة الحديثة :"معجم اللغة العربية" ،الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية،
القاهرة ، 1980 .
 
(4) : المراجع الأجنبية :
12 - Herbert Read : The Meaning Of Art , Apelican Book ,1987,P267 .
13 -  Herbert Read ,: Op.Cit.
14- Herbert Read , The Meaning of Art ,Apelican Book , 1987
15- Robert Maillard :New Dictionary of  Modern Sculplure, Tudor, N.Y ,1971.
16 -James J.Kelly : The Sculaptural Idea ,Burgess ,New York , 1981,.
17- John Mills : The Technique of  Sculapture, Bt, Batsford , London , 1966
18- H. Read : Aconcise History , Modern Sculpture , Thames & Hudson, N. Y., Reprinted , 1987.
 (5): المواقع الالکترونية :
19–http://fusionanomaly.net/naumgabo.html.
20– http:/home.clara.net/clara.net/d/i/g/digger/web space/sixties/