نوع المستند : مقالات علمیة محکمة
المؤلف
معيدة في جامعة أم القرى کلية الفنون والتصميم الداخلي قسم السکن وإدارة المنزل
المستخلص
الموضوعات الرئيسية
تقديم :
يمثل التراث حياة کاملة تشمل الفکر والعقائد والممارسات والطاقات الفردية والجماعية وتجسيدا لحوارية الإنسان مع الطبيعة بکل معطياتها ، ففيه تکمن الأصالة وبه يتحقق الاستمرار ومنه تکون المعاصرة ، وهي الأسس الثلاثة التي لابد منها في مقولة التطور . فالتراث تعبير صادق عن الوحدة والاستمرارية والخصوبة وهو بلک يمثل شيئا مسبقا وأوليا وختاميا فهو يسبق کل توليفة تکوينية ويستمر في البقاء بعد کل تحليل نقدي وفکري عميق .
إن عدم احترام التراث هو اعتراف بعدم الأصالة وعدم وجود جذور للکيان الحاضر . وبقدر ما تکون حياة الإنسان هي استمرارية للماضي وامتدادا له بقدر ما تکون الرموز المعمارية التراثية والقيم المستحدثة في الماضي ما زالت تحمل لهذا الإنسان دلالات لهوية الحاضر ، فتسخير هذه الرموز والقيم بلغة الحاضر بمقوماته وحيثياته المختلفة يتمکن الإنسان من التعبير عن خصوصياته المعاصرة واستنباط أشکال مبتکرة لتکون بداية الطري نحو تأصيل القيم المعمارية والعمرانية في الوقت الحاضر والانطلاق المتوازن نحو المستقبل لنؤکد بذلک العمارة التراثية الإسلامية على صفتها المعاصرة . ( عشي ، 1999م ، ص 2)
وقد زخرت العمارة التقليدية في منطقة الحجاز بالعديد من العناصر والوحدات المعمارية التي لازمت نشوءها وتطورها ، وکان وراء وجود کل عنصر من هذه العناصر فکر معين وفلسفة خاصة به ، والأفنية الداخلية والرواشين من أهم هذه العناصر التقليدية التي لهما الأثر البالغ الأهمية في التغلب على مشاکل المناخ والبيئة ولهما أهميتهما الاجتماعية والدينية والجمالية النفسية والصحية مما جعل لهما مکانة هامة في المساکن الحجازية التقليدية . وکان القاسم المشترک فيهما هو تحقيق الخصوصية للساکنين في المقام الأول والذي يدور حول مفهومه هذا البحث.
فإن مسألة السترة أو الخصوصية هي أهم قيمة دينية واجتماعية وثقافية نحس بفقدانها من خلال التصادم بين نماذج مبانينا المستوردة وسلوکنا اليومي ، فقد تطورت المباني في ظل الفکر الغربي الذي قلص أو غيّب دور القيم الإسلامية والأخلاقية في حياة المجتمع الحجازي فأصبحت المساکن نموذجا مفتوحا على الخارج لا يعير اهتماما کبيرا لمسألة السترة والخصوصية . ( بن حموش ، 2006 م ، ص 110)
لذلک فإن معالجة المشکلات المعمارية في المسکن المعاصر تتطلب إعادة لدراسة وصياغة وتوظيف العناصر المعمارية التقليدية التي کان هي الحل المناسب للبيئة المحيطة وإيجاد حلول وأنماط معمارية تتلاءم مع الفکر الحديث في العمارة والتصميم .
مشکلة البحث :
إن تحقيق مبدأ الخصوصية في المسکن الحجازي المعاصر هو من أهم الأمور التي يجب أن يراعيها المصمم المعماري في عملية التصميم وذلک من خلال معالجة الفراغات في المسکن بأسلوب يناسب هذا المبدأ ، لکن ما نجده الآن في المساکن المعاصرة هو عدم تحقيق الخصوصية ، ويرجع ذلک للانفتاح الفکري نحو الغرب وتقليد أنماط جديدة ليس لها موروث محلي ولا تناسب مجتمعنا المسلم.
وقد کان للعمارة التقليدية الحجازية تميز واضح في تحقيق مبدأ الخصوصية ، ويعتبر الفناء الداخلي والروشان من أهم العناصر التي تحقق هذا المبدأ بالإضافة إلى بعض العناصر الأخرى لکن هذين العنصرين يعتبران الأکثر أهمية وتميزا في العمارة التقليدية حيث أن فراغات المسکن الأخرى تتمحور حول الفناء الداخلي أما الروشان فهو يعتبر وسيلة الصلة لسکان المنزل مع المحيط الخارجي للمسکن .
وتتمحور مشکلة البحث في التساؤل التالي :
هل يمکن إعادة صياغة وتوظيف العناصر المعمارية التقليدية في المسکن الحجازي المعاصر بما يتناسب مع التطور المعماري ويحقق الخصوصية في آن واحد ؟
هدف البحث :
يهدف هذا البحث بشکل رئيسي إلى إيجاد حلول منهجية يمکن من خلالها الوصول لمعالجات معمارية تطبق العناصر المعمارية التقليدية وتوأمتها مع المساکن الحجازيةالمعاصرة لتحقيق مبدأ الخصوصية .
منهجية البحث :
لتحقيق أهداف البحث سوف تتبع الباحثة المنهج الوصفي التحليلي وذلک من خلال تناول النقاط التالية :
الخصوصية : Privacy
تعريف الخصوصية لغويا :
تعرف الخصوصية بصورة عامة على أنها القدرة على التحکم في اقتراب الآخرين من الشخص أو تقديم معلومات عن النفس .
وتنطوي الخصوصية على اختيار الانسحاب من مواقف الاندماج مع الأشخاص الآخرين وکذلک القدرة على التحکم في مقدار التفاعل الذي نرغب في إقامته معهم . (الطياش ، 1427 هـ ، ص 59 )
الخصوصية في العمارة :
تعني الخصوصية في العمارة " التفرد " بصفات معينة تنبع من الهوية وتميز مجتمعا معينا بعمارة لها شکل ولون وتکوين وذاتية ومواد بناء نابعة من ثقافة وتقاليد وبيئة المجتمع . وقد دللت البحوث والدراسات على أن خصوصية العمارة الإسلامية هي أنسب الصيغ المعمارية وأکثرها ملائمة لنا حيث الاستفادة بمنافع المباني واتساقها مع المناخ والظروف البيئية والاجتماعية السائدة . إن المناداة بخصوصية العمارة يهدف أساسا إلى العودة إلى العمارة الإسلامية العربية والبعد عن تقليد العمارة الغربية إلا أن هذا المفهوم ما زال يصطدم بمفهوم آخر هو المعاصرة واستخدام التقنيات المعمارية الحديثة التي جاءت أصلا من الغرب . (الطياش ، 1427 هـ ، ص 245 )
أهمية مبدأ الخصوصية في المسکن :
تعتبر الخصوصية المعيار الأکثر فاعلية عند تصميم المنزل ويحرص الساکن على أن يکون هناک عزل تام بين الرجال والنساء دون المساس بوظائف فراغات البيت المختلفة لذا فالمنزل التقليدي والمنزل الحديث لا يخلوان من تکرار الفراغات . فمثلا يوجد غرفتي إستقبال واحدة للرجال والأخرى للنساء لتحقيق العزل بين الجنسين بالإضافة إلى العزل في المداخل ومراعاة اتجاه فتحات الشبابيک کي لا تطل على الجار أو لا يرى الجار من بداخل الغرف من خلال الشباک لذا انتشرت السواتر المعدنية أو الخشبية لحجب الرؤية من الخارج للداخل . بالإضافة على تغطية فتحات الشبابيک بالستائر السميکة (الطياش ، 1427 هـ ، ص 245 )
وفي مجال التصميم المعماري للمسکن فقد تعرض لتغير کبير نتيجة للسبب الرئيسي الأساسي وهو عملية التطور والتغريب الذي حصل في البلاد العربية وما يتبعه من أسباب فرعية أخرى . فلقد تم استبدال نظام البيت المفتوح على الداخل ووجود الفناء في قلب المنزل الذي کان يتميز به المنزل العربي التقليدي محققا الخصوصية التي يتطلبها نظام العائلة العربية واستبداله بنظام الانفتاح على الخارج الذي تفتح فيه حجرات المعيشة على المنازل المقابلة والشارع والضجيج . واستبدل الروشان وهو العنصر الأکثر تميزا في المسکن التقليدي في المنطقة الغربية بالشبابيک الزجاجية التي لم تکن حلا معماريا صحيحا في البيئة الإسلامية المحافظة . وترتب على ذلک على ذلک ضرورة وجود أسوار عالية وإحکام إغلاق النوافذ الزجاجية وتغطيتها بالستائر الثقيلة لتأمين الخصوصية الأمر الذي أدى إلى حجب الضوء وتيارات الهواء من غرف المنزل . وهذا التغيير في شکل البيت قد أدى إلى تغيير کامل في حياة ساکنيه وانعدام الألفة بينهم وبين منزلهم وأدى إلى اختلال لوظائف فراغاته وفقد القيم التي يقوم عليها لتوزيع الفراغات وعناصر المبنى ومن ثم وظائفه مما أدى إلى اختفاء وطمس للمعاني الرمزية التي کانت تشکل معظم عناصر البيت حيث تم استبدال مکونات البيت التقليدية إلى مکونات جديدة لا قيَم لها ولا معاني رمزية تربطها بحياة الساکن وتقاليده وعاداته . (حمودة ، 1987م )
ولا يخفى الضرر الذي لحق بالمجتمع جراء هذا التغيير في کل جوانب الحياة وما صاحبه من فقدان المجتمع لهويته التقليدية وضياع هوية المدينة التي کانت مصدرا هاما للقيم والمعاني الرمزية . وما نطالب به الآن هو محاولة إعادة تلک القيم واکتشاف للمعاني الرمزية داخل محيط حياة المجتمع ومن خلال فراغات مسکنه . إن ما نعيشه الآن هو واقع لا نستطيع إنکاره أو التملص منه ويجب علينا مجاراة هذا التطور وقبوله لأن کل التيارات تسير مع هذا الواقع وتؤکد استمراريته . بالإضافة إلى إبراز الجوانب التراثية ودراستها واکتشاف معانيها الرمزية وکيفية تطويعها مع الحاضر وذلک خوفا من فقدان لکل تلک القيم الأصيلة . ( الطياش ، 1427هـ ، ص 37 )
مفهوم المسکن المعاصر :
المعاصرة تعني واقع معيشتنا للحاضر والمستقبل ومدلول المعاصرة بالنسبة لفن العمارة هو التفاعل المتجدد للفکر المعماري مع نمو الحياة المستر . فالعمارة کالکائن الحي ، حياتها مرتبط بديناميکية الوجود الکلي . فإذا تخلفت عن معاصرته تجمدت وفقدت روح الحياة . ومفهوم المعاصرة العلمي لا يعني الحداثة والرقي حيث نرى کثيرا من الأعمال التي تعتبر ناجحة في بلد وغير ناجحة في بلدان أخرى نتيجة عدم توافق هذه الأعمال مع مناخ وموقع تلک البلدان وعادات وتقاليد وأسلوب حياة أهلها . ( الطياش ، 1427 هـ ، ص 101 )
إن المفهوم الشکلي المقصود بالبيت المعاصر في هذه الدراسة يعني الفيلا الموجودة ضمن قطعة أرض بسور يتخلله عدد من البوابات وهذا البيت عادة مؤلف من طابقين ومحاط من الخارج بفراغ ارتدادي يفصل بينه وبين حائط السور مسافة لا تقل عن المترين .
هي المساکن التي تم بناؤها في الأربعين سنة الأخيرة والتي خرجت بأشکالها عن النظام التقليدي السائد قبل هذه الحقبة الزمنية .
الفناء الداخلي :
أجمعت التعاريف اللغوية للفناء على أنه إما الباحة التي تتوسط کتلة المبنى أو المساحة التي تمتد من حوله إلا أنه بإضافة کلمة "داخلي" يتخذ البناء المعنى الأول ويعرف عندئذ الفناء الداخلي بأنه الباحة التي تتوسط المبنى .
هو الفراغ الداخلي المفتوح للسماء والذي ينغلق عليه المبنى التقليدي الإسلامي ، وتحيط بع الغرف والفراغات المختلفة في المبنى ، وله العديد من الخصائص والمزايا ليس على مستوى المبنى فقط وإنما على المستوى العمراني العام للمدينة . ( عشي ، 1999 م ، ص 11 ، 12 )
|
أهمية الأفنية الداخلية في المساکن التقليدية :
اکتسبت الأفنية الداخلية في المساکن التقليدية وجودها وتشکيلها من المنبع الأساسي لحضارة الإسلام ، حيث اعتبر التوجه نحو الداخل حيث الأفنية الداخلية من أهم الأسس التي قام عليها الفکر المعماري العربي بعد الإسلام وذلک انعکاسا لاهتمام المسلم بجوهر الأمور وليس بظاهرها ، فشکلت هذه الأفنية حلقة رابطة مميزة لمعظم العمائر التقليدية ، فانتظمت حولها العناصر المختلفة متمتعة بخصائصها ومميزاتها العديدة ( شکل 2). ( والي ، 1992 م )
|
إن هذا التوجه للداخل إنما هو مفهوم إسلامي يوجه مشاعر الإنسان المسلم إلى داخله غير المرئي والمملوء بالهدوء والسلام بعيدا عن النظم الهندسية والعقلانية الصارمة الخالية من المشاعر . ( رأفت ، 1997 م )
وتتلخص الأسس والمعايير التصميمية للأفنية الداخلية في النقاط التالية :
1. يمثل الفناء الداخلي قلب المسکن التقليدي وواحدا من أهم العناصر المعمارية في تصميمه وتشکيله .
2. يتخذ الفناء الداخلي في البيت العربي أهميته باعتبار المکان الذي ينعم فيه أفراد الأسرة بالخصوصية والأمان ويمارس فيه نشاطاتهم وأعمالهم المختلفة بالإضافة إلى أنه يعد مکانا مريحا للعب الأطفال والإشراف عليهم .
3. تستمد الفراغات المعمارية التي حول الفناء التهوية والإنارة وتتصل معظم عناصر المسکن بالفناء اتصالا مباشرا کالأروقة والايونات والمقاعد والشرفات . ( عشي ، 1999 م ، ص 83 )
4. ارتباط وتفاعل الإنسان مع الطبيعة وما خلفه هذا التفاعل من استقرار نفسي وبعد عن التوتر والانزعاج حيث حقق الخروج إلى الطبيعة من الفراغات الداخلية والتمتع بها بصريا من الداخل متعة التناقض بين المقفل والمکشوف والتمتع بالخضرة التي هي في ألوانها راحة للنفس.
5. ملائمة المساکن ذات الأفنية الداخلية لشروط البيئة والمناخ في المنطقة العربية وذلک بتحقيق أکبر مساحة ممکنة من الظلال وتنظيم الحرارة وتأمين التهوية الطبيعية وتحقيق أکبر قدر ممکن من الراحة الحرارية أثناء النهار والليل حسب التغيرات المناخية خلال فصول السنة .
6. تعمل النباتات والأشجار في الفناء الداخلي على زيادة الرطوبة بطرحها لبخار الماء عن عملية التمثيل الضوئي والنتح والذي بدوره ينقص حرارة الهواء الملامس له ويلطف الجو بالإضافة إلى تخليص الهواء من ذرات الغبار العالقة به ، وتؤدي المسطحات المائية في الفناء نفس الدور فتزيد الرطوبة وتبرد الهواء المار فوقها وتزداد فعالية هذه المسطحات کلما تم تحريک المياه فيها کاستخدام النافورات .
7. الحماية من الضوضاء وذلک لبعد الفناء عن الشوارع الخارجية والجوار ووجود أکثر من عازل يفصله عن مصدر الضوضاء والتلوث السمعي .
8. إضفاء لمسة جمالية داخل المسکن حيث أصبح کحديقة مصغرة تزخر بالظلال والأشجار والنباتات والمياه الجارية والهدوء .
مميزات الفناء الداخلي في المسکن الحجازي المعاصر :
إن احتواء البيت على فناء داخلي مکشوف قابل للتغطية له عدة مميزات للمسکن وساکنيه فهو يحقق الخصوصية لساکني البيت ويعطي التهوية الجيدة والضوء الطبيعي للفراغات المجاورة دون أن يضطر ساکني المنزل بالاستعانة بالفتحات الخارجية للمبنى ، بالإضافة إلى أن الفناء الداخلي يمد الساکن بمرونة استخدام الفراغات المجاورة للفناء - في حال عدم عزل الفناء الداخلي بالزجاج عن الفراغات المجاورة – وهو بذلک يؤمن الإرتباط البصري والنفسي والفراغي لفراغات البيت المحيطة بالفناء الداخلي . أيضا نجد أن وجود فکرة الفناء الداخلي تُمَکِّنْ المصمم المعماري من وضع تصاميمه بيسر وسهولة کما تعطيه فرصة توجيه الفراغات الداخلية لابتکار تصميم محلّي الصبغة .
أسباب تغير مفهوم الأفنية الداخلية في المسکن المعاصر :
تأثرت الأفنية الداخلية ( باعتبارها إحدى عناصر المسکن التقليدي ) بالتغيرات الفکرية والتغريب العمراني الذي تعرضت له أغلب المدن العربية وطال العمارة فيها فتغير مفهومها واختلفت تفاصيلها وأشکالها وتأثرت استخداماتها ووظائفها وفي أحيان کثيرة فقدت أهميتها ومسببات وجودها والتي أمکن تحديدها في النقاط التالية :
1. التغير في مفهوم تصميم المسکن من ( التوجه إلى الداخل) إلى ( التوجه إلى الخارج ) وذلک بعد انبهار العرب بالطرز الغربية وتقليدها حرفيا .
2. التحرر الاجتماعي وتناقص الاهتمام بخصوصية الأسرة وبذلک فقدت الأفنية الغاية منها اجتماعيا .
3. صغر المساحات المخصصة للبناء ووجود الارتدادات حول المنزل حسب أنظمة وتشريعات البناء الحديثة وبالتالي فإن الفناء الداخلي سيشکل عبئا على مساحات الغرف والفعاليات الأخرى في المبنى .
4. تأثير التقدم الصناعي والتکنولوجي في تنظيم الحرارة والتهوية والترطيب مما أفقد الفناء الداخلي أهميته في المحافظة على برودة المبنى .
5. في بعض المساکن التي احتوت على الفناء الداخلي نجد أنها منعزلة عن الفراغات المجاورة بزجاج عازل ووجود مدخل واحد للفناء وذلک رغبة من أصحاب المنزل في حفظ برودة الفراغات المجاورة وخوفا من دخول الغبار والأتربة لأرجاء المنزل ، فنجد بذلک أن فراغ الفناء الداخلي لم يخدم ساکني المنزل بل بالعکس أصبح عائقا ويأخذ مساحة لا يستفاد منها في البناء الاستفادة الأمثل خصوصا في الأبنية المتعددة الطوابق .
الروشان :
تعريف الروشان في اللغة :
اختلفت المصادر في أصل کلمة روشان ومدى اشتقاقها فهناک من رجح أن الکلمة من أصل فارسي مستنداً إلى القاموس الفارسي الذي أورد کلمة ( روشن ) وتعني مضيء أو متلألئ أي المکان الذي يتلألأ فيه الضوء ( حسنين ، 1982 م ، ص 308) . کما أن کلمة روشندان في الفارسية تعني المکان الذي يدخل منه النور ، وهناک من رجح أن کلمة روشان ترجع إلى الأصل الهندي ( روشاندان ) فکلمة "روشان" تعني الضوء وکلمة "دان" تعني معطي أي " معطي الضوء" ( حريري ، 1991 م ، ص 184 )
|
الروشان في العمارة :
يعرف الروشان بأنه دکة ذات نوافذ تعمل في الفتحات الخارجية للمسکن ويعتبر أهم مجلس في المنزل وهو عبارة عن دکة مبنية من الحجر توضع لها نوافذ کبيرة من الخشب بحيث تدخل الهواء من ثلاث جهات وتستعمل لها نوافذ خشبية مزدوجة متحرکة بحيث تتحرک السفلى إلى تحت والعليا إلى فوق ( شکل 4ـ5) ( مغربي ، 1982م ، ص 78) ، وفي تعريف آخر ان الرواشين في منطقة الحجاز هي عبارة عن نوافذ بارزة إلى خارج المبنى ومغلفة ومحاطة بسواتر خشبية مزخرفة ، وتبنى هذه الرواشين من هيکل خشبي بارز ممتد من الجدار للخارج ويرکب على الفتحات بعد تجهيزه وتصنيعه بالزخارف المرغوبة ، ويترک بلونه الطبيعي وقد يدهن بالطلاء أو يصبغ في بعض الأحيان ( المرحم ، 1421 هـ ، ص 177ـ178 )
وقد اشتهرت بلاد الحجاز بصناعة الرواشين وتزيين المساکن والمباني العامة به وأصبحت الرواشين صفة مميزة لهذه المباني التي اتسمت بالعراقة والفن المعماري المتأصل .
الوظائف النفعية والجمالية للرواشين :
تمثل الرواشين في المساکن التقليدية قيمة فنية وجمالية عالية بالإضافة إلى قيمة وظيفية کبيرة ، حيث أنها أصبحت مَعلَماً متميزا في المساکن التقليدية في الحجاز وتتلخص هذه الوظائف فيما يلي :
1. تحقيق الخصوصية لأهل المسکن فهي تعتبر منظور شرعي ومظهر اجتماعي هام ، فقد صممت هذه النوافذ الخشبية البارزة بحيث تسمح لسکان المنزل خاصة السيدات برؤية ومتابعة ما يحدث في الشارع أسفل المبنى دون التعرض لأعين المارة ( إسماعيل ، 1989 م ، ص 189 ) کما أنها تحقق التفاعل الطبيعي بين أفراد المسکن وبين المجتمع والبيئة الخارجية المحيطة بالمسکن فهي تتيح للساکن استخدام حواسه ( السمع والبصر والشم ) في معرفة ما يدور من نشاطات وفعاليات في محيط المسکن بسهولة ويسر .
2. تکامل الشکل مع الوظيفة وذلک مع تطور الشکل الجمالي للروشان حتى صارت أناقته مضرب الأمثال ، کما صممت الدرف الخشبية بحيث لا تشوه المظهر الجمالي عند فتحها أو غلقها لأداء الوظائف المختلفة .
3. التحکم في کمية الإضاءة الداخلية حيث أن وجود الروشان على واجهات المساکن يحجب أشعة الشمس عن الواجهة وأيضا يخلق منطقة ظل تساعد على تلطيف درجة الحرارة الداخلية . کما أن الزخارف والحليات المخروطة في الروشان يشتت من ترکيز أشعة الشمس داخل الغرف .
4. تحقيق المرونة في حرکة الهواء للفراغات الداخلية والخارجية حيث تعمل أجزاء الروشان کطبقات ترشيح للهواء والغبار معاً ، کما أن اتساع المساحة المکشوفة من الروشان مع المظلة يجعل الهواء الداخلي يتحرک ببطء فلا يحمل سوى القليل من الأتربة .
5. إن الشکل العام للرواشين بتکامل أجزاءه وتفاصيله وزخارفه يعتبر عمل فني رائع لما فيه من براعة ومهارة يدوية في صنعها ، کما أن تنوع أشکاله دليل على الإبداع وحب الابتکار في تنفيذه .
6. الاتساع الذي يحققه الروشان للفراغ الداخلي فإن کبر حجم الروشان يؤثر على التصميم الداخلي من حيث استغلاله کمرکز رئيسي للغرفة توضع به الدکة أو الجلسة.
7. کما يستفاد من قاعدة الروشان في وضع القَلُل الفخارية لتبريد الماء بطريقة طبيعية من خلال مرور الهواء حولها ولذلک سمي الروشان في بعض الدول العربية بـ "المشربية" ، وهو بذلک يحقق غرضين وهما توفير الرطوبة لوجود عنصر المياه ومکان آمن لحفظ المياه الصالحة للشرب .
أسباب اختفاء الرواشين في المساکن المعاصرة :
يمکن تلخيص أسباب اختفاء الرواشين من واجهات المباني في العمارة المعاصرة إلى عدة نقاط:
1. التغير الحضاري الشامل الذي عاشته المملکة على وجه العموم والانبهار بالطرز الغربية المستحدثة وعدم القناعة بما هو تقليدي مما أدى في النهاية إلى فقدان الطابع المميز للعمارة المحلية .
2. تطور مستوى المعيشة وإدخال عناصر جديدة لم تکن موجودة في السابق . فالنوافذ الزجاجية بشفافيتها وإحکام إغلاقها للفتحات أصبحت حلا نموذجيا لدى المعماريين في تصميم المساکن المعاصرة . خصوصا أن متطلب التبريد داخل المسکن أصبح مطلباً أساسياً ، کما ارتفع مستوى النظافة العامة حيث لم يعد ممکنا قبول دخول الغبار أو الحشرات عن طريق الفتحات الصغيرة للروشان .
3. ارتفاع کلفة تصميم الرواشين . فعدم توافر الحرفيين الذين يتقنون هذه الصنعة وعدم دخول هذه الصنعة في مجال التصنيع الآلي أدى إلى کثرة الطلب على هؤلاء الحرفيين وبالتالي ارتفاع أجورهم بشکل باهظ .
4. توفر التکنولوجيا الحديثة من تبريد للهواء وإضاءة داخلية قللت من أهمية الروشان في المسکن فأصبح وجوده يقتصر على الناحية الجمالية أکثر من الناحية الوظيفية .
5. إيجاد عناصر معمارية جديدة کالشرفات والبلکونات التي اعتبرها المعماريون بديلا للروشان وعامل انفتاح للمبنى نحو الخارج بدلا من الداخل . ( حريري ، 1411هـ ، ص 204 )
تأصيل مفهوم العناصر المعمارية التقليدية في المسکن المعاصر :
تعتبر الدعوة لإحياء القيم المعمارية في التصميم المعاصر جزء لا يتجزأ من الدعوة الشاملة لإحياء القيم الحضارية الأصيلة والمتوارثة عبر الأجيال . ففي التراث تکمن القيم والمثل ومن خلاله يتم التعبير عن تاريخ المجتمع المحلي ومراحل تطور حضارته ، وفيه تتمثل الصلة المادية والمعوية التي تربط العصر الراهن بالسلف الماضي . فکلما امتد التراث في عمق التاريخ کلما ازدادت أهميته وأصالته وتحول إلى قيم مميزة تمثل منابع الإيحاء والإلهام في العصر الراهن. ( بهنسي ، 1987م)
ويقول المهندس حسن فتحي في إحدى کتاباته : إن محاولة ربط العمارة التراثية بالمعاصرة سواء بالنقل أو الإقتباس أو التطوير بما يتلاءم مع متطلبات العصر باحتياجاته المادية والمعنوية هي من أولى مسئوليات المعماري العربي ، حيث يتوجب عليه الرجوع إلى النقطة التي انقطعت فيها سلسلة تطور العمارة التقليدية ليتمکن من وصل ما انقطع من هذه السلسلة ، ولتحديد عوامل التغير واستخلاص الثوابت الصالحة من الميراث الحضاري المعماري ، ليعيد صفة المعاصرة إلى عمارته في الوقت الحاضر . هذه العمارة التي ستصبح في المستقبل هي التراث وهي مصدر الإيحاء والإلهام فيه . ( الزيني ، 1990)
هل تتناسب العناصر المعمارية التقليدية مع المساکن المعاصرة ؟
في مجتمعنا الحجازي المعاصر تعمل عدة عوامل اجتماعية و حضارية في اتجاهات مختلفة تقودها دوافع مختلفة ، وتکمن المشکلة هنا في عدم قدرتنا على إيجاد طريقة مشترکة تجمع هذه العوامل والعمل في توحيدها والتوافق فيما بينها .
ونجد أن العامل المشترک في کافة التصاميم المعمارية الموجودة اليوم هو "التقليد" Imitation ، وهو يعتبر ظاهرة فطرية موروثة تعتمد على الاستنساخ وتکرار الأشياء والتي تساعد مستقبلا على الابتکار . وقد اعتمدت العمارة الحجازية التقليدية على مبدأ المحاکاة والتقليد مع تميز واضح في تطويع العناصر المعمارية لتکوين عمارة موحدة خاصة بهم وليست لسواهم ومن هنا تأصلت العناصر المعمارية الحجازية وبرزت أهميتها ، فأصالة العمارة تنبع من الأسلوب الذي يتعامل به الأفراد مع مبانيهم وذلک عن طريق توزيع فراغات المبنى على حسب احتياجات ساکنيه .
وتعتبر مشکلة الأصالة في المساکن الحديثة مشکلة العصر حيث أننا بدأنا اليوم نواجه التطور الهائل في العلوم والاقتصاد وحتى في البنية الاجتماعية للشعوب ، فتاريخيا نجد أن مصمم المسکن هو ساکنه الذي ألّف حضارته وحضارة مجتمعه ومتطلبات حياته ، وکانت النتيجة اتصال واستمرار بين الشکل المعماري ومراحل تکونه بين الظاهر والباطن ، بين المعنى والمضمون ، أما اليوم فإننا فقدنا هذه الصلة بين الشکل والاستخدام .
وعليه فإن الأصالة في العمارة لا يمکن تحقيقها عن طريق إعادة بناء الشکل المعماري فقط أو عن طريق استخدام المفهوم المعماري القديم کمرجع لکن لابد أن تُرى من منظور "المراحل" و"علاقتها" وتطورها مع بعضها البعض .
لذلک لا يمکن تحقيق الأصالة المعمارية من خلال النسخ أو المحاکاة والتقليد للعناصر المعمارية القديمة لأن الأصالة هي أصلا المصدر الذي يعطي معنىً للشکل المعماري . فمثلا نجد أن الاستخدام المستمر لعنصر معماري في التراث القديم کان يعکس قوة التفاعل والصلة بين الشکل ومستخدميه وهو بذلک کان يعني ارتباط قوي بين روحانية السکنى في البيت وبين المسکن کمبنى . فقد کان الحجازي القديم يبني مسکنه ليؤکد وجوده في الکون وليعبر عن مشاعره وطموحاته وطريقة حياته وعلاقاته مع مجتمعه ، وبالتالي فقد استقت أشکاله المعمارية معانيها من خلال استخدامه لهذه الأشکال بهذا المفهوم ، وقيمة هذه الأشکال اعتمدت على حاجة الحجازي القديم لها في حياته اليومية ( Jomah ، 1992 )
وإذا أخذنا نموذج الروشان کمثال للأصالة باعتباره أکثر الأشکال المعمارية الحجازية تقليدا ونسخا ومحاکاة نجد أن الروشان في العمارة التقليدية عبّر عن أصالته بأسلوب رائع ، فالروشان وُلِدَ کوحدة تحکم في الهواء والغبار والضوء ودرجات الحرارة وحدود الملکية ، وليکون متنفساً وأماناً لسيدات البيت دون أن يلمحهم من بالخارج ، ومکانا لجلوس رب الأسرة في الصباح وللنوم وقت الظهيرة ، ولاستقبال الضيوف وخلافه . وعليه فإن الروشان في مکان ولادته بهذا الشکل کان على اتصال يومي بأفراد الأسرة وجزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية .
لکن اليوم ظهرت وسائل تقنية أکثر قدرة على التحکم في الهواء والغبار ودرجة الحرارة والضوء وبالتالي فقد الروشان أهميته أمام هذه الوسائل الحديثة وأصبح يستخدم للزينة فقط بلا معنى ولا مضمون ، هنا نجد أن العلاقة بين الشکل المعماري ومستخدمه تکاد تکون معدومة تماما ، وفي نفس الوقت نجد أن هناک تحول من مراحل تکوين الروشان فبينما کان شکل الروشان القديم ينبع من استخداماته المتعددة نجد أنه اقتصر شکل الروشان على الشکل العام فقط وبالتالي کان من السهل أن يفقد حتى الشکل قيمته بحيث أصبح بلا معنى لمستخدمه أو للناظر إليه .
ومن هنا نستنتج أننا إذا رغبنا في تکرار ونسخ للعناصر المعمارية التقليدية فإننا يجب أولا دراسة هذه العناصر المعمارية ومدى ملائمتها للمسکن الحديث من حيث الشکل والوظيفة وتطويعها مع استخداماتنا اليومية ووضع معايير في أسلوب تطبيقها لتعبر عن أصالتها وتميزها دون تطبيع للأشکال فقط .
معايير تطبيق العناصر المعمارية التقليدية في المسکن الحجازي المعاصر :
يذکر ( عشي ، 1999م ) بعض المعايير التي يجب أن تطبق في الأفنية الداخلية المعاصرة لتحقيق أکبر استفادة ممکنة في المساکن الحجازية المعاصرة لتتلاءم مع متغيرات وتطورات العصر الحديث :
1. أن يکون التوجه العام والرئيسي للحياة في المبنى المعاصر متجها نحو الداخل .
2. أن يمثل الفناء قلب المسکن المعاصر ونقطة البداية في تصميمه وتشکيله .
3. أن تکون مساحة البناء کافية لممارسة الأعمال والأنشطة داخل المسکن المعاصر وأن لا يتحول لمنور سماوي فقط .
4. أن يحاط الفناء من جميع جهاته بالعناصر والوحدات الهامة في المبنى والتي تفتح عليه لتحقيق أکبر استفادة ممکنة من خصائصه ومميزاته .
يمکن أن تغطى الأفنية الداخلية بسواتر زجاجية شفافة أو شبه شفافة متحرکة أو ثابتة حيث تفتح أو تغلق تبعاً للأحوال المناخية أو البيئية وأيضا لتحقيق أکبر استفادة ممکنة من الإنارة الطبيعية ( شکل 6 ).
أما بالنسبة للمعايير التي يجب أن تطبق في تصميم الرواشين في المسکن الحجازي المعاصر ليحقق أکبر استفادة ممکنة :
1. استخدام عنصر الزجاج في الروشان له أهمية کبيرة في تطويره وتطويعه مع المسکن المعاصر فهو أصبح ضروريا لتلافي دخول الغبار والحشرات وللحماية من العوامل المناخية
2. إدخال عنصر الروشان في الصناعة الآلية يقلل من تکاليفها الانشائية الباهظة ويعطي لها معايير في القياس والبناء کأي عنصر آخر للمسکن .
3. تطوير شکل الروشان وتبسيط أشکاله بما يتناسب مع البيئة المحيطة فلم تعد الزخارف الثقيلة في المسکن مرغوبة لدى المجتمع الذي انبهر بالتبسيط واستخدام الأشکال على طبيعتها کما تنادي التيارات الفکرية الحديثة .
|
نماذج وأمثلة ناجحة لتوظيف العناصر المعمارية التقليدية في المسکن الحجازي المعاصر :
1ـ شرکة مکة للإنشاء والتعمير :
يعتبر توظيف عنصر الروشان في أبراج شرکة مکة للإنشاء والتعمير نموذجا رائعا في تبسيط شکل الروشان وإدخال عنصر الزجاج فيه مع إمکانية التحکم في مستوى الإنارة الطبيعية للغرف بعمل ستارة من شرائح خشب من الخارج يمکن فتحها وغلقها حسب الحاجة
2ـ مؤسسة مکيون للتطوير العمراني :
انطلقت هذه المؤسسة عام 1417 هـ من خلال بعض المتخصصين المکيين وصممت العديد من المشاريع واعتمدت رسالتها على التطوير العمراني على أسس علمية حديثة تراعي الأصالة العربية و الإسلامية، وتحرص على الاستفادة من الخبرات والقدرات المعمارية والتخطيطية المتميزة، وتوفر الراحة والسعادة للأسرة بأنسب التکاليف، وتعنى بالمسکن باعتباره أحد الضروريات الأساسية للفرد .
وتتبنى المؤسسة المعايير التالية في التصميم :
1. مناسبة التصميم لنمط الحياة الإسلامية والاجتماعية المحلية
2. ملائمة التصميم للبيئة المحيطة .
3. الابتکار في التصميم واستخدام المواد وتقنية البناء المحلية
4. الاهتمام بالتفاصيل المعمارية الوظيفية فضلا عن الزخرفة .
|
|
|
|
|
|
|
3ـ مسکن في جدة يتوسطه فناء داخلي :
اعتمدت فکرة الفيلا على توجيه اغلب الفتحات للفراغات الداخلية للمبنى لفناء يتوسط داخل الفيلا مع الاتصال بالفناء الخارجي من جهة واحدة وبذلک حقق المبنى خصوصية لساکنيه والاستفادة من عنصر الفناء الداخلي بأفضل أسلوب ممکن ، مع استخدام عنصر النبات والمياه لتجميل الفناء الداخلي فأصبح الفناء حديقة داخلية للفيلا تعطي الشعور الأمثل للترويح عن النفس .
4 ـ مسکن في جدة من تصميم مکتب الخريجي للاستشارات الهندسية :
|
يعبر هذا المسکن عن فضاءات تقليدية وتعبير جمالي معاصر وهو يجمع في تصميمه عدة عناصر معمارية تقليدية وتوظيفها بأسلوب يتماشى مع إيقاع العصر . حيث توسط الفناء الداخلي المبنى وتمت تغطيته بقبة لها فتحات زجاجية مع وجود العنصر المائي داخل الفناء واطلالة فراغات المنزل على الفناء الداخلي .
بالإضافة إلى تبسيط لشکل الروشان وإعطاءه المظهر العصري المريح في الاستخدام . نجد في تصميم هذا المسکن الجمع بين القديم والحديث في أسلوب متناغم سلس وسهل الاستعمال ويخدم أفراد المنزل في أمورهم اليومية بشکل طبيعي .
النتائج :
مما سبق يمکن استخلاص النتائج التالية :
1. إن تحقيق مبدأ الخصوصية في المسکن هو من أهم الأمور التي يجب على المعماري مراعاتها في تصميم المسکن ويتضح من العمارة التقليدية الاهتمام الکبير لهذا المبدأ وبرز في أغلب مبانيها بأشکال مختلفة
2. يفتقر المسکن المعاصر للعناصر المعمارية التقليدية وذلک لعدة أسباب أهمها الانفتاح الکبير والتطور الاقتصادي والانبهار بالفن الغربي بجميع أشکاله .
3. إن تحقيق الأصالة في المسکن لمعاصر لا يکون بتکرار العناصر المعمارية التقليدية ولکن يجب توأمتها مع الواقع الحديث لتکون تيسيرا وتسهيلا لأمور حياتهم وليس تکرار لأشکال فارغة من المعنى فقط لإعطاء مظهر جمالي وإبراز الفخامة .
4. نجد في النماذج الحديثة للمساکن الحجازية أنها احتوت على عنصر أو عنصرين من العناصر التقليدية وتم تبسيط أشکالها لتتوافق مع الأسلوب الحديث في التصميم . وبذلک تکون قد أعادت للعناصر التقليدية قيمتها المعمارية ضمن مبدأ الخصوصية المطلوبة في المسکن .
التوصيات :
1. توعية المجتمع بأهمية العناصر المعمارية التقليدية في المسکن وارتباطها الوثيق بالدين والبيئة المحيطة وتعريفه بمضار الانقياد الأعمى خلف تيارات العمارة الغربية .
2. ضرورة توجيه الفکر المعماري في اتجاه استنباط أشکال وهيئات جديدة للعناصر المعمارية التقليدية بشکل متکامل مع مبادئ التصميم المعماري له مما يمکن أن يحدث تطورا في نمط المساکن المعاصرة بحيث تتوافق مع التطورات المعمارية المتجددة .